من (ف ج ج) نسبة إلى الــفِجَاج جمع فج بمعنى الطريق الواسع البعيد.
من (ف ج ج) نسبة إلى الــفِجَاج جمع فج بمعنى الطريق الواسع البعيد.
فجج: الفَجُّ الطريق الواسع بين جَبَلين؛ وقيل: في جبَل أَو في قُبُلِ
جَبَل، وهو أَوسع من الشِّعْبِ. الفَجُّ: المَضْرِب البعيد، وقيل: هو
الشِّعْب الواسع بين الجبَلين، وقال ثعلب: هو ما انخفض من الطرُق، وجمعه
فِجاج وأَفِجَّةٌ، الأَخيرة نادرة؛ قال جندل ابن المثنى الحارِثِي:
يَجِئْنَ من أَفِجَّةٍ مَناهِجِ
وقوله تعالى: من كل فَجٍّ عَمِيق؛ قال أَبو الهيثم: الفَجُّ الطريق
الواسع في الجبَل. وكل طريق بَعُد، فهو فَجٌّ.
ويقال: افْتَجَّ فلان افْتِجاجاً إِذا سلك الــفِجاجَ. وفي حديث الحجّ:
وكل فِجاجِ مكَّة مَنْحَرٌ، هو جمع فَجٍّ، وهو الطريق الواسع؛ ومنه الحديث:
أَنه قال لعمر: ما لكتَ فَجّاً إِلا سلك الشيطان فَجّاً غيره؛ وفَجُّ
الرَّوْحاء سَلَكَه النبي، صلى الله عليه وسلم، إِلى بَدْرٍ، وعامَ الفتح
والحجّ.
ووادٍ إِفْجِيجٌ: عَمِيقٌ، يمانية، وبعضهم يجعل كلَّ وادٍ إِفْجِيجاً،
وربما سُمي به الثِّنْيُ في الجبَل. والإِفْجِيجُ: الوادي الواسع، وهو
معنى الفَجِّ. ابن شميل، الفَجُّ كأَنه طريق، قال: وربما كان طريقاً بين
جَبَلين أَو فَأْوَيْن، ويَنْقادُ ذلك يومين أَو ثلاثة إِذا كان طريقاً أَو
غير طريق، وإِن يكن طريقاً، فهو أَرِيضٌ كثير العُشْب والكَلإِ. والفَجُّ
في كلام العرب: تفريجُك بين الشيئين، يقال: فاجَّ الجلُ يُفاجُّ فِجاجــاً
ومُفاجَّةً إِذا باعَد إِحْدى رجليه من الأُخرى ليبول؛ وأَنشد:
لا تَمْلإِ الحَوْضَ فِجاجٌ، دونَهُ،
إِلا سِجالٌ رُذُمٌ يَعْلُونَهُ
والفَجَجُ في القَدَمَين: تباعُد ما بينهما، وهو أَقبح من الفَحَج؛
وقيل: الفَجَجُ في الإِنسان تباعُد الركبتين، وفي البهائم تباعُد
العُرْقُوبَينِ.
فَجَّ فَجَجاً، وهو أَفَجُّ بَيِّنُ الفَجَجِ. وفَجَّ رِجْليه وما بين
رجليه يَفُجُّهُما فَجّاً: فتحه وباعَدَ ما بينهما؛ وفاجَّ: كذلك. وقد
فَجَجْتُ رِجْلَيَّ أَفُجُّهُما وفَجَوْتُهُما إِذا وسَّعت بينهما.
والفَجَجُ أَقبح من الفَحَجِ؛ يقال: هو يمشي مُفاجّاً وقد تَفاجَّ. ابن
الأَعرابي: الأَفَجُّ والفَنْجَلُ معاً المُتباعِد الفَخِذين الشديد الفَجَجٍ،
ومثله الأَفْجَى؛ وأَنشد:
اللهُ أَعطانِيك غيرَ أَحْدَلا،
ولا أَصَكَّ، أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
وفي الحديث: كان إِذا بال تَفاجَّ حتى نَأْوِي له: التَّفاجُّ:
المُبالغى في تفريج ما بين الرجلين، وهو من الفَجِّ الطريق، ومنه حديث أُم
مَعْبَد: فتفاجَّت عليه ودرَّت واجْتَرَّتْ؛ ومنه حديث عُبادة المازني: فركِب
الفحل فتَفاجَّ للبوْل؛ ومنه الحديث: حين سُئل عن بني عامر، فقال: جَمَل
أَزْهَر مُتَفاجٌّ؛ أَراد أَنه مُخْصِب في ماء وشجر، فهو لا يزال يَبُول
لكثرة أَكله وشربه.
ورجل مُفِجُّ الساقين إِذا تباعدت إِحداهما من الأُخرى. وفيما سَبَّ به
حجل بن شكل الحَرِثَ بن مصرّف بين يَدَي النُّعمان: إِنه لَمُفِجُّ
الساقَين قَعْوُ الأَلْيَتَيْن.
وقَوْسٌ فَجَّاء: ارتفعت سِيَتُها فبان وَتَرُها عن عَجْسِها؛ وقيل:
قَوْسٌ فَجَّاءُ ومُنْفَجَّةٌ: بانَ وَتَرُها عن كَبِدها. وفَجَّ قَوْسَه،
وهو يَفُجُّها فَجّاً: رفع وَتَرَها عن كَبِدِها مثل فَجَوْتُها، وكذلك
فَجَأَ قَوْسَه.
الأَصمعي: من القِياسِ الفَجَّاء والمُنْفَجَّة والفَجْواء والفارِجُ
والفَرْجُ: كل ذلك القوس التي يَبِينَ وَتَرُها عن كَبِدِها، وهي بَيِّنَةُ
الفَجَجِ؛ قال الشاعر:
لا فَجَجٌ يُرَى بها ولا فَجا
وأَفَجَّ الظَّلِيمُ: رَمَى بصَوْمِهِ. والنَّعامة تَفِجُّ إِذا رَمَتْ
بصَوْمِها. وقال ابن القِرِّيَّةِ: أَفجَّ إِــفْجاجَ النَّعامة، وأَجْفل
إِجْفالَ الظَّلِيم؛ وأَفَجَّتِ النَّعامة، كذلك.
والــفِجاجُ: الظَّلِيم يَبيض واحدة؛ قال:
بَيْضاء مِثْل بَيْضَة الــفِجاجِ
وحافِرٌ مُفِجٌّ: مُقَبَّبٌ وَقاحٌ، وهو محمود. وفَجَّ الفرس وغيره:
هَمَّ بالعَدْوِ.
والفِجُّ من كل شيء: ما لم يَنْضَج. وفَجاجَــتُه: نَهاءَتُهُ وقِلَّة
نُضْجِه. وبِطِّيخٌ فِجٌّ إِذا كان صُلباً غير نَضِيج. وقال رجل من العرب:
الثمار كلها فِجَّةٌ في الربيع حين تنعقد حتى يُنْضِجها حَرُّ القَيْظِ
أَي تكون نِيئَةً. والفِجُّ: النِّيءُ. الصحاح: الفِجُّ، بالكسر، البِطِّيخ
الشامِيُّ الذي تسميه الفُرْس الهِنْدي. وكل شيء من البِطِّيخ والفواكه
لم يَنضَج، فهو فِجٌّ.
ابن الأَعرابي: الفُجُجُ الثُّقلاء من الناس. ابن سيده: والفَجَّان
عيودُ الكِباسَة، قال: وقضينا بأَنه فَعْلان لغلبة باب فَعْلان على باب
فَعَّالٍ؛ أَلا ترى إِلى قوله، صلى الله عليه وسلم، للوفد القائلين له: نحن
بَنُو غَيَّان، فقال: أَنتم بنو رَشْدانَ؟ فحمله على باب «غ و ي» ولم يحمله
على باب «غ ي ن» لغََبلَة زيادة الأَلف والنون.
ورجل فَجْفَجٌ وفُجافِجٌ وفَجْفاج: كثير الكلام والفَخْر بما ليس عنده؛
وقيل: هو الكثير الكلام والصِّياح والجَلَبة؛ وقيل: هو الكثير الكلام بلا
نِظام؛ وقيل: هو المُجَلِّبُ الصَّيَّاح، والأُنثى بالهاء، وفيه
فَجْفَجَة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لأَبي عارِم الكلابي في صفة بَخِيل:
أَغْنَى ابنُ عمرو عن بخِيلٍ فَجْفاجْ،
ذِي هَجْمَةٍ يُخْلِفُ حاجاتِ الرَّاجْ
شُحْم نَوَاصِيها، عِظام الإِنْتَاجْ،
ما ضَرَّها مَسُّ زمانٍ سَحَّاجْ
وفي حديث عثمان: أَن هذا الفَّجْفاج لا يدري أَين الله عز وجل؛ هو
المِهْذار المِكْثار من القَوْل؛ قال ابن الأَثير: ويروى البَجْباج، وهو
بمعناه أَو قريب منه. وأَفَجَّ الرجلُ أَي أَسرع.
فجر: الفَجْر: ضوء الصباح وهو حُمْرة الشمس في سواد الليل، وهما
فَجْرانِ: أَحدهما المُسْتطيل وهو الكاذب الذي يسمى ذَنَبَ السِّرْحان، والآخر
المُسْتطير وهو الصادق المُنتَشِر في الأُفُقِ الذي يُحَرِّم الأَكل
والشرب على الصائم ولا يكون الصبحُ إِلا الصادقَ. الجوهري: الفَجْر في آخر
الليل كالشَّفَقِ في أَوله.
ابن سيده: وقد انْفَجَر الصبح وتَفَجَّر وانْفَجَر عنه الليلُ.
وأَفْجَرُوا: دخلوا في الفَجْر كما تقول: أَصبحنا، من الصبح؛ وأَنشد
الفارسي:فما أَفْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بسُدْفةٍ
عَلاجيمُ، عَيْنُ ابْنَيْ صُباحٍ تُثيرُها
وفي كلام بعضهم: كنت أَحُلّ إِذا أَسحرْت، وأَرْحَلُ إِذا أَفْجَرْت.
وفي الحديث: أُعَرّسُ إِذا أَفْجَرْت، وأَرْتَحِل إِذا أَسْفَرْت أَي أَنزل
للنوم والتعريس إِذا قربت من الفجر، وأَرتحل إِذا أَضاء.
قال ابن السكيت: أَنت مُفْجِرٌ من ذلك الوقت إِلى أَن تطلع الشمس. وحكى
الفارسي: طريقٌ فَجْرٌ واضح:
والفِجار: الطُّرُقُ مثل الــفِجاج. ومُنْفَجَرُ الرمل: طريق يكون فيه.
والفَجْر: تَفْجيرُكَ الماء، والمَفْجَرُ: الموضع يَنْفَجِرُ منه.
وانْفَجَر الماءُ والدمُ ونحوهما من السيّال وتَفَجَّرَ: انبعث سائلاً.
وفَجَرَه هو يَفْجُره، بالضم، فَجْراً فانْفَجَرَ أَي بَجَسه فانْبَجَس.
وفَجَّره: شُدّد للكثرة؛ وفي حديث ابن الزبير: فَجَّرْت بنفسك أَي
نسبتها إِلى الفُجورِ كما يقال فَسَّقْته وكَفَّرْته.
والمَفْجَرةُ والفُجْرةُ، بالضم: مُنْفَجَر الماء من الحوض وغيره، وفي
الصحاح: موضع تَفَتُّح الماء. وفَجْرَة الوادي: مُتَّسعه الذي ينفجر إِليه
الماء كثُجْرتَه. والمَفْجَرة: أَرض تطمئنّ فتنفجر فيها أَوْدِية.
وأَفْجَرَ يَنْبُوعاً من ماء أَي أَخرجه. ومَفاجر الوادي: مَرَافضه حبث يرفضُّ
إِليه السيل. وانْفَجَرَتْ عليهم الدواهي: أَتتهم من كل وجه كثيرة
بَغْتة؛ وانْفَجَر عليهم القومُ، وكله على التشبيه. والمُتَفَجِّر: فرس الحرث
بن وَعْلَةَ كأَنه يَتَفَجَّرُ بالعرق.
والفَجَر: العطاء ولكرم والجود والمعروف؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطاعيمُ للضَّيْفِ حين الشِّتا
ءِ، شُمُّ الأُنوفِ، كثِيرُو الفَجَرْ
وقد تَفَجَّرَ بالكَرم وانْفَجَرَ. أَبو عبيدة: الفَجَر الجود الواسع
والكرم، من التَّفَجُّرِ في الخير؛ قال عمرو بن امرئ القيس الأَنصاري
يخاطب مالك بن العجلان:
يا مالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قد
يُبْطِرُه، بَعْدَ رأْيهِ، السَّرَفُ
نَحْنُ بما عندنا، وأَنت بما
عِندك راضٍ، والرأْي مختلفُ
يا مالِ، والحَقُّ إِن قَنِعْتَ به،
فالحقُّ فيه لأَمرِنا نَصَفُ
خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ،
والحقُّ، يا مالِ، غيرُ ما تَصِفُ
إِنَّ بُجَيْراً مولىً لِقَوْمِكُمُ،
والحَقُّ يُوفى به ويُعْتَرَفُ
قال ابن بري: وبيت الاستشهاد أَورده الجوهري:
خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ،
والبَغْيُ، يا مالِ، غيرُ ما تَصفُ
قال: وصواب إِنشاده:
والحق، يا مال، غير ما تصف
قال: وسبب هذا الشعر أَنه كان لمالك بن العَجْلان مَوْلى يقال له
بُجَيْر، جلس مع نَفَرٍ من الأَوْس من بني عمرو بن عوف فتفاخروا، فذكر بُجَيْر
مالك بن العجلان وفضله على قومه، وكان سيد الحيَّيْنِ في زمانه، فغضب
جماعة من كلام بُجير وعدا عليه رجل من الأَوس يقال له سُمَيْر بن زيد ابن
مالك أَحد بني عمرو بن عوف فقتله، فبعث مالك إِلى عمرو بن عوف أَن ابعثوا
إِليَّ بسُمَيْر حتى أَقتله بَمَوْلايَ، وإِلا جَرَّ ذلك الحرب بيننا،
فبعثوا إِليه: إِنا نعطيك الرضا فخذ منا عَقْله، فقال: لا آخذ إِلا دِيَةَ
الصَّريحِ، وكانت دية الصَّريح ضعف دية المَوْلى، وهي عشر من الإِبل،
ودِيةُ المولى خمس، فقالوا له: إِن هذا منك استذلال لنا وبَغْيٌ علينا، فأَبى
مالك إِلا أَخْذَ دِيَةِ الصريح، فوقعت بينهم الحرب إِلى أَن اتفقوا على
الرضا بما يحكم به عمرو بن امرئ القيس، فحكم بأَن يُعْطى دية المولى،
فأَبى مالك، ونَشِبَت الحرب بينهم مدة على ذلك. ابن الأَعرابي: أَفْجَر
الرجلُ إِذا جاء بالفَجَرِ، وهو المال الكثير، وأَفْجَرَ إِذا كذب،
وأَفْجَرَ إِذا عصى، وأَفْجَرَ إِذا كفر. والفَجَرُ: كثرة المال؛ قال أَبو
مِحْجن الثقفي:
فقد أَجُودُ، وما مَالي بذي فَجَرٍ،
وأَكْتُم السرَّ فيه ضَرْبَةُ العُنُقِ
ويروى: بذي قَنَعٍ، وهو الكثرة، وسيأْتي ذكره. والفَجَر: المال؛ عن
كراع. والفَاجرُ: الكثير المالِ، وهو على النسب.
وفَجَرَ الإِنسانُ يَفْجُرُ فَجْراً وفُجوراً: انْبَعَثَ في المعاصي.
وفي الحديث: إِن التُّجَّار يُبْعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى
الله؛ الفُجَّار: جمع فاجِرٍ وهو المْنْبَعِث في المعاصي والمحارم. وفي حديث
ابن عباس، رضي عنهما، في العُمْرة: كانوا يَرَوْنَ العمرة في أَشهر
الحج من أَفْجَرِ الفُجورِ أَي من أَعظم الذنوب؛ وقول أَبي ذؤيب:
ولا تَخْنُوا عَلَيَّ ولا تَشِطُّوا
بقَوْل الفَجْرِ، إِنَّ الفَجْر حُوبُ
يروى: الفَجْر والفَخْر، فمن قال الفَجْر فمعناه الكذب، ومن قال الفَخر
فمعناه التَّزَيُّد في الكلام. وفَجَرَ فُجُوراً أَي فسق. وفَجَر إِذا
كذب، وأَصله الميل. والفاجرُ: المائل؛ وقال الشاعر:
قَتَلْتُم فتًى لا يَفْجُر اللهَ عامداً،
ولا يَحْتَويه جارُه حين يُمْحِلُ
أَي لا يَفْجُر أَمرَ الله أَي لا يميل عنه ولا يتركه. الهوزاني:
الافْتِجارُ في الكلام اخْتِراقُه من غير أَن تَسْمعه من أَحد فَتَتَعَلَّمَهُ؛
وأَنشد:
نازِعِ القومَ، إِذا نازَعْتَهُمْ،
بأَرِيبٍ أَو بِحَلاَّفٍ أَيَلْ
يَفْجُرُ القولَ ولم يَسْمَعْ به،
وهو إِنْ قيلَ: اتَّقِ اللهَ، احْتَفَلْ
وفَجَرَ الرجلُ بالمرأَة يَفْجُر فُجوراً: زنا. وفَجَرَت المرأَة: زنت.
ورجل فاجِرٌ من قوم فُجَّارٍ وفَجَرَةٍ، وفَجورٌ من قوم فُجُرٍ، وكذلك
الأُنثى بغير هاء؛ وقوله عز وجل: بل يريد الإِنسان ليَفْجُرَ أَمامَهُ؛ أَي
يقول سوف أَتوب؛ ويقال: يُكْثرُ الذنوبَ ويؤخّر التوبة، وقيل: معناه
أَنه يسوِّف بالتوبة ويقدم الأَعمال السيئة؛ قال: ويجوز، والله أَعلم،
ليَكْفُر بما قدّامه من البعث. وقال المؤرج: فَجَرَ إِذا ركب رأْسه فمضى غير
مُكْتَرِثٍ. قال: وقوله ليَفْجُرَ، ليمضي أَمامه راكباً رأْسه. قال: وفَجَرَ
أَخطأَ في الجواب، وفَجَرَ من مرضه إِذا برأَ، وفَجَرَ إِذا كلَّ بصرُه.
ابن شميل: الفُجورُ الركوب إِلى ما لا يَحِلُّ. وحلف فلان على فَجْرَةَ
واشتمل على فَجْرَةَ إِذا ركب أَمراً قبيحاً من يمين كاذبة أَو زِناً أَو
كذب. قال الأَزهري: فالفَجْرُ أَصله الشق، ومنه أُخِذَ فَجْرُ
السِّكْرِ، وهو بَثْقُه، ويسمى الفَجْرُ فَجْراً لانْفِجارِه، وهو انصداع الظلمة
عن نور الصبح. والفُجورُ: أَصله الميل عن الحق؛ قال لبيد يخاطب عمه أَبا
مالك:
فقلتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِكَ، واعْلَمَنْ
بأَنك، إِنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
فأَصْبَحْتَ أَنَّى تأْتِها تَبْتَئِسْ بها،
كِلا مَرْكَبَيها، تحتَ رِجْلِكَ، شاجِرُ
فإِن تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدِّماً
غليظاً، وإِن أَخَّرْتَ فالكِفْلُ فاجِرُ
يقول: مَقْعد الرديف مائل. والشاجر: المختلف. وأَحْناءَ طَيرِك أَي
جوانب طَيْشِكَ. والكاذب فاجرٌ والمكذب فاجرٌ والكافر فاجرٌ لميلهم عن الصدق
والقصد؛ وقول الأَعرابي لعمر:
فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ
أَي مال عن الحق، وقيل في قوله: ليَفْجُرَ أَمامه: أَي ليُكَذِّبَ بما
أَمامه من البعث والحساب والجزاء. وقول الناس في الدعاء: ونَخْلَع ونترك
مَنْ يَفْجُرُك؛ فسره ثعلب فقال: مَنْ يَفْجُرُك من يعصيك ومن يخالفك،
وقيل: من يضع الشيء في غير موضعه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً
استأْذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه، فقال له: إِن أَطلقتني وإِلا
فَجَرْتُكَ؛ قوله: وإِلا فَجَرْتُكَ أَي عصيتك وخالفتك ومضيت إِلى الغَزْوِ، يقال:
مال من حق إِلى باطل. ابن الأَعرابي: الفَجُور والفاجِرُ المائل والساقط
عن الطريق. ويقال للمرأَة: يا فَجارِ معدول عن الفاجِرةِ، يريد: يا
فاجِرةُ. وفي حديث عائشة
(* قوله« وفي حديث عائشة» كذا بالأصل. والذي في
النهاية: عاتكة،) رضي اللَّه عنها: يا لَفُجَر هو معدول عن فاجِرٍ للمبالغة
ولا يستعمل إِلا في النداء غالباً. وفَجارِ: اسم للفَجْرَة والفُجورِ مثل
قَطامِ، وهو معرفة؛ قال النابغة:
إِنا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بيننا:
فَحَمَلْتُ بَرَّةَ، واحتملتَ فَجارِ
قال ابن سيده: قال ابن جني: فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ علم
غير مصروف، كما أَن بَرَّةَ كذلك؛ قال: ووقول سيبويه إِنها معدولة عن
الفَجْرَةِ تفسير على طريق المعنى لا على طريق اللفظ، وذلك أَن سيبويه أَراد
أَن يعرِّف أَنه معدول عن فَجْرَةَ علماً فيريك ذلك فعدل عن لفظ العلمية
المراد إِلى لفظ التعريف فيها المعتاد، وكذلك لو عدلتَ عن بَرَّةَ قلت
بَرَارِ كما قلت فَجارِ، وشاهد ذلك أَنهم عدلوا حَذام وقَطام عن حاذمة
وقاطمة، وهما علمان، فكذلك يجب أَن تكون فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ علماً
أَيضاً.
وأَفْجَرَ الرجلَ: وجده فاجِراً. وفَجَرَ أَمرُ القوم: فسد. والفُجور:
الرِّيبة، والكذب من الفُجُورِ. وقد ركب فلان فَجْرَةَ وفَجارِ، لا
يُجْرَيان، إِذا كذب وفَجَرَ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِياكم والكذب
فإِنه مع الفُجُورِ، وهما في النار؛ يريد الميل عن الصدق وأَعمال الخير.
وأَيامُ الفِجارِ: أَيامٌ كانت بين قَيْسٍ وقريش. وفي الحديث: كنت أَيام
الفِجارِ أَنْبُلُ على عمومتي، وقيل: أَيام الفِجارِ أَيام وقائع كانت
بين العرب تفاجروا فيها بعُكاظَ فاسْتَحَلُّوا الحُرُمات. الجوهري:
الفِجارُ يوم من أَيام العرب، وهي أَربعة أَفْجِرَةٍ كانت بين قريش ومَن معها
من كِنانَةَ وبين قَيْس عَيْلان في الجاهلية، وكانت الدَّبْرة على قيس،
وإِنما سَمَّتْ قريش هذه الحرب فِجاراً لأَنها كانت في الأَشهر الحرم، فلما
قاتلوا فيها قالوا: قد فَجَرْنا فسميت فِجاراً. وفِجاراتُ العرب:
مفاخراتها، واحدها فِجارٌ. والفِجاراتُ أَربعة: فِجار الرجل، وفِجار المرأَة،
وفِجار القِرْد، وفِجار البَرَّاضِ، ولكل فِجار خبر. وفَجَرَ الراكبُ
فُجوراً: مال عن سرجه. وفَجَرَ؛ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اسْتَحْمَلَه
أَعرابي وقال: إِن ناقتي قد نَقِبتْ، فقال له: كذبتَ، ولم يحمله، فقال:
أَقْسَمَ بال أَبو حَفْصٍ عُمَرْ:
ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ،
فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ
أَي كذب ومال عن الصدق. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لأَن يُقَدَّمَ
أَحدُكم فتُضْرَب عُنُقُه خير له من أَن يَخُوض غَمَراتِ الدنيا، يا هادي
الطريق جُرْتَ، إِنما الفَجْر أَو البحر؛ يقول: ان انتظرت حتى يضيء لك
الفجرُ أَبْصَرْتَ قصدك، وإِن خَبَطت الظلماء وركبت العَشْواء هجما بك على
المكروه؛ يضرب الفَجْر والبحر مثلاً لغمرات الدنيا، وقد تقدم البحرُ في
موضعه.
خرم: الخَرْمُ: مصدر قولك خَرَمَ الخَرَزَةَ يَخْرِمُها، بالكسر،
خَرْماً وخَرَّمَها فَتَخرَّمَتْ: فَصَمَها وما خَرَمْتُ منه شيئاً أَي ما نقصت
وما قطعت. والتَّخَرُّمُ والانْخِرامُ: التشقق. وانْخَرَمَ ثَقْبُه أَي
انشق، فإِذا لم ينشق فهو أَخْزَمُ، والأُنثى خَزْماءُ، وذلك الموضع منه
الخَرَمَةُ: الليث: خَرِمَ أَنفُه يَخْرَمُ خَرَماً، وهو قطع في
الوَتَرَةِ وفي الناشِرتَيْنِ أَو في طرف الأَرْنَبة لا يبلغ الجَدْعَ، والنعت
أَخْرَمُ وخَرْماءُ، وإِن أَصاب نحو ذلك في الشفة أَو في أَعلى قُوف الأُذن
فهو خَرْمٌ. وفي حديث زيد بن ثابت: في الخَرَماتِ الثلاثِ من الأَنف
الدِّيَة في كل واحدة منها ثلثها؛ قال ابن الأَثير:الخَرَماتُ جمع خَرَمَةٍ،
وهي بمنزلة الاسم من نعت الأَخْرَمِ، فكأَنه أَراد بالخَرَمات
المَخْرُومات، وهي الحُجُبُ الثلاثة: في الأَنف اثنان خارجان عن اليمين واليسار،
والثالث الوَتَرَةُ، يعني أَن الدِّيَة تتعلق بهذه الحجب الثلاثة.
وخَرِمَ الرجل خَرَماً فهو مَخْروم وهو أَخْرَمُ: تَخَرَّمَتْ وَتَرَةُ
أَنفه وقطعت وهي مابين مَنْخِرَيْه، وقد خَرَمه يَخْرِمه خَرْماً.
والخَرَمةُ: موضع الخَرْمِ من الأَنف، وقيل: الذي قطع طرف أَنفه لا يبلغ
الجَدْعَ. والخَوْرَمةُ: أَرنبة الإنسان.
ورجل أَخْرَمُ الأُذن كأَخربها: مثقوبها. والخَرماءُ من الآذان:
المُتَخَرِّمةُ. وعنز خَرْماءُ: شُقَّت أُذنها عرضاً. والأَخْرَمُ: المثقوب
الأُذن، والذي قُطِعَتْ وتَرَةُ أَنفه أَو طرفه شيئاً لا يبلغ الجَدْعَ، وقد
انْخَرَمَ ثَقْبُه. وفي الحديث: رأَيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يخطب الناس على ناقة خَرْماء؛ أَصل الخَرْمِ الثقب والشق. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أَن يُضَحَّى بالمُخَرَّمةِ الأُذنِ،
يعني المقطوعة الأُذن، قال ابن الأَثير: أَراد المقطوعة الأُذن تسمية للشيء
بأَصله، أَو لأَن المُخَرَّمةَ من أَبنية المبالغة كأَن فيها خُرُوماً
وشُقوقاً كثيرة. قال شمر: والخَرْمُ يكون في الأُذن والأنف جميعاً، وهو في
الأَنف أَن يُقْطَع مُقَدَّمُ مَنْخِرِ
الرجل وأَرْنَبَتِه بعد أَن يُقْطَعَ أَعلاها حتى ينفذ إِلى جوف الأَنف.
يقال رجل أَخْرَمُ بيِّن الخَرَمِ. والأَخْرَمُ: الغدير، وجمعه خُرْمٌ
لأَن بعضها يَنْخَرِمُ إِلى بعض؛ قال الشاعر:
يُرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطات،
صَوافٍ لم تُكَدِّرْها الدِّلاءُ
والأَخْرَمُ من الشِّعْرِ: ما كان في صدره وَتِدٌ مجموعُ الحركتينِ
فَخُرِمَ أَحدهما وطُرِحَ كقوله:
إِنَّ امْرأً قد عاش عِشرِينَ حِجَّةً،
إِلى مِثلها يَرْجو الخُلودَ، لجاهِلُ
(* قوله «عشرين حجة» كذا بالأصل، والذي في التهذيب والتكملة: تسعين؛
وقوله إلى مثلها، الذي في التكملة: إلى مائة، وقد صحح عليه).
كان تمامه: وإِنَّ امرأً؛ قال الزجاج: من عِلَلِ الطَّويل الخَرْمُ وهو
حذف فاء فَعُولُنْ وهو يسمى الثَّلْمَ، قال: وخَرْمُ فَعولُنْ بيته
أَثْلَمُ، وخَرْمُ مَفاعِيلن بيته أَعْضَبُ، ويسمى مُتَخَرِّماً ليُفْصَلَ بين
اسم مُنْخَرم مَفاعِيلن وبين مُنْخَرِمِ أَخْرَم؛ قال ابن سيده:
الخَرْمُ في العَروض ذهاب الفاء من فَعولن فيبقى عولُنْ، فينقل في التقطيع إِلى
فَعْلُنْ، قال: ولا يكون الخَرْمُ إِلا في أَول الجزء في البيت، وجمعه
أَبو إِسحق على خُرُوم، قال: فلا أَدري أَجَعَله اسماً ثم جمعه على ذلك أَم
هو تسمُّح منه. وإِذا أَصاب الرامي بسهمه القِرْطاسَ ولم يَثْقُبْه فقد
خَرَمَهُ. ويقال: أَصاب خَوْرَمَته أَي أَنفه. والخَرْمُ: أَنف الجبل.
والأَخْرمانِ: عظمانِ مُنْخَرِمانِ في طرف الحَنَك الأَعلى. وأَخْرَما
الكتفين: رؤوسهما من قِبَلِ العضدين مما يلي الوابِلة، وقيل: هما طرفا أَسفل
الكتفين اللذان اكتنفا كُعْبُرة الكتف، فالكُعْبُرَةُ بين الأَخْرَمَين،
وقيل: الأَخْرَمُ مُنْقَطَعُ العَيْرِ حيث يَنْجَدِعُ وهو طرفه؛ قال
أَوس بن حَجَرٍ يذكر فرساً يُدْعى قُرْزُلاً:
تالله لولا قُرْزُلٌ، إِذْ نَجا،
لكان مَثْوَى خَدِّكَ الأَخْرَما
أَي لقُتِلْتَ فسقط رأْسُكَ عن أَخْرَمِ كتفك. وأَخْرَمُ الكتف: طرف
عَيْره. التهذيب: أَخْرَمُ الكتف مَحَزٌّ في طرف عَيْرِها مما يلي
الصَّدَفة، والجمع الأَخارِمُ. وخُرْمُ الأَكَمَةِ ومَخْرِمُها:
مُنْقَطَعُها.ومَخْرِمُ الجبل والسَّيْل: أَنفه. والخَرْمُ: ما خَرَمَ سَيْلٌ أَو
طريقٌ في قُفّ أَو رأْس جبل، واسم ذلك الموضع إِذا اتسع مَخْرِمٌ كمَخْرِم
العَقَبةِ ومَخْرِم المَسِيلِ. والمَخْرِمُ، بكسر الراء: مُنْقَطَعُ أَنف
الجبل، والجمع المَخارِمُ، وهي أَفواه الــفِجاجِ. والمَخارِمُ: الطُّرُق
في الغلظ؛ عن السُّكَّريّ، وقيل: الطُّرُقُ في الجبالِ وأَفواه الــفِجاجِ؛
قال أَبو ذؤيب:
به رُجُماتٌ بَيْنَهُنَّ مَخارِمٌ
نُهُوجٌ، كَلَبَّات الهَجائِنِ، فِيحُ
وفي حديث الهجرة: مَرَّا بأَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ فحملهما على جَمَلٍ وبعث
معهما دَليلاً وقال: اسْلُكْ بهما حيثُ تَعْلَمُ من مَخارِمِ الطُّرُق،
وهو جمع مَخْرِم، بكسر الراء، وهو الطريق في الجبل أَو الرمل، وقيل: هو
مُنْقَطَعُ أَنف الجبل؛ وقول أَبي كبير:
وإِذا رَمَيْتَ به الــفِجاجَ رأَيْتَهُ
يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأَجْدَلِ
أَراد في مَخارِمِها فهو على هذا ظَرْفٌ كقولهم ذهبتُ الشأْمَ وعَسَلَ
الطريقَ الثَّعْلَبُ، وقيل: يَهْوِي هنا في معنى يَقْطَعُ، فإِذا كان هذا
فَمَخارِمَها مفعول صحيح. وما خَرَمَ الدليلُ عن الطَّريقِ أَي ما عدل.
ومَخارِمُ الليل: أَوائلُه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مَخارِمُ الليل لَهُنَّ بَهْرَجُ،
حِين ينامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ
قال: ويروى مَحارِمُ الليل أَي ما يَحْرُمُ سُلوكه على الجَبانِ
الهِدانِ، وهو مذكور في موضعه. ويَمِينٌ ذات مَخارِمَ أَي ذاتُ مَخارِجَ. ويقال:
لا خَيرَ في يَمِينٍ لا مَخارِمَ لها أَي لا مَخارِجَ، مأْخوذ من
المَخْرِمِ وهو الثَّنِيَّةُ بين الجبلين. وقال أَبو زيد: هذه يَمينٌ قد
طَلَعَتْ في المَخارِمِ، وهي اليمين التي تَجْعَلُ لصاحبها مَخْرَجاً.
والخَوْرَمةُ: أَرْنَبةُ الإِنسانِ. ابن سيده: الخَوْرَمَةُ مُقَدَّمُ
الأَنف، وقيل: هي ما بين المَنْخِرَيْنِ. والخَوْرَمُ: صُخور لها خُرُوقٌ،
واحدتها خَوْرَمَةٌ. والخَوْرَمُ: صخرة فيها خُروق. والخَرْمُ: أَنف
الجبل، وجمعه خُرُومٌ، ومنه اشتقاق المَخْرِم. وضَرْعٌ فيه تَخريمٌ
وتَشْريمٌ إِذا وقع فيه حُزُوزٌ.
واخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مات وذهب. واخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ من بين
أَصحابه: أَخَذَتْهُ من بينهم. واخْتَرَمَهُم الدهرُ وتَخَرَّمَهُم أَي
اقتطعهم واستأْصلهم. ويقال: خَرَمَتْهُ الخَوارِمُ إِذا مات، كما يقال
شَعَبَتْهُ شَعُوبٌ. وفي الحديث: يريد أَن يَنْخَرِمَ ذلك القَرْنُ؛
القَرْنُ: أَهلُ كلِّ زمانٍ، وانْخِرامُهُ: ذهابُهُ وانقضاؤه. وفي حديث ابن
الحنفية: كِدْتُ أَن أَكون السوادَ المُخْتَرَمَ، من اخْتَرَمَهُم الدهرُ
وتَخَرَّمهم استأْصلهم.
والخَرْماءُ: رابِيةٌ تَنْهَبِطُ في وَهْدَةٍ، وهو الأَخرمُ أَيضاً.
وأَكَمَةٌ خَرْماءُ: لها جانب لا يمكن منه الصُّعودُ.
وريح خارِمٌ: باردة؛ كذا حكاه أَبو عبيد بالراء، ورواه كراع خازِمٌ،
بالزاي، قال: كأَنها تَخْزِِمُ الأَطْراف أَي تنظمها، وسيأْتي ذكره.
والخُرَّمُ: نباتُ الشَّجرِ؛ عن كراع. وعيش خُرَّمٌ: ناعِمٌ، وقيل: هو
فارسي معرب؛ قال أَبو نُخَيْلة في صفة الإِبل:
قاظَتْ من الخُرْمِ بقَيْظٍ خُرَّمِ
أَراد بقَيْظٍ ناعم كثير الخَيْرِ؛ ومنه يقال: كان عَيْشُنا بها
خُرَّماً؛ قاله ابن الأَعرابي. والخُرْمُ وكاظِمَة
(* قوله «والخرم وكاظمة إلخ»
كذا بالأصل ومثله في التكملة، والذي في ياقوت: والخرم في كاظمة إلخ):
جُبَيْلاتٌ وأُنوفُ جبالٍ؛ وأَما قول جرير:
إِنَّ الكَنِيسة كانَ هَدْمُ بنائها
نَصْراً، وكان هَزيمةً للأَخْرَمِ
فإِنَّ الأَخْرَمَ اسمُ مَلك من مُلوك الرُّوم. والخَريمُ: الماجِنُ.
والخارِمُ: التارِكُ. والخارِمُ: المُفْسِدُ. والخارِمُ: الرِّيحُ
الباردةُ.
وفي حديث سَعْدٍ: لما شكاه أَهل الكوفة إِلى عُمَرَ في صلاته قال ما
خَرَمتُ من صلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً أَي ما تركْتُ؛ ومنه
الحديث: لم أَخْرِمْ منه حَرْفاً أَي لم أَدَعْ.
والخُرّامُ: الأَحداث المُتَخَرِّمونَ في المعاصي.
وجاء يَتَخَرَّمُ زَنْدُه أَي يَرْكبُنا بالظلم والحُمْق؛ عن ابن
الأَعرابي، قال: وقال ابن قنان لرجل وهو يَتَوَعَّدُهُ: والله لئن انْتَحَيْتُ
عليك فإِني أَراك يَتَخَرَّمُ زَنْدُك، وذلك أَن الزَّنْدَ إِذا
تَخَرَّمَ لم يُورِ القادِحُ به ناراً، وإِنما أَراد أَنه لا خَيْرَ فيه كما أَنه
لا خير في الزَّنْدِ المُتَخَرِّم. وتَخَرَّمَ زَنْدُ فلان أَي سكن
غضبُه. وتَخَرَّمَ أَي دانَ بدينِ الخُرَّمِيَّة، وهم أَصحاب التَّناسُخِ
والإِباحةِ.
أَبو خيرة: الخَرْوَمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرِّيحِ تنبُتُ في العَطَنِ
(*
قوله «تنبت في العطن» هكذا في الأصل ويؤيده ما في مادة ش ق ذ من الأصل
والمحكم من التعبير بالإعطان وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو تنبت في
القطن ولكن الذي في التهذيب والتكملة هنا مثل ما في القاموس)، وأَنشد:
إِلى بيت شِقْذانٍ، كأَنَّ سِبالَهُ
ولِحْيَتَهُ في خَرْوَمانٍ منوِّرِ
وفي الحديث ذِكْرُ خُرَيْمٍ، هو مصغر ثَنِيَّةٌ بين المدينة
والرَّوْحاء، كان عليها طريق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُنْصَرَفَهُ من
بَدْرٍ.ومَخْرَمَةُ، بالفتح، ومُخَرَّمٌ وخُرَيْمٌ: أَسماء. وخُرْمانُ وأُم
خُرْمانَ
(* قوله «وأم خرمان» بضم فسكون كما في ياقوت والتكملة): موضعان.
والخَرْماءُ: عَيْنٌ بالصَّفْراء كانت لِحَكيم بن نَضْلَةَ الغِفارِيِّ ثم
اشْتُرِيَتْ من وَلَدِهِ. والخَرْماءُ: فَرَسٌ لِبَني أَبي رَبيعةَ.
والخُرَّمانُ: نبْتٌ.
والخُرْمانُ، بالضم: الكذِبْ؛ يقال: جاء فلان بالخُرْمانِ أَي بالكذب.
ابن السكيت: يقال ما نَبَسْتُ فيه بخَرْماءَ، يعني به الكذب.
عمق: العُمْق والعَمْق: البعد إِلى أَسفل، وقيل: هو قعر البئر والفجِّ
والوادي، قال ابن بري ومنه قول الشمّاخ:
وأَفْيح من رُوْضِ الرُّبابِ عَمِيق
أَي بعيد. وتَعْمِيقُ
البئر وإِعْماقها: جَعْلُها عَمِيقةً. وتقول العرب: بئر عَمِيقةٌ
ومََِعقيةٌ بعيدة القعر، وقد عَمُقتْ ومَعُقَتْ وأَعْمَقْتُها، وإِنها لبعيدة
العَمْقِ والمَعْق. قال الله تعالى: وعلى كل ضامر يأْتين من كل فَجٍّ
عَمِيق؛ قال الفراء: لغة أَهل الحجاز عَمِيق، وبنو تميم يقولون مَعِيق. قال
مجاهد في قوله من كل فَجٍّ عَمِيق: من كل طريق بعيد، وقال الليث في قوله
من كل فَجٍّ عَمِيق: ويقال مَعيق، قال: والعَمِيقُ أَكثر من المَعِيق في
الطريق. وأَعْماقُ الأَرض: نواحيها. ويقال لي في هذه الدار عَمَقٌ أَي حق،
وما لي فيها عَمَق أَي حق.
والعَمْق: البُسْر الموضوع في الشمس ليَنْضَجَ؛ عن أَبي حنيفة، قال:
وأَنا فيه شاكّ.
ورجل عُمْقِيُّ الكلام: لكلامه غَوْرٌ.
والعِمَقَى: نبت. وبعير عامِقٌ وإِبل عامِقةٌ: تأْكل العِمْقَى؛ قال
الجوهري: العِمْقَى، بكسر العين، شجر بالحجاز وتهامة، قال ابن بري: ويقال
العِمْقَى أَمَرُّ من الحَنْظَلِ؛ قال الشاعر:
فأُقْسِمُ أَنَّ العيشَ حُلْوٌ إِذا دَنَتْ،
وهو إِنْ نأَتْ عني أَمَرّ من العِمْقَى
والعِمْقى: موضع؛ قال أَبو ذؤَيب:
لَمَّا ذَكَرْتُ أَخا العِمْقَى تَأَوَّبَني
همُّ، وأَفَردَ ظَهري الأَغْلَبُ الشِّيحُ
(* قوله «أخا العمقى» قال الصاغاني فيه ثلاث روايات: بالكسر وبالضم
وبالنون وبدل الميم اهـ. قلت أما الكسر فهي رواية الباهلي ورواه الأخفش بفتح
العين وقال هو اسم واد فتكون الروايات أربعاً اهـ. شرح القاموس.)
والعُمَق، بضم العين وفتح الميم: موضع بمكة؛ وقول ساعدة بن جؤبة:
لما رأَى عَمْقاً ورَجَّعَ عُرْضُهِ
هَدْراً، كما هَدَر الفَنِيقُ المُصْعبُ
أَراد العُمَق فغيَّر، وقد يكون عَمْقٌ بلداً بعينه غير هذا. قال
الأَزهري: العُمَق موضع على جادَّة طريق مكة بين مَعْدن بني سُلَيْم وذات
عِرْق، قال: والعامة تقول العُمُق، وهو خطأ. قال: وعَمْق موضع آخر. وفي الحديث
ذكر العُمَقِ؛ قال ابن الأَثير: العُمَقُ، بضم العين وفتح الميم، منزل
عند النَّقِرَة لحاجّ العِراقِ، فأَما بفتح العين وسكون الميم فوَادٍ من
أَودية الطائف نزله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما حاصَرها. وعِمَاق:
موضع. وعَمْق: أرض لمُزَيْنَة. وما في النِّحْيِ عَمَقةٌ: كقولك ما به
عَيْقَةٌ؛ عن اللحياني، أَي لَطْخ ولا وَضَرٌ ولا لَعُوق من رُبٍّ ولا
سَمْن.
وعَمِّق النظر في الأُمور تَعْمِيقاً وتَعَمَّق في كلامه أَي تَنَطَّع.
وتَعَمَّق في الأَمر: تَنَوَّقَ فيه، فهو مُتَعَمِّق. وفي الحديث: لو
عَادَى الشهرُ لواصَلْت وصالاً يَرَعُ المتَعَمّقونَ تَعَمُّقَهم؛
المُتَعَمِّقُ: المُبالغ في الأَمر المتشدِّد فيه الذي يطلب أَقصى غايته. والعَمْق
والعُمْق: ما بعُد من أطراف المَفَاوِزِ. والأَعماق أَطراف المَفاوِز
البعيدة، وقيل الأَطراف ولم تقيِّد؛ ومنه قول رؤبة:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْترَقْ،
مُشْتَبِه الأَعْلام، لَمّاعِ الخَفَق
ويقال الأَعْماقُ . . .
(* كذا بياض بالأصل.) المطمئن، ويجوز أَن تكون
بعيدة الغَوْر. وأُعَامِق: موضع
(* قوله «وأعامق موضع» ضبطه شارح القاموس
بضم الهمزة ومثله في ياقوت)؛ قال الشاعر:
وقد كان مِنّا مَنْزِلاً نَسْتَلذُّه
أُعَامِقُ بَرْقاوَاتُهُ فأَجاوِلُه
مين: المَيْنُ: الكذب؛ قال عديّ بن زيد:
فقَدَّدَتِ الأَدِيمَ لراهِشَيْهِ،
وأَلْفَى قولَها كذباً ومَيْنا
قال ابن بري: ومثل قوله كذباً ومينا قول الأَفْوه الأَوْدِيّ:
وفينا للقِرَى نارٌ يُرَى عنـ
ـدها للضَّيْفِ رُحْبُ وسَعَه
والرُّحْبُ والسَّعة واحد؛ وكقول لبيد:
فأَصْبَِح طاوِياً حَرِصاً خَمِيصاً،
كنَصْلِ السيفِ حُودِثَ بالصِّقالِ
وقال المُمزَّقُ العبدِيّ:
وهُنَّ على الرَّجائز واكِناتٌ،
طَويلاتُ الذَّوائبُ والقُرونِ
والذوائب والقرون واحد. ومثله في القرآن العزيز: عَبَس وبسَرَ، وفيه: لا
تَرَى فيها عِوَجاً ولا أَمْتاً، وفيه: فجاجــاً سُبُلاً، وفيه: غرابيبُ
سُودٌ، وقوله: فلا يخافُ ظُلْماً ولا هَضْماً؛ وجمغُ المَيْنِ مُيُونٌ.
ومانَ يَمينُ مَيْناً: كذب، فهو مائن أَي كاذب. ورجل مَيُونٌ ومَيّانٌ:
كذَّاب. ووُدُّ فلانٍ مُتَمايِنٌ، وفلانٌ مُتماينُ الوُدِّ إِذا كان غير
صادق الخُلَّةِ؛ ومنه قول الشاعر:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِمْ
إِلينا، ولكنْ وُدُّهم مُتَمايِنُ
ويروى مُتيامِن أَي مائل إِلى اليَمن. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه، في
ذم الدنيا: فهي الجامِحَةُ الحَرُونُ والمائنةُ الخَؤُون.
وفي حديث بعضهم: خرَجْتُ مُرابِطاً ليلة مَحْرَسي إِلى المِيناء؛ هو
الموضع الذي تُرْفَأُ فيه السفنُ أَي تُجْمع وتُرْبَطُ؛ قيل: هو مِفْعال من
الوَنْيِ الفُتُورِ لأَن الريحَ يَقِلُّ فيه هُبوبها، وقد يقصر فيكون على
مِفْعَل، والميم زائدة.
كفف: كفّ الشيءَ يكُفُّه كَفّاً: جمعه. وفي حديث الحسن: أَنَّ رجلاً
كانت به جِراحة فسأَله: كيف يتوضأُ؟ فقال: كُفَّه بخِرْقة أَي اجمَعها حوله.
والكفُّ: اليد، أُنثى. وفي التهذيب: والكف كفّ اليد، والعرب تقول: هذه
كفّ واحدة؛ قال ابن بري: وأَنشد الفراء:
أُوفِّيكما ما بلَّ حَلْقيَ رِيقتي،
وما حَمَلَت كَفَّايَ أَنْمُليَ العَشْرا
قال: وقال بشر بن أَبي خازم:
له كَفَّانِ: كَفٌّ كَفُّ ضُرٍّ،
وكَفُّ فَواضِلٍ خَضِلٌ نَداها
وقال زهير:
حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ الولِيدِ لها،
طارَتْ، وفي يدِه من ريشَِها بِتَك
قال: وقال الأَعشى:
يَداكَ يَدا صِدْقٍ: فكفٌّ مُفِيدةٌ،
وأُخرى، إذا ما ضُنَّ بالمال، تُنْفِق
وقال أَيضاً:
غَرَّاءُ تُبْهِجُ زَوْلَه،
والكفُّ زَيَّنها خَضابه
قال: وقال الكميت:
جَمَعْت نِزاراً، وهي شَتَّى شُعوبها،
كما جَمَعَت كَفٌّ إليها الأَباخِسا
وقال ذو الإصبع:
زَمان به للّهِ كَفٌّ كَريمةٌ
علينا، ونُعْماه بِهِنَّ تَسِير
وقالت الخنساء:
فما بَلَغَتْ كَفُّ امْرِئٍ مُتَناوِلٍ
بها المَجْدَ، إلا حيث ما نِلتَ أَطْولُ
وما بَلَغَ المُهْدُون نَحْوَكَ مِدْحَةً،
وإنْ أَطْنَبُوا، إلا وما فيكَ أَفضَلُ
ويروى:
وما بلغ المهدون في القول مدحة
فأَما قول الأَعشى:
أَرَى رجُلاً منهم أَسِيفاً، كأَنما
يضمُّ إلى كَشْحَيْه كَفّاً مُخَضَّبا
فإنه أَراد الساعد فذكَّر، وقيل: إنما أَراد العُضو، وقيل: هو حال من
ضمير يضمّ أَو من هاء كشحيه، والجمع أَكُفٌّ. قال سيبويه: لم يجاوزوا هذا
المثال، وحكى غيره كُفوف؛ قال أَبو عمارةَ بن أَبي طرفَة الهُذلي يدعو
اللّه عز وجل:
فصِلْ جَناحِي بأَبي لَطِيفِ،
حتى يَكُفَّ الزَّحْفَ بالزُّحوفِ
بكلِّ لَينٍ صارِمٍ رهِيفِ،
وذابِلٍ يَلَذّ بالكُفُوفِ
أَبو لطيف يعني أَخاً له أَصغر منه؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر:
يَداً ما قد يَدَيْتُ على سُكَيْنٍ
وعبدِ اللّه، إذ نُهِشَ الكُفُوفُ
وأَنشد لليلى الأَخْيَلِيّة:
بقَوْلٍ كَتَحْبير اليماني ونائلٍ،
إذا قُلِبَتْ دون العَطاء كُفوفُ
قال ابن بري: وقد جاء في جمع كفٍّ أَكْفاف؛ وأَنشد علي بن حمزة:
يُمسون مما أَضْمَرُوا في بُطُونهم
مُقَطَّعَةً أَكْفافُ أَيديهمُ اليُمْن
وفي حديث الصدقة: كأَنما يَضَعُها في كفِّ الرحمن؛ قال ابن الأَثير: هو
كناية عن محل القَبول والإثابة وإلا فلا كفّ للرحمن ولا جارِحةَ، تعالى
اللّه عما يقول المُشَبِّهون عُلُوّاً كبيراً. وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: إن اللّه إن شاء أَدخل خلْقه الجنة بكفّ واحدة، فقال النبي، صلى اللّه
عليه وسلم: صدق عمر. وقد تكرر ذكر الكف والحفْنة واليد في الحديث
وكلُّها تمثيل من غير تشبيه، وللصقر وغيره من جوارح الطير كّفانِ في رِجْليه،
وللسبع كفّان في يديه لأَنه يَكُفُّ بهما على ما أَخذ. والكفُّ الخَضيب:
نجم. وكفُ الكلب: عُشْبة من الأَحرار، وسيأْتي ذكرها.
واسْتَكفَّ عينَه: وضع كفّه عليها في الشمس ينظر هل يرى شيئاً؛ قال ابن
مقبل يصف قِدْحاً له:
خَرُوجٌ من الغُمَّى، إذا صُكَّ صَكّةً
بدا، والعُيونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
الكسائي: اسْتَكْفَفْت الشيء واسْتَشْرَفْته، كلاهما: أَن تضع يدك على
حاجبك كالذي يَسْتَظِل من الشمس حتى يَستبين الشيء. يقال: اسْتَكفَّت عينه
إذا نظرت تحت الكفّ. الجوهري: اسْتَكفَفْت الشيء اسْتَوْضَحْته، وهو أَن
تضع يدك على حاجبك كالذي يَستظل من الشمس تنظر إلى الشيء هل تراه. وقال
الفراء: استكفّ القومُ حول الشيء أَي أَحاطوا به ينظرون إليه؛ ومنه قول
ابن مقبل:
إذا رَمَقَتْه من مَعَدٍّ عِمارةٌ
بدا، والعُيونُ المستكفَّة تلمح
واستكفّ السائل: بَسط كفَّه. وتكَفَّفَ الشيءَ: طلبه بكفِّه وتكَفَّفَه.
وفي الحديث: أَن رجلاً رأَى في المنام كأَن ظُلَّة تَنْطِف عَسلاً
وسمناً وكأَنَّ الناس يتَكفَّفُونه؛ التفسير للهروي في الغريبين والاسم منها
الكفَف. وفي الحديث: لأَن تَدَعَ ورَثتَك أَغنياء خير من أَن تَدعهم عالةً
يتَكفَّفون الناس؛ معناه يسأَلون الناس بأَكُفِّهم يمدُّونها إليهم.
ويقال: تكفَّف واستكفَّ إذا أَخذ الشي بكفِّه؛ قال الكميت:
ولا تُطْمِعوا فيها يداً مُسْتَكِفّةً
لغيركُمُ، لو تَسْتَطِيعُ انْتِشالَها
الجوهري: واستكفَّ وتكفَّفَ بمعنى وهو أَن يمد كفَّه يسأَل الناس. يقال:
فلان يَتكَفَّف الناس، وفي الحديث: يتصدَّق بجميع ماله ثم يَقْعُد
يستكِفُّ الناسَ. ابن الأَثير: يقال استكفَّ وتكَفَّفَ إذا أَخذ ببطن كفه أَو
سأَل كفّاً من الطعام أَو ما يكُفُّ الجوع.
وقولهم: لقيته كَفَّةَ كَفَّةَ، بفتح الكاف، أَي كفاحاً، وذلك إذا
استقْبلته مُواجهة، وهما اسمان جُعلا واحداً وبنيا على الفتح مثل خمسة عشر.
وفي حديث الزبير: فتلقّاه رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كفّةَ كَفّةَ
أَي مُواجهة كأَنَّ كل واحد منهما قد كفَّ صاحبه عن مجاوزته إلى غيره أَي
مَنَعَه. والكَفّة: المرة من الكفّ. ابن سيده: ولَقِيتُه كفَّةَ كفَّةَ
وكفَّةَ كفَّةٍ على الإضافة أَي فُجاءة مواجهة؛ قال سيبويه: والدليل على
أَن الآخر مجرور أَنَّ يونس زعم أَن رؤبة كان يقول لقيته كفّةً لِكفّةً
أَو كفّةً عن كفّةٍ، إنما جعل هذا هكذا في الظرف والحال لأَن أَصل هذا
الكلام أَن يكون ظرفاً أَو حالاً.
وكفَّ الرجلَ عن الأَمر يكُفُّه كَفّاً وكفْكَفَه فكفَّ واكتفَّ
وتكفَّف؛ الليث: كَفَفْت فلاناً عن السوء فكفّ يكُفّ كَفّاً، سواء لفظُ اللازم
والمُجاوز. ابن الأَعرابي: كَفْكَفَ إذا رَفَق بغرِيمه أَو ردَّ عنه من
يؤذيه. الجوهري: كَفَفْت الرجل عن الشيء فكفّ، يتعدّى ولا يتعدى، والمصدر
واحد. وكفْكَفْت الرجل: مثل كفَفْته؛ ومنه قول أَبي زبيد:
أَلم تَرَني سَكَّنْتُ لأْياً كِلابَكُم،
وكَفْكَفْتُ عنكم أَكْلُبي، وهي عُقَّر؟
واستكفَّ الرجلُ الرجلَ: من الكفِّ عن الشيء. وتكَفَّف دمعُه: ارتدّ،
وكَفْكَفَه هو؛ قال أَبو منصور: وأَصله عندي من وكَفَ يَكِفُ، وهذا كقولك
لا تعِظيني وتَعظْعَظي. وقالوا: خَضْخضتُ الشيءَ في الماء وأَصله من
خُضْت. والمكفوف: الضَّرير، والجمع المكافِيفُ. وقد كُفَّ بصرُه وكَفَّ بصرُه
كَفّاً: ذهَب. ورجل مَكْفوف أَي أَعمى، وقد كُفَّ. وقال ابن الأَعرابي:
كَفَّ بصرُه وكُفَّ. والكَفْكفة: كفُّك الشيء أَي ردُّك الشيء عن الشيء،
وكفْكَفْت دمْع العين. وبعير كافٌّ: أُكلت أَسنانه وقَصُرَت من الكِبَر
حتى تكاد تذهب، والأُنثى بغير هاء، وقد كُفَّت أَسنانها، فإذا ارتفع عن ذلك
فهو ماجٌّ. وقد كَفَّت الناقة تَكُفُّ كُفوفاً.
والكَفُّ في العَرُوض: حذف السابع من الجزء نحو حذفك النون من مفاعيلن
حتى يصير مفاعيلُ ومن فاعلاتن حتى يصير فاعلات، وكذلك كلُّ ما حُذف سابعه
على التشبيه بكُفّة القميص التي تكون في طرف ذيله، قال ابن سيده: هذا قول
ابن إسحق. والمَكفوف في عِلل العروض مفاعيلُ كان أَصله مفاعيلن، فلما
ذهبت النون قال الخليل هو مكفوف.
وكِفافُ الثوب: نَواحِيه. ويُكَفُّ الدِّخْريصُ إذا كُفَّ بعد خِياطة
مرة. وكَفَفْت الثوبَ أَي خِطْت حاشيته، وهي الخِياطةُ الثانية بعد
الشَّلِّ. وعَيْبةٌ مَكْفوفة أَي مُشْرَجةٌ مَشْدودة. وفي كتاب النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، بالحديْبِية لأَهل مكة: وإنَّ بيننا وبينكم عَيبةً مكفوفةً؛
أَراد بالمكفوفة التي أُشْرِجَت على ما فيها وقُفِلت وضَربها مثلاً
للصدور أَنها نَقِيَّة من الغِلِّ والغِشّ فيما كتبوا واتَّفَقُوا عليه من
الصُّلْح والهُدْنة، والعرب تشبه الصدور التي فيها القلوب بالعِياب التي
تُشْرَج على حُرِّ الثياب وفاخِر المتاع، فجعل النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
العِياب المُشْرجة على ما فيها مثلاً للقلوب طُوِيَت على ما تعاقدوا؛
ومنه قول الشاعر:
وكادَت عِيابُ الوُدِّ بيني وبينكم،
وإن قيل أَبْناءُ العُمومةِ، تَصْفَرُ
فجعل الصُّدور عِياباً للوُدِّ. وقال أَبو سعيد في قوله: وإنَّ بيننا
وبينكم عَيبةً مكفوفة: معناه أَن يكون الشر بينهم مكفوفاً كما تُكَفُّ
العَيبة إذا أُشْرِجَت على ما فيها من مَتاع، كذلك الذُّحُول التي كانت بينهم
قد اصطلحوا على أَن لا يَنْشُروها وأَن يَتكافُّوا عنها، كأَنهم قد
جعلوها في وِعاء وأَشرجوا عليها. الجوهري: كُفّةُ القَمِيص، بالضم، ما استدار
حول الذَّيل، وكان الأَصمعي يقول: كلُّ ما استطال فهو كُفة، بالضم، نحو
كفة الثوب وهي حاشيته، وكُفَّةِ الرمل، وجمعه كِفافٌ، وكلُّ ما استدار
فهو كِفّة، بالكسر، نحو كِفَّة الميزان وكِفَّة الصائد، وهي حِبالته،
وكِفَّةِ اللِّثةِ، وهو ما انحدرَ منها. قال: ويقال أَيضاً كَفّة الميزان،
بالفتح، والجمع كِفَفٌ؛ قال ابن بري: شاهد كِفَّةِ الحابِل قول الشاعر:
كأَنَّ فِجاجَ الأَرضِ، وهي عَرِيضةٌ
على الخائفِ المَطْلوبِ، كِفّةُ حابِلِ
وفي حديث عطاء: الكِفَّةُ والشَّبكةُ أَمرهما واحد؛الكُفَّة، بالكسر:
حِبالة الصائد. والكِفَفُ في الوَشْم: داراتٌ تكون فيه. وكِفافُ الشيء:
حِتارُه. ابن سيده: والكِفة، بالكسر، كل شيء مستدير كدارة الوشم وعُود
الدُّفّ وحبالة الصيْد، والجمع كِفَفٌ وكِفافٌ. قال: وكفة الميزان الكسر فيها
أَشهر، وقد حكي فيها الفتح وأَباها بعضهم. والكُفة: كل شيء مستطيل ككُفة
الرمل والثوب والشجر وكُفّة اللِّثةِ، وهي ما سال منها على الضِّرس. وفي
التهذيب: وكِفَّة اللثة ما انحدر منها على أُصول الثغْر، وأَمّا كُفَّةُ
الرمْل والقميص فطُرّتهما وما حولهما. وكُفة كل شيء، بالضم: حاشيته
وطرَّته. وفي حديث عليّ، كرَّم اللّه وجهه، يصف السحاب: والتَمع بَرْقُه في
كُفَفِه أَي في حواشيه؛ وفي حديثه الآخر: إذا غَشِيكم الليلُ فاجعلوا
الرِّماح كُفّة أَي في حواشي العسكر وأَطرافه. وفي حديث الحسن: قال له رجل
إنَّ برِجْلي شُقاقاً، فقال: اكفُفه بخِرْقة أَي اعْصُبْه بها واجعلها حوله.
وكُفة الثوب: طُرَّته التي لا هُدب فيها، وجمع كل ذلك كُفَف وكِفافٌ.
وقد كَفَّ الثوبَ يكُفه كَفّاً: تركه بلا هُدب. والكِفافُ من الثوب: موضع
الكف. وفي الحديث: لا أَلبس القميص المُكَفَّف بالحرير أَي الذي عُمِل على
ذَيْله وأَكمامه وجَيْبه كِفاف من حرير، وكلُّ مَضَمِّ شيء كِفافُه،
ومنه كِفافُ الأُذن والظفُر والدبر، وكِفّة الصائد، مكسور أَيضاً.
والكِفَّة: حبالة الصائد، بالكسر. والكِفَّةُ: ما يُصاد به الظِّباء يجعل كالطوْق.
وكُفَفُ السحاب وكِفافُه: نواحيه. وكُفَّة السحاب: ناحيته. وكِفافُ
السحاب: أَسافله، والجمع أَكِفَّةٌ. والكِفافُ: الحوقة والوَتَرَةُ.
واسْتكَفُّوه: صاروا حَواليْه. والمستكِفّ: المستدير كالكِفّة.
والكَفَفُ: كالكِفَفِ، وخصَّ بعضهم به الوَشم. واستكفَّت الحيَّة إذا ترَحَّتْ
كالكِفَّةِ. واستكَفَّ به الناسُ إذا عَصبوا به. وفي الحديث: المنفِقُ على
الخيل كالمسْتَكِفّ بالصدقة أَي الباسطِ يدَه يُعطِيها، من قولهم استكفَّ
به الناسُ إذا أَحدَقوا به، واستكَفُّوا حوله ينظرون إليه، وهو من كِفاف
الثوب، وهي طُرَّته وحَواشِيه وأَطرافُه، أَو من الكِفّة، بالكسر، وهو
ما استدار ككفة الميزان. وفي حديث رُقَيْقَة: فاستكفُّوا جَنابَيْ عبدِ
المطلب أَي أَحاطوا به واجتمعوا حوله. وقوله في الحديث: أُمرتُ أَن لا
أَكُفَّ شَعراً ولا ثوباً، يعني في الصلاة يحتمل أَن يكون بمعنى المنع، قال
ابن الأَثير: أَي لا أَمنَعهما من الاسترسال حال السجود ليَقَعا على
الأَرض، قال: ويحتمل أَن يكون بمعنى الجمع أَي لا يجمعهما ولا يضمهما. وفي
الحديث: المؤمن أَخو المؤمن يَكُفُّ عليه ضَيْعَته أَي يجمع عليه مَعِيشتَه
ويَضُمُّها إليه؛ ومنه الحديث: يَكُفُّ ماء وجهه أَي يصُونُه ويجمعه عن
بَذْلِ السؤال وأَصله المنع؛ ومنه حديث أُم سلمة: كُفِّي رأْسي أَي
اجمعِيه وضُمِّي أَطرافه، وفي رواية: كفِّي عن رأْسي أَي دَعيه واتركي
مَشْطَه.والكِفَفُ: النُّقَر التي فيها العيون؛ وقول حميد:
ظَلَلْنا إلى كَهْفٍ، وظلَّت رِحالُنا
إلى مُسْتَكِفَّاتٍ لهنَّ غُروبُ
قيل: أَراد بالمُسْتَكِفّات الأَعين لأَنها في كِفَفٍ، وقيل: أَراد
الإبل المجتمعة، وقيل: أَراد شجراً قد استكفَّ بعضُها إلى بعض، وقوله لهنَّ
غُروب أَي ظِلال.
والكافَّةُ: الجماعة، وقيل: الجماعة من الناس. يقال: لَقِيتهم كافَّةً
أَي كلَّهم. وقال أبو إسحق في قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا ادْخلُوا
في السلم كافَّةً، قال: كافة بمعنى الميع والإحاطة، فيجوز أَن يكون معناه
ادخلوا في السِّلْمِ كلِّه أَي في جميع شرائعه، ومعنى كافةً في اشتقاق
اللغة: ما يكفّ الشيء في آخره، من ذلك كُفَّة القميص وهي حاشيته، وكلُّ
مستطيل فحرفه كُفة، وكل مستدير كِفة نحو كِفة الميزان. قال: وسميت كُفَّة
الثوب لأَنها تمنعه أَن ينتشر، وأَصل الكَفّ المنع، ومن هذا قيل لطَرف
اليد كَفٌّ لأَنها يُكَفُّ بها عن سائر البدن، وهي الراحة مع الأَصابع، ومن
هذا قيل رجل مَكْفوف أَي قد كُفَّ بصرُه من أَن ينظر، فمعنى الآية
ابْلُغوا في الإسلام إلى حيث تنتهي شرائعه فَتُكَفُّوا من أَن تعدُو شرائعه
وادخلوا كلُّكم حتى يُكَفَّ عن عدد واحد لم يدخل فيه. وقال في قوله تعالى:
وقاتلوا المشركين كافة، منصوب على الحال وهو مصدر على فاعلة كالعافية
والعاقبة، وهو في موضع قاتلوا المشركين محيطين، قال: فلا يجوز أَن يثنى ولا
يجمع لا يقال قاتلوهم كافَّات ولا كافّين، كما أَنك إذا قلت قاتِلْهم
عامّة لم تثنِّ ولم تجمع، وكذلك خاصة وهذا مذهب النحويين؛ الجوهري: وأَما قول
ابن رواحة الأَنصاري:
فسِرْنا إليهم كافَةً في رِحالِهِمْ
جميعاً، علينا البَيْضُ لا نَتَخَشَّعُ
فإنما خففه ضرورة لأَنه لا يصح الجمع بين ساكِنين في حشو البيت؛ وكذلك
قول الآخر:
جَزى اللّهُ الروابَ جزاء سَوْءٍ،
وأَلْبَسَهُنّ من بَرَصٍ قَمِيصا
جهرم: الجَهْرَمِيَّة: ثيابٌ منسوبة من نحو البُسُط وما يُشْبهها، يقال
هي من كَتَّانٍ؛ وقال رؤبة:
بل بَلدٍ مِلْء الــفِجاجِ قَتَمُه،
لا يُشْتَرى كَتَّانُه وجَهْرَمُه
جعله اسماً بإِخراج ياء النسبة. قال ابن بري: جَهْرَم قرية من قُرى
فارِسَ تنسب إِليها الثيابُ والبُسُطُ؛ قال الزيادي: وقد يقال للبِساطِ
نَفْسِه جَهْرَم.
جنف: الجَنَفُ في الزَّوْرِ: دُخُولُ أَحد شِقَّيْهِ وانْهِضامُه مع
اعْتدالِ الآخر. جَنِفَ، بالكسر، يَجْنَفُ جَنَفاً، فهو جَنِفٌ وأَجْنَفُ.
والأَنثى جَنْفاء. ورجل أَجْنَفُ: في أَحدِ شِقَّيْه ميل عن الآخر.
والجَنَفُ: الـمَيْلُ والجَوْرُ، جَنِفَ جَنَفاً؛ قال الأَغْلب
العِجْلِيُّ:غِرٍّ جُنافيٍّ جَمِيلِ الزِّيِّ
الجُنافيّ: الذي يَتَجانَفُ في مِشْيَتِه فيَخْتالُ فيها. وقال شمر:
يقال رجل جُنافيٌّ، بضم الجيم، مُخْتال فيه ميْل؛ قال: ولم أَسمع جُنافِيّاً
إلاّ في بيت الأَغلب، وقيده شمر بخطه بضم الجيم. وجَنِفَ عليه جَنَفاً
وأَجْنَفَ: مالَ عليه في الحكم والخُصومةِ والقول وغيرها، وهو من ذلك. وفي
التنزيل العزيز: فمَنْ خافَ من مُوصٍ جَنَفاً أَو إِثماً؛ قال الليث:
الجَنَفُ الـمَيْلُ في الكلام وفي الأُمور كلها. تقول: جَنِفَ فلان علينا،
بالكسر، وأَجْنَفَ في حكمه، وهو شبيه بالحَيْفِ إلا أَن الحَيفَ من
الحاكم خاصّة والجنَف عامّ؛ قال الأَزهري: أَما قوله الحَيْفُ من الحاكم خاصة
فخطأٌ؛ الحيف يكون من كل مَنْ حافَ أَي جارَ؛ ومنه قول بعض التابعين:
يُرَدُّ من حَيْف النَّاحِل ما يُرَدُّ من جَنَف الـمُوصِي، والناحِلُ إذا
نَحَل بعضَ ولدِه دون بعض فقد حافَ، وليس بحاكم. وفي حديث عروة: يُرَدُّ
من صدَقةِ الجانِف في مرضه ما يردّ من وصِيَّةِ الـمُجْنِف عند موته.
يقال: جَنَفَ وأَجْنَفَ إذا مالَ وجارَ فجمع بين اللغتين، وقيل: الجانِفُ
يختصّ بالوصية، والـمُجْنِفُ المائل عن الحق؛ قال الزجاج: فمن خاف من مُوص
جَنَفاً أَي ميْلاً أَو إثماً أَي قَصْداً لإثْم؛ وقول أَبي العيال:
أَلاَّ دَرَأْتَ الخَصْمَ، حِينَ رَأَيْتَهُم
جَنَفاً عليَّ بأَلْسُنٍ وعُيُونِ
يجوز أَن يكون جَنَفاً هنا جمعَ جانِفٍ كرائحٍ ورَوَحٍ، وأَن يكون على
حذف المضاف كأَنه قال: ذوي جَنَف. وجَنِفَ عن طريقه وجَنَفَ وتجانَفَ:
عَدَلَ، وتجانف إلى الشيء كذلك. وفي التنزيل: فمن اضْطُرّ في مَخْمصةٍ غيرَ
مُتَجَانِفٍ لإِثم، أَي مُتَمايل مُتَعَمّد؛ وقال الأَعشى:
تَجَانَفُ عن جوِّ اليَمامَةِ ناقَتي،
وما عَدَلَتْ من أَهلِها لِسَوائِكا
وتجانَفَ لإِثمٍ أَي مال. وفي حديث عمر، وقد أَفْطَر الناسُ في رَمضانَ
ثم ظهرت الشمسُ فقال: نَقْضيه
(* قوله «نقضيه» كذا بالأصل، والذي في
النهاية: لا نقضيه، باثبات لا بين السطور بمداد أحمر، وبهامشها ما نصه: وفيه
لا تقضيه لا رد لما توهمه السائل كأنه قال أثمنا فقال له لاثم قال نقضيه
ا هـ.) ما تَجانَفْنا لإِثم أَي لم نَمِل فيه لارتكاب إثم. وقال أَبو
سعيد: يقال لَجَّ في جِنافٍ قبيحٍ وجِناب قبيح إذا لَجَّ في مُجانبةِ أَهله؛
وقول عامر الخَصَفيّ:
هَمُ الـمَوْلى، وإنْ جَنَفُوا عَلَيْنا،
وإنَّا مِنْ لِقائِهِمُ لَزُورُ
قال أَبو عبيدة: الـمَوْلَى ههنا في موضع الـمَوالي أَي بني العَمّ
كقوله تعالى: ثم يُخْرِجُكم طِفْلاً؛ قال ابن بري: وقال لبيد:
إني امْرُؤٌ مَنَعَتْ أَرُومة عامِرٍ
ضَيْمِي، وقد جَنَفَتْ عليّ خُصومي
ويقال: أَجْنَفَ الرجل أَي جاء بالجَنَف كما يقال أَتى أَي أَتى بما
يُلامُ عليه، وأَخَسَّ أَتى بخَسِيس؛ قال أَبو كبير:
ولقد نُقِيمُ، إذا الخُصُومُ تَناقَدُوا،
أَحْلامَهُم صَعَر الخَصِيمِ الـمُجْنِفِ
ويروى: تَناقَدُوا. ورجل أَجْنَفُ أَي مُنْحَني الظهر. وذَكَرٌ
أَجْنَفُ: وهو كالسَّدَلِ. وقَدَح أَجْنَفُ: ضَخْمٌ؛ قال عدِيّ بن
الرِّقاعِ:ويكرُّ العَبْدانِ بالمِحْلَبِ
الأَجْنَفِ فيها، حتى يَمُجَّ السِّقاء
وجُنَفَى، مقصور على فُعَلَى، بضم الجيم وفتح النون: اسم موضع؛ حكاه
يعقوب. وجَنَفاءُ: موضع أَيضاً؛ حكاه سيبويه؛ وأَنشد لزياد بن سَيَّار
الفَزاري:
رَحَلْتُ إليكَ مِنْ جَنَفاء، حَتَّى
أَنـَخْتُ حِيالَ بَيْتِك بالمَطالِ
وفي حديث غَزْوَةِ خيبر ذكر جَنْفاء؛ هي بفتح الجيم وسكون النون والمد،
ماء من مياه بني فزارة.
هجر: الهَجْرُ: ضد الوصل. هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً:
صَرَمَه، وهما يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، والاسم الهِجْرَةُ. وفي الحديث: لا
هِجْرَةَ بعد ثلاثٍ؛ يريد به الهَجْر َ ضدَّ الوصلِ، يعني فيما يكون بين
المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَةٍ أَو تقصير يقع في حقوق العِشْرَة
والصُّحْبَةِ دون ما كان من ذلك في جانب الدِّين، فإِن هِجْرَة أَهل الأَهواء
والبدع دائمة على مَرِّ الأَوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إِلى الحق،
فإِنه، عليه الصلاة والسلام، لما خاف على كعب ابن مالك وأَصحابه النفاق
حين تخلفوا عن غزوة تَبُوكَ أَمر بِهِجْرانهم خمسين يوماً، وقد هَجَر
نساءه شهراً، وهجرت عائشة ابنَ الزُّبَيْرِ مُدَّةً، وهَجَر جماعة من
الصحابة جماعة منهم وماتوا متهاجرين؛ قال ابن الأَثير: ولعل أَحد الأَمرين
منسوخ بالآخر، ومن ذلك ما جاء في الحديث: ومن الناس من لا يذكر الله إِلا
مُهاجِراً؛ يريد هِجْرانَ القلب وتَرْكَ الإِخلاص في الذكر فكأَنَّ قلبه
مهاجر للسانه غير مُواصِلٍ له؛ ومنه حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: ولا
يسمعون القرآن إِلا هَجْراً؛ يريد الترك له والإِعراض عنه. يقال: هَجَرْتُ
الشيء هَجْراً إِذا تركته وأَغفلته؛ قال ابن الأَثير: رواه ابن قتيبة في
كتابه: ولا يسمعون القول إِلا هُجْراً، بالضم، وقال: هو الخنا والقبيح
من القول، قال الخطابي: هذا غلط في الرواية والمعنى، فإِن الصحيح من
الرواية ولا يسمعون القرآن، ومن رواه القول فإِنما أَراد به القرآن، فتوهم
أَنه أَراد به قول الناس، والقرآنُ العزيز مُبَرَّأٌ عن الخنا والقبيح من
القول. وهَجَر فلان الشِّرْك هَجْراً وهِجْراناً وهِجْرَةً حَسَنَةً؛ حكاه
عن اللحياني.
والهِجْرَةُ والهُجْرَةُ: الخروج من أَرض إِلى أَرض. والمُهاجِرُونَ:
الذين ذهبوا مع النبي، صلي الله عليه وسلم، مشتق منه. وتَهَجَّرَ فلان أَي
تشبه بالمهاجرين. وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: هاجِرُوا ولا
تَهَجَّروا؛ قال أَبو عبيد: يقول أَخْلِصُوا الهِجْرَةَ لله ولا تَشَبَّهُوا
بالمهاجِرِينَ على غير صحة منكم، فهذا هو التَّهَجُّر، وهو كقولك فلان
يَتَحَلَّم وليس بحليم ويَتَشَجَّع أَي أَنه يظهر ذلك وليس فيه. قال
الأَزهري: وأَصل المُهاجَرَةِ عند العرب خروجُ البَدَوِيّ من باديته إِلى
المُدنِ؛ يقال: هاجَرَ الرجلُ إِذا فعل ذلك؛ وكذلك كل مُخْلٍ بِمَسْكَنِه
مُنْتَقِلٍ إِلى قوم آخرين بِسُكناهُ، فقد هاجَرَ قومَه. وسمي المهاجرون
مهاجرين لأَنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نَشَؤُوا بها لله، ولَحِقُوا بدار
ليس لهم بها أَهل ولا مال حين هاجروا إِلى المدينة؛ فكل من فارق بلده من
بَدَوِيٍّ أَو حَضَرِيٍّ أَو سكن بلداً آخر، فهو مُهاجِرٌ، والاسم منه
الهِجْرة. قال الله عز وجل: ومن يُهاجِرْ في سبيل الله يَجِدْ في الأَرض
مُراغَماً كثيراً وسَعَةً. وكل من أَقام من البوادي بِمَنادِيهم ومَحاضِرِهم
في القَيْظِ ولم يَلْحَقُوا بالنبي، صلي الله عليه وسلم، ولم يتحوّلوا
إِلى أَمصار المسلمين التي أُحدثت في الإِسلام وإِن كانوا مسلمين، فهم غير
مهاجرين، وليس لهم في الفَيْءِ نصيب ويُسَمَّوْنَ الأَعراب. الجوهري:
الهِجْرَتانِ هِجْرَةٌ إِلى الحبشة وهجرة إِلى المدينة. والمُهاجَرَةُ من
أَرض إِلى أَرض: تَرْكُ الأُولى للثانية. قال ابن الأَثير: الهجرة هجرتان:
إِحداهما التي وعد الله عليها الجنةَ في قوله تعالى: إِن الله اشترى من
المؤمنين أَنْفُسَهم وأَموالَهم بأَن لهم الجنَّة، فكان الرجل يأْتي
النبي، صلي الله عليه وسلم، ويَدَعُ أَهله وماله ولا يرجع في شيء منه وينقطع
بنفسه إِلى مُهاجَرِه، وكان النبي، صلي الله عليه وسلم، يكره أَن يموت
الرجل بالأَرض التي هاجر منها، فمن ثم قال: لكن البائِسُ سَعْدُ بن
خَوْلَةَ، يَرْثي له أَن ماتَ بمكة، وقال حين قدم مكة: اللهم لا يَجْعَلْ
مَنايانا بها؛ فلما فتحت مكة صارت دار إِسلام كالمدينة وانقطعت الهجرة؛ والهجرة
الثانية من هاجر من الأَعراب وغزا مع المسلمين ولم يفعل كما فعل أَصحاب
الهجرة الأُولى، فهو مهاجر، وليس بداخل في فضل من هاجر تلك الهجرة، وهو
المراد بقوله: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، فهذا وجه الجمع بين
الحديثين، وإِذا أَطلق ذكر الهجرتين فإِنما يراد بهما هجرة الحبشة وهجرة
المدينة. وفي الحديث: سيكون هِجْرَةٌ بعد هِجْرَة، فخيار أَهل الأَرض
أَلْزَمُهُمْ مُهاجَرَ إِبراهيمَ؛ المُهاجَرُ، بفتح الجيم: موضع المُهاجَرَةِ،
ويريد به الشام لأَن إِبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لما خرج
من أَرض العراق مضى إِلى الشام وأَقام به. وفي الحديث: لا هِجْرَةَ بعد
الفتح ولكن جهادٌ ونِيَّةٌ. وفي حديث آخر: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع
التوبة. قال ابن الأَثير: الهِجْرة في الأَصل الاسم من الهَجْرِ ضدِّ الوصلِ،
وقد هاجَرَ مُهاجَرَةً، والتَّهاجُرُ التَّقاطُعُ، والهِجِرُّ
المُهاجَرَةُ إِلى القُرَى؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
شَمْطاءُ جاءتْ من بِلادِ الحَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمِرِّ،
عَمْداً على جانِبِها الأَيْسَرِّ،
تَحْسَبُ أَنَّا قُرُبَ الهِجِرِّ
وهَجَرَ الشيءَ وأَهْجَرَه. تركه؛ الأَخيرة هذلية؛ قال أُسامة:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلَّصَةً، قد أَهْجَرَتْها فُحُولُها
وهَجَر الرجلُ هَجْراً إِذا تباعد ونَأَى. الليث: الهَجْرُ من
الهِجْرانِ، وهو ترك ما يلزمك تعاهده. وهَجَر في الصوم يَهْجُرُ هِجْراناً: اعتزل
فيه النكاح. ولقيته عن هَجْرٍ أَي بعد الحول ونحوه؛ وقيل: الهَجْر
السَّنَةُ فصاعداً، وقيل: بعد ستة أَيام فصاعداً، وقيل: الهَجْرُ المَغِيب
أَيّاً كان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لمَّا أَتاهمْ، بعد طُولِ هَجْرِه،
يَسْعَى غُلامُ أَهْلِه بِبِشْرِه
يبشره أَي يبشرهم به. أَبو زيد: لقيت فلاناً عن عُفْرٍ: بعد شهر ونحوه،
وعن هَجْرٍ: بعد الحول ونحوه. ويقال للنخلة الطويلة: ذهبت الشجرة هَجْراً
أَي طولاً وعِظماً. وهذا أَهْجَرُ من هذا أَي أَطول منه وأَعظم. ونخلة
مُهْجِرٌ ومُهْجِرَةٌ: طويلة عظيمة، وقال أَبو حنيفة: هي المُفْرِطَةُ
الطول والعِظَم. وناقة مُهْجِرَةٌ: فائقة في الشحم والسَّيْرِ، وفي التهذيب:
فائقة في الشحم والسِّمَنِ. وبعير مُهْجِرٌ: وهو الذي يَتَناعَتُه الناس
ويَهْجُرون بذكره أَي يَنْتَعِتُونه؛ قال الشاعر:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبانِ أَوَّمَه
رَوْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ
قال أَبو زيد: يقال لكل شيء أَفْرَطَ في طول أَو تمام وحُسْنٍ: إِنه
لمُهْجِرٌ. ونخلة مُهْجِرَةٌ إِذا أَفْرَطَتْ في الطول؛ وأَنشد:
يُعْلى بأَعلى السَّحْق منها
غشاش الهُدْهُدِ القُراقر*قوله «يعلى إلخ» هكذا بالأصل.
قال: وسمعت العرب تقول في نعت كل شيء جاوز حَدَّه في التمام: مُهْجِرٌ.
وناقة مُهْجِرَةٌ إِذا وصفت بِنَجابَةٍ أَو حُسْنٍ. الأَزهري: وناقة
هاجِرَة فائقة؛ قال أَبو وَجْزَةَ:
تُبارِي بأَجْيادِ العَقِيقِ، غُدَيَّةً،
على هاجِراتٍ حانَ منها نُزولُها
والمُهْجِرُ: النجيب الحَسَنُ الجميل يَتَناعَتُه الناسُ ويَهْجُرون
بكره أَي يتناعَتُونه. وجارية مُهْجِرَةٌ إِذا وُصِفَتْ بالفَراهَةِ
والحُسْنِ، وإِنما قيل ذلك لأَن واصفها يخرج من حد المقارب الشكل للموصوف إِلى
صفة كأَنه يَهْجُر فيها أَي يَهْذِي. الأَزهري: والهُجَيرة تصغير
الهَجْرة، وهي السمينة التامة.
وأَهْجَرَتِ الجاريةُ: شَبَّتْ شباباً حسناً. والمُهْجِر: الجيد الجميل
من كل شيء، وقيل: الفائق الفاضل على غيره؛ قال:
لما دَنا من ذاتِ حُسْنٍ مُهْجِر
والهَجِيرُ: كالمُهْجِرِ؛ ومنه قول الأَعرابية لمعاوية حين قال لها: هل
من غَدَاء؟ فقالت: نعم، خُبْزٌ خَمِير ولَبَنٌ هَجِير وماءٌ نَمِير أَي
فائق فاضل.
وجَمَلٌ هَجْر وكبشٌ هَجْر: حسن كريم. وهذا المكان أَهْجَر من هذا أَي
أَحسن؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
تَبَدَّلْتُ داراً من دِيارِكِ أَهْجَرَا
قال ابن سيده: ولم نسمع له بفعل فعسى أَن يكون من باب أَحنك الشاتين
وأَحنك البعيرين. وهذا أَهْجَرُ من هذا أَي أَكرم، يقال في كل شيء؛
وينشد:وماء يَمانٍ دونه طَلَقٌ هَجْرُ
يقول: طَلَقٌ لا طَلَقَ مثله. والهَاجِرُ: الجَيِّدُ الحَسَنُ من كل
شيء.والهُجْرُ: القبيح من الكلام، وقد أَهْجَرَ في منطقه إِهْجاراً
وهُجْراً؛ عن كراع واللحياني، والصحيح أَن الهُجْر، بالضم، الاسم من الإِهْجار
وأَن الإِهْجارَ المصدر. وأَهْجَرَ به إِهْجاراً: استهزأَ به وقال فيه
قولاً قبيحاً. وقال: هَجْراً وبَجْراً وهُجْراً وبُجْراً، إِذا فتح فهو مصدر،
وإِذا ضم فهو اسم. وتكلم بالمَهاجِر أَي بالهُجْر، ورماه بِهاجِرات
ومُهْجِرات، وفي التهذيب: بِمُهَجِّرات أَي فضائح. والهُجْرُ: الهَذيان.
والهُجْر، بالضم: الاسم من الإِهْجار، وهو الإِفحاش، وكذلك إِذا أَكثر الكلام
فيما لا ينبغي. وهَجَرَ في نومه ومرضه يَهْجُرُ هَجْراً وهِجِّيرَى
وإِهْجِيرَى: هَذَى. وقال سيبويه: الهِجِّيرَى كثرة الكلام والقول السيّء.
الليث: الهِجِّيرَى اسم من هَجَر إِذا هَذَى. وهَجَر المريضُ يَهْجُر
هَجْراً، فهو هاجِرٌ، وهَجَرَ به في النوم يَهْجُر هَجْراً: حَلَمَ وهَذَى.
وفي التنزيل العزيز: مستكبرين به سامِراً تَهْجُرُونَ وتُهْجِرُون؛
فَتُهْجِرُون تقولون القبيح، وتَهْجُرُونَ تَهْذُون. الأَزهري قال: الهاء في
قوله عز وجل للبيت العتيق تقولون نحن أَهله، وإِذا كان الليلُ سَمَرْتم
وهَجَرْتُمُ النبيَّ، صلي الله عليه وسلم، والقرآنَ، فهذا من الهَجْر
والرَّفْضِ، قال: وقرأَ ابن عباس، رضي الله عنهما: تُهْجِرُون، من أَهْجَرْتُ،
وهذا من الهُجْر وهو الفُحْش، وكانوا يسبُّون النبي، صلي الله عليه وسلم،
إِذا خَلَوْا حولَ البيت ليلاً؛ قال الفراء: وإِن قُرئَ تَهْجُرون، جعل
من وقولك هَجَرَ الرجلُ في منامه إِذا هَذَى، أَي أَنكم تقولون فيه ما
ليس فيه وما لا يضره فهو كالهَذيان. وروي عن أَبي سعيد الخدري، رضي الله
عنه، أَنه كان يقول لبنيه: إِذا طفتم بالبيت فلا تَلْغُوا ولا تهْجُروا،
يروى بالضم والفتح، من الهُجْر الفُحْش والتخليط؛ قال أَبو عبيد: معناه ولا
تَهْذُوا، وهو مثل كلام المحموم والمُبَرْسَمِ. يقال: هَجَر يَهْجُر
هَجْراً، والكلام مَهْجُور، وقد هَجَر المريضُ. وروي عن إِبراهيم أَنه قال
في قوله عز وجل: إِنَّ قومي اتَّخَذُوا هذا القرآنَ مَهْجُوراً، قال:
قالوا فيه غير الحق، أَلم ترَ إِلى المريض إِذا هجر قال غير الحق؟ وعن مجاهد
نحوه. وأَما قول النبي، صلي الله عليه وسلم: إِني كنت نَهَيْتُكم عن
زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هُجْراً، فإِنَّ أَبا عبيد ذكر عن الكسائي
والأَصمعي أَنهما قالا: الهُجْرُ الإِفحاش في المنطق والخنا، وهو بالضم،
من الإِهْجار، يقال منه: يُهْجِرُ؛ كما قال الشماخ:
كماجِدَةِ الأَعْراقِ قال ابنُ ضَرَّةٍ
عليها كلاماً، جارَ فيه وأَهْجَرا
وكذلك إِذا أَكثر الكلام فيما لا ينبغي. ومعنى الحديث: لا تقولوا
فُحْشاً. هَجَر يَهْجُر هَجْراً، بالفتح، إِذا خلط في كلامه وإِذا هَذَى. قال
ابن بري: المشهور في رواية البيت عند أَكثر الرواة: مُبَرَّأَة الأَخلاق
عوضاً من قوله: كماجدة الأَعراق، وهو صفة لمخفوض قبله، وهو:
كأَنَّ ذراعيها ذِراعَا مُدِلَّةٍ،
بُعَيْدَ السِّبابِ، حاوَلَتْ أَن تَعَذَّرا
يقول: كأَنّ ذراعي هذه الناقة في حسنهما وحسن حركتهما ذراعا امرأَة
مُدِلَّة بحسن ذراعيها أَظهرتهما بعد السباب لمن قال فيها من العيب ما ليس
فيها، وهو قول ابن ضرتها، ومعنى تعَذَّر أَي تَعتذر من سوءِ ما رميت به؛
قال: ورأَيت في الحاشية بيتاً جُمِعَ فيه هُجْر على هواجِر، وهو من الجموع
الشاذة عن القياس كأَنه جمع هاجِرَةٍ، وهو:
وإِنَّكَ يا عامِ بنَ فارِس قُرْزُلٍ
مُعِيدٌ على قِيل الخنا والهَواجِرِ
قال ابن بري: هذا البيت لسلمة بن الخُرْشُبِ الأَنماري يخاطب عامر بن
طفيل. وقُرْزُلُ: اسم فرس للطفيل. والمعيد: الذي يعاود الشيءَ مرة بعد مرة.
قال: وكان عثمان بن جني يذهب إِلى أَن الهواجر جمع هُجْر كما ذكر غيره،
ويرى «أَنه من الجموع الشاذة كأَنَّ واحدها هاجرة، كما قالوا في جمع حاجة
حوائج، كأَنَّ واحدها حائجة، قال: والصحيح في هواجر أَنها جمع هاجرة
بمعنى الهُجْر، ويكون من المصادر التي جاءَت على فاعلة مثل العاقبة والكاذبة
والعافية؛ قال: وشاهد هاجرة بمعنى الهُجْر قول الشاعر أَنشده المفضل:
إِذا ما شئتَ نالَكَ هاجِراتِي،
ولم أُعْمِلْ بِهِنَّ إِليك ساقِي
فكما جُمِعَ هاجِرَةٌ على هاجِرات جمعاً مُسَلَّماً كذلك تُجْمَعُ هاجرة
على هواجر جمعاً مكسراً. وفي الحديث: قالوا ما شَأْنُه أَهَجَرَ؟ أَي
اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام، أَي هل تغير كلامه واختلط
لأَجل ما به من المرض. قال ابن الأَثير: هذا أَحسن ما يقال فيه ولا يجعل
إِخباراً فيكون إِما من الفُحْشِ أَو الهَذَيانِ، قال: والقائلُ كان عُمَر
ولا يظن به ذلك.
وما زال ذلك هِجِّيراه وإِجْرِيَّاه وإِهْجِيراهُ وإِهْجِيراءَه، بالمد
والقصر، وهِجِّيره وأُهْجُورَتَهُ ودَأْبَه ودَيْدَنَهُ أَي دأْبه وشأْنه
وعادته. وما عنده غَناءُ ذلك ولا هَجْراؤُه بمعنى. التهذيب: هِجِّيرَى
الرجل كلامه ودأْبه وشأْنه؛ قال ذو الرمة:
رَمَى فأَخْطَأَ، والأَقدارُ غالِبةٌ
فانْصَعْنَ، والويلُ هِجِّيراه والحَرَبُ
الجوهري: الهِجِّير، مثال الفِسِّيق، الدَّأْبُ والعادة، وكذلك
الهِجِّيرى والإِهْجِيرَى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ما له هِجِّيرى غيرها؛ هي
الدَّأْبُ والعادةُ والدِّيْدَنُ.
والهَجِير والهَجِيرة والهَجْر والهاجِرَةُ: نصف النهار عند زوال الشمس
إِلى العصر، وقيل في كل ذلك: إِنه شدة الحر؛ الجهري: هو نصف النهار عند
اشتداد الحر؛ قال ذو الرمة:
وبَيْداءَ مِقْفارٍ، يكَادُ ارتِكاضُها
بآلِ الضُّحى، والهَجْرُ بالطَّرْفِ يَمْصَحُ
والتَّهْجِير والتَّهَجُّر والإِهْجارُ: السير في الهاجرة. وفي الحديث:
أَنه كان، صلي الله عليه وسلم، يصلي الهَجِيرَ حين تَدْحَضُ الشمسُ؛
أَراد صلاة الهَجِير يعني الظهر فحذف المضاف. وقد هَجَّرَ النهارُ وهَجَّرَ
الراكبُ، فهو مُهَجِّرٌ. وفي حديث زيد بن عمرو: وهل مُهَجِّر كمن قالَ أَي
هل من سار في الهاجرة كمن أَقام في القائلة. وهَجَّرَ القومُ
وأَهْجَرُوا وتَهَجَّرُوا: ساروا في الهاجرة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:بأَطْلاحِ مَيْسٍ قد أَضَرَّ بِطِرْقِها
تَهَجُّرُ رَكْبٍ، واعْتِسافُ خُرُوقِ
وتقول منه: هَجَّرَ النهارُ؛ قال امرؤ القيس:
فَدَعْ ذا، وسَلِّ الهَمَّ عنك بِجَسْرَةٍ
ذَمُولٍ، وإِذا صامَ النهارُ وهَجَّرا
وتقول: أَتَيْنا أَهْلَنا مُهْجِرين كما يقالُ مُوصِلين. أَي في وقت
الهاجرة والأَصِيل. الأَزهري عن أَبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول
الله، صلي الله عليه وسلم: لو يعلم الناسُ ما في التهجير لاسْتَبَقُوا
إِليه. وفي حديث آخر مرفوع: المُهَجِّرُ إِلى الجمعة كالمُهْدي بَدَنَةً. قال
الأَزهري: يذهب كثير من الناس إِلى أَن التَّهْجِيرَ في هذه الأَحاديث
من المُهاجَرَة وقت الزوال، قال: وهو غلط والصواب فيه ما روى أَبو داود
المَصاحِفي عن النضر بن شميل أَنه قال: التَّهجير إِلى الجمعة وغيرها
التبكير والمبادرة إِلى كل شيء، قال: وسمعت الخليل يقول ذلك، قاله في تفسير
هذا الحديث. يقال: هَجَّرَ يُهَجِّرُ تَهْجِيراً، فهو مُهَجِّر، قال
الأَزهري: وهذا صحيح وهي لغة أَهل الحجاز ومن جاورهم من قيس؛ قال لبيد:
رَاحَ القَطِينُ بهَجْرٍ بَعْدَما ابْتَكَرُوا
فقرن الهَجْرَ بالابتكار. والرواحُ عندهم: الذهابُ والمُضيُّ. يقال: راح
القوم أَي خَفُّوا ومَرُّوا أَيَّ وقت كان. وقوله، صلي الله عليه وسلم:
لو يعلم الناس ما في التَّهْجِير لاسْتَبَقُوا إِليه، أَراد التَّبْكِيرَ
إِلى جميع الصلوات، وهو المضيّ إِليها في أَوَّل أَوقاتها. قال
الأَزهري: وسائر العرب يقولون: هَجَّر الرجل إِذا خرج بالهاجرة، وهي نصف النهار.
ويقال: أَتيته بالهَجِير وبالهَجْرِ؛ وأَنشد الأَزهري عن ابن الأَعرابي
في نوادره قال: قال جِعْثِنَةُ بن جَوَّاسٍ الرَّبَعِيّ في ناقته:
هلَْ تَذْكُرين قَسَمِي ونَذْري،
أَزْمانَ أَنتِ بِعَرُوضِ الجَفْرِ،
إِذ أَنتِ مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ،
عَلَيَّ، إِن لم تَنْهَضي بِوِقْري،
بأَربعين قُدِّرَتْ بِقَدْرِ،
بالخالديّ لا بصاعِ حَجْرِ،
وتُصْبِحي أَيانِقاً في سَفْرِ،
يُهَجِّرُونَ بَهَجِيرِ الفَجْرِ،
ثُمَّتَ تَمْشي لَيْلَهُمْ فَتَسْري،
يَطْوُونَ أَعْراضَ الــفِجاج الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرُودَ التَّجْرِ
قال: المِضْرارُ التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِقَّها من النشاط. قال
الأَزهري: قوله يُهَجِّرُون بهجير الفجر أَي يبكرون بوقت الفجر. وحكى ابن السكيت
عن النضر أَنه قال: الهاجِرَة إِنما تكون في القيظ، وهي قبل الظهر بقليل
وبعدها بقليل؛قال: الظهيرة نصف النهار في القيظ حين تكون الشمس بِحِيال
رأْسك كأَنها لا تريد أَن تبرح. وقال الليث: أَهْجَرَ القومُ إِذا صاروا
في ذلك الوقت، وهَجَّرَ القومُ إِذا ساروا في وقته. قال أَبو سيعد:
الهاجرة من حين نزول الشمس، والهُوَيْجِرَةُ بعدها بقليل. قال الأَزهري: وسمعت
غير واحد من العرب يقول: الطعام الذي يؤْكل نصف النهار الهَجُورِيُّ.
والهَجير: الحوض العظيم؛ وأَنشد القَناني:
يَفْري الفَريَّ بالهَجِير الواسِع
وجمعه هُجُرٌ، وعَمَّ به ابن الأَعرابي فقال: الهَجِير الحوض، وفي
التهذيب: الحوض المَبْنِيّ؛ قالت خَنْساء تصف فرساً:
فمال في الشَّدِّ حثِيثاً، كما
مال هَجِيرُ الرجُل الأَعْسَرِ
تعني بالأَعسر الذي أَساء بناء حوضه فمال فانهدم؛ شبهت الفرس حين مال في
عدوه وجَدَّ في حُضْرِه بحوض مُلِئَ فانْثَلَم فسال ماؤه. والهَجِيرُ:
ما يَبِس من الحَمْضِ. والهَجِيرُ: المتروك. وقال الجوهري: والهَجِيرُ
يَبِيسُ الحَمْضِ الذي كَسَرَتْهُ الماشية وهُجِر أَي تُرِكَ؛ قال ذو
الرمة:ولم يَبْقَ بالخَلْصاءِ، مما عَنَتْ به
من الرُّطْبِ، إِلاَّ يَبْسُها وهَجِيرُها
والهِجارُ: حَبْل يُعْقَدُ في يد البعير ورجله في أَحد الشِّقَّيْنِ،
وربما عُقِدَ في وَظِيفِ اليَدِ ثم حُقِبَ بالطَّرَفِ الآخر؛ وقيل:
الهِجارُ حبل يُشد في رُسْغ رجله ثم يُشَدُّ إِلى حَقْوِه إِن كان عُرْياناً،
وإِن كان مَرْحُولاً شُدَّ إِلى الحَقَبِ. وهَجَرَ بعيرَه يَهْجُرُه
هَجْراً وهُجُوراً: شَدَّه بالهِجارِ.
الجوهري: المَهْجُورُ الفحل يُشَدُّ رأْسه إِلى رجله. وقال الليث:
تُشَدُّ يد الفحل إِلى إِحدى رجليه، يقال فحل مَهْجُورٌ؛ وأَنشد:
كأَنَّما شُدَّ هِجاراً شاكِلا
الليث: والهِجارُ مخالف الشِّكالِ تُشَدُّ به يد الفحل إِلى إِحدى
رجليه؛ واستشهد بقوله:
كأَنما شُدّ هجاراً شاكلا
قال الأَزهري: وهذا الذي حكاه الليث في الهِجار مقارب لما حكيته عن
العرب سماعاً وهو صحيح، إِلا أَنه يُهْجَرُ بالهِجار الفَحْلُ وغيره. وقال
أَبو الهيثم: قال نُصَيْرٌ هَجَرْتُ البَكْرَ إِذا ربطت في ذراعه حبلاً
إِلى حقوه وقصَّرته لئلا يقدر على العَدْوِ؛ قال الأَزهري: والذي سمعت من
العرب في الهِجار أَن يؤْخذ فحل ويسوّى له عُرْوتانِ في طرفيه وزِرَّانِ ثم
تُشَدَّ إِحدى العروتين في رُسْغ رجل الفرس وتُزَرَّ، وكذلك العُرْوَة
الأُخرى في اليد وتُزَرَّ، قال: وسمعتهم يقولون: هَجِّرُوا خيلكم. وقد
هَجَّرَ فلان فرسه. والمهجور: الفحل يُشدّ رأْسه إِلى رجله. وعَدَدٌ
مُهْجِر: كثير؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
هذاك إِسحق، وَقِبْصٌ مُهْجِرُ
الأَزهري في الرباعي: ابن السكيت التَّمَهْجُرُ التَّكَبُّر مع الغنى؛
وأَنشد:
تَمَهْجَرُوا، وأَيُّما تَمَهْجُرِ
وهم بَنُو العَبْدِ اللَّئِيمِ العُنْصُرِ
والهاجِرِيُّ: البَنَّاءُ؛ قال لبيد:
كعَقْرِ الهاجِرِيِّ، إِذا بَناه
بأَشْباهٍ حُذِينَ على مِثالِ
وهِجارُ القوس: وَتَرُها. والهِجارُ: الوَتَرُ؛ قال:
على كل (كذا بياض بالأصل.) من ركوض لها
هِجاراً تُقاسِي طائِفاً مُتَعادِيا
والهجار: خاتم كانت تتخذه الفُرْسُ غَرَضاً؛ قال الأَغلب:
ما إِنْ رَأَيْنا مَلِكاً أَغارَا،
أَكْثَرَ منه قِرَةً وقارَا،
وفارِساً يَسْتَلِبُ الهِجَارَا
يصفه بالحِذْق. ابن الأَعرابي: يقال للخاتم الهِجار والزينة؛ وقول
العجاج:
وغِلْمَتي منهم سَحِيرٌ وبَحِرْ،
وآبِقٌ من جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ
فسره ابن الأَعرابي فقال: الهَجِر الذي يمشي مُثْقَلاً ضعيفاً متقارِبَ
الخَطْوِ كأَنه قد شدّ بهِجار لا ينبسط مما به من الشر والبلاء، وفي
المحكم: وذلك من شدة السقي. وهَجَرٌ: اسم بد مذكر مصروف، وفي المحكم: هَجَرُ
مدينة تصرف ولا تصرف؛ قال سيبويه: سمعنا من العرب من يقول: كجالب التمر
إِلى هَجَرٍ يا فَتى، فقوله يا فتى من كلام العربي، وإِنما قال يا فتى
لئلا يقف على التنوين وذلك لأَنه لو لم يقل له يا فتى للزمه أَن يقول كجالب
التمر إِلى هجر، فلم يكن سيبويه يعرف من هذا أَنه مصروف أَو غير مصروف.
الجوهري: وفي المثل: كَمُبْضِع تمر إِلى هَجَرَ. وفي حديث عمر: عَجِبْتُ
لتاجِر هَجَرَ وراكب البحر؛ قال ابن الأَثير: هَجَرٌ بلد معروف بالبحرين
وإِنما خصها لكثرة وبائها، أَي تاجرها وراكب البحر سواء في الخَطَرِ،
فأَما هَجَرُ التي ينسب إِليها القلال الهَجَرِيَّة فهي قرية من قرى المدينة،
والنسب إِلى هَجَرَ هَجَرِيٌّ على القياس، وهاجِرِيٌّ على غير قياس؛
قال:ورُبَّتَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فيها،
كَسَحِّ الهاجِرِيِّ جَرِيمَ تمْرِ
ومنه قيل للبَنَّاءِ: هاجِرِيٌّ. والهَجْرُ والهَجِيرُ: موضعان.
وهاجَرُ: قبيلة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثِيئَةِ هاجَرٌ
وهَكَّ الخَلايا، لم تَرِقَّ عُيُونُها
وبنو هاجَرَ: بطن من ضَبَّة. غيره: هاجَرُ أَوَّلُ امرأَة جَرَّتْ ذيلها
وأَوّل من ثَقَبَتْ أُذنيها وأَوّل من خُفِضَ؛ قال: وذلك أَن سارة غضبت
عليها فحلفت أَن تقطع ثلاثة أَعضاء من أَعضائها، فأَمرها إِبراهيم، عليه
السلام، أَن تَبَرَّ قَسَمَها بِثَقْبِ أُذنَيْها وخَفْضِها، فصارت
سُنَّةً في النساء.
غمل: غَمَلَ الأَدِيمَ يَغْمُله غَمْلاً فانْغَمَل: أَفسده، وهو غَمِيل،
وقيل: جعله في غُمَّة لينفسخ عنه صوفه، وقيل: هو أَن يُلفَّ الأَديمُ
ويدفَن في الرمل بعد البَلِّ حتى يُنْتِن ويسْتَرْخِي ويسْمَح إِذا جذب
صوفه فينتَف شعره، وقيل: إِنه إِذا غفل عنه ساعة فهو غَمِيل وغَمِين. وقال
أَبو حنيفة: هو أَن يطوى على بَلَلِه فيُطال طيّة فوق حقِّه فيفسد، وقيل:
الغَمَل أَن يلفّ الإِهاب بعدما يسلَخ ثم يغمّ يوماً وليلة حتى يسترخي
شعره أَو صوفه ثم يمرط، فإِن ترك أَكثر من يوم وليلة فسد. وأَغْمَلَ فلان
إِهابه إِذا تركه حتى يفسد؛ قال الكميت:
كَحالِئَةٍ عن كوعها، وهي تبتغي
صَلاحَ أَديمٍ ضَيَّعَته، وتُغْمِل
وغَمَل البُسْرَ: غَمَّه ليُدرك، وكذلك الرجل تلقى عليه الثياب ليَعرق،
فهو مَغْمول، وإِذا غُمّ البسر ليدرك فهو مَغْمُول ومَغْمُون. ورجل
مَغْمول إِذا كان خاملاً؛ وقول أَبي وجزة:
وبِجَلْهَتَيْ عَمَّان يوماً لم يكن،
لكمُ إِذا عُدّ العُلى، مَغْمُولا
أَي مغطّى ولكنه كان مشهوداً، وكل شيء كُبِس وغطّي فقد غُمِل. ونخل
مَغْمول: متقارب لم ينفسخ. والغَمْل: أَن ينحت عنب الكَرْم فيخفِّفوا من ورقه
فيلقُطوه. وغَمَل العنبَ في الزَّبيل يَغْمُله غَمْلاً: نضّد بعضه على
بعض. وغَمِل الجُرح غَمَلاً: أَفسده العِصاب. وغَمِل النبتُ غَمَلاً: فسد.
والغَمِيل من النَّصِيّ: ما ركب بعضه بعضاً فبلي، والجمع غَمْلى؛ قال
الراعي:
وغَمْلى نَصِيّ بالمِتانِ، كأَنها
ثَعالِب مَوْتى، جلدُها قد تَزَلَّعا
وتَغَمَّل النبات: ركب بعضه بعضاً. ويقال: غَمِل النبت يَغْمَل غَمَلاً
إِذا التف وغمّ بعضه بعضاً فعَفِن. ولحم مَغْمول ومَغْمُون إِذا غطي شواء
أَو طبيخاً. وإِهاب مَغْمول إِذا لفّ ففسد؛ قال الراجز:
وغَمَل الثعلبَ غَمْلاً شِبْرِقُهْ
يريد طال الشِّبْرق وهن الضَّرِيع حتى غَمَل الثعلبَ وأَصلحه فسمن
وتناثر شعره، كما يُغْمَل الأَديم إِذا ذرّ فيه الغَلْفَة والقي بعضه على بعض
حتى يسترخي الشعر، والغَلْفَة نبت يدبغ به الأَديم. والغَمَل: الدأْب.
والغُمْلُول: بطن غامض من الأَرض ذو شجر، وقيل: هو الوادي الضيّق الكثير
الشجر والنبت الملتفّ، وقيل: هو الوادي الطويل القليل العَرْض الملتفّ؛
وأَنشد:
يا أَيها الضَّاغِبُ بالغُمْلول،
إِنَّكَ غُولٌ ولَدَتْكَ غُول
الضَّاغِب: الذي يَخْتبئ في الخَمَرِ فيفزِّع الإِنسان بمثل صوت السبُع
والوحش، وقيل: هو كل مجتمع نحو الشجر والظلمة والغَمام إِذا أَظلم
وتَراكم حتى تسمى الزَّاوِية غُمْلُولاً؛ وقال ابن شميل: الغُمْلول كهيئة
السِّكة في الأَرض ضيِّق له سَنَدان طول السَّنَدِ ذراعان يَقود الغَلْوة
ينبت شيئاً كثيراً وهو أَضيق من الفاتِحة والمليع؛ قال الطرماح:
ومَخارِيجَ من شَعارٍ وغِينٍ،
وغَمالِيل مُدْحِيات الغِياضِ
(* قوله «مدجيات» هكذا في الأصل ولعلها مدحيات).
ويقال له الغُمْلول.
وفي الحديث: إِن بني قريظة نزلوا أَرضاً غَمِلة وَبِلَة؛ الغَمِلة
الكثيرة النبات التي يُوارِي النبات وجهها. وغَمَلْتَ الأَمر إِذا سترته
وواريته. والغُمْلُول: الرَّابية. والغُمْلول: حشيشة تؤكل مطبوخة؛ تسميه
الفُرْس بَرْغَسْت؛ قال:
كأَنه بالوَهْد ذي الهُجُول،
والمَتْن والغائِط والغُمْلول،
فَذّ أَديم الغَرْف بالإِزْمِيل
(* قوله «فذ أديم» هكذا في الأصل).
والغَمالِيل: الرَّوابي. قال أَبو حنيفة: الغُمْلول بقلة دَسْتِيَّة
تبكِّر في أَول الربيع ويأْكلها الناس. والغَمْل: موضع؛ وقال:
كيفَ تراها، والحُداة تَقْبِضُ
بالغَمْل ليلاً، والرِّجال تُنْغِضُ؟
والقَبْضُ: السير السريع.