لقطب الدين: محمد بن محمد الخيضري، الشافعي.
المتوفى: سنة أربع وتسعين وثمانمائة.
غيــب: الــغَيْــبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِـيــابٌ وغُيُــوبٌ؛ قال:
أَنْتَ نَبـيٌّ تَعْلَمُ الــغِـيــابا، * لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا
والــغَيْــبُ: كلُّ ما غاب عنك. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يؤمنون
بالــغَيْــبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبـيُّ، صلى اللّه عليه
وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار. وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم
به، فهو غَيْــبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: يؤمنون باللّه. قال: والــغَيْــبُ
أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب. ويُقال: سمعت
صوتاً من وراء الــغَيْــب أَي من موضع لا أَراه. وقد تكرر في الحديث ذكر
الــغيــب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، أَو غيــر
محصل.
وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْــباً، وغِـيــاباً، وغَيْــبَةً، وغَيْــبُوبةً،
وغُيُــوباً، ومَغاباً، ومَــغِـيــباً، وتَــغَيَّــب: بَطَنَ. وغَيَّــبه هو، وغَيَّــبه
عنه. وفي الحديث: لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت: إِن هذا لَشَتْمٌ ما
غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا: أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب
والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً
عَلاَّمة. وقولهم: غَيَّــبه غَيَــابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه. قال شمر: كلُّ
مكان لا يُدْرَى ما فيه، فهو غَيْــبٌ؛ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما
وراءه، وجمعه: غُيُــوبٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
يَرْمِي الــغُيُــوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه
مُغْضٍ، كما كَشَفَ الـمُسْـتَأْخِذُ الرَّمِدُ
وغابَ الرجلُ غَيْــباً ومَــغِيــباً وتَــغَيَّــبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وقوله
أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ الـمَعْرُوفَ حِلَّ أَلِـيَّةٍ،
ولا عِدَةً، في الناظِرِ الـمُتَــغَيَّــبِ
إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ الـمُتَــغَيَّــبَ موضعَ الـمُتَــغَيِّــبِ؛ قال ابن
سيده: وهكذا وجدته بخط الحامض، والصحيح الـمُتَــغَيِّــب، بالكسر.
والـمُغَايَبةُ: خلافُ الـمُخاطَبة. وتَــغَيَّــبَ عني فلانٌ. وجاءَ في
ضرورة الشعر تَــغَيَّــبَنِي؛ قال امرؤُ القيس:
فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ، * فَقِلْ في مَقِـيلٍ نَحْسُه مُتَــغَيِّــبُ
وقال الفراءُ: الـمُتَــغَيِّــبُ مرفوع، والشعر مُكْـفَـأٌ. ولا يجوز أَن
يَرِدَ على الـمَقيلِ، كما لا يجوز: مررت برجل أَبوه قائم.
وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ: لا داءَ، ولا خُبْنَة، ولا تَــغْيــيبَ.
التَّــغْيِـــيب: أَن لا يَبيعه ضالَّـةً، ولا لُقَطَة.
وقومٌ غُيَّــبٌ، وغُيَّــابٌ، وغَيَــبٌ: غائِـبُون؛ الأَخيرةُ اسم للجمع،
وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ. وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كان جمعاً، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر. وفي حديث أَبي سعيد: إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِـيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَــبٌ أَي رجالُنا غائبون.
والــغَيَــبُ، بالتحريك: جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ.
وامرأَةٌ مُــغِـيــبٌ، ومُــغْيِـــبٌ، ومُــغِـيــبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ ويقال: هي مُــغِـيــبةٌ، بالهاء، ومُشْهِدٌ، بلا هاء.
وأَغابَتِ المرأَةُ، فهي مُــغِـيــبٌ: غابُوا عنها. وفي الحديث: أَمْهِلُوا
حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ الـمُــغِـيــبةُ، هي التي غاب عنها زوجُها. وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُــغِـيــبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً، فَتَعَرَّضَ لها، فقالتْ له: وَيْحَكَ!إِني مُــغِـيــبٌ! فتَرَكها. وهم يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَــغِـيــبُون أَحْياناً. ولا يقال: يَتَــغَيَّــبُونَ. وغابَتِ الشمسُ وغيــرُها من النُّجوم، مَــغِـيــباً، وغِـيــاباً، وغُيــوباً، وغَيْــبُوبة، وغُيُــوبةً، عن الـهَجَري: غَرَبَتْ.
وأَغابَ القومُ: دخلوا في الـمَــغِـيــبِ.
وبَدَا غَيَّــبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَــغَيَّــبَتْ منه؛ وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من الـمَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه، وما تَــغَيَّــبَ منه.
وقال أَبو حنيفة: العرب تسمي ما لم تُصِـبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الــغَيْــبانَ، بتخفيف الياء؛ والــغَيَــابة: كالــغَيْــبانِ. أَبو زياد
الكِلابيُّ: الــغَيَّــبانُ، بالتشديد والتخفيف، من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِـبْه؛ وكذلك غَيَّــبانُ العُروق. وقال بعضهم: بَدَا غَيْــبانُ الشَّجرة، وهي عُرُوقها التي تَــغَيَّــبَتْ في الأَرض، فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ.
والــغَيْــبُ من الأَرض: ما غَيَّــبك، وجمعه غُيُــوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذَا كَرِهُوا الجَمِـيعَ، وحَلَّ منهم * أَراهطُ بالــغُيُــوبِ وبالتِّلاعِ
والــغَيْــبُ: ما اطْمَـأَنَّ من الأَرض، وجمعه غُيــوب. قال لبيد يصف بقرة، أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه:
وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها * عن ظهرِ غَيْــبٍ، والأَنِـيسُ سَقامُها
تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين، فراعها أَي أَفزعها.
وقوله: والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِـيدُونها، فهم
سَقامُها.ووقَعْنا في غَيْــبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ، عن اللحياني.
ووَقَعُوا في غَيــابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها. وغَيــابةُ كلِّ
شيء: قَعْرُه، منه، كالجُبِّ والوادي وغيــرهما؛ تقول: وَقَعْنا في غَيْــبةٍ وغَيَــابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض؛ وفي التنزيل العزيز: في غَيــاباتِ الـجُبِّ. وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِـيــابةً، وغُيُــوباً، وغَيــاباً، وغِـيــاباً، وغَيْــبةً، وفي حرفِ أُبَيٍّ، في غَيْــبةِ الجُبِّ.
والــغَيْــبَةُ: من الــغَيْــبُوبةِ.
والــغِـيــبةُ: من الاغْتِـيابِ.
واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِـياباً إِذا وَقَع فيه، وهو أَن يتكلم
خَلْفَ إنسان مستور بسوء، أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه، فإِن كان صدقاً، فهو غِـيــبةٌ؛ وإِن كان كذباً، فهو البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كذلك جاء عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا يكون ذلك إِلا من ورائه، والاسم: الــغِـيــبةُ. وفي التنزيل العزيز: ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً؛ أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الــغَيْــبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه. وإِذا تناوله بما ليس فيه، فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ. وجاء الـمَــغْيَــبانُ، عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم.
ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع: غابه يَــغِـيــبُهُ إِذا عابه، وذكَر منه ما
يَسُوءُه.
ابن الأَعرابي: غابَ إِذا اغْتَابَ. وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو
شَرٍّ؛ والــغِـيــبَةُ: فِعْلَةٌ منه، تكون حَسَنةً وقَبِـيحةً. وغائِبُ الرجلِ: ما غابَ منه، اسْمٌ، كالكاهِل والجامل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ويُخْبِرُني، عن غَائبِ الـمَرْءِ، هَدْيُه، * كفَى الـهَدْيُ، عَـمَّا غَيَّــبَ الـمَرْءُ، مُخبرا
والــغَيْــبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ. وشاة ذاتُ غَيْــبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَــغَيُّــبه عن العين؛ وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً:
وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْــباً غامِضاً، * قَلِقَ الخَصِـيلَةِ، مِن فُوَيْقِ المفصل
قوله: غَيْــباً، يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه، فجرى
النَّسا بينهما واسْتَبان. والخَصِـيلَةُ: كُلُّ لَـحْمة فيها عَصَبة.
والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه.
وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس، قال: إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ
غُرورُه، وبدا حَصِـيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه. والشاكلة: الطِّفْطِفَةُ.
والفرير: موضعُ الـمَجَسَّة من مَعْرَفَتِه. والـحَصِـيرُ: العَقَبة التي
تَبْدُو في الجَنْبِ، بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع.
الـهَوَازنيُّ: الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ، وهي
الوَهْدَة. وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ من الناسِ؛ قال
وأَنشدني الـهَوَازِنيُّ:
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ، * حَسِـبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي
والغابة: الأَجَمَةُ التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة؛ يقال:
ليثُ غابةٍ. والغابُ: الآجام، وهو من الياء. والغابةُ: الأَجَمة؛ وقال أَبو حنيفة: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قال: وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر، لأَنه مأْخوذ من الــغَيــابةِ. وفي الحديث: ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان من أَثْلِ الغابةِ؛ وفي رواية: من طَرْفاءِ الغابة. قال ابن الأَثير: الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلاَّ أَنه أَعظم منه؛ والغابةُ: غَيْــضَةٌ ذات شجر كثير، وهي على تسعةِ أَميال من المدينة؛ وقال في موضع آخر: هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة، مِن عَواليها، وبها أَموال لأَهلها. قال: وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق، وفي حديث تركة ابن الزبير وغيــر ذلك. والغابة: الأَجمة ذاتُ الشجر الـمُتَكاثف، لأَنها تُــغَيِّــبُ ما فيها.
والغابةُ من الرِّماحِ: ما طال منها، وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وقيل: هي الـمُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح؛ وقيل: هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قال ابن سيده: وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة؛ والجمعُ من كل ذلك: غاباتٌ
وغابٌ. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهَه: كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ.
أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى.
وغابةُ: اسم موضع بالحجاز.
غيــل: الــغَيْــلُ: اللبن الذي ترضِعه المرأَة ولدَها وهي تؤْتَى؛ عن ثعلب؛
قالت أُم تأَبَّط شرًّا تُؤَبِّنُه بعد موته:
ولا أَرضعْته غَيْــلا
وقيل: الــغَيْــل أَن تُرضِع المرأَة ولدَها على حَبَل، واسم ذلك اللبن
الــغَيْــل أَيضاً، وإِذا شربه الولد ضَوِيَ واعْتَلَّ عنه. وأَغالَتِ المرأَة
ولدَها، فهي مُــغِيــلٌ، وأَــغْيَــلَتْه فهي مُــغْيِــل: سقَتْه الــغَيْــل الذي هو
لبن المأْتِيَّة أَو لبن الحبلى، وهي مُــغيــل ومُــغْيِــل، والولد مُغالٌ
ومُــغْيَــل؛ قال امرؤ القيس:
ومِثْلك حُبْلى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً،
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائم مُــغْيَــلِ
(* في المعلّقة: محوِلِ بدل مُــغيِــلِ).
وأَنشد سيبويه:
ومثلك بكراً قد طرقت وثيِّبا
وأَنشد ابن بري للمتنخل الهذلي:
كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئِ الـ
ـبَرْدِيِّ تحت الحَفَإِ المُــغْيِــل
وأَغال فلان ولده إِذا غشيَ أُمّه وهي ترضعه، واسْتَــغْيَــلتْ هي نفسها،
والاسم الــغِيــلة. يقال: أَضرَّت الــغيــلة بولد فلان إِذا أُتيت أُمّه وهي
ترضعه، وكذلك إِذا حَمَلت أُمّه وهي ترضعه. وفي الحديث: لقد هَمَمْت أَن
أَنْهَى عن الــغِيــلة ثم أُخبرت أَن فارس والرُّومَ تفعل ذلك فلا يَضِيرهم.
ويقال: أَــغْيَــلَت الغَنم إِذا نُتِجت في السنة مرتين؛ قال: وعليه قول
الأَعشى:
وسِيقَ إِليه الباقِر الــغُيُــلُ
وقال ابن الأَثير في شرح النَّهْي عن الــغِيــلة، قال: هو أَن يجامع الرجل
زوجته إِذا حملت وهي مرضع، ويقال فيه الــغِيــلَة والــغَيْــلة بمعنى، وقيل:
الكسر للاسم والفتح للمرّة، وقيل: لا يصح الفتح إِلاَّ مع حذف الهاء.
والــغِيــلَة: هو الــغَيْــل، وذلك أَن يجامع الرجل المرأَة وهي مرضع، وقد أَغال
الرجل وأَــغْيَــل. والــغَيْــل والمُغْتال: الساعد الريّان الممتلئ؛ قال:
لَكاعبٌ مائلة في العِطْفَيْن،
بيضاء ذاتُ ساعِدَين غَيْــلَيْن
أَهْوَنُ من ليلي وليلِ الزَّيْدَين،
وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّيْن
وقال المتنخل الهذلي:
كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ، غُلَّت
نَواشِزُه بِوَسْمٍ مُسْتَشاطِ
وقال ابن جني: قال الفراء إِنما سمي المِعصم الممتلئ مُغْتالاً لأَنه
من الغَوْل، وليس بقويّ لوجُودِنا ساعد غَيْــل في معناه. وغلام غَيْــل
ومُغْتال: عظيم سمين، والأُنثى غَيْــلة. والــغَيْــلة، بالفتح: المرأَة السمينة.
أَبو عبيدة: امرأَة غَيْــلة عظيمة؛ وقال لبيد:
ويَبْرِي عِصِيًّا دونها مُتْلَئِبَّةً،
يرى دونها غَوْلاً من التُّرْب غائِلا
أَي تُرْباً كثيراً يَنْهال عليه، يعني ثوراً وحشيّاً يتَّخِذ كِناساً
في أَصل أَرْطاة والتراب والرمل غَلَبه لكثرته؛ وقال آخر:
يتبعْنَ هَيْقاً جافِلاَ مُضَلّلا،
قعُود حنٍّ مستقرّاً أَــغْيَــلا
(* قوله «قعود حن» هكذا في الأصل).
أَراد بالأَــغْيــل الممتلئ العظيم. واغْتال الغلامُ أَي غلُظ وسمن.
والــغَيْــل: الماء الجاري على وجه الأَرض. وفي الحديث: ما سقي بالــغَيْــل فيه
العُشر، وما سقي بالدَّلْو ففيه نصف العُشر؛ وقيل: الــغَيْــل، بالفتح، ما جرى
من المياه في الأَنهار والسَّواقي وهو الفَتْحُ، وأَما الغَلَلُ فهو الماء
الذي يجري بين الشجر. وقال الليث: الــغَيْــل مكان من الــغَيْــضة فيه ماء
مَعِين؛ وأَنشد:
حِجارةُ غَيْــلٍ وارِشات بطُحْلُب
والــغَيْــل: كل موضع فيه ماء من واد ونحوه. والــغَيْــل: العلَم في الثوب،
والجمع أَــغْيــال؛ عن أَبي عمرو؛ وبه فسر قول كثيِّر:
وحَشاً تَعاوَرُها الرِّياح، كأَنها
تَوْشِيح عَصْبِ مُسَهَّم الأَــغْيــالِ
وقال غيــره: الــغَيْــل الواسع من الثياب، وزعم أَنه يقال: ثوب غَيْــل؛ قل
ابن سيده: وكلا القولين في الــغَيْــل ضعيف لم أَسمعه إِلا في هذا التفسير.
والــغِيــلُ: الشجر الكثير الملتفّ، يقال منه: تَــغَيَّــل الشجر، وقيل: الــغِيــلُ
الشجر الكثير الملتف الذي ليس بشَوك؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
أَسَدٌ أَضْبَط، يمشي
بين طَرْفاءٍ وغِيــلِ
وقال أَبو حنيفة: الــغِيــل جماعة القصَب والحَلْفاء؛ قال رؤبة:
في غِيــل قَصْباءٍ وخِيس مُخْتَلَق
والجمع أَــغْيــال. والــغِيــل، بالكسر: الأَجَمة، وموضع الأَسد غِيــل مثل
خِيسٍ، ولا تدخلها الهاء، والجمع غُيــول؛ قال عبد الله بن عجلان النهدي:
وحُقَّة مسك من نِساءٍ لبستها
شبابي، وكأْس باكَرَتْني شَمُولُها
جَدِيدةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها
سَقِيَّةُ بَرْدِيٍّ، نَمَتْها غُيُــولُها
قال ابن بري: والــغُيــول ههنا جمع غَيْــل، وهو الماء يجري بين الشجر لأَن
الماء يسقي والأَجَمة لا تسقي. وفي حديث قس: أَسدُ غِيِــلِ، الــغِيــل،
بالكسر: شجر ملتفّ يستتر فيه كالأَجَمة؛ وفي قصيد كعب:
بِبَطْن عَثَّر غِيــلٌ دونهُ غِيــلُ
وقول الشاعر:
كَذَوائب الحَفَإِ الرَّطيب عَطابه
غِيــلٌ، ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ
غِيــلٌ: الماء الجاري على وجه الأَرض.
والمُــغَيِّــل: النَّابت في الــغِيــل؛ قال المتنخل الهذلي يصف جارية:
كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئ الـ
ـبَرْدِيِّ، تحت الحَفَإِ المُــغْيِــلِ
والمُــغَيِّــل: كالمُــغْيِــل، وقيل: كل شجرة كثرت أَفْنانها وتَمَّت
والتفَّت فهي مُتَــغَيِّــلة. والمِــغْيــال: الشجرة المُلْتَفَّة الأَفْنان الكثيرة
الورق الوافِرَة الظِّلّ. وأَــغْيَــل الشجر وتَــغَيَّــل واسْتَــغْيَــل: عظُم
والتفَّ. ابن الأَعرابي: الغَوائِل خُروق في الحوض، واحدتها غائِلة؛
وأَنشد:وإِذا الذَّنوب أُحِيل في مُتَثَلِّمٍ،
شُرِبت غَوائل مائِهِ وهُزُوم
والغائلة: الحِقْد الباطن، اسم كالوابِلَة. وفلان قليل الغائلة
والمَغالة أَي الشرّ. الكسائي: الغَوائل الدواهي. والــغِيــلة، بالكسر: الخَدِيعة
والاغْتِيال. وقُتِل فلان غِيــلة أَي خُدْعة، وهو أَن يخدعه فيذهب به إِلى
موضع، فإِذا صار إِليه قتله وقد اغْتِيل. قال أَبو بكر: الــغِيــلة في كلام
العرب إِيصال الشرّ والقتل إِليه من حيث لا يعلم ولا يشعُر. قال أَبو
العباس: قتله غِيــلة إِذا قتله من حيث لا يعلم، وفَتَك به إِذا قتله من حيث
يراه وهو غارٌّ غافِل غيــر مستعدٍّ. وغال فلاناً كذا وكذا إِذا وصل إِليه
منه شرّ؛ وأَنشد:
وغالَ امْرَأً ما كان يخشى غوائِلَه
أَي أَوصل إِليه الشرَّ من حيث لا يعلم فيستعدّ. ويقال: قد اغْتاله إِذا
فعل به ذلك. وفي حديث عمر: أَنّ صبيّاً قُتل بصَنْعاء غِيــلة فقَتل به
عمر سبعة أَي في خُفْية واغْتيال وهو أَن يُخدَع ويُقتَل في موضع لا يراه
فيه أَحد. والــغِيــلة: فِعْلة من الاغتيال. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن
أُغْتال من تحتي أَي أُدْهَى من حيث لا أَشعرُ، يريد به الخَسْف.
والــغِيــلة: الشِّقْشِقَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَصْهَبُ هَدّار لكل أَرْكَبِ،
بــغِيــلةٍ تنسلُّ نحو الأَنْيبِ
وإِبل غُيُــل: كثيرة، وكذلك البقر؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
إِنِّي لعَمْر الذي خَطَتْ مَنَاشِبُها
تَخْدِي، وسِيق إِليه الباقِرُ الــغُيُــلُ
ويروى: خَطَتْ مَناسِمُها، الواحد غَيُــول؛ حكى ذلك ابن جني عن أَبي عمرو
الشيباني عن جده. وقال أَبو عمرو: الــغَيُــول المنفرد من كل شيء، وجمعه
غُيُــل، ويروى العُيُل في البيت بعين غيــر معجمة، يريد الجماعة أَي سِيق
إِليه الباقر الكثير. وقال أَبو منصور: والــغُيُــل السِّمان أَيضاً.
وغَيْــلان: اسم رجل. وغَيْــلان بن حُرَيث: من شعرائهم، وكذا وقع في كتاب
سيبويه، وقيل: غَيْــلان حرب، قال: ولست منه على ثقة. واسم ذي الرمة:
غَيْــلان بن عُقْبة؛ قال ابن بري: من اسمه غَيْــلان جماعة: منهم غَيْــلان ذو
الرمة، وغَيْــلان بن حريث الراجز، وغَيْــلان بن خَرَشة الضَّبي، وغيــلان ابن
سلمَة الثقفيّ. وأُمّ غَيْــلان: شجر السَّمُر.
غيــر: التهذيب: غَيْــرٌ من حروف المعاني، تكون نعتاً وتكون بمعنى لا، وله
باب على حِدَة. وقوله: ما لكم لا تَناصَرُون؛ المعنى ما لكم غيــر
مُتَناصرين. وقولهم: لا إِلَه غيــرُك، مرفوع على خبر التَّبْرِئة، قال: ويجوز لا
إِله غيــرَك بالنصب أَي لا إِله إِلاَّ أَنت، قال: وكلَّما أَحللت غيــراً
محلّ إِلا نصبتها، وأَجاز الفراء: ما جاءني غيــرُك على معنى ما جاءني إِلا
أَنت؛ وأَنشد :
لا عَيْبَ فيها غيــرُ شُهْلَة عَيْنِها
وقيل: غيــر بمعنى سِوَى، والجمع أَــغيــار، وهي كلمة يوصف بها ويستثنى، فإِن
وصف بها أَتبعتها إِعراب ما قبلها، وإِن استثنيت بها أَعربتها بالإِعراب
الذي يجب للاسم الواقع بعد إِلا، وذلك أَن أَصل غيــر صفة والاستثناء
عارض؛ قال الفراء: بعض بني أَسد وقُضاعة ينصبون غيــراً إِذا كان في معنى
إِلاَّ، تمَّ الكلام قبلها أَو لم يتم، يقولون: ما جاءني غيــرَك وما جاءني أَحد
غيــرَك، قال: وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى: فمنِ
اضطُرّ غيــرَ باعٍ ولا عادٍ، كأَنه تعالى قال: فمنِ اضطرّ خائفاً لا باغيــاً.
وكقوله تعالى: غيــرَ ناظِرِين إنَاهُ، وقوله سبحانه: غَيــرَ مُحِلِّي
الصيد. التهذيب: غيــر تكون استثناء مثل قولك هذا درهم غيــرَ دانق، معناه إِلا
دانقاً، وتكون غيــر اسماً، تقول: مررت بــغيــرك وهذا غيــرك. وفي التنزيل العزيز:
غيــرِ المغضوب عليهم؛ خفضت غيــر لأَنها نعت للذين جاز أَن تكون نعتاً
لمعرفة لأَن الذين غيــر مَصْمود صَمْده وإِن كان فيه الأَلف واللام؛ وقال أَبو
العباس: جعل الفراء الأَلف واللام فيهما بمنزلة النكرة. ويجوز أَن تكون
غيــرٌ نعتاً للأَسماء التي في قوله أَنعمتَ عليهم وهي غيــر مَصْمود
صَمْدها؛ قال: وهذا قول بعضهم والفراء يأْبى أَن يكون غيــر نعتاً إِلا للّذين
لأَنها بمنزلة النكرة، وقال الأَخفش: غيــر بَدل، قال ثعلب: وليس بممتنع ما
قال ومعناه التكرير كأَنه أَراد صراط غيــرِ المغضوب عليهم، وقال الفراء:
معنى غيــر معنى لا، وفي موضع آخر قال: معنى غيــر في قوله غيــر المغضوب عليهم
معنى لا، ولذلك رُدّت عليها لا كما تقول: فلان غيــر محسِن ولا مُجْمِل،
قال: وإِذا كان غيــر بمعنى سِوى لم يجز أَن يكرّر عليها، أَلا ترى أَنه لا
يجوز أَن تقول عندي سوى عبدالله ولا زيدٍ؟ قال: وقد قال مَنْ لا يعرِف
العربية إِن معنى غَيــر ههنا بمعنى سوى وإِنّ لا صِلَة؛ واحتجّ بقوله:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال الأَزهري: وهذا قول أَبي عبيدة، وقال أَبو زيد: مَن نصَب قوله غيــر
المغضوب فهو قطْع، وقال الزجاج: مَن نصَب غيــراً، فهو على وجهين: أَحدهما
الحال، والآخر الاستثناء. الفراء والزجاج في قوله عز وجل: غيــرَ مُحِلِّي
الصَّيْد: بمعنى لا، جعلا معاً غَيْــرَ بمعنى لا، وقوله عز وجل: غيــرَ
مُتَجانفٍ لإِثمٍ، غيــرَ حال هذا. قال الأَزهري: ويكون غيــرٌ بمعنى ليس كما تقول
العرب كلامُ الله غيــرُ مخلوق وليس بمخلوق. وقوله عز وجل: هل مِنْ خالقٍ
غيــرُ الله يرزقكم؛ وقرئ: غَيْــرِ الله، فمن خفض ردَّه على خالق، ومن رفعه فعلى
المعنى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الفراء: وجائز هل من خالق
(* قوله« هل من
خالق إلخ» هكذا في الأصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ) . غيــرَ
الله، وكذلك: ما لكم من إِله غيــرَه، هل مِنْ خالقٍ إِلا الله وما لكم من إِله
إِلا هُوَ، فتنصب غيــر إِذا كانت محلَّ إِلا.
وقال ابن الأَنباري في قولهم: لا أَراني الله بك غِيَــراً؛ الــغِيَــرُ: من
تــغيَّــر الحال، وهو اسم بمنزلة القِطَع والعنَب وما أَشبههما، قال: ويجوز
أَن يكون جمعاً واحدته غِيــرَةٌ؛ وأَنشد:
ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الــغِيَــرْ
وتــغيَّــر الشيءُ عن حاله: تحوّل. وغَيَّــرَه: حَوَّله وبدّله كأَنه جعله
غيــر ما كان. وفي التنزيل العزيز: ذلك بأَن الله لم يَكُ مُــغَيِّــراً نِعْمةً
أَنعمها على قوم حتى يُــغَيِّــروا ما بأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه حتى
يبدِّلوا ما أَمرهم الله. والــغَيْــرُ: الاسم من التــغيُّــر؛ عن اللحياني؛
وأَنشد:إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الــغيَــرْ
قال: ولا يقال إِلا غَيَّــرْت. وذهب اللحياني إِلى أَن الــغَيْــرَ ليس
بمصدر إِذ ليس له فعل ثلاثي غيــر مزيد. وغَيَّــرَ عليه الأَمْرَ: حَوَّله.
وتَغَايرتِ الأَشياء: اختلفت. والمُــغَيِّــر: الذي يُــغَيِّــر على بَعيره أَداتَه
ليخفف عنه ويُريحه؛ وقال الأَعشى:
واسْتُحِثَّ المُــغَيِّــرُونَ من القَوْ
مِ، وكان النِّطافُ ما في العَزَالي
ابن الأَعرابي: يقال غَيَّــر فلان عن بعيره إِذا حَطّ عنه رَحْله وأَصلح
من شأْنه؛ وقال القُطامي:
إِلا مُــغَيِّــرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وغِيَــرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتــغيِّــرة. وورد في حديث الاستسقاء: مَنْ
يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الــغِيَــرَ أَي تَــغَيُّــر الحال وانتقالَها من الصلاح
إِلى الفساد. والــغِيَــرُ: الاسم من قولك غَيَّــرْت الشيء فتــغيَّــر. وأَما ما
ورد في الحديث: أَنه كَرِه تَــغْيِــير الشَّيْب يعني نَتْفَه، فإِنّ تــغيــير
لونِه قد أُمِر به في غيــر حديث.
وغارَهُم الله بخير ومطَرٍ يَــغِيــرُهم غَيْــراً وغِيــاراً ويَغُورهم: أَصابهم
بمَطر وخِصْب، والاسم الــغِيــرة. وأَرض مَــغِيــرة، بفتح الميم، ومَــغْيُــورة
أَي مَسْقِيَّة. يقال: اللهم غِرْنا بخير وعُرْنا بخير. وغارَ الــغيــثُ
الأَرض يَــغِيــرها أَي سقاها. وغارَهُم الله بمطر أَي سقاهم، يَــغِيــرهم ويَغُورهم.
وغارَنا الله بخير: كقولك أَعطانا خيراً؛ قال أَبو ذؤيب:
وما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عام غِيَــارهِ،
عليه الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها
وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَــغِيــره غَيْــراً: نفعه؛ قال عبد مناف بن ربعيّ
الهُذَلي:
(* قوله «عبد مناف» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: عبد
الرحمن).
ماذا يَــغيــر ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما
لا تَرْقُدانِ، ولا يُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا
يقول: لا يُغني بُكاؤهما على أَبيهما من طلب ثأْرِه شيئاً. والــغِيــرة،
بالكسر، والــغِيــارُ: المِيرة. وقد غارَهم يَــغِيــرهم وغارَ لهم غِيــاراً أَي
مارَهُم ونفعهم؛ قال مالك بن زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قد كبِرت وشاب
رأْسها تؤمِّل بنيها أَن يأْتوها بالغنيمة وقد قُتِلوا:
ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ،
تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَــغِيــرُها
أَي يأْتِيها بالغَنيمة فقد قُتِلوا؛ وقول بعض الأَغفال:
ما زِلْتُ في مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ
لِصِبْيَةٍ أَــغِيــرُهم بِــغَيْــرِ
قد يجوز أَن يكون أَراد أَــغِيــرُهم بِــغَيــرٍ، فــغيَّــر للقافية، وقد يكون
غَيْــر مصدر غارَهُم إِذا مارَهُم. وذهب فلان يَــغيــرُ أَهله أَي يَمِيرهم.
وغارَه يَــغِيــره غَيْــراً: وَداهُ؛ أَبو عبيدة: غارَني الرجل يَغُورُني
ويَــغيــرُني إِذا وَداك، من الدِّيَة. وغارَه من أَخيه يَــغِيــره ويَغُوره
غَيْــراً: أَعطاه الدية، والاسم منها الــغِيــرة، بالكسر، والجمع غِيَــر؛ وقيل:
الــغِيَــرُ اسم واحد مذكَّر، والجمع أَــغْيــار. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لرجل طلَب القَوَد بِوَليٍّ له قُتِلَ: أَلا تَقْبَل
الــغِيَــر؟ وفي رواية أَلا الــغِيَــرَ تُرِيدُف الــغَيَــرُ: الدية، وجمعه أَــغْيــار
مثل ضِلَع وأَضْلاع. قال أَبو عمرو: الــغِيَــرُ جمع غِيــرةٍ وهي الدِّيَةُ؛
قال بعض بني عُذْرة:
لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ،
بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لم تَقْبَلُوا الــغِيَــرَا
(* قوله« بني أميمة» هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني
أمية.)
وقال بعضهم: إِنه واحد وجمعه أَــغْيــار. وغَيَّــرَه إِذا أَعطاه الدية،
وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو
عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَــراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد فــغُيّــر
القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَــراً، وأَصله من التَّــغْيــير؛ وقال أَبو
بكر: سميت الدية غِيَــراً لأَنها غُيِّــرت عن القَوَد إِلى غيــره؛ رواه ابن
السكِّيت في الواو والياء. وفي حديث مُحَلِّم
(* قوله« وفي حديث محلم» أي
حين قتل رجلاً فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الدية، فقام رجل من بني ليث فقال:
يا رسول الله اني لم أجد إلخ.ا هـ. من هامش النهاية) . بن جثَّامة: إني لم
أَجد لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإِسلام مثلاً إِلا غَنَماً وردَتْ
فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّــر غداً؛ معناه أَن
مثَل مُحَلِّمٍ في قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخذَ منه
الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هذه الغَنَم النافِرة؛
يعني إِنْ جَرى الأَمر مع أَوْلِياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم
ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإِسلام معرفتُهم أَن القَوَد يُــغَيَّــر
بالدِّية، والعرب خصوصاً، وهمُ الحُرَّاص على دَرْك الأَوْتار، وفيهم الأَنَفَة
من قبول الديات، ثم حَثَّ رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، على الإِقادة منه
بقوله: اسْنُن اليوم وغَيِّــرْ غداً؛ يريد: إِنْ لم تقتَصَّ منه غَيَّــرْت
سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الكلام على الوجه الذي يُهَيّج المخاطَب
ويحثُّه على الإِقْدام والجُرْأَة على المطلوب منه. ومنه حديث ابن مسعود: قال
لعمر، رضي الله عنهما، في رجل قتل امرأَة ولها أَولياء فعَفَا بعضهم وأَراد
عمر، رضي الله عنه، أَن يُقِيدَ لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّــرت بالدية
كان في ذلك وفاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ وكنتَ قد أَتممت لِلْعافي
عَفْوَه، فقال عمر، رضي الله عنه: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً؛ الجوهري: الــغِيَــرُ الاسم
من قولك غَيَّــرت الشيء فتَــغَيَّــر. والــغَيْــرة، بالفتح، المصدر من قولك
غار الرجل على أَهْلِه. قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته، والمرأَة
على بَعْلها تَغار غَيْــرة وغَيْــراً وغاراً وغِيــاراً؛ قال أَبو ذؤيب يصِف
قُدوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأَنَّها
ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وقال الأَعشى:
لاحَهُ الصَّيْفُ والــغِيــارُ وإِشْفا
قٌ على سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ
ورجل غَيْــران، والجمع غَيــارَى وغُيَــارَى، وغَيُــور، والجمع غُيُــرٌ، صحَّت
الياء لخفّتها عليهم وأَنهم لا يستثقلون الضمة عليها استثقالهم لها على
الواو، ومن قال رُسْل قال غُيْــرٌ، وامرأَة غَيْــرَى وغَيُــور، والجمع
كالجمع؛ الجوهري: امرأَة غَيُــور ونسوة غُيُــرٌ وامرأَة غَيْــرَى ونسوة غَيــارَى؛
وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: إِنَّ لي بِنْتاً وأَنا غَيُــور، هو
فَعُول من الــغَيْــرة وهي الحَمِيّة والأَنَفَة. يقال: رجل غَيــور وامرأَة
غَيُــور بلا هاء لأَنّ فَعُلولاً يشترِك فيه الذكر والأُنثى. وفي رواية: امرأَة
غَيْــرَى؛ هي فَعْلى من الــغَيْــرة. والمِــغْيــارُ: الشديد الــغَيْــرة؛ قال
النابغة:
شُمُسٌ موانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِــغْيــارِ
ورجل مِــغْيــار أَيضاً وقوم مَغايِير. وفلان لا يَتَــغَيَّــر على أَهله أَي
لا يَغار وأَغارَ أَهلَه: تزوّج عليها فغارت. والعرب تقول: أَــغْيَــرُ من
الحُمَّى أَي أَنها تُلازِم المحموم مُلازَمَةَ الــغَيُــور لبعْلها.
وغايَرَه مُغايَرة: عارضه بالبيع وبادَلَه. والــغِيــارُ: البِدالُ؛ قال
الأَعشى:
فلا تَحْسَبَنّي لكمْ كافِراً،
ولا تَحْسبَنّي أُرِيدُ الــغِيــارَا
تقول للزَّوْج: فلا تحسَبَنّي كافراً لِنعْمتك ولا مِمَّن يريد بها
تَــغْيِــيراً. وقولهم: نزل القوم يُــغَيِّــرون أَي يُصْلِحون الرحال. وبَنُو
غِيَــرة: حيّ.
غيــث: الــغَيْــثُ: المطر والكَلأُ؛ وقيل: الأَصلُ المطر، ثم سُمِّي ما
يَنْبُتُ به غَيْــثاً؛ أَنشد ثعلب:
وما زِلْتُ مثلَ الــغَيْــثِ، يُرْكَبُ مرَّةً
فيُعْلى، ويُولَى مَرَّةً، فيُثِيبُ
يقول: أَنا كشجر يؤْكل، ثم يُصيبُه الــغَيْــثُ فيَرْجِعُ أَي يَذْهَبُ
مالي ثم يَعُودُ، والجمع: أَــغْيــاثٌ وغُيــوثٌ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدي:
لها لَجَبٌ حَوْلَ الحِياضِ، كأَنه
تَجاوُبُ أَــغيــاثٍ، لَهُنَّ هَزيمُ
وغاثَ الــغَيْــثُ الأَرضَ: أَصابَها، ويقال: غاثَهم اللهُ، وأَصابَهم
غَيْــثٌ، غاث اللهُ البلادَ يَــغيــثُها غَيْــثاً إِذا أَنزل بها الــغَيْــثَ؛ ومنه
الحديث: فادْعي الله يَــغِيــثُنا، بفتح الياء. وغِيــثَتِ الأَرضُ، تُغاثُ
غَيْــثاً، فهي مَــغِيــثةٌ، ومَــغْيُــوثة: أَصابها الــغَيْــثُ. وغِيــثَ القومُ:
أَصابَهم الــغَيْــثُ. قال الأَصمعي: أَخبرني أَبو عمرو بن العَلاء قال: سمعت ذا
الرُّمة يقول: قاتَلَ اللهُ أَمَةَ بني فلانٍ ما أَفْصَحَها قُلْتُ لها:
كيفَ كان المطرُ عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا. وفي حديث رُقَيقةَ: أَلا
فَغِثْتم ما شئتم غِثتم، بكسر الــغيــن، أَي سُقِيتم الــغَيــثَ، وهو المطر،
والسؤَال منه: غِثنا؛ ومِن الإِغاثة، بمعنى الإِعانة: أَغِثْنا؛ وإِذا
بَنَيتَ منه فعلاً ماضياً لم يُسَمَّ فاعله، قلت: غِثْنا، بالكسر، والأَصل
غُيِــثْنا، فحذفت الياء، وكسرت الــغيــن؛ وربما سُمي السحابُ والنباتُ:
غَيْــثاً.
والــغَيْــث الكَلأُ يَنْبُتُ من ماء السماء. وفي حديث زكاة العسل: إِنما
هو ذبابُ غَيْــثٍ، قال ابن الأَثير: يعني النَّحْلَ، وأَضافه إِلى
الــغَيْــثِ، لأَنه يَطلُبُ النباتَ والأَزهارَ، وهما من تَوابع الــغَيْــثِ. وغَيْــثٌ
مُــغِيــثٌ: عامٌّ. وبئر ذاتُ غَيِّــثٍ أَي ذاتُ مادَّةِ؛ قال رؤبة:
نَغْرِفُ مِن ذي غَيِّــثٍ ونُؤْزِي
(* قوله «قال رؤبة إلخ» صدره كما في التكملة: أَنا ابن أَنضاد إليها
أَرزي تغرف:
الانضاد الاشراف. وأرزي أَسند. أي نفضل عليه ونضعف، بضم النون.)
والــغَيِّــثُ: عَيْلَم الماءِ. وفرس ذو غَيِّــثٍ: على التشبيه، إِذا جاءه
عَدْوٌ بعدَ عَدْوٍ. وغَيَّــثَ الأَعمَى: طلبَ الشيءَ؛ عن كراع، وهو بالعين
أَيضاً، وهو الصحيح؛ قال ابن سيده: وأُرى العين المهملة تصحيفاً.
وغَيَّــثٌ: رجل من طَيِّئٍ. وبنو غَيْــثٍ، أَو غَيِّــثٍ: حَيٌّ. وبَين مَعْدِنِ
النَّقْرة والرَّبَذة موضع يعرف بمُــغِيــثِ ماوانَ، وماؤُه مِلْح.
ومَــغِيــثَة: رَكِيَّةٌ أُخرى، غذبةُ الماءِ، وهي إِحدى مَناهِل الطريق
مما يلي القادِسِيَّةَ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
شَرِبْنَ من ماوانَ ماءً مُرَّا،
ومِنْ مُــغِيــثَ مِثْلَه، أَو شَرَّا
غيــد: غَيِــدَ غَيَــداً وهو أَــغْيَــدُ: مالت عنقُه ولانَتْ أَعْطافُه، وقيل:
استرخت عنقه. وظبي أَــغْيَــدُ كذلك؛ والأَــغْيَــدُ: الوَسنانُ المائلُ
العنق. ويقال: هو يَتَغايدُ في مَشْيِه؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من
قوله:
ولَيْلٍ هَدَيْتُ به فِتْيَةً،
سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَــغْيــدِ
فإِنما أَرادَ الكَرَى الذي يَعُودُ منه الرَّكْبُ غِيــداً، وذلك
لِمَيَلانهم على الرحال من نَشْوَة الكَرى طَورْاً كذا وطَورْاً كذا، لا لأَن
الكَرى نفسَه أَــغْيَــدُ لأَن الــغَيَــدَ إِنما يكون في مُتَجَسِّم والكرى ليس
بجسم. والــغَيَــدُ: النُّعومةُ. والأَــغْيَــدُ من البنات: الناعم المتثني.
والــغَيْــداء: المرأَة المتثنية من اللين، وقد تغايدت في مَشْيِها.
والغادَةُ: الفتاة الناعمة اللينة؛ وكذلك الــغَيْــداءُ بَيِّنَةُ
الــغَيَــدِ، وكلُّ خُوطٍ ناعمٍ مادَ غادٌ. وشجرة غادَةٌ: رَيَّا غَضَّةٌ، وكذلك
الجاريةُ الرَّطْبَةُ الشِّطْبَةُ؛ قال:
وما جَأَبَةُ المِدْرَى خَذولٌ خِلالُها
أَراكٌ بِذِي الرَّيَّانِ، غادٌ صَرِيمُها
وغادَةُ: موضع؛ قال ساعدة
بن جُؤَيَّة الهذلي:
فما راعَهُمْ إِلا أَخوهم، كأَنه،
بَغادَةَ، فتخاءُ العِظامِ تَحومُ
(* قوله «فتخاء العظام» كذا بالأصل وشرح القاموس. والذي بياقوت في
معجمه: فتخاء الجناح بدل العظام وهو المعروف في الأشعار وكتب اللغة، يقال عقاب
فتخاء لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها وغمزتهما وهذا لا يكون إلا من
اللين).
قال ابن سيده: وهو بالياء لأَنا لم نجد في الكلام«غ و د» قال: وكلمة
لأَهل الشِّحْرِ يقولون غِيــدِ غِيــدِ أَي اعْجَلْ، والله أَعلم.
غيــم: الــغَيْــم: السحاب، وقيل: هو أَن لا ترى شمساً من شدة الدَّجْن،
وجمعه غُيــوم وغِيــام؛ قال أَبو حية النميري:
يَلُوحُ بها المُذَلَّقُ مِذْرَياه،
خُروجَ النجمِ من صَلَعِ الــغِيــام
وقد غامَت السماء وأَغامَت وأَــغْيَــمت وتَــغَيَّــمَت وغَيَّــمت، كله بمعنى.
وأَــغيَــم القومُ إذا أصابهم غَيْــم. ويوم غَيُــوم: ذو غَيــم، حُكي عن ثعلب.
والــغَيــم: العطش وحرّ الجوف؛ وأَنشد:
ما زالتِ الدَّلْوُ لها تَعُودُ،
حتى أَفاقَ غَيْــمُها المَجْهُودُ
قال ابن بري: الهاء في قوله لها تعود على بئر تقدم ذكرها، قال: ويجوز
أَن تعود على الإبل أَي ما زالت تعود في البئر لأَجلها. أَبو عبيد:
والــغَيْــمة العطش، وهو الــغَيْــم. أَبو عمرو: الــغيــم والــغَيْــن العطش، وقد غام يَــغِيــم
وغان يَــغِيــن. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتعوذ من
العَيْمة والــغَيْــمة والأَيْمة؛ فالعَيْمة: شدّة الشهوة للبن، والــغَيــمة
شدّة العطش، والأَيمة العُزْبة. وقد غام إلى الماء يَــغِيــم غَيْــمة وغَيَــماناً
ومَــغِيــماً؛ عن ابن الأَعرابي، فهو غَيْــمان، والمرأَة غَيْــمَى؛ وقال
رَبيعة ابن مقروم الضبي يصف أُتُناً:
فَظَلَّتْ صَوافِنَ، خُزْرَ العُيون
إلى الشمس مِن رَهْبةٍ أَن تَــغِيــما
والذي في شعره: فظلت صَواديَ أَي عطاشاً. وشجر غَيْــم: أَشِبٌ مُلتفّ
كــغَيــن. وغَيَّــمَ الطائرُ إذا رفرف على رأْسك ولم يُبعد؛ عن ثعلب، بالــغيــن
والياء عن ابن الأَعرابي. والــغِيــام: اسم موضع؛ قال لبيد:
بَكَتْنا أَرْضُنا لما ظَعَنّا،
وحَيَّيْنا سُفَيْرَةُ والــغِيــام
وغَيَّــمَ الليلُ تــغيــيماً إذا جاء مِثْلَ الــغَيــم. وروى الأزهري عن ابن
السكيت قال: قال عجرمة الأَسدي ما طَلعت الثريا ولا باءت إلا بعاهة
فيُزكَم الناس ويُبْطَنُون ويُصيبهم مرض، وأَكثر ما يكون ذلك في الإبل فإنها
تُقْلَب ويأْخذها عَتَهٌ. والــغيــم: شُعبة من القُلاب. يقال: بعير
مَــغْيُــوم، ولا يكاد المــغيــوم يموت، فأَما المَقْلوب فلا يكاد يُفْرِقُ، وذلك
يُعرف بمَنْخِره، فإذا تنفس منخِره فهو مقلوب، وإذا كان ساكن النَفَس فهو
مــغيــوم.
أغي: جاء منه أَــغْيٌ في قول حَيَّان بن جُلْبة المحاربي:
فسارُوا بــغَيْــثٍ فيه أَــغْيٌ فَغُرَّبٌ،
فَذُو بَقَرٍ فشَابَةٌ فالذَّرائِحُ
قال أَبو عليّ في التَّذْكِرة: أَــغْيٌ ضرب من النبات؛ قال أَبو زيد:
وجمعه أَــغْيــاء، قال أَبو عليّ: وذلك غلط إلا أَن يكون مقلوب الفاء إلى موضع
اللام.