من (ع ط ر) من تكثر التطيب بالــعطر وبائعة الــعطر والتوابل ونحوهما.
من (ع ط ر) من تكثر التطيب بالــعطر وبائعة الــعطر والتوابل ونحوهما.
دور: دَارَ الشيءُ يَدُورُ دَوْراً ودَوَرَاناً ودُؤُوراً واسْتَدَارَ
وأَدَرْتُه أَنا ودَوَّرْتُه وأَدَارَه غيره ودَوَّرَ به ودُرْتُ به
وأَدَرْت اسْتَدَرْتُ، ودَاوَرَهُ مُدَاوَرَةً ودِوَاراً: دَارَ معه؛ قال أَبو
ذؤيب:
حتى أُتِيح له يوماً بِمَرْقَبَةٍ
ذُو مِرَّةٍ، بِدِوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ
عدّى وجاس بالباء لأَنه في معنى قولك عالم به. والدهر دَوَّارُ
بالإِنسان ودَوَّارِيُّ أَي دائر به على إِضافة الشيء إِلى نفسه؛ قال ابن سيده:
هذا قول اللغويين، قال الفارسي: هو على لفظ النسب وليس بنسب، ونظيره
بُخْتِيٌّ وكُرْسيٌّ ومن المضاعف أَعْجَمِيٌّ في معنى أَعجم. الليث:
الدَّوَّارِيُّ الدَّهْرُ الدائرُ بالإِنسان أَحوالاً؛ قال العجاج:
والدَّهْرُ بالإِنسانِ دَوَّارِيُّ،
أَفْنَى القُرُونَ، وهو قَعْسَرِيُّ
ويقال: دَارَ دَوْرَةً واحدةً، وهي المرة الواحدة يدُورُها. قال:
والدَّوْرُ قد يكون مصدراً في الشعر ويكون دَوْراً واحداً من دَوْرِ العمامة،
ودَوْرِ الخيل وغيره عام في الأَشياء كلها.
والدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ في الرأْس.
ودِيَر به وعليه وأُدِيرَ به: أَخذهن الدُّوَارُ من دُوَارِ الرأْس.
وتَدْوِيرُ الشيء: جعله مُدَوَّراً. وفي الحديث: إِن الزمان قد
اسْتَدَار كهيئته يوم خلق الله السموات والأَرض. يقال: دَارَ يَدُورُ واستدار
يستدير بمعنى إِذا طاف حول الشيء وإِذا عاد إِلى الموضع الذي ابتدأَ منه؛
ومعنى الحديث أَن العرب كانوا يؤخرون المحرم إِلى صفر، وهو النسيء،
ليقاتلوا فيه ويفعلون ذلك سنة بعد سنة فينتقل المحرم من شهر إِلى شهر حتى يجعلوه
في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة كان قد عاد إِلى زمنه المخصوص
به قبل النقل ودارت السنة كهيئتها الأُولى.
ودُوَّارَةُ الرأْس ودَوَّارَتُه: طائفة منه. ودَوَّارَةُ البطن
ودُوَّارَتُه؛ عن ثعلب: ما تَحَوَّى من أَمعاء الشاة.
والدَّائرة والدَّارَةُ، كلاهما: ما أَحاط بالشيء.
والدَّارَةُ: دَارَةُ القمر التي حوله، وهي الهَالَةُ. وكل موضع يُدَارُ
به شيء يَحْجُرُه، فاسمه دَارَةٌ نحو الدَّاراتِ التي تتخذ في المباطخ
ونحوها ويجعل فيها الخمر؛ وأَنشد:
تَرَى الإِوَزِّينَ في أَكْنافِ دَارَتها
فَوْضَى، وبين يديها التِّبْنُ مَنْثُورُ
قال: ومعنى البيت أَنه رأَى حَصَّاداً أَلقى سنبله بين يدي تلك الإِوز
فقلعت حبّاً من سنابله فأَكلت الحب وافتضحت التبن. وفي الحديث: أَهل النار
يحترقون إِلا دارات وجوههم؛ هي جمع دارة، وهو ما يحيط بالوجه من جوانبه،
أَراد أَنها لا تأْكلها النار لأَنها محل السجود. ودارة الرمل: ما
استدار منه، والجمع دَارَاتٌ ودُورٌ؛ قال العجاج:
من الدَّبِيلِ ناشِطاً لِلدُّورِ
الأَزهري: ابن الأَعرابي: الدِّيَرُ الدَّارَاتُ في الرمل. ابن
الأَعرابي: يقال دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ لكل ما لم يتحرك ولم يَدُرْ، فإِذا تحرك
ودار، فهو دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ.
والدَّارَةُ: كل أَرض واسعة بين جبال، وجمعها دُورٌ ودَارَات؛ قال أَبو
حنيفة: وهي تُعَدُّ من بطون الأَرض المنبتة؛ وقال الأَصمعي: هي
الجَوْبَةُ الواسعة تَحُفُّها الجبال، وللعرب دارات؛ قال محمد بن المكرم: وجدت هنا
في بعض الأُصول حاشية بخط سيدنا الشيخ الإِمام المفيد بهاء الدين محمد
ابن الشيخ محيي الدين إبراهيم بن النحاس النحوي، فسح الله في أَجله: قال
كُرَاعٌ الدارةُ هي البُهْرَةُ إِلا أَن البُهْرَة لا تكون إِلا سهلة
والدارة تكون غليظة وسهلة. قال: وهذا قول أَبي فَقْعَسٍ. وقال غيره: الدارة
كلُّ جَوْبَةٍ تنفتح في الرمل، وجمعها دُورٌ كما قيل ساحة وسُوحٌ. قال
الأَصمعي: وعِدَّةٌ من العلماء، رحمهم الله تعالى دخل كلام بعضهم في كلام
بعض: فمنها دارة جُلْجُل ودارةُ القَلْتَيْنِ ودارةُ خَنْزَرٍ ودارةُ
صُلْصُلٍ ودارةُ مَكْمَنٍ ودارةُ مَاسِلٍ ودارة الجَأْبِ ودارة الذِّئْبِ
ودارة رَهْبى ودارةُ الكَوْرِ ودارةُ موضوع ودارةُ السَّلَمِ ودارةُ الجُمُدِ
ودارةُ القِدَاحِ ودارةُ رَفْرَفٍ ودارةُ قُِطْقُِطٍ ودارةُ مُحْصَنٍ
ودارةُ الخَرْجِ ودارة وَشْحَى ودارةُ الدُّورِ، فهذه عشرون دَارَةً وعلى
أَكثرها شواهد، هذا آخر الحاشية.
والدَّيِّرَةُ من الرمل: كالدَّارةِ، والجمع دَيِّرٌ، وكذلك
التَّدْورِةُ، وأَنشد سيبويه لابن مقبل:
بِتْنَا بِتَدْوِرَة يُضِيءُ وُجُوهَنَا
دَسَمُ السَّلِيطِ، يُضِيءُ فَوْقَ ذُبالِ
ويروى:
بتنا بِدَيِّرَةٍ يضيء وجوهنا
والدَّارَةُ: رمل مستدير، وهي الدُّورَةُ، وقيل: هي الدُّورَةُ
والدَّوَّارَةُ والدَّيِّرَةُ، وربما قعدوا فيها وشربوا. والتَّدْوِرَةُ.
المجلسُ؛ عن السيرافي. ومُدَاوَرَةُ الشُّؤُون: معالجتها. والمُدَاوَرَةُ:
المعالجة؛ قال سحيم بن وثيل:
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي،
ونَجَّدَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ
والدَّوَّارَةُ: من أَدوات النَّقَّاشِ والنَّجَّارِ لها شعبتان تنضمان
وتنفرجان لتقدير الدَّارات.
والدَّائِرَةُ في العَرُوض: هي التي حصر الخليل بها الشُّطُورَ لأَنها
على شكل الدائرة التي هي الحلقة، وهي خمس دوائر: الأُولى فيها ثلاثة
أَبواب الطويل والمديد والبسيط، والدائرة الثانية فيها بابان الوافر والكامل،
والدائرة الثالثة فيها ثلاثة أَبواب الهزج والرجز والرمل، والدائرة
الرابعة فيها ستة أَبواب السريع والمنسرح والخفيف والمضارع والمقتضب والمجتث،
والدائرة الخامسة فيها المتقارب فقط. والدائرة: الشَّعَرُ المستدير على
قَرْنِ الإِنسان؛ قال ابن الأَعرابي: هو موضع الذؤابة. ومن أَمثالهم: ما
اقْشَعَرَّتْ له دائرتي؛ يضرب مثلاً لمن يَتَهَدَّدُكَ بالأَمر لا يضرك.
ودائرة رأْس الإِنسان: الشعر الذي يستدير على القَرْنِ، يقال: اقشعرت
دائرته. ودائرة الحافر: ما أَحاط به من التبن. والدائرة: كالحلقة أَو الشيء
المستدير. والدائرة: واحدة الدوائر؛ وفي الفرس دوائر كثيرة: فدائرة
القَالِع والنَّاطِحِ وغيرهما؛ وقال أَبو عبيدة: دوائر الخيل ثماني عشرة دائرة:
يكره منها الهَقْعَةُ، وهي التي تكون في عُرضِ زَوْرِه، ودائرة
القَالِعِ، وهي التي تكون تحت اللِّبْدِ، ودائرة النَّاخِسِ، وهي التي تكون تحت
الجَاعِرَتَيْنِ إِلى الفَائِلَتَيْنِ، ودائرةُ اللَّطَاةِ في وسط الجبهة
وليست تكره إِذا كانت واحدة فإِن كان هناك دائرتان قالوا: فرس نَطِيحٌ،
وهي مكروهة وما سوى هذه الدوائر غير مكروهة.
ودَارَتْ عليه الدَّوائِرُ أَي نزلت به الدواهي. والدائرة: الهزيمة
والسوء. يقال: عليهم دائرة السوء. وفي الحديث: فيجعل الدائرة عليهم أَي
الدَّوْلَة بالغلبة والنصر. وقوله عز وجل: ويَتَرَبَّصُ بكم الدوائر؛ قيل:
الموت أَو القتل.
والدُّوَّارُ: مستدار رمل تَدُورُ حوله الوحش؛ أَنشد ثعلب:
فما مُغْزِلٌ أَدْماءُ نام غَزَالُها،
بِدُوَّارِ نِهْيٍ ذي عَرَارٍ وحُلَّبِ
بأَحْسَنَ من لَيْلَى، ولا أُمُّ شَادِنٍ
غَضِيضَةُ طَرْفٍ رُعْتُها وَسْطَ رَبْرَبِ
والدائرة: خشية تركز وسط الكُدْسِ تَدُورُ بها البقر.
الليث: المَدَارُ مَفْعَلٌ يكون موضعاً ويكون مصدراً كالدَّوَرَانِ،
ويجعل اسماً نحو مَدَار الفَلَكِ في مَدَارِه.
ودُوَّارٌ، بالضم: صنم، وقد يفتح، وفي الأَزهري: الدَّوَّارُ صنم كانت
العرب تنصبه يجعلون موضعاً حوله يَدُورُون به، واسم ذلك الصنم والموضع
الدُّوَارُ؛ ومنه قول امرئ القيس:
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجَهُ
عَذَارَى دُوَارٍ، في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
السرب: القطيع من البقر والظباء وغيرها، وأَراد به ههنا البقر، ونعاجه
إِناثه، شبهها في مشيها وطول أَذنابها بِجَوَارٍ يَدُرْنَ حول صنم وعليهن
الملاء. والمذيل: الطويل المهدّب. والأَشهر في اسم الصنم دَوَارٌ،
بالفتح، وأَما الدُّوَارُ، بالضم، فهو من دُوَارِ الرأْس، ويقال في اسم الصنم
دُوارٌ، قال: وقد تشدد فيقال دُوَّارٌ.
وقوله تعالى: نَخْشَى أَن تصيبنا دائرة؛ قال أَبو عبيدة: أَي دَوْلَةٌ،
والدوائر تَدُورُ والدَّوائل تَدولُ. ابن سيده: والدَّوَّار
والدُّوَّارُ؛ كلاهما عن كراع، من أَسماء البيت الحرام.
والدَّارُ: المحل يجمع البناء والعرصة، أُنثى؛ قال ابن جني: هي من دَارَ
يَدُورُ لكثرة حركات الناس فيها، والجمع أَدْوُرٌ وأَدْؤُرٌ في أَدنى
العدد والإِشمام للفرق بينه وبين أَفعل من الفعل والهمز لكراهة الضمة على
الواو؛ قال الجوهري: الهمزة في أَدؤر مبدلة من واو مضمومة، قال: ولك أَن
لا تهمز، والكثير دِيارٌ مثل جبل وأَجْبُلٍ وجِبالٍ. وفي حديث زيارة
القبور: سلامٌ عليكم دَارَ قَوْمٍ مؤمنين؛ سمي موضع القبور داراً تشبيهاً بدار
الأَحياء لاجتماع الموتى فيها. وفي حديث الشفاعة: فأَسْتَأْذِنُ على
رَبِّي في دَارِه؛ أَي في حضرة قدسه، وقيل: في جنته، فإِن الجنة تسمى دار
السلام، والله عز وجل هو السلام، قال ابن سيده في جمع الدار: آدُرٌ، على
القلب، قال: حكاها الفارسي عن أَبي الحسن؛ ودِيارَةٌ ودِيارَاتٌ ودِيرَانٌ
ودُورٌ ودُورَاتٌ؛ حكاها سيبويه في باب جمع الجمع في قسمة السلامة.
والدَّارَةُ: لغة في الدَّارِ. التهذيب: ويقال دِيَرٌ ودِيَرَةٌ وأَدْيارٌ
ودِيرَانٌ ودَارَةٌ ودَارَاتٌ ودُورٌ ودُورَانٌ وأَدْوَارٌ ودِوَارٌ
وأَدْوِرَةٌ؛ قال: وأَما الدَّارُ فاسم جامع للعرصة والبناء والمَحَلَّةِ. وكلُّ
موضع حل به قوم، فهو دَارُهُمْ. والدنيا دَارُ الفَناء، والآخرة دَارُ
القَرار ودَارُ السَّلام. قال: وثلاث أَدْؤُرٍ، همزت لأَن الأَلف التي
كانت في الدار صارت في أَفْعُلٍ في موضع تحرّك فأُلقي عليها الصرف ولم تردّ
إِلى أَصلها.
ويقال: ما بالدار دَيَّارٌ أَي ما بها أَحد، وهو فَيْعَالٌ من دار
يَدُورُ. الجوهري: ويقال ما بها دُورِيٌّ وما بها دَيَّارٌ أَي أَحد، وهو
فَيْعَالٌ من دُرْتُ وأَصله دَيْوَارٌ؛ قالوا: وإِذا وقعت واو بعد ياء ساكنة
قبلها فتحة قلبت ياء وأُدغمت مثل أَيَّام وقَيَّام. وما بالدّارِ
دُورِيٌّ ولا دَيَّارٌ ولا دَيُّورٌ على إِبدال الواو من الياء، أَي ما بها
أَحد، لا يستعمل إِلا في النفي، وجمع الدَّيَّارِ والدَّيُّورِ لو كُسِّرَ
دَواوِيرُ، صحت الواو لبعدها من الطرف؛ وفي الحديث: أَلا أُنبئكم بخير
دُورِ الأَنصار؟ دُورُ بني النَّجَّارِ ثم دُور بني عَبْدِ الأَشْهَلِ وفي
كلِّ دُورِ الأَنصارِ خَيْرٌ؛ الدُّورُ: جمع دار، وهي المنازل المسكونة
والمَحَالُّ، وأَراد به ههنا القبائل؛ والدُّورُ ههنا: قبائل اجتمعت كل
قبيلة في مَحَلَّةٍ فسميت المَحَلَّةُ دَاراً وسمي ساكنوها بها مجازاً على
حذف المضاف، أَي أَهل الدُّورِ. وفي حديث آخر: ما بقيتْ دَارٌ إِلاَّ
بُنِيَ فيها مسجد؛ أَي ما بقيت قبيلة. وأَما قوله، عليه السلام: وهل ترك لنا
عَقِيلٌ من دار؟ فإِنما يريد به المنزل لا القبيلة. الجوهري: الدار مؤنثة
وإِنما قال تعالى: ولنعم دار المتقين؛ فذكَّر على معنى المَثْوَى
والموضع، كما قال عز وجل: نِعْمَ الثوابُ وحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فأَنث على
المعنى. والدَّارَةُ أَخص من الدَّارِ؛ وفي حديث أَبي هريرة:
يا لَيْلَةً من طُولها وعَنَائِها،
على أَنها من دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
ويقال للدَّارِ: دَارَة. وقال ابن الزِّبَعْرَى: وفي الصحاح قال أُمية
بن أَبي الصلت يمدح عبدالله بن جُدْعان:
لَهُ دَاعٍ بمكةَ مُشْمَعِلٌّ،
وآخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنادِي
والمُدَارَات: أُزُرٌ فيها دَارَاتٌ شَتَّى؛ وقال الشاعر:
وذُو مُدَارَاتٍ على حَصِير
والدَّائِرَةُ: التي تحت الأَنف يقال لها دَوَّارَةٌ ودَائِرَةٌ
ودِيرَةٌ. والدَّارُ: البلد. حكى سيبويه: هذه الدَّارُ نعمت البلدُ فأَنث البلد
على معنى الدار. والدار: اسم لمدينة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم. وفي التنزيل العزيز: والذين تَبَوَّأُوا الدَّارَ والإِيمان.
والدَّارِيُّ: اللازِمُ لداره لا يبرح ولا يطلب معاشاً.
وفي الصحاح: الدَّارِيُّ رَبُّ النِّعَمِ، سمي بذلك لأَنه مقيم في داره
فنسب إِليها؛ قال:
لَبِّثْ قليلاً يُدْرِكِ الدَّارِيُّون،
ذَوُو الجيادِ الُبدَّنِ المَكْفِيُّون،
سَوْفَ تَرَى إِن لَحِقُوا ما يُبْلُون
يقول: هم أَرباب الأَموال واهتمامهم بإِبلهم أَشد من اهتمام الراعي الذي
ليس بمالك لها. وبَعِيرٌ دَارِيٌّ: متخلف عن الإِبل في مَبْرَكِه، وكذلك
الشاة والدَّارِيُّ: المَلاَّحُ الذي يلي الشِّرَاعَ.
وأَدَارَهُ عن الأَمر وعليه ودَاوَرَهُ: لاوَصَهُ.
ويقال: أَدَرْتُ فلاناً على الأَمر إِذا حاوَلْتَ إِلزامَه إِياه،
وأَدَرْتُهُ عن الأَمر إِذا طلبت منه تركه؛ ومنه قوله:
يُديرُونَنِي عن سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ،
وجِلْدَةُ بينَ العَيْنِ والأَنْفِ سَالِمُ
وفي حديث الإِسراء: قال له موسى، عليه السلام: لقد دَاوَرْتُ بني
إِسرائيل على أَدْنَى من هذا فَضَعُفُوا؛ هو فاعَلْتُ من دَارَ بالشيء يَدُورُ
به إِذا طاف حوله، ويروى: رَاوَدْتُ. الجوهري: والمُدَارَةُ جِلْدٌ
يُدَارُ ويُخْرَزُ على هيئة الدلو فيستقى بها؛ قال الراجز:
لا يَسْتَقِي في النَّزَحِ المَضْفُوفِ
إِلاَّ مُدَارَاتُ الغُرُوبِ الجُوفِ
يقول: لا يمكن أَن يستقى من الماء القليل إِلا بدلاء واسعة الأَجواف
قصيرة الجوانب لتنغمس في الماء وإِن كان قليلاً فتمتلئ منه؛ ويقال: هي من
المُدَارَاةِ في الأُمور، فمن قال هذا فإِنه ينصب التاء في موضع الكسر،
أَي بمداراة الدلاء، ويقول لا يستقى على ما لم يسمَّ فاعله. ودَارٌ: موضع؛
قال ابن مقبل:
عادَ الأَذِلَّةُ في دَارٍ، وكانَ بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاَّمُونَ للجُزُرِ
وابنُ دَارَةَ: رجل من فُرْسَانِ العرب؛ وفي المثل:
محا السَّيْفُ ما قال ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا
والدَّارِيُّ: العَطَّارُ، يقال: أَنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ فُرْضَةٍ
بالبَحْرَيْنِ فيها سُوق كان يحمل إِليها مِسْكٌ من ناحية الهند؛ وقال
الجعدي:
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ من مِسْكِ دَا
رِينَ، وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ
وفي الحديث: مَثَلُ الجَلِيس الصالِح مَثَلُ الدَّارِيِّ إِن لم
يُحْذِكَ من عِطْرِــه عَلِقَكَ من ريحه؛ قال الشاعر:
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بفَأْرَةٍ
من المِسْكِ، رَاحَتْ في مَفَارِقِها تَجْري
والدَّارِيُّ، بتشديد الياء: العَطَّارُ، قالوا: لأَنه نسب إِلى
دَارِينَ، وهو موضع في البحر يؤتى منه بالطيب؛ ومنه كلام عليّ، كرّم الله وجهه:
كأَنه قِلْعٌ دَارِيُّ أَي شِراعٌ منسوب إِلى هذا الموضع البحري؛
الجوهري: وقول زُمَيْلٍ الفَزَارِيِّ:
فلا تُكْثِرَا فيه المَلامَةَ، إِنَّهُ
مَحا السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
قال ابن بري: الشعر للكُمَيت بن مَعْرُوف، وقال ابن الأَعرابي: هو
للكميت بن ثعلبة الأَكبر؛ قال: وصدره:
فلا تُكْثِرُوا فيه الضَّجَاجَ، فإِنه
مَحا السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
والهاء في قوله فيه تعود على العقل في البيت الذي قبله، وهو:
خُذُوا العَقْلَ، إِنْ أَعْطاكمُ العَقْلَ قَومُكُم،
وكُونُوا كمن سَنَّ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا
قال: وسبب هذا الشعر أَن سالم بن دارة هجا فَزَارَةَ وذكر في هجائه
زُمَيْلَ بن أُم دينار الفَزَارِيَّ فقال:
أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنِّي لن أُصالِحَها،
حتى يَنِيكَ زُمَيْلٌ أُمَّ دِينارِ
ثم إِن زميلاً لقي سالم بن دارة في طريق المدينة فقتله وقال:
أَنا زُمَيْلٌ قاتِلُ ابنِ دَارَهْ،
ورَاحِضُ المَخْزَاةِ عن فَزَارَهْ
ويروى: وكاشِفُ السُّبَّةِ عن فَزَارَهْ.
وبعده:
ثم جَعَلْتُ أَعْقِلُ البَكَارَهْ
جمع بَكْرٍ. قال: يعقل المقتول بَكارَةً.
ومَسَانّ وعبدُ الدَّار: بطنٌ من قريش النسب إِليهم عَبْدَرِيٌّ؛ قال
سيبويه: وهو من الإِضافة التي أُخذ فيها من لفظ الأَول والثاني كما أُدخلت
في السَّبَطْر حروفُ السَّبِطِ؛ قال أَبو الحسن: كأَنهم صاغوا من عَبْدِ
الدَّارِ اسماً على صيغة جَعْفَرٍ ثم وقعت الإِضافة إِليه.
ودارِين: موضع تُرْفَأُ إِليه السُّفُنُ التي فيها المسك وغير ذلك
فنسبوا المسك إِليه، وسأَل كسرى عن دارين: متى كانت؟ فلم يجد أَحداً يخبره
عنها إِلا أَنهم قالوا: هي عَتِيقَةٌ بالفارسية فسميت بها.
ودَارَانُ: موضع؛ قال سيبويه: إِنما اعتلَّت الواو فيه لأَنهم جعلوا
الزيادة في آخره بمنزلة ما في آخره الهاء وجعلوه معتلاًّ كاعتلاله ولا زيادة
فيه وإِلا فقد كان حكمه أَن يصح كما صح الجَوَلانُ ودَارَاءُ: موضع؛
قال:لَعَمْرُكَ ما مِيعادُ عَيْنِكَ والبُكَا
بِدَارَاءَ إِلا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ
ودَارَةُ: من أَسماء الداهية، معرفة لا ينصرف؛ عن كراع، قال:
يَسْأَلْنَ عن دَارَةَ أَن تَدُورَا
ودَارَةُ الدُّور: موضع، وأُراهم إِنما بالغوا بها، كما تقول: رَمْلَةُ
الرِّمالِ.
ودُرْنَى: اسم موضع، سمي على هذا بالجملة، وهي فُعْلى.
ودَيْرُ النصارى: أَصله الواو، والجمع أَدْيارٌ.
والدَّيْرَانِيُّ: صاحب الدَّيْرِ. وقال ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا
رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
فوح: الفَوْحُ: وِجْدانك الريحَ الطيبة.
فاحَتْ ريح المسكِ تَفُوحُ وتَفِيحُ فَوْحاً وفَيْحاً وفُؤُوحاً
وفَوَحاناً وفَيَحاناً: انتشرت رائحته، وعمَّ بعضهم به الرائحتين مَعاً. وفاحَ
الطِّيبُ يَفُوحُ فَوحاً إِذا تَضَوَّعَ؛ الفراء: يقال فاحتْ ريحه وفاختْ،
أَما فاختْ فمعناه أَخذتْ بنفسِه، وفاحتْ دون ذلك. وقال أَبو زيد:
الفَوْحُ من الريح والفَوْخُ إِذا كان لها صوت. وفَوْحُ الحرّ: شدّة سُطوعِه؛
وفي الحديث: شِدَّةُ الحرِّ من فَوْحِ جهَنَّم أَي شدَّةِ غَلَيانها
وحَرِّها، وينروى بالياء وسيذكر؛ وفي الحديث: كان يأْمرنا في فَوْح حَيْضِنا
أَن نَأْتَزِرَ أَي معظمه وأَوّله.
وأَفِحْ عنك من الظهيرة أَي أَقِمْ حتى يَسْكُنَ حَرُّ النهار
ويَبْرُدَ؛ قال ابن سيده: وسنذكر هذه الكلمة بعد هذا لأَن الكلمة واوية
ويائية.
لطم: اللَّطْمُ: ضَرْبُك الخدَّ وصَفْحةَ الجسد ببَسْط اليد، وفي
المحكم: بالكفّ مفتوحة، لَطَمَه يَلْطِمُه لَطْماً ولاطَمَه مُلاطَمةً
ولِطاماً. والمَلْطِمانِ: الخدّان؛ قال:
نابي المَعَدَّيْنِ أَسِيل مَلْطِمُه
(* قوله «نابي» كذا في الأصل وشرح القاموس بالباء، والذي في المحكم:
نائي).
وهما المَلْطَمانِ نادر. ابن حبيب: المَلاطِمُ الخدود، واحدها مَلْطَمٌ؛
وأَنشد:
خَصِمُون نَفّاعُون بِيضُ المَلاطِم
ابن الأَعرابي: اللَّطْمُ إِيضاحُ الحمرة. واللَّطْمُ: الضرب على الوجه
بباطن الراحة. وفي المثل: لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتْني؛ قالته امرأَة
لَطَمَتْها مَن ليست بكفءٍ لها.
الليث: اللَّطِيمُ، بلا فِعْلٍ، من الخيل الذي يأْخذ خدَّيه بياضٌ. وقال
أَبو عبيدة: إِذا رجعت غُرّةُ الفرس من أَحد شِقّي وجهه إِلى أَحد
الخدّين فهو لَطِيمٌ، وقيل: اللَّطِيمُ من الخيل الذي سالت غُرّتُه في أَحد
شِقّي وجهه، يقال منه: لُطِمَ الفرس، على ما لم يسمّ فاعله، فهو لَطِيمٌ؛
عن الأَصمعي. واللَّطِيمُ من الخيل: الأَبيضُ موضِع اللَّطْمةِ من الخدّ،
والجمع لُطُمٌ، والأُنثى لَطِيمٌ أَيضاً، وهو من باب مُدَرْهم أَي لا
فِعْل له، وقيل: اللَّطيمُ الذي غُرّته في أَحد شِقّي وجهه إِلى أَحد
الخدّين في موضع اللَّطْمة، وقيل: لا يكون لَطيماً إِلا أَن تكون غُرّتُه
أَعظمَ الغُررِ وأَفشاها حتى تُصِيبَ عينيه أَو إِحداهما، أَو تُصِيبَ خَدّيه
أَو أَحدَهما. وخَدٌّ مُلَطَّمٌ: شُدِّد للكثرة. واللَّطيمُ من خَيْلِ
الحَلْبة: هو التاسع من سوابق الخيل، وذلك أَنه يُلْطَم وجهُه فلا يدخل
السُّرادِق. واللَّطِيمُ: الصغيرُ من الإِبل الذي يُفْصَل عند طلوع سُهَيْل،
وذلك أَن صاحبه يأْخذ بأُذُنِه ثم يَلْطِمه عند طلوع سهيل ويستقبله به
ويَحْلِف أَن لا يذوق قطرة لَبَن بعد يومه ذلك، ثم يَصُرُّ أَخلافَ أُمِّه
كلَّها ويَفْصِله منها، ولهذا قالت العرب: إِذا طلع سُهيلْ، بَرَدَ
الليلْ، وامتنع القَيْلْ، وللفصيل الوَيْلْ؛ وذلك لأَنه يُفْصَل عند طلوعه.
الجوهري: اللَّطيمُ فَصيلٌ إِذا طلع سهيل أَخذه الراعي وقال له: أَتَرى
سهيلاً؟ والله لا تذوق عندي قطرة ثم لَطَمه ونَحّاه. ابن الأَعرابي:
اللَّطِيمُ الفصيل إِذا قَوِي على الركوب لُطِمَ خَدُّه عند عَيْنِ الشمس، ثم
يقال اغْرُبْ، فيصير ذلك الفصيلُ مؤدَّباً ويسمى لَطِيماً. واللَّطِيمُ:
الذي يموت أَبواه. والعَجِيُّ: الذي تموت أُمُّه. واليتيمُ: الذي يموت
أَبوه.
واللَّطِيم واللَّطِيمةُ: المِسْكُ؛ الأُولى عن كراع، قال الفارسي: قال
ابن دريد هي كل ضربٍ من الطيِّب يُحمل على الصُّدْغ من المَلْطِم الذي
هو الخدّ، وكان يستحسنها، وقال: ما قالها إِلاَّ بطالع سعد. واللَّطِيمةُ:
وِعاءُ المِسْك، وقيل: هي العير تحمله، وقيل: سُوقُه، وقيل: كلُّ سُوقٍ
يُجْلب إِليها غيرُ ما يؤكل من حُرِّ الطيِّب والمتاعِ غير المِيرة
لَطِيمةٌ، والميرة لما يؤكل؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه أَنشده لِعاهانَ بن
كَعْب بن عمرو بن سعد:
إِذا اصْطَكَّتْ بضَيْقٍ حُجْرتاها،
تَلاقِي العَسْجَدِيَّةِ واللَّطِيمِ
قال: العَسْجَدِيّة إِبل منسوبة إِلى سُوق يكون فيها العَسْجد وهو
الذهب؛ وقال ابن بري: العسجدية التي تَحْمِل الذهب، واللَّطِيمُ: منسوب إِلى
سُوق يكون أَكثرُ بَزِّها اللَّطِيمَ، وهو جمع اللَّطيمة، وهي العيرُ التي
تحمل المسك. ابن السكيت: اللَّطيمة عِيرٌ فيها طِيبٌ، والعسجديةِ ركابُ
المُلوكِ التي تحمل الدِّقَّ، والدِّقُّ الكثير الثمن الذي ليس بجافٍ.
الجوهري: اللَّطِيمةُ العيرُ تحمل الطِّيبَ وبَزَّ التِّجار، وربما قيل
لسُوقِ العَطَّارِين لَطِيمةٌ؛ قال ذو الرمة يَصف أَرطأة تَكنَّسَ فيها
الثور الوحشي:
كأَنَّها بيتُ عَطَّارٍ يُضَمِّنُه
لَطائمَ المِسْكِ، يَحْويها وتُنْتَهَبُ
قال أَبو عمرو: اللَّطِيمةُ قِطْعةُ مِسْك، ويقال فارة مِسْك؛ قال
الشاعر في اللَّطيمة المسك:
فقتلُ: أَعَطَّاراً نَرى في رِحالِنا؟
وما إِنْ بمَوْماةٍ تُباعُ اللَّطائمُ
وقال آخر في مثله:
عَرُفْتَ كإِتْبٍ عَرَّفَتْه اللَّطائمُ
وفي حديث بدر: قال أَبو جهل يا قومِ اللَّطيمَة اللَّطيمةَ أَي
أَدْرِكوها، وهي منصوبة بإِضمار هذا الفعل. واللَّطيمة: الجِمالُ التي تحمل
الــعِطْرَ والبَزَّ غير المِيرة. ولَطائمُ المِسْك: أَوْعِيتُه. ابن الأَعرابي:
اللَّطيمةُ سُوقُ
الإِبل، واللَّطيمة والزَّوْمَلةُ من العِير التي عليها أَحمالها، قال:
ويقال اللَّطيمةُ والعِيرُ والزَّوْملة، وهي العير التي كان عليها
(*
قوله «وهي العير التي كان عليها إلخ» كذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وهي
العير كان عليها حمل أو لم يكن) حِمْل أَو لم يكن، ولا تسمى لَطيمةً ولا
زَوْملة حتى تكون عليها أَحمالها؛ وقول أَبي ذؤيب:
فجاءَ بها ما شِئتَ من لَطَمِيَّةٍ،
تَدُورُ البحارُ فوقَها وتَمُوجُ
إِنما عنى دُرَّة. وقوله: ما شئت من لَطَمِيّة، في موضع الحال.
وتَلَطَّم وجهُه: ارْبَدّ. والمُلَطَّم: اللئيم. ولَطَّم الكتاب: ختَمه؛
وقوله:
لا يُلْطَمُ المصْبُورُ وَسْطَ بُيوتِنا،
ونَحُجُّ أَهلَ الحقِّ بالتَّحْكِيم
يقول: لا يُظْلَم فينا فيُلْطَم ولكن نأْخذ الحق منه بالعدل عليه.
الليث: اللَّطِيمة سُوق فيها أَوْعيةٌ من الــعِطْر ونحوه من البِياعات؛
وأَنشد:يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطِيمة بائعُ
وقال في قول ذي الرمة:
لطائِم المِسْكِ يَحْوِيها وتُنْتَهَبُ
يعني أَوْعِيَة المسك. أَبو سعيد: اللَّطيمة العَنْبَرةُ التي لُطِمَت
بالمسك فتَفَتَّقت به حتى نَشِبَت رائحتها، وهي اللَّطَمِيّة، ويقال:
بالةٌ لَطَمِيّةٌ؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ عليها بالةً لَطَمِيَّةً،
لها من خِلالِ الدَّأْيَتينِ أَرِيجُ
أَراد بالبالة الرائحة والشَّمّة، مأْخوذ من بَلْوته أَي شَمَمْته،
وأَصلها بَلوة، فقدَّم الواو وصيرها أَلفاً كقولهم قاعَ وقَعا. ويقال:
أَعْطِني لَطِيمةً من مِسك أَي قطعة. واللَّطِيمة في قول النابغة
(* قوله
«واللطيمة في قول النابغة إلخ» عبارة التهذيب: واللطيمة في قول النابغة السوق،
سميت لطيمة لتصافق الأيدي فيها، قال: وأما لطائم المسك في قول ذي الرمة
فهي الغوالي إلخ): هي الغوالي المُعَنْبَرة، ولا تسمى لَطِيمة حتى تكون
مخلوطة بغيرها. الفراء: اللَّطِيمة سُوق العطّارين، واللَّطيمة العِيرُ
تحمل البُرَّ والطِّيبَ. أَبو عمرو: اللَّطيمةُ سُوقٌ فيها بَزٌّ وطِيب.
ولاطَمَه فتَلاطما؛ والتطَمَت الأَمْواجُ: ضرب بعضها بعضاً؛ وفي حديث
حسّان:يُلَطِّمُهنّ بالخُمُرِ النساءُ
أَي يَنْفُضْن ما عليها من الغُبار، فاستعار له اللَّطْم، وروي
يُطَلِّمُهنّ، وهو الضرب بالكف.
قزح: القِزْحُ: بِزْرُ البصل، شاميةٌ. والقِزْحُ والقَزْحُ: التابَلُ،
وجمعهما أَقْزاحٌ؛ وبائعه قَزَّاح. ابن الأَعرابي: هو القِزْحُ والقَزْحُ
والفِحا والفَحا. والمِقْزَحةُ: نحوٌ من المِمْلَحة. والتقازيح:
الأَبازير .
وقَزَحَ القِدْرَ وقَزَّحها تقزيحاً: جعل فيها قِزْحاً وطرح فيها
الأَبازيرَ. وفي الحديث: إِن الله ضَرَبَ مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً،وضَرَبَ
الدنيا لمطْعَمِ ابن آدم مثلاً، وإِن قَزَّحه ومَلَّحه أَي تَوْبَلَه،
من القِزْح، وهو التابَلُ الذي يُطرح في القِدْر كالكَمُّون والكُزْبَرَةِ
ونحو ذلك، والمعنى: أَن المَطْعَمَ وإِن تكلف الإِنسان التَّنَوُّقَ في
صنعته وتطييبه فإِنه عائد إِلى حال تُكره وتتقذر، فكذلك الدنيا
المَحْرُوصُ على عِمارَتِها ونظم أَسبابها راجعة إِلى خراب وإِدبار.
وإِذا جعلت التَّوابلَ في القِدْرِ، قلت: فَحَّيْتُها وتَوْبَلْتُها
وقَزَحْتُها، بالتخفيف. الأَزهري: قال أَبو زيد قَزَحَت القِدْرُ تَقْزَحُ
قَزْحاً وقَزَحاناً إِذا أَقْطَرَتْ ما خَرَجَ منها، ومَليح قَزيحٌ؛
فالمَلِيحُ من المِلْحِ والقَزيحُ من القِزْح.
وقَزَّحَ الحديثَ: زَيَّنه وتَمَّمه من غير أَن يكذب فيه، وهو من ذلك.
والأَقْزاحُ، خُرْءُ الحَيَّات، واحدها قِزْحٌ.
وقَزَحَ الكلبُ
(* قوله «وقزح الكلب إلخ» بابه منع وسمع كما في
القاموس.) ببوله، وقَزِحَ يَقْزَحُ في اللغتين جميعاً قَزْحاً، بالفتح، وقُزوحاً:
بالَ، وقيل: رَفَعَ رجله وبالَ، وقيل: رَمَى به ورَشَّه، وقيل: هو إِذا
أَرسله دفعاً. وقَزَّحَ أَصلَ الشجرة: بَوَّلَه.
والقازحُ: ذَكَرُ الإِنسان، صفة غالبة.
وقوسُ قُزَحَ: طرائق متقوسةٌ تَبْدو في السماءِ أَيام الربيع، زاد
الأَزهري: غِبَّ المَطر بحمرة وصُفْرة وخُضْرة، وهو غير مصروف، ولا يُفْصَلُ
قُزَحُ من قوس؛ لا يقال: تأَمَّلْ قُزَحَ فما أَبْيَنَ قوسه؛ وفي الحديث
عن ابن عباس: لا تقولوا قوسُ قُزَحَ فإِن قُزَحَ اسم شيطان، وقولوا: قوس
الله عز وجل؛ قيل: سمي به لتسويله للناس وتحسينه إِليهم المعاصي من
التقزيح، وهو التحسين؛ وقيل: من القُزَحِ، وهي الطرائق والأَلوان التي في
القوس، الواحدة قُزْحة، أَو من قَزَحَ الشيءُ إِذا ارتفع، كأَنه كره ما كانوا
عليه من عادات الجاهلية وأَن يقال قوسُ الله
(* قوله «وأن يقال قوس الله»
كذا في النهاية وبهامشها قال الجاحظ: كأنه كره ما كانوا عليه من عادات
الجاهلية، وكأنه أحب أن يقال قوس الله إلخ.) فَيُرْفَعَ قدرُها، كما يقال
بيت الله، وقالوا: قوسُ الله أَمانٌ من الغرق؛ والقُزْحة: الطريقة التي
في تلك القَوس. الأَزهري: أَبو عمرو: القُسْطانُ قَوْسُ قُزَحَ. وسئل أَبو
العباس عن صَرْفِ قُزَحَ، فقال: من جعله اسم شيطان أَلحقه بزُحَل؛ وقال
المبرد: لا ينصرف زُحل لأَن فيه العلتين: المعرفة والعدل؛ قال ثعلب:
ويقال إِن قُزَحاً جمع قُزْحة، وهي خطوط من صفة وحمرة وخضرة، فإِذا كان هذا،
أَلحقته بزيد، قال: ويقال قُزَحُ اسم ملك مُوكَّل به، قال؛ فإِذا كان
هكذا أَلحقته بعُمر؛ قال الأَزهري: وعمر لا ينصرف في المعرفة وينصرف في
النكرة.
الأَزهري: وقَوازِحُ الماء نُفَّاخاته التي تنتفخ فتذهب؛ قال أَبو
وَجْزَة:
لهم حاضِرٌ لا يُجْهَلُونَ، وصارِخٌ
كسَيْل الغَوادِي، تَرْتَمِي بالقَوازِحِ
وأَما قول الأَعشى يصف رجلاً:
جالساً في نَفَرٍ قد يَئِسُوا
في مَحيلِ القَدِّ من صَحْبٍ، قُزَحْ
فإِنه عَنى بقُزَحَ لَقَباً له، وليس باسم، وقيل: هو اسم. والتقزيح:
رأْسُ نَبْتٍ
(* قوله «رأس نبت إلخ» عبارة القاموس شيء على رأْس نبت إلخ.)
أَو شجرةٍ إِذا تَشَعَّبَ شُعَباً مثلُ بُرْثُن الكلب، وهو اسم
كالتَّمْتِينِ والتَّنْبيتِ؛ وقد قَزَّحتْ. وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة
خَلْفَ الشجرة المُقَزَّحة؛ هي التي تشعبت شُعَباً كثيرة؛ وقد تَقَزَّح الشجر
والنبات؛ وقيل: هي شجرة على صورة التِّين لها أَغصان قِصارٌ في رؤوسها
مثل بُرْثُن الكلب؛ وقيل: أَراد بها كل شجرة قَزَّحَت الكلابُ والسباع
بأَبوالها عليها؛ يقال: قَزَّح الكلبُ ببوله إِذا رفع رجله وبال. قال ابن
الأَعرابي: من غريب شجر البرِّ المُقَزَّحُ، وهو شجر على صورة التين له
غِصَنَة قِصار في رؤوسها مثلُ بُرْثُنِ الكلب؛ ومنه خبر الشَّعْبي: كره أَن
يصلي الرجل في الشجرة المُقَزَّحة وإِلى الشجرة المُقَزَّحة.
وقَزَّحَ العَرْفَجُ: وهو أَول نباته.
وقُزَحُ أَيضاً: اسم جبل بالمزدلفة؛ ابن الأَثير: وفي حديث أَبي بكر:
أَنه أَتى على قُزَحَ وهو يَخْرِشُ بعيره بِمِحْجَنِه؛ هو القَرْنُ الذي
يقف عنده الإِمام بالمزدلفة، ولا ينصر للعدل والعلمية كعُمَرَ؛ قال: وكذلك
قوس قُزَحَ إِلا مَن جعل قُزَحَ من الطرائق، فهو جمع قُزْحةٍ، وقد ذكرناه
آنفاً.
عزب: رجل عَزَبٌ ومِعْزابة: لا أَهل له؛ ونظيرهُ: مِطْرابة، ومِطْواعة، ومِجْذامة، ومِقْدامة. وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ: لا زَوْجَ لها؛ قال الشاعر في صفة امرأَة : (1)
(1 قوله «قال الشاعر في صفة امرأة إلخ» هو العجير السلولي، بالتصغير.)
إِذا العَزَبُ الـهَوْجاءُ بالــعِطْرِ نافَحَتْ، * بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّـةً ما تَــعَطَّرُ
وقال الراجز:
يا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ، * على ابْنَةِ الـحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ
قوله: الشيخ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الذي لا يُدْنى من حُرْمَتِه. ورجلان عَزَبانِ، والجمع أَعْزابٌ. والعُزَّابُ: الذين لا أَزواجَ لهم، من الرجال والنساءِ. وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً، فهو عازِبٌ، وجمعه عُزّابٌ، والاسم العُزْبة والعُزُوبة، ولا يُقال: رجل أَعْزَبُ، وأَجازه بعضهم.
ويُقال: إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ، وإِنها لَعَزَبة لَزَبة. والعَزَبُ اسم للجمع، كخادمٍ وخَدَمٍ، ورائِحٍ ورَوَحٍ؛ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ. وتَعَزَّبَ بعد التأَهـُّلِ، وتَعَزَّبَ فلانٌ زماناً ثم تأَهل،
وتَعَزَّبَ الرجل: تَرَك النكاحَ، وكذلك المرأَةُ. والـمِعْزابةُ: الذي
طالتْ عُزُوبَتُه، حتى ما لَه في الأَهلِ من حاجة؛ قال: وليس في الصفاتِ مِفْعالة غير هذه الكلمة. قال الفراء: ما كان من مِفْعالٍ، كان مؤَنثه بغير هاء، لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدالاً أَشدَّ من صبور وشكور، وما أَشبههما، مما لا يؤنث، ولأَنه شُبِّهَ بالمصادر لدخولِ الهاءِ فيه؛ يقال: امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ. قال وقد قيل: رجل مِجْذامةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور، جاءَ على غير قياس، وإِنما زادوا فيه الهاء، لأَن العَرَبَ تُدْخِل الهاء في المذكر، على جهتين: إِحداهما المدح، والأُخرى الذم، إِذا بولغ في الوصف. قال الأَزهري: والـمِعْزابة دخلتها الهاء للمبالغة أَيضاً، وهو عندي الرجل الذي يُكْثر النُّهوضَ في مالِه العَزيبِ، يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ، وأُنُفَ الكَلإِ؛ وهو مدْحٌ بالِـغٌ على هذا المعنى.
والـمِعْزابَةُ: الرجلُ يَعْزُبُ بماشيته عن الناس في الـمَرْعَى. وفي الحديث: أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَـأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ أَي بأَرضٍ بعيدةِ الـمَرْعَى، قليلَتِه؛ والهاء فيها للمبالغة، مثلُها في فَرُوقَةٍ ومَلُولة. وعازِبةُ الرَّجُل (1)
(1 قوله «وعازبة الرجل» امرأته أو أمته، وضُبطت
المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة، وبضم ففتح فكسر مثقلاً كما في التهذيب والتكملة، واقتصر المجد على الضبط الأول والجمع المعازب، وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول:
بصاحب لا تنال الدهر غرّته * إِذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب
افتلى: اقتطع. والهدف: الثقيل أي إذا شغل الإماء الهدف القنّ اهـ. التكملة.) ، ومِعْزَبَتُه، ورُبْضُه، ومُحَصِّنَتُه، وحاصِنَته، وحاضِنَتُه، وقابِلَتُه، ولـِحافُه: امرأَتُه.
وعَزَبَتْه تَعزُبه، وعَزَّبَتْه: قامت بأُموره. قال ثعلب: ولا تكون
الـمُعَزِّبةُ إِلاّ غريبةً؛ قال الأَزهري: ومُعَزِّبةُ الرجل: امرأَتُه
يَـأْوي إِليها، فتقوم بـإِصلاح طعامه، وحِفظِ أَداته. ويقال: ما لفلان مُعَزِّبة تُقَعِّدُه.
ويقال: ليس لفلان امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بالنكاح؛ مثل
قولك: هي تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عليه في مرضه. وفي نوادر الأَعراب:
فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً، ويُرْبِضُه، ويُرَبِّصُه: يكون له مثلَ الخازن.
وأَعْزَبَ عنه حِلْمُه، وعَزَبَ عنه يَعْزُبُ عُزوباً: ذهَب. وأَعْزَبَه
اللّهُ: أَذْهَبَه. وقوله تعالى: عالِمُ الغَيْبِ لا يَعْزُب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السمواتِ ولا في الأَرض؛ معناه لا يَغِـيبُ عن عِلْمِه شيءٌ. وفيه لغتان: عَزَبَ يَعْزُب، ويَعْزِبُ إِذا غابَ؛ وأَنشد:
وأَعْزَبْتَ حِلْمِـي بعدما كان أَعْزَبا
جَعل أَعْزَبَ لازماً وواقعاً، ومثله أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم،
وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ.
والعازِبُ من الكَلإِ: البعيدُ الـمَطْلَب؛ وأَنشد:
وعازِبٍ نَوَّرَ في خَلائِه
والـمُعْزِبُ: طالِبُ الكَلإِ.
وكَـلأٌ عازِبٌ: لم يُرْعَ قَطُّ، ولا وُطِـئَ. وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَـلأً عازِباً.
وعَزَبَ عني فلانٌ، يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً: غابَ وبَعُدَ.
وقالوا: رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ في الأَرضِ. وفي حديث أَبي ذَرّ: كُنتُ أَعْزُبُ عن الماءِ أَي أُبْعِدُ؛ وفي حديث عاتكة:
فهُنَّ هَواءٌ، والـحُلُومُ عَوازِبُ جمع عازب أَي إِنها خالية، بعيدةُ العُقُول. وفي حديث ابن الأَكْوَع، لما أَقامَ بالرَّبَذَةِ، قال له الحجاجُ: ارْتَدَدْتَ على عَقِـبَيْكَ تَعَزَّبْتَ. قال: لا، ولكن رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَذِنَ لي في البَدْوِ. وأَراد: بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعاتِ بسُكْنى البادية؛ ويُروى بالراءِ. وفي الحديث: كما تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ في الأُفُق؛ هكذا جاءَ في رواية أَي البعيدَ، والمعروف الغارِب، بالغين المعجمة والراء، والغابر، بالباء الموحدة. وعَزَبَتِ الإِبلُ: أَبْعَدَتْ في الـمَرعَى لا تروح. وأَعْزَبَها صاحِـبُها، وعَزَّبَ إِبلَه، وأَعْزَبَها: بَيَّتها في الـمَرْعَى، ولم يُرِحْها. وفي حديث أَبي بكر: كان له غَنَمٌ، فأَمَرَ عامرَ بن فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بها أَي يُبْعدَ بها في الـمَرْعى. ويروى يُعَزّبَ، بالتشديد، أَي يَذْهَبَ بها إِلى عازبٍ من الكَلإِ. وتَعَزَّب هو: باتَ معها. وأَعْزَبَ القومُ، فهم مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم. وعَزَبَ الرجلُ بـإِبله إِذا رعاها بعيداً من الدار التي حَلَّ بها الـحَيُّ، لا يأْوي إِليهم؛ وهو مِعْزابٌ ومِعْزابة، وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ. وفي الحديث: أَنهم كانوا في سفر مع النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فسَمِـعَ منادياً، فقال: انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً، أَو مُكْلِئاً؛ قال: هو الذي عَزَبَ عن أَهله في إِبله أَي غاب.
والعَزِيبُ: المالُ العازبُ عن الـحَيّ؛ قال الأَزهري: سمعته من العرب.
ومن أَمثالِـهِم: إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ؛ والعازبةُ الإِبلُ. قاله رجل كانت له إِبل فباعها، واشترى غنماً لئلا تَعْزِبَ عنه، فعَزَبَتْ غنمه، فعاتَبَ على عُزُوبها؛ يقال ذلك لمن تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً، فلَزِمَه فيه مشقةٌ لم يَحْتَسِـبْها. والعَزيبُ، من الإِبل والشاءِ: التي تَعْزُبُ عن أَهلها في الـمَرْعَى؛ قال:
وما أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ، * ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لنا بمالِ
وفي حديث أُمِّ مَعْبدٍ: والشاءُ عازِبٌ حِـيَالٌ أَي بَعِـيدَةُ
الـمَرْعَى، لا تأْوي إِلى المنزل إِلاَّ في الليل. والـحِـيالُ: جمع حائل، وهي التي لم تَحْمِلْ. وإِبل عَزِيبٌ: لا تَرُوحُ على الـحَيِّ، وهو جمع عازب، مثل غازٍ وغَزِيٍّ.
وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ، بالتشديد، إِذا عُزِّبَ به عن الدار، والـمِعْزابُ
من الرجال: الذي تَعَزَّبَ عن أَهلِه في ماله؛ قال أَبو ذؤَيب:
إِذا الـهَدَفُ الـمِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه، * وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وهِراوةُ الأَعْزاب: هِرَاوة الذين يُبْعِدُون بـإِبلهم
في الـمَرْعَى،
ويُشَبَّهُ بها الفَرَسُ. قال الأَزهري: وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ
كانت مشهورةً في الجاهلية، ذكرها لبيدٌ (1)
(1 قوله «ذكرها لبيد» أي في قوله:تهدي أوائلهن كل طمرّة
جرداء مثل هراوة الأعزاب) وغيره من قُدَماءِ الشعراء. وفي الحديث: من قَرَأَ القرآن في أَربعين ليلة، فقد عَزَّبَ أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَ منه، وأَبْطَـأَ في تِلاوَتهِ.
وعَزَبَ يَعْزُبُ، فهو عازِبٌ: أَبْعَدَ. وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا
غابَ عنها زوجها؛ قال النابغة الذُّبيانيّ:
شُعَبُ العِلافِـيَّاتِ بين فُروجِهِمْ، * والـمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِـيَّاتُ: رِحال منسوبة إِلى عِلافٍ، رجل من قُضاعةَ كان
يَصْنَعُها. والفُروج: جمع فَرْج، وهو ما بين الرجلين. يريد أَنهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهارِ نسائهم.
وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لم يكن بها أَحدٌ، مُخْصِـبةً كانت، أَو مُجْدِبةً.
عود: في صفات الله تعالى: المبدِئُ المعِيدُ؛ قال الأَزهري: بَدَأَ
اللَّهُ الخلقَ إِحياءً ثم يميتُهم ثم يعيدُهم أَحياءً كما كانوا. قال الله،
عز وجل: وهو الذي يبدأُ الخلقَ ثم يُعِيدُه. وقال: إِنه هو يُبْدِئُ
ويُعِيدُ؛ فهو سبحانه وتعالى الذي يُعِيدُ الخلق بعد الحياة إِلى المماتِ
في الدنيا وبعد المماتِ إِلى الحياةِ يوم القيامة. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ،
قيل: وما النَّكَلُ على النَّكَلِ؟ قال: الرجل القَوِيُّ المُجَرِّبُ
المبدئُ المعيدُ على الفرس القَوِيِّ المُجَرّبِ المبدِئ المعيدِ؛ قال
أَبو عبيد: وقوله المبدئ المعِيدُ هو الذي قد أَبْدَأَ في غَزْوِهِ وأَعاد
أَي غزا مرة بعد مرة، وجرَّب الأُمور طَوْراً بعد طَوْر، وأَعاد فيها
وأَبْدَأَ، والفرسُ المبدئُ المعِيدُ هو الذي قد رِيضَ وأُدِّبَ وذُلِّلَ،
فهو طَوْعُ راكبِهِ وفارِسِه، يُصَرِّفه كيف شاء لِطَواعِيَتِه وذُلِّه،
وأَنه لا يستصعب عليه ولا يمْنَعُه رِكابَه ولا يَجْمَحُ به؛ وقيل: الفرس
المبدئ المعيد الذي قد غزا عليه صاحبه مرة بعد مرة أُخرى، وهذا كقولهم
لَيْلٌ نائِمٌ إِذا نِيمَ فيه وسِرٌّ كاتم قد كتموه. وقال شمر: رجل
مُعِيدٌ أَي حاذق؛ قال كثير:
عَوْمُ المُعِيدِ إِلى الرَّجا قَذَفَتْ به
في اللُّجِّ داوِيَةُ المَكانِ، جَمُومُ
والمُعِيدُ من الرجالِ: العالِمُ بالأُمور الذي ليس بغُمْرٍ؛ وأَنشد:
كما يَتْبَعُ العَوْد المُعِيد السَّلائِب
والعود ثاني البدء؛ قال:
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُمْ فأَثْنَيْتُ جاهِداً،
فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ، والعَوْدُ أَحْمَدُ
قال الجوهري: وعاد إِليه يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً: رجع. وفي المثل:
العَوْدُ أَحمدُ؛ وأَنشد لمالك بن نويرة:
جَزَيْنا بني شَيْبانَ أَمْسِ بِقَرْضِهِمْ،
وجِئْنا بِمِثْلِ البَدْءِ، والعَوْدُ أَحمدُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده: وعُدْنا بِمِثْلِ البَدْءِ؛ قال: وكذلك هو
في شعره، أَلا ترى إِلى قوله في آخر البيت: والعود أَحمد؟ وقد عاد له
بعدما كان أَعرَضَ عنه؛ وعاد إِليه وعليه عَوْداً وعِياداً وأَعاده هو، والله
يبدِئُ الخلق ثم يعيدُه، من ذلك. واستعاده إِياه: سأَله إِعادَتَه. قال
سيبويه: وتقول رجع عَوْدُه على بَدْئِه؛ تريد أَنه لم يَقْطَعْ ذَهابَه
حتى وصله برجوعه، إِنما أَردْتَ أَنه رجع في حافِرَتِه أَي نَقَضَ
مَجِيئَه برجوعه، وقد يكون أَن يقطع مجيئه ثم يرجع فتقول: رجَعْتُ عَوْدي على
بَدْئي أَي رجَعْتُ كما جئت، فالمَجِيءُ موصول به الرجوعُ، فهو بَدْءٌ
والرجوعُ عَوْدٌ؛ انتهى كلام سيبويه. وحكى بعضهم: رجع عَوْداً على بدء من
غير إِضافة. ولك العَوْدُ والعَوْدَةُ والعُوادَةُ أَي لك أَن تعودَ في هذا
الأَمر؛ كل هذه الثلاثة عن اللحياني. قال الأَزهري: قال بعضهم: العَوْد
تثنية الأَمر عَوْداً بعد بَدْءٍ. يقال: بَدَأَ ثم عاد، والعَوْدَةُ
عَوْدَةُ مرةٍ واحدةٍ. وقوله تعالى: كما بدأَكم تَعودُون فريقاً هَدى وفريقاً
حقَّ عليهم الضلالةُ؛ يقول: ليس بَعْثُكم بأَشَدَّ من ابِتدائِكم، وقيل:
معناه تَعُودون أَشقِياءَ وسُعداءَ كما ابْتَدأَ فِطْرَتَكُم في سابق
علمه، وحين أَمَرَ بنفْخِ الرُّوحِ فيهم وهم في أَرحام أُمهاتهم. وقوله عز
وجل: والذين يُظاهِرون من نسائهم ثم يَعودُون لما قالوا فَتَحْريرُ
رَقَبَةٍ؛ قال الفراء: يصلح فيها في العربية ثم يعودون إِلى ما قالوا وفيما
قالوا، يريد النكاح وكلٌّ صوابٌ؛ يريد يرجعون عما قالوا، وفي نَقْض ما
قالوا قال: ويجوز في العربية أَن تقول: إِن عاد لما فعل، تريد إِن فعله مرة
أُخرى. ويجوز: إِن عاد لما فعل، إِن نقض ما فعل، وهو كما تقول: حلف أَن
يضربك، فيكون معناه: حلف لا يضربك وحلف ليضربنك؛ وقال الأَخفش في قوله: ثم
يعودون لما قالوا إِنا لا نفعله فيفعلونه يعني الظهار، فإِذا أَعتق رقبة
عاد لهذا المعنى الذي قال إِنه عليّ حرام ففعله. وقال أَبو العباس:
المعنى في قوله: يعودون لما قالوا، لتحليل ما حرّموا فقد عادوا فيه. وروى
الزجاج عن الأَخفش أَنه جعل لما قالوا من صلة فتحرير رقبة، والمعنى عنده
والذين يظاهرون ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا، قال: وهذا مذهب حسن. وقال
الشافعي في قوله: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير
رقبة، يقول: إِذا ظاهر منها فهو تحريم كان أَهل الجاهلية يفعلونه وحرّم على
المسلمين تحريم النساء بهذا اللفظ، فإِن أَتْبَعَ المُظاهِرُ الظِّهارَ
طلاقاً، فهو تحريم أَهل الإِسلام وسقطت عنه الكفارة، وإِن لم يُتْبِع
الظهار طلاقاً فقد عاد لما حرم ولزمه الكفارة عقوبة لما قال؛ قال: وكان
تحريمه إِياها بالظهار قولاً فإِذا لم يطلقها فقد عاد لما قال من التحريم؛
وقال بعضهم: إِذا أَراد العود إِليها والإِقامة عليها، مَسَّ أَو لم
يَمَسَّ، كَفَّر.
قال الليث: يقول هذا الأَمر أَعْوَدُ عليك أَي أَرفق بك وأَنفع لأَنه
يعود عليك برفق ويسر. والعائدَةُ: اسم ما عادَ به عليك المفضل من صلة أَو
فضل، وجمعه العوائد. قال ابن سيده: والعائدة المعروفُ والصِّلةُ يعاد به
على الإِنسان والعَطْفُ والمنْفَعَةُ.
والعُوادَةُ، بالضم: ما أُعيد على الرجل من طعام يُخَصُّ به بعدما
يفرُغُ القوم؛ قال الأَزهري: إِذا حذفت الهاء قلت عَوادٌ كما قالوا أَكامٌ
ولمَاظٌ وقَضامٌ؛ قال الجوهري: العُوادُ، بالضم، ما أُعيد من الطعام بعدما
أُكِلَ منه مرة.
وعَوادِ: بمعنى عُدْ مثل نَزالِ وتَراكِ. ويقال أَيضاً: عُدْ إِلينا
فإِن لك عندنا عَواداً حَسَناً، بالفتح، أَي ما تحب، وقيل: أَي برّاً
ولطفاً. وفلان ذو صفح وعائدة أَي ذو عفو وتعطف. والعَوادُ: البِرُّ واللُّطْف.
ويقال للطريق الذي أَعاد فيه السفر وأَبدأَ: معيد؛ ومنه قول ابن مقبل يصف
الإِبل السائرة:
يُصْبِحْنَ بالخَبْتِ، يَجْتَبْنَ النِّعافَ على
أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ، لابِسِ القَتَمِ
أَراد بالهادي الطريقَ الذي يُهْتَدى إِليه، وبالمُعِيدِ الذي لُحِبَ.
والعادَةُ: الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، معروفة وجمعها عادٌ وعاداتٌ وعِيدٌ؛
الأَخيرةُ عن كراع، وليس بقوي، إِنما العِيدُ ما عاد إِليك من الشَّوْقِ
والمرض ونحوه وسنذكره.
وتَعَوَّدَ الشيءَ وعادَه وعاوَدَه مُعاوَدَةً وعِواداً واعتادَه
واستعاده وأَعادَه أَي صار عادَةً له؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لم تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِنْدي،
والفَتى آلِفٌ لِما يَسْتَعِيدُ
وقال:
تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ، إِني
رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ ما اسْتَعادا
وقال أَبو كبير الهذلي يصف الذئاب:
إِلاَّ عَواسِلَ، كالمِراطِ، مُعِيدَةً
باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
أَي وردت مرات فليس تنكر الورود. وعاوَدَ فلانٌ ما كان فيه، فهو
مُعاوِدٌ. وعاوَدَتْه الحُمَّى وعاوَدَهُ بالمسأَلة أَي سأَله مرة بعد أُخرى،
وعَوَّدَ كلبه الصيْدَ فَتَعَوّده؛ وعوّده الشيءَ: جعله يعتاده.
والمُعاوِدُ: المُواظِبُ، وهو منه. قال الليث: يقال للرجل المواظبِ على أَمْرٍ:
معاوِدٌ. وفي كلام بعضهم: الزموا تُقى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها أَي
تَعَوَّدُوها.
واسْتَعَدْتُه الشيء فأَعادَه إِذا سأَلتَه أَن يفعله ثانياً.
والمُعاوَدَةُ: الرجوع إِلى الأَمر الأَول؛ يقال للشجاع: بطَلٌ مُعاوِدٌ لأَنه لا
يَمَلُّ المِراسَ. وتعاوَدَ القومُ في الحرب وغيرها إِذا عاد كل فريق
إِلى صاحبه. وبطل مُعاوِد: عائد.
والمَعادُ: المَصِيرُ والمَرْجِعُ، والآخرة: مَعادُ الخلقِ. قال ابن
سيده: والمعاد الآخرةُ والحج. وقوله تعالى: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك
إِلى مَعادٍ؛ يعني إِلى مكة، عِدَةٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يفتحها له؛ وقال الفراء: إِلى معاد حيث وُلِدْتَ؛ وقال ثعلب: معناه يردّك
إِلى وطنك وبلدك؛ وذكروا أَن جبريل قال: يا محمد، اشْتَقْتَ إِلى مولدك
ووطنك؟ قال: نعم، فقال له: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إِلى معاد؛ قال:
والمَعادُ ههنا إِلى عادَتِك حيث وُلِدْتَ وليس من العَوْدِ، وقد يكون
أَن يجعل قوله لرادّك إِلى معادٍ لَمُصَيِّرُكَ إِلى أَن تعود إِلى مكة
مفتوحة لك، فيكون المَعادُ تعجباً إِلى معادٍ أَيِّ معادٍ لما وعده من فتح
مكة. وقال الحسن: معادٍ الآخرةُ، وقال مجاهد: يُحْييه يوم البعث، وقال
ابن عباس: أَي إِلى مَعْدِنِك من الجنة، وقال الليث: المَعادَةُ والمَعاد
كقولك لآل فلان مَعادَةٌ أَي مصيبة يغشاهم الناس في مَناوِحَ أَو غيرها
يتكلم به النساء؛ يقال: خرجت إِلى المَعادةِ والمَعادِ والمأْتم.
والمَعادُ: كل شيء إِليه المصير. قال: والآخرة معاد للناس، وأَكثر التفسير في قوله
«لرادّك إِلى معاد» لباعثك. وعلى هذا كلام الناس: اذْكُرِ المَعادَ أَي
اذكر مبعثك في الآخرة؛ قاله الزجاج. وقال ثعلب: المعاد المولد. قال: وقال
بعضهم: إِلى أَصلك من بني هاشم، وقالت طائفة وعليه العمل: إِلى معاد أَي
إِلى الجنة. وفي الحديث: وأَصْلِحْ لي آخِرتي التي فيها مَعادي أَي ما
يعودُ إِليه يوم القيامة، وهو إِمّا مصدر وإِمّا ظرف. وفي حديث عليّ:
والحَكَمُ اللَّهُ والمَعْوَدُ إِليه يومَ القيامة أَي المَعادُ. قال ابن
الأَثير: هكذا جاء المَعْوَدُ على الأَصل، وهو مَفْعَلٌ من عاد يعود، ومن حق
أَمثاله أَن تقلب واوه أَلفاً كالمَقام والمَراح، ولكنه استعمله على
الأَصل. تقول: عاد الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رجع، وقد يرد بمعنى
صار؛ ومنه حديث معاذ: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أَعُدْتَ
فَتَّاناً يا مُعاذُ أَي صِرتَ؛ ومنه حديث خزيمة: عادَ لها النَّقادُ
مُجْرَنْثِماً أَي صار؛ ومنه حديث كعب: وَدِدْتُ أَن هذا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً
أَي يصير، فقيل له: لِمَ ذلك قال: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ
وتَرَكُوا الجماعاتِ. والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛
وأَعاد فلان الصلاةَ يُعِيدها. وقال الليث: رأَيت فلاناً ما يُبْدِيءُ وما
يُعِيدُ أَي ما يتكلم ببادئَة ولا عائِدَة. وفلان ما يُعِيدُ وما يُبدئ
إِذا لم تكن له حيلة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ،
وأُخْرى بِنَجْد ما تُعِيدُ وما تُبْدي
يقول: ليس لِما أَنا فيه من الوجد حيلة ولا جهة. والمُعِيدُ: المُطِيقُ
للشيءِ يُعاوِدُه؛ قال:
لا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ
إِلا المُعِيداتُ به النَّواهِضُ
وحكى الأَزهري في تفسيره قال: يعني النوق التي استعادت النهض
بالدَّلْوِ. ويقال: هو مُعِيدٌ لهذا الشيء أَي مُطِيقٌ له لأَنه قد اعْتادَه؛ وأَما
قول الأَخطل:
يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رآني،
ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ
قال: أَصل المُعيدِ الجمل الذي ليس بِعَياياءٍ وهو الذي لا يضرب حتى
يخلط له، والمعِيدُ الذي لا يحتاج إِلى ذلك. قال ابن سيده: والمعيد الجمل
الذي قد ضرب في الإِبل مرات كأَنه أَعاد ذلك مرة بعد أُخرى.
وعادني الشيءُ عَوْداً واعتادني، انْتابَني. واعتادني هَمٌّ وحُزْنٌ؛
قال: والاعتِيادُ في معنى التَّعوُّدِ، وهو من العادة. يقال: عَوَّدْتُه
فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: ما يَعتادُ من نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ ونحوه.
وما اعتادَكَ من الهمِّ وغيره، فهو عِيدٌ؛ قال الشاعر:
والقَلْبُ يَعْتادُه من حُبِّها عِيدُ
وقال يزيد بن الحكم الثقفي سليمان بن عبد الملك:
أَمْسَى بأَسْماءَ هذا القلبُ مَعْمُودَا،
إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا
كأَنَّني، يومَ أُمْسِي ما تُكَلِّمُني،
ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي ما ليسَ مَوْجُوداً
كأَنَّ أَحْوَرَ من غِزْلانِ ذي بَقَرٍ،
أَهْدَى لنا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا
وكان أَبو علي يرويه شبه العينين والجيدا، بالشين المعجمة وبالباء
المعجمة بواحدة من تحتها، أَراد وشبه الجيد فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه
مُقامه؛ وقد قيل إِن أَبا علي صحفه يقول في مدحها:
سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه
حِلْماً وعِلْماً، سليمان بنِ داودا
أَحْمِدْ به في الورى الماضِين من مَلِكٍ،
وأَنتَ أَصْبَحتَ في الباقِينَ مَوْجُوداً
لا يُعذَلُ الناسُ في أَن يَشكُروا مَلِكاً
أَوْلاهُمُ، في الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا
وقال المفضل: عادني عِيدي أَي عادتي؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي من الطويلةِ عِيدُ
أَراد بالطويلة روضة بالصَّمَّانِ تكون ثلاثة أَميال في مثلها؛ وأَما
قول تأَبَّطَ شَرّاً:
يا عيدُ ما لَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ،
ومَرِّ طَيْفٍ، على الأَهوالِ طَرَّاقِ
قال ابن الأَنباري في قوله يا عيد ما لك: العِيدُ ما يَعْتادُه من الحزن
والشَّوْق، وقوله ما لك من شوق أَي ما أَعظمك من شوق، ويروى: يا هَيْدَ
ما لكَ، والمعنى: يا هَيْدَ ما حالُك وما شأْنُك. يقال: أَتى فلان القومَ
فما قالوا له: هَيْدَ مالَك أَي ما سأَلوه عن حاله؛ أَراد: يا أَيها
المعتادُني ما لَك من شَوْقٍ كقولك ما لَكَ من فارس وأَنت تتعجَّب من
فُروسيَّته وتمدحه؛ ومنه قاتله الله من شاعر.
والعِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عاد يَعُود كأَنهم عادوا
إِليه؛ وقيل: اشتقاقه من العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد لزم البدل،
ولو لم يلزم لقيل: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه من عاد يعود.
وعَيَّدَ المسلمون: شَهِدوا عِيدَهم؛ قال العجاج يصف الثور الوحشي:
واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ،
كما يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُّ
فجعل العيد من عاد يعود؛ قال: وتحوَّلت الواو في العيد ياء لكسرة العين،
وتصغير عِيد عُيَيْدٌ تركوه على التغيير كما أَنهم جمعوه أَعياداً ولم
يقولوا أَعواداً؛ قال الأَزهري: والعِيدُ عند العرب الوقت الذي يَعُودُ
فيه الفَرَح والحزن، وكان في الأَصل العِوْد فلما سكنت الواو وانكسر ما
قبلها صارت ياء، وقيل: قلبت الواو ياء ليَفْرُقوا بين الاسم الحقيقي وبين
المصدريّ. قال الجوهري: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بالياء للزومها في الواحد،
ويقال للفرق بينه وبين أَعوادِ الخشب. ابن الأَعرابي: سمي العِيدُ عيداً
لأَنه يعود كل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد.
وعادَ العَلِيلَ يَعُودُه عَوْداً وعِيادة وعِياداً: زاره؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ
عِيادي على الهِجْرانِ، أَم هوَ يائِسُ؟
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَراد عيادتي فحذف الهاء لأَجل
الإِضافة، كما قالوا: ليت شعري؛ ورجل عائدٌ من قَوْم عَوْدٍ وعُوَّادٍ، ورجلٌ
مَعُودٌ ومَعْوُود، الأَخيرة شاذة، وهي تميمية. وقال اللحياني: العُوادَةُ
من عِيادةِ المريض، لم يزد على ذلك. وقَوْمٌ عُوَّادٌ وعَوْدٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع؛ وقيل: إِنما سمي بالمصدر.
ونِسوةٌ عوائِدُ وعُوَّدٌ: وهنَّ اللاتي يَعُدْنَ المريض، الواحدة
عائِدةٌ. قال الفراء: يقال هؤلاء عَودُ فلان وعُوَّادُه مثل زَوْرِه
وزُوَّاره، وهم الذين يَعُودُونه إِذا اعْتَلَّ. وفي حديث فاطمة بنت قيس: فإِنها
امرأَة يكثُرُ عُوَّادُها أَي زُوَّارُها. وكل من أَتاك مرة بعد أُخرى،
فهو عائد، وإِن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأَنه مختص به.
قال الليث: العُودُ كل خشبة دَقَّتْ؛ وقيل: العُودُ خَشَبَةُ كلِّ
شجرةٍ، دقّ أَو غَلُظ، وقيل: هو ما جرى فيه الماء من الشجر وهو يكون للرطْب
واليابس، والجمع أَعوادٌ وعِيدانٌ؛ قال الأَعشى:
فَجَرَوْا على ما عُوِّدوا،
ولكلِّ عِيدانٍ عُصارَهْ
وهو من عُودِ صِدْقٍ أَو سَوْءٍ، على المثل، كقولهم من شجرةٍ صالحةٍ.
وفي حديث حُذَيفة: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوبِ عَرْضَ الحُصْرِ عَوْداً
عَوْداً؛ قال ابن الأَثير: هكذا الرواية، بالفتح، أَي مرة بعد مرةٍ،
ويروى بالضم، وهو واحد العِيدان يعني ما ينسج به الحُصْرُ من طاقاته، ويروى
بالفتح مع ذال معجمة، كأَنه استعاذ من الفتن.
والعُودُ: الخشبة المُطَرَّاةُ يدخَّن بها ويُسْتَجْمَرُ بها، غَلَبَ
عليها الاسم لكرمه. وفي الحديث: عليكم بالعُودِ الهِندِيّ؛ قيل: هو
القُسْطُ البَحْرِيُّ، وقيل: هو العودُ الذي يتبخر به. والعُودُ ذو الأَوْتارِ
الأَربعة: الذي يضرب به غلب عليه أَيضاً؛ كذلك قال ابن جني، والجمع
عِيدانٌ؛ ومما اتفق لفظه واختلف معناه فلم يكن إِيطاءً قولُ بعض
المولّدين:يا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لنا سَلَفَتْ،
وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي
أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلاً في مَفارِقِها،
إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ
وقهْوَةٍ من سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ،
كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ
تستَلُّ رُوحَكَ في بِرٍّ وفي لَطَفٍ،
إِذا جَرَتْ منكَ مجرى الماءِ في العُودِ
قوله أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لها في العَوْدَةِ، والعُودُ
الثاني: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثالث: المَنْدَلُ وهو العُودُ الذي يتطيب
به، والعُودُ الرابع: الشجرة، وهذا من قَعاقعِ ابن سيده؛ والأَمر فيه أَهون
من الاستشهاد به أَو تفسير معانيه وإِنما ذكرناه على ما وجدناه.
والعَوَّادُ: متخذ العِيدانِ.
وأَما ما ورد في حديث شريح: إِنما القضاء جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عنك
بعُودَيْنِ؛ فإِنه أَراد بالعودين الشاهدين، يريد اتق النار بهما واجعلهما
جُنَّتَك كما يدفع المُصْطَلي الجمرَ عن مكانه بعود أَو غيره لئلا يحترق،
فمثَّل الشاهدين بهما لأَنه يدفع بهما الإِثم والوبال عنه، وقيل: أَراد
تثبت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النار ما استطعت؛ وقال شمر في قول
الفرزدق:
ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الذي
له المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها
قال: العودانِ مِنْبَرُ النبي، صلى الله عليه وسلم، وعَصاه؛ وقد ورد ذكر
العودين في الحديث وفُسِّرا بذلك؛ وقول الأَسود
بن يعفر:
ولقد عَلِمْت سوَى الذي نَبَّأْتني:
أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذي الأَعْوادِ
قال المفضل: سبيل ذي الأَعواد يريد الموت، وعنى بالأَعواد ما يحمل عليه
الميت؛ قال الأَزهري: وذلك إِن البوادي لا جنائز لهم فهم يضمون عُوداً
إِلى عُودٍ ويحملون الميت عليها إِلى القبر. وذو الأَعْواد: الذي قُرِعَتْ
له العَصا، وقيل: هو رجل أَسَنَّ فكان يُحمل في مِحَفَّةٍ من عُودٍ. أَبو
عدنان: هذا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وقال:
أَكْرَهُ تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه.
وقال شمر: المُتَعَيِّدُ الظلوم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لطرفة:
فقال: أَلا ماذا تَرَوْنَ لِشارِبٍ
شَدِيدٍ علينا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟
(* في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ).
أَي ظلوم؛ وقال جرير:
يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني
أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا
وقال غيره: المُتَعَيِّدُ الذي يُتَعَيَّدُ عليه بوعده. وقال أَبو عبد
الرحمن: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي في بيت جرير؛ وقال ربيعة بن مقروم:
على الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا
قال: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وقال أَبو سعيد: تَعَيِّدَ العائنُ على
ما يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليبالغ في إِصابته
بعينه. وحكي عن أَعرابي: هو لا يُتَعَيَّنُ عليه ولا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابن
السكيت:
كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ،
وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،
غَيْرَى على جاراتِها تَعَيِّدُ
قال: المُجَلَّدُ حِمْل ثقيل فكأَنها، وفوقها هذا الحمل وقربة ومزود،
امرأَة غَيْرَى. تعيد أَي تَنْدَرِئُ بلسانها على ضَرَّاتها وتحرّك
يديها.والعَوْدُ: الجمل المُسِنُّ وفيه بقية؛ وقال الجوهري: هو الذي جاوَزَ في
السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، والجمع عِوَدَةٌ، قال الأَزهري: ويقال في
لغة عِيَدَةَ وهي قبيحة. وفي المثل: إنّ جَرْجَدَ العَوْدَ فَزِدْه
وقْراً، وفي المثل: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي استعن على حربك بأَهل السن
والمعرفة، فإِنَّ رأْي الشيخ خير من مَشْهَدِ الغلام، والأُنثى عَوْدَةٌ
والجمع عِيادٌ؛ وقد عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وهو مُعَوِّد. قال الأَزهري: وقد
عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مضت له ثلاث سنين بعد بُزُولِه أَو
أَربعٌ، قال: ولا يقال للناقة عَوْدَةٌ ولا عَوَّدَتْ؛ قال: وسمعت بعض العرب
يقول لفرس له أُنثى عَوْدَةٌ. وفي حديث حسان: قد آن لكم أَنْ تَبْعَثُوا
إِلى هذا العَوْدِ؛ هو الجمل الكبير المُسِنُّ المُدَرَّبُ فشبه نفسه به.
وفي حديث معاوية: سأَله رجل فقال: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة،
فقال: بُلَّها بعَطائكَ حتى تَقْرُبَ، أَي برَحِمٍ قديمةٍ بعيدة النسب.
والعَوْد أَيضاً: الشاة المسن، والأُنثى كالأُنثى. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، دخل على جابر بن عبد الله منزلَهُ قال: فَعَمَدْتُ إِلى
عَنْزٍ لي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عليه السلام: يا جابر لا تَقْطَعْ
دَرًّا ولا نَسْلاً، فقلت: يا رسول الله إِنما هي عَوْدَة علفناها البلح
والرُّطَب فسمنت؛ حكاه الهروي في الغريبين. قال ابن الأَثير: وعَوَّدَ
البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وبعير عَوْد وشاة عَوْدَةٌ. قال ابن
الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:
فَقُلْنَ قد أَقْصَرَ أَو قد عَوّدا
أَي صار عَوْداً كبيراً. قال الأَزهري: ولا يقال عَوْدٌ لبعير أَو شاة،
ويقال للشاة عَوْدة ولا يقال للنعجة عَوْدة. قال: وناقة مُعَوِّد. وقال
الأَصمعي: جمل عَوْدٌ وناقة عَوْدَةٌ وناقتان عَوْدَتان، ثم عِوَدٌ في جمع
العَوْدة مثل هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مثل هِرٍّ وهِرَرَةٍ،
وفي النوادر: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قول أَبي النجم:
حتى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه،
وانْجابَ عن وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،
وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه
فإِنه أَراد بالأَحمر الصبح، وأَراد بالعود الشمس. والعَوْدُ: الطريقُ
القديمُ العادِيُّ؛ قال بشير بن النكث:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ،
يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ
يريد بالعود الأُول الجمل المسنّ، وبالثاني الطريق أَي على طريق قديم،
وهكذا الطريق يموت إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قال ابن بري: وأَما
قول الشاعر:
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ
فالعَوْدُ الأَول رجل مُسنّ، والعَوْدُ الثاني جمل مسنّ، والعود الثالث
طريق قديم. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ على المثل؛ قال الطرماح:
هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى،
وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟
وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مقلوب من عَداني؛ حكاه يعقوب.
وعادَ فِعْلٌ بمنزلة صار؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة،
قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ
لا يكون عاد هنا إِلا بمعنى صار، وليس يريد أَنه عاود حالاً كان عليها
قبل، وقد جاء عنهم هذا مجيئاً واسعاً؛ أَنشد أَبو علي للعجاج:
وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا
يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا
أَي يصير. وعاد: قبيلة. قال ابن سيده: قضينا على أَلفها أَنها واو
للكثرة وأَنه ليس في الكلام «ع ي د» وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فبد لازم. وأَما
ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب من أَهلِ عاد بالإِمالة فلا يدل ذلك أَن
أَلفها من ياء لما قدّمنا، وإِنما أَمالوا لكسرة الدال. قال: ومن العرب
من يدَعُ صَرْفَ عاد؛ وأَنشد:
تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ،
بُحُورٌ له مِنْ عَهْدِ عاد وتُبَّعا
جعلهما اسمين للقبيلتين. وبئر عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشيء القديم نسب
إِلى عاد؛ قال كثير:
وما سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،
به قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ
(* قوله «وكرور» كذا بالأصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالالف
وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها).
وعاد: قبيلة وهم قومُ هودٍ، عليه السلام. قال الليث: وعاد الأُولى هم
عادُ بن عاديا بن سام بن نوح الذين أَهلكهم الله؛ قال زهير:
وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا
وأَما عاد الأَخيرة فهم بنو تميم ينزلون رمالَ عالِجٍ عَصَوُا الله
فَمُسخُوا نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يَدٌ ورجل من شِقّ؛ وما أَدْري أَيُّ
عادَ هو، غير مصروف
(* قوله «غير مصروف» كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس
ولو اريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع
بالصرف.) أَي أَيّ خلق هو.
والعِيدُ: شجر جبلي يُنْبِتُ عِيداناً نحو الذراع أَغبر، لا ورق له ولا
نَوْر، كثير اللحاء والعُقَد يُضَمَّدُ بلحائه الجرح الطري فيلتئم،
وإِنما حملنا العيد على الواو لأَن اشتقاق العيد الذي هو الموسم إِنما هو من
الواو فحملنا هذا عليه.
وبنو العِيدِ: حي تنسب إِليه النوق العِيدِيَّةُ، والعيدِيَّة: نجائب
منسوبة معروفة؛ وقيل: العِيدية منسوبة إِلى عاد بن عاد، وقيل: إلى عادِيّ
بن عاد إِلا أَنه على هذين الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وقيل: العيدية تنسب
إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يقال له عِيدٌ كأَنه ضرب في الإِبل مرات؛ قال ابن
سيده: وهذا ليس بقويّ؛ وأَنشد الجوهري لرذاذ الكلبي:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجِيَةٌ
عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ
وقال: هي نُوق من كِرام النجائب منسوبة إِلى فحل منجب. قال شمر:
والعِيدِيَّة ضَرْب من الغنم، وهي الأُنثى من البُرِْقانِ، قال: والذكر خَرُوفٌ
فلا يَزالُ اسمَه حتى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قال الأَزهري: لا أَعرف
العِيدِيَّة في الغنم وأَعرف جنساً من الإِبل العُقَيْلِيَّة يقال لها
العِيدِيَّة، قال: ولا أَدري إِلى أَي شيء نسبت.
وحكى الأَزهري عن الأَصمعي: العَيْدانَةُ النخلة الطويلة، والجمع
العَيْدانُ؛ قال لبيد:
وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ
قال أَبو عدنان: يقال عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صارت عَيْدانَةً؛ وقال
المسيب بن علس:
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها،
تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قال الأَزهري: من جعل العيدان فَيْعالاً جعل النون أَصلية والياء زائدة،
ودليله على ذلك قولهم عيْدَنَتِ النخلةُ، ومن جعله فَعْلانَ مثل
سَيْحانَ من ساحَ يَسِيحُ جعل الياء أَصلية والنون زائدة. قال الأَصمعي:
العَيْدانَةُ شجرة صُلْبَة قديمة لها عروق نافذة إِلى الماء، قال: ومنه هَيْمانُ
وعَيْلانُ؛ وأَنشد:
تَجاوَبْنَ في عَيْدانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ
مِنَ السِّدْرِ، رَوَّاها، المَصِيفَ، مَسِيلُ
وقال:
بَواسِق النخلِ أَبكاراً وعَيْدانا
قال الجوهري: والعَيدان، بالفتح، الطِّوالُ من النخل، الواحدة
عيْدانَةٌ، هذا إِن كان فَعْلان، فهو من هذا الباب، وإِن كان فَيْعالاً، فهو من
باب النون وسنذكره في موضعه.
والعَوْدُ: اسم فرَس مالك بن جُشَم. والعَوْدُ أَيضاً: فرس أُبَيّ بن
خلَف.
وعادِ ياءُ: اسم رجل؛ قال النمر بن تولب:
هَلاَّ سَأَلْت بِعادياءَ وَبَيْتِه
والخلِّ والخمرِ، الذي لم يُمْنَعِ؟
قال: وإِن كان تقديره فاعلاء، فهو من باب المعتل، يذكر في موضعه.
أشن: الأُشْنةُ: شيءٌ من الطيب أَبيضُ كأَنه مقشورٌ. قال ابن بري:
الأُشْنُ شيء من الــعطر أبيضُ دقيق كأَنه مقشورٌ من عِرْقٍ؛ قال أَبو منصور: ما
أُراه عربيّاً. والأُشنانُ والإشْنانُ من الحمض: معروف الذي يُغْسَل به
الأَيْدِي، والضم أَعلى. والأَوْشَنُ: الذي يُزيّن الرجلَ ويقعد معه على
مائدته يأْكل طعامَه، والله أَعلم.
عطد: العَطْدُ: الشدّة. والعَطَوَّدُ: الشديد الشاقُّ من كل شيء.
وسَفَرٌ عَطَوَّدٌ: شاق شديد، وقيل: بعيد؛ قال:
فقد لَقِينا سَفَراً عَطَوَّدا،
يَتْرُكُ ذا اللَّوْنِ البَصيصِ أَسْودا
والعَطَوَّدُ: الانطلاقُ السريع؛ قال:
إِليك أَشْكُو عَنَقاً عَطَوَّدا
وقد حكي كل ذلك بالراء مكان الواو وسنذكره في الرباعي. ويومٌ عَطَوَّدٌ:
تامّ. قال الأَزهري: وذهب يوماً عطوَّداً أَي يوماً أَجمعَ؛ وأَنشد:
أَتْمٌ، أُدِيمَ يومَها عَطَوّدا،
مِثْلَ سُرى لَيْلَتِها، أَو أَبْعَدا
والعَطَوَّدُ: الطويلُ. والعطوّد: المرتفع. وجبل عَطَوَّدٌ وعَطَرَّــدٌ
وعَصَوَّدٌ أَي طويل. وقال ابن شميل: هذا طريق عَطَوَّدٌ ايي بيّن
يَذْهَبُ فيه حيثما شاء.
هول: الهَوْلُ: المخافة من الأَمر لا يَدْرى ما يَهْجِم عليه منه
كَهَوْل الليل وهَوْل البحر، والجمع أَهْوال وهُؤُول، والهُؤُول جمع هَوْل؛
وأَنشد أَبو زيد:
رَحَلْنا من بلاد بني تميم
إِليك، ولم تَكَاءَدْنا الهُؤُولُ
يهمزون الواو لانضمامها. والهِيلَة: الهَوْلُ. وهالَنِي الأَمرُ
يَهُولُني هَوْلاً: أَفزَعَني؛ وقوله:
وَيْهاً فِدَاءً لك يا فَضالَهْ
أَجِرَّهُ الرُّمْحَ، ولا تُهالَهْ
فتح اللام لسكون الهاء وسكون الأَلف قبلها، واختاروا الفتحة لأَنها من
جنس الأَلف التي قبلها، فلما تحرَّكت اللام لم يلتق ساكنان فتحذف الأَلف
لالتقائهما؛ قال ابن سيده: فأَما قول الآخر:
إِضْرِبَ عنكَ الهُمُومَ طارِقَها،
ضَرْبَك بالسَّوْطِ قَوْنَسَ الفَرَس
فإِنَّ ابن جني قال: هو مَدْفوع مصنوع عند عامة أَصحابنا ولا رواية
تثبُت به، وأَيضاً فإِنه ضعيف ساقط في القياس، وذلك لأَن التأْكيد من مواضع
الإِطْناب والإِسْهاب فلا يَليق به الحَذْف والاختصار، فإِذا كان السماعُ
والقياسُ يدفعان هذا التأْويل وَجَب إِلغاؤه والعُدول إِلى غيره مما كثر
استعماله وصحَّ قياسه. وهَوْلٌ هائلٌ ومَهُول، وكَرِهَها بعضهم، وقد جاء
في الشعر الفصيح.
والتَّهْوِيل: التفريع؛ الأَزهري: أَمر هائل ولا يقال مَهُول إِلا أَن
الشاعر قد قال:
ومَهُولٍ، منَ المَناهِل، وَحْشٍ
ذي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
وتفسير المَهُول أَي فيه هَوْل، والعرب إِذا كان الشيء هُوَ لَهُ
أَخرجوه على فاعِل مثل دارِع لذي الدِّرْع، وإِن كان فيه أَو عليه أَخرجوه على
مَفْعول، كقولك مَجْنون فيه ذاك، ومَدْيون عليه ذاك. ومكان مَهِيل أَي
مَخُوف؛ قال رؤبة:
مَهِيلُ أَفْيافٍ لها فُيُوفُ
(* قوله «قال رؤبة إلخ» نقل الصاغاني مثله عن الجوهري ثم قال: هذا تصحيف
وصوابه مهبل بسكون الهاء وكسر الباء المعجمة بواحدة، والمهبل المنقطع
بين أرضين).
وكذلك مكان مَهالٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
أَلا يا لَقَوْمي لِطَيفِ الخَيا
لِ أَرَّقَ من نازِحٍ ذي دَلالِ
أَجازَ إِلينا، على بُعْده،
مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ
ويقال: اسْتَهال فلان كذا يَسْتَهِيله، ويقال يَسْتَهْوِله، والجيِّد
يَسْتَهِيله. وهُلْته فاهْتال: أَفزعته ففزع، وقد هَوَّل عليه.
والتَّهْوِيل والتَّهاوِيلُ: ما هُوِّلَ به؛ قال:
على تَهاوِيلَ لها تَهْوِيلُ
التهذيب: التَّهاوِيلُ جماعة التَّهْوِيل، وهو ما هالك من شيء، وهَوَّل
القومُ على الرجل. وفي حديث أَبي سفيان: أَن محمداً لم يُناكِرْ أَحداً
قطُّ إِلا كانت معه الأَهْوال؛ هي جمع هَوْل وهو الخوف والأَمرُ الشديد.
وفي حديث أَبي ذرٍّ: لا أَهُولَنَّك أَي لا أُخِيفُك فلا تَخَفْ مني. وفي
حديث الوحْيِ: فهُلْت أَي خِفْت ورُعِبْت، كقُلْتُ من القَوْل. وهَوَّل
الأَمرَ: شنَّعه.
والهُولةُ من النساء: التي تَهُول الناظرَ من حسنها؛ قال أُمية بن أَبي
عائذ الهذلي:
بَيْضاءُ صافِيةُ المَدامِعَ، هُولةٌ
للناظرين، كدُرَّة الغَوَّاصِ
ووَجْهُه هُولةٌ من الهُوَلِ أَي عَجَب. أَبو عمرو: يقال ما هو إِلاَّ
هُولةٌ من الهُوَل إِذا كان كَرِيهَ المنظَر. والهُولةُ: ما يفزَّع به
الصبي، وكل ما هالك يسمَّى هُولةً؛ قال الكميت:
كَهُولَة ما أَوْقَدَ المُحْلِفُون،
لَدى الحالِفِينَ، وما هَوَّلُوا
وهَوَّل على الرجل: حَمل. وناقة خِولُ الجَنان: حديدةٌ. وتَهَوَّل
للناقة تَهَوُّلاً: تشبَّه لها بالسبُع ليكون أَرْأَمَ لها على الذي تُرْأَم
عليه، وهو مثل تَذَأَّبت لها تَذَؤُّباً إِذا لبست لها لباساً تَتَشبَّه
بالذئب، قال: وهو أَن تستخْفي لها إِذا ظَأَرْتها على ولد غيرها
فتَشَبَّهت لها بالسبع فيكون أَرْأَم لها عليه. والتَّهاوِيل: زينة التَّصاوِير
والنُّقوش والوَشْي والسلاح والثياب والحَلْي، واحدها تَهْويل.
والتَّهاوِيل: الأَلوان المختلفة من الأَصْفر والأَحْمر. وهَوَّلت المرأَة: تزينت
بزينة اللِّباس والحَلْيِ؛ قال:
وهَوَّلتْ من رَيْطِها تَهاوِلا
والتَّهاويل: ما على الهَوادِج من الصوف الأَحمر والأَخضر والأَصفر؛
ويقال للرِّياض إِذا تزيَّنَت بِنَوْرها وأَزاهِيرها من بين أَصفر وأَحمر
وأَبيض وأَخضر: قد علاها تَهْوِيلُها؛ وقال عبد المسيح بن عَسَلة فيما
أَخرجه الزرعُ من الأَلوان؛ وفي المحكم: يصِف نباتاً:
وعازِبٍ قد عَلا التَّهْويلُ جَنْبَتَهُ،
لا تنفعُ النَّعْل في رَقْراقِهِ الحافِي
ومثله لعدي:
حتى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ
من التَّهاوِيل، شَكْل العِهْن في التُّوَمِ
وروى الأَزهري بإِسناده عن ابن مسعود في قوله عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً
أُخرى؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: رأَيت لجبريل، عليه
الصلاة والسلام، سِتَّمائة جَناح ينتَشِرُ من ريشه التَّهاوِيلُ والدرُّ
والياقوتُ أَي الأَشياء المختلفة الأَلْوان؛ أَراد بالتَّهاوِيل تَزايينَ
ريشه وما فيه من صفرة وحمرة وبياض وخضرة مثل تَهاوِيلِ الرياض؛ ويقال لما
يخرج من أَلوان الزَّهْر في الرياض التَّهاوِيل، واحدها تَهْوال، وأَصلها
ما يَهُول الإِنسانَ ويحيره. والتَّهْوِيلُ: شيء كان يفعل في الجاهليَّة،
كانوا إِذا أَرادوا أَن يستحلِفوا الرجل أَوْقَدُوا ناراً وأَلْقَوْا
فيها مِلْحاً.
والمُهَوِّل: المحلِّف، وكان في الجاهلية لكل قوم نار وعليها سَدَنةٌ،
فكان إِذا وقع بين الرجلين خُصومة جاءَا إِلى النار فيحلَّف عندها
(*
قوله: يحلِّف عندها أي الخصم) وكان السَّدَنة يطرَحون فيها مِلْحاً من حيث لا
يشعُر يُهَوِّلون بها عليه، واسم تلك النار الهُولَةُ، بالضم؛ التهذيب:
كانت الهُولَةُ ناراً يُوقِدونها عند الحَلِف ويُلْقون فيها مِلْحاً
فيَتَفَقَّع، يُهَوِّلون بها، وكذلك إِذا استحلفوا رجلاً؛ قال أَوس بن حجر
يصف حمار وحش:
إِذا اسْتَقْبَلَتْه الشمسُ صَدَّ بِوَجْهِه،
كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ
وهِيلَ السكران يُهالُ إِذا رأَى تَهاوِيل في سكره فيفزع لها؛ وقال ابن
أَحمر يصف خمراً وشاربها:
تَمَشَّى في مَفاصِلِه، وتَغْشى
سَناسِنَ صُلْبِه حتى يُهالا
ورجل هَوَلْوَلٌ: خفيف؛ حكاه ابن الأَعرابي، وهو فَعَلْعَل؛ وأَنشد:
هَوَلْوَلٌ إِذا ونَى القومُ نَزَلْ
والمعروف حَوَلْوَل.
والهَالُ: فُوهٌ من أَفْواهِ الطِّيبِ.
والهَالةُ: دارةُ القمر، وهَالةُ: الشمْسُ معرفة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ومُنْتَخَبٍ كأَنَّ هالةَ أُمُّهُ،
سَبَاهِي الفُؤادِ ما يَعِيش بمَعْقُول
ويروى أُمَّه، يريد أَنه فَرس كريم كأَنما نُتِجَته الشمسُ، ومُنْتَخَب
حذِر كأَنه من ذَكاء قلْبه وشُهومته فزِعٌ، وسَباهِي الفُؤاد: مُدَلَّهه
غافِلهُ إِلا من المَرَح، وهو مدكور في موضعه. وهَالةُ: اسم امرأَة عبد
المطلب. وهَالٌ: من زجر الخيل.
جسد: الجسد: جسم الإِنسان ولا يقال لغيره من الأَجسام المغتذية، ولا
يقال لغير الإِنسان جسد من خلق الأَرض. والجَسَد: البدن، تقول منه:
تَجَسَّد، كما تقول من الجسم: تجسَّم. ابن سيده: وقد يقال للملائكة والجنّ جسد؛
غيره: وكل خلق لا يأْكل ولا يشرب من نحو الملائكة والجنّ مما يعقل، فهو
جسد. وكان عجل بني إِسرائيل جسداً يصيح لا يأْكل ولا يشرب وكذا طبيعة
الجنّ؛ قال عز وجل: فأَخرج لهم عجلاً جسداً له خوار؛ جسداً بدل من عجل لأَن
العجل هنا هو الجسد، وإِن شئت حملته على الحذف أَي ذا جسد، وقوله: له
خُوار، يجوز أَن تكون الهاء راجعة إِلى العجل وأَن تكون راجعة إِلى الجسد،
وجمعه أَجساد؛ وقال بعضهم في قوله عجلاً جسداً، قال: أَحمر من ذهب؛ وقال
أَبو إِسحق في تفسير الآية: الجسد هو الذي لا يعقل ولا يميز إِنما معنى
الجسد معنى الجثة. فقط. وقال في قوله: وما جعلناهم جسداً لا يأْكلون الطعام؛
قال: جسد واحد يُثْنَى على جماعة، قال: ومعناه وما جعلناهم ذوي أَجساد
إِلاَّ ليأْكلوا الطعام، وذلك أَنهم قالوا: ما لهذا الرسول يأْكل الطعام؟
فأُعلموا أَن الرسل أَجمعين يأْكلون الطعام وأَنهم يموتون. المبرد وثعلب:
العرب إِذا جاءت بين كلامين بجحدين كان الكلام إِخباراً، قالا: ومعنى
الآية إِنما جعلناهم جسداً ليأْكلوا الطعام، قالا: ومثله في الكلام ما سمعت
منك ولا أَقبل منك، معناه إِنما سمعت منك لأَقبل منك، قالا: وإِن كان
الجحد في أَول الكلام كان الكلام مجحوداً جحداً حقيقياً، قالا: وهو كقولك ما
زيد بخارج؛ قال الأَزهري: جعل الليث قول الله عز وجل: وما جعلناهم جسداً
لا يأْكلون الطعام كالملائكة، قال: وهو غلط ومعناه الإِخبار كما قال
النحويون أَي جعلناهم جسداً ليأْكلوا الطعام؛ قال: وهذا يدل على أَن ذوي
الأَجساد يأْكلون الطعام، وأَن الملائكة روحانيون لا يأْكلون الطعام وليسوا
جسداً، فإِن ذوي الأَجساد يأْكلون الطعام. وحكى اللحياني: إِنها لحسنة
الأَجساد، كأَنهم جعلوا كل جزء منها جسداً ثم جمعوه على هذا. والجاسد من كل
شيءٍ: ما اشتدّ ويبس. والجَسَدُ والجَسِدُ والجاسِدُ والجَسِيد: الدم
اليابس، وقد جَسِدَ؛ ومنه قيل للثوب: مُجَسَّدٌ إِذا صبغَ بالزعفران. ابن
الأَعرابي: يقال للزعفران الرَّيْهُقانُ والجاديُّ والجِساد؛ الليث:
الجِساد الزعفران ونحوه من الصبغ الأَحمر والأَصفر الشديد الصفرة؛
وأَنشد:جِسادَيْنِ من لَوْنَيْنِ، ورْسٍ وعَنْدَم
والثوب المُجَسَّد، وهو المشبع عصفراً أَو زعفراناً.
والمُجَسَّد: الأَحمر. ويقال: على فلان ثوب مشبع من الصبغ وعليه ثوب
مُفْدَم، فإِذا قام قياماً من الصبغ قيل: قد أُجسِدَ ثَوْبُ فلان إِجساداً
فهو مُجْسَد؛ وفي حديث أَبي ذر: إِنَّ امرأَته ليس عليها أَثر المجاسد؛
ابن الأَثير: هو جمع مُجسد، بضم الميم، وهو المصبوغ المشبع بالجَسَد وهو
الزعفران والعصفر.
والجسد والجساد: الزعفران أَو نحوه من الصبغ.
وثوب مُجْسَد ومُجَسَّد: مصبوغ بالزعفران، وقيل: هو الأَحمر. والمجسد:
ما أُشبع صبغه من الثياب، والجمع مجاسد؛ وأَما قول مليح الهذلي:
كأَنَّ ما فوقَها، مما عُلِينَ به،
دِماءُ أَجوافِ بُدْنٍ، لونُها جَسِد
أَراد مصبوغاً بالجساد؛ قال ابن سيده: هو عندي على النسب إِذ لا نعرف
لجَسِدٍ فعلاً. والمجاسد جمع مجسد، وهو القميص المشبع بالزعفران. الليث:
الجسد من الدماء ما قد يبس فهو جامد جاسد؛ وقال الطرماح يصف سهاماً
بنصالها:فِراغٌ عَواري اللِّيطِ، تُكْسَى ظُباتُها
سَبائبَ، منها جاسِدٌ ونَجِيعُ
قوله: فراغ هو جمع فريغ للعريض؛ يصف سهاماً وأَن نصالها عريضة. والليط:
القشر، وظباتها: أَطرافها. والسبائب: طرائق الدم. والنجيع: الدم نفسه.
والجاسد: اليابس. الجوهري: الجسد الدم؛ قال النابغة:
وما هُريقَ على الأَنْصابَ من جَسَد
والجسد: مصدر قولك جسِد به الدم يجسَد إِذا لصق به، فهو جاسد وجسِد؛
وأَنشد بيت الطرماح: «منها جاسد ونجيع» وأَنشد لآخر:
بساعديه جَسِدٌ مُوَرَّسُ،
من الدماء، مائع وَيَبِسُ
والمِجْسَد: الثوب الذي يلي جسد المرأَة فتعرق فيه.
ابن الأَعرابي: المجاسد جمع المِجسد، بكسر الميم، وهو القميص الذي يلي
البدن. الفرّاء: المِجْسَدُ والمُجْسَد واحد، وأَصله الضم لأَنه من أُجسد
أَي أُلزق بالجسد، إِلاَّ أَنهم استثقلوا الضم فكسروا الميم، كما قالوا
للمُطْرف مِطْرف، والمُصْحف مِصْحف.
والجُساد: وجع يأْخذ في البطن يسمى بيجيدق
(* لم نجد هذه اللفظة في
اللسان، ولعلها فارسية). وصوت مُجَسَّد: مرقوم على محسنة ونغم
(* قوله «مرقوم
على محسنة ونغم» عبارة القاموس وصوت مجسد كعظم مرقوم على نغمات ومحنة.
قال شارحه: هكذا في النسخ، وفي بعضها على محسنة ونغم وهو خطأ).
الجوهري: الجَلْسَد، بزيادة اللام، اسم صنم وقد ذكره غيره في الرباعي
وسنذكره.