Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=51632#47523f
سكسي: سأل (بوشر) وأنظر ســقسى
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وفي الحديث: اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً،
يعني نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنا. التهذيب:
معنى قولهم غَبْطاً لا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا
تُهْبِطَنا من الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وقيل: معناه اللهم
ارْتِفاعاً لا اتِّضاعاً، وزيادةً من فضلك لا حَوْراً ونقْصاً، وقيل: معناه:
أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عليها وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ،
وقيل: معناه نسأَلك الغِبْطةَ، وهي النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بك من
الذُّلِّ والخُضوعِ.
وفلان مُغْتَبِطٌ أَي في غِبْطةٍ، وجائز أَن تقول مُغْتَبَطٌ، بفتح
الباء. وقد اغْتَبَطَ، فهو مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، كل ذلك
جائز. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللّهِ على ما أَنعم وأَفضل وأَعْطى، ورجل
مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وقد أَغْبَطَ.
وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وقيل: الحسَدُ أَن
تَتَمنَّى نِعْمته على أَن تتحوّل عنه، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مثل حال
المَغْبوطِ من غير أَن تُريد زوالها ولا أَن تتحوّل عنه وليس بحسد، وذكر
الأَزهري في ترجمة حسد قال: الغَبْطُ ضرْب من الحسَد وهو أَخفّ منه،
أَلا ترى أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما سئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟
قال: نعم كما يضرُّ الخَبْطُ، فأَخبر أَنه ضارٌّ وليس كضَرَرِ الحسَدِ
الذي يتمنى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عن أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ ورق الشجر حتى
يَتَحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِفَ من غير أَن يضرّ ذلك بأَصل الشجرة
وأَغْصانها، وهذا ذكره الأَزهري عن أَبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سُئل
النبيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يضرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاَّ كما يضرّ
العِضاهَ الخَبْطُ، وفسّر الغبطَ الحسَدَ الخاصّ. وروي عن ابن السكيت
قال: غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً إِذا اشتهيْتَ أَن يكون لك مثلُ ما
لَه وأَن لا يَزول عنه ما هو فيه، والذي أَراد النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَن الغَبْط لا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ ما يلحق الغابِطَ من
الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثواب دون الإِحْباط، بقدر ما يلحق العِضاه من
خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبط ورقُها،
فهو وإِن كان فيه طرَف من الحسد فهو دونه في الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ
القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، والشجر إِذا قُشِر عنها لِحاؤها يَبِسَت
وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دون يُبْس الأَصل. وقال أَبو عَدْنان: سأَلت
أَبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم:
أَيضر الغبطُ؟ قال: نعم كما يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فقال: الغبْط أَن
يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نفس، فقال الأَبانيُّ: ما
أَحسنَ ما استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كما تُغَيَّرُ
العِضاهُ إِذا تحاتّ ورقُها. قال: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قال
الأَزهري: الغَبْطُ ربما جلَبَ إِصابةَ عين بالمَغْبُوطِ فقام مَقام
النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وهي الإِصابةُ بالعين، قال: والعرب تُكنّي عن الحسد
بالغَبْط. وقال ابن الأَعرابي في قوله: أَيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر
الخبط، قال: الغبْط الحسَدُ. قال الأَزهري: وفرَق اللّهُ بين الغَبط والحَسد
بما أَنزله في كتابه لمن تدبّره واعْتَبره، فقال عزَّ من قائل: ولا
تَتَمنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ به بعضَكم على بعضٍ، للرِّجالِ نَصِيب مما
اكْتَسَبُوا وللنساءِ نَصِيبٌ مما اكْتَسَبْنَ، واسأَلوا اللّه من فضله؛ وفي
هذه الآية بيان أَنه لا يجوز للرجل أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى على أَخيه
المسلم نِعمة أَنعم اللّه بها عليه أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتاها، وجائز له
أَن يتمنى مثلها بلا تَمَنّ لزَيِّها عنه، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ
في حال حسَنة فيتمنى لنفسه مثلَ تلك الحالِ الحسنة من غير أَن يتمنى
زوالها عنه، وإِذا سأَل اللّهَ مثلها فقد انتهى إِلى ما أَمَرَه به ورَضِيَه
له، وأَما الحسَدُ فهو أَن يشتهِيَ أَن يكون له مالُ المحسود وأَن يزول
عنه ما هو فيه، فهو يَبْغِيه الغَوائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحال
ويجتهد في إزالتها عنه بَغْياً وظُلماً، وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون
الناس على ما آتاهم اللّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً. وفي
الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث
أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ
اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال
المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما
يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم
فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.
وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال
ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا
الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم
لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ
أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع
وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ
العذري:
وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر
الباء، أَي مَغْبُوطٌ. ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:
والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ
وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر
سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من
سُلَيْم:إِذا تَحَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِفَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقِه الكُتب
(* قوله «في أعناقه» أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.)
إِني وأَتْيِي ابنَ غَلاَّقٍ ليَقْرِيَني
كالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ
وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه
طِرْقٌ أَم لا. وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي
أَي جَسّها بيده. يقال: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ منها المَوضع الذي
يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها. قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين
المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ
والغنم إِذا ذبحها لغير داء.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة
واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كانت كذلك. رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ
والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة
قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط. قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ
المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع
غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً،
في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر
الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد الأَرقط ونسبه ابن بري لأَبي
النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ
إَغْباطُنا المَيْسَ على أَصْلابِه
جَعَل كل جُزْء منه صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عليه الحُمّى. دامتْ. وفي حديث
مرضِه الذي قُبِضَ فيه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَغْبَطَتْ عليه
الحُمّى أَي لَزِمَتْه، وهو من وضْع الغَبِيط على الجمل. قال الأَصْمعيّ:
إِذا لم تفارق الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قيل: أَغْبَطَتْ عليه
وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بالميم أَيضاً. قال الأَزهري: والإِغْباطُ يكون لازماً
وواقعاً كما ترى. ويقال: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حتّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا
يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا
قال ابن شميل: سير مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دائم لا يَسْتَريحُ، وقد
أَغْبَطُوا على رُكْبانِهم في السيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرّحالَ عنها
ليلاً ولا نهاراً. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ علينا المطَرُ وهو ثبوته لا
يُقْلعُ بعضُه على أَثر بعض. وأَغْبَطَتْ علينا السماء: دام مَطَرُها
واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ المطر.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الذي هو مثل أُكُفِ البَخاتِيّ، قال الأَزهري:
ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ ويكون للحَرائِر، وقيل: هو قَتَبةٌ تُصْنَعُ على غير
صَنْعةِ هذه الأقْتاب، وقيل: هو رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة، والجمع
غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ
بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يعني به خشَب الرِّحالِ، وشبّه القِسِيّ الفارِسيّةَ بها. الليث: فرس
مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كان مرتفع المِنْسَجِ، شبّه بصنعة الغبيط وهو رحْل
قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة؛ قال الشاعر:
مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ
وفي حديث ابن ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ في زَمْخَرٍ؛ الغُبُطُ: جمع
غَبيطٍ وهو الموضع الذي يُوطَأُ للمرأَة على البعير كالهَوْدَج يعمل من خشب
وغيره، وأَراد به ههنا أَحَدَ أَخشابه
(* قوله «أحد أَخشابه» كذا بالأصل
وشرح القاموس، والذي في النهاية: آخر أخشابه.)، شبه به القوس في
انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وقيل: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مستوية
يرتفع طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ من الماء يَشُقُّ في القُفّ كالوادي
في السَّعةِ، وما بين الغَبيطَيْنِ يكون الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجمع
كالجمع؛ وقوله:
خَوَّى قَليلاً غَير ما اغْتِباطِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ معناه لم يَرْكَن إِلى غَبيطٍ من الأَرض واسعٍ
إِنما خوَّى على مكانٍ ذي عُدَواء غيرِ مطمئن، ولم يفسره ثعلب ولا غيره.
والمُغْبَطة: الأَرض التي خرجت أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه
علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسم وادٍ، ومنه صحراء الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: موضع.
ويَوْمُ غَبِيطِ المدرة: يومٌ كانت فيه وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ
غُلِبَتْ فيه شَيْبانُ؛ قال:
فإِنْ تَكُ في يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ،
فَيَوْمُ الغَبِيطِ كان أَخْزَى وأَلْوَما
نجا: النَّجاءُ: الخَلاص من الشيء، نَجا يَنْجُو نَجْواً ونَجاءً،
ممدود، ونَجاةً، مقصور، ونَجَّى واسْتنجى كنَجا؛ قال الراعي:
فإِلاَّ تَنَلْني منْ يَزيدَ كَرامةٌ،
أُنَجِّ وأُصْبحْ من قُرى الشام خالِيا
وقال أَبو زُبيد الطائي:
أَمِ اللَّيْثُ فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكُمْ؟فَهذا، ورَبِّ
الرَّاقِصاتِ، المُزَعْفَرُ
ونَجَوْت من كذا. والصِّدْقُ مَنْجاةٌ. وأَنْجَيْتُ غيري ونجَّيْته،
وقرئَ بهما قوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِكَ؛ المعنى نُنَجِّيك لا
بفِعْل بل نُهْلِكُكَ، فأَضْمَر قوله لا بفِعْل؛ قال ابن بري: قوله لا
بفعل يريد أَنه إِذا نجا الإِنسان ببدنه على الماء بلا فعل فإِنه هالك،
لأَنه لم يَفعل طَفْوَه على الماء، وإِنما يطفُو على الماءِ حيّاً بفعله
إِذا كان حاذقاً بالعَوْم، ونَجَّاهُ الله وأَنْجاه. وفي التنزيل العزيز:
وكذلك نُنْجِي المؤمنين، وأَما قراءَة من قرأَ: وكذلك نُجِّي المؤْمِنين،
فليس على إِقامة المصدر موضع الفاعل ونصب المفعول الصريح، لأَنه على حذف
أَحد نوني تُنْجِي، كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قول الله عز وجل:
تذَكَّرُون، أَي تَتَذَكَّرون، ويشهد بذلك أَيضاً سكون لام نُجِّي، ولو كان
ماضياً لانفتحت اللام إِلا في الضرورة؛ وعليه قول المُثَقَّب:
لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِن صُنَيْبٍ؟
فما خَرَجتْ مِن الوادي لِحِينِ
(* قوله«صنيب» هو هكذا في الأصل والمحكم مضبوطاً)
أَي تتَطالَع، فحذف الثانية على ما مضى، ونجَوْت به ونَجَوْتُه؛ وقول
الهذلي:
نَجا عامِرٌ والنَّفْسُ مِنه بشِدْقِه،
ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا
أَراد: إِلاَّ بجَفْنِ سَيفٍ، فحذف وأَوْصل. أَبو العباس في قوله تعالى:
إِنّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَك؛ أَي نُخَلِّصُك من العذاب وأَهْلَك.
واستَنْجى منه حاجته: تخَلَّصها؛ عن ابن الأَعرابي. وانتَجى مَتاعَه: تَخلَّصه
وسَلبَه؛ عن ثعلب. ومعنى نجَوْت الشيء في اللغة: خَلَّصته وأَلْقَيْته.
والنَّجْوةُ والنَّجاةُ: ما ارتفَع من الأَرض فلم يَعْلُه السَّيلُ
فظننته نَجاءَك، والجمع نِجاءٌ. وقوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِك؛ أَي
نجعلك فوق نَجْوةٍ من الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عليها لتُعْرَفَ،
لأَنه قال ببدنك ولم يقل برُوحِك؛ قال الزجاج: معناه نُلْقِيكَ عُرياناً
لتكون لمن خَلْفَك عِبْرَةً. أَبو زيد: والنَّجْوةُ المَكان المُرْتَفِع
الذي تَظُنُّ أَنه نجاؤك. ابن شميل: يقال للوادِي نَجْوة وللجبل نَجْوةٌ،
فأَما نَجْوة الوادي فسَنداه جميعاً مُستَقِيماً ومُسْتَلْقِياً، كلُّ
سَنَدٍ نَجْوةٌ، وكذلك هو من الأَكَمةِ، وكلُّ سَنَدٍ مُشْرِفٍ لا يعلوه
السيل فهو نَجْوة لأَنه لا يكون فيه سَيْل أَبداً، ونَجْوةُ الجبَل
مَنْبِتُ البَقْل. والنَّجاةُ: هي النَّجْوة من الأَرض لا يَعلوها السيل؛ قال
الشاعر:
فأَصُونُ عِرْضِي أَنْ يُنالَ بنَجْوةٍ،
إِنَّ البَرِيَّ مِن الهَناةِ سَعِيدُ
وقال زُهَير بن أَبي سُلْمى:
أَلم تَرَيا النُّعمانَ كان بنَجْوةٍ،
مِنَ الشَّرِّ، لو أَنَّ امْرَأً كان ناجِيا؟
ويقال: نَجَّى فلان أَرضَه تَنْجِيةً إِذا كبَسها مخافة الغَرَقِ. ابن
الأَعرابي: أَنْجى عَرِقَ، وأَنْجى إِذا شَلَّح، يقال للِّصِّ مُشَلِّح
لأَنه يُعَرِّي الإِنسانَ من ثيابه. وأَنْجى: كشَفَ الجُلَّ عن ظهر فرسه.
أَبو حنيفة: المَنْجى المَوْضع الذي لا يَبْلُغه السيلُ. والنَّجاء:
السُّرْعةُ في السير، وقد نَجا نَجاء، ممدود، وهو يَنْجُو في السُّرْعة نَجاء،
وهو ناجٍ: سَريعٌ. ونَجَوْتُ نَجاء أَي أَسرَعْتُ وسَبَقْتُ. وقالوا:
النَّجاء النَّجاء والنَّجا النَّجا، فمدّوا وقَضَرُوا؛ قال الشاعر:
إِذا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجا النَّجا
وقالوا: النَّجاكَ فأَدخلوا الكاف للتخصيص بالخطاب، ولا موضع لها من
الإِعراب لأَن الأَلف واللام مُعاقِبة للإِضافة، فثبت أَنها ككاف ذلك
وأَرَيْتُك زيداً أَبو من هو. وفي الحديث: وأَنا النَّذِيرُ العُرْيان
فالنَّجاء النَّجاء أَي انْجُوا بأَنفسكم، وهو مصدر منصوب بفعل مضمر أَي انْجُوا
النَّجاء. والنَّجاءُ: السُّرعة. وفي الحديث: إِنما يأْخذ الذِّئْبُ
القاصِيةَ والشاذَّة الناجِيةَ أَي السريعة؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي عن
الحربي بالجيم. وفي الحديث: أَتَوْكَ على قُلُصٍ نَواجٍ أَي مُسْرِعاتٍ.
وناقة ناجِيةٌ ونَجاة: سريعة، وقيل: تَقطع الأَرض بسيرها، ولا يُوصف بذلك
البعير. الجوهري: الناجِيةُ والنَّجاة الناقة السريعة تنجو بمن ركبها؛
قال: والبَعير ناجٍ؛ وقال:
أَيّ قَلُوصِ راكِبٍ تَراها
ناجِيةً وناجِياً أَباها
وقول الأَعشى:
تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وخْداً
بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ
أَي بقوائمَ سِراعٍ. واسْتَنْجَى أَي أَسْرَعَ. وفي الحديث: إِذا
سافَرْتُمْ في الجَدْب فاسْتَنْجُوا؛ معناه أَسْرِعُوا السيرَ وانْجُوا. ويقال
للقوم إِذا انهزموا: قد اسْتَنْجَوْا؛ ومنه قول لقمان بن عاد: أَوَّلُنا
إِذا نَجَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجَيْنا أَي هو حامِيَتُنا إِذا
انْهَزَمْنا يَدفع عنَّا.
والنَّجْوُ: السَّحاب الذي قد هَراقَ ماءه ثم مَضَى، وقيل: هو السحاب
أَوَّل ما يَنشأُ، والجمع نِجاء ونُجُوٌّ؛ قال جميل:
أَليسَ مِنَ الشَّقاءِ وَجِيبُ قَلْبي،
وإِيضاعي الهُمُومَ مع النُّجُوِّ
فأَحْزَنُ أَنْ تَكُونَ على صَدِيقٍ،
وأَفْرَحُ أَن تكون على عَدُوِّ
يقول: نحن نَنْتَجِعُ الغَيْثَ، فإِذا كانت على صدِيقٍ حَزِنْت لأَني لا
أُصيب ثَمَّ بُثَيْنَة، دعا لها بالسُّقْيا. وأَنْجَتِ السحابةُ:
وَلَّتْ. وحكي عن أَبي عبيد: أَين أَنْجَتْكَ السماء أَي أَينَ أَمطَرَتْكَ.
وأُنْجِيناها بمكان كذا وكذا أَي أُمْطِرْناها. ونَجْوُ السبُع: جَعْره.
والنَّجُوُ: ما يخرج من البطن من ريح وغائط، وقد نَجا الإِنسانُ والكلبُ
نَجْواً. والاسْتِنْجاء: الاغتسال بالماء من النَّجْوِ والتَّمَسُّحُ
بالحجارة منه؛ وقال كراع: هو قطع الأَذَى بأَيِّهما كان. واسْتَنْجَيْتُ
بالماءِ والحجارة أَي تَطَهَّرْت بها. الكسائي: جلَست على الغائط فما
أَنْجَيْتُ. الزجاج: يقال ما أَنْجَى فلان شيئاً، وما نَجا منذ أَيام أَي لم
يأْتِ الغائطَ. والاسْتِنجاء: التَّنَظُّف بمدَر أَو ماء. واسْتَنجَى أَي مسح
موضع النَّجْو أَو غَسَله. ويقال: أَنْجَى أَي أَحدَث. وشرب دَواء فما
أَنْجاه أَي ما أَقامه. الأَصمعي: أَنْجَى فلان إِذا جلس على الغائط
يَتَغَوَّط. ويقال: أَنْجَى الغائطُ نَفْسُه يَنجُو، وفي الصحاح: نَجا الغائطُ
نَفْسُه. وقال بعض العرب: أَقلُّ الطعامِ نَجْواً اللَّحم. والنَّجْوُ:
العَذِرة نَفْسُه. واسْتَنْجَيتُ النخلةَ إِذا أَلقَطْتَها؛ وفي الصحاح:
إِذا لقطتَ رُطبَها. وفي حديث ابن سلام: وإِني لَفِي عَذْقٍ أُنْجِي منه
رُطَباً أَي أَلتَقِطُ، وفي رواية: أَسْتَنجِي منه بمعناه. وأَنْجَيْت
قَضِيباً من الشجرة فَقَطَعْتُه، واسْتَنْجَيْت الشجرةَ: قَطَعْتُها من
أَصلها. ونَجا غُصونَ الشجرة نَجْواً واسْتَنجاها: قَطَعها. قال شمر: وأُرى
الاسْتِنْجاءَ في الوُضوء من هذا لِقَطْعِه العَذِرةَ بالماءِ؛ وأَنْجَيت
غيري. واسْتَنجَيت الشجر: قطعته من أُصوله. وأَنْجَيْتُ قضيباً من الشجر
أَي قطعت.
وشجرة جَيِّدة النَّجا أَي العود. والنَّجا: العصا، وكله من القطع. وقال
أَبو حنيفة: النَّجا الغُصونُ، واحدته نَجاةٌ. وفُلان في أَرضِ نَجاةٍ:
يَسْتَنجِي من شجرها العِصِيَّ والقِسِيَّ. وأَنْجِني غُصناً من هذه
الشجرة أَي اقْطَعْ لي منها غُصْناً. والنَّجا: عِيدانُ الهَوْدَج. ونَجَوْتُ
الوَتَر واسْتَنجَيتُه إِذا خَلَّصته. واسْتَنجَى الجازِرُ وتَرَ
المَتْنِ: قَطَعه؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لهَا،
جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ
ويروى: جِلْسةَ الأَعْسَرِ. الجوهري: اسْتَنجَى الوَتَر أَي مدّ القوس،
وأَنشد بيت عبد الرحمن بن حسان، قال: وأَصله الذي يَتَّخذ أَوْتارَ
القِسِيّ لأَنه يُخرج ما في المَصارِين من النَّجْو. وفي حديث بئر بُضاعةَ:
تُلقَى فيها المَحايِضُ وما يُنْجِي الناسُ أَي يُلقُونه من العذرة؛ قال
ابن الأَثير: يقال منه أَنْجَى يُنْجِي إِذا أَلقَى نَجْوه، ونَجا وأَنْجَى
إِذا قَضَى حاجته منه. والاسْتِنجاءُ: اسْتِخْراج النَّجْو من البطن،
وقيل: هو إِزالته عن بدنه بالغَسْل والمَسْح، وقيل: هو من نَجَوْت الشجرة
وأَنْجَيتها إِذا قطعتها، كأَنه قَطَعَ الأَذَى عن نفسه، وقيل: هو من
النَّجوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض كأَنه يَطلُبها ليجلس تحتها. ومنه حديث
عمرو بن العاص: قيل له في مرضه كيفَ تجِدُك؟ قال: أَجِدُ نَجْوِي أَكثرَ
مِن رُزْئى أَي ما يخرج مني أَكثَرَ مما يدخل. والنَّجا، مقصور: من قولك
نَجَوْتُ جِلدَ البعير عنه وأَنْجَيتُه إِذا سَلَخْتَه. ونَجا جِلدَ
البعير والناقةِ نَجْواً ونَجاً وأَنْجاه: كشَطَه عنه. والنَّجْوُ والنَّجا:
اسم المَنْجُوّ؛ قال يخاطب ضَيْفَينِ طَرَقاه:
فقُلْتُ: انْجُوَا عنها نَجا الجِلدِ، إِنَّه
سَيُرْضِيكما مِنها سَنامٌ وغارِبُهْ
قال الفراء: أَضافَ النَّجا إِلى الجِلد لأَن العرب تُضيف الشيء إِلى
نفسه إِذا اختلف اللفظان، كقوله تعالى: حَقُّ اليَقِينِ ولدارُ الآخرةِ.
والجِلدُ نَجاً، مقصور أَيضاً؛ قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الحكم:
تُفاوضُ مَنْ أَطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه،
ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أَنتَ مُنْطَوِي
قال: ويُقَوِّي قول الفراء بعد البيت قولهم عِرْقُ النَّسا وحَبْل
الوَرِيد وثابت قُطْنةَ وسعِيد كُرْزٍ. وقال علي بن حمزة: يقال نَجَوْت جِلدَ
البعير، ولا يقال سَلَخته، وكذلك قال أَبو زيد؛ قال: ولا يقال سَلَخته
إِلا في عُنُقه خاصة دون سائر جسده، وقال ابن السكيت في آخر كتابه إِصلاح
المنطق: جَلَّدَ جَزُوره ولا يقال سَلَخه. الزجاجي: النَّجا ما سُلخ عن
الشاة أَو البعير، والنَّجا أَيضاً ما أُلقي عن الرَّجل من اللباس.
التهذيب: يقال نَجَوْت الجِلد إِذا أَلقَيْته عن البعير وغيره، وقيل: أَصل هذا
كله من النَّجْوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض، وقيل: إِن الاستِنْجاء من
الحَدث مأْخوذ من هذا لأَنه إِذا أَراد قضاء الحاجة استتر بنَجْوةٍ من
الأَرض؛ قال عبيد:
فَمَنْ بِنَجْوَتِه كمَنْ بِعَقْوته،
والمُستَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرواحِ
ابن الأَعرابي: بَيْني وبين فلان نَجاوةٌ من الأَرض أَي سَعة. الفراء:
نَجَوْتُ الدَّواءَ شَربته، وقال: إِنما كنت أَسمع من الدواء ما
أَنْجَيْته، ونَجَوْتُ الجِلد وأَنْجَيْتُه. ابن الأَعرابي: أَنْجاني الدَّواءُ
أَقْعدَني.
ونَجا فلان يَنْجُو إِذا أَحْدَث ذَنْباً أَو غير ذلك. ونَجاهُ نَجْواً
ونَجْوى: سارَّه. والنَّجْوى والنَّجِيُّ: السِّرُّ. والنَّجْوُ:
السِّرُّ بين اثنين، يقال: نَجَوْتُه نَجْواً أَي سارَرْته، وكذلك ناجَيْتُه،
والاسم النَّجْوى؛ وقال:
فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تُكَلِّفُني
ما لا يَهُمُّ به الجَثَّامةُ الوَرَعُ
وفي التنزيل العزيز: وإِذ هُم نَجْوَى؛ فجعلهم هم النَّجْوى، وإِنما
النَّجْوى فِعلهم، كما تقول قوم رِضاً، وإِنما رِضاً فِعْلهم. والنَّجِيُّ،
على فَعِيل: الذي تُسارُّه، والجمع الأَنْجِيَة. قال الأَخفش: وقد يكون
النَّجِيُّ جَماعة مثل الصدِيق، قال الله تعالى: خَلَصُوا نَجِيّاً. قال
الفراء: وقد يكون النَّجِيُّ والنَّجْوى اسماً ومصدراً. وفي حديث
الدُّعاء: اللهم بمُحمد نبيِّك وبمُوسى نَجِيَّك؛ هو المُناجِي المُخاطِب
للإِنسان والمحدِّث له، وقد تنَاجَيا مُناجاة وانْتِجاء. وفي الحديث: لا يَتناجى
اثنان دون الثالث، وفي رواية: لا يَنْتَجِي اثنان دون صاحبهما أَي لا
يَتَسارَران مُنْفَردَيْن عنه لأَن ذلك يَسوءُه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: دعاهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يومَ الطائف فانْتَجاه فقال
الناسُ: لقد طالَ نَجْواهُ فقال: ما انْتَجَيْتُه ولكنَّ اللهَ انْتَجاه
أَي أَمَرَني أَن أُناجِيه. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: قيل له
ما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النَّجْوى؟ يُريد مناجاةَ
الله تعالى للعبد يوم القيامة. وفي حديث الشعبي: إِذا عَظُمت الحَلْقة فهي
بِذاء ونِجاء أَي مُناجاة، يعني يكثر فيها ذلك. والنَّجْوى والنَّجِيُّ:
المُتسارُّون. وفي التنزيل العزيز: وإِذ هم نَجْوى؛ قال: هذا في معنى
المصدر، وإِذْ هم ذوو نَجْوى، والنَّجْوى اسم للمصدر. وقوله تعالى: ما
يكون من نَجْوى ثلاثة؛ يكون على الصفة والإِضافة. وناجى الرجلَ مُناجاةً
ونِجاءً: سارَّه. وانْتَجى القومُ وتَناجَوْا: تَسارُّوا؛ وأَنشد ابن
بري:قالت جَواري الحَيِّ لَمَّا جِينا،
وهنَّ يَلْعَبْنَ ويَنْتَجِينا:
ما لِمَطايا القَوْمِ قد وَجِينا؟والنَّجِيُّ: المُتناجون. وفلان نجِيُّ
فلان أَي يناجيه دون من سواه. وفي التزيل العزيز: فلما استَيْأَسُوا منه
خَلَصُوا نَجِيّاً؛ أَي اعتزلوا مُتَناجين، والجمع أَنْجِيةٌ؛ قال:
وما نَطَقُوا بأَنْجِيةِ الخُصومِ
وقال سُحَيْم بن وَثِيل اليَرْبُوعِي:
إِني إِذا ما القَوْمُ كانوا أَنْجِيَهْ،
واضْطرب القَوْمُ اضْطرابَ الأَرْشِيَهْ،
هُناكِ أَوْصِيني ولا تُوصي بِيَهْ
قال ابن بري: حكى القاضي الجرجاني عن الأَصمعي وغيره أَنه يصف قوماً
أَتعبهم السير والسفر، فرقدوا على رِكابهم واضطربوا عليها وشُدَّ بعضهم على
ناقته حِذارَ سقوطه من عليها، وقيل: إِنما ضربه مثلاً لنزول الأَمر
المهمّ، وبخط علي بن حمزة: هُناكِ، بكسر الكاف، وبخطه أَيضاً: أَوْصِيني ولا
تُوصِي، بإِثبات الياء، لأَنه يخاطب مؤنثاً؛ وروي عن أَبي العباس أَنه
يرويه:
واخْتَلَفَ القومُ اخْتلافَ الأَرْشِيَهْ
قال: وهو الأَشهر في الرواية؛ وروي أَيضاً:
والتَبَسَ القومُ التِباسَ الأرشيه
ورواه الزجاج: واختلف القول؛ وأَنشد ابن بري لسحيم أَيضاً:
قالتْ نِساؤُهم، والقومُ أَنْجيةٌ
يُعْدَى عليها، كما يُعْدى على النّعَمِ
قال أَبو إِسحق: نجِيُّ لفظ واحد في معنى جميع، وكذلك قوله تعالى: وإِذ
هم نَجْوَى؛ ويجوز: قومٌ نَجِيٌّ وقومٌ أَنْجِيةٌ وقومٌ نَجْوى.
وانْتَجاه إِذا اختصَّه بمُناجاته. ونَجَوْتُ الرجل أَنْجُوه إِذا ناجَيْتَه. وفي
التنزيل العزيز: لا خَيْرَ في كثير من نَجْواهم؛ قال أَبو إِسحق: معنى
النَّجْوى في الكلام ما يَنْفَرِد به الجماعة والاثنان، سِرّاً كان أَو
ظاهراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يَخْرُجْنَ منْ نَجِيِّه للشاطي
فسره فقال: نجِيُّه هنا صوته، وإِنما يصف حادياً سَوَّاقاً مُصَوِّتاً.
ونَجاه: نكَهه. ونجوْت فلاناً إِذا استَنْكَهْته؛ قال:
نَجَوْتُ مُجالِداً، فوَجَدْتُ منه
كريح الكلب ماتَ حَديثَ عَهْدِ
فقُلْتُ له: مَتى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابَني في جَوْفِ مَهْدي
وروى الفراء أَن الكسائي أَنشده:
أَقولُ لِصاحِبَيَّ وقد بَدا لي
مَعالمُ مِنْهُما، وهُما نَجِيَّا
أَراد نَجِيَّانِ فحذف النون؛ قال الفراء: أَي هما بموضع نَجْوَى، فنصب
نَجِيّاً على مذهب الصفة. وأَنْجَت النخلة فأَجْنَتْ؛ حكاه أَبو حنيفة.
واستَنْجى الناسُ في كل وجه: أَصابُوا الرُّطب، وقيل: أَكلوا الرطب. قال:
وقال غير الأَصمعي كل اجْتِناءٍ استِنْجاءٌ، يقال: نَجوْتُك إِياه؛
وأَنشد:
ولقَدْ نَجَوْتُك أَكْمُؤاً وعَساقِلاً،
ولقد نَهَيْتُك عن بَناتِ الأَوْبَرِ
والرواية المعروفة جَنيْتُك، وهو مذكور في موضعه. والنُّجَواءُ:
التَّمَطِّي مثل المُطَواء؛ وقال شبيب بن البرْصاء:
وهَمٌّ تأْخُذُ النجَواء مِنه،
يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ
قال ابن بري: صوابه النُّحَواء، بحاء غير معجمة، وهي الرِّعْدة، قال:
وكذلك ذكره ابن السكيت عن أَبي عمرو بن العلاء وابن ولاَّد وأَبو عمرو
الشيباني وغيره، والمُلالُ: حرارة الحمَّى التي ليست بصالبٍ، وقال
المُهَلَّبي: يروى يُعَكُّ بصالِبٍ.
وناجِيةُ: اسم. وبنو ناجيةَ: قبيلة؛ حكاها سيبويه. الجوهري: بنو ناجيةَ
قوم من العرب، والنسبة إِليهم ناجِيٌّ، حذف منه الهاء والياء، والله
أَعلم.
نشم: النَّشَمُ، بالتحريك: شجر جبليّ تتخذ منه القسيّ، وهو من عُتُق
العِيدان؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ
شُمٍّ، بِهِنّ فُروعُ القانِ والنَّشَم
واحدتُه نَشَمةٌ. الأَصمعي: من أَشجار الجبال النَّبْع والنَّشَمُ وغيره
تتَّخذ من النَّشَم القِسِيُّ؛ ومنه قول امرئ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،
غَيْرِ باناتٍ على وتَرِهْ
والنَّشَمُ أَيضاً: مثل النَّمَش على القلب؛ يقال منه: نَشِم، بالكسر،
فهو ثورٌ نَشِمٌ إِذا كان فيه نقط بيض ونقط سود.
ونَشَّمَ اللحمُ تَنْشيماً: تغيَّر وابتدأَتْ فيه رائحةٌ كريهة، وقيل:
تغيرت ريحُه ولم يبلغ النَّتْنَ، وفي التهذيب: إِذا تغيرت ريحُه لا من
نَتْنٍ ولكن كَراهةً. يقال: يَدِي من الجُبْنِ ونحوِه نَشِمةٌ.
والمُنَشِّمُ: الذي قد ابتدأَ يتغيَّر؛ وأَنشد:
وقد أُصاحِبُ فِتْياناً شَرابُهُمُ
خُضْرُ المَزاد، ولَحْمٌ فيه تَنْشِيمُ
قال: خضر المَزادِ الفَظُّ وهو ماءُ الكَرِش. ويقال: إِن الماء بَقِي في
الأَداوي فاخْضَرَّت من القِدَم. وتَنَشَّمْتُ منه علْماً إِذا استفَدْت
منه علماً. ونَشَّمَ القومُ في الأَمر تَنْشِيماً: نَشَبوا فيه وأَخذوا
فيه. قال: ولا يكون ذلك إِلا في الشرّ؛ ومنه قولهم: نَشَّم الناسُ في
عُثْمان. ونَشَّمَ في الأَمر: ابتدأَ فيه؛ عن اللحياني، هكذا قال فيه، ولم
يقل به. ونَشَّمه ونشَّمَ فيه: نال منه وطَعَن عليه. وقال أَبو عبيد في
حديث مَقْتل عثمان: لما نَشَّمَ للناسُ في أَمره؛ قال: معناه طعنوا فيه
ونالوا منه، أَصلُه من تَنْشِيم اللحم أَوَّلَ ما يُنْتِن. وتَنَشَّمَ في
الشيء ونَشَّم فيه إذا ابتدأَ فيه؛ قال الشاعر:
قد أَغْتَدي، والليلُ في جَرِيمه،
مُعَسْكِراً في الغُرِّ من نجُومِه
والصُّبْحُ قد نَشَّم في أَديمِه،
يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزُومِه،
دَعَّ الرَّبِيب لحْيَتَيْ يَتِيمِه
قال: نَشَّم في أَديمِه يريد تَبدَّى في أَول الصبح، قال: وأَديمُ الليل
سواده، وجريمُه: نفسه. والتَّنشيم: الابتداءُ في كل شيء. وفي النوادر:
نَشَمْتُ في الأمر ونَشَّمْت ونَشَّبْت أي ابتدأْت. ونَشَّمَتِ الأَرضُ:
نَزَّتْ بالماء.
والمَنْشِم: حبُّ
(*
قوله «والمنشم حب إلخ» هو كمجلس ومقعد) من العِطْر شاقٌّ الدَّقّ.
والمَنْشَم والمَنْشِم: شيء يكون في سنبل العِطر يُسَمِّيه العطّارون رَوْقاً،
وهو سَمٌّ ساعةٍ، وقال بعضهم: هي ثمرة سوادء مُنْتِنَة، وقد أَكثرت
الشعراءُ ذِكْر مَنْشِمٍ في أَشعارهم؛ قال الأَعشى:
أَراني وعَمْراً بيننا دَقُّ مَنْشِمٍ،
فلم يبق إلا أَن أُجَنَّ ويَكْلَبَا
ومَنْشِمُ، بكسر الشين: امرأَة عطّارة من هَمْدان كانوا إذا تطيَّبوا من
ريحها اشتدَّت الحرب فصارت مثلاً في الشرّ؛ قال زهير:
تَدارَكْتُمُ عَبْساً وذُبْيانَ، بعدما
تَفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
صرفه للشِّعر. وقال أَبو عمرو بن العلاء: هو من ابتداء الشرّ، ولم يكن
يذهب إلى أَن مَنْشِمَ امرأَةٌ كما يقول غيره؛ وقال ابن الكلبي في عِطْرِ
مَنْشِم: مَنْشِمُ امرأَةٌ من حِمْيَر، وكانت تبيع الطيب، فكانوا إذا
تطيبوا بطيبِها اشتدَّت حربُهم فصارت مثلاً في الشرّ؛ قال الجوهري: مَنْشِمُ
امرأَةٌ كانت بمكة عطّارة، وكانت خُزاعةُ وجُرْهُم إذا أَرادوا القتال
تطيَّبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كَثُرَ القَتْلى فيما بينهم فكان
يقال: أَشْأَمُ من عِطْرِ مَنْشِم، فصار مثلاً: قال: ويقال هو حبُّ
بَلَسانٍ. وحكى ابن بري قال: يقال عطرُ مَنْشَم ومَنْشِم، قال: وقال أَبو
عمرو مَنْشَمٌ الشرُّ بعينه، قال: وزعم آخرون أَنه شيء من قُرون السُّنْبُل
يقال له البَيْش، وهو سَمُّ ساعةٍ؛ قال: وقال الأَصمعي هو اسم امرأَة
عطَّارة كانوا إذا قصدوا الحرب غَمَسوا أَيْدِيَهم في طِيبها، وتحالفوا عليه
بأَن يسْتَمِيتُوا في الحرب ولا يُوَلُّوا أو يُقْتَلوا، قال: وقال أَبو
عمرو الشَّيْباني: مَنْشِم امرأَة عطارة تبيع الحَنُوط، وهي من خُزاعة،
قال: وقال هشامٌ الكَلْبيُّ من قال مَنْشِم، بكسر الشين، فهي مَنشِم بنت
الوَجيه من حِمْير، وكانت تبيع العِطْرَ، ويتشاءمون بعطرها، ومن قال
مَنشَم، بفتح الشين، فهي امرأَة كانت تَنْتجع العربَ تبيعُهم عِطرها، فأَغار
عليها قومٌ من العرب فأَخذوا عِطْرَها، فبلغ ذلك قومَها فاستأْصلوا كلَّ
مَنْ شَمُّوا عليه ريحَ عطرها؛ وقال الكلبي: هي امرأَة من جُرهُم، وكانت
جُرْهُم إذا خرجت لقتال خُزاعة خرجت معهم فطيَّبتهم، فلا يتطيب بطيبها
أَحد إِلا قاتلَ حتى يُقتل أَو يجرح، وقيل: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت صنعت
طيباً تُطَيِّب به زوجها، ثم إنها صادقت رجلاً وطيّبته بطيبِها، فلقِيَه
زوجُها فشمَّ ريحَ طيبها عليه فقتَله، فاقتتل الحيّانِ من أَجله.
قسس: ابن الأَعرابي: القُسُسُ العُقَلاء، والقُسُسُ السَّاقة الحُذّاق،
والقُِسُّ النَّميمة، والقَسّاس النَّمَّام. وقَسَّ يَقُسُّ قَسّاً: من
النميمة وذِكرِ الناس بالغِيبَة. والقَِسُّ: تَتَبُّع الشيء وطَلَبه.
اللحياني: يقال للنمَّام قَسَّاس وقَتَّات وهَمَّاز وغَمَّاز ودَرَّاج.
والقَِس في اللغة: النميمة ونشْرُ الحديث؛ يقال: قَسَّ الحديث يقُسُّه قَسّاً.
ابن سيده: قَسَّ الشيء يقُسُّه قَسّاً وقَسَساً تتبَّعه وتطلبه؛ قال
رؤبة بن العجاج يصف نساء عفيفات لا يتتبعن النَّمائم:
يُمْسِينَ من قَسَّ الأَذى غَوافِلا،
لا جَعْبَريّات ولا طَهامِلا
الجَعْبَرِيّات: القِصار، واحدتها جَعْبَرة، والطَّهامِل الضِّخام
القِباح الخلقة، واحدتها طَهْمَلة. وقَسَّ الشيءً قَسّاً: تتلاه وتَبَغَّاه.
واقْتَسَّ الأَسدُ: طَلب ما يأْكل.
ويقال: تَقَسَّسْت أَصواتَ الناس بالليل تَقَسُّساً أَي تسمَّعتها.
والقَسْقَسَة: السؤال عن أَمْرِ الناس. ورجل قَسْقاسٌ: يسأَل عن أُمور الناس؛
قال رؤبة:
يَحْفِزها ليلٌ وحادٍ قَسْقاسُ،
كأَنهنَّ من سَراءٍ أَقْواسْ
والقَسْقاس أَيضاً: الخفيف من كل شيء. وقَسْقَس العظم: أَكل ما عليه ن
اللحم وتَمَخَّخَه؛ يمانيَة. قال ابن دريد: قَسَسْت ما على العظم أَقُسُّه
قَسّاً إِذا أَكلتَ ما عليه من اللحم وامْتَخَخْتَه. وقَسْقَسَ ما على
المائدة: أَكَلَه. وقَسَّ الإِبل يَقُسُّها قَسّاً وقَسْقَسَها: ساقَها،
وقيل: هُما شدَّة السَّوْق.
والقَسُوس من الإِبل: التي تَرْعى وحدَها، مثل العَسُوس، وجمعها
قُسُسٌّ، قَسَّتْ تَقُسُّ قَسّاً أَي رَعَتْ وحدها، واقْتَسَّتْ، وقَسَّها:
أَفرَدَها من القَطيع، وقد عَسَّتْ عند الغَضَب تَعُسّ وقَسَّتْ تَقُسُّ.
وقال ابن السكيت: ناقَة عموس وقَسُوس وضَرُوس إِذا ضجِرت وساء خُلُقها عند
الغَضَب. والقَسُوس: التي لا تَدِرّ حتى تَنْتَبذ. وفلان قَسُّ إِبل أَي
عالم بها؛ قال أَبو حنيفة: هو الذي يلي الإِبل لا يفارقُها. أَبو عبيد:
القَسُّ صاحب الإِبل الذي لا يفارقُها؛ وأَنشد:
يتبعُها تَرْعِيَّةٌّ قَسٌّ ورَعْ،
تَرى برجْلَيْه شُقُوقاً في كَلَعْ،
لم تَرْتمِ الوَحْشُ إِلى أَيدي الذَّرَعْ
جمع الذَّريعَة وهي الدَّريئَة. وقال أَبو عبيدة: يقال ظَلَّ يَقُسُّ
دَّابَّتَه قَسّاً أَي يَسُوقُها. والقَسُّ: رَئيس من رُؤساء النصارى في
الدِّين والعِلْم، وقيل: هو الكَيِّس العالم؛ قال:
لو عَرَضَتْ لأَيْبُلِيٍّ قَسِّ،
أَشْعَثَ في هَيْكَلِه مُنْدَسِّ،
حَنَّ إِليها كَحَنِينِ الطَّسِّ
والقِسِّيسُ: كالقَسِّ، والجمع قَساقِسة على غير قياس وقِسِّيسُون. وفي
التنزيل العزيز: ذلك بأَن منهم قِسِّيسِينَ ورُهْباناً؛ والاسم
القُسُوسَة والقِسِّيسِيَّة؛ قال الفرَّاء: نزلت هذه الآية فيمن أَسلم من النصارى،
ويقال: هو النجاشي وأَصحابه. وقال الفراء في كتاب الجمع والتفريق: يُجمع
القِسِّيس قِسِّيسين كما قال تعالى، ولو جمعه قُسُوساً كان صواباً
لأَنهما في معنى واحد، يعني القَسَّ والقِسِّيس، قال: ويجمع القِسِّيس
قَساقِسة
(* قوله «ويجمع القسيس قساقسة إلخ» هكذا في الأصل هنا وفيما مر. وعبارة
القاموس: قساوسة، وبها يظهر قوله بعد فأبدلوا إحداهن واواً. ويؤخذ من شرح
القاموس أن فيه الجمعين حيث نقل رواية البيت بالوجهين.) جمعوه على مثال
مَهالِبة فكثرت السينات فأَبدلوا إِحداهن واواً وربما شدّد الجمع
(* قوله
«وربما شدد الجمع إلخ» الظاهر في العبارة العكس بدليل ما قبله وما بعده.)
ولم يشدّد واحده، وقد جمعت العرب الأَتُّون أَتاتين؛ وأَنشد لأُمية:
لو كان مُنْفَلتٌ كانت قَساقِسَةٌ،
يُحْييهمُ اللَّه في أَيديهم الزُّبُرُ
والقَسَّة: القِرْبَة الصغيرة.
قال ابن الأَعرابي: سئل المُهاصِر بن المحلّ عن ليلة الأَقْساسِ من
قوله:عَدَدْتُ ذنوبي كُلَّها فوجدتُها،
سوى ليلةٍ الأَقْساسِ، حِمْلَ بَعير
فقيل: ما ليلة الأَقْساس؟ قال: ليلة زنيت فيها وشربت الخمر وسرقت. وقال
لنا أَبو المحيَّا الأَعرابي يَحْكيه عن أَعرابي حجازي فصيح إِن القُساس
غُثاء السَّيْل؛ وأَنشدنا عنه:
وأَنت نَفِيٌّ من صَناديد عامِرٍ،
كما قد نَفى السيلُ القُساسَ المُطَرَّحا
وقَسٌّ والقَسُّ: موضع، والثياب القَِسِّيَّة منسوبة إِليه، وهي ثياب
فيها حرير تجلب من نحو مصر. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه: أَنه، صلى
اللَّه عليه وسلم، نهى عن لبس القَسِّيّ؛ هي ثياب من كتان مخلو بحرير يؤْتى
بها من مصر، نسبت إِلى قرية على ساحل البحر قريباً من تِنِّيس، يقال لها
القَسُّ، بفتح القاف، وأَصحاب الحديث يقولونه بكسر القاف، وأَهل مصر
بالفتح، ينسب إِلى بلاد القَسِّ؛ قال أَبو عبيد: هو منسوب إِلى بلاد يقال لها
القَسّ، قال: وقد رأَيتها ولم يعرفها الأَصمعي، وقيل: أَصل القَسِّيّ
القَزِّيّ، بالزاي، منسوب إِلى القَزّ، وهو ضرب من الإِبريسم، أُبدل من
الزاي سين؛ وأَنشد لربيعة بن مَقْرُوم:
جَعَلْنَ عَتِيقَ أَنْماطٍ خُدُوراً،
وأَظْهَرْنَ الكَرادي والعُهُونا
(* قوله «وأَظهرن الكرادي» هكذا في الأصل وشرح القاموس. وفي معجم
البلدان لياقوت: الكراري، بالراء بدل الدال.)
على الأَحْداجِ، واسْتَشْعَرْن رَيْطاً
عِراقِيّاً، وقَسِّيّاً مَصُونا
وقيل: هو منسوب إِلى القَسِّ، وهو الصَقيعُ لبَياضه. الأَصمعي: من
أَسماء السُّيوف القُساسِيّ. ابن سيده: القُساسيُّ ضرْب من السيوف، قال
الأَصمعي: لا ادري إِلى أَي شيء نسب.
وقُساس، بالضم: جبل فيه معدن حديد بأَرْمِينِيَّة، إِليه تنسب هذه
السيوف القُساسيَّة؛ قال الشاعر:
إِن القُساسِيَّ الذي يُعْصى به،
يَخْتَصِمُ الدَّارِعَ في أَثوابه
وهو في الصحاح: القُساسُ مُعَرَّفٌ. وقُساس، بالضم: جبل لبني أَسد.
وقَساس: اسم. وقُسُّ بن ساعدة الإِياديُّ: أَحد حكماء العرب، وهو أُسْقُفُّ
نَجْران. وقُسُّ النَّاطف: موضع. والقَسْقَس والقَسْقاس: الدليل الهادي
المُتفقِّد الذي لا يَغْفُل إِنما هو تَلَفُّتاً وتنَظُّراً. وخِمْسٌ
قَسْقاس أَي سريع لا فُتور فيه. وقَرَبٌ قَسْقاس: سريع شديد ليس فيه فُتور ولا
وَتِيرَة، وقيل: صعب بعيد. أَبو عمرو: القَرَب القَسِّيّ البعيد، وهو
الشديد أَيضاً؛ قال الأَزهري: أَحسبه القسين
(* قوله «القسين» هكذا في
الأصل.) لأَنه قال في موضع آخر من كتابه القسين.
والقِسْيَبُّ: الصُّلْب الطويل الشديد الدُّلجة كأَنه يعني القَرَب،
واللَّه أَعلم.
الأَصمعي: يقال خِمْس قَسْقاس وحَصْحاص وبَصْباص وصَبْصاب، كل هذا:
السير الذي ليست فيه وَتيرة، وهي الاضطراب والفُتور. وقال أَبو عمرو: قَرَبٌ
قِسْقِيس. وقد قَسْقَس ليله أَجمع إِذا لم يَنَمْ؛ وأَنشد:
إِذا حداهُنَّ النَّجاء القِسْقِيس
ورجل قَسْقاس: يسوق الإِبل. وقج قَسَّ السير قَسّاً: أَسرع فيه.
والقَسْقَسَة: دَلْجُ الليل الدَّائب. يقال: سَيْرٌ قِسْقِيس أَي دائب. وليلة
قَسْقاسَة: شديدة الظلمة؛ قال رؤبة:
كَمْ جُبْنَ من بِيدٍ ولَيْلٍ قَسْقاسْ
قال الأَزهري: ليلة قَسْقاسة إِذا اشتد السير فيها إِلى الماء، وليست من
معنى الظلمة في شيء. وقَسْقَسْت بالكلب: دعوت. وسيفٌ قَسْقاسٌ: كَهامٌ.
والقَسقاس: بقلة تشبه الكَرَفْسَ؛ قال رؤبة:
وكُنْتَ من دائك ذا أَقْلاسِ،
فاسْتَسقِيَنْ بثمر القَسْقاسِ
يقال: اسْتقاء واسْتَقى إِذا تَقَيَّأَ.
وقَسْقَس العصا: حَرَّكها. والقَسْقاسُ: العصا. وقوله، صلى اللَّه عليه
وسلم، لفاطمة بنت قيس حين خطبها أَبو جَهْم ومعاوية: أَمَّا أَبو جَهْم
فأَخاف عليك قَسْقَاسَته؛ القَسْقاسة: العصا؛ قيل في تفسيره قولان:
أَحدهما أَنه أَراد قَسْقَسَتَه أَي تحريكه إِياها لضربك فأَشبع الفتحة فجاءت
أَلفاً، والقول الآخر انه أَراد بِقسقاسَته عصاه، فالعصا على القول
الأَول
(* قوله «العصا على القول الأول إلخ» هذا إِنما يناسب الرواية الآتية.)
مفعول به، وعلى القول الثاني بدل. أَبو زيد: يقال للعصا هي القَسْقاسة؛
قال ابن الأَثير: أَي أَنه يضربها بالعصا، من القَسْقَسة، وهي الحركة
والإِسراع في المَشْي، وقيل: أَراد كثرة الأَسفار. يقال: رفع عصاه على عاتقه
إِذا سافر، وأَلْقَى عصاه إِذا أَقام، أَي لا حظَّ لك في صحبته لأَنه كثير
السَّفر قليل المُقام؛ وفي رواية: إِني أَخاف عليك قَسْقاسَتَه العصا،
فذكر العصا تفسيراً للْقُسْقاسة، وقيل: أَراد بِقَسْقَسَةِ العصا تحريكه
إِياها فزاد الأَلف ليفْصل بين توالي الحركات. وعن الأَعراب القُدمِ:
القَسْقاس نبت أَخضر خبيث الريح ينبت في مَسيل الماء له زهرة بيضاء.
والقَسْقاس: شدَّة الجوع والبَرْد؛ وينشَد لأَبي جهيمة الذهلي :
أَتانا به القَسْقاسُ ليلاً، ودونه
جَراثِيمُ رَمْلٍ، بينهنَّ قِفافُ
وأَورده بعضهم: بينهنَّ كِفاف؛ قال ابن بري: وصوابه قِفافُ، وبعده:
فأَطْعَمْتُه حتى غَدا وكأَنه
أَسِيرٌّ يُداني مَنْكِبَيْه كِتافُ
وصفَ طارقاً أَتاه به البرد والجُوع بعد أَن قطع قبل وُصوله إِليه
جراثيم رمل، وهي القِطَع العظام، الواحدة جُرْثُومة، فأَطعمه وأَشبعه حتى إِنه
إِذا مشى تظن أَن في منكِبَيْه كتافاً، وهو حَبْل تشدُّ به يد الرجل
إِلى خلقه. وقَسْقَسْت بالكلب إِذا صِحْتَ به وقلت له: قُوسْ قُوسْ.