من (ع ط ش) داء يصيب الإنسان والحيوان يشرب الماء فلا يروي.
من (ع ط ش) داء يصيب الإنسان والحيوان يشرب الماء فلا يروي.
عطش: العطَشُ: ضدُّ الرِّيّ؛ عطِشَ يعْطشُ عَطَشاً، وهو عاطِشٌ وعطِشٌ
وعطُشٌ وعَطْشان، والجمع عَطِشُون وعَطْشونَ وعِطاشٌ وعَطْشَى وعَطّاشَــى
وعُطَاشَــى، والأُنثى عَطِشةٌ وعَطْشةٌ وعَطْشى وعَطْشانةٌ ونسوة عِطاشٌ.
وقال اللحياني: هو عَطْشان يُرِيد الحالَ، وهو عاطِشٌ غداً، وما هو بعاطشٍ
بعد هذا اليوم. ورجل مِــعْطاشٌ: كثير العطَشِ؛ عن اللحياني، وامرأَة
مِــعْطاشٌ.
وعَطّشَ الإِبلَ: زاد في ظِمْئها أَي حبَسَها عن الماء، كانت نَوْبَتُها
في اليوم الثالث أَو الرابع فسقاها فوق ذلك بيوم. وأَعْطَشَها:
أَمْسَكها أَقلَّ من ذلك؛ قال:
أَعْطَشَها لأَقْرَبِ الوَقْتين
والمُعَطَّشُ: المحبوسُ عن الماء عمْداً. والمَعاطِشُ: مواقِيتُ
الظِّمْءِ، واحدُها مَعْطَشٌ، وقد يكون المَعْطَش مصدراً لِعَطِشَ يَعْطَشُ.
وأَعْطَشَ القومُ: عطِشَت إِبِلُهم؛ قال الحطيئة:
ويَحْلفُ حَلْفةً لبني بَنِيه:
لأَنتُمْ مُعْطِشون، وهُمْ رِواء
وقد أَعْطَشَ فلان، وإِنه لمُعْطِشٌ إِذا عطِشَت إِبلُه وهو لا يُريد
ذلك. وزَرْعٌ مُعَطَّشٌ: لم يُسْقَ. ومكان عَطِشٌ: قليلُ الماء.
والــعُطاش: داءٌ يُصِيب الصبي فلا يروى، وقيل: يُصِيب الإِنْسان يشرب
الماءَ فلا يَروَى. وفي الحديث: أَنه رَخَّص لصاحب الــعُطاش، بالضم،
واللَّهَث أَن يُفطِرا ويُطعِما. الــعُطاشُ، بالضم: شدّة العَطَشِ، وقد يكون داءٌ
يُشْرب معه ولا يَرْوي صاحبه. وعَطِشَ إِلى لقائه أَي اشتاق. وإِني إِليك
لعَطْشان، وإِني لأُجادُ إِليك، وإِني لجائع إِليك، وإِني لَمُلْتاحٌ
إِليك، معناه كله: مشتاق؛ وأَنشد:
وإِني لأُمْضِي الهَمَّ عنها تَجَمُّلاً،
وإَني، إِلى أَسْماءَ، عَطْشانُ جائعُ
وكذلك إِني لأَصْوَرُ إِليه. وعَطْشان نَطْشَان: إِتباع له لا يُفْرد.
قال محمد بن السري: أَصلُ عَطْشان عَطْشاء مثل صحراء، والنون بدل من أَلف
التأْنيث، يدل على ذلك أَنه يجمع على عَطاشَــى مثل صَحارَى.
ومكانٌ عَطِشٌ وعطْشٌ: قليل الماء؛ قال ابن الكلبي: كان لعبد المطلب بن
هاشم سَيفٌ يقال له العطشان، وهو القائل فيه:
مَنْ خانَه سَيْفُه في يوم مَلْحَمةٍ،
فإِنَّ عَطْشانَ لم يَنْكُلْ ولم يَخُنِ
عيم: العَيْمةُ: شَهُوة اللبَن. عامَ الرجلُ إلى اللَّبَن يَعامُ
ويَعِيمُ عَيْماً وعَيْمةً: اشتهاه. قال الليث: يقال عِمْتُ عَيْمة وعَيَماً
شديداً، قال: وكل شيء من نحو هذا مما يكون مصدراً لِفَعْلان وفَعْلى، فإذا
أَنَّثْتَ المصدر فخَفِّفْ، وإذا حَذَفت الهاء فثَقِّل نحو الحَيْرة
والحَيَر، والرَّغْبة والرَّغَب، والرَّهبة والرَّهَب، وكذلك ما أَشبهه من
ذواته. وفي الدعاء على الإنسان: ما له آمَ وعامَ؛ فمعنى آمَ هَلَكَت
امرأَتُه، وعامَ هَلَكتْ ماشيتُه فاشتاق إلى اللبن. وعامَ القومُ إذا قَلَّ
لَبَنُهم. وقال اللحياني: عامَ فقَدَ اللبنَ، فلم يزد على ذلك. ورجل عَيمانُ
أَيمانُ: ذهبت إبلُه وماتت امرأته. قال ابن بري: وحكى أَبو زيد عن
الطفيل بن يزيد امرأةٌ عَيْمى أَيْمَى، وهذا يَقْضِي بأَن المرأة التي مات
زوجها ولا مال لها عَيْمَى أَيمى. وامرأَة عَيْمى وجمعها وعَيامٌ كعطشان
وعطاش؛ وأَنشد ابن بري للجعدي:
كذلك يُضرَبُ الثَّوْرُ المُعَنَّى
ليَشْرَبَ وارِدُ البَقَر العِيام
وأَعامَ القومُ: هَلَكتْ إبلُهم فلم يجدوا لَبناً. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه كان يتعوَّذ من العَيْمة والغَيْمة والأَيمة؛
العَيْمةُ: شدّة الشَّهوة لِلَّبن حتى لا يُصْبَر عنه، والأَيمة: طول العُزْبة،
والعَيْمُ والغَيْمُ: العَطش؛ وقال أَبو المثلم الهذلي:
تَقول: أَرى أُبَيْنِيك اشْرَهَفُّوا،
فَهُم شُعْثٌ رُؤُوسُهُم عِيامُ
قال الأَزهري: أَراد أَنهم عِيامٌ إلى شرب اللبن شديدة شهوتُهم له.
والعَيْمةُ أَيضاً: شدّة العطش؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمي:
تُشْفى بها العَيْمةُ مِنْ سَقامِها
والعِيمةُ من المَتاع: خِيرَتُه. قال الأَزهري: عِيمةُ كلِّ شيء،
بالكسر، خِيارُه، وجمعها عِيَمٌ. وقد اعْتامَ يَعْتامُ اعْتِياماً واعْتانَ
يَعْتانُ اعْتِياناً إذا اختار؛ وقال الطرماح يمدح رجلاً وصفه بالجود:
مَبْسوطة يَسْتَنُّ أَوراقُها
عَلى مواليها ومُعْتامِها
واعْتَامَ الرَّجلُ: أَخَذَ العِيمةَ. وفي حديث عمر: إذا وقَفَ الرجلُ
عَلَيك غَنَمَهُ فلا تَعْتَمْه أَي لا تَخْتَر غنمه ولا تأْخذ منه
خِيارَها. وفي الحديث في صدقة الغنم: يَعْتَامُها صاحِبُها شاةً شاةً أَي
يختارها، ومنه حديث عليّ: بَلَغني أَنك تُنْفِق مالَ الله فيمن تَعْتَامُ من
عشيرتك، وحديثه الآخر: رسوله المُجْتَبَى من خلائقه والمُعْتَامُ لِشَرْع
حقائقه، والتاء في هذه الأَحاديث كلها تاء الافتعال. واعْتَامَ الشيءَ:
اختاره؛ قال طرفة:
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرامَ، ويَصْطَفِي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحشِ المُتَشَدِّدِ
قال الجوهري: أَعامَهُ اللهُ تَرَكَه بغير لبن. وأَعامنا بَنُو فلان أَي
أَخذوا حَلائِبَنا حتى بقينا عَيَامَى نشتهي اللبن، وأَصابتنا سَنةٌ
أَعامَتْنَا، ومنه قالوا: عامٌ مُعِيمٌ شديد العَيْمةِ؛ وقال الكميت:
بِعامٍ يَقُولُ لَهُ المُؤْلِفُو
ن: هَذا المُعِيمُ لَنَا المُرْجِلُ
وإذا اشتهى الرجل اللبن قيل: قد اشتهى فلان اللبن، فإذا أَفْرَطَتْ
شهوتُه جدّاً قيل: قد عَامَ إلى اللبن، وكذلك القَرَمُ إلى اللَّحْم،
والوَحَمُ. قال الأَزهري: وروي عن المؤرج أَنه قد طاب العَيَامُ أَي طاب
النهارُ، وطاب الشَّرْق أَي الشمس، وطاب الهَوِيمُ أَي الليل.
نهل: النَّهْل: أَوَّل الشُّرْب؛ تقول: أَنهَلْتُ الإِبلَ وهو أَول
سقيها، ونَهِلَتْ هي إِذا شربت في أَوَّل الوِرْد، نَهِلَتِ الإبلُ نَهَلاً
وإِبل نواهِل ونِهال ونَهَلٌ ونُهُول ونَهِلة ونَهْلى. يقال: إِبِل نَهْلى
وعَلَّى لِلتي تشرَب النَّهَل والعَلَل؛ قال عاهانُ بن كعب:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلى،
ودون ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ
أَي ينام صاحبها إِذا حصلت إِبله في مكان أَمين، واراد ونَهْلاها
فاجتزأَ من ذلك بإِضافة عَلاَّها، وأَراد ودون موضع ذِيادها فحذف المضاف. قال
ابن سيده: وإِنما قلنا هذا لأَن الذِّياد الذي هو العَرَض لا يمنع منه
العطَن، إِذ العطَن جوهر، والجواهر لا تحول دون الأَعراض، فتفَّهمه، وكذلك
غيرها من الماشية والناس. والنَّهَل: الرِّيُّ والعَطَش، ضِدُّ، والفعل
كالفعل. والمَنْهَل: المشرَب ثم كثر ذلك حتى سميت مَنازل السُّفَّار على
المِياه مَناهِل. وفي حديث الدجال أَنه يَرِد كلَّ مَنْهَل. وقال ثعلب:
المَنْهَل الموضع الذي فيه المشرَب.
والمَنْهَل: الشُّرْب، قال: وهذا الأَخير يتجه أَن يكون مصدر نَهِل وقد
كان ينبغي أَن لا يذكره لأَنه مُطَّرد. والناهِلة: المختلِفة إِلى
المَنْهَل، وكذلك النازِلة؛ وأَنشد:
ولم تُراقِب هناك ناهِلَةَ الـ
واشِينَ، لَمَّا اجْرَهَدَّ ناهِلُها
قال أَبو مالك: المَنازِل والمَناهِل واحد، وهي المَنازِل على الماء.
وأَنْهَل القومُ: نَهِلَت إِبِلُهم. ورجل مِنْهال: كثير الإِنْهال. قال
خالد بن جنبة الغنوي وغيره: المَنْهَل كل ما يَطَؤه الطريقُ مثل الرُّحَيل
والحفِير، قال: وما بين المَناهِل مَراحِل، والمَنْهَل من المياه: كلُّ ما
يَطَؤه الطريق، وما كان على غير الطريق لا يُدْعَى مَنْهَلاً، ولكن يضاف
إِلى موضعه أَو إِلى من هو مختصٌّ به فيقال: مَنْهَل بني فلان أَي
مَشْرَبهم وموضع نَهَلهم؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلول
أَي مَسْقِيٌّ بالراحِ. يقال: أَنْهَلْته فهو مُنْهَل، بضم الميم.
وفي حديث معاوية: النُّهُل الشُّروع؛ هو جمع ناهِل وشارع أَي الإِبل
الــعِطاش الشارِعة في الماء. ويقال: من أَين نَهِلْت اليوم؟ فتقول: بماء بني
فلان وبمَنْهَل بني فلان؛ وقوله أَين نَهِلت أَي شَرِبت فَرَوِيت؛
وأَنشد:ما زال منها ناهِلٌ ونائِب
قال: الناهِلُ الذي روي فاعتزَل، والنائبُ الذي يَنُوب عَوداً بعد
شُرْبها لأَنها لم تُنْضَح رِيّاً. الجوهري: المَنْهَل المَوْرِد وهو عين ماءٍ
تَرِدُه الإِبِل في المَراعي، وتسمّى المَنازل التي في المَفاوِز على
طريق السُّفَّار مَناهِل لأَن فيها ماءً. الجوهري وغيره: الناهِل في كلام
العرب العَطْشان، والناهِل الذي قد شرِب حتى روِي، والأُنثى ناهِلة،
والناهِل العَطْشان، والناهِل الرَّيَّان، وهو من الأَضداد؛ وقال
النابغة:الطاعِن الطَّعْنة، يوم الوَغَى،
يَنْهَل منها الأَسَلُ الناهِلُ
جعل الرِّماح كأَنها تعطَش إِلى الدَّمِ فإِذا شرعت فيه رَوِيتْ؛ وقال
أَبو عبيد: هو ههنا الشارِب وإِن شئت العَطْشان أَي يروى منه العطشان.
وقال أَبو الوليد: يَنْهَل يشرب منه الأَسَلُ الشارِب؛ قال الأَزهري
(* قوله
«قال الأزهري إلخ» نسب المؤلف الشطر الأخير في مادة جبى إلى الأخطل) :
وقول جرير يدل على أَن الــعِطاش تسمَّى نِهالاً؛ وهو قوله:
وأَخُوهُما السَّفَّاحُ ظَمَّأَ خَيْلَه،
حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالا
قال: وقال عمرة
(* قوله «وقال عمرة» عبارة التهذيب: عميرة) بن طارق في
مثله:
فما ذُقْت طَعْم النَّوْم، حتى رأَيتُني
أُعارِضُهم وِرْدَ الخماسِ النَّواهِل
قال أَبو الهيثم: ناهِل ونَهَل مثل خادِم وخَدَم وغائب وغَيَب وحارِس
وحَرَس وقاعِد وقَعَد. وفي حديث لقيط: الا فيطَّلِعون عن حَوْض الرسول لا
يَظْمأ والله ناهِلُه؛ يقول: من رَوِي منه لم يعطَش بعد ذلك أَبداً، وجمع
الناهِل نَهَل مثل طالِب وطَلَب، وجمع النَّهَل نِهال مثل جَبَل وجِبال؛
قال الراجز:
إِنَّك لن تُثَأْثِئَ النِّهالا،
بمِثْل أَنْ تُدارِك السِّجالا
قال ابن بري: وشاهد النِّهال بمعنى الــعِطاش قول ابن مقبل:
يذُودُ الأَوابِدَ فيها السَّمُوم،
ذِيادَ المُحِرِّ المَخاضَ النِّهالا
وقال آخر:
منه تُرَوِّي الأَسَل النَّواهِلا
والنَّهَل: الشُّرْب الأَوّل. وقد نَهِل، بالكسر، وأَنْهَلتْه أَنا
لأَنَّ الإِبل تسقى في أَوّل الوِرْد فتردُّ إِلى العَطَن، ثم تسقى الثانية
وهي العَلَل فتردّ إِلى المرعَى؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على نَهِل قول
الشاعر:
وقد نَهِلَتْ مِنَّا الرِّماحُ وعَلَّتِ
وقال آخر في أَنْهَلَتْ:
أَعَلَلاً ونحن مُنْهِلونَهْ
قال الأَصمعي: إِذا أَوْرد إِبله الماء فالسقيةُ الأُولى النَّهَل،
والثانية العَلَل؛ واستعمل بعض الأَغْفال النَّهَل في الدعاء فقال:
ثم انْثَنى من بعدِ ذا، فصَلَّى
على النبيِّ نَهَلاً وعَلاَّ
والنَّهَلُ: ما أُكِل من الطَّعامِ. وأَنْهَل الرجلَ: أَغضبه.
والمِنْهال: أَرض. والمِنْهال: اسم رجل. ومِنْهال: اسم رجل
(* قوله
«ومنهال اسم رجل» هذه عبارة المحكم، وقد اقتصر على ما قبل هذا وذكر البيت
بعده، فلعلها زيادة من الناسخ) قال:
لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،
فَتىً غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّة أَرْوَعا
ونُهَيْل: اسم. والمِنْهال: القَبْر. والمِنْهال: الغاية في السخاء.
والمِنْهال: الكَثِيب العالي الذي لا يَتماسَك انْهِياراً.
أسل: الأَسَل: نبات له أَغصان كثيرة دِقَاق بلا ورق، وقال أَبو زياد:
الأَسَل من الأَغْلاث وهو يخرج قُضْباناً دِقَاقاً ليس لها ورق ولا شوك
إِلا أَن أَطرافها مُحدَّدة، وليس لها شُعَب ولا خَشَب، ومَنْبِته الماء
الراكد ولا يكاد ينبت إِلا في موضع ماء أَو قريبٍ من ماء، واحدته أَسلَة،
تُتخذ منه الغَرابيل بالعراق، وإِنما سُمِّي القَنَا أَسَلاً تشبيهاً بطوله
واستوائه؛ قال الشاعر:
تَعدُو المَنايا على أُسامةَ في الـ
ـخِيس، عليه الطَّرْفاءُ والأَسَلُ
والأَسَل: الرِّماح على التشبيه به في اعتداله وطوله واستوائه ودقة
أَطرافه، والواحد كالواحد. والأَسَل: النَّبْل. والأَسَلة: شوكة النخل،
وجمعها أَسَل. قال أَبو حنيفة: الأَسَل عِيدانٌ تنبت طِوَالاً دِقَاقاً مستوية
لا ورق لها يُعْمَل منها الحُصُر. والأَسَل: شجر. ويقال: كل شجر له شوك
طويل فهو أَسَل، وتسمى الرماح أَسَلاً.
وأَسَلة اللسان: طَرَف شَبَاته إِلى مُسْتَدَقّه، ومنه قيل للصاد والزاي
والسين أَسَلِيَّة، لأَن مبدأَها من أَسَلة اللسان، وهو مُسْتَدَقُّ
طَرَفِهِ، والأَسَلة: مُسْتَدَقّ اللسان والذراع. وفي كلام عليّ: لم تَجِفَّ
لطُول المناجاة أَسَلاتُ أَلسنتهم؛ هي جمع أَسَلة وهي طَرَف اللسان. وفي
حديث مجاهد: إِن قُطِعَت الأَسَلة فبَيَّن بعض الحروف ولم يُبَيِّن
بعضاً يُحْسَب بالحروف أَي تُقسم دية اللسان على قدر ما بقي من حروف كلامه
التي ينطق بها في لُغَته، فما نَطَق به فلا يستحق ديته، وما لم ينطق به
استحق ديته. وأَسَلة البعير: طَرَف قَضيبه. وأَسَلة الذراع: مُسْتَدَقّ
الساعد مما يلي الكف. وكَفٌّ أَسِيلة الأَصابع: وهي اللطيفة السَّبْطة
الأَصابع. وأَسْل الثَّرى: بَلَغ الأَسَلة. وأَسَلة النَّصْل: مُسْتَدَقُّه.
والمُؤَسَّل: المُحَدَّد من كل شيء. وروي عن عليّ، عليه السلام، أنه قال:
لا قَوَد إِلا بالأَسَل؛ فالأَسَل عند عليّ، عليه السلام: كل ما أُرِقَّ
من الحديد وحُدِّد من سيف أَو سكين أَو سِنان، وأَصل الأَسَل نبات له
أَغصان دِقاق كثيرة لا وَرَق لها. وأَسَّلْت الحديد إِذا رَقَّقْتَه؛ وقال
مُزاحِم العُقَيلي:
تَبارى سَدِيساها، إِذا ما تَلَمَّجَتْ
شَباً مِثْلَ إِبزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّل
وقال عمر: وإِياكم وحَذْف الأَرنب
(* قوله «واياكم وحذف الارنب» عبارة
الاشموني في شرح الالفية: وشذ، التحذير بغير ضمير المخاطب نحو اياي في قول
عمر، رضي افيفي عه: لتذك لكم الاسل والرماح والسهام واياي وان يحذف احدكم
الارنب) بالعصا وليُذَكِّ لكم الأَسَل الرِّماح والنَّبْل؛ قال أَبو
عبيد: لم يُرد بالأَسل الرماح دون غيرها من سائر السلاح الذي حُدِّد
ورُقِّق، وقوله الرماح والنبل يردّ قول من قال الأَسل الرماح خاصة لأَنه قد جعل
النبل مع الرماح أَسَلاً، والأَصل في الأَسل الرماح الطِّوال وحدها، وقد
جعلها في هذا الحديث كنايةً عن الرماح والنبل معاً، قال: وقيل النبل
معطوف على الأَسل لا على الرماح، والرماح بيان للأَسَل وبدل؛ وجمع الفرزدق
الأَسَل الرماحَ أَسَلاتٍ فقال:
قَدْ مات في أَسَلاتِنا، أَو عَضَّه
عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقَتَّلُ
أَي في رماحنا. والأَسَلة: طَرَف السِّنان، وقيل للقَنا أَسَل لِما
رُكِّب فيها من أَطراف الأَسِنَّة. وأُذُن مُؤَسَّلة: دقيقة مُحَدَّدة
مُنْتَصبة. وكل شيء لا عوج فيه أَسَلة. وأَسَلة النعل: رأْسُها
المسْتدِقّ.والأَسِيلُ: الأَمْلس المستوي، وقد أَسُل أَسالة. وأَسُل خَدُّه أَسالة:
امَّلَسَ وطال. وخدٌّ أَسِيل: وهو السهل الليِّن، وقد أَسُل أَسالة.
أَبو زيد: من الخدود الأَسِيلُ وهو السهل اللين الدقيق المستوي والمسنون
اللطيف الدقيق الأَنف. ورجل أَسِيل الخَدِّ إِذا كان ليِّن الخدّ طويلَه.
وكل مسترسِلٍ أَسِيلٌ، وقد أَسُلَ، بالضم، أَسالة. وفي صفته،
صفيفيى افيفي عليه وسلم: كان أَسِيل الخد؛ قال ابن الأَثير: الأَسالة في
الخدّ الاستطالة وأَن لا يكون مرتفع الوَجْنة. ويقال في الدعاء على
الإِنسان: بَسْلاً وأَسْلاً كقولهم تَعْساً ونُكْساً. وتَأَسَّل أَباه: نزَع
إِليه في الشَّبْه كتأَسَّنَه. وقولهم: هو على آسالٍ من أَبيه مثل آسانٍ أَي
على شَبَه من أَبيه وعلامات وأَخلاق؛ قال ابن السكيت: ولم أَسمع بواحد
الآسال.
ومَأْسَل، بالفتح: اسم رملة. ومَأْسَل: اسم جبل. ودارة مأْسل: موضع؛ عن
كراع. وقيل: مأْسل اسم جبل في بلاد العرب معروف.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشــاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.
حوم: الحَوْمُ: القَطيع الضخمُ من الإِبل أَكثرُه إِلى الأَلف؛ قال
رؤبة:ونَعَماً حَوْماً بها مُؤَبَّلا
وقيل: هي الإِبل الكثيرة من غير أَن يُحَدَّ عددُها. وحَوْمةُ كل شيء:
معظمه كالبحر والحوض والرمل. والحَوْمةُ: أَكثر موضع في البحر ماءً
وأَغْمَرُه، وكذلك في الحوض. وحَوْمَةُ القتال: معظمه وأَشدُّ موضعٍ فيه، وكذلك
من الرمل والماء وغيره؛ وأَنشد ابن بري لرؤبة:
حتى إِذا كَرَعْنَ في الحَوْمِ المَهَقْ
وحَوْمةُ الماء: غَمْرَتُهُ؛ عن اللحياني.
والحَوَمانُ: دَومانُ الطائر يُدَوِّم ويَحُومُ حول الماء. وفي حديث ابن
عمر: ما وَليَ أَحدٌ إِلاَّ حامَ على قرابته أَي عطف كفعل الحائم على
الماء، ويروى حامى. وحامَ الطائرُ
على الشيء حَوْماً وحَوَماناً: دَوَّمَ. والطائرُ يَحُومُ حول الماء
ويَلُوبُ إِذا كان يدور حوله من العطش. الجوهري: حامَ الطائر وغيره حول
الشيء يَحُومُ حَوْماً وحَوَماناً أَي دار. وفي حديث الاستسقاء: اللهم
ارْحَمْ بهائمَنا الحائمةَ؛ هي التي تحوم حول الماء أَي تطوف فلا تجد ماءً
تَرِدُهُ، وحامَتِ الإِبلُ حول الماء حَوْماً كذلك. وكلُّ من رامَ أَمْراً
فقد حامَ عليه حَوْماً وحِياماً وحُؤُوماً وحَوَماناً. والحَومُ: اسم
للجمع، وقيل: جمع. وكلُّ عطشان حائمٌ. وإِبل حَوائم وحُوَّمٌ: عطاش جِدّاً؛
الأَصمعي: الحوَّمُ من الإِبل الــعِطاش التي تَحومُ حول الماء؛ وقال
الأَصمعي في قول عَلْقَمة بن عَبدَةَ:
كأْسٌ عزيز من الأَعْناب عَتَّقَها،
لبَعْضِ أَربابها، حانِيَّةٌ حُومُ
قال: الحُومُ الكثيرة، وقال خالد بن كلثوم الحُومُ التي تَحُومُ في
الرأْس أَي تدور، والمُعَتَّقة: التي طال مُكْثُها.
وهامَةٌ حائِمةٌ: عَطْشى، وفي التهذيب: قد عَطِشَ دِماغُها.
والحَوْمانةُ: مكان غليظٌ منْقادٌ، وجمعه حَوْمان وحَوامِينُ. وقال أَبو
حنيفة: الحَومْانُ من السهل ما أَنبت العَرْفَجَ، وقرئ بخط شَمرٍ لأَبي
خَيْرَةَ قال: الحَوْمانُ واحدتها حَوْمانةٌ شقائق بين الجبال، وهي
أَطيب الحُزُونة، ولكنها جَلَدٌ ليس فيها إِكام ولا أَبارقُ. وقال أَبو عمرو:
ما كان فوق الرمل ودونه حين تَصْعَدُه أَو تَهْبِطُهُ. وفي حديث وَفْد
مَذْحِج: كأَنها أَخاشِبُ بالحَوْمان أَي الأَرض الغليظة المنقادة.
والحَوْمانُ: نبات بالبادية، واحدته حَوْمانةٌ؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع
الحَوْمان في أَسماء النبات لغير الليث؛ قال: وأَظنه وَهَماً.
وحَامٌ: أَحدُ أَولاد نبيّ الله نوح، عليه السلام، وهو أَبو السُّودان؛
يقال: غلام حامِيٌّ وعَبْدٌ حامِيٌّ.
والحَوْمانُ: موضع؛ قال لبيد يصف ثَوْرَ وَحْشٍ:
وأَضحى يَقْتَرِي الحَوْمانَ فَرْداً
كنَصْلِ السَّيف حُودِثَ بالصِّقالِ
الأَزهري: وردتُ رَكِيَّة في جَوٍّ واسع يلي طَرَفاً من أَطراف الدَّوّ
يقال لها رَكِيَّة الحَوْمانة، قال: ولا أَدري الحَوْمان فَوْعال مِن
حَمَنَ، أَو فَعْلان من حام.
حرر: الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، والجمع حُرُورٌ وأَحارِرُ على غير قياس
من وجهين: أَحدهما بناؤه، والآخر إِظهار تضعيفه؛ قال ابن دريد: لا أَعرف
ما صحته. والحارُّ: نقيض البارد. والحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو
عبيدة: السَّمُومُ الريح الحارة بالنهار وقد تكون بالليل، والحَرُورُ:
الريح الحارَّة بالليل وقد تكون بالنهار؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ
سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
الجوهري: الحَرُورُ الريح الحارَّة، وهي بالليل كالسَّمُوم بالنهار؛
وأَنشد ابن سيده لجرير:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا
لَدَى فَرَسٍ مْسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صائم
مستن الحرور: مشتدّ حرها أَي الموضع الذي اشتدّ فيه؛ يقول: نزلنا هنالك
فبنينا خِباءً عالياً ترفعه الريح من جوانبه فكأَنه فرس صائم أَي واقف
يذب عن نفسه الذباب والبعوض بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شبه رَفْرَفَ الفُسْطاطِ
عند تحركه لهبوب الريح بسَبِيبِ هذا الفرس. والحَرُورُ: حر الشمس،
وقيل:الحَرُورُ استيقاد الحرّ ولَفْحُه، وهو يكون بالنهار والليل، والسَّمُوم لا
يكون إِلا بالنهار. وفي التنزيل: ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال ثعلب:
الظل ههنا الجنة والحرور النار؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَن الظل هو
الظل بعينه، والحرور الحرّ بعينه؛ وقال الزجاج: معناه لا يستوي أَصحاب الحق
الذين هم في ظل من الحق، وأَصحاب الباطل الذين هم في حَرُورٍ أَي حَرٍّ
دائم ليلاً ونهاراً، وجمع الحَرُور حَرائِرُ؛ قال مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قد صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها،
وفاضَتْ عليها شَمْسُهُ وحَرائِرُهْ
وتقول
(* قوله: «وتقول إِلخ» حاصله أنه من باب ضرب وقعد وعلم كما في
القاموس والمصباح وغيرهما، وقد انفرد المؤلف بواحدة وهي كسر العين في الماضي
والمضارع): حَرَّ النهارُ وهو يَحِرُّ حَرّاً وقد حَرَرْتَ يا يوم
تَحُرُّ، وحَرِرْتَ تَحِرُّ، بالكسر، وتَحَرُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني، حَرّاً
وحَرَّةً وحَرارَةً وحُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ وقد تكون الحَرارَةُ
للاسم، وجمعها حينئذ حَراراتٌ؛ قال الشاعر:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ،
على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ
وقد تكون الحَراراتُ هنا جمع حَرَارَةٍ الذي هو المصدر إِلا أَن
الأَوَّل أَقرب.
قال الجوهري: وأَحَرَّ النهارُ لغة سمعها الكسائي. الكسائي: شيء حارٌّ
يارٌّ جارٌّ وهو حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. وقال اللحياني: حَرِرْت يا
رجل تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً؛ قال ابن سيده: أُراه إِنما يعني الحَرَّ
لا الحُرِّيَّةَ. وقال الكسائي: حَرِرْتَ تَحَرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير.
وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ
حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛
قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل.
وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من
حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّةُ. وحَرَّ يَحِرُّ
إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي
حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال
الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد،
ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة.
ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان
عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى. وفي
الحديث: في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي
تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة يريد أَنها لشدة حَرِّها قد عَطِشَتْ
ويَبِسَتْ من العَطَشِ، قال ابن الأَثير: والمعنى أَن في سَقْي كل ذي كبد حَرَّى
أَجراً، وقيل: أَراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأَنه إِنما تكون كبده حرى
إِذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، ويشهد له ما جاء
في الحديث الآخر: في كل كبد حارّة أَجر، والحديث الآخر: ما دخل جَوْفي ما
يدخل جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ، وما جاء في حديث ابن عباس: أَنه نهى
مضارِبه أَن يشتري بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ، وفي حديث آخر: في كل كبد حرى رطبة
أَجر؛ قال: وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا
ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة
فإِن الميت يابس الكبد، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه.
ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛
قال:
وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ
أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ، واسْتَحَرَّتْ،
كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ. وفي حديث عيينة بن
حِصْنٍ: حتى أُذِيقَ نَسَاهُ من الحَرِّ مِثْلَ ما أَذَاقَ نَسايَ؛ يعني
حُرْقَةَ القلب من الوجع والغيظ والمشقة؛ ومنه حديث أُم المهاجر: لما نُعِيَ
عُمَرُ قالت: واحَرَّاه فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ،
وأَحَرَّها اللهُ.
والعرب تقول في دعائها على الإِنسان: ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي
أَعطشه وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وأَحَرَّ الرجلُ، فهو مُحِرٌّ
أَي صارت إِبله حِرَاراً أَي عِطاشــاً. ورجل مُحِرٌّ: عطشت إِبله. وفي
الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛
وأَورده ابن سيده منكراً فقال: ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في
يوم بارد؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد. وقال
ابن دريد: الحِرَّةُ حرارة العطش والتهابه. قال: ومن دعائهم: رماه الله
بالحِرَّةِ والقِرَّةِ أَي بالعطش والبرد.
ويقال: إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوَةً في فمي أَي حَرارةً ولَذْعاً.
والحَرارَةُ: حُرْقَة في الفم من طعم الشيء، وفي القلب من التوجع،
والأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، وسيأْتي ذكره.
وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو.
والحَرَّة: حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة
ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ، وهو عند
خروج الروح.
وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء
سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،
ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ
وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ
حَرارَة في صدورهن، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة، وإِنما دخلتها الهاء
لما كانت في معنى حزينة، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنها في معنى
رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة.
والمُكَتَّبَةُ: السهام التي أُجِيلَتْ عليهن حين اقتسمن واستهم عليهن.
واسْتَحَرَّ القتلُ وحَرَّ بمعنى اشتدَّ. وفي حديث عمر وجَمْع القرآن:
إِن القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بِقُرَّاءِ القرآن؛ أَي اشتدَّ وكثر،
وهو استفعل من الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ ومنه حديث عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى
واسْتَحَرَّ الموتُ. وأَما ما ورد في حديث علي، عليه السلام: أَنه قال
لفاطمة: لو أَتَيْتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَلته خادماً يَقِيكَ
حَرَّ ما أَنتِ فيه من العمل، وفي رواية: حارَّ ما أَنت فيه، يعني التعب
والمشقة من خدمة البيت لأَن الحَرارَةَ مقرونة بهما، كما أَن البرد مقرون
بالراحة والسكون. والحارُّ: الشاق المُتْعِبُ: ومنه حديث الحسن بن علي قال
لأَبيه لما أَمره بجلد الوليد بن عقبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى
قارَّها أَي وَلِّ الجَلْدَ من يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه ويعنيه شأْنُه،
والقارّ: ضد الحارّ.
والحَرِيرُ: المَحْرُورُ الذي تداخلته حَرارَةُ الغيظ وغيره.
والحَرَّةُ: أَرض ذات حجارة سود نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بالنار.
والحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها
مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون
حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ
لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ
وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب
لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد
انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل
خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له
ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ،
لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين،
وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين،
وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين،
وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين،
وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟
لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين،
جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ
ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ. وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما
ورد في حديث صفين أَن معاوية زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما
التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه:
لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين
أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال:
شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا
خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه
بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث،
ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ.
قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ
وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة،
وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض
في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ،
وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا
الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما
دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو
والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها
حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت
إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في
لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال:
جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو
أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين. والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة
بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وفي حديث جابر: فكانت زيادة رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، معي لا تفارقني حتى ذهبتْ مني يوم الحَرَّةِ؛
قال ابن الأَثير: قد تكرر ذكر الحرّة ويومها في الحديث وهو مشهور في
الإِسلام أَيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أَهل الشام الذين
ندبهم لقتال أَهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأَمَّر عليهم مسلم بن
عقبة المرّي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها هلك يزيد. وفي التهذيب:
الحَرَّة أَرض ذات حجارة سود نخرة كأَنما أُحرقت بالنار. وقال ابن شميل:
الحَرَّة الأَرض مسيرة ليلتين سريعتين أَو ثلاث فيها حجارة أَمثال الإِبل
البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بالنار، وما تحتها أَرض غليظة من قاع ليس
بأَسود، وإِنما سوَّدها كثرة حجارتها وتدانيها. وقال ابن الأَعرابي: الحرّة
الرجلاء الصلبة الشديدة؛ وقال غيره: هي التي أَعلاها سود وأَسفلها بيض.
وقال أَبو عمرو: تكون الحرّة مستديرة فإِذا كان منها شيء مستطيلاً ليس بواسع
فذلك الكُرَاعُ. وأَرض حَرِّيَّة: رملية لينة. وبعير حَرِّيٌّ: يرعى في
الحَرَّةِ، وللعرب حِرارٌ معروفة ذوات عدد، حَرَّةُ النار لبني سُليم،
وهي تسمى أُم صَبَّار، وحَرَّة ليلَى وحرة راجِل وحرة واقِم بالمدينة وحرة
النار لبني عَبْس وحرة غَلاَّس؛ قال الشاعر:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حتى استغاث شَريدُهُمْ،
بِحَرَّةِ غَلاَّسٍ وشِلْوٍ مُمزَّقِ
والحُرُّ، بالضم: نقيض العبد، والجمع أَحْرَارٌ وحِرارٌ؛ الأَخيرة عن
ابن جني. والحُرَّة: نقيض الأَمة، والجمع حَرائِرُ، شاذ؛ ومنه حديث عمر قال
للنساء اللاتي كنَّ يخرجن إِلى المسجد: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ أَي
لأُلزمنكنّ البيوت فلا تخرجن إِلى المسجد لأَن الحجاب إِنما ضرب على
الحرائر دون الإِماء.
وحَرَّرَهُ: أَعتقه. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا فله عَِدْلِ
مُحَرَّرٍ؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الذي جُعل من العبيد حرّاً فأُعتق. يقال:
حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بالفتح، أَي صار حُرّاً؛ ومنه حديث أَبي
هريرة: فأَنا أَبو هريرة المُحَرَّرُ أَي المُعْتَقُ، وحديث أَبي
الدرداء: شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم أَي أَنهم إِذا أَعتقوه استخدموه
فإِذا أَراد فراقهم ادَّعَوْا رِقَّهُ
(* قوله: «ادّعوا رقه» فهو محرر
في معنى مسترق. وقيل إِن العرب كانوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه
ووهبوه وتناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً، * فليس له حتى الممات خلاص
كذا بهامش النهاية). وفي حديث أَبي بكر: فمنكم عَوْفٌ الذي يقال فيه لا
حُرَّ بوادي عوف؛ قال: هو عوف بنُ مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشَّيْباني، كان
يقال له ذلك لشرفه وعزه، وإِن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد
والخَوَل، وسنذكر قصته في ترجمة عوف، وأَما ما ورد في حديث ابن عمر أَنه قال
لمعاوية: حاجتي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إِذا جاءه شيء لم يبدأْ بأَوّل منهم؛ أَراد بالمحرّرين الموالي وذلك
أَنهم قوم لا ديوان لهم وإِنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إِنما
كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإِيمان، وكان
هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر وتشفع في تقديم إِعطائهم لما علم من
ضعفهم وحاجتهم وتأَلفاً لهم على الإِسلام.
وتَحْرِيرُ الولد: أَن يفرده لطاعة الله عز وجل وخدمة المسجد. وقوله
تعالى: إِني نذرت لك ما في بطني مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي؛ قال الزجاج:
هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان
ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان
الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن
ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور، فلما ولدت امرأَة عمران مريم
قالت: رب إِني وضعتها أُنثى، وليست الأُنثى مما تصلح للنذر، فجعل الله من
الآيات في مريم لما أَراده من أَمر عيسى، عليه السلام، أَن جعلها
متقبَّلة في النذر فقال تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ.
والمُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. والمُحَرَّرُ: النذيرة، وكان يفعل ذلك بنو
إِسرائيل، كان أَحدهم ربما ولد له ولد فربما حَرَّرَه أَي جعله نذيرة في
خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه. وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ
الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛
قال:فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني
فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيقُ
فما رُدَّ تزوِيجٌ عليه شَهادَةٌ،
ولا رُدَّ من بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ
والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر:
سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال
أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.
والحُرُّ من الناس: أَخيارهم وأَفاضلهم. وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو
الرمة:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ
على حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى
أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال
بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم. والحُرُّ من كل
شيء: أَعْتَقُه. وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها.
والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والحُرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِعْرٍ أَو غيره.
وحُرُّ كل أَرض: وسَطُها وأَطيبها. والحُرَّةُ والحُرُّ: الطين الطَّيِّبُ؛
قال طرفة:
وتَبْسِمُ عن أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً،
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ له نَدُّ
وحُرُّ الرمل وحُرُّ الدار: وسطها وخيرها؛ قال طرفة أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ ورِحْلَتِي،
أَلا رُبَّ يومٍ لي سِوَى حُرّ دارِك
وطينٌ حُرٌّ: لا رمل فيه. ورملة حُرَّة: لا طين فيها، والجمع حَرائِرُ.
والحُرُّ: الفعل الحسن. يقال: ما هذا منك بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ ولا جميل؛
قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ
أَي بفعل حسن. والحُرَّةُ: الكريمة من النساء؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ
ـبُ سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ
قال الأَزهري: وأَما قول امرئ القيس:
لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ،
ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ
إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛
والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في
فعله؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر: ليلةُ حُرَّةٍ، وليلةٌ حُرَّةٌ،
ولآخر ليلة: شَيْباءُ. وباتت فلانة بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة
زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها؛ قال النابغة يصف نساء:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
الأَزهري: الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر
فيها على اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يقال: باتت فلانةُ بليلة حُرَّةٍ؛
وقال غير الليث: فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي
بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري:
الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛
قال عنترة:
جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ،
فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ
أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة. وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين:
جَيِّدُها. وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَرَّ حُسْناً
منه؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ.
وأَحْرارُ البُقُول: ما أُكل غير مطبوخ، واحدها حُرٌّ؛ وقيل: هو ما
خَشُنَ منها، وهي ثلاثة: النَّفَلُ والحُرْبُثُ والقَفْعَاءُ؛ وقال أَبو
الهيثم: أَحْرَارُ البُقُول ما رَقَّ منها ورَطُبَ، وذُكُورُها ما غَلُظَ
منها وخَشُنَ؛ وقيل: الحُرُّ نبات من نجيل السِّباخِ.
وحُرُّ الوجه: ما أَقبل عليك منه؛ قال:
جَلا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ،
وكان عليها هَبْوَةٌ لا تَبَلَّجُ
وقيل: حُرُّ الوجه مسايل أَربعة مدامع العينين من مقدّمهما ومؤخرهما؛
وقيل: حُرُّ الوجه الخَدُّ؛ ومنه يقال: لَطَمَ حُرَّ وجهه. وفي الحديث: أَن
رجلاً لطم وجه جارية فقال له: أَعَجَزَ عليك إِلاَّ حُرُّ وَجْهِها؟
والحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. وحُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. والحُرَّتانِ:
الأُذُنانِ؛ قال كعب بن زهير:
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها، للبَصِير بها
عِتْقٌ مُبينٌ، وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
وحُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ منها؛ وأَنشد:
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يعني حُرَّةَ الذِّفْرَى، وقيل: حُرَّةَ الذِّفْرَى صفة أَي أَنها حسنة
الذفرى أَسيلتها، يكون ذلك للمرأَة والناقة. والحُرُّ: سواد في ظاهر أُذن
الفرس؛ قال:
بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِراحٍ سَبُوقُ
والحُرَّانِ: السَّودان في أَعلى الأُذنين. وفي قصيد كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها
البيت؛ أَراد بالحرّتين الأُذنين كأَنه نسبها إِلى الحُرِّيَّةِ وكرم
الأَصل.
والحُرُّ: حَيَّة دقيقة مثل الجانِّ أَبيضُ، والجانُّ في هذه الصفة؛
وقيل: هو ولد الحية اللطيفة؛ قال الطرماح:
مُنْطَوٍ في جَوْفِ نامُوسِهِ،
كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
وزعموا أَنه الأَبيض من الحيات، وأَنكر ابن الأَعرابي اين يكون الحُرُّ
في هذا البيت الحية، وقال: الحرّ ههنا الصَّقْر؛ قال الأَزهري: وسأَلت
عنه أَعرابيّاً فصيحاً فقال مثل قول ابن الأَعرابي؛ وقيل: الحرّ الجانُّ من
الحيات، وعم بعضهم به الحية. والحُرُّ: طائر صغير؛ الأَزهري عن شمر:
يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأَصْغَرِ ما يكونُ
جُمَيِّلُ حُرٍّ. والحُرُّ: الصقر، وقيل: هو طائر نحوه، وليس به، أَنْمَرُ
أَصْقَعُ قصير الذنب عظيم المنكبين والرأْس؛ وقيل: إِنه يضرب إِلى الخضرة وهو
يصيد. والحُرُّ: فرخ الحمام؛ وقيل: الذكر منها. وساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ من
القَمَارِيِّ؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمامَةٌ،
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّما
وقيل: الساق الحمام، وحُرٌّ فرخها؛ ويقال: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛
ورواه أَبو عدنان: ساق حَرّ، بفتح الحاء، وهو طائر تسميه العرب ساق حرّ،
بفتح الحاء، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حرّ، وبناه صَخْرُ
الغَيّ فجعل الاسمين اسماً واحداً فقال:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، وظَلْتُ أَبْكي،
تَلِيدٌ ما أَبِينُ لها كلاما
وقيل: إِنما سمي ذكر القَماري ساقَ حُرٍّ لصوته كأَنه يقول: ساق حرّ ساق
حرّ، وهذا هو الذي جَرَّأَ صخر الغيّ على بنائه كما قال ابن سيده، وعلله
فقال: لأَن الأَصوات مبنية إِذ بنوا من الأَسماء ما ضارعها. وقال
الأَصمعي: ظن أَن ساق حر ولدها وإِنما هو صوتها؛ قال ابن جني: يشهد عندي بصحة
قول الأَصمعي أَنه لم يعرب ولو أَعرب لصرف ساق حر، فقال: سَاقَ حُرٍّ إِن
كان مضافاً، أَو ساقَ حُرّاً إِن كان مركباً فيصرفه لأَنه نكرة، فتركه
إِعرابه يدل على أَنه حكى الصوت بعينه وهو صياحه ساق حر ساق حر؛ وأَما قول
حميد بن ثور:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ وتَرَنُّما
البيت؛ فلا يدل إِعرابه على أَنه ليس بصوت، ولكن الصوت قد يضاف أَوّله
إِلى آخره، وكذلك قولهم خازِ بازِ، وذلك أَنه في اللفظ أَشْبه بابَ دارٍ؛
قال والرواية الصحيحة في شعر حميد:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دعت ساق حر في حمام تَرَنَّما
وقال أَبو عدنان: يعنون بساق حر لحن الحمامة. أَبو عمرو: الحَرَّةُ
البَثْرَةُ الصغيرة؛ والحُرُّ: ولد الظبي في بيت طرفة:
بين أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى
مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ
والحَرِيرَةُ بالنصب
(* قوله: «بالنصب» أراد به فتح الحاء): واحدة
الحرير من الثياب.
والحَرِيرُ: ثياب من إِبْرَيْسَمٍ.
والحَرِيرَةُ: الحَسَا من الدَّسَمِ والدقيق، وقيل: هو الدقيق الذي يطبخ
بلبن، وقال شمر: الحَرِيرة من الدقيق، والخَزِيرَةُ من النُّخَال؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي العَصِيدَة ثم النَّخِيرَةُ ثم الحَرِيرَة ثم
الحَسْوُ. وفي حديث عمر: ذُرِّي وأَنا أَحَرُّ لك؛ يقول ذرِّي الدقيق لأَتخذ لك
منه حَرِيرَةً.
وحَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. والمِحَرُّ: شَبَحَةٌ فيها
أَسنان وفي طرفها نَقْرانِ يكون فيهما حبلان، وفي أَعلى الشبحة نقران
فيهما عُود معطوف، وفي وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين فتغرز الأَسنان
في الأَرض حتى تحمل ما أُثير من التراب إِلى أَن يأْتيا به المكان
المنخفض.
وتحرير الكتابة: إِقامة حروفها وإِصلاح السَّقَطِ. وتَحْرِيرُ الحساب:
إِثباته مستوياً لا غَلَثَ فيه ولا سَقَطَ ولا مَحْوَ. وتَحْرِيرُ الرقبة:
عتقها.
ابن الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الكثيرة، والحَرَّةُ: العذاب الموجع.
والحُرَّانِ: نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب
الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا. والحُرَّانِ: الحُرُّ وأَخوه
أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما
أَشهر من الآخر سميا جميعاً باسم الأَشهر؛ قال المنخّل اليشكري:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني
مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ،
فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ،
ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
قال: وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل
اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في
رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال، فأَخذ المنخل ودفعه
إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه، فتسلمه فجعل يطعن في قفاه
بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده.
وحَرَّانُ: بلد معروف. قال الجوهري: حرَّان بلد بالجزيرة، هذا إِذا كان
فَعْلاناً فهو من هذا الباب، وإِن كان فَعَّالاً فهو من باب النون.
وحَرُوراءُ: موضع بظاهر الكوفة تنسب إِليه الحَرُورِيَّةُ من الخوارج
لأَنه كان أَوَّل اجتماعهم بها وتحكيمهم حين خالفوا عليّاً، وهو من نادر
معدول النسب، إِنما قياسه حَرُوراوِيٌّ؛ قال الجوهري: حَرُوراءُ اسم قرية،
يمد ويقصر، ويقال: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. ومنه حديث عائشة
وسُئِلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ هم
الحَرُورِيَّةُ من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ، وكان عندهم من التشديد في الدين
ما هو معروف، فلما رأَت عائشة هذه المرأَة تشدّد في أَمر الحيض شبهتها
بالحرورية، وتشدّدهم في أَمرهم وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها؛ وقيل: أَرادت
أَنها خالفت السنَّة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. قال
الأَزهري: ورأَيت بالدَّهْناءِ رملة وَعْثَةً يقال لها رملةُ حَرُوراءَ.
وحَرِّيٌّ: اسم؛ ونَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ. والحُرَّانُ: موضع؛ قال:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا،
فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ
وحُرَّيَات: موضع؛ قال مليح:
فَراقَبْتُه حتى تَيامَنَ، واحْتَوَتْ
مطَِافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ
والحَرِيرُ: فحل من فحول الخيل معروف؛ قال رؤبة:
عَرَفْتُ من ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا
فيه، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا
الحَرِيرُ: جد هذا الفرس، وضَرْبُه: نَسْلُه.
وحَرِّ: زجْرٌ للمعز؛ قال:
شَمْطاءُ جاءت من بلادِ البَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ، وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ،
عَمْداً، على جانِبِها الأَيْسَرِّ
قال: وحَيَّهْ زجر للضأْن، وفي المحكَم: وحَرِّ زجر للحمار، وأَنشد
الرجز.
وأَما الذي في أَشراط الساعة يُسْتَحَلُّ: الحِرُ والحَرِيرُ: قال ابن
الأَثير: هكذا ذكره أَبو موسى في حرف الحاء والراء وقال: الحِرُ، بتخفيف
الراء، الفرج وأَصله حِرْحٌ، بكسر الحاء وسكون الراء، ومنهم من يشدد
الراء، وليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر، قال: والمشهور في
رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلُّون الخَزَّ، بالخاء والزاي، وهو ضرب
من ثياب الإِبريسم معروف، وكذا جاء في كتاب البخاري وأَبي داود، ولعله
حديث آخر كما ذكره أَبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح فلا يتهم.
نوع: النَّوْعُ أَخَصُّ من الجِنس، وهو أَيضاً الضرْبُ من الشيء، قال
ابن سيده: وله تَحْديدٌ مَنْطِقيّ لا يليق بهذا المكان، والجمع أَنواعٌ،
قلّ أَو كثُر. قال الليث: النوْعُ والأَنواعُ جماعة، وهو كل ضرب من الشيء
وكل صِنْفٍ من الثياب والثمار وغير ذلك حتى الكلام؛ وقد تَنَوَّعَ الشيء
أَنواعاً.
وناعَ الغُصْنُ يَنوعُ: تمايَلَ. وناعَ الشيءُ نَوْعاً: تَرَجَّحَ.
والتنَوُّعُ: التذَبْذُبُ.
والنُّوعُ، بالضم: الجُوعُ، وصرَّف سيبويه منه فِعْلاً فقال: ناعَ
يَنوعُ نَوْعاً، فهو نائِعٌ. يقال: رَماه الله بالجوعِ والنُّوعِ، وقيل:
النُّوعُ إِتْباعٌ للجُوعِ، والنائِعُ إِتباعٌ للجائعِ، يقال: رجل جائعٌ
نائِعٌ، وقيل: النُّوعُ العطَشُ وهو أَشبه لقولهم في الدّعاء على الإِنسان:
جُوعاً ونوعاً، والفعل كالفعل، ولو كان الجُوع نُوعاً لم يحسن تكريره،
وقيل: إِذا اختلف اللفظان جاز التكرير، قال أَبو زيد: يقال جُوعاً له
ونُوعاً، وجُوساً له وجُوداً، لم يَزِدْ على هذا، وقيل: جائِعٌ نائِعٌ أَي
جائعٌ، وقيل عطشانُ، وقيل إِتباع كقولك حَسَنٌ بَسَنٌ، قال ابن بري: وعلى هذا
يكون من باب بُعْداً له وسُحقاً مما تَكَرَرَ فيه اللفظانِ المختلفانِ
بمعنى، قال: وذلك أَيضاً تقوية لمن يزعم أَنه إِتباع لأَن الإِتباع أَن
يكون الثاني بمعنى الأَوَّل، ولو كان بمعنى العطش لم يكن إِتباعاً لأَنه ليس
من معناه،قال: والصحيح أَنَّ هذا ليس إِتباعاً لأَن الإِتباع لا يكون
بحرف العطف، والآخرُ أَنَّ له معنى في نفسه يُنْطَقُ به مفرداً غير تابع،
والجمع نِياعٌ. يقال: قوم جِياعٌ نِياعٌ؛ قال القطامي:
لَعَمْرُ بَني شِهابٍ ما أَقامُوا
صدورَ الخيلِ والأَسَلَ النِّياعا
يعني الرِّماح الــعِطاش إِلى الدِّماء، قال: والأَسَلُ أَطرافُ
الأَسِنَّةِ، قال ابن بري: البيت لدريد بن الصِّمّةِ؛ وقول الأَجْدع بن مالك أَنشد
يعقوب في المقلوب:
خَيْلانِ من قَوْمي ومن أَعْدائِهِمْ،
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ وكلُّ ناعي
قال: أَراد نائِعٌ أَي عطشانُ إِلى دَمِ صاحِبه فقَلب؛ قال الأَصمعي: هو
على وجهه إِنما هو فاعِلٌ من نَعَيْتُ وذلك أَنهم يقولون يا لثاراتِ
فلانٍ:
ولقد نَعَيْتُكَ، يومَ حِرْمِ صَواِئقٍ،
بمعابِلٍ زُرْقٍ وأَبْيَضَ مِخْذَمِ
أَي طَلَبْتُ دَمَك فلم أَزلْ أَضْرِبُ القومَ وأَطعنُهُم وأَنْعاكَ
وأَبكيكَ حتى شفيت نفسي وأَخذْتُ بثأْري؛ وأَنشد ابن بري لآخر:
إِذا اشْتَدَّ نُوعِي بالفَلاةِ ذَكَرْتُها،
فقامَ مَقامَ الرّيِّ عِنْدِي ادِّكارُها
والنَّوْعةُ: الفاكِهةُ الرَّطْبةُ الطرِيَّةُ. قال أَبو عدنان: قال لي
أَعرابي في شيء سأَلته عنه: ما أَدري على أَيِّ مِنْواعٍ هو. وسُئِلَت
هِنْدُ ابنة الخُسِّ: ما أَشدُّ الأَشياء
(* قوله« ما اشد الاشياء إلخ» كذا
بالأصل هنا، وتقدم في مادة ضيع: ما أحدّ شيء؟ قالت: ناب جائع يلقي في
معى ضائع) ؟ فقالت: ضِرْسٌ جاِئعٌ يَقْذِفُ في مِعًى نائِعٍ ويقال للغصن
إِذا حرَّكته الرياح فتحرك: قد ناعَ يَنُوعُ نَوَعاناً، وتَنَوَّعَ
تَنَوُّعاً، واستَناع اسْتِناعةً، وقد نَوَّعَتْه الرياحُ تَنْويعاً إِذا
ضَرَبَتْه وحرَّكَتْه؛ وقال ابن دريد: ناعَ يَنوعُ ويَنِيعُ إِذا تمايَلَ، قال
الأَزهري: والخائِعُ اسم جبل يقابله جبل آخر يقال له نائِعٌ؛ وأَنشد
لأَبي وَجْزة السَّعْدي في ذكرهما:
والخائِعُ الجَوْنُ آتٍ عن شَمائِلِهمْ،
ونائِعُ النَّعْفِ عن أَيمانِهِمْ يَفَعُ
قال: ونُوَيعةُ اسم وادٍ بعَيْنِه؛ قال الراعي:
بَنُوَيْعَتَيْنِ فشاطئ التَّسْريرِ
واسْتَناعَ الشيءُ: تمادى؛ قال الطِّرمّاحُ:
قُلْ لِباكي الأَمواتِ: لا تَبْكِ للنا
سِ، ولا يَسْتَنِعْ به فَنَدُهْ
والاسْتِناعةُ: التَّقَدُّم في السير؛ قال القُطامِيّ يصف ناقَتَه:
وكانت ضَرْبةً من شَدْقَمِيٍّ،
إِذا ما احْتُثَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا
زرق: التهذيب: الزُّرْقةُ في العين، تقول: زَرِقَتْ عينه، بالكسر،
تَزْرَقُ زَرَقاً. ابن سيده: الزُّرْقة البياض حيثما كان، والزُّرْقة: خضرة في
سواد العين، وقيل: هو أَن يتغشَّى سوادَها بياضٌ، زَرِقَ زَرَقاً فهو
أَزْرَقُ وأَزْرَقِيٌّ؛ قال الأَعشى:
تتبَّعَه أَزْرَقِيٌّ لَحِمْ
وقد زَرِقَت عينُه، بالكسر؛ قال الشاعر:
لقد زَرِقَتْ عَيْناكَ يا ابن مُكَعْبَرٍ،
كما كلُّ ضَبِّيٍّ من اللُّؤْمِ أَزْرَقُ
وازْرَقَّت عينُه ازْرِقاقاً وازْراقَّت عينه ازْرِيقاقاً، وهو أَزْرَقُ
العين. ونَصْلٌ أَزْرَقُ بيِّنُ الزَّرَق: شديد الصَّفاء؛ قال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدت من الزَّرَقْ
حَجْرِيّةٌ كالجَمْر من سَنِّ الذَّلَقْ
وتسمى الأَسِنَّةُ زُرْقاً للونها. أَبو عبيدة: الزَّرَقُ
تَحْجيل يكون دُون الأَشاعِر، وقيل: الزَّرَقُ بياض لا يُطِيفُ بالعَظْم
كلّه ولكنه وضَحٌ في بعضه. أَبو عمرو: الزَّرْقاءُ الخَمْرُ. وماءٌ
أَزْرَقُ: صافٍ؛ رواه ابن الأَعرابي. ونُطْفة زَرْقاء. والزُّرْقُم:
الأَزْرَقُ الشديد الزَّرَق، والمرأَة زُرقُم أَيضاً، والذكر والأُنثى في ذلك
سواء؛ قال الراجز:
ليسَتْ بِكَحْلاءَ، ولكن زُرْقُمُ،
ولا بِرَسْحاءَ، ولكن سُتْهُمُ
وقال اللحياني: رجل أزْرَقُ ورُزْقُم وامرأَة زَرْقاء بيِّنة الزَّرَقِ
وزُرْقُمَةٌ.
والأَزارِقهُ من الحَرُوريّة: صِنْف من الخوارج، واحدهم أَزْرَقِيّ،
ينسبون إِلى نافع بن الأَزْرَق وهو من الدُّول بن حنيفة. وقوله تعالى:
ونَحْشُر المُجْرِمين يومئذٍ زُرْقاً؛ فسره ثعلب فقال: معناه عِطاش؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن هذا ليس على القصد الأَول، إِنما معناه ازْرَقَّت
أَعينُهم من شدة العطش، وقيل: عُمْياً يخرجون من قبورهم بُصَراء كما خُلِقوا
أَوَّلَ مرة ويَعْمَوْن في المحشر، وإِنما قيل زُرْقاً لأَن السواد
يَزْرَقُّ إِذا ذهبت نواظِرُهم، ويقال: زُرْقاً طامِعينَ فيما لا ينالونه، وقال
غيره: الزُّرْقُ المِياهُ الصافية؛ ومنه قول زهير:
فلمّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضرِ المُتَخَيِّم
والماء يكون أَزْرَقَ ويكون أَسْجَرَ ويكون أَخضرَ ويكون أَبيضَ.
والزُّرْقُ: أَكْثِبَةٌ بالدَّهْناء؛ قال ذو الرمة:
وقَرَّبْن بالزُّرْقِ الحَمائِلَ، بعدما
تَقَوَّبَ عن غِرْبانِ أَوْراكِها الخَطْرُ
والزُّرَيْقاءُ: ثَرِيدةٌ تُدَسَّمُ بلبن وزَيْت.
والمِزْراقُ من الرِّماح: رُمْحٌ قصير وهو أَخف من العَنَزَة. وقد
زَرَقَه بالمِزْراقِ زَرْقاً إِذا طعنَه أَو رماه به.
والبازِي يكون أَزرق وهي الزُّرْقُ؛ وقال ذو الرمة:
من الزُّرْق أَو صُقْع كأَن رُؤُوسها
وزَرَقَه بعينه وببصره زَرْقاً: أَحَدَّهُ
نحوَه ورماه به. وزَرَقَتْ عينُه نَحْوِي إِذا انْقَلَبَت وظهرَ
بياضُها. وزَرَقَت الناقةُ الرَّحْلَ أَي أَخَّرته إِلى وراء فانْزَرَق؛ قال
الراجز:
يزعم زيدٌ أَنَّ رَحْلي مُنْزَرقْ،
يَكْفِيكَه الله، وحَبْلٌ في العُنُقْ
يعني اللبَبَ. والمُنْزَرِقُ: المُسْتَلْقِي وراءه. وانْزَرَقَ الرجُل
انْزِراقاً إِذا استلقى على ظهره. قال أَبو منصور: وسمعت بعض العرب يقول
للبعير الذي يؤخر حمله إلى مؤخَّره مِزْراقٌ، ورأَيت جَمَلاً عندهم يسمى
مِزْراقاً لتأْخيره أَداته وما حمل عليه. ورجل زَرّاقٌ: خَدَّعٌ.
والزَّرْفة: خَرزة يؤَخَّذُ بها الرجال. وزَرَقَ الطائرُ وغَيْرُه وذَرَقَ إِذا
حَذَفَ به حَذْفاً.
والزُّرَّقُ: طائر بين البازي والباشَق يُصادُ به؛ وقال الفراء: هو
البازي الأَبيض، والجمع الزَّرارِيقُ. والزُّرَّقُ: شعرات بيض تكون في يد
الفرس أََو رجله. والزُّرَّقُ: بياض في ناصية الفرس أَو قَذالِه.
والزُّرَّقُ: الحَديد النظر، مثَّل به سيبويه وفسره السيرافي.
والزَّوْرَقُ من السُّفُن دون الخُلُج، وقيل: هو القارب الصغير؛ قال ذو
الرمة:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة،
دَعائمَ الزَّورِ نِعْمَت زَورَق البَلدِ
يعني نِعْمَت سَفِينةُ المفازة؛ وقول جرير أَنشده محمد بن حبيب:
تَزَوْرَقتَ، يا ابن القَيْنِ، من أَكل فِيرةٍ
وأَكْلِ عُوَيثٍ، حين أَسْهَلَك البَطْنُ
ويقال: تَزَوْرَقَ الرجلُ إِذا رمى ما في بطنه. والزَّوْرَقُ مأْخوذ
منه، وقد سمت زَرَقاناً.
وزُرَيْقٌ وزُرْقان: اسمان. والزَّرْقاء: فرس نافع ابن عبد العُزَّى.
والزَّرْنُوقانِ، بفتح الزاي: مَنارتان تُبْنَيانِ على رأْس البئْر؛ قال
ابن جني: هو فَعْنُول وهو غريب، فأَما الزُّرْنُوق، بضم الزاي،
فرُباعيّ، وسيذكر.
ظمأ: الظَّمَأُّ: العَطَشُ. وقيل: هو أَخَفُّه وأَيْسَرُه. وقال الزجاج:
هو أَشدُّه. والظَّمْآن: العَطْشانُ. وقد ظمِئَ فلان يَظْمَأُ ظَمَأً
وظَماءً وظَماءة إِذا اشتدَّ عَطَشُه. ويقال ظَمِئْتُ أَظْمَأُ ظَمْأً
فأَنا ظامٍ وقوم ظِماءٌ. وفي التنزيل: لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ. وهو ظَمِئٌ وظَمْآنُ والأُنثى ظَمْأَى وقوم ظِماءٌ أَي عِطاشٌ. قال
الكميت:
إِلَيْكُم ذَوي آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ * نَوازِعُ، من قَلْبِي، ظِماءٌ، وأَلْبُبُ
استعار الظِّماء للنَّوازِعِ، وإِن لم تكن أَشخاصاً. وأَظْمَأْتُه:
أَعْطَشْتُه. وكذلك التَّظْمِئةُ.
ورجل مِظْماءٌ مِــعطاشٌ، عن اللحياني. التهذيب: رجل ظَمْآنُ وامرأَة ظَمْأَى لا ينصرفان، نكرة ولا معرفة. وظَمِئَ إِلى لِقائه: اشْتاقَ، وأَصله ذلك. والاسم من جميع ذلك: الظِّمْءُ، بالكسر. والظِّمْءُ: ما بين الشُّرْبَيْنِ والوِرْدَيْن، زاد غيره: في وِرْد الإِبل، وهو حَبْسُ الإِبل عن الماءِ إِلى غاية الوِرْد. والجمع: أَظْماءٌ. قال غَيْلان الرَّبَعِي:
مُقْفاً على الحَيِّ قَصير الأَظْماءْ
وظِمْءُ الحَياةِ: ما بين سُقُوط الولد إِلى وقت مَوْتِه. وقولهم: ما
بَقِيَ منه إلاَّ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمار أَي لم يبق من عُمُره إِلاَّ
اليسيرُ. يقال: إِنه ليس شيءٌ من الدوابِّ أَقْصَرَ ظِمْأً من الحِمار، وهو أَقل الدوابّ صَبْراً عن العَطَش، يَرِدُ الماءَ كل يوم في الصيف مرتين. وفي حَدِيث بعضهم: حين لم يَبْقَ من عُمُري إِلاَّ ظِمْءُ حِمار أَي شيءٌ يسير. وأَقصَرُ الأَظْماءِ: الغِبُّ، وذلك أَن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتَصْدُرَ، فتكون في المرعى يوماً وتَرِدُ اليوم الثالث، وما بين شَرْبَتَيْها ظِمْءٌ، طال أَو قَصُر.
والـمَظْمَأُ: موضع الظَّمإِ من الأَرض. قال الشاعر:
وخَرْقٍ مَهارِقَ، ذِي لُهْلُهٍ، * أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْمَؤُهْ
أَجدَّ: جَدَّد. وفي حديث مُعاذ: وإِن كان نَشْر أَرض يُسْلِمُ عليها
صاحِبُها فإِنه يُخْرَجُ منها ما أُعْطِيَ نَشرُها رُبعَ المَسْقَوِيِّ
وعُشْرَ المَظْمئيِّ. المَظْمَئِيُّ: الذي تُسْقِيه السماءُ، والمَسْقَوِيُّ:
الذي يُسْقَى بالسَّيْح، وهما منسوبان إِلى المَظْمإِ
والمَسْقَى، مصدري أَسْقى وأَظْمَأَ.
قال ابن الأَثير: وقال أَبو موسى: المَظْمِيُّ أَصله المَظْمَئِيُّ فترك
همزه، يعني في الرواية.
وذكره الجوهري في المعتل ولم يذكره في الهمز ولا تعرَّض إِلى ذكر تخفيفه،ة وسنذكره في المعتل أَيضاً. ووجه ظَمْآنُ: قليلُ اللحم لَزِقت جِلْدَتُه بعظمه، وقَلَّ ماؤُه، وهو خِلاف الرَّيَّان. قال المخبل:
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفة لا * ظَمْآنُ مُخْتَلَجٌ، ولا جَهْمُ
وساقٌ ظَمْأَى: مُعْتَرِقةُ اللحم. وعَيْنٌ ظَمْأَى: رقيقة الجَفْن. قال
الأَصمعي: ريح ظَمْأَى إِذا كانت حارَّةً ليس فيها نَدى. قال ذو الرمة يصف السَّرابَ:
يَجْرِي، فَيَرْقُد أَحْياناً، ويَطْرُدُه * نَكْباءُ ظَمْأَى، من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ
الجوهري في الصحاح: ويقال للفرس إِن فُصُوصَه لَظِماءٌ أَي ليست برَهْلةٍ كثيرةِ اللحم. فَردَّ عليه الشيخ أَبو محمد بن بري ذلك، وقال: ظِماءٌ ههنا من باب المعتل اللام، وليس من المهموز، بدليل قولهم: ساقٌ ظَمْياءُ
أَي قَلِيلةُ اللحم. ولما قال أَبو الطيب قصيدته التي منها:
في سَرْجِ ظامِيةِ الفُصوصِ، طِمِرَّةٍ، * يأْبَى تَفَرُّدُها لها التَّمْثِيلا
كان يقول: إِنما قلت ظامية بالياءِ من غير همز لأَني أَردتُ أَنها ليست برهلة كثيرة اللحم. ومن هذا قولهم: رُمْح أَظْمَى وشَفةٌ ظَمْياءُ.
التهذيب: ويقال للفرس إِذا كان مُعَرَّقَ الشَّوَى إِنَّهُ لأَظْمَى الشَّوَى، وإِنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ إِذا لم يكن فيها رَهَلٌ، وكانت مُتَوتِّرةً، ويُحمَدُ ذلك فيها، والأَصل فيها الهَمز. ومنه قول الراجز يصف فرساً، أَنشده ابن السكيت:
يُنْجِيه، مِن مِثْلِ حَمامِ الأَغْلالْ،
وَقْعُ يَدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ
ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عالْ
فجعل قَوائِمَه ظِماءً. وسَراةٌ رَيَّا أَي مُمْتَلِئةٌ من اللحم. ويقال
للفرس إِذا ضُمِّرَ: قد أُظْمِئَ إِظْماءً، أَو ظُمِئَ تَظْمِئةً. وقال
أَبو النجم يصف فرساً ضَمَّره:
نَطْوِيه، والطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدُلُه، * نُظَمِّئُ الشَّحْمَ، ولَسْنَا نَهْزِلُه
أَي نَعْتَصِرُ ماءَ بدنه بالتَّعْرِيق، حتى يذهب رَهَلُه ويَكْتَنِز
لحمه.
وقال ابن شميل: ظَماءة الرجل، على فَعالةٍ: سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ
ضَرِيبَتِه وقِلَّةُ إِنْصافِه لمُخالِطِه، والأَصل في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا
ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِف شُركاءَه، فأَما الظَّمأُ، مقصور، مصدر ظَمِئَ يَظْمَأُ، فهو مهموز مقصور، ومن العرب مَن يَمدُّ فيقول: الظَّماءُ، ومن أَمثالهم: الظَّماءُ الفادِح خَيْرٌ منَ الرِّيِّ الفاضِح.
كرع: كَرِعَت المرأَةُ كَرَعاً، فهي كَرِعةٌ: اغْتَلَمَتْ وأَحَبَّتِ
الجِماعَ. وجارية كرِعةٌ: مِغْلِيمٌ، ورجل كَرِعٌ، وقد كَرِعَتْ إِلى
الفحْلِ كَرَعاً.
والكُراعُ من الإِنسان: ما دون الركبة إِلى الكعب، ومن الدوابِّ: ما دون
الكَعْبِ، أُنْثَى. يقال: هذه كُراعٌ وهو الوظيف؛ قال ابن بري: وهو من
ذواتِ الحافِرِ ما دُونَ الرُّسْغِ، قال: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُراعُ أَيضاً
للإِبل كما استعمل في ذوات الحافر؛ قالت الخنساءُ
(* قوله« قالت
الخنساء» كذا بالأصل هنا، ومر في مادة كوس: قالت عمرة أُخت العباس بن مرداس
وأمها الخنساء ترثي أخاها وتذكر أنه كان يعرقب الابل: فظلت تكوس على إلخ): فقامَتْ تَكُوسُ على أَكْرُعٍ
ثلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبا
فجعلت لها أَكارِعَ أَربعاً، وهو الصحيح عند أَهل اللغة في ذوات
الأَربع، قال: ولا يكون الكراع في الرِّجل دون اليد إِلا في الإِنسان خاصّة،
وأَما ما سواه فيكون في اليدين والرجلين، وقال اللحياني: هما مما يؤنث
ويذكر، قال: ولم يعرف الأَصمعي التذكير، وقال مرة أُخرى: هو مذكر لا غير، وقال
سيبويه: أَما كُراعٌ فإِن الوجه فيه ترك الصرْف، ومن العرب من يصرفه
يشبهه بذراع، وهو أَخبث الوجهين، يعني أَن الوجه إِذا سمي به أَن لا يصرف
لأَنه مؤنث سمي به مذكر، والجمع أَكْرُعٌ، وأَكارِعُ جمع الجمع، وأَما
سيبويه فإِنه جعله مما كسر على ما لا يكسّر عليه مثلُه فِراراً من جمع الجمع،
وقد يكسر على كِرْعانٍ. والكُراعُ من البقر والغنم: بمنزلة الوَظِيفِ من
الخيل والإِبل والحُمُرِ وهو مُسْتدَقُّ الساقِ العاري من اللحم، يذكر
ويؤنث، والجمع أَكْرُعٌ ثم أَكارِعُ. وفي المثل: أُعْطِيَ العبدُ كُراعاً
فطلَب ذِرعاً، لأَن الذراع في اليد وهو أَفضل من الكُراع في الرجْلِ.
وكَرَعَه: أَصابَ كُراعَه. وكَرِعَ كَرَعاً: شَكا كُراعَه. ويقال للضعيف
الدِّفاعِ: فلان ما يُنْضجُ الكُراعَ. والكَرَعُ: دِقَّةُ الأَكارِعِ،
طويلةً كانت أَو قصيرةً، كَرِعَ كَرَعاً، وهو أَكْرَعُ، وفيه كَرَعٌ أَي
دِقَّةٌ. والكَرَعُ أَيضاً: دِقَّةُ الساقِ، وقيل: دقة مُقَدَّمِها وهو
أَكْرعُ، والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصِّفةِ. وفي حديث الحوض:
فَبَدَأَ الله بكُراعٍ أي طرَفٍ من ماءِ الجنةِ مُشَبَّهٍ بالكراع لقلته، وإِنه
كالكُراعِ من الدابة.
وتَكَرَّعَ للصلاة: غَسَل أَكارِعَه، وعمّ بعضهم به الوضوء. قال
الأَزهري: تَطَهَّرَ الغلام وتَكَرَّعَ وتَمكَّنَ إِذا تطهر للصلاة.
وكُراعاً الجُنْدَبِ: رجلاه؛ ومنه قول أَبي زبيد:
ونَفَى الجُنْدَبُ الحَصى بِكُراعَيْـ
ـه، وأوْفَى في عُودِه الحِرْباءُ
وكُراعُ الأَرض: ناحِيَتُها. وأَكارِعُ الأَرض: أَطْرافُها القاصِيةُ،
شبهت بأَكارِعِ الشاء وهي قوائمُها. وفي حديث النخعي: لا بأْس بالطَّلَبِ
في أَكارِعِ الأَرض أَي نواحيها وأَطْرافِها. والكُراعُ: كلُّ أَنف سالَ
فتقدم من جبل أَو حَرّةٍ. وكُراع كلِّ شيء: طَرَفُه، والجمع في هذا كله
كِرْعانٌ وأَكارِعُ. وقال الأَصمعي: العُنُقُ من الحَرّة يمتدّ؛ قال عوف بن
الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عن الشُّعَراءِ عِرْضِي،
كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وقيل: الكُراعُ ركن من الجبل يَعْرِضُ في الطريق. ويقال: أَكْرَعَكَ
الصيْدُ وأَخْطَبَكَ وأَصْقَبَك وأَقْنى لكَ بمعنى أَمْكَنَكَ. وكَرِعَ
الرجلُ بِطِيبٍ فَصاكَ به أَي لَصِقَ به. والكُراعُ: اسم يجمع الخيل.
والكُراعُ: السلاحُ، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح.
وأَكْرَعَ القومُ إِذا صَبَّتْ عليهم السماءُ فاسْتَنْقَعَ الماءُ حتى
يَسْقُوا إِبلهم من ماء السماء، والعرب تقول لماء السماء إِذا اجتمع في
غَدِيرٍ أَو مَساكٍ: كَرَعٌ. وقد شَرِبْنا الكَرَعَ وأَرْوَيْنا نَعَمَنا
بالكَرَعِ. والكَرَعُ. والكُراعُ: ماء السماء يُكْرَعُ فيه. ومنه حديث
معاوية: شربت عُنْفُوانَ المكْرَعِ أَي في أَوّلِ الماءِ، وهو مَفْعَلٌ من
الكَرَعِ، أَراد به عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الماء وشرب غيره الكَدِرَ؛ قال
الراعي يصف إِبلاً وراعِيَها بالرِّفْقِ في رِعايةِ الإِبلِ، ونسبه
الجوهري لابن الرّقاع:
يَسُنُّها آبِلٌ، ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْأً شَديداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
وقيل: هو الذي تَخُوضُه الماشِيةُ بأَكارِعِها. وكل خائِضِ ماءٍ كارِعٌ،
شرِبَ أَو لم يشرب. والكَرّاعُ: الذي يسقي ماله بالكَرَعِ وهو ماء
السماء. وفي الحديث: أَنّ رجلاً سمع قائلاً يقول في سَحابة: اسق كَرَعَ فلان،
قال: أَراد موضعاً يجتمع فيه ماءُ السماء فيسقي به صاحبه زرعه. ويقال:
شربت الإِبل بالكَرَعِ إِذا شربت من ماءِ الغَدِيرِ.
وكَرَعَ في الماء يَكْرَعُ كُرُوعاً وكَرْعاً: تناوله بِفِيه من موضعه
من غير أَن يشرب بِكَفَّيْه ولا بإِناء، وقيل: هو أَن يدخل النهر ثم يشرب،
وقيل: هو أَن يُصَوِّبَ رأْسَه في الماء وإِن لم يشرب. وفي الحديث: أَنه
دخل على رجل من الأَنصار في حائِطه فقال: إِن كان عندك ماءٌ بات في
شَنِّه وإِلا كَرَعْنا؛ كَرَعَ إِذا تناوَلَ الماءَ بِفِيه من موضعه كما تفعل
البهائم لأَنها تدخل أَكارِعَها، وهو الكَرْعُ؛ ومنه حديث عكرمة: كَرِهَ
الكَرْعَ في النهر. وكل شيء شربت منه بنيك من إِناءٍ أَو غيره، فقد
كَرَعْتَ فيه؛ وقال الأَخطل:
يُرْوِي الــعِطاشَ لَها عَذْبٌ مُقَبَّلُه،
إِذا الــعِطاشُ على أَمثالِه كَرَعُوا
والكارِعُ: الذي رمى بفمه في الماء. والكَرِيعُ: الذي يشرب بيديه من
النهر إِذا فَقَدَ الإِناء. وكَرَعَ في الإِناء إِذا أَمال نحوه عنقه فشرب
منه؛ وأَنشد للنابغة:
بِصَهْباءَ في أَكْنافِها المِسْك كارِعُ
قال: والكارِعُ الإِنسانُ أَي أَنت المِسْكُ لأَنك أَنت الكارِعُ فيها
المسْكَ. ويقال: اكْرَعْ في هذا الإِناءِ نَفَساً أَو نفسين، وفيه لغة
أُخرى: كَرِع يَكْرَعُ كَرَعاً، وأَكْرَعُوا: أَصابوا الكَرَعَ، وهو ماء
السماء، وأَوْرَدُوا.
والكارِعاتُ والمُكْرِعاتُ: النخل
(* قوله«والمكرعات النخل» هو بكسر
الراء كما في سائر نسخ الصحاح افاده شارح القاموس وعليه يتمشى ما بعده، واما
المكرعات في البيت فضبط بفتح الراء في الأصل ومعجم ياقوت وصرح به في
القاموس حيث قال: وبفتح الراء ما غرس في الماء إلخ.) التي على الماء، وقد
أَكْرَعَتْ وكَرَعَتْ، وهي كارِعةٌ ومُكْرعةٌ؛ قال أَبو حنيفة: هي التي لا
يفارق الماءُ أُصولَها؛ وأَنشد:
أَو المُكْرَعات من نَخِيلِ ابن يامِنٍ،
دُوَيْنَ الصَّفا، اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً النخل القَرِيبةُ من المَحَلِّ، قال:
والمُكْرَعاتُ أَيضاً من النخل التي أُكْرِعَتْ في الماء؛ قال لبيد يصف نخلاً
نابتاً على الماء:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غير صادِرةٍ،
فكلُّها كارِعٌ في الماءِ مُغْتَمِرُ
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً الإِبل تُدْنى من البيوت لتَدْفَأَ
بالدُّخانِ، وقيل: هي اللَّواتي تُدْخِلُ رؤوسَها إِلى الصِّلاءِ فَتَسْوَدُّ
أَعْناقُها، وفي المصنف المُكْرَباتُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة للأَخطل:
فلا تَنْزلْ بِجَعْدِيٍّ إِذا ما
تَرَدَّى المُكْرعاتُ من الدُّخانِ
وقد جعلت المُكْرِعاتُ هنا النخيل النابتة على الماء.
وكَرَعُ الناس: سَفِلَتُهم. وأَكارِعُ الناسِ: السَّفِلَةُ شُبِّهُوا
بأَكارِعِ الدوابِّ، وهي قوائِمُها. والكَرَّاعُ: الذي يُخادِنُ الكَرَعَ
وهم السَّفِلُ من الناس، يقال للواحد: كَرَعٌ ثم هلم جرّاً. وفي حديث
النجاشي: فهل يَنْطِقُ فيكم الكَرَعُ؟ قال ابن الأَثير: تفسيره في الحديث
الدَّنيءُ النفْسِ. وفي حديث علي: لو أَطاعَنا أَبو بكر فيما أَشَرْنا به
عليه من ترْكِ قِتالِ أَهلِ الرِّدّةِ لَغَلَبَ على هذا الأَمْرِ الكَرَعُ
والأَعْرابُ؛ قال: هم السَّفِلَةُ والطَّعامُ من الناسِ.
وكُراعُ الغَمِيم: موضع معروف بناحية الحجاز. وفي الحديث: خرَج عامَ
الحُدَيْبِيةِ حتى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيم، هو اسم موضع بين مكة والمدينة.
وأَبو رِياشٍ سُوَيْدُ بن كُراعَ: من فٌرْسانِ العرب وشعرائهم، وكُراعُ
اسم أُمه لا ينصرف، قال سيبويه: هو من القسم الذي يقع فيه النسب إِلى الثاني
لأَن تَعَرُّفَه إِنما هو به كابن الزُّبَيْرِ وأَبي دَعْلَجٍ، وأَما
الكَرّاعةُ التي تَلْفِظُ بها العامّةُ فكلمة مُوَلَّدة.
صدي: الصَّدَى: شدَّةُ العَطَشِ، وقيل: هو العطشُ ما كان، صَدِيَ
يَصْدَى صَدىً، فهو صَدٍ وصادٍ وصَدْيانُ، والأُنْثَى صَدْيا؛ وشاهد صادٍ قول
القطامي:
فهُنَّ يَنْبِذْنَ مِن قَوْلٍ يُصِبْنَ به
مَواقِعَ الماء من ذِي الغُلَّةِ الصادِي
والجمع صِداءٌ. ورجل مِصْداءٌ: كثيرُ العَطَشِ؛ عن اللحياني. وكأْسٌ
مُصْداةٌ: كثيرة الماء، وهي ضِدُّ المُعْرَقَةِ التي هي القليلةُ الماءِ.
والصَّوادِي النَّخْلُ التي لا تَشْرَبُ الماءَ؛ قال المَرّار:
بناتُ بناتِها وبناتُ أُخْرَى
صَوَادٍ ما صَدِينَ، وقَدْ رَوِينا
صَدِينَ أَي عَطِشْنَ. قال ابن بري: وقال أَبو عمرو الصَّوادي التي
بَلَغَتْ عُرُوقُها الماءَ فلا تَحْتاجُ إلى سَقْيٍ. وفي الحديث:
لتَرِدُنّْ يومَ القيامةِ صَودايَ أَي عِطاشــاً، وقيل: الصَّوادِي النَّخْلُ
الطِّوالُ منها ومن غيرِها؛ قال ذو الرُّمَّة:
مَا هِجْنَ، إذْ بَكَرْنَ بالأَحْمالِ،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْلِ والسَّيالِ
واحدتها صادِيَةٌ؛ قال الشاعر:
صَوادِياً لا تُمْكِنُ اللُّصُوصَا
والصَّدى: جَسَدُ الإنْسَانِ بعدَ مَوْتِهِ. والصَّدَى: الدِّماغُ
نَفْسُه، وحَشْوُ الرَّأْسِ، يقال: صَدَعَ اللهُ صَدَاهُ. والصَّدَى: موضِعُ
السَّمْعِ من الرَّأْسِ. والصَّدىَ: طائِرٌ يَصِيحُ في هامَةِ
المَقْتُولِ إذا لَمْ يُثْأَرْ به، وقيل: هو طائِرٌ يَخْرُجُ من رَأْسِهِ إذا
بَلِيَ، ويُدْعَى الهامَةَ، وإنما كان يزعُم ذلك أَهلُ الجاهِلية.
والصَّدَى: الصَّوْت. والصَّدَى: ما يُجِيبُكَ من صَوْتِ الجَبَلِ ونحوهِ بمِثْلِ
صَوْتِكَ. قال الله تعالى: وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً
وتَصْدِيَةً؛ قال ابن عرفة: التَّصْدِيَة من الصَّدَى، وهو الصَّوْتُ
الذي يَرُدُّهُ عليكَ الجَبَلُ، قال: والمُكاءُ والتَّصْديَة لَيْسَا
بصَلاةٍ، ولكنّ الله عز وجل أَخبر أَنهم جعلوا مكانَ الصَّلاةِ الَّتي أُمِروا
بها المكاء والتَّصْدِيَة؛ قال: وهذا كقولِكَ رَفَدَنِي فلانٌ ضَرْياً
وحرْماناً أَي جَعل هَذَيْن مكانَ الرِّفْدِ والعَطاءِ كقول الفرزدق:
قَرَيْناهُمُ المَأَثُورَةَ البِيضَ قَبْلَها،
يَثُجُّ القُرونَ الأَيْزَنِيُّ المُثَقَّف
(* قوله «القرون» هكذا في الأصل هنا، والذي في التهذيب هنا واللسان في
مادة يزن: يثج العروق).
أَي جَعَلْنا لهم بدَلَ القِرَى السُّيوفَ والأَسِنَّة. والتَّصْدِيَة:
ضَرْبُكَ يَداً على يَدٍ لتُسْمِعَ ذلك إنساناً، وهو من قوله مُكاءً
وتَصْدِيَة. صَدَّى: قيلَ أَصْلُه صَدَّدَ لأَنَّه يقابِلُ في التَّصْفِيقِ
صَدُّ هذا صَدَّ الآخَرِ أَي وجْهاهُما وجْهُ الكَفِّ يقابِلُ وَجْهَ
الكَفِّ الأُخْرَى.
قال أَبو العَبَّاسِ روايةً عن المُبَرِّدِ
(* قوله «رواية عن المبرد»
هكذا في الأصل، وفي التهذيب: وقال أبو العباس المبرد). الصَّدَى على ستة
أَوجه، أَحدها مَا يَبْقَى من المَيّتِ في قَبْرِه وهو جُثَّتهُ؛ قال
النَّمِر بنُ تَوْلَبٍ:
أَعاذِلُ، إنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بقَفْرَةٍ
بَعِيداً نَآنِي ناصِرِي وقرِيبي
فصَدَاهُ: بَدَنهُ وجُثَّتهُ، وقوله: نَآنِي أَي نَأَى عَنِّي، قال:
والصَّدَى الثاني حُشْوةُ الرأْسِ يقال لها الهَامَةُ والصَّدَى، وكانت
العرب تَقولُ: إنَّ عِظامَ المَوْتَى تَصِيرُ هامَةً فتَطِيرُ، وكان أَبو
عبيدة يقول: إنهم كانوا يسَمون ذلك الطَّائِرَ الذي يخرُجُ من هَامَةِ
المَيِّتِ إذا بَلِيَ الصَّدَى، وجَمْعُه أَصْداءٌ؛ قال أَبو دواد:
سُلِّطَ المَوْتُ والمَنُونُ عَلَيْهِم،
فلَهُمْ في صَدَى المَقابِرِ هَامُ
وقال لبيد:
فَلَيْسَ الناسِ بَعْدَك في نَقِيرٍ،
ولَيْسُوا غَيْرَ أصْداءٍ وهامِ
والثالث الصَّدَى الذَّكَر من البُومِ، وكانت العرب تقول: إذا قُتلَ
قَتِيلٌ فلم يُدْرَكْ به الثَّأْرُ خَرجَ من رَأْسِه طائِرٌ كالبُومَة وهي
الهامَة والذَّكر الصَّدَى، فيصيح على قَبْرِه: اسْقُونِي اسْقُونِي فإن
قُتِل قاتِلُه كَفَّ عن صِياحهِ؛ ومنه قول الشاعر
(* هو أبو الأصبع
العدواني، وصدر البيت:
يا عمرو وإن لم تدع شتمي ومنقصتي).
أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهَامَةُ: اسْقُونِي
والرابع الصّدى ما يرجِع عليك من صوتِ الجبل؛ ومنه قول امرئ القيس:
صمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها،
واسْتَعْجَمَتْ عن منطِقِ السَّائل
وروى ابن أَخي الأَصمعي عن عمه قال: العرب تقول الصَّدى في الهامةَ،
والسَّمْعُ في الدِّماغ. يقال: أَصمَّ اللهُ صَداهُ، من هذا، وقيل: بل
أَصمَّ اللهَ صَداه، من صدى الصوتِ الذي يجيب صوت المُنادي؛ وقال رؤبة في
تصديق من يقول الصَّدى الدِّماغ:
لِهامِهِم أَرُضُّه وأَنقَخُ
أُمَّ الصَّدى عن الصَّدى وأَصْمَخُ
وقال المبرد: والصَّدى أَيضاً العَطش. يقال: صَدِي الرجلُ يَصْدى صَدىً،
فهو صَدٍ وصَدْيانُ؛ وأَنشد
(* البيت لطرفة من معلقته) :
ستعلمُ، إن مُتنا صَدىً، أَيُّنا الصَّدي
وقال غيره: الصَّدَى العَطَشُ الشديدُ. ويقال: إنه لا يشتدُّ العطشُ حتي
ييبَسَ الدماغُ، ولذلك تنشَقُّ جلدةُ جَبهةِ من يموتُ عطشاً، ويقال:
امرأَة صَدْيا وصادِيَةٌ. والصَّدى السادسُ قولُهُم: فلان صَدى مال إذا كان
رفيقاً بسِياسِتها
(* المراد بالمال هنا الإبل، ولذلك أنث الضمير العائد
إليها)؛ وقال أَبو عمرو: يقال فلانٌ صَدى مالٍ إذا كان عالماً بها
وبمَصلحَتِها، ومثلُه هو إزاءُ مالٍ، وإنه لصَدى مالٍ أَي عالِمٌ بمصلحتهِ،
وخصَّ بعضهم به العالم بمصلحةِ الإبل فقال: إنه لصَدى إبلٍ. وقال: ويقال
للرجل إذا مات وهَلَك صمَّ صَداه، وفي الدعاء عليه: أَصَمَّ الله صَداه أَي
أَهْلكه، وأَصلهُ الصوت يَرُدُّه عليك الجبل إذا صِحْتَ أَو المكانُ
المُرْتَفِعُ العالي، فإذا مات الرجل فإنه لا يُسْمَع ولا يُصَوِّت فيَرُدَّ
عليه الجبل، فكأَن معنى قوله صَمَّ صَداهُ أَي مات حتى لا يُسْمع صوتهُ
ولا يجابُ، وهو إذا ماتَ لم يَسْمَع الصَّدى منه شيئاً فيُجيبَه؛ وقد
أَصْدى الجبل. وفي حديث الحجاج: قال لأَنَسٍ أَصَمَّ الله صَداكَ أَي
أَهْلَكك الصَّدى: الصَّوْتُ الذي يسمَعُه المُصَوِّتُ عقَيبَ صِياحهِ راجعاً
إليه من الجَبلِ والبِناءِ المُرْتَفِع، ثم استعير للهلاك لأَنه يجاب
الحَيُّ، فإذا هلكَ الرجلُ صَمَّ صَداه كأَنه لا يَسْمَعُ شيئاً فيُجيبََ
عنه؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لسَدوسِ بن ضِبابٍ:
إني إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبَةٍ
أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعى ابْنَةُ الجَبلِ
أي أُنَوِّهُ به كما يُنَوَّه بابْنة الجَبل، وقيل: ابنةُ الجَبل هي
الحَيَّة، وقيل: هي الداهية؛ وأَنشد:
إن تَدْعهُ مَوْهِناً يَعْجَلْ بجابَتِهِ
عارِي الأَشاجِعِ، يَسْعى غَيْرَ مُشْتمِل
يقول:يَعْجَل جبيش بجابَتهِ كما يَعْجَلُ الصَّدى وهو صوتُ الجَبل. أَبو
عبيد: والصَّدى الرجلُ اللّطِيفُ الجَسَدِ؛ قال شمر: روى أَبو عبيد هذا
الحَرْفَ غيرَ مهموزٍ، قال: وأُراهُ مهموزاً كأَنَّ الصَّدأَ لغةٌ في
الصَّدَعِ، وهو اللطيف الجِسْمِ، قال: ومنه ما جاء في الحديث صَدَأٌ من
حديدٍ في ذِكْرِ عليٍّ، عليه السلام. والصَّدى: ذكرُ البُومِ والهامُ،
والجمعُ أَصْداءٌ؛ قال يزيد بن الحَكَم:
بكلِّ يَفاعٍ بُومُها تُسْمِعُ الصَّدى
دُعاءً، متى ما تُسْمِعِ الهامَ تَنْأَجِ
تَنْأَج: تَصِيحُ، قال: وجمعهُ صَدَوات؛ قال يزيد ابن الصَّعِق:
فلنْ تَنْفَكَّ قُنْبُلَة ورَجْلٌ
إليكمْ، ما دَعا الصَّدَواتِ بُومُ
قال: والياءُ فيه أَعرَفُ.
والتَّصْدِيةُ: التَّصْفِيقُ. وصَدَّى الرجل: صَفَّقَ بيديه، وهو من
مُحَوَّل التَّضْعِيف. والمصاداةُ: المُعارَضَة. وتصَدّى للرجلِ: تَعَرَّض
له وتَضَرَّعَ، وهو الذي يَسْتَشْرِفهُ ناظراً إليه. وفي حديث أَنسٍ في
غزوة حنينٍ: فجعل الرَّجُلُ يتَصدَّى لرسولِ الله، صلى الله عليه وسلم،
ليَأْمُرَه بقَتْلِه؛ التَّصَدِّي: التَّعَرُّض للشيءِ. وتصدَّى للأَمر:
رَفع رأْسَه إليه. والصَّدى: فعلُ المُتَصَدِّي. والصداةُ: فعلُ
المُتَصَدِّي، وهو الذي يَرْفعُ رأْسَه وصَدْرَه يتصَدَّى للشيء يَنْظُرُ إليه؛
وأَنشد للطرماح:
لها كلَّما صاحتْ صَداةٌ ورَكْدَةٌ
(* قوله «كلما صاحت إلخ» هكذا في الأصل، وفي التكملة: كلما ريعت إلخ).
يصف هامةً إذا صاحتْ تَصَدَّتْ مرَّةً وركَدَت أُخْرى.
وفي التنزيل العزيز: ص والقرآنِ ذي الذِّكْرِ؛ قال الزجاج: من قرأَ صادِ
بالكسرِ فله وجهانِ: أَحدهما أَنه هجاءٌ موقوفٌ فكُسِرَ لالتقاء
الساكنين، والثاني أَنه أَمرٌ من المُصاداةِ على معنى صادِ القرآنَ بعَملِك أَي
قابِلْه. يقال: صادَيْتُه أَي قابَلْتُه وعادَلْتُه، قال: والقراءة صادْ
بسكونِ الدال، وهي أَكثرُ القراءة لأَن الصادَ من حُروفِ الهِجاء وتقدير
سكونِ الوقْفِ عليها، وقيل: معناه الصادِقُ اللهُ، وقيل: معناه القَسَم،
وقيل: ص اسم السورةِ ولا يَنْصَرِف. أَبو عمرو: وصادَيْت الرجلَ
وداجَيْتُه ودارَيْتُه وساتَرْتُه بمعنًى واحد؛ قال ابن أَحمر يصف
قدوراً:ودُهْمٍ تُصادِيها الوَلائِدُ جِلَّةٍ،
إذا جَهِلَت أَجْوافُها لم تَحَلَّمِ
قال ابن بري: ومنه قولُ الشاعر:
صادِ ذا الظَّعْن إلى غِرَّتِهِ،
وإذا دَرَّتْ لَبونٌ فاحْتَلِبْ
(* قوله «الظعن» هو بالظاء المعجمة في الأصل، وفي بعض النسخ بالطاء
المهملة).
وفي حديث ابن عباس: ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنهما، كان والله بَرّاً
تَقِيّاً لا يُصادى غَرْبُه أَي تُدارى حدَّثُه وتُسَكَّنُ، والغَرْبُ
الحِدَّةُ، وفي رواية: كان يُصادى منه غَرْبٌ، بحذف النفي، قال: وهو
الأَشْبَه لأَن أَبا بكر، رضي الله عنه، كانت فيه حِدَّةٌ يَسيرة؛ قال أَبو
العباس في المصادَاةِ: قال أَهلُ الكوفَة هي المداراةُ، وقال الأَصمعيْ:
هي العناية بالشيء، وقال رجل من العرب وقد نتَجَ ناقةً له فقال لما
مَخَضَتْ: بتُّ أُصادِيها طولَ ليلي، وذلك أَنه كَرِه أَن يَعْقِلَها
فيُعَنِّتَها أَو يَدَعَها فتَفْرَقَ أَي تَنِدَّ في الأَرض فيأْكُلَ الذئبُ
ولدَها، فذلك مُصاداتهُ إيّاها، وكذلك الراعي يُصادي إبِلَه إذا عَطِشَتْ
قبل تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عن القَرَب؛ وقال كثير:
أَيا عَزُّ، صادي القَلْبَ حتى يَوَدَّني
فؤادُكِ، أَو رُدِّي علَيِّ فؤادِيا
وقيل في قولهم فُلانٌ يَتصَدَّى لفلانٍ: إنه مأْخُوذٌ من اتِّباعهِ
صَداه أَي صَوْتَه؛ ومنه قول آخر مأْخوذ من الصَّدَدِ فقُلِبَتْ إحدى الدالات
ياءً في يتَصدَّى، وقيل في حديث ابنِ عباسٍ إنه كان يُصادى منه غَرْبٌ
أَي أَصدقاؤُهُ كانوا يَحْتَملون حدَّتَهُ؛ قوله يصادَى أَي يُدارَى.
والمُصاداةُ والمُوالاةُ والمُداجاةُ والمُداراةُ والمُراماةُ كلُّ هذا في
معنى المُداراةِ. وقوله تعالى: فأَنْتَ له تَصَدَّى؛ أَي تتَعَرَّض، يقال:
تَصَدَّى له أَي تَعَرَّضَ له؛ قال الشاعر:
مِنَ المُتَصَدَّياتِ بغيرِ سُوءٍ،
تسِيلُ، إذا مَشتْ، سَيْلَ الحُبابِ
يعني الحَيَّةَ، والأَصلُ فيه الصَّدَد وهو القُرْب، وأَصله يتصَدَّدُ
فقُلِبتْ إحدى الدالات ياءً. وكلُّ ما صار قُبالَتَك فهو صَدَدُك.
أَبو عبيد عن العَدَبَّسِ: الصَّدَى هو الجُدْجُدُ الذي يَصِرُّ
بالليل أَيضاً، قال: والجُنْدُبُ أَصغر من الصَّدَى يكون في البَراري؛ قال:
والصَّدَى هو هذا الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِز قَفَزاناً
ويَطِيرُ، والناسُ يَرَوْنَه الجُنْدُبَ، وإنما هو الصَّدَى.
وصادى الأَمرَ وصادَ الأَمرَ
(* قوله «وصادى الأمر وصاد الأمر» هكذا
في الأصل). دَبَّرَهُ. وصاداهُ: دَاراهُ ولايَنَه.
والصَّدْوُ: سُمٌّ تُسْقاهُ النِّصالُ مثلُ دَمِ الأَسْودِ.
وصُداءٌ: حَيٌّ من اليمن؛ قال:
فقُلْتُم: تعالَ يا يَزي بنَ مُحَرِّقٍ،
فقلتُ لكم: إني حَلِيفُ صُداءِ
والنَّسَبُ إليه صُداوِيٌّ
(* قوله «صداوي» هكذا في بعض النسخ، وهو
موافق لما في المحكم هنا وللسان في مادة صدأ، وفي بعضها صدائي وهو موافق لما
في القاموس). على غير قياس.
هيم: هامَت الناقةُ تَهِيم: ذهَبَت على وجِهها لرَعْيٍ كهَمَتْ، وقيل:
هو مقلوب عنه.
والهُيامُ: كالجنون، وفي التهذيب: كالجنون من العشق. ابن شميل: الهُيامُ
نحو الدُّوارِ جنونٌ يأْخذ البعيرَ حتى يَهْلِك، يقال: بعيرٌ مَهْيُومٌ.
والهَيمُ: داءٌ يأْخذ الإبلَ في رؤوسها. والهائمُ: المتحيِّرُ. وفي حديث
عكرمة: كان عليٌّ أَعْلَمَ بالمُهَيِّماتِ؛ يقال: هامَ في الأَمر يَهِيم
إذا تحيّر فيه، ويروى المُهَيْمِنات، وهو أَيضاً الذاهبُ على وجهه
عِشْقاً، هامَ بها هَيْماً وهُيوماً وهِياماً وهَيَماناً وتَهْياماًً، وهو
بناءٌ موضوعٌ للتكثير؛ قال أَبو الأَخْزر الحُمّاني:
فقد تَناهَيْتُ عن التَّهْيام
قال سيبويه: هذا بابُ ما تُكَثِّرُ فيه المصدرَ من فَعَلْت فتُلْحِق
الزوائدَ وتبنيه بناءً آخر، كما أَنك قلت في فَعَلت فَعَّلْت حين كَثَّرت
الفعل، ثم ذكرَ المصادرَ التي جاءت على التَّفْعال كالتَّهْذار ونحوها،
وليس شيءٌ من هذا مصدرَ فَعَلْت، ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدرَ على
هذا كما بنيت فَعَلْت على فَعَّلْت؛ وقول كُثَير:
وإنِّي، وتَهْيامِي بعَزَّةَ، بَعْدَما
تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنا وتَخَلَّتِ
قال ابن جني: سأَلت أَبا عليٍّ فقلت له: ما موضعُ تَهْيامي من الإعراب؟
فأَفْتَى بأَنه مرفوع بالابتداء، وخبرُه قولُه بِعَزّة، وجعل الجملة التي
هي تَهْيامِي بعزّة اعتراضاً بين إنّ وخبرِها لأن في هذا أَضْرُباً من
التشديد للكلام، كما تقول: إنّك، فاعْلَم، رجلُ سَوْءٍ وإنه، والحقَّ
أَقولُ، جَمِيلُ المَذْهَب، وهذا الفصلُ والاعتراض الجاري مَجْرى التوكيد
كثيرٌ في كلامهم، قال: وإذا جازَ الاعتراض بين الفعل والفاعل في نحو
قوله:وقد أَدْرَكَتْني، والحَوادِثُ جَمّةٌ،
أَسِنّةُ قَوْمٍ لا ضِعافٍ، ولا عُزْلِ
كانَ الاعتراضُ بين اسم إنّ وخبرها أَسْوَغَ، وقد يحتمل بيتُ كُثَيّر
أَيضاً تأْويلاً آخرَ غير ما ذهب إليه أَبو عليّ، وهو أَن يكون تَهْيامِي
في موضع جرٍّ على أَنه أَقْسَم به كقولك: إنّي، وحُبِّك، لَضنِينٌ بك، قال
ابن جني: وعَرَضْتُ هذا الجوابَ على أَبي عليّ فتقبَّله، ويجوز أن يكون
تَهْيامي أَيضاً مُرْتَفِعاً بالابتداء، والباء متعلقة فيه بنفس المصدر
الذي هو التَّهْيامُ، والخبر محذوف كأَنّه قال وتَهْيامِي بعزّة كائنٌ أو
واقعٌ على ما يُقَدَّر في هذا ونحوه، وقد هَيَّمَه الحُبُّ؛ قال أَبو
صخر:فهل لَكَ طَبٌّ نافعٌ من عَلاقةٍ
تُهَيِّمُني بين الحَشا والتَّرائِب؟
والاسم الهُيامُ. ورجل هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ. ابن السكيت:
الهَيْمُ مصدرُ هامَ يَهِيم هَيْماً وهَيَماناً إذا أَحَبَّ المرأَةَ.
والهُيَّامُ: العُشّاقُ. والهُيَّامُ: المُوَسْوِسُون، ورجل هائمٌ وهَيُومٌ.
والهُيُومُ: أَن يذهبَ على وَجْهِه، وقد هام يَهِيمُ هُياماً.
واسْتُهِيمَ فُؤادُه، فهو مُسْتَهامُ الفُؤاد أي مُذْهَبُه. والهَيْمُ: هَيَمانُ
العاشق والشاعرِ إذا خلال في الصحراء. وقوله عزّ وجلّ: في كلِّ وادٍ
يَهِيمونَ؛ قال بعضهم: هو وادِي الصَّحراء يَخْلو فيه العاشقُ والشاعرُ؛
ويقال: هو وادي الكلام، والله أَعلم. الجوهري: هامَ على وَجْهِه يَهِيمُ
هَيْماً وهَيَماناً ذهبَ
من العِشْقِ وغيره. وقلبٌ مُسْتهامٌ أَي هائمٌ. والهُيامُ: داء يأْخذ
الإِبلَ فتَهِيم في الأَرضِ لا ترعى، يقال: ناقة هَيْماء؛ قال كُثَيّر:
فلا يَحْسَب الواشون أَنّ صَبابَتي،
بِعَزَّةَ، كانت غَمْرَةً فتَجَلَّتِ
وإِنِّيَ قد أَبْلَلْتُ من دَنَفٍ بها
كما أَدْنَفَتْ هَيْماءُ، ثم اسْتَبَلَّتِ
وقالوا: هِمْ لنَفْسِك ولا تَهِمْ لهؤلاء أَي اطْلُبْ لها واهْتَمَّ
واحْتَلْ. وفلان لا يَهْتامُ لنفسِه أَي لا يَحْتالُ؛ قال الأَخطل:
فاهْتَمْ لنَفْسِك، يا جُمَيعُ، ولا تكنْ
لَبني قُرَيْبةَ والبطونِ تَهِيمُ
(* قوله «لبني قريبة» ضبط في الأصل بضم القاف وفتح الراء، وضبط في
التكملة بفتح القاف وكسر الراء).
والهُيامُ، بالضم: أَشدُّ العطش؛ أَنشد ابن بري:
يَهِيمُ، وليس اللهُ شافٍ هُيامَه،
بِغَرّاءَ، ما غَنَّى الحَمامُ وأَنْجَدا
وشافٍ: في موضع نصب خبر ليس، وإِن شئت جعلتَه خبرَ اللهِ وفي ليس ضميرُ
الشأْن. وقد هامَ الرجلُ هُياماً، فهو هائمٌ وأَهْيَمُ، والأُنثى هائمةٌ
وهَيْماءُ، وهَيْمانُ، عن سيبويه، والأَنثى هَيْمَى، والجمع هِيامٌ. ورجل
مَهْيومٌ وأَهْيَمُ: شديدُ العَطشِ، والأُنثى هَيْماءُ. الجوهري وغيره:
والهِيامُ، بالكسر، الإِبلُ الــعِطاشُ، الواحد هَيْمان. الأَزهري:
الهَيْمانُ
العَطْشانُ، قال: وهو من الداء مهيومٌ. وفي حديث الاستسقاء: إِذا
اغْبَرَّت أَرضُنا وهامَت دوابُّنا أَي عَطِشت، وقد هامَت تَهِيمُ هَيَماً،
بالتحريك. وناقةً هَيْمَى: مثل عَطْشان وعَطْشَى. وقومٌ هِيمٌ أَيِ عِطاشٌ،
وقد هامُوا هُياماً. وقوله عز وجل: فشارِبونَ شُرْبَ الهِيم، هي
الإِبلُ الــعِطاش، ويقال: الرَّمْلُ؛ قال ابن عباس: هَيامُ الأَرض، وقيل:
هَيامُ الرَّمْل، وقال الفراء: شُرْبَ الهِيم، قال: الهِيمُ الإِبلُ التي
يُصيبها داءٌ فلا تَرْوَى من الماء، واحدُها أَهْيَمُ، والأُنثى هَيْماء،
قال: ومن العرب من يقول هائمٌ، والأُنثى هَيْماء، قال: ومن العرب من يقول
هائمٌ، والأُنثى هائمة، ثم يجمعونه على هِيمٍ، كما قالوا عائطٌ وعِيطٌ
وحائل وحُول، وهي في معنى حائلٍ إِلا أَن الضمة تُرِكت في الهِيم لئلا تصيرَ
الياءُ واواً، ويقال: إِن الهِيم الرَّمْلُ. يقول عز وجل: يَشْرَبُ أَهلُ
النار كما تشربُ السِّهْلةُ؛ وقال ابن عباس: شُرْبَ الهِيم، قال: هَيامُ
الأَرض؛ الهَيامُ: بالفتح: ترابٌ يخالِطُه رَمْلٌ يَنْشَفُ الماءَ
نَشْفاً، وفي تقديره وجهان: أَحدهما أَن الهِيم جَمعُ هَيامٍ، جُمِعَ على
فُعُلٍ ثم خفِّف وكُسرت الهاءُ لأَجل الياء، والثاني أَن تذهب إِلى المعنى
وأَن المراد الرِّمال الهِيم، وهي التي لا تَرْوَى. يقال: رَمْلٌ أَهْيَمُ؛
ومنه حديث الخندق: فعادتْ كَثِيباً أَهْيَمَ؛ قال: هكذا جاء في رواية،
والمعروف أََهْيَل، وقد تقدم. أَبو الجراح: الهُيامُ داءٌ يُصِيبُ الإِبل
من ماءٍ تشرَبُه. يقال: بعيرٌ هَيْمانُ وناقةٌ هَيْمَى، وجمعُه هِيامٌ.
والهُيامُ والهِيامُ: داءٌ يصيب الإِبل عن بعضِ المِياه بتهامةَ يُصيبها
منه مثلُ الحُمَّى؛ وقال الهَجَريّ: هو داءٌ يصيبُها عن شرب النَّجْلِ
إِذا كثر طُحْلُبُه واكْتَنَفت الذِّيَّانُ به، بعيرٌ مَهْيومٌ وهَيْمانُ.
وفي حديث ابن عمر: أَن رجلاً باعَ منه إِبلاً هِيماً أَي مراضاً، جمع
أَهْيَم، وهو الذي أَصابه الهُيامُ، وهو داء يُكْسِبُها العطشَ؛ وقال بعضهم:
الهِيمُ الإِبلُ الظِّماءُ، وقيل: هي المراضُ التي تَمَصُّ الماء مَصّاً
ولا تَرْوى. الأَصمعي: الهُيامُ للإِبل داءٌ شَبيهٌ بالحُمَّى تَسْخُن
عليه جُلودُها، وقيل: إِنها لا تَرْوَى إِذا كانت كذلك. ومفازةٌ هَيْماءُ:
لا ماءَ بها، وفي الصحاح: الهَيْماءُ المفازة لا ماءَ بها. والهَيام،
بالفتح، من الرمل: ما كان تُراباً دُقاقاً يابِساً، وقيل: هو التراب أَو
الرملُ الذي لا يَتمالك أَن يسيل من اليَدِ لِلِينِه، والجمع هِيمٌ مثل
قَذالٍ وقُذُل؛ ومنه قول لبيد:
يَجتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنبِّذاً،
بِعُجوب أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها
الهَيامُ: الرمل الذي يَنْهارُ.
والتَّهَيُّمُ: مِشْيةٌ حسنةٌ؛ قال أَبو عمرو: التَّهيمُ أَحسَنُ
المشيِ؛ وأَنشد لِخُلَيد اليَشْكُرِيّ:
أَحسَن مَن يَمْشِي كذا تَهَيُّما
والهُيَيْماء: موضع، وهو ماءٌ لبني مُجاشِع، يُمَدّ ويُقْصر؛ قال الشاعر
مُجَمِّع بن هلال:
وعاثِرة، يومَ الهُيَيْما، رأَيتُها
وقد ضمَّها مِن داخلِ الحبّ مَجْزَع
قال ابن بري: هُيَيْما قومٌ من بني مجاشع، قال: والسماع عند ابن القطاع.
وهُيَيْما: ماء لبني مُجاشع، يمدّ ويقصر. الأَزهري قال: قال عمارةُ:
اليَهْماءُ الفلاةُ التي لا ماءَ فيها، ويقال لها هَيْماءُ. وفي الحديث:
فدُفِنَ في هَيامٍ من الأَرض. ولَيْلٌ أَهْيَمُ: لا نُجوم فيه.
مدر: المَدَرُ: قِطَعُ الطينِ اليابِسِ، وقيل: الطينُ العِلْكُ الذي لا
رمل فيه، واحدته مَدَرَةٌ؛ مأَما قولُهُم الحِجارَةُ والمِدارَةُ فعَلى
الإِتْباعِ ولا يُتَكَلَّم به وجَدَه مُكَسَّراً على فِعالَة، هذا معنى
قول أَبي رياش.
وامْتَدَر المَدَرَ: أَخَذَه. ومدَرَ المكانَ يَمْدُرُهُ مَدْراً
ومَدَّرَه: طانَه. ومَكانٌ مَدِيرٌ: مَمْدُورٌ. والمَدْرُ لِلْحَوْضِ: أَنْ
تُسَدَّ خصاصُ حِجارَتِه بالمَدَرِ، وقيل: هو كالْقَرْمَدَةِ إِلا أَنّ
القَرْمَدَةَ بالجِصِّ والمدْر بالطين. التهذيب: والمَدْرُ تَطْيينُك وجْهَ
الحَوْضِ بالطين الحُرّ لئلا يَنْشَفَ. الجوهري: والمَدَرَةُ، بالفتح،
الموضع الذي يُؤخَذُ مِنهُ المَدَرُ فَتُمْدَرُ به الحِياضُ أَي يُسَدُّ
خَصاصُ ما بَيْنَ حِجارَتِها. ومَدَرْتُ الحَوْضَ أَمْدُرُه أَي أَصلحته
بالمَدَرِ. وفي حديث جابر: فانطلق هو وجَبَّارُ بن صخر فنزعا في الحض
سَجْلاً أَو سَجْلَيْن ثم فَدَاره أَي طَيَّناه وأَصلحاه بالمدر، وهو الطين
المتماسك، لئلا يخرج منه الماء؛ ومنه حديث عمر وطلحة في الإِحرام: إِنما هو
مَدَرٌ أَي مَصْبُوغٌ بالمَدَرِ.
والمِمْدَرَةُ والمَمْدَرَةُ، الأَخيرة نادرة: موضع فيه طين حُرٌّ
يُسْتَعَدُّ لذلك؛ فأَما قوله:
يا أَيُّها السَّاقي، تَعَجَّلْ بِسَحَرْ،
وأَفْرِغِ الدَّلْو على غَيْر مَدَرْ
قال ابن سيده: أَراد بقوله على غير مدر أَي على غير إصلاح للحوض؛ يقول:
قد أَتتك عِطاشــاً فلا تنتظر إِصلاح الحوض وأَنْ يَمْتَلئَ فَصُبَّ على
رُؤوسها دَلْواً دلواً؛ قال: وقال مرة أُخرى لا تصبه على مَدَرٍ وهو
القُلاعُ فَيذُوبَ ويَذْهَبَ الماء: قال: والأَوّل أَبين. ومَدَرَةُ الرجلِ:
بَيْتُه.
وبنو مَدْراءَ: أَهل الحَضَر. وقول عامر للنبي، صلى الله عليه وسلم: لنا
الوَبَرُ ولكُمُ المَدَرُ؛ إِنما عن به المُدُنَ أَو الحَضَرَ لأَن
مبانيها إِنما هي بالمَدَرِ، وعنى بالوبر الأَخبية لأَن أَبنية البادية
بالوبر. والمَدَرُ: ضِخَمُ البِطْنَةِ. ورجل أَمْدَرُ: عظيمُ البَطْنِ
والجنْبَيْنِ مُتَتَرِّبُهما، والأُنثى مَدْراءُ. وضَبُعٌ مَدْراءُ: عظيمةُ
البَطْنِ.
وضِبْعانٌ أَمْدَرُ: على بَطْنِه لُمَعٌ من سَلْحِه. ورجل أَمْدَرُ
بيِّن المدَر إِذا كان منتفخ الجنبين. وفي حديث إِبراهيم النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه يأْتيه أَبوه يوم القيامة فيسأَلُه أَن يشفَعَ له فيلتفتُ
إِليه فإِذا هو بِضِبْعانٍ أَمْدَرَ، فيقول: ما أَنت بأَبي قال أَبو
عبيد: الأَمدَرُ المنتفِخُ الجنبين العظيمُ البطْنِ؛ قال الراعي يصف إِبلاً
لها قَيِّم:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْن مُنْخَرِقٍ
عنه العَباءَةُ، قَوَّام على الهَمَلِ
قوله أَمدر الجنبين أَي عظيمهما. ويقال: الأَمْدَرُ الذي قد تَتَرَّبَ
جنباه من المَدَر، يذهب به إِلى التراب، أَي أَصابَ جسدَه الترابُ. قال
أَبو عبيد: وقال بعضهم الأَمْدَرُ الكَثيرُ الرَّجيع الذي لا يَقْدِرُ على
حَبْسه؛ قال: ويستقيم أَن يكون المعنيان جميعاً في ذلك الضِّبْعان. ابن
شميل: المَدْراءُ من الضِّباعِ التي لَصِقَ بِها بَوْلُها. ومَدِرَتِ
الضَّبُعُ إِذا سَلَحَتْ. الجوهري: الأَمْدَرُ من الضباع الذي في جسده لُمَعٌ
من سَلْحِه ويقال لَوْنٌ له. والأَمْدَرُ: الخارئُ في ثيابه؛ قال مالك
بن الريب:
إِنْ أَكُ مَضْرُوباً إِلى ثَوْبِ آلِفٍ
منَ القَوْمِ، أَمْسى وَهْوَ أَمْدَرُ جانِبُهْ
ومادِرٌ؛ وفي المثل: أَلأَمُ من مادِرٍ، هو جد بني هلال بن عامر، وفي
الصحاح: هو رجل من هلال بن عامر بن صَعْصَعَةَ لأَنه سقى إِبله فبقي في
أَسفل الحوْضِ ماء قليل، فَسَلَحَ فيه ومدَرَ به حَوْضَهُ بُخْلاً أَنْ
يُشْرَبَ مِن فَضْلِه؛ قال ابن بري: هذا هلال جدّ لمحمد بن حرب الهلالي، صاحب
شرطة البصرة، وكانت بنو هلال عَيَّرَتْ بني فَزارَة بأَكل أَيْرِ
الحِمار، ولما سمعت فزارة بقول الكميت بن ثعلبة:
نَشَدْتُكَ يا فزارُ، وأَنت شيْخٌ،
إِذا خُيِّرْتَ تُخطئُ في الخِيارِ
أَصَيْحانِيَّةٌ أُدِمَتْ بِسَمْنٍ
أَحَبُّ إِليكَ أَمْ أَيْرُ الحمارِ؟
بَلى أَيْرُ الحِمارِ وخُصْيَتاهُ،
أَحَبُّ إِلى فَزارَةَ مِنْ فَزَارِ
قالت بنو فزارة: أَليس منكم يا بَني هِلالٍ مَنْ قرى في حوضه فسقى
إِبله، فلما رَوِيَتْ سلح فيه ومدره بخلاً أَن يُشرب منه فضلُهُف وكانوا جعلوا
حَكَماً بينهم أَنس بن مُدْرِك، فقضى على بني هلال بعظم الخزي، ثم إِنهم
رمَوْا بني فَزَارَةَ بِخِزْيٍ آخرَ، وهو إِتيان الإِبل؛ ولهذا يقول
سالم بن دارَة:
لا تأْمَنَنَّ فزارِيًّا، خَلَوْتَ به،
على قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بِأَسْيارِ
لا تَأْمَنَنْهُ ولا تَأْمَنْ بَوائِقَه،
بَعد الَّذي امْتَكَّ أَيْرَ العَيْرِ في النَّارِ
(* وفي رواية أخرى امتلَّ.)
فقال الشاعر:
لَقَدْ جَلَّلَتْ خِزْياً هِلالُ بنُ عامِرِ،
بَني عامِرٍ طُرًّا، بِسَلْحةِ مادِرِ
فأُفٍّ لَكُم لا تَذكُروا الفَخْرَ بَعْدَها،
بني عامِرٍ، أَنْتُمْ شِرارُ المَعاشِرِ
ويقال للرجل أَمْدَرُ وهو الذي لا يَمْتَسِحُ بالماء ولا بالحجر.
والمَدَرِيَّةُ: رِماحٌ كانت تُرَكَّبُ فيها القُرونُ المُحدّدةُ مكانَ
الأَسِنَّة؛ قال لبيد يصف البقرة والكلاب:
فَلحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَها مَدَرِيَّةٌ،
كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّها وتَمامُها
يعني القرون.
ومَدْرَى: مَوْضِعٌ
(* قوله« مدرى موضع» في ياقوت: مدرى، بفتح اوّله
وثانيه والقصر: جبل بنعمان قرب مكة. ومدرى، بالفتح ثم السكون: موضع.)
وثَنِيَّةُ مِدْرانَ: من مَساجِدِ رسولِ الله،صلى الله عليه وسلم، بين المدينة
وتَبُوكَ. وقال شمر: سمعت أَحمد بن هانئ يقول: سمعت خالد بن كلثوم يروي
بيت عمرو بن كلثوم:
ولا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بالميم، وقال: الأَمْدَرُ الأَقْلَفُ، والعرب تسمي القَرْيَةَ المبنية
بالطين واللَّبِنِ المَدَرَةَ، وكذلك المدينة الضخْمةُ يقال لها
المَدَرَةُ، وفي الصحاح: والعرب تسمي القرية المَدَرَةَ؛ قال الراجز يصف رجلاً
مجتهداً في رَعْيَهِ الإِبل يقوم لوردها من آخر الليل لاهتمامه بها:
شَدَّ على أَمْرِ الوُرُودِ مِئْزَرَهْ،
لَيْلاً، وما نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ
والأَذِينُ ههنا: المُؤَذِّن؛ ومنه قول جرير:
هَلْ تَشْهَدُونَ مِنَ المشاعِرِ مَشْعَراً،
أَوْ تَسْمَعُونَ لَدَى الصَّلاةِ أَذِينا؟
ومَدَر: قرية باليمن، ومنه فلان المَدَرِيُّ. وفي الحديث: أَحَبُّ
إِليَّ من أَن يكونَ لي أَهْلُ الوَبَرِ والمَدَرِ؛ يريد بأَهْلِ المَدَرِ
أَهْلَ القُرَى والأَمْصارِ. وفي حديث أَبي ذرّ: أَمَا إِنَّ العُمْرَةَ
مِنْ مَدَرِكم أَي من بَلَدكم. ومَدَرَةُ الرجلِ: بَلْدَتُه؛ يقول: من أرادَ
العُمْرَةَ ابْتَدَأَ لها سَفَراً جديداً من منزله غيرَ سفَرِ الحج،
وهذا على الفضِيلة لا الوجوب.