من (ع س ف) تصغير عَسْــفَان: الذي يعمل لغيره، والذي يفعل الشيء لا روية والعنيف.
من (ع س ف) تصغير عَسْــفَان: الذي يعمل لغيره، والذي يفعل الشيء لا روية والعنيف.
ذأف: الذَّأْفُ: سرعةُ المَوْت، الأَلف همزة ساكنة. ومَوت ذُؤافٌ
وَحِيٌّ كذُعافٍ: بِسُرْعةٍ، وعدَّه يعقوب في البدل. والذَّأْفُ والذَّأَفُ:
الإجْهاز على الجريح، وقد ذَأَفَه وذَأَفَ عليه. وفي حديث خالد بن الوليد
في غَزْوة بني جَذيمةَ: من كان معه أَسير فَلْيُذْئِفْ عليه أَي يُجْهِزْ
ويُسْرع قتله، ويروى بالدال المهملة، وقد تقدم.
الذِّئْــفانُ والذِّيــفانُ: السم الذي يَذْأَف ذَأْفاً، يهمز ولا يهمز.
ومَرَّ يَذْأَفُهم أَي يَطْرُدُهم.
عرف: العِرفانُ: العلم؛ قال ابن سيده: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لا يَليق
بهذا المكان، عَرَفه يَعْرِفُه عِرْفة وعِرْــفانــاً وعِرِــفَّانــاً
ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قال أَبو ذؤيب يصف سَحاباً:
مَرَتْه النُّعامَى، فلم يَعْتَرِفْ
خِلافَ النُّعامَى من الشامِ رِيحا
ورجل عَرُوفٌ وعَرُوفة: عارِفٌ يَعْرِفُ الأَُمور ولا يُنكِر أَحداً رآه
مرة، والهاء في عَرُوفة للمبالغة. والعَريف والعارِفُ بمعنًى مثل عَلِيم
وعالم؛ قال طَرِيف بن مالك العَنْبري، وقيل طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ،
بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عارِفَهم؛ قال سيبويه: هو فَعِيل بمعنى فاعل كقولهم ضَرِيبُ قِداح،
والجمع عُرَفاء. وأَمر عَرِيفٌ وعارِف: مَعروف، فاعل بمعنى مفعول؛ قال
الأَزهري: لم أَسمع أَمْرٌ عارف أَي معروف لغير الليث، والذي حصَّلناه
للأَئمة رجل عارِف أَي صَبور؛ قاله أَبو عبيدة وغيره.
والعِرْف، بالكسر: من قولهم ما عَرَفَ عِرْفي إلا بأَخَرةٍ أَي ما
عَرَفَني إلا أَخيراً.
ويقال: أَعْرَفَ فلان فلاناً وعرَّفه إذا وقَّفَه على ذنبه ثم عفا عنه.
وعرَّفه الأَمرَ: أَعلمه إياه. وعرَّفه بيتَه: أَعلمه بمكانه. وعرَّفه
به: وسَمه؛ قال سيبويه: عَرَّفْتُه زيداً، فذهَب إلى تعدية عرّفت بالتثقيل
إلى مفعولين، يعني أَنك تقول عرَفت زيداً فيتعدَّى إلى واحد ثم تثقل
العين فيتعدَّى إلى مفعولين، قال: وأَما عرَّفته بزيد فإنما تريد عرَّفته
بهذه العلامة وأَوضَحته بها فهو سِوى المعنى الأَوَّل، وإنما عرَّفته بزيد
كقولك سمَّيته بزيد، وقوله أَيضاً إذا أَراد أَن يُفضِّل شيئاً من النحْو
أَو اللغة على شيء: والأَول أَعْرَف؛ قال ابن سيده: عندي أَنه على توهم
عَرُفَ لأَن الشيء إنما هو مَعْروف لا عارف، وصيغة التعجب إنما هي من
الفاعل دون المفعول، وقد حكى سيبويه: ما أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض،
فتعَجَّب من المفعول كما يُتعجّب من الفاعل حتى قال: ما أَبْغضَني له، فعلى
هذا يصْلُح أَن يكون أَعرف هنا مُفاضلة وتعَجُّباً من المفعول الذي هو
المعروف. والتعريفُ: الإعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إنشاد الضالة. وعرَّفَ
الضالَّة: نَشَدها.
واعترَفَ القومَ: سأَلهم، وقيل: سأَلهم عن خَبر ليعرفه؛ قال بشر بن أَبي
خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عن أَبيها،
خِلالَ الجَيْش، تَعْترِفُ الرِّكابا؟
قال ابن بري: ويأْتي تَعرَّف بمعنى اعْترَف؛ قال طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفوني أَنَّني أَنا ذاكُمُ،
شاكٍ سِلاحي، في الفوارِس، مُعْلَمُ
وربما وضعوا اعتَرَفَ موضع عرَف كما وضعوا عرَف موضع اعترف، وأَنشد بيت
أَبي ذؤيب يصف السحاب وقد تقدَّم في أَوَّل الترجمة أَي لم يعرف غير
الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتعرَّفت ما عند فلان أَي
تَطلَّبْت حتى عرَفت. وتقول: ائْتِ فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى
يَعْرِفَكَ. وقد تَعارَفَ القومُ أَي عرف بعضهُم بعضاً. وأَما الذي جاء في حديث
اللُّقَطةِ: فإن جاء من يَعْتَرِفُها فمعناه معرفتُه إياها بصفتها وإن لم
يرَها في يدك. يقال: عرَّف فلان الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ من يَعْرِفها
فجاء رجل يعترفها أَي يصفها بصفة يُعْلِم أَنه صاحبها. وفي حديث ابن مسعود:
فيقال لهم هل تَعْرِفون ربَّكم؟ فيقولون: إذا اعْترَف لنا عرَفناه أَي
إذا وصَف نفسه بصفة نُحَقِّقُه بها عرفناه. واستَعرَف إليه: انتسب له
ليَعْرِفَه. وتَعرَّفه المكانَ وفيه: تأَمَّله به؛ أَنشد سيبويه:
وقالوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى،
وما كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عارِفُ
وقوله عز وجل: وإذ أَسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجه حديثاً فلما
نبَّأَتْ به وأَظهره اللّه عليه عرَّف بعضَه وأَعرض عن بعض، وقرئ: عرَفَ بعضه،
بالتخفيف، قال الفراء: من قرأَ عرَّف بالتشديد فمعناه أَنه عرّف حَفْصةَ
بعْضَ الحديث وترَك بعضاً، قال: وكأَنَّ من قرأَ بالتخفيف أَراد غَضِبَ
من ذلك وجازى عليه كما تقول للرجل يُسيء إليك: واللّه لأَعْرِفنَّ لك ذلك،
قال: وقد لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وقال الفرَّاء: وهو وجه حسن،
قرأَ بذلك أَبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ، قال الأَزهري: وقرأَ الكسائي
والأَعمش عن أَبي بكر عن عاصم عرَف بعضَه، خفيفة، وقرأَ حمزة ونافع وابن كثير
وأَبو عمرو وابن عامر اليَحْصُبي عرَّف بعضه، بالتشديد؛ وفي حديث عَوْف
بن مالك: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول اللّه، صلى اللّه
عليه وسلم، أَي لأُجازِينَّك بها حتى تَعرِف سوء صنيعك، وهي كلمة تقال عند
التهديد والوعيد.
ويقال للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لمعرفة كل
منهم بعلْمِه. والعرّافُ: الكاهن؛ قال عُرْوة بن حِزام:
فقلت لعَرّافِ اليَمامة: داوِني،
فإنَّكَ، إن أَبرأْتَني، لَطبِيبُ
وفي الحديث: من أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فقد كفَر بما أُنزل على
محمد، صلى اللّه عليه وسلم؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الذي
يدَّعي علم الغيب الذي استأْثر اللّه بعلمه.
والمَعارِفُ: الوجُوه. والمَعْروف: الوجه لأَن الإنسان يُعرف به؛ قال
أَبو كبير الهذلي:
مُتَكَوِّرِين على المَعارِفِ، بَيْنَهم
ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْراف واحد. والمَعارِف: محاسن الوجه، وهو من ذلك. وامرأَة حَسَنةُ
المعارِف أَي الوجه وما يظهر منها، واحدها مَعْرَف؛ قال الراعي:
مُتَلفِّمِين على مَعارِفِنا،
نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومعارفُ الأَرض: أَوجُهها وما عُرِفَ منها.
وعَرِيفُ القوم: سيّدهم. والعَريفُ: القيّم والسيد لمعرفته بسياسة
القوم، وبه فسر بعضهم بيت طَرِيف العَنْبري، وقد تقدَّم، وقد عَرَفَ عليهم
يَعْرُف عِرافة. والعَريفُ: النَّقِيب وهو دون الرئيس، والجمع عُرَفاء، تقول
منه: عَرُف فلان، بالضم، عَرافة مثل خَطُب خَطابة أَي صار عريفاً، وإذا
أَردت أَنه عَمِلَ ذلك قلت: عَرف فلان علينا سِنين يعرُف عِرافة مثال
كتَب يكتُب كِتابة.
وفي الحديث: العِرافةُ حَقٌّ والعُرفاء في النار؛ قال ابن الأَثير:
العُرفاء جمع عريف وهو القَيِّم بأُمور القبيلة أَو الجماعة من الناس يَلي
أُمورهم ويتعرَّف الأَميرُ منه أَحوالَهُم، فَعِيل بمعنى فاعل، والعِرافةُ
عَملُه، وقوله العِرافة حقّ أَي فيها مَصلحة للناس ورِفْق في أُمورهم
وأَحوالهم، وقوله العرفاء في النار تحذير من التعرُّض للرِّياسة لما ذلك من
الفتنة، فإنه إذا لم يقم بحقه أَثمَ واستحق العقوبة، ومنه حديث طاووس:
أنه سأَل ابن عباس، رضي اللّه عنهما: ما معنى قول الناس: أَهْلُ القرآن
عُرفاء أَهل الجنة؟ فقال: رُؤساء أَهل الجنة؛ وقال علقمة بن عَبْدَة:
بل كلُّ حيّ، وإن عَزُّوا وإن كَرُموا،
عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بالضم، والعِرْف، بالكسر: الصبْرُ؛ قال أَبو دَهْبَل
الجُمَحِيُّ:
قل لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ:
ما أَحْسَنَ العُِرْفَ في المُصِيباتِ
وعرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قال قيس بن ذَرِيح:
فيا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرافاً لِما تَرى،
ويا حُبَّها قَعْ بالذي أَنْتَ واقِعُ
والعارِفُ والعَرُوف والعَرُوفةُ: الصابر. ونَفْس عَروف: حامِلة صَبُور
إِذا حُمِلَتْ على أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ،
عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بالذلّ بعد النعْمةِ، ويروى وابْتِحاح من
البُحبُوحةِ، وهذا رواه ابن الأَعرابي. ويقال: نزلت به مُصِيبة فوُجِد صَبوراً
عَروفاً؛ قال الأَزهري: ونفسه عارِفة بالهاء مثله؛ قال عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني،
لا يُنْجِني منها الفِرارُ الأَسْرَعُ
فصَبَرْتُ عارِفةً لذلك حُرَّةً،
تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ ولا تَطلَّع إلى الخَلْق كنفْس الجبان؛ يقول: حَبَسْتُ
نَفْساً عارِفةً أَي صابرة؛ ومنه قوله تعالى: وبَلَغَتِ القُلوبُ
الحَناجِر؛ وأَنشد ابن بري لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بها حتى تَعالَتْ بيَ الضُّحى،
ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوارِفُ
المُّبرياتُ: التي في أُنوفِها البُرة، والعَوارِفُ: الصُّبُر. ويقال:
اعْترف فلان إذا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الفراء:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر معترف لأَن لفظ المطيّ مذكر.
وعرَف بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَف: أَقَرَّ. وعرَف له: أَقر؛ أَنشد ثعلب:
عَرَفَ الحِسانُ لها غُلَيِّمةً،
تَسْعى مع الأَتْرابِ في إتْبِ
وقال أعرابي: ما أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لا أُقِرُّ به. وفي حديث
عمر: أَطْرَدْنا المعترِفين؛ هم الذين يُقِرُّون على أَنفسهم بما يجب
عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يقال: أَطْرَدَه السلطان وطَرَّده إذا أَخرجه
عن بلده، وطرَدَه إذا أَبْعَده؛ ويروى: اطْرُدُوا المعترفين كأَنه كره لهم
ذلك وأَحبّ أَن يستروه على أَنفسهم. والعُرْفُ: الاسم من الاعْتِرافِ؛
ومنه قولهم: له عليّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وهو توكيد.
ويقال: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثم اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته من أَنا؛ قال
مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفا ثم قُولا: إنَّ ذا رَحِمٍ
هَيْمان كَلَّفَنا من شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيةً تَسْتَعْرِــفانِ بها،
يوماً، فقُولا لها العُودُ الذي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضدّ النُّكْر. يقال: أَوْلاه
عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْروف والعارفةُ: خلاف النُّكر. والعُرْفُ
والمعروف: الجُود، وقيل: هو اسم ما تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشاعر ثانيه
فقال:
إنّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْمِلاً
للخَيْرِ، يُفْشِي في مِصْرِه العُرُفا
والمَعْروف: كالعُرْف. وقوله تعالى: وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً، أَي
مصاحباً معروفاً؛ قال الزجاج: المعروف هنا ما يُستحسن من الأَفعال. وقوله
تعالى: وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف، قيل في التفسير: المعروف الكسْوة
والدِّثار، وأَن لا يقصّر الرجل في نفقة المرأَة التي تُرْضع ولده إذا كانت
والدته، لأَن الوالدة أَرْأَفُ بولدها من غيرها، وحقُّ كل واحد منهما أَن
يأْتمر في الولد بمعروف. وقوله عز وجل: والمُرْسَلات عُرْفاً؛ قال بعض
المفسرين فيها: إنها أُرْسِلَت بالعُرف والإحسان، وقيل: يعني الملائكة
أُرسلوا للمعروف والإحسان. والعُرْفُ والعارِفة والمَعروفُ واحد: ضد النكر،
وهو كلُّ ما تَعْرِفه النفس من الخيْر وتَبْسَأُ به وتَطمئنّ إليه، وقيل:
هي الملائكة أُرسلت مُتتابعة. يقال: هو مُستعار من عُرْف الفرس أَي
يتتابَعون كعُرْف الفرس. وفي حديث كعْب بن عُجْرةَ: جاؤوا كأَنَّهم عُرْف أَي
يتْبَع بعضهم بعضاً، وقرئت عُرْفاً وعُرُفاً والمعنى واحد، وقيل:
المرسلات هي الرسل. وقد تكرَّر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عُرف
ما طاعة اللّه والتقرّب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندَب إليه
الشرعُ ونهى عنه من المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وهو من الصفات الغالبة أَي
أَمْر مَعْروف بين الناس إذا رأَوْه لا يُنكرونه. والمعروف: النَّصَفةُ
وحُسْن الصُّحْبةِ مع الأَهل وغيرهم من الناس، والمُنكَر: ضدّ ذلك جميعه.
وفي الحديث: أَهل المعروف في الدنيا هم أَهل المعروف في الآخرة أَي مَن بذل
معروفه للناس في الدنيا آتاه اللّه جزاء مَعروفه في الآخرة، وقيل: أَراد
مَن بذل جاهَه لأَصحاب الجَرائم التي لا تبلُغ الحُدود فيَشفع فيهم
شفَّعه اللّه في أَهل التوحيد في الآخرة. وروي عن ابن عباس، رضي اللّه عنهما،
في معناه قال: يأْتي أَصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيُغْفر لهم
بمعروفهم وتَبْقى حسناتُهم جامّة، فيُعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته
فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة؛
وقوله أَنشده ثعلب:
وما خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى في شَبابِه،
إذا لم يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قال ابن سيده: قد يكون من المعروف الذي هو ضِد المنكر ومن المعروف الذي
هو الجود. ويقال للرجل إذا ولَّى عنك بِوده: قد هاجت مَعارِفُ فلان؛
ومَعارِفُه: ما كنت تَعْرِفُه من ضَنِّه بك، ومعنى هاجت أَي يبِست كما يَهيج
النبات إذا يبس. والعَرْفُ: الرّيح، طيّبة كانت أَو خبيثة. يقال: ما
أَطْيَبَ عَرْفَه وفي المثل: لا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عن عَرْفِ السَّوْء؛
قال ابن سيده: العَرف الرائحة الطيبة والمُنْتِنة؛ قال:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه،
وليس له إلا بني خالِدٍ أَهْلُ
وقال البُرَيق الهُذلي في النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذي الصُّماحِ، كما
عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه. والتعْرِيفُ: التطْييبُ من العَرْف.
وقوله تعالى: ويُدخِلهم الجنة عرَّفها لهم، أَي طَيَّبها؛ قال الشاعر يمدح
رجلاً:
عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ
يقول: كما عَرُفَ الإتْبُ وهو البقِيرُ. قال الفراء: يعرفون مَنازِلهم
إذا دخلوها حتى يكون أَحدهم أَعْرَف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أَهله؛
قال الأَزهري: هذا قول جماعة من المفسرين، وقد قال بعض اللغويين عرَّفها
لهم أَي طيَّبها. يقال: طعام معرَّف أَي مُطيَّب؛ قال الأَصمعي في قول
الأَسود ابن يَعْفُرَ يَهْجُوَ عقال بن محمد بن سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ في حَناجِرَ أُقْنِعَتْ
لِعادَتِها من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قال: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت للفم، قال وقال بعضهم في قوله:
عَرَّفها لهم؛ قال: هو وضعك الطعام بعضَه على بعض. ابن الأَعرابي: عَرُف
الرجلُ إذا أَكثر من الطِّيب، وعَرِفَ إذا ترَكَ الطِّيب. وفي الحديث: من
فعل كذا وكذا لم يجد عَرْف الجنة أَي ريحَها الطيِّبة. وفي حديث عليّ، رضي
اللّه عنه: حبَّذا أَرض الكوفة أَرضٌ سَواء سَهلة معروفة أَي طيّبة
العَرْفِ، فأَما الذي ورد في الحديث: تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاء
يَعْرِفْك في الشدَّة، فإنَّ معناه أَي اجعله يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فيما
أَوْلاك من نِعمته، فإنه يُجازِيك عند الشدَّة والحاجة إليه في الدنيا
والآخرة.
وعرَّف طَعامه: أَكثر أُدْمَه. وعرَّف رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه.
وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً: بعضُها خلْف بعض. وعُرْف الدِّيك
والفَرَس والدابة وغيرها: مَنْبِتُ الشعر والرِّيش من العُنق، واستعمله الأَصمعي
في الإنسان فقال: جاء فلان مُبْرَئلاً للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه،
والجمع أَعْراف وعُروف. والمَعْرَفة، بالفتح: مَنْبِت عُرْف الفرس من الناصية
إلى المِنْسَج، وقيل: هو اللحم الذي ينبت عليه العُرْف. وأَعْرَفَ
الفَرسُ: طال عُرفه، واعْرَورَفَ: صار ذا عُرف. وعَرَفْتُ الفرس: جزَزْتُ
عُرْفَه. وفي حديث ابن جُبَير: ما أَكلت لحماً أَطيَبَ من مَعْرَفة
البِرْذَوْن أَي مَنْبت عُرْفه من رَقَبته. وسَنام أَعْرَفُ: طويل ذو عُرْف؛ قال
يزيد بن الأَعور الشني:
مُسْتَحْملاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
وناقة عَرْفاء: مُشْرِفةُ السَّنام. وناقة عرفاء إذا كانت مذكَّرة تُشبه
الجمال، وقيل لها عَرْفاء لطُول عُرْفها. والضَّبُع يقال لها عَرْفاء
لطول عُرفها وكثرة شعرها؛ وأَنشد ابن بري للشنْفَرَى:
ولي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ،
وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاء جَيأَلُ
وقال الكميت:
لها راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ منهما:
أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرفاء: ذات عُرْف، وقيل: كثيرة شعر العرف. وشيء أَعْرَفُ: له
عُرْف. واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فصار له
كالعُرف. واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إذا صار له من الزبَد شبه العرف؛ قال الهذلي
يصف طَعْنَة فارتْ بدم غالب:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة،
تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
(* قوله «الفلوّ» بالفاء المهر، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين.)
واعْرَوْرَفَ فلان للشرّ كقولك اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّاَ.
وعُرْف الرمْل والجبَل وكلّ عالٍ ظهره وأَعاليه، والجمع أَعْراف وعِرَفَة
(*
قوله «وعرفة» كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح.) وقوله تعالى: وعلى الأَعْراف
رِجال؛ الأَعراف في اللغة: جمع عُرْف وهو كل عال مرتفع؛ قال الزجاج:
الأَعْرافُ أَعالي السُّور؛ قال بعض المفسرين: الأعراف أَعالي سُور بين أَهل
الجنة وأَهل النار، واختلف في أَصحاب الأَعراف فقيل: هم قوم استوت
حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات، فكانوا على
الحِجاب الذي بين الجنة والنار، قال: ويجوز أَن يكون معناه، واللّه أَعلم،
على الأَعراف على معرفة أَهل الجنة وأَهل النار هؤلاء الرجال، فقال قوم:
ما ذكرنا أَن اللّه تعالى يدخلهم الجنة، وقيل: أَصحاب الأعراف أَنبياء،
وقيل: ملائكة ومعرفتهم كلاً بسيماهم أَنهم يعرفون أَصحاب الجنة بأَن
سيماهم إسفار الوجُوه والضحك والاستبشار كما قال تعالى: وجوه يومئذ مُسْفرة
ضاحكة مُستبشرة؛ ويعرِفون أَصحاب النار بسيماهم، وسيماهم سواد الوجوه
وغُبرتها كما قال تعالى: يوم تبيضُّ وجوه وتسودّ وجوه ووجوه يومئذ عليها
غَبَرة ترهَقها قترة؛ قال أَبو إسحق: ويجوز أَن يكون جمعه على الأَعراف على
أَهل الجنة وأَهل النار. وجبَل أَعْرَفُ: له كالعُرْف. وعُرْفُ الأَرض: ما
ارتفع منها، والجمع أَعراف. وأَعراف الرِّياح والسحاب: أَوائلها
وأَعاليها، واحدها عُرْفٌ. وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مرتفع. والأَعرافُ: الحَرْث الذي
يكون على الفُلْجانِ والقَوائدِ.
والعَرْفةُ: قُرحة تخرج في بياض الكف. وقد عُرِف، وهو مَعْروف: أَصابته
العَرْفةُ.
والعُرْفُ: شجر الأُتْرُجّ. والعُرف: النخل إذا بلغ الإطْعام، وقيل:
النخلة أَوَّل ما تطعم. والعُرْفُ والعُرَفُ: ضرب من النخل بالبحرَيْن.
والأعراف: ضرب من النخل أَيضاً، وهو البُرْشُوم؛ وأَنشد بعضهم:
نَغْرِسُ فيها الزَّادَ والأَعْرافا،
والنائحي مسْدفاً اسُدافا
(* قوله «والنائحي إلخ» كذا بالأصل.)
وقال أَبو عمرو: إذا كانت النخلة باكوراً فهي عُرْف. والعَرْفُ: نَبْت
ليس بحمض ولا عِضاه، وهو الثُّمام.
والعُرُــفَّانُ والعِرِــفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صغيرة تكون في الرَّمْل، رمْلِ
عالِج أَو رمال الدَّهْناء. وقال أَبو حنيفة: العُرُــفَّان جُنْدَب ضخم
مثل الجَرادة له عُرف، ولا يكون إلا في رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ.
وعُرُــفَّانُ: جبل. وعِرِــفَّان والعِرِــفَّانُ: اسم. وعَرَفةُ وعَرَفاتٌ: موضع
بمكة، معرفة كأَنهم جعلوا كل موضع منها عرفةَ، ويومُ عرفةَ غير منوّن ولا
يقال العَرفةُ، ولا تدخله الأَلف واللام. قال سيبويه: عَرفاتٌ مصروفة في
كتاب اللّه تعالى وهي معرفة، والدليل على ذلك قول العرب: هذه عَرفاتٌ
مُبارَكاً فيها، وهذه عرفات حسَنةً، قال: ويدلك على معرفتها أَنك لا تُدخل فيها
أَلفاً ولاماً وإنما عرفات بمنزلة أَبانَيْنِ وبمنزلة جمع، ولو كانت
عرفاتٌ نكرة لكانت إذاً عرفاتٌ في غير موضع، قيل: سمي عَرفةَ لأَن الناس
يتعارفون به، وقيل: سمي عَرفةَ لأَن جبريل، عليه السلام، طاف بإبراهيم، عليه
السلام، فكان يريه المَشاهِد فيقول له: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فيقول إبراهيم:
عرفت عرفت، وقيل: لأَنّ آدم، صلى اللّه على نبينا وعليه السلام، لما هبط
من الجنة وكان من فراقه حوَّاء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عَرَفها
وعرَفَتْه. والتعْريفُ: الوقوف بعرفات؛ ومنه قول ابن دُرَيْد:
ثم أَتى التعْريفَ يَقْرُو مُخْبِتاً
تقديره ثم أَتى موضع التعريف فحذف المضاف وأَقام المضاف إليه مقامه.
وعَرَّف القومُ: وقفوا بعرفة؛ قال أَوْسُ بن مَغْراء:
ولا يَريمون للتعْرِيفِ مَوْقِفَهم
حتى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا
(* قوله «صفوانا» هو هكذا في الأصل، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً
على الجوهري.)
وهو المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه
عنهما: ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق وذلك بعد المُعَرَّفِ، يريد بعد
الوُقوف بعرفةَ. والمُعَرَّفُ في الأَصل: موضع التعْريف ويكون بمعنى المفعول.
قال الجوهري: وعَرَفات موضع بِمنًى وهو اسم في لفظ الجمع فلا يُجْمع، قال
الفراء: ولا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا بعَرفة شَبيه بمولَّد، وليس
بعربي مَحْض، وهي مَعْرِفة وإن كان جمعاً لأَن الأَماكن لا تزول فصار
كالشيء الواحد، وخالف الزيدِين، تقول: هؤلاء عرفاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ
لأَنه نكِرة وهي مصروفة، قال اللّه تعالى: فإذا أَفَضْتُم من عَرفاتٍ؛
قال الأَخفش: إنما صرفت لأَن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مُسلِمين
ومسلمون لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمي به تُرِك على
حاله كما تُرِك مسلمون إذا سمي به على حاله، وكذلك القول في أَذْرِعاتٍ
وعاناتٍ وعُرَيْتِنات
والعُرَفُ: مَواضِع منها عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ
صارةَ. والعُرُفُ: موضع، وقيل جبل؛ قال الكميت:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ،
وما أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
(* قوله «أهاجك» في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك.)
واستشهد الجوهري بهذا البيت على قوله العُرْف. والعُرُفُ: الرمل
المرتفع؛ قال: وهو مثل عُسْر وعُسُر، وكذلك العُرفةُ، والجمع عُرَف وأَعْراف.
والعُرْفَتانِ: ببلاد بني أَسد؛ وأَما قوله أَنشده يعقوب في البدل:
وما كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بينهم،
ولا حين جَدّ الجِدُّ ممّن تَغَيَّبا
فليس عرَّف فيه من هذا الباب إنما أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لمكان
الهمزة عيْناً وأَبدل الثاء فاء. ومَعْروف: اسم فرس الزُّبَيْر بن العوّام
شهد عليه حُنَيْناً. ومعروف أَيضاً: اسم فرس سلمةَ بن هِند الغاضِريّ من
بني أَسد؛ وفيه يقول:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عليهم كأَنه،
إذا ازْوَرَّ من وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لهم؛ أَنشد أَبو حنيفة:
وحتى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى في لَوِيِّهِ
أَساريعُ مَعْروفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وذكر في ترجمة عزف: أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تَعازَفَت
الأَنصار يوم بُعاث، قال: وتروى بالراء المهملة أَي تَفاخَرَتْ.
كتف: الكَتِفُ والكِتْفُ مثل كَذِبٍ وكِذْبٍ: عظم عريض خلف المَنْكِب،
أُنثى وهي تكون للناس وغيرهم. وفي الحديث: ائتُوني بكَتِف ودَواة أَكْتُب
لكم كتاباً، قال: الكتف عظم عريض يكون في أَصل كتف الحيوان من الناس
والدوابّ كانوا يكتُبون فيه لقِلة القَراطِيس عندهم. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي اللّه عنه: ما لي أَراكم عنها مُعْرِضين؟ واللّه لأَرْمِيَنَّها بين
أَكتافكم يروى بالتاء والنون، فمعنى التاء أَنها كانت على ظهورهم وبين
أَكتافهم لا يقدِرون أَن يُعْرِضوا عنها لأَنهم حاملوها فهي معهم لا
تُفارِقهم، ومعنى النون أَنه يرميها في أَفْنِيتهم ونواحِيهم فكلما مروا فيها
رأَوها فلا يَقْدِرون أَن يَنْسَوْها. والكَتِفُ من الإبل والخيل والبغال
والحمير وغيرها: ما فوق العَضُد، وقيل: الكتــفان أَعلى اليدين، والجمع
أَكتاف؛ سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء، وحكى اللحياني في جمعه كِتَفةً.
والأَكْتف من الرجال: الذي يشتكي كتفه. ورجل أَكتف بيّنُ الكَتَفِ أَي
عريض الكَتِف، وفي المحكم: عظيم الكتف. ورجل أَكتف: عظيم الكتف كما يقال
أَرْأَسُ وأَعْنَقُ، وما كان أَكْتَفَ ولقد كَتِف كَتَفاً: عظُمت كَتِفُه.
وإني لأَعلم من أَين تؤكل الكَتِفُ؛ تضربه كل شيء علمته. والكُتاف: وجع في
الكتِف. وقال اللحياني: بالدابة كُتافٌ شديد أَي داء في ذلك الموضع.
والكَتَفُ: عَيْب يكون في الكَتِف. والكتَف: انْفِراجٌ في أَعالي كتف
الإنسان وغيره مما يلي الكاهِل، وقيل: الكَتَفُ في الخيل انفراج أَعالي
الكَتِفَين من غَراضِيفها مما يلي الكاهل، وهو من العيوب التي تكون خِلْقة.
أَبو عبيدة: فرس أَكتف وهو الذي في فُروع كَتِفيه انفراج في غراضيفها مما
يلي الكاهل. الجوهري: الأَكْتَفُ من الخيل الذي في أَعالي غَراضِيف
كتفيه انفراج. والكَتَفُ، بالتحريك: نقصان في الكتف، وقيل: هو ظَلَع يأْخذ من
وجع الكَتِفِ، كَتِفَ كَتَفاً وهو أَكْتَف. وكَتِفَ البعير كتَفاً وهو
أَكتفُ إذا اشتكى كَتِفه وظَلع منها. اللحياني: بالبعير كتَفٌ شديد إذا
اشتكى كَتِفه. يقال جمل أَكتَف وناقة كَتْفاء. وكَتفه يَكْتِفه كتْفاً:
أَصاب كَتِفه أَو ضربه عليها. والكَتَف: مصدر الأَكْتف وهو الذي انضمت
كَتِفاه على وسط كاهله خِلْقة قبيحة. وكتَفَت الخيلُ تَكْتِف كتْفاً وكَتَّفَت
وتكَتَّفَت: ارتفعت فُروع أَكتافها في المشي، وعُرِضَت على ابن
أُقَيْصِرٍ أَحد بني أَسد بن خزيمة خيل فأَوْمأَ إلى بعضها وقال: تجيء هذه سابقة،
فسأَلوه: ما الذي رأَيت فيها؟ فقال: رأَيتها مشت فكتَفتْ، وخبَّت
فوجَفَت، وعدَت فنَسَفَت فجاءت سابقة. والكَتِــفان: اسم فرس من ذلك؛ قالت بنت
مالك ابن زيد ترثيه:
إذا سَجَعَتْ، بالرَّقْمَتَيْنِ، حَمامةٌ،
أَو الرَّسِّ تَبْكي فارِسَ الكَتِــفانِ
وكتَفتِ المرأَة تَكتِف: مشت فحرَّكت كتفيها. قال الأَزهري: وقولهم مشت
فكتَفَت أَي حركت كتِفيْها يعني الفرس.
والكِتافُ: مصدرُ المِكْتاف من الدوابّ، والمِكْتاف من الدوابّ: الذي
يَعقِر السرجُ كتفَه، والاسم الكِتاف، والكَتَّافُ: الذي ينظر في الأَكتاف
فيُكَهِّنُ فيها.
والكَتْف: المشي الرُّوَيْد؛ قال الأَعشى:
فأَفْحَمْته حتى اسْتَكان كأَنَّه
قريحُ سِلاح، يَكتِف المشي، فاترُ
أَنشده ابن بري. ابن سيده: كتَف يَكْتِف كَتْفاً وكَتِيفاً مشى مَشْياً
رُوَيْداً؛ قال لبيد:
وسُقْت رَبيعاً بالقَناة كأَنه
قريح سلاح، يكتف المشي، فاتر
والكُتْــفان والكِتْــفان: الجراد بعد الغَوْغاء، وقيل: هو كُتْــفان
وكِتْــفان إذا بدا حَجْم أَجنحته ورأَيت موضعَه شاخِصاً، وإن مسَسْتَه وجدت
حَجْمه، واحدته كتــفانــة، وقيل: واحده كاتِف والأُنثى كاتفة. أَبو عبيدة: يكون
الجراد بعد الغوفاء كتــفانــاً؛ قال أَبو منصور: سماعي من العرب في الكتــفان
من الجراد التي ظهرت أَجنحتها ولمّا تَطِرْ بعد، فهي تَنْقُزُ في الأَرض
نَقَزاناً مثل المَكْتُوف الذي لا يَستعين بيديه إذا مشى. ويقال للشيء إذا
كثر: مثلُ الدَّبى والكُِتــفان. والغَوْغاء من الجراد: ما قد طار ونبتت
أَجنحته. الأَصمعي: إذا استبان حجم أَجنحة الجراد فهو كتــفان، وإذا احمرّ
الجراد فانــسلخ من الأَلوان كلها فهي الغَوْغاء. الجوهري: الكُتــفان الجراد
أَوّل ما يطير منه، ويقال: هي الجراد بعد الغوغاء أَولها السِّرْو ثم
الدَّبى ثم الغوغاء ثم الكتــفان؛ قال ابن بري: وقد يثقل في الشعر؛ قال صخر
أَخو الخَنْساء:
وحَيّ حريد قد صَبَحْتُ بِغارةٍ،
كرِجْل الجَرادِ أَو دَبًى كُتُــفانِ
والكَتْفُ والكَتَــفانُ: ضرب من الطيَران كأَنه يردّ جناحيه ويضمهما إلى
ما وراءه.
والكَتْفُ: شدّك اليدين من خلف. وكتَف الرجلَ يَكْتِفه كتْفاً وكتّفه:
شدَّ يديه من خلفه بالكِتاف. والكِتافُ: ما شُدَّ به؛ قالت بعض نساء
الأَعراب تصف سحاباً:
أَناخَ بذي بَقَرٍ بَرْكَه،
كأَنَّ على عضُدَيْه كِتافا
وجاء به في كِتاف أَي في وِثاق. والكِتافُ: الحَبل الذي يُكتف به
الإنسان. وفي الحديث: الذي يصلّي وقد عقَص شعره كالذي يصلّي وهو مكْتوف؛ هو
الذي شدّت يداه من خلفه يشبه به الذي يَعْقِد شعره من خلفه. والكِتافُ: وثاق
في الرحْل والقَتَب وهو إسارُ عُودين أَو حِنْوين يُشدّ أَحدهما إلى
الآخر. والكتْف: أَن يشدَّ حِنْوا الرَّحل أَحدهما على الآخر.
وكتّف اللحم تَكْتِيفاً: قطَّعه صغاراً، وكذلك الثوب، وكتَّفه بالسيف
كذلك.
الجوهري: والكَتِيفةُ ضبَّة الباب وهي حديدة عريضة. ابن سيده:
والكَتِيفُ والكَتيفة حديدة عريضة طويلة وربما كانت كأَنها صحيفة، وقيل: الكتيف
الضبة؛ قال الأَعشى:
بيْنما المَرْء كالرُّديْني ذي الجُبْـ
ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ
أَو كَقِدْحِ النُّضار لاَّمَه القَيـ
ـن، ودانى صُدوعه بالكتيفِ
رَدَّه دَهْرُه المُضَلَّل، حتى
عادَ من بعدِ مَشْيِه للدَّلِيفِ
قوله بالكتِيف يعني كتائفَ رِقاقاً من الشَبه؛ وقيل: الكتِيفة الضبَّة،
وقيل: الضبة من الحديد، وجمعها كتِيف وكُتُفٌ. وكَتف الإناء يكْتِفُه
كتْفاً وكتَّفه: لأَمَه بالكتِيف؛ قال جرير:
ويُنْكِرُ كفَّيْه الحُسامُ وحَدُّه،
ويَعْرِفُ كفَّيْه الإناءُ المُكَتَّفُ
شمر: ويقال للسيف الصفيح كَتِيف؛ قال أَبو دُواد:
فَوَدِدْتُ لو أَني لَقِيتُك خالِياً،
أَمْشِي، بكَفِّي صَعْدَةٌ وكَتِيفُ
أَراد سيفاً صَفِيحاً فسماه كَتِيفاً. قال خالد بن جَنْبَة: كَتِيفةُ
الرحْل واحدة الكتائف، وهي حديدة يُكْتَفُ بها الرحْل. وقال ابن الأَعرابي:
أُخذ المَكْتوف من هذا لأَنه جَمع يديه. والكتيفة: كلْبَة الحدَّاد.
والكَتِيفةُ: السَّخِيمةُ والحِقْد والعداوة وتجمع على الكتائف؛ قال
القطامي:أَخُوك الذي لا يَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه،
وتَرْفضُّ عند المُخْطِفاتِ الكتائفُ
ويروى المُحْفِظات. وكِتافُ القَوْس: ما بين الطائف والسِّيةِ، والجمع
أَكْتِفةٌ وكُتُفٌ.
خسف: الخسف: سُؤُوخُ الأَرض بما عليها. خَسَفَتْ تَخْسِفُ خَسْفاً
وخُسوفاً وانْخَسَفَتْ وخَسَفَها اللّه وخَسَف اللّه به الأَرضَ خَسْفاً أَي
غابَ به فيها؛ ومنه قوله تعالى: فَخَسَفْنا به وبدارِه الأَرضَ. وخَسَفَ
هو في الأَرض وخُسِفَ به، وقرئ: لخُسِف بنا، على ما لم يسمَّ فاعله. وفي
حرف عبد اللّه: لا نْخُسِفَ بنا كما يقال انْطُلِقَ بنا، وانْخَسَفَ به
الأَرضُ وخَسَفَ اللّه به الأَرضَ وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَب
في الأَرض، وخَسَفَه اللّه تعالى. الأَزهري: وخُسِفَ بالرجل وبالقومِ
إذا أَخذته الأَرضُ ودخل فيها. والخَسْفُ: إلْحاقُ الأَرض الأُولى
بالثانية. والخَسْفُ: غُؤُورُ العينِ، وخُسوفُ العينِ: ذَهابُها في الرأْس. ابن
سيده: خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ، وخسَفَها يَخْسِفُها خَسْفاً وهي خَسِيفةٌ:
فَقَأَها. وعين خاسِفةٌ: وهي التي فُقِئَتْ حتى غابت حَدَقَتاها في
الرأْس. وعينٌ خاسِفٌ إذا غارَتْ، وقد خَسَفَتِ العينُ تَخْسِفُ خُسُوفاً؛
وأَنشد الفراء:
مِن كلِّ ملْقى ذَقَنٍ جَحُوفِ،
يَلِحُّ عِنْدَ عَيْنِها الخَسِيفِ
وبعضهم يقول: عينٌ خَسِيفٌ والبئر خَسِيفٌ لا غير. وخَسَفَتِ الشمسُ
وكسَفَتْ بمعنًى واحد. ابن سيده: خَسَفَتِ الشمسُ تَخْسِفُ خُسوفاً ذهب
ضَوْؤُها، وخسَفَها اللّه وكذلك القمر. قال ثعلب: كسَفتِ الشمسُ وخسَف القمر
هذا أَجودُ الكلام، والشمسُ تَخْسِفُ يوم القيامةِ خُسوفاً، وهو دخولها
في السماء كأَنها تَكَوَّرَتْ في جُحْر. الجوهري: وخُسوفُ القمرِ كُسوفُه.
وفي الحديث: إن الشمسَ والقمرَ لا يَخْسِــفانِ
(* قوله «لا يخســفان» في
النهاية: لا ينخســفان.) لموْتِ أَحَدٍ ولا لِحَياتِه. يقال: خَسَفَ القمرُ
بوزن ضرَب إذا كان الفعل له، وخُسِفَ على ما لم يسمّ فاعله. قال ابن
الأَثير: وقد ورد الخُسوفُ في الحديث كثيراً للشمس والمعروف لها في اللغة
الكسوفُ لا الخُسوفُ، فأَما إطلاقُه في مثل هذا فتغليباً للقمر لتذكيره على
تأْنيث الشمس، فجمع بينهما فيما يَخُصّ القمر، وللمعاوضة أَيضاً فإنه قد
جاء في رواية أُخرى: إن الشمس والقمر لا يَنْكَسِــفانِ، وأَما إطلاقُ
الخُسوفِ على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما
وإظلامهما. والانْخِسافُ: مُطاوِعُ خَسَفْتُه فانْــخَسَفَ. وخَسَفَ الشيءَ
يَخْسِفُه خَسْفاً: خَرَقَه. وخَسَفَ السقْف نفْسُه وانْخَسَفَ: انْخَرَقَ.
وبئر خَسُوفٌ وخَسِيفٌ: حُفِرَتْ في حجارة فلم ينقطع لها مادّة لكثرة
مائها، والجمع أَخْسِفةٌ وخُسُفٌ، وقد خَسَفَها خَسْفاً، وخَسْفُ
الرَّكِيَّةِ: مَخْرَجُ مائها. وبئرٌ خَسِيفٌ إذا نُقِبَ جَبَلُها عن عَيْلَمِ الماء
فلا يَنْزَحُ أَبداً. والخَسْفُ: أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إلى ماء عِدٍّ.
أَبو عمرو: الخَسِيفُ البئر التي تُحْفَرُ في الحجارة فلا ينقطع ماؤها
كثرةً؛ وأَنشد غيره:
قد نَزَحَتْ، إنْ لم تَكُنْ خَسِيفا،
أَو يَكُنِ البَحرُ لها حليفا
وقال آخر: من العَيالِمِ الخُسْفُ، وما كانت البئر خَسِيفاً، ولقد
خُسِفَتْ، والجمع خُسُفٌ. وفي حديث عمر أَن العباس، رضي اللّه عنهما، سأَله عن
الشعراء فقال: امرؤ القيس سابِقُهم خَسَفَ لهم عَيْن الشعر فافْتَقَرَ
(* قوله «فافتقر إلخ» فسره ابن الأثير في مادة فقر فقال: أَي فتح عن معان
غامضة.) عن معانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ أَي أَنْبَطَها وأَغْزَرها لهم،
من قولهم خَسَفَ البئرَ إذا حَفَرَها في حجارة فنبعت بماء كثير، يريد أَنه
ذَلَّلَ لهم الطريق إليه وبَصَّرَهُم بمَعاني الشِّعْر وفَنَّن أَنواعه
وقَصَّدَه، فاحْتَذَى الشعراء على مثاله فاستعار العين لذلك. ومنه حديث
الحجاج قال لرجل بعثه يَحفِرُ بئراً: أَخَسَفْتَ أَم أَوشَلْتَ؟ أَي
أَطْلَعْتَ ماء كثيراً أَم قلِيلاً. والخَسِيفُ من السَّحابِ: ما نَشَأَ من
قِبَلِ العَيْنِ حامِلَ ماء كثير والعينُ عن يمين القبلة. والخَسْفُ:
الهُزالُ والذُّلُّ. ويقال في الذُّلِّ خُسْفٌ أَيضاً، والخَسْفُ والخُسْفُ:
الإذْلالُ وتَحْمِيلُ الإنسان ما يَكْرَه؛ قال الأَعشى:
إذْ سامَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال له:
اعْرِضْ عليَّ كذا أَسْمَعْهما، حارِ
(* في قصيدة الأعشى:
قلْ ما تشاء، فانــي سامعٌ حارِ)
والخَسْفُ: الظلم؛ قال قَيس بن الخطيم:
ولم أَرَ كامْرئٍ يَدْنُو لِخَسْفٍ،
له في الأَرض سَيْرٌ وانْتِواء
وقال ساعِدةُ بن جُؤيّةَ:
أَلا يا فَتًى، ما عَبْدُ شَمْسٍ بِمِثْلِه
يُبَلُّ عل العادِي وتُؤْبَى الـمَخاسِفُ
الـمَخاسِفُ: جمع خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشابهَ ومَلامِحَ. ويقال:
سامَه الخَسْفَ وسامَه خَسْفاً وخُسْفاً، أَيضاً بالضم، أَي أَوْلاه
ذُلاًّ. ويقال: كلَّفه الـمَشَقَّةَ والذُّلَّ. وفي حديث عليّ: مَنْ تَرَكَ
الجِهادَ أَلْبَسَه اللّهُ الذِّلَّةَ وسيمَ الخَسْفَ؛ الخَسْفُ:
النُّقْصانُ والهَوانُ، وأَصله أَن تُحْبَسِ الدابةُ على غير عَلَفٍ ثم استعير فوضع
موضع الهَوان، وسِيمَ: كُلِّفَ وأُلزِمَ. والخَسْفُ: الجُوعُ؛ قال بِشْر
بن أَبي خازم:
بضَيْفٍ قد أَلَّم بِهِمْ عِشاءً،
على الخَسْفِ الـمُبَيَّنِ والجُدُوبِ
أَبو الهيثم: الخاسفُ الجائعُ؛ وأَنشد قول أَوس:
أَخُو قُتُراتٍ قد تَبَيَّنَ أَنه،
إذا لم يُصِبْ لَحْماً من الوَحْشِ، خاسِفُ
أَبو بكر في قولهم شربنا على الخَسْفِ أَي شربنا على غير أَكل. ويقال:
بات القوم على الخَسْف إذا باتوا جياعاً ليس لهم شيء يتقوَّتونه. وباتت
الدابةُ على خَسْف إذا لم يكن لها عَلَف؛ وأَنشد:
بِتْنا على الخَسْفِ، لا رِسْلٌ نُقاتُ به،
حتى جَعَلْنا حِبالَ الرَّحْلِ فُصْلانا
أَي لا قُوتَ لنا حتى شَدَدْنا النُّوقَ بالحِبالِ لِتَدِرَّ علينا
فَنَتَقَوَّتَ لبَنها. الجوهري: بات فلان الخَسْفَ أَي جائعاً. والخَسْفُ في
الدَّوابّ: أَن تُحْبَسَ على غير عَلَف. والخَسْفُ: النُّقْصانُ. يقال:
رَضِيَ فلان بالخَسْفِ أَي بالنَّقِيصة؛ قال ابن بري: ويقال الخَسِيفَةُ
أَيضاً؛ وأَنشد:
ومَوْتُ الفَتى، لم يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً،
أَعَفُّ وأَغْنَى في الأَنامِ وأَكْرَمُ
والخاسِف: الـمَهْزولُ. وناقة خَسِيفٌ: غَزيرَةٌ سرِيعةُ القَطْعِ في
الشّتاء، وقد خَسَفَتْ خَسْفاً. والخُسُفُ: النُّقَّهُ من الرِّجال. ابن
الأَعرابي: ويقال للغلام الخَفِيف النَّشِيطِ خاسِفٌ وخاشِفٌ ومَرّاقٌ
ومُنْهَمِكٌ.
والخَسْفُ: الجَوْزُ الذي يؤكل، واحدته خَسْفةٌ، شِحْرِيّةٌ؛ وقال أَبو
حنيفة: هو الخُسْفُ، بضم الخاء وسكون السين؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح.
والخَسِيــفانُ: رَدِيءُ التمْرِ؛ عن أَبي عمرو الشيباني، حكاه أَبو عليّ
في التذكرة وزعم أَن النون نون التثنية وأَنّ الضم فيها لغة، وحكى عنه
أَيضاً: هما خليلانُ، بضم النون.
والأَخاسِيفُ: الأَرضُ اللَّيِّنَةُ. يقال: وقَعُوا في أَخاسِيفَ من
الأَرض وهي اللينة.
دفن: الدَّفْن: السَّتْر والمُواراة، دَفَنِه يَدْفِنُه دَفْناً
وادَّفَنه فانــدَفَن وتَدَفَّن فهو مَدْفون ودَفِين. والدِّفْن والدَّفينُ:
المدفون، والجمع أَدفان ودُفَناء. وقال اللحياني: امرأَة دَفين ودَفينة من
نِسوة دَفْنى ودَفائِن. وركيَّةٌ دَفين: مُنْدفِنة، وكذلك مِدْــفان، كأَنَّ
الدَّفْن من فعْلها. وركية دَفين ودِــفان إِذا اندفن بعضُها، وركايا دُفُن؛
قال لبيد:
سُدُماً، قليلاً عَهْدُه بأَنِيسه،
من بَيْن أَصفَرَ ناصِعٍ ودِــفان.
والمِدْــفان والدِّفْن: الرَّكِيّة أَو الحوض أَو المَنْهل يندفن، والجمع
دِــفان ودُفُن. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: واجْتَهَرَ
دُفُن الرَّواءِ؛ الدُّفُن: جمع دَفين وهو الشيء المدفون. وأَرض دَفْنٌ:
مَدْفونة، والجمع أَيضاً دُفُن، وماء دِــفان كذلك. والدَّفْن والدِّفْنُ:
بئر أَو حوض أَو مَنهل سَفَت الريح فيه التراب حتى ادَّفَن؛ وأَنشد:
دَفْن وَطامٍ ماؤه كالجِرْيال.
وادَّفن الشيءُ، على افتعل، واندفن بمعنىً. وداء دَفين: لا يُعْلم به.
وفي حديث علي، عليه السلام: قم عن الشمس فإِنها تُظهِر الداءَ الدفين؛ قال
ابن الأَثير: هو الداء المستَتر الذي قهَرته الطبيعةُ، يقول: الشمس
تُعينُه على الطبيعة وتُظهِره بحرِّها، ودَفَن الميِّتَ واراه، هذا الأَصل،
ثم قالوا: دَفَن سِرَّه أَي كتمه. والدَّفينة: الشيء تَدْفِنه؛ حكاها
ثعلب. والمِدْفن: السِّقاء الخَلَق. والمِدْــفان: السقاء البالي والمنهل
الدفين أَيضاً، وهو مِدْــفان: بمنزلة المَدْفون. والمِدْــفان والدَّفون من
الإِبل والناس: الذاهبُ على وجهه في غير حاجة كالآبق، وقيل: الدَّفون من
الإِبل التي تكون وسَطهن إِذا وردَت، وقد دَفَنَتْ تَدْفِن دَفْناً. ابن شميل:
ناقة دَفون إذا كانت تغيب عن الإِبل وتركب رأْسها وحدها، وقد ادَّفَنت
ناقتكم. وقال أَبو زيد: حَسَب دَفونٌ إذا لم يكن مشهوراً، ورجل دَفون.
الجوهري: ناقة دَفون إذا كان من عادتها أَن تكون في وسط الإِبل، والتَّدافن:
التَّكاتُم. يقال في الحديث: لو تكاشَفْتم ما تَدافَنْتم أَي لو تكَشَّف
عيبُ بعضكم لبعض. وبقرة دافِنة الجِذْم: وهي التي انسحَقت أَضراسُها من
الهرم. الأَصمعي: رجل دَفين المروءة، ودَفْنُ المروءة إذا لم يكن له
مروءة؛ قال لبيد:
يُباري الرِّيحَ ليس بِجانِبِيٍّ،
ولا دَفْنٌ مُروءَتُه لَئيم.
والادِّــفانُ: إباقُ العَبد. وادَّفن العَبْدُ: أَبَق قبل أَن ينتهي به
إلى المصر الذي يُباع فيه، فإِن أَبَق من المصر فهو الإِباقُ، وقيل:
الادِّــفانُ أَن يَرُوغَ من مَوالِيه اليوم واليومين، وقيل: هو أَن لا يغيب من
المصر في غيبته، وعبد دَفون: فَعُول لذلك. وفي حديث شُريح: أَنه كان لا
يَرُدّ العبدَ من الادِّــفان ويردّه من الإِباق الباتِّ، وفسره أَبو زيد
وأَبو عبيدة بما قدّمناه قبل الحديث، وقال أَبو عبيد: روى يزيد بن هرون
بسنده عن محمد بن شريح قال يزيد: الادِّــفانُ أَن يأْبَق العبد قبل أَن
يُنتهى به إلى المصر الذي يباع فيه، فإِن أَبق من المصر فهو الإباق الذي يردّ
منه في الحُكم، وإن لم يَغِب عن المصر؛ قال أَبو منصور: والقولُ ما قاله
أَبو زيد وأَبو عبيدة والحكم على ذلك، لأَنه إذا غاب عن مواليه في المصر
اليومَ واليومين فليس بإِباقٍ باتٍّ، قال: ولست أَدري ما أَوْحَشَ أَبا
عبيد من هذا، وهو الصواب؛ وقال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الإدِّــفانُ
هو أَن يَخْتفي العبدُ عن مواليه اليومَ واليومَيْن ولا يَغيبَ عن المصر،
وهو افتعال من الدَّفْن لأَنه يَدْفِن نفْسه في البلد أَي يكتُمُها،
والإِباقُ هو أَن يَهْرُب من المِصْر، والباتّ القاطع الذي لا شُبْهة فيه.
والداء الدَّفِين: الذي يظْهَر بعد الخفاء ويفشو منه شَرّ وعَرٌّ. وحكى ابن
الأَعرابي: داء دَفِن، وهو نادر؛ قال ابن سيده: وأُراه على النسب كرجل
نَهِر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمُهاصر بن المحل ووقف على عيسى بن موسى
بالكوفة وهو يكتب الزَّمْنى:
إن يَكْتبوا الزَّمْنى، فإِنِّي لَطَمِنْ
من ظاهِر الدَّاء، وداءٍ مُسْتَكِنْ
ولا يَكادُ يَبْرَأُ الدَّاءُ الدَّفِنْ.
والدَّاءِ الدَّفين: الذي لا يُعلم به حتى يظهر منه شَرّ وعَرّ.
والدفائن: الكنوز، واحدتها دَفِينة. والدَّفَنِيُّ: ضرب من الثياب، وقيل من
الثياب المُخَطَّطة؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى:
الواطِئينَ على صُدورِ نعالهم،
يمشون في الدَّفَنِيِّ والأَبْرادِ.
والدَّفِينُ: موضع؛ قال الحَذْلَميّ:
إلى نُقاوى أَمْعَزِ الدَّفِين.
والدَّفِينة والدَّثِينةُ: منزل لبني سليم. والدَّفافين: خشب السفينة،
واحدها دُــفَّان؛ عن أَبي عمرو. ودَوْفَن: اسم؛ قال ابن سيده: ولا أَدْري
أَرجل أَم موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعَلِمتُ أَني قد مُنِيتُ بِنئْطِلٍ،
إذ قيل كان منَ الِ دَوْفَنَ قُمَّسُ.
قال: فإِن كان رجلاً فعسى أَن يكون أَعجَمياً فلم يَصْرفْه، أَو لعل
الشاعر احتاج إلى ترك صَرفه فلم يَصْرِفه، فإِنه رأْيٌ لبعض النَّحويين، وإن
كان عنى قبيلة أَو امرأَة أَو بُقْعة فحكمه أَن لا ينصرف وهذا بيّن
واضح.
عقف: العَقْفُ: العَطْف والتلْوِيةُ. عَقَفَه يَعْقِفُه عَقْفاً
وعَقَّفَه وانْعَقَف وتَعَقَّف أَي عطَفَه فانْــعَطَفَ. والأَعْقَفُ: المنْحَني
المُعْوَجّ. وظبْي أَعْقَفُ: معطوف القُرون. والعَقْفاء من الشياه: التي
التوى قرْناها على أُذنيها. والعُقَّافة: خَشَبة في رأْسها حُجْنة يُمَدُّ
بها الشيء كالمِحْجَن. والعَقْفاء: جديدة قد لُوِيَ طَرَفُها. وفي حديث
القيامةِ: وعليه حَسَكةٌ مُفَلْطحةٌ لها شوكة عَقِيفةٌ أَي مَلْوِيَّةٌ
كالصِّنَّارة. وفي حديث القاسم بن مُخَيْمِرة: أَنه سُئل عن العُصْرةِ
للمرأَة فقال: لا أَعلم رُخِّص فيها إلا للشيخ المَعْقُوفِ أَي الذي
انْعَقَفَ من شدَّة الكِبَر فانْــحنى واعْوجّ حتى صار كالعُقّافةِ، وهي
الصَّوْلَجانُ.
والعُقاف: داء يأْخذ الشاة في قوائمها فتعوَجُّ، وقد عُقِفَتْ، فهي
مَعْقُوفة. والتعْقِيفُ: التَّعْويج. وشاة عاقِفٌ: مَعْقُوفة الرِّجل، وربما
اعْتَرى كل الدوابِّ. والأَعْقَف: الفقير المحتاج؛ قال:
يا أَيُّها الأَعْقَفُ المُزْجِي مَطِيَّتَه،
لا نِعْمةً تَبْتَغي عندي ولا نَشَبا
والجمع عُقْــفان. وعُقْــفان: جنس من النمل. ويقال: للنمل جَدّان: فازِرٌ
وعُقْــفانُ، ففازِرٌ جَدُّ السُّود، وعُقــفان جد الحُمْر، وقيل: النمل ثلاثة
أَصناف: النمل والفازِرُ والعُقَيْــفانُ، والعُقَيْــفانُ: الطويلُ القوائم
يكون في المَقابِر والخَراباتِ؛ وأَنشد:
سُلِّطَ الذَّرُّ فازِرٌ أَو عُقَيفا
نُ، فأجْلاهُمُ لدارٍ شَطُونِ
قال: والذَّرّ الذي يكون في البيوت يؤذي الناس، والفازِرُ: المُدوَّر
الأَسود يكون في التمر، قال ابن بري: قال دَغْفَلٌ النسَّابة: يُنْسبُ
النملُ إلى عُقْــفان والفازر، فعُقْــفان جد السود، والفازِر جَدّ الشُّقْر.
وعُقْــفانُ: حَيٌّ من خُزاعةَ. والعَقْفاء والعَقَفُ: ضرب من النبْت. حكى
الأَزهري عن الليث: والعَقْفاء ضرب من البقول معروف، قال: والذي أَعرفه في
البقول القَفْعاء، ولا أَعرف العَقْفاء. والعَيْقُــفانُ: نبت كالعَرْفَجِ
له سَنِفةٌ كسَنِفةِ الثُّفاء؛ عن أَبي حنيفة. وقال مرة: العُقَيْفاء
نبْتة ورقها مثل ورق السَّذاب لها زهْرة حمراء وثمرة عَقْفاء كأَنها شِصٌّ
فيها حَبٌّ، وهي تقتل الشاء ولا تضر الإبل؛ قال الجوهري: وأَما قول حميد بن
ثَوْر الهِلالي:
كأَنه عَقْفٌ تَوَلَّى يَهْرُبُ،
من أَكْلُب يَعْقُفُهُنَّ أَكْلُبُ
فيقال: هو الثعلب؛ قال ابن بري: وهذا الرجز لحُميد الأَرقط لا لحميد بن
ثَوْر. وأَعرابي أَعْقَفُ أي جافٍ.
قفن: التهذيب: قال عمر بن الخطاب إِني لأَسْتَعْمِلُ الرجلَ القَوِيَّ
وغيرُه خيرٌ منه، ثم أَكونُ على قَــفَّانــه، وفي طريق آخر: إِني
لأَسْتَعمِلُ الرجلَ الفاجر لأَسْتَعِينَ بقوَّته ثم أَكونُ على قَــفَّانــه، يعني على
قَفاه؛ قال أَبو عبيد: قَــفَّانُ كلِّ شيءٍ جِماعُه واسْتِقصاء معرفته؛
يقول: أَكونُ على تتَبُّع أَمره حتى أَستقصِيَ علمه وأَعرفه، والنون زائدة،
قال: ولا أَحْسِبُ هذه الكلمة عربية، إِنما أَصلها قَبّانٌ؛ وقال غيره:
هو معرَّب قَبَّانَ الذي يوزن به؛ قال ابن بري: صوابه قَبّانٌ بالصرف،
قال: وأَما حِمارُ قَبّانَ لدُوَيْبَّة معروفة فغير مصروفة؛ ومنه قول
العامة: فلان قَبّانٌ على فلان إِذا كان بمنزلة الأَمين والرئيس الذي
يتتَبَّعُ أَمره ويُحاسبه، ولهذا سمي الميزان الذي يقال له القَبَّانُ القَبّانَ.
ابن الأَعرابي: القَــفّانُ عند العرب الأَمين، وهو فارسي عُرِّبَ.
ابن الأَعرابي: هذا يومُ قَفْنٍ أَي يوم قتال، ويوم غَضْنٍ إذا كان ذا
حِصَار.
وقَفَّنَ رأْسه وقَنَّفَه إِذا قطعه وأَبانه. والقَفْنُ: الضرب بالعصا
والسَّوْطِ؛ قال بَشِيرٌ الفَرِيريُّ:
قَفَنْتُه بالسَّوْطِ أَيَّ قَفْنِ،
وبالعصا من طُول سُوءِ الضَّفْنِ
وقَفَنَ الرجلَ يَقْفِنُه قَفْناً: ضربه على رأْسه بالعصا. وقَفَنَه
يَقْفِنُه قَفْناً: ضرب قَفاه. وقَفَنَ الشاةَ يَقْفِنُها قَفْناً: ذبحها من
القَفا. والقَفِينة: الشاة تذبح من قفاها، وهو مَنْهِيٌّ عنه. وشاة
قَفِينة: مذبوحة من قَفاها، وقيل: هي التي أَبِينَ رأْسُها من أيِّ جهة ذبحت.
وروي عن النخعي أَنه قال في حديثه فيمن ذَبح فأَبان الرأْسَ قال: تلك
القفينة لا بأْس بها، ويقال: النون زائدة لأَنها القَفِيَّة. قال أَبو
عبيد: القَفينة كان بعضُ الناس يَرَى أَنها التي تذبح من القَفا، وليست بتلك،
ولكن القَفينة التي يُبان رأْسها بالذبح، وإِن كان من الحَلْق، قال:
ولعل المعنى يرجع إلى القَفا لأَنه إِذا أَبان لم يكن له بُدٌّ من قطع
القَفا؛ قال ابن بري: قول الجوهري النون زائدة لأَنها القَفِيَّة، قال: النون
في القَفِينَة لام الكلمة، يقال: قَفَنَ الشاة قَفْناً، وهي قَفِينٌ،
والشاة قَفِينة مثل ذبيحة؛ قال: ولو كانت النون زائدة لبقيت الكلمة بغير
لام، وأَما أَبو زيد فلم يعرف فيها إِلاَّ القفِيَّة، بالياء. وقال أَبو
عبيد: القَفِينة التي يُبانُ رأْسها عند الذبح، وإِن كان من الحلق، وأَنكر
قول من يقول إِنها التي تذبح من قفاها. وحكى غيره: قَفَنَ رأْسه إِذا قطعه
فأَبانه. ويقال للقَفا: القَفَنُ والقَفِينة، فعيلة بمعنى مفعولة. يقال:
قَفَنَ الشاة واقتَفَنها. وقد قالوا: القَفَنُّ للقَفَا، فزادوا نوناً
مشددة؛ وأَنشد الراجز في ابنه:
أُحِبُّ مِنكَ مَوضِعَ الوُِشْحَنِّ،
وموْضِعَ الإِزارِ والقَفَنِّ
(* قوله «وموضع الإزار إلخ» قال الصاغاني الرواية:
ومعقد الإزار في القفنّ
والكاف في منك مفتوحة يخاطب ابنه لا امرأته).
والقَفِينة: الناقة التي تنحر من قفاها؛ عن ثعلب، وليس شيء
(* قوله
«وليس شيء إلخ» قال ابن سيده: الذي عندي أن النون أصل وإن كانت الكلمة معناها
معنى القفا كما أن القدموس معناه القديم والسبطر معناه السبط وليست
الميم ولا الراء زائدة): من ذلك مشتقّاً من لفظ القفا إِذ لو كان ذلك لقيل
في كله قَفِيٌّ وقَفِيَّة. أَبو عمرو: القَفِين المذبوح من قفاه.
واقْتَفَنْتُ الشاةَ والطائر إِذا ذَبحْتَ من قِبَل الوجه فأَبَنْتَ الرأْسَ.
والقَفْنُ: الموْتُ. ويقال: قَفَنَ يَقْفِنُ قُفُوناً إِذا مات؛ قال
الراجز:أَلْقَى رَحَى الزَّوْرِ عليه فطَحَنْ،
فَقاءَ فَرْثاً تَحْتَه حتى قَفَنْ
قال: وقَفَنَ الكلبُ إِذا وَلَغَ. ابن الأَعرابي: القَفْنُ الموت،
والكَفْنُ التغطِيَة. ابن الأَعرابي: القَفِينَة والقَنِيفةُ واحدٌ، وهو أَن
يُبانَ الرأْسُ.
التهذيب: أَتيته على إِــفَّانِ ذلك وقِــفَّانِ ذلك وغِــفّان ذلك أَي على
حين ذلك.
عذر: العُذْر: الحجة التي يُعْتَذر بها؛ والجمع أَعذارٌ.
يقال: اعْتَذَر فلان اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرِة من دِيْنهِ
فعَذَرْته، وعذَرَ يَعْذُرِهُ فيما صنع عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرِة،
والاسم المعِذَرة
(* قوله: «والاسم المعذرة» مثلث الذال كما في القاموس).
ولي في هذا الأَمر عُذْرٌ وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ من الذنب؛ قال
الجَمُوح الظفري:
قالت أُمامةٌ لما جِئْتُ زائَرها:
هلاَّ رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟
لله دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ،
لولا حُدِدْتُ، ولا عُذْرَى لِمَحْدودِ
قال ابن بري: أَورد الجوهري نصف هذا البيت: إِني حُدِدْتُ، قال وصواب
إِنشاده: لولا؛ قال: والأَسْهُم السُّود قيل كناية عن الأَسْطر المكتوبة،
أَي هلاَّ كتبْتَ لي كتاباً، وقيل: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ
مُقْلَتيه، فقال: قد رَمَيتُهم لولا حُدِدْتُ أَي مُنِعت. ويقال: هذا الشعر
لراشد بن عبد ربه وكان اسمه عاوِياً، فسماه النبي، صلى الله عليه وسلم،
راشداً؛ وقوله: لولا حددت هو على إِرادة أَن تقديره لولا أَن حُدِدْتُ
لأَنَّ لولا التي معناها امتناعُ الشيء لوجود غيره هي مخصوصة بالأَسماء، وقد
تقع بعدها الأَفعال على تقدير أَن، كقول الآخر:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لا أُحِبُّها،
فقلتُ: بَلى، لولا يُنازِعُني شَغْلي
ومثله كثير؛ وشاهدُ العِذْرةِ مثل الرِّكبةِ والجِلْسةِ قولُ النابغة:
ها إِنّ تا عِذْرة إِلاَّ تَكُنْ نَفَعَتْ،
فإِن صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ
(* في ديوان النابغة:
ها إِنّ عِذْرةٌ إِلاَّ تكن تفعت * فإِنَّ صاحبها مشاركُ
النَّكَد).
وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قال الأَخطل:
فبن تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ،
فقد أَعْذَرَتْنا في طِلابكمُ العُذْر
وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عن اللحياني. والعرب
تقول: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كان منه ما يُعْذَرُ به، والصحيح أَن العُذْرَ
الاسم، والإِعْذار المصدر، وفي المثل: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ ويكون
أَعْذَرَ بمعنى اعْتَذَر اعتذاراً يُعْذَرُ به وصار ذا عُذْرٍ منه؛ ومنه قول
لبيد يخاطب بنتيه ويقول: إِذا متُّ فنُوحاً وابْكِيا عليّ حَوْلاً:
فقُوما فقُولا بالذي قد عَلِمُتُما،
ولا تَخْمِشَا وَجْهاً ولا تَحْلِقا الشَّعَرْ
وقولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَه
أَضاعَ، ولا خان الصديقَ، ولا غَدَرْ
إِلى الحولِ، ثم اسمُ السلامِ عليكما،
ومَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعْتَذَرْ
أَي أَتى بُعذْر، فجعل الاعْتِذارَ بمعنى الإِعْذارِ، والمُعْتَذِرُ
يكون مُحِقّاً ويكون غير مُحِقٍّ؛ قال الفراء: اعْتَذَرَ الرجل إِذا أَتى
بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا لم يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد:
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
أَي أَتى بعُذْرٍ. وقال الله تعالى: يَعْتَذِرون إِليكم إِذا رجعتُم
إِليهم، قل لا تَعْتَذِرُوا لن نُؤْمِنَ لكم قد نَبّأَنا الله من أَخباركم؛
قل لا تَعْتَذِرُوا يعني أَنه لا عُذْرَ لهم، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها
الكذبُ. واعتذرَ رجلٌ إِلى عمر بن عبد العزيز فقال له: عَذَرْتُكَ غيرَ
مُعْتَذِرٍ؛ يقول: عَذَرْتُك دون أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يكون
مُحِقّاً وغير محق؛ والمُعَذِّر أَيضاً: كذلك. واعْتَذَرَ منْ ذنبه
وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإِنك منها والتعَذّر بعدما
لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها
وتعذّر: اعْتَذَرَ واحتجَّ لنفسه؛ قال الشاعر:
كأَنّ يَدَيْها، حين يُفْلَقُ ضَفْرُها،
يدا نَصَفٍ غَيْرِي تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ
وعَذَّرَ في الأَمر: قَصَّر بعد جُهْد. والتَّعْذِيرُ في الأَمر:
التقصيرُ فيه. وأَعْذَرَ: قَصَّر ولم يُبالِغ وهو يُرِي أَنه مُبالِغٌ.
وأَعْذَرَ فيه: بالَغَ. وفي الحديث: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ
العُمْرِ ستّين سنة؛ أَي لم يُبْقِ فيه موضعاً للاعْتِذارِ، حيث أَمْهَلَه
طُولَ هذه المدة ولم يَعْتَذِر. يقال: أَعْذَرَ الرجل إِذا بَلَغ أَقْصى
الغايةِ في العُذْر. وفي حديث المِقْداد: لقد أَعْذَرَ اللهُ إِليك أَي
عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عنك الجهاد ورَخّصَ لك في تركه
لأَنه كان قد تَناهَى في السِّمَنِ وعَجَزَ عن القتال. وفي حديث ابن
عمر: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مما عنده ولا يَرْفَعْ يده
وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذلك يُخَجَّلُ جَلِيسَه؛ الإِعْذارُ: المبالغة
في الأَمر، أَي ليُبالِغْ في الأَكل؛ مثل الحديث الآخر: إِنه كان إِذا
أَكَلَ مع قوم كانَ آخرَهم أَكْلاً؛ وقيل: إِنما هو وليُعَذِّرْ من التعذير
التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ في الأَكل لِيَتَوفَّرَ على الباقين ولْيُرِ
أَنه بالغَ. وفي الحديث: جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فكنا نُعَذِّرُ؛ أَي
نُقَصِّر ونُرِي أَننا مجتهدون. وعَذّرَ الرجل، فهو مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ
ولم يأْت بِعُذرٍ. وعَذَّرَ: لم يثبت له عُذْرٌ. وأَعْذَرَ: ثبت له
عُذْرٌ. وقوله عز وجل: وجاء المُعَذِّرُون من الأَعراب لِيُؤْذَنَ لهم،
بالتثقيل؛ هم الذين لا عُذْرَ لهم ولكن يتكلَّفُون عُذْراً. وقرئ: المُعْذِرون
بالتخفيف، وهم الذين لهم عُذْرٌ، قرأَها ابن عباس ساكنةَ العين وكان
يقول: والله لكذا أُنْزِلَت. وقال: لَعَنَ الله المُعَذِّرِينَ. قال
الأَزهري: ذهب ابن عباس إِلى أَن المُعْذِرينَ الذين لهم العُذْر؛
والمُعَذِّرِينَ، بالتشديد: الذين يَعَتذِرون بلا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الذين لا
عذر لهم، فكأَنَّ الأَمرَ عنده أَن المُعَذِّرَ، بالتشديد، هو
المُظْهِرُ للعُذْرِ اعتلالاً من غير حقيقة له في العُذْر وهو لا عُذْرَ له،
والمُعْذِر الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ الذي ليس بمُحقٍّ على جهة المُفَعِّل
لأَنه المُمَرِّض والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بغير عُذْرٍ. قال الأَزهري:
وقرأَ يعقوب الحضرمي وحده: وجاء المُعْذِرُون، ساكنة العين، وقرأَ سائرُ
قُرّاء الأَمْصارِ: المُعَذِّرُون، بفتح العين وتشديد الذال، قال: فمن قرأَ
المُعَذِّرُون فهو في الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التاء في الذال
لِقُرْب المَخْرَجين، ومعنى المُعْتَذِرُون الذين يَعْتَذِرُون، كان لهم
عُذْرٌ أَو لم يكن، وهو ههنا شبيه بأَنْ يكون لَهم عُذْرٌ، ويجوز في كلام
العرب المُعِذِّرُون، بكسر العين، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت
التاء وأُبدل منها ذال وأُدغمت في الذال ونُقِلَت حركتها إِلى العين فصار
الفتح في العين أَوْلى الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ العين جَرّة لإِلتقاء
الساكنين، قال: ولم يُقْرَأْ بهذا، قال ويجوز أَن يكون المُعَذِّرُون الذين
يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لهم عُذْراً ولا عُذْرَ لهم. قال أَبو بكر:
ففي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كان المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرجل،
فهو مُعَذِّر، فهم لا عذر لهم، وإِذا كان المُعَذِّرُون أَصلهم
المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التاء على العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت في
الذال التي بعدها فلهم عذر؛ قال محمد بن سلام الجُمَحِي: سأَلت يونس عن
قوله: وجاء المعذرون، فقلت له: المُعْذِرُون، مخففة، كأَنها أَقْيَسُ لأَن
المُعْذِرَ الذي له عُذْرٌ، والمُعَذِّر الذي يَعْتَذِر ولا عُذْر له،
فقال يونس: قال أَبو عمرو بن العلاء كلا الفريقين كان مُسيِئاً جاء قوم
فَعذَّرُوا وجَلَّحَ آخرون فقعدوا. وقال أَبو الهيثم في قوله: وجاء
المُعَذِّرُون، قال: معناه المُعْتَذِرُون. يقال: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً في
معنى اعتذر، ويجوز عِذَّرَ الرجل يَعِذِّر، فهو مُعِذِّر، واللغة الأُولى
أَجودهما. قال: ومثله هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى
يَهِدِّي؛ قال الله عز وجل: أَم مَنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى؛ ومثله
قراءة من قرأَ يَخُصِّمُون، بفتح الخاء، قال الأَزهري: ويكون المُعَذِّرُون
بمعنى المُقَصِّرِينَ على مُفَعِّليِن من التَّعْذير وهو التقصير.
يقال: قام فلان قيام تَعْذِيرٍ فيما اسْتَكْفَيْتُه إِذا لم يُبالغْ
وقَصَّرَ فيما اعْتُمِدَ عليه. وفي الحديث: أَن بني إِسرائيل كانوا إِذا
عُمِلَ فيهم بالمعاصي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم الله بالعِقاب،
وذلك إِذا لم يُبالِغُوا في نَهْيِهم عن المعاصي، وداهَنُوهم ولم
يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بالمعاصي حَقَّ الإِنْكارِ، أَي نَهَوْهم نَهْياً
قَصَّروا فيه ولم يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ موضع اسم الفاعل حالاً، كقولهم: جاء
مَشْياً. ومنه حديث الدعاء: وتَعاطى ما نَهَيْتُ عنه تَعْذِيراً.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لن يَهْلِكَ الناسُ حتى
يُعذِرُوا من أَنفسهم؛ يقال: أَعْذَرَ من نفسه إِذا أَمْكَن منها، يعني
أَنهم لا يَهْلِكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهم
ويستوجبوا العقوبة ويكون لمن يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قاموا بعُذْرِه في
ذلك، ويروى بفتح الياء، من عَذَرْته، وهو بمعناه، وحقيقة عَذَرْت
مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وفيه لغتان؛ يقال أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا
كثرت عيوبُه وذنوبه وصار ذا عيب وفساد. قال الأَزهري: وكان بعضهم يقول:
عَذَر يَعْذِرُ بمعناه، ولم يَعْرفه الأَصمعي؛ ومنه قول الأَخطل:
فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ،
فقد عَذَرَتْنا في كِلاب وفي كَعَبِ
(* هذا البيت مرويّ سابقاً في نفس الكلمة ؛ في صورة تختلف عما هو عليه
هنا، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأخطل).
ويروى: أَعْذَرَتْنا أَي جعلت لنا عُذْراً فيما صنعناه؛ وهذا كالحديث
الآخر: لن يَهْلِك على الله إِلا هَالِكٌ؛ ومنه قول الناس: مَن يَعْذِرُني
من فلان؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
عِذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَا
نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ
بَغَى بَعْضٌ على بَعْضِ،
فلم يَرْعَوْا على بَعْضِ
فقد أَضْحَوْا أَحادِيثَ،
بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ
يقول: هاتِ عُذْراً فيما فَعَل بعضُهم ببعض من التباعُد والتباغُض
والقتل ولم يَرْعَ بعضُهم على بعض، بعدما كانوا حيَّةَ الأَرض التي يَحْذَرُها
كلُّ أَحد، فقد صاروا أَحاديثَ للناس يرفعونها ويخفضونها، ومعنى
يخفضونها يُسِرّونها، وقيل: معناه هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ ومنه قول علي بن أَبي
طالب، رضي الله عنه، وهو ينظر إِلى ابن مُلْجَم:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ
يقال: عَذِيرَك مِن فلان، بالنصب، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بمعنى
فاعل، يقال: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، ونصبُه على إِضمار
هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ ويقال: ما عندهم عَذِيرةٌ أَي لا يَعْذِرون،
وما عندهم غفيرةٌ أَي لا يَغْفِرُون.
والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يقال: مَن عَذِيرِي مِن فلان أَي مَن نَصِيرِي.
وعَذِيرُ الرجل: ما يَرُومُ وما يُحاوِلُ مما يُعْذَرُ عليه إِذا
فَعَلَه؛ قال العجاج يخاطب امرأَته:
جارِيَ لا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي،
سَيْرِي، وإِشْفاقي على بَعِيرِي
يريد يا جارية فرخم، ويروى: سَعْيِي، وذلك أَنه عزم على السفر فكانَ
يرُمُّ رَحْل ناقته لسفره فقالت له امرأَته: ما هذا الذي ترُمُّ؟ فخاطبها
بهذا الشعر، أَي لا تُنْكِري ما أُحاوِلُ. والعَذِيرُ: الحال؛ وأَنشد:
لا تستنكري عذيري
وجمعه عُذُرٌ مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خفف فقيل عُذْر؛ وقال حاتم:
أَماوِيَّ قد طال التجنُّبُ والهجْرُ،
وقد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ
أَماوِيَّ إِن المال غادٍ ورائحٌ،
ويَبْقَى من المال الأَحاديثُ والذِّكْرُ
وقد عَلِمَ الأَقوامُ لو أَن حاتماً
أَرادَ ثَراءَ المالِ، كان له وَفْرُ
وفي الصحاح:
وقد عذرتني في طلابكم عذر
قال أَبو زيد: سمعت أَعرابيين تميميّاً وقيسيّاً يقولان: تَعَذَّرْت
إِلى الرجل تَعَذُّراً، في معنى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قال الأَحْوَص بن
محمد الأَنصاري:
طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ،
فلم يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ
أَي يَعْتَذر؛ يقول: أَنعم عليه نعمة لم يحتج إِلى أَن يَعْتذر منها،
ويجوز أَن يكون معنى قوله يَتَعَذَّر أَي يذهب عنها. وتَعَذَّر: تأَخَّر؛
قال امرؤ القيس:
بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ منه، يَمُنّه
أَخُو الجَهْدِ، لا يَلْوِي على مَنْ تَعَذَّرا
والعَذِيرُ: العاذرُ. وعَذَرْته من فلان أَي لُمْت فلاناً ولم أَلُمْه؛
وعَذِيرَك إِيَّايَ منه أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، وقال خالد بن
جَنْبة: يقال أَما تُعذرني من هذا؟ بمعنى أَما تُنْصِفُني منه. يقال:
أَعْذِرْني من هذا أَي أَنْصِفْني منه. ويقال: لا يُعْذِرُك من هذا الرجل
أَحدٌ؛ معناه لا يُلْزِمُه الذنب فيما تضيف إِليه وتشكوه منه؛ ومنه قول
الناس: مَنْ يَعْذِرُني من فلان أَي من يقوم بعُذْرِي إِن أَنا جازيته
بسُوءِ صنيعه، ولا يُلْزِمُني لوْماً على ما يكون مني إِليه؛ ومنه حديث
الإِفك: فاسْتَعْذَرَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، من عبدالله بن أُبَيّ
وقال وهو على المنبر: من يَعْذِرُني من رجل قد بلغني عنه كذا وكذا؟ فقال
سعد: أَنا أَعْذِرُك منه، أَي من يقوم بعُذري إِن كافأْته على سوء صنيعه
فلا يلومُني؟ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، استعذرَ أَبا بكر
من عائشة، كان عَتَبَ عليها في شيء فقال لأَبي بكر: أَعْذِرْني منها إِن
أَدَّبْتُها؛ أَي قُمْ بعُذْري في ذلك. وفي حديث أَبي الدرداء: مَنْ
يَعْذِرُني من معاوية؟ أَنا أُخْبِرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وهو يخبرني عن نفسه. ومنه حديث علي: مَنْ يَعْذرني من هؤلاء الضَّياطِرة؟
وأَعْذر فلان من نفسه أَي أَتى من قبَل نفسه. قال: وعَذّر يُعذّر نفسه أَي
أَتي من قبل نفسه؛ قال يونس: هي لغة العرب.
وتَعَذَّر عليه الأَمر: لم يستقم. وتَعَذَّر عليه الأَمر إِذا صعب
وتعسر. وفي الحديث: أَنه كان يتعَذَّر في مرضه؛ أَي يتمنّع ويتعسر.
وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذنوبه وعيوبه. وفي التنزيل: قالوا مَعْذِرةٌ
إِلى ربكم؛ نزلت في قوم من بني إِسرائيلَ وعَظُوا الذين اعتدَوْا في
السبت من اليهود، فقالت طائفة منهم: لِمَ تَعِظون قوماً اللهُ مْهْلِكهم؟
فقالوا، يعني الواعظين: مَعْذِرةٌ إِلى ربكم، فالمعنى أَنهم قالوا: الأَمرُ
بالمعروف واجبٌ علينا فعلينا موعظةُ هؤلاء ولعلهم يتقون، ويجوز النصب في
مَعْذِرة فيكون المعنى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى
ربنا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ على مَفْعِلة من عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام
الاعتذار؛ وقول زهير بن أَبي سلمى:
على رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم،
فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر
قال ابن بري: هذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَنشد: ستمنعكم، وصوابه:
فتمنعكم، بالفاء، وهذا الشعر يخاطب به آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطــفان
(*
قوله: «وهم سليم وغطــفان» كذا بالأصل، والمناسب وهوازن بدل وغطــفان كما يعلم
مما بعد) وسليم هو سليم بن منصور بن عكرمة، وهوازن بن منصور بن عكرمة بن
خَصَفة بن قَيْس عَيْلان، وغطــفان هو غطــفان بن سعد بن قيس عيلان، وكان بلغ
زهيراً أَن هوازن وبني سليم يريدون غَزْوَ غطــفان، وفدكَّرهم ما بين
غطــفان وبينهم من الرَّحِم، وأَنهم يجتمعون في النسب إِلى قيس؛ وقبل
البيت:خُذُوا حظَّكم يا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا
أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بالغيب يُذْكَرُ
فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى ما نَسُومُكم
لَمِثْلانِ، بل أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ
معنى قوله على رِسْلِكم أَي على مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قليلاً. وقوله:
سَنُعْدِي وراءكم أَي سنعدي الخيل وراءكم. وقوله: أَو سنعذر أَي نأْتي
بالعُذْر في الذبَّ عنكم ونصنع ما نُعْذَر فيه. والأَوَاصِرُ: القرابات.
والعِذَارُ من اللجام: ما سال على خد الفرس، وفي التهذيب: وعِذَارُ اللجام
ما وقع منه على خَدي الدابة، وقيل: عذَارُ اللجام السَّيْرانِ اللذان
يجتمعان عند القَفا، والجمع عُذُرٌ. وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه
وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وقيل: عَذَّره جعل له عِذَاراً؛ وقول أَبي ذؤيب:
فإِني إِذا ما خُلّةٌ رَثَّ وصلُها،
وجَدَّتْ لصَرْمٍ واستمرّ عِذارُها
لم يفسره الأَصمعي، ويجوز أَن يكون من عِذَار اللجام، وأَن يكون من
التَعَذُّر الذي هو الامتناع؛ وفرس قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان. وفي
الحديث: الفَقْرُ أَزْيَنُ للمؤمن من عِذَارٍ حسَنٍ على خَدِّ فرس؛
العِذَارانِ من الفرس: كالعارِضَين من وجه الإِنسان، ثم سمي السير الذي يكون عليه
من اللجام عِذاراً باسم موضعه. وعَذَرْت الفرس بالعِذَار أَعْذِره
وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه. والعِذَاران: جانبا اللحية لأَن ذلك موضع
العذار من الدابة؛ قال رؤبة:
حتى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذا التَّلَهْوُقِ
يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي ويَرْتَقي
وعِذَارُ الرجل: شعرُه النابت في موضع العِذَار. والعِذَارُ: استواء شعر
الغلام. يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لحيته. والعِذَارُ: الذي
يضُمّ حبلَ الخطام إِلى رأْس البعير والناقة. وأَعْذَرَ الناقة: جعل لها
عِذَاراً. والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سمي بذلك لأَنه موضع
العِذَار من الدابة. وعَذَّرَ الغلامُ: نبت شعرُ عِذَاره يعني خدّه. وخَلَعَ
العِذَارَ أَي الحياء؛ وهذا مثل للشابّ المُنْهَمِك في غَيِّه، يقال:
أَلْقَى عنه جِلْبابَ الحياء كما خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قال
الأَصمعي: خلَع فلان مُعَذَّرَه إِذا لم يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد
بالمُعَذَّر الرَّسن ذا العِذَارين، ويقال للمنهمك في الغيّ: خلَع عِذَارَه؛
ومنه كتاب عبد الملك إِلى الحجاج: اسْتَعْمَلْتُك على العراقين فاخْرُجْ
إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يقال للرجل إِذا عزم على الأَمر:
هو شديد العِذَار، كما يقال في خلافه: فلان خَليع العذار كالفرس الذي لا
لجام عليه، فهو يَعِيرُ على وجهه لأَن اللجام يمسكه؛ ومنه قولهم: خَلَعَ
عِذارَه أَي خرج عن الطاعة وانهمك في الغي. والعِذَارُ: سِمةٌ في موضع
العِذَار؛ وقال أَبو علي في التذكرة: العِذَارُ سِمةٌ على القفا إِلى
الصُّدْغَين. والأَول أَعرف. وقال الأَحمر: من السمات العُذْرُ. وقد عُذِرَ
البعير، فهو مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سمة كالعِذار؛ وقول أَبي وجزة السعدي
واسمه يزيد بن أَبي عُبَيد يصف أَياماً له مضت وطِيبَها من خير واجتماع
على عيش صالح:
إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا،
وإِذا نَحْنُ في حالٍ من العَيْشِ صالحِ
وذو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه،
يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ
قال الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الكثيرة. والمُيَسِّر: الذي قد جاء لبنُه.
وذو حَلَقٍ: يعني إِبلاً مِيسَمُها الحَلَقُ: يقال: إِبلٌ محَلَّقة إِذا
كان سِمَتُها الحَلَق. والأَخْطَارُ: جمع خِطْر، وهي الإِبل الكثيرة.
والعَواذِيرُ: جمع عاذُور، وهو أَن يكون بنو الأَب مِيسَمُهم واحداً، فإِذا
اقتسموا مالهم قال بعضهم لبعض: أَعْذِرْ عني، فيخُطّ في المِيسَم خطّاً
أَو غيره لتعرف بذلك سمة بعضهم من بعض. ويقال: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي
سِمْه بغير سِمَه بعيري لتتعارف إِبلُنا. والعاذُورُ: سِمَةٌ كالخط،
والجمع العَواذِيرُ. والعُذْرةُ: العلامة. والعُذْر: العلامة. يقال: أَعْذِر
على نصيبك أَي أَعْلِمْ عليه. والعُذْرةُ: الناصية، وقيل: هي الخُصْلة
من الشعر وعُرْفُ الفرس وناصيته، والجمعُ عُذَر؛ وأَنشد لأَبي النجم:
مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ
وقال طرفة:
وهِضَبّات إِذا ابتلّ العُذَرْ
وقيل: عُذْر الفرس ما على المِنْسَج من الشعر، وقيل: العُذْرة الشعر
الذي على كاهل الفرس. والعُذَرُ: شعرات من القفا إِلى وسط العنق. والعِذار
من الأَرض: غِلَظٌ يعترض في فضاء واسع، وكذلك هو من الرمل، والجمع عُذْرٌ؛
وأَنشد ثعلب لذي الرمة:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،
عِذارَينِ من جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها
أَي حَبْلين مستطيلين من الرمل، ويقال: طريقين؛ هذا يصف ناقة يقول: كم
جاوزت هذه الناقة من رملة عاقر لا تنبت شيئاً، ولذلك جعلها عاقراً
كالمرأَة العاقر. والأَلاءُ: شجر ينبت في الرمل وإِنما ينبت في جانبي الرملة،
وهما العِذَارانِ اللذان ذكرهما. وجَرْداء: مُنْجَرِدة من النبت الذي ترعاه
الإِبل. والوَعْثُ: السهل. وخُصورُها: جوانبها.
والعُذْرُ: جمع عِذار، وهو المستطيل من الأَرض. وعِذارُ العراق: ما
انْفَسَح عن الطَّفِّ. وعِذارا النصل: شَفْرَتاه. وعِذارا الحائطِ والوادي:
جانباه. ويقال: اتخذ فلان في كَرْمِهِ عِذاراً من الشجر أَي سِكّة مصطفة.
والعُذْرة: البَظْر؛ قال:
تَبْتَلُّ عُذْرتُها في كلّ هاجِرِةٍ،
كما تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ
والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الجلدة يقطعها الخاتن. وعَذَرَ
الغلامَ والجارية يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما: خَنَنَهما؛ قال
الشاعر:في فتْيَةٍ جعلوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ،
حَاشايَ، إِنِّي مسلم مَعْذُورُ
والأَكثر خَفَضْتُ الجارية؛ وقال الراجز:
تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور
والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كله: طعام الختان. وفي
الحديث: الوليمة في الإِعْذار حقٌّ؛ الإِعْذار: الختان. يقال: عَذَرته
وأَعْذَرته فهو معذور ومُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يُطْعم في الختان
إِعْذار. وفي الحديث: كنا إِعْذارَ عامٍ واحد؛ أَي خُتِنّا في عام واحد، وكانوا
يُخْتَنُونِ لِسِنٍّ معلومة فيما بين عشر سنين وخمسَ عشرة. وفي الحديث:
وُلِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَعْذوراً مَسْروراً؛ أَي مختوناً
مقطوع السرة. وأَعْذَرُوا للقوم: عَمِلوا ذلك الطعام لَهم وأَعَدّوه.
والإِعْذارُ والعِذارُ والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة. وعَذَّرَ
الرجلُ: دعا إِليه. يقال: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان ونحوه. أَبو زيد:
ما صُنِع عند الختان الإِعْذار، وقد أَعْذَرْت؛ وأَنشد:
كلّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ:
الخُرْس والإِعْذار والنَّقِيعَهْ
والعِذَار: طعام البِنَاء وأَن يستفيد الرجلُ شيئاً جديداً يتّخذ طعاماً
يدعو إِليه إِخوانه.
وقال اللحياني: العُذْرة قُلْفةُ الصبي ولم يَقُل إِن لك اسم لها قبل
القطع أَو بعده. والعُذْرة: البَكارةُ؛ قال ابن الأَثير: العُذْرة ما
لِلْبِكْر من الالتحام قبل الافتضاض. وجارية عَذْراء: بِكْرٌ لم يمسَّها رجل؛
قال ابن الأَعرابي وحده: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، من قولك
تَعَذَّرَ عليه الأَمرُ، وجمعها عَذارٍ وعَذارى وعَذْراوات وعَذارِي كما تقدم
في صَحارى. وفي الحديث في صفة الجنة: إِن الرجل لَيُفْضِي في الغَداةِ
الواحدة إِلى مائة عَذْراء؛ وفي حديث الاستسقاء:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صدرُها من شدة الجَدْب؛ ومنه حديث النخعي في الرجل يقول
إِنه لم يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قال: لا شيء عليه لأَن العُذْرةَ قد
تُذْهِبُها الحيضةُ والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس. وفي حديث جابر: ما لَكَ
ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ أَي مُلاعَبتِهنّ؛ ومنه حديث عمر:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى
وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها. والاعْتذارُ: الاقْتِضاضُ. ويقال: فلان
أَبو عُذْر فلانة إِذا كان افْتَرَعَها واقتضّها، وأَبو عُذْرَتها.
وقولهم: ما أَنت بذي عُذْرِ هذا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ من اقْتضّه. قال
اللحياني: للجارية عُذْرتانِ إِحداهما التي تكون بها بكراً والأُخرى
فِعْلُها؛ وقال الأَزهري عن اللحياني: لها عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها،
وهو موضع الخفض من الجارية، والعُذْرةُ الثانية قضّتُها، سميت عُذْرةً
بالعَذْر، وهو القطع، لأَنها إِذا خُفِضت قطعت نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت
انقطع خاتمُ عُذْرتِها. والعاذُورُ: ما يُقْطع من مَخْفِض الجارية.
ابن الأَعرابي: وقولهم اعْتَذَرْت إِليه هو قَطْعُ ما في قلبه. ويقال:
اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انقطعت. والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عن حاجته
وقطعُه عما أَمْسَك في قلبه. واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ ومررت بمنزل
مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وقال لبيد:
شهور الصيف، واعْتَذَرَتْ نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال وتَعَذَرَّ
الرسم واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قال أَوس:
فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت،
فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف
وقال ابن ميّادةَ واسمه الرَّمَّاحُ بن أَبرد
(* قوله: «ابن أَبرد» هكذا
في الأَصل) :
ما هاجَ قَلْبك من مَعَارِفِ دِمْنَةٍ،
بالبَرْقِ بين أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ
لَعِبَتْ بها هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ
قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ
البَرْق: جمع برقة، وهي حجارة ورملٌ وطين مختلطة. والأَصالِفُ
والفَدافِدُ: الأَماكن الغليظة الصلبة؛ يقول: درست هذه الآثار غير الأَوْرَقِ
الهامِد، وهو الرماد؛ وهذه القصيدة يمدح بها عبد الواحد بن سليمان ابن عبد
الملك ويقول فيها:
مَنْ كان أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه
نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عبد الواحدِ
سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه،
بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ
(* قوله: «سبقت أَوائله أواخره» هو هكذا في الأصل والشطر ناقص).
نُصِرَ أَي أُمْطِر. وأَرض منصورة: ممطورة. والمُشَرَّعُ: شريعة الماء.
ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وكذلك أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛
وقال ابن أَحمر الباهلي في الاعتذار بمعنى الدُّرُوس:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ،
لله دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟
هل أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟
أَمْ هل لِقَلْبِك عن أُلاَّفِه وطَرُ؟
أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيات، فقد جَعَلَتْ
أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟
ضِعْفُ الشيء: مثلهُ؛ يقول: عِشْت عمرَ رجلين وأَفناه العمر. وقوله: أَم
هل لقلبك أَي هل لقلبك حاجة غير أُلاَّفِه أَي هل له وَطَرٌ غيرهم.
وقوله: أَم كنت تعرف آيات؛ الآيات: العلامات، وأَطْلالُ إِلْفك قد دَرَسَت،
وأُخِذ الاعْتِذارُ من الذنب من هذا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه
بكذِبٍ يُعَفِّي على ذنبه. والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، من قولهم:
اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. والمَعاذِرُ: جمع مَعْذِرة. ومن
أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قال الله عز وجل: بل الإِنسانُ على نفسه
بَصِيرةٌ ولو أَلْقى مَعاذِيرَه؛ قيل: المعاذير الحُجَجُ، أَي لو جادَلَ عنها
ولو أَدْلى بكل حجة يعتذر بها؛ وجاء في التفسير: المَعاذير السُّتور بلغة
اليمن، واحدها مِعْذارٌ، أَي ولو أَلقى مَعاذِيرَه. ويقال: تَعَذَّرُوا
عليه أَي فَرُّوا عنه وخذلوه. وقال أَبو مالك عمرو ابن كِرْكِرَة: يقال
ضربوه فأَعْذَروه أَي ضربوه فأَثْقَلُوه. وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي
أُشْرف به على الهلاك. ويقال: أَعْذَرَ فلان في ظَهْرِ فلان بالسيَاط
إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فيه، وشَتَمه فبالغَ فيه حتى أَثَّر به في سبِّه؛
وقال الأَخطل:
وقد أَعْذَرْن في وَضَحِ العِجَانِ
والعَذْراء: جامِعةٌ توضع في حَلْق الإِنسان لم توضع في عنق أَحد قبله،
وقيل: هو شيء من حديد يعذَّب به الإِنسانُ لاستخراج مال أَو لإِقرارٍ
بأَمر. قال الأَزهري: والعَذَارى هي الجوامع كالأَغْلال تُجْمَع بها الأَيدي
إِلى الأَعناق. والعَذْراء: الرملة التي لم تُوطَأْ. ورَمْلة عَذْراء:
لم يَرْكَبْها أَحدٌ لارتفاعها. ودُرَّة عَذْراءُ. لم تُثْقب. وأَصابعُ
العَذارَى: صِنْف من العِنَب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع
العَذارى المُخَضَّبَةِ. والعَذْراء: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أُراها سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ. والعَذْراءُ: برْجٌ من بروج
السماء. وقال النَّجَّامون: هي السُّنْبُلة، وقيل: هي الجَوْزاء. وعَذْراء:
قرية بالشام معروفة؛ وقيل: هي أَرض بناحية دمشق؛ قال ابن سيده: أُراها
سميت بذلك لأَنها لم تُنْكَ بمكروه ولا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال
الأَخطل:
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ
بنَا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بني الشَّجْب
والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشتد غَمُّ الحرّ، وهي تطلع بعد الشِّعْرى،
ولها وَقْدة ولا رِيحَ لها وتأْخذ بالنفَس، ثم يطلُع سُهَيلٌ بعدها،
وقيل: العُذْرة كواكبُ في آخر المَجَرَّة خمسة. والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ
في الحلق؛ ورجل مَعْذورٌ: أَصابَه ذلك؛ قال جرير:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يا فَرَزْدَقُ كَيْنَها،
غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ
الكَيْنُ: لحم الفرج. والعُذْرة: وجع الحلق من الدم، وذلك الموضع أَيضاً
يسمى عُذْرة، وهو قريب من اللَّهاةِ. وعُذِرَ، فهو مَعْذورٌ: هاجَ به
وجعُ الحلقِ. وفي الحديث: أَنه رأَى صبيّاً أُعْلِقَ عليه من العُذْرةِ؛ هو
وجع في الحلق يهيجُ من الدم، وقيل: هي قُرْحة تخرج في الحَزْم الذي بين
الحلق والأَنف يَعْرِض للصبيان عند طلوع العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى
خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فتلاً شديداً، وتُدْخِلُها في أَنْفِه فتطعَن ذلك
الموضعَ، فينفجرُ منه دمٌ أَسْودُ ربما أَقْرحَه، وذلك الطعنُ يسمى
الدَّغْر. يقال: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه من العُذْرة،
إِن فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يُعَلِّقون عليه عِلاقاً كالعُوذة.
وقوله: عند طلوع العُذْرة؛ خي خمسةُ كواكبَ تحت الشِّعْرى العَبُور، وتسمى
العَذارى، وتطلع في وسط الحرّ، وقوله: من العُذْرة أَي من أَجْلِها.
والعاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قال ابن أَحمر:
أُزاحِمُهم بالباب إِذ يَدْفَعُونَني،
وبالظهرِ، مني من قَرَا الباب عاذِرُ
تقول منه: أَعْذَرَ به أَي ترك به عاذِراً، والعَذِيرُ مثله. ابن
الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وهو الإِبداء:. يقال: قد ظهر عاذِره، وهو
دَبُوقاؤه.
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ.
والعاذِرُ والعَذِرةُ: الغائط الذي هو السَّلح. وفي حديث ابن عمر: أَنه
كره السُّلْت الذي يُزْرَعُ بالعَذِرة؛ يريد الغائطَ الذي يلقيه
الإِنسان. والعَذِرةُ: فناء الدار. وفي حديث عليٍّ: أَنه عاتَب قوماً فقال: ما
لكم لا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟ أَي أَفْنِيَتكم. وفي الحديث: إِن الله
نظيف يُحِبّ النَّظافةَ فنظفوا عَذِراتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود. وفي حديث
رُقَيقة: وهذه عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك، وقيل: العَذِرةُ أَصلها
فِناءُ الدار، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رضي الله عنه، بقوله. قال أَبو
عبيد: وإِنما سميت عَذِراتُ الناس بهذا لأَنها كانت تُلْقَى بالأَفْنِية،
فكُنِيَ عنها باسم الفناء كما كُنِيَ بالغائط وهي الأَرض المطمئنة عنها؛
وقال الحطيئة يهجو قومه ويذكر الأَفنية:
لعَمْرِي لقد جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم
قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ
أَراد: سيئين فحذف النون للإِضافة؛ ومدح في هذه القصيدة إِبِلَهُ فقال:
مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها،
إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ
فقال له عمر: بئس الرجل أَنت إبِلَكَ وتهجو قومَك وفي الحديث: اليهودُ
أَنْتَنُ خَلْقِ الله عَذِرةً؛ يجوز أَن يَعْنِيَ به الفِناءَ وأَن
يَعْنِيَ به ذا بطونِهم، والجمع عَذِرات؛ قال ابن سيده: وإِنما ذكّرتها لأَن
العذرة لا تكسر؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة من ذلك على المثَل، كقولهم
بَرِيءُ الساحةِ. وأَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فيها العَذِرةُ. وتعَذَّرَ من
العَذِرَة أَي تلَطَّخ. وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة.
والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الذي يجلس فيه القوم. وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ
ما يخرج منه فيُرْمَى به؛ هذه عن اللحياني. وقال اللحياني: هي العَذِرة
والعَذِبة. والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد لمسكين
الدارمي:
ومُخاصِم خاصَمْتُ في كَبَدٍ،
مثل الدِّهان، فكان لي العُذْرُ
أَي قاوَمْتُه في مزلّةٍ فثبتت قدمي ولم تَثْبُتْ قدمُه فكان النُّجْحُ
لي. ويقال في الحرب: لمن العُذْرُ؟ أَي النجح والغلبة.
الأَصمعي: لقيت منه غادُوراً أَي شّراً، وهو لغة في العاثُور أَو لثغة.
وترك المطرُ به عاذِراً أَي أَثراً. والعواذِيرُ: جمع العاذِرِ، وهو
الأَثر. وفي حديث علي، رضي الله عنه: لم يَبْقَ لهم عاذِرٌ أَي أَثر.
والعاذِرُ: العِرْقُ الذي يخرُج منه دمُ المستحاضة، واللام أَعرف
(* يريد ان
العاذل، باللام، الأَصمعي عرف من العاذر، بالراء). والعاذِرةُ: المرأَة
المستحاضة، فاعلة بمعنى مفعولة، من إِقامة العُذْر؛ ولو قال إِن العاذِرَ هو
العرف نفسه لأَنه يقوم بِعُذْرِ المرأَة لكان وجهاً، والمحفوظ العاذل،
باللام.
وقوله عز وجل: فالمُلْقِيات ذكْراً عُذْراً أَو نُذْراً؛ فسره ثعلب
فقال: العُذْرُ والنُّذْر واحد، قال اللحياني: وبعضهم يُثَقِّل، قال أَبو
جعفر: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كما تقول رُسُل في رُسْل؛ وقال
الأَزهري في قوله عز وجل: عذراً أَو نذراً، فيه قولان: أَحدهما أَن يكون
معناه فالمُلْقِيات ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، والقول الثاني أَنهما
نُصِبَا على البدل من قوله ذِكْراً، وفيه وجه ثالث وهو أَن تنصِبَهما
بقوله ذكراً؛ المعنى فالملقيات إِن ذَكَرَتْ عذراً أَو نذراً، وهما اسمان
يقومان مقام الإِعْذار والإِنْذار، ويجوز تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
ويقال للرجل إِذا عاتَبَك على أَمر قبل التقدُّم إِليك فيه: والله وما
استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لم تُقَدِّمْ إِليَّ
المَعْذِرةَ والإِنذارَ. والاستعذارُ: أَن تقول له أَعْذِرْني منك.
وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الجوف فحّاشٌ. والعَذَوَّرُ أَيضاً: الشسيء
الخلُق الشديد النفْس؛ قال الشاعر:
حُلْو حَلال الماء غير عَذَوّر
أَي ماؤه وحوضُه مباح. ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: واسع عريض، وقيل شديد؛ قال
كثير بن سعد:
أَرَى خَاليِ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني
كَرِيماً، إِذا ما ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا
ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذلك في الإِبل.
وعُذْرة: قبيلة من اليمن؛ وقول زينب بنت الطثرية ترثي أَخاها يزيد:
يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظالماً،
وكلُّ الذي حَمَّلْتَه فهو حامِلُهْ
إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كان عَذَوَّراً
على الحَيِّ، حتى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه
قوله: وينجيك ظالماً أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ
ومَنَعَ منك. والعَذوَّر: السيء الخلق، وإِنما جعلَتْه عَذوَّراً لشدة
تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه على تعجيل قِراهم حتى تستقل المراجل على
الأَثافيّ. والمَراجلُ: القدور، واحدها مِرْجَل.
دنف: الدَّنَفُ: المَرَضُ اللازِمُ المُخامِرُ، وقيل: هو المرض ما كان.
ورجل دَنَفٌ ودَنِفٌ ومُدْنِفٌ ومُدْنَفٌ: براه المرضُ حتى أَشْفى على
الموت، فمن قال دَنَفٌ لم يُثَنِّهِ ولم يجمعه ولم يؤنثه كأَنه وصف
بالمصدر، ومن كسر ثنَّى وجمع وأَنَّث لا مَحالة فقال: رجل دنِفٌ، بالكسر،
ورجلان دَنِــفان وأَدْنافٌ، وامرأَة دَنِفَةٌ ونِسوة دَنِفاتٌ، ثَنَّيْتَ وجمعت
وأَنَّثتَ. الفراء: رجل دَنَفٌ وضَنًى وقوم دَنَفٌ، قال: ويجوز أَن يثنى
الدَّنَفُ ويجمع فيقال: أَخوانِ دَنَــفانِ وإخْوَتُكَ أَدْنافٌ. الجوهري:
رجل دَنَفٌ وامرأَة دنَف وقوم دنَف يستَوِي فيه المذكر والمؤنث والتثنية
والجمع. وقد دَنِفَ المريض، بالكسر، أَي ثَقُلَ، وأَدْنَفَ مثله،
وأَدْنَفَه يتعدى ولا يتعدى. قال سيبويه: لا يقال دَنِفٌ وإن كانوا قد قالوا
دَنِفٌ يُذْهَب به إلى النسَب، وأَدْنَفَه اللّهُ؛ وقول العجاج:
والشمسُ قد كادَتْ تكون دَنَفا،
أَدْفَعُها بالرَّاحِ كي تَزَحْلَفا
أَي حين اصْفَرَّتْ، أَراد مُداناتها للغُروب فكأَنها دَنَفٌ حينئذ، وهو
استعارة، يقال: دَنِفَتِ الشمسُ وأَدْنَفَتْ إذا دَنَتْ للمَغِيب
واصفرّت.
بسس: بَسَّ السَّويقَ والدقيقَ وغيرهما يَبُسُّه بَسّاً: خلطه بسمن أَو
زيت، وهي البَسِيسَةُ. قال اللحياني: هي التي تُلتُّ بسمن أَو زيت ولا
تُبَلُّ. والبَسُّ: اتخاذ البَسيسَة، وهو أَن يُلتَّ السَّويقُ أَو الدقيق
أَو الأَقِطُ المطحون بالسمن أَو بالزيت ثم يؤكل ولا يطبخ. وقال يعقوب:
هو أَشد من اللَّتِّ بللاً؛ قال الراجز:
لا تَخْبِزَا خَبْزاً وبَسَّا،
ولا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسَا
وذكر أَبو عبيدة أَنه لص من غَطَــفان أَراد أَن يخبز فخاف أَن يعجل عن
ذلك فأَكله عجيناً، ولم يجعل البَسَّ من السَّوقِ اللَّين. ابن سيده:
والبَسِيسَةُ الشعير يخلط بالنوى للإِبل. والبسيسة: خبز يجفف ويدق ويشرب كما
يشرب السويق. قال ابن دريد: وأَحسبه الذي يسمى الفَتُوتُ.
وفي التنزيل العزيز: وبُسَّتِ الجبالُ بَسّاً؛ قال الفراء: صارت
كالدقيق، وكذلك قوله عز وجل
(* قوله «وكذلك قوله عز وجل إلخ» كذا بالأصل وعبارة
متن القاموس وشرحه: وبست الجبال بسّاً أي فتت، نقله اللحياني فصارت أرضاً
قاله الفراء وقال أبو عبيدة فصارت تراباً وقيل نسفت كما قال تعالى ينسفها
ربي نسفاً وقيل سيقت كما قال تعالى وسيرت إلخ.): وسيرت الجبال فكانت
سراباً. وبست: فتت فصارت أَرضاً، وقيل نسفت، كما قال تعالى: ينسفها ربي
نسفاً؛ وقيل: سيقت، كما قال تعالى: وسيرت الجبال فكانت سراباً. وقال الزجاج:
بُسَّتْ لُتَّتْ وخلطت. وبَسَّ الشيءَ إِذا فَتَّتَه. وفي حديث المتعة:
ومعي بُرْدَةٌ قد بُسَّ منها أَي نيلَ منها وبَلِيَتْ. وفي حديث مجاهد: من
أَسماء مكة البَاسَّةُ، سميت بها لأَنها تَحْطِمُ من أَخطأَ فيها.
والبَسُّ: الحَطْمُ، ويروى بالنون من النَّسِّ الطرد.
الأَصمعي: البَسيسَة كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالأَقط ثم تَبُلُّه
بالرُّبِّ أَو مثل الشعير بالنوى للإِبل. يقال: بَسَسْتُهُ أَبُسُّه
بَسّاً. وقال ثعلب: معنى وبُسَّت الجبال بسّاً، خلطت بالتراب. وقال
اللحياني: قال بعضهم: فُتَّتْ، وقال بعضهم: سُوِّيتْ، وقال أَبو عبيدة: صارت
تراباً تَرِباً.
وجاء بالأَمر من حَسِّه وبَسِّه أَي من حيث كان ولم يكن. ويقال: جئْ به
من حِسِّك وبِسِّك أَي ائتِ به على كل حال من حيث شئت. قال أَبو عمرو:
يقال جاء به من حَسِّه وبَسِّه أَي من جهده. ولأَطلُبَنَّه من حَسِّي
وبَسِّي أَي من جُهْدي؛ وينشد:
ترَكَتْ بَيْتي، من الأَشْـ
ـياءِ، قَفْراً، مثلَ أَمْسِ
كلُّ شيءٍ كنتُ قد جَمَّـ
ـعْتُ من حَسِّي وبَسِّي
وبَسَّ في ماله بَسَّةً ووَزَمَ وَزْمَةً: أَذهب منه شيئاً؛ عن
اللحياني.وبِسْ بِسْ: ضرب من زجر الإِبل، وقد أَبَّسَ بها. وبَس بَسْ وبِسْ بِسْ:
من زجر الدابة، بَسَّ بها يَبُسُّ وأَبَسَّ، وقال اللحياني: أَبَسَّ
بالناقة دعاها للحلب، وقيل: معناه دعا ولدها لِتَدِرَّ على حالبها. وقال ابن
دريد: بَسَّ بالناقة وأَبَسَّ بها دعاها للحلب. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، قال: يخرج قوم من المدينة إِلى الشام واليمن
والعراق يُبِسُّون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون؛ قال أَبو عبيد: قوله
يُبِسُّون هو أَن يقال في زجر الدابة إِذا سُقْتَ حماراً أَو غيره: بَسْ
بَسْ وبِسْ بِسْ، بفتح الباء وكسرها، وأَكثر ما يقال بالفتح، وهو صوت الزجر
للسَّوْق، وهو من كلام أَهل اليمن، وفيه لغتان: بَسَسْتُها
وأَبْسَسْتُها إِذا سُقْتَها وزجَرْتها وقلت لها: بِسْ بِسْ، فيقال على هذا يَبُسُّون
ويُبِسِّون.
وأَبَسَّ بالغنم إِذا أَسْلاها إِلى الماء. وأَبْسَسْتُ بالغنم
إِبْسَاساً. وقال أَبو زيد: أَبْسَسْتُ بالمَعَز إِذا أَشلَيْتَها إِلى الماء.
وأَبَسَّ بالإِبل عند الحلب إِذا دعا الفصيل إِلى أُمه، وأَبَسَّ بأُمه له.
التهذيب: وأَبْسَسْتُ بالإِبل عند الحلب، وهو صُويْتُ الراعي تسكن به
الناقة عند الحلب. وناقة بَسُوسٌ: تَدِرُّ عند الإِبْساس، وبَسْبَسَ
بالناقة كذلك؛ وقال الراعي:
لعَاشِرَةٍ وهو قد خافَها،
فَظَلَّ يُبَسْبِسُ أَو يَنْقُر
لعاشرة: بعدما سارت عشر ليال. يُبَسْبِسُ أَي يَبُسُّ بها يسكنها
لتَدِرَّ. والإِبْساسُ بالشفتين دون اللسان، والنقر باللسان دون الشفتين،
والجمل لا يُبَسُّ إِذا استصعب ولكن يُشْلَى باسمه واسم أُمه فيسكن، وقيل،
الإِبْساسُ أَن يمسح ضرع الناقة يُسَكِّنُها لتَدِرَّ، وكذلك تَبُسُّ الريح
بالسحابة. والبُسُسُ: الرُّعاة. والبُسُسُ: النُّوق الإِنْسِيَّة.
والبُسُسُ: الأَسْوِقَةُ الملتوتة.
والإِبْساسُ عند الحلب: أَن يقال للناقة بِسْ بِسْ. أَبو عبيد: بَسَسْتُ
الإِبل وأَبْسَسْت لغتان إِذا زجرتها وقلت بِسْ بِسْ، والعرب تقول في
أَمثالهم: لا أَفعله ما أَبَسَّ عبدٌ بناقته، قال اللحياني: وهو طوافه
حولها ليحلبها.
أَبو سعيد: يُبِسُّون أَي يسيحون في الأَرض، وانْبَسَّ الرجلُ إِذا ذهب.
وبُسَّهُمْ عنك أَي اطردهم. وبَسَسْتُ المالَ في البلاد فانْــبَسَّ إِذا
أَرسلته فتفرق فيها، مثل بَثَثْتُه فانْــبَثَّ. وقال الكسائي: أَبْسَسْتُ
بالنعجة إِذا دعوتها للحلب؛ وقال الأَصمعي: لم أَسمع الإِبْساسَ إِلا في
الإِبل؛ وقال ابن دريد: بَسَسْتُ الغنم قلت لها بَسْ بَسْ. والبَسُوسُ:
الناقة التي لا تَدِرُّ إِلا بالإِبْساسِ، وهو أشن يقال لها بُسُّ بُسُّ،
بالضم والتشديد، وهو الصُّوَيْتُ الذي تُسَكَّنُ به الناقةُ عند الحلب،
وقد يقال ذلك لغير الإِبل.
والبَسُوسُ: اسم امرأَة، وهي خالة جَسَّاس بن مُرَّة الشَّيْباني: كانت
لها ناقة يقال لها سَرَابِ، فرآها كُلَيْبُ وائلٍ في حِماه وقد كَسَرَتْ
بَيْض طير كان قد أَجاره، فَرَمى ضَرْعها بسهم، فَوَثَبَ جَسَّاس علة
كليب فقتله، فهاجت حَربُ بكرٍ وتَغْلِبَ ابني وائل بسببها أَربعين سنة حتى
ضربت بها العرب المثل في الشؤم، وبها سميت حرب البَسُوس، وقيل: إِن الناقة
عقرها جَسَّاسُ بن مرة. ومن أَمثال العرب السائرة «غيره: وفي الحديث»:
هو اَشْأَمُ من البَسُوسِ، وهي ناقة كانت تَدُِرُّ على المُبِسِّ بها،
ولذلك سميت بَسُوساً، أَصابها رجل من العرب بسهم في ضرعها فقتلها. وفي
البَسُوسِ قول آخر روي عن ابن عباس، قال الأَزهري: وهذه أَشْبه بالحق، وروى
بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: واتْلُ عليهم نَبَأَ الذي آتيناه آياتِنا
فانــسَلَخ منها؛ قال: هو رجل أُعْطِيَ ثلاث دعوات يستجاب له فيها، وكان
له امرأَة يقال لها البَسُوسُ، وكان له منها ولد، وكانت له مُحبَّة،
فقالت: اجعل لي منها دعوة واحدة، قال: فلك واحدة فماذا تأْمرين؟ قالت: ادعُ
اللَّه أَن يجعلني أَجمل امرأَة في بني إِسرائيل، فلما علمت أَن ليس فيهم
مثلها رغبت عنه وأَرادت شيئاً آخر، فدعا اللَّه عليها أَن يجعلها كلبة
نَبَّاحَةً فذهبت فيها دعوتان، وجاء بنوها فلقالوا: ليس لنا على هذا قرار،
قد صارت أُمنا كلبة تُعَيِّرُنا بها الناسُ، فادع اللَّه أَن يعيدها إِلى
الحال التي كانت عليها، فدعا اللَّه فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث
في البَسُوس، وبها يضرب المثل في الشُّؤْمِ.
وبُسْ: زجر للحافر، وبَسْ: بمعنى حَسْبُ، فارسية.
وقد بَسْبَسَ به وأَبَسَّ به وأَسَّ به إِلى الطعام: دعاه. وبَسَّ
الإِبل بَسّاً: ساقها؛ قال:
لا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا
وقال ابن دريد: معناه لا تُبْطِئا في الخَبْزِ وبُسَّا الدقيق بالماءِ
فكلاه. وفي ترجمة خبز: الخَبْزُ السَّوْقُ الشديد بالضرب. والبَسُّ: السير
الرقيق. بَسَسْتُ أَبُسُّ بَسّاً وبَسَسْتُ الإِبل أَبُسُّها، بالضم،
بَسّاً إِذا سُقْتَها سوقاً لطيفاً. والبَسُّ: السَّوْقُ اللَّيِّنُ، وقيل:
البَسُّ أَن تَبُلَّ الدَّقيق ثم تأْكله، والخَبْزُ أَن تَخبِزَ
المَلِيلَ. والبَسيسَة عندهم: الدقيق والسويق يلت ويتخذ زاداً. ابن السكيت:
بَسَسْتُ السويقَ والدقيق أَبُسُّه بَسّاً إِذا بللته بشيءٍ من الماء، وهو
أَشد من اللَّتِّ. وبَسَّ الرجلَ يَبُسُّه: طرده ونحاه. وانْبَسَّ:
تَنَحَّى. وبَسَّ عَقاربه: أَرسل نمائمه وأَذاه. وانْبَسَّتِ الحيةُ: انْسابَتْ
على وجه الأَرض؛ قال:
وانْبَسَّ حَيَّاتُ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
وانْبَسَّ في الأَرض: ذهب؛ عن اللحياني وحده حكاه في باب انْبَسَّت
الحيات انْبِساساً، قال: والمعروف عند أَبي عبيد وغيره ارْبَسَّ. وفي حديث
الحجاج: قال للنعمان بن زُرْعَةَ: أَمِنَّ أَهلِ الرَّسِّ والبَسِّ أَنت؟
البَسُّ: الدَّسُّ. يقال: بَسَّ فلان لفلان من يتخبر له خبره ويأَتيه به
أَي دَسَّه إِليه.
والبَسْبَسَة: السِّعايَةُ بين الناس. والبَسْبَسُ: شجرٌ. والبَسْبَسُ:
لغة في السَّبْسَبِ، وزعم يعقوب أَنه من المقلوب. والبِسابِسُ: الكذب.
والبَسْبَس: القَفْرُ. والتُّرَّهات البَسابِسُ هي الباطلُ، وربما قالوا
تُرَّهاتُ البَسابِسِ، بالإِضافة. وفي حديث قُسٍّ: فبينا أَنا أَجول
بَسْبَسَها؛ البَسْبَسُ: البَرُّ المُقْفِرُ الواسع، ويروى سَبْسَبَها، وهو
بمعناه. وبَسْبَس بَوْلَه: كَسَبْسَبَه.
والبَسْباسُ: بَقْلَة: قال أَبو حنيفة: البَسْباسُ من النبات الطيب
الريح، وزعم بعض الرواةى أَنه النانخاه، وأَما أَبو زياد فقال: البَسْباسُ
طَيِّبُ الريح يُشْبِه طَعْمُه طعم الجزر، واحدته بَسْباسَةٌ. الليث:
البَسباسَة بقلة؛ قال الأَزهري: هي معروفة عند العرب؛ قال: والبَسْبَسُ شجر
تتخذ منه الرجال. قال الأَزهري: الذي قالَه الليث في البسبس أَنه شجر لا
أَعرفه، قال: وأَراه أَراد السَّبْسَبَ.
وبَسْباسَةُ: اسم امرأَة، والبَسُوس كذلك.
وبُسٌّ: موضع عند حنين؛ قال عباس بن مِرْداس السُّلَمِيُّ:
رَكَضْتُ الخَيْلَ فيها بين بُسٍّ
إِلى الأَوْراد، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
قال: وأُرى عاهانَ بن كعب إياه عنى بقوله:
بَنِيكَ وهَجْمَةٌ كأَشاءِ بُسٍّ،
غِلاظُ منابِتِ القَصَراتِ كُومُ
يقول: عليك بنيك أَو انظر بنيك، ورفع هجمة على تقدير وهذه هَجْمَةٌ
كالأَشاء ففيها ما يَشْغَلْك عن النعيم.