بلفظ جمع الإشفى الذي يخرز به: واد في بلاد بني شيبان، قال الأعشى:
أمن جبل الأمرار صرّت خيامكم ... على نبإ أنّ الأشافيّ سائل؟
هذا مثل ضربه الأعشى لأنّ أهل جبل الأمرار لا يرحلون إلى الأشافي ينتجعونه لبعده إلّا أن يجدبوا كل الجدب ويبلغهم أنه مطر وسال.
فيش: الفَيْشةُ: أَعْلى الهامةِ. والفَيْشةُ: الكَمَرة، وقيل: الفَيْشةُ
الذكَرُ المنتفخ، والجمع فَيْشٌ؛ وقوله:
وفَيْشة ليست كهذِي الفَيْش
يجوز أَن يكون أَراد الجمع وأَن يكون أَراد الواحدة فحذف الهاء.
والفَيْشَلةُ: كالفَيْشةِ، اللام فيها عند بعضهم زائدةٌ كزيادتها في
عَبْدَلٍ وزَيْدَلٍ وأُولالك، وقد قيل إِن اللام فيها أَصل كما هو مذكور في
موضعه. الليث: الفَيْشُ الفَيْشَلةُ الضعيفة وقد تَفايَشا أَيهما أَعظمْ
كمَرَةً.
والفَيْشُوشةُ: الضعف والرَّخاوةُ؛ وقال جرير:
أَوْدَى بحِلمِهِمُ الفِياشُ، فحِلْمُهم
حِلْمُ الفَرَاشِ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
الجوهري: الفَيْشُ والفَيْشةُ رأْسُ الذكَر.
ورجل فَيُوشٌ: ضَعيفٌ جَبان؛ قال رؤبة:
عن مُسْمَهِرٍّ ليس بالفَيُوشِ
وفاشَ الرجلُ فَيْشاً وهو فَيُوشٌ: فَخَر، وقيل: هو أَن يَفْخَر ولا شيء
عنده. وفايَشَه مُفايَشةً وفِياشاً: فاخَرَه. ورجل فَيَّاشٌ: مُفايِشٌ.
وجاؤوا يَتَفايَشُون أَي يتفاخَرُون ويَتكاثَرُون، وقد فايَشْتم
فِيَاشاً. ويقال: فاشَ يَفِيشُ وفَشَّ يَفِشُّ بمعنى كما يقال ذَامَ يَذِيمُ
وذَمَّ يَذُمُّ. والفِيَاشُ: المُفاخرَةُ؛ قال جرير:
أَيُفايِشُون، وقد رَأَوْا حُفّاثَهم
قد عَضَّه، فقَضَى عليه الأَشْجَعُ؟
والفَيْش: النَّفْجُ يُرِي الرجلُ أَن عنده شيئاً وليس على ما يُرِي.
وفلان صاحبُ فِيَاشٍ ومُفايَشةٍ، وفلان فَيّاشٌ إِذا كان نفّاخاً بالباطل
وليس عنده طائلٌ. والفِيَاشُ: الطَّرْمَذَةُ.
وذو فائِشٍ: ملِكٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤمّ سَلامةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومُ جَمٌّ لِميعادِها
فيح: فاحَ الحرُّ يَفِيحُ فَيْحاً: سَطَعَ وهاجَ. وفي الحديث: شدّة
القَيْظ من فَيْح جهنم: الفَيْح: سُطُوع الحرّ وفَوَرانُه، ويقال بالواو، وقد
ذكر قبل هذه الترجمة؛ وفاحت القِدْرُ تَفِيحُ وتَفُوحُ إِذا غَلَتْ، وقد
أَخرجه مَخْرَجَ التشبيه أَي كأَنه نار جهنم في حرِّها.
وأَفِحْ عنك من الظهيرة أَي أَقم حتى يسكن عنك حر النهار ويبرد. ابن
الأَعرابي: يقال أَرِقْ عنك من الظهيرة وأَهْرِقْ وأَهْرئ وأَنْجِ
وبَخْبِخْ وأَفِحْ إِذا أَمرته بالإِبْرَاد. وفاحَتِ الريح الطيبة خاصة فَيْحاً
وفَيَحاناً: سَطَعَت وأَرِجَتْ، وخص اللحياني به المِسْكَ؛ ولا يقال: فاحت
ريح خبيثة إِنما يقال للطَّيِّبة، فهي تَفِيحُ. وفاحت القِدْرُ
وأَفَحْتُها أَنا: غَلَتْ. وفاحَ الدمُ فَيْحاً وفَيَحاناً، وهو فاحٍ: انْصَبَّ.
وأَفاحَه: هَراقه؛ وقال أَبو حَرْب بن عُقَيْلٍ الأَعْلَمُ جاهِليٌّ:
نَحْنُ قَتَلْنا المَلِكَ الجَحْجاحا،
ولم نَدَعْ لسَارِحٍ مُراحا،
إِلا دِياراً، أَو دَماً مُفاحا
الجَحْجَاح: العظيمُ السُّؤددِ والمُراحُ: الذي تأْوي إِليه النَّعَم؛
أَراد لم نَدَع لهم نَعَماً تحتاج إِلى مُراح. وأَفاحَ الدماءَ أَي
سَفَكَها. وشَجَّةٌ تَفِيحُ بالدم: تَقْذِفُ. وفاحت الشَّجَّةُ، فهي تَفِيحُ
فَيْحاً: نَفَحَتْ بالدم أَيضاً؛ وفي حديث أَبي بكر: مُلْكاً عَضُوضاً
ودَماً مُفاحاً أَي سائلاً؛ مُلْكٌ عَضُوضٌ يَنال الرعِيَّةَ منه ظُلْمٌ
وعَسْفٌ كأَنهم يُعَضُّونَ عَضّاً. وأَفَحْتُ الدم: أَسَلْتُه.
والفَيْحُ والفَيَحُ: السَّعَةُ والانتشار.
والأَفْيَحُ والفَيَّاحُ: كل موضع واسع. بحرٌ أَفْيَحُ بَيِّنُ
الفَيَحِ: واسعٌ، وفَيَّاحٌ، أَيضاً، بالتشديد. وروضة فَيْحاء: واسعة، والفعل من
كل ذلك فاحَ يَفاحُ فَيْحاً، وقياسه فَيِحَ يَفْيَحُ. ودارٌ فَيْحاءُ:
واسعة؛ وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: وبَيتُها فَيَّاحٌ أَي واسعٌ؛ رواه أَبو عبيد
مشدّداً؛ وقال غيره: الصواب التخفيف؛ وفي الحديث: اتَّخَذَ رَبُّك في
الجنة وادياً أَفْيَحَ من مِسْكٍ؛ كلُّ موضع واسع يقال له أَفيَحُ
وفَيَّاح. الليث: الفَيَحُ مصدر الأَفْيَح، وهو كل موضع واسع؛ أَبو زيد: يقال لو
مَلَكْتُ الدنيا لَفَيَّحْتُها في يوم واحد أَي أَنفَقْتُها وفرَّقتها في
يوم واحد. ورجل فَيَّاح نَفَّاح: كثير العطايا؛ وإِنه لَجَواد فَيَّاحٌ
وفَيَّاضٌ بمعنى. وفاحت الغارَةُ تَفِيح: اتَّسَعَتْ.
وفَيَاحِ مثل قطامِ: اسم للغارة.، وكان يقال للغارة في الجاهلية فِيحِي
فَيَاحِ، وذلك إِذا دَفَعَتِ الخيلُ المُغِيرة فاتسعت؛ وقال شَمِرٌ:
فِيحِي أَي اتسعي عليهم وتَفَرَّقي؛ قال غَنِيُّ بن مالك، وقيل هو لأَبي
السَّفَّاح السَّلُوليّ:
دَفَعْنا الخيلَ شائلةً عليهم،
وقُلْنا بالضُّحى: فيحِي فَياحِ
الأَزهري: قولهم للغارة فِيحِي فَيَاحِ؛ الغارة هي الخيل المُغِيرة
تَصْبَح حَيّاً نازلين، فإِذا أَغارت على ناحية من الحَيِّ تَحَرَّزَ عُظْمُ
الحَيِّ، لَجَأُوا إِلى وَزَرٍ يَلُوذون، وإِذا اتسعوا وانتشروا
أَحْرَزوا الحَيَّ أَجمع؛ ومعنى فيحي انتشري أَيتها الخيل المغيرة؛ وقيل: معْناه
اتسعي عليهم يا غارة وخذيهم من كل وجه، وسماها فَيَاحِ لأَنها جماعة
مؤَنثة خُرِّجَتْ مَخْرَج قَطَامِ وحَذَامِ وكَسَابِ وما أَشبهها. والشائلة:
المرتفعة؛ يعني أَن أَذنابها ارتفعت، وإِنما ترتفع أَذنابها إِذا عدت،
وذلك يدل على شدة ظهورها؛ كما قال المُفَضَّلُ البَكْرِي:
تَشُقُّ الأَرضَ شائلةَ الذُّنابَى،
وهادِيها كأَنْ جِذعٌ سَحُوقُ
والفَيْحُ: خِصْبُ الربيع في سَعَةِ البلادِ، والجمع فُيُوحٌ؛ قال:
تَرْعَى السحابَ العَهْدَ والفُيُوحا
قال الأزهري: رواه ابن الأَعرابي: والفُتُوحا، بالتاء؛ والفَتْحُ
والفُتُوح من الأَمطار؛ قال: وهذا هو الصحيح وقد ذكرناه في مكانه
(* قوله «وقد
ذكرناه في مكانه» لكنه قال هناك جمعه فتوح، بفتح الفاء. وكتبنا عليه
بالهامش انكار محشي القاموس عليه، ويؤيده ضبط الفتوح هنا بضم الفاء مع
المثناة الفوقية أو التحتية، وهو القياس. فلعل قوله هناك بفتح الفاء تحريف من
الناسخ عن بضم الفاء.) وناقة فَيَّاحة إِذا كانت ضَخْمَة الضَّرْع غزيرة
اللبن؛ قال:
قد نَمْنَحُ الفَيَّاحةَ الرَّفُودا،
تَحْسِبُها خالِيةً صَعُودا
وفَيْحَانُ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
أَو رَعْلَةٌ من قَطا فَيْحانَ حَلأَّها،
عن ماءِ يَثْرَبَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ
والفَيحَاءُ: حَساءٌ مع تَوَابِلَ.
وفي: الوفاءُ: ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال ابن
بري: وقد جمعهما طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله:
أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه
كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها
وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ. ابن سيده: وفَى بالعهد وَفاءً؛ فأَما قول
الهذلي:
إذ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِائةً
وَفْياً، وزادُوا على كِلْتَيْهِما عَدَدا
فقد يكون مصدر وَفَى مسموعاً وقد يجوز أَن يكون قياساً غير مسموع، فإن
أَبا علي قد حكى أَن للشاعر أَن يأْتي لكلّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وإن لم يُسمع،
وكذلك أَوْفَى. الكسائي وأَبو عبيدة: وَفَيْتُ بالعهد وأَوْفَيْتُ به
سواء، قال شمر: يقال وَفَى وأَوْفَى، فمن قال وفَى فإنه يقول تَمَّ كقولك
وفَى لنا فلانٌ أَي تَمَّ لنا قَوْلُه ولم يَغْدِر. ووَفَى هذا الطعامُ
قفيزاً؛ قال الحطيئة:
وفَى كَيْلَ لا نِيبٍ ولا بَكَرات
أَي تَمَّ، قال: ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه
ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه
شيئاً. قال أَبو الهيثم فيما ردّ على شمر: الذي قال شمر في وَفَى وأَوْفَى
باطل لا معنى له، إنما يقال أَوْفَيْتُ بالعهد ووَفَيْتُ بالعهد. وكلُّ شيء
في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالأَلف، قال الله تعالى: أَوْفُوا
بالعُقود، وأَوْفُوا بعهدي؛ يقال: وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ،
وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قال الله تعالى: وأَوفُوا الكيلَ؛ وفي الحديث:
فممرت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ أَي تَمَّتْ
وطالَتْ؛ وفي الحديث: أَلَسْتَ تُنْتِجُها وافيةً أَعينُها وآذانُها. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إنكم وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم
خَيْرُها وأَكْرَمُها على الله أَي تَمَّت العِدَّة سبعين أُمة بكم.
ووفَى الشيء وُفِيًّا على فُعولٍ أَي تَمَّ وكثر. والوَفِيُّ: الوافِي.
قال: وأَما قولهم وفَى لي فلان بما ضَمِن لي فهذا من باب أَوْفَيْتُ له بكذا
وكذا ووَفَّيتُ له بكذا ؛ قال الأَعشى:
وقَبْلَكَ ما أَوْفَى الرُّقادُ بِجارةٍ
والوَفِيُّ: الذي يُعطِي الحقَّ ويأْخذ الحقَّ. وفي حديث زيد بن
أَرْقَمَ: وَفَتْ أُذُنُكَ وصدّق الله حديثَك، كأَنه جعل أُذُنَه في السَّماع
كالضامِنةِ بتصديق ما حَكَتْ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت
الأُذن كأَنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أَدَّته إلى اللسان، وفي
رواية: أَوفى الله بأُذنه أَي أَظهر صِدْقَه في إِخباره عما سمعت أُذنه،
يقال: وفَى بالشيء وأَوْفَى ووفَّى بمعنى واحد. ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ: ذو
وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأَوفاه وأَوْفَى به؛ وفي التنزيل العزيز:
يُوفُون بالنَّذر، وحكى أَبو زيد: وفَّى نذره وأَوْفاه أَي أَبْلَغه، وفي
التنزيل العزيز: وإبراهيمَ الذي وَفَّى؛ قال الفراء: أَي بَلَّغَ، يريد
بَلَّغَ أَنْ ليست تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى أَي لا تحمل الوازِرةُ ذنب
غيرها؛ وقال الزجاج: وفَّى إبراهيمُ ما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به من ذبح
ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على
عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل: وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأَن
الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن. وقال أبو بكر في قولهم الزَمِ
الوَفاء: معنى الوفاء في اللغة الخُلق الشريف العالي الرَّفِيعُ من قولهم: وفَى
الشعرَ فهو وافٍ إذا زادَ؛ ووَفَيْت له بالعهد أَفِي؛ ووافَيْتُ أُوافِي،
وقولهم: ارْضَ من الوفاء باللّفاء أَي بدون الحق؛ وأَنشد:
ولا حَظِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ
والمُوافاةُ: أَن تُوافيَ إنساناً في المِيعاد، وتَوافَينا في الميعاد
ووافَيْتُه فيه، وتوَفَّى المُدَّة: بلَغَها واسْتَكْمَلها، وهو من ذلك.
وأَوْفَيْتُ المكان: أَتيته؛ قال أَبو ذؤَيب:
أُنادِي إذا أُفِي من الأَرضِ مَرْبَأً
لأَني سَمِيعٌ ، لَوْ أُجابُ، يَصيِرُ
أُفِي: أُشْرِفُ وآتي؛ وقوله انادي أي كلما أَشرفت على مَرْبَإٍ من
الأَرض نادَيتُ يا دارُ أَين أَهْلَكِ، وكذلك أَوْفَيْتُ عليه وأَوْفَيْت
فيه. وأَوْفَيْتُ على شَرَفٍ من الأَرض إذا أَشْرَفْت عليه، فأَنا مُوفٍ،
وأَوْفَى على الشيء أَي أَشْرَفَ؛ وفي حديث كعب بن مالك: أَوْفَى على
سَلْعٍ أَي أَشْرَفَ واطَّلَعَ. ووافَى فلان: أَتَى.
وتوافَى القومُ: تتامُّوا . ووافَيْتُ فلاناً بمكان كذا.
ووَفَى الشيءُ: كثُرَ؛ ووَفَى رِيشُ الجَناحِ فهو وافٍ، وكلُّ شيء بلَغ
تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، وكذلك دِرْهمٌ وافٍ يعني به أَنه يزن
مِثقالاً، وكَيْلٌ وافٍ. ووَفَى الدِّرْهَمُ المِثقالَ: عادَلَه، والوافِي:
درهمٌ وأَربعةُ دَوانِيقَ؛ قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أَنه قال الوافِي
درهمٌ ودانِقانِ، وقال غيره: هو الذي وَفَى مِثقالاً، وقيل: درهمٌ وافٍ
وفَى بزِنتِه لا زيادة فيه ولا نقص، وكلُّ ما تمَّ من كلام وغيره فقد
وفَى، وأَوْفَيْتُه أَنا؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي:
أَوْفَيْتُ الزَّرْعَ وفَوْقَ الإِيفاء
وعدَّاه إلى مفعولين، وهذا كما تقول: أَعطيت الزرع ومنحته، وقد تقدم
الفرق بين التمام والوفاء.
والوافِي من الشِّعْر: ما اسْتَوفَى في الاستعمال عِدَّة أَجزائه في
دائرته، وقيل: هو كل جزء يمكن أَن يدخله الزِّحاف فسَلِمَ منه.
والوَفاء: الطُّول؛ يقال في الدُعاءِ: مات فلان وأَنت بوَفاء أَي بطول
عُمُر، تدْعُو له بذلك؛ عن ابن الأَعرابي. وأَوْفَى الرجلَ حقَّه ووَفَّاه
إِياه بمعنى: أَكْمَلَه له وأَعطاه وافياً. وفي التنزيل العزيز: ووَجدَ
اللهَ عندَه فوفَّاه حسابَه. وتَوَفَّاه هو منه واسْتَوْفاه: لم يَدَعْ
منه شيئاً. ويقال أَوْفَيْته حَقَّه ووَفَّيته أَجْره. ووفَّى الكيلَ
وأَوفاه: أَتَمَّه. وأَوْفَى على الشيء وفيه: أَشْرَفَ. وإنه لمِيفاء على
الأَشْرافِ أَي لا يزالُ يُوفِي عليها، وكذلك الحِمار. وعَيرٌ مِيفاء على
الإِكام إذا كان من عادته أَن يُوفيَ عليها؛ وقال حميد الأَرقط يصف
الحمار:عَيْرانَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ،
حَدَّ الرَّبِيعِ، أَرِنٍ أَرُونِ
لا خَطِلِ الرَّجْعِ ولا قَرُونِ،
لاحِقِ بَطْنٍ بِقَراً سَمِينِ
ويروى: أَحْقَبَ مِيفاءٍ، والوَفْيُ من الأَرض: الشَّرَفُ يُوفَى عليه؛
قال كثير:
وإنْ طُوِيَتْ من دونه الأَرضُ وانْبَرَى،
لِنُكْبِ الرِّياحِ. وَفْيُها وحَفِيرُها
والمِيفَى والمِيفاةُ، مقصوران، كذلك. التهذيب: والميفاةُ الموضع الذي
يُوفِي فَوقه البازِي لإِيناس الطير أَو غيره، قال رؤْبة:
ميفاء رؤوس فوره
(* قوله «قال رؤبة إلخ» كذا بالأصل.)
والمِيفَى: طَبَق التَّنُّور. قال رجل من العرب لطباخه: خَلِّبْ
مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ، قال: خَلِّبْ أَي طَبِّقْ، والرَّوْدَقُ:
الشِّواء. وقال أَبو الخطاب: البيت الذي يطبخ فيه الآجُرُّ يقال له
المِيفَى؛ روي ذلك عن ابن شميل.
وأَوْفَى على الخمسين: زادَ، وكان الأَصمعي يُنكره ثم عَرَفه.
والوَفاةُ: المَنِيَّةُ. والوفاةُ: الموت. وتُوُفِّيَ فلان وتَوَفَّاه
الله إذا قَبَضَ نَفْسَه، وفي الصحاح: إذا قَبَضَ رُوحَه، وقال غيره:
تَوَفِّي الميتِ اسْتِيفاء مُدَّتِه التي وُفِيتْ له وعَدَد أَيامِه وشُهوره
وأَعْوامه في الدنيا. وتَوَفَّيْتُ المالَ منه واسْتوْفَيته إذا أَخذته
كله. وتَوَفَّيْتُ عَدَد القومِ إذا عَدَدْتهم كُلَّهم؛ وأَنشد أَبو
عبيدة لمنظور الوَبْرِي:
إنَّ بني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ،
ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العددْ
أَي لا تجعلهم قريش تَمام عددهم ولا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم؛ ومن ذلك
قوله عز وجل: الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها؛ أَي يَسْتَوفي مُدَد
آجالهم في الدنيا، وقيل: يَسْتَوْفي تَمام عدَدِهم إِلى يوم القيامة،
وأَمّا تَوَفِّي النائم فهو اسْتِيفاء وقْت عَقْله وتمييزه إِلى أَن نامَ.
وقال الزجاج في قوله: قل يَتَوَفَّاكم مَلَكُ الموت، قال: هو من تَوْفِية
العدد، تأْويله أَن يَقْبِضَ أَرْواحَكم أَجمعين فلا ينقُص واحد منكم،
كما تقول: قد اسْتَوْفَيْتُ من فلان وتَوَفَّيت منه ما لي عليه؛ تأْويله
أَن لم يَبْقَ عليه شيء. وقوله عز وجل: حتى إذا جاءتهم رُسُلُنا
يَتَوَفَّوْنَهم؛ قال الزجاج: فيه، والله أَعلم، وجهان: يكون حتى إذا جاءتهم
ملائكةُ الموت يَتَوَفَّوْنَهم سَأَلُوهم عند المُعايَنة فيعترفون عند موتهم
أَنهم كانوا كافرين، لأَنهم قالوا لهم أَين ما كنتم تدعُون من دون الله؟
قالوا: ضَلُّوا عنا أَي بطلوا وذهبوا، ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، حتى
إذا جاءتهم ملائكة العذابِ يتوفونهم، فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على
ضربين: أَحدهما يَتَوَفَّوْنَهم عذاباً وهذا كما تقول: قد قَتَلْتُ فلاناً
بالعذاب وإن لم يمت، ودليل هذا القول قوله تعالى: ويأْتِيه الموتُ من
كلِّ مَكانٍ وما هو بمَيِّت؛ قال: ويجوز أَن يكون يَتَوَفَّوْنَ عِدَّتهم،
وهو أَضعف الوجهين، والله أعلم، وقد وافاه حِمامُه؛ وقوله أَنشده ابن
جني:
ليتَ القِيامةَ ، يَوْمَ تُوفي مُصْعَبٌ،
قامتْ على مُضَرٍ وحُقَّ قِيامُها
أَرادَ: وُوفيَ، فأَبدل الواو تاء كقولهم تالله وتَوْلجٌ وتَوْراةٌ،
فيمن جعلها فَوْعَلة.
التهذيب: وأَما المُوافاة التي يكتبها كُتَّابُ دَواوين الخَراج في
حِساباتِهم فهي مأْخوذة من قولك أَوْفَيْتُه حَقَّه ووَفَّيْتُه حَقَّه
ووافَيْته حَقَّه،كل ذلك بمعنى: أَتْمَمْتُ له حَقَّه، قال: وقد جاء فاعَلْتُ
بمعنى أَفْعلْت وفَعَّلت في حروف بمعنى واحد. يقال: جاريةٌ مُناعَمةٌ
ومُنَعَّمةٌ، وضاعَفْتُ الشيء وأَضْعَفْتُه وضَعَّفْتُه بمعنى، وتَعاهَدْتُ
الشيء وتعَهَّدْته وباعَدْته وبَعَّدته وأَبْعَدْتُه، وقارَبْتُ الصبي
وقَرَّبْتُه، وهو يُعاطِيني الشيء ويُعطِيني؛ قال بشر بن أبي خازم:
كأَن الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فيها،
لحُسنِ دَلالِها، رَشأٌ مُوافي
قال الباهلي: مُوافي مثلُ مفاجي؛ وأَنشد:
وكأَنما وافاكَ، يومَ لقِيتَها
من وَحْش وَجّرةَ، عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ
وقيل: موافي قد وافى جِسْمُه جِسمَ أُمه أَي صار مثلها.
والوَفاء: موضع؛ قال ابن حِلِّزةَ:
فالمُحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا
قُ قَنانٍ فَعاذِبٌ فالوَفاء
وأَوْفى: اسم رجل.