والسَّقَــعْطَرِيُّ: الضخم الشَّديد البَطْشِ
والسَّقَــعْطَرِيُّ: الضخم الشَّديد البَطْشِ
عطر: العِطْرُ: اسم جامع للطِّيب، والجمع عُطورٌ. والعطّار: بائعُه،
وحِرْفَتُه العِطَارةُ. ورجل عاطرٌ وعَطِرٌ ومِعْطِير ومِعْطارٌ وامرأَة
عَطِرةٌ ومِعْطيرٌ ومُعَطَّرة: يتعهّدان أَنفُسهما بالطيب ويُكْثِران منه،
فإِذا كان ذلك من عادتِها، فهي مِعْطار ومِعْطارة؛ قال:
عُلِّقَ خَوْداً طَفْلةً مِعْطارَهْ،
إِياكِ أَعْني، فاسْمَعِي يا جارهْ
قال اللحياني: ما كان على مِفْعال فإِنّ كلام العرب والمجتمعَ عليه بغير
هاء، في المذكر والمؤَنث، إِلا أَحْرُفاً جاءت نوادِرَ قيلَ فيها
بالهاء، وسيأْتي ذكرها، وقيل: رَجلٌ عَطِرٌ وامرأَة عَطِرة إِذا كانا
طَيّبَيْنِ رِيحَ الجِرْم، وإِن لم يَتَعَطَّرا. وقال ابن الأَعرابي: رجل عاطِرٌ،
وجمعه عُطُرٌ، وهو المُحِبُّ للطِّيب. وعَطِرت المرأَة، بالكسر، تَعْطَرُ
عَطَراً: تَطيّبتْ. وامرأَة عَطِرة مَطِرةٌ بَضّة مَضّة، قال: والمَطِرة
الكثيرة السِّواك. أَبو عمرو: تَعَطَّرت المرأَةُ وتأَطَّرت إِذا أَقامت
في بيت أَبَوَيْها ولم تتزوج. وفي الحديث: أَنه كان يكره تَعَطُّرَ
النساء وتشبُّهَهُنَّ بالرجال؛ أَراد العِطْرَ الذي تَظْهَرُ ريحُه كما يظهر
عِطْرُ الرجال، وقيل: أَراد تَعَطُّلَ النساء، باللام، وهي التي لا
حَلْيَ عليها ولا خِضابَ، واللام والراء يتعاقبان. وفي حديث أَبي موسى:
المرأَةُ إِذا اسْتَعْطَرت ومَرَّت على القوم ليَجِدُوا رِيحَها أَي استعملت
العِطْرَ وهو الطيب؛ ومنه حديث كعب بن الأَشرف: وعندي أَعْطَرُ العربِ أَي
أَطْيَبُها عِطْراً. قال أَبو عبيدة: يقال بَطْني أَــعْطِري
(* قوله:
«بطني أعطري» هكذا في الأصل، والذي في الأمثال: عطري، بفتح العين وتشديد
الطاء. وفي شرح القاموس وقال أَبو عبيدة يقال: بطني عطري؛ هكذا في سائر
النسخ، والذي في أمهات اللغة: أعطري وسائري فذري). وسائرِي فذَرِي؛ يقال ذلك
لمن يُعْطِيك ما لا تحتاج إِليه،كأَنه في التمثُّل رجل جائع أَتى قوماً
فطيّبوه. وناقة عَطِرةٌ ومِعْطارةٌ وعَطّارةٌ إذا كانت نافِقةً في السوق
تَبِيعُ نفسَها لحُسْنها. أَبو حنيفة: المُعْطِرات من الإِبل التي كأَنَّ
على أَوبارِها صِبْغاً من حُسْنها، وأَصله من العطْرِ؛قال المرّار بن
منقذ:هِجاناً وحُمْراً مُعْطِراتٍ كأَنها
حَصى مَغْرةٍ ، أَلْوانُها كالمَجاسِد
وناقةٌ مِعْطارٌ ومُعْطِرٌ: شديدة؛ ابن الأَعرابي: ومِعْطِيرٌ: حمراء
طيّبة العَرَق؛ أَنشد أَبو حنيفة:
كَوْماء مِعْطِير كَلَوْنِ البَهْرَمِ
قال الأَزهري: وقرأْت في كتاب المعاني للباهلي:
أَبكي على عَنْزَيْنِ لا أَنْساهُما،
كأَنَّ ظِلَّ حَجَرٍ صُغْراهما،
وصالغٌ مُعْطِرةٌ كُبْراهُما
قال: مُعْطِرة حمراء. قال عمرو: مأْخوذ من العِطْر، وجَعَلَ الأُخْرى
ظِلَّ حَجَرٍ لأَنها سَوْداء، وناقة عَطِرة ومِعْطارٌ ومُعْطِرة وعِرْمِسٌ
أَي كريمة؛ وأَما قول العجاج يصف الحمار والأُتن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كمُدُقِّ المِعْطِير
فإِنه يريد العطّار. وعُطَيْرٌ وعُطْرانُ: اسمان.
سقعطر: السَّقَعْطَرَى: النِّهَايَةُ في الطول. وقال ابن سيده: من الناس
والإِبل لا يكون أَطول منه. والسَّقَــعْطَرِيُّ: الضَّخْمُ الشديد البطش
الطويل من الرجال.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، وهي مؤنثة؛ وفي
التنزيل: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ أَصابت حَرْثَ قوم؛ هو عند سيبويه
فَعْلٌ، وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ.
والرِّيحةُ: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه، قال: وقد يجوز أَن يدل الواحد
على ما يدل عليه الجمع، وحكى بعضهم: رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ
وأَشعَر أَنهما لغتان، وجمع الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جمع الجمع، وقد
حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح، وكلاهما شاذ، وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل
جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال:
قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه. التهذيب: الرِّيح ياؤُها
واو صُيِّرت ياء لانكسار ما قبلها، وتصغيرها رُوَيْحة، وجمعها رِياحٌ
وأَرْواحٌ. قال الجوهري: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، وقد تجمع على أَرْواح لأَن
أَصلها الواو وإِنما جاءَت بالياء لانكسار ما قبلها، وإِذا رجعوا إِلى
الفتح عادت إِلى الواو كقولك: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛
ويقال: رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا: دارٌ ودارَةٌ. وفي الحديث: هَبَّتْ
أَرواحُ النَّصْر؛ الأَرْواحُ جمع رِيح. ويقال: الرِّيحُ لآِل فلان أَي
النَّصْر والدَّوْلة؛ وكان لفلان رِيحٌ. وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجت
الرِّيح: اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً؛ العرب تقول: لا تَلْقَحُ
السحابُ إِلاَّ من رياح مختلفة؛ يريج: اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها
عذاباً، ويحقق ذلك مجيءُ الجمع في آيات الرَّحمة، والواحد في قِصَصِ
العذاب: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وفي الحديث: الرِّيحُ من
رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده.
ويومٌ راحٌ: شديد الرِّيح؛ يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وأَن يكون
فَعْلاً؛ وليلة راحةٌ. وقد راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه. وفي
الحديث: أَن رجلاً حضره الموت، فقال لأَِولاده: أَحْرِقوني ثم انظروا
يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه؛ يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح كقولهم: رجلٌ مالٌ.
ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعله: أَصابته الرِّيحُ،
فهو مَرُوحٌ؛ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صغار، واحدها قارَة. والمكفور: الذي سَفَتْ عليه
الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وقال يصف الدمع:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ.
وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ،
وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.
وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قال أَبو ذؤيب يصف ثوراً:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا ما شَفَّهُ
قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،
كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
ويقال: رِيحَتِ الشجرةُ، فهي مَرُوحة. وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها
الريح؛ مَرُوحة كانت في الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دخلوا في
الريح، وقيل: أَراحُوا دخلوا في الريح، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ
فجاحَتْهم.
والمَرْوَحة، بالفتح: المَفازة، وهي الموضع الذي تَخْترقُه الريح؛ قال:
كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،
إِذا تَدَلَّتْ به، أَو شارِبٌ ثَمِلْ
والجمع المَراوِيح؛ قال ابن بري: البيت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
وقيل: إِنه تمثل به، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز
فأَسرعت؛ يقول: كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه
الريح، كالغصن لا يزال يتمايل يميناً وشمالاً، فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو
شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من شدّة سكره، وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت
به من نَشْزٍ إِلى مطمئن، ويقال إِن هذا البيت قديم.
وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها؛ وقال
الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ،
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد
البيت «وماءٍ ورَدتُ» قال ابن بري: هو لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ ههنا:
البعد؛ وقيل: انحراف عن الطريق. والشفيف: لذع البرد. والسَّبَنْتَى:
النَّمِرُ.
والمِرْوَحَةُ، بكسر الميم: التي يُتَرَوَّحُ بها، كسرة لأَنها آلة؛
وقال اللحياني: هي المِرْوَحُ، والجمع المَرَاوِحُ؛ وفي الحديث: فقد رأَيتهم
يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ من الحَرِّ
بالمِرْوَحة، أَو يكون من الرواح: العَودِ إِلى بيوتهم، أَو من طَلَب
الراحة.والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح.
ويقال: فلان بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ.
وقالوا: فلان يَميلُ مع كل ريح، على المثل؛ وفي حديث عليّ: ورَعاعُ
الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح. واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بالريح.
ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الريح؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً،
وعَشَيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. الليث: يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ: ذو
ريح شديدة، قال: وهو كقولك كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يوم رائح وكبش صائف،
فقلبوا، وكما خففوا الحائِجةَ، فقالوا حاجة؛ ويقال: قالوا صافٌ وراحٌ على
صَوِفٍ ورَوِحٍ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت أَلفاً. ويومٌ
رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وليلة رَيِّحة. ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه. وقد راحَ،
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ، فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً،
قيل: يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة، وقد راحَ، وهو يَرُوحُ رَوْحاً.
والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الريح؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان
الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم
الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ، فأُمروا بالغسل؛ الرَّوْح،
بالفتح: نسيم الريح، كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم،
وحَمَلها إِلى الناس. وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة؛ قال تَأَبَط
شرًّا، وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،
أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
ومنه قوله تعالى: وتَذْهَبَ رِيحُكُم؛ قال ابن بري: وقيل الشعر لأَعْشى
فَهْمٍ، من قصيدة أَولها:
يا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،
أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،
وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النسيم طيِّباً كان أَو
نَتْناً. والرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ تقول لهذه البقلة رائحة
طيبة. ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته، بمعنًى.
ورِحْتُ رائحة طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها
وأَرْوَحْتُها: وجدتها. وفي الحديث: من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ
رائحةَ الجنة، من أَرَحْتُ، ولم يَرَحْ رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ؛
ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم يَشُمَّ
ريحها؛ قال أَبو عمرو: هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وقال
الكسائي: إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة، مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا
أُرِيحَه إِذا وجدت ريحه، والمعنى واحد؛ وقال الأَصمعي: لا أَدري هو مِن
رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ؛ وقال اللحياني: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها
واسْتَرْوَحَها واستراحها: وَجَدَها؛ قال: وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف،
وهي قليلة. واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح: وجد ريح الأُنثى. وراحَ الفرسُ
يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً؛ أَبو زيد: راحت الإِبلُ
تَراحُ رائحةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قال الأَزهري: قوله تَرَاحُ رائحةً مصدر
على فاعلة؛ قال: وكذلك سمعته من العرب، ويقولون: سمعتُ راغِيةَ الإِبل
وثاغِيةَ الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ:
المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه
طيباً؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كذلك؛ وفي الحديث: أَنه أَمرَ
بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح؛ قال أَبو
عبيد: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ تَفُوحُ بعد
أَن لم تكن له رائحة، وقال: مُرَوَّحٌ، بالواو، لأَن الياءَ في الريح
واو، ومنه قيل: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة.
وأَرْوَحَ اللحمُ: تغيرت رائحته، وكذلك الماءُ؛ وقال اللحياني وغيره:
أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر. وفي حديث قَتَادةَ: سُئِل عن الماء الذي قد
أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ منه؟ فقال: لا بأْس. يقال: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ:
وجد ريحي؛ وكذلك أَرْوَحَني الرجلُ. ويقال: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ
رِيحَ الإِنْسِيِّ. وفي التهذيب: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك؛ وفيه:
وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان؛ قال أَبو
زيد: أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد
ريحَك ونَشْوَتَك، وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً، وأَنْشَيْتُ منه
نَشْوَةً.
والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ.
الأَزهري: قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان:
قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ والراحة بمعنى واحد. وراحَ
يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وقيل: يومٌ رائحٌ وليلة رائحةٌ طيبةُ الريح؛
يقال: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ ويوم رَيِّحٌ؛
قال جرير:
محا طَلَلاً، بين المُنِيفَةِ والنِّقا،
صَباً راحةٌ، أَو ذو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وقال الفراء: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يقال: افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح؛ وقال:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،
غُصْنٌ من الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الريح، واحدته رَيْحانة؛ وقال:
بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
والجمع رَياحين. وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر؛ وفي الحديث: إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ
فلا يَرُدَّه؛ هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة:
الطَّاقةُ من الرَّيحان؛ الأَزهري: الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة
الريح، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عبيد: إِذا طال النبتُ قيل: قد
تَرَوَّحتِ البُقُول، فهي مُتَرَوِّحةٌ. والريحانة: اسم للحَنْوَة
كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، على التشبيه بما تقدم.
وقوله تعالى: فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق؛ وقال الزجاج: معناه
فاستراحة وبَرْدٌ، هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان؛ وقال الأَزهري في موضع
آخر: قوله فروح وريحان، معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق؛ قال: وجائز أَن
يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة، قال: وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً
في اللغة من ذوات الواو، والأَصل رَيْوَحانٌ
(* قوله «والأصل ريوحان» في
المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هو
من بنات الياء وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل
شيطان وشياطين.) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان، ثم خفف كما قالوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم
التخفيف؛ وقال ابن سيده: أَصل ذلك رَيْوَحان، قلبت الواو ياء لمجاورتها
الياء، ثم أُدغمت ثم خففت على حدّ مَيْتٍ، ولم يستعمل مشدَّداً لمكان
الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
(* قوله
«فعلاناً على المعاقبة إلخ» كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله
روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان. التهذيب: وقوله تعالى: فروح وريحان؛ على قراءة من
ضم الراء، تفسيره: فحياة دائمة لا موت معها، ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه:
فاستراحة، وأَما قوله: وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه؛ فمعناه برحمة منه، قال:
كذلك قال المفسرون؛ قال: وقد يكون الرَّوْح بمعنى الرحمة؛ قال الله تعالى:
لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة الله؛ سماها رَوْحاً لأَن
الرَّوْحَ والراحةَ بها؛ قال الأَزهري: وكذلك قوله في عيسى: ورُوحٌ منه أَي
رحمة منه، تعالى ذكره.
والعرب تقول: سبحان الله ورَيْحانَه؛ قال أَهل اللغة: معناه واسترزاقَه،
وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر، تقول: خرجت أَبتغي
رَيْحانَ الله؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،
فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قال: ومعنى قوله وريحانه: ورزقه؛ قال الأَزهري: قاله أَبو عبيدة وغيره؛
قال: وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ. قال الجوهري:
سبحان الله ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر؛ يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً.
وفي الحديث: الولد من رَيْحانِ الله. وفي الحديث: إِنكم لتُبَخِّلُون
(*
قوله «انكم لتبخلون إلخ» معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل ابقاء على ماله، وفي الجهل شغلاً به عن
طلب العلم. والواو في وانكم للحال، كأنه قال: مع انكم من ريحان الله أي
من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ
وإِنكم لمن رَيْحانِ الله؛ يعني الأَولادَ. والريحان يطلق على الرحمة والرزق
والراحة؛ وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً.
وفي الحديث: قال لعليّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل
أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: هذا
أَحدُ الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر؛ وأَراد بريحانتيه
الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما. وقوله تعالى: والحَبُّ ذو
العَصْفِ والرَّيحانُ؛ قيل: هو الوَرَقُ؛ وقال الفراء: ذو الوَرَق والرِّزقُ،
وقال الفرّاء: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ.
وراحَ منك معروفاً وأَرْوَحَ، قال: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ
والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة.
والرَّوْحُ أَيضاً: السرور والفَرَحُ، واستعاره عليّ، رضي الله عنه،
لليقين فقال: فباشِرُوا رَوْحَ اليقين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد
الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين. التهذيب عن الأَصمعي:
الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب؛ وقال أَبو عمرو: الرَّوْحُ الفَرَحُ،
والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نسيم الريح. الأَصمعي: يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة.
والرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ
يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه
بالنفخ فيها، فقال:
فقلتُ له: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها
برُوحكَ، واجْعَله لها قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بنفخك واجعله لها؛ الهاء للرُّوحِ، لأَنه مذكر في قوله:
واجعله، والهاء التي في لها للنار، لأَنها مؤنثة. الأَزهري عن ابن الأَعرابي
قال: يقال خرج رُوحُه، والرُّوحُ مذكر.
والأَرْيَحِيُّ: الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف يَرْتاح لما
طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً. والأَرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاح للنَّدى.
وقال الليث: يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قال: وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح، ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن
الرَّوَحَ الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِلِ. قال: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من
راحَ يَرَاحُ، كما يقال للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ،
وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، والعرب تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه
نسبة. قال الأَزهري: وكلام العرب تقول رجل أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، ولا
تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ. ورجل أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى والمعروف
والعطية واسِعُ الخُلُق، والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ، وسنذكره؛ وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير:
حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا،
وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل.
يقال: رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً
إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ ومنه قولهم: أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً
يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وراحاً
وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له
خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قال الشاعر:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،
وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وقد يُستعارُ للكلاب وغيرها؛ أَنشد اللحياني:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ
فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلاَّبِ
ويقال: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بكذا
أَي خَفَّتْ له. وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به؛ قال أُمَيَّةُ
بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،
خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بالمحشورة نَبْلاَ، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لها في الرمي عن
القوس. والخواظي: الغلاظ القصار. وأَراد بقوله عجاف النصال: أَنها
أُرِقَّتْ. الليث: راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به،
وكذلك ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا،
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ
إِليه.والارتياح: النشاط. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ ونزلت به بَلِيَّةٌ
فارْتاحَ اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها؛ قال رؤبة:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فارتاح نظر إِليَّ ورحمني. قال الأَزهري: قول رؤبة في فعل الخالق
قاله بأَعرابيته، قال: ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن الله
تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه، ولولا أَن الله، تعالى ذكره، هدانا
بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه، ما كنا لنهتدي لها أَو
نجترئ عليها؛ قال ابن سيده: فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء
الأَعراب، كما قال:
لا هُمَّ إِن كنتَ الذي كعَهْدِي،
ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ،
فما أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسم لها. والراحُ: جمع راحة، وهي الكَفُّ. والراح:
الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ ما لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي
والخالُ: الاختيال والخُيَلاءُ، فقوله: وخالي أَي واختيالي.
والراحةُ: ضِدُّ التعب. واسْتراحَ الرجلُ، من الراحة. والرَّواحُ
والراحة مِن الاستراحة. وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما، وقد أَراحَني، ورَوَّح
عني فاسترحت؛ ويقال: ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة؛ وجدت
لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛
وأَنشد ابن السكيت:
أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
الليث: الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة، تقول: أَرِحْنُ إِراحةً
فأَسْتَريحَ؛ وقال غيره: أَراحهُ إِراحةً وراحةً، فالإِراحةُ المصدرُ،
والراحةُ الاسم، كقولك أَطعته إِطاعة وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وفي
الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمؤذنه بلال: أَرِحْنا بها أَي أَذّن
للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها؛ قال ابن الأَثير: وقيل
كان اشتغاله بالصلاة راحة له، فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من الأَعمال
الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا
قال: وقُرَّة عيني في الصلاة، قال: وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين.
يقال: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء؛ قال: ومنه
حديث أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ
فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء فشربت حتى أَراحتْ. وقال اللحياني: أَراحَ
الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء، وكذلك الدابة؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دخل في الرِّيح. وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح.
وأَراحَ إِذا دخل في الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه
ويخفف عنه. وأَراحه الله فاستَراحَ، وأَراحَ تنفس؛ وقال امرؤ القيس يصف
فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لها مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قال العجاج:
أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
(* قوله «والتغمغم» في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم.)
وفي حديث الأَسود بن يزيد: إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ؛
الإِراحةُ ههنا: الموتُ والهلاك، ويروى بالنون، وقد تقدم.
والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان: سمِّيت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع
ركعات؛ وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل
تسليمتين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة
منها، مثل تسليمة من السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها.
وراحةُ البيت: ساحتُه.وراحةُ الثوب: طَيُّه. ابن شميل: الراحة من الأَرض:
المستويةُ، فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً، جَلَدٌ من الأَرض، وفي
أَماكن منها سُهُولٌ وجَراثيم، وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي،
وجمعها الرَّاحُ، كثيرة النبت.
أَبو عبيد: يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ، وما
في وجهه رائحةُ دَمٍ أَي شيء. والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛
قال:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ
وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرحمة؛ وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: سمعت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يقول: الريحُ من رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي
بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها واسأَلوا من خيرها، واستعذوا بالله
من شرِّها؛ وقوله: من روح الله أَي من رحمة الله، وهي رحمة لقوم وإِن كان
فيها عذاب لآخرين. وفي التنزيل: ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله؛ أَي من
رحمة الله، والجمع أَرواحٌ.
والرُّوحُ: النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو
بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر
والنفس مؤنثة عند العرب. وفي التنزيل: ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي؛ وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس. وروى الأَزهري بسنده عن
ابن عباس في قوله: ويسأَلونك عن الروح؛ قال: إِن الرُّوح قد نزل في
القرآن بمنازل، ولكن قولوا كما قال الله، عز وجل: قل الروح من أَمر ربي وما
أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن الفراء أَنه
قال في قوله: قل الروح من أَمر ربي؛ قال: من عِلم ربي أَي أَنكم لا
تعلمونه؛ قال الفراء: والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد. قال: وقوله عز وجل:
ونَفَخْتُ فيه من رُوحي؛ فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً
من عباده؛ قال: وسمعت أَبا الهيثم يقول: الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ
الذي يتنفسه الإِنسان، وهو جارٍ في جميع الجسد، فإِذا خرج لم يتنفس بعد
خروجه، فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً نحوه، حتى يُغَمَّضَ، وهو
بالفارسية «جان» قال: وقول الله عز وجل في قصة مريم، عليها السلام: فأَرسلنا
إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً؛ قال: أَضافِ الروحَ المُرْسَلَ
إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول: أَرضُ الله وسماؤه، قال: وهكذا قوله
تعالى للملائكة: فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي؛ ومثله: وكَلِمَتُه
أَلقاها إِلى مريم ورُوحٌ منه؛ والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله
لم يعط علمه أَحداً؛ وقوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء
من عباده؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ
النبوّة؛ ويُسَمَّى القرآنُ روحاً. ابن الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ.
والرُّوحُ: القرآن. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قال أَبو
العباس
(* قوله «قال أبو العباس» هكذا في الأصل.): وقوله عز وجل: يُلْقي
الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من
أَمره؛ قال أَبو العباس: هذا كله معناه الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حياة
من موت الكفر، فصار بحياته للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان؛
قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الرُّوح في الحديث كما تكرَّر في القرآن
ووردت فيه على معان، والغالب منها أَن المراد بالرُّوح الذي يقوم به
الجسدُ وتكون به الحياة، وقد أُطلق على القرآن والوحي والرحمة، وعلى جبريل في
قوله: الرُّوحُ الأَمين؛ قال: ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث. وفي الحديث:
تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه؛ أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم، وقيل: أَراد أَمر النبوَّة، وقيل: هو القرآن. وقوله تعالى: يوم
يَقُومُ الرُّوحُ والملائكةُ صَفّاً؛ قال الزجاج: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ
وليس هو بالإِنس، وقال ابن عباس: هو ملَك في السماء السابعة، وجهه على
صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة؛ وجاء في التفسير: أَن الرُّوحَ
ههنا جبريل؛ ورُوحُ الله: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول الله تعالى:
وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا؛ قال: هو ما نزل به جبريل من الدِّين
فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس؛ قال: وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا، فهو أَمره بأَعوانه، أَمر جبريل وميكائيل وملائكته، وما كان
فَعَلْتُ، فهو ما تَفَرَّد به؛ وأَما قوله: وأَيَّدْناه برُوح القُدُس، فهو
جبريل، عليه السلام. والرُّوحُ: عيسى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ على
الملائكة الحفظةِ على بني آدم، ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس.
وقوله: تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ؛ يعني أُولئك.
والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ: نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير
جسد، وهو من نادر معدول النسب. قال سيبويه: حكى أَبو عبيدة أَن العرب
تقوله لكل شيء كان فيه رُوحٌ من الناس والدواب والجن؛ وزعم أَبو الخطاب
أَنه سمع من العرب من يقول في النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ، بضم
الراء، والجمع روحانِيُّون. التهذيب: وأَما الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ
أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفَسَّرةِ من
غريب الحديث أَنه قال: حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ بن خالد قال:
بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون، ومنه مَن خُلِقَ من النور، قال: ومن
الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل، عليهم السلام؛ قال ابن شميل:
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام، هكذا يقال؛ قال: ولا يقال لشيء من
الخلق رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما
أَشبههما، وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون؛ قال الأَزهري:
وهذا القول في الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر
ان الرُّوحانيّ الذي نفخ فيه الرُّوح. وفي الحديث: الملائكة
الرُّوحانِيُّونَ، يروى بضم الراء وفتحها، كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو
نسيم الريح، والَلف والنون من زيادات النسب، ويريد به أَنهم أَجسام
لطيفة لا يدركها البصر.
وفي حديث ضِمامٍ: إِني أُعالج من هذه الأَرواح؛ الأَرواح ههنا: كناية عن
الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ، فهم بمنزلة الأَرواح. ومكان
رَوْحانيٌّ، بالفتح، أَي طَيِّب. التهذيب: قال شَمرٌ: والرِّيحُ عندهم
قريبة من الرُّوح كما قالوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قال أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ
مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه.
والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسم للوقت، وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ،
وقيل: الرَّواحُ من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل. يقال: راحوا يفعلون
كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً؛ يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وسار القوم رَواحاً
وراحَ القومُ، كذلك. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا؛
وأَنشد ثعلب:
وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،
غَداةً غَدٍ، أَو رائحُ بهَجِيرِ
والرواح: قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وهو نقيض قولك غدا
يَغْدُو غُدُوًّا. وتقول: خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ، بمعنًى.
ورجل رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ، وكذلك
الطير.وطير رَوَحٌ: متفرقة؛ قال الأَعشى:
ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ،
من غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
ويروى: الرُّوُحُ؛ وقيل: الرَّوَحُ في هذا البيت: المتفرّقة، وليس بقوي،
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم
وخَدَمٍ؛ التهذيب: في هذا البيت قيل: أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة
والفَجَرة، فطرح الهاء. قال: والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة.
ورجل رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، والجمع رَوَّاحُون، ولا
يُكَسَّر.
وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ، بكسر الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول.
وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وقوله:
ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،
وعليَّ، من سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بكسر الراء، فسره ثعلب فقال: معناه وقت.
وقالوا: قومُك رائحٌ؛ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال: ولا يكون ذلك
إِلاَّ في المعرفة؛ يعني أَنه لا يقال قوم رائحٌ.
وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: من ذهابه أَو سيره بالعشيّ. قال الأَزهري:
وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت، تقول: راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا، ويقول أَحدهم لصاحبه: تَرَوَّحْ، ويخاطب أَصحابه
فيقول: تَرَوَّحُوا أَي سيروا، ويقول: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ ونحو ذلك ما جاء في
الأَخبار الصحيحة الثابتة، وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ
إِليها، لا بمعنى الرَّواح بالعشي. في الحديث: مَنْ راحَ إِلى الجمعة في
الساعة الأُولى أَي من مشى إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر
النهار. ويقال: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان.
وقيل: أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال، فلا تكون الساعات التي عدَّدها في
الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة، وهي بعد الزوال كقولك: قعدت
عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن، وإِن لم يكن ساعة حقيقة التي هي
جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار،وإِذا قالت العرب: راحت
الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً، فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب
الشمس إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه. ابن سيده: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل
والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً، وقد أَراحها راعيها
يُرِيحُها. وفي لغة: هَراحَها يُهْرِيحُها. وفي حديث عثمان، رضي الله
عنه: رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الماشية
بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت. وتقول: افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ
أَي في يُسرٍ بسهولة؛ والمُراحُ: مأْواها ذلك الأَوانَ، وقد غلب على
موضع الإِبل.
والمُراحُ، بالضم: حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم بالليل.
وقولهم: ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء؛ راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها
أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وقي حديث سَرِقَة الغنم: ليس فيه قَطْعٌ
حتى يُؤْوِيَهُ المُراح؛ المُراحُ، بالضم: الموضع الذي تَرُوحُ إِليه
الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً، وأَما بالفتح، فهو الموضع الذي يروح إِليه
القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي أَعطاني،
لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه، وفي حديثها أَيضاً: وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً
وصِنْفاً، ويروى: ذابِحةٍ، بالذال المعجمة والباء، وقد تقدم. وفي حديث أَبي
طلحة: ذاك مالٌ رائحٌ أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله
إِليه، ويروى بالباء وقد تقدم.
والمَراحُ، بالفتح: الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه
كالمَغْدَى من الغَداةِ؛ تقول: ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً
إِذا أَشبهه في أَحوالِه كلها.
والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وقال اللحياني: أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال؛
وقول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُو
سِ، في دارِ صِرْمٍ، تُلاقس مُرِيحا
يمكن أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت، ويكون فاعلاً في معنى مفعول، ويروى:
تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه
إِذا رددته عليه؛ وقال الشاعر:
أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً،
دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه. وفي حديث الزبير: لولا حُدُودٌ
فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم
الأَئمة، ويجوز بالعكس وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية؛
ومنه حديث عائشة: حتى أَراحَ الحقَّ على أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذهبت إِليهم رَواحاً
أَو رُحْتُ عندهم. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جاءهم
رَواحاً.وفي الحديث: على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ، وهي المرَّة من
الرَّواح.
والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رائحة، هذه عن اللحياني. وقال
مرة: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء.
ويقال: هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه، ويَرْتَوِحان مثلُه؛
ويقال: هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه
وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ في عَمَل، يعمل ذا مرة وذا مرة؛ قال
لبيد:ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،
يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد.
والرَّوَّاحةُ: القطيعُ
(* قوله «والرواحة القطيع إلخ» كذا بالأصل بهذا
الضبط.) من الغنم.
ورَواحَ الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يعقوب:
إِذا اجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُراوِحُ،
هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة. وفي
الحديث: أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول القيام أَي يعتمد على
إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ منهما؛ ومنه حديث ابن
مسعود: أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه، فقال: لو راوَحَ كان أَفضلَ؛
ومنه حديث بكر بن عبد الله: كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قائماً وساجداً، يعني في الصلاة؛ ويقال: إِن يديه لتَتراوَحانِ
بالمعروف؛ وفي التهذيب: لتَتَراحانِ بالمعروف.
وناقة مُراوِحٌ: تَبْرُكُ من وراء الإِبل؛ الأَزهري: ويقال للناقة التي
تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قال: كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر.
والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ؛
وقيل: هو ما نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر، وحكى كراع فيه الرِّيحة على
مثال فِعْلَة، ولم يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة.
التهذيب: الرَّيِّحة نبات يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي
أَغصانه.
وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير
مطر، وقال الأَصمعي: وذلك حين يَبْرُدُ الليل فيتفطر بالورق من غير مطر؛
وقيل: تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار الصيف؛ قال
الراعي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لهم وَرَقٌ
راحَ العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخولُ
وروى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ
أَي مال. وخادَعَ: تَرَكَ، قال: ورواه أَبو عمرو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام
أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من أَهله، قال: وهذه هي الرواية الصحيحة. قال
الأَزهري: والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ
وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من غير مطر، قال: سمعت
العرب تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشجر: تَفَطُّره وخُروجُ ورقه
إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء، قال: وراحَ الشجر يَراحُ إِذا
تفطر بالنبات. وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر: طال. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ
رِيحَ غيره لقربه منه.وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من
الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بالتحريك: السَّعَةُ؛ قال المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،
فُتْحُ الشَّمائل، في أَيْمانِهِم رَوَحْ
وكبير بن هند: حيٌّ من هذيل. والفتخ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ
مَفْصِلِ اليدِ؛ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وكذلك قوله:
في أَيمانهم رَوَح؛ وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف، وبعده:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،
كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين، وهو دون
الفَحَج، إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه.
وكل نعامة رَوْحاء؛ قال أَبو ذؤيب:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ، كما
زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ والناس
يمشونَ؛ الأَروَحُ: الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه؛ ومنه الحديث:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها؛ وقيل: هو انبساط في صدر
القدم.
ورجل أَرْوَحٌ، وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. ابن
الأَعرابي: في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشدّها؛ قال الليث:
الأَرْوَحُ الذي في صدر قدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ
رَوَحاً. وقصعة رَوْحاءُ: قريبة القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وفي الحديث: أَنه
أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح.
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وفي الصحاح: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي
استنام. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نبت معروف؛ وقول
العجاج:عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،
على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يريد بالرائِح: الثورَ الوحشي، وهو إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه.
وذو الراحة: سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد. وقال ابن الأَعرابي قي
قوله دَلَكَتْ بِراحِ، قال: معناه استُريح منها؛ وقال في قوله:
مُعاوِيَ، من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يقول: إِذا أَظلم النهار واسْتُريحَ من حرّها، يعني الشمس، لما غشيها من
غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة؛ كقوله:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،
لا النُّورُ نُورٌ، ولا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وقيل: دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى
شُعاعَها براحته.
وبنو رَواحةَ: بطنٌ.
ورِياحٌ: حَيٌّ من يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: موضع. وقد سَمَّتْ رَوْحاً
ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: موضع، والنسب إِليه رَوْحانيٌّ، على غير قياس:
الجوهري: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
زيت: ابن سيده: الزَّيتُ معروف، عُصارة الزَّيْتون. والزَّيْتُون: شجر
معروف، والزَّيْتُ: دُهْنه، واحدته زَيْتُونة، هذا في قول من جعله
فَعْلوتاً؛ قال ابن جني: هو مثالٌ فائتٌ، ومن العَجب أَن يفوت الكتابَ، وهو في
القرآن العزيز، وعلى أَفواه الناس، قال الله، عز وجل: والتينِ والزيتونِ؛
قال ابن عباس: هو تِينُكم هذا، وزَيْتُونكم هذا. قال الفراء: يقال إِنهما
مسجدان بالشأْم؛ وقيل: الذي كلم الله تعالى عنده موسى، عليه السلام؛
وقيل: الزيتون جبال الشأْم. ويقال للشجرة نفسها: زيتونة، ولثَمرتها: زيتونة،
والجمع: الزَّيْتون، وللدهن الذي يستخرج منه: زيت.
ويقال للذي يبيع الزيت: زَيَّاتٌ، وللذي يَعْتَصِره: زَيَّات.
وقال أَبو حنيفة: الزيتون من العِضاءِ. قال الأَصمعي: حدثني عبد الملك
بن صالح بن علي، قال: تَبْقَى الزيتونةُ ثلاثةَ آلافِ سنة. قال: وكلُّ
زَيْتُونةٍ بفلَسْطِينَ من غَرْس أُمَم قبل الرُّوم، يقال لهم
اليُونانِيُّون.
وزِتُّ الثَّريدَ والطعامَ أَزِيتُه زَيْتاً، فهو مَزِيتٌ، على
النَّقْصِ، ومَزْيُوتٌ، على التَّمام: عَمِلْتُه بالزَّيت؛ قال الفرزدق في
النُّقصان يهجو ذا الأَهْدام:
ولم أَرَ سَوَّاقِينَ غُبْراً، كَساقةٍ
يَسُوقونَ أَعْدالاً، يُدِلُّ بَعِيرُها
جاؤُوا بِعِيرٍ، لم تَكُنْ يَمَنِيَّةً،
ولا حِنْطة الشأْمِ المَزِيتِ خَميرُها
هكذا أَنشده أَبو عليّ؛ والرواية:
أَتَتْهم بِعِيرٍ لم تكنْ هَجَرِيَّةً
لأَنه لما أَراد أَن يَنْفِي عن عِيرِ جعفرٍ أَن تَجْلِبَ إِليهم تمراً
أَو حِنْطة، إِنما ساقتْ إِليهم السلاحَ والرجالَ فقتلوهم؛ أَلا تراه
يقول قبل هذا:
ولم يأْتِ عِيرٌ قبلَها بالذي أَتتْ
به جَعْفَراً، يومَ الهُضَيْباتِ، عِيرُها
أَتَتْهم بعَمْرو، والدُّهَيْمِ، وتِسْعةٍ
وعِشْرينَ أَعْدالاً، تَمِيلُ أُيُورُها؟
أَي لم تكن هذه الأَعْدالُ التي حَمَلَتْها العِيرُ من ثيابِ اليَمن،
ولا من حنطة الشام. ومعنى يُدِلّ: يَذْهَبُ سَنامُه لثِقَلِ حِمْلِه.
اللحياني: زِتُّ الخُبْزَ والفَتُوتَ لتَتُّه بزَيْتٍ. وزِتُّ رأْسي
ورأْسَ فلانٍ: دَهَنْتُه بالزيت. وازَّتُّ به: ادَّهَنْتُ. وزِتُّ القَومَ:
حعلتُ أَديمهم الزَّيتَ. وزَيَّتُّهم إِذا زَوَّدْتَهم الزيتَ. وزاتَ
القومَ يَزيتُهم زَيْتاً: أَطعمهم الزيتَ؛ هذه رواية عن اللحياني.
وأَزاتُوا: كثُر عندهم الزيتُ، عنه أَيضاً، قال: وكذلك كل شيء من هذا إِذا أَردت
أَطعمتهم، أَو وهبت لهم، قُلْتَه: فَعَلْتهم، وإِذا أَردتَ أَنَّ ذلك قد
كثُر عندهم، قلتَ: قد أَفْعَلُوا.
وازْداتَ فلانٌ إِذا ادَّهَنَ بالزَّيْتِ، وهو مُزْداتٌ؛ وتصغيره
بتمامه: مُزَيْتِيتٌ.
وجاؤوا يَسْتَزِيتون أَي يَسْتَوْهِبُون الزيتَ.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.
كفر: الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ
با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً. ويقال لأَهل دار الحرب: قد
كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر. والكُفْرُ: جُحود النعمة،
وهو ضِدُّ الشكر. وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون. وكَفَرَ
نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه. ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه. ورجل
كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على
قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة
وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ:
وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى،
وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ
وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ. وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ قلوبهم كقُلوبِ
نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف،
والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ
وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع
جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة
الله، وهو مذكور في موضعه. وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال
الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن
أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر
إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة،
وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من
التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم
أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر
الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر
أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا
كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله
بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي
التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث
يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ
من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا
لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ،
لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً
وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال
الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي
يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد
يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى
حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما
أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت. وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله
عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر،
وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام،
وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل
نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة
الله، والآخر التكذيب بالله. وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم
كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو
إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى،
عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم
بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل:
جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر
وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر
مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر
لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر
للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول
لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو
مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن
الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي
يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع. وقوله سبحانه وتعالى: ومن
لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً
من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم
الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من
قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما
كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له،
ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر. وفي حديث ابن مسعود،
رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛
أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته
إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها. وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار
فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر،
وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛
يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث
يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء
لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ
ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب
المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛
والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال
الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن
الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما
يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو
كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك
أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له
إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان
كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه. وفي الحديث: أَن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ
بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً
قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه
إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني
أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ
فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد
باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو
كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر
صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع
الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان. وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من
العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين
إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما،
والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في
الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من
سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم،
حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم
يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى:
خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه
على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو
بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك
لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على
ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم
فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان
الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا
تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم
ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق. وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه:
تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل
إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن
التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل:
هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ. وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً.
يقال: لا تُكْفِرْ
أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً
بقولك وزعمك. وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر. وكل من ستر شيئاً، فقد
كَفَرَه وكَفَّره. والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب. والكُفَّارُ:
الزُّرَّاعُ. وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر
المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله
تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ
نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث
المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً
بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية. وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي
سترته. والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل
شيء. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه. وكَفَرَ الليلُ على
أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته. وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد
اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ
وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى
بيضهما عند غروب الشمس:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ
وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال
الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق
هذا المعنى فقال:
حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال
الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات
التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله
الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن
لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله
كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً. وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من
أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛
ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر
رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي
أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل
إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً. والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك
أَيضاً. وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛
كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ
وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في
ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد:
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما،
وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد
ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ
في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ
وفي رواية ابن شميل:
فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ
وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت. ورجل
مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه. والكافِرُ:
السحاب المظلم. والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول
لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ،
في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ
يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته. ورماد مَكْفُور:
مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد:
فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ،
وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ
أَي فيما يواريه من سواد الليل. وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في
وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع.
ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ،
فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم
يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه. وكلُّ شيء غطى
شيئاً، فقد كفَرَه. وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان
منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف
تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على
الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن
السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر. وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛
وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره. ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته
كل شيء وغطاه. ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ:
المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ. والمُتَكَفِّرُ: الداخل في
سلاحه. والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول
الفرزدق:
هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها،
فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها
حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ،
قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها
رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي
كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح. وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو
من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم:
كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة. وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث
فيها، والاسم الكَفَّارةُ. والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في
الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي
تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد
بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده. وأَما الحدود فقد روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ
لأَهلها أَم لا. وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها،
وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك. وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً
وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها
أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة،
كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة
أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم
المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه
تجب عليه الفدية. وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه
وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن
الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر. والكَفَرُ والكُفُرَّى
والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً
الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى. وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في
كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء
وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو
الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول
(* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في
الأصل. والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في
الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو
حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا
كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور
كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به،
من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ
والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها،
سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج:
كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ
كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه
بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً. وفي الحديث: أَنه كان اسم
كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع
وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد:
لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور. وقوله
عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل:
هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على
أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما
أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله
جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها
عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال
الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج
بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ
ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان،
والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب. وفي
الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي:
تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ
من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ
قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب
فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من
النخل. والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو
الإِغْرِيضُ. وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ
النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا
وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور. وفي حديث أَبي هريرة، رضي
الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى
سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من
قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من
يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر. وروي عن مُعَاوية أَنه قال:
أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى
النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى
البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا
يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها. والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه
قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم
الكُفُورَ. وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن
القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به
أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في
القبور. وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو
مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا
أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه. والتَّكْفِير: إِيماءُ
الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه. والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ
أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له. والتكفير: أَن يضع
يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب
في الحروب التي كانت بعدهم:
وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها،
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا
يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم،
فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ
للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا. وفي الحديث
عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها
تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت
اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما
يفعل من يريد تعظيم صاحبه. والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ
له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ
للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير. وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى
الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل. وفي حديث أَبي
معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام
قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً:
مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ
قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون
اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال. والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ
الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ:
له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ،
تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ
والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا
العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية:
وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ،
إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ
ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ
عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر
بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان
عَنَّيْتَ وآذَيْتَ. وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ
الأَلْيَتانِ.
هول: الهَوْلُ: المخافة من الأَمر لا يَدْرى ما يَهْجِم عليه منه
كَهَوْل الليل وهَوْل البحر، والجمع أَهْوال وهُؤُول، والهُؤُول جمع هَوْل؛
وأَنشد أَبو زيد:
رَحَلْنا من بلاد بني تميم
إِليك، ولم تَكَاءَدْنا الهُؤُولُ
يهمزون الواو لانضمامها. والهِيلَة: الهَوْلُ. وهالَنِي الأَمرُ
يَهُولُني هَوْلاً: أَفزَعَني؛ وقوله:
وَيْهاً فِدَاءً لك يا فَضالَهْ
أَجِرَّهُ الرُّمْحَ، ولا تُهالَهْ
فتح اللام لسكون الهاء وسكون الأَلف قبلها، واختاروا الفتحة لأَنها من
جنس الأَلف التي قبلها، فلما تحرَّكت اللام لم يلتق ساكنان فتحذف الأَلف
لالتقائهما؛ قال ابن سيده: فأَما قول الآخر:
إِضْرِبَ عنكَ الهُمُومَ طارِقَها،
ضَرْبَك بالسَّوْطِ قَوْنَسَ الفَرَس
فإِنَّ ابن جني قال: هو مَدْفوع مصنوع عند عامة أَصحابنا ولا رواية
تثبُت به، وأَيضاً فإِنه ضعيف ساقط في القياس، وذلك لأَن التأْكيد من مواضع
الإِطْناب والإِسْهاب فلا يَليق به الحَذْف والاختصار، فإِذا كان السماعُ
والقياسُ يدفعان هذا التأْويل وَجَب إِلغاؤه والعُدول إِلى غيره مما كثر
استعماله وصحَّ قياسه. وهَوْلٌ هائلٌ ومَهُول، وكَرِهَها بعضهم، وقد جاء
في الشعر الفصيح.
والتَّهْوِيل: التفريع؛ الأَزهري: أَمر هائل ولا يقال مَهُول إِلا أَن
الشاعر قد قال:
ومَهُولٍ، منَ المَناهِل، وَحْشٍ
ذي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
وتفسير المَهُول أَي فيه هَوْل، والعرب إِذا كان الشيء هُوَ لَهُ
أَخرجوه على فاعِل مثل دارِع لذي الدِّرْع، وإِن كان فيه أَو عليه أَخرجوه على
مَفْعول، كقولك مَجْنون فيه ذاك، ومَدْيون عليه ذاك. ومكان مَهِيل أَي
مَخُوف؛ قال رؤبة:
مَهِيلُ أَفْيافٍ لها فُيُوفُ
(* قوله «قال رؤبة إلخ» نقل الصاغاني مثله عن الجوهري ثم قال: هذا تصحيف
وصوابه مهبل بسكون الهاء وكسر الباء المعجمة بواحدة، والمهبل المنقطع
بين أرضين).
وكذلك مكان مَهالٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
أَلا يا لَقَوْمي لِطَيفِ الخَيا
لِ أَرَّقَ من نازِحٍ ذي دَلالِ
أَجازَ إِلينا، على بُعْده،
مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ
ويقال: اسْتَهال فلان كذا يَسْتَهِيله، ويقال يَسْتَهْوِله، والجيِّد
يَسْتَهِيله. وهُلْته فاهْتال: أَفزعته ففزع، وقد هَوَّل عليه.
والتَّهْوِيل والتَّهاوِيلُ: ما هُوِّلَ به؛ قال:
على تَهاوِيلَ لها تَهْوِيلُ
التهذيب: التَّهاوِيلُ جماعة التَّهْوِيل، وهو ما هالك من شيء، وهَوَّل
القومُ على الرجل. وفي حديث أَبي سفيان: أَن محمداً لم يُناكِرْ أَحداً
قطُّ إِلا كانت معه الأَهْوال؛ هي جمع هَوْل وهو الخوف والأَمرُ الشديد.
وفي حديث أَبي ذرٍّ: لا أَهُولَنَّك أَي لا أُخِيفُك فلا تَخَفْ مني. وفي
حديث الوحْيِ: فهُلْت أَي خِفْت ورُعِبْت، كقُلْتُ من القَوْل. وهَوَّل
الأَمرَ: شنَّعه.
والهُولةُ من النساء: التي تَهُول الناظرَ من حسنها؛ قال أُمية بن أَبي
عائذ الهذلي:
بَيْضاءُ صافِيةُ المَدامِعَ، هُولةٌ
للناظرين، كدُرَّة الغَوَّاصِ
ووَجْهُه هُولةٌ من الهُوَلِ أَي عَجَب. أَبو عمرو: يقال ما هو إِلاَّ
هُولةٌ من الهُوَل إِذا كان كَرِيهَ المنظَر. والهُولةُ: ما يفزَّع به
الصبي، وكل ما هالك يسمَّى هُولةً؛ قال الكميت:
كَهُولَة ما أَوْقَدَ المُحْلِفُون،
لَدى الحالِفِينَ، وما هَوَّلُوا
وهَوَّل على الرجل: حَمل. وناقة خِولُ الجَنان: حديدةٌ. وتَهَوَّل
للناقة تَهَوُّلاً: تشبَّه لها بالسبُع ليكون أَرْأَمَ لها على الذي تُرْأَم
عليه، وهو مثل تَذَأَّبت لها تَذَؤُّباً إِذا لبست لها لباساً تَتَشبَّه
بالذئب، قال: وهو أَن تستخْفي لها إِذا ظَأَرْتها على ولد غيرها
فتَشَبَّهت لها بالسبع فيكون أَرْأَم لها عليه. والتَّهاوِيل: زينة التَّصاوِير
والنُّقوش والوَشْي والسلاح والثياب والحَلْي، واحدها تَهْويل.
والتَّهاوِيل: الأَلوان المختلفة من الأَصْفر والأَحْمر. وهَوَّلت المرأَة: تزينت
بزينة اللِّباس والحَلْيِ؛ قال:
وهَوَّلتْ من رَيْطِها تَهاوِلا
والتَّهاويل: ما على الهَوادِج من الصوف الأَحمر والأَخضر والأَصفر؛
ويقال للرِّياض إِذا تزيَّنَت بِنَوْرها وأَزاهِيرها من بين أَصفر وأَحمر
وأَبيض وأَخضر: قد علاها تَهْوِيلُها؛ وقال عبد المسيح بن عَسَلة فيما
أَخرجه الزرعُ من الأَلوان؛ وفي المحكم: يصِف نباتاً:
وعازِبٍ قد عَلا التَّهْويلُ جَنْبَتَهُ،
لا تنفعُ النَّعْل في رَقْراقِهِ الحافِي
ومثله لعدي:
حتى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ
من التَّهاوِيل، شَكْل العِهْن في التُّوَمِ
وروى الأَزهري بإِسناده عن ابن مسعود في قوله عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً
أُخرى؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: رأَيت لجبريل، عليه
الصلاة والسلام، سِتَّمائة جَناح ينتَشِرُ من ريشه التَّهاوِيلُ والدرُّ
والياقوتُ أَي الأَشياء المختلفة الأَلْوان؛ أَراد بالتَّهاوِيل تَزايينَ
ريشه وما فيه من صفرة وحمرة وبياض وخضرة مثل تَهاوِيلِ الرياض؛ ويقال لما
يخرج من أَلوان الزَّهْر في الرياض التَّهاوِيل، واحدها تَهْوال، وأَصلها
ما يَهُول الإِنسانَ ويحيره. والتَّهْوِيلُ: شيء كان يفعل في الجاهليَّة،
كانوا إِذا أَرادوا أَن يستحلِفوا الرجل أَوْقَدُوا ناراً وأَلْقَوْا
فيها مِلْحاً.
والمُهَوِّل: المحلِّف، وكان في الجاهلية لكل قوم نار وعليها سَدَنةٌ،
فكان إِذا وقع بين الرجلين خُصومة جاءَا إِلى النار فيحلَّف عندها
(*
قوله: يحلِّف عندها أي الخصم) وكان السَّدَنة يطرَحون فيها مِلْحاً من حيث لا
يشعُر يُهَوِّلون بها عليه، واسم تلك النار الهُولَةُ، بالضم؛ التهذيب:
كانت الهُولَةُ ناراً يُوقِدونها عند الحَلِف ويُلْقون فيها مِلْحاً
فيَتَفَقَّع، يُهَوِّلون بها، وكذلك إِذا استحلفوا رجلاً؛ قال أَوس بن حجر
يصف حمار وحش:
إِذا اسْتَقْبَلَتْه الشمسُ صَدَّ بِوَجْهِه،
كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ
وهِيلَ السكران يُهالُ إِذا رأَى تَهاوِيل في سكره فيفزع لها؛ وقال ابن
أَحمر يصف خمراً وشاربها:
تَمَشَّى في مَفاصِلِه، وتَغْشى
سَناسِنَ صُلْبِه حتى يُهالا
ورجل هَوَلْوَلٌ: خفيف؛ حكاه ابن الأَعرابي، وهو فَعَلْعَل؛ وأَنشد:
هَوَلْوَلٌ إِذا ونَى القومُ نَزَلْ
والمعروف حَوَلْوَل.
والهَالُ: فُوهٌ من أَفْواهِ الطِّيبِ.
والهَالةُ: دارةُ القمر، وهَالةُ: الشمْسُ معرفة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ومُنْتَخَبٍ كأَنَّ هالةَ أُمُّهُ،
سَبَاهِي الفُؤادِ ما يَعِيش بمَعْقُول
ويروى أُمَّه، يريد أَنه فَرس كريم كأَنما نُتِجَته الشمسُ، ومُنْتَخَب
حذِر كأَنه من ذَكاء قلْبه وشُهومته فزِعٌ، وسَباهِي الفُؤاد: مُدَلَّهه
غافِلهُ إِلا من المَرَح، وهو مدكور في موضعه. وهَالةُ: اسم امرأَة عبد
المطلب. وهَالٌ: من زجر الخيل.
قشر: القَشْرُ: سَحْقُك الشيء عن ذيه. الجوهري: القِشْرُ واحد القُشُور،
والقِشْرَة أَخص منه.
قَشَرَ الشيءَ يَقْشِرُه ويَقْشُره قَشْراً فانْقَشَر وقَشَّرَهُ
تَقْشيراً فَتَقَشَّر: سَحَا لحاءَه أَو جِلْدَه، وفي الصحاح: نَزَعْتُ عنه
قِشْرَه، واسم ما سُحي منه القُشارة. وشيء مُقَشَّر وفُسْتُقٌ مُقَشَّر،
وقِشْرُ كل شيء غشاؤه خِلْقَةً أَو عَرَضاً. وانْقَشَر العُودُ وتَقَشَّر
بمعنًى. والقُشارة: ما تَقْشِرُه عن شجرة من شيء رقيق. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: إِذا أَنا حركته ثارَ لي قُشارٌ أَي قِشْرٌ.
والقُشارة: ما يَنْقَشِرُ عن الشيء الرقيق. والقِشْرةُ: الثوب الذي
يُلْبَسُ. ولباسُ الرجل: قِشْره، وكل ملبوس: قَشْرٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:مُنِعتْ حَنيفةُ واللَّهازِمُ منكمُ
قِشْرَ العِراقِ، وما يَلَذُّ الحَنْجَرُ
قال ابن الأَعرابي: يعني نبات العراق، ورواه ابن دريد: ثمر العراق،
والجمع من كل ذلك قُشورٌ. وفي حديث قَيْلَةَ: كنت إِذا رأَيت رجلاً ذا رُواء
أَو ذا قِشْرٍ طَمَحَ بَصَرِي إِليه. وفي حديث معاذ ابن عَفْراء: أَن عمر
أَرسل إِليه بحُلَّةٍ فباعها فاشترى بها خمسة أَرْؤس من الرقيق فأَعتقهم
ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْنِ يَلْبَسُهما على عِتْقِ خمسة
أَعْبُدٍ لغَبِينُ الرأْي؛ أَراد بالقشرتين الحُلَّةَ لأَن الحلة ثوبان إِزار
ورداء. وإِذا عُرِّيَ الرجلُ عن ثيابه، فهو مُقْتَشِر؛ قال أَبو النجم يصف
نساء:
يَقُلْنَ للأَهْتَمِ منا المُقْتَشِرْ:
وَيْحَك وارِ اسْتَكَ منا واسْتَتِرْ
ويقال للشيخ الكبير: مُقْتَشِرٌ لأَنه حين كَبِرَ ثَقُلَتْ عليه ثيابه
فأَلقاها عنه. وفي الحديث: إِن المَلَك يقول للصبي المنفوش خرجت إِلى
الدنيا وليس عليك قِشْرٌ. وفي حديث ابن مسعود ليلةَ الجنّ: لا أَرى عَوْرةً
ولا قِشْراً أَي لا أَرى منهم عورة منكشفة ولا أَرى عليهم ثياباً. وتَمْرٌ
قَشِرٌ أَي كثير القِشْر. وقِشْرَةُ الهُبْرَةِ وقُشْرَتُها: جلدها إِذا
مص ماؤها وبقيت هي. وتمر قَشِير وقَشِرٌ: كثير القِشْرِ. والأَقْشَرُ:
الذي انْقَشَر سِحاؤُه. والأَقْشَرُ: الذي يَنْقَشِرُ أَنفه من شدة الحر،
وقيل: هو الشديد الحمرة كأَنَّ بَشَرته مُتَقَشِّرَة، وبه سمي
الأُقَيْشِرُ أَحد شعراء العرب كان يقال له ذلك فيغضب؛ وقد قَشِرَ قَشَراً. ورجل
أَقْشَرُ بَيِّنُ القَشرِ، بالتحريك، أَي شديد الحمْرة. ويقال للأَبرص
الأَبْقَعُ والأَسْلَعُ والأَقْشَرُ والأَعْرَمُ والمُلَمَّع والأَصْلَخُ
والأَذْمَلُ. وشجرة قَشْراءُ: مُنْقَشِرَة، وقيل: هي التي كأَنَّ بعضَها قد
قُشِرَ وبعض لم يُقْشَرْ. ورجل أَقْشَرُ إِذا كان كثير السؤال مُلِحًّا.
وحية قَشْراء: سالِخٌ، وقيل: كأَنها قد قُشِرَ بعضُ سَلْخِها وبعضٌ
لَمَّا.
والقُشْرةُ والقُشَرةُ: مَطْرَةٌ شديدة تَقْشِرُ وجهَ الأَرضِ والحصى عن
الأَرض، ومَطَرةٌ قاشِرةٌ منه: ذات قَشْرٍ. وفي. وفي حديث عبد الملك بن
عُمَيْر: قُرْصٌ بلَبَنٍ قِشْرِيٍّ، هو منسوب إِلى القِشْرة، وهي التي
تكون فوق رأْس اللبن، وقيل: إِلى القُشْرَة والقاشِرةِ، وهي مطرة شديدة
تَقْشِرُ وجه الأَرض، يريد لبناً أَدَرَّه المَرْعَى الذي يُنْبِتُه مثلُ
هذه المطرة. وعام أَقْشَفُ أَقْشَرُ أَي شديد. وسنة قاشُور وقاشُورة:
مُجْدِبة تَقْشِرُ كلَّ شيء، وقيل: تَقْشِرُ الناسَ؛ قال:
فابْعَثْ عليهم سَنَةً قاشُورَه،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَه
والقَشُورُ: دواء يُقْشَرُ به الوجه ليَصْفُوَ لونُه. وفي الحديث:
لُعِنَتِ القاشرةُ والمَقْشُورة؛ هي التي تَقْشِرُ بالدواء بشرة وجهها ليصفو
لونه وتعالج وجهها أَو وجه غيرها بالغُمْرة. والمَقْشُورة: التي يفعل بها
ذلك كأَنها تَقْشِرُ أَعلى الجلد.
والقاشورُ والقُشَرةُ: المَشْؤوم، وقَشَرَهم قَشْراً: شَأَمَهم.
وقولُهم: أَشأَم من قاشر؛ هو اسم فحل كان لبني عُوَافةَ بن سعد بن زيد مَناةَ بن
تميم، وكانت لقومه إِبل تُذْكِرُ فاستطرقوه رجاء أَن تُؤْنِثَ إِبلُهم
فماتت الأُمهات والنسل. والقاشورُ: المَشْؤوم. والقاشورُ: الذي يجيء في
الحَلْبة آخر الليل، وهو الفِسْكِلُ والسُّكَيْتُ أَيضاً.
والقَشْوَرُ: المرأَة التي لا تحيض. والقُشْرانِ: جناحا الجرادة
الرقيقانِ. والقاشِرة: أَول الشِّجاج لأَنها تَقْشِرُ الجلد.
وبنو قَيْشَرٍ: من عُكْلٍ. وقُشَيْرٌ: أَبو قبيلة، وهو قُشَيْرُ بن كعب
بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعة ابن مُعَاوية بن بكر بن هوزان. غيره: وبنو
قُشَير من قيس.