شَرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ ... زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ
شَرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ ... زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ
وحش: الوَحْش: كلُّ شيء من جواب البَرّ مما لا يَسْتأْنس مُؤنث، وهو
وَحْشِيّ، والجمع وُحُوشٌ لا يُكسّر على غير ذلك؛ حمارٌ وحْشَيٌّ وثورٌ
وَحْشِيٌّ كلاهما منسوب إِلى الوَحْشِ. ويقال: حمارُ وَحْشٍ بالإِضافة وحمارٌ
وحْشِيٌّ. ابن شميل: يقال للواحد من الوحْشِ هذا وحْشٌ ضَخْم وهذه شاةٌ
وَحْش، والجماعة هي الوَحْشُ والوُحُوش والوَحِيش؛ قال أَبو النجم:
أَمْسى يَبَاباً، والنَّعامُ نَعَمُهْ،
قَفْراً، وآجَالُ الوَحِيشِ غَنَمُهْ
وهذا مثل ضائِنِ وضَئينٍ. وكل شيء يسْتَوْحِشُ عن الناس، فهو وَحْشِيّ؛
وكل شيء لا يَسْتَأْنس بالناس وَحْشِيٌّ. قال بعضهم: إِذا أَقبل الليلُ
استأْنس كلُّ وَحْشِيٍّ واسْتَوْحَش كل إِنْسِيّ.
والوَحْشةُ: الفَرَقُ من الخَلْوة. يقال: أَخذَتْه وَحْشةٌ. وأَرض
مَوْحُوشةٌ: كثيرة الوَحْشِ. واسْتَوْحَشَ منه: لم يَأْنَسْ به فكان
كالوَحْشيّ؛ وقول أَبي كبير الهذلي:
ولقد عَدَوْتُ وصاحِبي وَحْشِيّةٌ،
تحتَ الرِّداء، بَصِيرةٌ بالمُشْرِف
(* قوله «ولقد عدوت» في شرح القاموس: ولقد غدوت بالغين المعجمة.)
قيل: عَنى بوَحْشِيّة رِيحاً تدخل تحت ثيابه، وقوله بَصِيرة بالمُشْرف
يعني الرِّيحَ أَي من أَشْرَفَ لها أَصابته، والرِّداءُ السَّيفُ. وفي
حديث النجاشي: فنَفَخَ في إِحْلِيل عُمارَةَ فاسْتَوْحَشَ أَي سُحِرَ حتى
جُنَّ فصار يَعْدُو مَع الوَحْشِ في البَرِّية حتى مات، وفي رواية: فطارَ
مع الوَحْشِ. ومكانٌ وَحْشٌ: خالٍ، وأَرض وَحْشةٌ، بالتسكين، أَي قَفْرٌ.
وأَوْحَشَ المكانُ من أَهله وتوَحّشَ: خَلا وذهبَ عنه الناسُ. ويقال
للمكان الذي ذهب عنه الناسُ: قد أَوْحَشَ، وطَلَلٌ مُوحِشٌ؛ وأَنشد:
لِسَلْمى مُوحِشاً طَلَلُ،
يَلُوح كأَنه خِلَلُ
وهذا البيت أَورده الجوهري فقال: لِمَيّةَ موحشاً؛ وقال ابن بري: البيت
لكُيَيّر، قال وصواب إِنشاده: لِعَزَّةَ موحشاً، وأَوْحَشَ المكانَ:
وجَدَه وحْشاً خالياً. وتوَحَّشَت الأَرضُ: صارت وحْشةً؛ وأَنشد الأَصمعي
لعبّاس بن مِرْداس:
لأَسْماءَ رَسْمٌ أَصْبَحَ اليومَ دارِسا،
وأَوْحَشَ منها رَحْرَحانَ فراكِسا
ويروى:
وأَقْفَر إِلاَّ رَحْرَحانَ فراكِسا
ورَحْرَحانُ وراكِس: موضعان. وفي الحديث: لا تَحْقِرَنَّ شيئاً من
المعروف ولو أَن تُؤْنِسَ الوَحْشانَ؛ الوَحْشانُ: المُغْتَمُّ. وقومٌ
وَحاشَى: وهو فَعْلانُ من الوَحْشة ضدّ الأُنْس. والوَحْشةُ: الخَلْوة والهَمُّ.
وأَوْحَشَ المكانُ إِذا صارَ وَحْشاً، وكذلك توحّشَ، وقد أَوْحَشْت
الرجلَ فاسْتَوْحَشَ. وفي حديث عبد اللَّه: أَنه كان يَمْشِي مع رسول اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، في الأَرضِ وَحْشاً أَي وحْدَه ليس معه غيره. وفي
حديث فاطمة بنت قيس: أَنها كانت في مكانٍ وحْشٍ فخِيفَ على ناحِيتها أَي
خَلاءٍ لا ساكنَ به. وفي حديث المدينة: فيَجدانه وَحْشاً. وفي حديث ابن
المسيب وسئل عن المرأَة: هي في وَحْشٍ من الأَرض. ولَقِيَه بوَحْشِ
إِصْمِتَ وإِصْمِتَةَ، ومعناه كمعنى الأَول، أَي ببلد قَفْر. وتركته بوَحْشِ
المَتْنِ أَي بحيث لا يُقْدر عليه، ثم فسّر المَتْنَ فقال: وهو المتنُ من
الأَرض وكلُّه من الخَلاء.
وبلادٌ حِشُون: قَفْرةٌ خالية؛ وأَنشد:
منازلُها حِشُونا
على قياس سِنُونَ وفي موضع النصب والجرّ حِشِينَ مثل سِنِينَ؛ وأَنشد:
فأَمْسَتْ بَعْدَ ساكِنها حِشِينَا
قال أَبو منصور: حِشُون جمعُ حِشَةٍ وهو من الأَسماء الناقصة، وأَصلُها
وِحْشةٌ فنُقِصَ منها الواوُ كما نَقَصُوها من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَة، ثم
جَمَعُوها على حِشِينَ كما قالوا عِزِينَ وعِضِينَ من الأَسماء الناقصة.
وباتَ وَحْشاً ووَحِشاً أَي جائعاً لم يأْكل شيئاً فخلا جَوفُه، والجمع
أَوْحاشٌ. والوَحْشُ والمُوحِشُ: الجائعُ من الناس وغيرهم لخُلُوِّهِ من
الطعام. وتوَحَّشَ جوفُه: خَلا من الطعام. ويقال: تَوَحَّشْ للدَّواء أَي
أَخْل جوفَك له من الطعام. وتوَحَّشَ فلان للدَّواء إِذا أَخلى
مَعِدَتَه ليكون أَسْهَلَ لخروج الفُضول من عُروقه. والتوَحُّشُ للدواء.
الخُلُوُّ له. ويقال للجائع الخالي البطن: قد توَحَّشَ. أَبو زيد: رجل مُوحِشٌ
ووحْشٌ ووحِشٌ وهو الجائع من قوم أَوْحاشٍ. ويقال: بات وَحْشاً ووَحِشاً
أَي جائعاً. وأَوْحَشَ الرجلُ: جاعَ. وبِتْنا أَوْحاشاً أَي جِياعاً. وقد
أَوْحَشْنا مُذْ لَيْلَتانِ أَي نِفِدَ زادُنا؛ قال حُمَيد يصف ذئباً:
وإِن بات وحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها
ذِراعاً، ولم يُصْبِحْ بها وهو خاشِعُ
وفي الحديث: لقد بِتْنا وَحْشِينَ ما لنا طعام. يقال: رجل وَحْشٌ،
بالسكون، من قوم أَوْحاشٍ إِذا كان جائعاً لا طعام له؛ وقد أَوْحَشَ إِذا جاع.
قال ابن الأَثير: وجاء في رواية الترمذي: لقد بِتْنا لَيْلتَنا هذه
وَحْشى، كأَنه أَراد جماعةَ وحْشِيٍّ؛ والوَحْشِيُّ والإِنْسِيُّ: شِقَّا
كلِّ شيء. ووَحْشِيُّ كلِّ شيء: شِقُّه الأَيْسَرُ، وإِنْسِيُّه شِقُّه
الأََيْمنُ، وقد قيل بخلاف ذلك. الجوهري: والوَحْشِيُّ الجانبُ الأَيْمن من
كل شيء؛ هذا قول أَبي زيد وأَبي عمرو؛ قال عنترة:
وكأَنما تَنْأَى بجانب دَفّها الـ
ـوَحْشِيّ من هَزَجِ العَشِيّ مُؤوَّم
وإِنما تَنْأَى بالجانب الوَحْشِيّ لأَنَّ سوطَ الراكب في يده اليمنى؛
وقال الراعي:
فمالَتْ على شِقِّ وَحْشِيِّها،
وقدْ رِيعَ جانِبُها الأَيْسَرُ
ويقال: ليس من شيء يَفْزَع إِلا مال على جانبه الأَيمن لأَن الدابة لا
تؤْتى من جانبها الأَيْمَن وإِنما تُؤْتى في الاحْتِلاب والركُوبِ من
جانبها الأَيْسر، فإِنما خَوْقُه منه، والخائف إِنما يَفِرّ من موضع المخافة
إِلى موضع الأَمْن. والأَصمعي يقول: الوحْشِيُّ الجانبُ الأَيْسرُ من كل
شيء. وقال بعضهم: إِنْسِيُّ القَدَمِ ما أَقْبَلَ منها على القدم
الأُخرى، ووَحْشِيُّها ما خالفَ إِنْسِيَّها. ووَحْشِيُّ القَوْسِ
الأَعْجمِيّةِ: ظَهرُها، وإِنْسِيُّها: بَطنُها المُقْدِمُ عليك، وفي الصحاح:
وإِنْسِيُّها ما أَقْبَل عليك منها، وكذلك وَحْشِيُّ اليدِ والرجْل
وإِنْسِيُّهما، وقيل: وحْشِيُّها الجانبُ الذي لا يقع عليه السَّهمُ، لم يَخُصَّ بذلك
أَعْجميّةٌ من غيرها. ووَحْشِيُّ كلِّ دابة: شِقَّه الأَيمن،
وإِنْسِيُّه: شقُّه الأَيسر. قال الأَزهري: جوّدَ الليثُ في هذا التفسير في
الوَحْشِيّ والإِنْسِيّ ووافَقَ قولُه قول الأَئمة المُتْقِنِينَ. ورُوي عن
المفضل وعن الأَصمعي وعن أَبي عبيدة قالوا كلُّهم: الوَحْشِيُّ من جميع
الحيوان ليس الإِنسان، هو الجانبُ الذي لا يُحْلَب منه ولا يُرْكَبُ،
والإِنسيُّ الجانبُ الذي يَرْكَب منه الراكب ويَحْلُب منه الحالب. قال أَبو
العباس: واختلف الناس فيهما من الإِنسان، فبعضهم يُلْحِقه في الخيل والدواب
والإِبل، وبعضهم فرّق بينهما فقال: الوَحْشِيّ ما وَليَ الكتِفَ،
والإِنْسِيُّ ما وَليَ الإِبْطَ، قال: هذا هو الاختيار ليكون فرقاً بين بني آدم
وسائرٍ الحيوان؛ وقيل: الوَحْشِيُّ من الدابة ما يَرْكب منه الراكبُ
ويَحْتَلِبُ منه الحالبُ، وإِنما قالوا: فَجالَ على وَحْشِيّه وانْصاعَ جانبُه
الوَحْشِيُّ لأَنه لا يؤْتى في الركوب والحلب والمُعالجة وكلِّ شيء إِلا
منه فإِنما خوْفُه منه، والإِنْسِيُّ الجانبُ الآخر؛ وقيل: الوحشي الذي لا
يُقدَر على أَخذ الدابة إِذا أَفْلَتت منه وإِنما يؤخذ من الإِنْسِيّ،
وهو الجانب الذي تُرْكب منه الدابة. وقال ابن الأَعرابي: الجانب الوَحِيشُ
كالوَحْشِيّ؛ وأَنشد:
بأَقدامِنا عن جارِنا أَجنَبِيّة
حَياء، وللمُهْدى إِليه طَريقُ
لِجارتِنا الشِّقُّ الوَحِيشُ، ولا يُرى
لِجارتِنا منّا أَخٌ وصديقُ
وتَوَحَّشَ الرجلُ: رَمى بثوبه أَو بما كان. ووَحَشَ بِثَوْبه وبسيفه
وبرُمْحه، خَفِيف: رَمى؛ عن ابن الأَعرابي، قال: والناسُ يقولون وَحَّشَ،
مُشَدَّداً، وقال مرّة: وحَشَ بثوبه وبدِرْعه ووَحَّش، مخفف ومثقَّل، خافَ
أَن يُدْرَك فرَمى به ليُخَفِّفَ عن دابته. قال الأَزهري: ورأَيت في
كتابٍ أَن أَبا النجم وَحَّشَ بثيابه وارْتَدَّ يُنْشِد أَي رَمى بثيابه.
وفي الحديث: كانَ بين الأَوْس والخَزْرج قِتال فجاء النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، فلما رآهم نادى: أَيُّها الناسُ اتَّقوا اللَّه حق تُقاتِه
«الآيات» فوَحَّشُوا بأَسْلحتهم واعْتَنَق بعضُهم بعضاً أَي رَمَوْها؛ قالت
أُم عمرو بنت وَقْدانَ:
إِن أَنتُمُ لم تَطْلُبوا بأَخِيكُم،
فذَرُوا السِّلاحَ وَوَحِّشُوا بالأَبْرَقِ
وفي حديث عليّ، رضي اللَّه عنه: أَنه لَقي الخوارجَ فوَحَّشُوا
برِماحِهم واستَلّوا السيوف؛ ومنه الحديث: كان لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه
وسلم، خاتم من حديد
(* قوله «من حديد» الذي في النهاية من ذهب.) فَوَحَّشَ به
بين ظَهْرانَيْ أَصحابهِ فَوحّشَ الناسُ بخواتيمهم، وفي الحديث: أَتاه
سائلٌ فأَعطاه تمرةً َوَحَّشَ بها. والوحشي من التِّين: ما نَبَت في
الجبال وشَواحِط الأَوْدية، ويكون من كل لون: أَسود وأَحمر وأَبيض، وهو أَصغر
التين، وإِذا أَكل جَنِيّاً أَحْرق الفم، ويُزَبَّبُ؛ كل ذلك عن أَبي
حنيفة.
ووَحْشِيٌّ: اسم رجل، ووَحْشِيَّةُ: اسم امرأَة؛ قال الوَقَّافُ أَو
المرّار الفقعسي:
إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَةُ النَّجْدَ لم يكن
لِعَيْنَيك، مما تَشْكُوانِ، طَبِيبُ
والوَحْشةُ: الخَلْوةُ والهَمُّ، وقد أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ.
ظبا: الظُّبَة: حدّ السيف والسِّنانِ والنِّصْل والخَنجر وما أَشْبه
ذلك. وفي حديث قَيْلة: أَنها لمَّا خرجت إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَدركها عمُّ بناتِها قال فأَصابَتْ ظُبَةُ سيفِه طائفةً من قُرون رأْسه؛
ظُبَة السيف: حَدُّه، وهو ما يَلي طَرَف السيف، ومثله ذُبابه؛ قال
الكميت:يَرَى الرَّاؤُونَ، بالشَّفَرات، مِنَّا
وَقُودَ أَبي حُباحِبَ والظُّبِينا
والجمع ظُباتٌ وظِبُونَ وظُبُونَ؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا عليه
بالواو لمكان الضمة لأَنها كأَنها دليل على الواو، مع أَن ما حذفت لامه واواً
نحو أَب وأَخ وحَمٍ وهَنٍ وسَنَة وعِضَة فيمن قال سَنَوات وعِضَوات أَكثر
مما حذفت لامُه ياءً، ولا يجوز أَن يكون المحذوف منها فاء ولا عيناً،
أَما امتناع الفاء فلأَن الفاء لم يَطَّرِد حذفها إِلا في مصادر بنات الواو
نحو عِدَة وزِنَة وحِدَة، وليست ظُبَة من ذلك، وأَوائل تلك المصادر
مكسورة وأَول ظُبَةٍ مضموم، ولم يحذف فاء من فُعْلة إِلا في حرف شاذ لا نظير
له وهو قولهم في الصِّلة صُلة، ولولا المعنى وأَنَّا قد وجدناهم يقولون
صِلَة في معناها، وهي محذوفة الفاء من وَصَلْت، لما أَجَزْنا أَن تكون
محذوفة الفاء، فقد بطل أَن تكون ظُبَة محذوفة الفاء، ولا تكون أَيضاً محذوفة
العين لأَن ذلك لم يأْت إِلا في سه ومه، وهما حرفان نادران لا يقاس
عليهما. وظُبَةُ السيف وظُبَةُ السَّهْم: طَرَفُه؛ قال بَشامة بن حرى
النَّهْشلي:
إِذا الكُماةُ تَنَحَّوْا أَن يَنالهُم
حَدُّ الظُّبات، وصَلْناها بأَيدينا
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: نافحوا بالظُّبَى؛ هي جمع ظُبة السيف، وهو
طَرَفُه وحَدُّه. قال: وأَصل الظُّبَة ظُبَوٌ، بوزن صُرَد، فحذفت الواو
وعوّض منها الهاء. وفي حديث البراء: فوضَعْتُ ظَبيبَ السيف في بطنه؛ قال
الحربي: هكذا روي وإِنما هو ظُبَة السيف، وهو طَرَفه، وتجمع على الظُّبات
والظُّبِين، وأَما الضَّبيب، بالضاد، فَسَيَلانُ الدم من الفم وغيره؛
وقال أَبو موسى: إنما هو بالصاد المهملة، وقد تقدم ذكره. ويقال لِحَدِّ
السكين: الغِرار والظُّبَة والقُرْنَةُ، ولِجانِبِها الذي لا يقطع: الكَلُّ.
والظُّبَة: جنس من المَزاد.
التهذيب: الظَّبْية شبه العِجْلة والمَزادة، وإِذا خرج الدجَّال تخرج
قُدَّامه امرأَة تسمى ظَبْيَةَ، وهي تُنْذِر المسلمين به. والظَّبْية:
الجِراب، وقيل: الجراب الصغير خاصة، وقيل: هو من جلد الظِّباء. وفي الحديث:
أَنه أُهْدِي للنبي، صلى الله عليه وسلم، ظَبْية فيها خَرَزٌ فأَعطى
الآهِلَ منها والعَزَبَ؛ الظبية: جِراب صغير عليه شعر، وقيل: شِبْه الخَريطة
والكِيس. وفي حديث أَبي سعيد مولى أَبي أُسيد قال: التَقَطْتُ ظَبْيةً
فيها أَلف ومائتا درهم وقُلْبانِ من ذهب أَي وَجَدْت، وتُصَغَّر فيقال
ظُبَيَّة، وجمعها ظِباء؛ وقال عَدِيّ:
بَيْتِ جُلُوفٍ طَيِّبٍ ظِلُّهُ،
فيه ظِباءٌ ودَاواخِيلُ خُوصْ
وفي حديث زَمْزَم: قيل له أَحْفِرْ ظَبْية، قال: وما ظَبْيَةُ؟ قال:
زَمْزَم؛ سميت به تشبيهاً بالظَّبية الخَريطة لجمعها ما فيها.
الظَّبْيُ: الغزال، والجمع أَظْبٍ وظِباءٌ وظُبِيٌّ. قال الجوهري:
أَظْبٍ أَفْعُلٌ، فأَبدلوا ضمة العين كسرة لتسلم الياء، وظُبِيٌّ على فُعُول
مثل ثَدْيٍ وثُدِيّ، والأُنثى ظَبْية، والجمع ظَبَياتٌ وظِباء. وأَرض
مَظْباةٌ: كثيرة الظِّباء. وأَظْبَتِ الأَرض: كثرَ ظِباؤها. ولك عندي مائةٌ
سِنَّ الظَّبيِ أَي هنَّ ثُنْيان لأَن الظبي لا يزيد على الإِثْناء؛
قال:فجاءت كسِنِّ الظَّبْي، لم أَرَ مِثْلَها
بَوَاءَ قَتيل، أَو حَلُوبَة جائع
ومن أَمثالهم في صِحَّة الجسم: بفلان داء ظَبْيٍ؛ قال أَبو عمرو: معناه
أَنه لا داء به، كما أَن الظَّبْيَ لا داء به؛ وأَنشد الأُموي:
فلا تَجْهَمِينا، أُمَّ عَمْرٍو، فإِنما
بِنا داءُ ظَبْيٍ، لم تَخُنه عَوامِلُه
قال أَبو عبيد: قال الأُموي وداء الظَّبي أَنه إِذا أَراد أَن يَثِبَ
مكث ساعة ثم وَثَب. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَمر
الضحاك بن قيس أَن يأْتي قومه فقال إذا أَتَيْتَهم فارْبِضْ في دارهم ظَبْياً؛
وتأْويله أَنه بعثه إَلى قوم مشركين ليَتَبصَّر ما هم عليه ويتجسس
أَخبارهم ويرجع إليه بخبرهم وأَمره أَن يكون منهم بحيث يراهم ويَتَبَيَّنُهُم
ولا يستمكنون منه، فإِن أَرادوه بسوء أَو رابَه منهم رَيْبٌ تَهَيّأَ له
الهَرَب وتَفَلَّتَ منهم، فيكون مثل الظَّبْي الذي لا يَرْبِض إِلا وهو
متباعد متوحَش بالبلد القَفْر، ومتى ارتاب أَو أَحَسَّ بفَزَع نَفَر، ونصب
ظَبْياً على التفسير لأَن الرُّبوض له، فلما حوّل فعله إِلى المخاطب
خَرَج قوله ظبْياً مفسِّراً؛ وقال القتيبي: قال ابن الأَعرابي أَراد أَقِم
في دارهم آمِناً لا تَبْرح كأَنك ظَبْيٌ في كِناسه قد أَمِن حيث لا يرى
إنساً. ومن أَمثالهم: لأَتْرُكَنَّه تَرْكَ الظَّبْي ظِلَّه، وذلك أَن
الظَّبْيَ إِذا تَرَك كِناسه لم يَعُد إِليه؛ يقال ذلك عند تأْكيد رفض الشيء،
أَيَّ شيء كان. ومن دعائهم عند الشَّماتة: بهِ لا بِظَبْيٍ أَي جَعَلَ
اللهُ تعالى ما أَصابه لازماً له؛ ومنه قول الفرزدق في زياد:
أَقُولُ له لمَّا أَتانا نَعِيُّه:
به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمةِ أَعْفَرَا
والظَّبْيُ: سِمَةٌ لبعض العرب؛ وإِياها أَراد عنترة بقوله:
عَمْرَو بْنَ أَسْوَدَ فَازَبَّاءَ قاربةٍ ماءَ
الكُلابِ عليها الظَّبْيُ، مِعْناقِ
(* فا زبَّاء أي فم زباء.)
والظَّبْية: الحَيَاء من المرأَة وكلِّ ذي حافِرٍ. وقال الليث:
والظَّبْيَة جَهاز المرأَة والناقة، يعني حَيَاءَها؛ قال ابن سيده: وبعضهم يجعل
الظَّبْية للكَلْبة؛ وخَصَّ ابن الأَعرابي به الأَتانَ والشاةَ
والبَقَرةَ. والظَّبْيةُ من الفَرس: مَشَقُّها وهو مَسْلَكُ الجرْدان فيها.
الأَصمعي: يقال لكلِّ ذات خُفٍّ أَو ظِلْفٍ الحَيَاءُ، ولكلِّ ذات حافرٍ
الظَّبْية؛ وللسباع كلّها الثَّفْر.
والظَّبْيُ: اسم رجل. وظَبْيٌ: اسمُ موضع، وقيل: هو كَثِيبُ رَمْل،
وقيل: هو وادٍ، وقيل: هو اسم رَمْلة؛ وبه فُسِّر قولُ امرئ القيس:
وتَعْطُو برَخْصٍ غيرِ شَثْنٍ كأَنه
أَسارِيعُ ظَبْيٍ، أَو مَسَاويكُ إِسْحِل
ابن الأَنباري: ظُباء اسم كثيب بعينه؛ وأَنشد:
وكَفّ كَعُوَّاذِ النَّقا لا يَضيرُها،
إِذا أُبْرِزَتْ، أَن لا يكونَ خِضابُ
(* قوله« كعوّاذ النقا إلخ» هكذا
في الاصول التي بأيدينا، ولا شاهد فيه على هذه الرواية، ولعله روي:
كعوّاذ الظبا.)
وعُوَّاذ النَّقا: دوابُّ تشبه العَظَاء، واحدتها عائذة تَلْزم الرملَ
لا تَبْرَحُه، وقال في موضع آخر: الظُّباءُ وادٍ بِتهامة. والظَّبية:
مُنْعَرَج الوادي، والجمع ظِبَاء، وكذلك الظُّبَة، وجمعها ظُباءٌ، وهو من
الجمع العزيز؛ وقد روي بيت أَبي ذؤيب بالوجهين:
عَرَفْتُ الديارَ لأُمّ الرَّهيـ
ـنِ بينَ الظُّباء فَوَادِي عُشَرْ
قال: الظُّباء جمع ظُبَة لمُنْعَرج الوادي، وجعل ظُبَاءً مثل رُخالٍ
وظُؤارٍ من الجمع الذي جاء على فُعال، وأَنكر أَن يكون أَصلَه ظُبًى ثم
مَدَّه للضرورة؛ وقال ابن سيده: قال ابن جني ينبغي أَن تكون الهمزةُ في
الظُّباءِ بدلاً من ياءٍ ولا تكون أَصلاً، أَمّا ما يدفع كونَها أَصلاً
فلأَنهم قد قالوا في واحِدِها ظُبَة، وهي مُنْعَرَج الوادي، واللامُ إِنما
تُحْذَف إِذا كانت حرفَ علَّة، ولو جَهِلْنا قولَهم في الواحد منها ظُبَة،
لحكمنا بأَنها من الواو اتِّباعاً لما وَصَّى به أَبو الحسن من أَن اللاَّم
المحذوفة إِذا جُهِلَت حُكم بأَنها واوٌ، حَمْلاً على الأَكثر، لكنَّ
أَبا عبيدة وأَبا عمرو الشيباني روياه بين الظِّباء، بكسر الظاء وذكرا أَن
الواحد ظَبْية، فإذا ظهرت الياء لاماً في ظبية وجب القَطْع بها ولم يَسُغ
العدولُ عنها، وينبغي أَن يكون الظُّباء المضموم الظاء أَحدَ ما جاء من
الجُمُوع على فُعال، وذلك نحو رُخال وظُؤَارٍ وعُراق وثُناء وأُناسٍ
وتُؤَامٍ ورُباب، فإن قلت: فلعله أَراد ظُبًى جمع ظُبَة ثم مدّ ضرورة؟قيل: هذا
لو صح القصر، فأَما ولم يثبت القصرُ من جهة فلا وجه لذلك لتركك القياسَ
إِلى الضرورة من غير ضرورة، وقيل: الظِّباءُ في شعر أَبي ذؤيب هذا وادٍ
بعينه. وظَبْيةُ: موضعٌ؛ قال قيس بن ذريح:
فغَيْقَةُ فالأَخْيافُ، أَخْيافُ ظَبْيةٍ،
بها من لُبَيْنى مَخْرَفٌ ومَرابِعُ
وعِرْقُ الظُّبْية، بضم الظاء: موضع على ثلاثة أَميال من الرَّوْحاء به
مسجدُ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وفي حديث عمرو بن حزم: من ذي
المروة إِلى الظَّبْية؛ وهو موضع في ديار جُهينة أَقْطعه النبي، صلى
الله عليه وسلم، عَوْسَجَة الجُهَني.
والظُّبْية: اسم موضع ذكره ابن هشام في السيرة.
وظَبْيا: اسم رجل، بفتح الظاء.
ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛ والجمع أَضُبٌّ مثل كَفٍّ وأَكُفٍّ، وضِـبابٌ وضُبَّانٌ، الأَخيرة عن اللحياني. قال: وذلك إِذا كَثُرَتْ جِدّاً؛ قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الفرق، لأَنَّ فِعَالاً وفُعْلاناً سواء في أَنهما بناءَان من أَبنية الكثرة، والأُنثى: ضَبَّة. وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِـبَةٌ: كثيرةُ الضِّباب. التهذيب: أَرضٌ ضَبِـبَةٌ؛ أَحدُ ما جاءَ على أَصله. قال أَبو منصور: الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق،طويلُ
الذَّنَب، كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة؛ ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين. وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد، وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر. والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً؛ وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه، ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبـى والعُشْبَ، ولا يأْكل الـهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب، والحيات، والـحَرابِـيَّ، والخنافس، ولحمه دُرْياق، والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه.
وضَبِـبَ البلدُ ، (1)
(1 قوله «وضبب البلد» كفرح وكرم اهـ القاموس.)
وأَضَبَّ: كثُرَت ضِـبابُه؛ وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا
الضرب.ويقال: أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِـبَابُها.
وأَرضٌ مُضِـبَّةٌ ومُرْبِعةٌ: ذات ضِـبابٍ ويَرابِـيعَ. ابن السكيت:
ضَبِـبَ البلدُ كثُرَتْ ضِـبابُه؛ ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف، وهي متحركة، مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً أَتى النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إِني في غَائطٍ مُضِـبَّةٍ. قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في
الرواية، بضم الميم وكسر الضاد، والمعروف بفتحهما، وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَـأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِـيعَ؛ وجمع الـمَضَبَّة مَضَابُّ. فأَما مُضِـبَّة: فهو اسم فاعل من أَضَبَّ، كأَغَدَّتْ، فهي مُغِدَّة. فإِن صحت الرواية فهي بمعناها. قال: ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر: لم أَزَلْ مُضِـبّاً بَعْدُ؛ هو من الضَّبِّ: الغَضَب والـحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ.
ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ: وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضِّباب، الواحدة مَضَبَّة. قال الأَصمعي: سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول: خرجنا نصطاد الـمَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ، جمعوها على مَفْعَلة، كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة، وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ.
والـمُضَبِّبُ: الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ
ليأْخذَه.
والـمُضَبِّبُ: الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِـيدَها؛ قال الكميت:
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها * لِـيَبْلُغَها، ما أَخْطَـأَتْهُ، الـمُضَبِّبُ
يقول: لا يحتاج الـمُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِـيدَها، لأَن الماءَ قد كثر، والسيلُ قد عَلاَ الزُّبى، فكفاه ذلك.
وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه، فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً، فأَخَذْتَ بذَنَبه.
والضَّبَّةُ: مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن. وفي المثل: أَعَقُّ من ضَبٍّ، لأَنه ربما أَكل حُسُولَه.
وقولهم: لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة، ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ؛ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ. ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم، قالت السمكةُ:
وِرْداً يا ضَبُّ؛ فقال:
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا، * لا يَشْتَهِـي أَن يَرِدَا،
إِلاَّ عَراداً عَرِدا، * وصِلِّيانـــــــاً بــــــَرِدَا، (2)
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
(2 قوله «وصلياناً بردا» قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف. والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد.)
والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ؛ والعرب تُشَبِّه كَفَّ
البخيل إِذا قَصَّرَ عن العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ؛ ومنه قول الشاعر:
مَناتِـينُ، أَبْرامٌ، كأَنَّ أَكُفَّهُم * أَكُفُّ ضِـبابٍ أُنْشِقَتْ في الـحَبائِلِ
وفي حديث أَنس: أَن الضَّبَّ لَـيَموتُ هُزالاً في جُحْرِه بذَنْبِ ابن
آدم أَي يُحْبَسُ المطر عنه بشُـؤْم ذنوبهم. وإِنما خص الضَّبَّ،
لأَنـَّه أَطْوَلُ الحيوان نَفَساً وأَصْبَرُها على الجُوع. ويروى: أَن
الـحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطير نَجْعَـةً.
ورجل خَبٌّ ضَبٌّ: مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ. والضَّبُّ والضِّبُّ: الغَيْظُ والـحِقْدُ؛ وقيل: هو الضِّغْن والعَداوة، وجَمْعه ضِـباب؛قال الشاعر:
فما زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني، * وتُخْرِجُ، من مَكامِنها، ضِبابي
وتقول: أَضَبَّ فلانٌ على غِلٍّ في قلبه أَي أَضْمره. وأَضَبَّ الرجلُ على حِقْدٍ في القلب، وهو يُضِبُّ إِضْباباً.
ويقال للرجل إِذا كان خَبّاً مَنُوعاً: إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ. قال: والضَّبُّ الـحِقْد في الصَّدْر. أَبو عمرو: ضَبَّ إِذا حَقَد. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: كلٌّ منهما حاملُ ضَبٍّ لصاحبه. وفي حديث
عائشة، رضي اللّه عنها: فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عليها.
وضَبَّ ضَبّاً، وأَضَبَّ به: سَكَتَ مثلُ أَضْـبَـأَ، وأَضَبَّ على
الشيءِ، وضَبَّ: سكت عليه.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ إِذا تكلم، وضَبَّ على الشيءِ وأَضَبَّ
وضَبَّبَ: احْتواه. وأَضَبَّ الشيءَ: أَخفاه. وأَضَبَّ على ما في يديه: أَمسكه. وأَضَبَّ القومُ: صاحوا وجَلَّبُوا؛ وقيل: تكلموا أَو كَلَّم بعضُهم بعضاً. وأَضَبُّوا في الغارة: نَهَدوا واسْتَغارُوا. وأَضَبُّوا عليه إِذا أَكثروا عليه؛ وفي الحديث: فلما أَضَبُّوا عليه أَي أَكثروا. ويقال: أَضَبُّوا إِذا تكلموا متتابعاً، وإِذا نَهَضُوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ فُلانٌ على ما في نفسه أَي سكت.الأَصمعي: أَضَبَّ فلانٌ على ما في نفسه أَي أَخرجه. قال أَبو حاتم: أَضَبَّ القومُ إِذا سكتوا وأَمسكوا عن الحديث، وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا في الحديث؛ وزعموا أَنه من الأَضداد.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تكلم، ومنه يقال: ضَبَّتْ لِثَتُه دماً إِذا سالتْ، وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ منها الدم، فكأَنه أَضَبَّ الكلام
أَي أَخرجه كما يُخْرجُ الدَّمَ. وأَضَبَّ النَّعَمُ: أَقبلَ وفيه تَفَرُّقٌ.
والضَّبُّ والتَّضْبيبُ: تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض.
والضَّبابُ: نَـدًى كالغيم.
وقيل: الضَّبابةُ سَحابة تُغَشِّي الأَرضَ كالدخان، والجمع: الضَّبابُ.
وقيل: الضَّبابُ والضَّبابةُ نَـدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ
بالغَدَواتِ. ويقال: أَضَبَّ يَومُنا، وسماءٌ مُضِـبَّةٌ. وفي الحديث: كنتُ مع النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في طريق مكة، فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بين الناس؛ هي البُخار الـمُتَصاعِدُ من الأَرض في يوم الدَّجْنِ، يصير كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لظلمتها. وقيل: الضَّبابُ هو السحاب الرقيق؛ سمي بذلك لِتَغْطيته الأُفُق، واحدتُه ضَبابة.
وقد أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كان لها ضَبَابٌ. وأَضَبَّ الغيمُ: أَطْبَقَ. وأَضَبَّ يومُنا: صار ذا ضَبابٍ. وأَضَبَّتِ الأَرضُ: كثر نباتُها.
ابن بُزُرْج:
أَضَبَّتِ الأَرضُ بالنبات: طَلَعَ نباتُها جميعاً.
وأَضَبَّ القومُ: نَهَضوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ الشَّعَرُ: كَثُرَ.
وأَضَبَّ السِّقاءُ: هُريقَ ماؤُه من خَرْزَةٍ فيه، أَو وَهْيَةٍ. وأَضْبَبْتُ
على الشيءِ: أَشْرَفْتُ عليه أَن أَظْفَرَ به. قال أَبو منصور: وهذا من ضَبَـأَ يَضْبَـأُ، وليس من باب المضاعف. وقد جاءَ به الليث في باب المضاعف. قال: والصواب الأَول، وهو مرويّ عن الكسائي. وأَضَبَّ على الشَّيءِ:لَزِمَه فلم يُفارقْه، وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض. وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها: جَمَعَ خِلْفَيْها في كَفِّه للـحَلْب؛ قال الشاعر:
جَمَعْتُ له كَفَّـيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً، * كما جَمَعَ الخِلْفَينِ، في الضَّبِّ، حالِبُ
ويقال: فلان يَضُبُّ ناقَتَه، بالضم، إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ.
والضَّبُّ أَيضاً: الـحَلْبُ بالكَفِّ كلها؛ وقيل: هذا هو الضَّفُّ، فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ على الخِلْفِ، ثم تَرُدَّ أَصابعك على الإِبهام والخِلْفِ جميعاً؛ هذا إِذا طالَ الخِلْفُ، فإِن كان وَسَطاً، فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام، فإِن كان قَصيراً، فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام. وقيل: الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ على الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك في وَسَطِ راحتك.
وفي حديث موسى وشُعَيب، عليهما السلام: ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُولٌ. الضَّبُوب: الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل.والضَّبَّةُ: الـحَلْبُ بِشِدَّةِ العصر.
وقوله في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ؛ يعني في القِلَّةِ وسُرعَةِ الذهاب. قال أَبو منصور: الذي جاء في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدنيا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء، بالصاد غير معجمة، هكذا رواه أَبو عبيد وغيره.
والضَّبُّ: القَبْضُ على الشيء بالكَف. ابن شميل: التَّضْبيب شِدَّةُ القبض على الشيء كيلا يَنْفَلِتَ من يده؛ يقال: ضَبَّـبْتُ عليه تَضبيباً.
والضَّبُّ: داء يأْخذ في الشفة، فترمُ، أَو تَجْسَـأُ، أَو تَسيلُ دماً؛
ويقال تَجْسَـأُ بمعنى تَيْبَسُ وتَصْلُب.
والضَّبِـيبَةُ: سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل للصبـي في العُكَّةِ يُطْعَمُه.
وضَبَّـبْتُه وضَبَّـبْتُ له: أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ؛ يقال: ضَبِّـبُوا لصَبيِّكم. وضَبَّـبْتُ الخَشَبَ ونحوه: أَلْبَسْته الـحَديدَ.
والضَّبَّةُ: حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ، والجمع
ضِـبابٌ؛ قال أَبو منصور: يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ، لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ؛ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ.وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً: سالَ كَبَضَّ. وضَبَّتْ شَفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً: سالَ منها الدمُ، وانحلَبَ رِيقُها. وقيل: الضَّبُّ دون السَّيلانِ الشديد.
وضَبَّتْ لثته تَضِبُّ ضَبّاً: انْحَلَبَ رِيقُها؛ قال:
أَبَيْنا، أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ، * على خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ، وجامِلِ
وجاء: تَضِبُّ لِثَتُه، بالكسر، يُضْرَبُ ذلك مثلاً للحريص على الأَمر؛ وقال بِشْرُ بن أَبي خازِم:
وبَني تميمٍ، قد لَقِـينا منْهُمُ * خَيْلاً، تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ
وقال أَبو عبيدة: هو قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِـيلُ وتَقْطُر. وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِـيباً من الدَّمِ إِذا سالتْ. وفي الحديث: ما زال مُضِـبّاً مُذِ اليومِ أَي إِذا تكلم ضَبَّتْ لِثاتُه دماً.
وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً: سال ريقه. وضَبَّ الماءُ والدَّمُ
يَضِبُّ،بالكسر، ضَبِـيباً: سالَ. وأَضْبَبْتُه أَنا، وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ
لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة، أَو الـحِرْصِ على حاجته وقضائها؛ قال الشاعر:
أَبينا، أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم، * على مُرْشِقات، كالظِّباءِ، عَواطِـيا
يُضْرَبُ هذا مثلاً للحريص النَّهِم. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان
يُفْضِـي بيديه إِلى الأَرض إِذا سجد، وهما تَضِـبَّانِ دَماً أَي تَسِـيلان؛ قال: والضَّبُّ دون السَّـيَلانِ، يعني أَنه لم يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً للوضوء.
يقال: ضَبَّتْ لِثاتُه دماً أَي قَطَرَتْ. والضَّبُوبُ من الدَّوابِّ: التي تَبُول وهي تَعْدو؛ قال الأَعشى:
مَتى تَـأْتِنا، تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ * ضَبُوبٌ، تُحَيِّـينا، ورأْسُك مائل
وقد ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً. والضَّبُّ: وَرَمٌ في صَدْرِ البعير؛ قال:
وأَبِـيتُ كالسَّـرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها، * فإِذا تَحَزْحَزُ عن عِدَاءٍ، ضَجَّتِ
وقيل: هو أَن يحزَّ مِرْفَقُ البعير في جِلْدِه؛ وقيل: هو أَن يَنْحَرِفَ الـمِرفَقُ حتى يَقع في الجنب فيَخْرِقَه؛ قال:
ليس بِذي عَرْكٍ، ولا ذِي ضَبِّ
والضَّبُّ أَيضاً: وَرَمٌ يكون في خُفِّ البعير، وقيل: في فِرْسِنه؛
تقول منه: ضَبَّ يَضَبُّ؛ بالفتح، فهو بعير أَضَبُّ، وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ.
والتَّضَبُّب: انْفِتاقٌ من الإِبطِ وكثرةٌ من اللحم؛ تقول: تَضَبَّبَ
الصبـيُّ أَي سَمِنَ، وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه.
الأُمَوِيُّ: بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَـيِّنةُ الضَّبَبِ، وهو وجَع يأْخذ في الفِرْسِنِ. وقال العَدَبَّسُ الكِنانِـيُّ: الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ واحد، وهما انْفِتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللحم. والتَّضَبُّبُ: السِّمَنُ حين يُقْبِلُ؛ قال أَبو حنيفة يكون في البعير والإِنسان.
وضَبَّبَ الغلامُ: شَبَّ.
والضَّبُّ والضَّبَّةُ: الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عن الغَريضِ، والجمعُ ضِـبابٌ؛ قال البَطِـينُ التَّيْمِـيُّ، وكان وصَّافاً للنَّحل:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِـبابَهُ * بُطُونُ الـمَوالي، يومَ عِـيدٍ، تَغَدَّتِ
يقول: طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا.
وضَبَّةُ: حَيٌّ من العرب.
وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ: عَمُّ تَميم بن مُرٍّ.
الأَزهري، في آخر العين مع الجيم: قال مُدرِكٌ الجَعْفَريّ: يقال
فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِـبُّونَ لها أَي يَشْمَعِطُّونَ؛ فسُئِل عن ذلك، فقال: أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا في طَلَبه؛ وقد أَضَبَّ القومُ في بُغْيَتِهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا في طلبها.
وضَبٌّ: اسم رجل. وأَبو ضَبٍّ: شاعر من هُذَيْل.
(يتبع...)
(تابع... 1): ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛... ...
والضِّبابُ: اسم رجل، وهو أَبو بطن، سمي بجمع الضَّبِّ؛ قال:
لَعَمْري ! لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ، * وبعضُ البَنِـينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ اليه ضِـبابيٌّ، ولا يُرَدُّ في النَّسَب إِلى واحده لأَنه
جُعِل اسماً للواحد كما تقول في النسب إِلى كِلابٍ: كِلابيّ. وضَبابٌ والضَّبابُ: اسم رجل أَيضاً، الأَول عن الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَكِدْتَ أَبَا زَبِـينةَ، إِذ سأَلْنا * بحاجَتِنا، ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وروى بيت امرئِ القيس:
وعَلَيْكِ، سَعْدَ بنَ الضَّبابِ، فسَمِّحِي * سَيْراً إِلى سَعْدٍ، عَلَيْكِ بسَعْدِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده ابن جني، بفتح الضاد. وأَبو ضَبٍّ من كُناهم. والضُّبَيْبُ: فرسٌ معروف من خيل العرب، وله حديث. وضُبَيْبٌ: اسم وادٍ. وامرأةٌ ضِبْضِبٌ: سمينة.
ورجلٌ ضُباضِبٌ، بالضم: غليظ سمين قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ. والضُّباضِبُ: الرجلُ الجَلْد الشديد؛ وربما استعمل في البعير. أَبو زيد: رجل ضِبْضِبٌ، وامرأَةٌ ضِبْضِـبةٌ، وهو الجريءُ على ما أَتى؛ وهو الأَبلَخُ أَيضاً، وامرأَة بَلْخاءُ: وهي الجَرِيئَة التي تَفْخَرُ على جيرانها. وضَبٌّ: اسم الجَبَل الذي مسجدُ الخَيْفِ في أَصْلِه، واللّه أَعلم.
بعض: بَعْضُ الشيء: طائفة منه، والجمع أَبعاض؛ قال ابن سيده: حكاه ابن
جني فلا أَدري أَهو تسمُّح أَم هو شيء رواه، واستعمل الزجاجي بعضاً
بالأَلف واللام فقال: وإِنما قلنا البَعْض والكل مجازاً، وعلى استعمال الجماعة
لهُ مُسامحة، وهو في الحقيقة غير جائر يعني أَن هذا الاسم لا ينفصل من
الإضافة. قال أَبو حاتم: قلت للأصمعي رأَيت في كتاب ابن المقفع: العِلْمُ
كثيرٌ ولكن أَخْذُ البعضِ خيرٌ مِنْ تَرْكِ الكل، فأَنكره أَشدَّ الإِنكار
وقال: الأَلف واللام لا يدخلان في بعض وكل لأَنهما معرفة بغير أَلف
ولامٍ. وفي القرآن العزيز: وكلٌّ أَتَوْه داخِرين. قال أَبو حاتم: ولا تقول
العرب الكل ولا البعض، وقد استعمله الناس حتى سيبويه والأَخفش في كُتُبهما
لقلة علمهما بهذا النحو فاجْتَنِبْ ذلك فإِنه ليس من كلام العرب. وقال
الأَزهري: النحويون أَجازوا الأَلف واللام في بعض وكل، وإِنَّ أَباهُ
الأَصمعيُّ. ويقال: جارية حُسّانةٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضاً، وبَعْضٌ مذكر في
الوجوه كلها.
وبَعّضَ الشيء تَبْعِيضاً فتبَعَّضَ: فرّقه أَجزاء فتفرق.
وقيل: بَعْضُ الشيء كلُّه؛ قال لبيد:
أَو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفوسِ حِمامُها
قال ابن سيده: وليس هذا عندي على ما ذهب إِليه أَهل اللغة من أَن
البَعْضَ في معنى الكل، هذا نقض ولا دليل في هذا البيت لأَنه إِنما عنى ببعض
النفوس نَفْسَه. قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: أَجمع أَهل النحو على أَن
البعض شيء من أَشياء أَو شيء من شيء إِلاّ هشاماً فإِنه زعم أَن قول
لبيد:أَو يعتلق بعض النفوس حمامها
فادعى وأَخطأَ أَن البَعْضَ ههنا جمع ولم يكن هذا من عمله وإِنما أَرادَ
لَبِيدٌ ببعض النفوس نَفْسَه. وقوله تعالى: تَلْتَقِطه بَعْضُ السيّارة،
بالتأْنيث في قراءة من قرأ به فإِنه أَنث لأَنّ بَعْضَ السيّارة
سَيّارةٌ كقولهم ذهَبتْ بَعْضُ أَصابعه لأَن بَعْض الأَصابع يكون أُصبعاً
وأُصبعين وأَصابع. قال: وأَما جزم أَو يَعْتَلِقْ فإِنه رَدَّهُ على معنى
الكلام الأَول، ومعناه جزاء كأَنه قال: وإِن أَخرجْ في طلب المال أُصِبْ ما
أَمَّلْت أَو يَعْلَق الموتُ نفسي. وقال: قوله في قصة مؤمن آلِ فرعون وما
أَجراه على لسانه فيما وعظ به آل فرعون: إِن يَكُ كاذباً فعليه كَذِبُه
وإِن يَكُ صادقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الذي يَعِدُكم، إِنه كان وَعَدَهم
بشيئين: عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فقال: يُصِبْكم هذا العذاب في الدنيا وهو
بَعْضُ الوَعْدَينِ من غير أَن نَفى عذاب الآخرة. وقال الليث: بعض العرب
يَصِلُ بِبَعْضٍ كما تَصِلُ بما، من ذلك قوله تعالى: وإِن يَكُ صادِقاً
يُصِبْكُم بَعْضُ الذي يعدكم؛ يريد يصبكم الذي يعدكم، وقيل في قوله بَعْضُ
الذي يعدكم أَي كلُّ الذي يعدكم أَي إِن يكن موسى صادقاً يصبكم كل الذي
يُنْذِرُكم به وبتوَعّدكم، لا بَعْضٌ دونَ بَعضٍ لأَن ذلك مِنْ فعل
الكُهَّان، وأَما الرسل فلا يُوجد عليهم وَعْدٌ مكذوب؛ وأَنشد:
فيا ليته يُعْفى ويُقرِعُ بيننا
عنِ المَوتِ، أَو عن بَعْض شَكواه مقْرعُ
ليس يريد عن بَعْضِ شكواه دون بَعْضٍ بل يريد الكل، وبَعْضٌ ضدُّ كلٍّ؛
وقال ابن مقبل يخاطب ابنتي عَصَر:
لَوْلا الحَياءُ ولولا الدِّينُ، عِبْتُكما
بِبَعْضِ ما فِيكُما إِذْ عِبْتُما عَوَري
أٌَّاد بكل ما فيكما فيما يقال. وقال أَبو إِسحق في قوله بَعْضُ الذي
يعدكم: من لطيف المسائل أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، إِذا وَعَدَ
وعْداً وقع الوَعْدُ بأَسْرِه ولم يقع بَعْضُه، فمن أَين جاز أَن يقول
بَعْضُ الذي يَعدكم وحَقُّ اللفظ كلُّ الذي يعدكم؟ وهذا بابٌ من النظر يذهب
فيه المناظر إِلى إِلزام حجته بأَيسر ما في الأَمر. وليس في هذا معنى الكل
وإِنما ذكر البعض ليوجب له الكل لأَن البَعْضَ هو الكل؛ ومثل هذا قول
الشاعر:
قد يُدْرِكُ المُتَأَنّي بَعْضَ حاجتِه،
وقد يكونُ مع المسْتَعْجِل الزَّلَلُ
لأَن القائل إِذا قال أَقلُّ ما يكون للمتأَني إِدراكُ بَعْضِ الحاجة،
وأَقلُّ ما يكون للمستعجل الزَّلَلُ، فقد أَبانَ فضلَ المتأَني على
المستعجل بما لا يَقْدِرُ الخصمُ أَن يَدْفَعَه، وكأَنّ مؤمنَ آل فرعون قال
لهم: أَقلُّ ما يكون في صِدْقه أَن يُصِيبَكم بعضُ الذي يَعِدكم، وفي بعض
ذلك هلاكُكم، فهذا تأْويل قوله يُصِبْكم بَعْضُ الذي يَعِدُكم.
والبَعُوض: ضَرْبٌ من الذباب معروف، الواحدة بَعُوضة؛ قال الجوهري: هو
البَقّ، وقوم مَبْعُوضُونَ. والبَعْضُ: مَصْدر بَعَضَه البَعُوضُ
يَبْعَضُه بَعْضاً: عَضَّه وآذاه، ولا يقال في غير البَعُوض؛ قال يمدح رجلاً بات
في كِلّة:
لَنِعْم البَيْتُ بَيْتُ أَبي دِثارٍ،
إِذا ما خافَ بَعْضُ القومَ بَعْضا
قوله بَعْضا: أَي عَضّاً. وأَبو دِثَار: الكِّلة. وبُعِضَ القومُ: آذاهم
البَعُوضُ. وأَبْعَضُوا إِذا كان في أَرضهم بَعُوضٌ. وأَرض مَبْعَضة
ومَبَقّة أَي كثيرة البَعُوضِ والبَقّ، وهو البَعُوضُ؛ قال الشاعر:
يَطِنُّ بَعُوضُ الماء فَوْقَ قَذالها،
كما اصطَخَبَتْ بعدَ النَجِيِّ خُصومُ
وقال ذو الرمة:
كما ذبّبَتْ عَذْراء، وهي مُشِيحةٌ،
بَعُوض القُرى عن فارِسيٍّ مُرَفّل
مُشيحة: حَذِرة. والمُشِحُ في لغة هذيل: المُجدُّ؛ وإِذا أَنشد الهذلي
هذا البيت أَنشده:
كما ذببت عذراء غير مشيحة
وأَنشد أَبو عبيداللّه محمد بن زياد الأَعرابي:
ولَيْلة لم أَدْرِ ما كراها،
أُسامِرُ البَعُوضَ في دجاها
كلّ زجُولٍ يُتَّقَى شَذاها،
لا يَطْرَبُ السامعُ من غِناها
وقد ورد في الحديث ذكرُ البَعُوض وهو البقّ. والبَعُوضة: موضع كان للعرب
فيه يوم مذكور؛ قال متمم بن نويرة يذكر قتلى ذلك اليوم:
على مثل أَصحابِ البعوضة فاخْمُشِي،
لَكِ الويلُ حُرَّ الوجه أَو يَبْكِ مَن بكى
ورَمْل البَعُوضة: معروفة بالبادية.
بوع: الباعُ والبَوْعُ والبُوع: مَسافةُ ما بين الكفَّيْن إِذا
بسَطْتهما؛ الأَخيرة هُذَلية؛ قال أَبو ذؤيب:
فلو كان حَبْلاً من ثَمانِين قامةً
وخمسين بُوعاً، نالَها بالأَنامِل
والجمع أَبْواعٌ. وفي الحديث: إِذا تقَرَّب العبدُ مِنّي بَوْعاً أَتيته
هَرْولة؛ البَوْعُ والباعُ سواء، وهو قَدْر مَدِّ اليدين وما بينهما من
البدن، وهو ههنا مَثَلٌ لقُرْب أَلطاف الله من العبد إِذا تقرَّب إِليه
بالإِخْلاصِ والطاعةِ.
وباعَ يَبُوع بَوْعاً: بسَط باعَه. وباعَ الحبْلَ يَبُوعُه بَوْعاً:
مدَّ يديه معه حتى صار باعاً، وبُعْتُه، وقيل: هو مَدُّكَه بباعك كما تقول
شَبَرْتُه من الشَّبْر، والمعنيانِ مُتقاربان؛ قال ذو الرمة يصف أَرضاً:
ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بساحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ
مَستامة يعني أَرضاً تَسُوم فيها الإِبل من السير لا من السَّوْم الذي
هو البيع، وتُباعُ أَي تَمُدُّ فيها الإِبل أَبواعَها وأَيدِيَها،
وتُمْسَحُ من المَسْحِ الذي هو القَطْع كقوله تعالى: فَطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوق
والأَعناق؛ أَي قَطَعَها. والإِبل تَبُوع في سيرها وتُبَوِّعُ: تَمُدُّ
أَبواعَها، وكذلك الظِّباء. والبائعُ: ولد الظبْيِ إِذا باعَ في مَشْيه،
صفة غالبة، والجمع بُوعٌ وبوائعُ. ومَرَّ يَبُوع ويتَبوَّع أَي يمُدّ
باعَه ويملأُ ما بين خطْوه. والباعُ: السَّعةُ في المَكارم، وقد قَصُر باعُه
عن ذلك: لم يسعه، كلُّه على المثل، ولا يُستعمل البَوْعُ هنا. وباعَ
بماله يَبُوعُ: بسَط به باعَه؛ قال الطرمَّاح:
لقد خِفْتُ أَن أَلقى المَنايا، ولم أَنَلْ
من المالِ ما أَسْمُو به وأَبُوعُ
ورجل طويل الباعِ أَي الجسمِ، وطويل الباعِ وقصيرُه في الكَرَم، وهو على
المثل، ولا يقال قصير الباع في الجسم. وجمل بَوّاع: جسيم. وربما عبر
بالباء عن الشرَف والكرم؛ قال العجاج:
إِذا الكِرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ،
تَقَضِّيَ البازي إِذا البازِي كَسَرْ
وقال حُجر بن خالد:
نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،
وبعضُهُم تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ
وفي نسخة: مَراجِلُه. قال الأَزهري: البَوْعُ والباعُ لغتان، ولكنهم
يسمون البوْع في الخلقة، فأَما بسْطُ الباع في الكَرَم ونحوه فلا يقولون
إِلا كريم الباع؛ قال: والبَوْعُ مصدر باع يَبُوعُ وهو بَسْطُ الباع في
المشي، والإِبل تَبُوع في سيرها. وقال بعض أَهل العربية: إِنَّ رِباعَ بني
فلان قد بِعْنَ من البيْع، وقد بُعْنَ من البَوْع، فضموا الباء في البوْع
وكسروها في البيْع للفرق بين الفاعل والمفعول، أَلا ترى أَنك تقول: رأَيت
إِماء بِعْنَ مَتاعاً إِذا كنَّ بائعاتٍ، ثم تقول: رأَيت إماء بُعْنَ
إِذا كنَّ مَبِيعات؟ فإِنما بُيِّن الفاعل من المفعول باختلاف الحركات وكذلك
من البَوْع؛ قال الأَزهري: ومن العرب من يُجري ذوات الياء على الكسر
وذوات الواو على الضم، سمعت العرب تقول: صِفْنا بمكان كذا وكذا أَي أَقمنا
به في الصيف، وصِفْنا أَيضاً أَي أَصابَنا مطرُ الصيف، فلم يَفْرُقُوا بين
فِعْل الفاعِلين والمَفْعولِين. وقال الأَصمعي: قال أَبو عمرو بن العلاء
سمعت ذا الرمة يقول: ما رأَيت أَفصح من أَمةِ آل فلان، قلت لها: كيف كان
المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا، رواه هكذا بالكسر. وروى ابن هانئ
عن أَبي زيد قال: يقال للإِماء قد بِعْنَ، أَشَمُّوا الباء شيئاً من
الرفع، وكذلك الخيل قد قدْنَ والنساء قد عدْنَ من مرضهن، أَشَمُّوا كل هذا
شيئاً من الرفع نحو: قد قيل ذلك، وبعضهم يقول: قُولَ. وباعَ الفرَسُ في
جَرْيه أَي أَبعد الخَطْو، وكذلك الناقة؛ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازم:
فَعَدَّ طِلابها وتَسَلَّ عنها
بحَرْفٍ، قد تُغِيرُ إِذا تَبُوعُ
ويروى:
فَدَعْ هِنْداً وسَلِّ النفس عنها
وقال اللحياني: يقال والله لا تَبْلُغون تَبَوُّعَه أَي لا تَلْحَقون
شأْوَهُ، وأَصله طُولُ خُطاه. يقال: باعَ وانْباعَ وتبوَّعَ. وانْباعَ
العَرقُ: سال؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
زَيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ
(* قوله «المكدم» كذا هو بالدال في الأصل هنا وفي نسخ الصحاح في مادة
زيف وشرح الزوزني للمعلقات أيضاً، وقال قد كدمته الفحول، وأورده المؤلف في
مادة نبع مقرم بالقاف والراء، وتقدّم لنا في مادة زيف مكرم بالراء وهو
بمعنى المقرم.)
قال أَحمد بن عبيد: يَنْباعُ يَنْفَعِلُ من باع يبوع إِذا جرى جَرْياً
ليِّناً وتثَنَّى وتلَوَّى، قال: وإِنما يصف الشاعر عرَق الناقة وأَنه
يتلوى في هذا الموضع، وأَصله يَنْبَوِعُ فصارت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها، قال: وقول أَكثر أَهل اللغة أَنَّ يَنْباع كان في الأَصل
يَنْبَعُ فوُصِل فتحة الباء بالأَلف، وكلّ راشح مُنْباعٌ. وانْباع الرجلُ:
وثَب بعد سكون، وانْباعَ: سَطا، وقال اللحياني: وانْباعت الحَيَّة إِذا
بسطت نفسها بعد تَحَوِّيها لتُساوِرَ؛ وقال الشاعر:
ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياع الشُّجاعْ
ومن أَمثال العرب: مُطْرِقٌ
(* قوله «ومن أمثال العرب مطرق إلخ» عبارة
القاموس مخرنبق لينباع أي مطرق ليثب، ويروي لينباق أي ليأتي بالبائقة
للداهية.) ليَنْباعَ؛ يضرب مثلاً للرجل إِذا أَضَبَّ على داهيةٍ؛ وقول صخر
الهذلي:
لَفاتَحَ البَيْعَ يومَ رُؤيتها
وكان قَبْلُ انْبِياعُه لَكِدُ
قال: انْبِياعُه مُسامَحَتُه بالبيْع. يقال: قد انْباع لي إِذا سامَحَ
في البيع، وأَجاب إِليه وإِن لم يُسامِحْ. قال الأَزهري: لا يَنْباعُ،
وقيل: البيْع والانْبِياعُ الانْبِساطُ. وفاتَح أَي كاشَف؛ يصف امرأَة
حَسْناء يقول: لو تعرَّضَت لراهب تلبَّد شعره لانْبَسَطَ إِليها. واللَّكِدُ:
العَسِرُ؛ وقبله:
والله لو أَسْمَعَتْ مَقالَتَها
شَيْخاً من الزُّبِّ، رأْسُه لَبِدُ
لَفاتَح البيعَ أَي لَكاشَف الانْبساط إِليها ولَفَرَّج الخَطْو إِليها؛
قال الأَزهري: هكذا فسر في شعر الهذليين.
ابن الأَعرابي: يقال بُعْ بُعْ إِذا أَمرته بمد باعَيْه في طاعة الله.
ومثل مُخْرَنْبِقٌ ليَنْباعَ أَي ساكت ليَثِبَ أَو ليَسْطو. وانْباعَ
الشُّجاعُ من الصفِّ: برَز؛ عن الفارسي؛ وعليه وُجِّه قوله:
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
زيّافةٍ مثل الفَنِيقِ المُكْدَمِ
لا على الإِشباع كما ذهب إِليه غيره.
بجل: التَّبجيل: التعظيم. بَجَّل الرجلَ: عَظَّمَه. ورجل بَجَال
وبَجِيل: يُبَجِّله الناسُ، وقيل: هو الشيخ الكبير العظيم السيد مع جَمَال
ونُبْل، وقد بَجُلَ بَجَالة وبُجُولاً، ولا توصف بذلك المرأَة. شمر: البَجَال
من الرجال الذي يُبَجِّله أَصحابه ويسوِّدونه. والبَجِيل: الأَمر العظيم.
ورجل بَجَال: حَسَن الوجه. وكل غليظ من أَيِّ شيءٍ كان: بَجِيل. وفي
الحديث: أَنه، عليه السلام، قال لِقَتْلى أُحُد: لَقِيتُم خيراً طويلاً،
ووُقِيتُم شَرًّا بَجِيلاً، وسَبَقْتم سبقاً طويلاً. وفي الحديث: أَنه أَتَى
القبور فقال: السلام عليكم أَصبتم خيراً بَجِيلاً أَي واسعاً كثيراً، من
التبجيل التعظيم، أَو من البَجَال الضَّخْم. وأَمر بَجِيل: مُنْكَر
عظيم. والبَاجل: المُخْصِب الحَسَنُ الحال من الناس والإِبل. ويقال للرجل
الكثير الشحم: إِنه لباجل، وكذلك الناقة والجمل. وشيخ بَجَال وبَجِيل أَي
جَسِيم؛ ورجل باجِل وقد بَجَل يَبْجُل بُجولاً: وهو الحسَن الجَسيمُ
الخَصيب في جِسْمه؛ وأَنشد:
وأَنت بالبابِ سَمِينٌ باجِل
وبَجِلَ الرجلُ بَجَلاً: حسنت حاله، وقيل: فَرِحَ. وأَبْجَله الشيءُ
إِذا فَرِحَ به.
والأَبْجَلُ: عِرْق غَلِيظ في الرِّجْلِ، وقيل: هو عِرْق في باطِنِ
مَفْصِلِ الساق في المَأْبِض، وقيل: هو في اليد إِزَاءَ الأَكْحَل، وقيل: هو
الأَبْجَلُ في اليد، والنَّسا في الرِّجْلِ، والأَبْهَرُ في الظَّهْر،
والأَخْدَع في العُنُق؛ قال أَبو خراش:
رُزِئْتُ بَني أُمِّي، فلما رُزِئْتُهم
صَبَرْتُ، ولم أَقْطَعْ عليهم أَبَاجِلي
والأَبْجَل: عِرْق وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأَكْحَل من الإِنسان.
قال أَبو الهيثم: الأَبْجَل والأَكْحَل والصّافِنُ عُروق نُقْصَدُ، وهي
من الجداول لا من الأَوْرِدة. الليث: الأَبجلان عِرْقان في اليدين وهما في
الأَكْحَلان من لَدُنِ المَنْكِب إِلى الكَتِف؛ وأَنشد:
عاري الأَشَاجِعِ لم يُبْجَل
أَي لم يُقْصَد أَبْجَلُه. وفي حديث سعد بن معاذ: أَنه رُمِيَ يوم
الأَحزاب فقطعوا أَبْجَلَه؛ الأَبْجَل: عِرْق في باطن الذراع، وقيل: هو عرق
غليظ في الرِّجل فيما بين العصب والعظم. وفي حديث المستهزئين: أَما
الوليدبن المغيرة فأَوْمأَ جبريل إِلى أَبْجَله.
والبُجْل: البُهْتان العظيم، يقال: رميته ببُجْل؛ وقال أَبو دُوادٍ
الإِيادي:
امرَأَ القَيْسِ بن أَرْوَى مُولِيا
إِن رآني لأَبُوأَنْ بسُبَد
(* امرؤ القيس بن أروى مقسم على الاخبار وهو ظاهر إن صحت به الرواية.
ووقع في مادة «سبد» بحراً؛ والصواب بجراً، بالجيم، كما هي رواية غير
الليث).قُلْتَ بُجْلاً قلتَ قوْلاً كاذباً،
إِنَّما يَمْنَعُني سَيْفي ويَد
قال الأَزهري: وغيره يقوله بُجْراً، بالراء، بهذا المعنى، قال: ولم
أَسمعه باللام لغير الليث، قال: وأَرجو أَن تكون اللام لغة، فإِن الراء
واللام متقارباً المخرج وقد تعاقباً في مواضع كثيرة. والبَجَلُ:
العَجَب.والبَجْلة: الصغيرة من الشَّجَر؛ قال كثير:
وبِجتدِ مُغْزِلَةٍ تَرُودُ بوَجْرَةٍ
بَجَلاتِ طَلْحٍ، قد خُرِفْنَ، وضَالِ
وبَجَلي كذا وبَجَلي أَي حَسْبي؛ قال لبيد:
بَجَلي الآنَ من العَيْشِ بَجَل
قال الليث: هو مجزوم لاعتماده على حركات الجيم وأَنه لا يتمكن في
التصريف. وبَجَلْ: بمعنى حَسْب؛ قال الأَخفش هي ساكنة أَبداً. يقولون: بَجَلْك
كما يقولون قَطْك إِلا أَنهم لا يقولون بَجَلْني كما يقولون قَطْني، ولكن
يقولون بَجَلي وبَجْلي أَي حَسْبي، قال لبيد:
فَمَتى أَهْلِكْ فلا أَحْفِلْه،
بَجَلي الآنَ من العَيْشِ بَجَل
وفي حديث لُقْمان بن عاد حين وصف إِخْوته لامرأَة كانوا خَطَبوها، فقال
لقمانُ في أَحدهم: خُذي مني أَخي ذا البَجَل؛ قال أَبو عبيدة: معناه
الحَسْبُ والكِفَاية؛ قال: ووجهه أَنه ذَمَّ أَخاه وأَخبر أَنه قَصير
الهِمَّة وأَنه لا رَغْبَة له في مَعالي الأُمور، وهو راضٍ بأَن يُكْفَي الأُمور
ويكونَ كَلاٍّ على غيره، ويقول حَسْبي ما أَنا فيه؛ وأَما قوله في أَخيه
الآخر: خُذِي مني أَخي ذا البَجْلة يحمل ثِقْلي وثِقْله، فإِن هذا مدح
ليس من الأَوَّل، يقال: ذو بَجْلة وذو بَجَالة، وهو الرُّوَاءُ والحُسْن
والحَسَب والنُّبْل، وبه سمي الرجل بَجَالة. إِنه لذو بَجْلة أَي شارة
حَسَنَة، وقيل: كانت هذه أَلْقاباً لهم، وقيل: البَجَال الذي يُبَجِّله
الناس أَي يعظمونه. الأَصمعي في قوله خذي مني أَخي ذا البَجَلَ: رجل بَجَالٌ
وبَجيل إِذا كان ضَخْماً؛ قال الشاعر:
شَيْخاً بَجَالاً وغُلاماً حَزْوَرَا
ولم يفسر قوله أَخي ذا البجلة، وكأَنه ذهب به إِلى معنى البَجَل. الليث:
رجل ذو بَجَالة وبَجْلة وهو الكَهْل الذي تَرَى له هَيئة وتَبْجيلاً
وسِنّاً، ولا يقال امرأَة بَجَالة. الكسائي: رجل بَجَال كبير عظيم. أَبو
عمرو: البَجَال الرجل الشيخ السيد؛ قال زهير ابن جناب الكلبي، وهو أَحد
المُعَمَّرين:
أَبَنِيَّ ، إِن أَهْلِكْ فإِني
قد بَنَيْتُ لكن بَنيَّه
وجَعَلْتُكُم أَوْلادَ سا
دات، زِناُكُم وَرِيّة
من كل ما نالَ الفَتَى
قد نِلْتُه، إِلا التَّحِيّة
فالمَوْتُ خَيْرٌ للفَتَى،
فَليَهْلِكَنْ وبه بَقِيّه،
مِن أَن يرى الشَّيخ البَجَا
لَ يُقادُ، يُهْدَى بالعَشِيّه
ولَقَدْ شَهِدْتُ النارَ لِلْـ
أَسْلافِ تُوقَد في طَمّيه
وخَطَبْتُ خُطْبَة حازِمٍ،
غَيْرِ الضعيفِ ولا العَيِيّه
ولقدْ غَدَوْتُ بمُشرِف الـ
حَجَباتِ لم يَغْمِزْ شَظيّه
فأَصَبْتُ من بَقَر الحبا
ب، وصِدتُ من حُمُر القِفّيه
ولقد رَحَلْت البازِلَ الـ
كَوْماءَ، لَيْسَ لها وَليّه
فجعل قوله يُهْدَى بالعَشِيّة حالاً ليُقاد كأَنه قال يُقاد مَهْدِيّاً،
ولولا ذلك لقال ويُهْدَى بالواو. وقد أَبْجَلَني ذلك أَي كَفاني؛ قال
الكميت يمدح عبد الرحيم بن عَنْبَسَة بن سعيد بن العاص:
وعَبْدُ الرَّحيم جِمَاعُ الأُمُور،
إِليه انْتَهى اللَّقَمُ المُعْمَلُ
إِليه مَوارِدُ أَهلِ الخَصَاص،
ومِنْ عنده الصَّدَرُ المُبْجِلُ
اللَّقَم: الطريق الواضح، والمُعْمَل: الذي يكثر فيه سير الناس،
والمَوارِدُ: الطُّرُقُ، واحدتها مَوْرِدَةٌ؛ وأَهل الخَصاص: أَهْلُ الحاجة،
وجِماعُ الأُمور: تَجتمع إِليه أُمور الناس من كل ناحية. أَبو عبيد: يقال
بَجَلك دِرْهَمٌ وبَجْلُك درهمٌ. وفي الحديث: فأَلقى تَمَراتٍ في يده وقال:
بَجَلي من الدنيا أَي حَسْبي منها؛ ومنه قول الشاعر يوم الجَمَل:
نحن بَني ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل،
رُدُّوا عَلَيْنا شَيْخَنا ثُمَّ بَجَل
أَي ثمَّ حَسْبُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
مَعاذَ العَزيز الله أَنْ يُوطِنَ الهَوَى
فُؤَادِيَ إِلْفاً، لَيْسَ لي بِبَجِيل
فسره فقال: هو من قولك بَجَلي كذا أَي حَسْبي، وقال مرة: ليس بمُعَظِّم
لي، وليس بِقَوِيٍّ، وقال مرة: ليس بعظيم القدر مُشْبِه لي. وبَجَّل
الرجلَ: قال له بَجَلْ أَي حَسْبُك حيث انتهيت؛ قال ابن جني: ومنه اشتق الشيخ
البَجَال والرجل البَجِيل والتبجيل. وبَجيلَة: قبيلة من اليمن والنسبة
إِليهم بَجَلِيٌّ، بالتحريك، ويقال إِنهم من مَعَدّ لأَن نزار بن مَعَدّ
وَلَدَ مُضَرَ وربيعة وإِياداً وأَنماراً ثم إِن أَنماراً وَلَد بَجيلة
وخَثْعَم فصاروا باليمن؛ أَلا ترى أَن جرير ابن عبدِ الله البَجَلي نافر
رجلاً من اليَمَن إِلى الأَقْرَع ابن حابس التَّمِيمي حَكَم العرب فقال:
يا أَقْرَعُ بنَ حابسٍ يا أَقْرَعُ
إِنك إِن يُصْرَعْ أَخُوك تُصْرَعُ
فجعل نفسه له أَخاً، وهو مَعَدِّيٌّ، وإِنما رفع تُصْرَع وحقُّه الجزم
على إِضمار الفاء كما قال عبد الرحمن ابن حسان:
مَنْ يَفْعَلِ الحَسَناتِ، اللهُ يشكرُها،
والشَّرُّ بالشرِّ عندَ الله مِثْلانِ
اي فالله يشكرها، ويكون ما بعد الفاء كلاماً مبتدأً، وكان سيبوبه يقول:
هو على تقديم الخبر كأَنه قال إِنك تُصْرع إِن يصرع أَخوك، وأَما البيت
الثاني فلا يختلفون أَنه مرفوع بإِضمار الفاء؛ قال ابن بري: وذكر ثعلب أَن
هذا البيت للحصين بن القعقاع والمشهور أَنه لجرير. وبَنُو بَجْلة: حَيٌّ
من العرب؛ وقول عمرو ذي الكلب:
بُجَيْلَةُ يَنْذِروا رَمْيِي وفَهْمٌ،
كذلك حالُهم أَبَداً وحالي
(* قوله: ينذروا، بالجزم، هكذا في الأصل)
إِنما صَغَّر بَجْلَة هذه القبيلَة. وبنو بَجالة: بطن من ضَبَّة.
التهذيب: بَجْلَة حَيٌّ من قيس عَيْلانَ. وبَجْلَة: بطن من سُلَيِّم، والنسبة
إِليهم بَجْليٌّ، بالتسكين؛ ومنه قول عنترة:
وآخَر منهم أَجْرَرْتُ رُمْحي،
وفي البَجَلِيِّ مِعْبَلَةٌ وَقيعُ
برجم: ابن دريد: البَرْجَمةُ غِلَظُ الكلام. وفي حديث الحجاج: أَمِنْ
أَهْل الرَّهْمَسَة والبَرْجَمة أنت؟ البَرْجَمة، بالفتح: غِلَظ في الكلام.
الجوهري: البُرْجُمَة، بالضم، واحدة البَراجِمِ وهي مَفاصِل الأصابع
التي بين الأَشاجِع والرَّواجِب، وهي رؤوس السُّلامَيَات من ظَهْر الكف إذا
قَبَض القابض كفَّه نَشَزَت وارتفعت. ابن سيده: البُرْجُمةُ المَفْصِل
الظاهر من المَفَاصِل، وقيل: الباطِن، وقيل: البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع
كلها، وقيل: هي ظُهور القَصَب من الأصابع. والبُرْجُمةُ: الإصْبَعُ
الوُسْطى من كل طائر. والبَراجِم: أَحْياءٌ من بني تميم، من ذلك، وذلك أن
أَباهُمْ قبَض أَصابعه وقال: كونوا كَبرَاجِم يَدِي هذه أي لا تَفَرَّقُوا،
وذلك أَعزُّ لكم؛ قال أَبو عبيدة: خَمسة من أَولادِ حَنْظلة ابن مالك بن
عمرو بن تميم يقال لهم البَراجِم، قال ابن الأَعرابي: البَراجِمُ في بني
تميم: عمرو وقَيْس وغالِب وكُلْفَة وظُلَيْم، وهو بنو حَنْظلة بن زيد
مَناة، تَحالَفوا على أَن يكونوا كبَراجِم الأَصابع في الاجتماع. ومن
أَمثالهم: إنَّ الشَّقِيَّ راكِبُ البراجِمِ، وكان عمرو بن هِنْد له أخٌ فقتله
نَفَر من تميم فآلى أن يَقْتُل به منهم مائة فقتل تسعةً وتسعين، وكان
نازلاً في ديار بني تميم، فأَحْرَق القَتْلى بالنار، فمرَّ رجل من البَراجِم
وراحَ رائحةَ حَرِيق القَتْلى فَحسبه قُتَارَ الشِّواء فمال إليه، فلمَّا
رآه عَمْروا قال له: ممَّن أنت؟ فقال: رجل من البَراجِم، فقال حينئذ:
إنَّ الشَّقِيَّ راكبُ البراجِم، وأَمَر فقُتِلَ وأُلْقِيَ في النار فَبرَّت
به يَمينه. وفي الصحاح: إن الشَّقِيَّ وافِدُ البَراجِم، وذلك أن عمرو
بن هِنْد كان حلف ليُحْرِقَنَّ بأَخيه سعدِ بن المُنْذِر مائة، وساق
الحديث، وسمَّت العرب عمرو بن هِنْد مُحَرِّقاً لذلك. التهذيب: الرَّاجِبَةُ
البُقْعة المَلْساء بين البراجِم. قال: والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ في
مَفاصِل الأَصابع، وفي موضع آخر في ظُهور الأصابع، والرَّواجِبُ ما بينها، وفي
كلّ إصبع ثلاث بُرْجمات إلا الإبهام، وفي موضع آخر: وفي كل إصبع
بُرْجُمَتان. أَبو عبيد: الرَّواجِمُ
(* قوله «الرواجم»هو بالميم في الأصل، وفي
التهذيب بالباء، وفي المصباح نقلاً عن الكفاية: البراجم رؤوس السلاميات
والرواجم بطونها وظهورها.) والبَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كُلِّها. وفي
الحديث: من الفِطْرة غَسْلُ البَراجِمِ؛ هي العُقَدُ التي تكون في ظُهور
الأصابع يَجْتَمع فيها الوَسَخ.
بزم: البَزْمُ: شدَّةُ العَضّ بالثَّنايا والرَّباعِيَات، وقيل: هو
العَضُّ بمقدَّمِ الفَمِ، وهو أَخف العَضِّ؛ وأَنشد:
ولا أَظُنُّكَ، إن عَضَّتْكَ بازِمَةٌ
منع البَوازِمِ، إلاَّ سَوْفَ تَدْعوني
بَزَمَ عليه يَبْزِمُ بَزْماً أَي عَضَّ بمقدَّم أَسْنانِه.
والمِبْزَمُ: السنُّ لذلك، وأَهل اليَمن يُسمون السِّنَّ البَزَمَ. أَبو زيد:
بَزَمْتُ الشيء وهو العَضُّ بالثَّنايا دون الأَنْياب والرَّباعِيَات، أُخِذ
ذلك من بَزْمِ الرامي، وهو أَخْذُه الوَتَر بالإبْهام والسبَّابة ثم
يُرْسِل السَّهْمَ، والكَدْمُ بالقَوادِم والأَنْيابِ، والبَزْمُ والمَصْرُ
الحَلْب بالسبَّابة والإبْهامِ. وبَزَمَ الناقةَ يَبْزِمُها ويَبْزُمُها
بَزْماً: حَلَبها بالسبَّابةِ والإبْهام فقط. والبَزْمُ: أَن تأْخُذ
الوَتَرَ بالسبَّابة والإبْهام ثم تُرْسِله. والبَزْمُ: صَريمة الأمر. وهو ذو
مُبازَمة أي ذو صَريمَةٍ للأمر. وفلان ذو بازِمَةٍ أي ذُو صَرِيمةٍ للأمْر؛
قال ذو الرمة يَصف فَلاةً أَجْهَضَت الركابُ فيها أَولادَها:
بها مُكَفَّنَةٌ أَكْنافُها قَسَبٌ،
فَكَّتْ خَواتِيمَها عنها الأَبازِيمُ
بها: بهذه الفَلاة أََولادُ إِبلٍ أَجْهَضَتْها فهي مُكَفَّنَة في
أَغْراسِها، فَكَّتْ رَحِمِها خَواتِيمَ عنها الأَبازِيم، وهي أَبازيمُ
الأَنْساعِ. والبَزْمةُ: وَزْنُ ثلاثين، والأُوقِيَّة أَربعون، والنَّشُّ
وَزْنُ عشرين.
والبَزمةُ: الشدّةُ. والبَوازِمُ: الشَّدائدُ، واحدتها بازِمةٌ؛ وأَنشد
لــعنترة بن الأَخرس:
خَلُّوا مَراعِي العينِ، إنَّ سَوامَنَا
تَعَوَّدُ طُولَ الحَبْسِ عندَ البَوازِمِ
ويقال: بَزَمَتْه بازِمَةٌ من بَوازِمِ الدَّهْر أَي أَصابَتْه شدّة من
شدائده. وبَزَمَ بالعِبْءِ: نَهَضَ واستمرَّ به. وبَزَمَه ثَوْبَه
بَزْماً: كَبَزَّه إِيَّاه؛ عن كراع.
والبَزِيمُ: الخُوصةُ يشدُّ بها البَقْلُ. الليث: البَزِيمُ وهو
الوَزِيمُ خُزْمةٌ من البَقْل؛ وقول الشاعر:
وجاؤوا ثائرِين، فلم يؤُوبوا
بأُبْلُمةٍ تُشَدُّ على بَزِيمِ
قال: فيروَى بالباء والراء، ويقال: هو باقةُ بَقْل، ويقال: هو فَضْلة
الزادِ، ويقال: هو الطَّلْع يُشقُّ ليُلْقَحَ ثم يُشَدُّ بِخُوصة؛ قال ابن
بري: ويُروى بالواو: تُشَدُّ على وَزِيمِ. وهو يأكل البَزْمَة
والوَزْمَةَ إذا كان يأْكل وَجْبَةً أَي مرة واحدة في اليوم والليلة. والبَزِيمُ:
ما يَبْقَى من المَرَق في أَسفل القِدْر من غير لَحْم، وقيل: هو الوَزيم.
والإبْزيمُ والإبْزامُ: الذي في رأس المِنْطَقة وما أَشهه وهو ذو لِسانٍ
يُدْخَل فيه الطَرَف الآخر، والجمع الأَبازيمُ. وقال ابن شميل: الحَلْقة
التي لها لِسان يدخَل في الخَرْق في أَسفل المِحْمَل ثم تعضّ عليها
حَلْقَتها، والحَلْقة جميعاً إبْزيمٌ، وهو الجَوامِع تَجْمع الحَوامِلَ، وهي
الأوازِمُ قد أَزَمْنَ عليه. أَراد بالمِحْمَل حَمائل السيف. والبَزيمُ:
خَيْط القِلادة
(* قوله «والبزيم خيط القلادة إلخ» مثله في الصحاح، وقال
في القاموس تبعاً للصاغاني: وقول الجوهري البزيم خيط القلادة تصحيف وصوابه
بالراء المكررة في اللغة، وفي البيتين الشاهدين، وقال شارحه: والبريم في
البيتين ودع منظوم يكون في أحقي الإماء، ثم قال: وذات الودع الأمة لأن
الودع من لباس الإماء وإنما أراد أن أمة أمة)؛ قال الشاعر:
هُمُ ما هُمُ في كل يَومِ كَريهة،
إذا الكاعِبُ الحَسْناء طاحَ بَزيمُها
وقال جرير في البَعِيث:
تَركناك لا تُوفي بِجارٍ أَجَرْتَهُ،
كأَنَّك ذاتُ الوَدْعِ أَوْدى بَزيمُها
قال ابن بري: الإِبْزيمُ حديدةٌ تكون في طرَف حزام السرْج يَسْرَج بها،
قال: وقد تكون في طَرف المِنْطَقة؛ قال مُزاحِم:
تُباري سَديساها، إذا ما تَلَمَّجَت،
شَباً مِثل إِبْزيمِ السلاح المُوشَّلِ
وقال العجاج:
يَدُقُّ إبْزيمَ الحِزام جُشَمُهْ
وقال آخر:
لولا الأبازيمُ، وانَّ المِنْسَجا
ناهى عنِ الذِّئْبَةِ أَن تَفَرَّجا
ويقال للإبْزيمِ أَيضاً زِرْفين وزُرْفين، ويقال للقُفْل أَيضاً
الإبْزيم، لأَن الإبْزِيم هو إِفْعِيل من بزَم إذا عضَّ، ويقال أَيضاً إِبْزين،
بالنون؛ قال أَبو دواد:
من كُلِّ جَرْداء قد طارتْ عَتِيقَتُها،
وكُلِّ أَجْرَد مُسْتَرْخي الأَبازِينِ
ويقال: إنَّ فلاناً لإبْزيمٌ أَي بَخِيل.