عن الأوردية من جيته بمعنى فهد يستخدم في صيد الغزلان.
عن الأوردية من جيته بمعنى فهد يستخدم في صيد الغزلان.
صهب: الصُّهْبةُ: الشُّقْرة في شعر الرأْس، وهي الصُّهُوبةُ.
الأَزهري: الصَّهَبُ والصُّهْبة: لونُ حُمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية، إِذا كان في الظاهر حُمْرةٌ، وفي الباطن اسودادٌ، وكذلك في لون الإِبل؛ بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وناقة صَهْباء وصُهابِـيَّةٌ؛ قال طَرَفة:
صُهابِـيَّةُ العُثْنُونِ، مُؤْجَدَةُ القَرَا، * بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ، مَوَّارَةُ اليَدِ
الأَصمعي: الأَصْهَبُ: قريبٌ من الأَصْـبَح. والصَّهَبُ والصُّهْبَة:
أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ، وأُصُولُه سُودٌ، فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود. وقيل: هو أَن يَحْمَرَّ الشعر كُـلُّهُ.
صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وهو أَصْهَبُ. وقيل: الأَصْهَبُ من الشَّعر الذي يُخالط بياضَه حمرةٌ.
وفي حديث اللِّعانِ: إِن جاءَت به أَصْهَبَ فهو لفلان؛ هو الذي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ، وهي كالشُّقْرة، قاله الخطابي. والمعروف أَن الصُّهْبة مختصة بالشعر، وهي حُمْرَة يعلوها سواد.
والأَصْهَبُ من الإِبل: الذي ليس بشديد البياض. وقال ابن الأَعرابي: العرب تقول: قُريشُ(1)
(1 قوله «قريش الإبل إلخ» بـإضافة قريش للإبل كما ضبطه
في المحكم ولا يخفى وجهه) . الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها؛ يذهبون في ذلك إِلى تشريفها على سائر الإِبل. وقد أَوضحوا ذلك بقولهم: خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فجعلوها خير الإِبل، كما أَن قريشاً خيرُ الناس عندهم.
وقيل: الأَصْهَبُ من الإِبل الذي يخالط بياضَه حُمْرةٌ، وهو أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه. وفي التهذيب: وليستْ أَجوافُه
بالشديدةِ البياضِ، وأَقْرابُه ودُفُوفه فيها تَوضِـيحٌ أَي بَياض. قال:
والأَصْهَبُ أَقلُّ بياضاً من الآدَم، في أَعاليه كُدْرة، وفي أَسافله بياضٌ. ابن الأَعرابي: الأَصْهَبُ من الإِبل الأَبيضُ. الأَصمعي: الآدَمُ من الإِبل: الأَبيضُ، فإِن خالطته حُمْرة، فهو أَصْهَبُ. قال ابن الأَعرابي: قال حُنَيْفُ الـحَناتِم، وكان آبَلَ الناس: الرَّمْكَاءُ بُهْيَا، والـحَمْراءُ صُبْرَى، والخَوَّارَةُ غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ سُرْعَى. قال: والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها، حين تَنْظُر إِليها؛ ورأَيتُ في حاشيةٍ: البُهْيا تأْنيث البَهِـيَّةِ، وهي الرائعة.
وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللون، ويقال: هو منسوب إِلى صُهابٍ: اسم فَحل أَو موضع. التهذيب: وإِبل صُهابِـيَّةٌ: منسوبة إِلى فحل اسمه صُهابٌ. قال: وإِذا لم يُضِـيفُوا الصُّهابِـيَّة، فهي من أَولاد صُهابٍ؛ قال ذو الرمة:
صُهابِـيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ، كأَنـَّما * يُناطُ بأَلْحِـيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ
قيل: نُسبت إِلى فَحْل في شِقِّ اليمن. وفي الحديث: كان يَرْمي الجِمارَ على ناقةٍ له صَهْباء.
ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبالِ، وسُود الأَكباد، وإِن لم يكونوا
صُهْبَ السِّبال، فكذلك يقال لهم؛ قال:
جاؤوا يَجُرُّونَ الـحَديدَ جَرَّا، * صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّـرَّا
وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لنا كعداوة الروم. والرومُ صُهْبُ السِّبال
والشعور، وإِلاّ فهم عَرَبٌ، وأَلوانهم: الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ؛ وقال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِـي، * واعْتِناقي في القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
ويقال: أَصله للروم، لأَن الصُّهُوبةَ فيهم، وهم أَعداءُ العرب.
الأَزهري: ويقال للجَراد صُهابِـيَّةٌ؛ وأَنشد:
صُهابِـيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها
والصَّهْباءُ: الخَمْر؛ سميت بذلك للونها. قيل: هي التي عُصِرَت من عنب أَبيضَ؛ وقيل: هي التي
تكون منه ومن غيره، وذلك إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض؛ قال أَبو حنيفة: الصَّهْباءُ اسم لها كالعَلَم، وقد جاءَ بغير أَلف ولام لأَنها في الأَصل صفة؛ قال الأَعشى:
وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها، * وأَبْرَزَها، وعليها خَتَمْ
ويقال للظَّلِـيم: أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه.
والموتُ الصُّهابيُّ: الشديد كالموت الأَحمر؛ قال الجَعْدِيُّ:
فَجِئْنا إِلى الـمَوتِ الصُّهابيِّ بعدما * تَجَرَّدَ عُرْيانٌ، من الشَّرِّ، أَحدَبُ
وأَصْهَبَ الرجلُ: وُلِدَ له أَولادٌ صُهْبٌ. والصُّهابيُّ: كالأَصْهَب؛ وقولُ هِمْيانَ:
يُطيرُ عنها الوَبَرَ الصُّهَابِجَا
أَراد الصُّهَابيَّ، فخفَّف وأَبدل؛ وقول العجاج:
بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ
إِنما عنى به الـمِشْفَرَ وحدَه، وصفه بما توصف به الجملة. وصُهْبى: اسم فرسِ النَّمِر بن تَوْلَب، وإِياها عَنَى بقوله:
لقد غَدَوْتُ بصُهْبَـى ، وهي مُلْهِبَةٌ، * إِلْهَابُها كضِرامِ النارِ في الشِّيحِ
قال: ولا أَدري أَشْـتَقَّه من الصَّهَبِ، الذي هو اللون، أَم
ارْتَجَلَه عَلَماً.
والصُّهَابيُّ: الوافر الذي لم يَنْقُصْ. ونَعَمٌ صُهَابيٌّ: لم تُؤْخَذْ صَدَقتُه بل هو بِوَفْرِه. والصُّهَابيُّ من الرجال: الذي لا ديوان
له.ورَجُلٌ صَيْهَبٌ: طَويلٌ. التهذيب: جَمَلٌ صَيْهَبٌ، وناقة صَيْهَبَة
إِذا كانا شديدين، شُبِّها بالصَّيْهَبِ، الـحِجارةِ؛ قال هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ * عَنِّي، وعَنْ صَيْهَبَةٍ قد شَدِفَتْ
أَي عن ناقةٍ صُلْبَةٍ قد تَحَنَّتْ. وصَخرةٌ صَيْهَبٌ: صُلْبَة.
والصَّيْهَبُ الحجارة؛ قال شمر: وقال بعضهم هي الأَرض المستوية؛ قال القُطاميّ:
حَدا، في صَحَارَى ذي حماسٍ وعَرْعَرٍ، * لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب(1)
(1 « ذي حماس وعرعر» موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً.)
قال شمر: ويقال الصَّيْهَبُ الموضع الشديد؛ قال كثير:
على لاحِبٍ، يَعْلُو الصَّيَاهِبَ، مَهْيَعِ
ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ: شَديد الـحَرِّ. والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الـحَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي وحده ولم يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً. وصُهابُ:
موضع جعلوه اسماً للبُقْعة؛ أَنشد الأَصمعي:
وأَبي الذي تَرَكَ الـمُلُوكَ وجَمْعَهم، * بصُهابِ هامِدةٍ، كأَمْسِ الدَّابِر
وبين البَصْرة والبحرين عينٌ تُعرف بعين الأَصْهَبِ. قال ذو الرمة، فجمعه على الأَصْهَبِـيَّات:
دَعاهُنَّ من ثَـأْجٍ، فأَزْمَعْنَ وِرْدَه، * أَو الأَصْهَبِـيَّات، العُيُونُ السَّوائحُ
وفي الحديث ذِكْرُ الصَّهْباءِ، وهو موضع على رَوْحةٍ من خَيْبَر.
وصُهَيْبُ بنِ سِنانٍ: رجل، وهو الذي أَراده المشركون مع نَفَرٍ معه على ترك الإِسلام، وقتلوا بعض النَّفَرِ الذين كانوا معه، فقال لهم صُهَيْبٌ:أَنا شيخ كبير، إِنْ كنتُ عليكم لم أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ معكم لم أَنفعكم، فخَلُّوني وما أَنا عليه، وخُذُوا مالي. فقَبلوا منه، وأَتى المدينةَ فلقيه أَبو بكر الصديقُ، رضي اللّه عنه، فقال له: رَبِحَ البيع يا صُهَيْبُ. فقال له: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يا أَبا بكر. وتلا قوله تعالى: ومن الناسِ من يَشْري نَفْسَه ابتغاءَ مَرْضاةِ اللّه. وفي حاشيةٍ: والـمُصَهَّبُ: صَفِـيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ الـمُخْتَلِطُ.
جلب: الجَلْبُ: سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر.
جَلَبَه يَجْلِبُه ويَجْلُبه جَلْباً وجَلَباً واجْتَلَبَه وجَلَبْتُ الشيءَ إِلى نفْسِي واجْتَلَبْتُه، بمعنى. وقولُه، أَنشده ابن الأعرابي:
يا أَيها الزاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ
فسره فقال: معناه أَجْتَلِبُ شِعْري من غيري أَي أَسُوقه وأَسْتَمِدُّه.
ويُقَوِّي ذلك قول جرير:
أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي، * فَلا عِيّاً بِهِنَّ، ولا اجْتِلابا
أَي لا أَعْيا بالقَوافِي ولا اجْتَلِبُهنَّ مِمَّن سواي، بل أَنا غَنِيٌّ بما لديَّ منها.
وقد انْجَلَب الشيءُ واسْتَجْلَب الشيءَ: طلَب أَن يُجْلَبَ إِليه.
والجَلَبُ والأَجْلابُ: الذين يَجْلُبُون الإِبلَ والغَنم للبيع.
والجَلَبُ: ما جُلِبَ مِن خَيْل وإِبل ومَتاعٍ. وفي المثل: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ أَي انه إِذا أَنْفَضَ القومُ، أَي نَفِدَتْ أَزْوادُهم،
قَطَّرُوا إِبلَهم للبيع. والجمع: أَجْلابٌ. الليث: الجَلَبُ: ما جَلَبَ القومُ من غَنَم أَو سَبْي، والفعل يَجْلُبون، ويقال جَلَبْتُ الشيءَ جَلَباً، والـمَجْلوبُ أَيضاً: جَلَبٌ.
والجَلِيبُ: الذي يُجْلَبُ من بَلد إِلى غيره. وعَبْدٌ جَلِيبٌ. والجمع
جَلْبَى وجُلَباء، كما قالوا قَتْلَى وقُتَلاء. وقال اللحياني: امرأَةٌ
جَلِيبٌ في نسوة جَلْبَى وجَلائِبَ. والجَلِيبةُ والجَلُوبة ما جُلِبَ. قال
قيْس بن الخَطِيم:
فَلَيْتَ سُوَيْداً رَاءَ مَنْ فَرَّ مِنْهُمُ، * ومَنْ خَرَّ، إِذْ يَحْدُونَهم كالجَلائِبِ
ويروى: إِذ نَحْدُو بهم. والجَلُوبةُ: ما يُجْلَب للبيع نحو الناب
والفَحْل والقَلُوص، فأَما كِرامُ الإِبل الفُحولةُ التي تُنْتَسَل، فليست من الجلُوبة. ويقال لصاحِب الإِبل: هَلْ لك في إِبلِكَ جَلُوبةٌ؟ يعني شيئاً جَلَبْتَه للبيع. وفي حديث سالم: قَدِمَ أَعرابيٌّ بجَلُوبةٍ، فَنَزلَ على طلحةَ، فقال طلحةُ: نَهى رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ. قال: الجَلُوبة، بالفتح، ما يُجْلَبُ للبَيْع من كل شيءٍ، والجمعُ الجَلائِبُ؛ وقيل: الجَلائبُ الإِبل التي تُجْلَبُ إِلى الرَّجل النازِل على الماءِ ليس له ما يَحْتَمِلُ عليه، فيَحْمِلُونه عليها. قال: والمراد في الحديث الأَوّلُ كأَنه أَراد أَن يَبيعها له طلحةُ. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في كتاب أَبي
موسى في حرف الجيم. قال: والذي قرأْناه في سنن أَبي داود: بحَلُوبةٍ، وهي الناقةُ التي تُحْلَبُ. والجَلُوبةُ: الإِبل يُحْمَلُ عليها مَتاعُ القوم، الواحد والجَمْع فيه سَواءٌ؛ وجَلُوبة الإِبل: ذُكُورها.
وأَجْلَبَ الرجلُ إِذا نُتِجَتْ ناقتُه سَقْباً. وأَجْلَبَ الرجلُ: نُتِجَت إِبلُه ذُكُوراً، لأَنه تُجْلَبُ أَولادُها، فَتُباعُ، وأَحْلَبَ، بالحاءِ، إِذا نُتِجت إِبلُه إِناثاً. يقال للـمُنْتِجِ: أَأَجْلَبْتَ أَم أَحْلَبْتَ؟ أَي أَوَلَدَتْ إِبلُكَ جَلُوبةً أَم وَلَدَتْ حَلُوبةً، وهي الإِناثُ. ويَدْعُو الرجلُ على صاحبه فيقول: أَجْلَبْتَ ولا أَحْلَبْتَ أَي كان نِتاجُ إِبلِك ذُكوراً لا إِناثاً ليَذْهَبَ لبنُه.
وجَلَبَ لأَهلِه يَجْلُبُ وأَجْلَبَ: كَسَبَ وطَلَبَ واحْتالَ، عن اللحياني.
والجَلَبُ والجَلَبةُ: الأَصوات. وقيل: هو اختِلاطُ الصَّوْتِ. وقد
جَلَبَ القومُ يَجْلِبُون ويَجْلُبُون وأَجْلَبُوا وجَلَّبُوا. والجَلَبُ: الجَلَبةُ في جَماعة الناس، والفعْلُ أَجْلَبُوا وجَلَّبُوا، من الصِّيَاحِ.
وفي حديث الزُّبير: أَنَّ أُمَّه صَفِيَّة قالت أَضْرِبُه كي يَلَبَّ ويَقُودَ الجَيشَ ذا الجَلَبِ؛ هو جمع جَلَبة، وهي الأَصوات. ابن السكيت
يقال: هم يُجْلِبُون عليه ويُحْلِبُون عليه بمعنىً واحد أَي يُعِينُون
عليه. وفي حديث علي، رضي اللّه تعالى عنه: أَراد أَن يُغالِط بما أَجْلَبَ فيه. يقال أَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتأَلَّبوا. وأَجْلَبَه:
أَعانَه. وأَجْلَبَ عليه إِذا صاحَ به واسْتَحَثَّه.
وجَلَّبَ على الفَرَس وأَجْلَبَ وجَلَبَ يَجْلُب جَلْباً، قليلة: زَجَرَه. وقيل: هو إِذا رَكِب فَرساً وقادَ خَلْفَه آخَر يَسْتَحِثُّه، وذلك في
الرِّهان. وقيل: هو إِذا صاحَ به مِنْ خَلْفِه واسْتَحَثَّه للسَّبْق.
وقيل: هو أَن يُرْكِبَ فَرسَه رجلاً، فإِذا قَرُبَ من الغايةِ تَبِعَ
فَرَسَه، فَجَلَّبَ عليه وصاحَ به ليكون هو السابِقَ، وهو ضَرْبٌ من الخَدِيعةِ.
وفي الحديث: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ.
فالجَلَبُ: أَن يَتَخَلَّفَ الفَرَسُ في السِّباق فيُحَرَّكَ وراءَه الشيءُ يُسْتَحَثُّ فَيسبِقُ. والجَنَبُ: أَن يُجْنَبَ مع الفَرَس الذي يُسابَقُ به فَرَسٌ آخَرُ، فيُرْسَلَ، حتى إِذا دَنا تَحوّلَ راكِبُه على الفرَس الـمَجْنُوب، فأَخَذَ السَّبْقَ. وقيل، الجَلَبُ: أَن يُرْسَلَ في الحَلْبةِ، فتَجْتَمِعَ له جماعَةٌ تصِيحُ به لِيُرَدَّ عن وَجْهِه.
والجَنَبُ: أَن يُجْنَبَ فرَسٌ جامٌّ، فيُرْسَلَ من دونِ المِيطانِ، وهو الموضع الذي تُرْسَلُ فيه الخيل، وهو مَرِحٌ، والأُخَرُ مَعايا.
وزعم قوم أَنها في الصَّدقة، فالجَنَبُ: أَن تأْخُذَ شاءَ هذا، ولم
تَحِلَّ فيها الصدقةُ، فتُجْنِبَها إِلى شاءِ هذا حتى تأْخُذَ منها الصدقةَ.
وقال أَبو عبيد: الجَلَبُ في شيئين، يكون في سِباقِ الخَيْلِ وهو أَن
يَتْبَعَ الرجلُ فرَسَه فيَزْجُرَه ويُجْلِبَ عليه أَو يَصِيحَ حَثّاً له، ففي ذلك مَعونةٌ للفرَس على الجَرْيِ. فنَهِيَ عن ذلك. والوَجْهُ الآخر في الصَّدَقةِ أَن يَقْدَمَ الـمُصَدِّقُ على أَهْلِ الزَّكاةِ فَيَنْزِلَ موضعاً ثم يُرْسِلَ إِليهم من يَجْلُب إَِليه الأَموال من أَماكِنها لِيأْخُذَ صَدَقاتِها، فنُهِيَ عن ذلك وأُمِرَ أَن يأْخُذَ صَدَقاتِهم مِن أَماكِنِهم، وعلى مِياهِهِم وبِأَفْنِيَتِهِمْ. وقيل: قوله ولا جَلَبَ أَي لا تُجْلَبُ إِلى المِياه ولا إِلى الأَمْصار، ولكن يُتَصَدَّقُ بها في مَراعِيها.
وفي الصحاح: والجلَبُ الذي جاءَ النهيُ عنه هو أَن لا يأْتي
الـمُصَّدِّقُ القومَ في مِياهِهم لأَخْذِ الصَّدقاتِ، ولكن يَأْمُرُهم بِجَلْب
نَعَمِهم إِليه. وقوله في حديث
العَقَبةِ: إِنَّكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبُوا العَربَ والعَجَم مُجْلِبةً أَي مجتمعين على الحَرْب. قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في بعض الطرق بالباءِ. قال: والرواية بالياءِ، تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
ورَعْدٌ مُجَلِّبٌ: مُصَوِّتٌ. وغَيْثٌ مُجَلِّبٌ: كذلك. قال:
خَفاهُنَّ مِنْ أَنْفاقهِنَّ كأَنـَّما * خَفاهُنَّ وَدْقٌ، مِنْ عَشِيٍّ، مُجَلِّبُ
وقول صخر الغي:
بِحَيَّةِ قَفْرٍ، في وِجارٍ، مُقِيمة * تَنَمَّى بِها سَوْقُ الـمَنى والجَوالِبِ
أَراد ساقَتْها جَوالبُ القَدَرِ، واحدتها جالبةٌ.
وامرأَةٌ جَلاَّبةٌ ومُجَلِّبةٌ وجلِّبانةٌ وجُلُبَّانةٌ وجِلِبْنانةٌ وجُلُبْنانةٌ وتِكِلاَّبةٌ: مُصَوِّتةٌ صَخّابةٌ، كثيرة الكلام، سيئة الخُلُق، صاحِبةُ جَلَبةٍ ومُكالَبةٍ. وقيل: الجُلُبّانَة من النساء: الجافِيةُ، الغَلِيظةُ، كأَنَّ عليها جُلْبةً أَي قِشْرة غَلِيظة، وعامّةُ هذه اللغات عن الفارسي. وأَنشد لحُميد بن ثور:
جِلِبْنانةٌ، وَرْهاءُ، تَخْصِي حِمارَها، * بِفي، مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها، الجَلامِدُ
قال: وأَما يعقوب فإِنه روى جِلِبَّانةٌ، قال ابن جني: ليست لام
جِلِبَّانةٍ بدلاً من راءِ جِرِبَّانةٍ، يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أَصْلاً ومُتَصَرَّفاً واشْتِقاقاً صحيحاً؛ فأَمـّا جِلِبَّانة فمن الجَلَبةِ
والصِّياحِ لأَنها الصَّخَّابة. وأَما جِرِبَّانةٌ فمِن جَرَّبَ الأُمورَ
وتصَرَّفَ فيها، أَلا تراهم قالوا: تَخْصِي حِمارَها، فإِذا بلغت المرأَة من البِذْلةِ والحُنْكةِ إِلى خِصاءِ عَيْرها، فَناهِيكَ بها في
التَّجْرِبةِ والدُّرْبةِ، وهذا وَفْقُ الصَّخَب والضَّجَر لأَنه ضِدُّ الحيَاء
والخَفَر. ورَجلٌ جُلُبَّانٌ وجَلَبَّانٌ: ذُو جَلَبةٍ.
وفي الحديث: لا تُدْخَلُ مَكّةُ إِلاَّ بجُلْبان السِّلاح. جُلْبانُ السِّلاح: القِرابُ بما فيه. قال شمر: كأَنَّ اشتقاق الجُلْبانِ من الجُلْبةِ وهي الجِلْدَة التي تُوضع على القَتَبِ والجِلْدةُ التي تُغَشِّي التَّمِيمةَ لأَنها كالغِشاءِ للقِراب؛ وقال جِرانُ العَوْد:
نَظَرتُ وصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ، * وجُلْبُ الليلِ يَطْرُدُه النَّهارُ
أَراد بجُلْبِ الليل: سَوادَه.
وروي عن البَراء بن عازب، رضي اللّه عنه، أَنه قال لَـمَّا صالَحَ رَسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، الـمُشْرِكِين بالحُدَيْبِيةِ: صالحَهم على أَن يَدْخُلَ هو وأَصحابُه من قابل ثلاثةَ أَيام ولا يَدْخُلُونها إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ؛ قال فسأَلته: ما جُلُبَّانُ السّلاحِ؟ قال:
القِرابُ بما فِيه. قال أَبو منصور: القِرابُ: الغِمْدُ الذي يُغْمَدُ فيه
السَّيْفُ، والجُلُبَّانُ: شِبْه الجِرابِ من الأَدَمِ يُوضَعُ فيه السَّيْفُ مَغْمُوداً، ويَطْرَحُ فيه الرَّاكِبُ سَوْطَه وأَداتَه، ويُعَلِّقُه مِنْ آخِرةِ الكَوْرِ، أَو في واسِطَتِه. واشْتِقاقُه من الجُلْبة، وهي الجِلْدةُ التي تُجْعَلُ على القَتَبِ. ورواه القتيبي بضم الجيم واللام وتشديد الباء، قال: وهو أَوْعِيةُ السلاح بما فيها. قال: ولا أُراه سُمي به إِلا لجَفائِه، ولذلك قيل للمرأَة الغَلِيظة الجافِيةِ: جُلُبّانةٌ.
وفي بعض الروايات: ولا يدخلها إِلا بجُلْبانِ السِّلاح السيفِ والقَوْس ونحوهما؛ يريد ما يُحتاجُ إِليه في إِظهاره والقِتال به إِلى
مُعاناة لا كالرِّماح لأَنها مُظْهَرة يمكن تعجيل الأَذى بها، وإِنما اشترطوا ذلك ليكون عَلَماً وأَمارةً للسِّلْم إِذ كان دُخولُهم صُلْحاً.
وجَلَبَ الدَّمُ، وأَجْلَبَ: يَبِسَ، عن ابن الأَعرابي. والجُلْبةُ: القِشْرةُ التي تَعْلُو الجُرْحَ عند البُرْءِ. وقد جَلَبَ يَجْلِبُ ويَجْلُبُ، وأَجْلَبَ الجُرْحُ مثله. الأَصمعي: إِذا عَلَتِ القَرْحةَ جِلْدةُ البُرْءِ قيل جَلَبَ. وقال الليث: قَرْحةٌ مُجْلِبةٌ وجالِبةٌ وقُروحٌ جَوالِبُ وجُلَّبٌ، وأَنشد:
عافاكَ رَبِّي مِنْ قُرُوحٍ جُلَّبِ، * بَعْدَ نُتُوضِ الجِلْدِ والتَّقَوُّبِ
وما في السَّماءِ جُلْبةٌ أَي غَيْمٌ يُطَبِّقُها، عن ابن الأَعرابي.
وأَنشد:
إِذا ما السَّماءُ لَمْ تَكُنْ غَيْرَ جُلْبةٍ، * كجِلْدةِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ تُنِيرُها
تُنِيرُها أَي كأَنـَّها تَنْسِجُها بِنِيرٍ.
والجُلْبةُ في الجَبَل: حِجارة تَرَاكَمَ بَعْضُها على بَعْض فلم يكن
فِيه طَرِيقٌ تأْخذ فيه الدَّوابُّ.
والجُلْبةُ من الكَلإِ: قِطْعةٌ متَفَرِّقةٌ ليست بِمُتَّصِلةٍ.
والجُلْبةُ: العِضاهُ إِذا اخْضَرَّتْ وغَلُظَ عُودُها وصَلُبَ شَوْكُها.
والجُلْبةُ: السَّنةُ الشَّديدةُ، وقيل: الجُلْبة مثل الكُلْبةِ، شَدَّةُ الزَّمان؛ يقال: أَصابَتْنا جُلْبةُ الزَّمانِ وكُلْبةُ الزمان. قال أَوْسُ بن مَغْراء التَّمِيمي:
لا يَسْمَحُون، إِذا ما جُلْبةٌ أَزَمَتْ، * ولَيْسَ جارُهُمُ، فِيها، بِمُخْتارِ
والجُلْبةُ: شِدّة الجُوعِ؛ وقيل: الجُلْبةُ الشِّدّةُ والجَهْدُ والجُوعُ. قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حُنَيْش الهذلي وهو المتنخل، ويروى لأَبي ذؤيب، والصحيح الأَوّل:
كأَنـَّما، بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتهِ، * مِنْ جُلْبةِ الجُوعِ، جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ
والإِرْزِيزُ: الطَّعْنة. والجَيَّارُ: حُرْقةٌ في الجَوْفِ؛ وقال ابن بري: الجَيَّارُ حَرارةٌ مَن غَيْظٍ تكون في الصَّدْرِ. والإِرْزِيزُ الرِّعْدةُ. والجوالِبُ الآفاتُ والشّدائدُ. والجُلْبة: حَدِيدة تكون في الرَّحْل؛ وقيل هو ما يُؤْسر به سِوى صُفَّتِه وأَنـْساعِه.
والجُلْبةُ: جِلْدةٌ تُجْعَلُ على القَتَبِ، وقد أَجْلَبَ قَتَبَه: غَشَّاه بالجُلْبةِ. وقيل: هو أَن يَجْعَل عليه جِلْدةً رَطْبةً فَطِيراً ثم يَتْرُكها عليه حتى تَيْبَسَ. التهذيب: الإِجْلابُ أَن تأْخذ قِطْعةَ قِدٍّ، فتُلْبِسَها رأْسَ القَتَب، فَتَيْبَس عليه، وهي الجُلْبةُ. قال النابغة الجَعْدِي:
أُّمِرَّ، ونُحِّيَ مِنْ صُلْبِه، * كتَنْحِيةِ القَتَبِ الـمُجْلَبِ
والجُلْبةُ: حديدةٌ صغيرة يُرْقَعُ بها القَدَحُ. والجُلْبةُ: العُوذة تُخْرَز عليها جِلْدةٌ، وجمعها الجُلَبُ. وقال علقمة يصف فرساً:
بغَوْجٍ لَبانُه يُتَمُّ بَرِيمُه، * على نَفْثِ راقٍ، خَشْيةَ العَيْنِ، مُجْلَبِ(1)
(1 قوله «مجلب» قال في التكملة ومن فتح اللام أراد أن على العوذة جلدة.)
يُتَمُّ بَرِيمُه: أَي يُطالُ إِطالةً لسَعةِ صدرِه.
والـمُجْلِبُ: الذي يَجْعَل العُوذةَ في جِلْدٍ ثم تُخاطُ
على الفَرَس.
والغَوْجُ: الواسِعُ جِلْد الصَّدرِ. والبَرِيمُ: خَيْطٌ يُعْقَدُ عليه عُوذةٌ.
وجُلْبةُ السِّكِّينِ: التي تَضُمُّ النِّصابَ على الحديدة.
والجِلْبُ والجُلْبُ: الرَّحْلُ بما فيه. وقيل: خَشَبُه بلا أَنـْساعٍ
ولا أَداةٍ. وقال ثعلب: جِلْبُ الرَّحْلِ: غِطاؤُه. وجِلْبُ الرَّحْلِ
وجُلْبُه: عِيدانُه. قال العجاج، وشَبَّه بَعِيره بثَوْر وحْشِيٍّ رائحٍ،
وقد أَصابَه الـمَطَرُ:
عالَيْتُ أَنـْساعِي وجِلْبَ الكُورِ، * على سَراةِ رائحٍ، مَمْطُورِ
قال ابن بري: والمشهور في رجزه:
بَلْ خِلْتُ أعْلاقِي وجِلْبَ كُورِي
وأَعْلاقِي جمع عِلْقٍ، والعِلْقُ: النَّفِيسُ من كل شيءٍ.
والأَنـْساعُ: الحِبال، واحدها نِسْعٌ. والسَّراةُ: الظّهر وأَراد بالرائح الممطور الثور الوَحْشِيّ.
وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه: أَحْناؤُه.
والتَّجْلِيبُ: أَن تُؤْخَذ صُوفة، فتُلْقَى على خِلْفِ الناقة ثم تُطْلَى بطِين، أَو عجين، لئلا يَنْهَزَها الفَصِيلُ. يقال: جَلِّبْ ضَرْعَ
حَلُوبَتك. ويقال: جَلَّبْته عن كذا وكذا تَجْلِيباً أَي مَنَعْتُه.
(يتبع...)
(تابع... 1): جلب: الجَلْبُ: سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر.... ...
ويقال: إِنه لفي جُلْبةِ صِدْق أَي في بُقْعة صدْق، وهي الجُلَبُ.
والجَلْبُ: الجنايةُ على الإِنسان. وكذلك الأَجْلُ. وقد جَلَبَ عليه
وجَنَى عليه وأَجَلَ.
والتَّجَلُّب: التِماسُ الـمَرْعَى ما كان رَطْباً من الكَلإِ، رواه
بالجيم كأَنه معنى احنائه(1)
(1 قوله «كأنه معنى احنائه» كذا في النسخ ولم نعثر عليه.) .
والجِلْبُ والجُلْبُ: السَّحابُ الذي لا ماء فيه؛ وقيل: سَحابٌ رَقِيقٌ
لا ماءَ فيه؛ وقيل: هو السَّحابُ الـمُعْتَرِضُ تَراه كأَنه جَبَلٌ. قال
تَأَبَّطَ شَرًّا:
ولَسْتُ بِجِلْبٍ، جِلْبِ لَيْلٍ وقِرَّةٍ. * ولا بِصَفاً صَلْدٍ، عن الخَيْرِ، مَعْزِلِ
يقول: لست برجل لا نَفْعَ فيه، ومع ذلك فيه أَذًى كالسَّحاب الذي فيه رِيحٌ وقِرٌّ ولا مطر فيه، والجمع: أَجْلابٌ.
وأَجْلَبَه أَي أَعانَه. وأَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتَأَلَّبُوا مثل أَحْلَبُوا. قال الكميت:
على تِلْكَ إِجْرِيَّايَ، وهي ضَرِيبَتِي، * ولو أَجْلَبُوا طُرًّا عليَّ، وأَحْلَبُوا
وأَجْلَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِشَرٍّ وجَمَعَ الجَمْعَ عليه. وكذلك جَلَبَ يَجْلُبُ جَلْباً. وفي التنزيل العزيز: وأَجْلِبْ عليهم بخَيْلِكَ ورَجْلِكَ؛ أَي اجْمَعْ عليهم وتَوَعَّدْهم بالشر. وقد قُرئَ واجْلُبْ.
والجِلْبابُ: القَمِيصُ. والجِلْبابُ: ثوب أَوسَعُ من الخِمار، دون
الرِّداءِ، تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها؛ وقيل: هو ثوب واسِع، دون المِلْحَفةِ، تَلْبَسه المرأَةُ؛ وقيل: هو المِلْحفةُ. قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْرٍو ذي الكَلْب تَرْثِيه:
تَمْشِي النُّسورُ إليه، وهي لاهِيةٌ، * مَشْيَ العَذارَى، عليهنَّ الجَلابِيبُ
معنى قوله وهي لاهيةٌ: أَن النُّسور آمِنةٌ منه لا تَفْرَقُه لكونه
مَيِّتاً، فهي تَمْشِي إِليه مَشْيَ العذارَى. وأَوّل المرثية:
كلُّ امرئٍ، بطُوالِ العَيْش، مَكْذُوبُ، * وكُلُّ من غالَبَ الأَيَّامَ مَغْلُوبُ
وقيل: هو ما تُغَطِّي به المرأَةُ الثيابَ من فَوقُ كالمِلْحَفةِ؛ وقيل:
هو الخِمارُ. وفي حديث أُم عطيةَ: لِتُلْبِسْها صاحِبَتُها من جِلْبابِها أَي إِزارها. وقد تجَلْبَب. قال يصِفُ الشَّيْب:
حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا، * أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تجَلْبَبا(1)
(1 قوله «أشهبا» كذا في غير نسخة من المحكم. والذي تقدّم في ثوب أشيبا. وكذلك هو في التكملة هناك.)
وفي التنزيل العزيز: يُدْنِينَ علَيْهِنَّ من جَلابِيبِهِنَّ. قال ابن
السكيت، قالت العامرية: الجِلْبابُ الخِمارُ؛ وقيل: جِلْبابُ المرأَةِ
مُلاءَتُها التي تَشْتَمِلُ بها، واحدها جِلْبابٌ، والجماعة جَلابِيبُ، وقد تَجلْبَبَتْ؛ وأَنشد:
والعَيْشُ داجٍ كَنَفا جِلْبابه
وقال آخر:
مُجَلْبَبٌ من سَوادِ الليلِ جِلْبابا
والمصدر: الجَلْبَبةُ، ولم تُدغم لأَنها مُلْحقةٌ بدَخْرَجةٍ.
وجَلْبَبَه إِيَّاه. قال ابن جني: جعل الخليل باءَ جَلْبَب الأُولى كواو جَهْوَر ودَهْوَرَ، وجعل يونس الثانية كياءِ سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ. قال: وهذا قَدْرٌ مِن الحِجاجِ مُخْتَصَرٌ ليس بِقاطِعٍ، وإِنما فيه الأُنْسُ بالنَّظِير لا القَطْعُ باليَقين؛ ولكن مِن أَحسن ما يقال في ذلك ما كان أَبو عليّ، رحمه اللّه، يَحْتَجُّ به لكون الثاني هو الزائدَ قولهم: اقْعَنْسَسَ واسْحَنْكَكَ؛ قال أَبو علي: ووجهُ الدلالة من ذلك أَنّ نون افْعَنْلَلَ، بابها، إِذا وقعت في ذوات الأَربعة، أَن تكون بين أَصْلَينِ نحو احْرَنْجَمَ واخْرَنْطَمَ، فاقْعَنْسَسَ ملحق بذلك، فيجب أَن يُحْتَذَى به طَريق ما أُلحِقَ بمثاله، فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَنَّ الطاءَ المقابلة لها من اخْرَ نْطَمَ أَصْلٌ؛ وإِذا كانت السين الأُولى من اقعنسسَ أَصلاً كانت الثانية الزائدةَ من غير ارْتياب ولا شُبهة. وفي حديث عليّ: مَن أَحَبَّنا، أَهلَ البيتِ، فَلْيُعِدَّ للفَقْرِ جِلْباباً، وتِجْفافاً. ابن الأَعرابي: الجِلْبابُ: الإِزارُ؛ قال: ومعنى قوله فليُعِدَّ للفَقْر يريد لفَقْرِ الآخِرة، ونحوَ ذلك. قال أَبو عبيد قال الأَزهريّ: معنى قول ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزار لم يُرِدْ به إِزارَ الحَقْوِ، ولكنه أَراد إِزاراً يُشْتَمَلُ به، فيُجَلِّلُ جميعَ الجَسَدِ؛ وكذلك إِزارُ الليلِ، وهو الثَّوْبُ السابِغُ الذي يَشْتَمِلُ به النائم، فيُغَطِّي جَسَدَه كلَّه. وقال ابن الأَثير: أَي ليَزْهَدْ في الدنيا وليَصْبِرْ على الفَقْر والقِلَّة. والجِلْبابُ أَيضاً: الرِّداءُ؛ وقيل: هو كالمِقْنَعةِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وظهرها وصَدْرَها، والجمع جَلابِيبُ؛ كنى به عن الصبر لأَنه يَستر الفقر كما يَستر الجِلْبابُ البَدنَ؛ وقيل: إِنما كَنى بالجلباب عن اشتماله بالفَقْر أَي فلْيَلْبس إِزارَ الفقرِ ويكون منه على حالة تَعُمُّه وتَشْمَلُه، لأَنَّ الغِنى من أَحوال أَهل الدنيا، ولا يتهيأُ الجمع بين حُب أَهل الدنيا وحب أَهل البيت.
والجِلْبابُ: الـمُلْكُ.
والجِلِبَّابُ: مَثَّل به سيبويه ولم يفسره أَحد. قال السيرافي: وأَظُنه
يَعْني الجِلْبابَ.
والجُلاَّبُ: ماءُ الورد، فارسي معرَّب. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كان النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، إِذا اغْتَسَلَ مِن الجنابة دَعا بشيءٍ مِثْلِ الجُلاَّبِ، فأَخَذَ بكَفِّه، فبدأَ بشِقِّ رأْسه الأَيمن ثم الأَيسر، فقال بهما على وسَط رأْسه. قال أَبو منصور: أَراد بالجُلاَّبِ ماءَ الوردِ، وهو فارسيٌّ معرّب، يقال له جُلْ وآب. وقال بعض أَصحاب المعاني والحديث: إِنما هو الحِلابُ لا الجُلاَّب، وهو ما يُحْلَب فيه الغنم كالمِحْلَب سواء، فصحَّف، فقال جُلاَّب، يعني أَنه كان يغتسل من الجنابة فيذلك الحِلاب.
والجُلْبانُ: الخُلَّرُ، وهو شيءٌ يُشْبِه الماشَ. التهذيب: والجُلْبانُ
الـمُلْكُ، الواحدة جُلْبانةٌ، وهو حَبٌّ أَغْبرُ أَكْدَرُ على لَوْنِ الماشِ، إِلا أَنه أَشدُّ كُدْرَةً منه وأَعظَمُ جِرْماً، يُطْبَخُ. وفي حديث مالك: تؤْخذ الزكاة من الجُلْبان؛ هو بالتخفيف حَبٌّ كالماش.
والجُلُبَّانُ، من القَطاني: معروف. قال أَبو حنيفة: لم أَسمعه من
الأَعراب إِلاَّ بالتشديد، وما أَكثر مَن يُخَفِّفه. قال: ولعل التخفيف
لغة.واليَنْجَلِبُ: خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بها الرجال. حكى اللحياني عن العامرية أَنَّهُن يَقُلْنَ:
أَخَّذْتُــــــــه باليَنْجَلِبْ،
فلا يَــــــرْم ولا يَغِبْ،
ولا يَـــزَلْ عند الطُّنُبْ
وذكر الأَزهري هذه الخرزة في الرباعي، قال: ومن خرزات الأَعراب اليَنْجَلِبُ، وهو الرُّجوعُ بعد الفِرارِ، والعَطْفُ بعد البُغْضِ.
والجُلْبُ: جمع جُلْبةٍ، وهي بَقْلةٌ.
ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ
هذه اللغة الفصيحة، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالاً وضَلالةً؛ وقال كراع: وبنو
تميم يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وقال اللحياني: أَهل
الحجاز يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نجد يقولون ضَلَلْت أَضِلُّ، قال
وقد قرئ بهما جميعاً قوله عز وجل: قُلْ إِن ضَلَلْتُ فإِنما أَضِلُّ على
نفسي؛ وأَهل العالية يقولون ضَلِلْتُ، بالكسر، أَضَلُّ، وهو ضالٌّ تالٌّ،
وهي الضَّلالة والتَّلالة؛ وقال الجوهري: لغة نجد هي الفصيحة. قال ابن
سيده: وكان يحيى بن وَثَّاب يقرأ كلَّ شيء في القرآن ضَلِلْت وضَلِلْنا،
بكسر اللام، ورَجُلٌ ضالٌّ. قال: وأَما قراءة من قرأَ ولا الضّأَلِّينَ،
بهمز الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء الساكنين الأَلف واللام فحرَّك الأَلف
لالتقائهما فانقلبت همزة، لأَن الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا
يَتَحمَّل الحركة، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تحريكه قلبوه إِلى أَقرب الحروف إِليه
وهو الهمزة؛ قال: وعلى ذلك ما حكاه أَبو زيد من قولهم شأَبَّة ومَأَدَّة؛
وأَنشدوا:
يا عَجَبا لقد رأَيْتُ عَجَبا:
حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا
يريد زَامَّها. وحكى أَبو العباس عن أَبي عثمان عن أَبي زيد قال: سمعت
عمرو بن عبيد يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عن ذَنْبهِ إِنْسٌ ولا
جأَنٌّ، بهمز جانٍّ، فظَنَنْتُه قد لَحَن حتى سمعت العرب تقول شأَبَّة
ومأَدَّة؛ قال أَبو العباس: فقلت لأَبي عثمان أَتَقِيس ذلك؟ قال: لا ولا أَقبله.
وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قال:
لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مالي
بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ
وأَضَلَّه: جعله ضَالاًّ. وقوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ على هُداهم فإِنَّ
الله لا يَهْدي مَنْ يُضِلُّ، وقرئت: لا يُهْدى من يُضِلُّ؛ قال
الزَّجّاج: هو كما قال تعالى: من يُضْلِلِ اللهُ فلا هادِيَ له. قال أَبو منصور:
والإِضْلالُ في كلام العرب ضِدُّ الهداية والإِرْشاد. يقال: أَضْلَلْت
فلاناً إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عن الطريق؛ وإِياه أَراد لبيد:
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ، ومن شاءَ أَضَلّ
قال لبيد: هذا في جاهِلِيَّته فوافق قوله التنزيل العزيز: يُضِلُّ من
يشاء ويَهْدِي من يشاء؛ قال أَبو منصور: والأَصل في كلام العرب وجه آخر
يقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته.
وفي الحديث: سيكُون عليكم أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم، يريد
بمعصيتهم الخروجَ عليهم وشَقَّ عَصَا المسلمين؛ وقد يقع أَضَلَّهم في غير هذا
الموضع على الحَمْل على الضَّلال والدُّخول فيه. وقوله في التنزيل العزيز:
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس؛ أَي ضَلُّوا بسببها لأَن
الأَصنام لا تفعل شيئاً ولا تَعْقِل، وهذا كما تقول: قد أَفْتَنَتْني هذه
الدارُ أَي افْتَتَنتُ بسببها وأَحْبَبتُها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رآها الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيَافاً من البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل
قال السُّكَّري: طُلِبَ منه أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كما يقال جُنَّ
جُنونُه، ونِيافاً أَي طويلة، وهو مصدر نافَ نِيَافاً وإِن لم يُسْتعمل،
والمستعمل أَناف؛ وقال ابن جني: نِيافاً مفعول ثان لرآها لأَن الرؤية ههنا رؤية
القلب لقوله رآها الفُؤَاد. ويقال: ضَلَّ ضَلاله، كما يقال جُنَّ
جُنونُه؛ قال أُمية:
لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا،
ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ
وقال أَوس بن حَجَر:
إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ،
إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها
وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لم تعرف موضعهما، وضَلَلْت الدارَ
والمَسْجدَ والطريقَ وكلَّ شيء مقيم ثابت لا تَهْتَدي له، وضَلَّ هو عَنِّي
ضَلالاً وضَلالةً؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو بن العلاء إِذا لم تعرف
المكانَ قلت ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط من يَدِك شيءٌ قلت أَضْلَلْته؛ قال:
يعني أَن المكان لا يَضِلُّ وإِنما أَنت تَضِلُّ عنه، وإِذا سَقَطَت
الدراهمُ عنك فقد ضَلَّت عنك، تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أَضْلَلْته،
وللشيء الثابت في موضعه إِلا أَنك لم تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قال
الفرزدق:ولقد ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً،
كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ
وفي الحديث: ضالَّة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: وهي الضائعة من كل ما
يُقْتَنَى من الحيوان وغيره. الجوهري: الضّالَّة ما ضَلَّ من البهائم للذكر
والأُنثى، يقال: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق إِذا جار، قال:
وهي في الأَصل فاعِلةٌ ثم اتُّسِعَ فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع
على الذكر والأُنثى والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوالَّ؛ قال: والمراد
بها في هذا الحديث الضَّالَّةُ من الإِبل والبقر مما يَحْمِي نفسَه ويقدر
على الإِبْعاد في طلب المَرْعَى والماء بخلاف الغنم؛ والضّالَّة من
الإِبل: التي بمَضْيَعَةٍ لا يُعْرَفُ لها رَبٌّ، الذكر والأُنثى في ذلك
سواء. وسُئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ضَوالِّ الإِبل فقال: ضالَّةُ
المؤمن حَرَقُ النار، وخَرَجَ جوابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على
سؤَال السائل لأَنه سأَله عن ضَوالِّ الإِبل فنهاه عن أَخذها وحَذَّره
النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لها، ثم قال، عليه السلام: ما لَكَ ولَها، مَعها
حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ؛ أَراد أَنها بعيدة المَذهَب
في الأَرض طويلة الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دون راعٍ يحفظها فلا
تَعَرَّضْ لها ودَعْها حتى يأْتيها رَبُّها، قال: وقد تطلق الضَّالَّة
على المعاني، ومنه الكلمة الحكيمةُ: ضالَّةُ المؤمن، وفي رواية: ضالَّةُ كل
حكيم أَي لا يزال يَتَطَلَّبها كما يتطلب الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ
الشيءُ: خَفِيَ وغاب. وفي الحديث: ذَرُّوني في الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ الله،
يريد أَضِلُّ عنه أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عليه مكاني، وقيل: لَعَلِّي
أَغيب عن عذابه. يقال: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه في مكان ولم
تَدْرِ أَين هو، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ الناسي إِذا غاب عنه
حفظُ الشيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيء إِذا وَجَدتَه ضالاًّ كما تقول
أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه محموداً وبَخيلاً. ومنه الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم أَي وجدهم ضُلاَّلاً غير
مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، ومعنى الحديث من قوله تعالى: أََإِذا ضَلَلْنا في
الأَرض أَي خَفِينا وغِبْنا. وقال ابن قتيبة في معنى الحديث: أَي
أَفُوتُه، وكذلك في قوله لا يَضِلُّ ربي لا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قال
الشاعر:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ
أُنُفٍ، كلائحة المُضِلِّ، جَرُور
وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تقول: إِنَّك لتَهْدِي الضالَّ ولا تَهْدِي
المُتَضالَّ. ويقال: ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَب عَني؛
وأَنشد:
والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها
يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي
(* قوله «المبتغي» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري
وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة).
أَي تذهب عني. ويقال: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شيء ليس بثابت
قائم مما يزول ولا يَثْبُت. وقوله في التنزيل العزيز: لا يَضِلُّ رَبي
ولا يَنْسى؛ أَي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه، وقيل: معناه لا يَغِيب عن شيء
ولا يَغِيب عنه شيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا ضاع منك مثل الدابّة
والناقة وما أَشبهها إِذا انفَلَت منك، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشيء
الثابت مثل الدار والمكان قلت ضَلِلْته وضَلَلْته، ولا تقل أَضْلَلْته. قال
محمد بن سَلام: سمعت حَمَّاد بن سَلَمة يقرأُ في كتاب: لا يُضِلُّ ربي
ولا يَنْسى، فسأَلت عنها يونس فقال: يَضِلُّ جَيِّدةٌ، يقال: ضَلَّ فلان
بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قال أَبو منصور: خالفهم يونس في هذا. وفي الحديث:
لولا أَن الله لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل ما رَزَأْناكم عِقالاً؛ قال ابن
الأَثير: أَي بُطْلانَ العمل وضَياعَه مأْخوذ من الضَّلال الضياع؛ ومنه
قوله تعالى: ضَلَّ سَعْيُهم في الحياة الدنيا. وأَضَلَّه أَي أَضاعه
وأَهلكه. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ؛ أَي في هلاك.
والضَّلال: النِّسْيان. وفي التنزيل العزيز: مِمَّنْ تَرْضَوْن من
الشُّهَداء أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر إِحداهما الأُخرى؛ أَي تَغِيب عن
حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عنها، وقرئ: إِنْ تَضِلَّ، بالكسر، فمن كَسَر
إِنْ قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه؛ قال الزجاج: المعنى في إِنْ تَضِلَّ
إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذاكرة، قال: وتُذْكِر
وتُذَكِّر رَفْعٌ مع كسر إِنْ
(* قوله «وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان» كذا في
الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل
احداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان
قراءة اخرى) لا غير، ومن قرأَ أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر، وهي قراءة
أَكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أَن المعنى اسْتَشْهِدوا امرأَتين
لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قال
سيبويه: فإِن قال إِنسان: فَلِمَ جاز أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هذا للإِذكار؟
فالجواب عنه أَنَّ الإِذكار لما كان سببه الإِضلال جاز أَن يُذْكَر أَن
تَضِلَّ لأَن الإِضلال هو السبب الذي به وَجَب الإِذكارُ، قال: ومثله
أَعْدَدْتُ هذا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لا
للميل، ولكن الميل ذُكِر لأَنه سبب الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضلال لأَنه
سبب الإِذكار، فهذا هو البَيِّن إِن شاء الله. ومنه قوله تعالى: قال
فَعَلْتُها إِذاً وأَنا من الضّالِّين؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وقوله
تعالى: وما كَيْدُ الكافرين إِلا في ضَلالٍ؛ أَي يَذْهب كيدُهم باطلاً
ويَحِيق بهم ما يريده الله تعالى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عنه.
أَبو عمرو: أَضْلَلْت بعيري إِذا كان معقولاً فلم تَهْتَدِ لمكانه،
وأَضْلَلْته إِضْلالاً إِذا كان مُطْلَقاً فذهب ولا تدري أَين أَخَذَ. وكلُّ ما
جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت ضَلَلْته، وما جاء من المفعول به قلت
أَضْلَلْته. قال أَبو عمرو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ
في اللبن إِذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إِذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي
إِذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب منك، وقوله
تعالى: أَضَلَّ أَعمالهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه لم يُجازِهم على ما عَمِلوا
من خير؛ وهذا كما تقول للذي عمِل عَمَلاً لم يَعُدْ عليه نفعُه: قد
ضَلَّ سَعْيُك. ابن سيده: وإِذا كان الحيوان مقيماً قلت قد ضَلَلْته كما يقال
في غير الحيوان من الأَشياء الثابتة التي لا تَبْرَح؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا
وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً: ضاع. وتَضْلِيل الرجل: أَن تَنْسُبَه
إِلى الضَّلال. والتضليل: تصيير الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قال الراعي:
وما أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ
أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا
قال ابن سيده: هكذا قاله الراعي بالوَقْص، وهو حذف التاء من
مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذلك ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، على الكمال.
والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فلان عن القَصْد إِذا جار. ووقع في وادي
تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الباطل. قال الجوهري: وقَع في وادي تُضُلِّلَ مثل
تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كله لا ينصرف. ويقال للباطل: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قال عمرو
بن شاس الأَسدي:
تَذَكَّرْت ليلى، لاتَ حينَ ادِّكارِها،
وقد حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال
قال ابن بري: حكاه أَبو علي عن أَبي زيد ضُلاًّ بالنصب؛ قال ومثله
للعَجَّاج:
يَنْشُدُ أَجْمالاً، وما مِنْ أَجمال
يُبْغَيْنَ إِلاَّ ضُلَّة بتَضْلال
والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فيها
ولا يُهْتَدى فيها للطريق. وفلان يَلومُني ضَلَّةً إِذا لم يُوَفَّق للرشاد
في عَذْله. وفتنة مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وكذلك طريق مَضَلٌّ.
الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غيره: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ
الناس فيها، والمَجْهَلُ كذلك. يقال: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً
ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلاً مَضَلاًّ؛ وأَنشد:
أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها،
لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق
وقال بعضهم: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وهو اسم، ولو كان نعتاً كان
بغير الهاء. ويقال: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى
والجمع سواء، كما قالوا الولد مَبْخَلةٌ؛ وقيل: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة
وأَرَضون مَضَلاَّت ومَضِلاَّتٌ. أَبو زيد: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ
ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابن السكيت: قولهم أَضَلَّ الله ضَلالَك أَي ضَلَّ
عنك فذَهب فلا تَضِلُّ. قال: وقولهم مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عنك حتى لا
تَمَلَّ. ورجل ضِلِّيل: كثير الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّق لخير أَي
ضالٌّ جدّاً، وقيل: صاحب غَواياتٍ وبَطالاتٍ وهو الكثير التتبُّع
للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الذي لا يُقْلِع عن الضَّلالة، وكان امرؤ القيس
يُسَمَّى الملِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وفي حديث عليٍّ وقد سُئل عن أَشعر
الشعراء فقال: إِنْ كان ولا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل، يعني امْرَأَ القيس،
كان يُلَقَّب به. والضِّلِّيل، بوزن القِنْدِيل: المُبالِغ في الضَّلال
والكثيرُ التَّتبُّع له. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قال كعب بن زهير:
كانت مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً،
وما مَواعِيدُها إِلا الأَضالِيلُ
وفلان صاحب أَضَالِيلَ، واحدتها أُضْلُولةٌ؛ قال الكميت:
وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْـ
ـرِ أَضَالِيلُ من فُنُون الضَّلال
الفراء: الضُّلَّة، بالضم، الحَذَاقة بالدَّلالة في السَّفَر.
والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ في خير أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وقال ابن
الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كذا وكذا أَي لم أَقْدِرْ عليه، وأَنشد:
إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني
يُريدُ مالي، أَضَلَّني عَلِلي
أَي فارَقَتْني فلم أَقْدِرْ عليها. ويقال للدَّلِيل الحاذق الضُّلاضِل
والضُّلَضِلة
(* قوله «ويقال للدليل الى قوله الضلضلة» هكذا في الأصل،
وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الاعرابي والصواب وعلبط كما هو نص
الباب اهـ. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس).
قاله ابن الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً أَي ضاع وهَلَك،
والاسم الضُّلُّ، بالضم؛ ومنه قولهم: فلان ضُلُّ بن ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ في
الضَّلال، وقيل: هو الذي لا يُعْرَف ولا يُعْرَف أَبوه، وقيل: هو الذي
لا خير فيه، وقيل: إِذا لم يُدْرَ مَنْ هو ومِمَّنْ هو، وهو الضَّلالُ
بْنُ الأَلال والضَّلال بن فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بهذا المعنى.
يقال: فلان ضُِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ
(* قوله «ضل أضلال وصل أصلال»
عبارة القاموس: ضل أضلال بالضم والكسر، واذا قيل بالصاد فليس فيه الا
الكسر) بالضاد والصاد إِذا كان داهية. وفي المثل: يا ضُلَّ ما تَجْرِي به
العَصَا أَي يا فَقْدَه ويا تَلَفَه يقوله قَصِير ابن سعد لجَذِيمةَ
الأَبْرَش حين صار معه إِلى الزَّبَّاء، فلما صار في عَمَلِها نَدِمَ، فقال له
قَصِيرٌ: ارْكَبْ فرسي هذا وانْجُ عليه فإِنه لا يُشَقُّ غُبَارُه. وفعل
ذلك ضِلَّةً أَي في ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لغير رشْدةٍ؛ عن أَبي زيد.
وذَهَب ضِلَّةً أَي لم يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لم
يُثْأَرْ به. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مضاف، أَي لا خَير فيه ولا خير عنده؛
عن ثعلب، وكذلك رواه ابن الكوفي؛ وقال ابن الأَعرابي: إِنما هو تِبْعٌ
ضِلَّةٌ، على الوصف، وفَسَّره بما فَسَّره به ثعلب؛ وقال مُرَّة: هو تِبْعُ
ضِلَّة أَي داهيةٌ لا خير فيه، وقيل: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصاد. وضَلَّ
الرَّجُلُ: مات وصار تراباً فَضَلَّ فلم يَتَبَيَّنْ شيء من خَلْقه. وفي
التنزيل العزيز: أَإِذا ضَلَلْنَا في الأَرض؛ معناه أَإِذا مِتْنا وصِرْنا
تراباً وعِظَاماً فَضَلَلْنا في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا.
وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قال المُخَبَّل:
أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها،
وفارِسَها في الدَّهْر قَيْسَ بنَ عاصم
وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وروي بيت النابغة الذُّبْياني يَرْثي
النُّعمان بن الحرث بن أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:
فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ
فما في حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ
فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ
يريد بِمُضِلِّيه دافِنيه حين مات، وقوله بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ
صادقٍ أَنه مات، والجَوْلانُ: موضع بالشام، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان
الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ به أُمُّه: دَفَنتْه، نادر؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَتًى، ما أَضَلَّتْ به أُمُّه
من القَوْم، لَيْلَة لا مُدَّعَم
قوله لا مُدَّعَم أَي لا مَلْجَأَ ولا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الماء الذي
يَجرِي تحت الصَّخرة لا تصيبه الشمس، يقال: ماءٌ ضَلَلٌ، وقيل: هو الماء
الذي يجري بين الشجر. وضَلاضِلُ الماء: بقاياه، والصادُ لُغةٌ، واحدتها
ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلة وضَلَضِلةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ
وضُلاضِلٌ: غليظة؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهي أَيضاً الحجارة التي
يُقِلُّها الرجلُ، وقال سيبويه: الضَّلَضِلُ مقصور عن الضَّلاضِل. التهذيب:
الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حجر قَدْر ما يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فوق ذلك أَملس يكون
في بطون الأَودية؛ قال: وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها. الجوهري:
الضُّلَضِلة، بضم الضاد وفتح اللام وكسر الضاد الثانية، حَجَرٌ قَدْر ما
يُقِلُّه الرجل، قال: وليس في الكلام المضاعف غيره؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر
الغَيِّ:
أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه،
وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ على الضُّلَضِله؟
وقال الفراء: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وهو الشديد ذو الحجارة؛ قال:
أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بناء حَمَصِيص وصَمَكِيك فحذفوا الياء.
الجوهري: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلة الأَرض الغليظةُ؛ عن الأَصمعي، قال:
كأَنه قَصْر الضَّلاضِل.
ومُضَلَّل، بفتح اللام: اسم رجل من بني أَسد؛ وقال الأَسود بن يعْفُر:
وقَبْليَ مات الخالِدَان كِلاهُما:
عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده فَقَبْلي، بالفاء، لأَن قبله:
فإِنْ يَكُ يَوْمِي قد دَنَا، وإِخالُه
كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل
والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.
غلب: غَلَبه يَغْلِـبُه غَلْباً وغَلَباً، وهي أَفْصَحُ، وغَلَبةً
ومَغْلَباً ومَغْلَبةً؛ قال أَبو الـمُثَلَّمِ:
رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ، مَنَّاعُ مَغْلَبةٍ، * رَكَّابُ سَلْهبةٍ، قَطَّاعُ أَقْرانِ
وغُلُبَّـى وغِلِـبَّـى، عن كراع. وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً، الأَخيرةُ عن
اللحياني: قَهَره. والغُلُبَّة، بالضم وتشديد الباءِ: الغَلَبةُ؛ قال
الـمَرَّار:
أَخَذْتُ بنَجْدٍ ما أَخَذْتُ غُلُبَّةً، * وبالغَوْرِ لي عِزٌّ أَشَمُّ طَويلُ
ورجل غُلُبَّة أَي يَغْلِبُ سَريعاً، عن الأَصمعي. وقالوا: أَتَذْكر
أَيامَ الغُلُبَّةِ، والغُلُبَّـى، والغِلِـبَّى أَي أَيامَ الغَلَبة وأَيامَ من عَزَّ بَزَّ. وقالوا: لمنِ الغَلَبُ والغَلَبةُ؟ ولم يقولوا: لِـمَنِ الغَلْبُ؟ وفي التنزيل العزيز: وهم من بَعْدِ غَلَبِهم سَيَغْلِـبُون؛ وهو من مصادر المضموم العين، مثل الطَّلَب. قال الفراءُ: وهذا يُحْتَمَلُ أَن يكونَ غَلَبةً، فحذفت الهاءُ عند الإِضافة، كما قال الفَضْلُ بن العباس بن عُتْبة اللِّهْبـيّ:
إِنَّ الخَلِـيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا، * وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الذي وَعَدُوا
أَراد عِدَةَ الأَمر، فحذف الهاءَ عند الإِضافة. وفي حديث ابن مسعود: ما اجْتَمَعَ حلالٌ وحرامٌ إِلا غَلَبَ الـحَرامُ الـحَلالَ أَي إِذا
امْتَزَجَ الحرامُ بالـحَلال، وتَعَذَّرَ تَمْييزهما كالماءِ والخمر ونحو ذلك، صار الجميع حراماً. وفي الحديث: إِنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبي؛ هو إِشارة إِلى سعة الرحمة وشمولها الخَلْقَ، كما يُقال: غَلَبَ على فلان الكَرَمُ أَي هو أَكثر خصاله. وإِلا فرحمةُ اللّه وغَضَبُه صفتانِ راجعتان إِلى إِرادته، للثواب والعِقاب، وصفاتُه لا تُوصَفُ بغَلَبَةِ إِحداهما الأُخرى، وإِنما على سبيل المجاز للمبالغة. ورجل غالِبٌ مِن قوم غَلَبةٍ، وغلاَّب من قوم غَلاَّبينَ، ولا يُكَسَّر. ورجل غُلُبَّة وغَلُبَّة: غالِبٌ، كثير الغَلَبة، وقال اللحياني: شديد الغَلَبة. وقال: لَتَجِدَنَّه غُلُبَّة عن قليل، وغَلُبَّةَ أَي
غَلاَّباً.والـمُغَلَّبُ: الـمَغْلُوبُ مِراراً. والـمُغَلَّبُ من الشعراءِ:
المحكوم له بالغلبة على قِرْنه، كأَنه غَلَب عليه. وفي الحديث: أَهلُ الجنةِ الضُّعَفاءُ الـمُغَلَّبُونَ. الـمُغَلَّبُ: الذي يُغْلَبُ كثيراً. وشاعر مُغَلَّبٌ أَي كثيراً ما يُغْلَبُ؛ والـمُغَلَّبُ أَيضاً: الذي يُحْكَمُ
له بالغَلَبة، والمراد الأَوَّل. وغُلِّبَ الرجلُ، فهو غالِبٌ: غَلَبَ، وهو من الأَضداد. وغُلِّبَ على صاحبه: حُكِمَ له عليه بالغلَبة؛ قال امرؤُ القيس:
وإِنَّكَ لم يَفْخَرْ عليكَ كفاخِرٍ * ضَعِـيفٍ؛ ولم يَغْلِـبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ
وقد غالبَه مُغالبة وغِلاباً؛ والغِلابُ: الـمُغالَبة؛ وأَنشد بيت كعب
بن مالك:
هَمَّتْ سَخِـينَةُ أَن تُغالِبَ رَبَّها، * ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ
والـمَغْلبة: الغَلَبة؛ قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبة تَرْثي أَباها:
يَدْفَعُ يومَ الـمَغْلَبَتْ، * يُطْعِمُ يومَ الـمَسْغَبَتْ
وتَغَلَّبَ على بلد كذا: استولى عليه قَهْراً، وغَلَّبْتُه أَنا عليه تَغْليباً. محمدُ بنُ سَلاَّمٍ: إِذا قالت العرب: شاعر مُغَلَّبٌ، فهو مغلوب؛ وإِذا قالوا: غُلِّبَ فلانٌ، فهو غالب. ويقال: غُلَّبَتْ ليْلى الأَخْيَليَّة على نابِغة بني جَعْدَة، لأَنها غَلَبَتْه، وكان الجَعْدِيُّ مُغَلَّباً.
وبعير غُلالِبٌ: يَغْلِبُ الإِبل بسَيْرِه، عن اللحياني. واسْتَغْلَبَ
عليه الضحكُ: اشتدَّ، كاسْتَغْرَبَ. والغَلَبُ: غِلَظُ العُنق وعِظَمُها؛
وقيل غِلَظُها مع قِصَرٍ فيها؛ وقيل: مع مَيَلٍ يكون ذلك من داءٍ أَو
غيره. غَلِبَ غَلَباً، وهو أَغْلَبُ: غليظُ الرَّقَبة. وحكى اللحياني: ما كان أَغْلَبَ، ولقد غَلِبَ غَلَباً، يَذْهَبُ إِلى الانتقال عما كان عليه.
قال: وقد يُوصَفُ بذلك العُنُق نفسه، فيقال: عُنُق أَغْلَبُ، كما يقال: عُنقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ. وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: بِـيضٌ مَرازبةٌ غُلْبٌ جَحاجحة؛ هي جمع أَغْلَب، وهو الغليظ الرَّقَبة، وهم يَصِفُون أَبداً السادةَ بغِلَظِ الرَّقبة وطُولِها؛ والأُنثى: غَلْباءُ؛ وفي قصيد كعب: غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرَةٌ. وقد يُسْتَعْمَل ذلك في غير الحيوان، كقولهم: حَديقةٌ غَلْباءُ أَي عظيمةٌ مُتكاثفة مُلْتفَّة. وفي التنزيل العزيز: وحَدائِقَ غُلْباً. وقال الراجز:
أَعْطَيْت فيها طائِعاً، أَوكارِها،
حَديقةً غَلْباءَ في جِدارِها
الأَزهري: الأَغْلَبُ الغَلِـيظُ القَصَرَةِ. وأَسَدٌ أَغْلَبُ وغُلُبٌّ: غَلِـيظُ الرَّقَبة. وهَضْبةٌ غَلْباءُ: عَظِـيمةٌ مُشْرِفة. وعِزَّةٌ غَلْباءُ كذلك، على المثل؛ وقال الشاعر:
وقَبْلَكَ ما اغْلَولَبَتْ تَغْلِبٌ، * بغَلْباءَ تَغْلِبُ مُغْلَولِـبينا
يعني بِعِزَّة غَلْباءَ. وقَبيلة غَلْباءُ، عن اللحياني: عَزيزةٌ ممتنعةٌ؛ وقد غَلِبَتْ غَلَباً.
واغْلَولَبَ النَّبْتُ: بَلَغَ كلَّ مَبْلَغٍ والتَفَّ، وخَصَّ اللحيانيُّ به العُشْبَ. واغْلَوْلَبَ العُشْبُ، واغْلَولَبَتِ الأَرضُ إِذا التَفَّ عُشْبُها. واغْلَولَبَ القومُ إِذا كَثُرُوا، من اغْلِـيلابِ العُشْبِ. وحَديقَةٌ مُغْلَوْلِـبَة: ملْتفّة. الأَخفش: في قوله عز وجل: وحدائقَ غُلْباً؛ قال: شجرة غَلْباءُ إِذا كانت غليظة؛ وقال امرؤُ القيس:
وشَبَّهْتُهُمْ في الآلِ، لـمَّا تَحَمَّلُوا، * حَدائِقَ غُلْباً، أَو سَفِـيناً مُقَيَّرا
والأَغْلَبُ العِجْليُّ: أَحَدُ الرُّجَّاز.
وتَغْلِبُ: أَبو قبيلة، وهو تَغْلِبُ بنُ وائل بن قاسط بنِ هِنْبِ بنِ
أَفْصَى بن دُعْمِـيِّ بن جَديلَةَ ابن أَسَدِ بن ربيعةَ بن نِزار بن
مَعَدِّ بن عَدْنانَ. وقولهم: تَغْلِبُ بنتُ وائِل، إِنما يَذْهَبُون
بالتأْنيث إِلى القبيلة، كما قالوا تميمُ بنتُ مُرٍّ. قال الوليد بن عُقْبة،
وكان وَليَ صَدَقات بني تَغْلِبَ:
إِذا ما شَدَدْتُ الرأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ، * فَغَيَّكِ عَنِّي، تَغْلِبَ ابنةَ وائِل
وقال الفرزدق:
لولا فَوارِسُ تَغْلِبَ ابْنةِ وائِلٍ، * ورَدَ العَدُوُّ عليك كلَّ مَكانِ
وكانت تَغْلِبُ تُسَمَّى الغَلْباءَ؛ قال الشاعر:
وأَوْرَثَني بَنُو الغَلْباءِ مَجْداً * حَديثاً، بعدَ مَجْدِهِمُ القَديمِ
والنسبة إليها: تَغْلَبـيٌّ، بفتح اللام، اسْتِـيحاشاً لتَوالي الكسرتين
مع ياءِ النسب، وربما قالوه بالكسر، لأَن فيه حرفين غير مكسورين، وفارق النسبة إِلى نَمِر. وبنو الغَلْباءِ: حَيٌّ؛ وأَنشد البيت أَيضاً:
وأَوْرَثَني بنُو الغَلْباءِ مَجْداً
وغالِبٌ وغَلاَّبٌ وغُلَيْبٌ: أَسماءٌ. وغَلابِ، مثل قَطامِ: اسم
امرأَة؛ مِن العرب مَنْ يَبْنِـيه على الكسرِ، ومنهم من يُجْريه مُجْرى زَيْنَبَ.
وغالِبٌ: موضعُ نَخْلٍ دون مِصْرَ، حَماها اللّه، عز وجل، قال كثير عزة:
يَجُوزُ بِـيَ الأَصْرامَ أَصْرامَ غالِبٍ، * أَقُولُ إِذا ما قِـيلَ أَيْنَ تُريدُ:
أُريدُ أَبا بكرٍ، ولَوْ حالَ، دُونَه، * أَماعِزُ تَغْتالُ الـمَطِـيَّ، وَبِـيدُ
والـمُغْلَنْبـي: الذي يَغْلِـبُكَ ويَعْلُوكَ.
غبر: غَبَرَ الشيءُ يَغْبُر غُبوراً: مكث وذهب. وغَبَرَ الشيءُ يَغْبُر
أَي بقي.والغابِرُ: الباقي. والغابِرُ: الماضي، وهو من الأَضداد؛ قال
الليث: وقد يَجِيء الغابِرُ في النعت كالماضي. ورجل غابِرٌ وقوم غُبَّرٌ:
غابِرون. والغابِرُ من الليل: ما بقي منه. وغُبْرُ كل شيء: بقيَّته، والجمع
أَغبارٌ، وهو الغُبَّرُ أَيضاً، وقد غلب ذلك على بقيّة اللبن في الضرع
وعلى بقيَّة دَمِ الحيض؛ قال ابن حِلِّزة:
لا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها،
إِنَّك لا تَدْرِي مَنِ الناتِجُ
ويقال: بها غُبَّرٌ من لَبَنٍ أَي بالناقة. وغُبَّرُ الحَيْض: بقاياه؛
قال أَبو كبير الهذلي واسمه عامر ابن الحُلَيس:
ومُبَرَّإِ من كل غُبَّرِ حَيْضةٍ،
وفَسادِ مُرْضِعَة، وداءٍ مُغْيِلِ
قوله: ومُبَرَّإِ معطوف على قوله:
ولقد سَرَيْتُ على الظلامِ بمِغْشَم
وغُبَّرُ المرَض: بقاياه، وكذلك غُبْرُ الليل. وغُبْرُ الليل: آخره.
وغُبْرُ الليل: بقاياه، واحدها غُبْرٌ
(* قوله« وغبر الليل بقاياه واحدها
غبر» كذا بضبط الأصل) . وفي حديث معاوية: بِفِنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ
غُبْرٌ أَي قليل. وغُبْرُ اللبَن: بقيَّته وما غَبَرَ منه. وقوله في الحديث:
إِنه كان يَحْدُر فيما غَبَرَ من السُّورة؛ أَي يُسرِع في قِراءتها؛ قال
الأَزهري: يحتمل الغابِرُ هنا الوجهين يعني الماضي والباقي، فإِنه من
الأَضداد، قال: والمعروف الكثير أَن الغابِرَ الباقي. قال: وقال غير واحد
من الأَئمة إِنه يكون بمعنى الماضي؛ ومنه الحديث: أَنه اعتكَفَ العَشْر
الغوابِرَ من شهر رمضان، أَي البواقى، جمعُ غابِرٍ. وفي حديث ابن عمر:
سُئِل عن جُنُب اغترف بكُوز من حُبّ فأَصابت يدُه الماء، فقال: غابرُه نَجِسٌ
أَي باقيهِ. وفي الحديث: فلم يَبْقَ إِلا غُبَّرات من أَهل الكتاب، وفي
رواية: غُبَّرُ أَهل الكتاب؛ الغُبَّر جمع غابِر، والغُبَّرات جمع
غُبَّرٍ. وفي حديث عَمرو بن العاص: ما تأَبَّطَتْني الإِماءُ ولا حَمَلَتْني
البغايا في غُبَّرات المآلي؛ أَراد أَنه لم تتولَّ الإِماء تربيتَه،
والمآلي: خِرَقُ الحيض، أَي في بَقاياها؛ وتَغَبَّرْتُ من المرأَة ولداً.
وتَزَوَّج رجل من العرب امرأَة قد أَسنَّت فقيل له في ذلك فقال: لعلِّي
أَتَغبَّر منها ولداً، فولدتْ له غُبَرَ. مِثالُ عُمَر، وعو غُبَرُ بنَ غَنْم
بن يَشْكُر ابن بَكْر بن وائل.
وناقة مِغْبار: تَغْزُرُ بعدما تَغْزُرُ اللَّواتِي يُنْتَجْن معها.
ونَعت أَعرابي ناقةً فقال: إِنَّها مِعْشارٌ مِشْكار مِغْبارٌ، فالمِغْبار
ما ذكرناه آنفاً، والمِشْكار الغَزيرة على قِلَّة الحَظِّ من المَرْعى،
والمِعشَار تقدم ذكره.
ابن الأَنباري: الغابِرُ الباقي في الأَشْهَر عندهم، قال: وقد يقال
للماضي غابِرٌ؛ قال الأَعشى في الغابِرِ بمعنى الماضي:
عَضَّ بِما أَبْقى المَواسي له،
من أُمِّه، في الزَّمَن الغابِرِ
أَراد الماضي. قال الأَزهري: والعروف في كلام العرب أَن الغابِرَ
الباقي. قال أَبو عبيد: الغُبَّرات البَقايا، واحدها غابِرٌ، ثم يجمع غُبَّراً،
ثم غُبَّرات جمع الجمع. وقال غير واحد من أَئمة اللغة: إِن الغابرَ يكون
بمعنى الماضي.
وداهية الغَبَرِ، بالتحريك: داهية عظيمة لا يُهتدى لِمِثْلها؛ قال
الحرْمازي يمدح المنذِرَ بنَ الجارُودِ:
أَنت لها مُنْذِرُ، من بين البَشَرْ،
داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاء الغَبَرْ
يريد يا منذر. وقيل: داهية الغَبَرِ الذي يعانِدُك ثم يرجع إِلى قولك.
وحكى أَبو زيد: ما غَبَّرْت إِلا لِطَلَب المِراء. قال أَبو عبيد: من
أَمثالهم في الدَّهاءِ والإِرْب: إِنه لداهية الغَبَر؛ ومعنى شعر المنذر
يقول: إِن ذُكِرتْ يقولون لا تسمعوها فإِنها عظيمة؛ وأَنشد:
قد أَزِمَتْ إِن لم تُغَبَّرْ بِغَبَرْ
قال: هو من قولهم جُرْح غَبِرٌ. وداهية الغَبَر: بليّة لا تكاد تذهب؛
وقول الشاعر:
وعاصِماً سلّمه من الغدَرْ
من بعد إِرْهان بصَمَّاء الغَبَرْ
قال أَبو الهيثم: يقول أَنجاه من الهلاك بعد إِشراف عليه. وإِرْهانُ
الشيء: إِثباتُه وإِدامتُه.
والغَبَرُ: البقاء والغَبَرُ، بغير هاء: التُّراب؛ عن كراع. والغَبَرةُ
والغُبار: الرَّهَجُ، وقيل: الغَبَرةُ تردُّد الرَّهَجِ فإِذا نار سُمّي
غُباراً. والغُبْرة: الغُبار أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِعَيْنَيَّ لم تَسْتأْنسا يومَ غُبْرَةٍ،
ولم تَرِدا أَرضَ العِراق فَتَرْمَدَا
وقوله أَنشده ثعلب:
فَرَّجْت هاتيك الغُبَرْ
عنا، وقد صابت بقُرْ
قال ابن سيده: لم يفسره، قال: وعندي أَنه عَنَى غُبَر الجَدْب لأَن
الأَرض تَغْبَرُّ إِذا أَجْدَبَتْ؛ قال: وعندي أَن غُبَر ههنا موضع. وفي
الحديث: لو تعلمون ما يكون في هذه الأُمَّة من الجوع الأَغْبَرِ والمَوْت
الأَحْمر؛ قال ابن الأَثير: هذا من أَحسن الاستِعارات لأَن الجوع أَبداً
يكون في السنين المُجدبة، وسِنُو الجَدْب تُسمَّى غُبْراً لاغْبرار آفاقها
من قلَّة الأَمطار وأَرَضِيها من عَدَم النبات والاخْضِرار، والموتُ
الأَحمرُ الشديد كأَنه موتٌ بالقَتْل وإِراقة الدماء؛ ومنه حديث عبدِ الله بن
الصامت: يُخَرّب البَصْرةَ الجُوعُ الأَغْبَر والموت الأَحْمَرُ؛ هو من
ذلك. واغْبَرَّ اليوم: اشتدَّ غُباره؛ عن أَبي عليّ. وأَغْبَرْتُ: أَثَرْت
الغُبار، وكذلك غَبَّرْت تَغْبِيراً. وطَلَب فلاناً فما شَقَّ غُبَارَه
أَي لم يُدْرِكه. وغَبَّرَ الشيءَ: لَطَّخَه بالغُبارِ. وتَغَبَّر: تلطَّخ
به. واغبَرَّ الشيءُ: عَلاه الغُبار. والغَبْرةُ: لطخُ الغُبار.
والغُبْرَة: لَوْنُ الغُبار؛ وقد غَبِرَ واغْبَرَّ اغْبِرَاراً، وهو أَغْبَرُ.
والغُبْرة: اغْبِرار اللوْن يَغْبَرُّ للهمِّ ونحوه. وقوله عز وجل: ووجوهٌ
يومئذ عليها غَبَرة تَرْهَقُها قَتَرة؛ قال: وقول العامة غُبْرة خطأ،
والغُبْرة لون الأَغْبر، وهو شبيه بالغُبار. والأَغْبر: الذئب للونه؛
التهذيب: والمُغَبِّرة قوم يُغَبِّرون بذكر الله تعالى بدعاء وتضرّع، كما
قال:عبادك المُغَبِّره،
رُشَّ علينا المَغفِرَه
قال الأَزهري: وقد سَمَّوْا يُطَرِّبون فيه من الشِّعْر في ذكر الله
تَغْبيراً كأَنهم تنَاشَدُوهُ بالأَلحان طَرَّبوا فَرَقَّصوا وأَرْهَجوا
فسُمّوا مُغَبِّرة لهذا المعنى. قال الأَزهري: وروينا عن الشافعي، رضي الله عنه،
أَنه قال: أَرى الزَّنادِقة وَضَعوا هذا التَّغْبِير ليَصُدّوا عن ذكر
الله وقراءة القرآن. وقال الزجاج: سُمّوا مُغَبِّرين لتزهيدهم الناس في
الفانية، وهي الدنيا، وترغيبهم في الآخرة الباقية، والمِغْبار من النخل: التي
يعلوها الغُبار؛ عن أَبي حنيفة.
والغَبْراء: الأَرض لغُبْرة لونها أَو لما فيها من الغُبار.
وفي حديث أَبي هريرة: بَيْنا رجُل في مفازة غَبْراء؛ هي التي لا يهتدى
للخروج منها. وجاء على غَبْراء الظهر وغُبَيراء الظهر، يعني الأَرض. وتركه
على غُبَيراء الظهر أَي ليس له شيء. التهذيب: يقال جاء فلان على
غُبَيراء الظهر، ورجع عَوْده على بَدْئه، ورجع على أَدْراجه ورَجَع دَرَجَه
الأَوَّل، ونكَص على عَقِبَيْه، كل ذلك إِذا رجع ولم يصِب شيئاً. وقال ابن
أَحمر: إِذا رجع ولم يقدر على حاجته قيل: جاء على غُبَيراء الظهر كأَنه رجع
وعلى ظهره غُبار الأَرض. وقال زيد بن كُثْوة: يقال تركته على غُبَيراء
الظهر إِذا خاصَمْت رجلاً فَخَصَمته في كل شيء وغلبته على ما في يديه.
والوَطْأَة الغَبْراء: الجديدة، وقيل: الدارسة وهو مثل الوَطأَة السَّوداء.
والغَبراء: الأَرض في قوله، صلى الله عليه وسلم: ما أَظلَّت الخَضراء ولا
أَقلَّت الغَبْراء ذا لَهْجة أَصْدَقَ من أَبي ذرّ؛ قال ابن الأَثير:
الخَضراء السماء، والغَبْراء الأَرض؛ أَراد أَنه مُتَناهٍ في الصِّدق إِلى
الغاية فجاء به على اتِّساع الكلام والمجاز. وعِزٌّ أَغْبر: ذاهبٌ دارِس؛
قال المخبَّل السعدي:
فأَنْزَلَهم دارَ الضَّياع، فأَصْبَحوا
على مَقْعَدٍ من مَوْطِن العِزِّ أَغْبَرا
وسَنة غبراء: جَدْبة، وبَنُو غَبْراء: الفقراء، وقيل: الغُرَباء، وقيل:
الصَّعالِيك، وقيل: هم القوم يجتمعون للشراب من غير تعارُف؛ قال طرفَة:
رأَيتُ بني غَبْراء لا ينكرونني،
ولا أَهلُ هَذاك الطِّراف المُمَدَّد
وقيل: هم الذين يَتناهَدون في الأَسفار. الجوهري: وبَنُو غَبْراء الذين
في شِعْر طرفة المَحَاويج، ولم يذكر الجوهري البيت، وذكره ابن بري وغيره
وهو: رأَيت بني غَبْراء لا ينكرونني
قال ابن بري: وإِنما سمى الفقراء بني غَبْراء للُصوقهم بالتُّراب، كما
قيل لهم المُدْقِعُون للصوقهم بالدَّقْعاء، وهي الأَرض كأَنهم لا حائل
بينهم وبينها. وقوله: ولا أَهلُ مرفوع بالعطف على الفاعل المضمَر في
يُنكرونني، ولم يحتج إِلى تأْكيد لطول الكلام بلا النافية؛ ومثله قوله سبحانَه
وتعالى: ما أَشْرَكنا ولا آباؤُنا. والطراف: خِباءٌ من أَدَم تتخذه
الأَغنياء؛ يقول: إِن الفقراء يعرفونني بإِعطائي وبِرّي والأَغنياء يعرفونني
بفَضْلي وجَلالة قَدْرِي. وفي حديث أُوَيْس: أَكون في غُبَّر الناس أَحبُّ
إِليَّ، وفي رواية: في غَبْراء الناس، بالمدّ، فالأَوّل في غُبَّر الناس
أَي أَكون مع المتأَخرين لا المتقدِّمين المشهورين، وهو من الغابِرِ
الباقي، والثاني في غَبْراء الناس بالمدّ أَي في فقرائهم؛ ومنه قيل
للمَحاويج بَنُو غَبْراء كأَنهم نُسبوا إِلى الأَرض والتراب؛ وقال
الشاعر:وبَنُو غَبْراء فيها
يَتعاطَون الصِّحافا
يعني الشُّرْب. والغَبْراء: اسم فرس قيس بن زهير العَبسي. والغَبْراء:
أُنثى الحَجَل.
والغَبْراء والغُبَيْراء: نَباتٌ سُهْلِيٌّ، وقيل: الغَبْراء شجرته
والغُبَيْراء ثمرته، وهي فاكهة، وقيل: الغُبَيْراء شجرته والغَبْراء ثمرته
بقلب ذلك، الواحد والجمع فيه سواء، وأَما هذا الثمر الذي يقال له
الغُبَيْراء فدخيل في كلام العرب؛ قال أَبو حنيفة: الغُبَيْراء شجرة معروفة، سميت
غُبَيْراء للون وَرَقِها وثمرتها إِذا بدت ثم تحمر حُمْرة شديدة، قال:
وليس هذا الاشتقاق بمعروف، قال: ويقال لثمرتها الغُبَيراء، قال: ولا تذكر
إِلا مصغّرة. والغُبَيراء: السُّكُرْكَةُ، وهو شراب يعمل من الذرة يتخذه
الحَبَشُ وهو يُسْكِر. وفي الحديث: إِياكم والغُبَيراءَ فإِنها خمر
العالم. وقال ثعلب: هي خمر تُعْمَل من الغُبَيراء، هذا الثمر المعروف، أَي هي
مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فضل بينهما في التحريم.
والغَبْراء من الأَرض: الخَمِرُ. والغَبْراء والغَبَرة: أَرض كثيرة
الشجر. والغِبْرُ: الحِقْد كالغِمْر. وغَبِرَ العِرْق غَبَراً، فهو غَبِرٌ:
انتقض. ويقال: أَصابه غَبَرٌ في عِرْقِه أَي لا يكاد يبرأُ؛ قال الشاعر:
فهو لا يَبْرأُ ما في صَدْرِه،
مثل ما لا يَبْرأُ العِرْقُ الغَبِرْ
بكسر الباء. وغَبِرَ الجُرْح، بالكسر، يَغْبَر غَبَراً إِذا انْدَمَل
على فساد ثم انتقض بعد البُرْء؛ ومنه سمي العرْق الغَبِر لأَنه لا يزال
ينتقض، والناسور بالعربية هو العِرْق الغَبِر. قال: والغَبَرُ أَن يَبْرأَ
ظاهرُ الجرح وباطنه دَوٍ؛ وقال الأَصمعي في قوله:
وقَلِّبي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا
قال: الغَبَرُ داء في باطن خف البعير. وقال المفضل: هو من الغُبْرة،
وقيل: الغَبَرُ فساد الجرح أَنَّى كان؛ أَنشد ثعلب:
أَعْيَا على الآسِي بَعِيداً غَبَرُهْ
قال: معناه بعيداً فسادُه يعني أَن فساده إِنما هو في قعره وما غَمَضَ
من جوانبه فهو لذلك بعيد لا قريب. وأَغْبَر في طلب الشيء: انكمش وجَدّ في
طلبه. وأَغْبَرَ الرجل في طلب الحاجة إِذا جدّ في طلبها؛ عن ابن السكيت.
وفي حديث مجاشع: فخرجوا مُغْبِرين هم ودَوابُّهم؛ المُغْبِرُ: الطالب
للشيء المنكمش فيه كأَنه لحرصه وسرعته يُثِير الغُبار؛ ومنه حديث الحرث بن
أَبي مصعب: قدم رجل من أَهل المدينة فرأَيته مُغْبِراً في جَِهازه.
وأَغْبَرت علينا السماءُ: جَدَّ وَقْعُ مطرها واشتد.
والغُبْرانُ: بُسْرتان أَو ثلاث في قِمْع واحد، ولا جمع للغُبْران من
لفظه. أَبو عبيد: الغُبْرانُ رُطَبتان في قمْع واحد مثل الصِّنْوانِ نخلتان
في أَصل واحد، قال: والجمع غَبارِين. وقال أَبو حنيفة: الغُبْرانة،
بالهاء، بَلَحات يخرجن في قمع واحد. ويقال: لَهِّجوا ضَيْفَكم وغَبِّروه
بمعنى واحد. والغَبِير: ضرب من التمر.
والغُبْرورُ: عُصَيْفِير أَغْبَر. والمُغْبور، بضم الميم؛ عن كراع: لغة
في المُغْثور، والثاء أَعلى.
غور: غَوْرُ كلِّ شيء: قَعْرُه. يقال: فلان بعيد الغَوْر. وفي الحديث:
أَنه سَمِع ناساً يذكرون القَدَرَ فقال: إنكم قد أُخذتم في شِعْبَين
بَعيدَي الغَوْرِ؛ غَوْرُ كل شيء: عُمْقه وبُعْده، أَي يَبْعُد أَن تدركوا
حقيقةَ علمه كالماء الغائرِ الذي لا يُقْدَر عليه؛ ومنه حديث الدعاء: ومن
أَبْعَدُ غَوْراً في الباطل مني. وغَوْرُ تهامةَ: ما بين ذات عرْق والبحرِ
وهو الغَوْرُ، وقيل: الغَوْرُ تهامةُ وما يلي اليمنَ. قال الأَصمعي: ما
بين ذات عرق إلى البحر غَوْرٌ وتهامة. وقال الباهلي: كل ما انحدر مسيله،
فهو غَوْرٌ.
وغارَ القومُ غَوْراً وغُؤُوراً وأَغارُوا وغَوَّرُوا وتَغَوَّرُوا:
أَتَوا الغَوْرَ؛ قال جرير:
يا أُمَّ حزْرة ، ما رأَينا مِثْلَكم
في المُنْجدِينَ ، ولا بِغَوْرِ الغائِرِ
وقال الأَعشى:
نَبيّ يَرَى ما لا تَرَون، وذِكْرُه
أَغارَ ، لَعَمْري ، في البلاد وأَنْجدا
وقيل: غارُوا وأَغاروا أَخذوا نَحْوَ الغَوْر. وقال الفراء: أَغارَ لغة
بمعنى غارَ، واحتج ببيت الأَعشى. قال محمد بن المكرم: وقد روي بيتَ
الأَعشى مخروم النصف:
غارَ ، لَعَمْرِي ، في البلاد وأَنْجَدا
وقال الجوهري: غارَ يَغُورُ غَوْراً أَي أَتى الغَور، فهو غائِرٌ. قال:
ولا يقال أَغارَ؛ وقد اختلف في معنى قوله:
أَغار، لعمرِي ، في البلاد وأَنجدا
فقال الأَصمعي: أَغارَ بمعنى أَسرع وأَنجد أَي ارتفع ولم يرد أَتى
الغَوْرَ ولا نَجْداً؛ قال: وليس عنده في إتيان الغَوْر إلا غارَ؛ وزعم الفراء
أَنها لغة واحتج بهذا البيت، قال: وناسٌ يقولون أَغارَ وأَنجد، فإِذا
أَفْرَدُوا قالوا: غارَ، كما قالوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، فإِذا
أَفردوا قالوا: أَمْرَأَنِي. ابن الأَعرابي: تقول ما أَدري أَغارَ فلانٌ أَم
مار؛ أَغارَ: أَتَى الغَوْرَ، ومارَ: أَتَى نجداً. وفي الحديث: أَنه
أَقطع بلالَ ابنَ الحرث مَعادِنَ القَبَلِيَّة جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها؛
قال ابن الأَثير: الغَورُ ما انخفض من الأَرض، والجَلْسُ ما ارتفع منها.
يقال: غارَ إذا أَتى الغَوْرَ، وأَغارَ أَيضاً، وهي لغة قليلة؛ وقال جميل:
وأَنتَ امرؤٌ من أَهل نَجْدٍ، وأَهْلُنا
تِهامٌ، وما النَّجْدِيّ والمُتَغَوّرُ؟
والتَّغْوِيرُ: إتيان الغَوْر. يقال: غَوَّرْنا وغُرْنا بمعنى.
الأَصمعي: غارَ الرجلُ يَغُورُ إذا سارَ في بلاد الغَورِ؛ هكذا قال الكسائي؛
وأَنشد بيت جرير أَيضاً:
في المنْجِدينَ ولا بِغَوْر الغائر
وغارَ في الشيء غَوْراً وغُؤوراً وغِياراً، عن سيبويه: دخل. ويقال: إنك
غُرْتَ في غير مَغارٍ؛ معناه طَلَبْتَ في غير مطْلَبٍ. ورجل بعيد
الغَوْرِ أَي قَعِيرُ الرأْي جيّدُه. وأَغارَ عَيْنَه وغارَت عينُه تَغُورُ
غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَتْ: دخلت في الرأْس، وغَارت تَغارُ لغة فيه؛ وقال
الأَحمر:
وسائلة بظَهْر الغَيْبِ عنّي:
أَغارَت عينُه أَم لم تَغارا؟
ويروى:
ورُبَّتَ سائلٍ عنِّي خَفِيٍّ:
أَغارت عينهُ أَمْ لم تَغارا؟
وغار الماءُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَ: ذهب في الأَرض وسَفَلَ فيها.
وقال اللحياني: غارَ الماءُ وغَوَّرَ ذهب في العيون. وماءٌ غَوْرٌ: غائر،
وصف بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: قل أَرأَيتم إِنْ أَصبَحَ ماؤُكم
غَوْراً؛ سمي بالمصدر، كا يقال: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حَشْرٌ ودرهم ضَرْبٌ أَي
ضُرب ضرباً. وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غربت،
وكذلك القمر والنجوم؛ قال أَبو ذؤيب:
هل الدَّهْرُ إلا لَيْلةٌ ونَهارُها،
وإلا طلُوع الشمس ثم غِيارُها؟
والغارُ: مَغارةٌ في الجبل كالسَّرْب، وقيل: الغارُ كالكَهْف في الجبل،
والجمع الغِيرانُ؛ وقال اللحياني: هو شِبْهُ البيت فيه، وقال ثعلب: هو
المنخفض في الجبل. وكل مطمئن من الأَرض:غارٌ؛ قال:
تؤمُّ سِناناً، وكم دُونه
من الأَرض مُحْدَوْدِباً غارُها
والغَوْرُ: المطمئن من الأَرض. والغارُ: الجُحْرُ الذي يأْوي إليه
الوحشيّ، والجمع من كل ذلك، القليل: أَغوارٌ؛ عن ابن جني، والكثيرُ: غِيرانٌُ.
والغَوْرُ: كالغار في الجبل. والمَغارُ والمَغارةُ: كالغارِ؛ وفي
التنزيل العزيز: لويَجِدون مَلْجأً أَو مَغارات مُدَّخَلاً؛ وربما سَمَّوْا
مكانِسَ الظباء مَغاراً؛ قال بشر:
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنُمةٍ عليها
كَوانِس ، قالصاً عنها المَغارُ
وتصغير الغارِ غُوَيْرٌ. وغارَ في الأَرض يَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً:
دخل. والغارُ: ما خلف الفَراشة من أَعلى الفم، وقيل: هو الأُخدود الذي بين
اللَّحْيين، وقيل: هو داخل الفم، وقيل: غارُ الفم نِطْعا في الحنكين. ابن
سيده: الغارانِ العَظْمان اللذان فيهما العينان، والغارانِ فمُ الإِنسان
وفرجُه، وقيل: هما البطن والفرج؛ ومنه قيل: المرء يسعى لِغارَيْه؛ وقال:
أَلم تر أَنَّ الدهْرَ يومٌ وليلة،
وأَنَّ الفتَى يَسْعَىْ لِغارَيْهِ دائبا؟
والغارُ: الجماعة من الناس. ابن سيده: الغارُ الجمع الكثير من الناس،
وقيل: الجيش الكثير؛ يقال: الْتَقَى الغاران أَي الجيشان؛ ومنه قول
الأَحْنَفِ في انصراف الزبير عن وقعة الجمل: وما أَصْنَعُ به إن كان جَمَعَ بين
غارَيْنِ من الناس ثم تركهم وذهب؟ والغارُ: وَرَقُ الكَرْمِ؛ وبه فسر
بعضهم قول الأَخطل:
آلَتْ إلى النِّصف مِنْ كَلفاءَ أَترَعَها
عِلْجٌ، ولَثَّمها بالجَفْنِ والغارِ
والغارُ: ضَرْبٌ من الشجر، وقيل: شجر عظام له ورق طوال أَطول من ورق
الخِلاف وحَمْلٌ أَصغر من البندق، أَسود يقشر له لب يقع في الدواء، ورقُه
طيب الريح يقع في العِطر، يقال لثمره الدهمشت، واحدته غارةٌ، ومنه دُهْنُ
الغارِ؛ قال عدي بن زيد:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقُها،
تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ والغارا
الليث: الغارُ نبات طيب الريح على الوُقود، ومنه السُّوس. والغار:
الغبار؛ عن كراع.
وأَغارَ الرجلُ: عَجِلَ في الشيء وغيّره. وأَغار في الأَرض: ذهب، والاسم
الغارة. وعَدَا الرجلُ غارةَ الثعلب أَي عَدْوِه فهو مصدر كالصَّماء، من
قولهم اشْتَملَ الصَّماءَ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فَعَدِّ طِلابَها، وتَعَدَّ عنها
بِحَرْفٍ، قد تُغِيرُ إذا تَبُوعُ
والاسم الغَويِرُ ؛ قال ساعدة يبن جؤية:
بَساقٍ إذا أُولى العَديِّ تَبَدَّدُوا،
يُخَفِّضُ رَيْعانَ السُّعاةِ غَوِيرُها
والغارُ: الخَيْل المُغِيرة؛ قال الكميت بن معروف:
ونحنُ صَبَحْنا آلَ نَجْرانَ غارةً:
تَمِيمَ بنَ مُرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا
يقول: سقيناهم خَيْلاً مُغِيرة، ونصب تميم بن مر على أَنه بدل من غارة؛
قال ابن بري: ولا يصح أَن يكون بدلاً من آل نجران لفساد المعنى، إِذ
المعنى أَنهم صَبَحُوا أَهلَ نجران بتميم بن مُرٍّ وبرماح أَصحابه، فأَهل
نجران هم المطعونون بالرماح، والطاعن لهم تميم وأًصحابه، فلو جعلته بدلاً من
آل نَجْران لا نقلب المعنى فثبت أَنها بدل من غارة. وأَغار على القوم
إِغارَةً وغارَةً: دفع عليهم الخيل، وقيل: الإِغاة المصدر والغارة الاسم من
الإِغارة على العدوّ؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح. وتغاوَرَ القوم: أَغار
بعضهم على بعض. وغاوَرَهم مُغاورة، وأَغار على العدوّ يُغير إِغارة
ومُغاراً.
وفي الحديث: مَنْ دخل إلى طعامٍ لم يُدْعَ إِليه دَخل سارقاً وخرج
مُغيراً؛ المُغير اسم فاعل من أَغار يُغير إِذا نَهَب، شبَّه دُخوله عليهم
بدُخول السارق وخروجَه بمَن أَغارَ على قوم ونَهَبَهُم.وفي حديث قيس بن
عاصم: كنت أُغاوِرُهم في الجاهلية أَي أُغِير عليهم ويُغِيرُون عليّ،
والمُغاورَة مُفاعلة؛ وفي قول عمرو بن مرة:
وبيض تَلالا في أَكُفِّ المَغاوِرِ
المَغاوِرُ، بفتح الميم: جمعُ مُغاوِر بالضم، أَو جمع مِغْوار بحذف
الأَلف أَو حذْفِ الياء من المَغاوِير. والمِغْوارُ: المبالِغُ في الغارة.
وفي حديث سهل، رضي الله عنه: بَعثَنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
غَزارةٍ فلما بَلَغْنا المُغارَ اسْتَحْثَثْتُ فرَسِي، قال ابن الأَثير:
المُغارُ، بالضم، موضع الغارةِ كالمُقامِ موضع الإِقامة، وهي الإِغارةُ نفسها
أَيضاً. وفي حديث عليّ: قال يومَ الجمل: مل ظَنُّكَ بامرئٍ جمعَ بين
هذين الغارَيْنِ؟ أَي الجَيّشين؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه أَبو موسى في
الغين والواو؛ وذكره الهروي في الغين والياء، وذكر حديث الأَحْنَف
وقولهفي الزبير، رضي الله عنه، قال: والجوهري ذكره في الواو، قال: والواوُ
والياءُ متقاربان في الانقلاب؛ ومنه حديث فِتْنة الأَزْدِ: ليَجْمعا بين هذين
الغارَيْن. والغَارَةُ: الجماعة من الخيل إِذا أَغارَتْ. ورجلِ مغْوار
بيّن الغِوار: مقاتل كثير الغاراتِ على أَعدائِه، ومٌغاورٌ كذلك؛ وقومٌ
مَغاوِيرُ وخيل مغيرةٌ. وفرسٌ مِغْوارٌ: سريع؛ وقال اللحياني: فرسٌ
مِعْوارٌ شديد العَدْوِ؛ قال طفيل:
عَناجِيج من آل الوَجِيه، ولاحِقٍ،
مَغاويرُ فيها للأَريب مُعَقَّبُ
الليث: فرس مُغارٌ شديد المفاصل. قال الأَزهري: معناه شدَّة الأَسْر
كأَنه فَتِل فَتْلاً. الجوهري: أَغارَ أَي شدَّ العَدْوَ وأَسرع. وأَغارَ
الفرسُ إِغارةً وغارةً: اشْتدّ عَدْوُه وأَسرع في الغارةِ وغيرها،
والمُغِيرة والمِغىرة: الخيل التي تُغِير. وقالوا في حديث الحج: أَشْرِقْ ثَبِير
كَيْما نُغِير أَي نَنْفِر ونُسْرِع للنحر وندفع للحجارة؛ وقال يعقوب:
الإِغارةُ هنا الدفع أَي ندفع للنفر، وقيل: أَرادَ نُغِير على لُحوم
الأَضاحي، من الإِغارة: النهبِ، وقيل: نَدْخل في الغَوْرِ، وهو المنخفض من
الأَرض على لغة من قال أَغارَ إِذا أَتى الغَوْرَ؛ ومنه قولهم: أَغارَ
إِغارَة الثعلبِ إِذا أَسْرع ودفع في عَدْوِه. ويقال للخيل المُغِيرة: غارةٌ.
وكانت العرب تقول للخيل إذا شُنَّت على حيٍّ نازلين: فِيحِي فَياحِ أَي
اتَّسِعي وتفرّقي أَيتُها الخيل بالحيّ، ثم قيل للنهب غارة، وأَصلها
الخيل المُغيرة؛ وقال امرؤ القيس:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقرِيبُ تَتْفُل
والسِّرحان: الذئب، وغارتهُ: شدَّةُ عَدْوِه. وفي التنزيل العزيز:
فالمُغيرات صُبْحاً. وغارَني الرجلُ يَغيرُني ويَغُورُني إذا أَعطاه الدّية؛
رواه ابن السكيت في باب الواو والياء. وأَغارَ فلانٌ بني فلان: جاءهم
لينصروه، وقد تُعَدَّى وقد تُعَدَّى بإلى. وغارَهُ بخير يَغُورُه ويَغِيرُه
أَي نفعه. ويقال: اللهم غُِرْنا منك بغيث وبخير أَي أَغِثّنا به. وغارَهم
الله بخير يَغُورُهم ويَغِيرُهم: أَصابهم بِخصْب ومطر وسقاهم. وغارَهم
يَغُورُهم غَوْراً ويَغِيرُهم: مارَهُم.
واسْتَغْوَرَ اللهَ: سأَله الغِيرةَ؛ أَنشد ثعلب:
فلا تَعْجلا، واسْتَغْوِرا اللهَ، إِنّه
إذا الله سَنَّى عقْد شيء تَيَسَّرا
ثم فسّره فقال: اسْتَغْوِرا من الميرَةِ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه اسأَلوه الخِصْبَ إِذ هو مَيْرُ الله خَلْقه هذه يائية واوية. وغار
النهار أَي اشتدّ حرّه.
والتَّغْوِير: القَيْلولة. يقال: غوِّروا أَي انزلوا للقائلة. والغائرة:
نصف النهار. والغائرة: القائلة. وغَوَّر القوم تَغْويراً: دخلوا في
القائلة. وقالوا: وغَوَّروا نزلوا في القائلة؛ قال امرؤ القيس يصف الكلاب
والثور:
وغَوَّرْنَ في ظِلِّ الغضا، وتَرَكْنَه
كقَرْم الهِجان القادِرِ المُتَشَمِّس
وغَوَّروا: ساروا في القائلة. والتغوير: نوم ذلك الوقت. ويقال: غَوِّروا
بنا فقد أَرْمَضْتُمونا أَي انزلوا وقت الهاجرة حتى تَبْرُد ثم
تَرَوّحوا. وقال ابن شميل: التغوير أَن يسير الراكب إلى الزّوال ثم ينزل. ابن
الأَعرابي: المُغَوِّر النازل نصف النهار هُنَيْهة ثم يرحل. ابن بزرج:
غَوَّر النهار إذا زالت الشمس. وفي حديث السائب: لما ورد على عمر، رضي الله
عنه، بِفَتْحِ نَهاوَنْدَ قال: وَيْحَك ما وراءك؟ فوالله ما بِتُّ هذه الليلة
إلا تَغْوِيراً؛ يريد النومة القليلة التي تكون عند القائلة. يقال:
غَوَّر القوم إذا قالوا، ومن رواه تَغْرِيراً جعله من الغِرار، وهو النوم
القليل. ومنه حديث الإفْك: فأَتينا الجيش مُغَوِّرِين؛ قال ابن الأَثير:
هكذا جاء في روايةٍ، أَي وقد نزلوا للقائلة. وقال الليث: التَّغْوِير يكون
نُزولاً للقائلة ويكون سيراً في ذلك الوقت؛ والحجةُ للنزول قولُ الراعي:
ونحْن إلى دُفُوفِ مُغَوِّراتٍ،
يَقِسْنَ على الحَصى نُطَفاً لقينا
وقال ذو الرمة في التَّغْوير فجعله سيراً:
بَرَاهُنَّ تَغْوِيري، إذا الآلُ أَرْفَلَتْ
به الشمسُ أَزْرَ الحَزْوَراتِ العَوانِكِ
ورواه أَبو عمرو: أَرْقَلَت، ومعناه حركت. وأَرفلَت: بلغت به الشمس
أَوساط الحَزْوَراتِ؛ وقول ذي الرمة:
نزلنا وقد غَارَ النهارُ ، وأَوْقَدَتْ،
علينا حصى المَعزاءِ، شمسٌ تَنالُها
أَي من قربها كأَنك تنالها. ابن الأَعرابي: الغَوْرَة هي الشمس. وقالت
امرأَة من العرب لبنت لها: هي تشفيني من الصَّوْرَة، وتسترني من الغَوْرة؛
والصَّوْرة: الحكة. الليث: يقال غارَتِ الشمس غِياراً؛وأَنشد: فلمَّا
أَجَنَّ الشَّمْسَ عنيّ غيارُها والإِغارَة: شدة الفَتْل. وحبل مُغارٌ:
محكم الفَتْل، وشديد الغَارَةِ أَي شديد الفتل. وأَغَرْتُ الحبلَ أَي
فتلته، فهو مُغارٌ؛ أَشد غارَتَه والإِغارَةُ مصدر حقيقي، والغَارَة اسم يقوم
المصدر؛ ومثله أَغَرْتُ الشيء إِغارَةً وغارَة وأَطعت الله إِطاعةً
وطاعةً. وفرس مُغارٌ: شديد المفاصل. واسْتَغار فيه الشَّحْم: استطار وسمن.
واسْتغارت الجَرْحَةُ والقَرْحَةُ: تورَّمت؛ وأَنشد للراعي:
رَعَتْهُ أَشهراً وحَلا عليها،
فطارَ النِّيُّ فيها واسْتَغارا ويروى: فسار النِّيُّ فيها أَي ارتفع،
واستغار أَي هبط؛ وهذا كما يقال:
تَصَوَّبَ الحسنُ عليها وارْتَقَى
قال الأَزهري: معنى اسْتَغار في بيت الراعي هذا أَي اشتد وصَلُب، يعني
شحم الناقة ولحمها إذا اكْتَنَز، كما يَسْتَغير الحبلُ إذا أُغِيرَ أَي
شدَّ فتله. وقال بعضهم: اسْتَغارُ شحم البعير إِذا دخل جوفه ،قال: والقول
الأَول. الجوهري: اسْتغار أي سمن ودخل فيه الشحمُ.
ومُغِيرة: اسم. وقول بعضهم: مِغِيرَةُ، فليس اتباعُه لأَجل حرف الحلق
كشِعِيرٍ وبِعِيرٍ؛ إِنما هو من باب مِنْتِن، ومن قولهم: أَنا أُخْؤُوك
وابنؤُوك والقُرُفُصاء والسُّلُطان وهو مُنْحُدُر من الجبل.
والمغيرية: صنف من السبائية نسبوا إلى مغيرة بن سعيد مولى بجيلة.
والغار: لغة في الغَيْرَة؛ وقال أَبو ذؤيب يشّبه غَلَيان القدور بصخب
الضرائر:لَهُنّ نَشِيجٌ بالنَّشِيل كأَنها
ضَرائر حِرْميٍّ، تَفَاحشَ غارُها
قوله لهن، هو ضمير قُدورٍ قد تقدم ذكرها. ونَشِيجٌ غَلَيانٌ أَي تَنْشِج
باللحم. وحِرْميّ: يعني من أَهل الحَرَم؛ شبّه غليان القُدُور وارتفاعَ
صوتها باصْطِخاب الضرائر، وإنما نسبهنّ إلى الحَرم لأَن أَهل الحَرم أَول
من اتخذ الضرائر. وأَغار فلانٌ أَهلَه أَي تزوّج عليها؛ حكاه أَبو عبيد
عن الأصمعي. ويقال: فلان شديد الغَارِ على أَهله، من الغَيْرَة. ويقال:
أَغار الحبْلَ إغارة وغارَة إذا شدَّ فَتْله. والغارُ موضع بالشام،
والغَوْرة والغوَيْر: ماء لكلب في ناحية السَّماوَة مَعْروف. وقال ثعلب: أُتِيَ
عمر بمَنْبُوذٍ؛ فقال:
عَسَى الغُوَيْر أَبْؤُسَا
أَي عسى الريبة من قَبَلِكَ، قال: وهذا لا يوافق مذهب سيبويه. قال
الأَزهري: وذلك أَن عمر اتَّهَمَه أَن يكون صاحب المَنْبوذ حتى أَثْنَى على
الرجُل عَرِيفُهُ خيراً، فقال عمر حينئذٍ: هو حُرٌّ وَوَلاؤه لك. وقال
أَبو عبيد: كأَنه أَراد عسى الغُوَيْر أَن يُحْدِث أَبؤُساً ؤأَن يأْتي
بأَبؤُس؛ قال الكميت:
قالوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لهم:
عسى الغُوَيْرُ بِإِبْآسٍ وإِغْوارِ
وقيل: إِن الغُوَير تصغير غارٍ. وفي المثل: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا؛ قال
الأَصمعي: وأَصله أَنه كان غارٌ فيه ناس فانهارَ أَو أَتاهم فيه عدوّ
فقتلوهم فيه، فصار مثلاً لكل شيءٍ يُخاف أَن يأْتي منه شرّ ثم صغَّر الغارُ
فقيل غُوَير؛ قال أَبو عبيد: وأَخبرني الكلبي بغير هذا، زعم أَن
الغُوَيْر ماء لكلب معروف بناحية السَّماوَة، وهذا المثل إِنما تكلَّمت به
الزِّباء لما وجَّهَت قَصِيراً اللَّخْمِيَّ بالعِير إلى العِراق ليَحْمل لها
من بَزِّه، وكان قَصِير يطلُبها بثأْر جذِيمَة الأَبْرَش فحمَّل الأَجْمال
صناديقَ فيها الرجالُ والسلاح، ثم عدَل عن الجادَّة المأْلوفة وتَنَكَّب
بالأَجْمال الطَّريقَ المَنْهَج، وأَخذ على الغُوَيْر فأَحسَّت الشرَّ
وقالت: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا، جمع بأُس، أَي عَساه أَن يأْتي بالبأْس
والشرِّ، ومعنى عسى ههنا مذكور في موضعه. وقال ابن الأَثير في المَنْبُوذ
الذي قال له عمر: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا، قال: هذا مثَل قديم يقال عند
التُّهَمة، والغُوَيْر تصغير غار، ومعنى المثَل: ربما جاء الشرّ من مَعْدن
الخير، وأَراد عمر بالمثَل لعلَّك زَنَيت بأُمِّه وادّعيته لَقِيطاً،
فشهد له جماعة بالسَّتْر فتركه. وفي حديث يحيى بن زكريا، عليهما السلام:
فَسَاحَ ولَزِم أَطراف الأَرض وغِيرانَ الشِّعاب؛ الغِيران جمع غارٍ وهو
الكَهْف، وانقلبت الواو ياء لكسرة الغين. وأَما ما ورد في حديث عمر، رضي الله
عنه: أَههنا غُرْت، فمعناه إِلى هذا ذهبت، واللَّه أَعلم.
غصص: الغصة: الشَّجَا. وقال الليث: الغُصّةُ شَجاً يُغَصُّ به في
الحَرْقَدة، وغَصصْت باللقمة والماء، والجمع الغُصَصُ. والغَصَصُ، بالفتح:
مصدرُ قولك غَصِصْت يا رجل تَغَصُّ، فأَنت غاصٌّ بالطعام وغصّانُ. وغَصَصْت
وغَصِصْت أَغَصُّ وأَغُصُّ بها غَصّاً وغَصََصاً: شَجِيت، وخصّ بعضهم به
الماء. وفي الحديث في قوله تعالى: خالصاً سائغاً للشاربين، قيل: إِنه من
بَينِ المشروبات لا يَغَصُّ به شارِبُه. يقال: غَصِصْت بالماء أَغَصُّ
غَصََصاً إِذا شَرِقْت به أَو وَقفَ في حَلْقِكَ فلم تكدْ تُسِيغُه.
ورجل غَصّانُ: غاصٌّ؛ قال عدي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ،
كنْتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصارِي
وأَغْصَصْته أَنا. قال أَبو عبيد: غَصَصْت لغة الرِّباب. والغُصّةُ: ما
غَصِصْت به، وغُصَصُ الموتِ منه. وغَصَّ المكانُ بأَهْله: ضاقَ. والمنزلُ
غاصٌّ بالقوم أَي ممتلئ بهم. وأَغَصَّ فلانٌ الأَرضَ علينا أَي ضَيّقها
فغَصَّت بنا أَي ضاقت؛ قال الطرماح:
أَغَصَّتْ عليك الأَرضَ قَحْطانُ بالقَنا،
وبالهُنْدُوانِيّات والقُرَّحِ الجُرْدِ
وذو الغُصّة: لقبُ رجل من فُرْسان العرب.
والغَصْغَصُ: ضرْبٌ من النبات.
غمص: غَمَصَه وغَمِصَه يَغْمِصُه ويَغْمَصُه غَمْصاً واغْتَمَصَه:
حَقَّرَه واسْتَصْغَره ولم يره شيئاً، وقد غَمِصَ فلانٌ يَغْمَصُ غَمَصاً، فهو
أَغْمَصُ. وفي حديث مالك بن مُرَارة الرَّهَاوِيّ: أَنه أَتى النبيَّ،
صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إِني أُوتِيتُ من الجَمالِ ما تَرى فما
يسُرُّني أَن أَحداً يَفْضُلني بشِرَاكي فما فوقها فهل ذلك من البَغْي؟ فقال
رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم: إِنما ذلك مَنْ سَفِهَ الحقَّ
وغَمَطَ الناس، وفي بعض الرواية: وغَمَصَ الناسَ أَي احْتَقَرهم ولم يَرَهم
شيئاً. وفي حديث عمر أَنه قال لقَبِيصة بن جابر حين اسْتَفْتاه في قَتْلِه
الصيدَ وهو مُحْرِم قال: أَتَغْمِصُ الفُتْيا وتقْتُل الصيدَ وأَنتَ
مُحْرم؟ أَي تحتقر الفتيا وتَسْتَهِينُ بها. قال أَبو عبيد وغيره: غَمَصَ فلان
الناس وغَمَطهم وهو الاحتقار لهم والازْدِراءُ بهم، ومنه غَمْصُ النعمة.
وفي حديث عليّ: لما قَتَلَ ابنُ آدمَ أَخاه غَمَصَ اللّهُ الخلقَ، أَراد
نَقَصَهم من الطول والعرض والقوّة والبَطْش فصغّرهم وحقَّرهم. وغَمَصَ
النعمة غَمْصاً: تهاوَنَ بها وكفَرَها وازْدَرَى بها. واغْتَمَصْت فلاناً
اغْتِماصاً: احتقرته. وغَمَصَ عليه قولاً قاله: عابَه عليه. وفي حديث
الإِفك: إِن رأَيتُ منها أَمْراً أَغْمِصُه عليها أَي أَعِيبُها به
وأَطْعَنُ به عليها.
ورجلٌ غَمِصٌ على النسب: عَيّاب. ورجل مَغْموص عليه في حَسبَه أَو في
دِينِه ومَغْموزٌ أَي مطعون عليه. وفي حديث توبة كعب: إِلاَّ مَغْموصاً
عليه بالنِّفَاق أَي مطعوناً في دِينه متَّهماً بالنفاق.
والغَمَصُ في العين: كالرَّمَص. وفي حديث ابن عباس: كان الصبيان
يُصْبِحُون غُمْصاً رُمْصاً ويُصْبِح رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
صَقِيلاً دَهِيناً يعني في صِغَره؛ وقيل: الغَمَصُ ما سالَ والرَّمَصُ ما
جَمَدَ، وقيل: هو شيء تَرْمِي به العينُ مثل الزَّبَدِ، والقطعة منه غَمَصة،
وقد غَمِصَت عينُه، بالكسر، غَمَصاً. ابن شميل: الغَمَصُ الذي يكون مثل
الزبد أَبيض يكون في ناحية العين، والرَّمَصُ الذي يكون في أُصول
الهُدْب.وقال: أَنا مُتَغَمِّصٌ من هذا الخبر ومتوصِّمٌ ومُمْدَئِلٌّ ومرنّحٌ
ومُغَوثٌ، وذلك إِذا كان خبراً يسُرّه ويخاف أَن لا يكون حقّاً أَو يخافه
ويسره.
والشِّعْرَى الغَمُوص والغُمَيْصاء ويقال الرميصاء: من منازل القمر، وهي
في الذراع أَحد الكوكبين، وأُخْتُها الشعرى العَبُور، وهي التي خَلْف
الجوزاءِ، وإِنما سميت الغُمَيْصاء بهذا الاسم لصِغرَها وقلة ضوئها من
غَمَصِ العين، لأَن العين إِذا رَمِصَت صَغُرت. قال ابن دريد: تزعم العرب في
أَخبارها أَن الشِّعْرَيَين أُخْتا سُهَيْلٍ وأَنها كانت مجتمعة،
فانحدَرَ سُهَيْلٌ فصار يمانيّاً، وتَبِعَتْه الشعرى اليمانية فعَبَرت البحرَ
فسُمِّيت عبُوراً، وأَقامت الغُمَيصاءُ مكانَها فبَكَتْ لِفَقْدِهما حتى
غَمِصت عينُها، وهي تصغير الغَمْصاء، وبه سميت أُم سليم الغَمْصاء، وقيل:
إِن العَبُور ترىى سُهَيلاً إِذا طلَع فكأَنّها تَسْتَعْبر، والغُمَيصاء
لا تراه فقد بَكتْ حتى غَمِصت، وتقول العرب أَيضاً في أَحاديثها: إِن
الشعرى العَبور قطعت المَجَرَّةَ فسميت عَبُوراً، وبكت الأُخرى على إِثْرها
حتى غَمِصَت فسميت الغُمَيصاء. وفي الحديث في ذكر الغُمَيصاء: هي الشعرى
الشاميّةُ وأَكبرُ كوكبي الذراع المقبوضة. والغُمَيْصاءُ: موضع بناحية
البحر. وقال الجوهري: الغُمَيْصاء اسم موضع، ولم يُعَيّنْه. قال ابن بري:
قال ابن ولاّد في المقصور والممدود في حرف الغين: والغُمَيْصاء موضع، وهو
الموضع الذي أَوْقَعَ فيه خالدُ بنُ الوليد ببَني جَذِيمةَ من بني كنانة؛
قالت امرأَة منهم:
وكائِنْ تَرى يوم الغُمَيْصاء من فَتىً
أُصِيبَ، ولم يَجْرَحْ، وقد كان جارحا
وأَنشد غيره في الغُمَيْصاء أَيضاً:
وأَصبحَ عنّي بالغُمَيْصاء جالساً
فَرِيقانِ: مسؤولٌ، وآخَرُ يَسْأَلُ
قال ابن بري: وفي إِعرابه إِشكال وهو أَن قوله فريقان مرفوع بالابتداء
ومسؤول وما بعده بدل منه وخبرُ المبتدإ قولهُ بالغُمَيْصاء وعني متعلق
بيسأَل وجالساً حال والعامل فيه يسأَل أَيضاً، وفي أَصبح ضمير الشأْن
والقصة، ويجوز أَن يكون فريقان اسمَ أَصبح وبالغميصاء الخبر، والأَول أَظهر.
والغُمَيْصاءُ: اسم امرأَة.
غطط: غَطّه في الماء يَغُطُّه ويَغِطُّه غَطّاً: غَطَّسَه وغَمَسَه
ومَقَلَه وغَوَّصَه فيه. وانْغَطَّ هو في الماء انْغِطاطاً إِذ انْقَمَس فيه،
بالقاف. وتَغاطَّ القومُ يَتَغاطُّونَ أَي يَتَماقَلُون في الماء. وفي
حديث ابتداء الوَحْي: فأَخَذني جِبريلُ فَغَطَّنِي؛ الغَطُّ: العَصْرُ
الشديد والكَبْسُ، ومنه الغَطُّ في الماء الغَوْصُ، قيل: إِنما غَطَّه
لِيَخْتَبِره هل يقول من تلقاء نفسه شيئاً. وفي حديث زيد بن الخطاب وعاصم بن
عمر: أَنهما كانا يَتغاطّانِ في الماء وعمر ينظر أَي يَتَغامَسانِ فيه
يَغُطُّ كلُّ واحد منهما صاحِبَه. وغَطَّ في نومه يَغِطُّ غَطِيطاً: نَخَرَ.
وغطَّ البعيرُ يغِطُّ غَطِيطاً أَي هَدَرَ في الشِّقْشقةِ، وقيل:
هَدَرَ في غير الشقشقة، قال: وإِذا لم يكن في الشقشقة فهو هَدِيرٌ. وفي
الحديث: واللّهِ ما يَغِطُّ لنا بعير؛ غطَّ البعيرُ: هدَر في الشِّقْشقةِ،
والناقةُ تَهْدِرُ ولا تَغِطُّ لأَنه لا شِقْشِقةَ لَها. وغَطِيطُ النائمِ
والمَخْنوقِ: نَخِيرُه. وفي الحديث: أَنه نامَ حتى سُمِعَ غَطِيطُه؛ هو
الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، وهو ترديده حيث لا يجد مَساغاً، وغَطَّ
يَغِطُّ غَطّاً وغَطِيطاً، فهو غائطٌ. وفي حديث نزول الوحي: فإِذا هو
مُحْمَرُّ الوجهِ يَغِطُّ. وغطَّ الــفَهْد والنِّمرُ والحُبارى: صوَّتَ.
والغَطاط: القَطا، بفتح الغين، وقيل: ضَرْب من القطا، واحدته غَطاطةٌ؛
قال الشاعر:
فأَثارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنِ الفُرْسِ
وقيل: القَطا ضرْبانِ: فالقِصارُ الأَرجلِ الصفْرُ الأَعناقِ السودُ
القوادِم الصُّهْبُ الخَوافِي هي الكُدْرِيَّةُ والجُونِيَّةُ، والطِّوالُ
الأَرجلِ البيضُ البطونِ الغُبْرُ الظهورِ الواسعةُ العُيونِ هي الغَطاطُ؛
وقيل: الغطاط ضرب من الطير ليس من القطا هنَّ غُبْر البطونِ والظهورِ
والأَبدان سودُ الأَجنحة، وقيل: سودُ بطونِ الأَجنحةِ طِوالُ الأَرجل
والأَعْناقِ لِطافٌ، وبأَخْدَعَيِ الغَطاطةِ مثلُ الرَّقْمَتَيْنِ خَطَّانِ
أَسود وأَبيض، وهي لطيفة فوق المُكَّاء، وإِنما تُصادُ بالفخّ ليس تكون
أَسْراباً أَكثر ما تكون ثلاثاً أَو اثنتين، ولهن أَصوات وهنَّ غُثْم،
ووصفها الجوهري بهذه الصفة على أَنها ضرب من القطا، وقيل: الغَطاطُ طائر. وفي
التهذيب: القطا ضربانِ: جُونِيٌّ وغَطاطٌ، فالغَطاطُ منها ما كان أَسودَ
باطِن الجناح، مُصْفَرَّةَ الحُلوق قَصيرَة الأَرجل في ذَنَبِها
(* هكذا
في الأَصل: ذكَّرَ أَوّلاً في قوله: ما كان اسود باطن الجناح ثم أنَّث.)
رِيشتانِ أَطولُ من سائر الذنب.
التهذيب: الغَطاغِطُ إِناثُ السَّخْلِ؛ قال الأَزهري: هذا تصحيف وصوابه
العَطاعِطُ، بالعين المهملة، الواحد عُطْعُطٌ وعُتْعُتٌ، قاله ابن
الأَعرابي وغيره.
والغُطاطُ، بضم الغين: الصبح، وقيل: اخْتِلاطُ ظَلام آخر الليل بِضياء
أَوّل النهار، وقيل: بقية من سواد الليل، وقيل: هو أَول الصبح؛ وأَنشد
أَبو العباس في الغُطاطِ:
قامَ إِلى أَدْماءَ في الغُطاطِ،
يَمْشِي بِمِثْلِ قائمِ الفُسْطاطِ
وقال رؤْبة:
يا أَيُّها الشَّاحِجُ بالغُطاطِ،
إِنّي لوَرّادٌ على الضِّناطِ
والضِّناطُ: الكثرة والزِّحامُ؛ وقول الهذلي:
يَتَعَطَّفون على المُضافِ، ولو رَأَوْا
أُولَى الوَعاوِعِ كالغُطاطِ المُقْبِلِ
روي بالفتح والضم، فمن رَوى بالفتح أَراد أَنَّ عَدِيَّ القومِ
يَهْوَوْنَ إِلى الحَرْب هوِيّ الغَطاطِ يشبههم بالقَطا، ومن رواه بالضم أَراد
أَنهم كَسوادِ السَّدَفِ، ونسب الجوهريّ هذا البيت لابن أَحْمر وخَطَّأَه
ابن بَرّي وقال هو لأَبي كبير الهُذَليّ؛ وأَنشده:
لا يُجْفِلُون عن المُضافِ، إِذا رأَوا
أُولى الوَعاوِعِ كالغُطاط المقبل
فإِما أَن يكون البيت بعينه أَو هو لشاعر آخر. وقال ثعلب: الغُطاط
والغَطاطُ السَّحَرُ.
ابن الأَعرابي: الأَغَطُّ الغَنِيُّ. قال الأَزهري: شكَّ الشيخ في
الأَغَطّ الغني.
والغَطْغَطةُ: حِكاية صوتِ القِدْر في الغلَيَانِ وما أَبهها، وقيل: هو
اشتداد غَلَيانِها، وقد غَطْغَطَت فهي مُغَطْغِطة، والغَطغطة يحكى بها
ضرب من الصوت. والمُغَطْغِطَةُ: القِدْر الشديدةُ الغليان. وفي حديث جابر:
وإِنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ أَي تَغْلِي ويُسمع غَطِيطُها. وغَطْغَطَ
البحرُ: غَلَتْ أَمواجُه. وغَطْغَطَ عليه النومُ: غلَب.
غفل: غَفَلَ عنه يَغْفُلُ غُفولاً وغَفْلةً وأَغْفَلَه عنه غيرُه
وأَغْفَلَه: تركَه وسها عنه؛ وأَنشد ابن بري في الغُفول:
فابك هلاًّ واللَّيالي بِغِرَّةٍ
تَدُورُ، وفي الأَيام عنك غُفولُ
(* قوله «فابك هلا إلخ» كذا في الأصل).
وأَغْفَلْتُ الرجل: أَصبْتُه غافلاً، وعلى ذلك فسر بعضهم قوله عز وجل:
ولا تُطِعْ من أَغْفَلْنا قلْبَه عن ذِكْرِنا؛ قال: ولو كان على الظاهر
لوجب أَن يكون قوله واتَّبَع هَواه، بالفاء دون الواو؛ وسئل أَبو العباس عن
هذه الآية فقال: مَنْ جَعَلْناه غافلاً، وكلام العرب أَكثرُه أَغْفَلْته
سمّيته غافِلاً، وأَحْلَمْتُه سمّيته حَليماً، قال: وفعلَ هو وأَفْعَلته
أَنا، أَكثرُ اللغة ذهَب وأَذْهَبْته، هذا أَكثر الكلام، وفَعَّلْت
أَكْثَرْتُ ذلك فيه مثل غَلَّقْت الأَبواب وأَغْلَقْتها، وأَفْعَلْتُ يَجيءُ
مكانَ فَعَّلْت مثل مَهَّلْتُه وأَمْهَلْته ووَصَّيْتُ وأَوْصَيْتُ
وسَقَّيْتُ وأَسْقَيْتُ. وفي حديث أَبي موسى: لعَلَّنا أَغْفَلْنا رسولَ الله،
صلى الله عليه وسلم، يَمينَه أَي جَعَلْناه غافلاً عن يمينه بسبب
سُؤَالِنا، وقيل: سأَلْناه وقت شُغْله ولم ننتظر فراغه. يقال: تغَفَّلْته
واسْتَغْفَلْته أَي تحيَّنْتُ غَفْلَته. ويقال: هو في غَفَلٍ من عَيشِه أَي في
سعة؛ أَبو العباس: الغَفَلُ الكثيرُ الرفيعُ. ونَعَمٌ أَغْفالٌ: لا
لِقْحةَ فيها ولا نَجِيب. وقال بعض العرب: لنا نَعَمٌ أَغْفالٌ ما تَبِضُّ؛
يصفُ سَنةً أَصابتهم فأَهلكت جيادَ مالهم. وقال شمر: إِبل أَغْفالٌ لا
سِماتِ عليها، وقِداحٌ أَغْفالٌ. سيبويه: غَفَلْتُ صرت غافلاً. وأَغْفَلْتُه
وغفَلْت عنه: وصَّلْت غَفَلي إِليه أَو تركته على ذُكْرٍ. قال الليث:
أَغْفَلْت الشيء تركته غَفَلاً وأَنت له ذاكر. قال ابن سيده: وقوله تعالى:
وكانوا عنها غافِلينَ؛ يصلح أَن يكون، والله أَعلم، كانوا في تركهم
الإِيمانَ بالله والنظرَ فيه والتدبُّرَ له بمنزلة الغافِلين، قال: ويجوز أَن
يكون وكانوا عما يراد بهم من الإِثابة عليه غافِلين، والاسم الغَفْلة
والغَفَل؛ قال:
إِذْ نحْنُ في غَفَلٍ، وأَكْبَرُ هَمِّنا
صِرْفُ النَّوَى، وفِراقُنا الجِيرانا
وفي الحديث: من اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ أَي يَشْتَغِلُ به قلبه
ويستولي عليه حتى تصير فيه غَفْلة.
والتَّغافُلُ: تَعمُّدُ الغَفْلة على حدِّ ما يجيء عليه هذا النحو.
وتَغَافَلْت عنه وتغفَّلْتُه إِذا اهْتَبَلْتَ غَفْلَتَه. ابن السكيت: يقال
قد غَفَلْت فيه وأَغْفَلْتُه. والتَّغْفِيل: أَن يكفيك صاحبُك وأَنت
غافِلٌ لا تَعْنَى بشيء. والتَّغَفُّل: خَتْلٌ في غَفْلة.
والمُغَفَّلُ: الذي لا فِطْنة له. والغَفُول من الإِبل: البَلْهاء التي
لا تمنع من فَصِيل يرضعها ولا تبالي منْ حَلبها. والغُفْل: المُقيّد الذي
أُغْفِل فلا يرجى خيرُه ولا يخشى شرّه، والجمع أَغْفال. والأَغْفالُ:
المَواتُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ مَيّتة لا علامةَ فيها؛ وأَنشد:
يتْركْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفالِ
وكلُّ ما لا علامة فيه ولا أَثر عمارة من الأَرضين والطُّرقِ ونحوها
غُفْلٌ، والجمع كالجمع. وفي كتابه لأُكَيْدِرَ: إِنّ لنا الضاحيةَ
والمَعامِيَ وأَغْفالَ الأَرض أَي المجهولة التي ليس فيها أَثر يعرف، وحكى
اللحياني: أَرض أَغْفالٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منها غُفْلاً. وبلادٌ أَغْفالٌ: لا
أَعلام فيها يُهتدى بها، وكذلك كل ما لا سمة عليه من الإِبل والدواب.
ودابّة غُفْل: لا سمة عليها. وناقة غُفْل: لا تُوسَم لئلا تَجِب عليها
صدقة؛ وبه فسر ثعلب قول الراجز:
لا عيشَ إِلاَّ كلُّ صَهْباءَ غُفُلْ
تَناوَلُ الحوضَ، إِذا الحوض شُغِلْ
وقد أَغْفَلْتُها إِذا لم تَسِمْها. وفي الحديث: أَن نَفاذة الأَسْلَمي
قال: يا رسول الله، إِنِّي رجل مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ إِبلي؟ أَي صاحبُ
إِبلٍ أَغْفالٍ لا سمات عليها؛ ومنه حديث طهفة: ولنا نَعَمٌ هَمَلٌ
أَغْفالٌ لا سمات عليها، وقيل: الأَغْفال ههنا التي لا أَلبانَ لها، واحدها
غُفْل، وقيل: الغُفْل الذي لا يُرجى خيره ولا يخشى شره. وقِدْحٌ غُفْل: لا
خير فيه ولا نصيب له ولا غُرْم عليه، والجمع كالجمع؛ وقال اللحياني:
قِداحٌ غُفْلٌ على لفظ الواحد ليست فيها فُروضٌ ولا لها غُنْم ولا عليها
غُرْم، وكانت تُثَقَّل بها القِداحُ كراهية التُّهَمَة، يعني بتثقّل تكثّر،
قال: وهي أَربعة: أَولها المُصَدَّرُ ثم المُضَعَّف ثم المَنِيح ثم
السَّفيح. ورجل غُفْل: لا حسَب له، وقيل: هو الذي لا يعرف ما عنده، وقيل: هو
الذي لم يجرِّب الأُمور. وشاعر غُفْل: غير مسمى ولا معروف، والجمع أَغْفال.
وشِعْر غُفْل: لا يعرف قائله. وأَرض غُفْل: لم تُمْطَر. وغفَل الشيءَ:
ستَره. وغُفْل الإِبل، بسكون الفاء: أَوبارُها؛ عن أَبي حنيفة.
والمَغْفَلة: العَنْفَقة؛ عن الزجاجي، ووردت في الحديث وهي جانبا
العَنْفَقة، روي عن بعض التابعين: عليك بالمَغْفَلة والمَنْشَلة؛ المَنْشَلةُ
موضع حلقة الحاتم. وفي حديث أَبي بكر: رأَى رجلاً يتوضأ فقال: عليك
بالمَغْفَلةِ؛ هي العَنْفقة يريد الاحتياط في غسلها في الوضوء، سميت مَغْفَلة
لأَن كثيراً من الناس يُغْفلُ عنها.
وغافلٌ وغَفْلة: اسمان. وبنو غُفَيْلة وبنو المُغَفَّل: بُطون، والله
أَعلم.
هبب: ابن سيده: هَبَّتِ الريحُ تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِـيباً: ثارَتْ
وهاجَتْ؛ وقال ابن دريد: هَبَّتْ هَبّاً، وليس بالعالي في اللغة، يعني أَن المعروف إِنما هو الـهُبُوبُ والـهَبيبُ؛ وأَهَبَّها اللّهُ. الجوهري: الـهَبُوبةُ الريح التي تُثِـير الغَبَرة، وكذلك الـهَبُوبُ والـهَبيبُ.
تقول: من أَين هَبَبْتَ يا فلان؟ كأَنك قلت: من أَين جِئْتَ؟ من أَينَ
انْتَبَهْتَ لنا؟ وهَبَّ من نَومه يَهُبُّ هَبّاً وهُبُوباً: انْتَبه؛ أَنشد ثعلب:
فحَيَّتْ، فحَيَّاها، فهَبَّ، فحَلَّقَتْ، * مَعَ النَّجْم، رُؤْيا في الـمَنام كَذُوبُ
وأَهَبَّه: نَبَّهَه، وأَهْبَبْتُه أَنا. وفي حديث ابن عمر: فإِذا هَبَّتِ الرِّكابُ أَي قامَت الإِبلُ للسَّير؛ هو من هَبَّ النائمُ إِذا اسْتَيْقَظَ. وهَبَّ فلانٌ يَفْعَل كذا، كما تقول: طَفِقَ يَفْعَلُ كذا.
وهَبَّ السيفُ يَهُبُّ هَبَّةً وهَبّاً: اهْتَزَّ، الأَخيرةُ عن أَبي زيد. وأَهَبَّه: هَزَّه؛ عن اللحياني. الأَزهري: السيفُ يَهُبُّ، إِذا هُزَّ، هَبَّةً؛ الجوهري: هَزَزْتُ السيفَ والرُّمْحَ، فهَبَّ هَبَّةً، وهَبَّتُه هِزَّتُه ومَضاؤُه في الضَّريبة. وهَبَّ السيفُ يَهُبُّ هَبّاً وهَبَّةً وهِـبَّةً إِذا قطَعَ. وحكى اللحياني: اتَّقِ هَبَّةَ السيفِ، وهِـبَّتَه. وسَيْفٌ ذو هَبَّةٍ أَي مَضاءٍ في الضريبة؛ قال:
جَلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمى، كأَنما * جَلا القَيْنُ عن ذِي هَبَّةٍ، داثِرَ الغِمْدِ
وإِنه لذو هَبَّةٍ إِذا كانت له وَقْعة شديدة. شمر: هَبَّ السيفُ،
وأَهْبَبْتُ السيفَ إِذا هَزَزْته فاهْتَبَّه وهَبَّه أَي قَطَعَه. وهَبَّتِ
الناقةُ في سَيرِها تَهِبُّ هِـباباً: أَسْرَعَتْ.
والـهِـبابُ: النَّشاطُ، ما كان. وحكى اللحياني: هَبَّ البعيرُ،
مِثْلَه، أَي نَشِطَ؛ قال لبيد:
فلها هِـبابٌ في الزِّمامِ، كأَنها * صَهْباءُ راحَ، مع الجَنُوبِ، جَهامُها
وكلُّ سائرٍ يَهِبُّ، بالكسر، هَبّاً وهُبُوباً وهِـباباً: نَشِطَ. يونس: يقال هَبَّ فلانٌ حِـيناً، ثم قَدِمَ أَي غابَ دَهْراً، ثم قَدِمَ.
وأَينَ هَبِـبْتَ عَنَّا (1)
(1 قوله «وأين هببت عنا» ضبطه في التكملة، بكسر العين، وكذا المجد.)؟ أَي أَينَ غِـبْتَ عَنَّا؟ أَبو زيد: غَنِـينا بذلك هَـِبَّةً من الدَّهْرِ أَي حِقْبةً. قال الأَزهري: وكأَن الذي رُوِيَ ليُونُسَ، أَصلُه من هِـبَّة الدَّهْرِ. الجوهري: يقال عِشْنا بذلك هِـبَّةً من الدَّهْرِ أَي حِقْبةً، كما يقال سَبَّةً. والـهِبَّةُ أَيضاً: الساعةُ تَبْقَى من السَّحَر. وروى النَّضْرُ بن شُمَيْل، بإِسناده في حديث رواه عن رَغْبانَ، قال: لقد رأَيتُ أَصحابَ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم،
يَهُبُّونَ إِليهما، كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة؛ يعني الركعتين قبل
المغرب أَي يَنْهَضُونَ إِليهما، والـهِبابُ: النَّشاطُ. قال النَّضْرُ:
قوله يَهُبُّون أَي يَسْعَوْنَ. وقال ابن الأَعرابي: هُبَّ إِذا نُبِّه (2)
(2 قوله «هب إذا نبه» أي، بالضم، وهب، بالفتح، إذا انهزم كما ضبط في التهذيب وصرح به في التكملة.) ، وهَبَّ إِذا انْهَزَمَ. والـهِبَّةُ، بالكسر: هِـيَاجُ الفَحْل.
وهَبَّ التَّيْسُ يَهُـِبُّ هَبّاً وهِـباباً وهَبِـيباً، وهَبْهَبَ: هاجَ، ونَبَّ للسِّفاد؛ وقيل: الـهَبْهَبَةُ صَوْتُه عند السِّفادِ. ابن سيده: وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبلِ وغيرها يَهُبُّ هِـباباً وهَبِـيباً، واهْتَبَّ:
أَراد السِّفادَ.
وفي الحديث: أَنه قال لامرأَة رِفاعةَ: لا، حتى تَذُوقي عُسَيْلَتَه،
قالت: فإِنه يا رسول اللّه، قد جاءَني هَبَّةً أَي مَرَّةً واحدةً؛ من
هِـبابِ الفَحْل، وهو سِفادُه؛ وقيل: أَرادتْ بالـهَبَّةِ الوَقْعَةَ، من
قولهم: احْذَرْ هَبَّةَ السيف أَي وَقْعَتَه.
وفي بعض الحديث: هَبَّ التَّيْسُ أَي هاجَ للسِّفادِ، وهو مِهْبابٌ
ومِهْبَبٌ. وهَبْهَبْتُه: دَعَوْتُه (1)
(1 قوله «وهبهبته دعوته» هذه عبارة الصحاح، وقال في التكملة: صوابه وهبهبت به دعوته. ثم قال والهباب الهباء أي كسحاب فيهما.) ليَنْزُوَ، فتَهَبْهَبَ تَزَعْزَعَ. وإِنه لـحَسَن الـهِبَّةِ:
يُرادُ به الحالُ. والـهِبَّةُ: القِطْعة من الثوب. والـهِبَّة: الخِرْقة؛
ويقال لِقِطَع الثَّوْبِ: هِـبَبٌ، مثل عِنَب؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
غَذاهُما بدِماءِ القَوْمِ، إِذْ شَدَنا، * فما يَزالُ لوَصْلَيْ راكِبٍ يَضَعُ
على جَناجِنِه، مِن ثَوْبه، هِـبَبٌ، * وفيه، من صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ، دُفَعُ
يَصِفُ أَسَداً أَتى لشِبْلَيْه بوَصْلَيْ راكبٍ؛ والوَصْلُ: كلُّ مَفْصِلٍ تامٍّ، مثل مَفْصِل العَجُز من الظَّهْر؛ والهاءُ في جَناجِنِه تَعُودُ على الأَسد؛ والهاءُ في قوله من ثوبه تعود على الراكب الذي فَرَسَه،
وأَخَذَ وَصْلَيْه؛ ويَضَعُ: يَعْدو؛ والصائك: اللاَّصِقُ.
وثَوْبٌ هَبايِبُ وخَبايِبُ، بلا همز فيهما، إِذا كان مُتَقَطِّعاً.
وتَهَبَّبَ الثوبُ: بَلي.
وثَوْبٌ هِـبَبٌ وأَهْبابٌ: مُخَرَّقٌ؛ وقد تَهَبَّبَ؛ وهَبـبه: خَرَّقَه، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ، في قمِـيصِه الـمُهَبَّبِ، * أَشْهَبَ، من ماءِ الحديدِ الأَشْهَبِ
وهَبَّ النجمُ: طَلَع. والـهَبْهابُ: اسمٌ من أَسماءِ السَّراب. ابن سيده: الـهَبْهابُ السَّرابُ. وهَبْهَبَ السَّرابُ هَبْهَبةً إِذا تَرَقْرَقَ. والـهَبْهابُ: الصَّيَّاحُ.
والـهَبْهَبُ والـهَبْهَبِـيُّ: الجمل السريع؛ قال الراجز:
قد وَصَلْنا هَوْجَلاً بهَوْجَلِ،
بالـهَبْهَبِـيَّاتِ العِتاقِ الزُّمَّلِ
والاسْمُ: الـهَبْهَبةُ.
وناقةٌ هَبْهَبيَّةٌ: سريعةٌ خَفيفةٌ؛ قال ابن أَحْمر:
تَماثِـيلَ قِرْطاسٍ على هَبْهَبيَّةٍ، * نَضا الكُورُ عن لَحْمٍ لها، مُتَخَدِّدِ
أَراد بالتماثيل: كُتُباً يَكْتُبُونَها.
وفي الحديث: إِن في جهنم وادياً يقال له: هَبْهَبٌ، يَسْكُنُه الجَبَّارُون. الـهَبْهَبُ: السَّريعُ.
وهَبْهَبَ السَّرابُ إِذا تَرَقْرَقَ.
والـهَبْهَبِـيُّ: تَيْسُ الغَنَم؛ وقيل: راعيها؛ قال:
كأَنه هَبْهَبـيٌّ، نامَ عنْ غَنَمٍ، * مُسْـتَأْوِرٌ في سَوادِ الليلِ، مَذْؤُوبُ
والـهَبْهَبـيُّ: الـحَسَنُ الـحُداءِ، وهو أَيضاً الـحَسَنُ الخِدْمَةِ. وكلُّ مُحْسِنِ مهْنةٍ: هَبْهَبـيٌّ؛ وخَصَّ بعضُهم به الطَّبَّاخَ والشَّوَّاءَ.
والـهَبْهابُ: لُعْبة لصِـبيانِ العِراقِ؛ وفي التهذيب: ولُعْبةٌ
لصِبْيانِ الأَعْرابِ يُسَمُّونَها: الـهَبْهابَ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يَقُودُ بها دليلَ القَوْمِ نَجْمٌ، * كعَيْنِ الكَلْبِ، في هُبَّى قِـباعِ
قال: هُبَّى من هُبُوب الريح؛ وقال: كعَيْن الكلب، لأَنه لا يَقْدرُ أَن
يَفْتَحَها. قال ابن سيده: كذا وقع في نوادر ثعلب؛ قال: والصحيح
هُبًّى قِـباع، من الـهَبْوةِ، وهو مذكور في موضعه. وهَبْهَبَ إِذا زَجَرَ. وهَبْهَبَ إِذا ذَبَح. وهَبْهَبَ إِذا انْتَبَه.
ابن الأَعرابي: الـهَبْهَبـيُّ القَصَّابُ، وكذلك الفَغْفَغِـيُّ؛ قال الأَخطل:
على أَنـَّها تَهْدي الـمَطِـيَّ إِذا عَوَى، * من الليل، مَمْشُوقُ الذراعَيْنِ هَبْهَبُ
أَراد به: الخَفيفَ من الذئاب.
هدج: الهَدْجُ والهَدَجانُ: مَشيٌ رُوَيْدٌ في ضَعْفٍ. والهَدَجانُ:
مِشيَةُ الشيخ ونحو ذلك.
وهَدَجَ الشيخُ في مِشْيته يَهْدِجُ هَدْجاً وهَدَجاناً وهِداجاً:
قارَبَ الخَطْوَ وأَسرع من غير إِرادة؛ قال الحُطَيْئة:
ويأْخُذُه الهُداجُ، إِذا هَداه
ولِيدُ الحَيِّ، في يَدِه الرِّداءُ
وقال الأَصمعي: الهَدَجانُ مُداركة الخَطْو، وأَنشد:
هَدَجاناً لم يكن من مِشْيَتي،
هَدَجانَ الرَّأْلِ خَلْفَ الهَيْقَتِ
أَراد الهيقة فصيَّر هاءَ التأْنيث تاء في المرور عليها:
مُزَوْزِياً لمَّا رآها زَوْزَتِ
(* قوله «مزوزياً إلخ» هكذا هو في الأصل، وان صحت روايته هكذا ففيه
خرم.)وقال ابن الأَعرابي: هَدَجَ إِذا اضطرب مَشْيُه من الكِبَر، وهو
الهُداجُ. وفي حديث عليٍّ: إِلى أن ابْتَهَج بها الصغير وهَدَج إِليها الكبير.
الهَدَجان، بالتحريك: مِشْية الشيخ؛ ومنه الحديث: فإِذا هو شيخ يَهْدِجُ.
وقِدْرٌ هَدُوجٌ: سريعة الغَلَيان. وهَدَج الظَّلِيمُ يَهْدِجُ هَدَجاناً
واسْتَهْدَجَ، وهو مَشْيٌ وسَعْيٌ وَعَدْوٌ، كل ذلك إِذا كان في ارتعاش،
فهو هَدَّاجٌ وهَدَجْدَجٌ؛ وأَنشد:
والمُعْصِفاتِ لا يَزَلْنَ هُدَّجا
وقال العجاج يصف الظليم:
أَصَكَّ نَغْضاً لا يَني مُسْتَهْدَجا
(* قوله «أَصك إلخ» ويروى أسك بالسين المهملة وصدره: واستبدلت رسومه
سنفجا كما أنشده المؤلف في نغض.)
ويروى: مُسْتَهدِجا، أَي عَجْلانَ. وقال ابن الأَعرابي: مُسْتَهْدِجا
أَي مستعجلاً أَي أُفْزِعَ فمرّ. والهَدَجْدَجُ: الظليم، سمي بذلك
لَهدَجانِه في مشيه؛ قال ابن أَحمر:
لِهَدَجْدَجٍ جَرِبٍ مَساعِرُه،
قد عادَها شهراً إِلى شَهْرِ
وإِنما قال جَرِب، لأَن ذلك الموضع من النعام لا ريش عليه. وهَدَجتِ
الناقةُ وتَهَدَّجت: حَنَّتْ على ولدها، وهي ناقة مِهْداجٌ، والاسم
الهَدَجةُ، وكذلك الريح التي لها حنين. وهَدَجَتِ الريحُ هَدْجاً أَي حَنَّت
وصوّتت؛ وريح مِهْداج. ويقال للريح الحَنُونِ: لها هَدَجةٌ مِهْداجٌ؛ قال
أَبو وَجْزَة السَّعْدي يصف حُمُرَ الوحش:
ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صادِقةٍ،
باتتْ تُباشِرُ عُرْماً غيرَ أَزواجِ
حتى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ،
من نَسْلِ جَوَّابَةِ الآفاقِ مِهْداجِ
لأن الريح تَسْتَدِرُّ السحابَ وتُلْقِحُه فيُمْطِر، فالماء من نسلها.
وقال يعقوب: المِهْداجُ هنا من الهَدَجةِ، وهو حنين الناقة على ولدها.
والمَسَكُ: الأَسْوِرَةُ من الذَّبْلِ، شَبَّه بها الشَّعَر الذي في قوائم
الحُمُر. وقوله: من نسل جَوَّابة الآفاق؛ يريد الريح. يعني أَن الماء من
نسل الريح لأَنها الجالبة له حين يَعْصُر السحابَ الريحُ، وهذا وصف الحمر
لما أَتت في طلابِ الماء ليلاً، وأَنها أَثارت القَطا فصاحَتْ: قَطَا
قَطَا، فجعلها صادقة لكونها خَبَّرَتْ باسمها كما يقال: أَصدقُ من القَطا.
وقوله: تباشر عُرْماً؛ عنى به بيضَها. والأَعْرَمُ: الذي فيه نُقَطُ بياض
ونقط سواد، وكذلك بَيْضُ القَطا. وقوله: غير أَزواج؛ يريد أَن بيض القطا
أَفراد ولا يكون أَزواجاً.
والهَدَجةُ: رَزَمةُ الناقة وحَنِينُها على ولدها. وناقة هَدُوجٌ
ومِهْداجٌ.
وتَهَدُّجُ الصوت: تَقَطُّعه في ارتعاش. والتَّهَدُّج: تَقَطُّعُ الصوت.
وتَهَدَّجوا عليه وتَثانَوا عليه: أَظهروا أَلطافه.
وهَدَّاجٌ: اسم قائد الأَعشى.
والهَوْدَجُ: مِن مَراكب النساء مُقَبَّبٌ وغير مُقَبَّب، وفي المحكم:
يُصْنَعُ من العِصِيِّ ثم يجعل فوقه الخشب فيُقَبَّبُ. وهَدَّجتِ الناقةُ:
ارتفع سَنامُها وضَخُمَ فصار عليها منه شبه الهَوْدَج.
وبنو هَدَّاجٍ: حَيٌّ. وهَدَّاجٌ: اسم ربيعة بن صَيْدَح. وهَدَّاج: اسم
فرس ربيعة بن صَيْدَحٍ. وهَدَّاج: اسم فرس كان لباهلة؛ وأَنشد الأَصمعي
للحارثية ترثي من قُتل من قومها في يوم كان لباهلة على بني الحرث ومُرادٍ
وخَثْعَم:
شَقِيقٌ وحَرْمِيٌّ أَراقا دِماءَنا،
وفارِسُ هَدَّاجٍ أَشابَ النَّواصِيا
أَرادت بشقيق وحَرْمِيٍّ شقيقَ بنَ جَزْءِ بن رِياحٍ الباهِليِّ
وحَرْمِيَّ بن ضَمْرة النَّهْشَليَّ.
هبر: الهَبْرُ: قطع اللحم. والهَبْرَةُ: بضعة من اللحم أَو نَحْضَة لا
عظم فيها، وقيل: هي القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة. وأَعطيته هَبْرَةً
من لحم إذا أَعطاه مجتمعاً منه، وكذلك البِضْعَةُ والفِدْرَةُ. وهَبَرَ
يَهْبُرُ هَبْراً:قطع قِطَعاً كباراً. وقد هَبَرْت له من اللحم هَبْرَةً
أَي قطعت له قِطْعَةً. واهْتَبَرَهُ بالسيف إِذا قطعه. وفي حديث عمر: أَنه
هَبَرَ المنافقَ حتى بَرَدَ. وفي حديث علي، عليه السلام: انظروا شَزْراً
واضْرِبُوا هَبْراً؛ الهَبْرُ: الضرب والقطع. وفي حديث الشُّراةِ:
فَهَبَرْناهم بالسيوف. ابن سيده: وضَرْبٌ هَبْرٌ يَهْبُرُ اللحم، وصف بالمصدر
كما قالوا: دِرْهَمٌ ضربٌ. ابن السكيت: ضرب هَبْرٌ أَي يُلْقِي قِطْعَةً
من اللحم إِذا ضربه، وطعنٌ نَتْرٌ فيه اختلاسُ، وكذلك ضربٌ هَبِيرٌ
وضربَةٌ هَبِيرٌ؛ قال المتنخل:
كَلَوْنِ المِلْحِ، ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ، سَقَّاطٌ سُراطِي
وسيف هَبَّارٌ يَنْتَسِفُ القطعة من اللحم فيقطعه، والهِبِرُّ: المنقطع
من ذلك، مثل به سيبويه وفسره السيرافي. وجملٌ هَبِرٌ وأَهْبَرُ: كثير
اللحم. وقد هَبِرَ الجمل، بالكسر، يَهْبَرُ هَبَراً، وناقة هَبِرَةٌ
وهَبْراءُ ومُهَوْبِرَةٌ كذلك. ويقال: بعير هَبِرٌ وَبِرٌ أَي كثير الوَبَرِ
والهَبْرِ، وهو اللحم. وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: كَعَصْفٍ مأْكول،
قال: هو الهَبُّورُ؛ قيل: هو دُقاقُ الزرع بالنَّبَطِيَّة ويحتمل أَن يكون
من الهَبْرِ القَطْع.
والهُبْرُ: مُشاقَةُ الكتان؛ يمانية؛ قال:
كالهُبْرِ، تحتَ الظُّلَّةِ، المَرْشُوشِ
والهِبْرِيَةُ: ما طار من الزَّغَبِ الرقيق من القطن؛ قال:
في هِبْرِياتِ الكُرْسُفِ المَنْفُوشِ
والهِبْرِيَة والهُبارِية: ما طار من الريش ونحوه. والهِبْرِيَة
والإِبْرِيَةُ والهُبارِيَةُ: ما تعلق بأَسفل الشعر مثل النخالة من وسخ الرأْس.
ويقال: في رأْسه هِبْرِيَةٌ مثلُ فِعْلِيَةٍ؛ وقول أَوسِ بن حَجَرٍ:
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ،
كالمَرْزُنانِيِّ عَيَّارٌ بأَوْصالِ
قال يعقوب: عنى بالهبرية ما يتناثر من القصب والبردي فيبقى في شعره
متلبداً.
وهَوْبَرَتْ أُذُنُه: احْتَشَى جَوْفُها وَبَراً وفيها شعر واكْتَسَتْ
أَطرافُها وطُرَرُها، وربما اكتَسَى أُصولُ الشعر من أَعالي الأُذنين.
والهَبْرُ: ما اطمأَنَّ من الأَرض وارتفع ما حوله عنه، وقيل: هو ما
اطمأَن من الرمل؛ قال عدي:
فَتَرى مَحانِيَهُ التي تَسِقُ الثَّرَى،
والهَبْرَ يُونِقُ نَبْتُها رُوَّادَها
والجمع هُبُور؛ قال الشاعر:
هُبُور أَغْواطٍ إِلى أَغْواطِ
وهو الهَبيرُ أَيضاً؛ قال زُمَيْلُ بن أُم دينار:
أَغَرُّ هِجانٌ خَرَّ من بَطْنِ حُرّةٍ
على كَفِّ أُخْرَى حُرَّةٍ بِهَبِيرِ
وقيل: الهبير من الأَرض أَن يكون مطمئناً وما حوله أَرفع منه، والجمع
هُبْرٌ؛ قال عدي:
جَعَلَ القُفَّ شمالاً وانْتَحى،
وعلى الأَيْمَنِ هُبْرٌ وبُرَقْ
ويقال: هي الصُّخُورُ بين الرَّوابي. والهَبْرَةُ: خرزة يُؤَخَّذُ بها
الرجال.
والهَوْبَرُ: الــفهد؛ عن كراع. وهَوْبَرٌ: اسم رجل؛ قال ذو الرمة:
عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثِيُّون، بعدما
قَضَى نَحْبَه من مُلْتَقَى القومِ هَوْبَرُ
أَراد ابن هَوْبَر، وهُبَيْرَةُ: اسم. وابنُ هُبَيْرَةَ: رجل. قال
سيبويه: سمعناهم يقولون ما أَكثَرَ الهُبَيْراتِ، واطَّرَحُوا الهُبَيْرِينَ
كراهية أَن يصير بمنزلة ما لا علامة فيه للتأْنيث. والعرب تقول: لا آتيك
هُبَيْرَةَ بنَ سَعْدٍ أَي حتى يَؤُوبَ هُبَيْرَةُ، فأَقاموا هُبَيْرَةَ
مقام الدَّهْرِ ونصبوه على الظرف وهذا منهم اتساع؛ قال اللحياني: إِنما
نصبوه لأَنهم ذهبوا به مذهب الصفات، ومعناه لا آتيك أَبداً، وهو رجل
فُقِدَ؛ وكذلك لا آتيك أَلْوَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ، ويقال: إِن أَصله أَن سَعْدَ
بنَ زيد مناةَ عُمِّرَ عُمُراً طويلاً وكَبِرَ، ونظر يوماً إِلى شائه وقد
أُهْمِلَتْ ولم تَرْعَ، فقال لابنه هُبَيْرَةَ: ارْعَ شاءَك، فقال: لا
أَرعاها سِنَّ الحِسْلِ أَي أَبداً، فصار مثلاً. وقيل لا آتيك أَلْوَةَ
هُبَيْرَةَ. والهُبَيْرَةُ: الضَّبُعُ الصغيرة. أَبو عبيدة: من آذان الخيل
مُهَوْبَرَةٌ، وهي التي يَحْتَشِي جَوْفُها وَبَراً وفيها شعر،
وتَكْتَسِي أَطرافُها وطُرَرُها أَيضاً الشَّعْرَ، وقلما يكون إِلا في روائد الخيل
وهي الرَّواعِي. والهَوْبَرُ والأَوْبَرُ: الكثير الوَبَرِ من الإِبل
وغيرها.
ويقال للكانُونَيْنِ: هما الهَبَّارانِ والهَرَّارانِ. أَبو عمرو: يقال
للعنكبوت الهَبُورُ والهَبُونُ. وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، في وقوله
تعالى: فجعلهم كَعَصْفٍ مأْكول؛ قال: الهَبُّورُ،قال سفيان: وهو الذَّرُّ
الصغير. وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: هو الهَبُّورُ عُصافَةُ الزرع
الذي يؤكل، وقيل: الهَبُّورُ بالنَّبَطيَِّة دُقاق الزرع، والعُصافَةُ ما
تفتت من ورقه، والمأْكول ما أُخذ حبه وبقي لا حب فيه. والهَوْبَرُ:
القِرْدُ الكثير الشعر، وكذلك الهَبَّارُ؛ وقال:
سَفَرَتْ فقلتُ لها: هَجٍ فَتَبَرْقَعَتْ،
فذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ هَبَّارَا
وهَبَّار: اسم رجل من قريش. وهَبَّار وهابِرٌ: اسمان. والهَبِيرُ: موضع،
والله أَعلم.