(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب
(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب
عرب:العُرْبُ والعَرَبُ : جِيْلٌ من الناس معروف ، خِلافُ العَجَم ، وهما واحدٌ ، مثل العُجْمِ والعَجَم ، مؤنث ، وتصغيره بغير هاء نادر . الجوهري : العُرَيْبُ تصغير العَرَبِ ؛ قال أبو الهِنْدِيّ ، واسمه عَبْدُالمؤمن ابن عبدالقُدُوس :
فأَمَّا البَهَطُ وحِيتَانُكُم ، * فما زِلْتُ فيها كثيرَ السَّقَمْ
وقد نِلْتُ منها كما نِلْتُمُ ، * فلَمْ أرَ فيها كَضَبٍّ هَرِمْ
وما في البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج ، * وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْـ * ـبِ ، لا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تعظيماً ، كما قال : أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ . والعَرَبُ العارِبة : هم الخُلَّصُ منهم ، وأُخِذ من لَفْظه فأُكِّدَ به ، كقولك لَيلٌ لائِلٌ ؛ تقول : عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ : صُرَحاءُ . ومُتَعَرِّبةُ ومُسْتَعْرِبةٌ : دُخَلاءُ، ليسوا بخُلَّصٍ . والعربي منسوب إلى العرب ، وإن لم يكن بدوياً . والأعرابي : البدوي ؛ وهم الأعراب ؛ والأعاريب : جمع الأعراب . وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب ، وقيل : ليس الأعراب جمعاً لعرب ، كما كان الأنباط جمعاً لنبطٍ ، وإنما العرب اسم جنس . والنسب إلى الأعراب : أعرابي ؛ قال سيبويه إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي ، لأنه لا واحد له على هذا
المعنى . ألا ترى أنك تقول العرب ، فلا يكون على هذا
المعنى ؟ فهذا يقويه . وعربي : بين العروبة والعروبية ، وهما من المصادر التي لا أفعال لها . وحكى الأزهري : رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً ، وإن لم يكن فصيحاً ، وجمعه العرب ، كما يقال : رجل مجوسي ويهودي ، والجمع ، بحذف ياء النسبة ، اليهود والمجوس . ورجل معرب إذا كان فصيحاً ، وإن كان عجمي النسب . ورجل أعرابي ، بالألف ، إذا كان بدوياً ، صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ ، وتتبع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب أو من مواليهم .
ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب . والأعرابي إذا قيل له : يا عربي ! فرح بذلك وهش له . والعربي إذا قيل له : يا أعرابي ! غضب له . فمن نزل البادية ، أو جاور البادين وظعن بظعنهم ، وانتوى بانتوائهم : فهم أعراب ؛ ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب : فهم عرب ، وإن لم يكونوا فصحاء . وقول اللّه ، عز وجل : قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا ،قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا، وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا . فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، المدينة، طمعاً في الصدقات ، لا رغبة في الإسلام ، فسماهم اللّه تعالى العرب ؛ ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة، فقال : الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً ؛ الآية . قال الأزهري : والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ، ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية ، وهو لا يميز بين العرب والأعراب ، ولا يجوز أن يقال للمهاجرين
والأنصار أعراب ، إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية ، وسكنوا المدن ، سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى ، والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة ، فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم ، واقتنوا نعماً ، ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة ، قيل : قد تعربوا أي صاروا أعراباً ، بعدما كانوا عرباً . وفي الحديث : تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي ؛ جعل المهاجر ضد الأعرابي . قال : والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ، ولا يدخلونها إلا لحاجة . والعرب : هذا الجيل،لا واحد له من لفظه ، وسواء أقام بالبادية والمدن ، والنسبة إليهما أعرابيٌّ وعربيٌّ . وفي الحديث : ثلاث (1)
(1 قوله« وفي الحديث ثلاث الخ »كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلـخ ) من الكبائر ، منها التعرب بعد الهجرة: هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب ، بعد أن كان
مهاجراً . وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير
(يتبع...)
(تابع... 1): عذب: العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ: كُلُّ مُسْتَسَاغٍ. والعَذْبُ:... ...
عذر ، يعدونه كالمرتد . ومنه حديث ابن الأكوع : لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ، ثم إنه دخل على الحجاج يوماً ، فقال له : يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك وتعربت ؛ قال : ويروى بالزاي ، وسنذكره في موضعه . قال : والعرب أهل الأمصار ، والأعراب منهم سكان البادية خاصة . وتعرب أي تشبه بالعرب ، وتعرب بعد هجرته أي صار أعرابياً . والعربية : هي هذه اللغة .واختلف الناس في العرب لم سموا عرباً فقال بعضهم : أول من أنطق اللّه لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان،وهو أبو اليمن كلهم ، وهم العرب العاربة ، ونشأ إسمعيل ابن إبراهيم ، عليهما السلام ، معهم فتكلم بلسانهم ، فهو وأولاده : العرب المستعربة ؛ وقيل : إن أولاد إسمعيل نشؤوا بعربة ، وهي من تهامة ، فنسبوا إلى بلدهم . وروي عن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : خمسة أنبياء من العرب ،
وهم : محمد ، وإسمعيل ، وشعيب ، وصالح ، وهود ، صلوات اللّه عليهم . وهذا يدل على أن لسان العرب قديم . وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب ؛ فكان شعيب وقومه بأرض مدين ، وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر ، وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال
اليمن ، وكانوا أهل عمدٍ ، وكان إسمعيل ابن إبراهيم والنبي المصطفى محمد ، صلى اللّه عليهم وسلم ، من سكان الحرم . وكل من سكن بلاد العرب وجزريتها ونطق بلسان أهلها ، فهم عرب يمنهم ومعدهم . قال الأزهري : والأقرب عندي أنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات . وقال إسحق ابن الفرج : عربة باحة العرب ، وباحة دار أبي الفصاحة إسمعيل ابن إبراهيم ، عليهما السلام ، وفيها يقول قائلهم :
وعربة أرض ما يحل حرامها ، * من الناس ، إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أحلت له مكة ساعة من نهارٍ ، ثم هي حرام إلى يوم القيامة . قال : واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة، فسكنها ؛ وأنشد قول الآخر :
ورجت باحة العربات رجا ، * ترقرق ، في مناكبها ،الدماءُ
قال : وأقامت قريش بعربة فتنخت بها ، وانتشر سائر العرب في جزيرتها ، فنسبوا كلهم إلى عربة ، لأن أباهم إسمعيل ، صلى اللّه عليه وسلم ، بها نشأ ، وربل أولاده فيها ، فكثروا ، فلما لم تحتملهم البلاد ، انتشروا وأقامت قريش بها . وروي عن أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، أنه قال : قريش هم أوسط العرب في العرب داراً ، وأحسنه جواراً ، وأعربه ألسنة . وقال قتادة : كانت قريش تجتبي ، أي تختار ، أفضل لغات العرب ، حتى صار أفضل لغاتها لغتها، فنزل القرآن بها . قال
الأزهري : وجعل اللّه ، عز وجل ، القرآن المنزل على النبي المرسل محمد ، صلى اللّه عليه وسلم ، عربياً، لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم ، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب ، في باديتها وقراها ،العربية ؛ وجعل النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، عربياً لأنه من صريح العرب ، ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها ، وتناءوا معهم فيها ، سموا عرباً ولم يسموا أعراباً . وتقول : رجل عربي اللسان إذا كان فصيحاً ؛ وقال الليث : يجوز أن يقال رجل عرباني اللسان . قال : والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد ، فاستعربوا. قال الأزهري : المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب، فتكلموا بلسانهم ،وحكوا هيئاتهم ، وليسوا بصرحاء
فيهم . وقال الليث : تعربوا مثل استعربوا . قال الأزهري : ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية ، بعدما كان مقيماً
بالحضر ، فيلحق بالأعراب . ويكون التعرب المقام بالبادية ، ومنه قول الشاعر :
تعرب آبائي ! فهلا وقاهم ، * من الموت ، رملاً وزرود
يقول : أقام آبائي بالبادية ، ولم يحضروا القرى . وروي عن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : الثيب تعرب عن نفسها أي تفصح. وفي حديث آخر : الثيب يعرب عنها لسانها ، والبكر تستأمر في نفسها . وقال أبو عبيد : هذا الحرف جاء في الحديث يعرب ، بالتخفيف .وقال الفراء : إنما هو يعرب ، بالتشديد . يقال : عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم ، واحتججت لهم ؛ وقيل : إن أعرب بمعنى عرب . وقال الأزهري : الإعراب والتعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة ؛ يقال : أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح . وأعرب عن الرجل : بين
عنه . وعرب عنه : تكلم بحجته . وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة : الصواب يعرب عنها ، بالتخفيف . وإنما سمي الإعراب إعراباً ، لتبيينه وإيضاحه ؛ قال : وكلا القولين لغتان
متساويتان ، بمعنى الإبانة والإيضاح . ومنه الحديث الآخر فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه . ومنه حديث التيمي : كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي ، حين يعرب ، أن يقول : لا إله إلا اللّه، سبع مرات أي حين ينطق ويتكلم. وفي حديث السقيفة : أعربهم أحساباً أي أبينهم وأوضحهم . ويقال : أعرب عما في ضميرك أي أبن . ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام : أعرب . وقال أبو زيد الأنصاري : يقال أعرب الأعجمي
إعراباً ، وتعرب تعرباً ، واستعرب استعراباً : كل ذلك للأغتم دون
الصبي . قال : وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم . وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله . ويقال للعربي أفصح لي أي أبن لي كلامك . وأعرب الكلام ، وأعرب به : بينه ؛ أنشد أبو زياد :
وإني لأكني عن قذوربغيرها ، * وأعرب أحياناً ، بها ، فأصارح .
وعربه: كأعربه . وأعرب بحجته أي أفصح بها ولم يتقِّ أحداً ؛ قال الكميت : وجدنا لكم ، في آل حمِ ، آية ، * تأولها منا تقيٌّ معربُ
هكذا أنشده سيبويه كَمُكَلِّمٍ . وأورد الأزهري هذا البيت« تقي ومعرب» وقال : تقي يتوقى إظهاره ، حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ؛ ومعرب أي مفصح بالحقِّ لا يتوقاهم . وقال الجوهري : معربٌ مفصحٌ بالتفصيل ، وتقيٌّ ساكتٌ عنهُ للتقيّة . قال الأزهري : والخطاب في هذا لبني هاشم ، حين ظهروا على بني أمية ، والآية قوله عز وجل : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى . وعرب منطقه أي هذبه من اللحن . والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ . وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب . ويقال : عربت له الكلام تعريباً ، وأعربت له إعراباً إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة . وعرب الرجل (1)
(1 قوله« وعرب الرجل إلـخ »بضم الراء كفصح وزناً ومعنى وقوله وعرب إذا فصح بعد لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح . )
يعرب عرباً وعروباً ، عن ثعلب ، وعروبة وعرابة وعروبية ، كفصح . وعرب إذا فصح بعد لكنة في لسانه . ورجل عريب معرب . وعرّبه : علمه العربية . وفي حديث الحسن أنه قال له البتّيُّ : ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ فقال الحسن : إن هذا يعرب الناس ، وهو يقول رعف ، أي يعلمهم العربية
ويلحن ، إنما هو رعف . وتعريب الاسم الأعجمي : أن تتفوه به العرب على منهاجها ؛ تقول : عربته العرب ، وأعربته أيضاً ، وأعرب الأغتم ، وعرب لسانه ، بالضم ، عروبة أي صار عربياً ، وتعرب واستعرب أفصح ؛ قا ل الشاعر:
ماذا لقينا من المستعربين، ومن * قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
وأعرب الرجل أي ولد له ولد عربي اللون . وفي الحديث : لا تنقشوا في خواتمكم عربياً أي لا تنقشوا فيها محمد رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وسلم ، لأنه كان نقش خاتم النبي ، صلى اللّه عليه وسلم . ومنه حديث عمر ، رضي اللّه عنه : لا تنقشوا في خواتمكم العربية . وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن . وعربية الفرس : عتقه وسلامته من الهجنة . وأعرب: صهل ، فعرف عتقه بصهيله . والإعراب : معرفتك بالفرس العربي من الهجين ، إذا صهل . وخيل عراب معربة ، قال الكسائي : والمعرب من الخيل : الذي ليس فيه عرق
هجين ، والأنثى معربة ؛ وإبل عراب كذلك ، وقد قالوا : خيل أعرب ، وإبل أَعربٌ ؛ قال :
ما كان إلا طلقُ الإهماد ، * وكرنا بالأعرب الجياد
<ص:590>
حتى تحاجزن عن الرواد ، * تحاجز الري ولم تكاد
حول الإخبار إلى المخاطبة، ولو أراد الإخبار فاتزن له ، لقال : ولم تكد . وفي حديث سطيح : تقود خيلاً عراباً أي عربية منسوبة إلى العرب . وفرقوا بين الخيل والناس ، فقالوا في الناس : عرب وأعراب ، وفي الخيل : عراب . والإبل
العراب ، والخيل العراب ، خلاف البخاتي والبراذين . وأعرب الرجل : ملك خيلاً عراباً ، أو إبلاً عراباً ، أو اكتسبها ، فهو معرب ؛ قال الجعدي :
ويصهل في مثل جوف الطويّ ، * صهيلاً تبين للمعرب
يقول : إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي . والتعريب : أن يتخذ فرساً عربياً . ورجل معربٌ : معه فرسٌ عربيٌّ . وفرسٌ معربٌ : خلصتْ عربيتهُ وعرّب الفرسَ :
بزَّغَهُ ، وذلك أنْ تنسفَ أسفلَ حافرهُ ؛ ومعناهُ أنهُ قدْ بانَ بذلك ما كان خفيّاً من أمرهِ ، لظهورهِ إلى مرآةِ العينِ ، بعد ما كان مستوراً ، وبذلك تُعرفُ حالهُ أصلبٌ هو أم رِخْوٌ ، وصحيح هو أم سقيم . قال الأزهريُّ : والتعريبُ ، تعريبُ الفرسِ، وهو أن يكوى على أشاعر حافره ، في مواضعَ ثمَّ يُبزَغُ بمَبْزِغٍ بَزْغَاً رفيقاً ، لا يؤثر في عصبه ليشتدّ أشعره . وعرب الدابة : بزغها على أشاعرها ، ثم كواها . والإعراب والتعريب : الفحش . والتعريب ، والإعراب ، والإعرابة ، والعرابة ، بالفتح والكسر: ما قبح من الكلام . وأعرب الرجل :تكلم بالفحش . وقال ابن عباس في قوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ؛ هو العرابة في كلام العرب . قال : والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب ، وهو ما قبح من الكلام . يقال منه : عربت وأعربت . ومنه حديث عطاء : أنه كره الإعراب للمحرم ، وهو الإفحاش في القول ، والرفث . ويقال : أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام . وفي حديث ابن الزبير :لا تحل العرابة للمحرم . وفي الحديث : أن رجلاً من المشركين كان يسب النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له رجل من المسلمين : واللّه لتكفنَّ عن شتمه أو لأرحلنَّك بسيفي هذا ، فلم يزدد إلا استعراضاً ، فحمل عليه فضربه ، وتعاوى عليه المشركون فقتلوه . الإستعراب : الإفحاش في القول . وقال رؤبة يصف نساء : جمعن العفاف عند الغرباء ، والإعراب عند الأزواج ؛ وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع ؛ فقال :
والعرب في عفافة وإعراب
وهذا كقولهم : خير النساء المتبذلة لزوجها ، الخفرة في قومها . وعرب عليه : قبح قوله وفعله وغيره عليه ورده عليه . والإعراب كالتعريب . والإعراب : ردك الرجل عن القبيح . وعرب عليه : منعه . وأما حديث عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه : ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ، أنْ لا تعربوا عليه ؛ فليس من التعريب الذي جاء في الخبر ، وإنما هو من قولك : عربت على الرجل قوله إذا قبحت عليه . وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله : أن لا تعربوا عليه ، معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه
وتقبحوه ؛ ومنه قول أوس ابن حجر :
ومثل ابن عثمٍ إنْ ذحولٌ تذكرت، * وقتلى تياس ،عن
صلاح ،تعرب
ويروى يعرب ؛يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ، ولم نثئر بهم ، ولم نقتل الثأر ، إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا
عنها . والصلاح : المصالحة . ابن الأعرابي : التعريب التبيين والإيضاح ، في قوله : الثيب تعرب عن نفسها ، أي ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار ، والرد عليه ، ولا تستأثروا . قال : والتعريب المنع والإنكار ، في قوله أن لا تعربوا أي لا تمنعوا . وكذلك قوله عن صلاح تعرب أي تمنع . وقيل : الفحش والتقبيح ، من عرب الجرح مصعب أبو عمار
لعن: أَبيتَ اللَّعْنَ: كلمةٌ كانت العرب تُحَيِّي بها مُلوكها في
الجاهلية، تقول للملِك: أَبَيْتَ اللَّعْنَ؛ معناه أَبيْتَ أَيُّها الملِك أَن
تأْتي ما تُلْعَنُ عليه. واللَّعْنُ: الإِبْعادُ والطَّرْد من الخير،
وقيل: الطَّرْد والإِبعادُ من الله، ومن الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء،
واللَّعْنةُ الاسم، والجمع لِعانٌ ولَعَناتٌ. ولَعَنه يَلْعَنه لَعْناً:
طَرَدَه وأَبعده. ورجل لَعِينٌ ومَلْعُونٌ، والجمع مَلاعِين؛ عن سيبويه، قال:
إِنما أَذكُرُ
(* قوله «قال إنما اذكر إلخ» القائل هو ابن سيده وعبارته
عن سيبويه: قال ابن سيده إنما إلخ) . مثل هذا الجمع لأَن حكم مثل هذا
أَن يُجْمَع بالواو والنون في المذكر، وبالأَلف والتاء في المؤنث، لكنهم
كَسَّرُوه تشبيهاً بما جاء من الأَسماء على هذا الوزن. وقوله تعالى: بل
لعَنَهم الله بكُفرهم؛ أَي أَبعَدهم. وقوله تعالى: ويَلْعَنُهم
اللاَّعِنُون؛ قال ابن عباس: اللاَّعِنُونَ كلُّ شيء في الأَرض إِلا الثَّقَلَيْن،
ويروى عن ابن مسعود أَنه قال: اللاَّعِنون الاثنان إِذا تَلاعَنَا لَحِقَتِ
اللعْنة بمُسْتَحِقها منهما، فإِن لم يَسْتَحقها واحدٌ رَجَعت على
اليهود، وقيل: اللاَّعِنُون كلُّ من آمن بالله من الإِنس والجن والملائكة.
واللِّعَانُ والمُلاعَنة: اللَّعْنُ بين اثنين فصاعداً. واللُّعَنة: الكثير
اللَّعْن للناس. واللُّعْنة: الذي لا يزال يُلْعَنُ لشَرارته، والأَوّل
فاعل، وهو اللُّعَنة، والثاني مفعول، وهو اللُّعْنة، وجمعه اللُّعَن؛ قال:
والضَّيْفَ أَكْرِمْه، فإِنَّ مَبِيتَه
حَقٌّ، ولا تَكُ لُعْنَةً للنُّزَّلِ
ويطرد عليهما باب. وحكى اللحياني: لا تَكُ لُعْنةً على أَهل بيتك أَي لا
يُسَبَّنَّ أَهل بيتك بسببك. وامرأَة لَعِين، بغير هاء، فإِذا لم تذكر
الموصوفة فبالهاء. واللَّعِين: الذي يَلْعَنه كل أَحد. قال الأَزهري:
اللَّعِينُ المَشْتُوم المُسَبَّبُ، واللَّعِينُ: المَطْرود؛ قال
الشماخ:ذَعَرْتُ به القَطَا، ونَفَيْتُ عنه
مَقامَ الذئبِ، كالرَّجُلِ اللَّعينِ
أَراد مقام الذئب اللَّعِين الطَّرِيد كالرجل؛ ويقال: أَراد مقام الذي
هو كالرجل اللعين، وهو المَنْفِيّ، والرجل اللعين لا يزال مُنْتَبِذاً عن
الناس، شبَّه الذئبَ به. وكلُّ من لعنه الله فقد أَبعده عن رحمته واستحق
العذابَ فصار هالكاً. واللَّعْنُ: التعذيب، ومن أَبعده الله لم تلحقه
رحمته وخُلِّدَ في العذاب. واللعينُ: الشيطان، صفة غالبة لأَنه طرد من
السماء، وقيل: لأَنه أُبْعِدَ من رحمة الله. واللَّعْنَة: الدعاء عليه. وحكى
اللحياني: أَصابته لَعْنَةٌ من السماء ولُعْنَةٌ. والْتَعَنَ الرجلُ:
أَنصف في الدعاء على نفسه. ورجل مُلَعَّنٌ إِذا كان يُلْعَنُ كثيراً. قال
الليث: المُلَعَّنُ المُعَذَّبُ؛ وبيت زهير يدل على غير ما قال الليث:
ومُرَهَّقُ الضِّيفانِ، يُحْمَدُ في الـ
ـلأْواءٍ، غيرُ مَلَعَّن القِدْرِ
أَراد: أَن قدره لا تُلْعن لأَنه يكثر لحمها وشحمها. وتَلاعَنَ القومُ:
لَعَنَ بعضهم بعضاً. ولاعَنَ امرأَته في الحُكم مُلاعنة ولِعاناً،
ولاعَنَ الحاكمُ بينهما لِعاناً: حكم. والمُلاعَنَة بين الزوجين إِذا قَذَفَ
الرجلُ امرأَته أَو رماها برجل أَنه زنى بها، فالإمام يُلاعِنُ بينهما
ويبدأُ بالرجل ويَقِفُه حتى يقول: أَشهد بالله أَنها زنت بفلان، وإِنه لصادق
فيما رماها به، فإِذا قال ذلك أَربع مرات قال في الخامسة: وعليه لعنة
الله إِن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثم تُقامُ المرأَة فتقول أَيضاً
أَربع مرات: أَشهد بالله أَنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، ثم
تقول في الخامسة: وعليَّ غَضَبُ الله إِن كان من الصادقين؛ فإِذا فرغت من
ذلك بانت منه ولم تحل له أَبداً، وإِن كانت حاملاً فجاءت بولد فهو ولدها
ولا يلحق بالزوج، لأَن السُّنَّة نَفته عنه، سمي ذلك كله لِعاناً لقول
الزوج: عليه لَعْنة الله إِن كان من الكاذبين، وقول المرأَة: عليها غضب الله
إِن كان من الصادقين؛ وجائز أَن يقال للزوجين إِذا فعلا ذلك: قد تَلاعنا
ولاعَنا والْتَعنا، وجائز أَن يقال للزوج: قد الْتَعَنَ ولم تَلْتَعِنِ
المرأَةُ، وقد الْتَعَنتْ هي ولم يَلْتَعِنِ الزوجُ. وفي الحديث:
فالْتَعَنَ هو، افتعل من اللَّعْن، أَي لَعَنَ نفسه. والتَّلاعُنُ: كالتَّشاتُم
في اللفظ، غير أَن التشاتم يستعمل في وقوع فعل كل واحد منهما بصاحبه،
والتَّلاعُن ربما استعمل في فعل أَحدهما. والتَّلاعُن: أَن يقع فعل كل واحد
منهما بنفسه. واللَّعْنَة في القرآن: العذابُ. ولَعَنه الله يَلْعَنه
لَعْناً: عذبه. وقوله تعالى: والشجرةَ المَلْعونة في القرآن؛ قال ثعلب: يعني
شجرة الزَّقُّوم، قيل: أَراد المَلْعُون آكلُها. واللَّعِينُ:
المَمْسُوخ. وقال الفراء: اللَّعْنُ المَسْخُ أَيضاً. قال الله عز وجل: أَو
نَلْعَنَهم كما لَعَنَّا أَصحاب السَّبْت، أَي نَمْسَخَهم. قال: واللَّعينُ
المُخْزَى المُهْلَك. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول فلان يَتلاعَنُ علينا
إِذا كان يتَماجَنُ ولا يَرْتَدِعُ عن سَوْءٍ ويفعل ما يستحِقّ به
اللَّعْنَ. والمُلاعَنة واللِّعانُ: المُباهَلَةُ.
والمَلاعِنُ: مواضع التَّبَرُّز وقضاء الحاجة. والمَلْعَنة: قارعة
الطريق ومَنْزِل الناس. وفي الحديث: اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا
النَّبْلَ؛ المَلاعِنُ: جَوَادُّ الطريق وظِلالُ الشجر ينزِلُها الناسُ، نَهَى أَن
يُتَغوَّطَ تحتها فتتَأَذَّى السّابلة بأَقذارها ويَلْعَنُون من جَلَسَ
للغائط عليها. قال ابن الأَثير: وفي الحديث اتَّقُوا المَلاعِنَ الثلاثَ؛
قال: هي جمع مَلْعَنة، وهي الفَعْلة التي يُلْعَنُ بها فاعلها كأَنها
مَظِنَّة للَّعْنِ ومحلٌّ له، وهو أَن يتَغوَّط الإِنسان على قارعة الطريق
أَو ظل الشجرة أَو جانب النهر، فإِذا مر بها الناس لعنوا فاعله. وفي
الحديث: اتقوا اللاَّعِنَيْن أَي الأَمرين الجالبين اللَّعْنَ الباعِثَيْن
للناسِ عليه، فإِنه سبب لِلَعْنِ من فعله في هذه المواضع، وليس ذا في كل
ظلٍّ، وإِنما هو الظل الذي يستظل به الناس ويتخذونه مَقِيلاً ومُناخاً،
واللاعِن اسم فاعل من لَعَنَ، فسميت هذه الأَماكنُ لاعِنةً لأَنها سبب
اللَّعْن. وفي الحديث: ثلاثٌ لَعِيناتٌ؛ اللَّعِينة: اسم المَلْعون
كالرَّهِينة في المَرْهُون، أَو هي بمعنى اللَّعْن كالشَّتِيمةِ من الشَّتْم، ولا
بُدَّ على هذا الثاني من تقدير مضاف محذوف. ومنه حديثُ المرأَة التي
لَعَنَتْ ناقَتها في السفر فقال: ضَعُوا عنها فإِنها مَلْعُونة؛ قيل؛ إِنما
فعل ذلك لأَنه استجيب دعاؤُها فيها، وقيل: فعَلهُ عُقوبةً لصاحبتها لئلا
تعود إِلى مثلها وليعتبر بها غيرها. واللَّعِينُ: ما يُتخذ في المزارع
كهيئة الرجل أَو الخيال تُذْعَرُ
به السباعُ والطيور. قال الجوهري: والرجل اللَّعِينُ شيء يُنْصَبُ وسَطَ
الزرع تُسْتَطْرَدُ به الوحوش، وأَنشد بيت الشماخ: كالرجل اللَّعِين؛
قال شمر: أَقْرَأَنا ابنُ الأَعرابي لعنترة:
هل تُبْلِغَنِّي دارَها شَدَنِيَّةٌ،
لُعِنَتْ بمحرومِ الشَّرابِ مُصرَّمِ
وفسره فقال: سُبَّتْ بذلك فقيل أَخزاها الله فما لها دَرٌّ ولا بها لبن،
قال: ورواه أَبو عدنان عن الأَصمعي: لُعِنَتْ لمحروم الشراب، وقال: يريد
بقوله لمحروم الشراب أَي قُذِفَت بضرع لا لبن فيه مُصَرَّم. واللَّعِينُ
المِنْقَرِيّ
(* قوله «واللعين المنقري إلخ» اسمه منازل بضم الميم وكسر
الزاي ابن زمعة محركاً وكنيته أبو الا كيدر اه. تكملة): من فُرسانهم
وشُعرائهم.
فأل: الفأْل: ضد الطِّيَرَة، والجمع فُؤول، وقال الجوهري: الجمع
أَفْؤُل، وأَنشد للكميت:
ولا أَسْأَلُ الطَّيرَ عما تقول،
ولا تَتَخالَجُني الأَفْؤُل
وتَفاءلْت به وتفأْل به؛ قال ابن الأَثير: يقال تَفاءلْت بكذا وتفأْلت،
على التخفيف والقلْب، قال: وقد أُولع الناس بترك همزه تخفيفاً. والفَأْل:
أَن يكون الرجل مريضاً فيسمع آخر يقول يا سالِمُ، أَو يكون طالِبَ
ضالَّة فيسمع آخر يقول يا واجِد، فيقول: تَفاءلْت بكذا، ويتوجه له في ظنِّه
كما سمع أَنه يبرأُ من مرضه أَو يجد ضالَّته. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، كان يحبُّ الفَأْل ويكره الطِّيَرَة؛ والطِّيَرَة: ضد الفَأْل،
وهي فيما يكره كالفَأْل فيما يستحَب، والطِّيرَة لا تكون إِلا فيما
يسوء، والفَأْل يكون فيما يحسُن وفيما يسوء. قال أَبو منصور: من العرب من
يجعل الفَأْل فيما يكرَه أَيضاً، قال أَبو زيد: تَفاءَلْت تَفاؤُلاً، وذلك
أَن تسمع الإِنسان وأَنت تريد الحاجة يدعو يا سعيد يا أَفْلَح أَو يدعو
باسم قبيح، والاسم الفَأْل، مهموز، وفي نوادر الأَعراب: يقال لا فَأْل عليك
بمعنى لا ضَيْر عليك ولا طَيْر عليك ولا شر عليك، وفي الحديث عن أَنس عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا عَدْوى ولا طِيَرَة ويعجبُني
الفَأْل الصالِح، والفأْل الصالح: الكلمة الحسنة؛ قال: وهذا يدل على أَن من
الفَأْل ما يكون صالحاً ومنه ما يكون غير صالح، وإِنما أَحبَّ النبي، صلى
الله عليه وسلم، الفَأْل لأَن الناس إِذا أَمَّلوا فائدةَ الله ورجَوْا
عائدَته عند كل سبب ضعيف أَو قويٍّ فهم على خير، ولو غلِطوا في جهة الرجاء
فإِن الرجاء لهم خير، أَلا ترى أَنهم إِذا قطعوا أَملَهم ورجاءهم من الله
كان ذلك من الشرّ؟ وإِنما خَبَّر النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الفِطْرة
كيف هي وإِلى أَيِّ شيء تنقلب، فأَما الطِّيرَة فإِن فيها سوء الظنِّ
بالله وتوقُّع البلاء، ويُحَب للإِنسان أَن يكون لله تعالى راجياً، وأَن
يكون حسن الظن بربِّه، قال: والكَوادِس ما يُتطيَّر منه مثل الفَأْل
والعُطاس ونحوه. وفي الحديث أَيضاً: أَنه كان يتَفاءل ولا يتطيَّر. وفي الحديث:
قيل يا رسول الله ما الفَأْل؟ قال: الكلمة الصالحة، قال: وقد جاءت
الطِّيرَة بمعنى الجِنْس، والفَأْل بمعنى النوع؛ قال: ومنه الحديث أَصدَقُ
الطِّيرَة الفَأْل.
والافْتِئال: افْتِعال من الفَأْل؛ قال الكميت يصف خيلاً:
إِذا ما بَدَتْ تحت الخَوافِقِ، صَدَّقَتْ
بأَيمَنِ فَأْل الزاجِرين افْتِئالَها
التهذيب: تَفَيَّل إِذا سمِن كأَنه فِيل. ورجل فَيِّل اللحم: كثيره؛
قال: وبعضهم يهمزه فيقول: فَيْئِل على فَيْعِل. والفِئال، بالهمزة: لعبة
للأَعراب، وسيذكر في فيل.
مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه
وشَبَهُه بمعنى؛ قال ابن بري: الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن
المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هو
التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص، وأَما المُماثَلة فلا تكون
إِلا في المتفقين، تقول: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه
كطعمِه، فإِذا قيل: هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه،
وإِذا قيل: هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ، والعرب تقول:
هو مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم، يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن
هذا حقير. والمِثْل: الشِّبْه. يقال: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى
واحد؛ قال ابن جني: وقوله عز وجل: فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ
مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون؛ جَعَل مِثْل وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على
الفتح، وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما صفة لحقّ، فإِن قلت: فما
موضع أَنكم تنطِقون؟ قيل: هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه، فإِن قلت:
أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ،
فكيف تجوز إِضافة المبني؟ قيل: ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم
المضموم إِليه ما، فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية
زيدٍ، أَو كالأَلف والنون في سِرْحان عَمْرو، أَو كياء الإِضافة في
بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث في صحراء زُمٍّ، أَو كالأَلف والتاء في
قوله:
في غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ
وقوله تعالى: ليس كَمِثْلِه شيء؛ أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك،
لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً، تعالى الله عن ذلك؛ ونظيرُه ما
أَنشده سيبويه:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي مَقَقٌ. وقوله تعالى: فإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به؛ قال أَبو إِسحق:
إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان؟ قيل له: المعنى واضح
بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في إِيمانكم
بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم
(* قوله «وتصديقكم كتوحيدكم» هكذا في الأصل،
ولعله وبتوحيد كتوحيدكم) فقد اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم. وفي حديث
المِقْدام: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ
الكِتاب ومِثْلَه معه؛ قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل: أَحدهما
أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من
الظاهر المَتْلُوِّ، والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من البَيان
مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد
وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من
القرآن. وفي حديث المِقْدادِ: قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن
قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا
قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ
بالكلمة من أَهل النار، لا أَنه يصير كافراً بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في
إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم، فإِن قتله أَحد
بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ؛ ومنه حديث صاحب
النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه؛ قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي
هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله، فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه
إِياه وأَنه ظالم له، فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم
قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً. وفي حديث
الزكاة: أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها؛ قيل: إِنه كان
أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن فلذلك قال ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز
للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: فإِنها عَليَّ
ومثلُها معها، قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين، فلذلك قال
عَليَّ. وفي حديث السَّرِقة: فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه؛ هذا على سبيل
الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلاّ فلا واجبَ
على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ
العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ، وكذلك قوله: في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها
ومثلُها معها؛ قال ابن الأَثير: وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل
من الوعيد وقد كان عمر، رضي الله عنه، يحكُم به، وإِليه ذهب أَحمدُ
وخالفه عامَّة الفقهاء. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، والجمع أَمْثالٌ،
وهما يَتَماثَلانِ؛ وقولهم: فلان مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ
لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه، وقيل: معناه مُسْتَراد
مِثْله أَو مِثْلها، واللام زائدة: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وقوله عز وجل:
ولله المَثَلُ الأَعْلى؛ جاء في التفسير: أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله
وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وهي
الأَمثال؛ قال ابن سيده: وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به
وتَمَثَّله؛ قال جرير:
والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،
حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا
على أَن هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل.
وامْتَثَل القومَ وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد
بيتاً ثم آخَر ثم آخَر، وهي الأُمْثولةُ، وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ
بمعنى. والمَثَلُ: الشيء الذي يُضرَب لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه، وفي
الصحاح: ما يُضرَب به من الأَمْثال. قال الجوهري: ومَثَلُ الشيء أَيضاً صفته.
قال ابن سيده: وقوله عز من قائل: مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون؛
قال الليث: مَثَلُها هو الخبر عنها، وقال أَبو إِسحق: معناه صِفة الجنة،
وردّ ذلك أَبو علي، قال: لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب،
إِنما معناه التَّمْثِيل. قال عمر بن أَبي خليفة: سمعت مُقاتِلاً صاحبَ
التفسير يسأَل أَبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل، مَثَل الجنة: ما
مَثَلُها؟ فقال: فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ، قال: ما مثلها؟ فسكت
أَبو عمرو، قال: فسأَلت يونس عنها فقال: مَثَلُها صفتها؛ قال محمد ابن سلام:
ومثل ذلك قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي
صِفَتُهم. قال أَبو منصور: ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس، وأَما جواب أَبي
عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ،
ثم تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه، فإِن أَبا عمرو
أَجابه جواباً مُقْنِعاً، ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف
من غلظ فهمه، وذلك أَن قوله تعالى: مَثَل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إِن
الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها
الأَنهار؛ وَصَفَ تلك الجناتِ فقال: مَثَلُ الجنة التي وصفْتُها، وذلك مِثْل
قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي ذلك صفةُ محمدٍ،
صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه في التوراة، ثم أَعلمهم أَن صفتهم في
الإِنجيل كَزَرْعٍ. قال أَبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وُعِد
المتقون، قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:
التقدير فيما يتلى عليكم مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومَنْ قال إِن
معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن مَثَل لا يوضع في موضع صفة، إِنما يقال
صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. ويقال: مَثَلُ زيد مثَلُ فلان، إِنما
المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ.
ويقال: تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً. وفي
التنزيل العزيز: يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له؛ وذلك
أَنهم عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به
حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال: إِنَّ
الذين تَعْبُدون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً؛ يقول: كيف تكونُ هذه
الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ
ولو اجتمعوا كلُّهم له، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم
يخلِّصوا المَسْلوبَ منه، ثم قال: ضَعُفَ الطالِبُ والمَطْلوبُ؛ وقد يكون
المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ؛ ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سَلَفاً ومَثَلاً
للآخرين، فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم
الغابِرُون، ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون، ويكون المَثَلُ
بمعنى الآيةِ؛ قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام: وجعلناه مَثَلاً لبني إِسرائيل؛ أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه.
وأَما قوله عز وجل: ولَمَّا ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون؛
جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه
وسلم، فلما قيل لهم: إِنكم وما تعبُدون من دون الله حَصَبُ جهنم، قالوا: قد
رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين عُبِدوا من دون
الله، فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى. والمِثالُ: المقدارُ وهو من
الشِّبْه، والمثل: ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه، والجمع
المُثُل وثلاثة أَمْثِلةٍ، ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف.
والمِثال: القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله. أَبو حنيفة: المِثالُ
قالَِب يُدْخَل عَيْنَ النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى
يَنْبَسِطا، والجمع أَمْثِلةٌ.
وتَماثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل
المَنْهوك، وقيل: إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه
هَمَّ بالنُّهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضوان الله
عليهما: فَحَنَتْ له قِسِيَّها وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً
لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وهو افتَعل من المُثْلةِ.
ويقال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل صفة
للإِقبال. قال أَبو منصور: معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي
أَحسن حالاً من حالةٍ كانت قبلها، وهو من قولهم: هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل
قومه. الجوهري: فلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء
أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم.
وقد مَثُل الرجل، بالضم، مَثالةً أَي صار فاضِلاً؛ قال ابن بري:
المَثالةُ حسنُ الحال؛ ومنه قولهم: زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً،
والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قال: ويروى كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ
رَعالةً.والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وهو من أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يقال:
فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه، قال الإِيادي: وسئل أَبو الهيثم عن
مالك قال للرجل: ائتني بقومك، فقال: إِن قومي مُثُلٌ؛ قال أَبو الهيثم:
يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد. والطريقة المُثْلى: التي هي أَشبه
بالحق. وقوله تعالى: إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً؛ معناه أَعْدَلُهم
وأَشْبهُهم بأَهل الحق؛ وقال الزجاج: أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول.
وقوله تعالى حكاية عن فرعون أَنه قال: ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى؛ قال
الأَخفش: المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وقال
أَبو إِسحق: معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق أَن يقال هو أَمثل قومه؛
وقال الفراء: المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء الحُسْنى وهو نعت
للطريقة وهم الرجال الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث الطريقة.
وقال ابن شميل: قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك،
لأَنك تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس، ولا يكون ذلك في مَثَل.
والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت: كُلُّنا مَثِيل؛
حكاه ثعلب، قال: وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم؟ قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول
كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل. وفي الحديث: أَشدُّ الناس بَلاءً
الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى
فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة. يقال: هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ
وأَدنَى إِلى الخير. وأَماثِلُ الناس: خيارُهم. وفي حديث التَّراويح: قال عمر
لو جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب.
وفي الحديث: أَنه قال بعد وقعةِ بَدْر: لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى
سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل؛ قال الزمخشري: معناه اعتادت
واستأْنستْ بالأَماثِل. وماثَلَ الشيءَ: شابهه.
والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع التَّماثيل. ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره
حتى كأَنه ينظر إِليه. وامْتَثله هو: تصوَّره. والمِثالُ: معروف، والجمع
أَمْثِلة ومُثُل. ومَثَّلت له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة
بكتابة وغيرها. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي
مصوِّر. يقال: مَثَّلْت، بالتثقيل والتخفيف، إِذا صوَّرت مِثالاً.
والتِّمْثالُ: الاسم منه، وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه. ومَثَّل الشيء بالشيء:
سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه. ومنه الحديث: رأَيت الجنةَ
والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ ومنه
الحديث: لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل
تصويره، وقيل: هو من المُثْلة. والتِّمْثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً
بخلق من خلق الله، وجمعه التَّماثيل، وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء
إِذا قدَّرته على قدره، ويكون تَمْثيل الشيء بالشيء تشبيهاً به، واسم ذلك
الممثَّل تِمْثال.
وأَما التَّمْثال، بفتح التاء، فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً.
ويقال: امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت حَذْوَه وسلكت طريقته. ابن
سيده: وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها.
ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومَثُل بين يديه
مُثُولاً أَي انتصب قائماً؛ ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ. وفي
الحديث: مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس؛ يقال: مَثُل الرجل يَمْثُل
مُثولاً إِذا انتصب قائماً، وإِنما نهى عنه لأَنه من زِيِّ الأَعاجم، ولأَن
الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس؛ ومنه الحديث: فقام النبي، صلى الله
عليه وسلم، مُمْثِلاً؛ يروى بكسر الثاء وفتحها، أَي منتصباً قائماً؛ قال
ابن الأَثير: هكذا شرح، قال: وفيه نظر من جهة التصريف، وفي رواية:
فَمَثَلَ قائماً. والمَاثِلُ: القائم. والماثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَل:
لَطِئَ بالأَرض، وهو من الأَضداد؛ قال زهير:
تَحَمَّلَ منها أَهْلُها، وخَلَتْ لها
رُسومٌ، فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ
والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والماثلُ: الرُّسومُ؛ وقال زهير أَيضاً في
الماثِل المُنْتَصِبِ:
يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّرُ
وقول لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ
فسَّره المفسِّر فقال: المَثَلُ الماثِلُ؛ قال ابن سيده: ووجهه عندي
أَنه وضع المَثَلَ موضع المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام
المضاف إِليه مقامه؛ ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب
وخادِم وخَدَم وموضع الكاف الزيادة، كما قال رؤبة:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي فيها مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُل: زال عن موضعه؛ قال أَبو خِراش
الهذلي:يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ لِما يَرى،
فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ
(* قوله «يقربه النهض إلخ» تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما
هنا).أَبو عمرو: كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب. والماثِلُ: الدارِس، وقد
مَثَل مُثولاً.
وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:
رَبَاعٍ لها، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عنده،
خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها
ومَثَلَ بالرجل يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
ومَثَّل، كلاهما: نكَّل به، وهي المَثُلَة والمُثْلة، وقوله تعالى: وقد
خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ؛ قال الزجاج: الضمة فيها عِوَض من الحذف، وردّ
ذلك أَبو علي وقال: هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات. الجوهري:
المَثُلة، بفتح الميم وضم الثاء، العقوبة، والجمع المَثُلات. التهذيب: وقوله
تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات؛ يقول:
يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به، وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا
بالأُمَمِ الخالية فلم يعتبروا بهم، والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه
ومُثْلة فمن قال مَثُله جمعها على مَثُلات، ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات
ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثاء، يقول: يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون
العذاب في قولهم: فأَمطر علينا حجارةً من السماء؛ وقد تقدم من العذاب ما
هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ من
المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً.
ويقال: امْتَثَل فلان من القوم، وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم، يكون
جمع أَمْثالٍ ويكون جمع الأَمْثَلِ.
وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّل بالدوابِّ
وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع
أَطرافها وهي حَيَّة. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُثْلة. يقال: مَثَلْت
بالحيوان أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به، ومَثَلْت
بالقتيل إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه،
والاسم المُثلة، فأَما مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالغة. ومَثَلَ بالقتيل:
جَدَعه، وأَمْثَله: جعله مُثْلة. وفي الحديث: من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له
عند الله خَلاق يوم القيامة؛ مُثْلة الشَّعَر: حَلْقُه من الخُدُودِ، وقيل:
نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وروي عن طاووس أَنه قال: جعله الله
طُهْرةً فجعله نَكالاً.
وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَل منه: اقتصَّ؛ قال:
إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ،
نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم
وتَمَثَّل منه: كامْتَثَل. يقال: امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي
اقتصصت منه؛ ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأُتن:
خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها
أَي ما يُراد أَن يُقْتَصَّ منها، هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من
ذلك. ويقول الرجل للحاكم: أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي
أَقِصَّني منه، وقد أَمْثَله الحاكم منه. قال أَبو زيد: والمِثالُ القِصاص؛
قال: يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه إِقْصاصاً بمعنى، والاسم
المِثالُ والقِصاصُ. وفي حديث سُويد بن مقرّن: قال ابنُه معاوية لَطَمْتُ
مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه، وفي رواية: امْتَثِل،
فعَفا، أَي اقتصَّ منه. يقال: أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه.
وقالوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،
يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا،
وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا
عنى بالتَّلاتِل الشدائد. والمِثالُ: الفِراش، وجمعه مُثُل، وإِن شئت
خفَّفت. وفي الحديث: أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش
خَلَق. وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي
قالت: زوَّج علي بن أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما
مِثالَيْن، قال جرير: قلت لمُغيرة ما مِثالان؟ قال: نَمَطان، والنّمَطُ ما
يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة؛ وقوله: وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي
فِراش خلَق؛ قال الأَعشى:
بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما
يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا
وفي حديث عكرمة: أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله؛
هي جمع مِثال وهو الفِراش. والمِثالُ: حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ
على خِلْقة السِّمَة سواء، فيجعل فيه طرف العمود أَو المُلْمُول
المُضَهَّب، فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى يَدخل المِثال فيه فيكون
مِثْله.
والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً ولذلك سميت أَمْثالاً
وهي من البَصرة على ليلتين. والمِثْل: موضع
(* قوله «والمثل موضع» هكذا
ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم) ؛
قال مالك بن الرَّيْب:
أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،
رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا؟
بطن: البَطْنُ من الإنسان وسائِر الحيوان: معروفٌ خلاف الظَّهْر،
مذكَّر، وحكى أَبو عبيدة أَن تأْنيثه لغةٌ؛ قال ابن بري: شاهدُ التذكير فيه
قولُ ميّةَ بنتِ ضِرار:
يَطْوي، إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه،
بَطْناً، من الزادِ الخبيثِ، خَميصا
وقد ذَكرْنا في ترجمة ظهر في حرف الراء وجهَ الرفع والنصب فيما حكاه
سيبويه من قولِ العرب: ضُرِبَ عبدُ الله بَطْنُه وظهرُه، وضُرِبَ زيدٌ
البطنُ والظهرُ. وجمعُ البَطْنِ أَبطُنٌ وبُطُونٌ وبُطْنانٌ؛ التهذيب: وهي
ثلاثةُ أَبْطُنٍ إلى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرة لِما فوْقَ العَشْرِ، وتصغيرُ
البَطْنِ بُطَيْنٌ. والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْنِ من الطعام، وهي
الأَشَرُ من كَثْرةِ المال أَيضاً. بَطِنَ يَبْطَنُ بَطَناً وبِطْنةً وبَطُنَ
وهو بَطينٌ، وذلك إذا عَظُمَ بطْنُه. ويقال: ثَقُلَتْ عليه البِطْنةُ، وهي
الكِظَّة، وهي أَن يَمْتلِئَ من الطعام امتلاءً شديداً. ويقال: ليس
للبِطْنةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تَتْبَعُها؛ أَراد بالخَمْصَة الجوعَ. ومن
أَمثالهم: البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنةَ؛ ومنه قول الشاعر:
يا بَني المُنْذرِ بن عَبْدانَ، والبِطـ
ـنةُ ممّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما
ويقال: مات فلانٌ بالبَطَنِ. الجوهري: وبُطِنَ الرجلُ، على ما لم يسمَّ
فاعله، اشْتَكَى بَطْنَه. وبَطِن، بالكسر، يَبْطَن بَطَناً: عَظُم
بَطْنُه من الشِّبَعِ؛ قال القُلاخ:
ولم تَضَعْ أَولادَها من البَطَنْ،
ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ
والغَدَنُ: الإسْتِرخاءُ والفَتْرة. وفي الحديث: المَبْطونُ شهيدٌ أَي
الذي يموتُ بمَرَض بَطْنه كالاسْتِسْقاء ونحوه؛ ومنه الحديث: أَنَّ
امرأَةً ماتت في بَطَن، وقيل: أَراد به ههنا النِّفاسَ، قال: وهو أَظهر لأَن
البخاريّ ترْجَم عليه باب الصلاة على النُّفَساء. وقوله في الحديث: تَغْدُو
خِماصاً وتَرُوحُ بِطاناً أَي ممتَلِئةَ البُطونِ. وفي حديث موسى
وشعيبٍ، على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام، وعَوْد غَنَمِه: حُفَّلاً بِطاناً؛
ومنه حديث عليّ، عليه السلام: أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى؛
المِبْطان: الكثيرُ الأَكل والعظيمُ البطنِ. وفي صفة علي، عليه السلام:
البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيمُ البطْنِ. ورجلٌ بَطِنٌ: لا هَمَّ له
إلاَّ بَطْنُه، وقيل: هو الرَّغيب الذي لا تَنْتَهِي نفسُه من الأَكل،
وقيل: هو الذي لا يَزَالُ عظيمَ البَطْنِ من كثرةِ الأَكل، وقالوا: كِيسٌ
بَطينٌ أَي مَلآنُ، على المَثَل؛ أَنشد ثعلبٌ لبعض اللُّصوص:
فأَصْدَرْتُ منها عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ،
وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطينِ
ورجل مِبْطانٌ: كثيرُ الأَكل لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه، وبَطينٌ: عظيمُ
البَطْنِ، ومُبَطَّنٌ: ضامِر البَطْنِ خَميصُه، قال: وهذا على السَّلْب
كأَنه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه، والأُنثى مُبَطَّنةٌ، ومَبْطونٌ:
يَشْتَكي بَطْنَه؛ قال ذو الرمة:
رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّنات،
جَواعِل في البُرَى قَصَباً خِدالا
ومن أَمثالهم: الذئب يُغْبَط بِذي بَطْنه؛ قال أَبو عبيد: وذلك أَنه لا
يُظَنُّ به أَبداً الجوع إنما يُظَنّ به البِطْنةُ لِعَدْوِه على الناس
والماشِيَةِ، ولعلَّه يكونُ مَجْهوداً من الجوع؛ وأَنشد:
ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُه،
ويُغْبَطُ ما في بَطْنه وهْو جائعُ
وفي صفة عيسى، على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام: فإذا رجُل
مُبَطَّنٌ مثلُ السَّيف؛ المُبَطَّنُ: الضامِرُ البَطْن، ويقال للذي لا يَزالُ
ضَخْمَ البطنِ من كثرة الأَكل مِبْطانٌ، فإذا قالوا رَجُلٌ مُبَطَّنٌ
فمعناه أَنه خَميص البَطْن؛ قال مُتمّم بن نُوَيرة:
فَتىً غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أَرْوعا
ومن أَمثال العرب التي تُضْرَب للأَمر إذا اشتدّ: التَقَتْ حَلْقَتا
البِطانِ، وأَما قول الراعي يصف إبلاً وحالبها:
إذا سُرِّحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلفَها،
بمَيْثاءَ، مِبْطان الضُّحى غير أَرْوعا
مِبْطانُ الضُّحى: يعني راعياً يُبادِر الصَّبوح فيشرَبُ حتى يَميلَ من
اللَّبَن. والبَطينُ: الذي لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه. والمَبْطُونُ:
العَليل البَطْنِ. والمِبْطانُ: الذي لا يزالُ ضخْمَ البطنِ. والبَطَنُ: داءُ
البَطْن. ويقال: بَطَنَه الداءُ وهو يَبْطُنُه، إذا دَخَله، بُطوناً.
ورجل مَبْطونٌ: يَشْتَكي بَطْنَه. وفي حديث عطاء: بَطَنتْ بك الحُمَّى أَي
أَثَّرَت في باطنك. يقال: بَطَنَه الداءُ يبطُنه. وفي الحديث: رجل
ارْتَبَطَ فرَساً لِيَسْتبْطِنَها أَي يَطْلُبَ ما في بطنها من النِّتاج.
وبَطَنَه يبْطُنُه بَطْناً وبَطَنَ له، كِلاهما: ضرَب بَطْنَه. وضرَب فلانٌ
البعيرَ فبَطَنَ له إذا ضرَب له تحت البَطْن؛ قال الشاعر:
إذا ضرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْ،
تحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ،
فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ
أَراد فابطُنْه فزاد لاماً، وقيل: بَطَنَه وبَطَن له مثل شَكَره
وشَكَرَ له ونصَحَه ونصحَ له، قال ابن بري: وإنما أَسكن النون للإدغام في
اللام؛ يقول: إذا ضربت بعيراً مُوقَراً بحِمْله فاضْرِبْه في موضع لا يَضُرُّ
به الضربُ، فإنّ ضرْبَه في ذلك الموضع من بطْنه خير له من غيره. وأَلقَى
الرجلُ ذا بَطْنه: كناية عن الرَّجيع. وأَلْقَت الدَّجاجةُ ذا بَطْنِها:
يعني مَزْقَها إذا باضت. ونثرَت المرأَةُ بَطْنَها ولداً: كَثُر ولدُها.
وأَلقت المرأَةُ ذا بطنِها أَي وَلَدَت. وفي حديث القاسم بن أَبي
بَرَّةَ: أَمَرَ بعشَرَةٍ من الطَّهارة: الخِتانِ والاستِحدادِ وغَسْلِ
البَطِنةِ ونَتْفِ الإبْطِ وتقليم الأَظفار وقصِّ الشارب والاستِنْثار؛ قال
بعضهم: البَطِنة هي الدبُر، هكذا رواها بَطِنة، بفتح الباء وكسر الطاء؛ قال
شمر: والانتِضاحُ
(* قوله «والانتضاح» هكذا بدون ذكره في الحديث).
الاسْتِنجاءُ بالماء. والبَطْنُ: دون القبيلة، وقيل: هو دون الفَخِذِ وفوق
العِمارة، مُذَكَّر، والجمع أَبْطُنٌ وبُطُونٌ. وفي حديث علي، عليه السلام:
كَتَب على كلِّ بطْنٍ عُقولَه؛ قال: البَطْنُ ما دون القبيلة وفوق الفخِذ،
أَي كَتَب عليهم ما تَغْرَمُه العاقلة من الدِّيات فبَيَّن ما على كل قوم
منها؛ فأَما قوله:
وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ،
وأَنتَ بريءٌ من قبَائِلِها العَشْر
فإنه أَنّث على معنى القبيلة وأَبانَ ذلك بقوله من قبائلها العشر. وفرسٌ
مُبَطَّنٌ: أَبيضُ البَطْنِ والظهر كالثوب المُبطَّن ولَوْنُ سائرِه ما
كان. والبَطْنُ من كل شيء: جَوْفُه، والجمع كالجمع. وفي صفة القرآن
العزيز: لكل آية منها ظَهْرٌ وبطْن؛ أَراد بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ بيانُه،
وبالبَطْن ما احتيج إلى تفسيره كالباطِن خلاف الظاهر، والجمع بَواطِنُ؛
وقوله:وسُفْعاً ضِياهُنَّ الوَقودُ فأَصْبَحَت
ظواهِرُها سُوداً، وباطِنُها حُمْرا
أَراد: وبواطِنُها حُمْراً فوَضع الواحدَ موضعَ الجمع، ولذلك استَجاز
أَن يقول حُمْراً، وقد بَطُنَ يَبْطُنُ. والباطِنُ: من أَسماء الله عز وجل.
وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّلُ والآخِرُ والظاهر والباطن؛ وتأْويلُه
ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في تَمْجيد الربّ: اللهمّ أَنتَ
الظاهِر فليس فوقَك شيءٌ، وأَنت الباطِنُ فليس دونَك شيء، وقيل: معناه أَنه
علِمَ السرائرَ والخفيَّاتِ كما علم كلَّ ما هو ظاهرُ الخَلْقِ، وقيل:
الباطِن هو المُحْتَجِب عن أَبصار الخلائِق وأَوْهامِهم فلا يُدرِكُه بَصَر
ولا يُحيطُ به وَهْم، وقيل: هو العالمُ بكلِّ ما بَطَن. يقال: بَطَنْتُ
الأَمرَ إذا عَرَفتَ باطنَه. وقوله تعالى: وذَرُوا ظاهرَ الإثْمِ
وباطِنَه؛ فسره ثعلب فقال: ظاهرُه المُخالَّة وباطنُه الزِّنا، وهو مذكور في
موضعه. والباطِنةُ: خلافُ الظاهرة. والبِطانةُ: خلافُ الظِّهارة. وبِطانةُ
الرجل: خاصَّتُه، وفي الصحاح: بِطانةُ الرجل وَليجتُه. وأَبْطَنَه:
اتَّخَذَه بِطانةً. وأَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك. وفي الحديث:
ما بَعَثَ الله من نبيّ ولا استَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بِطانتانِ؛
بِطانةُ الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخِلةُ أَمره الذي يُشاوِرُه في أَحواله.
وقوله في حديث الاستسقاء: وجاء أَهلُ البِطانةِ يَضِجُّون؛ البِطانةُ:
الخارجُ من المدينة. والنَّعْمة الباطنةُ: الخاصَّةُ، والظاهرةُ:
العامَّةُ. ويقال: بَطْنُ الراحهِ وظَهْرُ الكَفّ. ويقال: باطنُ الإبْط، ولا يقال
بطْن الإبْط. وباطِنُ الخُفّ: الذي تَليه الرجْلُ. وفي حديث النَّخَعي:
أَنه كان يُبَطِّنُ لِحْيتَه ويأْخُذُ من جَوانِبها؛ قال شمر: معنى
يُبَطِّن لحيتَه أَي يأْخذ الشَّعَر من تحت الحَنَك والذَّقَنِ، والله أَعلم.
وأَفْرَشَني ظَهْر أَمرِه وبَطْنَه أَي سِرَّه وعلانِيَتَه، وبَطَنَ
خبرَه يَبْطُنُه، وأَفرَشَني بَطْنَ أَمره وظَهْرَه، ووَقَف على دَخْلَته.
وبَطَن فلانٌ بفلان يَبْطُنُ به بُطوناً وبطانة إذا كان خاصّاً به
داخلاًفي أَمره، وقيل: بَطَنَ به دخل في أَمره. وبَطَنتُ بفلان: صِرْتُ من
خواصِّه. وإنَّ فلاناً لذو بِطانة بفلان أَي ذو علمٍ بداخلةِ أَمره. ويقال:
أَنتَ أَبْطنْتَ فلاناً دوني أَي جَعلْتَه أَخَصَّ بك مني، وهو مُبَطَّنٌ
إذا أَدخَله في أَمره وخُصَّ به دون غيره وصار من أَهل دَخْلَتِه. وفي
التنزيل العزيز: يا أَيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا بِطانةً من دونكم؛
قال الزجاج: البِطانة الدُّخَلاء الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ؛
يقال: فلان بِطانةٌ لفلان أَي مُداخِلٌ له مُؤانِس، والمعنى أَن المؤمنين
نُهوا أَن يَتَّخِذوا المنافقين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إليهم
أَسرارَهم. ويقال: أَنت أَبْطَنُ بهذا الأَمر أَي أَخبَرُ بباطِنِه. وتبَطَّنْت
الأَمرَ: عَلِمت باطنَه. وبَطَنْت الوادي: دَخَلْته. وبَطَنْت هذا الأَمرَ:
عَرَفْت باطنَه، ومنه الباطِن في صفة الله عز وجل. والبطانةُ: السريرةُ.
وباطِنةُ الكُورة: وَسَطُها، وظاهرتُها: ما تنَحَّى منها. والباطنةُ من
البَصْرةِ والكوفة: مُجْتَمَعُ الدُّور والأَسواقِ في قَصَبتها،
والضاحيةُ: ما تنَحَّى عن المساكن وكان بارزاً. وبَطْنُ الأَرض وباطنُها: ما
غَمَض منها واطمأَنّ. والبَطْنُ من الأَرض: الغامضُ الداخلُ، والجمعُ القليل
أَبْطِنةٌ، نادرٌ، والكثير بُطْنان؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من
الأَرض واحدٌ كالبَطْن. وأَتى فلانٌ الوادي فتَبَطَّنه أَي دخل بطنَه. ابن
شميل: بُطْنانُ الأَرض ما تَوَطَّأَ في بطون الأَرض سَهْلِها وحَزْنها
ورياضها، وهي قَرار الماء ومستَنْقَعُه، وهي البواطنُ والبُطون. ويقال: أَخذ
فلانٌ باطناً من الأَرض وهي أَبطأُ جفوفاً من غيرها. وتبطَّنْتُ الوادي:
دخلْت بطْنه وجَوَّلْت فيه. وبُطْنانُ الجنة: وسَطُها. وفي الحديث: ينادي
مُنادٍ من بُطْنانُ العرش أَي من وسَطه، وقيل: من أَصله، وقيل:
البُطْنان جمع بطن، وهو الغامض من الأَرض، يريد من دواخل العرش؛ ومنه كلام علي،
عليه السلام، في الاستسقاء: تَرْوَى به القِيعانُ وتسيل به البُطْنان.
والبُطْنُ: مسايلُ الماء في الغَلْظ، واحدها باطنٌ؛ وقول مُلَيْح:
مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ من بَطِناتِه
نَوىً، مثل أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّق
قال: بَطِناتُه مَحاجُّه. والبَطْنُ: الجانب الطويلُ من الريش، والجمع
بُطْنانٌ مثل ظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ. والبَطْنُ: الشِّقُّ
الأَطولُ من الريشة، وجمعها بُطْنان. والبُطْنانُ أَيضاً من الريش: ما كان
بطنُ القُذَّة منه يَلي بطنَ الأُخرى، وقيل: البُطْنانُ ما كان من تحت
العَسيب، وظُهْرانُه ما كان فوق العسيب؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من
الريش الذي يَلي الأَرضَ إذا وقَع الطائرُ أَو سَفَعَ شيئاً أَو جَثَمَ على
بَيْضه أَو فِراخه، والظُّهارُ والظُّهْرانُ ما جُعِلَ من ظَهر عَسيب
الريشة. ويقال: راشَ سهمَه بظُهْرانٍ ولم يَرِشْه ببُطْنانٍ، لأَنَّ
ظُهْرانَ الريش أَوفَى وأَتَمُّ، وبُطْنانُ الريش قِصار، وواحدُ البُطْنانِ
بَطْنٌ، وواحدُ الظُّهْرانِ ظَهْرٌ، والعَسِيبُ قَضيبُ الريش في وسَطِه.
وأَبْطَن الرجل كَشْحَه سَيفَه ولسيفه: جعله بطانتَه. وأَبطنَ السيفَ كشْحَه
إذا جعله تحت خَصْره. وبطَّنَ ثوبَه بثوبٍ آخر: جعله تحته. وبِطانةُ
الثوب: خلافُ ظِهارته. وبطَّنَ فلان ثوبه تبطيناً: جعل له بطانةً، ولِحافٌ
مَبْطُونٌ ومُبَطَّن، وهي البِطانة والظِّهارة. قال الله عز وجل:
بَطائنُها من إسْتَبْرقٍ. وقال الفراء في قوله تعالى: مُتَّكِئِين على فُرُشٍ
بَطائنُها من إستبرقٍ؛ قال: قد تكونُ البِطانةُ ظِهارةً والظهارةُ بطانةً،
وذلك أَن كلَّ واحدٍ منها قد يكونُ وجهاً، قال: وقد تقول العربُ هذا ظهرُ
السماء وهذا بطنُ السماء لظاهرها الذي تراه. وقال غير الفراء: البِطانةُ
ما بطَنَ من الثوب وكان من شأْن الناس إخْفاؤه، والظهارة ما ظَهَرَ وكان
من شأْن الناس إبداؤه. قال: وإنما يجوز ما قال الفراء في ذي الوجهين
المتساويين إذا وَلِيَ كلُّ واحد منهما قوْماً، كحائطٍ يلي أَحد صَفْحَيْه
قوماً، والصَّفْحُ الآخرُ قوماً آخرين، فكلُّ وجهٍ من الحائط ظَهْرٌ
لمن يليه، وكلُّ واحدٍ من الوجهين ظَهْر وبَطْن، وكذلك وجْها الجبل وما
شاكلَه، فأَما الثوبُ فلا يجوز أَن تكونَ بطانتُه ظهارةً ولا ظِهارتُه
بِطانةً، ويجوز أَن يُجْعَل ما يَلينا من وجه السماء والكواكِب ظهْراً
وبطْناً، وكذلك ما يَلينا من سُقوف البيت. أَبو عبيدة: في باطِن وظِيفَيِ
الفرس أَبْطَنانِ، وهما عِرْقان اسْتَبْطَنا الذِّراعَ حتى انغَمَسا في
عَصَب الوَظيف. الجوهري: الأَبْطَنُ في ذِراع الفرسِ عِرْق في باطنها، وهما
أَبْطَنانِ. والأبْطَنانِ: عِرْقان مُسْتَبْطِنا بَواطِن وظِيفَي
الذراعَينِ حتى يَنْغَمِسا في الكَفَّين. والبِطانُ: الحزامُ الذي يَلي البَطْنَ.
والبِطانُ: حِزامُ الرَّحْل والقَتَب، وقيل: هو للبعير كالحِزام للدابة،
والجمع أَبطِنةٌ وبُطُن. وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه: شَدَّ بِطانه.
قال ابن الأَعرابي وحده: أَبْطَنْتُ البعير ولا يقال بَطَنْتُه، بغير
أَلف؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:
أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإبْطانَ حادجُه،
بالأَمسِ، فاستَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ
شَبَّه الظَّليمَ بجَمَل أَضْعَفَ حادِجُهُ شَدَّ بِطانِه فاسترْخَى؛
فشبَّه استِرْخاء
(* قوله «فشبه استرخاء إلخ» كذا بالأصل والتهذيب أيضاً،
ولعلها مقلوبة، والأصل: فشبه استرخاء جناحي الظليم باسترخاء عكميه).
عِكْمَيْه باسترخاء جَناحَيِ الظَّليم، وقد أَنكر أَبو الهيثم بَطَنْت، وقال:
لا يجوز إلا أَبْطَنت، واحتجَّ ببيت ذي الرمة. قال الأَزهري: وبَطَنْتُ
لغةٌ
أَيضاً. والبِطانُ للقَتَب خاصة، وجمعه أَبْطِنة، والحزامُ للسَّرْج.
ابن شميل: يقال أَبْطَنَ حِمْلَ البعيرِ وواضَعَه حتى يتَّضِع أَي حتى
يَسْترْخي على بَطْنه ويتمكن الحِمْل منه. الجوهري: البِطانُ للقَتَب
الحزامُ الذي يجعل تحت بطن البعير. يقال: التَقَتْ حَلْقَتا البطان للأَمر إذا
اشتدَّ، وهو بمنزلة التَّصدير للرحْل، يقال منه: أَبْطَنْتُ البعيرَ
إِبْطاناً إذا شَدَدْتَ بِطانَه. وإنه لعريضُ البِطانِ أَي رَخِيُّ البالِ.
وقال أَبو عبيد في باب البخيل، يموتُ ومالُه وافِرٌ لم يُنْفق منه شيئاً:
مات فلانٌ بِبِطْنَتِه لم يتَغَضْغَضْ منها شيء، ومثله: مات فلانٌ وهو
عريضُ البِطانِ أَي مالُه جَمٌّ لم يَذهَبْ منه شيءٌ؛ قال أَبو عبيد:
ويُضْرَب هذا المثلُ في أَمر الدِّين أَي خرَجَ من الدنيا سليماً لم يَثْلِمْ
دينَه شيءٌ، قال ذلك عمرو ابنُ العاص في عبد الرحمن بن عَوف لما مات:
هنيئاً لك خرَجْتَ من الدنيا بِبِطْنَتِكَ لم يتَغَضْغَضْ منها شيء؛ ضرَبَ
البطْنةَ مثلاً في أَمر الدين، وتغضْغَضَ الماءُ: نَقَصَ، قال: وقد يكون
ذمَّاً ولم يُرِدْ به هنا إلاْ المَدْحَ. ورجل بَطِنٌ: كثيرُ المال.
والبَطِنُ: الأَشِرُ. والبِطْنةُ: الأَشَرُ. وفي المَثَل: البِطْنةُ تُذْهِبُ
الفِطْنةَ، وقد بَطِنَ. وشأْوٌ بَطِينٌ: واسعٌ. والبَطين: البعيد، يقال:
شأْوٌ بطين أَي بعيد؛ وأَنشد:
وبَصْبَصْنَ، بين أَداني الغَضَا
وبين عُنَيْزةَ، شأْواً بَطِيناً
قال: وفي حديث سليمان بن صُرَد: الشَّوْطُ بَطِينٌ أَي بعيد. وتبطَّن
الرجلُ جاريتَه إذا باشَرها ولمَسَها، وقيل: تبطَّنها إذا أَوْلَج ذكرَه
فيها؛ قال امرؤُ القيس:
كأَنِّي لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ،
ولم أَتَبطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِ
وقال شمر: تبطَّنها إذا باشَرَ بطنُه بطنَها في قوله:
إذا أَخُو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها
ويقال: اسْتَبْطَن الفحلُ الشَّوْلَ إذا ضربَها فلُقحَت كلُّها كأَنه
أَوْدع نطفتَه بطونها؛ ومنه قول الكميت:
فلما رأَى الجَوْزاءَ أَولُ صابِحٍ،
وصَرَّتَها في الفجر كالكاعِب الفُضُلْ،
وخَبَّ السَّفا، واسْتبطن الفحلُ، والتقتْ
بأَمْعَزِها بُقْعُ الجَنادِبِ تَرْتَكِلْ
صرَّتُها: جماعة كواكبها، والجَنادِب ترتَكِل من شدة الرَّمْضاء. وقال
عمرو بن بَحْر: ليس من حَيَوانٍ يتبطَّنُ طَروقتَه غيرُ الإنسان والتمساح،
قال: والبهائم تأْتي إناثها من ورائها، والطيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ
بالدبر، قال أَبو منصور: وقول ذي الرمة تبطَّنَها أَي علا بطْنَها
ليُجامِعَها. واسْتبطنْتُ الشيءَ وتبَطَّنْتُ الكلأَ: جَوَّلتُ فيه. وابْتَطنْتُ
الناقةَ عشرةَ أَبطن أَي نَتجْتُها عشرَ مرات. ورجل بَطِين الكُرْز إذا كان
يَخبَأُ زادَه في السفر ويأْكل زادَ صاحبه؛ وقال رؤبة يذم رجلاً:
أَو كُرَّزٌ يمشي بَطينَ الكُرْزِ
والبُطَيْن: نجم من نجوم السماء من منازل القمر بين الشرَطَيْن
والثُّرَيَّا، جاء مصغَّراً
عن العرب، وهو ثلاثةُ كواكبَ صغار مستوية التثليث كأَنها أَثافي، وهو
بطن الحمَل، وصُغِّر لأَن الحمَل نجومٌ كثيرة على صورة الحَمَل، والشرَطان
قَرْناه، والبُطَيْن بَطنُه، والثريا أَليتُه، والعرب تزعُم أَن البُطَين
لا نَوْء له إلا الريحُ. والبَطينُ: فرس معروف من خيل العرب، وكذلك
البِطان، وهو ابن البَطين
(* قوله «وهو ابن البطين» عبارة القاموس: وهو أبو
البطين). والبَطين: رجل من الخَوارج. والبُطَين الحِمْضيّ: من
شُعَرائهم.
قول: القَوْل: الكلام على الترتيب، وهو عند المحقِّق كل لفظ قال به
اللسان، تامّاً كان أَو ناقصاً، تقول: قال يقول قولاً، والفاعل قائل،
والمفعول مَقُول؛ قال سيبويه: واعلم أَن قلت في كلام العرب إِنما وقعت على أَن
تحكي بها ما كان كلاماً لا قَوْلاً، يعني بالكلام الجُمَل كقولك زيد منطلق
وقام زيد، ويعني بالقَوْل الأَلفاظ المفردة التي يبنى الكلام منها كزيد
من قولك زيد منطلق، وعمرو من قولك قام عمرو، فأَما تَجوُّزهم في تسميتهم
الاعتقادات والآراء قَوْلاً فلأَن الاعتقاد يخفَى فلا يعرف إِلاَّ
بالقول، أَو بما يقوم مقام القَوْل من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إِلا
بالقَوْل سميت قولاً إِذ كانت سبباً له، وكان القَوْل دليلاً عليها، كما
يسمَّى الشيء باسم غيره إِذا كان ملابساً له وكان القول دليلاً عليه، فإِن
قيل: فكيف عبَّروا عن الاعتقادات والآراء بالقَوْل ولم يعبروا عنها
بالكلام، ولو سَوَّوْا بينهما أَو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا؟ فالجواب:
أَنهم إِنما فعلوا ذلك من حيث كان القَوْل بالاعتقاد أَشبه من الكلام، وذلك
أن الاعتقاد لا يُفْهَم إِلاَّ بغيره وهو العبارة عنه كما أَن القَوْل قد
لا يتمُّ معناه إِلاَّ بغيره، أَلا ترى أَنك إِذا قلت قام وأَخليته من
ضمير فإِنه لا يتم معناه الذي وضع في الكلام عليه وله؟ لأَنه إِنما وُضِع
على أَن يُفاد معناه مقترِناً بما يسند إِليه من الفاعل، وقام هذه نفسها
قَوْل، وهي ناقصة محتاجة إِلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إِلى العبارة عنه،
فلما اشتبها من هنا عبِّر عن أَحدهما بصاحبه، وليس كذلك الكلام لأَنه
وضع على الاستقلال والاستغناء عما سواه، والقَوْل قد يكون من المفتقِر إِلى
غيره على ما قدَّمْناه، فكان بالاعتقاد المحتاج إِلى البيان أَقرب
وبأَنْ يعبَّر عنه أَليق، فاعلمه. وقد يستعمل القَوْل في غير الإِنسان؛ قال
أَبو النجم:
قالت له الطيرُ: تقدَّم راشدا،
إِنك لا ترجِعُ إِلا جامِدا
وقال آخر:
قالت له العينانِ: سمعاً وطاعةً،
وحدَّرتا كالدُّرِّ لمَّا يُثَقَّب
وقال آخر:
امتلأَ الحوض وقال: قَطْني
وقال الآخر:
بينما نحن مُرْتعُون بفَلْج،
قالت الدُّلَّح الرِّواءُ: إِنِيهِ
إِنِيهِ: صَوْت رَزَمة السحاب وحَنِين الرَّعْد؛ ومثله أَيضاً:
قد قالتِ الأَنْساعُ للبَطْن الحَقِي
وإِذا جاز أَن يسمَّى الرأْي والاعتقاد قَوْلاً، وإِن لم يكن صوتاً، كان
تسميتهم ما هو أَصوات قولاً أَجْدَر بالجواز، أَلا ترى أَن الطير لها
هَدِير، والحوض له غَطِيط، والأَنْساع لها أَطِيط، والسحاب له دَوِيّ؟
فأَما قوله:
قالت له العَيْنان: سَمْعاً وطاعة
فإِنه وإِن لم يكن منهما صوت، فإِن الحال آذَنَتْ بأَن لو كان لهما
جارحة نطق لقالتا سمعاً وطاعة؛ قال ابن جني: وقد حرَّر هذا الموضع وأَوضحه
عنترة بقوله:
لو كان يَدْرِي ما المْحَاورة اشْتَكى،
أَو كان يَدْرِي ما جوابُ تَكَلُّمي
(* وفي رواية أخرى:
ولكان لو علم الكلامَ مُكَلمي)
والجمع أَقْوال، وأَقاوِيل جمع الجمع؛ قال يقول قَوْلاً وقِيلاً
وقَوْلةً ومَقالاً ومَقالةً؛ وأَنشد ابن بري للحطيئة يخاطب عمر، رضي الله
عنه:تحنّنْ علَيَّ، هَداكَ المَلِيك
فإِنَّ لكلِّ مَقام مَقالا
وقيل: القَوْل في الخير والشر، والقال والقِيل في الشرِّ خاصة، ورجل
قائل من قوم قُوَّل وقُيَّل وقالةٍ. حكى ثعلب: إِنهم لَقالةٌ بالحق، وكذلك
قَؤول وقَوُول، والجمع قُوُل وقُوْل؛ الأَخيرة عن سيبويه، وكذلك قَوّال
وقَوّالةٌ من قوم قَوَّالين وقَوَلةٍ وتِقْوَلةٌ وتِقْوالةٌ؛ وحكى سيبويه
مِقْوَل، وكذلك الأُنثى بغير هاء، قال: ولا يجمع بالواو والنون لأَن
مؤَنثه لا تدخله الهاء. ومِقْوال: كمِقْول؛ قال سيبويه: هو على النسَب، كل ذلك
حسَن القَوْل لسِن، وفي الصحاح: كثير القَوْل. الجوهري: رجل قَؤُول وقوم
قُوُل مثل صَبور وصُبُر، وإِن شئت سكنت الواو. قال ابن بري: المعروف عند
أَهل العربية قَؤُول وقُوْل، بإِسكان الواو، تقول: عَوان وعُوْن الأَصل
عُوُن؛ ولا يحرك إِلا في الشعر كقول الشاعر:
تَمْنَحُه سُوُكَ الإِسْحِل
(* قوله «تمنحه إلخ» صدره كما في مادة سوك:
أغر الثنايا أحم اللثاــــــت تمنحه سوك الإِسحل).
قال: وشاهد قوله رجل قَؤُول قول كعب بن سعد الغَنَوي:
وعَوراء قد قِيلَتْ فلم أَلْتَفِتْ لها،
وما الكَلِمُ العُورانُ لي بِقَبيل
وأُعرِضُ عن مولاي، لو شئت سَبَّني،
وما كلّ حين حلمه بأَصِيل
وما أَنا، للشيء الذي ليس نافِعِي
ويَغْضَب منه صاحبي، بِقَؤُول
ولستُ بِلاقي المَرْء أَزْعُم أَنه
خليلٌ، وما قَلْبي له بخَلِيل
وامرأَة قَوَّالة: كثيرة القَوْل، والاسم القالةُ والقالُ والقِيل. ابن
شميل: يقال للرجل إِنه لَمِقْوَل إِذا كان بَيِّناً ظَرِيفَ اللسان.
والتِّقْولةُ، الكثيرُ الكلام البليغ في حاجته. وامرأَة ورجل تِقْوالةٌ:
مِنْطِيقٌ. ويقال: كثُر القالُ والقِيلُ. الجوهري: القُوَّل جمع قائل مثل
راكِع ورُكَّع؛ قال رؤبة:
فاليوم قد نَهْنَهَني تنَهْنُهِي،
أَوَّل حلم ليس بالمُسَفَّهِ،
وقُوَّل إِلاَّ دَهٍ فَلا دَهِ
وهو ابنُ أَقوالٍ وابنُ قَوَّالٍ أَي جيدُ الكلام فصيح. التهذيب: العرب
تقول للرجل إِذا كان ذا لسانٍ طَلِق إِنه لابنُ قَوْلٍ وابن أَقْوالٍ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن قِيل وقال وإِضاعةِ المال؛
قال أَبو عبيد في قوله قيل وقال نحوٌ وعربيَّة، وذلك أَنه جعل القال
مصدراً، أَلا تراه يقول عن قِيلٍ وقالٍ كأَنه قال عن قيلٍ وقَوْلٍ؟ يقال على
هذا: قلتُ قَوْلاً وقِيلاً وقالاً، قال: وسمعت الكسائي يقول في قراءة
عبد الله: ذلك عيسى بنُ مريم قالَ الحقِّ الذي فيه يَمْتَرُونَ؛ فهذ من هذا
كأَنه قال: قالَ قَوْلَ الحق؛ وقال الفراء: القالُ في معنى القَوْل مثل
العَيْب والعابِ، قال: والحق في هذا الموضع يراد به الله تعالى ذِكرُه
كأَنه قال قَوْلَ اللهِ. الجوهري: وكذلك القالةُ. يقال: كثرتْ قالةُ الناس،
قال: وأَصْل قُلْتُ قَوَلْتُ، بالفتح، ولا يجوز أَن يكون بالضم لأَنه
يتعدّى. الفراء في قوله، صلى الله عليه وسلم: ونهيِه عن قِيل وقال وكثرة
السؤَال، قال: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان ولو خُفِضتا على أَنهما
أُخرجتا من نية الفعل إِلى نية الأَسماء كان صواباً كقولهم: أَعْيَيْتني من
شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ قال ابن الأَثير: معنى الحديث أَنه نهَى عن فُضُول ما
يتحدَّث به المُتجالِسون من قولهم قِيلَ كذا وقال كذا، قال: وبناؤهما على
كونهما فعلين ماضيين محكيَّيْن متضمِّنين للضمير، والإِعراب على
إِجرائهما مجرى الأَسماء خِلْوَيْن من الضمير وإِدخال حرف التعريف عليهما لذلك في
قولهم القِيل والقال، وقيل: القالُ الابتداء، والقِيلُ الجواب، قال:
وهذا إِنما يصح إِذا كانت الرواية قِيل وقال على أَنهما فِعْلان، فيكون
النهي عن القَوْل بما لا يصح ولا تُعلم حقيقتُه، وهو كحديثه الآخر: بئس
مَطِيَّةُ الرجل زعموا وأَما مَنْ حكَى ما يصح وتُعْرَف حقيقتُه وأَسنده إِلى
ثِقةٍ صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذَمَّ، وقال أَبو عبيد: إِنه جعل
القال مصدراً كأَنه قال: نهى عن قيلٍ وقوْلٍ، وهذا التأْويل على أَنهما
اسمان، وقيل: أَراد النهي عن كثرة الكلام مُبتدئاً ومُجيباً، وقيل: أَراد به
حكاية أَقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيراً ولا يَعْنيه أَمرُه؛
ومنه الحديث: أَلا أُنَبِّئُكم ما العَضْهُ؟ هي النميمةُ القالةُ بين الناس
أَي كثرة القَوْلِ وإِيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعضُ عن البعض؛
ومنه الحديث: فَفَشَتِ القالةُ بين الناس، قال: ويجوز أَن يريد به
القَوْل والحديثَ. الليث: تقول العرب كثر فيه القالُ والقِيلُ، ويقال إِن
اشتِقاقَهما من كثرة ما يقولون قال وقيل له، ويقال: بل هما اسمان مشتقان من
القَوْل، ويقال: قِيلَ على بناء فِعْل، وقُيِل على بناء فُعِل، كلاهما من
الواو ولكن الكسرة غلبت فقلبت الواو ياء، وكذلك قوله تعالى: وسِيقَ الذين
اتّقَوْا ربَّهم. الفراء: بنو أَسد يقولون قُولَ وقِيلَ بمعنى واحد؛
وأَنشد:
وابتدأَتْ غَضْبى وأُمَّ الرِّحالْ،
وقُولَ لا أَهلَ له ولا مالْ
بمعنى وقِيلَ:
وأَقْوَلَهُ ما لم يَقُلْ وقَوَّلَه ما لم يَقُل، كِلاهما: ادّعى عليه،
وكذلك أَقاله ما لم يقُل؛ عن اللحياني. قَوْل مَقُولٌ ومَقْؤول؛ عن
اللحياني أَيضاً، قال: والإتمام لغة أَبي الجراح. وآكَلْتَني وأَكَّلْتَني ما
لم آكُل أَي ادّعَيْته عَليَّ. قال شمر: تقول قوَّلَني فُلان حتى قلتُ
أَي علمني وأَمرني أَن أَقول، قال: قَوَّلْتَني وأَقْوَلْتَني أَي علَّمتني
ما أَقول وأَنطقتني وحَمَلْتني على القَوْل. وفي حديث سعيد بن المسيب
حين قيل له: ما تقول في عثمان وعلي، رضي الله عنهما؟ فقال: أَقول فيهما ما
قَوَّلَني الله تعالى؛ ثم قرأَ: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر
لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان (الآية). وفي حديث علي، عليه
السلام: سمع امرأَة تندُب عمَر فقال: أَما والله ما قالتْه ولكن قُوِّلتْه
أَي لُقِّنته وعُلِّمته وأُلْقي على لسانها يعني من جانب الإِلْهام أَي
أَنه حقيق بما قالت فيه. وتَقَوَّل قَوْلاً: ابتدَعه كذِباً. وتقوَّل فلان
عليَّ باطلاً أَي قال عَليَّ ما لم أَكن قلتُ وكذب عليَّ؛ ومنه قوله
تعالى: ولو تقوَّل علينا بعضَ الأَقاويل. وكلمة مُقَوَّلة: قِيلتْ مرَّة بعد
مرَّة.
والمِقْوَل: اللسان، ويقال: إِنَّ لي مِقْوَلاً، وما يسُرُّني به
مِقْوَل، وهو لسانه. التهذيب: أَبو الهيثم في قوله تعالى: زعم الذين كفروا أَن
لن يُبْعَثوا، قال: اعلم أَنُ العرب تقول: قال إِنه وزعم أَنه، فكسروا
الأَلف في قال على الابتداء وفتحوها في زعم، لأَن زعم فِعْل واقع بها
متعدٍّ إِليها، تقول زعمت عبدَ الله قائماً، ولا تقول قلت زيداً خارجاً إِلاَّ
أَن تدخل حرفاً من حروف الاستفهام في أَوله فتقول: هل تَقُوله خارجاً،
ومتى تَقُوله فعَل كذا، وكيف تقوله صنع، وعَلامَ تَقُوله فاعلاً، فيصير
عند دخول حروف الاستفهام عليه بمنزلة الظن، وكذلك تقول: متى تَقُولني
خارجاً، وكيف تَقُولك صانعاً؟ وأَنشد:
فمتى تَقُول الدارَ تَجْمَعُنا
قال الكميت:
عَلامَ تَقُول هَمْدانَ احْتَذَتْنا
وكِنْدَة، بالقوارِصِ، مُجْلِبينا؟
والعرب تُجْري تقول وحدها في الاستفهام مجرى تظنُّ في العمل؛ قال هدبة
بن خَشْرم:
متى تَقُول القُلُصَ الرَّواسِما
يُدْنِين أُمَّ قاسِمٍ وقاسِما؟
فنصب القُلُص كما ينصب بالظنِّ ؛ وقال عمرو بن معديكرب:
عَلامَ تَقُول الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتِقي،
إِذا أَنا لم أَطْعُنْ، إِذا الخيلُ كَرَّتِ؟
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
أَمَّا الرَّحِيل فدُون بعدَ غدٍ،
فمتى تَقُولُ الدارَ تَجْمَعُنا؟
قال: وبنو سليم يُجْرون متصرِّف قلت في غير الاستفهام أَيضاً مُجْرى
الظنِّ فيُعدُّونه إِلى مفعولين، فعلى مذهبهم يجوز فتح انَّ بعد القَول. وفي
الحديث: أَنه سَمِعَ صوْت رجل يقرأُ بالليل فقال أَتَقُوله مُرائياً أَي
أَتظنُّه؟ وهو مختصٌّ بالاستفهام؛ ومنه الحديث: لمَّا أَراد أَن يعتَكِف
ورأَى الأَخْبية في المسجد فقال: البِرَّ تَقُولون بهنَّ أَي تظنُّون
وتَرَوْن أَنهنَّ أَردْنَ البِرَّ، قال: وفِعْلُ القَوْلِ إِذا كان بمعنى
الكلام لا يعمَل فيما بعده، تقول: قلْت زيد قائم، وأَقول عمرو منطلق، وبعض
العرب يُعمله فيقول قلْت زيداً قائماً، فإِن جعلتَ القَوْلَ بمعنى الظنّ
أَعملته مع الاستفهام كقولك: متى تَقُول عمراً ذاهباً، وأَتَقُول زيداً
منطلقاً؟
أَبو زيد: يقال ما أَحسن قِيلَك وقَوْلك ومَقالَتك ومَقالَك وقالَك،
خمسة أَوجُه. الليث: يقال انتشَرَت لفلان في الناس قالةٌ حسنة أَو قالةٌ
سيئة، والقالةُ تكون بمعنى قائلةٍ، والقالُ في موضع قائل؛ قال بعضهم لقصيدة:
أَنا قالُها أَي قائلُها. قال: والقالةُ القَوْلُ الفاشي في الناس.
والمِقْوَل: القَيْل بلغة أَهل اليمن؛ قال ابن سيده: المِقْوَل والقَيْل
الملك من مُلوك حِمْير يَقُول ما شاء، وأَصله قَيِّل؛ وقِيلَ: هو دون
الملك الأَعلى، والجمع أَقْوال. قال سيبويه: كسَّروه على أَفْعال تشبيهاً
بفاعل، وهو المِقْوَل والجمع مَقاوِل ومَقاوِلة، دخلت الهاء فيه على حدِّ
دخولها في القَشاعِمة؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيمان عُجْمٍ، يَنْصُفُون المَقاوِلا
والمرأَة قَيْلةٌ. قال الجوهري: أَصل قَيْل قَيِّل، بالتشديد، مثل
سَيِّد من ساد يَسُود كأَنه الذي له قَوْل أَي ينفُذ قولُه، والجمع أَقْوال
وأَقْيال أَيضاً، ومن جمَعه على أَقْيال لم يجعل الواحد منه مشدَّداً؛
التهذيب: وهم الأَقْوال والأَقْيال، الواحد قَيْل، فمن قال أَقْيال بناه على
لفظ قَيْل، ومن قال أَقْوال بناه على الأَصل، وأَصله من ذوات الواو؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كتب لوائل بن حُجْر ولقومه: من
محمدٍ رسول الله إِلى الأَقْوالِ العَباهِلة، وفي رواية: إِلى الأَقْيال
العَباهِلة؛ قال أَبو عبيدة: الأَقْيال ملوك باليمن دون الملك الأَعظم،
واحدُهم قَيْل يكون ملكاً على قومه ومِخْلافِه ومَحْجَره، وقال غيره: سمي
الملك قَيْلاً لأَنه إِذا قال قولاً نفَذ قولُه؛ وقال الأَعشى فجعلهم
أَقْوالاً:
ثم دانَتْ، بَعْدُ، الرِّبابُ، وكانت
كعَذابٍ عقوبةُ الأَقْوالِ
ابن الأَثير في تفسير الحديث قال: الأَقْوال جمع قَيْل، وهو الملك
النافذ القَوْل والأَمرِ، وأَصله قَيْوِل فَيْعِل من القَوْل، حذفت عينه، قال:
ومثله أَموات في جمع ميْت مخفف ميّت، قال: وأَما أَقْيال فمحمول على لفظ
قَيْل كما قيل أَرْياح في جمع ريح، والشائع المَقِيس أَرْواح. وفي
الحديث: سبحان مَنْ تَعَطَّف العِزَّ وقال بِه: تعطَّف العِزَّ أَي اشتمل
بالعِزِّ فغلب بالعز كلَّ عزيز، وأَصله من القَيْل ينفُذ قولُه فيما يريد؛
قال ابن الأَثير: معنى وقال به أَي أَحبَّه واختصَّه لنفسه، كما يُقال:
فلان يَقُول بفلان أَي بمحبَّته واختصاصِه، وقيل: معناه حَكَم به، فإِن
القَوْل يستعمل في معنى الحُكْم. وفي الحديث: قولوا بقَوْلكم أَو بعض
قَوْلِكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان أَي قُولوا بقَوْل أَهل دِينكم
ومِلَّتكم، يعني ادعوني رسولاً ونبيّاً كما سمَّاني الله، ولا تسموني سيِّداً كما
تسمُّون رؤساءكم، لأَنهم كانوا يحسَبون أَن السيادة بالنبوة كالسيادة
بأَسباب الدنيا، وقوله بعض قولِكم يعني الاقتصادَ في المقال وتركَ الإِسراف
فيه، قال: وذلك أَنهم كانوا مدحوه فكره لهم المبالغة في المدح فنهاهم
عنه، يريد تكلَّموا بما يحضُركم من القَوْلِ ولا تتكلَّفوه كأَنكم وُكلاءُ
الشيطان ورُسُلُه تنطِقون عن لسانه. واقْتال قَوْلاً: اجْتَرَّه إِلى
نفسِه من خير أَو شر. واقْتالَ عليهم: احْتَكَم؛ وأَنشد ابن بري للغَطَمَّش
من بني شَقِرة:
فبالخَيْر لا بالشرِّ فارْجُ مَوَدَّتي،
وإِنِّي امرُؤٌ يَقْتالُ مني التَّرَهُّبُ
قال أَبو عبيد: سمعت الهيثم بن عدي يقول: سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد
العزيز يقول في رُقْية النَّمْلة: العَرُوس تَحْتَفِل، وتَقْتالُ
وتَكْتَحِل، وكلَّ شيء تَفْتَعِلْ، غير أَن لا تَعْصِي الرجل؛ قال: تَقْتال
تَحْتَكِم على زوجها. الجوهري: اقْتال عليه أَي تحكَّم؛ وقال كعب بن سعد
الغَنَويّ:
ومنزلَةٍ في دار صِدْق وغِبْطةٍ،
وما اقْتال من حُكْمٍ عَليَّ طَبيبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده بالرفع ومنزلةٌ لأَن قبله:
وخَبَّرْ تُماني أَنَّما الموتُ في القُرَى،
فكيف وهاتا هَضْبَةٌ وكَثِيبُ
وماءُ سماء كان غير مَحَمَّة
بِبَرِّيَّةٍ، تَجْري عليه جَنُوبُ
وأَنشد ابن بري للأَعشى:
ولمِثْلِ الذي جَمَعْتَ لِرَيْبِ الد
هر تَأْبى حكومة المُقْتالِ
وقاوَلْته في أَمره وتَقاوَلْنا أَي تَفاوَضْنا؛ وقول لبيد:
وإِنَّ الله نافِلةٌ تقاه،
ولا يَقْتالُها إِلا السَّعِيدُ
أَي ولا يقولها؛ قال ابن بري: صوابه فإِنَّ الله، بالفاء؛ وقبله:
حَمِدْتُ اللهَ واللهُ الحميدُ
والقالُ: القُلَةُ، مقلوب مغيَّر، وهو العُود الصغير، وجمعه قِيلان؛
قال:وأَنا في ضُرَّاب قِيلانِ القُلَهْ
الجوهري: القالُ الخشبة التي يضرَب بها القُلَة؛ وأَنشد:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهامِ، بينَهُم،
نَزْوُ القُلاة، قلاها قالُ قالِينا
قال ابن بري: هذا البيت يروى لابن مقبل، قال: ولم أَجده في شعره.
ابن بري: يقال اقْتالَ بالبعير بعيراً وبالثوب ثوباً أَي استبدله به،
ويقال: اقْتال باللَّوْن لَوْناً آخر إِذا تغير من سفرٍ أَو كِبَر؛ قال
الراجز:
فاقْتَلْتُ بالجِدّة لَوْناً أَطْحَلا،
وكان هُدَّابُ الشَّباب أَجْملا
ابن الأَعرابي: العرب تقول قالوا بزيدٍ أَي قَتَلُوه، وقُلْنا به أَي
قَتَلْناه؛ وأَنشد:
نحن ضربناه على نِطَابه،
قُلْنا به قُلْنا به قُلْنا به
أَي قَتَلْناه، والنَّطابُ: حَبْل العاتِقِ. وقوله في الحديث: فقال
بالماء على يَده؛ وفي الحديث الآخر: فقال بِثَوبه هكذا، قال ابن الأَثير:
العرب تجعل القول عبارةً عن جميع الأَفعال وتطلِقه على غير الكلام واللسان
فتقول قال بِيَده أَي أَخذ، وقال برِجْله أَي مشى؛ وقد تقدَّم قول
الشاعر:وقالت له العَيْنانِ: سمعاً وطاعة
أَي أَوْمَأَتْ، وقال بالماء على يدِه أَي قَلب، وقال بثوب أَي رفَعَه،
وكل ذلك على المجاز والاتساع كما روي في حديث السَّهْوِ قال: ما يَقُولُ
ذو اليدين؟ قالوا: صدَق، روي أَنهم أَوْمَؤُوا برؤوسِهم أَي نعم ولم
يتكلَّموا؛ قال: ويقال قال بمعنى أَقْبَلَ، وبمعنى مال واستراحَ وضرَب وغلَب
وغير ذلك.
وفي حديث جريج: فأَسْرَعَت القَوْلِيَّةُ إِلى صَوْمَعَتِه؛ همُ
الغَوْغاءُ وقَتَلَةُ الأَنبياء واليهودُ، وتُسمَّى الغَوْغاءُ
قَوْلِيَّةً.
طبع: الطبْعُ والطَّبِيعةُ: الخَلِيقةُ والسَّجيّةُ التي جُبِلَ عليها
الإِنسان. والطِّباعُ: كالطَّبِيعةِ، مُؤَنثة؛ وقال أَبو القاسم الزجاجي:
الطِّباعُ واحدٌ مذكر كالنِّحاسِ والنِّجارِ، قال الأَزهري: ويجمع طَبْعُ
الإِنسان طِباعاً، وهو ما طُبِعَ عليه من طِباعِ الإِنسان في مأْكَلِه
ومَشْرَبِه وسُهولةِ أَخلاقِه وحُزونَتِها وعُسْرِها ويُسْرِها وشدّتِه
ورَخاوَتِه وبُخْلِه وسَخائه. والطِّباعُ: واحد طِباعِ الإِنسان، على فِعال
مثل مِثالٍ، اسم للقالَبِ وغِرارٌ مِثْلُه؛ قال ابن الأَعرابي: الطَّبْعُ
المِثالُ. يقال: اضْرِبْه على طَبْعِ هذا وعلى غِرارِه وصيغَتِه
وهَِدْيَتِه أَي على قَدرِه. وحكى اللحياني: له طابِعٌ حسن، بكسر الباء، أَي
طَبِيعةٌ؛ وأَنشد:
له طابِعٌ يَجْرِي عليه، وإِنَّما
تُفاضِلُ ما بَيْنَ الرّجالِ الطَّبائِعُ
وطَبَعَه اللهُ على الأَمرِ يَطْبَعُه طبْعاً: فَطَرَه. وطبَع اللهُ
الخَلْقَ على الطبائعِ التي خلقها فأَنشأَهم عليها وهي خَلائِقُهم يَطْبَعُهم
طبْعاً: خَلَقَهم، وهي طَبِيعَتُه التي طُبِعَ عليها وطُبِعَها والتي
طُبِعَ؛ عن اللحياني لم يزد على ذلك، أَراد التي طُبِعَ صاحبها عليها. وفي
الحديث: كل الخِلال يُطْبَعُ عليها المُؤْمِنُ إِلا الخِيانةَ والكذب أَي
يخلق عليها. والطِّباعُ: ما رُكِّبَ في الإِنسان من جميع الأَخْلاق التي لا
يكادُ يُزاوِلُها من الخير والشر.
والطَّبْع: ابتداءَ صنْعةِ الشيء، تقول: طبعت اللَّبِنَ طبْعاً، وطَبعَ
الدرهم والسيف وغيرهما يطْبَعُه طبْعاً: صاغَه. والطَّبّاعُ: الذي يأْخذ
الحديدةَ المستطيلة فَيَطْبَعُ منها سيفاً أَو سِكِّيناً أَو سِناناً أَو
نحو ذلك، وصنعتُه الطِّباعةُ، وطَبَعْتُ من الطين جَرَّةً: عَمِلْت،
والطَّبّاعُ: الذي يعمَلها. والطبْعُ: الخَتْم وهو التأْثير في الطين ونحوه.
وفي نوادر الأَعراب: يقال قَذَذْتُ قَفا الغُلامِ إِذا ضربته بأَطراف
الأَصابع، فإِذا مَكَّنْتَ اليد من القفا قلت: طَبَعْتُ قفاه، وطَبع الشيءَ
وعليه يَطْبَعُ طبْعاً: ختم. والطابَعُ والطابِعُ، بالفتح والكسر: الخاتم
الذي يختم به؛ الأَخيرة عن اللحياني وأَبي حنيفة. والطابِعُ والطابَعُ:
مِيسَم الفرائض. يقال: طبَع الشاةَ. وطبَع الله على قلبه: ختم، على المثل.
ويقال: طبَع الله على قلوب الكافرين، نعوذ بالله منه، أَي خَتَمَ فلا يَعِي
وغطّى ولا يُوَفَّقُ لخير. وقال أَبو إِسحق النحوي: معنى طبع في اللغة وختم
واحد، وهو التغْطِيةُ على الشيء والاسْتِيثاقُ من أَن يدخله شيء كما قال
ا تعالى: أَم على قلوب أَقْفالُها، وقال عز وجل: كلاَّ بلْ رانَ على
قلوبهم؛ معناه غَطَّى على قلوبهم، وكذلك طبع الله على قلوبهم؛ قال ابن
الأَثير: كانوا يرون أَن الطَّبْعَ هو الرَّيْنُ، قال مجاهد: الرَّيْنُ أَيسر من
الطبع، والطبع أَيسر من الإِقْفالِ، والإِقْفالُ أَشدّ من ذلك كله، هذا
تفسير الطبع، بإِسكان الباء، وأَما طَبَعُ القلب، بتحريك الباء، فهو
تلطيخه بالأَدْناس، وأَصل الطبَع الصَّدَأُ يكثر على السيف وغيره. وفي الحديث:
من تَرَكَ ثلاث جُمَعٍ من غير عذر طبع الله على قلبه أَي ختم عليه وغشّاه
ومنعه أَلطافه؛ الطَّبْع، بالسكون: الختم، وبالتحريك: الدَّنَسُ، وأَصله
من الوَسَخ والدَّنَس يَغْشَيانِ السيف، ثم استعير فيما يشبه ذلك من
الأَوْزار والآثامِ وغيرهما من المَقابِحِ. وفي حديث الدُّعاء: اخْتِمْه
بآمينَ فإِنّ آمينَ مِثْلُ الطابَعِ على الصحيفة؛ الطابع، بالفتح: الخاتم،
يريد أَنه يَخْتِمُ عليها وتُرْفَعُ كما يفعل الإِنسان بما يَعِزُّ عليه.
وطبَع الإناءَ والسِّقاء يَطْبَعُه طبْعاً وطبَّعه تَطْبِيعاً فتطَبَّع:
مَلأَه. وطِبْعُه: مِلْؤُه. والطَّبْعُ: مَلْؤُكَ السِّقاءَ حتى لا مَزِيدَ
فيه من شدّة مَلْئِه. قال: ولا يقال للمصدر طَبْعٌ لأَنّ فعله لا
يُخَفَّفُ كما يخفف فِعْلُ مَلأْت. وتَطَبَّعَ النهرُ بالماء. فاض به من جوانبه
وتَدَفَّق.
والطِّبْعُ، بالكسر: النهر، وجمعه أَطباع، وقيل: هو اسم نهر بعينه؛ قال
لبيد:
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ،
كَرَوايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
وقيل: الطِّبْعُ هنا المِلءُ، وقيل: الطِّبْعُ هنا الماء الذي طُبِّعَتْ
به الرّاوِيةُ أَي مُلِئَتْ. قال الأَزهري: ولم يعرف الليث الطِّبْعَ في
بيت لبيد فتحَيَّر فيه، فمرّة جعله المِلْءَ، وهو ما أَخذ الإِناءُ من
الماءِ، ومرة جعله الماء، قال: وهو في المعنيين غير مصيب. والطِّبْعُ في بيت
لبيد النهر، وهو ما قاله الأَصمعي، وسمي النهر طِبْعاً لأَن الناس
ابْتَدَؤُوا حفره، وهو بمعنى المفعول كالقِطْف بمعنى المَقْطوف، والنِّكْث
بمعنى المَنْكوث من الصوف، وأَما الأَنهار التي شقّها الله تعالى في الأَرض
شَقًّا مثل دَجْلةَ والفُرات والنيل وما أَشبهها فإِنها لا تسمى طُبوعاً،
إِنما الطُّبُوعُ الأَنهار التي أَحْدَثها بنو آدم واحتفروها لمَرافِقِهم؛
قال: وقول لبيد هَمَّتْ بالوَحل يدل على ما قاله الأَصمعي، لأَن
الرَّوايا إِذا وُقِرَتِ المَزايِدَ مملوءة ماء ثم خاضت أَنهاراً فيها وحَلٌ
عَسُر عليها المشي فيها والخُروج منها، وربما ارْتَطَمَتْ فيها ارْتِطاماً
إِذا كثر فيها الوحل، فشبه لبيد القوم، الذين حاجُّوه عند النعمان بن
المنذر فأَدْحَضَ حُجَّتهم حتى زَلِقُوا فلم يتكلموا، بروايا مُثْقَلة خاضت
أَنهاراً ذات وحل فتساقطت فيها، والله أَعلم. قال الأَزهري: ويجمع الطِّبْعُ
بمعنى النهر على الطُّبوعِ، سمعته من العرب. وفي الحديث: أَلقى الشَّبكةَ
فطَبَّعها سَمَكاً أَي مَلأَها. والطِّبْعُ أَيضاً: مَغِيضُ الماءِ
وكأَنه ضِدّ، وجمع ذلك كله أَطباعٌ وطِباعٌ. وناقة مُطْبَعةٌ ومُطَبَّعةٌ:
مُثْقَلةٌ بحِمْلِها على المثل كالماء؛ قال عُوَيفُ القَوافي:
عَمْداً تَسَدَّيْناكَ وانشَجَرَتْ بِنا
طِوالُ الهَوادي مُطْبَعاتٍ من الوِقْرِ
(* قوله «تسديناك» تقدم في مادة شجر تعديناك.)
قال الأَزهري: والمُطَبَّعُ المَلآن؛ عن أَبي عبيدة؛ قال: وأَنشد غيره:
أَين الشِّظاظانِ وأَيْنَ المِرْبَعهْ؟
وأَيْنَ وَسْقُ الناقةِ المُطَبَّعهْ؟
ويروى الجَلنْفَعهْ. وقال: المطبَّعة المُثْقَلةُ. قال الأَزهري: وتكون
المطبَّعة الناقة التي مُلِئت لحماً وشحماً فتَوَثَّقَ خلقها. وقِربة
مُطبَّعة طعاماً: مملوءة؛ قال أَبو ذؤيب:
فقيلَ: تَحَمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ، إِنَّها
مُطبَّعةٌ، مَن يأْتِها لا يَضيرُها
وطَبِعَ السْيفُ وغيره طَبَعاً، فهو طَبِعٌ: صدئ؛ قال جرير:
وإِذا هُزِزْتَ قَطَعْتَ كلَّ ضَرِيبةٍ،
وخَرَجْتَ لا طَبِعاً، ولا مَبْهُورا
قال ابن بري: هذا البيت شاهد الطَّبِعِ الكَسِلِ. وطَبِعَ الثوبُ
طَبَعاً: اتَّسَخَ. ورجل طَبِعٌ: طَمِعٌ مُتَدَنِّسُ العِرْضِ ذو خُلُقٍ دَنيء
لا يستَحْيي من سَوأَة. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: لا يتزوج من الموالي
في العرب إِلا الأَشِرُ البَطِرُ، ولا من العرب في المَوالي إِلا الطَّمِعُ
الطَّبِعُ؛ وقد طَبِعَ طَبَعاً؛ قال ثابت بن قُطْنةَ:
لا خَيْرَ في طَمَعٍ يُدْني إِلى طَبَعٍ،
وعُفّةٌ من قَوامِ العَيْشِ تَكْفِيني
قال شمر: طَبِعَ إِذا دَنِسَ، وطُبِّعَ وطُبِعَ إِذا دُنِّسَ وعِيبَ؛
قال: وأَنشدتنا أُم سالم الكلابية:
ويَحْمَدُها الجِيرانُ والأَهْلُ كلُّهُمْ،
وتُبْغِضُ أَيضاً عن تُسَبَّ فَتُطْبَعا
قال: ضَمَّت التاء وفتحت الباء وقالت: الطِّبْعُ الشِّيْنُ فهي تُبْغِضُ
أَن تُطْبَعَ أَي تُشانَ؛ وقال ابن الطثَريّة:
وعن تَخْلِطي في طَيِّبِ الشِّرْبِ بَيْنَنا،
منَ الكَدِرِ المأْبيّ، شِرْباً مُطَبَّعا
أَراد أَن تَخْلِطي، وهي لغة تميم. والمُطَبَّع: الذي نُجِّسَ،
والمَأْبيُّ: الماء الذي تأْبى الإِبل شربه. وما أَدري من أَين طبَع أَي طلَع.
وطَبِعَ: بمعنى كَسِلَ. وذكر عمرو بن بَحْرٍ الطَّبُّوعَ في ذواتِ
السُّمُومِ من الدوابّ، سمعت رجلاً من أَهل مصر يقول: هو من جنس القِرْدانِ إِلاَّ
أَنَّ لِعَضَّتِه أَلماً شديداً، وربما وَرِمَ مَعْضُوضه، ويعلّل
بالأَشياء الحُلْوة. قال الأَزهري: هو النِّبْرُ عند العرب؛ وأَنشد الأَصمعي
وغيره أُرْجوزة نسبها ابن بري للفَقْعَسي، قال: ويقال إِنها لحكيم بن
مُعَيّة الرَّبَعِيّ:
إِنّا إِذا قَلَّتْ طَخارِيرُ القَزَعْ،
وصَدَرَ الشارِبُ منها عن جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ،
من كلِّ عَرّاضٍ، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
مِثْلِ قُدامى النَّسْر ما مَسَّ بَضَعْ،
يَؤُولُها تَرْعِيةٌ غيرُ وَرَعْ
لَيْسَ بِفانٍ كِبَراً ولا ضَرَعْ،
تَرى بِرِجْلَيْهِ شُقُوقاً في كَلَعْ
من بارِئٍ حِيصَ ودامٍ مُنْسَلِعْ
وفي الحديث: نعوذ بالله من طَمَعٍ يَهْدِي إِلى طَبَعٍ أَي يؤدي إِلى شَيْنٍ
وعَيْبٍ؛ قال أَبو عبيد: الطبَعُ الدنس والعيب، بالتحريك. وكل شَينٍ في
دِين أَو دُنيا، فهو طبَع.
وأما الذي في حديث الحسن: وسئل عن قوله تعالى: لها طلع نضيد، فقال: هو
الطِّبِّيعُ في كُفُرّاه؛ الطِّبِّيعُ، بوزن القِنْدِيل: لُبُّ الطلْعِ،
وكُفُرّاه وكافورُه: وِعاؤُه.