أبن عباد: ذعلفــه: أي طوح به واهلكه.
ذَــعْلَفَــهُ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وصاحبُ اللِّسَانِ، وَقَالَ ابنُ عَبَّادٍ: طَوَّحَ بِهِ وأَهْلَكَهُ، هَكَذَا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ.
مجد: المَجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ. والمَجْدُ: الكرمُ والشرفُ. ابن
سيده: المجد نَيْل الشرف، وقيل: لا يكون إِلا بالآباءِ، وقيل: المَجْدُ
كَرَمُ الآباء خاصة، وقيل: المَجْدُ الأَخذ من الشرف والسُّؤدَد ما يكفي؛
وقد مَجَدَ يَمْجُدُ مَجْداً، فهو ماجد. ومَجُد، بالضم، مَجادةً، فهو مجيد،
وتَمَجَّد. والمجدُ: كَرَمُ فِعاله.
وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما: عظَّمَه وأَثنى عليه.
وتماجَدَ القومُ فيما بينهم: ذكَروا مَجْدَهم.
وماجَدَه مِجاداً: عارَضه بالمجد. وماجَدْتُه فمَجَدتُه أَمْجُدُه أَي
غَلَبْتُه بالمجد. قال ابن السكيت: الشرفُ والمجدُ يكونان بالآباء. يقال:
رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدّمون في الشرف؛ قال: والحسب والكرم يكونان
في الرجل وإِن لم يكن له آباء لهم شرف.
والتمجيدُ: أَن يُنْسب الرجل إِلى المجد.
ورجل ماجد: مِفضالٌ كثير الخير شريف، والمجيدُ، فعيل، منه للمبالغة؛
وقيل: هو الكريم المفضال، وقيل: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال
سمي مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ
والكريم. والمجيدُ: من صفاتِ الله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ذو العرش
المجيدُ. وفي اسماء الله تعالى: الماجدُ. والمَجْد في كلام العرب: الشرف
الواسع. التهذيب: الله تعالى هو المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله ومَجَّده
خلقه لعظمته. وقوله تعالى: ذو العرش المجيدِ؛ قال الفراء: خفضه يَحيى
وأَصحابه كما قال: بل هو قرآنٌ مجيدٌ، فوصف القرآن بالمَجادة. وقيل يقرأُ: بل
هو قرآنُ مجيدٍ، والقراءة قرآنٌ مجيدٌ. ومن قرأَ: قرآنُ مجيدٍ، فالمعنى بل
هو قرآنُ ربٍّ مجيدٍ. ابن الأَعرابي: قرآنٌ مجيدٌ، المجيدُ الرفيع. قال
أَبو اسحق: معنى المجيد الكريم، فمن خفض المجيد فمن صفة العرش، ومن رفع
فمن صفة ذو. وقوله تعالى: ق والقرآن المجيد؛ يريد بالمجيد الرفيعَ العالي.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ناوِلِيني المجيدَ أَي المُصْحَف؛ هو من
قوله تعالى: بل هو قرآنٌ مجيدٌ.
وفي حديث قراءة الفاتحة: مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني.
وكان سعد بن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَجْداً، لا مَجْد
إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال؛ اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا
عليه
(* قوله «اللهم لا يصلحني ولا أصلح إلخ» كذا بالأصل).
ابن شميل: الماجدُ الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. ورجل ماجد ومجيد إِذا كان
كريماً مِعْطاءً. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أَمَّا نحن بنو هاشم
فأَنجادٌ أَمْجادٌ أَي شِراف كِرام، جمع مجِيد أَو ماجد كأَشهاد في شَهيد
أَو شاهد.
ومَجَدَتِ الإِبل تَمْجُدُ مُجُوداً، وهي مواجِدُ ومُجَّد ومُجُدٌ،
وأَمْجَدَتْ: نالت من الكلإِ قريباً من الشبع وعرف ذلك في أَجسامها،
ومَجَّدْتُها أَنا تمجيداً وأَمجَدَها راعيها وقد أَمجَدَ القومُ إِبلهم، وذلك في
أَول الربيع. وأَما أَبو زيد فقال: أَمجَدَ الإِبلَ مَلأَ بطونها علفــاً
وأَشبعها، ولا فعل لها هي في ذلك، فإِن أَرعاها في أَرض مُكْلِئَةٍ فرعت
وشبِعت. قال: مَجَدَتْ تَمْجُدُ مَجْداً ومُجوداً ولا فعل لك في هذا،
وأَما أَبو عبيد فروى عن أَبي عبيدة أَن أَهل العالية يقولون مَجَد الناقةَ
مخففاً إِذا علفــها مِلءَ بطونها، وأَهل نجد يقولون مَجَّدها تمجيداً،
مشدَّداً، إِذا علفــها نصف بطونها. ابن الأَعرابي: مَجَدَتِ الإِبل إِذا وقعت
في مَرْعًى كثير واسع؛ وأَمجَدَها الراعي وأَمجَدْتُها أَنا. وقال ابن
شميل: إِذا شبعت الغنم مَجُدَت الإِبل تَمجُد، والمجد نَحْوٌ من نصف
الشبع؛ وقال أَبو حية يصف امرأَة:
ولَيْسَت بماجِدةٍ للطعامِ ولا الشراب
أَي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب. الأَصمعي: أَمجَدْتُ الدابةَ علَفــاً
أَكثرت لها ذلك. ويقال: أَمجَدَ فلان عطاءَه ومَجَّده إِذا كثَّره؛ وقال
عديّ:
فاشتراني واصطفاني نعْمةً،
مَجَّدَ الهِنْءَ وأَعطاني الثَّمَنْ
وفي المثل: في كل شَجَر نار، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفار؛
اسْتَمْجَدَ استفضل أَي اسْتَكْثَرا من النار كأَنهما أَخذا من النار ما هو حسبهما
فصلحا للاقتداح بهما، ويقال: لأَنهما يُسْرعانِ الوَرْيَ فشبها بمن
يُكْثِر من العطاء طلباً للمجد. ويقال: أَمجَدَنا فلان قِرًى إِذا آتَى ما
كَفَى وفضل.
ومَجْدٌ ومُجَيْدٌ وماجِدٌ: أَسماء. ومَجْد بنت تميم بن عامرِ بنِ
لُؤَيٍّ: هي أُم كلاب وكعب وعامر وكُلَيْب بني ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ وذكرها
لبيد فقال يفتخر بها:
سَقَى قَوْمي بَني مَجْدٍ، وأَسْقى
نُمَيْراً، والقبائلَ من هِلالِ
وبَنو مَجْد: بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومجد: اسم أُمهم هذه التي فخر
بها لبيد في شعره.
قصل: القَصْل: القَطْع، وقيل: القَصْل قطع الشيء من وسطه أَو أَسفل من
ذلك قَطْعاً وَحِيّاً. قَصَل الشيء يَقْصِله قَصْلاً واقْتَصَله: قطعة.
وسيف قاصِلٌ ومِقْصَل وقَصَّال: قَطَّاع؛ وأَنشد:
مع اقْتِصالِ القَصَرِ العَرادِمِ
ومنه سمي القَصِيل. ولسان مِقْصَل: ماضٍ. وجمل مِقْصَل: يَحْطِم كل شيء
بأَنيابه. والقَصِيلُ: ما اقتُصِل من الزرع أَخْضَرَ، والجمع قُصلان،
والقَصْلة: الطائفة المُقْتَصَلة منه، وقَصَل الدابةَ يَقْصِلُها قَصْلاً
وقَصَل عليها: علفــها القَصِيل. والقُصالة من البُرِّ: ما عُزِل منه إِذا
نُقِّي، وقَصَلَها: داسَها. وقال اللحياني: قُصالة الطعام ما يخرج منه
فيرمى به ثم يُداس الثانية، وذلك إِذا كان أَجَلَّ من التراب والدِّقاق
قليلاً. والقَصَل: ما يخرج من الطعام فيرمى به، والقَصْل لغة؛ عن اللحياني.
غيره: والقَصَل في الطعام مثل الزُّؤانِ؛ وقال:
يَحْمِلْنَ حَمْراءَ رَسوباً بالنَّقَلْ،
قد غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ من القَصَلْ
وقال الفراء: في الطعام قَصَل وزُؤان وغَفًى، منقوص، وكل هذا مما يخرج
منه فيرمى به.
والقَصْلة والقِصْلة: الجماعة من الإِبل نحو الصِّرْمة، وقيل هي من
العشرة إِلى الأَربعين، فإِذا بلغت السنين فهي الكدحة
(* قوله «فهي الكدحة»
هكذا في الأصل، وعبارته في مادة صدع: فاذا بلغت ستين فهي الصدعة أي
بالكسر).
والقِصْل، بالكسر: الفَسْل الضعيف الأَحمق، وقيل: هو الذي لا يَتَمالك
حُمْقاً، والأُنثى قِصْلة؛ وأَنشد لمالك بن مرداس:
ليس بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ،
عند البيوت، راشِنٍ مِقَمِّ
وإِنما سمي القَصِيل الذي تــعلف به الدواب قَصِيلاً لسرعة اقْتِصاله من
رَخَاصَتِه. قال أَبو الطيب: القِصْل في الناس، والقَصَل في الطعام.
وقَصَل عنُقَه: ضرَبها؛ عن اللحياني. وقَصَل: اسم رجل. وفي حديث الشعبي:
أُغْمِي على رجل من جهينة فلما أَفاق قال ما فعل القُصَل؛ هو بضم القاف
وفتح الصاد اسم رجل.
ضفز: الضَّفَزُ والضَّفِيزة: شعير يُجَشُّ ثم يُبَلُّ وتُــعْلَفُــه
الإِبلُ، وقد ضَفَزْتُ البعير أَضْفِزُه ضَفْزاً فاضْطَفَزَ، وقيل: الضَّفْزُ
أَن تُلْقِمَه لُقَماً كباراً، وقيل: هو أَن تُكْرهه على اللَّقْم، وكل
واحدة من اللُّقَمِ ضَفِيزَة؛ ومنه حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه
مَرَّ بوادي ثمود فقال: من كان اعْتَجَنَ بمائِهِ فَلْيَضْفِزْه بَعِيرَه
أَي يُلْقِمْه إِياه. وفي حديث الرؤْيا: فَيَضْفِزُونَه في أَحدهم أَي
يدفعونه فيه من ضَفَزْت البعير إِذا علفــته الضَّفائِزَ، وهي اللُّقم
الكبار، وقال لعلي، كرم الله وجهه: أَلا إِنَّ قوماً يزعمون أَنهم يحبونك
يُضْفَزُونَ الإِسلام ثم يَلْفِظونه، قالها ثلاثاً؛ معناه يُلَقَّنُونه ثم
يتركونه فلا يقبلونه. وفي بعض الحديث: أَوْتَرَ بسبع أَو تسع ثم نام حتى
سُمِع ضَفِيزُه؛ إِن كان محفوظاً فهو الغَطِيطُ، وبعضهم يرويه وصَفِيره،
بالصاد المهملة والراء، والصَّفِير بالشفتين يكون. وضَفَزْتُ الفرسَ
اللجامَ إِذا أَدخلته في فِيهِ؛ قال الخطابي: الصَّفِير ليس بشيءٍ وأَما
الضَّفِيزُ فهو كالغَطِيط وهو الصوت الذي يُسْمع من النائم عند ترديد نَفَسه.
وضَفَزه برجله ويده: ضربه. والضَّفْزُ: الجماع. وضَفَزَها: أَكثَرَ لها من
الجماع؛ عن ابن الأَعرابي. وقال أَعرابي: ما زلت أَضْفِزُها أَي
أَنِيكُها إِلى أَن سطع الفُرْقانُ أَي السَّحَر. أَبو زيد: الضَّفْزُ والأَفْزُ
العَدْوُ. يقال: ضَفَزَ يَضْفِزُ وأَفَزَ يأْفِزُ، وقال غيره: أَبَزَ
وضَفَزَ بمعنى واحد.
وفي الحديث: ما على الأَرض من نَفْس تموت لها عند الله خير تُحِبُّ أَن
ترجعَ إِليكم ولا تُضافِزَ الدنيا إِلاَّ القتيلَ في سبيل الله فإِنه
يُحِبُّ أَن يرجع فيُقْتَلَ مرة أُخرى؛ المضافزَة: المعاودة والملابسة، أَي
لا يحب مُعاوَدَةَ الدنيا وملابَسَتَها إِلاَّ الشهيدُ؛ قال الزمخشري: هو
عندي مُفاعَلة من الضَّفْزِ، وهو الطَّفْر والوُثوب في العَدْوِ، أَي لا
يطمح إِلى الدنيا ولا يَنْزُو إِلى العود إِليها إِلا هو، وذكره الهروي
بالراء وقال: المُضافَرَة، بالضاد والراء، التَّأَلُّبُ، وقد تَضافَرَ
القومُ وتَطافَروا إِذا تأَلَّبُوا، وذكره الزمخشري ولم يقيده لكنه جعل
اشتقاقه من الضَّفْز وهو الطَّفْر والقَفْز، وذلك بالزاي، قال: ولعله يقال
بالراء والزاي، فإِن الجوهري قال في حرف الراء: والضَّفْر السعي، وقد
ضَفَر يَضْفِر ضَفْراً، قال والأَشبه بما ذهب إِليه الزمخشري أَنه بالزاي؛
ومنه الحديث: أَنه، عليه السلام، ضَفَزَ بين الصَّفا والمروة أَي هَرْوَل
من الضَّفْزِ القَفز والوثوب؛ ومنه حديث الخوارج: لما قتل ذو الثُّدَيَّة
ضَفَز أَصحابُ عليّ، كرم الله وجهه، أَي قَفَزُوا فرحاً بقتله.
والضَّفْز: التَّلْقِيم. والضَّفْز: الدفع. والضَّفْز: القَفْزُ. وفي
الحديث عن عليّ، رضوان الله عليه، أَنه قال: ملعونٌ كلُّ ضَفَّازٍ؛ معناه
نَمَّام مشتق من الضَّفْز، وهو شعير يُجَشّ ليُــعْلَفَــه البعيرُ، وقيل
للنَّمام ضَفَّاز لأَنه يُزوِّر القول كما يُهَيَّأُ هذا الشعير لــعَلْفِ
الإِبل، ولذلك قيل للنمامِ قَتَّات من قولهم دُهْن مُقَتَّت أَي مُطَيَّب
بالرياحين.
خبط: خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضربه ضرْباً شديداً. وخبَط البعيرُ
بيده يَخْبِطُ خبْطاً: ضرب الأَرض بها؛ التهذيب: الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ
بخُفِّ يدِه كما قال طرفة:
تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُحٍ،
وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُرْ
( ) روي هذا البيت في قصيدة طرفة على هذه الصورة:
جافلاتٍ، فوقَ عُوج عجُل، * رُكِّبَتْ فيها مَلاطِيسُ
سُمُرْ)
أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إِذا سارَتْ. وفي حديث سعد أَنه
قال: لا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل ولا تَمُطُّوا بآمِينَ، يقول: إِذا قام
قدَّم رِجْلَه يعني من السُّجودِ، نهاه أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عند القيامِ
من السجود. والخَبْطُ في الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دون الأَرْجُلِ،
وقيل: يكون للبعير باليد والرجل. وكلُّ ما ضرَبه بيده، فقد خبَطه؛ أَنشد
سيبويه:
فَطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامِي الأَبْدِ، يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فحذف. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ ومنه قيل
خَبْطَ عَشْواء، وهي الناقة التي في بَصرها ضَعْفٌ تَخْبِط إِذا مشت لا
تتوَقَّى شيئاً؛ قال زهير:
رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْ
تُمِتْه، ومَنْ تُخْطِئُ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يقول: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء من الإِبل، وهي التي
لا تُبْصِرُ، فهي تَخْبِطُ الكل لا تُبْقِي على أَحد، فممّن خَبَطَتْه
المَنايا من تُمِيتُه، ومنهم من تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثم
الموت. وفلان يَخْبِط في عَمْياء إِذا رَكِبَ ما ركب بجَهالةٍ. ورجل أَخْبَطُ
يَخْبِطُ برجليه؛ وقوله:
عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَطِّ،
قَصَّرَ ذُو الخَوالِع الأَخْبَطِّ
إِنما أَراد الأَخْبَطَ فاضطر فشدد الطاء وأَجْراها في الوصل مُجْراها
في الوقف. وفرس خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ الأَرض برجليه. التهذيب:
والخَبُوطُ من الخيل الذي يَخْبِط بيديه. قال شجاع: يقال تَخَبَّطَني برجله
وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشديد، وقيل: هو من أَيدي
الدَّوابّ. والخَبَطُ: ما خَبَطَتْهُ الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ
الذي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه، والجمع خُبُطٌ، وقيل: سمي بذلك لأَن طينه
يُخبَطُ بالأَرجل عند بنائه؛ قال الشاعر:
ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ
وخبَطَ القومَ بسيفه يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ الشجرة
بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شدّها ثم ضرَبها بالعصا ونفَض ورَقها منها
ليَــعْلِفَــها الإِبلَ والدوابَّ؛ قال الشاعر:
والصَّقْع من خابِطةٍ وجُرْزِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده والصقعِ، بالخفض، لأَن قبله:
بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ
الوخْزُ: الطعْنُ غير النافذ. والجُرْزُ: عَمودٌ من أَعْمِدةِ الخِباء.
وفي التهذيب أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ ورق الشجر حتى يَنْحاتَّ عنه ثم
يَسْتَخْلِف من غير أَن يَضُرّ ذلك بأَصل الشجرة وأَغْصانِها. قال الليث:
الخَبَطُ خَبَطُ ورق العِضاهِ من الطَّلْحِ ونحوه يُخْبَطُ يُضْرَبُ بالعصا
فيتناثر ثم يُــعْلف الإِبل، وهو ما خَبَطَتْه الدوابُّ أَي كسرَتْه. وفي
حديث تحريم مكة والمدينة: نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها؛ هو ضرب الشجر بالعصا
ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقطِ الخَبَطُ، بالتحريك، فَعَلٌ بمعنى
مَفْعول، وهو من عَلَفِ الإِبل. وفي حديث أَبي عبيدة: خرج في سرية إِلى
أَرض جُهَينةَ فأَصابهم جوع فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قال كثيِّر:
إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَها
بِمِخْطةٍ، يا حُسْنَ مَنْ أَنت ضارِبُ
يعني زوجها أَنه يخْبِطُها. وفي الحديث: فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط
فأَسْقَطَتْ جَنِيناً؛ المِخْبَطُ، بالكسر: العصا التي يُخبط بها الشجر.
وفي حديث عمر: لقد رأَيْتُني بهذا الجبل أَحْتَطِبُ مرة وأَخْتَبِطُ
أُخْرى أَي أَضرب الشجر لينتَثِرَ الورقُ منه، وهو الخَبَطُ. وفي الحديث:
سُئل هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: لا إلا كما يَضُرُّ العِضاةَ الخَبْطُ؛
الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن الغَبْطَ لا يضرّ
ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ ما يَلْحَقُ الغابِطَ من الضَّررِ الراجع إِلى
نُقصان الثواب دونَ الإِحْباط بقدر ما يلحق العِضاهَ من خَبْط ورَقِها الذي
هو دون قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبْط ورقُها، فهو وإِن
كان فيه طرَفٌ من الحسَدِ فهو دونه في الإثم. والخَبَطُ: ما انْتَفَضَ من
ورقها إِذا خُبِطتْ، وقد اختبط له خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ:
تأْكله؛ أَنشد ثعلب:
حُوكَتْ على نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ،
تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، ولا تُشاكُ
(* قوله: حوكت؛ هكذا ورد على قلب الياء واواً، والقياس حيكت.)
أَي لا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ على نِيْرَيْنِ أَي أَنها شَحِيمةٌ
قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سار فيه على غير
هُدىً؛ قال ذو الرمة:
سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء من جانِبيْ قَسَا،
وحُبَّ بها من خابِطِ الليلِ زائر
وقولهم ما أَدري أَي خابِطِ الليلِ هو أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ هو أَي
أَيُّ الناس هو. وقيل: الخبط كلُّ سْيرٍ على غير هدى. وفي حديث علي، كرم
اللّه وجهه: خَبّاطُ عَشواتٍ أَي يخبط في الظّلام، وهو الذي يمشي في الليل
بلا مِصْباح فيتحير ويَضلّ، فربما تَردّى في بئر، فهو كقولهم يَخْبِط في
عَمْياء إِذا ركب أَمراً بجَهالة.
والخُباطُ، بالضم: داء كالجُنون وليس به. وخبَطَه الشيطانُ وتَخَبَّطَه:
مسَّه بأَذىً وأَفسَدَه. ويقال: بفلان خَبْطةٌ من مَسٍّ. وفي التنزيل:
كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطانُ من المَسِّ؛ أَي يتوَطَّؤُه فيصْرَعُه،
والمَسُّ الجُنون. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ أَي
يَصْرَعَني ويَلْعَبَ بي. والخَبْطُ باليدين: كالرَّمْح بالرّجْلَيْنِ.
وخُباطةُ معرفةً: الأَحْمَقُ كما قالوا للبحر خُضارةَ.
وروي عن مكحول: أَنه مر برجل نائم بعد العصر فدفَعَه برجله فقال: لقد
عُوفِيتَ، لقد دُفع عنك، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وفيها يَنْتَشِرُون، ففيها
تكون الخَبْتةُ؛ قال شمر: كان مكحول في لسانه لُكْنةٌ وإِنما أَراد
الخَبْطةَ من تَخَبَّطَه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل
الخَبْطِ ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يده. أَبو زيد: خَبَطْتُ الرجلَ
أَخْبِطُه خَبْطاً إِذا وصلْته. ابن بزرج: قالوا عليه خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي
مَسْحةٌ جميلةٌ في هيئته وسَحْنَتِه. والخَبْطُ: طَلَبُ المعروف، خَبَطَه
يَخْبِطُه خبْطاً واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الذي يَسْأَلُك بلا وسِيلة
ولا قَرابةٍ ولا معرفة. وخَبَطَه بخير: أَعطاه من غير معرفة بينهما؛ قال
عَلْقَمةُ بن عَبْدةَ:
وفي كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ،
فَحُقَّ لشَأْسٍ من نَداكَ ذَنُوبُ
وشَأْسٌ: اسم أَخي عَلْقَمةَ، ويروى: قد خَبَطَّ أَراد خَبَطْتَ فقلب
التاء طاء وأَدغم الطاء الأُولى فيها، ولو قال خَبَتَّ يريد خَبَطْتَ لكان
أَقْيَسَ اللغتين، لأَن هذه التاء ليست متصلة بما قبلها اتصال تاء
افْتَعَلْتَ بمثالِها الذي هي فيه، ولكنه شبه تاء خبطْتَ بتاء افتعل فقَلَبها
طاء لوقوع الطاء قبلها كقوله اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وعلى هذا قالوا فحَصْطُ
برجلي كما قالوا اصْطَبَرَ؛ قال الشاعر:
ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ من دُونِنا كُفىً،
وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها
وقال لبيد:
لِيَبْكِ على النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ،
ومُحْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أَرامِلُ
ويقال: خبَطَه إِذا سأَلَه؛ ومنه قول زهير:
يَوْماً ولا خابِطاً من مالِه وَرِقا
وقال أَبو زيد: خَبَطْتُ فلاناً أَخْبِطُه إِذا وصلْتَه؛ وأَنشد في
ترجمة جزح:
وإِنِّي، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه،
لمُخْتَبِطٌ من تالِدِ المالِ جازِحُ
قال ابن بري: يقال اخْتَبَطَني فلان إِذا جاءَ يَطْلُبُ المَعْروفَ من
غير آصِرةٍ؛ ومعنى البيت إِنّي إِذا بَخِل الرَّفُود برفْده فإِني لا
أَبْخَلُ بل أَكون مخْتَبِطاً لمن سأَلني وأُعْطِيه من تالِدِ مالي أَي
القديم. أَبو مالك: الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ والكسب. تقول: اخْتَبَطْت
فلاناً واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فاختبطني بخير. وفي حديث ابن عامر: قيل له
في مرضه الذي مات فيه قد كنت تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ؛ هو
طالِبُ الرِّفْدِ من غير سابق معرفة ولا وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ
أَو خابِطِ الليل. والخِباطُ، بالكسرِ: سمةٌ تكون في الفخذ طويلةٌ عَرْضاً
وهي لبني سعد، وقيل: هي التي تكون على الوجه، حكاه سيبويه، وقال ابن
الأَعرابي: هي فوق الخَدّ، والجمعُ خُبُطٌ؛ قال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً،
شَنْعاء باقِيةَ التَّلْحِيمِ والخُبُطِ؟
وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قال ابن الرماني في تفسير الخِباط
في كتاب سيبويه: إِنه الوَسْمُ في الوجه، والعِلاطُ والعِراضُ في العُنُق،
قال: والعِراضُ يكون عَرْضاً والعِلاطُ يكون طُولاً. وخبَطَ الرجلُ
خبْطاً: طرح نفسَه حيث كان ونام؛ قال دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:
قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَا،
يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ الخابِطا
المَمارِطُ: السِّراعُ، واحدتها مِمْرَطةٌ. أَبو عبيد: خبَطَ مثل هَبَغَ
إِذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قبل الشّتاء، وقد خُبط، فهو
مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ من كل شيء. والخِبْطُ والخِبْطةُ
والخِبِيطُ: الماء القليلُ يبقى في الحوْضِ؛ قال:
إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ،
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ. والخِبْطة، بالكسر: اللبَنُ القليل
يبقى في السقاء، ولا فعل له. قال أَبو عبيد: الخِبْطةُ الجَرْعةُ من
الماء تَبْقَى في قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، ولا فعل لها؛ قال ابن
الأَعرابي: هي الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ والحَقْلَةُ والفَرْسَة
والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كله: بقية الماء في الغدير. والحَوْضُ
الصغير يقال له: الخَبِيطُ. ابن السكيت: الخِبْطُ والرَّفَضُ نحو من النصف
ويقال له الخَبِيطُ، وكذلك الصَّلْصلةُ. وفي الإِناء خِبْطٌ: وهو نحو
النِّصْفِ، ويقال خَبِيطٌ؛ وأَنشد:
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
ويقال خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي،
أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي ومَكاني؟
والخِبْطةُ: ما بقي في الوِعاء من طعام أَو غيره. قال أَبو زيد:
الخِبْطُ من الماء الرَّفْضُ، وهو ما بين الثلث إِلى النصف من السقاء والحوض
والغدير والإِناء. قال: وفي القِربة خِبْطةٌ من ماء وهو مثل الجرْعة ونحوها.
ويقال: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل أَي بعد صدْرٍ منه. والخِبْطةُ:
القِطْعة من البيوت والناس، تقول منه: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي قِطْعة
قطعة، والجمع خِبَطٌ؛ قال:
افْزَعْ لِجُوفٍ قد أَتتك خِبَطا،
مِثل الظَّلام والنهار اخْتَلَطا
قال أَبو الربيع الكلابي: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل وحِذْفةٍ وخدمة
(* قوله «خدمة» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: خذمة.) أَي قِطْعة.
والخَبِيطُ: لبن رائب أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عليه الحليب من اللبن ثم يضرب
حتى يختلط؛ وأَنشد:
أَو قُبْضة من حازٍرٍ خَبِيط
والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عن كراع. والخَبْطةُ: ضربة الفحلِ الناقةَ؛ قال
ذو الرمة يصف جملاً:
خَرُوجٌ من الخَرْقِ البعيدِ نِياطُه،
وفي الشَّوْلِ يُرْضَى خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ .
نشر: النَّشْر: الرِّيح الطيِّبة؛ قال مُرَقِّش:
النَّشْر مِسْك، والوُجُوه دَنا
نِيرٌ، وأَطرافُ الأَكفِّ عَنَمْ
أَراد: النَّشْرُ مثلُ ريح المسك لا يكون إِلا على ذلك لأَن النشر عَرضٌ
والمسك جوهر، وقوله: والوُجوه دنانير، الوجه أَيضاً لا يكون ديناراً
إِنما أَراد مثل الدنانير، وكذلك قال: وأَطراف الأَكف عَنَم إِنما أَراد
مثلَ العَنَم لأَن الجوهر لا يتحول إِلى جوهر آخر، وعَمَّ أَبو عبيد به
فقال: الَّشْر الريح، من غير أَن يقيّدها بطيب أَو نَتْن، وقال أَبو
الدُّقَيْش: النَّشْر ريح فَمِ المرأَة وأَنفها وأَعْطافِها بعد النوم؛ قال امرؤُ
القيس:
كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمَامِ
ورِيحَ الخُزامى ونَشْرَ القُطُرْ
وفي الحديث: خرج معاوية ونَشْرُه أَمامَه، يعني ريحَ المسك؛ النَّشْر،
بالسكون: الريح الطيبة، أَراد سُطوعَ ريح المسك منه.
ونَشَر الله الميت يَنْشُره نَشْراً ونُشُوراً وأَنْشره فَنَشَر الميتُ
لا غير: أَحياه؛ قال الأَعشى:
حتى يقولَ الناسُ مما رَأَوْا:
يا عَجَباً للميّت النَّاشِرِ
وفي التنزيل العزيز: وانْظُرْ إِلى العظام كيف ننشرها؛ قرأَها ابن عباس:
كيف نُنْشِرُها، وقرأَها الحسن: نَنْشُرها؛ وقال الفراء: من قرأَ كيف
نُنشِرها، بضم النون، فإِنْشارُها إِحياؤها، واحتج ابن عباس بقوله تعالى:
ثم إِذا شاء أَنْشَرَهُ، قال: ومن قرأَها نَنْشُرها وهي قراءة الحسن
فكأَنه يذهب بها إِلى النَّشْرِ والطيّ، والوجه أَن يقال: أَنشَرَ الله الموتى
فَنَشَرُوا هُمْ إِذا حَيُوا وأَنشَرَهم الله أَي أحْياهم؛ وأَنشد
الأَصمَعي لأَبي ذؤيب:
لو كان مِدْحَةُ حَيٍّ أَنشرَتْ أَحَداً،
أَحْيا أُبوَّتَك الشُّمَّ الأَمادِيحُ
قال: وبعض بني الحرث كان به جَرَب فَنَشَر أَي عاد وحَيِيَ. وقال
الزجاج: يقال نَشَرهُم الله أَي بعثَهم كما قال تعالى: وإِليه النُّشُور. وفي
حديث الدُّعاء: لك المَحيا والمَمَات وإِليك النُّشُور. يقال: نَشَر
الميتُ يَنْشُر نُشُوراً إِذا عاش بعد الموت، وأَنْشَره الله أَي أَحياه؛ ومنه
يوم النُّشُور. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: فَهلاَّ إِلى الشام
أَرضِ المَنْشَر أَي موضِع النُّشُور، وهي الأَرض المقدسة من الشام يحشُر
الله الموتى إِليها يوم القيامة، وهي أَرض المَحْشَر؛ ومنه الحديث: لا
رَضاع إِلا ما أَنشر اللحم وأَنبت العظم
(* قوله« الا م أنشر اللحم وأنبت
العظم» هكذا في الأصل وشرح القاموس. والذي في النهاية والمصباح: الا ما
أنشر العظم وأنبت اللحم) أَي شدّه وقوّاه من الإِنْشار الإِحْياء، قال ابن
الأَثير: ويروى بالزاي. وقوله تعالى: وهو الذي يرسل الرياح نُشُراً بين
يَدَيْ رَحمتِه، وقرئ: نُشْراً ونَشْراً. والنَّشْر: الحياة. وأَنشر
اللهُ الريحَ: أَحياها بعد موت وأَرسلها نُشْراً ونَشَراً، فأَما من قرأَ
نُشُراً فهو جمع نَشُور مثل رسول ورسُل، ومن قرأَ نُشْراً أَسكن الشينَ
اسْتِخفافاً، ومن قرأَ نَشْراً فمعناه إِحْياءً بِنَشْر السحاب الذي فيه
المطر الذي هو حياة كل شيء، ونَشَراً شاذّة؛ عن ابن جني، قال: وقرئ بها وعلى
هذا قالوا ماتت الريح سكنتْ؛ قال:
إِنِّي لأَرْجُو أَن تَمُوتَ الرِّيحُ،
فأَقعُد اليومَ وأَستَرِيحُ
وقال الزجاج: من قرأَ نَشْراً فالمعنى: وهو الذي يُرسِل الرياح
مُنْتَشِرة نَشْراً، ومن قرأَ نُشُراً فهو جمع نَشور، قال: وقرئ بُشُراً،
بالباء، جمع بَشِيرة كقوله تعالى: ومن آياته أَن يُرْسِل الرياحَ مُبَشِّرات.
ونَشَرتِ الريحُ: هبت في يوم غَيْمٍ خاصة. وقوله تعالى: والنَّاشِراتِ
نَشْراً، قال ثعلب: هي الملائكة تنشُر الرحمة، وقيل: هي الرياح تأْتي
بالمطر. ابن الأَعرابي: إِذا هبَّت الريح في يوم غيم قيل: قد نَشَرت ولا يكون
إِلا في يوم غيم. ونَشَرتِ الأَرض تنشُر نُشُوراً: أَصابها الربيعُ
فأَنبتتْ. وما أَحْسَنَ نَشْرها أَي بَدْءَ نباتِها. والنَّشْرُ: أَن يخرج
النَّبْت ثم يبطئَ عليه المطر فييبَس ثم يصيبَه مطر فينبت بعد اليُبْسِ، وهو
رَدِيء للإِبل والغنم إِذا رعتْه في أَوّل ما يظهر يُصيبها منه
السَّهام، وقد نَشَر العُشْب نَشْراً. قال أَبو حنيفة: ولا يضر النَّشْرُ
الحافِرَ، وإِذا كان كذلك تركوه حتى يَجِفَّ فتذهب عنه أُبْلَتُه أَي شرُّه وهو
يكون من البَقْل والعُشْب، وقيل: لا يكون إِلا من العُشْب، وقد نَشَرت
الأَرض. وعمَّ أَبو عبيد بالنَّشْر جميعَ ما خرج من نبات الأَرض. الصحاح:
والنَّشْرُ الكلأُ إِذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في دُبُرِ الصيف فاخضرّ، وهو
رديء للراعية يهرُب الناس منه بأَموالهم؛ وقد نَشَرتِ الأَرض فهي ناشِرة
إِذا أَنبتتْ ذلك. وفي حديث مُعاذ: إِن كلَّ نَشْرِ أَرض يُسلم عليها
صاحِبُها فإِنه يُخرِج عنها ما أُعطِيَ نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيّ
وعُشْرَ المَظْمَئِيِّ؛ قوله رُبعَ المَسْقَوِيّ قال: أَراه يعني رُبعَ
العُشْر. قال أَبو عبيدة: نَشْر الأَرض، بالسكون، ما خرج من نباتها، وقيل: هو
في الأَصل الكَلأُ إِذا يَبِسَ ثم أَصابه مطر في آخر الصَّيف فاخضرّ، وهو
رديء للرّاعية، فأَطلقه على كل نبات تجب فيه الزكاة. والنَّشْر: انتِشار
الورَق، وقيل: إِيراقُ الشَّجَر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كأَن على أَكتافِهم نَشْرَ غَرْقَدٍ
وقد جاوَزُوا نَيَّان كالنَّبََطِ الغُلْفِ
يجوز أَن يكون انتشارَ الورق، وأَن يكون إِيراقَ الشجر، وأَن يكون
الرائحة الطيّبة، وبكل ذلك فسره ابن الأَعرابي. والنَّشْر: الجَرَب؛ عنه
أَيضاً. الليث: النَّشْر الكلأُ يهيج أَعلاه وأَسفله ندِيّ أَخضر تُدْفِئُ
منه الإِبل إِذا رعته؛ وأَنشد لعُمير بن حباب:
أَلا رُبَّ مَن تدعُو صَدِيقاً، ولو تَرى
مَقالتَه في الغَيب، ساءَك ما يَفْرِي
مَقالتُه كالشَّحْم، ما دام شاهِداً،
وبالغيب مَأْثُور على ثَغرة النَّحْرِ
يَسرُّك بادِيهِ، وتحت أَدِيمِه
نَمِيَّةُ شَرٍّ تَبْتَرِي عَصَب الظَّهر
تُبِينُ لك العَيْنان ما هو كاتِمٌ
من الضِّغْن، والشَّحْناء بالنَّظَر الشَّزْر
وفِينا، وإِن قيل اصطلحنا، تَضاغُنٌ
كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْر
فَرِشْني بخير طالَما قد بَرَيْتَني،
فخيرُ الموالي من يَرِيشُ ولا يَبرِي
يقول: ظاهرُنا في الصُّلح حسَن في مَرْآة العين وباطننا فاسد كما تحسُن
أَوبار الجَرْبى عن أَكل النَّشْر، وتحتها داءٌ منه في أَجوافها؛ قال
أَبو منصور: وقيل: النَّشْر في هذا البيت نَشَرُ الجرَب بعد ذهابه ونَباتُ
الوبَر عليه حتى يخفى، قال: وهذا هو الصواب. يقال: نَشِرَ الجرَب يَنْشَر
نَشَراً ونُشُوراً إِذا حَيِيَ بعد ذهابه. وإِبل نَشَرى إِذا انتشر فيها
الجَرب؛ وقد نَشِرَ البعيرُ إِذا جَرِب. ابن الأَعرابي: النَّشَر نَبات
الوبَر على الجرَب بعدما يَبرأُ.والنَّشْر: مصدر نَشَرت الثوب أَنْشُر
نَشْراً. الجوهري: نَشَر المتاعَ وغيرَه ينشُر نَشْراً بَسَطَه،ومنه ريح
نَشُور ورياح نُشُر. والنَّشْر أَيضاً: مصدر نَشَرت الخشبة بالمِنْشار
نَشْراً. والنَّشْر: خلاف الطيّ. نَشَر الثوبَ ونحوه يَنْشُره نَشْراً
ونَشَّره: بَسَطه. وصحف مُنَشَّرة، شُدّد للكثرة. وفي الحديث: أَنه لم يخرُج في
سَفَر إِلا قال حين ينهَض من جُلوسه: اللهم بك انتَشَرت؛ قال ابن
الأَثير: أَي ابتدأْت سفَري. وكلُّ شيء أَخذته غضّاً، فقد نَشَرْته وانْتَشَرته،
ومَرْجِعه إِلى النَّشْر ضدّ الطيّ، ويروى بالباء الموحدة والسين
المهملة.
وفي الحديث: إِذا دَخَل أَحدكم الحمَّام فعليه بالنَّشِير ولا يَخْصِف؛
هو المِئْزر سمي به لأَنه يُنْشَر ليُؤْتَزَرَ به. والنَّشِيرُ: الإِزار
من نَشْر الثوب وبسْطه. وتَنَشَّر الشيءُ وانْتَشَر: انْبَسَط. وانْتَشَر
النهارُ وغيره: طال وامْتدّ. وانتشَر الخبرُ: انْذاع. ونَشَرت الخبرَ
أَنشِره وأَنشُره أَي أَذعته. والنَّشَر: أَن تَنْتَشِر الغنمُ بالليل
فترعى. والنَّشَر: أَن ترعَى الإِبل بقلاً قد أَصابه صَيف وهو يضرّها، ويقال:
اتق على إِبلك النَّشَر، ويقال: أَصابها النَّشَر أَي ذُئِيَتْ على
النَّشَر، ويقال: رأَيت القوم نَشَراً أَي مُنْتشِرين. واكتسى البازِي ريشاً
نَشَراً أَي مُنتشِراً طويلاً. وانتشَرت الإِبلُ والغنم: تفرّقت عن غِرّة
من راعيها، ونَشَرها هو ينشُرها نشْراً، وهي النَّشَر. والنَّشَر: القوم
المتفرِّقون الذين لا يجمعهم رئيس. وجاء القوم نَشَراً أَي متفرِّقين.
وجاء ناشِراً أُذُنيه إِذا جاء طامِعاً؛ عن ابن الأَعرابي. والنَّشَر،
بالتحريك: المُنتشِر. وضَمَّ الله نَشَرَك أَي ما انتشَر من أَمرِك، كقولهم:
لَمَّ الله شَعَثَك وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فرَدَّ نَشَر
الإِسلام على غَرِّهِ أَي رَدَّ ما انتشر من الإِسلام إِلى حالته التي كانت على
عهد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تعني أَمرَ الرِّدة وكفاية
أَبيها إِيّاه، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعول. أَبو العباس: نَشَرُ الماء،
بالتحريك، ما انتشر وتطاير منه عند الوضوء. وسأَل رجل الحسَن عن انتِضاح الماء
في إِنائه إِذا توضأَ فقال: ويلك أَتملك نَشَر الماء؟ كل هذا محرّك
الشين من نَشَرِ الغنم. وفي حديث الوضوء: فإِذا اسْتنْشَرتْ واستنثرتَ خرجتْ
خَطايا وجهك وفيك وخَياشِيمك مع الماء، قال الخطابي: المحفوظ اسْتَنْشيت
بمعنى استنْشقْت، قال: فإِن كان محفوظاً فهو من انتِشار الماء وتفرّقه.
وانتشَر الرجل: أَنعظ. وانتشَر ذكَرُه إِذا قام.
ونَشَر الخشبة ينشُرها نشراً: نَحتها، وفي الصحاح: قطعها بالمِنْشار.
والنُّشارة: ما سقط منه. والمِنْشار: ما نُشِر به. والمِنْشار: الخَشَبة
التي يُذرَّى بها البُرُّ، وهي ذات الأَصابع.
والنواشِر: عَصَب الذراع من داخل وخارج، وقيل: هي عُرُوق وعَصَب في باطن
الذراع، وقيل: هي العَصَب التي في ظاهرها، واحدتها ناشرة. أَبو عمرو
والأَصمعي: النواشِر والرَّواهِش عروق باطِن الذراع؛ قال زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
الجوهري: النَّاشِرة واحدة النَّواشِر، وهي عروق باطن الذراع.
وانتِشار عَصَب الدابة في يده: أَن يصيبه عنت فيزول العَصَب عن موضعه.
قال أَبو عبيدة: الانْتِشار الانتِفاخ في العصَب للإِتعاب، قال: والعَصَبة
التي تنتشِر هي العُجَاية. قال: وتحرُّك الشَّظَى كانتِشار العَصَب غير
أَن الفرَس لانتِشار العَصَب أَشدُّ احتمالاً منه لتحرك الشَّظَى.
شمر: أَرض ماشِرة وهي التي قد اهتزَّ نباتها واستوت وروِيت من المطَر،
وقال بعضهم: أَرض ناشرة بهذا المعنى.
ابن سيده: والتَّناشِير كتاب للغِلمان في الكُتَّاب لا أَعرِف لها
واحداً.
والنُّشرةُ: رُقْيَة يُعالَج بها المجنون والمرِيض تُنَشَّر عليه
تَنْشِيراً،وقد نَشَّر عنه، قال: وربما قالوا للإِنسان المهزول الهالكِ: كأَنه
نُشْرة. والتَّنْشِير: من النُّشْرة، وهي كالتَّعوِيذ والرُّقية. قال
الكلابي: وإِذا نُشِر المَسْفُوع كان كأَنما أُنْشِط من عِقال أَي يذهب عنه
سريعاً. وفي الحديث أَنه قال: فلعل طَبًّا أَصابه يعني سِحْراً، ثم
نَشَّره بِقُلْ أَعوذ بربّ الناس أَي رَقَاهُ؛ وكذلك إِذا كَتب له النُّشْرة.
وفي الحديث: أَنه سُئل عن النُّشْرة فقال: هي من عَمَل الشيطان؛
النُّشرة، بالضم: ضرْب من الرُّقية والعِلاج يعالَج به من كان يُظن أَن به مَسًّا
من الجِن، سميت نُشْرة لأَنه يُنَشَّر بها عنه ما خامَرَه من الدَّاء
أَي يُكشَف ويُزال. وقال الحسن: النُّشْرة من السِّحْر؛ وقد نَشَّرت عنه
تَنشِيراً.
وناشِرة: اسم رجل؛ قال:
لقد عَيَّل الأَيتامَ طَعنةُ ناشِرَهْ
أَناشِرَ، لا زالتْ يمينُك آشِرَهْ
أَراد: يا ناشِرَةُ فرخَّم وفتح الراء، وقيل: إِنما أَراد طعنة ناشِر،
وهو اسم ذلك الرجل، فأَلحق الهاء للتصريع، قال: وهذا ليس بشيء لأَنه لم
يُرْوَ إِلا أَناشِر، بالترخيم، وقال أَبو نُخَيلة يذكُر السَّمَك:
تَغُمُّه النَّشْرة والنَّسِيمُ،
ولا يَزالُ مُغْرَقاً يَعُومُ
في البحر، والبحرُ له تَخْمِيمُ،
وأُمُّه الواحِدة الرَّؤُومُ
تَلْهَمُه جَهْلاً، وما يَرِيمُ
يقول: النَّشْرة والنسيم الذي يُحيي الحيوان إِذا طال عليه الخُمُوم
والعَفَن والرُّطُوبات تغُم السمك وتكرُ به، وأُمّه التي ولدته تأْكله لأَن
السَّمَك يأْكل بعضُه بعضا، وهو في ذلك لا يَرِيمُ موضعه.
ابن الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كانت سخيَّة كريمة،
قال: ومن المَنْشُورة قوله تعالى: نُشُراً بين يدَيْ رحمتِه؛ أَي سَخاء
وكَرَماً.
والمَنْشُور من كُتب السلطان: ما كان غير مختوم. ونَشْوَرَت الدابة من
عَلَفــها نِشْواراً: أَبقتْ من علفــها؛ عن ثعلب، وحكاه مع المِشْوار الذي هو
ما أَلقتِ الدابة من عَلَفــها، قال: فوزنه على هذا نَفْعَلَتْ، قال: وهذا
بناء لا يُعرف. الجوهري: النِّشْوار ما تُبقيه الدابة من الــعَلَف، فارسي
معرب.
عضض: العَضُّ: الشدُّ بالأَسنان على الشيء، وكذلك عَضّ الحيَّة، ولا
يقال للعَقْرَب لأَن لَدْغَها إِنما هو بِزُباناها وشَوْلَتِها، وقد
عَضِضْتُه أَعَضُّه وعَضِضْتُ عليه عَضّاً وعِضاضاً وعَضِيضاً وعَضَّضْتُه،
تميمة ولم يسمع لها بآتٍ على لغتهم، والأَمر منه عَضَّ واعْضَضْ. وفي حديث
العِرْباض: وعَضُّوا عليها بالنواجِذِ؛ هذا مثل في شدّة الاستماك بأَمر
الدين لأَن العَضَّ بالنواجذ عَضٌّ بجميع الفم والأَسنان، وهي أَواخِرُ
الأَسنان، وقيل: هي التي بعد الأَنياب. وحكى الجوهري عن ابن السكيت: عضضت
باللقمة فأَنا أَعَضُّ، وقال أََبو عبيدة: عَضَضْتُ، بالفتح، لغة في
الرِّبابِ. قال ابن بري: هذا تصحيف على ابن السكيت، والذي ذكره ابن السكيت في
كتاب الإِصلاح: غَصِصْتُ باللقمة فأَنا أَغَصُّ بها غَصَصاً. قال أَبو
عبيدة: وغَصَصْتُ لغة في الرِّبابِ، بالصاد المهملة لا بالضاد المعجمة.
ويقال: عَضَّه وعَضَّ به وعَضَّ عليه وهما يَتعاضّانِ إِذا عَضَّ كل واحد
منهما صاحبه، وكذلك المُعاضَّةُ والعِضاضُ. وأَعْضَضْتُه سيفي: ضربته به.
وما لنا في هذا الأَمر مَعَضٌّ أَي مُسْتَمْسَكٌ. والعَضُّ باللسان: أَنْ
يَتَناوَلَه بما لا ينبغي، والفعلُ كالفعلِ، وكذلك المصدر.
ودابةٌ ذاتُ عَضِيضٍ وعِضاضٍ، قال سيبويه: العِضاضُ اسم كالسِّبابِ ليس
على فَعَلَه فَعْلاً. وفرَسٌ عَضُوضٌ أَي يَعَضُّ، وكلب عَضوض وناقة
عَضوض، بغير هاء. ويقال: بَرِئْتُ إِليك من العِضاضِ والعَضِيضِ إِذا باع
دابَّة وبَرِئَ إِلى مشتريها من عَضِّها الناسَ، والعُيُوبُ تجيءُ على
فِعال، بكسر الفاء.
وأَعْضَضْتُه الشيءَ فَعَضَّه، وفي الحديث: من تَعَزَّى بِعَزاءِ
الجاهلية فأَعِضُّوه بِهَنِ أَبيه ولا تَكْنُوا أَي قُولوا له: اعْضَضْ بأَيْرِ
أَبيك ولا تكنوا عن الأَير بالهن تنكيلاً وتأْديباً لمن دعَا دَعْوى
الجاهلية؛ ومنه الحديث أَيضاً: من اتَّصَلَ فأَعِضُّوه أَي من انتسَب
نِسْبَةَ الجاهلية وقال يا لفلان. وفي حديث أُبَيّ: أَنه أَعَضَّ إِنساناً
اتّصَل. وقال أَبو جهل لعتبة يوم بدر: واللّه لو غَيْرُك يقول هذا
لأَعْضَضْتُه؛ وقال الأَعْشى:
عَضَّ بما أَبْقَى المَواسِي له
من أُمِّه، في الزَّمَنِ الغابِرِ
وما ذاقَ عَضاضاً أَي ما يُعَضُّ عليه. ويقال: ما عندنا أَكالٌ ولا
عَضاضٌ؛ وقال:
كأَنَّ تَحْتي بازِياً رَكَّاضا
أَخْدَرَ خَمْساً، لم يَذُقْ عَضاضا
أَخْدَرَ: أَقامَ خَمْساً في خِدْره، يريد أَن هذا البازي أَقام في
وَكْره خمس ليال مع أَيامهن لم يذق طعاماً ثم خرج بعد ذلك يطلب الصيد وهو
قَرِمٌ إِلى اللحم شديد الطيران، فشبه ناقته به. وقال ابن بزرج: ما أَتانا
من عَضاضٍ وعَضُوضٍ ومَعْضُوضٍ أَي ما أَتانا شيءٌ نَعَضُّه. قال: وإِذا
كان القوم لا بنين لهم فلا عليهم أَن يَرَوْا عَضاضاً. وعَضَّ الرجلُ
بصاحِبه يَعَضُّه عَضّاً: لَزِمَه ولَزِقَ به. وفي حديث يعلى: يَنْطَلِقُ
أَحدكم إِلى أَخيه فَيَعَضُّه كَعَضِيضِ الفَحْلِ؛ أَصل العَضِيضِ اللزوم،
وقال ابن الأَثير في النهاية: المراد به ههنا العَضُّ نفسه لأَنه بعضه له
يلزمه. وعَضَّ الثِّقافُ بأَنابِيبِ الرُّمْحِ عَضّاً وعَضَّ عليها:
لَزِمَها، وهو مَثَلٌ بما تقدَّمَ لأَن حقيقة هذا الباب اللزوم واللزوق.
وأَعَضَّ الرُّمْحَ الثِّقافَ: أَلزمه إِيّاه. وأَعَضَّ الحَجَّامُ
المِحْجَمةَ قفاه: أَلزمها إِيّاه؛ عن اللحياني. وفلان عِضُّ فلان وعَضِيضُه أَي
قِرْنُه. ورجل عِضٌّ: مُصْلِحٌ لِمَعِيشته وماله ولازم له حَسَنُ القِيامِ
عليه. وعَضِضْتُ بمالي عُضُوضاً وعَضاضةً: لَزِمْتُه. ويقال: إِنه
لَعِضُّ مال، وفلان عِضُّ سفَر قويٌّ عليه وعِضُّ قتال؛ وأَنشد
الأَصمعي:لم نُبْقِ من بَغْيِ الأَعادي عِضّا
والعَضُوضُ: من أَسماء الدَّواهي. وفي التهذيب: العَضْعَضُ العِضُّ
الشديد، ومنهم من قَيَّدَهُ من الرجال. والضَّعْضَعُ: الضعيفُ. والعِضُّ:
الداهِيةُ. وقد عَضِضْتَ يا رجل أَي صِرْتَ عِضّاً؛ قال القطامي:
أَحادِيثُ مِن أَنباءِ عادٍ وجُرْهُمٍ
يُثَوِّرُها العِضّانِ: زَيْدٌ ودَغْفَلُ
يريد بالعِضِّينِ زيد بن الكَيِّسِ النُّمَيْري، ودَغْفَلاً النسَّابةَ،
وكانا عالمي العرب بأَنسابها وأَيامها وحِكَمِها؛ قال ابن بري: وشاهد
العِضِّ أَيضاً قول نجاد الخيبري:
فَجَّعَهُمْ، باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ،
عِضٌّ لَئِيمُ المُنْتَمَى والعُنْصُرِ
والعِضُّ أَيضاً: السَّيءُ الخُلُق؛ قال:
ولم أَكُ عِضّاً في النَّدامى مُلَوَّما
والجمع أَعضاضٌ. والعِضُّ، بكسر العين: العِضاهُ. وأَعَضَّتِ الأَرضُ،
وأَرضٌ مُعِضَّة: كثيرة العِضاهِ. وقومٌ مُعِضُّونَ: تَرْعَى إِبلهم
العِضَّ.
والعُضُّ، بضم العين: النوى المَرْضُوخُ والكُسْبُ تُــعْلَفُــه الإِبل وهو
عَلَف أَهل الأَمصار؛ قال الأَعشى:
من سَراة الهِجانِ صَلَّبَها العُـ
ـض، ورَعْيُ الحِمَى، وطولُ الحِيالِ
العُضُّ: عَلَفُ أَهل الأَمصار مثل القَتِّ والنوى. وقال أََبو حنيفة:
العُضُّ العجينُ الذي تــعلفــه الإِبل، وهو أَيضاً الشجر الغليظ الذي يبقى في
الأَرض. قال: والعَضاضُ كالعُضِّ، والعَضاضُ أَيضاً ما غَلُظَ من النبت
وعَسا. وأَغَضَّ القومُ: أَكَلَتْ إِبلهم العُضَّ أَو العَضاضَ؛ وأَنشد:
أَقولُ، وأَهْلي مُؤْرِكُونَ وأَهْلُها
مُعِضُّونَ: إِن سارَتْ فكيفَ أَسيرُ؟
وقال مرة في تفسير هذا البيت عند ذكر بعض أَوصاف العِضاه: إِبل
مُعِضَّةٌ تَرْعَى العِضاهَ، فجعلها إِذ كان من الشجر لا من العُشْبِ بمنزلة
المعلوفة في أَهلها النَّوَى وشبهه، وذلك أَن العُضَّ هو علَف الرِّيفِ من
النوى والقَتِّ وما أَشبه ذلك، ولا يجوز أَن يقال من العِضاه مُعِضٌّ إِلا
على هذا التأْويل. والمُعِضُّ: الذي تأْكل إِبله العُضَّ. والمُؤْرِكُ:
الذي تأْكل إِبله الأَراكَ والحَمْضَ، والأَراكُ من الحَمْضِ. قال ابن
سيده: قال المتعقب غَلِطَ أَبو حنيفة في الذي قاله وأَساءَ تخريج وجه كلام
الشاعر لأَنه قال: إِذا رعى القوم العِضاه قيل القوم مُعِضُّونَ، فما
لذكره العُضّ، وهو علف الأَمصار، مع قول الرجل العِضاه:
وأَين سُهَيْلٌ من الفَرْقَدِ
وقوله: لا يجوز أَن يقال من العِضاه مُعِضٌّ إِلا على هذا التأْويل، شرط
غير مقبول منه لأَنَّ ثَمَّ شيئاً غَيَّره عليه قبل، ونحن نذكره إِن شاء
اللّه تعالى. وفي الصحاح: بعير عُضاضِيٌّ أَي سمين منسوب إِلى أَكل
العُضِّ؛ قال ابن بري: وقد أَنكر عليُّ بنُ حمزة أَن يكون العُضُّ النوى لقول
امرئ القيس:
تَقْدُمُه نَهْدَةٌ سَبُوحٌ،
صَلَّبَها العُضُّ والحِيالُ
قال أَبو زيد في أَول كتاب الكلإِ والشجر: العضاه اسم يقع على شجر من
شجر الشوك له أََسماء مختلفة يجمعها العضاه، واحدتها عِضاهةٌ، وإِنما
العِضاه الخالص منه ما عظم واشتد شوكه، وما صغر من شجر الشوك فإِنه يقال له
العِضُّ والشِّرْسُ، وإِذا اجتمَعَت جموع ذلك فما له شوك من صغاره عِضٌّ
وشِرْسٌ، ولا يُدْعَيانِ عِضاهاً، فمن العِضاه السَّمُرُ والعُرْفُطُ
والسَّيالُ والقَرَظُ والقَتادُ الأَعظم والكَنَهْبَلُ والعَوْسَجُ والسِّدْرُ
والغافُ والغَرَبُ، فهذه عِضاهٌ أَجمع ومن عِضاهِ القِياسِ، وليس
بالعضاه الخالص الشَّوْحَطُ والنَّبْعُ والشِّرْيانُ والسَّراءُ والنَّشَمُ
والعُجْرُمُ والتَّأْلَبُ والغَرَفُ فهذه تدعى كلُّها عِضاهَ القِياسِ، يعني
القِسيَّ، وليست بالعضاه الخالص ولا بالعِضِّ؛ ومن العِضِّ والشَّرْسِ
القَتادُ الأَصغر، وهي التي ثمرتها نُفّاخةٌ كَنُفّاخةِ العُشَرِ إِذا
حركت انفقأَت، ومنها الشُّبْرُمُ والشِّبْرِقُ والحاجُ واللَّصَفُ
والكَلْبةُ والعِتْرُ والتُّغْرُ فهذه عِضٌّ وليست بعضاه، ومن شجر الشوك الذي ليس
بِعضٍّ ولا عضاه الشُّكاعَى والحُلاوَى والحاذُ والكُبُّ والسُّلَّحُ.
وفي النوادر: هذا بلدُ عِضٍّ وأَعضاضٍ وعَضاضٍ أَي شجر ذي شوك. قال ابن
السكيت في المنطق: بعير عاضٌّ إِذا كان يأْكل العِضَّ وهو في معنى عَضِهٍ،
وعلى هذا التفصيل قول من قال مُعِضُّونَ يكون من العِضِّ الذي هو نفس
العِضاه وتصح روايته.
والعَضُوضُ من الآبارِ: الشاقَّةُ على الساقي في العمل، وقيل: هي
البعِيدةُ القعرِ الضَّيِّقةُ؛ أَنشد:
أَوْرَدَها سَعْدٌ عليَّ مُخْمِسا،
بِئْراً عَضُوضاً وشِناناً يُبَّسا
والعرب تقول: بِئْرٌ عَضُوضٌ وماءٌ عَضُوضٌ إِذا كان بعيدَ القعر يستقى
منه بالسانِيةِ. وقال أَبو عمرو: البئرُ العَضُوضُ هي الكثيرة الماء،
قال: وهي العَضِيضُ. في نوادره: ومِياهُ بني تميم عُضُضٌ، وما كانت البئر
عَضُوضاً ولقد أَعَضَّتْ، وما كانت جُدّاً ولقد أَجَدَّتْ، وما كانت
جَرُوراً ولقد أَجَرَّتْ.
والعُضَّاضُ: ما بين رَوْثةِ الأَنف إِلى أَصله، وفي التهذيب: عِرْنِينُ
الأَنف؛ قال:
لمَّا رأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَحِفَّا،
أَعْدَمْتُه عُضَّاضَه والكَفَّا
وقال ابن بري: قال أَبو عُمَر الزاهد العُضاضُ، بالضم، الأَنف؛ وقال ابن
دريد: الغُضاضُ، بالغين المعجمة؛ وقال أَبو عمرو: العُضَّاضُ، بالضم
والتشديد، الأَنف؛ وأَنشد لعياض بن درة:
وأَلْجَمَه فأْسَ الهَوانِ فلاكَه،
فأَعْضَى على عُضّاضِ أَنْفٍ مُصَلَّمِ
قال الفراء: العُضاضِيُّ الرجل الناعم اللَّيِّنُ مأْخوذ من العُضاضِ
وهو ما لانَ من الأَنف.
وزَمَنٌ عَضُوضٌ أَي كَلِبٌ. قال ابن بري: عَضَّه القَتَبُ وعَضَّه
الدهْرُ والحرْبُ، وهي عَضوض، وهو مستعار من عَضِّ الناب؛ قال المخبّل
السعدي:لَعَمْرُ أَبيكَ، لا أَلْقَى ابنَ عَمٍّ،
على الحِدْثانِ، خَيْراً من بَغِيضِ
غَداةَ جَنَى عليّ بَنيَّ حَرْباً،
وكيفَ يَدايَ بالحرْبِ العَضُوضِ؟
وأَنشد ابن بري لعبد اللّه بن الحجاج:
وإِنِّي ذو غِنىً وكَرِيمُ قَوْمٍ،
وفي الأَكْفاءِ ذو وَجْهٍ عَرِيضِ
غَلَبْتُ بني أَبي العاصِي سَماحاً،
وفي الحرْبِ المُنَكَّرَةِ العَضُوضِ
ومُلْكٌ عَضُوضٌ: شديدٌ فيه عَسْفٌ وعَنْفٌ. وفي الحديث: ثم يكون مُلْكٌ
عَضُوضٌ أَي يُصيبُ الرَّعِيَّةَ، فيه عسف وظلم، كأَنهم
(* قوله «كأَنهم
إلخ» كذا بالأصل. وأصل النسخة التي بأيدينا من النهاية ثم أصلحت كأنه
يعضهم عضاً.) يُعَضُّونَ فيه عَضّاً. والعَضُوضُ من أَبْنِيةِ المُبالغَةِ،
وفي رواية: ثم يكون مُلوك عُضُوضٌ، وهو جمع عِضٍّ، بالكسر، وهو
الخَبِيثُ الشَّرِسُ. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: وسَتَرَوْنَ بعدي
مُلْكاً عَضُوضاً. وقوْسٌ عَضُوضٌ إِذا لَزِقَ وترُها بِكَبدِها. وامرأَة
عَضوض: لا يَنْفُذ فيها الذكَر من ضِيقها.
وفلان يُعَضِّضُ شفتيه أَي يَعَضُّ ويُكْثِرُ ذلك من الغضَب. وفلان
عِضاضُ عَيْشٍ أَي صَبُورٌ على الشدة. وعاضَّ القومُ العَيْشَ منذُ العامِ
فاشتد عِضاضُهم أَي اشتدَّ عَيْشُهم. وغَلَقٌ عِضٌّ: لا يكادُ
يَنْفَتِحُ.والتَّعْضُوضُ: ضرب من التمر شديد الحلاوة، تاؤُه زائدة مفتوحة، واحدته
تَعْضُوضةٌ، وفي التهذيب: تمر أَسود، التاء فيه ليست بأَصلية. وفي
الحديث: أَن وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ قَدِموا على النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
فكان فيما أَهْدَوْا له قُرُبٌ من تَعْضُوض؛ وأَنشد الرياشي في صفة نخل:
أَسْوَد كاللَّيْلِ تَدَجَّى أَخْضَرُهْ،
مُخالِط تَعْضُوضه وعُمُرُهْ،
بَرْنِيَّ عَيْدانٍ قَلِيلٍ قِشَرُهْ
العُمُر: نخل السُّكَّر. قال أَبو منصور: وما أَكلت تمراً أَحْمَتَ
حَلاوةً من التَّعْضُوضِ، ومعدنه بهجر وقُراها. وفي الحديث أَيضاً: أَهْدَتْ
لنا نَوْطاً من التعضوض. وقال أَبو حنيفة: التَّعْضُوضةُ تمرة طَحْلاءُ
كبيرة رطْبة صَقِرةٌ لذيذة من جَيِّد التمر وشَهِيِّه. وفي حديث عبد الملك
بن عمير: واللّه لتَعْضُوضٌ كأَنه أَخفاف الرِّباع أَطيب من هذا.
حشش: الحَشِيش: يابِسُ الكَلإِ، زاد الأَزهري: ولا يقال وهو رطب حَشِيش،
واحدته حَشِيشة، والطَّاقة منه حَشِيشة، والفِعْل الاحْتِشاش. وأَحَشَّ
الكلأُ: أَمْكَنَ أَن يُجْمع ولا يقال أَجَزَّ. وأَحَشَّت الأرضُ: كثر
حَشِيشُها أَو صار فيها حَشِيش. والعُشْبُ: جِنْس لِلْخَلى والحشِيش،
فالخَلى رَطْبُه، والحشِيشُ يابِسُه؛ قال ابن سيده: هذا قول جمهور أَهل اللغة،
وقال بعضهم: الحشِيش أَخْضَرُ الكلإِ ويابسُه؛ قال: وهذا ليس بصحيح لأَن
موضوعَ هذه الكلمة في اللغة اليُبْس والتقَبُّض. الأَزهري: العرب إِذا
أَطْلَقوا اسم الحشِيش عَنَوْا به الخَلى خاصَّة، وهو أَجْوَدُ عَلَفٍ
يَصْلُح الخَيْلُ عليه، وهي من خَيْر مراعِي النَّعَم، وهو عُرْوَةٌ في
الجَدْب وعُقْدة في الأَزَمات، إِلا أَنه إِذا حالت عليه السنة تغَيَّر لونُه
واسْودَّ بعد صُفرتِه، واحْتَوَتْه النَّعَم والخَيل إِلا أَن تُمْحِلَ
السنة ولا تُنْبِتَ البقلَ، وإِذا بدا القومُ في آخر الخَريف قبل وقوع
ربيع بالأَرض فَظَعَنُوا مُنْتحِعين لم ينزلوا بلداً إِلا ما فيه خَلًى،
فإِذا وقع ربيع بالأَرض وأَبْقَلَت الرّياضُ أَغْنَتْهم عن الخلى
والصِّلّيان. وقال ابن شميل: البقْلُ أَجْمَع رَطْباً ويابساً حشيشٌ وعلَفٌ
وخَلًى. ويقال: هذه لُمْعَة قد أَحَشَّت أَي أَمكنت لأَنْ تُخَشَّ، وذلك إِذا
يَبِست، واللُّمْعة من الخَلى، وهو المَوْضع الذي يكثر فيه الحلى، ولا
يقال له لُمْعة حتى يصفَرَّ أَو يَبْيَضَّ؛ قال الأَزهري: وهذا كلام كله
عربي صحيح.
والمَحَشّ والمَحَشَّة: الأَرض الكثيرة الحَشِيش. وهذا مَحَشُّ صِدْقٍ:
لِلْبَلَد الذي يَكثُر فيه الحشيش. وفلان بمَحَشِّ صِدْقٍ أَي بموضع كثير
الحشيش، وقد يقال ذلك لمن أَصاب أَيَّ خَيرٍ كان مَثَلاً به؛ يقال:
إِنَّك بمَحَشّ صِدْق فلا تبْرحْه أَي بموضع كثير الخير.
وحَشّ الحَشِيشَ يَحُشُّه حشّاً واحْتَشَّه، كِلاهما: جَمَعَه. وحَشَشْت
الحشيش: قطعْتُه، واحْتَشَشْتُه طلَبْتُه وجَمَعْته. وفي الحديث: أَنَّ
رجُلاً من أَسْلَمَ كان في غُنَيْمة له يَحُشُّ عَلَيها، وقالوا: إِنما
هو يَهُشُّ، بالهاء، أَي يَضْرب أَغْصانَ الشجَر حتى يَنْتَثِرَ ورَقُهامن
قوله تعالى: وأَهُشُّ بها على غَنمي، وقيل: إِنَّ يَحُشّ ويَهُشّ
بمعنًى، وهو مَحْمول على ظاهره من الحَشِّ قَطْعِ الحَشِيش. يقال: حشّه
واحْتَشَّه وحَشَّ على دابَتِه إذا قَطَع لها الحشيش. وفي حديث عُمَر، رضي
اللَّه عنه: أَنه رَأَى رجُلاً يحْتَشّ في الحَرَم فَزَبَرَهُ؛ قال ابن
الأَثير: أَي يأْخُذ الحشيش وهو اليابس من الكَلإِ. والحُشّاش: الذين
يَحْتَشُّون.
والمِحَشّ والمَحَشّ: منجل ساذَجٌ يُحَشُّ به الحشيش، والفتح أَجود،
وهُما أَيضاً الشيء الذي يُجْعل فيه الحشيش. وقال أَبو عبيد: المِحَشّ ما
حُشّ به، والمَحَشّ الذي يُجْعل فيه الحشيش، وقد تُكْسر ميمُه أَيضاً.
والحِشَاش خاصّة: ما يوضع فيه الحشيش، وجمْعُه أَحِشَّة. وفي حديث أَبي
السَّلِيل: قال جاءت ابْنةُ أَبي ذَرّ عليها مِحَشّ صُوفٍ أَي كساءٌ خَشن
خَلَقٌ، وهو من المِحَش والمَحَش، بالفتح والكسر، والكِساء الذي يوضع فيه
الحَشِيش.
وحَشَشْت فَرَسي: أَلْقَيْتُ له حَشِيشاً. وحَشّ الدابة يحُشّها حشّاً:
علَفَــها الحشيشَ. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول للرجل: حُشَّ فَرَسَك.
وفي المثل
(* قوله «وفي المثل إلخ» في شرح القاموس: ثم إِن لفظ المثل هكذا
هو في الصحاح والتهذيب والأساس والمحكم، ورأيت في هامش الصحاح ما نصه:
والذي قرأته بخط عبد السلام البصري في كتاب الأمثال لأبي زيد: أَحشك
وتروثين، وقد صحح عليه.): أَحُشُّكَ وتَرُوثُني، يَعْني فرسَه، يُضْرَبُ
مثَلاً لكلّ من اصطُنِع عنده معروفُ فكافَأَه بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْه ولا
نَفَعه. وقال الأَزهري: يُضْرب مثَلاً لمن يُسِيء إِليك وأَنت تُحْسن
إِليه. قال الجوهري: ولَوْ قيل بالسين لم يَبْعُدْ، ومعنى أَحُشّك
أَفَأَحُشّ لك، ويكون أَحُشُّك أَــعْلِفُــك الحشيش، وأَحَشَّه: أَعانَه على جَمْع
الحشيش. وحَشَّت اليَدُ وأَحَشَّت وهي مُحِشّ: يَبِسَت، وأَكثر ذلك في
الشَّلَلِ. وحُكِي عن يونس: حُشّت، على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعلُه،
وأَحَشَّها اللَّه. الأَزهري: حَشَّت يدُه تحِش إِذا دقَّت وصغُرت، واستحَشَّت
مثله. وحَشَّ الولَدُ في بطْن أُمِّه يَحِشُّ حَشّاً وأَحَشَّ واستحَشَّ:
جُووِزَ به وقْت الوِلادة فيَبِسَ في البَطْن، وبعضهم يقول: حُشَّ، بضمِّ
الحاء. وأَحَشَّت المرأَة والناقة وهي مُحِشّ: خَشَّ ولدُها في رحِمِها
أَي يَبِسَ وأَلْقَتْه حَشًّا ومَحْشُوشاً وأُحْشُوشاً أَي يابساً، زاد
الأَزهري: وحَشِيشاً إِذا يبس في بطنها. وفي الحديث: أَن رجُلاً أَراد
الخروج إِلى تبوك فقالت له أُمُّه أَو امرأَته: كيف بالوَدِيِّ؟ فقال:
الغَزْوُ أَنْمى لِلْوَدِيّ، فما مَاتَتْ منه وَدِيّةٌ ولا حَشَّت أَي
يَبِسَت.وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَن امرأَة مات زوجُها فاعتدّت أَربعةَ
أَشهر وعشْراً ثم تزوّجت رجلاً فمكثت عنده أَربعة أَشهر ونصفاً ثم ولدت
ولداً، فدعا عمرُ نساءً من نساء الجاهلية فسأَلهن عن ذلك، فقلن: هذه امرأَة
كانت حاملاً من زوجها الأَوّل، فلما مات حَشَّ ولدُها في بطنها، فلما
مسها الزوج الآخر تحرَّك ولدُها، قال: فَأَلْحَقَ عمر الولدَ بالأَول. قال
أَبو عبيد: حَشَّ ولدُها في بطنها أَي يَبِس. والحُشّ: الولد الهالك في
بطن الحاملة. وإَن في بطنها لَحُستّاً، وهو الولد الهالك تنطوي عليه
وتُهْراق دَماً عليه تنطوي عليه أَي يبقى فلم يخرج؛ قال ابن مقبل:
ولقد غَدَوْتُ على التِّجارِ بِجَسْرة
قَلِقٍ حشُوش جَنِينها أَو حائِل
قال: وإِذا أَلقت ولدها يابساً فهو الحشيش، قال: ولا يخرج الحشيش من
بطنها حتى يُسْطى عليها، وأَما اللحم فإِنه يتقطع فيَبُول حَفْزاً في بولها،
والعِظام لا تخرج إِلا بعد السَّطْوِ عليها، وقال ابن الأَعرابي: حَشّ
ولدُ الناقة يَحِشُّ حُشُوشاً وأَحَشَّته أُمّه.
والحُشاشَة: رُوح القلب ورَمَقُ حياة النفْس؛ قال:
وما المَرْءُ، ما دامَتْ حُشاشةُ نَفْسِه،
بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخُطُوبِ، ولا آلِ
وكل بقية حُشاشة. والحُشاش والحُشَاشة: بقية الروح في المريض. ومنه حديث
زمزم: فانْفَلَتَت البقرة من جازِرِها بحُشاشَةِ نفْسِها أَي برمق بقيّة
الحياة والروح. وحُشاشاكَ أَن تفعل ذلك أَي مَبْلَغُ جُهْدِكَ؛ عن
اللحياني، كأَنه مشتق من الحشاشة. الأَزهري: حُشاشاكَ أَن تفعل ذاك وغُناماك
وحُماداك بمعنَى واحد. الأَزهري: الحُشاشة رَمَق بقية من حياة؛ قال
الفرزدق:
إِذا سَمِعَتْ وطْءَ الرِّكابِ تنَفَّسَتْ
حُشاشَتُها، في غيرِ لَحْمٍ ولا دَم
وأَحَشّ الشحمُ العظمَ فاستَحَشّ: أَدَقّه فاستدقّ، عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
سَمِنَتْ فاسْتَحَشَّ أَكْرُعُها،
لا النِّيُّ نِيٌّ، ولا السَّنامُ سَنام
وقيل: ليس ذلك لأَن العِظام تَدِقّ بالشحم ولكن إِذا سَمِنَتْ دَقَّتْ
عند ذلك فيما يُرى.
الأَزهري: والمُسْتَحِشَّة من النوق التي دقَّت أَوظِفَتُها من عِظَمِها
وكثرةِ لحمها وحَمِشَت سَفِلَتُها في رأْي العين. يقال: استحشَّها الشحم
وأَحَشَّها الشحم. وقام فلان إِلى فلان فاستَحَشَّه أَي صَغُرَ معه.
وحَشَّ النارَ يَحُشُّها حَشّاً: جمع إِليها ما تفرق من الحطب، وقيل:
أَوقدها، وقال الأَزهري: حَشَشْتُ النارَ بالحطب، فزاد بالحطب؛ قال
الشاعر:تاللَّه لولا أَنْ تَحُشَّ الطُّبَّخُ
بِيَ الجَحِيمَ، حين لا مُسْتَصْرَخُ
يعني بالطُّبّخ الملائكةَ الموكَّلين بالعذاب. وحَشَّ الحرب يَحُشُّها
حَشّاً كذلك على المَثَل إِذا أَسعرها وهيجها تشبيهاً بإِسْعار النار؛ قال
زهير:
يَحُشُّونَها بالمَشْرَفِيَّة والقنَا،
وفِتْيانِ صِدْقٍ لا ضِعافٍ ولا نُكْل
والمِحَشُّ: ما تُحَرّكُ به النار من حديد، وكذلك المِحَشَّة؛ ومنه قيل
للرجل الشجاع: نِعْم مِحَشُّ الكَتِيبة. وفي حديث زينب بنت جحش: دخل عليّ
رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فضربني بِمِحَشِّة أَي قضيب،
جعلَتْه كالعود الذي تُحَشُّ به النار أَي تحرّك به كأَنه حركها به لتَفْهَم ما
يقول لها. وفلان مِحَشُّ حَرْب: مُوقِد نارها ومُؤَرّثُها طَبِنٌ بها.
وفي حديث الرؤيا: وإِذا عنده نار يَحُشُّها أَي يُوقِدُها؛ ومنه حديث أَبي
بَصيرٍ: ويْلُ أُمِّه مِحَشُّ حَرْب لو كان معه رجال ومنه حديث عائشة
تصف أَباها، رضي اللَّه عنهما: وأَطْفَأَ ما حَشَّتْ يهود أَي ما أَوقَدَت
من نيران الفتنة والحرب. وفي حديث عليّ، رضي اللَّه عنه: كما أَزالوكُمْ
حَشّاً بالنِّصالِ أَي إِسْعاراً وتهييجاً بالرمْي. وحَشَّ النَّابِلُ
سهمَه يَحُشُّه حَشّاً إِذا راشَه، وأَلْزَقَ به القُذَذَ من نواحيه أَو
ركَّبها عليه؛ قال:
أَو كمِرِّيخٍ على شَرْيانَةٍ،
حَشَّه الرامِي بِظُهْرانٍ حُشُرْ
(* قوله «حشر» كذا ضبط في الأصل.)
وحُشّ الفرسُ بِجِنْبَيْنِ عظيمين إِذا كان مُجْفَراً. الأَزهري: البعير
والفرس إِذا كان مُجْفَرَ الجنبين يقال: حُشَّ ظهره بجنبين واسِعَين،
فهو مَحْشُوش؛ وقال أَبو دواد الإِيادي يصف فرساً:
منَ الحارِكِ مَحْشُوش،
بِجَنْبٍ جُرْشُعٍ رَحْبِ
وحَشَّ الدابة يَحُشُّها حَشّاً: حملها في السير؛ قال:
قد حَشَّها الليل بعُصْلُبِيِّ،
مُهاجِرٍ، ليس بأَعْرابيِّ
(* وفي رواية أخرى: لفها الليل.)قال الأَزهري: قد حشها أَي قد ضمَّها.
ويَحُشُّ الرجلُ الحطبَ ويَحُشُّ النار إِذا ضمّ الحطب عليها وأَوقَدَها،
وكل ما قُوّيَ بشيء أَو أُعِينَ به، فقد حُشّ به كالحادي للإِبل والسلاحِ
للحرب والحطب للنار؛ قال الراعي:
هو الطِّرْفُ لم تُحْشَشْ مَطِيٌّ بِمِثْلِه،
ولا أَنَسٌ مُسْتَوْبِدُ الدارِ خائِفُ
أَي لم تُرْمَ مَطِيٌّ بمثله ولا أَعينَ بمثله قوم عند الاحتياج إِلى
المعونة.
ويقال: حَشَشْتُ فلاناً أَحُشُّه إِذا أَصْلَحْت من حالِه، وحَشَشْت
مالَه بمالِ فلان أَي كَثَّرْت به؛ وقال الهذلي:
في المُزَنيِّ الذي حَشَشْت له
مالَ ضَرِيكٍ، تِلادُه نُكْد
قال ابن الفرج: يقال أُلْحِق الحِسَّ بالإِسّ، قال: وسمعت بعض بني أَسد
أَلحِق الحِشَّ بالإِشّ، قال: كأَنه يقول أَلحق الشيءَ بالشيء إِذا جاءك
شيء من ناحية فافعل به؛ جاء به أَبو تراب في باب الشين والسين
وتعاقُبِهما. الليث: ويقال حُشَّ عليّ الصيدَ؛ قال الأَزهري: كلام العرب الصحيحُ
حُشْ عليَّ الصيدَ بالتخفيف من حاشَ يَحُوش، ومن قال حَشَشْت الصيدَ بمعنى
حُشْته فإِني لم أَسمعه لغير الليث، ولست أَُبْعِده مع ذلك من الجَواز،
ومعناه ضُمَّ الصيد من جانبيه كما يقال حُشَّ البعيرُ بجَنْبَين واسعين
أَي ضُمّ، غير أَن المعروف في الصيد الحَوْش. وحَشَّ الفرَسُ يَحُشُّ
حَشّاً إِذا أَسْرَعَ، ومثله أَلْهَبَ كأَنه يتوقد في عَدْوِه؛ قال أَبو دواد
الإِيادي يصف فرساً:
مُلْهِب حَشُّه كحشِّ حَرِيقٍ،
وَسْكَ غابٍ، وذاكَ مِنْه حِضَار
والحَشّ والحُشّ: جماعة النخل، وقال ابن دريد: هما النخل المجتمع. والحش
أَيضاً: البستان
(* قوله «والحش البستان» هو مثلث.). وفي حديث عثمان:
أَنه دُفِنَ في حَشِّ كَوْكَبٍ وهو بُسْتان بظاهر المدينة خارج البَقِيع.
والحش: المُتَوَضَّأُ، سمي به لأَنهم كانوا يَذْهبون عند قضاء الحاجة إِلى
البَساتين، وقيل إِلى النخْل المجتمع يَتَغَوَّطُون فيها على نحو تسميتهم
الفناء عَذِرةً، والجمع من كل ذلك حِشَّان وحُشَّان وحَشَاشين؛ الأَخيرة
جمعُ الجمع، كلُّه عن سيبويه. وفي الحديث: أَنَّ رسولَ اللَّه، صلى
اللَّه عليه وسلم، اسْتَخْلى في حُشَّان. والمِحَشّ والمَحَشّ جميعاً: الحَشّ
كأَنه مُجْتَمَع العَذِرة. والمَحَشَّة، بالفتح: الدبرُ وذكره ابن
الأَثير في ترجمة حَشَن، قال: في الحديث ذكرُ حُشَّان، وهو بضم الحاء وتشديد
الشين، أُطُمٌ من آطامِ المدينة على طريق قُبور الشُّهَداءِ في الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، نَهَى عن إِتْيان النساء في مَحاشِّهِنّ، وقد
روي بالسين، وفي رواية: في حُشُوشهن أَي أَدْبارهن. وفي حديث ابن مسعود:
مَحاشُّ النساء عليكم حرام. قال الأَزهري: كنى عن الأَدبار بالمَحاشّ كما
يُكْنى بالحُشُوش عن مواضع الغائطِ. والحَشّ والحُشّ: المَخْرَج لأَنهم
كانوا يقضُون حوائجَهم في البساتين، والجمع حشوش. وفي حديث طلحة بن عبيد
اللَه أَنه قال: أَدْخَلوني الحَشّ وقَرَّبوا اللُّجَّ فوضَعُوه على
قَفَيّ فبايعْت وأَنا مُكْرَه. وفي الحديث: إِنَّ هذه الحُشُوش مُحْتَضَرة،
يعني الكُنُفَ ومواضعَ قضاء الحاجة. والحِشاشُ الجُوالِق؛ قال:
أَعْيَا فنُطْناهُ مَنَاطَ الجَرِّ،
بَيْنَ حِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والحَشْحَشة: الحَرَكة ودُخُولُ بعضِ القوم في بعض. وحَشْحَشَتْه
النَّارُ: أَحْرَقَتْه. وفي حديث علي وفاطمة: دخَل عَلينارسولُ اللَّه، صلى
اللَّه عليه وسلم، وعلينا قَطِيفة فلما رأَيْناه تَحَشْحَشْنا؛ فقال:
مَكانَكُما التَحَشْحُش: التحرُّك للنهوض. وسمعت له حَشْحَشَة وخَشْخَشَة أَي
حركَةً.
حبل: الحَبْل: الرِّباط، بفتح الحاء، والجمع أَحْبُل وأَحبال وحِبال
وحُبُول؛ وأَنشد الجوهري لأَبي طالب:
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لا أَباكَ، ضَرَبْتَه
بمِنْسَأَة؟ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
قال ابن بري: صوابه قد جَرَّ حَبْلَك أَحْبُلُ؛ قال: وبعده:
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرة، إِنَّه
سَيَحكُم فيما بَيْننا، ثم يَعْدِلُ
والحبْل: الرَّسَن، وجمعه حُبُول وحِبال. وحَبَل الشيءَ حَبْلاً: شَدَّه
بالحَبْل؛ قال:
في الرأْس منها حبُّه مَحْبُولُ
ومن أَمثالهم: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ أَي يا من يَشُدُّ الحَبْلَ
اذكر وقت حَلِّه. قال ابن سيده: ورواه اللحياني يا حامل، بالميم، وهو تصحيف؛
قال ابن جني: وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أَبا علي فرأَيته غير راض
بها، قال: وكان يكاد يُصَلِّي بنوادر أَبي زيد إِعْظاماً لها، قال: وقال لي
وقت قراءتي إِياها عليه ليس فيها حرف إِلاَّ ولأَبي زيد تحته غرض مّا،
قال ابن جني: وهو كذلك لأَنها مَحْشُوَّة بالنُّكَت والأَسرار؛ الليث:
المُحَبَّل الحَبْل في قول رؤبة:
كل جُلال يَمْلأ المُحَبَّلا
وفي حديث قيس بن عاصم: يَغْدو الناس بِحبالهم فلا يُوزَع رجل عن جَمَل
يَخْطِمُه؛ يريد الحِبال التي تُشَدُّ فيها الإِبل أَي يأْخذ كل إِنسان
جَمَلاً يَخْطِمُه بحَبْله ويتملكه؛ قال الخطابي: رواه ابن الأَعرابي يغدو
الناس بجمالهم، والصحيح بحِبالهم. والحابُول: الكَرُّ الذي يُصْعد به على
النخل. والحَبْل: العَهْد والذِّمَّة والأَمان وهو مثل الجِوار؛ وأَنشد
الأَزهري:
ما زلْتُ مُعْتَصِماً بحَبْلٍ منكُم،
مَنْ حَلِّ ساحَتَكم بأَسْبابٍ نَجا
بعَهْدٍ وذِمَّةٍ. والحَبْل: التَّواصُل. ابن السكيت: الحَبْل الوِصال.
وقال الله عز وجل: واعتصموا بحَبْل الله جميعاً؛ قال أَبو عبيد: الاعتصام
بحَبْل الله هو ترك الفُرْقة واتباعُ القرآن، وإِيَّاه أَراد عبد الله
بن مسعود بقوله: عليكم بحَبْل الله فإِنه كتاب الله. وفي حديث الدعاء: يا
ذا الحَبْل الشديد؛ قال ابن الأَثير: هكذا يرويه المحدثون بالباء، قال:
والمراد به القرآن أَو الدين أَو السبب؛ ومنه قوله تعالى: واعتصموا بحَبْل
الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا؛ ووصفه بالشدَّة لأَنها من صِفات الحِبال،
والشدَّةُ في الدين الثَّباتُ والاستقامة؛ قال الأَزهري: والصواب الحَيْل،
بالياء، وهو القُوَّة، يقال حَيْل وحَوْل بمعنى. وفي حديث الأَقرع
والأَبرص والأَعمى: أَنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحِبال في سَفَري أَي انقطعت
بي الأَسباب، من الحَبْل السَّبَبِ. قال أَبو عبيد: وأَصل الحَبْل في
كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأَمان. وفي حديث الجنازة:
اللهم إِن فلانَ بْنَ فلانٍ في ذمتك وحَبْل جِوارك؛ كان من عادة العرب أَن
يُخِيف بعضها بعضاً في الجاهلية، فكان الرجل إِذا أَراد سفراً أَخذ عهداً
من سيد كل قبيلة فيأْمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إِلى الأُخرى
فيأْخذ مثل ذلك أَيضاً، يريد به الأَمان، فهذا حَبْل الجِوار أَي ما دام
مجاوراً أَرضه أَو هو من الإِجارة الأَمان والنصرة؛ قال: فمعنى قول ابن
مسعود عليكم بحبل الله أَي عليكم بكتاب الله وترك الفُرْقة، فإِنه أَمان
لكم وعهد من عذاب الله وعقابه؛ وقال الأَعشى يذكر مسيراً له:
وإِذا تُجَوِّزها حِبالُ قَبِيلة،
أَخَذَتْ من الأُخرى إِليك حِبالَها
وفي الحديث: بيننا وبين القوم حِبال أَي عهود ومواثيق. وفي حديث ذي
المِشْعار: أَتَوْك على قُلُصٍ نَواجٍ متصلة بحَبائل الإِسلام أَي عهوده
وأَسبابه، على أَنها جمع الجمع. قال: والحَبْل في غير هذا المُواصَلة؛ قال
امرؤ القيس:
إِني بحَبْلك واصِلٌ حَبْلي،
وبِرِيش نَبْلِك رائش نَبْلي
والحَبْل: حَبْل العاتق. قال ابن سيده: حَبْل العاتق عَصَب، وقيل:
عَصَبة بين العُنُق والمَنْكِب؛ قال ذو الرمة:
والقُرْطُ في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ،
تَباعَدَ الحَبْلُ منها، فهو يضطرب
وقيل: حَبْل العاتق الطَّرِيقة التي بين العُنُق ورأْس الكتف. الأَزهري:
حَبْلُ العاتق وُصْلة ما بين العاتق والمَنْكِب. وفي حديث أَبي قتادة:
فضربته على حَبْل عاتقه، قال: هو موضع الرداء من العنق، وقيل: هو عِرْق
أَو عَصَب هناك. وحَبْل الوَرِيد: عِرْق يَدِرُّ في الحَلْق، والوَرِيدُ
عِرْق يَنْبِض من الحيوان لا دَم فيه. الفراء في قوله عز وجل: ونحن أَقرب
إِليه من حَبْل الوريد؛ قال: الحَبْل هو الوَرِيد فأُضيف إِلى نفسه
لاختلاف لفظ الاسمين، قال: والوَرِيد عِرْق بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن؛
الجوهري: حَبْل الوَرِيد عِرْق في العنق وحَبْلُ الذراع في اليد. وفي المثل:
هو على حَبْل ذراعك أَي في القُرب منك. ابن سيده: حَبْل الذراع عِرْق
ينقاد من الرُّسْغ حتى ينغمس في المَنْكِب؛ قال:
خِطَامُها حَبْلُ الذراع أَجْمَع
وحَبْل الفَقار: عِرق ينقاد من أَول الظهر إِلى آخره؛ عن ثعلب؛ وأَنشد
البيت أَيضاً:
خِطامها حبل الفَقار أَجْمَع
مكان قوله حَبْل الذراع، والجمع كالجمع. وهذا على حَبْل ذراعك أَي
مُمْكِن لك لا يُحال بينكما، وهو على المثل، وقيل: حِبال الذراعين العَصَب
الظاهر عليهما، وكذلك هي من الفَرَس. الأَصمعي: من أَمثالهم في تسهيل الحاجة
وتقريبها: هو على حَبْل ذراعك أَي لا يخالفك، قال: وحَبْل الذراع عِرْق
في اليد، وحِبال الفَرَس عروق قوائمه؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَنَّ نُجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِه،
بأَمراس كَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَل
والأَمراس: الحِبال، الواحدة مَرَسة، شَبَّه عروق قوائمه بحِبال
الكَتَّان، وشبه صلابة حوافره بصُمِّ الجَنْدَل، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم
السماء. وحِبال الساقين: عَصَبُهما. وحَبائِل الذكر: عروقه.
والحِبالة: التي يصاد بها، وجمعها حَبائل، قال: ويكنى بها عن الموت؛ قال
لبيد:
حَبائلُه مبثوثة بَسبِيلهِ،
ويَفْنى إِذا ما أَخطأَتْه الحَبائل
وفي الحديث: النِّساء حَبائل الشيطان أَي مَصايِدُه، واحدتها حِبالة،
بالكسر، وهي ما يصاد بها من أَيّ شيء كان. وفي حديث ابن ذي يَزَن:
ويَنْصِبون له الحَبائل. والحَابِل: الذي يَنْصِب الحِبالة للصيد. والمَحْبُول:
الوَحْشيُّ الذي نَشِب في الحِبالة. والحِبالة: المِصْيَدة مما كانت.
وحَبَل الصيدَ حَبْلاً واحْتَبَله: أَخذه وصاده بالحِبالة أَو نصبها له.
وحَبَلَته الحِبالةُ: عَلِقَتْه، وجمعها حبائل؛ واستعاره الراعي للعين وأَنها
عَلِقَت القَذَى كما عَلِقَت الحِبالةُ الصيدَ فقال:
وبات بثَدْيَيْها الرَّضِيعُ كأَنه
قَذًى، حَبَلَتْه عَيْنُها، لا يُنيمُها
وقيل: المَحْبُول الذي نصبت له الحِبالة وإِن لم يقع فيها.
والمُحْتَبَل: الذي أُخِذ فيها؛ ومنه قول الأَعشى:
ومَحْبُول ومُحْتَبَل
الأَزهري: الحَبْل مصدر حَبَلْت الصيد واحتبلته إِذا نصبت له حِبالة
فنَشِب فيها وأَخذته. والحِبالة: جمع الحَبَل. يقال: حَبَل وحِبال وحِبالة
مثل جَمَل وجِمال وجِمالة وذَكَر وذِكار وذِكارة. وفي حديث عبد الله
السعدي: سأَلت ابن المسيَّب عن أَكل الضَّبُع فقال: أَوَيأْكلها أَحد؟ فقلت:
إِن ناساً من قومي يَتَحَبَّلُونها فيأْكلونها، أَي يصطادونها
بالحِبالة.ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ ومنه قول لبيد:
ولقد أَغدو، وما يَعْدِمُني
صاحبٌ غير طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غير طويل الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كان أَشدّ. والمُحْتَبَل
من الدابة: رُسْغُها لأَنه موضع الحَبْل الذي يشدّ فيه. والأُحْبُول:
الحِبالة. وحبائل الموت: أَسبابُه؛ وقد احْتَبَلهم الموتُ.
وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وفي حديث قتادة في صفة الدجال، لعنه الله:
إِنه مُحبَّل الشعر أَي كأَن كل قَرْن من قرون رأْسه حَبْل لأَنه جعله
تَقاصيب لجُعُودة شعره وطوله، ويروى بالكاف مُحَبَّك الشَّعر. والحُبال:
الشَّعر الكثير.
والحَبْلانِ: الليلُ والنهار؛ قال معروف بن ظالم:
أَلم تر أَنَّ الدهر يوم وليلة،
وأَنَّ الفتى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذُلِّهم إِلى آخر الدنيا وانقضائها:
ضُرِبَت عليهم الذِّلَّة أَينما ثُقِفُوا إِلاَّ بحَبْل من الله وحَبْل
من الناس؛ قال الأَزهري: تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت
مذاهبهم فيها لإِشكالها، فقال الفراء: معناه ضربت عليهم الذلة إِلا أَن
يعتصموا بحَبْل من الله فأَضمر ذلك؛ قال: ومثله قوله:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً،
وفي الحَبْل رَوْعاءُ الفؤاد فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كما أَضمر
الاعتصام في الآية؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال: الذي
قاله الفراء بعيد أَن تُحْذف أَن وتبقى صِلَتُها، ولكن المعنى إِن شاء
الله ضُرِبَت عليهم الذلة أَينما ثُقِفوا بكل مكان إِلا بموضع حَبْل من
الله، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأَمكنة إِلا في هذا
المكان؛ قال: وقول الشاعر رأَتني بحَبْلَيْها فاكتفى بالرؤية من التمسك،
قال: وقال الأَخفش إِلا بحَبْل من الله إِنه استثناء خارج من أَول
الكلام في معنى لكن، قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو العباس. وفي حديث
النبي،صلى الله عليه وسلم: أُوصيكم بكتاب الله وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم من
الآخر وهو كتاب الله حَبْل ممدود من السماء إِلى الأَرض أَي نور ممدود؛ قال
أَبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله
(* قوله «اتصال كتاب الله»
أي بالسماء) عز وجل وإِن كان يُتْلى في الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، ومعنى
الحَبْل الممدود نور هُدَاه، والعرب تُشَبِّه النور الممتدّ بالحَبْل
والخَيْط؛ قال الله تعالى: حتى يتبين لكم الخيط الأَبيض من الخيط الأَسود من
الفجر؛ يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأَبيض هو نور الصبح إِذا
تبين للأَبصار وانفلق، والخيط الأَسود دونه في الإِنارة لغلبة سواد الليل
عليه، ولذلك نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الآخر بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل
قريبان من السَّواء. وفي حديث آخر: وهو حَبْل الله المَتِين أَي نور هداه،
وقيل عَهْدُه وأَمانُه الذي يُؤمِن من العذاب. والحَبْل: العهد
والميثاق. الجوهري: ويقال للرَّمْل يستطيل حَبْل، والحَبْل الرَّمْل المستطيل
شُبِّه بالحَبل. والحَبْل من الرمل: المجتمِعُ الكثير العالي. والحَبْل:
رَمْل يستطيل ويمتدّ. وفي حديث عروة بن مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِّء
ما تركت من حبل إِلا وقفت عليه؛ الحَبْل: المستطيل من الرَّمْل، وقيل
الضخم منه، وجمعه حِبال، وقيل: الحِبال في الرمل كالجِبال في غير الرمل؛
ومنه حديث بدر: صَعِدْنا على حَبْل أَي قطعة من الرمل ضَخْمة ممتدَّة. وفي
الحديث: وجَعَل حَبْلَ المُشاة بين يديه أَي طريقَهم الذي يسلكونه في
الرَّمْل، وقيل: أَراد صَفَّهم ومُجْتَمعهم في مشيهم تشبيهاً بحَبْل الرمل.
وفي صفة الجنة: فإِذا فيها حَبائل اللؤلؤ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في
كتاب البخاري والمعروف جَنابِذُ اللؤلؤ، وقد تقدم، قال: فإِن صحت الرواية
فيكون أَراد به مواضع مرتفعة كحِبال الرمل كأَنه جمع حِبالة، وحِبالة
جمع حَبْل أَو هو جمع على غير قياس.
ابن الأَعرابي: يقال للموت حَبِيلَ بَراح؛ ابن سيده: فلان حَبِيل بَراح
أَي شُجاعٌ، ومنه قيل للأَسد حَبِيل بَراح، يقال ذلك للواقف مكانه
كالأَسد لا يَفِرُّ. والحبْل والحِبْل: الداهية، وجَمْعها حُبُول؛ قال
كثيِّر:فلا تَعْجَلي، يا عَزّ، أَن تَتَفَهَّمِي
بنُصْحٍ أَتى الواشُونَ أَم بحُبُول
وقال الأَخطل:
وكنتُ سَلِيمَ القلب حتى أَصابَني،
من اللاَّمِعات المُبْرِقاتِ، حُبولُ
قال ابن سيده: فأَما ما رواه الشيباني خُبُول، بالخاء المعجمة، فزعم
الفارسي أَنه تصحيف. ويقال للداهية من الرجال: إِنه لحِبْل من أَحْبالها،
وكذلك يقال في القائم على المال. ابن الأَعرابي: الحِبْل الرجل العالم
الفَطِن الداهي؛ قال وأَنشدني المفضل:
فيا عَجَبا لِلْخَوْدِ تُبْدِي قِناعَها،
تُرَأْرِئُ بالعَيْنَيْنِ لِلرَّجُل الحِبْل
يقال: رَأْرَأَتْ بعينيها وغَيَّقَتْ وهَجَلَتْ إِذا أَدارتهما تَغْمِز
الرَّجُل.
وثار حابِلُهم على نابِلِهم إِذا أَوقدوا الشرَّ بينهم. ومن أَمثال
العرب في الشدة تصيب الناس: قد ثار حابِلُهم ونابِلُهم؛ والحابل: الذي
يَنْصِب الحِبالة، والنابلُ: الرامي عن قوسه بالنَّبْل، وقد يُضرب هذا مثلاً
للقوم تتقلب أَحوالهم ويَثُور بعضهم على بعض بعد السكون والرَّخاء. أَبو
زيد: من أَمثالهم: إِنه لواسع الحَبْل وإِنه لضَيِّق الحَبْل، كقولك هو
ضَيِّق الخُلُق وواسع الخُلُق؛ أَبو العباس في مثله: إِنه لواسع العَطَن
وضَيِّق العَطَن. والْتَبَس الحابل بالنابِل؛ الحابِلُ سَدَى الثوب،
والنابِلُ اللُّحْمة؛ يقال ذلك في الاختلاط. وحَوَّل حابِلَه على نابِلِه أَي
أَعلاه على أَسفله، واجْعَل حابِلَه نابِلَه، وحابله على نابله كذلك.
والحَبَلَةُ والحُبَلَةُ: الكَرْم، وقيل الأَصل من أُصول الكَرْم،
والحَبَلة: طاق من قُضْبان الكَرْم. والحَبَلُ: شجر العِنَب، واحدته حَبَلة.
وحَبَلة عَمْرو: ضَرْب من العنب بالطائف، بيضاء مُحَدَّدة الأَطراف
متداحضة
(* قوله: متداحضة، هكذا في الأصل) العناقيد. وفي الحديث: لا تقولوا
للعِنَب الكَرْم ولكن قولوا العنب والحَبَلة، بفتح الحاء والباء وربما سكنت،
هي القَضيب من شجر الأَعناب أَو الأَصل. وفي الحديث: لما خرج نوح من
السفينة غَرَس الحَبَلة. وفي حديث ابن سِيرِين: لما خرج نوح من السفينة
فَقَدَ حَبَلَتَيْن كانتا معه، فقال له المَلَك: ذَهَب بهما الشيطان، يريد ما
كان فيهما من الخَمْر والسُّكْر. الأَصمعي: الجَفْنة الأَصل من أُصول
الكَرْم، وجمعها الجَفْن، وهي الحَبَلة، بفتح الباء، ويجوز الحَبْلة،
بالجزم. وروي عن أَنس بن مالك: أَنه كانت له حَبَلة تَحْمِل كُرًّا وكان
يسميها أُمَّ العِيال، وهي الأَصل من الكَرْم انْتَشَرَت قُضْبانُها عن
غِرَاسِها وامتدّت وكثرت قضبانها حتى بلغ حَمْلُها كُرًّا.
والحَبَل: الامتلاء. وحَبِل من الشراب: امتلأَ. ورجل حَبْلانُ وامرأَة
حَبْلى: ممتلئان من الشراب. والحُبال: انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ
والماء وغيره؛ قال أَبو حنيفة: إِنما هو رجل حُبْلانُ وامرأَة حُبْلى، ومنه
حَبَلُ المرأَة وهو امتلاء رَحِمها. والحَبْلان أَيضاً: الممتلئ غضباً.
وحَبِل الرجلُ إِذا امتلأَ من شرب اللبن، فهو حَبْلانُ، والمرأَة حَبْلى.
وفلان حَبْلان على فلان أَي غضبان. وبه حَبَلٌ أَي غَضَب، قال: وأَصله
من حَبَل المرأَة. قال ابن سيده: والحَبَل الحَمْل وهو من ذلك لأَنه
امتلاء الرَّحِم. وقد حَبِلت المرأَةُ تَحْبَل حَبَلاً، والحَبَل يكون مصدراً
واسماً، والجمع أَحْبال؛ قال ساعدة فجعله اسماً:
ذا جُرْأَةٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهْبَتُه،
مَهْما يكن من مَسام مَكْرَهٍ يَسُم
ولو جعله مصدراً وأَراد ذوات الأَحبال لكان حَسَناً. وامرأَة حابلة من
نسوة حَبَلة نادر، وحُبْلى من نسوة حُبْلَيات وحَبالى، وكان في الأَصل
حَبالٍ كدَعاوٍ تكسير دَعْوَى؛ الجوهري في جمعه: نِسْوة حَبالى وحَبالَيات،
قال: لأَنها ليس لها أَفْعَل، ففارق جمع الصُّغْرى والأَصل حَبالي، بكسر
اللام، قال: لأَن كل جمع ثالثه أَلف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مَساجِد
وجَعافِر، ثم أَبدلوا من الياء المنقلبة من أَلف التأْنيث أَلفاً، فقالوا
حَبالى، بفتح اللام، ليفْرِقوا بين الأَلفين كما قلنا في الصَّحارِي،
وليكون الحَبالى كحُبْلى في ترك صرفها، لأَنهم لو لم يُبْدِلوا لسقطت الياء
لدخول التنوين كما تسقط في جَوَارٍ، وقد ردّ ابن بري على الجوهري قوله
في جمع حُبْلى حَبَالَيَات، قال: وصوابه جُبْلَيَات. قال ابن سيده: وقد
قيل امرأَة حَبْلانة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب: أَجِدُ عَيْني هَجَّانة
وشَفَتي ذَبَّانَة وأَراني حَبْلانة، واختلف في هذه الصفة أَعَامَّة
للإِناث أَم خاصة لبعضها، فقيل: لا يقال لشيء من غير الحيوان حُبْلى إِلا في
حديث واحد: نهي عن بيع حَبَل الحَبَلة، وهو أَن يباع ما يكون في بطن
الناقة، وقيل: معنى حَبَل الحَبَلة حَمْل الكَرْمة قبل أَن تبلغ، وجعل
حَمْلها قبل أَن تبلغ حَبَلاً، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أَن يُزْهِي،
وقيل: حَبَل الحَبَلة ولدُ الولد الذي في البطن، وكانت العرب في
الجاهلية تتبايع على حَبَل الحَبَلة في أَولاد أَولادها في بطون الغنم الحوامل،
وفي التهذيب: كانوا يتبايعون أَولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي، صلى
الله عليه وسلم، عن ذلك. وقال أَبو عبيد: حَبَل الحَبَلة نِتَاج النِّتاج
وولد الجَنين الذي في بطن الناقة، وهو قول الشافعي، وقيل: كل ذات ظُفُر
حُبْلى؛ قال:
أَو ذِيخَة حُبْلى مُجِحّ مُقْرِب
الأَزهري: يزيد بن مُرَّة نهي عن حَبَل الحَبَلة، جعل في الحَبَلة هاء،
قال: وهي الأُنثى التي هي حَبَل في بطن أُمها فينتظر أَن تُنْتَج من بطن
أُمها، ثم ينتظر بها حتى تَشِبَّ، ثم يرسل عليها الفَحْل فتَلْقَح فله ما
في بطنها؛ ويقال: حَبَل الحَبَلة للإِبل وغيرها، قال أَبو منصور: جعل
الأَول حَبَلة بالهاء لأَنها أُنثى فإِذا نُتِجت الحَبَلة فولدها حَبَل،
قال: وحَبَل الحَبَلة المنتظرة أَن تَلْقِحَ الحَبَلة المستشعرة هذي التي
في الرحم لأَن المُضْمَرة من بعد ما تُنْتَج إِمَّرة. وقال ابن خالويه:
الحَبَل ولد المَجْر وهو وَلَد الولد. ابن الأَثير في قوله: نهي عن حَبَل
الحَبَلة، قال: الحَبَل، بالتحريك، مصدر سمي به المحمول كما سمي به
الحَمْل، وإِنما دخلت عليه التاء للإِشعار بمعنى الأُنوثة فيه، والحَبَل الأَول
يراد به ما في بطون النُّوق من الحَمْل، والثاني حَبَل الذي في بطون
النوق، وإِنما نهي عنه لمعنيين: أَحدهما أَنه غَرَر وبيع شيء لم يخلق بعد
وهو أَن يبيع ما سوف يحمله الجَنِين الذي في بطن أُمه على تقدير أَن يكون
أُنثى فهو بيع نِتَاج النِّتَاج، وقيل: أَراد بحبَل الحَبَلة أَن يبيعه
إِلى أَجل يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بطن الناقة، فهو أَجل مجهول ولا
يصح؛ ومنه حديث عمر لما فُتِحت مصر: أَرادوا قَسْمها فكتبوا إِليه فقال لا
حتى يَغْزُوَ حَبَلُ الحَبَلة؛ يريد حتى يَغْزُوَ منها أَولاد الأَولاد
ويكون عامّاً في الناس والدواب أَي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإِذا
قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأَولاد، أَو يكون أَراد المنع من
القسمة حيث علقه على أَمر مجهول. وسِنَّوْرَة حُبْلى وشاة حُبْلى.
والمَحْبَل: أَوان الحَبَل. والمَحْبِل: موضع الحَبَل من الرَّحِم؛ وروي
بيت المتنخل الهذلي:
إِن يُمْسِ نَشْوانَ بمَصْروفة
منها بِرِيٍّ، وعلى مِرْجَل
لا تَقِهِ الموتَ وَقِيَّاتُه،
خُطَّ له ذلك في المَحْبِل
والأَعْرف: في المَهْبِل؛ ونَشْوان أَي سكران، بمَصْروفة أَي بخَمْر
صِرْف، على مِرْجَل أَي على لحم في قِدْر، وإِن كان هذا دائماً فليس يَقِيه
الموت، خُطَّ له ذلك في المَحْبِل أَي كُتِب له الموت حين حَبِلَتْ به
أُمُّه؛ قال أَبو منصور: أَراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِن النطفة تكون في الرَّحمِ أَربعين يوماً نُطْفة ثم عَلَقة
كذلك ثم مُضْغة كذلك، ثم يبعث الله المَلَك فيقول له اكتب رزقَه وَعَملَه
وأَجَلَه وشَقِيٌّ أَو سعيد فيُخْتَم له على ذلك، فما من أَحد إِلا وقد
كُتِب له الموت عند انقضاء الأَجَل المؤَجَّل له. ويقال: كان ذلك في مَحْبَل
فلان أَي في وقت حَبَل أُمه به. وحَبَّل الزَّرعُ: قَذَف بعضُه على بعض.
والحَبَلة: بَقْلة لها ثمرة كأَنها فِقَر العقرب تسمى شجرة العقرب،
يأْخذها النساء يتداوين بها تنبت بنَجْد في السُّهولة. والحُبْلة: ثمر
السَّلَم والسَّيَال والسَّمُر وهي هَنَة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صُغَار أَسود
كأَنه العَدَس، وقيل: الحُبْلة ثَمَرُ عامَّةِ العِضاه، وقيل: هو وِعَاءُ
حَبِّ السَّلَم والسَّمُر، وأَما جميع العِضَاه بَعْدُ فإِن لها مكان
الحُبْلة السِّنَفة، وقد أَحْبَل العِضَاهُ. والحُبْلة: ضَرْب من الحُلِيِّ
يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد؛ وفي التهذيب: كان يجعل في
القلائد في الجاهلية؛ قال عبدالله بن سليم من بني ثعلبة بن الدُّول:
ولقد لَهَوْتُ، وكُلُّ شيءٍ هالِكٌ،
بنَقَاة جَيْبِ الدَّرْع غَير عَبُوس
ويَزِينُها في النَّحْر حَلْيٌ واضح،
وقَلائدٌ من حُبْلة وسُلُوس
والسَّلْس: خَيْط يُنْظَم فيه الخَرَز، وجمعه سُلوس. والحُبْلة: شجرة
يأْكلها الضِّبَاب. وضَبٌّ حابِل: يَرْعَى الحُبْلة. والحُبْلة: بَقْلة
طَيِّبة من ذكور البقل.
والحَبَالَّة: الانطلاق
(* قوله «والحبالة الانطلاق» وفي القاموس: من
معانيها الثقل، قال شارحه: يقال ألقى عليه حبالته وعبالته أي ثقله)؛ وحكى
اللحياني: أَتيته على حَبَالَّة انطلاق، وأَتيته على حَبَالَّة ذلك أَي
على حين ذلك وإِبَّانه. وهي على حَبَالَّة الطَّلاق أَي مُشْرِفة عليه. وكل
ما كان على فَعَالَّة، مشددة اللام، فالتخفيف فيها جائز كحَمَارَّة
القَيْظ وحَمَارَته وصَبَارَّة البَرْد وصَبَارتَه إِلاَّ حَبَالَّة ذلك
فإِنه ليس في لامها إِلاَّ التشديد؛ رواه اللحياني.
والمَحْبَل: الكتاب الأَوَّل.
وبنو الحُبْلى: بطن، النسب إِليه حُبْلِيّ، على القياس، وحُبَليُّ على
غيره. والحُبَل: موضع. الليث: فلان الحُبَليّ منسوب إِلى حَيٍّ من اليمن.
قال أَبو حاتم: ينسب من بني الحُبْلى، وهم رهط عبد اٍّلله ابن أُبيٍّ
المنافق، حُبَليُّ، قال: وقال أَبو زيد ينسب إِلى الحُبْلى حُبْلَويٌّ
وحُبْليٌّ وحُبْلاوِيٌّ. وبنو الحُبْلى: من الأَنصار؛ قال ابن بري: والنسبة
إِليه حُبَليٌّ، يفتح الباء. والحَبْل: موضع بالبصرة؛ وقول أَبي ذؤَيب:
وَرَاحَ بها من ذي المَجَاز، عَشِيَّةً،
يُبَادر أُولى السابقين إِلى الحَبْل
قال السكري: يعني حَبْلَ عَرفة. والحابل: أَرض؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَبنيَّ، إِنَّ العَنْزَ تمنع ربَّها
من أَن يَبِيت وأَهْله بالحابِل
والحُبَليل: دُويَّبة يموت فإِذا أَصابه المطر عاش، وهو من الأَمثلة
التي لم يحكها سيبويه.
ابن الأَعرابي: الأَحْبَل والإِحْبَل والحُنْبُل اللُّوبِيَاء، والحَبْل
الثِّقَل. ابن سيده: الحُبْلة، بالضم، ثمر العِضاه. وفي حديث سعد بن
أَبي وَقَّاص: لقد رأَيتُنا مع رسول اٍّلله، صلى اٍّلله عليه وسلم، وما لَنا
طعام إِلاَّ الحُبْلة وورق السَّمُر؛ أَبو عبيد: الحُبْلة والسَّمُر
ضَرْبان من الشجر؛ شمر: السَّمُر شبه اللُّوبِيَاء وهو الغُلَّف من الطَّلْح
والسِّنْف من المَرْخ، وقال غيره: الحُبْلة، بضم الحاء وسكون الباء، ثمر
للسَّمُر يشبه اللُّوبِيَاء، وقيل: هو ثمر العِضَاه؛ ومنه حديث عثمان،
رضي اٍّلله عنه: أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوتَها وحُبْلتها؟ الجوهري: ضَبُّ
حابِل يَرْعَى الحُبْلة. وقال ابن السكيت: ضَبٌّ حابِلٌ ساحٍ يَرْعَى
الحُبْلة والسِّحَاء. وأَحْبَله أَي أَلقحه. وحِبَال: اسم رجل من أَصحاب
طُلَيْحة بن خويلد الأَسدي أَصابه المسلمون في الرِّدَّة فقال فيه:
فإِن تَكُ أَذْوادٌ أُصْبِنَ ونِسْوة،
فلن تَذْهَبوا فَرْغاً بقتل حِبَال
وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقْطَع مُجَّاعة بن
مَرَارة الحُبَل؛ بضم الحاء وفتح الباء، موضع باليمامة، والله أَعلم.
رجن: رَجَنَ بالمكان، وفي نسخة: رَجَنَ الرجلُ بالمكان يَرْجُن رُجوناً
إذا أَقام به. والرَّاجِنُ: الآلف من الطير وغيره مثل الداجِنِ. وشاة
راجنٌ: مقيمة في البيوت، وكذلك الناقة. رَجَنَتْ تَرْجُن رُجُوناً
وأَرْجَنَتْ ورَجَنها هو يَرْجُنها رَجْناً: حبسها عن المرعى على غير عَلَف، فإِن
أَمسكها على علف قيل رَجَّنها تَرْجيناً. ورَجَنَ الدابَّة يَرْجُنها
رَجْناً، فهي مرجونة إذا حبسها وأَساء علفــها حتى تُهْزَل، ورَجَنَتْ هي
بنفسها رُجُوناً، يتعدّى ولا يتعدّى. ابن شميل: رَجَنَ القومُ رِكابَهم،
ورَجَنَ فلانٌ راحلته رَجْناً شديداً في الدار وهو أَن يحبسها مُناخَةً
لا يــعلفــها، ورَجَنَ البعيرُ في النَّوى والبِزْرِ رُجُوناً، ورُجُونُه
اعْتلافُه. الفراء: رَجَنَت الإِبل ورَجِنَت أَيضاً بالكسر وهي راجنة،
الجوهري: وقد رَجَنتُها أَنا وأَرْجَنْتُها إذا حبستها لتــعلفــها ولم
تُسَرّحْها. وارْتَجَنَ الزُّبْدُ: طُبِخَ فلم يَصْفُ وفسد. وارْتَجَنت
الزُّبْدَةُ: تفرّقت في المِمْخَض. اللحياني: رَجَن في الطعام ورَمَكَ إذا لم
يَعَفْ منه شيئاً. ورَجَنَ البعيرُ في الــعَلَف رُجوناً إذا لم يَعَفْ منه
شيئاً، وكذلك الشاة وغيرها. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كتب في الصدقة
إلى بعض عُمَّاله كتاباً فيه: ولا تَحْبس الناسَ أَوَّلهم على آخرهم
فإِن الرَّجْنَ للماشية عليها شديدٌ ولها مُهْلِكٌ؛ من الرَّجْنِ: الإقامة
بالمكانِ. ورَجَنْتُ الرجلَ أَرْجُنه رَجْناً إذا استحييت منه؛ وهذا من
نوادر أَبي زيد. وارْتَجَنَ عليهم أَمرهم: اخْتَلَطَ، أُخذ من ارْتِجانِ
الزُّبْد إذا طُبِخ فلم يَصْفُ وفسد، وأَصله من ارْتِجانِ الإذْوَابة، وهي
الزبدة تخرج من السقاء مختلطة بالرائب الخاثر فتوضع على النار، فإِذا غلى
ظهر الرائبُ مختلطاً بالسمن فذلك الارْتِجانُ؛ قال أَبو عبيد: وإياه عنى
بِشْرُ بن أَبي خازم بقوله:
فكنتم كذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ، إذْ غَلَتْ،
أَتُنْزِلُها مذمومةً أَم تُذِيبُها؟
وهم في مَرْجُونة أَي اختلاط لا يدرون أَيقيمون أَم يظعنون.
والرَّجَّانَةُ: الإِبل التي تحمل المَتاعَ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف له فعلاً،
وعندي أَنه اسم كالجَبَّانة.
ضمر: الضُّمْرُ والضُّمُر، مثلُ العُّسْر والعُسُر: الهُزالُ ولَحاقُ
البطنِ، وقال المرّار الحَنْظليّ:
قد بَلَوْناه على عِلاَّتِه،
وعلى التَّيْسُورِ منه والضُّمُرْ
ذُو مِراحٍ، فإِذا وقَّرْتَه،
فذَلُولٌ حَسنٌ الخُلْق يَسَرْ
التَّيْسورُ: السِّمَنُ وذو مِراح أَي ذو نَشاطٍ.
وذَلولٌ: ليس بصَعْب. ويَسَر: سَهْلٌ؛ وقد ضَمَرَ الفرسُ وضَمُرَ؛ قال
ابن سيده: ضَمَرَ، بالفتح، يَضْمُر ضُموراً وضَمُر، بالضم، واضْطَمَر؛ قال
أَبو ذؤيب:
بَعِيد الغَزَاة، فما إِن يَزا
لُ مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحا
وفي الحديث: إِذا أَبْصَرَ أَحدُكم امرأَةً فَلْيأْت أَهْلَه فإِن ذلك
يُضْمِرُ ما في نفسه؛ أَي يُضْعِفه ويُقَلّلُه، من الضُّمور، وهو الهُزال
والضعف. وجمل ضامِرٌ وناقة ضامِرٌ، بغير هاء أَيضاً، ذَهبوا إِلى
النَّسَب، وضامِرةٌ. والضَّمْرُ من الرجال: الضامرُ البَطْنِ، وفي التهذيب:
المُهَضَّمُ البطن اللطيفُ الجِسْم، والأُنثى ضَمْرَةٌ. وفرس ضَمْرٌ: دقيق
الحِجاجَينِ؛ عن كراع. قال ابن سيده: وهو عندي على التشبيه بما تقدم.
وقَضِيب ضامرٌ ومُنْضَمِرٌ وقد انْضَمَرَ إِذا ذهب ماؤُه. والضَّمِيرُ:
العِنبُ الذابلُ. وضَمَّرْتُ الخيلَ: عَلْفــتها القُوتَ بعد السِّمَنِ.
والمِضْمارُ: الموضع الذي تُضَمَّرُ فيه الخيلُ، وتَضْميرُها: أَن
تُــعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها. قال أَبو منصور: ويكون المِضْمارُ وقتاً للأَيام
التي تُضَمِّر فيها الخيلُ للسِّباقِ أَو للرَّكضِ إِلى العَدُوِّ،
وتَضْميرُها أَن تُشَدّ عليها سُروجُها وتُجَلَّل بالأَجِلَّة حتَّى تَعْرق
تحتها، فيذهب رَهَلُها ويشتدّ لحمها ويُحْمل عليها غِلمانٌ خِفافٌ
يُجْرُونها ولا يَعْنُفونَ بها، فإِذا فُعل ذلك بها أُمِنَ عليها البُهْرُ الشديد
عند حُضْرها ولم يقطعها الشَّدُّ؛ قال: فذلك التَّضْميرُ الذي شاهدتُ
العرب تَفْعله، يُسمّون ذلك مِضْماراً وتَضْمِيراً. الجوهري: وقد
أَضْمَرْتُه أَنا وضَمَّرْتُه تَضْمِيراً فاضْطَمَرَ هو، قال: وتَضْمِيرُ الفرس
أَيضاً أَن تَــعْلِفَــه حتى يَسْمَن ثم تردّه إِلى القُوت، وذلك في أَربعين
يوماً، وهذه المدّة تسمى المِضْمَارَ، وفي الحديث: من صامَ يوماً في سبيل
الله باعَدَه اللهُ من النار سَبْعين خَريفاً للمُضَمِّرِ المُجِيدِ؛
المُضَمِّرُ: الذي يُضَمِّرُ خيلَه لغَزْوٍ أَو سِباقٍ. وتَضْمِيرُ الخيلِ:
هو أَن يُظاهِرَ عليها بالــعَلفِ حتى تَسْمَنَ ثم لا تُــعْلف إِلاَّ
قُوتاً. والمُجيدُ: صاحبُ الجِيادِ؛ والمعنى أَن الله يُباعِدُه من النار
مسافةَ سبعين سنة تَقْطعُها الخيل المُضَمَّرةُ الجِيادُ رَكْضاً. ومِضْمارُ
الفرس: غايتُه في السِّباق. وفي حديث حذيفة: أَنه خطب فقال: اليَومَ
المِضْمارُ وغداً السِّباقُ، والسابقُ من سَبَقَ إِلى الجنّة؛ قال شمر: أَراد
أَن اليوم العملُ في الدنيا للاسْتِباق إِلى الجنة كالفرس يُضَمَّرُ قبل
أَن يُسابَقَ عليه؛ ويروي هذا الكلام لعليّ، كرم الله وجهه. ولُؤُلؤٌ
مُضْطَمِرٌ: مُنْضَمّ؛ وأَنشد الأَزهري بيت الراعي:
تَلأْلأَتِ الثُّرَيَّا، فاسْتنارَتْ،
تَلأْلُؤَ لُؤْلُؤٍ فيه اضْطِمارُ
واللؤلؤ المُضْطَمِرُ: الذي في وسطه بعضُ الانضمام.
وتَضَمّرَ وجهُه: انضمت جِلْدتُه من الهزال.
والضَّمِيرُ: السِّرُّ وداخِلُ الخاطرِ، والجمع الضمَّائرُ.
الليث: الضمير الشيء الذي تُضْمِره في قلبك، تقول: أَضْمَرْت صَرْفَ
الحرف إِذا كان متحركاً فأَسْكَنْته، وأَضْمَرْتُ في نفسي شيئاً، والاسم
الضَّمِيرُ، والجمع الضمائر. والمُضْمَرُ: الموضعُ والمَفْعولُ؛ وقال
الأَحْوص بن محمد الأَنصاري:
سيَبْقَى لها، في مُضْمَرِ القَلْب والحَشا،
سَرِيرَةُ وُدٍ، يوم تُبْلى السَّرائِرُ
وكلُّ خَلِيطٍ لا مَحالَةَ أَنه،
إِلى فُرقةٍ، يوماً من الدَّهْرِ، صائرُ
ومَنُْ يَحْذَرِ الأَمرَ الذي هو واقعٌ،
يُصِبْهُ، وإِن لم يَهْوَه ما يُحاذِرُ
وأَضْمَرْتُ الشيء: أَخْفَيته. وهَوًى مُضْمَرٌ وضَمْرٌ كأَنه اعْتُقد
مَصدراً على حذف الزيادة: مَخْفِيٌّ؛ قال طُريحٌ:
به دَخِيلُ هَوًى ضَمْرٍ، إِذا ذُكِرَتْ
سَلْمَى له جاشَ في الأَحشاءِ والتَهبا
وأَضْمَرَتْه الأَرضُ: غَيَّبَتْه إِما بموت وإِما بسَفَرٍ؛ قال
الأَعشى:أُرانا، إِذا أَضْمَرَتْك البِلا
دُ، نُجْفى، وتُقْطَعُ مِنا الرَّحِم
أَراد إِذا غَيَّبَتْكَ البلادُ.
والإِضْمارُ: سُكونُ التاء من مُتَفاعِلن في الكامل حتى يصير مُتْفاعلن،
وهذا بناءٌ غير مَعْقولٍ فنُقِل إِلى بناءٍ مَقُولٍ، مَعْقولٍ، وهو
مُسْتَفْعِلن، كقول عنترة:
إِني امْرُؤٌ من خيرِ عبْسٍ مَنْصِباً
شَطْرِي، وأَحْمِي سائري بالمُنْصُلِ
فكلُّ جزء من هذا البيت مُسْتَفْعلن وأَصْلُه في الدائرة مُتَفاعلن،
وكذلك تسكينُ العين من فَعِلاتُنْ فيه أَيضاً فَيْبقى فَعْلاتن فيُنْقَل في
التقطيع إِلى مفعولن؛ وبيته قول الأَخطل:
ولقد أَبِيتُ من الفَتاة بمَنْزِلِ،
فأَبِيتُ لا حَرِجٌ ولا مَحْرُوم
وإِنما قيل له مُضْمَرٌ لأَن حركته كالمُضْمَر، إِن شئت جئت بها، وإِن
شئت سَكَّنْته، كما أَن أَكثر المُضْمَر في العربية إِن شئت جئت به، وإِن
شئت لم تأْتِ به.
والضِّمارُ من المال: الذي لا يُرْجَى رُجوعُه والضَّمَارُُ من
العِدَات: ما كان عن تسْوِيف. الجوهري: الضِّمَارُ ما لا يُرْجى من الدَّين
والوَعْد وكلِّ ما لا تَكون منه على ثِقةٍ؛ قال الراعي:
وأَنْضاء أُنِخْنَ إِلى سَعِيدٍ
طُرُوقاً، ثم عَجَّلْن ابْتِكارا
حَمِدْنَ مَزارَه، فأَصَبْنَ منه
عَطاءً لم يكن عِدَةً ضِمارا
والضِّمَارُ من الدَّينِ: ما كان بلا أَجَل معلوم. الفراء: ذَهَبُوا
بمالي ضِماراً مثل قِمَاراً، قال: وهو النَّسِيئةُ أَيضاً. والضِّمارُ:
خِلافُ العِيَانِ؛ قال الشاعر يذمّ رجلاً:
وعَيْنُه كالكَالِئ الضِّمَارِ
يقول: الحاضرُ من عَطِيّتِه كالغائب الذي لا يُرْتجى؛ ومنه قول عمر بن
عبد العزيز، رحمه الله، في كتابه إِلى ميمون بن مِهْرانَ في أَموال
المظالم التي كانت في بيت المال أَن يَرُدّها ولا يَأْخذَ زكاتَها: فإِنه كان
مالاً ضِماراً لا يُرجى؛ وفي التهذيب والنهاية: أَن يَرُدَّها على
أَرْبابها ويأْخُذَ منها زكاةَ عامِها فإِنه كان مالاً ضِماراً؛ قال أَبو عبيد:
المالُ الضِّمارُ هو الغائب الذي لا يُرْجَى فإِذا رُجِيَ فليس بِضمارٍ
من أَضْمَرْت الشيء إِذا غَيَّبْتَه، فِعَالٌ بمعنى فاعِلٍ أَو مُفْعَلٍ،
قال: ومثلُه من الصفات ناقةٌ كِنازٌ، وإِنما أَخذَ منه زكاة عامٍ واحد
لأَن أَربابَه ما كانوا يَرْجون رَدَّه عليهم، فلم يُوجِبْ عليهم زكاةَ
السِّنِينَ الماضية وهو في بيت المال.
الأَصمعي: الضَّمِيرةُ والضَّفِيرة الغَدِيرةُ من ذوائب الرأْس، وجمعها
ضَمائرُ. والتَّضْمِيرُ؛ حُسْنُ ضَفْرِ الضَّميرة وحُسْنُ دَهْنِها.
وضُمَيرٌ، مُصَغّرٌ: جَبَلٌ بالشام. وضَمْرٌ: رمْلة بعَيْنِها؛ أَنشد
ابن دريد:
من حَبْلِ ضَمْرٍ حينَ هابا ودَجا
والضُّمْرانُ والضَّمْرانُ: من دِقِّ الشجر، وقيل: هو من الحَمْض؛ قال
أَبو منصور: ليس الضُّمْران من دِقِّ الشجر له هَدَبٌ كَهَدبِ الأَرْطى؛
ومنه قول عُمر بن لَجَإٍ:
بِحَسْبِ مُجْتَلِّ الإِماءِ الخُرَّمِ،
من هَدَبِ الضَّمْرانِ لم يُحَزَّمِ
وقال أَبو حنيفة: الضَّمْرانُ مثل الرِّمْثِ إِلاَّ أَنه أَصغر وله
خَشَب قليل يُحْتَطَبُ؛ قال الشاعر:
نحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ الحَلِيِّ،
ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والنَّصِيِّ
والضِّيْمُرانُ والضَّوْمَرانُ
(* قوله: «والضيمران والضومران» ميمهما
تضم وتفتح كما في المصباح). ضرب من الشجر؛ قال أَبو حنيفة: الضَّوْمَرُ
والضَّوْمَرانُ والضَّيْمُرانُ من رَيحانِ البر، وقال بعضُ الرُّواة: هو
الشَّاهِسْفَرَمْ، وقيل: هو مثلُ الحَوْكِ سواء، وقيل: هو طيِّب الريح؛ قال
الشاعر:
أُحِبُّ الكَرائنَ والضَّوْمَرانَ،
وشُرْبَ العَتِيقَةِ بالسِّنْجِلاطْ
وضُمْرانُ وضَمْرانُ: من أَسماء الكلاب؛ وقال الأَصمعي فيما روى ابن
السكيت أَنه قال في قول النابغة:
فهابَ ضَمْرانُ منهُ حيث يُوزِعُهُ
(* قوله «فهاب ضمران إلخ» عجزه: «طعن المعارك عند المجحر النجد» طعن
فاعل يوزعه. والمحجر، بميم مضمومة فجيم ساكنة فحاء مهملة مفتوحة وتقديم
الحاء غلط كما نبه عليه شارح القاموس. والنجد، بضم الجيم وكسرها كما نبه
عليخه أيضاً ).
قال: ورواه أَبو عبيد ضُمْرانُ، وهو اسم كلب في الروايتين معاً. وقال
الجوهري: وضُمْرانُ، بالضم، الذي في شعر النابغة اسمن كلبة. وبنو ضَمْرَةَ:
من كنانة رَهْطُ عمرو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ.
أبر: أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً
وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فلاناً: سأَلتَه أَن يأْبُر نخلك؛ وكذلك
في الزرع إِذا سأَلته أَن يصلحه لك؛ قال طرفة:
وَلِيَ الأَصلُ الذي، في مثلِه،
يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ
والآبر: العامل. والمُؤْتَبرُ: ربّ الزرع. والمأْبور: الزرع والنخل
المُصْلَح. وفي حديث عليّ بن أَبي طالب في دعائه على الخوارج: أَصابَكم
حاصِبٌ ولا بقِيَ منكم آبرِ أَي رجل يقوم بتأْبير النخل وإصلاحها، فهو اسم
فاعل من أَبَر المخففة، ويروى بالثاء المثلثة، وسنذكره في موضعه؛ وقوله:
أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم،
والأَمرُ تَحقِرُهُ وقد يَنْمي
قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءَهم ليستعينوا بهم على قوم
آخرين، وزمن الإِبار زَمَن تلقيح النخل وإِصلاحِه، وقال أَبو حنيفة: كل
إِصلاحٍ إِبارة؛ وأَنشد قول حميد:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها،
حتى أَصيدَكُما في بعضِها قَنَصا
فجعل إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وفي الخبر: خَيْر المال مُهْرة
مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة؛ السِّكَّة الطريقة المُصْطَفَّة من النخل،
والمأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يقال: أَبَرْتُ النخلة وأَبّرْتها، فهي مأْبُورة
ومُؤَبَّرة، وقيل: السكة سكة الحرث، والمأْبُورة المُصْلَحَة له؛ أَرادَ خَيرُ
المال نتاج أَو زرع. وفي الحديث: من باع نخلاً قد أُبِّرت فَثَمَرتُها
للبائع إِلاَّ أَن يشترط المُبْتاع. قال أَبو منصور: وذلك أَنها لا تؤبر
إِلا بعد ظهور ثمرتها وانشقاق طلعها وكَوافِرِها من غَضِيضِها، وشبه
الشافعي ذلك بالولادة في الإِماء إِذا أُبِيعَت حاملاً تَبِعها ولدها، وإِن
ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إِلا أَن يشترطه المبتاع مع الأُم؛ وكذلك
النخل إِذا أُبر أَو أُبيع
(* قوله: «أباع» لغة في باع كما قال ابن
القطاع). على التأْبير في المعنيين. وتأْبير النخل: تلقيحه؛ يقال: نخلة
مُؤَبَّرة مثل مأْبُورة، والاسم منه الإِبار على وزن الإِزار. ويقال: تأَبَّر
الفَسِيلُ إذا قَبِل الإِبار؛ وقال الراجز:
تَأَبّري يا خَيْرَةَ الفَسِيلِ،
إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول
يقول: تَلَقَّحي من غير تأْبير؛ وفي قول مالك بن أَنس: يَشترِطُ صاحب
الأَرض على المساقي كذا وكذا، وإِبارَ النخل. وروى أَبو عمرو بن العلاء
قال: يقال نخل قد أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثلاث لغات، فمن قال
أُبِّرت، فهي مُؤَبَّرة، ومن قال وُبِرَت، فهي مَوْبُورَة، ومن قال أُبِرَت، فهي
مَأْبُورة أَي مُلقّحة، وقال أَبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو
آبِرُها، وإِنما قيل للملقِّح آبر لأَنه مصلح له؛ وأَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لَم تَرْضَيْ بِسَعْييَ فَاتْرُكي
لي البيتَ آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا
أَي أُصلحه، ابن الأَعرابي: أَبَرَِ إِذا آذى وأَبَرَ إِذا اغتاب
وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النخل وأَبَرَ أَصْلَح، وقال: المَأْبَر والمِئْبر الحشُّ
(* قوله: «الحش إلخ» كذا بالأصل ولعله المحش). تُلقّح به النخلة.
وإِبرة الذراع: مُسْتَدَقُّها. ابن سيده: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مع
طَرَف الزند من الذراع إِلى طرف الإِصبع؛ وقيل: الإِبرة من الإِنسان طرف
الذراع الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وفي التهذيب: إِبرَةُ الذارع طرف العظم
الذي منه يَذْرَع الذارع، وطرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له القبيح،
وزُجّ المِرْفق بين القَبِيح وبين إِبرة الذراع، وأَنشد:
حتى تُلاقي الإِبرةُ القبيحا
وإِبرة الفرس: شظِيّة لاصقة بالذراع ليست منها. والإِبرة: عظم وَتَرة
العُرْقوب، وهو عُظَيْم لاصق بالكعب. وإِبرة الفرس: ما انْحَدّ من عرقوبيه،
وفي عرقوبي الفرس إبرتان وهما حَدّ كل عرقوب من ظاهر. والإِبْرة:
مِسَلّة الحديد، والجمع إِبَرٌ وإِبارٌ، قال القطامي:
وقوْلُ المرء يَنْفُذُ بعد حين
أَماكِنَ، لا تُجاوِزُها الإِبارُ
وصانعها أَبّار. والإِبْرة: واحدة الإِبَر. التهذيب: ويقال للمِخْيط
إبرة، وجمعها إِبَر، والذي يُسوّي الإِبر يقال له الأَبّار، وأَنشد شمر في
صفة الرياح لابن أَحمر:
أَرَبَّتْ عليها كُلُّ هَوْجاء سَهْوَةٍ،
زَفُوفِ التوالي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم
(* قوله: «هوجاء» وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد
هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام).
إِبارِيّةٍ هَوْجَاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ
رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ،
تَرى البِيدَ، من إِعْصافِها الجَرْي، ترتمي
تَحِنُّ ولم تَرْأَمْ فَصِيلاً، وإِن تَجِدْ
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ
إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بدائم
به وَتِدٌ، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وفي الحديث: المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور، وفي حديث مالك بن دينار: ومثَلُ
المؤمن مثَلُ الشاة المأْبورة أَي التي أَكلت الإِبرة في عَلَفــها
فَنَشِبَت في جوفها، فهي لا تأْكل شيئاً، وإِن أَكلت لم يَنْجَعْ فيها. وفي
حديث علي، عليه السلام: والذي فَلَقَ الحية وبَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ
هذه من هذه، وأَشار إِلى لحيته ورأْسه، فقال الناس: لو عرفناه أَبَرْنا
عِتْرته أَي أَهلكناهم؛ وهو من أَبَرْت الكلب إِذا أَطعمته الإِبرة في
الخبز. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الحافظ أَبو موسى الأَصفهاني في حرف
الهمزة وعاد فأَخرجه في حرف الباء وجعله من البَوار الهلاك، والهمزة في
الأَوّل أَصلية، وفي الثاني زائدة، وسنذكره هناك أَيضاً. ويقال للسان:
مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول. وإِبرة العقرب: التي تلدَغُ بها، وفي
المحكم: طرف ذنبها. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لسعته أَي
ضربته بإِبرتها. وفي حديث أَسماء بنت عُمَيْس: قيل لعلي: أَلا تتزوّج ابنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مالي صَفْراء ولا بيضاءُ، ولست
بِمأْبُور في ديني فيُوَرِّي بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عني، إني
لأَوّلُ من أَسلم،؛ المأْبور: من أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها،
يعني لست غير الصحيح الدين ولا المُتّهَمَ في الإِسلام فَيَتَأَلّفني عليه
بتزويجها إياي، ويروى بالثاء المثلثة وسنذكره. قال ابن الأَثير: ولو روي:
لست بمأْبون، بالنون، لكان وجهاً.
والإِبْرَة والمِئْبَرَة، الأَخيرة عن اللحياني: النميمة. والمآبِرُ:
النمائم وإفساد ذاتِ البين؛ قال النابغة:
وذلك مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه،
ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك المآبرا
والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يعني صغارها، وجمعها إِبَرٌ وإِبَرات؛
الأَخيرة عن كراع. قال ابن سيده: وعندي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات
وطُرُقات.والمِئْبَر: ما رَقّ من الرمل؛ قال كثير عزة:
إِلى المِئْبَر الرّابي من الرّملِ ذي الغَضا
تَراها؛ وقد أَقْوَتْ، حديثاً قديمُها
وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عليه من التراب. وفي حديث الشُّورى: أَنَّ
الستة لما اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُؤبِّروا آثارَكم
فَتُولِتُوا دينكم؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناد له في حديث
طويل، وقال الرياشي: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو الأَثر، قال: وليس شيء من
الدواب يُؤَبِّر أَثره حتى لا يُعْرف طريقه إِلا التُّفَّة، وهي عَناق
الأَرض؛ حكاه الهروي في الغريبين.
وفي ترجمة بأَر وابْتَأَرَ الحَرُّ قدميه قال أَبو عبيد: في الابتئار
لغتان يقال ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابتئاراً وأْتِباراً؛ قال القطامي:
فإِن لم تأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ،
فليس لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ
يعني اصطناع الخير والمعروف وتقديمه.
تبن: التِّبْنُ: عَصيفة الزَّرْع من البُرِّ ونحوه معروف، واحدته
تِبْنة، والتَّبْنُ: لغة فيه. والتَّبْنُ، بالفتح: مصدر تَبَنَ الدابةَ
يَتْبِنُها تَبْناً عَلَفَــها التِّبْنَ. ورجل تَبّانٌ: يَبيع التِّبْنَ، وإن
جعلتَه فَعْلانَ من التَّبّ لم تصْرِفْه. والتِّبْنُ، بكسر التاء وسكون
الباء: أَعظم الأَقْداعْ يكادُ يُرْوي العشرين، وقيل: هو الغليظ الذي لم
يُتَنَوَّق في صَنْعَتِه. قال ابن بري وغيره: ترتيبُ الأَقداحِ الغُمَر، ثم
القَعْب يُرْوي الرجل، ثم القَدَحُ يُرْوي الرَّجلين، ثم العُسُّ يُروي
الثلاثةَ والأَربعة، ثم الرَّفْد، ثم الصَّحْن مقارب التِّبْنِ. قال ابن
بري: وذكر حمزة الأَصفهاني بعد الصَّحْن ثم المعْلَق، ثم العُلْبة، ثم
الجَنْبَة، ثم الحَوْأَبةُ، قال: وهي أَنْكَرُها، قال: ونسب هذه الفروق إلى
الأَصمعي. وفي حديث عمرو بن معديكرب: أَشْرَبُ التِّبْنَ من اللَّبَن.
والتَّبَانةُ: الطَّبانةُ والفِطْنة والذَّكاءُ. وتَبِنَ له تَبَناً
وتَبانةً وتَبانِيَةً: طَبِنَ، وقيل: التَّبَانةُ في الشر، والطَّبَانةُ في
الخير. وفي حديث سالم بن عبد الله قال: كنا نقول في الحامل المتوفَّى عنها
زوجُها إنه يُنْفَقُ عليها من جميع المال حتى تَبَّنْتُم ما تَبَّنْتُم؛
قال عبد الله: أُراها خَلَّطْتُم، وقال أَبو عبيدة: هو من التَّبانة
والطَّبانةِ، ومعناهما شدَّةُ الفِطْنةِ ودِقَّةُ النظر، ومعنى قول سالم
تَبَّنْتُمْ أَي أَدْقَقْتُمْ النظر فقُلْتُم إنه يُنْفَقُ عليها من نصيبها.
وقال الليث: طَبِنَ له، بالطاء، في الشرِّ، وتَبِنَ له في الخير؛ فجعَل
الطَّبانة في الخَديعةِ والاغْتِيال، والتَّبانةَ في الخير؛ قال أَبو منصور:
هما عند الأَئمة واحدٌ، والعرب تُبْدِلُ الطاءَ تاءً لقُرْب مَخرَجِهما،
قالوا: مَتَّ ومَطَّ إذا مَدَّ، وطَرَّ وتَرَّ إذا سقط، ومثله كثير في
الكلام. وقال ابن شميل: التَّبَنُ إنما هو اللُّؤْمُ والدِّقَّة،
والطَّبَنُ العِلْمُ بالأُمور والدَّهاءُ والفِطنة؛ قال أَبو منصور: وهذا ضدُّ
الأَول. وروي عن الهوازني أَنه قال: اللهم اشْغَلْ عنا أَتبانَ الشعراء،
قال: وهو فِطْنَتهم لما لا يُفطَنُ له. الجوهري: وتَبِنَ الرجلُ، بالكسر،
يَتْبَنُ تَبَناً، بالتحريك، أَي صارَ فَطِناً؛ فهو تَبِنٌ أَي فَطِنٌ
دقيقُ النظر في الأُمور، وقد تَبَّنَ تَتْبيناً إذا أَدَقَّ النظرَ. قال
أَبو عبيد: وفي الحديث أَن الرجلَ لَيَتكلَّم بالكلمةِ يُتَبِّنُ فيها
يَهْوِي بها في النار؛ قال أَبو عبيد: هو عندي إِغْماضُ الكلام وتَدقيقُه في
الجدلِ والخصومات في الدِّين؛ ومنه حديث مُعاذٍ: إياكم ومُغَمَّضاتِ
(*
قوله «ومغمضات» هكذا ضبط في بعض نسخ النهاية، وفي بعض آخر كمؤمنات وعليه
القاموس وشرحه). الأُمور. ورجل تَبِنٌ بَطِنٌ: دقيقُ النظر في الأُمور
فَطِنٌ كالطَّبِن، وزعم يعقوب أَن التاء بدل. قال ابن بري: قال أَبو سعيد
السيرافي تَبِنَ الرجلُ انْتفخ بَطْنُه، ذكَره عند قول سيبويه. وبَطِنَ
بَطَناً، فهو بَطِنٌ، وتَبِنَ تَبَناً فهو تَبِنٌ، فقرَنَ تَبِنَ ببَطِنَ،
قال: وقد يجوز أَن يريد سيبويه بتَبِنَ
(* قوله «وقد يجوز أن يريد سيبويه
بتبن إلخ» هكذا فيما بأيدينا من النسخ. امتَلأَ بطنُه لأَنه ذكره بعده،
وبَطِنَ بَطَناً، وهذا لا يكون إلا الفطنة، قال: والتَّبِنُ الذي يَعْبَثُ
بيدِه في كل شيء. وقوله في حديث عمر ابن عبد العزيز: إنه كان يَلْبَسُ
رداءً مُتَبَّناً بالزَّعْفَرانِ أَي يُشْبه لونه لونَ التَِّبْنِ.
والتُّبَّان، بالضم والتشديد: سَراويلُ صغيرٌ مقدارُ شبْر يستر العورة المغلَّظة
فقط، يكون للملاَّحينَ. وفي حديث عمّار: أَنه صلى في تُبّانٍ فقال إني
مَمْثونٌ أَي يشتكي مَثانَتَه، وقيل: التُّبّانُ شِبْهُ السَّراويلِ
الصغير. وفي حديث عمر: صلى رجل في تُبّانٍ وقميص، تذكَِّره العرب، والجمع
التَّبابِين. وتُبْنَى: موضع؛ قال كثيِّر عزة:
عَفا رابغٌ من أََهلِه فالظَّواهِرُ،
فأَكنافُ تُبْنَى قد عَفَتْ، فالأَصافِرُ.
ثمل: الثُّمْلة والثَّمِيلة: الحَبُّ والسَّويق والتمر يكون في الوِعاء
يكون نِصْفَه فما دونه، وقيل: نِصْفَه فصاعداً. والثُّمَل: جمع ثُمْلة.
أَبو حنيفة: الثَّمِيل الحَبُّ لأَنه يُدَّخر؛ وأَنشد لتأَبَّط شَرّاً:
ويَوْماً على أَهل المَواشي، وتارةً
لأَهْلِ رَكيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُل
والثُّمْلة والثَّمَلة والثَّمِيلة والثُّمالة: الماء القليل يبقى في
أَسفل الحوض أَو السِّقاء أَو في أَي إِناء كان. والمَثْمَلة: مُسْتَنْقَع
الماء، وقيل: الثُّمالةُ الماء القليل في أَيّ شيء كان. وقد أَثْمَل
اللبنُ أَي كثرت ثُمالته. ويقال لبقية الماء في الغُدْران والحَفير: ثَمِيلة
وثَمِيل؛ قال الأَعشى:
بعَيْرانَةٍ كأَتان الثَّميل،
توافي السُّرى بعد أَيْنٍ عَسِيرا
(* قوله «توافي السرى» كذا بالأصل، وفي ترجمة عسر: تقضي بدل توافي).
توافي السُّرى أَي توافيها. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الماء في
الصَّخرة وفي الوادي، والجمع ثَمِيل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
ومُدَّعَسٍ فيه الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه
بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
أَي يرد حِمارُ هذه المَفازة بقايا الماء في الحوض لأَن مياه الغُدْران
قد نَضَبَت؛ وقال دُكَيْن:
جادَ به من قَلْتِ الثَّمِيل
الثَّميل: جمع ثَمِيلة وهي بقِيَّة الماء في القَلْتِ أَعْنِي النُّقْرة
التي تُمْسِك الماء في الجبل. والثَّمِيلة: البَقِيَّة من الطعام
والشراب تبقى في البطن؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً وابنه:
وأَدْرَكَ المُتَبَقَّى من ثَمِيلَتِه
ومِن ثَمائِلِها، واسْتُنْشِيءَ الغَرَبُ
يعني ما بقي في أَمعائها وأَعضائها من الرُّطْب والــعَلَف؛ وأَنشد ثعلب
في صفة الذئب:
وطَوى ثَمِيلَتَه فأَلْحَقها
بالصُّلْبِ، بَعْدَ لُدُونَةِ الصُّلْب
وقال اللحياني: ثَميلة الناس ما يكون فيه الطعام والشراب. والثَّمِيلة
أَيضاً: ما يكون فيه الشراب في جَوْفِ الحِمار. وما ثَمَل شرابَه بشيء من
طعام أَي ما أَكل شيئاً من الطعام قبل أَن يشرب، وذلك يسمى الثَّميلة.
ويقال: ما ثَمَلْتُ طعامي بشيء من شراب أَي ما أَكلت
(* قوله «أَي ما أَكلت
إلخ» هكذا في الأصل) بعد الطعام شَراباً. والثَّمِيلة: البَقِيَّة تبقى
من الــعَلَف والشراب في بطن البعير وغيره، فكل بَقِيَّة ثَمِيلة. وقد
أَثْملت الشيء أَي أَبقيته. وثمَّلته تثميلاً: بَقَّيته. وفي حديث عبد الملك:
قال للحجاج أَما بعد فقد وَلَّيتُكَ العِرَاقَيْن صَدْمة فسِر إِليها
مُنْطَوِيَ الثَّمِيلة؛ أَصل الثَّمِيلة: ما يبقى في بطن الدابة من الــعَلَف
والماء وما يَدَّخِرْه الإِنسان من طعام أَو غيره، المعنى سِرْ إِليها
مُخِفّاً.
والثُّمْلة: ما اُخْرجَ من أَسفل الرَّكيَّة من الطين والتراب، والميم
فيها وفي الحَبِّ والسَّويق ساكنة، والثاء مضمونة. قال القالي: روينا
الثَّمْلة في طين الرَّكِيِّ وفي التمر والسَّويق بالفتح؛ عن أَبي نصر،
وبالضم عن أَبي عبيد.
والثَّمَل: السُّكْر. ثَمِل، بالكسر، يَثْمَل ثَمَلاً، فهو ثَمِل إِذا
سَكِر وأَخذ فيه الشَّرابُ؛ قال الأَعشى:
فَقُلْت للشَّرْب في دُرْنَى، وقد ثَمِلوا:
شِيمُوا، وكَيْف يَشِيمُ الشَّارب الثَّمِلُ؟
وفي حديث حمزة وشارِفَيْ عليٍّ، رضي الله عنهما: فإِذا حمزة ثَمِل
مُحْمَرَّةٌ عيناه؛ الثَّمِل: الذي قد أَخذ منه الشرابُ والسُّكْر؛ ومنه حديث
تزويج خديجة، رضي الله عنها: أَنها انطلقت إِلى أَبيها وهو ثَمِل؛ وجعل
ساعدةُ بن
جُؤَيَّة الثَّمَل السُّكْرَ من الجِراح؛ قال:
ماذا هُنالك من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،
وسَاهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَم
والثَّمَل: الظِّلُّ. والثَّمْلة والثَّمَلة، بتحريك الميم: الصُّوفة
أَو الخِرْقة التي تُغْمَس في القَطِران ثم يُهْنَأُ بها الجَرِب ويُدْهَن
بها السِّقاء؛ الأُولى عن كراع؛ قال الراجز صخر بن عمير:
مَمْغُوثَة أَعراضُهم مُمَرْطَله،
في كُلِّ ماء آجِنٍ وسَمَله،
كما تُلاثُ بالهِنَاءِ الثَّمَله
وهي المِثْمَلة أَيضاً، بالكسر. وفي حديث عمر، رضي افيفي عنه: أَنه طَلَى
بعيراً من الصدقة بقَطِران فقال له رجل: لو أَمَرْتَ عَبْداً كَفاكَهُ،
فَضَرَب بالثَّمَلة في صدره وقال: عَبْدٌ أَعْبَدُ مِنِّي الثَّمَلة،
بفتح الثاء والميم: صُوفَة أَو خِرْقة يُهْنَأُ بها البعير ويُدْهَن بها
السِّقاء؛ وفي حديثه الآخر: أَنه جاءته امرأَة جَلِيلَةٌ فَحَسَرَتْ عن
ذراعيها وقالت: هذا من احْتِراش الضِّباب، فقال: لو أَخَذْتِ الضَّبَّ
فورَّيْتِه ثم دعَوْتِ بمكتفه
(* قوله «بمكتفه» هكذا في الأصل وسيأتي في وري
مثله، وفي ثمل من النهاية: بمنكفة) فَثَمَلْتِه كان أَشْبَع أَي أَصلحته.
والثَّمَلة: خِرْقة الحَيضِ، والجمع ثَمَل. والثَّمَل: بَقِيَّة الهِناء
في الإِناء. والثُّمُول والثَّمَل: الإِقامة والمُكْث والخَفْض. يقال: ما
دارُنا بدار ثَمَل أَي بدار إِقامة. وحكى الفارسي عن ثعلب: مكان ثَمْل
عامر؛ وأَنشد بيت زهير:
مَشارِبُها عَذْب وأَعْلامُها ثَمْل
وقال أُسامة الهذلي:
إِذا سَكَنَ الثَّمْل الظِّباءُ الكَواسِعُ
ودارُ ثَمَلٍ وثَمْل أَي إِقامة. وسَيْفٌ ثامل أَي قديم طال عَهْدُه
بالصِّقال فدرس وبَلِي؛ قال ابن مقبل:
لِمَنِ الدِّيارُ عَرَفْتُها بالسَّاحِلِ،
وكأَنَّها أَلواحُ سَيْفٍ ثامِلِ؟
الأَصمعي: الثَّامل القديم العَهْدِ بالصِّقَال كأَنه بقي في أَيدي
أَصحابه زماناً من قولهم ارتحل بنو فلان وثَمَل فلان في دارهم أَي بقي.
والثَّمْل: المُكْث.
والثُّمال، بالضم: السُّمُّ المُنْقَع. ويقال: سَقاه المُثَمَّلَ أَي
سقاه السُّمَّ، قال الأَزهري: ونُرى أَنه الذي أُنْقِع فَبَقِي وثَبَت.
والمُثَمَّل: السُّم المُقَوَّى بالسَّلَع وهو شجر مُرٌّ. ابن سيده: وسُمٌّ
مُثَمَّل طال إِنقاعُه وبَقِي، وقيل: إِنه من المَثْمَلة الذي هو
المُسْتَنْقَع؛ قال العباس بن مِرْداس السُّلَمي:
فَلا تَطْعَمَنْ ما يَــعْلِفــونَكَ، إِنَّهُم
أَتَوْكَ على قُرْبانِهم بالمُثَمَّل
وهو الثُّمال. والمَثْمِل: أَفضل العَشِيرة. وقال شمر: المُثَمَّل من
السُّمِّ المُثَمَّن المجموع.
وكل شيء جمعته فقد ثَمَّلْته وثَمَّنْته. وثَمَلْت الطعام: أَصلحته،
وثَمَلْته سَتَرته وغَيَّبته.
والثُّمالُ: جمع ثُمالة وهي الرَّغوة. ابن سيده: والثُّمالة رَغْوة
اللبن. والثُّمالة: بياض البَيْضة الرَّقِيقُ ورَغْوَتُه، وبه شبهت رَغْوَة
اللبن؛ قال مُزَرِّد:
إِذا مَسَّ خِرْشاءَ الثُّمالة أَنْفُه،
ثَنى مِشْفَرَيْه للصَّرِيح فأَقْنَعا
ابن سيده: الثُّمالة رَغْوَة اللَّبن إِذا حُلِب، وقيل: هي الرَّغْوة ما
كانت، وأَنشد بيت مُزَرِّد؛ وأَنشد الأَزهري في ترجمة قشعم:
وقِصَعٍ تُكْسَى ثُمالاً قَشْعَما
وقال: الثُّمال الرَّغْوة؛ وقال آخر:
وقِمَعاً يُكْسى ثُمالاً زَغْرَبا
وجمعها ثُمال؛ قال الشاعر:
وأَتَتْه بزَغْرَبٍ وحَتِيٍّ،
بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمال
تامكٍ يعني سَنَاماً تامِكاً. ولبن مُثَمِّل ومُثْمِل: ذُو ثُمَالة،
يقال: احْقِن الصَّريح وأَثْمِل الثُّمالةَ أَي أَبْقِها في المِحْلَب. وقال
أَبو عبيد في باب فُعَالة: الثُّمالة بَقِيَّة الماء وغيره، وفي حديث
أُم مَعْبَد: فحَلَب فيه ثَجًّا حتى عَلاه الثُّمال؛ هو، بالضَّم، جمع
ثُمالة الرَّغوة. والثُّمال: كهيئة زُبْد الغنم، وتقول العرب في كلامها: قالت
اليَنَمة أَنا اليَنَمه، أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمه، وأَكُبّ
الثُّمَال فوق الأَكَمه؛ اليَنَمة: نَبْتٌ لَيِّنٌ تَسْمَن عليه الإِبل، وقيل:
بَقْلَة طَيِّبة، وقولها أُغْبُق الصَّبيَّ قبل العَتَمة أَي أُعَجِّل
ولا أُبْطِئ، وقولها وأَكُبُّ الثُّمَال فوق الأَكَمَة، تقول: ثُمَال
لَبَنِها كَثيرٌ، وقيل: أَراد بالثُّمَال جمع الثُّمَالة وهي الرغوة، وزعم
ثعلب أَن الثُّمَال رغوة اللبن فجعله واحداً لا جمعاً؛ قال ابن سيده:
فالثُّمَال والثُّمَالة على هذا من باب كَوْكَبٍ وكَوْكَبَة، فأَما أَبو عبيد
فجعله جمعاً كما بيَّنَّا. ابن بزرج: ثَمَلت القومَ وأَنا أُثْمِلُهم،
قال أَبو منصور: معناه أَن يكون ثِمَالاً لهم أَي غِيَاثاً وقِوَاماً
يَفْزَعون إِليه.
والثَّمل: المُقام والخَفْض، يقال: ثَمَل فلان فما يَبْرَح. واختار فلان
دار الثَّمل أَي دار الخَفْض والمُقَام.
والثِّمَال، بالكسر: الغِيَاث. وفلان ثِمَال بني فلان أَي عِمَادُهم
وغِيَاثٌ لهم يقوم بأَمرهم؛ قال الحطيئة:
فِدًى لابن حِصْنٍ ما أريح، فإِنه
ثِمَالُ اليَتَامى، عِصْمَةٌ في المَهَالِكِ
وقال اللحياني: ثِمَال اليتامى غِياثُهم. وثَمَلهم ثَمْلاً: أَطعمهم
وسقاهم وقام بأَمرهم؛ وقال أَبو طالب يمدح سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم:
وأَبيَض يُستَسقَى الغَمامُ بوجهه،
ثِمَال اليتَامى، عِصْمَة للأَرامل
والثِّمَال، بالكسر: المَلْجأُ والغِيَاث والمُطْعِم في الشِّدَّة.
ويقال: أَكَلَتِ الماشية من الكَلإِ ما يثمل ما في أَجوافها من الماء أَي
يكون سواء لما شربت من الماء. وقال الخليل: المَثْمِل المَلْجأُ؛ أَنشد ابن
بري لأَبي كبير الهذلي:
وعَلَوْت مُرْتَقِباً على مَرْهُوبَةٍ
حَصَّاءَ، ليس رَقِيبُها في مَثْمِل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِنها ثِمال حاضرتهم أَي غِيَاثُهم
وعِصْمَتُهم.
وثَمَلَت المَرْأَةُ الصِّبيانَ تَثْمُلهم: كانت لهم أَصلاً يُقيم
مَعَهم. والمِثْمَلة: خَريطة وَسَطٌ يَحْمِلها الراعي في مَنكِبه.
والثَّمَائل: الضفائر التي تُبْنَى بالحجارة لِتُمسِكَ الماء على
الحَرْث، واحدتها ثَميلة، وقيل: الثَّميلة الجَدْر نَفْسُه، وقيل: الثَّمِيلة
البناء الذي فيه الغِراس
(* قوله: الغراس، هكذا في الأصل. وفي القاموس:
الفراش) والخَفْضُ والوقائد. والثَّمِيلة: طائر صغير يكون بالحجاز. وبنو
ثُمَالَة: بطن من الأَزْدِ إِليهم يُنسب المُبَرَّد. وثُمالة: لَقَبٌ.
وثُمَالة: حَيٌّ من العَرَب.