من (ب ر ز) التام العقل والرأي والظاهر والــعفيف الطاهر الخلق والنابه بعد خمول. يستخدم للذكور.
من (ب ر ز) التام العقل والرأي والظاهر والــعفيف الطاهر الخلق والنابه بعد خمول. يستخدم للذكور.
نزه: النُّزْهَةُ: معروفة. والتَّنَزُّهُ: التباعد، والإسم النُّزْهةُ.
ومكانٌ نَزِهٌ
ونَزِيهٌ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ
بعيدة عَذْبَةٌ نائية من الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ. الجوهري:
وخرجنا نتَنَزَّهُ في الرِّياضِ، وأَصله من البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر. ويقال: ظِللْنا مُتَنَزِّهِينَ إذا تباعدوا عن المياه. وهو
يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: الجابِيَةُ
أَرضٌ
نَزِهَةٌ أَي بعيدة عن الوَباء. والجابِيَةُ: قرية بدمشْقَ. ابن سيده:
وتنزَّهَ الإنسانُ خرج إلى الأَرض النَّزِهَةِ، قال: والعامة يضعون الشيء
في غير موضعه ويَغْلَطُونَ فيقولون خرجنا نتَنزَّهُ إذا خرجوا إلى
البساتين فيجعلون التَّنزُّهَ الخروجَ إلى البساتين والخُضَر والرِّياض، وإنما
التَّنزُّهُ التباعدُ عن الأَرياف والمياه حيث لا يكون ماءٌ ولا نَدىً
ولا جَمْعُ ناسٍ، وذلك شِقُّ البادية، ومنه قيل: فلانٌ يتَنَزَّهُ عن
الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عنها أَي يُباعد نفسه عنها؛ ومنه قول أُسامة بن
حبيب الهذلي:
كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ،
يُشَرِّدُ عن كَتِفيْهِ الذُّبابا
أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلا
ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إلا ائتِيابا
ويروى: إلا انْتِيابا، يريد ما تباعد من الفلاة عن المياه والأَرياف.
وفي حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها: صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، شيئاً فرَخَّصَ فيه فتَنَزَّهَ عنه قومٌ
أَي تركوه وأَبعدوا عنه ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فيه. وقد نَزُهَ
نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إذا بَعُدَ.
ورجل نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس: عفيف مْتكَرِّمٌ
يَحُلُّ وحْدَهُ ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله، والجمع نُزَهاءُ
ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والإسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ. ونَزَّهَ نفْسَه عن القبيح:
نَحّاها. ونزَّهَ الرجلَ: باعده عن القبيح. والنَّزاهةُ: البعد عن السوء.
وإن فلاناً لنَزِيهٌ كريمٌ إذا كان بعيداً من اللُّؤْمِ، وهو نزِيهُ
الخُلُقِ. وفلان يتَنزَّهُ عن مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عما يُذَمُّ
منها. الأَزهري: التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عن الشيء تكَرُّماً ورغبة
عنه.
والتَّنزِيهُ: تسبيح الله عز وجل وإبعادُهُ عما يقول المشركون.
الأَزهري: تَنْزِيهُ الله تبعيدُه وتقديسُه عن الأَنداد والأَشباه، وإنما قيل
للفلاة التي نأَتْ عن الرِّيفِ والمياه نزِيهةٌ
لبعدها عن غَمَقِ المياه وذِبّانِ القُرى وومَدِ البحار وفساد الهواء.
وفي الحديث: كان يصلي من الليل فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَنْزِيهُ الله إلا
نزَّهَهُ؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ الله تبعيدُه عما لا يجوز
عليه من النقائض؛ ومنه الحديث في تفسير سبحان الله: هو تَنْزِيهُهُ أَي
إبعاده عن السوء وتقديسه؛ ومنه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: الإيمانُ
نَزِهٌ
أَي بعيد عن المعاصي. وفي حديث المُعَذَّبِ في قبره: كان لا يسْتَنْزِهُ
من البول أَي لا يَسْتبرئ ولا يتطهر ولا يستبعد منه. قال شمر: ويقال هم
قومٌ أَنْزاهٌ أَي يتَنزَّهُونَ عن الحرام، الواحد نزِيهٌ
مثل مَلِيءٍ وأَملاءٍ. ورجل نزيهٌ ونَزِهٌ: وَرِعٌ. ابن سيده: سَقى
إبلَهُ ثم نَزَهَها نَزْهاً باعدها عن الماء. وهو بنُزْهةٍ عن الماء أَي
بُعْد. وفلان نزِيهٌ
أَي بعيد. وتنَزَّهُوا بحُرَمِكْم عن القوم: تباعدوا. وهذا مكان نزِيهٌ:
خَلاء بعيد من الناس ليس فيه أَحد فأَنزلوا فيه حُرَمَكُمْ. ونُزْهُ
الفَلا: ما تباعد منها عن المياه والأَرياف.
منع: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، وهو خلافُ
الإِعْطاءِ، ويقال: هو تحجيرُ الشيء، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً
ومَنَّعَه فامْتَنَع منه وتمنَّع.
ورجل مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وفي التنزيل:
مَنَّاعٍ للخير، وفيه: وإِذا مسَّه الخيْرُ مَنُوعاً. ومَنِيعٌ: لا يُخْلَصُ
إِليه في قوم مُنَعاءَ، والاسم المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابن
الأَعرابي: رجل مَنُوعٌ يَمْنَع غيره، ورجل مَنِعٌ يمنع نفسه، قال:
والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الذي منع غيره؛ قال عمرو بن
معديكرب:بَراني حُبُّ مَنْ لا أَسْتَطِيعُ،
ومَنْ هو للذي أَهْوَى مَنُوعُ
والمانِعُ: من صفات الله تعالى له معنيان: أَحدهما ما روي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: اللهم لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ ولا مُعْطِيَ
لِما مَنَعْتَ، فكان عز وجل يُعْطِي من استحقَّ العطاءَ ويمنع من لم
يستحق إِلاَّ المنع، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء وهو العادل في جميع ذلك،
والمعنى الثاني من تفسير المانع أَنه تبارك وتعالى يمنع أَهل دينه أَي
يَحُوطُهم وينصرهم،وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد، ومن
هذا يقال فلان في مَنَعةٍ أَي في قوم يحمونه ويمنعونه، وهذا المعنى في
صفة الله جل جلاله بالغ، إِذ لا منعة لمن لم يمنعه الله ولا يمتنع من لم
يكن الله له مانعاً. وفي الحديث: اللهم مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ أَي من
حََرَمْتَه فهو مَحْرُومٌ لا يعطيه أَحد غيرك. وفي الحديث: أَنه كان ينهي عن
عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وهات أَي عن مَنْعِ ما عليه إِعطاؤُه وطَلبِ
ما ليس له. وحكى ابن بري عن النَّجِيرَمِيّ
(* قوله« النجيرمي» حكى ياقوت
في مجمعه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء): مَنَعةٌ جمع مانِعٍ. وفي
الحديث: سيَعُوذُ بهذا البيتِ قومٌ ليست لهم مَنْعةٌ أَي قوَّة تمنع من
يريدهم بسوء، وقد تفتح النون،وقيل: هي بالفتح جمعُ مانِعٍ مثل كافِرٍ
وكُفَرةٍ.
ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فهو مَنِيعٌ:
اعتَزَّ وتعسَّر. وفلان في عِزٍّ ومَنَعةٍ، بالتحريك وقد يُسكن، يقال:
المَنعةُ جمعٌ كما قدَّمنا أَي هو في عِزٍّ ومن يَمْنعه من عشيرتِه، وقد
تمنَّع وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لا تؤاآتى على فاحِشةٍ، والفعلُ كالفعل،
وقد مَنُعَتْ مَناعةً، وكذلك حصِنٌ مَنِيعٌ، وقد مَنُعَ، بالضم، مَناعةً
إِذا لم يُرَمُ. وناقة مانِعٌ: مَنَعَتْ لبنها، على النسب؛ قال أُسامةُ
الهُذَلي:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلِّصةٍ، قد أَهْجَرَتها فُحُولُها
ومَناعِ: بمعنى امْنَعْ. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن بني أَسد
يفتحون مَناعَها ودَراكَها وما كان من هذا الجنس، والكسر أَعرف. وقوسٌ
مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قال عمرو بن براء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ،
وعاصماً عن مَنْعَةٍ قَذَّافِ
والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ على السَّنةِ
لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وهما المُقاتِلتانِ
الزمانَ على أَنفُسِهما. ورجل مَنِيعٌ: قويُّ البدن شديدُه. وحكى اللحياني: لا
مَنْعَ عن ذاك، قال: والتأْويل حقّاً أَنك إِن فعلت ذلك.
ابن الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وهي السَّرطاناتُ،
واحدها مَنْعٌ.
ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في
جبل طيِّءٍ. والمَناعةُ: اسم بلد؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
أَرَى الدَّهْر لا يَبْقَى على حَدَثانِه،
أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ
(* قوله« بأطراف المناعة» تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.)
قال ابن جني: المَناعةُ تحتمل أَمرين: أَحدهما أَن تكون فَعالةً من مَنَعَ،
والآخر أَن تكون مَفْعَلَةً من قولهم جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ
فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَةٌ.
مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه
وشَبَهُه بمعنى؛ قال ابن بري: الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن
المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هو
التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص، وأَما المُماثَلة فلا تكون
إِلا في المتفقين، تقول: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه
كطعمِه، فإِذا قيل: هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه،
وإِذا قيل: هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ، والعرب تقول:
هو مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم، يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن
هذا حقير. والمِثْل: الشِّبْه. يقال: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى
واحد؛ قال ابن جني: وقوله عز وجل: فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ
مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون؛ جَعَل مِثْل وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على
الفتح، وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما صفة لحقّ، فإِن قلت: فما
موضع أَنكم تنطِقون؟ قيل: هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه، فإِن قلت:
أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ،
فكيف تجوز إِضافة المبني؟ قيل: ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم
المضموم إِليه ما، فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية
زيدٍ، أَو كالأَلف والنون في سِرْحان عَمْرو، أَو كياء الإِضافة في
بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث في صحراء زُمٍّ، أَو كالأَلف والتاء في
قوله:
في غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ
وقوله تعالى: ليس كَمِثْلِه شيء؛ أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك،
لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً، تعالى الله عن ذلك؛ ونظيرُه ما
أَنشده سيبويه:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي مَقَقٌ. وقوله تعالى: فإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به؛ قال أَبو إِسحق:
إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان؟ قيل له: المعنى واضح
بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في إِيمانكم
بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم
(* قوله «وتصديقكم كتوحيدكم» هكذا في الأصل،
ولعله وبتوحيد كتوحيدكم) فقد اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم. وفي حديث
المِقْدام: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ
الكِتاب ومِثْلَه معه؛ قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل: أَحدهما
أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من
الظاهر المَتْلُوِّ، والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من البَيان
مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد
وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من
القرآن. وفي حديث المِقْدادِ: قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن
قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا
قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ
بالكلمة من أَهل النار، لا أَنه يصير كافراً بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في
إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم، فإِن قتله أَحد
بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ؛ ومنه حديث صاحب
النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه؛ قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي
هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله، فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه
إِياه وأَنه ظالم له، فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم
قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً. وفي حديث
الزكاة: أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها؛ قيل: إِنه كان
أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن فلذلك قال ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز
للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: فإِنها عَليَّ
ومثلُها معها، قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين، فلذلك قال
عَليَّ. وفي حديث السَّرِقة: فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه؛ هذا على سبيل
الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلاّ فلا واجبَ
على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ
العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ، وكذلك قوله: في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها
ومثلُها معها؛ قال ابن الأَثير: وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل
من الوعيد وقد كان عمر، رضي الله عنه، يحكُم به، وإِليه ذهب أَحمدُ
وخالفه عامَّة الفقهاء. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، والجمع أَمْثالٌ،
وهما يَتَماثَلانِ؛ وقولهم: فلان مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ
لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه، وقيل: معناه مُسْتَراد
مِثْله أَو مِثْلها، واللام زائدة: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وقوله عز وجل:
ولله المَثَلُ الأَعْلى؛ جاء في التفسير: أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله
وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وهي
الأَمثال؛ قال ابن سيده: وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به
وتَمَثَّله؛ قال جرير:
والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،
حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا
على أَن هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل.
وامْتَثَل القومَ وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد
بيتاً ثم آخَر ثم آخَر، وهي الأُمْثولةُ، وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ
بمعنى. والمَثَلُ: الشيء الذي يُضرَب لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه، وفي
الصحاح: ما يُضرَب به من الأَمْثال. قال الجوهري: ومَثَلُ الشيء أَيضاً صفته.
قال ابن سيده: وقوله عز من قائل: مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون؛
قال الليث: مَثَلُها هو الخبر عنها، وقال أَبو إِسحق: معناه صِفة الجنة،
وردّ ذلك أَبو علي، قال: لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب،
إِنما معناه التَّمْثِيل. قال عمر بن أَبي خليفة: سمعت مُقاتِلاً صاحبَ
التفسير يسأَل أَبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل، مَثَل الجنة: ما
مَثَلُها؟ فقال: فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ، قال: ما مثلها؟ فسكت
أَبو عمرو، قال: فسأَلت يونس عنها فقال: مَثَلُها صفتها؛ قال محمد ابن سلام:
ومثل ذلك قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي
صِفَتُهم. قال أَبو منصور: ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس، وأَما جواب أَبي
عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ،
ثم تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه، فإِن أَبا عمرو
أَجابه جواباً مُقْنِعاً، ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف
من غلظ فهمه، وذلك أَن قوله تعالى: مَثَل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إِن
الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها
الأَنهار؛ وَصَفَ تلك الجناتِ فقال: مَثَلُ الجنة التي وصفْتُها، وذلك مِثْل
قوله: ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي ذلك صفةُ محمدٍ،
صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه في التوراة، ثم أَعلمهم أَن صفتهم في
الإِنجيل كَزَرْعٍ. قال أَبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وُعِد
المتقون، قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:
التقدير فيما يتلى عليكم مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومَنْ قال إِن
معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن مَثَل لا يوضع في موضع صفة، إِنما يقال
صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. ويقال: مَثَلُ زيد مثَلُ فلان، إِنما
المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ.
ويقال: تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً. وفي
التنزيل العزيز: يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له؛ وذلك
أَنهم عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به
حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال: إِنَّ
الذين تَعْبُدون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً؛ يقول: كيف تكونُ هذه
الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ
ولو اجتمعوا كلُّهم له، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم
يخلِّصوا المَسْلوبَ منه، ثم قال: ضَعُفَ الطالِبُ والمَطْلوبُ؛ وقد يكون
المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ؛ ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سَلَفاً ومَثَلاً
للآخرين، فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم
الغابِرُون، ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون، ويكون المَثَلُ
بمعنى الآيةِ؛ قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام: وجعلناه مَثَلاً لبني إِسرائيل؛ أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه.
وأَما قوله عز وجل: ولَمَّا ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون؛
جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه
وسلم، فلما قيل لهم: إِنكم وما تعبُدون من دون الله حَصَبُ جهنم، قالوا: قد
رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين عُبِدوا من دون
الله، فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى. والمِثالُ: المقدارُ وهو من
الشِّبْه، والمثل: ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه، والجمع
المُثُل وثلاثة أَمْثِلةٍ، ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف.
والمِثال: القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله. أَبو حنيفة: المِثالُ
قالَِب يُدْخَل عَيْنَ النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى
يَنْبَسِطا، والجمع أَمْثِلةٌ.
وتَماثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل
المَنْهوك، وقيل: إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه
هَمَّ بالنُّهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضوان الله
عليهما: فَحَنَتْ له قِسِيَّها وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً
لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وهو افتَعل من المُثْلةِ.
ويقال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل صفة
للإِقبال. قال أَبو منصور: معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي
أَحسن حالاً من حالةٍ كانت قبلها، وهو من قولهم: هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل
قومه. الجوهري: فلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء
أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم.
وقد مَثُل الرجل، بالضم، مَثالةً أَي صار فاضِلاً؛ قال ابن بري:
المَثالةُ حسنُ الحال؛ ومنه قولهم: زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً،
والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قال: ويروى كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ
رَعالةً.والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وهو من أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يقال:
فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه، قال الإِيادي: وسئل أَبو الهيثم عن
مالك قال للرجل: ائتني بقومك، فقال: إِن قومي مُثُلٌ؛ قال أَبو الهيثم:
يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد. والطريقة المُثْلى: التي هي أَشبه
بالحق. وقوله تعالى: إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً؛ معناه أَعْدَلُهم
وأَشْبهُهم بأَهل الحق؛ وقال الزجاج: أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول.
وقوله تعالى حكاية عن فرعون أَنه قال: ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى؛ قال
الأَخفش: المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وقال
أَبو إِسحق: معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق أَن يقال هو أَمثل قومه؛
وقال الفراء: المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء الحُسْنى وهو نعت
للطريقة وهم الرجال الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث الطريقة.
وقال ابن شميل: قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك،
لأَنك تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس، ولا يكون ذلك في مَثَل.
والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت: كُلُّنا مَثِيل؛
حكاه ثعلب، قال: وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم؟ قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول
كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل. وفي الحديث: أَشدُّ الناس بَلاءً
الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى
فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة. يقال: هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ
وأَدنَى إِلى الخير. وأَماثِلُ الناس: خيارُهم. وفي حديث التَّراويح: قال عمر
لو جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب.
وفي الحديث: أَنه قال بعد وقعةِ بَدْر: لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى
سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل؛ قال الزمخشري: معناه اعتادت
واستأْنستْ بالأَماثِل. وماثَلَ الشيءَ: شابهه.
والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع التَّماثيل. ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره
حتى كأَنه ينظر إِليه. وامْتَثله هو: تصوَّره. والمِثالُ: معروف، والجمع
أَمْثِلة ومُثُل. ومَثَّلت له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة
بكتابة وغيرها. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي
مصوِّر. يقال: مَثَّلْت، بالتثقيل والتخفيف، إِذا صوَّرت مِثالاً.
والتِّمْثالُ: الاسم منه، وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه. ومَثَّل الشيء بالشيء:
سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه. ومنه الحديث: رأَيت الجنةَ
والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ ومنه
الحديث: لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل
تصويره، وقيل: هو من المُثْلة. والتِّمْثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً
بخلق من خلق الله، وجمعه التَّماثيل، وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء
إِذا قدَّرته على قدره، ويكون تَمْثيل الشيء بالشيء تشبيهاً به، واسم ذلك
الممثَّل تِمْثال.
وأَما التَّمْثال، بفتح التاء، فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً.
ويقال: امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت حَذْوَه وسلكت طريقته. ابن
سيده: وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها.
ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومَثُل بين يديه
مُثُولاً أَي انتصب قائماً؛ ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ. وفي
الحديث: مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس؛ يقال: مَثُل الرجل يَمْثُل
مُثولاً إِذا انتصب قائماً، وإِنما نهى عنه لأَنه من زِيِّ الأَعاجم، ولأَن
الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس؛ ومنه الحديث: فقام النبي، صلى الله
عليه وسلم، مُمْثِلاً؛ يروى بكسر الثاء وفتحها، أَي منتصباً قائماً؛ قال
ابن الأَثير: هكذا شرح، قال: وفيه نظر من جهة التصريف، وفي رواية:
فَمَثَلَ قائماً. والمَاثِلُ: القائم. والماثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَل:
لَطِئَ بالأَرض، وهو من الأَضداد؛ قال زهير:
تَحَمَّلَ منها أَهْلُها، وخَلَتْ لها
رُسومٌ، فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ
والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والماثلُ: الرُّسومُ؛ وقال زهير أَيضاً في
الماثِل المُنْتَصِبِ:
يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّرُ
وقول لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ
فسَّره المفسِّر فقال: المَثَلُ الماثِلُ؛ قال ابن سيده: ووجهه عندي
أَنه وضع المَثَلَ موضع المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام
المضاف إِليه مقامه؛ ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب
وخادِم وخَدَم وموضع الكاف الزيادة، كما قال رؤبة:
لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
أَي فيها مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُل: زال عن موضعه؛ قال أَبو خِراش
الهذلي:يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ لِما يَرى،
فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ
(* قوله «يقربه النهض إلخ» تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما
هنا).أَبو عمرو: كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب. والماثِلُ: الدارِس، وقد
مَثَل مُثولاً.
وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:
رَبَاعٍ لها، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عنده،
خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها
ومَثَلَ بالرجل يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
ومَثَّل، كلاهما: نكَّل به، وهي المَثُلَة والمُثْلة، وقوله تعالى: وقد
خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ؛ قال الزجاج: الضمة فيها عِوَض من الحذف، وردّ
ذلك أَبو علي وقال: هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات. الجوهري:
المَثُلة، بفتح الميم وضم الثاء، العقوبة، والجمع المَثُلات. التهذيب: وقوله
تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات؛ يقول:
يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به، وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا
بالأُمَمِ الخالية فلم يعتبروا بهم، والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه
ومُثْلة فمن قال مَثُله جمعها على مَثُلات، ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات
ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثاء، يقول: يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون
العذاب في قولهم: فأَمطر علينا حجارةً من السماء؛ وقد تقدم من العذاب ما
هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ من
المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً.
ويقال: امْتَثَل فلان من القوم، وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم، يكون
جمع أَمْثالٍ ويكون جمع الأَمْثَلِ.
وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّل بالدوابِّ
وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع
أَطرافها وهي حَيَّة. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُثْلة. يقال: مَثَلْت
بالحيوان أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به، ومَثَلْت
بالقتيل إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه،
والاسم المُثلة، فأَما مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالغة. ومَثَلَ بالقتيل:
جَدَعه، وأَمْثَله: جعله مُثْلة. وفي الحديث: من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له
عند الله خَلاق يوم القيامة؛ مُثْلة الشَّعَر: حَلْقُه من الخُدُودِ، وقيل:
نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وروي عن طاووس أَنه قال: جعله الله
طُهْرةً فجعله نَكالاً.
وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَل منه: اقتصَّ؛ قال:
إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ،
نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم
وتَمَثَّل منه: كامْتَثَل. يقال: امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي
اقتصصت منه؛ ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأُتن:
خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها
أَي ما يُراد أَن يُقْتَصَّ منها، هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من
ذلك. ويقول الرجل للحاكم: أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي
أَقِصَّني منه، وقد أَمْثَله الحاكم منه. قال أَبو زيد: والمِثالُ القِصاص؛
قال: يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه إِقْصاصاً بمعنى، والاسم
المِثالُ والقِصاصُ. وفي حديث سُويد بن مقرّن: قال ابنُه معاوية لَطَمْتُ
مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه، وفي رواية: امْتَثِل،
فعَفا، أَي اقتصَّ منه. يقال: أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه.
وقالوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،
يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا،
وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا
عنى بالتَّلاتِل الشدائد. والمِثالُ: الفِراش، وجمعه مُثُل، وإِن شئت
خفَّفت. وفي الحديث: أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش
خَلَق. وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي
قالت: زوَّج علي بن أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما
مِثالَيْن، قال جرير: قلت لمُغيرة ما مِثالان؟ قال: نَمَطان، والنّمَطُ ما
يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة؛ وقوله: وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي
فِراش خلَق؛ قال الأَعشى:
بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما
يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا
وفي حديث عكرمة: أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله؛
هي جمع مِثال وهو الفِراش. والمِثالُ: حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ
على خِلْقة السِّمَة سواء، فيجعل فيه طرف العمود أَو المُلْمُول
المُضَهَّب، فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى يَدخل المِثال فيه فيكون
مِثْله.
والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً ولذلك سميت أَمْثالاً
وهي من البَصرة على ليلتين. والمِثْل: موضع
(* قوله «والمثل موضع» هكذا
ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم) ؛
قال مالك بن الرَّيْب:
أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،
رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا؟
مني: المَنى، بالياءِ: القَدَر؛ قال الشاعر:
دَرَيْتُ ولا أَدْري مَنى الحَدَثانِ
مَناهُ الله يَمْنِيه: قدَّره. ويقال: مَنى اللهُ لك ما يسُرُّك أَي
قَدَّر الله لك ما يَسُرُّك؛ وقول صخر الغيّ:
لعَمرُ أَبي عمرو لقَدْ ساقَه المَنى
إِلى جَدَثٍ يُوزَى لهُ بالأَهاضِبِ
أَي ساقَه القَدَرُ. والمَنى والمَنِيَّةُ: الموت لأَنه قُدِّر علينا.
وقد مَنى الله له الموت يَمْني، ومُنِي له أَي قُدِّر؛ قال أَبو قِلابة
الهذلي:
ولا تَقُولَنْ لشيءٍ: سَوْفَ أَفْعَلُه،
حتى تُلاقِيَ ما يَمْني لك المَاني
وفي التهذيب:
حتى تبَيّنَ ما يَمْني لك الماني
أَي ما يُقَدِّر لك القادر؛ وأَورد الجوهري عجز بيت:
حتى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وقال ابن بري فيه: الشعر لسُوَيْد بن عامرٍ المُصْطلِقي وهو:
لا تَأْمَنِ المَوتَ في حَلٍّ ولا حَرَمٍ،
إِنَّ المَنايا تُوافي كلَّ إِنْسانِ
واسْلُكْ طَريقَكَ فِيها غَيْرَ مُحْتَشِمٍ،
حتَّى تُلاقَي ما يَمْني لك الماني
وفي الحديث: أَن منشداً أَنشد النبي،صلى الله عليه وسلم:
لا تَأْمَنَنَّ، وإِنْ أَمْسَيْتَ في حَرَمٍ،
حتى تلاقَي ما يمني لك الماني
فالخَيْرُ والشَّرُّ مَقْرونانِ في قَرَنٍ،
بكُلِّ ذلِكَ يأْتِيكَ الجَدِيدانِ
فقال النبي،صلى الله عليه وسلم: لو أَدرك هذا الإِسلام؛ معناه حتى
تُلاقَي ما يُقدِّر لكَ المُقَدِّرُ وهو الله عز وجل. يقال: مَنى الله عليك
خيراً يَمْني مَنْياً، وبه سميت المَنِيَّةُ، وهي الموت، وجمعها المَنايا
لأَنها مُقدَّرة بوقت مخصوص؛ وقال آخر:
مَنَتْ لَكَ أَن تُلاقِيَني المَنايا
أُحادَ أُحادَ في الشَّهْر الحَلالِ
أَي قدَّرت لك الأَقْدارُ. وقال الشَّرفي بن القطامي: المَنايا
الأَحْداث، والحِمامُ الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُونُ الزَّمانُ؛ قال
ابن بري: المَنيَّة قدَرُ الموت، أَلا ترى إِلى قول أَبي ذؤيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
فجعل المنايا تُقرِّب الموت ولم يجعلها الموت.
وامْتَنَيْت الشيء: اخْتَلقْته.
ومُنِيتُ بكذا وكذا: ابْتُلِيت به. ومَناه اللهُ بحُبها يَمنِيه
ويَمْنُوه أَي ابْتلاه بحُبِّها مَنْياً ومَنْواً. ويقال: مُنِيَ ببَلِيَّة أَي
ابْتُلي بها كأَنما قُدِّرت له وقُدِّر لها. الجوهري: منَوْتُه ومَنَيْته
إِذا ابتليته، ومُنِينا له وُفِّقْنا. ودارِي مَنى دارِك أَي إِزاءَها
وقُبالَتها. وداري بمَنى دارِه أَي بحذائها؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن
خالويه:
تَنَصَّيْتُ القِلاصَ إِلى حَكِيمٍ،
خَوارِجَ من تَبالَةَ أَو مَناها
فما رَجَعَتْ بخائبةٍ رِكابٌ،
حَكِيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنتَهاها
وفي الحديث: البيتُ المَعْمُور مَنى مكة أَي بِحذائها في السماء. وفي
حديث مجاهد: إِن الحرم حَرَمٌ مَناه مِن السمواتِ السبع والأَرَضِين السبع
أَي حِذاءه وقَصْدَه. والمَنى: القَصْدُ؛ وقول الأَخطل:
أَمْسَتْ مَناها بأَرْضٍ ما يُبَلِّغُها،
بصاحِبِ الهَمِّ، إِلاَّ الجَسْرةُ الأُجُدُ
قيل: أَراد قَصْدَها وأَنَّث على قولك ذهَبت بعضُ أَصابعه، وإِن شئت
أَضمرت في أَمَسَتْ كما أَنشده سيبويه:
إِذا ما المَرْءُ كان أَبُوه عَبْسٌ،
فحَسْبُكَ ما تُريدُ إِلى الكَلامِ
وقد قيل: إِنَّ الأَخطل أَرادَ مَنازِلها فحذف، وهو مذكور في موضعه؛
التهذيب: وأَما قول لبيد:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأَبانِ
قيل: إِنه أَراد بالمَنا المَنازِل فرخمها كما قال العجاج:
قَواطِناً مكةَ منْ وُرْقِ الحَما
أَراد الحَمام. قال الجوهري: قوله دَرَس المنا أَراد المنازل، ولكنه حذف
الكلمة اكْتِفاء بالصَّدْر، وهو ضرورة قبيحة.
والمَنِيُّ، مشَدّد: ماء الرجل، والمَذْي والوَدْي مخففان؛ وأَنشد ابن
بري للأَخطل يهجو جريراً:
مَنِيُّ العَبْدِ، عَبْدِ أَبي سُواجٍ،
أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ تَعيبا
قال: وقد جاء أَيضاً مخففاً في الشعر؛ قال رُشَيْدُ ابن رُمَيْضٍ:
أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لَنا طَعاماً،
وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟
وجمعهُ مُنْيٌ؛ حكاه ابن جِني؛ وأَنشد:
أَسْلَمْتُموها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ،
مُنّيُ الرِّجالِ على الفَخذَيْنِ كالمُومِ
وقد مَنَيْتُ مَنْياً وأَمْنَيْتُ. وفي التنزيل العزيز: مِنْ مَنِيٍّ
يُمْنَى؛ وقرئ بالتاء على النطفة وبالياء على المَنيِّ، يقال: مَنَى
الرَّجلُ وأَمْنى من المَنِيِّ بمعنًى، واسْتَمْنَى أَي اسْتَدْعَى خروج
المنيّ.
ومَنَى اللهُ الشيء: قَدَّرَه، وبه سميت مِنًى، ومِنًى بمكة، يصرف ولا
يصرف، سميت بذلك لما يُمْنَى فيها من الدماء أَي يُراق، وقال ثعلب: هو مِن
قولهم مَنَى الله عليه الموت أَي قدَّره لأَن الهَدْيَ يُنحر هنالك.
وامْتَنَى القوم وأَمْنَوْا أَتوا مِنى؛ قال ابن شميل: سمي مِنًى لأَن الكبش
مُنِيَ به أَي ذُبح، وقال ابن عيينة: أُخذ من المَنايا. يونس: امْتَنَى
القوم إِذا نزلوا مِنًى. ابن الأَعرابي: أَمْنَى القوم إِذا نزلوا مِنًى.
الجوهري: مِنًى، مقصور، موضع بمكة، قال: وهو مذكر، يصرف. ومِنًى: موضع
آخر بنجد؛ قيل إِياه عنى لبيد بقوله:
عَفَتِ الدِّيارُ محَلُّها فَمُقامُها
بمِنًى، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والمُنَى، بضم الميم: جمع المُنية، وهو ما يَتَمَنَّى الرجل.
والمَنْوَةُ: الأُمْنِيَّةُ في بعض اللغات. قال ابن سيده: وأُراهم غيروا الآخِر
بالإِبدال كما غيروا الأَوَّل بالفتح. وكتب عبد الملك إِلى الحجاج: يا ابنَ
المُتَمَنِّيةِ، أَراد أُمَّه وهي الفُرَيْعَةُ بنت هَمَّام؛ وهي
القائلة:هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلى خَمْرٍ فأَشْرَبَها،
أَمْ هَلْ سَبِيلٌ إِلى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ؟
وكان نصر رجلاً جميلاً من بني سُلَيم يفتتن به النساء فحلق عمر رأْسه
ونفاه إِلى البصرة، فهذا كان تمنيها الذي سماها به عبد الملك، ومنه قول
عروة بن الزُّبير للحجاج: إِن شئت أَخبرتك من لا أُمَّ له يا ابنَ
المُتَمنِّية. والأُمْنِيّة: أُفْعولةٌ وجمعها الأَماني، وقال الليث: ربما طرحت
الأَلف فقيل منية على فعلة
(*قوله« فقيل منية على فعلة» كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله على فعولة
حتى يتأتى ردّ أَبي منصور عليه؛ قال أَبو منصور: وهذا لحن عند الفصحاء، إِنما يقال مُنْية على فُعْلة وجمعها مُنًى،
ويقال أُمْنِيّةٌ على أُفْعولة والجمع أَمانيُّ، مشدَّدة الياء، وأَمانٍ
مخففة، كما يقال أَثافٍ وأَثافيُّ وأَضاحٍ وأَضاحِيُّ لجمع الأُثْفِيّةِ
والأُضْحيَّة. أَبو العباس: أَحمد بن يحيى التَّمَنِّي حديث النفس بما يكون
وبما لا يكون، قال: والتمني السؤال للرب في الحوائج. وفي الحديث: إِذا
تَمَنَّى أَحدُكم فَلْيَسْتَكثِرْ فإِنَّما يسْأَل رَبَّه، وفي رواية:
فلْيُكْثِرْ؛ قال ابن الأَثير: التَّمَنِّي تَشَهِّي حُصُولِ الأَمر
المَرْغوب فيه وحديثُ النَّفْس بما يكون وما لا يكون، والمعنى إِذا سأَل اللهَ
حَوائجَه وفَضْله فلْيُكْثِرْ فإِن فضل الله كثير وخزائنه واسعة. أَبو
بكر: تَمَنَّيت الشيء أَي قَدَّرته وأَحْبَبْتُ أَن يصير إِليَّ مِن المَنى
وهو القدر. الجوهري: تقول تَمَنَّيْت الشيء ومَنَّيت غيري تَمْنِيةً.
وتَمَنَّى الشيءَ: أَراده، ومَنَّاه إِياه وبه، وهي المِنْيةُ والمُنْيةُ
والأُمْنِيَّةُ. وتَمَنَّى الكتابَ: قرأَه وكَتَبَه. وفي التنزيل العزيز:
إِلا إِذا تَمَنَّى أَلْقى الشيطانُ في أُمْنِيَّتِه؛ أَي قَرَأَ وتَلا
فأَلْقَى في تِلاوته ما ليس فيه؛ قال في مَرْثِيَّةِ عثمان، رضي الله
عنه:تَمَنَّى كتابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِه،
وآخِرَه لاقَى حِمامَ المَقادِرِ
(* قوله« أول ليله وآخره» كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية: أول ليلة
وآخرها.)
والتَّمَنِّي: التِّلاوةُ. وتَمَنَّى إِذا تَلا القرآن؛ وقال آخر:
تَمَنَّى كِتابَ اللهِ آخِرَ لَيْلِه،
تَمَنِّيَ داودَ الزَّبُورَ على رِسْلِ
أَي تلا كتاب الله مُتَرَسِّلاً فيه كما تلا داودُ الزبور مترَسِّلاً
فيه. قال أَبو منصور: والتِّلاوةُ سميت أُمْنيّة لأَنَّ تالي القرآنِ إِذا
مَرَّ بآية رحمة تَمَنَّاها، وإِذا مرَّ بآية عذاب تَمَنَّى أَن
يُوقَّاه. وفي التنزيل العزيز: ومنهم أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُون الكتاب إِلا
أَمانيَّ؛ قال أَبو إِسحق: معناه الكتاب إِلا تِلاوة، وقيل: إَلاَّ
أَمانِيَّ إِلا أَكاذيبَ، والعربُ تقول: أَنت إِنما تَمْتَني هذا القولَ أَي
تَخْتَلِقُه، قال: ويجوز أَن يكون أَمانيَّ نُسِب إِلى أَنْ القائل إِذا قال
ما لا يعلمه فكأَنه إِنما يَتَمَنَّاه، وهذا مستَعمل في كلام الناس،
يقولون للذي يقول ما لا حقيقة له وهو يُحبه: هذا مُنًى وهذه أُمْنِيَّة. وفي
حديث الحسن: ليس الإِيمانُ بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي ولكن ما وَقَر
في القلب وصَدَّقَتْه الأَعْمال أَي ليس هو بالقول الذي تُظهره بلسانك
فقط، ولكن يجب أَن تَتْبَعَه معرِفةُ القلب، وقيل: هو من التَّمَنِّي
القراءة والتِّلاوة. يقال: تَمَنَّى إِذا قرأَ. والتَّمَنِّي: الكَذِب. وفلان
يَتَمَنَّى الأَحاديث أَي يَفْتَعِلها، وهو مقلوب من المَيْنِ، وهو
الكذب. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: ما تَغَنَّيْتُ ولا تَمَنَّيْتُ ولا
شَرِبت خَمراً في جاهلية ولا إِسلام، وفي رواية: ما تَمَنَّيْتُ منذ أَسلمت
أَي ما كَذَبْت. والتَّمنِّي: الكَذِب، تَفَعُّل مِن مَنَى يَمْني إِذا
قَدَّر لأَن الكاذب يُقدِّر في نفسه الحديث ثم يقوله، ويقال للأَحاديث
التي تُتَمَنَّى الأَمانيُّ، واحدتها أُمْنِيّةٌ؛ وفي قصيد كعب:
فلا يغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وعَدَتْ،
إِنَّ الأَمانِيَّ والأَحْلامَ تَضلِيلُ
وتَمَنَّى: كَذَبَ ووضَعَ حديثاً لا أَصل له. وتَمَنَّى الحَديث:
اخترعه. وقال رجل لابن دَأْبٍ وهو يُحدِّث: أَهذا شيء رَوَيْتَه أَم شيء
تَمَنَّيْته؟
معناه افْتَعَلْتَه واخْتَلَقْته ولا أَصل له. ويقول الرجل: والله ما
تَمَنَّيْت هذا الكلام ولا اخْتَلَقْته. وقال الجوهري: مُنْيةُ الناقة
الأَيام التي يُتعَرَّف فيها أَلاقِحٌ هي أَم لا، وهي ما بين ضِرابِ الفَحْل
إِياها وبين خمس عشرة ليلة، وهي الأَيام التي يُسْتَبْرَأُ فيها لَقاحُها
من حِيالها. ابن سيده: المُنْيةُ والمِنية أَيّام الناقة التي لم
يَسْتَبِنْ فيها لَقاحُها من حِيالها، ويقال للناقة في أَوَّل ما تُضرب: هي في
مُنْيَتها، وذلك ما لم يعلموا أَبها حمل أَم لا، ومُنْيَةُ البِكْر التي
لم تحمل قبل ذلك عشرُ ليال، ومنية الثِّنْي وهو البطن الثاني خمس عشرة
ليلة، قيل: وهي منتهى الأَيام، فإِذا مضت عُرف أَلاقِح هي أَم غير لاقح،
وقد استَمْنَيْتُها. قال ابن الأَعرابي: البِكْرُ من الإِبل تُسْتَمْنى بعد
أَربع عشرة وإحدى وعشرين، والمُسِنَّةُ بعد سبعة أَيام، قال:
والاسْتِمْناء أَن يأْتي صاحبها فيضرب بيده على صَلاها ويَنْقُرَ بها، فإِن
اكْتارَتْ بذنبها أَو عَقَدت رأْسها وجمعت بين قُطْرَيها عُلِم أَنها لاقح؛ وقال
في قول الشاعر:
قامَتْ تُريكَ لَقاحاً بعدَ سابِعةٍ،
والعَيْنُ شاحِبةٌ، والقَلْبُ مَسْتُورُ
قال: مستور إِذا لَقِحَت ذهَب نَشاطُها.
كأَنَّها بصَلاها، وهْي عاقِدةٌ،
كَوْرُ خِمارٍ على عَذْراءَ مَعْجُورُ
قال شمر: وقال ابن شميل مُنْيةُ القِلاصِ والجِلَّةِ سَواء عَشْرُ ليال:
وروي عن بعضهم أَنه قال: تُمْتَنى القِلاصُ لسبع ليال إِلا أَن تكون
قَلُوص عَسْراء الشَّوَلانِ طَويلة المُنية فتُمْتَنى عشراً وخمس عشرة،
والمُنية التي هي المُنْية سبع، وثلاث للقِلاص وللجِلَّةِ عَشْر لَيالٍ. وقال
أَبو الهيثم يردّ على من قال تُمْتَنى القِلاصُ لسبع: إنه خطأٌ، إِنما
هو تَمْتَني القِلاصُ، لا يجوز أَن يقال امْتَنَيْتُ الناقةَ أَمْتَنِيها،
فهي مُمْتَناةٌ، قال: وقرئ على نُصَير وأَنا حاضر. يقال: أَمْنَتِ
الناقةُ فهي تُمْني إِمْناء، فهي مُمْنِيةٌ ومُمْنٍ، وامْتَنَتْ، فهي
مُمْتَنِية إِذا كانت في مُنْيَتِها على أَن الفِعل لها دون راعِيها، وقد
امْتُنيَ للفحل؛ قال: وأَنشد في ذلك لذي الرمة يصف بيضة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ مِنَّا، وأُمُّها
إِذا ما رأَتْنا زيِلَ مِنَّا زَويلُها
نَتُوجٍ، ولم تُقْرَفْ لِما يُمْتَنى له،
إِذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ورواه هو وغيره من الرواة: لما يُمْتَنى، بالياء، ولو كان كما روى شمر
لكانت الرواية لما تَمْتَني له، وقوله: لم تُقْرَفْ لم تُدانَ لِما
يُمْتَنى له أَي ينظر إِذا ضُربت أَلاقح أَم لا أَي لم تحمل الحمل الذي يمتنى
له؛ وأَنشد نصير لذي الرمة أَيضاً:
وحتى اسْتَبانَ الفَحْلُ بَعْدَ امْتِنائِها،
مِنَ الصَّيْف، ما اللاَّتي لَقِحْنَ وحُولها
فلم يقل بعد امْتِنائه فيكون الفعل له إِنما قال بعد امْتِنائها هي.
وقال ابن السكيت: قال الفراء مُنْية الناقة ومِنْية الناقة الأَيام التي
يُستبرأُ فيها لَقاحها من حِيالها، ويقال: الناقة في مُنْيتها. قال أَبو
عبيدة: المُنيةُ اضْطِراب الماء وامِّخاضه في الرَّحِم قبل أَن يتغير فيصير
مَشِيجاً، وقوله: لم تُقْرَف لما يُمْتَنى له يصف البيضة أَنها لم
تُقْرَف أَي لم تُجامَع لما يُمْتنى له فيُحتاج إِلى معرفة مُنْيتها؛ وقال
الجوهري: يقول هي حامل بالفرخ من غير أَن يقارفها فحل؛ قال ابن بري: الذي في
شعره:
نَتُوجٍ ولم تُقْرِف لما يُمْتَنى له
بكسر الراء، يقال: أَقْرَفَ الأَمرَ إِذا داناه أَي لم تُقْرِف هذه
البيضةُ لما له مُنيةٌ أَي هذه البيضةُ حَمَلت بالفَرْخ من جهة غير جهة حمل
الناقة، قال: والذي رواه الجوهري أَيضاً صحيح أَي لم تُقْرَف بفحل
يُمْتَنَى له أَي لم يُقارِفْها فحل.
والمُنُوَّةُ
(* قوله« والمنوة» ضبطت في غير موضع من الأصل بالضم، وقال
في شرح القاموس: هي بفتح الميم.): كالمُنْية، قلبت الياء واواً للضمة؛
وأَنشد أَبو حنيفة لثعلبة بن عبيد يصف النخل:
تَنادَوْا بِجِدٍّ، واشْمَعَلَّتْ رِعاؤها
لِعِشْرينَ يَوماً من مُنُوَّتِها تَمْضِي
فجعل المُنوَّة للنخل ذهاباً إِلى التشبيه لها بالإِبل، وأَراد لعشرين
يوماً من مُنوَّتها مَضَتْ فوضع تَفعل موضع فَعلت، وهو واسع؛ حكاه سيبويه
فقال: اعلم أَن أَفْعَلُ قد يقع موضع فَعَلْت؛ وأَنشد:
ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني،
فَمَضَيْتُ ثُمَّت قلتُ لا يَعْنِيني
أَراد: ولقد مَرَرْتُ. قال ابن بري: مُنْية الحِجْر عشرون يوماً تعتبر
بالفعل، فإِن مَنَعت فقد وسَقَتْ. ومَنَيْت الرجل مَنْياً ومَنَوْتُه
مَنْواً أَي اختبرته، ومُنِيتُ به مَنْياً بُلِيت، ومُنِيتُ به مَنْواً
بُلِيت، ومانَيْتُه جازَيْتُه. ويقال: لأَمْنِينَّك مِناوَتَك أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءك. ومانَيْته مُماناة: كافأْته، غير مهموز. ومانَيْتُك: كافأْتك؛
وأَنشد ابن بري لسَبْرة بن عمرو:
نُماني بها أَكْفاءَنا ونُهينُها،
ونَشْرَبُ في أَثْمانِها ونُقامِرُ
وقال آخر:
أُماني به الأَكْفاء في كلِّ مَوْطِنٍ،
وأَقْضِي فُروضَ الصَّالِحينَ وأَقْتَري
ومانَيْتُه: لَزِمْته. ومانَيْتُه: انْتَظَرْتُه وطاوَلْتُه.
والمُماناة: المُطاولةُ. والمُماناةُ: الانْتِظار؛ وأَنشد يعقوب:
عُلِّقْتُها قَبْلَ انْضِباحِ لَوْني،
وجُبْتُ لَمَّاعاً بَعِيدَ البَوْنِ،
مِنْ أَجْلِها بفِتْيةٍ مانَوْني
أَي انتَظَرُوني حتى أُدْرِك بُغْيَتي. وقال ابن بري: هذا الرجز بمعنى
المُطاولة أَيضاً لا بمعنى الانتظار كما ذكر الجوهري؛ وأَنشد لغَيْلان بن
حُريث:
فإِنْ لا يَكُنْ فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائفُ
والهُرار: داءٌ يأْخذ الإِبل تَسْلَح عنه؛ وأَنشد ابن بري لأَبي
صُخَيْرة:
إِيَّاكَ في أَمْركَ والمُهاواةْ،
وكَثْرةَ التَّسْويفِ والمُماناهْ
والمُهاواةُ: المُلاجَّةُ؛ قال ابن السكيت: أَنشدني أَبو عمرو:
صُلْبٍ عَصاه للمَطِيِّ مِنْهَمِ،
ليسَ يُماني عُقَبَ التَّجَسُّمِ
قال: يقال مانَيْتُك مُذُ اليومِ أَي انتظرتك. وقال سعيد: المُناوة
المُجازاة. يقال: لأَمْنُوَنَّكَ مِناوَتَك ولأَقْنُوَنَّك قِناوَتَكَ.
وتَمَنٍّ: بلد بين مكة والمدينة؛ قال كثير عزة:
كأَنَّ دُموعَ العَيْنِ، لما تَحَلَّلَتْ
مَخارِمَ بِيضاً مِنْ تَمَنٍّ جِمالُها،
قَبَلْنَ غُروباً مِنْ سُمَيْحَةَ أَتْرَعَتْ
بِهِنَّ السَّواني، فاسْتدارَ مَحالُها
والمُماناةُ: قِلَّة الغَيرةِ على الحُرَمِ. والمُماناةُ: المُداراةُ.
والمُماناةُ: المُعاقَبةُ في الرُّكوب. والمُماناةُ: المكافأَةُ. ويقال
للدَّيُّوث: المُماذِلُ والمُماني والمُماذِي.
والمَنا: الكَيْلُ أَو المِيزانُ الذي يُوزَنُ به، بفتح الميم مقصور
يكتب بالأَلف، والمِكيال الذي يَكِيلون به السَّمْن وغيره، وقد يكون من
الحديد أَوزاناً، وتثنيته مَنَوانِ ومَنَيانِ، والأَوَّل أَعلى؛ قال ابن
سيده: وأُرى الياء معاقبة لطلب الخفة، وهو أَفصح من المَنِّ، والجمع أَمْناء،
وبنو تميم يقولون هو مَنٌّ ومَنَّانِ وأَمْنانٌ، وهو مِنِّي بِمَنَى
مِيلٍ أَي بقَدْرِ مِيلٍ.
قال: ومَناةُ صخرة، وفي الصحاح: صنم كان لهُذَيْل وخُزاعَة بين مكة
والمدينة، يَعْبُدونها من دون الله، من قولك مَنَوتُ الشيء، وقيل: مَناةُ اسم
صَنَم كان لأَهل الجاهلية. وفي التنزيل العزيز: ومَناةَ الثَّالِثَةَ
الأُخرى؛ والهاء للتأْنيث ويُسكت عليها بالتاءِ، وهو لغة، والنسبة إِليها
مَنَوِيٌّ. وفي الحديث: أَنهم كانوا يُهِلُّون لمَناة؛ هو هذا الصنم
المذكور. وعبدُ مناةَ: ابن أُدِّ بن طابِخَة. وزيدُ مَناةَ: ابن تَميم بن
مُرٍّ، يمد ويقصر؛ قال هَوْبَر الحارِثي:
أَلا هل أَتَى التَّيْمَ بنَ عَبْدِ مَناءَةٍ
على الشِّنْءِ، فيما بَيْنَنا، ابنُ تَمِيمِ
قال ابن بري: قال الوزير من قال زيدُ مَناه بالهاء فقد أَخطأَ؛ قال: وقد
غلط الطائي في قوله:
إِحْدَى بَني بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَناه،
بَينَ الكئيبِ الفَرْدِ فالأَمْواه
ومن احتجّ له قال: إِنما قال مَناةٍ ولم يرد التصريع.
نور: في أَسماء الله تعالى: النُّورُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
يُبْصِرُ بنوره ذو العَمَاية ويَرْشُدُ بهداه ذو الغَوايَةِ، وقيل: هو الظاهر
الذي به كل ظهور، والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يسمى نوراً. قال أَبو
منصور: والنُّور من صفات الله عز وجل، قال الله عز وجل: الله نُورُ
السموات والأَرض؛ قيل في تفسيره: هادي أَهل السموات والأَرض، وقيل: مَثل نوره
كمشكاة فيها مصباح؛ أَي مثل نور هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح.
والنُّورُ: الضياء. والنور: ضد الظلمة. وفي المحكم: النُّور الضَّوْءُ،
أَيًّا كان، وقيل: هو شعاعه وسطوعه، والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ؛ عن ثعلب.
وقد نارَ نَوْراً وأَنارَ واسْتَنارَ ونَوَّرَ؛ الأَخيرة عن اللحياني،
بمعنى واحد، أَي أَضاء، كما يقال: بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ
وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بمعنى واحد. واسْتَنار به: اسْتَمَدَّ شُعاعَه. ونَوَّرَ
الصبحُ: ظهر نُورُه؛ قال:
وحَتَّى يَبِيتَ القومُ في الصَّيفِ ليلَةً
يقولون: نَوِّرْ صُبْحُ، والليلُ عاتِمُ
وفي الحديث: فَرَض عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، للجدّ ثم أَنارَها زيدُ
بن ثابت أَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها. والتَّنْوِير: وقت إِسفار
الصبح؛ يقال: قد نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً. والتنوير: الإِنارة. والتنوير:
الإِسفار. وفي حديث مواقيت الصلاة: أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ أَي صلاَّها،
وقد اسْتنار لأُفق كثيراً. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: نائرات
الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام؛ النائرات الواضحات البينات، والمنيرات كذلك،
فالأُولى من نارَ، والثانية من أَنار، وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ؛ ومنه: ثم
أَنارها زيدُ بن ثابت. وأَنار المكانَ: وضع فيه النُّورَ. وقوله عز وجل: ومن
لم يجعل الله له نُوراً فما له من نُورٍ؛ قال الزجاج: معناه من لم يهده
الله للإِسلام لم يهتد. والمنار والمنارة: موضع النُّور. والمَنارَةُ:
الشَّمْعة ذات السراج. ابن سيده: والمَنارَةُ التي يوضع عليها السراج؛ قال
أَبو ذؤيب:
وكِلاهُما في كَفِّه يَزَنِيَّةٌ،
فيها سِنانٌ كالمَنارَةِ أَصْلَعُ
أَراد أَن يشبه السنان فلم يستقم له فأَوقع اللفظ على المنارة. وقوله
أَصلع يريد أَنه لا صَدَأَ عليه فهو يبرق، والجمع مَناوِرُ على القياس،
ومنائر مهموز، على غير قياس؛ قال ثعلب: إِنما ذلك لأَن العرب تشبه الحرف
بالحرف فشبهوا منارة وهي مَفْعَلة من النُّور، بفتح الميم، بفَعَالةٍ
فَكَسَّرُوها تكسيرها، كما قالوا أَمْكِنَة فيمن جعل مكاناً من الكَوْنِ، فعامل
الحرف الزائد معاملة الأَصلي، فصارت الميم عندهم في مكان كالقاف من
قَذَالٍ، قال: ومثله في كلام العرب كثير. قال: وأَما سيبويه فحمل ما هو من
هذا على الغلط. الجوهري: الجمع مَناوِر، بالواو، لأَنه من النور، ومن قال
منائر وهمز فقد شبه الأَصلي بالزائد كما قالوا مصائب وأَصله مصاوب.
والمَنار: العَلَم وما يوضع بين الشيئين من الحدود. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لعن الله من غَيَّر مَنارَ الأَرض أَي أَعلامها. والمَنارُ:
عَلَم الطريق. وفي التهذيب: المنار العَلَمُ والحدّ بين الأَرضين.
والمَنار: جمع منارة، وهي العلامة تجعل بين الحدّين، ومَنار الحرم: أَعلامه التي
ضربها إِبراهيم الخليل، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، على أَقطار
الحرم ونواحيه وبها تعرف حدود الحَرَم من حدود الحِلِّ، والميم زائدة. قال:
ويحتمل معنى قوله لعن الله من غيَّر منار الأَرض، أَراد به منار الحرم،
ويجوز أَن يكون لعن من غير تخوم الأَرضين، وهو أَن يقتطع طائفة من أَرض
جاره أَو يحوّل الحدّ من مكانه. وروى شمر عن الأَصمعي: المَنار العَلَم
يجعل للطريق أَو الحدّ للأَرضين من طين أَو تراب. وفي الحديث عن أَبي هريرة،
رضي الله عنه: إِن للإِسلام صُوًى ومَناراً أَي علامات وشرائع يعرف بها.
والمَنارَةُ: التي يؤذن عليها، وهي المِئْذَنَةُ؛ وأَنشد:
لِعَكٍّ في مَناسِمها مَنارٌ،
إِلى عَدْنان، واضحةُ السَّبيل
والمَنارُ: مَحَجَّة الطريق، وقوله عز وجل: قد جاءَكم من الله نور وكتاب
مبين؛ قيل: النور ههنا هو سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
أَي جاءكم نبي وكتاب. وقيل إِن موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قال
وقد سئل عن شيء: سيأْتيكم النُّورُ. وقوله عز وجل: واتَّبِعُوا النُّورَ
الذي أُنزل معه؛ أَي اتبعوا الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور في
العيون. قال: والنور هو الذي يبين الأَشياء ويُرِي الأَبصار حقيقتها، قال:
فَمَثلُ ما أَتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، في القلوب في بيانه وكشفه
الظلمات كمثل النور، ثم قال: يهدي الله لنوره من يشاء، يهدي به الله من
اتبع رضوانه. وفي حديث أَبي ذر، رضي الله عنه، قال له ابن شقيق: لو
رأَيتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كنتُ أَسأَله: هل رأَيتَ ربك؟ فقال:
قد سأَلتُه فقال: نُورٌ أَنَّى أَرَاه أَي هو نور كيف أَراه. قال ابن
الأَثير: سئل أَحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ما رأَيتُ مُنْكِراً له وما
أَدري ما وجهه. وقال ابن خزيمة: في القلب من صحة هذا الخبر شيء، فإِن ابن
شقيق لم يكن يثبت أَبا ذر، وقال بعض أَهل العلم: النُّورُ جسم وعَرَضٌ،
والباري تقدّس وتعالى ليس بجسم ولا عرض، وإِنما المِراد أَن حجابه النور،
قال: وكذا روي في حديث أَبي موسى، رضي الله عنه، والمعنى كيف أَراه
وحجابه النور أَي أَن النور يمنع من رؤيته. وفي حديث الدعاء: اللهمّ اجْعَلْ
في قلبي نُوراً وباقي أَعضائه؛ أَراد ضياء الحق وبيانه، كأَنه قال: اللهم
استعمل هذه الأَعضاء مني في الحق واجعل تصرفي وتقلبي فيها على سبيل
الصواب والخير.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله: لا تَسْتَضِيئُوا بنار
المشركين، فقال:
النار ههنا الرَّأْيُ، أَي لا تُشاورُوهم، فجعل الرأْي مَثَلاً للضَّوءِ
عند الحَيْرَة، قال: وأَما حديثه الآخر أَنا بريء من كل مسلم مع مشرك،
فقيل: لم يا رسول الله؟ ثم قال: لا تَراءَى ناراهُما. قال: إِنه كره النزول
في جوار المشركين لأَنه لا عهد لهم ولا أَمان، ثم وكده فقال: لا تَراءَى
ناراهما أَي لا ينزل المسلم بالموضع الذي تقابل نارُه إِذا أَوقدها نارَ
مشرك لقرب منزل بعضهم من بعض، ولكنه ينزل مع المسلمين فإنهم يَدٌ على من
سواهم. قال ابن الأَثير: لا تراءَى ناراهما أَي لا يجتمعان بحيث تكون نار
أَحدهما تقابل نار الآخر، وقيل: هو من سمة الإِبل بالنار. وفي صفة
النبي، صلي الله عليه وسلم: أَنْوَرُ المُتَجَرَّدِ أَي نَيِّر الجسم. يقال
للحسَنِ المشرِق اللَّوْنِ: أَنْوَرُ، وهو أَفعلُ من النُّور. يقال: نار
فهو نَيِّر، وأَنار فهو مُنِيرٌ. والنار: معروفة أُنثى، وهي من الواو لأَن
تصغيرها نُوَيْرَةٌ. وفي التنزيل العزيز: أَن بُورِكَ من في النار ومن
حولها؛ قال الزجاج: جاءَ في التفسير أَن من في النار هنا نُور الله عز وجل،
ومن حولها قيل الملائكة وقيل نور الله أَيضاً. قال ابن سيده: وقد تُذَكَّرُ
النار؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد في ذلك:
فمن يأْتِنا يُلْمِمْ في دِيارِنا،
يَجِدْ أَثَراً دَعْساً وناراً تأَجَّجا
ورواية سيبويه: يجد حطباً جزلاً وناراً تأَججا؛ والجمع أَنْوُرٌ
(*
قوله« والجمع أنور» كذا بالأصل. وفي القاموس: والجمع أنوار. وقوله ونيرة كذا
بالأصل بهذا الضبط وصوبه شارح القاموس عن قوله ونيرة كقردة.) ونِيرانٌ،
انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، ونِيْرَةٌ ونُورٌ ونِيارٌ؛ الأَخيرة عن
أَبي حنيفة. وفي حديث شجر جهنم: فَتَعْلُوهم نارُ الأَنْيارِ؛ قال ابن
الأَثير: لم أَجده مشروحاً ولكن هكذا روي فإن صحت الرواية فيحتمل أَن يكون
معناه نارُ النِّيرانِ بجمع النار على أَنْيارٍ، وأَصلها أَنْوارٌ لأَنها
من الواو كما جاء في ريح وعيد أَرْياحٌ وأَعْيادٌ، وهما من الواو.
وتَنَوَّرَ النارَ: نظر إِليها أَو أَتاها. وتَنَوَّرَ الرجلَ: نظر إِليه عند
النار من حيث لا يراه. وتَنَوَّرْتُ النارَ من بعيد أَي تَبَصَّرْتُها.
وفي الحديث: الناسُ شُركاءُ في ثلاثة: الماءُ والكلأُ والنارُ؛ أَراد
ليس لصاحب النار أَن يمنع من أَراد أَن يستضيءَ منها أَو يقتبس، وقيل:
أَراد بالنار الحجارةَ التي تُورِي النار، أَي لا يمنع أَحد أَن يأْخذ منها.
وفي حديث الإِزار: وما كان أَسْفَلَ من ذلك فهو في النار؛ معناه أَن ما
دون الكعبين من قَدَمِ صاحب الإِزارِ المُسْبَلِ في النار عُقُوبَةً له
على فعله، وقيل: معناه أَن صنيعه ذلك وفِعْلَه في النار أَي أَنه معدود
محسوب من أَفعال أَهل النار. وفي الحديث: أَنه قال لعَشَرَةِ أَنْفُسٍ فيهم
سَمُرَةُ: آخِرُكُمْ يموت في النار؛ قال ابن الأَثير: فكان لا يكادُ
يَدْفَأُ فأَمر بِقِدْرٍ عظيمة فملئت ماء وأَوقد تحتها واتخذ فوقها مجلساً،
وكان يصعد بخارها فَيُدْفِئُه، فبينا هو كذلك خُسِفَتْ به فحصل في النار،
قال: فذلك الذي قال له، والله أَعلم. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه:
العَجْماءُ جُبارٌ والنار جُبارٌ؛ قيل: هي النار التي يُوقِدُها الرجلُ في
ملكه فَتُطِيرها الريح إِلى مال غيره فيحترق ولا يَمْلِكُ رَدَّها فيكون
هَدَراً. قال ابن الأَثير: وقيل الحديث غَلِطَ فيه عبدُ الرزاق وقد تابعه
عبدُ الملك الصَّنْعانِيُّ، وقيل: هو تصحيف البئر، فإِن أَهل اليمن
يُمِيلُونَ النار فتنكسر النون، فسمعه بعضهم على الإِمالة فكتبه بالياء،
فَقَرؤُوه مصفحاً بالياء، والبئر هي التي يحفرها الرجل في ملكه أَو في موات
فيقع فيها إِنسان فيهلك فهو هَدَرٌ؛ قال الخطابي: لم أَزل أَسمع أَصحاب
الحديث يقولون غلط فيه عبد الرزاق حتى وجدته لأَبي داود من طريق أُخرى. وفي
الحديث: فإِن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً؛ قال ابن الأَثير: هذا
تفخيم لأَمر البحر وتعظيم لشأْنه وإِن الآفة تُسْرِع إِلى راكبه في غالب
الأَمر كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها. والنارُ:
السِّمَةُ، والجمع كالجمع، وهي النُّورَةُ. ونُرْتُ البعير: جعلت عليه ناراً. وما
به نُورَةٌ أَي وَسْمٌ. الأَصمعي: وكلُّ وسْمٍ بِمِكْوًى، فهو نار، وما
كان بغير مِكْوًى، فهو حَرْقٌ وقَرْعٌ وقَرمٌ وحَزٌّ وزَنْمٌ. قال أَبو
منصور: والعرب تقول: ما نارُ هذه الناقة أَي ما سِمَتُها، سميت ناراً
لأَنها بالنار تُوسَمُ؛ وقال الراجز:
حتى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنارِ،
والنارُ قد تَشْفي من الأُوارِ
أَي سقوا إِبلهم بالسِّمَة، أَي إِذا نظروا في سِمَةِ صاحبه عرف صاحبه
فَسُقِيَ وقُدِّم على غيره لشرف أَرباب تلك السمة وخلَّوا لها الماءَ. ومن
أَمثالهم: نِجارُها نارُها أَي سمتها تدل على نِجارِها يعني الإِبل؛ قال
الراجز يصف إِبلاً سمتها مختلفة:
نِجارُ كلِّ إِبلٍ نِجارُها،
ونارُ إِبْلِ العالمين نارُها
يقول: اختلفت سماتها لأَن أَربابها من قبائل شتى فأُغِيرَ على سَرْح كل
قبيلة واجتمعت عند من أَغار عليها سِماتُ تلك القبائل كلها. وفي حديث
صعصة ابن ناجية جد الفرزدق: وما ناراهما أَي ما سِمَتُهما التي وُسِمَتا بها
يعني ناقتيه الضَّالَّتَيْنِ، والسِّمَةُ: العلامة.ونارُ المُهَوِّل:
نارٌ كانت للعرب في الجاهلية يوقدونها عند التحالف ويطرحون فيها ملحاً
يَفْقَعُ، يُهَوِّلُون بذلك تأْكيداً للحلف. والعرب تدعو على العدوّ فتقول:
أَبعد الله داره وأَوقد ناراً إِثره قال ابن الأَعرابي: قالت العُقَيْلية:
كان الرجل إِذا خفنا شره فتحوّل عنا أَوقدنا خلفه ناراً، قال فقلت لها:
ولم ذلك؟ قالت: ليتحَوّلَ ضبعهم معهم أَي شرُّهم؛ قال الشاعر:
وجَمَّة أَقْوام حَمَلْتُ، ولم أَكن
كَمُوقِد نارٍ إِثْرَهُمْ للتَّنَدُّم
الجمة: قوم تَحَمَّلوا حَمالَةً فطافوا بالقبائل يسأَلون فيها؛ فأَخبر
أَنه حَمَلَ من الجمة ما تحملوا من الديات، قال: ولم أَندم حين ارتحلوا
عني فأُوقد على أَثرهم. ونار الحُباحِبِ: قد مر تفسيرها في موضعه.
والنَّوْرُ والنَّوْرَةُ، جميعاً: الزَّهْر، وقيل: النَّوْرُ الأَبيض
والزهر الأَصفر وذلك أَنه يبيضُّ ثم يصفر، وجمع النَّوْر أَنوارٌ.
والنُّوّارُ، بالضم والتشديد: كالنَّوْرِ، واحدته نُوَّارَةٌ، وقد نَوَّرَ الشجرُ
والنبات. الليث: النَّوْرُ نَوْرُ الشجر، والفعل التَّنْوِيرُ،
وتَنْوِير الشجرة إِزهارها. وفي حديث خزيمة: لما نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ أَي
حسنت خضرتها، من الإِنارة، وقيل: إِنها أَطْلَعَتْ نَوْرَها، وهو زهرها.
يقال: نَوَّرَتِ الشجرةُ وأَنارَتْ، فأَما أَنورت فعلى الأَصل؛ وقد سَمَّى
خِنْدِفُ بنُ زيادٍ الزبيريُّ إِدراك الزرع تَنْوِيراً فقال:
سامى طعامَ الحَيِّ حتى نَوَّرَا
وجَمَعَه عَدِيّ بن زيد فقال:
وذي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، له صَبَحٌ
يَغْذُو أَوَابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارَا
والنُّورُ: حُسْنُ النبات وطوله، وجمعه نِوَرَةٌ. ونَوَّرَتِ الشجرة
وأَنارت أَيضاً أَي أَخرجت نَوْرَها. وأَنار النبتُ وأَنْوَرَ: ظَهَرَ
وحَسُنَ. والأَنْوَرُ: الظاهر الحُسْنِ؛ ومنه صفته، صلي الله عليه وسلم: كان
أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ.
والنُّورَةُ: الهِناءُ. التهذيب: والنُّورَةُ من الحجر الذي يحرق
ويُسَوَّى منه الكِلْسُ ويحلق به شعر العانة. قال أَبو العباس: يقال انْتَوَرَ
الرجلُ وانْتارَ من النُّورَةِ، قال: ولا يقال تَنَوَّرَ إِلا عند إِبصار
النار. قال ابن سيده: وقد انْتارَ الرجل وتَنَوَّرَ تَطَلَّى
بالنُّورَة، قال: حكى الأَوّل ثعلب، وقال الشاعر:
أَجِدَّكُما لم تَعْلَما أَنَّ جارَنا
أَبا الحِسْلِ، بالصَّحْراءِ، لا يَتَنَوَّرُ
التهذيب: وتأْمُرُ من النُّورةِ فتقول: انْتَوِرْ يا زيدُ وانْتَرْ كما
تقول اقْتَوِلْ واقْتَلْ؛ وقال الشاعر في تَنَوّر النار:
فَتَنَوَّرْتُ نارَها من بَعِيد
بِخَزازَى* ؛ هَيْهاتَ مِنك الصَّلاءُ
(* قوله« بخزازى» بخاء معجمة فزايين معجمتين: جبل بين منعج وعاقل،
والبيت للحرث بن حلزة كما في ياقوت)
قال: ومنه قول ابن مقبل:
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
والنَّوُورُ: النَّيلَجُ، وهو دخان الشحم يعالَجُ به الوَشْمُ ويحشى به
حتى يَخْضَرَّ، ولك أَن تقلب الواو المضمومة همزة. وقد نَوَّرَ ذراعه
إِذا غَرَزَها بإِبرة ثم ذَرَّ عليها النَّؤُورَ.
والنَّؤُورُ: حصاة مثل الإِثْمِدِ تُدَقُّ فَتُسَفُّها اللِّثَةُ أَي
تُقْمَحُها، من قولك: سَفِفْتُ الدواء. وكان نساءُ الجاهلية يَتَّشِمْنَ
بالنَّؤُور؛ ومنه وقول بشر:
كما وُشِمَ الرَّواهِشُ بالنَّؤُورِ
وقال الليث: النَّؤُور دُخان الفتيلة يتخذ كحلاً أَو وَشْماً؛ قال أَبو
منصور: أما الكحل فما سمعت أَن نساء العرب اكتحلن بالنَّؤُورِ، وأَما
الوشم به فقد جاء في أَشعارهم؛ قال لبيد:
أَو رَجْع واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشامُها
التهذيب: والنَّؤُورُ دخان الشحم الذي يلتزق بالطَّسْتِ وهو الغُنْجُ
أَيضاً. والنَّؤُورُ والنَّوَارُ: المرأَة النَّفُور من الريبة، والجمع
نُورٌ. غيره: النُّورُ جمع نَوارٍ، وهي النُّفَّرُ من الظباء والوحش وغيرها؛
قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ وذكر الظباء وأَنها كَنَسَتْ في شدّة الحر:
تَدَلَّتْ عليها الشمسُ حتى كأَنها،
من الحرِّ، تَرْمي بالسَّكِينَةِ نُورَها
وقد نارتْ تَنُورُ نَوْراً ونَواراً ونِواراً؛ ونسوةٌ نُورٌ أَي نُفَّرٌ
من الرِّيبَةِ، وهو فُعُلٌ، مثل قَذالٍ وقُذُلٍ إِلا أَنهم كرهوا الضمة
على الواو لأَن الواحدة نَوارٌ وهي الفَرُورُ، ومنه سميت المرأَة؛ وقال
العجاج:
يَخْلِطْنَ بالتَّأَنُّسِ النَّوارا
الجوهري: نُرْتُ من الشيء أَنُورُ نَوْراً ونِواراً، بكسر النون؛ قال
مالك بن زُغْبَةَ الباهلي يخاطب امرأَة:
أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ،
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ
أَراد أَنِفاراً يا فَرُوقُ، وقوله سَرْعَ ماذا: أَراد سَرُعَ فخفف؛ قال
ابن بري في قوله:
أَنوراً سرع ماذا يا فروق
قال: الشعر لأَبي شقيق الباهلي واسمه جَزْءُ بن رَباح، قال: وقيل هو
لزغبة الباهلي، قال: وقوله أَنوراً بمعنى أَنِفاراً سَرُعَ ذا يا فروق أَي
ما أَسرعه، وذا فاعل سَرُعَ وأَسكنه للوزن، وما زائدة. والبين ههنا:
الوصل، ومنه قوله تعالى: لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُم؛ أَي وصْلُكم، قال: ويروى
وحبل البين منتكث؛ ومنتكث: منتقض. وحذيق: مقطوع؛ وبعده:
أَلا زَعَمَتْ علاقَةُ أَنَّ سَيْفي
يُفَلِّلُ غَرْبَه الرأْسُ الحَليقُ؟
وعلاقة: اسم محبوبته؛ يقول: أَزعمت أَن سيفي ليس بقاطع وأَن الحليف يفلل
غربه؟ وامرأَة نَوارٌ: نافرة عن الشر والقبيح. والنَوارُ: المصدر،
والنِّوارُ: الاسم، وقيل: النِّوارُ النِّفارُ من أَي شيء كان؛ وقد نارها
ونَوَّرها واستنارها؛ قال ساعدة بن جؤية يصف ظبية:
بِوادٍ حَرامٍ لم يَرُعْها حِبالُه،
ولا قانِصٌ ذو أَسْهُمٍ يَسْتَنِيرُها
وبقرة نَوَارٌ: تنفر من الفحل. وفي صفة ناقة صالح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام: هي أَنور من أَن تُحْلَبَ أَي أَنْفَرُ. والنَّوَار:
النِّفارُ. ونُرْتُه وأَنرْتُه: نَفَّرْتُه. وفرس وَدِيق نَوارٌ إِذا
استَوْدَقَت، وهي تريد الفحل، وفي ذلك منها ضَعْفٌ تَرْهَب صَوْلَةَ
الناكح.ويقال: بينهم نائِرَةٌ أَي عداوة وشَحْناء. وفي الحديث: كانت بينهم
نائرة أَي فتنة حادثة وعداوة. ونارُ الحرب ونائِرَتُها: شَرُّها وهَيْجها.
ونُرْتُ الرجلَ: أَفْزَعْتُه ونَفَّرْتُه؛ قال:
إِذا هُمُ نارُوا، وإِن هُمْ أَقْبَلُوا،
أَقْبَلَ مِمْساحٌ أَرِيبٌ مِفْضَلُ
ونار القومُ وتَنَوَّرُوا انهزموا. واسْتَنارَ عليه: ظَفِرَ به وغلبه؛
ومنه قول الأَعشى:
فأَدْرَكُوا بعضَ ما أَضاعُوا،
وقابَلَ القومُ فاسْتَنارُوا
ونُورَةُ: اسم امرأَة سَحَّارَة؛ ومنه قيل: هو يُنَوِّرُ عليه أَي
يُخَيِّلُ، وليس بعربيّ صحيح. الأَزهري: يقال فلان يُنَوِّرُ على فلان إِذا
شَبَّهَ عليه أَمراً، قال: وليست هذه الكلمة عربية، وأَصلها أَن امرأَة
كانت تسمى نُورَةَ وكانت ساحرة فقيل لمن فعل فعلها: قد نَوَّرَ فهو
مُنَوِّرٌ.
قال زيد بن كُثْوَةَ: عَلِقَ رجلٌ امرأَة فكان يَتَنَوَّرُها بالليل،
والتَّنَوُّرُ مثل التَّضَوُّء، فقيل لها: إِن فلاناً يَتَنَوَّرُكِ،
لتحذره فلا يرى منها إِلا حَسَناً، فلما سمعت ذلك رفعت مُقَدَّمَ ثوبها ثم
قابلته وقالت: يا مُتَنَوِّراً هاه فلما سمع مقالتها وأَبصر ما فعلت قال:
فبئسما أَرى هاه وانصرفت نفسه عنها، فصيرت مثلاً لكل من لا يتقي قبيحاً
ولا يَرْعَوي لحَسَنٍ. ابن سيده: وأَما قول سيبويه في باب الإِمالة ابن
نُور فقد يجوز أَن يكون اسماً سمي بالنور الذي هو الضوء أَو بالنُّورِ الذي
هو جمع نَوارٍ، وقد يجوز أَن يكون اسماً صاغه لتَسُوغَ فيه الإِمالة
فإِنه قد يَصوغ أَشياء فَتَسوغ فيها الإِمالة ويَصُوغ أَشياءَ أُخَرَ لتمتنع
فيها الإِمالة. وحكى ابن جني فيه: ابن بُور، بالباء، كأَنه من قوله
تعالى: وكنتم قوماً بُوراً، وقد تقدم. ومَنْوَرٌ: اسم موضع صَحَّتْ فيه
الواوُ صِحَّتَها في مَكْوَرَةَ للعلمية؛ قال بشر بن أَبي خازم:
أَلَيْلى على شَحْطِ المَزارِ تَذَكَّرُ؟
ومن دونِ لَيْلى ذو بِحارٍ ومَنْوَرُ
قال الجوهري: وقول بشر:
ومن دون ليلى ذو بحار ومنور
قال: هما جبلان في ظَهْر حَرَّةِ بني سليم. وذو المَنار: ملك من ملوك
اليمن واسمه أَبْرَهَةُ بن الحرث الرايش، وإِنما قيل له ذو المنار لأَنه
أَوّل من ضرب المنارَ على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إِذا رجع.
نهز: نَهَزَه نَهْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه ووَكَزَه. وفي الحديث: من
توضأَ ثم خرج إِلى المسجد لا يَنْهَزُه إِلاَّ الصلاةُ غفر له ما خلا من
ذنبه؛ النَّهْزُ: الدفعُ، يقال: نَهَزْتُ الرجلَ أَنْهَزُه إِذا دفعته،
ونَهَزَ رأْسَه إِذا حَرَّكه؛ ،ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: من أَتى هذا
البيتَ ولا يَنْهَزُه إِليه غيرُه رَجَع وقد غُفِرَ له؛ يريد أَنه من خرج
إِلى المسجد أَو حج ولم ينو بخروجه غير الصلاة والحج من أُمور الدنيا.
ومنه الحديث: أَنه نَهَزَ راحِلَتَه أَي دفعها في السير. ونَهَزَتِ الدابةُ
إِذا نهضت بصدرها للسير؛ قال:
فلا يَزالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ،
أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَ تِجْ
والنَّهْزُ: التَّناوُل باليد والنُّهوضُ للتناول جميعاً. والناقةُ
تَنْهُزُ بصدرها إِذا نهضت لتَمْضِيَ وتسير؛ وأَنشد:
نَهُوزٌ بأُولاها زَجُولٌ بصَدْرِها
والدابة تَنْهَزُ بصدرها إِذا ذَبَّتْ عن نفسها؛ قال ذو الرمة:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها
بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤوسِ المَواتِعِ
الأَزهري: النُّهْزَةُ اسم للشيء الذي هو لك مُعَرَّض كالغنيمة.
والنُّهْزَةُ: الفُرْصَةُ تجده من صاحبك. ويقال: فلان نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ أَي
هو صيد لكل أَحد؛ ومنه حديث أَبي الدَّحْداحِ:
وانْتَهَزَ الحَقَّ إِذا الحَقُّ وَضَحْ
أَي قلبه وأَسرع إِلى تناوله. وحديث أَبي الأَسود: وإِن دُعِيَ
انْتَهَزَ. وتقول: انْتَهِزُها قد أَمْكَنَتْكَ قبل الفَوْتِ.
والمُناهَزَةُ: المُبادَرَةُ. يقال: ناهَزْتُ الصيدَ فَقَبَضْتُ عليه
قبل إِفلاته. وانْتَهَزَها وناهَزَها: تناولها من قُرْب وبادرها واغتنمها،
وقد ناهَزَتْهُم الفُرَصُ؛ وقال:
ناهَزْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وتَناهَزَ القومُ: كذلك؛ أَنشد سيبويه:
ولقز عَلِمْتُ، إِذا الرِّجالُ تَناهَزُوا،
أَيِّي وأَيُّكمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
ويقال للصبي إِذا دنا للفطام: نَهَزَ للفطام، فهو ناهِزٌ، والجارية
كذلك، وقد ناهَزا؛ وأَنشد:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغارِهما،
قد ناهَزا للفِطامِ أَو فُطِما
وناهَزَ فلانٌ الحُلُمَ ونَهَزَه إِذا قاربه. وناهَزَ الصبي البلوغَ أَي
داناه. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: وقد ناهَزْتُ الاحتلامَ.
وناهَزَ الخمسين: قارَبها. وإِبل نَهْزُ مائةٍ ونِهازُ مائة ونُهازُ مائة أَي
قُرابَتُها. الأَزهري: كان الناس نَهْزَ عشرة آلافٍ أَي قُرْبَها. وفي
الحديث: أَن رجلاً اشترى من مال يَتامَى خمراً فلما نزل التحريم أَتى
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فعرّفه فقال: أَهْرِقُها. وكان المالُ نَهْزَةَ
عشرة آلاف أَي قُرْبَها، وحقيقته كان ذا نَهْز. ونَهَز الفَصِيلُ ضَرْعَ
أُمه: مثل لهَزَه. الأَزهري: وفلان يَهْنَزُ دابته نَهْزاً ويَلْهَزُها
لَهْزاً إِذا دفعها وحركها. الكسائي: نَهَزَه ولَهَزَه بمعنى واحد.
ونَهَزَ الناقةَ يَنْهَزُها نَهْزاً: ضرب ضَرَّتَها لِتَدِرَّ صُعُداً.
والنَّهُوزُ من الإِبل: التي يموت ولدها فلا تَدِرُّ حتى يُوجَأَ
ضَرْعُها. وناقة نَهُوزٌ: لا تَدِرُّ حتى يُنْهَزَ لَحْياها أَي يُضْرَبا؛
قال:أَبْقَى على الذُّلِّ من النَّهُوزِ
وأَنْهَزَتِ الناقةُ إِذا نَهَزَ ولدُها ضَرْعَها؛ قال:
ولكِنَّها كانت ثلاثاً مَياسِراً،
وحاِلَ حُولٍ أَنْهَلَتْ فأَحَلَّتِ
ورواه ابن الأَعرابي: أَنْهَزَتْ ولا وجه له. ونَهَزْتُ بالدَّلو في
البئر إِذا ضربت بها إِلى الماء لتمتلئَ. ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُها
نَهْزاً: نزع بها؛ قال الشَّمَّاخ:
غَدَوْنَ لها صُعْرَ الخُدُودِ، كما غَدَتْ،
على ماء يَمْؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
يقول: غدت هذه الحمر لهذا الماء كما غدت الدلاء النواهز لماء يَمْؤُودَ،
وقيل: النَّواهِزُ اللواتي يُنْهَزْنَ في الماء أَي يُحَرَّكْنَ
ليمتلئن، فاعل بمعنى مفعول، والأَوّل أَفضل.
وهما يَتناهَزانِ إِمارَةَ بلد كذا أَي يَبْتَدِرانِ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَتاه الجارودُ وابنُ سَيَّارٍ يَتَناهَزان إِمارَةً أَي
يتبادران إِلى طلبها وتناولها؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: سَيَجِدُ
أَحدُكم امرأَته قد ملأَت عِكْمَها من وَبَرِ الإِبل فلْيُناهِزْها
وليقطعْ وليُرْسِلْ إِلى جاره الذي لا وَبَرَ له أَي يبادرها ويسابقها
إِليه.ونَهَزَ الرجلُ: مَدَّ بعُنُقِه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّعَ؛ ومنه حديث
عطاء: أَو مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَي يقذفه؛ والمَصْدُور: الذي
بِصَدْرِه وجع. ونَهَزَ: مَدَّ عُنُقَه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّع. ويقال:
نَهَزَتْني إِليك حاجةٌ أَي جاءت بي إِليك؛ وأَصل النَّهْز: الدفع، كأَنها
دفعتني وحَرَّكَتْني.
وناهِزٌ ومُناهِزٌ ونُهَيْز: أَسماء.
نجس: النَّجْسُ والنِّجْسُ والنَّجَسُ: القَذِرُ من الناس ومن كل شيء
قَذِرْتَه. ونَجِسَ الشيءَ، بالكسر، يَنْجَسُ نَجَساً، فهو نَجِسٌ ونَجَسٌ،
ورجل نَجِسٌ ونَجَسٌ، والجمع أَنْجاسٌ، وقيل: النَّجَسُ يكون للواحد
والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، رجل نَجَسٌ ورجلان نَجَسٌ وقوم نَجَسٌ.
قال اللَّه تعالى: إِنما المشركون نَجَسٌ؛ فإِذا كَسَرُوا ثَنَّوْا
وجَمَعوا وأَنَّثوا فقالوا أَنْجاسٌ ونِجْسَةٌ، وقال الفرّاء: نَجَسٌ لا يجمع
ولا يؤنث. وقال أَبو الهيثم في قوله: إِنما المشركون نَجَسٌ؛ أَي
أَنْجاسٌ أَخباث. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، كان إِذا دخل
الخلاء قال: اللهم إِني أَعوذ بك من النَّجْسِ الرِّجْس الخَبيثِ
المُخْبِث. قال أَبو عبيد: زعم الفرّاء أَنهم إِذا بدؤوا بالنجس ولم يذكروا الرجس
فتحوا النون والجيم، وإِذا بدؤوا بالرجس ثم أَتبعوه بالنجس كَسَروا
النون، فهم إِذا قالوه مع الرجس أَتبعوه إِياه وقالوا: رِجْسٌ نِجْسٌ، كسروا
لِمَكان رجس وثَنَّوا وجمعوا كما قالوا: جاء بالطِّمِّ والرِّمِّ، فإِذا
أَفردوا قالوا بالطَّم ففتحوا، وأَنْجَسَه غيرُه ونَجَّسه بمعنى؛ قال ابن
سيده: وكذلك يعكسون فيقولون نِجْس رِجْسٌ فيقولونها بالكسر لمكان رِجْسٍ
الذي بعده، فإِذا أَفردوه قالوا نَجَسٌ، وأَما رِجْسٌ مفرداً فمكسور على
كل حال؛ هذا على مذهب الفرّاء؛ وهي النَّجاسة، وقد أَنْجَسه. وفي الحديث
عن الحسن في رجل زنى بامرأَة تزوجها فقال: هو أَنْجَسَها وهو أَحق بها
والنَّجِسُ: الدَّنِس. وداء نجِسٌ وناجِسٌ ونَجِيسٌ وعَقامٌ: لا يبرأُ منه،
وقد يوصف به صاحب الداء.
والّنَجْس: اتخاذ عُوذَةٍ للصبي، وقد نَجَّس له ونَجَّسَه: عَوّذَه؛
قال:وجارِيَةٍ مَلْبونَةٍ، ومُنَجِّسٍ،
وطارِقَةٍ في طَرْقِها لم تُسَدَّد
(* هذا البيت ورد في أَساس البلاغة على هذه الصورة:
وحازيةٍ ملبوسةٍ، ومنجَّسِ، وطارقةِ في طرقِها لم تُشدّدِ.)
يصف أَهل الجاهلية أَنهم كانوا بين متَكَهِّنٍ وحَدَّاس وراقٍ ومنَجِّس
ومتَنَجِّم حتى جاء النبي، صلى اللَّه عليه وسلم.
والنَّجاس: التعويذ؛ عن ابن الأَعرابي، قال: كأَنه الاسم من ذلك ابن
الأَعرابي: من المَعاذات التَّمِيمة والجُلْبَة والمنَجِّسة. ويقال
للمُعَوَّذِ: مُنَجَّس؛ قال ثعلب: قلت له: المُعَوَّذ لِمَ قيل له منَجَّس وهو
مأْخوذ من النجاسة؟ فقال: إِن للعرب أَفعالاً تخالف معانيها أَلفاظها،
يقال: فلان يتنجس إِذا فعل فعلاً يخرج به من النجاسة كما قيل يَتَأَثَّم
ويَتَحَرَّجُ ويَتَحَنَّثُ إِذا فعل فعلاً يخرج به من الإِثْمِ والحَرَج
والحِنْث. الجوهري: والتَّنْجِيسُ شيء كانت العرب تفعله كالعوذة تدفع بها
العين؛ ومنه قول الشاعر:
وعَلَّقَ أنْجاساً عليَّ المُنَجِّس
(* قوله «وعلق إلخ» صدره كما في شرح
القاموس :
وكان لدي كاهنان وحارث)
الليث: المُنَجَّسُ الذي يعلَّق عليه عظام أَو خرق. ويقال للمُعَوِّذ:
منَجِّس، وكان أَهل الجاهلية يعلِّقون على الصبيّ ومن يخاف عليه عيون الجن
الأَقْذارَ من خِرَقِ المَحِيض ويقولون: الجن لا تقربها. ابن الأَعرابي:
النُّجُسُ المعَوَّذون، والجُنُس المياه الجامدة.
والمَنْجَسُ: جليدة توضع على حز الوَتَر.
نظف: النَّظافة: النَّقاوة. والنَّظافة: مصدر التنظيف والفعل اللازم منه
نظُف الشيءُ، بالضم، نَظافة، فهو نَظِيف: حَسُن وبَهُوَ. ونظَّفه
ينظِّفه تنظيفاً أَي نقّاه. وفي الحديث: أَن اللّه تبارك وتعالى نَظِيف يُيحب
النَّظافة. قال ابن الأَثير: نَظافةُ اللّه كناية عن تنزهه من سِمات الحدث
وتَعاليه في ذاته عن كل نقص، وحُبُّه النظافة من غيره كناية عن خلوص
العقيدة ونفي الشرك ومجانبةِ الأَهواء، ثم نظافة القلب عن الغِلِّ والحِقد
والحسد وأَمثالها، ثم نظافة المَطعم والمَلبس عن الحرام والشُّبَه، ثم
نظافة الظاهر بملابسة العبادات. ومنه الحديث: نظِّفوا أَفواهكم فإنها طُرق
القرآن أَي صُونوها عن اللَّغو والفُحْش والغِيبة والنميمة والكذب
وأَمثالها، وعن أَكل الحرام والقاذورات والحث على تطهيرها من النجاسات والسؤال.
والتنظُّف: تكلُّف النظافة. واستنظفت الشيء أَي أَخذته نظيفاً كله. وفي
الحديث: تكون فتنة تستنظف العرب أَي تَسْتَوْعِبهم هلاكاً، من استنظَفْت
الشيء إذا أَخذته كله؛ ومنه قولهم: استنظفت ما عنده واستغنيت عنه.
والمِنْظفة: سُمَّهة تُتخذ من الخوص. واستنظف الوالي ما عليه من الخراج:
استوفاه، ولا يستعمل التَّنْظيف في هذا المعنى؛ قال الجوهري: يقال استَنْظفت
الخراج ولا يقال نَظَّفْته.
ونظَف الفصِيلُ ما في ضَرْع أُمه وانْتَظفَه: شرب جميع ما فيه،
وانتظفْته أَنا كذلك. قال أَبو منصور: والتَّنَظُّف عند العرب التَّنَطُّس
والتَّقَزُّز وطلَبُ النَّظافةِ من رائحة غَمَرٍ أَو نَفْي زُهومة وما أَشبهها،
وكذلك غَسْل الوسَخ والدَّرَن والدَّنَس. ويقال للأُشْنان وما أَشبهه:
نظِيف، لتنظيفه اليد والثوب من غَمَر المَرق واللحم ووضَر الودَك وما
أَشبهه. وقال أَبو بكر في قولهم نظِيف السراويل: معناه أَنه عفيف الفَرْج،
يكنى بالسراويل عن الفرج كما يقال هو عفيف المِئزر والإزار؛ قال متمم بن
نُوَيْرَة يرثي أَخاه:
حُلْو شَمائلُه عَفيف المِئزَر
أَي عفيف الفرج. قال: وفلان نَجِس السراويل إذا كان غير عفيف الفرج.
قال: وهم يَكنون بالثياب عن النفْس والقلب، وبالإزار عن العفاف؛ وقال
غيره:فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه
وقال في قوله:
فسُلِّي ثِيابي من ثِيابكِ تَنْسُلِ
في الثياب ثلاثة أَقوال: قال قوم الثياب ههنا كناية عن الأَمر؛ المعنى
اقطعي أَمري من أَمرِك، وقيل: الثياب كناية عن القلب؛ المعنى سُلِّي قلبي
من قلبك، وقال قوم: هذا الكلام كناية عن الصريمة، يقول الرجل لامرأَته
ثيابي من ثيابك حرام، ومعنى البيت إني في خُلُق لا تَرْضَيْنه فاصْرِميني،
وقوله تنسُل تَبِين وتُقْطَع، ونسَلتِ السنُّ إذا بانت، ونسَل رِيش
الطائر إذا سقط.
قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
لشَرفه.
قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ، الأَخيرة عن الزجاج، قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً، الأُولى عن اللحياني، فهو مَقْرُوءٌ.
أَبو إِسحق النحوي: يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه، صلى اللّه عليه وسلم، كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً، ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها. وقوله تعالى: إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه، أَي جَمْعَه وقِراءَته، فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ، أَي قِراءَتَهُ. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: فإِذا
بيَّنَّاه لك بالقراءة، فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك، فأَما قوله:
هُنَّ الحَرائِرُ، لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ، * سُودُ المَحاجِرِ، لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر، فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ:
تُنْبِتُ بالدُّهْن، وقِراءة منْ قرأَ: يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ. وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً: جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض. ومنه قولهم: ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ، أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد، وأَنشد:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وقال: قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين. قال، وفيه قول آخر: لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه.
ومعنى قَرَأْتُ القُرآن: لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته. وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين،
وكان يقول: القُران اسم، وليس بمهموز، ولم يُؤْخذ من قَرَأْت، ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل، ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ، كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ. قال وقال إِسمعيل: قَرأْتُ على شِبْل، وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير، وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد، وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما، وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ، وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم.وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ: كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن، وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير. وفي الحديث: أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ.
قال ابن الأَثير: قيل أَراد من جماعة مخصوصين، أَو في وقت من الأَوقات، فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه. قال: ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة، ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ. ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين.
وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً. ومنه قيل: فلان المُقْرِئُ.
قال سيبويه: قَرَأَ واقْتَرأَ، بمعنى، بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه.
وصحيفةٌ مقْرُوءة، لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك، وهو
القياس. وحكى أَبو زيد: صحيفة مَقْرِيَّةٌ، وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ.
وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً، ومنه سمي القرآن. وأَقْرَأَه
القُرآنَ، فهو مُقْرِئٌ. وقال ابن الأَثير: تكرّر في الحديث ذكر
القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن، والأَصل في هذه اللفظة الجمع، وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه.
وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ، وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ. قال: وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها
قِراءة، تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه، وعلى القِراءة نَفْسِها، يقال: قَرَأَ
يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً. والاقْتِراءُ: افتِعالٌ من القِراءة. قال:
وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً، فيقال: قُرانٌ، وقَرَيْتُ، وقارٍ، ونحو ذلك من التصريف. وفي الحديث: أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها، أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم، وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه. وكان المنافقون في عَصْر النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بهذه الصفة.
وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً، بغير هاء: دارَسه.
واسْتَقْرَأَه: طلب إليه أَن يَقْرَأَ.
ورُوِيَ عن ابن مسعود: تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون؛ حكاهُ اللحياني ولم يفسره.
قال ابن سيده: وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة.وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ: إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ، أَو هي أَطْولُ، أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة، أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها؛ وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة. قال الخطابيُّ: هكذا رواه ابن هاشم، وأَكثر الروايات: إِن كانت لَتُوازي.
ورجل قَرَّاءٌ: حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين، ولا يُكَسَّرُ.
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر، ثم قال في آخره: وما كان ربُّكَ نَسِيّاً، معناه: أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما، أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم. ومعنى قوله: وما كان ربُّك نَسِيّاً، يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها، أَو تُسْمِعُها نفْسَك، يكتبها الملكان، وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها، واللّه يَحْفَظُها لك
ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها.
والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه: الناسِكُ، مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ.
وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ، وفي الصحاح قال الفرّاءُ:
أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ:
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ، وتَسْتَبِي، * بالحُسْنِ، قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ: يكون من القِراءة جمع قارئٍ، ولا يكون من التَّنَسُّك(1)
(1 قوله «ولا يكون من التنسك» عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك، بدون لا.)، وهو أَحسن. قال ابن بري: صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله:
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ، مَوْدُونةٍ، * أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ: مُلَيَّنةٌ؛ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه.
وجمع القُرّاء: قُرَّاؤُون وقَرائِئُ(2)
(2 قوله «وقرائئ» كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل.)، جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ.
الفرَّاء، يقال: رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ. وتَقَرَّأَ: تَفَقَّه.وتَقَرَّأَ: تَنَسَّكَ. ويقال: قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً.
وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً، في هذا المعنى. وقال بعضهم: قَرَأْتُ : تَفَقَّهْتُ. ويقال: أَقْرَأْتُ في الشِّعر، وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله. ابن بُزُرْجَ: هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا.وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه: أَبلَغه.
وفي الحديث: إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ. يقال: أَقْرِئْ
فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ، كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه. وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول: أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه.
والقَرْءُ: الوَقْتُ. قال الشاعر:
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ، ثم أَخْلَفَتْ * قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ.
ويقال للحُمَّى: قَرْءٌ، وللغائب: قَرْءٌ، وللبعِيد: قَرْءٌ. والقَرْءُ
والقُرْءُ: الحَيْضُ، والطُّهرُ ضِدّ. وذلك أَنَّ القَرْء الوقت، فقد
يكون للحَيْض والطُّهر. قال أَبو عبيد: القَرْءُ يصلح للحيض والطهر.
قال: وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ. والجمع: أَقْراء.
وفي الحديث: دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ. وقُروءٌ، على فُعُول،
وأَقْرُؤٌ، الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد، ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً. قال: اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول. وفي التنزيل: ثلاثة
قُرُوء، أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء، كما قالوا خمسة كِلاب، يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب.
وكقوله:
خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ
أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ. وقال الأَعشى:
مُوَرَّثةً مالاً، وفي الحَيِّ رِفعْةً، * لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
وقال الأَصمعي في قوله تعالى: ثلاثةَ قُرُوء، قال: جاء هذا على غير قياس، والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ. ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس، إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ، فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس، ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ، وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ، ولا يقال ثلاثةُ كِلاب، انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ. قال أَبو حاتم: والنحويون قالوا في قوله تعالى: ثلاثةَ قُروء. أَراد ثلاثةً من القُروء.
أَبو عبيد: الأَقْراءُ: الحِيَضُ، والأَقْراء: الأَطْهار، وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ، في الأَمرين جميعاً، وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء. قال الشافعي رضي اللّه عنه: القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ، والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً.
قال: ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَنَّ اللّه، عز وجل، أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء:
الأَطْهار. وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه، وهي حائضٌ،
فاسْتَفْتَى عُمرُ، رضي اللّه عنه، النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فيما فَعَلَ، فقال: مُرْه فَلْيُراجِعْها، فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها، فتِلك
العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ.
وقال أَبو إِسحق: الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ، في اللغة، الجَمْعُ، وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ، وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ، فهو جَمَعـْتُ، وقَرَأْتُ القُرآنَ: لَفَظْتُ به مَجْموعاً، والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ، فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ، وذلك إِنما يكون في الطُّهر. وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا: الأَقْراء والقُرُوء: الأَطْهار. وحَقَّقَ هذا اللفظَ، من كلام العرب، قولُ الأَعشى:
لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا
فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ، لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ، فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ. ويقال: قَرَأَتِ المرأَةُ: طَهُرت، وقَرأَتْ: حاضَتْ.
قال حُمَيْدٌ:
أَراها غُلامانا الخَلا، فتَشَذَّرَتْ * مِراحاً، ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال: لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً. قال الأَزهريُّ: وأَهلُ العِراق يقولون: القَرْءُ: الحَيْضُ، وحجتهم قوله صلى اللّه عليه
وسلم: دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ، أَي أَيامَ حِيَضِكِ.
وقال الكسائي والفَرّاء معاً: أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، فهي
مُقْرِئٌ . وقال الفرّاء: أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ. وقال الأخفش:
أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ، وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت
رَحِمُها على حَيْضةٍ. قال ابن الأَثير: قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً، فالمُفْردة، بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ، وهو من الأَضْداد، يقع على الطهر، وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز، ويقع على الحيض، وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق، والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم، ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن، لأَن لكل منهما وقتاً.
وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت. وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ، لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ. وأَقْرَأَتِ المرأَةُ، وهي مُقْرِئٌ: حاضَتْ وطَهُرَتْ. وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ.
والمُقَرَّأَةُ: التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها. قال أَبو عمرو بن
العَلاءِ: دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها
حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ. وقُرئَتِ المرأَةُ: حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ
عِدَّتُها. وقال الأَخفش: أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ،
فإِذا حاضت قلت: قَرَأَتْ، بلا أَلف. يقال: قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو
حَيْضَتَيْن. والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ. وقال بعضهم: ما بين
الحَيْضَتَيْن. وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ: لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر، فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره،
واحدها قَرْءٌ، بالفتح. وقال الزمخشري، أَو غيره: أَقْراءُ الشِّعْر:
قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها، كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها.
الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ، لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها.
وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ: حَمَلَتْ. قال:
هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا
وناقة قارئٌ، بغير هاء، وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ: ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً، وقال اللحياني: معناه ما طَرَحَتْ. وقَرَأَتِ الناقةُ: وَلَدت.
وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ: اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها؛ وهي في قِرْوتها، على غير قياس، والقِياسُ قِرْأَتها. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال: ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ، وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً
قَطُّ. قال بعضهم: لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ. وقال بعضهم: ما
أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل.
ابن شميل: ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ(1)
(يتبع...)
(تابع... 1): قرأ: القُرآن: التنزيل العزيز، وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه... ...
(1 قوله «غير قرء» هي في التهذيب بهذا الضبط.) ، وقُرْءُ الناقةِ: ضَبَعَتُها. وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا؛ وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ، إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف.
وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيامُ وداقِها، أَو أَيام سِفادِها، والجمع
أَقْراءٌ.واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا.
أبو عبيدة: ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها، فهي في قُرُوئها،
وأَقْرائِها.وأَقْرأَتِ النُّجوم: حانَ مغِيبها. وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً:
تأَخَّر مَطَرُها. وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ: هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في
أَوانِها.
والقارئُ: الوَقْتُ. وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ:
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ، * إِذا هَبْتْ، لقارئِها، الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها. والعَقْرُ: مَوضِعٌ بعَيْنِه.
وشَلِيلٌ: جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ.
ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح: لوَقْتِ هُبُوبِها، وهو من باب الكاهِل
والغارِب، وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد.
وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك، قيل: دنا، وقيل: اسْتَأْخَر.
وفي الصحاح: وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ: دَنَتْ. وقال بعضهم: أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته؟ وأَقْرَأَ من أَهْله: دَنا.
وأَقرأَ من سَفَرِه: رَجَعَ. وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ.
والقِرْأَةُ، بالكسر، مثل القِرْعةِ: الوَباءُ.
وقِرْأَةُ البِلاد: وَباؤُها. قال الأَصمعي: إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة، فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد، وقِرْءُ البلاد. فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد، فإِنما هو على حذف
الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها، وهو نوع من القياس، فأَما إِغرابُ أبي عبيد، وظَنُّه إِياه لغة، فَخَطأٌ.
وفي الصحاح: أَن قولهم قِرةٌ، بغير همز، معناه: أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد.
جوم: الجَوْمُ: الرِّعاءُ يكون أَمرهم واحداً. الليث: الجَوْمُ كأَنها
فارسية، وهم الرُّعاةُ أَمرهم وكلامهم ومجلسهم واحد.
والجَامُ: إِناء من فضة، عربي صحيح؛ قال ابن سيده: وإِما قضينا بأَنَّ
أَلفها واو لأَنها عين. ابن الأَعرابي: الجَامُ الفَاثُور من اللُّجَيْن
ويُجْمَع على أَجْؤُمٍ. قال: وجامَ يَجُومُ مثل حامَ يَحُوم حَوْماً إِذا
طلب شيئاً خيراً أَو شرّاً. ابن الأَعرابي: جمعُ الجَامِ جامات، ومنهم من
يقول جُومٌ. ابن بري: الجَامُ جمع جامَة، وجمعها جاماتٌ، وتصغيرها
جُوَيْمة، قال: وهي مؤنثة أَعني الجام.
قصر: القَصْرُ والقِصَرُ في كل شيء: خلافُ الطُّولِ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
عادتْ مَحُورَتُه إِلى قَصْرِ
قال: معناه إِلى قِصَر، وهما لغتان. وقَصُرَ الشيءُ، بالضم، يَقْصُرُ
قِصَراً: خلاف طال؛ وقَصَرْتُ من الصلاة أَقْصُر قَصْراً. والقَصِيرُ: خلاف
الطويل. وفي حديث سُبَيْعَةَ: نزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى؛
القُصْرَى تأْنيث الأَقْصَر، يريد سورة الطلاق، والطُّولى سورة البقرة
لأَن عِدَّة الوفاة في البقرة أَربعة أَشهر وعشر، وفي سورة الطلاق وَضْعُ
الحمل، وهو قوله عز وجل: وأُولاتِ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ
حَمْلَهِنّ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً جاءه فقال: عَلِّمْني عملاً
يُدْخِلُني الجنّة، فقال: لئن كنتَ أَقْصَرْتَ الخِطْبة لقد أَعْرَضْتَ
المسأَلةَ؛ أَي جئت بالخِطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة عريضة يعني قَلَّلْتَ
الخِطْبَةَ وأَعظمت المسأَلة. وفي حديث عَلْقَمة: كان إِذا خَطَبَ في نكاح
قَصَّرَ دون أَهله أَي خَطَبَ إِلى من هو دونه وأَمسك عمن هو فوقه، وقد قَصُرَ
قِصَراً وقَصارَة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو قَصِير، والجمع قُصَراء
وقِصارٌ، والأُنثى قصِيرة، والجمع قِصارٌ. وقَصَّرْتُه تَقْصِيراً إِذا
صَيَّرْته قَصِيراً. وقالوا: لا وفائتِ نَفَسِي القَصِيرِ؛ يَعْنُون
النَّفَسَ لقِصَرِ وقته، الفائِتُ هنا هو الله عز وجل. والأَقاصِرُ: جمع أَقْصَر
مثل أَصْغَر وأَصاغِر؛ وأَنشد الأَخفش:
إِليكِ ابنةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالةَ الـ
ـرِّجالِ، وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
ولا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ في كلِّ شَرْمَحٍ
طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
يقول لها: لا تعيبيني بالقِصَرِ فإِن أَصْلالَ الرجال ودُهاتَهم
أَقاصِرُهم، وإِنما قال أَقاصره على حدّ قولهم هو أَحسنُ الفتيان وأَجْمَله،
يريد: وأَجملهم، وكذا قوله فإِن الأَقصرين أَمازره يريد أَمازِرُهم، وواحدُ
أَمازِرَ أَمْزَرُ، مثل أَقاصِرَ وأَقْصَر في البيت المتقدم، والأَمْزَرُ
هو أَفعل، من قولك: مَزُرَ الرجلُ مَزارة، فهو مَزِيرٌ، وهو أَمْزَرُ
منه، وهو الصُّلْبُ الشديد والشَّرْمَحُ الطويل. وأَما قولهم في المثل: لا
يُطاعُ لقَصِيرٍ أَمرٌ، فهو قَصِيرُ بن سَعْد اللَّخْمِيّ صاحب جَذِيمَة
الأَبْرَشِ. وفرس قَصِيرٌ أَي مُقْرَبَةٌ لا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ
لنفاستها؛ قال مالك بن زُغْبة، وقال ابن بري: هو لزُغْبَةَ الباهليّ وكنيته
أَبو شقيق، يصف فرسه وأَنها تُصانُ لكرامتها وتُبْذَلُ إِذا نزلت
شِدَّةٌ:وذاتِ مَناسِبٍ جَرْداءَ بِكْرٍ،
كأَنَّ سَراتَها كَرٌّ مَشيِقُ
تُنِيفُ بصَلْهَبٍ للخيلِ عالٍ،
كأَنَّ عَمُودَه جِذْعٌ سَحُوقُ
تَراها عند قُبَّتِنا قَصِيراً،
ونَبْذُلُها إِذا باقتْ بَؤُوقُ
البَؤُوقُ: الداهيةُ. وباقَتْهم: أَهْلَكَتْهم ودهَتْهم. وقوله: وذاتُ
مَناسب يريد فرساً منسوبة من قِبَلِ الأَب والأُم. وسَراتُها:
أَعلاها.والكَرُّ، بفتح الكاف هنا: الحبل. والمَشِيقُ: المُداوَلُ. وتُنِيفُ:
تُشْرِفُ. والصَّلْهَبُ: العُنُق الطويل. والسَّحُوقُ من النخل: ما طال. ويقال
للمَحْبُوسة من الخيل: قَصِير؛ وقوله:
لو كنتُ حَبْلاً لَسَقَيْتُها بِيَهْ،
أَو قاصِراً وَصَلْتُه بثَوْبِيَهْ
قال ابن سيده: أُراه على النَّسَب لا على الفعل، وجاء قوله ها بيه وهو
منفصل مع قوله ثوبيه لأَن أَلفها حينئذ غير تأْسيس، وإِن كان الروي حرفاً
مضمراً مفرداً، إِلا أَنه لما اتصل بالياء قوي فأَمكن فصله.
وتَقَاصَرَ: أَظْهَرَ القِصَرَ. وقَصَّرَ الشيءَ: جعله قَصِيراً.
والقَصِيرُ من الشَّعَر: خلافُ الطويل. وقَصَرَ الشعرَ: كف منه وغَضَّ حتى
قَصُرَ. وفي التنزيل العزيز: مُحَلِّقِين رُؤُوسَكم ومُقَصِّرينَ؛ والاسم منه
القِصارُ؛ عن ثعلب. وقَصَّرَ من شعره تَقْصِيراً إِذا حذف منه شيئاً ولم
يستأْصله. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مر برجل قد قَصَّر الشَّعَر
في السوق فعاقَبه؛ قَصَّرَ الشعَرَ إِذا جَزَّه، وإِنما عاقبه لأَن الريح
تحمله فتلقيه في الأَطعمة.وقال الفراء: قلت لأَعرابي بمنى: آلْقِصارُ
أَحَبُّ إِليك أَم الحَلْقُف يريد: التقصيرُ أَحَبُّ إِليك أَم حلق الرأْس.
وإِنه لقَصِير العِلْم على المَثَل.
والقَصْرُ: خلاف المَدِّ، والفعلُ كالفعل والمصدر كالمصدر. والمَقْصُور:
من عروض المديد والرمل ما أُسْقِطَ آخِرُه وأُسْكِنَ نحو فاعلاتن حذفت
نونه وأُسكنت تاؤه فبقي فاعلات فنقل إِلى فاعلان، نحو قوله:
لا يَغُرَّنَّ امْرَأً عَيْشُه،
كلُّ عَيْشٍ صائرٌ للزَّوالْ
وقوله في الرمل:
أَبِلِغِ النُّعمانَ عَنِّي مَأْلُكاً:
انَّنِي قد طالَ حَبْسِي وانْتِظارْ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده الخليل بتسكين الراء ولو أَطلقه لجاز، ما لم
يمنع منه مخافةُ إِقواء؛ وقول ابن مقبل:
نازعتُ أَلبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحادِيثِ، حتى زِدْنَني لِينا
إِنما أَراد بقَصْر من الأَحاديث فزِدْنَني بذلك لِيناً. والقَصْرُ:
الغاية؛ قاله أَبو زيد وغيره؛ وأَنشد:
عِشْ ما بدا لك، قَصْرُكَ المَوْتُ،
لا مَعْقِلٌ منه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنى بَيْتٍ وبَهْجَتِه،
زال الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ
وفي الحديث: من شَهِدَ الجمعة فصَلى ولم يُؤذ أَحداً بقَصْرِه إِن لم
يُغْفَرْ له جُمْعَتَه تلك ذُنوبُه كلُّها أَن تكون كفارتُه في الجمعة التي
تليها أَي غايته. يقال: قَصْرُك أَن تفعل كذا أَي حسبك وكفايتك وغايتك،
وكذلك قُصارُك وقُصارَاك، وهو من معنى القَصْرِ الحَبْسِ لأَنك إِذا بلغت
الغاية حَبَسَتْك، والباء زائدة دخلت على المبتدإِ دُخُولَها في قولهم:
بحسبك قولُ السَّوْءِ، وجمعته منصوبة على الظرف. وفي حديث معاذ: فإِنَّ
له ما قَصَرَ في بيته أَي ما حَبَسَه. وفي حديث أَسماء الأَشْهَلِيَّة:
إِنا مَعْشَرَ النساء، محصوراتٌ مقصوراتٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِذا
هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليلُ أَي حبسهم. وفي حديث ابن عباس: قُصِرَ
الرجالُ على أَربع من أَجل أَموال اليتامى أَي حُبِسُوا أَو منعوا عن نكاح
أَكثر من أَربع. ابن سيده: يقال قَصْرُك وقُصارُك وقَصارُك وقُصَيْراكَ
وقُصارَاكَ أَن تفعل كذا أَي جُهْدُك وغايتُك وآخرُ أَمرك وما اقْتَصَرْتَ
عليه؛ قال الشاعر:
لها تَفِراتٌ تَحْتَها، وقُصارُها
إِلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمَحاجِنِ
وقال الشاعر:
إِنما أَنْفُسُنا عارِيَّةٌ،
والعَوارِيُّ قُصارَى أَن تُرَدّ
ويقال: المُتَمَنِّي قُصاراه الخَيْبةُ. والقَصْرُ كَفُّك نَفْسَك عن
أَمر وكفُّكها عن أَن تطمح بها غَرْبَ الطَّمَع. ويقال: قَصَرْتُ نفسي عن
هذا أَقْصُرها قَصْراً. ابن السكيت: أَقْصَر عن الشيءِ إِذا نَزَع عنه وهو
يَقْدِر عليه، وقَصَر عنه إِذا عجز عنه ولم يستطعه، وربما جاءَا بمعنى
واحد إِلا أَن الأَغلب عليه الأَول؛ قال لبيد:
فلستُ، وإِن أَقْصَرْتُ عنه، بمُقْصِر
قال المازني: يقول لستُ وإِن لمتني حتى تُقْصِرَ بي بمُقْصِرٍ عما
أُريد؛ وقال امرؤ القيس:
فتُقْصِرُ عنها خَطْوَة وتَبوصُ
ويقال: قَصَرْتُ بمعنى قَصَّرْت؛ قال حُمَيْد:
فلئن بَلَغْتُ لأَبْلُغَنْ مُتَكَلِّفاً،
ولئن قَصَرْتُ لكارِهاً ما أَقْصُرُ
وأَقْصَر فلان عن الشيء يُقْصِرُ إِقصاراً إِذا كفَّ عنه وانتهى.
والإِقْصار: الكف عن الشيء. وأَقْصَرْتُ عن الشيء: كففتُ ونَزَعْتُ مع القدرة
عليه، فإِن عجزت عنه قلت: قَصَرْتُ، بلا أَلف. وقَصَرْتُ عن الشيء قصوراً:
عجزت عنه ولم أَبْلُغْهُ. ابن سيده: قَصَرَ عن الأَمر يَقْصُر قُصُوراً
وأَقْصَر وقَصَّرَ وتَقَاصَر، كله: انتهى؛ قال:
إِذا غَمَّ خِرْشاءُ الثُّمالَةِ أَنْفَه،
تَقاصَرَ منها للصَّرِيحَ فأَقْنَعا
وقيل: التَّقاصُر هنا من القِصَر أَي قَصُر عُنُقُه عنها؛ وقيل: قَصَرَ
عنه تركه وهو لا يقدر عليه، وأَقْصَرَ تركه وكف عنه وهو يقدر عليه.
والتَّقْصِيرُ في الأَمر: التواني فيه. والاقْتصارُ على الشيء: الاكتفاء
به. واسْتَقْصَره أَي عَدَّه مُقَصِّراً، وكذلك إِذا عَدَّه قَصِيراً.
وقَصَّرَ فلانٌ في حاجتي إِذا وَنى فيها؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يقولُ وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها:
أَتَفْعَلُ هذا يا حُيَيُّ على عَمْدِف
فقلتُ له: قد كنتَ فيها مُقَصِّراً،
وقد ذهبتْ في غير أَجْرٍ ولا حَمْدِ
قال: هذا لِصٌّ؛ يقول صاحب الإِبل لهذا اللِّص: تأْخذ إِبلي وقد عرفتها،
وقوله: فقلت له قد كنت فيها مقصِّراً، يقول كنت لا تَهَبُ ولا تَسْقي
منها قال اللحياني: ويقال للرجل إِذا أَرسلته في حاجة فَقَصَر دون الذي
أَمرته به إِما لحَرّ وإِما لغيره: ما منعك أَن تدخل المكان الذي أَمرتك به
إِلا أَنك أَحببت القَصْرَ والقَصَرَ والقُصْرَةَ أَي أَن تُقَصِّرَ.
وتَقاصَرتْ نَفْسُه: تضاءلت. وتَقَاصَر الظلُّ: دنا وقَلَصَ.
وقَصْرُ الظلام: اختلاطُه، وكذلك المَقْصَر، والجمع المَقاصر؛ عن أَبي
عبيد؛ وأَنشد لابن مقبل يصف ناقته:
فَبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، وبعدما
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
قال خالد بن جَنْيَة: المقاصِرُ أُصولُ الشجر، الواحد مَقْصُور، وهذا
البيت ذكره الأَزهري في ترجمة وقص شاهداً على وَقَصْتُ الشيء إِذا
كَسَرْتَه، تَقِصُ المقاصر أَي تَدُقُّ وتكسر. ورَضِيَ بمَقْصِرٍ، بكس الصاد مما
كان يُحاوِلُ أي بدونِ ما كان يَطْلُب. ورضيت من فلان بمَقْصِرٍ
ومَقْصَرٍ أَي أَمرٍ دُونٍ. وقَصَرَ سهمُه عن الهَدَف قُصُوراً: خَبا فلم ينته
إِليه. وقَصَرَ عني الوجعُ والغَضَبُ يَقْصُر قُصُوراً وقَصَّر: سكن،
وقَصَرْتُ أَنا عنه، وقَصَرْتُ له من قيده أَقْصُر قَصْراً: قاربت. وقَصَرْتُ
الشيء على كذا إِذا لن تجاوز به غيره. يقال: قَصَرْتُ اللِّقْحة على فرسي
إِذا جعلت دَرَّها له. وامرأَة قاصِرَةُ الطَّرْف: لا تَمُدُّه إِلى غير
بعلها. وقال أَبو زيد: قَصَرَ فلانٌ على فرسه ثلاثاً أَو أَربعاً من
حلائبه يَسْقِيه أَلبانها. وناقة مَقْصورة على العِيال: يشربون لبنها؛ قال
أَبو ذؤيب:
قَصَر الصَّبوحَ لها فَشَرَّجَ لَحْمَها
بالتيِّ، فهي تَتُوخُ فيه الإِصْبَعُ
قَصَره على الأَمر قَصْراً: رَدّه إِليه. وقَصَرْتُ السِّتْر: أَرخيته.
وفي حديث إِسلام ثُمامة: فأَبى أَن يُسْلِمَ قَصْراً فأَعتقه، يعني
حَبساً عليه وإِجباراً. يقال: قَصَرْتُ نفسي على الشيء إِذا حبستها عليه
وأَلزمتها إِياه، وقيل: أَراد قهراً وغلبةً، من القسْر، فأَبدل السين صاداً،
وهما يتبادلان في كثير من الكلام، ومن الأَول الحديث: ولتَقْصُرَنَّه على
الحق قَصْراً. وقَصَرَ الشيءَ يَقْصُره قَصْراً: حبسه؛ ومنه مَقْصُورة
الجامع؛ قال أَبو دُواد يصف فرساً:
فَقُصِرْنَ الشِّتاءَ بَعْدُ عليه، * وهْو للذَّوْدِ أَن يُقَسَّمْنَ جارُ
أَي حُبِسْنَ عليه يَشْرَبُ أَلبانها في شدة الشتاء. قال ابن جني: هذا
جواب كم، كأَنه قال كم قُصِرْن عليه، وكم ظرف ومنصوبه الموضع، فكان قياسه
أَن يقول ستة أَشهر لأَن كم سؤال عن قدرٍ من العدد محصور، فنكرة هذا
كافية من معرفته، أَلا ترى أَن قولك عشرون والعشرون وعشرون؟؟ فائدته في العدد
واحدةً لكن المعدود معرفة في جواب كم مرة، ونكرة أُخرى، فاستعمل الشتاء
وهو معرفة في جواب كم، وهذا تطوّع بما لا يلزم وليس عيباً بل هو زائد على
المراد، وإِنما العيب أَن يُقَصِّرَ في الجواب عن مقتضى السؤَال، فأَما
إِذا زاد عليه فالفضل له، وجاز أَن يكون الشتاء جوباً لكم من حيث كان عدداً
في المعنى، أَلا تراه ستة أَشهر؟ قال: ووافقنا أَبو علي، رحمه الله
تعالى، ونحن بحلب على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب فقال: إِلا في
هذا البلد فإِنه ثمانية أَشهر؛ ومعنى قوله:
وهو للذود أَن يقسَّمن جار
أَي أَنه يُجيرها من أَن يُغار عليها فَتُقْسَمَ، وموضع أَن نصبٌ كأَنه
قال: لئلا يُقَسَّمْنَ ومن أَن يُقَسَّمْنَ، فَحذف وأَوصل. وامرأَة
قَصُورَة وقَصيرة: مَصُونة محبوسة مقصورة في البيت لا تُتْرَكُ أَن تَخْرُج؛
قال كُثَيِّر:
وأَنتِ التي جَبَّبْتِ كلَّ قَصِيرَةٍ
إِليَّ، وما تدري بذاك القَصائِرُ
عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ، ولم أُرِدْ
قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساء البَحاتِرُ
وفي التهذيب: عَنَيتُ قَصُوراتِ الحجالِ، ويقال للجارية المَصونة التي
لا بُروزَ لها: قَصِيرةٌ وقَصُورَة؛ وأَنشد الفراء:
وأَنتِ التي حببتِ كلَّ قَصُورة
وشَرُّ النساءِ البَهاتِرُ. التهذيب: القَصْرُ الحَبْسُ؛ قال الله تعالى:
حُورٌ مقصورات في الخيام، أَي محبوسات في خيام من الدُّرِّ مُخَدَّرات
على أَزواجهن في الجنات؛ وامرأَة مَقْصورة أَي مُخَدَّرة. وقال الفرّاء في
تفسير مَقْصورات، قال: قُصِرْنَ على أَزواجهن أَي حُبِسْن فلا يُرِدْنَ
غيرهم ولا يَطْمَحْنَ إِلى من سواهم. قال: والعرب تسمي الحَجَلَةَ
المقصورةَ والقَصُورَةَ، وتسمي المقصورة من النساء القَصُورة، والجمع
القَصائِرُ، فإِذا أَرادوا قِصَرَ القامة قالوا: امرأَة قَصِيرة، وتُجْمَعُ
قِصاراً. وأَما قوله تعالى: وعندهم قاصراتُ الطَّرْفِ أَترابٌ؛ قال
الفراء:قاصراتُ الطَّرْف حُورٌ قد قَصَرْنَ أَنفسهنَّ على أَزواجهن فلا يَطْمَحْنَ
إِلى غيرهم؛ ومنه قول امرئ القيس:
من القاصراتِ الطَّرْفِ، لو دَبَّ مُحْوِلٌ
من الذَّرِّ فوقَ الإِتْبِ منها لأَثَّرا
وقال الفراء: امرأَة مَقْصُورة الخَطْوِ، شبهت بالمقيَّد الذي قَصَرَ
القيدُ خَطوَه، ويقال لها: قَصِيرُ الخُطى؛ وأَنشد:
قَصِيرُ الخطى ما تَقْرُبُ الجِيرَةَ القُصَى،
ولا الأَنَسَ الأَدْنَيْنَ إِلا تَجَشُّما
التهذيب: وقد تُجْمَعُ القَصِيرةُ من النساء قِصارَةً؛ ومنه قول
الأَعشى:لا ناقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ،إِذا مدَّتْ قِصارَه
قال الفراء: والعرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعالٍ، يقولون:
الجِمالَةُ والحِبالَة والذِّكارَة والحِجارة، قال: جِمالاتٌ صُفْرٌ. ابن سيده:
وأَما قول الشاعر:
وأَهْوى من النِّسْوانِ كلَّ قَصِيرةٍ،
لها نَسَبٌ، في الصالحين، قَصِيرُ
فمعناه أَنه يَهْوى من النساء كل مقصورة يُغْنى بنسبها إِلى أَبيها عن
نَسَبها إِلى جَدِّها. أَبو زيد: يقال أَبْلِغ هذا الكلامَ بني فلان
قَصْرَةً ومَقْصُورةً أَي دون الناس، وقد سميت المَقْصورة مَقْصُورَةً لأَنها
قُصِرَت على الإِمام دون الناس. وفلان قَصِيرُ النسب إِذا كان أَبوه
معروفاً إِذ ذِكْره للابن كفايةٌ عن الانتماء إِلى الجد الأَبعد؛ قال
رؤبة:قد رَفَعَ العَجَّاجُ ذِكْري فادْعُني
باسْمٍ، إِذا الأَنْسابُ طالتْ، يَكفِني
ودخل رُؤْبةُ على النَّسَّابة البَكْريّ فقال: من أَنتف قال: رؤبة بن
العجاج. قال: قُصِرْتَ وعُرِفْتَ. وسَيْلٌ قَصِير: لا يُسِيل وادِياً
مُسَمًّى إِنما يُسِيلُ فُرُوعَ الأَوْدِية وأَفْناءَ الشِّعابِ وعَزَازَ
الأَرضِ. والقَصْرُ من البناء: معروف، وقال اللحياني: هو المنزل، وقيل: كل
بيت من حَجَر، قُرَشِيَّةٌ، سمي بذلك لأَنه تُقصَرُ فيه الحُرَمُ أَي
تُحْبس، وجمعه قُصُور. وفي التنزيل العزيز: ويجْعَل لك قُصُوراً.
والمَقْصُورة: الدار الواسعة المُحَصَّنَة،وقيل: هي أَصغر من الدار، وهو من ذلك
أَيضاً. والقَصُورَةُ والمَقْصورة: الحَجَلَةُ؛ عن اللحياني. الليث:
المَقْصُورَة مقام الإِمام، وقال: إِذا كانت دار واسعة مُحَصَّنة الحيطان فكل
ناحية منها على حِيالِها مَقْصُورة، وجمعها مَقاصِرُ ومَقاصِيرُ؛
وأَنشد:ومن دونِ لَيْلى مُصْمَتاتُ المَقاصِرِ
المُصْمَتُ: المُحْكَمُ. وقُصارَةُ الدار: مَقْصُورة منها لا يدخلها غير
صاحب الدار. قال أُسَيْدٌ: قُصارَةُ الأَرض طائفة منها قَصِيرَة قد علم
صاحبها أَنها أَسْمَنُها أَرضاً وأَجودُها نبتاً قدر خمسين ذراعاً أَو
أَكثر، وقُصارَةُ الدار: مَقْصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار، قال:
وكان أَبي وعمي على الحِمى فَقَصَرَا منها مقصورة لا يطؤها غيرهما.
واقْتَصَرَ على الأَمر: لم يُجاوزه.
وماء قاصِرٌ أَي بارد. وماء قاصِرٌ: يَرْعى المالُ حولَه لا يجاوزه،
وقيل: هو البعيد عن الكلإِ. ابن السكيت: ماء قاصِرٌ ومُقْصِرٌ إِذا كان
مَرْعاه قريباً؛ وأَنشد:
كانتْ مِياهِي نُزُعاً قَواصِرَا،
ولم أَكنْ أُمارِسُ الجَرائرا
والنُّزُعُ: جمع النَّزُوعِ، وهي البئر التي يُنْزَعُ منها باليدين
نَزْعاً، وبئر جَرُورٌ: يستقى منها على بعير؛ وقوله أَنشده ثعلب في صفة
نخل:فهُنَّ يَرْوَيْنَ بطَلٍّ قَاصِرِ
قال: عَنى أَنها تشرب بعروقها. وقال ابن الأَعرابي: الماء البعيد من
الكلإِ قاصِرٌ باسِطٌ ثم مُطْلِبٌ. وكَلأ قاصِرٌ: بينه وبين الماء نَبْحَةُ
كلب أَو نَظَرُك باسِطاً. وكَلأ باسِطٌ: قريب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إِليكِ ابْنَةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالَةَ الر
جالِ، وأَصْلالُ الرجالِ أَقاصِرُهْ
لم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه عنى حَبائسَ قَصائِرَ.
والقُصارَةُ والقِصْرِيُّ والقَصَرَة والِقُصْرى والقَصَرُ؛ الأَخيرة عن
اللحياني: ما يَبْقى في المُنْخُلِ بعد الانتخال، وقيل: هو ما يَخْرُجُ
من القَثِّ وما يبقى في السُّنْبُل من الحب بعد الدَّوْسَةِ الأُولي،
وقيل: القِشْرتان اللتان على الحَبَّة سُفْلاهما الحَشَرَةُ وعُلْياهما
القَصَرة. الليث: والقَصَرُ كَعابِرُ الزرع الذي يَخْلُص من البُرِّ وفيه
بقية من الحب، يقال له القِصْرَى، على فِعْلى. الأَزهري: وروى أَبو عبيد
حديثاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في المُزارَعة أَن أَحدهم كان
يَشْتَرِطُ ثلاثة جَداوِلَ والقُصارَةَ؛ القُصارَةُ، بالضم: ما سَقى الربيعُ،
فنه النبي،صلى الله عليه وسلم، عن ذلك. قال أَبو عبيد: والقُصارة ما بقي في
السنبل من الحب مما لا يتخلص بعدما يداس، قال: وأَهل الشام يسمونه
القِصْرِيَّ بوزن القِبْطِيِّ، قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنيه ابن هاجَك عن ابن
جَبَلة عن أَبي عبيد، بكسر القاف وسكون الصاد وكسر الراء وتشديد الياء،
قال: وقال عثمان ابن سعيد: سمعت أَحمد بن صالح يقول هي القُصَرَّى إِذا
دِيسَ الزرعُ فغُرْبِل، فالسنابل الغليظة هي القُصَرَّى، على فُعَلَّى.
وقال اللحياني: نُقِّيَتْ من قَصَره وقَصَلِه أَي من قُماشِه. وقال أَبو
عمرو: القَصَلُ والقَصَرُ أَصل التبن. وقال ابن الأَعرابي: القَصَرةُ قِشْر
الحبة إِذا كانت في السنبلة، وهي القُصارَةُ. وذكر النضر عن أَبي الخطاب
أَنه قال: الحبة عليها قشرتان: فالتي تلي الحبة الحَشَرَةُ، والتي فوق
الحَشَرة القَصَرَةُ. والقَصَرُ: قِشْر الحنطة إِذا يبست. والقُصَيْراة:
ما يبقى في السنبل بعدما يداس. والقَصَرَة، بالتحريك: أَصل العنق. قال
اللحياني: إِنما يقال لأَصل العنق قَصَرَة إِذا غَلُظَت، والجمع قَصَرٌ؛ وبه
فسر ابن عباس قوله عز وجل: إِنها تَرْمي بشَرَرٍ كالقَصَر، بالتحريك؛
وفسره قَصَرَ النخلِ يعني الأَعْناقَ. وفي حديث ابن عباس في وقوله تعالى:
إِنها ترمي بشرر كالقصر؛ هو بالتحريك، قال: كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث
أَذرع أَو أَقل ونسميه القَصَر، ونريد قَصَر النخل وهو ما غَلُظَ من
أَسفلها أَو أَعناق الإِبل، واحدتها قَصَرة؛ وقيل في قوله بشرر كالقَصَر، قيل:
أَقصارٌ جمعُ الجمع. وقال كراع: القَصَرة أَصل العنق، والجمع أَقصار،
قال: وهذا نادر إِلا أَن يكون على حذف الزائد. وفي حديث سلْمانَ: قال لأَبي
سفيان وقد مر به: لقد كان في قَصَرة هذا موضع لسيوف المسلمين، وذلك قبل
أَن يسلم، فإِنهم كانوا حِراصاً على قتله، وقيل: كان بعد إِسلامه. وفي
حديث أَبي رَيْحانة: إِني لأَجِدُ في بعض ما أُنْزِلَ من الكتب الأَقْبَلُ
القَصِيرُ القَصَرةِ صاحبُ العِراقَيْنِ مُبَدِّلُ السُّنَّة يلعنه أَهلُ
السماء وأَهل الأَرض، وَيْلٌ له ثم ويل له وقيل: القَصَر أَعناق الرجال
والإِبل؛ قال:
لا تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حذْوَ مَنْكِبِه،
في حَوْمَةٍ تَحْتَها الهاماتُ والقَصَرُ
وقال الفراء في قوله تعالى: إِنها ترمي بشَرَرٍ كالقَصْر، قال: يريد
القَصْر من قُصُورِ مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان. قال: ومثله:
سَيُهْزَمُ الجمع ويُولُّون الدُّبُرَ، معناه الأَدبار، قال: ومن قرأَ كالقَصَر،
فهو أَصل النخل، وقال الضحاك: القَصَرُ هي أُصول الشجر العظام. وفي
الحديث: من كان له بالمدينة أَصلٌ فلْيَتَمَسَّك به، ومن لم يكن فليجعل له
بها أَصلاً ولو قَصَرةً؛ القَصَرةُ، بالفتح والتحريك: أَصل الشجرة، وجمعها
قَصَر؛ أَراد فليتخذ له بها ولو أَصل نخلة واحدة. والقَصَرة أَيضاً:
العُنُق وأَصل الرقبة. قال: وقرأَ الحسن كالقَصْر، مخففاً، وفسره الجِذْل من
الخشب، الواحدة قَصْرة مثل تمر وتمرة؛ وقال قتادة: كالقَصَرِ يعني أُصول
النخل والشجر. النَّضِر: القِصارُ مِيْسَمٌ يُوسَمُ به قَصَرةُ العُنق.
يقال: قَصَرْتُ الجمل قَصْراً، فهو مَقْصورٌ. قال: ولا يقال إِبل
مُقَصَّرة. ابن سيده: القِصارُ سِمَة على القَصَر وقد قَصَّرها. والقَصَرُ: أُصول
النخل والشجر وسائر الخشب، وقيل: هي بقايا الشجر، وقيل: إِنها ترمي بشرر
كالقَصْر، وكالقَصَر، فالقَصَر: أُصول النخل والشجر، والقَصْر من
البناء، وقيل: القَصْر هنا الحطب الجَزْلُ؛ حكاه اللحياني عن الحسن. والقَصْرُ:
المِجْدَلُ وهو الفَدَنُ الضخمُ، والقَصَرُ: داء يأْخذ في القَصَرة.
وقال أَبو معاذ النحوي: واحد قَصَر النخل قَصَرة، وذلك أَن النخلة تُقْطَعُ
قَدْرَ ذراع يَسْتَوْقِدُون بها في الشتاء، وهو من قولك للرجل: إِنه
لتَامُّ القَصَرَةِ إِذا كان ضَخْمَ الرَّقَبة، والقَصَرُ يُبْسٌ في العنق؛
قَصِرَ، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً، فهو قَصِرٌ وأَقْصَرُ، والأُنثى
قَصْراء؛ قال ابن السكيت: هو داء يأْخذ البعير في عنقه فيلتوي فَيُكْتَوَى في
مفاصل عنقه فربما بَرَأَ. أَبو زيد: يقال قَصِرَ الفرسُ يَقْصَرُ قَصَراً
إِذا أَخذه وجع في عنقه، يقال: به قَصَرٌ. الجوهري: قَصِرَ الرجلُ إِذا
اشتكى ذلك. يقال: قَصِرَ البعير، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً.
والتِّقْصارُ والتِّقْصارَة، بكسر التاء: القِلادة للزومها قَصَرَةَ
العُنق، وفي الصحاح: قلادة شبيهة بالمِخْنَقَة، والجمع التَّقاصِيرُ؛ قال
عَدِيُّ بن زيد العِبَادي:
ولها ظَبْيٌ يُؤَرِّثُها،
عاقِدٌ في الجِيدِ تِقْصارا
وقال أَبو وَجْزة السَّعْدِي:
وغَدا نوائحُ مُعْوِلات بالضَّحى
وُرْقٌ تَلُوحُ، فكُلُّهُنَّ قِصارُها
قالوا: قِصارُها أَطواقها. قال الأَزهري: كأَنه شبه بقِصارِ المِيْسَمِ،
وهو العِلاطُ. وقال نُصَير: القَصَرَةُ أَصل العنق في مُرَكَّبِهِ في
الكاهل وأَعلى اللِّيتَيْنِ، قال: ويقال لعُنُقِ الإِنسانِ كلِّه قَصَرَةٌ.
والقَصَرَةُ: زُبْرَةُ الحَدَّادِ؛ عن قُطْرُب. الأَزهري: أَبو زيد:
قَصَرَ فلانٌ يَقْصُرُ قَصْراً إِذا ضم شيئاً إِلى أَصله الأَوّل؛ وقَصَرَ
قَيْدَ بعيره قَصْراً إِذا ضيقه، وقَصَرَ فلانٌ صلاتَه يَقْصُرها قَصْراً
في السفر. قال الله تعالى: ليس عليكم جُناحٌ أَن تَقْصُروا من الصلاة، وهو
أَن تصلي الأُولى والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين، فأَما العشاءُ
الأُولى وصلاة الصبح فلا قَصْرَ فيهما، وفيها لغات: يقال قَصَرَ الصلاةَ
وأَقْصَرَها وقَصَّرَها، كل ذلك جائز، والتقصير من الصلاة ومن الشَّعَرِ
مثلُ القَصْرِ. وقال ابن سيده: وقَصَرَ الصلاةَ، ومنها يَقْصُر قَصْراً
وقَصَّرَ نَقَصَ ورَخُصَ، ضِدٌّ. وأَقْصَرْتُ من الصلاة: لغة في قَصَرْتُ.
وفي حديث السهو: أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم نُسِيَت؛ يروى على ما لم يسم
فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص. وفي الحديث: قلت لعمر إِقْصارَ الصلاةِ
اليومَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية من أَقْصَرَ الصلاةَ، لغة
شاذة في قَصَر. وأَقْصَرَتِ المرأَة: ولدت أَولاداً قِصاراً، وأَطالت إِذا
ولدت أَولاداً طِوالاً. وفي الحديث: إِن الطويلة قد تُقْصِرُ وإِن
القَصيرة قد تُطِيل؛ وأَقْصَرتِ النعجةُ والمَعَزُ، فهي مُقْصِرٌ، إِذا
أَسَنَّتا حتى تَقْصُرَ أَطرافُ أَسنانهما؛ حكاها يعقوب. والقَصْرُ والمَقْصَرُ
والمَقْصِرُ والمَقْصَرَةُ: العَشِيّ. قال سيبويه: ولا يُحَقَّرُ
القُصَيْرَ، اسْتَغْنوا عن تَحْقيره بتحقير المَساء. والمَقاصِر والمَقاصِير:
العشايا؛ الأَخيرة نادرة، قال ابن مقبل:
فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بعدما
كَرَبَتْ حَياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
وقَصَرْنا وأَقْصَرْنا قَصْراً: دخلنا في قَصْرِ العَشِيِّ، كما تقول:
أَمْسَيْنا من المَساء. وقَصَرَ العَشِيُّ يَقْصُر قُصوراً إِذا
أَمْسَيْتَ؛ قال العَجَّاجُ:
حتى إِذا ما قَصَرَ العَشِيُّ
ويقال: أَتيته قَصْراً أَي عَشِيّاً؛ وقال كثير عزة:
كأَنهمُ قَصْراً مَصابيحُ راهِبٍ
بمَوْزَنَ، رَوَّى بالسَّلِيط ذُبالَها
همُ أَهلُ أَلواحِ السَّرِيرِ ويمْنِه،
قَرابِينُ أَرْدافاً لها وشِمالَها
الأَردافُ: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الرِّدافة، وكانت
الرِّدافَةُ في الجاهلية لبني يَرْبوعٍ. والرِّدافَةُ: أَن يجلس الرِّدْف عن يمين
الملك، فإِذا شَرِبَ المَلِكُ شَرِبَ الرِّدْفُ بعده قبل الناس، وإِذا
غَزا المَلِكُ قعَدَ الرِّدْف مكانه فكان خليفة على الناس حتى يعود
المَلِكُ، وله من الغنيمة المِرْباعُ. وقَرابينُ الملك: جُلَساؤه وخاصَّتُه،
واحدهم قُرْبانٌ. وقوله: هم أَهل أَلواح السرير أَي يجلسون مع الملك على
سريره لنفاستهم وجلالتهم. وجاء فلان مُقْصِراً حين قَصْرِ العِشاء أَي كاد
يَدْنُو من الليل؛ وقال ابن حِلِّزَة:
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القـ
ـناصُ قَصْراً، وقَدْ دنا الإِمْساءُ
ومَقاصِيرُ الطريق: نواحيها،واحدَتُها مَقْصَرة، على غير قياس.
والقُصْرَيانِ والقُصَيْرَيانِ ضِلَعانِ تَلِيانِ الطِّفْطِفَة، وقيل:
هما اللتان تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ. والقُصَيرَى: أَسْفَلُ
الأَضْلاعِ، وقيل هي الضِّلَعُ التي تلي الشاكلَةَ، وهي الواهِنةُ، وقيل: هي آخر
ضِلَعٍ في الجنب. التهذيب: والقُصْرَى والقُصَيْرى الضِّلَعُ التي تلي
الشاكلة بين الجنب والبطن؛ وأَنشد:
نَهْدُ القُصَيْرَى يزينُهُ خُصَلُه
وقال أَبو دُواد:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْسا
ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعْب
أَبو الهيثم: القُصَرَى أَسفل الأَضلاع،والقُصَيرَى أَعلى الأَضلاع؛
وقال أَوس:
مُعاوِدُ تأْكالِ القَنِيصِ، شِواؤُه
من اللحمِ قُصْرَى رَخْصَةٌ وطَفاطِفُ
قال: وقُصْرَى ههنا اسم، ولو كانت نعتاً لكانت بالأَلف واللام. قال: وفي
كتاب أَبي عبيد: القُصَيْرَى هي التي تلي الشاكلة، وهي ضِلَعُ الخَلْفِ؛
فأَما قوله أَنشده اللحياني:
لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرَى، مُقْرِفِ المَعَدِّ
قال ابن سيده: عندي أَن القُصَيْرَى أَحد هذه الأَشياء التي ذكرنا في
القُصَيْرَى؛ قال: وأَما اللحياني فحكى أَن القُصَيْرَى هنا أَصلُ العُنُق،
قال: وهذا غير معروف في اللغة إِلا أَن يريد القُصَيْرَة، وهو تصغير
القَصَرة من العُنق، فأَبدل الهاء لاشتراكهما في أَنهما علما تأْنيث.
والقَصَرَةُ: الكَسَلُ؛ قال الأَزهري أَنشدني المُنْذرِيُّ رواية عن ابن
الأَعرابي:
وصارِمٍ يَقْطَعُ أَغْلالَ القَصَرْ،
كأَنَّ في مَتْنَتِهِ مِلْحاً يُذَرّ،
أَوْ زَحْفَ ذَرٍّ دَبَّ في آثارِ ذَرّ
ويروى:
كأَنَّ فَوْقَ مَتْنِهِ ملْحاً يُذَرّ
ابن الأَعرابي: القَصَرُ والقَصارُ الكَسَلُ. وقال أَعرابي: أَردت أَن
آتيك فمنعني القَصارُ، قل: والقَصارُ والقُصارُ والقُصْرَى والقَصْرُ، كله
أُخْرَى الأُمور. وقَصْرُ المجْدِ: مَعْدِنهُ؛ وقال عَمْرُو ابن
كُلْثُوم:
أَباحَ لَنا قُصُورُ المَجْدِ دينا
ويقال: ما رضيت من فلان بِمَقْصَرٍ ومَقْصِرٍ أَي بأَمر من دون أَي
بأَمر يسير، ومن زائدة. ويقال: فلان جاري مُقاصِرِي أَي قَصْرُه بحذاء
قَصْرِي؛ وأَنشد:
لِتَذْهَبْ إِلى أَقْصى مُباعَدةٍ جَسْرُ،
فما بي إِليها من مُقاصَرةٍ فَقْرُ
يقول: لا حاجة لي في جوارهم. وجَسْرٌ: من محارب. والقُصَيْرَى
والقُصْرَى: ضرب من الأَفاعي، يقال: قُصْرَى قِبالٍ وقُصَيْرَى قِبالٍ.
والقَصَرَةُ: القطعة من الخشب.
وقَصَرَ الثوبَ قِصارَةً؛ عن سيبويه، وقَصَّرَه، كلاهما: حَوَّرَه
ودَقَّهُ؛ ومنه سُمِّي القَصَّارُ. وقَصَّرْتُ الثوب تَقْصِيرا مثله.
والقَصَّارُ والمُقَصِّرُ: المُحَوِّرُ للثياب لأَنه يَدُقُّها بالقَصَرَةِ التي
هي القِطْعَة من الخشب، وحرفته القِصارَةُ. والمِقْصَرَة: خشبة
القَصَّار. التهذيب: والقَصَّارُ يَقْصُر الثوبَ قَصْراً. والمُقَصِّرُ: الذي
يُخسُّ العطاءَ ويقلِّله. والتَّقْصيرُ: إِخْساسُ العطية. وهو ابن عمي
قُصْرَةً، بالضم، ومَقْصُورةً ابن عمي دِنْيا ودُنْيا أَي داني النسب وكان ابنَ
عَمِّه لَحًّا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
رَهْطُ الثِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورةً
قال: مقصورةً، أَي خَلَصُوا فلم يخالطهم غيرهم من قومهم؛ وقال اللحياني:
تقال هذه الأَحرف في ابن العمة وابن الخالة وابن الخال. وتَقَوْصَرَ
الرجلُ: دخل بعضه في بعض. والقَوْصَرَة والقَوْصَرَّةُ، مخفف ومثقل: وعاء من
قصب يرفع فيه التمر من البَوارِي؛ قال: وينسب إِلى عليّ، كرم الله وجهه:
أَفْلَحَ من كانتْ له قَوْصَرَّه،
يأْكلُ منا كلَّ يومٍ مَرَّه
قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. ابن الأَعرابي: العربُ تَكْنِي عن
المرأَة بالقارُورةِ والقَوْصَرَّة. قال ابن بري: وهذا الرجز ينسب إِلى علي؛
عليه السلام، وقالوا: أَراد بالقَوْصَرَّة المرأَة وبالأَكل النكاح. قال
ابن بري: وذكر الجوهري أَن القَوْصرَّة قد تخفف راؤها ولم يذكر عليه
شاهداً. قال: وذكر بعضهم أَن شاهده قول أَبي يَعْلى المْهَلَّبِي:
وسَائِلِ الأَعْلَم ابنَ قَوْصَرَةٍ:
مَتَى رَأَى بي عن العُلى قَصْرا؟
قال: وقالوا ابن قَوْصَرة هنا المَنْبُوذ. قال: وقال ابن حمزة: أَهل
البصرة يسمون المنبوذ ابن قَوْصَرة، وجد في قَوصَرة أَو في غيرها، قال: وهذا
البيت شاهد عليه.
وقَيْصَرُ: اسم ملك يَلي الرُّومَ، وقيل: قَيْصَرُ ملك الروم.
والأُقَيْصِرُ: صنم كان يعبد في الجاهلية؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَنْصابُ الأُقَيْصِرِ حين أَضْحَتْ
تَسِيلُ، على مَناكِبِها، الدِّماءُ
وابن أُقَيْصِر: رجل بصير بالخيل.
وقاصِرُونَ وقاصِرِينَ: موضع، وفي النصب والخفض قاصِرِينَ.