Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: عرف

الْخَبَر

(الْخَبَر) مَا ينْقل وَيحدث بِهِ قولا أَو كِتَابَة وَقَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب لذاته (ج) أَخْبَار (جج) أخابير

(الْخَبَر) الْمُزَارعَة بالمخابرة والناقة الغريزة اللَّبن والراوية الْعَظِيمَة (ج) خبور

(الْخَبَر) منقع المَاء فِي الْجَبَل وَالزَّرْع والسدر والأراك وَمَا حولهما من العشب والناقة الغزيرة اللَّبن والراوية الْعَظِيمَة (ج) خبور
الْخَبَر: قد يُقَال وَيُرَاد بِهِ خبر الْمُبْتَدَأ أَي الْمَحْمُول. وَقد يُرَاد بِهِ الْقَضِيَّة فَيكون مرادفا لَهَا وعرفــوه بِأَنَّهُ الْكَلَام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب فَإِن قيل: إِن الصدْق وَالْكذب إِمَّا عبارتان عَن مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَعدم تِلْكَ الْمُطَابقَة. وَإِمَّا عَن الْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَالْخَبَر لَا على مَا هُوَ بِهِ فعلى أَي حَال يلْزم الدّور لكَون الْخَبَر مأخوذا فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب المأخوذين فِي تَعْرِيف الْخَبَر فتوقف الْخَبَر على الْخَبَر وَلَو بِوَاسِطَة. قُلْنَا: أَولا: إِن هَذَا إِنَّمَا يرد على من فسر الصدْق وَالْكذب بِمَا ذكر وَأما إِذا فسر الصدْق بمطابقة النِّسْبَة الإيقاعية أَو الانتزاعية للْوَاقِع وَالْكذب بِعَدَمِ مطابقتها لَهُ فَلَا. وَثَانِيا: بِأَن الْخَبَر الْمَأْخُوذ فِي تعريفي الصدْق وَالْكذب بِمَعْنى الْأَخْبَار بِدَلِيل تعديته بِكَلِمَة عَن فَهُوَ غير الْخَبَر الْمُــعَرّف بالْكلَام الْمَذْكُور فَلَا دور وَأَيْضًا أَن الصدْق وَالْكذب كَمَا يُوصف بهما الْكَلَام كَذَلِك يُوصف بهما الْمُتَكَلّم وَالْمَذْكُور فِي تَعْرِيف الْخَبَر صفة الْكَلَام بِمَعْنى مُطَابقَة نسبته للْوَاقِع وَعدمهَا وَالْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَلَا على مَا هُوَ بِهِ صفة الْمُتَكَلّم فَلَا دور.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَقد يتَوَهَّم أَن مَا هُوَ صفة للتكلم رَاجع إِلَى صفة الْكَلَام حَقِيقَة بِنَاء على أَن قَوْلنَا مُتَكَلم صَادِق مَعْنَاهُ صَادِق كَلَامه أَو مَوْقُوف على مَا هُوَ صفة الْكَلَام بِنَاء على أَن مَعْنَاهُ كَون الْمُتَكَلّم بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا فالدور لَازم انْتهى. أما على الأول فَلِأَن تَعْرِيف صدق الْمُتَكَلّم مثلا بالْخبر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ تَعْرِيف لصدق الْكَلَام على ذَلِك التَّقْدِير فقد أَخذ الْخَبَر فِي تَعْرِيف الصدْق الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيف الْخَبَر فتوقف الْخَبَر على الْخَبَر من حَيْثُ التعقل وَهَذَا هُوَ الدّور. وَأما على الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لما توقف صدق الْمُتَكَلّم مثلا من حَيْثُ التعقل على صدق الْكَلَام لِأَن معنى صدق الْمُتَكَلّم كَونه بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا. وَأَنت تعلم أَنه لَا جَهَالَة فِي كَونه بِحَيْثُ كَذَا إِلَّا بِاعْتِبَار الْجَهَالَة فِي مَا يُضَاف إِلَيْهِ كلمة حَيْثُ وَهُوَ صدق الْكَلَام فَيكون التَّعْرِيف الْمَذْكُور أَعنِي الْخَبَر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ تعريفا لصدق الْكَلَام وَقد أَخذ فِي هَذَا التَّعْرِيف الْخَبَر الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيفه صدق الْكَلَام فتوقف صدق الْكَلَام على الْخَبَر الْمَوْقُوف على صدق الْكَلَام فَلَزِمَ الدّور فِي تَعْرِيف صدق الْكَلَام وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله وَجَوَابه. أما على الأول فَهُوَ أَن الصدْق وَالْكذب وَإِن اتحدا فِي التعريفين على ذَلِك التَّقْدِير لَكِن الْخَبَر مُتَعَدد فيهمَا كَمَا ذكره أَي الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي المطول فَلَا دور.
نعم لَو فسر الْإِخْبَار بالإتيان بالْخبر عَاد الدّور واحتيج فِي دَفعه إِلَى وَجه آخر انْتهى.
حَاصله إِن لُزُوم الدّور مَبْنِيّ على مقدمتين اتِّحَاد الْخَبَر فِي التعريفين واتحاد الصدْق وَالْكذب فيهمَا يَعْنِي أَن الدّور إِنَّمَا يلْزم لَو وجد الاتحادان مَعًا والمتوهم أورد كلَاما أثبت بِهِ اتِّحَاد الصدقين أَي الصدْق فِي تَعْرِيف الْخَبَر والصدق الْمُــعَرّف بالْخبر عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وَفرع على هَذَا الِاتِّحَاد فَقَط لُزُوم الدّور.
فَأجَاب السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله بِأَن تَفْرِيع لُزُوم الدّور على مُجَرّد اتِّحَاد الصدْق غير صَحِيح لجَوَاز تعدد الْخَبَر فيهمَا إِنَّمَا يتم ذَلِك لَو اتَّحد الْخَبَر أَيْضا فيهمَا وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن المُرَاد بالْخبر الْمُــعَرّف الْكَلَام الْمخبر بِهِ وبالخبر فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب الْإِخْبَار عَن الشَّيْء فتوقف الْخَبَر بِمَعْنى الْكَلَام الْمخبر بِهِ على الصدْق الْمَوْقُوف على الْخَبَر بِمَعْنى الْإِخْبَار. وَهَا هُنَا نظر لِأَن لَك أَن تَقول كَون الْخَبَر فِي تَعْرِيف الصدْق وَالْكذب بِمَعْنى الْإِخْبَار غير صَحِيح لِأَن صدق الْمُتَكَلّم رَاجع إِلَى صدق الْكَلَام وتعريفه تَعْرِيفه وَلَا يُمكن تَعْرِيف صدق الْكَلَام بالإخبار عَن الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ كَمَا لَا يخفى. وَالْجَوَاب أَن معنى صدق الْكَلَام حِينَئِذٍ الْإِخْبَار عَن الشَّيْء أَي الْإِعْلَام بِالنِّسْبَةِ على مَا هُوَ بِهِ أَي كَون النِّسْبَة معلما بهَا على مَا هُوَ بِهِ. فَإِن قلت: لُزُوم الدّور بَاقٍ على حَاله لِأَن الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِمَعْنى الْإِتْيَان بِخَبَرِهِ أَي الْكَلَام الْمخبر بِهِ عَن ذَلِك الشَّيْء قُلْنَا: لَو فسر الْإِخْبَار بِمَعْنى الْكَشْف عَن حَال الشَّيْء فَلَا إِشْكَال وَإِن فسر بالإتيان الْمَذْكُور فَنَقُول الْخَبَر الْمُــعَرّف مَعْلُوم بِوَجْه مَا وَإِلَّا لامتنع طلبه وَالْمَقْصُود مَــعْرفَــته بِوَجْه يمتاز عَمَّا عداهُ ويساويه وَهُوَ الْكَلَام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب وَقد أَخذ فِي تعريفهما الْخَبَر الْمَعْلُوم بِوَجْه مَا فَلَا دور.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد رَحمَه الله وَإِمَّا على الثَّانِي أَي إِمَّا على الْجَواب عَن لُزُوم الدّور على تَقْدِير توقف صدق الْمُتَكَلّم على صدق الْكَلَام فَهُوَ إِن صدق الْمُتَكَلّم إِلَى آخِره.
حَاصله أَن كَون صدق الْمُتَكَلّم على هَذَا التَّفْسِير أَي كَونه بِحَيْثُ يكون كَلَامه صَادِقا مَوْقُوفا على صدق الْكَلَام بل على مــعرفَــة الْكَلَام أَيْضا مُسلم وَلَيْسَ شَيْء من مــعرفَــة الْكَلَام وَصدقه مَوْقُوفا على صدق الْمُتَكَلّم حَتَّى يلْزم الدّور.
وَهَا هُنَا كَلَام طَوِيل فِي حل المطول وَلما يَأْبَى عَنهُ الْمقَام اقتصرنا على هَذَا الْمُخْتَصر وَمن أَرَادَ الِاطِّلَاع فَليرْجع إِلَى الْحَوَاشِي الحكيمية وَإِن أردْت أَن تسمع خبر هَلَاك جذر الْأَصَم فاستمع لما يَقُول الْمركب التَّام فَإِنَّهُ مخبر صَادِق بِهِ وَسَيَأْتِي نبذ من التحقيقات فِي الْقَضِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَيْضا.

الدّائر

الدّائر:
[في الانكليزية] Contour ،perimeter ،tropic ،orbit
[ في الفرنسية] Contour ،perimetre ،tropique ،orbite
عند أهل الهيئة هو قوس من مدار يومي للكوكب فيما بين مركز الكوكب ودائرة الأفق.
بهذا عرف عبد العلي البرجندي في رسالة فارسية في علم الهيئة حيث قال: ومن مدار الكوكب اليومي، فكل ما يقع بين مركز الكوكب والأفق فهو ما يقال له الدّائر انتهى.
وهو على قسمين الدائر بالنهار والدائر بالليل، وكلّ من القسمين على صنفين: الدائر الماضي والدائر الباقي. ويسمّى بالدائر المستقبل أيضا.
وهذا أي اعتبار الدائر مطلقا بالنسبة إلى الكوكب لا بالنسبة إلى الشمس فقط هو القياس لكنه غير مشهور، إذ المشهور اعتباره بالنسبة إلى الشمس فقط، هكذا يستفاد مما ذكر عبد العلي البرجندي في شرح بيست باب ورسالة فارسية وحاشية الچغميني. فالدائر بالنهار قوس من دائرة مدار الشمس ما بين جزئها أي الجزء الذي تكون الشمس فيه من أجزاء فلك البروج وبين أفق المشرق فوق الأرض سمّيت به لأنّ الفلك من حين وصول الشمس إلى الأفق في جانب المشرق قد دار بمقدار هذه القوس، وبها تــعرف الساعات الماضية من النهار. والدائر بالليل قوس من دائرة مدار نظير جزء الشمس، ما بين ذلك النظير وأفق المشرق فوق الأرض، سمّيت به لأنّ الفلك من حين وصول الشمس إلى أفق المغرب قد دار بمقدار تلك القوس، وبها تــعرف الساعات الماضية من الليل. ونظير الجزء هو الشبيه المقابل له الذي بينه وبين ذلك الجزء نصف الدور، ولهذا النظير أيضا مدار، وبقدر ارتفاع جزء الشمس انحطاط النظير وبالعكس، فإذا انحطّت الشمس عن الأفق بالليل فبقدر انحطاطها يرتفع النظير عن الأفق من جهة المشرق. فالقوس الواقعة من مدار النظير بين النظير وأفق المشرق هي الدائر بالليل. هذا خلاصة ما في الملخص وشروحه.
قال عبد العلي البرجندي المناسب بالنسبة إلى ما سبق أن يقال الدائر بالليل قوس من دائرة مدار الشمس ما بين جزئها وأفق المغرب تحت الأرض. ولعل المصنّف أي صاحب الملخّص لاحظ هاهنا أعمال الأسطرلاب، فإنّ تحصيل قوس الليل في الاسطرلاب يكون من ملاحظة نظير الشمس انتهى.
وهذا الذي ذكر هو الدائر بالنهار والليل الماضيين إذ بهما تــعرف الساعات الماضية من النهار والليل. وأمّا الدائر بالنهار الباقي فقوس من مدار الشمس ما بين جزئها وأفق المغرب فوق الأرض. وأمّا الدائر بالليل الباقي فقوس من مدار الشمس ما بين ذلك النظير وأفق المغرب فوق الأرض، أو يقال هو قوس من مدار الشمس ما بين جزئها وأفق المشرق تحت الأرض، وبالدائر الباقي تــعرف الساعات الباقية من النهار أو الليل. وإن شئت تعريف كل من الدائر بالنهار والدائر بالليل بحيث يشتمل الدائر الماضي والباقي، فقل: الدائر بالنهار قوس من قوس النهار بين الأفق ومركز الشمس أو مركز الكوكب، والدائر بالليل قوس من قوس الليل بين الأفق ومركز الشمس أو مركز الكوكب، فإنّه إن كان ذلك الأفق شرقيا فهو الدائر الماضي، وإن كان غربيا فهو الدائر الباقي هذا في الدائر بالنهار. وأما في الدائر بالليل فبالعكس. قال عبد العلي البرجندي مبنى جميع ما ذكر على المساهلة. وأمّا بالحقيقة فما دار من المعدل من طلوع الشمس إلى بلوغها إلى موضع ما فوق الأرض هو الدائر بالنهار، وما دار من المعدّل من طلوع نظير جزء الشمس إلى بلوغ ذلك النظير إلى موضع معيّن فوق الأرض هو الدائر بالليل، وهذا هو الدائر الماضي. وقد يطلق الدائر بالنهار على ما دار من المعدل من زمان مفروض إلى غروب الشمس والدائر بالليل على ما دار من المعدل من زمان مفروض إلى طلوع الشمس، ويقال له الدائر الباقي.
والتفاوت بين هذا وبين ما سبق بقدر مطالع حركة الشمس في ذلك الزمان.
ثم اعلم أنّ أصحاب العمل أي أصحاب الزيجات يعتبرون غالبا في الدائر دائرة نصف النهار مقام دائرة الأفق. فالقوس من مدار يومي للشمس بين مركزها وبين التقاطع الأعلى للمدار مع دائرة نصف النهار على توالي حركة المعدل يسمّى دائرا ماضيا، وعلى خلاف توالي حركة المعدل يسمّى دائرا مستقبلا. وفي هذا أيضا مساهلة على قياس ما مرّ.
اعلم أنّ الفاضل عبد العلي البرجندي ذكر في شرح بيست باب لفظ الكوكب مقام لفظ الشمس فكأنّه بنى الأمر على ما هو القياس في الدائر من عدم اختصاصه بالشمس.

الوجوب

الوجوب:
[في الانكليزية] Necessity ،obligation
[ في الفرنسية] Necessite ،obligation
بالضم وتخفيف الجيم في اللغة هو الثبوت وفي الــعرف هو الاستحسان والأولوية، يقال يجب أي يستحسن ويسمّى بالوجوب الــعرفــي والاستحساني، ويقابله الوجوب العقلي والشرعي. أمّا الوجوب العقلي فقال المتكلّمون والحكماء الوجوب والإمكان والامتناع قد تطلق على المعاني المصدرية الانتزاعية وتصوّراتها بالكنه ضرورية إذ ليس كنهها إلّا هذه المعاني الثلاثة المنتزعة الحاصلة في الذّهن، فإنّ كلّ عاقل غير قادر على الكسب يتصوّر حقيقتها كوجوب حيوانية الإنسان وإمكان كاتبيته وامتناع حجريته وتصوّر الحصّة يستلزم تصوّر الطبيعة ضرورة أنّها طبيعة مقيّدة، ومن عرّفــها فلم يزد على أن يقول الواجب ما يمتنع عدمه أو لا يمكن عدمه، فإذا قيل له ما الممتنع؟ قال: ما يجب عدميا وما لا يمكن وجوده. وإذا قيل له ما الممكن؟ قال: ما لا يجب وجوده أو ما لا يمتنع وجوده ولا عدمه فيأخذ كلا من الثلاثة في تعريف الآخر وأنّه دور، وعلى هذا القياس الوجوب والإمكان والامتناع. فإن قلت قد عرف الواجب بالممكن العام ثم عرّف الممكن الخاص بالواجب فلا دور. قلت الإمكان العام والخاص حصّة من الإمكان المطلق بهذا المعنى وكذا مشتقّ كلّ منهما حصّة من مشتقّه، وخفاء الحصّة إنّما هو لخفاء الطبيعة. نعم لو عرف الوجوب بالمعنى الآتي مثلا بالإمكان والامتناع بهذا المعنى لم يلزم الدور. وقد تطلق على المعاني التي هي منشأ لانتزاع المعاني المصدرية، والظاهر أنّ تصوّراتها نظرية، ولذا اختلف في ثبوتها واعتباريتها، والظاهر أنّ المبحوث عنها في فنّ الكلام هذه المفهومات بمعنى مصداق الحمل والمبحوث عنها في المنطق بالمعاني المصدرية، والمشهور أنّ المبحوث عنها في فنّ الكلام هي التي جهات القضايا في المنطق، لكن في قضايا مخصوصة محمولاتها وجود الشيء في نفسه، فإنّه إذا أطلق المتكلّمون الواجب والممكن والممتنع أرادوا بها الواجب الوجود والممكن الوجود والممتنع الوجود. ثم الوجوب أي بمعنى مصداق الحمل ومنشأ الانتزاع يقال على الواجب باعتبار ما له من الخواص لا بالمعنى المصدري، فإنّه إذا كان الوجوب مقولا على الواجب ومحمولا عليه باعتبار هذه الخواص فهذه الخواص منشأ لانتزاعه ومصداق لحمله. الأولى استغناء في وجوده عن الغير وقد يعبّر عنها بعدم احتياجه أو بعدم توقّفه فيه على غيره. والثانية كون ذاته مقتضية لوجوده اقتضاء تاما. والثالثة الشيء الذي به يمتاز الذات عن الغير فالمعنيان الأوّلان أمران نسبيان بتاء على أنّ المراد منهما كون وجود الواجب عين ذاته، إلّا أنّ الأول منهما عدمي والثاني ثبوتي. ثم النظر الدقيق يحكم بأنّ كلاهما أمران ثبوتيان لرجوعهما إلى نحو وجود الواجب وخصوصية ذاته فالخاصة الثالثة كما أنّها غير الذات بحسب المفهوم وعينها بحسب ما هو المراد منها كذلك الأولى والثانية إلّا أن يبنى ذلك على مذهب المتكلّمين، ويحمل العينية على حمل المواطأة مطلقا، وبهذا التقرير اندفع ما قيل الخاصة الثانية لا تصدق عليه تعالى على مذهب الحكماء القائلين بغيبة الوجود، هذا هو المستفاد من كلام مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف، وهذا تحقيق تفرّد به. والمستفاد من كلام مولانا عبد الحكيم أنّ الوجوب الذي يقال على الواجب باعتبار تلك الخواص هو الوجوب بالمعنى المصدري يعنى أنّ الوجوب بالمعنى الضروري كيفية نسبة الوجود فهو صفة للنسبة ولا يوصف به ذاته تعالى وإلّا لكان وصفا بحال متعلّقه، بل إنّما يوصف به باعتبار استعماله في أحد تلك المعاني التي تختصّ بذاته تعالى لكون هذه المفهومات لازمة لذلك المعنى الذي هو صفة للنسبة، إمّا بطريق المجاز أو الاشتراك وإطلاق الوجوب على المعنيين الأوّلين ظاهر.
وأمّا إطلاقه على الثالث فإمّا بتأويل الواجب أو إرادة مبدأ الوجوب إذ ليس الوجوب بالمعنى الثالث قائما بذاته تعالى حتى يوصف بما يشتقّ منه، بل هو محمول عليه مواطأة، فلا بدّ من أحد التأويلين، وعلى التأويلين يكون الوجوب عبارة عن كون الشيء بحيث يمتاز عن غيره، وهذه الخواص متغايرة مفهوما لكنها متلازمة، إذ متى كان ذاته كافيا في اقتضاء وجوده لم يحتج في وجوده إلى غيره وبالعكس، ومتى وجد أحد هذين الأمرين وجد ما به يتميّز الذات عن الغير وبالعكس. قال شارح التجريد ما حاصله إنّ الوجوب بالمعنى الأول أي بمعنى الاستغناء عن الغير صفة للوجود وبالمعنى الثاني أي بمعنى اقتضاء الذات للوجود صفة للذات بالقياس إلى الوجود وهو لا يتصوّر إلّا في ذات مغايرة للوجود، فهو عند الحكماء القائلين بعينية الوجود ليس بمتحقّق إذ الشيء لا يقتضي نفسه، ومعنى ذلك الاقتضاء عدم انفكاك الوجود عن الذات، لا أن يكون هناك اقتضاء وتأثير فإنّ ذات البارئ لمّا وجب اتصافه بالوجود ولم يجز أن لا يتصف به لم يكن هناك علّة بها يصير متصفا بالوجود إذ شأن العلّة ترجيح أحد المتساويين على الآخر، فإذا لم يكن هناك طرفان متساويان، فأي حاجة إلى العلّة. ولهذا قال بعض المحقّقين صفات الواجب تعالى لا تكون آثارا له وإنّما يمتنع عدمها لكونها من لوازم الذات. وتوضيح ما قلنا هو أنّ مراتب الوجود في الموجودية بحسب التقسيم العقلي ثلاث لا مزيد عليها، أدناها الموجود بالغير أي الذي يوجده غيره، فهذا الموجود له ذات ووجود مغاير له وموجد مغاير لهما، فإذا نظر إلى ذاته مع قطع النظر عن موجده أمكن في نفس الأمر انفكاك الوجود عنه، ولا شكّ أنّه يمكن تصوّر انفكاكه عنه أيضا. فالتصوّر والمتصوّر كلاهما ممكن، وهذا حال الماهيات الممكنة كما هو المشهور. وأوسطها الموجود بالذات بوجود هو غيره أي الذي يقتضي ذاته وجوده اقتضاء تاما يستحيل معه انفكاك الوجود عنه فهذا الموجود له ذات ووجود مغاير له فيمتنع انفكاك الوجود عنه بالنّظر إلى ذاته، لكن يمكن تصوّر هذا الانفكاك فالمتصوّر محال والتصوّر ممكن، وهذا حال الواجب تعالى عند جمهور المتكلّمين. وأعلاها الموجود بالذات بوجود هو عينه أي الذي وجوده عين الذات فهذا الموجود ليس له وجود مغاير للذات فلا يمكن تصوّر انفكاك الوجود عنه بل الانفكاك وتصوّره كلاهما محال، وهذا حال الواجب تعالى عند جمهور الحكماء. وهذه المراتب مثل مراتب المضيء كما سبقت في محله. قال الصادق الحلواني في حاشية الطيبي: وجوب الوجود عند الحكماء استغناؤه تعالى في الموجودية في الخارج عن غيره. وعند المتكلّمين اقتضاء ذاته وجوده اقتضاء تاما. ومن هاهنا تسمعهم يقولون في الواجب تارة هو ما يستغني في موجوديته عن غيره وأخرى هو ما يقتضي ذاته وجوده اقتضاء تاما، وقد يفسّر بما يكون وجوده ضروريا بالنظر إلى ذاته انتهى.
ومآل التفسير الثالث مع الثاني واحد كما لا يخفى.
اعلم أنّ هذه الثلاثة قد تؤخذ بحسب الذات كما عرفــت والقسمة أي قسمة كيفية نسبة المحمول إلى الموضوع إلى هذه الثلاثة حينئذ قسمة حقيقية حاصرة بأن يقال نسبة كلّ محمول سواء كان وجودا أو غيره إلى موضوعه، سواء كانت النسبة إيجابية أو سلبية لا يخلو ذات الموضوع إمّا أن يقتضي تلك النسبة أو لا، وعلى الثاني إمّا أن يقتضي نقيض تلك النسبة أو لا، والأول هو الوجوب والثاني هو الامتناع والثالث هو الإمكان، ولا يمكن انقلاب أحد هذه الثلاثة بالآخر بأن يزول أحدهما عن الذات ويتّصف الذات بالآخر مكانه، فيصير الواجب بالذات ممكنا بالذات وبالعكس لأنّ ما بالذات لا يزول، وقد يؤخذ الوجوب والامتناع بحسب الغير إذ لا ممكن بالغير فالوجوب بالغير هو الذي للذات باعتبار غيره، وهكذا الامتناع بالغير وحينئذ القسمة مانعة الجمع لاستحالة اجتماع الوجود والعدم في ذات دون الخلوّ لانتفائهما عن كلّ من الواجب والممتنع بالذات، ويمكن انقلابهما إذ الواجب بالغير قد يعدم علّته فيصير ممتنعا بالغير، وكذا الممتنع بالغير قد يوجد علّته فيصير واجبا بالغير فالوجوب شامل للذاتي والغيري، وكذا الامتناع والوجوب بالغير والامتناع بالغير إنّما يعرضان للممكن بالذات، وأمّا الواجب بالذات فيمتنع عروض الوجوب بالغير له وإلّا لتوارد علّتان مستقلتان أعني الذات والغير على معلول واحد شخصي هو وجوب ذلك الوجوب، وكذا عروض الامتناع بالغير له وإلّا لكان موجودا ومعدوما في حالة، وعلى هذا القياس الممتنع بالذات. والتحقيق أنّه إن أريد بالإمكان بالغير أن لا يقتضي الغير وجود الماهية ولا عدمها كما أنّ الوجوب بالغير أن يقتضي الغير وجوبها والامتناع بالغير أن يقتضي الغير عدمها، فلا شكّ أنّه لا ينافي الوجوب الذاتي ولا الامتناع الذاتي، وإن أريد بالإمكان بالغير أن يقتضي الغير تساوي نسبة الماهية إلى الوجود والعدم فلا كلام في أنّه ينافي الوجوب والامتناع الذاتيين وكذا الإمكان الذاتي للزوم توارد العلتين على معلول واحد. ثم الإمكان إنّما يعرض للماهية من حيث هي لا مأخوذة مع وجودها ولا مع عدمها ولا مع وجود علّتها وعدمها، أمّا إذا أخذت الماهية مع الوجود فإنّ نسبتها حينئذ إلى الوجود بالوجوب ويسمّى ذلك وجوبا لاحقا، وإذا أخذت مع العدم فنسبتها إلى الوجود حينئذ يكون بالامتناع لا بالإمكان ويسمّى ذلك امتناعا لاحقا، وكلاهما يسمّى ضرورة بشرط المحمول، وإذا أخذت مع وجود علّتها كانت واجبة ما دامت العلّة موجودة ويسمّى ذلك وجوبا سابقا وإذا اخذت مع عدم علتها كانت ممتنعة ما دامت العلّة معدومة ويسمّى ذلك امتناعا سابقا. فكلّ وجود محفوف بوجوبين سابق ولاحق وكلاهما وجوب بالغير، وكلّ معدوم محفوف بامتناعين سابق ولاحق وكلاهما امتناع بالغير.
فائدة:
قال بعض المتكلّمين الواجب والقديم مترادفان لكنه ليس بمستقيم المقطع بتغاير المفهومين، إنّما النزاع في التساوي بحسب الصدق. فقيل القديم أعمّ لصدقه على صفات الواجب وبعض المتأخّرين كالإمام حميد الدين الضريري ومن تبعه صرّحوا بأنّ الواجب الوجود لذاته هو الله تعالى وصفاته، وأوّله البعض بأنّ معناه أن الصفات واجبة الواجب أي لا تفتقر إلى غير الذات، لكن هذا لا يوافق استدلالهم. بأنّ كلّ ما هو قديم لو لم يكن واجبا لذاته لكان جائز العدم في نفسه فيحتاج في وجوده إلى مخصّص فيكون محدثا، إذ لا نعني بالمحدث إلّا ما يتعلّق وجوده بإيجاد شيء آخر.
وقيل منشأ هذا القول إمّا التلبيس خوفا من القول بإمكان الصفات الموجب لحدوثها على أصلهم من أنّ كلّ ممكن حادث، وهو أن يقال لمّا كان الواجب لذاته بمعنيين الواجب بحقيقته بأن تكون ضرورة وجوده ناشئة من حقيقته، والواجب بموصوفه بأن تكون ضرورة وجوده ناشئة من اقتضاء موصوفه لوجوده واستقلاله به وضع أحدهما مكان الآخر في القول بأنّ الصفات واجبة لذواتها، حتى لو سئل هل الصفات واجبة لذواتها لم يكن للقائل أن يجيب عنه بنعم، ويظهر أمر التلبيس، وإمّا الالتباس بأن يقال لمّا كان اقتضاء الواجب وجوده جعل وجوده واجبا توهّم مثلا أنّ اقتضاء العلم مثلا يقتضي كون العلم واجبا، فرّق بينهما بأنّ اقتضاء الواجب وجوده لوجوب غذائه في وجوده عن وجود غيره، واقتضاؤه وجود العلم بوجوب احتياج العلم إلى وجود غيره انتهى.
فائدة:
الإمكان أيضا يقال على الممكن باعتبار ما له من الخواص الأولى احتياجه في وجوده إلى غيره، والثانية عدم اقتضاء ذاته وجوده أو عدمه، والثالثة ما به يمتاز ذات الممكن عن الغير فإمّا أن يراد بالإمكان بمعنى مصداق الحمل والمراد بالخاصتين الأوليين زيادة الوجود على الماهية فهما ترجعان إلى خصوصية الذات، ونحو تقرّرها على قياس الوجوب فكما أنّ الوجوب بمعنى مصداق الحمل نفس ذات الواجب كذلك الإمكان بهذا المعنى نفس ذات الممكن. وإمّا بالمعنى المصدري والحال في تغايرها وتلازمها كما عرفــت في الوجوب، وهكذا الامتناع يطلق باعتبار الخواص على الممتنع، إلّا أنّه لا كمال في مــعرفــته، ولذا تركوا بيانه. وأمّا الوجوب الشرعي فقد اختلفت العبارات في تفسيره، فقيل هو حكم بطلب فعل غير كفّ ينتهض تركه في جميع وقته سببا للعقاب، وذلك الفعل المطلوب يسمّى واجبا، فالوجوب قسم من الحكم والواجب قسم من الأفعال وما وقع في عبارة البعض من أنّ الواجب والمندوب ونحوهما أقسام للحكم ليس على ظاهر. فبقيد الطلب خرج الإباحة والوضع. وقوله غير كفّ يخرج الحرمة لأنّها أيضا طلب فعل لكنه فعل هو كفّ، وهذا إشارة إلى الخلاف الواقع بين الأصوليين من أنّ المراد بالنهي هو نفي الفعل أو فعل الضدّ، فقال أبو هاشم بالأول والأشعري بالثاني. وبالجملة فمن يقول بأنّ الكفّ فعل يــعرف الوجوب بما مرّ والحرمة بأنّها حكم بطلب الكفّ عن فعل ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب. وأمّا من يقول بأنّ الكفّ نفي فعل فيطرح من حدّ الوجوب قيد غير كفّ ويقول الوجوب حكم بطلب فعل ينتهض تركه الخ، والحرمة حكم بطلب نفي فعل ينتهض فعله سببا للعقاب، وكذا يخرج الكراهة لأنّها طلب كفّ لا فعل عند من يقول بأنّ الكفّ فعل، وأمّا عند من لا يقول به فيخرج بقيد ينتهض، إذ فعلها وتركها كلّ منهما لا ينتهض سببا للعقاب. ثم قوله ينتهض يخرج النّدب. وقوله في جميع وقته ليشتمل الحدّ الواجب الموسع إذ تركه ليس سببا للعقاب إلّا إذا ترك في جميع الوقت، وفيه أنّه لو لم يذكره لما لزم الخلل لأنّ انتهاض تركه سببا في الجملة لا يوجب انتهاضه دائما، فالواجب الموسع داخل فيه حينئذ أيضا. والمراد بسببية الفعل للثواب والعقاب أنّه من الأمارات الدّالة عليه والأسباب العادية له لا السبب الموجب له عقلا كما ذهب إليه الأشعري. قيل يلزم أن لا يكون الصوم واجبا لأنّ صوموا طلب لفعل هو كفّ. وأجيب بمنع كونه كفّا لأنّ جزءه أعني النية غير كفّ. قيل يرد عليه كفّ نفسك عن كذا فإنّه إيجاب ولا يصدق عليه أنّه طلب فعل غير كفّ ويصدق عليه أنّه طلب كفّ عن فعل ينتهض ذلك الفعل سببا للعقاب مع أنّه ليس بتحريم. وأجيب بأنّ الحيثية معتبرة، فالمراد أنّ الوجوب طلب يعتبر من حيث تعلّقه بفعل والحرمة طلب يعتبر من حيث تعلّقه بكفّ عن فعل، فيكون اكفف عن فعل كذا من حيث تعلّقه بالكفّ إيجابا، وبالفعل المكفوف عنه تحريما، ولكنه حينئذ لم يكن قوله غير كفّ محتاجا إليه ويكفي أن يقال طلب فعل ينتهض تركه الخ، اللهم إلّا أن يقصد زيادة الوضوح والتنبيه.
اعلم أنّ الوجوب والإيجاب متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا وقد سبق في لفظ الحكم. وقيل الواجب ما يعاقب تاركه، وردّ بأنّه يخرج عنه الواجب المعفو عن تركه. وقيل ما أوعد بالعقاب على تركه ليندفع ذلك لأنّ الخلف في الوعيد جائز وإن لم يجز في الوعد كما ذهب إليه بعض المتكلّمين. وأمّا عند من لم يجوّز ذلك فالنقض عنده بحاله. وقيل ما يخاف العقاب على تركه وهو مردود بما شكّ في وجوبه ولا يكون واجبا في نفسه فإنّه يخاف العقاب. وقال القاضي أبو بكر ما يذمّ شرعا تاركه بوجه ما، والمراد بالذمّ نصّ الشارع به أو بدليله إذ لا وجوب إلّا بالشرع، وقال بوجه ما ليدخل الواجب الموسع فإنّه يذمّ تاركه إذا تركه في جميع وقته لا في بعض الوقت، وكذا فرض الكفاية فإنّه يذمّ تاركه إذا لم يقم به غيره. ويرد عليه صلاة النّائم والناسي وصوم المسافر لأنّه يصدق على كلّ منها لأنّه يذمّ تاركه على تقدير عدم القضاء بعد التذكّر والتنبه والإقامة. وأجيب بأنّ المراد أنّه يذمّ تاركه من حيث إنّه تارك وباعتبار ذلك الترك وإلّا فيصدق على كلّ فعل أنّه يذم تاركه على تقدير تركك الفرض معه، وفي الصلاة المذكورة ليس الذمّ على ترك الصلاة حال النسيان والنوم والصوم حال السفر بل على ترك القضاء. وإن شئت الزيادة فارجع إلى العضدي وحواشيه.
اعلم أنّ جميع التعاريف للمواجب بالمعنى الأعم الشامل للقطعي والظّنّي على ما ذهب إليه جمهور الأصوليين. وأمّا عند الحنفية القائلين بتخصيصه بالظّنّي فيقال الواجب ما ثبت بدليل ظنّي واستحقّ الذّمّ على تركه مطلقا من غير عذر، وقد سبق في لفظ الفرض. والواجب عند المعتزلة فيما يدرك جهة حسنه أو قبحه بالعقل هو ما اشتمل تركه على مفسدة وقد سبق في لفظ الحسن.
اعلم أنّهم قد يقولون نفس الوجوب وقد يقولون وجوب الأداء فلا بدّ من بيان الفرق، فنقول: الوجوب في عرف الفقهاء على اختلاف العبارات في تفسيره يرجع إلى كون الفعل بحيث يستحقّ تاركه الذّمّ في العاجل والعقاب في الآجل. فمن هاهنا ذهب جمهور الشافعية إلى أنّه لا معنى له إلّا لزوم الإتيان بالفعل وأنّه لا معنى للوجوب بدون وجوب الأداء، بمعنى الإتيان بالفعل أعمّ من الأداء والقضاء والإعادة، فإذا تحقّق السبب ووجد المحل من غير مانع تحقّق وجوب الأداء حتى يأثم تاركه ويجب عليه القضاء، وإن وجد في الوقت مانع شرعي أو عقلي من حيض أو نوم أو نحو ذلك فالوجوب يتأخّر إلى زمان ارتفاع المانع، وحينئذ افترقوا ثلاث فرق. فذهب الجمهور إلى أنّ الفعل في الزمان الثاني قضاء بناء على أنّ المعتبر في وجوب القضاء سبق الوجوب في الجملة لا سبق الوجوب على ذلك الشخص، فعلى هذا يكون فعل النائم والحائض ونحوهما قضاء. وبعضهم يعتبر سبق الوجوب عليه حتى لا يكون فعل النائم والحائض ونحوهما قضاء لعدم الوجوب عليهم بدليل الإجماع على جواز الترك.
وبعضهم يقول بالوجوب عليهم بمعنى انعقاد السبب وصلاحية المحل وتحقّق اللزوم لولا المانع ويسمّيه وجوبا بدون وجوب الأداء، وليس هذا إلّا تغيير عبارة بالنسبة إلى مذهب الحنفية لأنّ مرادهم بتحقّق اللزوم تحقّق لزوم الأداء لولا المانع، فإذا وجد المانع لم يتحقّق وجوب الأداء، وقد قالوا بالوجوب عليهم عند المانع. وأمّا الحنفية فذهب بعضهم إلى أنّه لا فرق بين الوجوب ووجوب الأداء في العبادات البدنية حتى أنّ الشيخ المحقّق أبا المعين بالغ في ردّه وادّعى أنّ استحالته غنية عن البيان. ثم قال إنّ الشارع أوجب على من مضى عليه الوقت وهو نائم مثلا بعد زوال النوم ما كان يوجبه في الوقت لولا النوم بشرائط مخصوصة، ولم يوجب ذلك في باب الصبي والكفر، وهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وأوجب الصوم على المريض والمسافر معلّقا باختيارهما الوقت تخفيفا ومرحمة، فإن اختار الأداء في الشهر كان الصوم واجبا فيه وإن أخّراه إلى الصحة والإقامة كان واجبا بعدهما، وهذا بخلاف الواجب المالي فإنّ فيه شيئين إذ الواجب هو المال والأداء فعل في ذلك المال، فيجب على الولي أداء ما وضع في ذمّة الصبي من المال كما لو وضع في بيت الصبي مال معيّن. وأما الذاهبون إلى الفرق فمنهم من اكتفى بالتمثيل فقال نفس وجوب الثمن بالبيع ووجوب الأداء بالمطالبة. وذهب صاحب الكشف إلى أنّ نفس الوجوب عبارة عن اشتغال الذمة بوجود الفعل الذهني ووجوب الأداء عبارة عن إخراجه من العدم إلى الوجود الخارجي، ولا شكّ في تغايرهما. ولذا لا يتبدّل ذلك التصوّر بتبدّل الوجود الخارجي بالعدم بل يبقى على حاله، وكذا في المالي أصل الوجوب لزوم مال تصوّر في الذمة ووجوب الأداء إخراجه من العدم إلى الوجود الخارجي، إلّا أنّه لمّا لم يكن في وسع العبد ذلك أقيم مال آخر من جنسه مقامه في حقّ صحة الأداء والخروج عن العهدة وجعل كأنّه ذلك المال الواجب، وهذا معنى قولهم:
الدّيون تقضى بأمثالها لا بأعيانها، فظهر الفرق بين الفعل وأداء الفعل، هذا كلامه. والمراد بالفعل الذّهني أنّه أمر عقلي لا وجود له في الخارج لا أنّه شرط في اشتغال الذّمة به أن يتصوّره من عليه الوجوب أو غيره. وفي تفسير وجوب الأداء بالإخراج تسامح، والمراد لزوم الإخراج. وذهب صدر الشريعة إلى أنّ نفس الوجوب هو اشتغال الذّمة بفعل أو مال ووجوب الأداء لزوم تفريغ الذمة عمّا اشتغلت به، وتحقيقه أنّ للفعل معنى مصدريا وهو الإيقاع ومعنى حاصلا بالمصدر وهو الحالة المخصوصة، فلزوم وقوع تلك الحالة هو نفس الوجوب ولزوم إيقاعها وإخراجها من العدم إلى الوجود هو وجوب الأداء، وكذا في المالي لزوم المال وثبوته في الذّمة نفس الوجوب ولزوم تسليمه إلى من له الحقّ وجوب الأداء، فالوجوب في كلّ منهما صفة لشيء آخر فافترقا في المعنى. ثم إنّهما يفترقان في الوجود أيضا.
أمّا في البدني فكما في صلاة النائم والناسي وصوم المسافر والمريض، فإنّ وقوع الحالة المخصوصة التي هي الصلاة والصوم لازم نظرا إلى وجود السبب وأهلية المحلّ وإيقاعها من هؤلاء غير لازم لعدم الخطاب وقيام المانع.
وأمّا في المالي فكما في الثمن إذا اشترى الرجل شيئا بثمن غير مشار إليه بالتعيين فإنّه يجب في الذمة الامتناع البيع بلا ثمن ولا يجب أداؤه إلّا بعد المطالبة. وإن شئت زيادة التوضيح فارجع إلى التوضيح والتلويح وحواشيه.

التقسيم:
للواجب تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار فاعله ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية. ففرض الكفاية واجب يحصل منه الغرض بفعل بعض المكلّفين، أيّ بعض كان، وفرض العين بخلافه، مثال الكفاية الجهاد فإنّ الغرض منه حراسة المؤمنين وإذلال العدو وإعلاء كلمة الحقّ وذلك حاصل بوجود الجهاد من أيّ فاعل كان، وكذا إقامة الحجج ودفع الشبه إذ الغرض منها حفظ قواعد الدين من أن تزلزلها شبه المبطلين، وحصوله لا يتوقّف إلّا من صدوره من فاعل ما، ومثل هذا لا يتعلّق بكلّ واحد من الأعيان بحيث لا يسقط بفعل البعض لاقتضائه إلى إلزام ما لا حاجة إليه، ولا ببعض معيّن لأدائه إلى الترجيح من غير مرجّح، فتعيّن أن يتعلّق وجوبه بالكلّ على وجه يسقط بفعل البعض أو يتعلّق ببعض غير معيّن. ومثال فرض العين الصلاة والصوم. وبالجملة ففرض العين ما وجب على كلّ واحد واحد من آحاد المكلّفين وفرض الكفاية ما وجب على بعض غير معيّن أو على الكلّ بحيث لو فعل البعض سقط عن الباقين. والثاني باعتبار نفسه إلى معيّن ومخيّر، فالمعيّن ما ثبت بالأمر بواحد معيّن كما يقال سلّ أو يقال أوجبت عليك الصلاة، والمخيّر ما ثبت بالأمر بواحد مبهم من أمور مبهمة ولا فائدة فيه أصلا. فالواجب واحد من تلك الأمور المبهمة يعيّنه فعل المكلّف ولا يعيّنه قوله بأن يقول عيّنت كذا وهذا هو مذهب الفقهاء. وذهب الجبّائي وابنه أنّ الكل واجب على التخيير وفسّره البعض بأنّه لا يجوز الإخلال بجميعها ولا يجب الإتيان به، وللمكلّف أن يختار أيا ما كان وهو بعينه مذهب الفقهاء، ولكنه ما ذهب إليه بعض المعتزلة من أنّه يثاب ويعاقب على كلّ واحد ولو أتى بواحد سقط عنه الباقي بناء على أنّ الواجب واحد معيّن عند الله دون المكلّف، ويسقط بفعله أي بفعل ذلك الواحد المعيّن أو بفعل غيره.
والثالث باعتبار وقته إلى مضيّق وموسّع فإنّ زمان الواجب إن كان مساويا له سمّي واجبا مضيّقا كالصوم ووقته يسمّى معيارا، وإن كان زائدا عليه يسمّى واجبا موسّعا كالظهر وقته يسمّى ظرفا، ولا يجوز كون الوقت ناقصا عنه إلّا لغرض القضاء، كما إذا طهرت وقد بقي من الوقت مقدار ركعة فذهب الجمهور من الشافعية والحنفية والمتكلّمين إلى أنّ جميعه وقت للأداء.
وقال القاضي الباقلاني إنّ الواجب الفعل في كلّ جزء ما لم يتضيّق الوقت أو العزم على الفعل، لكن الفعل أصل، وإنّما يجوز تركه ببدل وهو العزم وآخره متعيّن للفعل. ومن الشافعية من عيّن أوله للأداء فإن أخّره فقضاء. ومن الحنفية من عكس وقال آخر الوقت متعيّن للأداء فإن قدّمه فهو نفل يسقط به الفرض كتعجيل الزكاة قبل وقوعها. والرابع باعتبار مقدّمة وجوده إلى مطلق ومقيّد، فالمطلق ما لا يتوقّف وجوبه على مقدّمة وجوده من حيث هو كذلك والمقيّد بخلافه، وفي اعتبار الحيثية إشارة إلى جواز كون الشيء واجبا مطلقا بالقياس إلى المقدّمة ومقيّدا بالقياس إلى أخرى، فإنّ الصلاة بل التكاليف بأسرها موقوفة على البلوغ والعقل فهي بالقياس إليهما مقيّدة، وأمّا بالإضافة إلى الطهارة فواجبة مطلقا. وقد فسّر الواجب المطلق بما يجب في كلّ وقت وعلى كلّ حال فنوقض بالصلاة، فزيد كلّ وقت قدّره الشارع فنوقض بصلاة الحائض، فزيد إلّا لمانع وهذا لا يشتمل غير المؤقتات ولا مثل الحج والزكاة في إيجاب ما يتوقّف عليه من الشروط والمقدّمات. وان شئت توضيح المقام فارجع إلى العضدي وحواشيه.
الوجوب: الشرعي ما يستحق تاركه الذم والعقاب.

علم المنطق

علم المنطق
ويسمى علم الميزان أيضا وهو: علم يتــعرف منه كيفية اكتساب المجهولات التصورية والتصديقية من معلوماتها.
وموضوعه: المعقولات الثانية من حيث الإيصال إلى المجهول أو النفع فيه.
والغرض منه: عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر.
ومنفعته: الإصابة في جميع العلوم.
قال في الكشف: الغرض منه ومنفعته ظاهران من الكتب المبسوطة في المنطق كذا قال في مفتاح السعادة انتهى.
والمنطق لكون حاكما على جميع العلوم في الصحة والسقم والقوة والضعف وأجلها نفعا وأعظمها سماه أبو نصر الفارابي: رئيس العلوم.
ولكونه آلة في تحصيل العلوم الكسبية النظرية والعملية لا مقصودا بالذات سماه الشيخ الرئيس ابن سينا بخادم العلوم.
وحكى أبو حيان في تفسيره البحر: إن أهل المنطق بجزيرة الأندلس كانوا يعبرون عن المنطق بالمفعل تحررا عن صولة الفقهاء حتى إن بعض الوزراء أراد أن يشتري لابنه كتابا من المنطق فاشتراه خفية خوفا منهم مع أنه أصل كل علم وتقويم كل ذهن انتهى.
قال الغزالي: من لم يــعرف المنطق فلا ثقة له في العلوم أصلا حتى روي عن بعضهم أنه فرض كفاية وعن بعضهم فرض عين بناء على أن مــعرفــة الله تعالى بطريق البرهان واجبة وإنها لا تتم إلا بعلم المنطق فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب قال القائل:
إن رمت إدراك العلوم بسرعة ... فعليك بالنحو القويم ومنطق
هذا الميزان العقول مرجح ... والنحو إصلاح اللسان بمنطق
قال في كشف الظنون: قال الشيخ أبو علي بن سينا: المنطق نعم العون على إدراك العلوم كلها وقد رفض هذا العلم وجحد منفعته من لم يفهمه ولا اطلع عليه عداوة لما جهل وبعض الناس ربما يتوهم أنه يشوش العقائد مع أنه موضوع للاعتبار والتحرير.
وسبب هذا التوهم أن من الأغبياء الأغمار الذين لم تؤدبهم الشريعة من اشتغل بهذا العلم واستضعف حجج بعض العلوم واستخف بها وبأهلها ظنا منه أنها برهانية لطيشه وجهله بحقائق العلوم ومراتبها فالفساد لا من العلم.
قالوا: ويستغنى عنه المؤيد من الله تعالى ومن علمه ضروري ويحتاج إليه من عداهما.
فإن قلت: إذا كان الاحتياج بهذه المرتبة فما بال الأئمة المقتدى بهم كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله لم ينقل عنهم الاشتغال به وإنما هو من العلوم الفلسفية وقد شنع العلماء على من عربها وأدخلها في علوم الإسلام ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي رحمه الله أنه كان يقول: ما أظن الله تعالى يغفل عن المأمون العباسي ولا بد أن يعاقبه بما أدخل على هذه الأمة.
فجوابه إن ذلك مركوز في جبلاتهم السليمة وفطرتهم المستقيمة ولم يفتهم إلا العبارات والاصطلاحات كما ذكر في علم النحو.
وأصول المنطق تسعة على المشهور:
الأول: باب الكليات الخمس:.
الثاني: باب التعريفات.
الثالث: باب التصديقات.
الرابع: باب القياس.
الخامس: البرهان.
السادس: الخطابة.
السابع: الجدل.
الثامن: المغالطة.
التاسع: الشعر هذا خلاصة ما في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة الميبذية وشرح حكمة العين وغيرها.
والكتب المصنفة في المنطق كثيرة منها: إيساغوجي وبحر الفرائد وتيسير الفكر وجامع الدقاق والشمسية غرة النجاة والقواعد الجلية ولوامع الأفكار والمطالع ومجل النظر ومعيار الأفكار وناظر العين ونخبة الفكر وغير ذلك انتهى ما في الكشف وكشاف اصطلاحات الفنون. ومن كتبه المرقاة للشيخ الفاضل فضل إمام الخير آبادي وهو مختصر مفيد وعليه شرح لحفيده المولوي عبد الحق.
وتهذيب المنطق للتفتازاني والصغرى والكبرى بالفارسية للسيد السند الشريف الجرجاني رحمه الله إلى غير ذلك.
قال بعضهم: والذي أجاب به شيخ الإسلام من كون المنطق مرتكزا في نفوسهم جواب ضعيف لا يخفى ضعفه على من يعقل ويــعرف مقاصد الشريعة الغراء انتهى.
أقول: ارجع إلى كتاب رد المنطقيين لابن تيمية رحمه الله واعلم أن جواباته كثيرة وكلها صواب حق لا يسع ذكرها هذا المقام وهذا الجواب أيضا صواب يــعرفــه من منحه الله طبعا سليما لا اعوجاج فيه وصاحب القلب الصحيح والفكر السليم لا يحتاج إلى علم المنطق بل يصدر عنه العلم المطابق له من غير درية بهذا الفن كما يصدر الكلام الموزون ممن لا يعلم بعلم العروض والقافية ولا يحسن تقطيعات الأشعار ويقول نظما كثيرا وينظم قصائد طويلة ولا يــعرف أوزان الشعر ولا بحوره فأي استبعاد في كون المنطق مرتكزا في نفوس بعض العباد الصحيح الفؤاد السلم المراد.
وقد اختلف أهل العلم في أن المنطق من العلم أم لا فتدبر.
قال ابن خلدون في بيان هذا العلم: هو قوانين يــعرف بها الصحيح من الفاسد في الحدود والمــعرفــة للماهيات والحجج المفيدة للتصديقات وذلك أن الأصل في الإدراكات إنما هو المحسوسات بالحواس الخمس وجميع الحيوانات مشتركة في هذا الإدراك من الناطق وغيره
وإنما يتميز الإنسان عنها بإدراك الكليات وهي مجردة من المحسوسات وذلك بأن يحصل في الخيال من الأشخاص المتفقة صورة منطبقة على جميع تلك الأشخاص المحسوسة هي الكلي ثم ينظر الذهن بين تلك الأشخاص المتفقة وأشخاص أخرى توافقها في بعض فيحصل له صورة تنطبق أيضا عليهما باعتبار ما اتفقا فيه ولا يزال يرتقي في التجريد إلى الكل الذي لا يجد كليا آخر معه يوفاقه فيكون لأجل ذلك بسيطا. وهذا مثل ما يجرد من أشخاص الإنسان صورة النوع المنطبقة عليها ثم ينظر بينه وبين الحيوان ويجرد صورة الجنس المنطبقة عليهما ثم بينهما وبين النبات إلى أن ينتهي إلى الجنس العالي وهو الجوهر فلا يجد كليا يوافقه في شيء فيقف العقل هنالك عن التجريد.
ثم إن الإنسان لما خلق الله له الفكر الذي به يدرك العلوم والصنائع وكان العلم إما تصور للماهيات ويعني به إدراك ساذج من غير حكم معه.
وأما تصديقا أي: حكما بثبوت أمر لأمر فصار سعي الفكر في تحصل المطلوبات.
إما بأن تجمع تلك الكليات بعضها إلى بعض على جهة التأليف فتحصل صورة في الذهن كلية منطبقة على أفراد في الخارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لمــعرفــة ماهية تلك الأشخاص
وإما بأن يحكم بأمر على أمر فيثبت له ويكون ذلك تصديقا وغايته في الحقيقة راجعة إلى التصور لأن فائدة ذلك إذا حصل إنما هي مــعرفــة حقائق الأشياء التي هي مقتضى العلم.
وهذا السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح. وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطريق الذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلمية ليتميز فيها الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق.
وتكلم فيه المتقدمون أول ما تكلموا به جملا جملا ومتفرقا ولم تهذب طرقه ولم تجمع مسائله حتى ظهر في يونان أرسطو فهذب مباحثه ورتب مسائله وفصوله وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها ولذلك يسمى بالمعلم الأول وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى النص وهو يشمل على ثمانية كتب أربعة منها في صورة القياس وأربعة في مادته.
وذلك إن المطالب التصديقية على أنحاء:
فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه.
ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن وهو على مراتب فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون من العلم أو من الظن وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصة.
ويقال للنظر الأول: إنه من حيث المادة ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن ويقال للنظر الثاني: إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الإطلاق فكانت لذلك كتب المنطق ثمانية.
الأول: في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات وهي التي ليس فوقها جنس ويسمى كتاب المقولات.
والثاني: في القضايا التصديقية وأصنافها ويسمى: كتاب العبارة.
والثالث: في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق ويسمى كتاب القياس وهذا آخر النظر من حيث الصورة.
ثم الرابع: كتاب البرهان وهو النظر في القياس المنتج لليقين وكيف يجب أن تكون مقدماته يقينية ويختص بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه مثل كونها ذاتية وأولية وغير ذلك وفي هذا الكتاب الكلام في المــعرفــات والحدود إذ المطلوب فيها إنما هو اليقين لوجوب المطابقة بين الحد والمحدود لا تحتمل غيرها فلذلك اختصت عند المتقدمين بهذا الكتاب.
والخامس: كتاب الجدل وهو القياس المفيد قطع المشاغب وإفحام الخصم وما يجب أن يستعمل فيه من المشهورات ويختص أيضا من جهة إفادته لهذا الغرض بشروط أخرى من حيث إفادته لهذا الغرض وهي مذكورة هناك وفي هذا الكتاب يذكر المواضع التي يستنبط منها صاحب القياس قياسه ومنه عكوس القضايا.
والسادس: كتاب السفسطة: وهو القياس الذي يفيد خلاف الحق ويغالط به المناظر صاحبه وهو فاسد وهذا إنما كتب ليــعرف به القياس المغالطي فيحذر منه.
والسابع: كتاب الخطابة وهو القياس المفيد ترغيب الجمهور وحملهم على المراد منهم وما يجب أن يستعمل في ذلك من المقالات.
والثامن: كتاب الشعر وهو القياس الذي يفيد التمثيل والتشبيه خاصة للإقبال على الشيء أو النفرة عنه وما يجب أن يستعمل فيه من القضايا التخييلية هذه هي كتب المنطق الثمانية عند المتقدمين.
ثم أن حكماء اليونانيين بعد أن تهذبت الصناعة ورتبت رأوا أنه لا بد من الكلام في الكليات الخمس المفيدة للتصور فاستدركوا فيها مقالة تختص بها مقدمة بين يدي الفن فصارت تسعا وترجمت كلها في الملة الإسلامية وكتبها وتداولها فلاسفة الإسلام بالشرح والتلخيص كما فعله الفارابي وابن سينا ثم ابن رشد من فلاسفة الأندلس ولابن سينا كتاب الشفا استوعب فيه علوم الفلسفة السبعة كلها.
ثم جاء المتأخرون فغيروا اصطلاحات المنطق والحقوا بالنظر في الكليات الخمس ثمرته وهي: الكلام في الحدود والرسوم نقولها من كتاب البرهان وحدقوا كتاب المقولات لأن نظر المنطقي فيه بالعرض لا بالذات وألحقوا في كتاب العبارة الكلام في العكس لأنه من توابع الكلام في القضايا ببعض الوجوه ثم تكلموا في القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم لا بحسب المادة وحدقوا النظر فيه بحسب المادة وهي الكتب الخمسة: البرهان والجدول والخطابة والشعر والسفسطة وربما يلم بعضهم باليسير منها إلماما وأغفلوها كأن لم تكن وهي المهم المعتمد في الفن.
ثم تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلاما مستبحرا نظروا فيه من حيث أنه فن برأسه لا من حيث أنه آلة للعلوم فطال الكلام فيه واتسع.
وأول من فعل ذلك الإمام فخر الدين بن الخطيب ومن بعده فضل الدين الخونجي وعلى كتبه معتمد المشارقة لهذا العهد وله في هذه الصناعة كتاب كشف الأسرار وهو طويل واختصر فيها مختصر الموجز وهو حسن في التعليم ثم مختصر المجمل في قدر أربعة أوراق أخذ بمجمامع الفن وأصوله فتداوله المتعلمون لهذا العهد فينتفعون به وهجرت كتب المتقدمين وطرقهم كأن لم تكن وهي ممتلئة من ثمرة المنطق وفائدته كما قلناه والله الهادي للصواب انتهى كلام ابن خلدون.
قال في مدينة العلوم:
وقد صح بشهادة أهل التواريخ والندماء أن أول من دون المنطق أرسطو وقد بذل ملك زمانه في مقابلة ذلك خمسمائة ألف دينار وأدر عليه في كل سنة مائة وعشرين ألف دينار.
وقيل: أنه تنبه لوضعه وترتيبه من نظم كتاب إقليدس في الهندسة ثم إن أرسطو بعدما دون المنطق صارت كتبه مخزونة في أبنية ولاية موره من بلاد الروم عند ملك من ملوك اليونان ولما رغب الخليفة المأمون في علوم الأوائل أرسل إلى الملك المذكور وطلب الكتب فلم يرسل فغضب المأمون وجمع العساكر وبلغ الخبر إلى الملك فجمع البطاريق وشاورهم في الأمر فقالوا:
إن أردت الكسر في دين المسلمين وتزلزل عقائدهم فلا تمنعهم عن الكتب فاستحسن الملك فأرسلها إلى المأمون فجمع المأمون مترجمي مملكته كحنين بن إسحاق وثابت ابن قرة وغيرهما فترجموها بتراجم مختلفة بحيث لا يوافق ترجمة أحدهم ترجمة الآخر فبقيت التراجم غير محررة إلى أن التمس منصور بن نوح الساماني من أبي نصر الفارابي أن يحررها ويخصها ففعل كما أراد ولهذا لقب بالمعلم الثاني وكانت كتبه في خزانة الكتب المبنية بأصبهان المسماة بصوان الحكمة إلى زمان السلطان مسعود لكن كانت غير مبيضة لأن الفارابي كان غير ملتفت إلى جمع التصانيف ونشرها بل غلب عليه السياحة ثم إن الشيخ أبا علي تقرب عند السلطان مسعود بسبب الطب حتى استوزره واستولى على تلك الخزانة وأخذ ما في تلك الكتبولخص منها كتاب الشفا وغير ذلك من تصانيفه وقد اتفق إن احترقت تلك الكتب فاتهم أبو علي بأنه أحرقها لينقطع انتساب تلك العلوم عن أربابها ويختص بنفسه لكن هذا كلام الحساد الذين ليس لهم هاد.
واعلم أن الأوائل من الملوك كانوا يهتمون بجمع الكتب وخزانتها فحدثت في الإسلام خزائن ثلاث:
إحداها: بمدينة دار السلام ببغداد وكانت فيها من الكتب ما لا يحصى كثرة وقد ذهب الكل في وقعة تاتار ببغداد.
وثانيتها: خزانة الفاطميين بمصر وكانت من أعظم الخزائن وأكثرها جمعا للكتب النفيسة ولما انقضت دولتهم باستيلاء الملك صلاح الدين على مصر فاشترى القاضي الفاضل أكثر كتب هذه الخزانة ووقفها على مدرسته بمصر فبقيت فيها إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبق منها إلا القليل.
وثالثتها: خزانة بني أمية بالأندلس وكانت من أجل خزائن الكتب أيضا ولما انقرضت دولتهم باستيلاء ملوك الطوائف على الأندلس ذهب كلها.
أو من الكتب المبسوطة في المنطق: البحر الخضم ومنطق الشفاء لأبي علي بن سينا كتبه بلا مطالعة كتاب وكان يكتب كل يوم خمسين ورقة من حفظه وله كتاب النجاة والقانون والإشارات.
ومنها كتاب بيان الحق ومطالع الأنوار والمناهج كلها في المنطق والحكمة للأمور كان شافعيا وكتاب كشف الأسرار لمحمد بن عبد الملك الخونجي وهو صاحب الموجز في المنطق ومن الكتب اللطيفة التلويحات والمطارحات لأبي الفتوح يحيى بن حنش الملقب بشهاب الدين السهروردي الحكيم المقتول وقيل اسمه عمر.
ومنها: الملخص وشرح الإشارات للرازي والمعتبر لأبي البركات البغدادي اليهودي أولا في أكثر عمره والمهتد إلى الإسلام في آخر عمره أتى في المعتبر بأقسام الحكمة غير الرياضي وهو أحسن كتاب في هذا الشأن في هذا الزمان استولت عليه آفات لو وضع واحد منها على رضوى لتخلخلت أصولها الرواسخ وتدكدكت رؤوسها الشوامخ وذلك أنه عمى وطرش وبرص وتجذم فنعوذ بالله من نقمة لا تطيقها الأبدان ومن زوال العافية وتقلب الإحسان
ولما أحس بالموت أوصى من يتولاه أن يكتب على قبره: هذا قبر أوحد الزمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر فسبحان من لا يغلبه غالب ولا ينجو من قضائه متحيل ولا هارب نسأل الله في حياتنا العافية وفي مماتنا حسن العاقبة رب قد أحسنت فيما مضى فلك أن تحسن فيما بقي ولم يتحقق تاريخ وفاته إلا أنه كان في أوسط المائة السادسة.
ومنها جامع الدقائق للكاتبي وتنزيل الأفكار وحواشي ملخص الرازي له أيضا وإن أردت بلوغ الغاية في المنطق فعليك بتعديل الميزان وهو أحد أقسام تعديل العلوم لصدر الشريعة وقد كشف في هذا الكتاب عن غوامض طالما تحير فيها عقول الأقدمين وأبرز قواعد لم يهتد إليها أحد من الأوحدين ومع هذا فهو لعلوم الشريعة أبو عذرها وابن بجدتها وكتب المنطق أكثر من أن تحصى وأجل من أن تستقصي انتهى حاصله.
علم مواسم السنة
قال الأرنيقي: إن لكل أمة من الأمم ولكل طائفة من الأقوام مواسم وأعياد يعينون لكل منها شغلا مخصوصا فالعلم المذكور يــعرف به أعياد كل قوم وإنها من السنة في أي يوم ويــعرف شغل أهلها في ذلك ومن جملة ذلك يوم النيروز والمهرجان عند أهل الفارس وكان أهل القبط يأتي ملكهم في يوم النيروز ويرصدون من الليل فيقدمون رجلا حسن الاسم والوجه طيب الرائحة فيقف على الباب حتى يصبح فإذا أصبح دخل على الملك بغير أذن فيقف عنده.
فيقول له الملك: ما اسمك؟ ومن أين أنت أقبلت؟ وأين تريد؟ ولأي شيء وردت وما معك؟
فيقول: أنا المنصور واسمي المبارك ومن قبل الله أقبلت والملك السعيد أردت وبالهنا والسلامة وردت ومعي السنة الجديدة ثم يجلس ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة وفيه حنطة وشعير وجلبان وذرة وحمص وسمسم وأرز من كل سبع سنابل وسبع حبات وقطعة سكر ودينار فيضع الطبق بين يدي الملك ثم يدخل عليه الهدايا ويبتدئ من الوزير ثم الناس على قدر مراتبهم ثم يقدم الملك برغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب فيأكل منه ويطعم من حضره ثم يقول: هذا يوم جديد من شهر جديد من عام جديد من زمان جديد يحتاج أن يجدد فيه ما أخلقه الزمان وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء ثم يخلع على وجوه دولته ويصلهم ويصرف عليهم ما حمل إليه من الهدايا.
وكان من عادة الفرس في عيدهم أن يدهن الملك بدهن البان تبركا ويلبس القصب والوشي ويضع على رأسه تاجا فيه صورة الشمس ويكون أول من يدخل عليها المؤبد بطبق عليه أترجة وقطعة سكر ونبق وسفرجل وتفاح وعناب وعنقود عنب أبيض وسبع باقات آس ثم يدخل الناس مثل الأول على طبقاتهم ومن عادتهم في يوم النيروز أنهم: يجمعون بين سبع أشياء أول أسمائهن سينات يأكلونها هي السكر والسفرجل السمسم والسحاق والسذاب والسقنقور وعادات الناس في الأعياد خارجة عن التعداد انتهى.
قلت: وقد ذكر الشيخ الإمام العلامة المقريزي في كتاب الخطط والآثار كثيرا من أعيادهم وبسط في بيان ذلك ولكن الشرع الشريف قد ورد بإبطال كل عيد للناس على اختلاف فرقهم وقبائلهم وعشائرهم إلا ما وردت به السنة المطهرة من الجمعة والعيدين والحجج وعليه عمل المسلمين إلى الآن.
ولشيخ الإسلام أحمد بن تيمية رضي الله عنه كتاب سماه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم في رد أعياد الأقوام ونهي المسلمين عن اعتياد عادات هؤلاء الطعام وفي الحديث من تشبه بقوم فهو منهم والتشبه يشمل كل شبه يكون في الأعياد والأخلاق وهيأت اللبس والآكل والركوب والبناء والكلام وقد تساهل الناس المسلمون اليوم في التحرز عن التشبه إلى الغاية وشابهوا الكفار وأهل الكتاب في مراسمهم ومواسهم إلى النهاية إلا من عصمه الله وقليل ما هم وتأويل هذا الحديث يستدعي بسطا تاما وليس هذا موضع بيان المسائل والأحكام فعليك بالنظر في اقتضاء الصراط المستقيم يتضح لك الحق مما هو باطل في دين الإسلام وبالله التوفيق.

قَبْلُ

قَبْلُ: نَقيضُ بعدَ. وآتِيكَ من قَبْلُ وقَبْلُ، مَبْنِيَّتَنِ على الضم،
وقَبْلاً وقَبْلٌ، مُنَوَّنَتَيْنِ،
وقَبْلَ، على الفتح.
والقُبْلُ، بضمٍّ وبضمتينِ: نَقيضُ الدُّبُرِ،
وـ من الجَبلِ: سَفْحُه،
وـ من الزَّمَن: أوَّلُهُ.
وإذا أُقْبِلُ قُبْلَكَ، بالضم: أقْصِدُ قَصْدَكَ.
والقُبْلَةُ، بالضم: اللَّثْمَةُ، وما تَتَّخِذُهُ الساحِرةُ لتُقْبِلَ به وجْهَ الإِنسانِ على صاحِبِه، ووَسْمٌ بأُذُنِ الشاةِ مُقْبِلاً، والكفَالَةُ، وبالكسر: التي يُصَلَّى نحوَها، والجِهَةُ، والكعبةُ، وكلُّ ما يُسْتَقْبَلُ.
ومالَهُ في هذا قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ، بكسرهما: وِجْهَةٌ.
وقُبالَتُه، بالضم: تُجاهُه.
وقِبالُ النَّعْلِ، ككِتابٍ: زِمامٌ بين الإِصْبَعِ الوُسْطَى والتي تَليها.
وقَبَلَها، كَمَنَعها،
وقابَلَها وأقْبَلَها: جَعَلَ لها قِبالَيْنِ،
أَو مُقابَلَتُها: أن تُثْنَى ذُؤابَةُ الشِّراكِ إلى العُقْدَةِ،
أَو قَبَلَها: شَدَّ قِبالَها،
وأقْبَلَها: جعلَ لها قِبالاً.
وقَوابِلُ الأمرِ: أوائِلُه.
والقابِلَةُ: الليلةُ المُقْبِلَةُ،
وقد قَبَلَتْ وأقْبَلَتْ، والمرأةُ التي تأخُذُ الوَلَدَ عند الوِلادةِ،
كالقَبولِ والقَبيلِ. وقد قَبِلَتْ، كعَلِمَ، قِبالَةَ، بالكسر.
وتَقَبَّلَهُ وقَبِلَهُ، كعَلِمَه، قَبولاً، وقد يُضَمُّ: أخَذَه.
والقَبولُ، كصَبورٍ: ريحُ الصَّبا، لأَنها تُقابِلُ الدَّبورَ، أو لأَنها تُقابِلُ بابَ الكعبةِ، أَو لأَن النَّفْسَ تَقْبَلُها. وقد قَبَلَتْ، كنَصر، قَبْلاً وقُبولاً، بالضم والفتح.
والقَبَلُ، محرَّكةً: نَشَزٌ من الأرضِ يَسْتَقْبلكَ، أَو رأسُ كلِّ أكَمَةٍ أَو جَبَل أَو مُجْتَمَعُ رَمْلٍ، والمحَجَّةُ الواضِحَةُ، ولُطْفُ القابِلَةِ لإِخْراجِ الوَلَدِ، والفَحَجُ،
وـ في العَيْنِ: إِقبالُ السَّوادِ على الأنْفِ، أَو مِثلُ الحَوَلِ، أَو أحْسَنُ منه، أَو إقْبالُ إِحْدى الحَدَقَتَيْنِ على الأخْرَى، أَو إقْبالُها على عُرْضِ الأنْفِ، أَو على المَحْجِرِ، أَو على الحاجِبِ، أَو إقْبالُ نَظَرِ كلٍّ من العَيْنَيْنِ على صاحِبَتِها. وقد قَبَلَتْ، كنَصَرَ وفَرِحَ، واقْبَلَّتِ اقْبِلالاً، واقْبالَّتِ اقْبيلالاً، وأقْبَلْتُها،
فهو أقْبَلُ، بَيِّنُ القَبَلِ: كأنه يَنْظُر إلى طَرَفِ أنْفِهِ، وأن تَشْرَبَ الإِبِلُ الماءَ، وهو يُصَبُّ على رُؤُوسِها، وأن يُقْبِلَ قَرْنا الشاةِ على وَجْهِها،
فهي قَبْلاءُ، وأن يَتَكَلَّمَ الإِنْسانُ بالكَلامِ ولم يَسْتَعِدَّ له، وأن يَرَى الهِلالَ قَبْلَ الناسِ،
أَو كلُّ شيءٍ أَوَّلَ ما يُرَى قَبَلٌ.
وجَمْعُ قَبَلَةٍ: للْفَلَكَةِ، وضَرْبٌ من الخَرَزِ يُؤَخَّذُ بها،
كالقَبْلَةِ، بالفتح، أَو شيءٌ من عاجٍ مُسْتَديرٌ، يَتَلأَلَأُ، يُعَلَّقُ في صَدْرِ المرأةِ، وعلى الخَيْلِ.
ورأيْتُه قَبَلاً، محرَّكةً وبضمتينِ، وكصُرَدٍ وكعِنَبٍ،
وقَبَلِيّاً، محرَّكةً،
وقَبيلاً، كأَميرٍ، أَي: عِياناً ومُقابَلَةً.
ولي قِبَلَه، بكسر القافِ أَي: عندَهُ.
ومالي به قِبَلٌ، أَي: طاقَةٌ.
والقَبيلُ: الكَفيلُ والعَريفُ والضامِنُ وقد قَبَلَ به، كنَصَرَ وسَمِعَ وضَرَبَ، قَبالَةً، وقَبَّلْتُ العامِلَ العَمَلَ تَقَبُّلاً نادِرٌ، والاسمُ: القَبالَةُ. وتَقَبَّلَه العامِلُ تَقْبيلاً نادِرٌ أَيضاً.
والقَبيلُ: الزَّوجُ، والجماعَةُ من الثلاثَةِ فَصاعِداً من أقوامٍ شَتَّى، وقد يكونونَ من نَجْرٍ واحدٍ، ورُبَّما كانوا بَني أبٍ واحدٍ
ج: كعُنُقٍ، وما أقْبَلَتْ به المرأةُ من غَزْلها حينَ تَفْتِلُه، وطاعةُ الرَّبِّ، والدَّبيرُ مَعْصِيَتُه، وفَوْزُ القِدْح في القِمارِ، والدَّبيرُ خَيْبَتُه، وأن يكونَ رأسُ ضِمْنِ النَّعْلِ إلى الإِبْهامِ، والدَّبيرُ أن يكونَ رأسُ ضِمْنِها إلى الخِنْصِرِ، أو ما أُقْبِلَ به من الفَتْلِ على الصَّدْرِ، والدَّبيرُ ما أُدْبِرَ به عنه، أَو باطِنُ الفَتْلِ والدَّبيرُ ظاهِرُهُ، أَو الفَتْلُ الأوَّلُ، والدَّبيرُ الفَتْلُ الآخِرُ، أَو أسْفَلُ الأذُنِ، والدَّبيرُ أعلاها، أو القُطْنُ، والدَّبيرُ الكتَّان.
وما يَــعْرِفُ قَبيلاً من دَبيرٍ وقِبالاً من دِبارٍ، أي: ما يَــعْرِفُ الشاةَ المقابَلَةَ من المُدابَرَةِ، أو ما يَــعْرِفُ من يُقْبِلُ عليه ممَّنْ يُدْبِرُ عنه، أو ما يَــعْرِفُ نَسَبَ أُمِّهِ من نَسَبِ أبيه، واسمٌ، وبهاءٍ: واحِدُ قَبائِلِ الرأسِ للقِطَعِ المَشْعوب بعضُها إلى بعضٍ، ومنه قَبائِلُ العَرَبِ، واحِدُهُم: قَبيلَةٌ، وهم بَنُو أبٍ واحدٍ، وسَيْرُ اللِّجامِ، وصَخْرَةٌ على رأسِ البئرِ، وفَرَسُ الحُصَيْنِ بنِ مِرْداسٍ.
وأقْبَلَ: نَقيضُ أدْبَرَ.
وأقْبَلَ مُقْبَلاً، بالضم، كأدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ.
وأقْبَلَ: عَقلَ بعدَ حَماقَةٍ.
وقَبَلَ على الشيءِ
وأقبلَ: لَزِمَهُ وأخَذَ فيه.
وأقْبَلْتُه الشيءَ: جَعَلْتُه يَلي قُبالَتَه.
وقابَلَهُ: واجَهَه،
وـ الكِتابَ: عارَضَه.
وشاةٌ مُقابَلَةٌ، بفتحِ الباءِ: قُطِعَتْ من أُذُنِها قِطْعَةٌ وتُرِكَتْ مُعَلَّقَةً من قُدُمٍ.
وتقَابلا: تَواجَها.
ورجُلٌ مُقابَلٌ: كريمُ النَّسَبِ من قِبَلِ أبَوَيْهِ.
واقْتَبَلَ أمْرَهُ: اسْتَأنَفَه.
ورجُلٌ مُقْتَبَلُ الشَّبابِ، بالفتح: لم يَظْهَرْ فيه أثَرُ كِبَرٍ.
واقْتَبَلَ الخُطْبَةَ: ارْتَجَلَها.
والقَبَلَةُ، محرَّكةً: الجُشار، وأبو بكرٍ محمدُ ابنُ عُمَرَ وأبو يَعْقُوبَ القَبَلِيَّان: محدِّثانِ.
ولا أُكَلِّمُكَ إلى عَشْرٍ من ذي قَبَلٍ، كعنَبٍ وجَبلٍ، أي: فيما أسْتَأنِفُ، أو معنى المُحَرَّكةِ: إلى عَشْرٍ تَسْتَقْبِلُها، ومعنى المكسورةِ القافِ: إلى عَشْرٍ مما تُشاهِدُه من الأيامِ.
والقَبولُ، وقد يُضَمُّ: الحُسْنُ والشارَةُ، ومنه قولُ نَديمِ المأمونِ في الحَسَنَيْنِ: "أُمُّهُما البَتولُ،
وأبوهُما القَبولُ".
والقَبولُ: أن تَقْبَلَ العَفْوَ وغيرَ ذلك، اسمٌ للمَصْدَرِ قد أُمِيتَ فِعْلُه.
والقَبولُ أيضاً: مَصْدَرُ قَبِلَ القابِلُ الدَّلْوَ، كعَلمَ: وهو الذي يأخُذُها من الساقي.
وقُصَيْرَى قِبالٍ، ككِتابٍ: حَيَّةٌ خَبيثَةٌ.
وقَبَلٌ: جَبلٌ ـ وبِزِنته ـ قُرْبَ دُومَةِ الجَنْدَلِ،
وبهاءٍ: د قُرْبَ الدَّرَبَنْدِ،
وكحُبْلَى: ع بين عُرَّبٍ والرَّيَّانِ.
والقابِلُ: مسجدٌ كان عن يَسارِ مسجدِ الخَيْفِ.
والمَقْبولُ، وكمُعَظَّمٍ: الثَّوْبُ المُرَقَّعُ.
والقِبليَّةُ، بالكسر وبالتحريك: من نَواحي الفُرْعِ،
{واجْعَلوا بُيوتَكُم قِبْلَةً} : مُتَقابِلَةً.
وكصُرَدٍ: ع. وسَمَّوْا مُقْبِلاً كمُحْسِنٍ وصاحِبٍ وأميرٍ وصَبورٍ.

المفرد

المفرد:
[في الانكليزية] Singular ،simple ،particular
[ في الفرنسية] Simple ،singulier ،particulier
بتخفيف الراء المفتوحة من الإفراد يطلق على معان. منها مقابل المركّب وعرّفــه أهل العربية بأنّه اللفظ بكلمة واحدة، واللفظ ليس بمعنى التلفظ بل بمعنى الملفوظ، أي الذي لفظ. فالمعنى أنّ المفرّد هو الذي لفظ بكلمة أي صار ملفوظا بتلفّظ كلمة واحدة، ومآله أنّه لفظ هو كلمة واحدة، فإن ما يصير ملفوظا بتلفّظ كلمة واحدة لا بدّ أن يكون كلمة واحدة.
والمراد من الكلمة اللغوية ومعنى الواحدة التي ضمّت إلى الكلمة معلوم عرفــا، فإنّ ضرب مثلا كلمة واحدة في عرف اللغة بخلاف ضرب زيد فلا حاجة إلى تفسير الكلمة الواحدة لغة بما لم يشتمل على لفظين موضوعين، ولا خفاء في اعتبار قيد الوضع في الحدّ لكونه قسما من اللفظ الموضوع فلا يرد على الحدّ المهملات.
على أنّا لا نسلّم إطلاق الكلمة على المهمل في عرف اللغة فلا يرد ما أورد المحقّق التفتازاني من أنّه إن أريد الكلمة اللغوية على ما يشتمل الكلام والزائد على حرف وإن كان مهملا على ما صرّح به في المنتهى لم يطرد، وإن أريد الكلمة النحوية لزم الدور، غاية ما يقال إنّه تفسير لفظي لمن يــعرف مفهوم الكلمة ولا يــعرف أنّ لفظ المفرد لأيّ معنى وضع انتهى كلامه.
وعرّف المركّب بأنّه اللفظ بأكثر من كلمة واحدة ومحصّله لفظ هو أكثر من كلمة واحدة، فنحو نضرب وأخواته مفرد إذ يعدّ حرف المضارعة مع ما بعده كلمة واحدة عرفــا. فعند النحويين لا يمتنع دلالة جزء الكلمة الواحدة على شيء في الجملة، وعبد الله ونحوه من المركّبات الإضافية وبعلبك ونحوه من المركّبات المزجية، وتأبّط شرا ونحوه من المركّبات الإسنادية مركّبات وإن كانت أعلاما لكونها أكثر من كلمة واحدة عرفــا هكذا في العضدي وحاشية السّيّد السّند في المبادئ. وقال المحقّق التفتازاني: وهذا يشكّل بما أطبق عليه النحاة من أنّ العلم اسم وكلّ اسم كلمة وكلّ كلمة مفرد، فيلزم أن يكون عبد الله ونحوه علما مفردا. والجواب أنّ المفرد المأخوذ في حدّ الكلمة غير المفرد بهذا المعنى انتهى. وكأنّه بمعنى ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه. والذي يسنح بخاطري أنّ إطباقهم على أنّ العلم اسم كإطباقهم على أنّ الأصوات أسماء، فإنّهم لما رأوها مشاركة للكلمات في كثرة الدوران على الألسنة في المحاورات نزّلوها منزلة الأسماء المبنية وضبطوها في المبنيات، فاسمية الأعلام المركّبة تكون من هذا القبيل أيضا. وبالجملة فالعلم المفرد اسم حقيقة والمركّب اسم حكما لأنّ معناه معنى الاسم.
اعلم أنّ المفهوم مما سبق حيث اعتبرت الوحدة الــعرفــية أنّ مثل الرجل وقائمة وبصري وسيضرب ونحوها مفردة، لكنه يخالف ما وقع في شروح الكافية والضوء حيث عرّف اللفظ المفرد بما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه حال كونه جزءا، وأخرج منه المركّبات مطلقا كلامية أو غيرها، وكذا مثل الرجل وقائمة وبصري وسيضرب وضربت وضربنا ونحوها مما يعد لشدّة الامتزاج كلمة واحدة، وكأنّ للمفرد عندهم معنيين فلا مخالفة، لكن في كون المعنيين من مصطلحات النحاة نظرا، إذ قد صرّح في العضدي أنّ المعنى الثاني للمفرد وهو ما لا يدلّ جزؤه على جزء معناه من مصطلحات المنطقيين. وقال المحقّق التفتازاني في حاشيته إنّه لا يمتنع عند النحاة دلالة جزء الكلمة الواحدة على شيء في الجملة. فنحو يضرب وأخواته مفرد عندهم ويؤيّده ما في الفوائد الضيائية حيث قال: ولا يخفى على الفطن العارف بالغرض من علم النحو أنّه لو كان الأمر بالعكس بأن يجعل نحو عبد الله علما مركّبا، ونحو قائمة وبصري مفردا لكان أنسب انتهى. وقال المولوي عبد الغفور في حاشيته: الغرض من النحو مــعرفــة أحوال اللفظ وتصحيح إعرابه، فإهمال جانب اللفظ والميل إلى جانب المعنى لا يلائم ذلك الغرض، ولا يخفى أنّ ذلك الإهمال لا يجري في كلّ ما يعدّ لشدّة الامتزاج لفظة واحدة وأعرب بإعراب بل فيما أعرب بإعرابين كعبد الله انتهى.
قال المنطقيون المفرد هو اللفظ الموضوع الذي لا يقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه، سواء لم يكن له جزء كهمزة الاستفهام أو كان له جزء ولم يدلّ على معنى كزيد أو كان له جزء دالّ على معنى ولا يكون ذلك المعنى جزء المعنى المقصود كعبد الله علما، فإن العبد معناه العبودية وهو ليس جزء المعنى المقصود وهو الذات المشخّصة وكذا لفظ الله، أو كان له جزء دالّ على جزء المعنى المقصود ولم يكن دلالته مقصودة كالحيوان الناطق علما لإنسان فإنّ معناه حينئذ الماهية الإنسانية مع التشخّص والحيوان فيه مثلا دالّ على جزء الماهية الإنسانية. لكن ليست تلك الدلالة مقصودة حال العلمية، بل المقصود هو الذّات المشخّصة، ويقابله المركّب تقابل العدم والملكة وهو ما يقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه كرامي الحجارة وقائمة وبصري ويضرب ونحوها، وإنّما لم يجعلوا مثل عبد الله علما مركّبا كما جرت عليه كلمة النحاة لأنّ نظرهم في الألفاظ تابع للمعاني فيكون إفرادها وتركيبها تابعين لوحدة المعاني وكثرتها بخلاف النّحاة، فإنّ نظرهم إلى أحوال الألفاظ، وقد جرى على مثله علما أحكام المركّبات حيث أعرب بإعرابين كما إذا قصد بكل واحد من جزئه معنى على حدّة. لا يقال تعريف المركّب غير جامع وتعريف المفرد غير مانع لأنّ مثل الحيوان الناطق بالنظر إلى معناه البسيط التضمّني أو الالتزامي ليس جزؤه مقصود الدلالة على جزء ذلك المعنى فيدخل في حدّ المفرد، ويخرج عن حدّ المركّب لأنّا نقول المراد بالدلالة في تعريف المركّب هي الدلالة في الجملة وبعدم الدلالة في المفرد انتفاؤها من سائر الوجوه، فالمركّب ما يكون جزؤه مقصود الدلالة بأيّ دلالة كانت على جزء ذلك المعنى، وحينئذ يندفع النقض لأنّ مثل الحيوان الناطق وإن لم يدل جزؤه على جزء المعنى البسيط التضمني لكنّه يدلّ على جزء المعنى المطابقي، ويلزمهم أنّ نحو ضارب ومخرج وسكران مما لا ينحصر من الألفاظ المشتقة مركّب لأنّ جوهر الكلمة جزء منه، وما ضمّ إليه من الحروف والحركات جزء وكلّ من الجزءين يدلان على معنى مختصّ به. واعتذر الجمهور عنه بأنّ المراد بالأجزاء ألفاظ أو حروف أو مقاطع مسموعة مترتّبة متقدّم بعضها على بعض، والمادة مع الهيئة ليست كذلك، وأنت خبير بأنّ هذا إرادة ما لا يفهم من اللفظ ولا نعني بفساد الحدّ سوى هذا.

التقسيم:
المفرد عند النحاة إما اسم أو فعل أو حرف وقد سبق تحقيقه في لفظ الاسم. وقال المنطقيون المفرد إمّا اسم أو كلمة أو أداة لأنّه إمّا أن يدلّ على معنى وزمان بصيغته ووزنه وهو الكلمة، أو لا يدلّ، ولا يخلو إمّا أن يدلّ على معنى تام أي يصحّ أن يخبر به وحده عن شيء وهو الاسم وإلّا فهو الأداة، وقد علم بذلك حدّ كلّ واحد منها. وإنّما أطلق المعنى في حدّ الكلمة دون الاسم ليدخل فيه الكلمات الوجودية فإنّها لا تدلّ على معان تامة. وقيد الزمان بالصيغة ليخرج عنه الأسامي الدّالّة على الزمان بجوهرها ومادّتها كلفظ الزمان واليوم وأمس وأسماء الأفعال، وإنّما كان دلالتها على الزمان بالصيغة والوزن لاتحاد المدلولات الزمانية باتحاد الصيغة، وإن اختلفت المادة كضرب وذهب واختلافها باختلافها، وإن اتحدت المادة كضرب ويضرب، ولا يلزم حينئذ كونها مركّبة لأنّ المعنى من المركّب كما عرفــت أن يكون هناك أجزاء مرتّبة مسموعة وهي ألفاظ أو حروف، والهيئة مع المادة ليست كذلك، فلا يلزم التركيب. وهاهنا نظر لأنّ الصيغة هي الهيئة الحاصلة باعتبار ترتيب الحروف وحركاتها وسكناتها، فإن أريد بالمادة مجموع الحروف فهي مختلفة باختلاف الصيغة، وإن أريد بها الحروف الأصلية فربما تتّحد والزمان مختلف كما في تكلّم يتكلّم وتغافل يتغافل على أنّه لو صحّ ذلك فإنّما يكون في اللغة العربية، ونظر المنطقي يجب أن لا يختص بلغة دون أخرى، فربما يوجد في لغات أخر ما يدلّ على الزمان باعتبار المادة. وإنّما زيد وحده في حدّ الاسم لإخراج الأداة إذ قد يصحّ أن يخبر بها مع ضميمة كقولنا زيد لا قائم. والكلمة إمّا حقيقية إن دلّت على حدث ونسبة ذلك الحدث إلى موضوع ما وزمان تلك النسبة كضرب وقعد، وإمّا وجودية إن دلّت على الأخيرين فقط يعني أنّها لا تدلّ على معنى قائم بمرفوعها بل على نسبة شيء ليس هو مدلولها إلى موضوع ما، بل ذلك الشيء خارج عن مدلولها، وهذا معنى تقرير الفاعل على صفة وعلى الزمان ككان فإنّه لا يدلّ على الكون مطلقا بل على كون الشيء شيئا لم يذكر بعد، أي لم يذكر ما دام لم يذكر كان، وهذا التقسيم عند الجمهور. وأمّا الشيخ فقد قسّم اللفظ المفرد على أربعة أقسام وهو أنّ اللفظ إمّا أن يدلّ على المعنى دلالة تامة أو لا.
فإن دلّ فلا يخلو إمّا أن يدلّ على زمان فيه معناه من الأزمنة الثلاثة وهو الكلمة أو لا يدلّ عليه وهو الاسم، وإمّا لا يدلّ على المعنى دلالة تامة، فإمّا أن يدلّ على الزمان فهي الكلمة الوجودية أو لا يدلّ فهو الأداة، فالأدوات نسبتها إلى الأسماء كنسبة الكلمات الوجودية إلى الأفعال في عدم كونها تامّات الدلالات. لا يقال من الأسماء ما لا يصحّ أن يخبر به أو عنه أصلا كبعض المضمرات المتصلة مثل غلامي وغلامك. ومنها ما لا يصحّ إلّا مع انضمام كالموصولات فانتقض بها حدّ الاسم والأداة عكسا وطردا على كلا القولين لأنّا نقول: لمّا أطلق الألفاظ فوجد بعضها يصلح لأن يصير جزءا من الأقوال التامة والتقييدية النافعة في هذا الفنّ وبعضها لا، فنظر أهل هذا الفنّ في الألفاظ من جهة المعنى. وأمّا نظر النحاة فمن جهة نفسها فلا يلزمه تطابق الاصطلاحين عند تغاير جهتي النّظرين فاندفع النقوض لأنّ الألفاظ المذكورة إن صحّ الإخبار بها أو عنها فهي أسماء وأفعال وإلّا فأدوات. غاية ما في الباب أنّ الأسماء بعضها باصطلاح النحاة أدوات باصطلاح المنطقيين ولا امتناع في ذلك.
فائدة:
كلّ كلمة عند المنطقيين فعل عند العرب بدون العكس أي ليس كلّ فعل عندهم كلمة عند المنطقيين فإنّ المضارع الغير الغائب فعل عندهم وليس كلمة لكونه مركّبا والكلمة من أقسام المفرد، وإنّما كان مركّبا لأنّ المضارع المخاطب والمتكلّم يدلّ جزء لفظه على جزء معناه، فإنّ الهمزة تدلّ على المتكلّم المفرد والنون على المتكلّم المتعدّد والتاء على المخاطب وكذا الحال في الماضي الغير الغائب هكذا قال الشيخ. وقال أيضا الاسم المعرب مركّب لدلالة الحركة الإعرابية على معنى زائد، وقد بالغ بعض المتأخّرين وقال: لا كلمة في لغة العرب إلّا أنّها مركّبة وزعم أنّ ألفاظ المضارعة مركّبة من اسمين أو اسم وحرف لأنّ ما بعد حرف المضارعة ليس حرفا ولا فعلا وإلّا لكان إمّا ماضيا أو أمرا أو مضارعا، ومن الظاهر أنّه ليس كذلك، فتعيّن أن يكون اسما وحرف المضارعة إمّا حرف أو اسم. وتحقيق ذلك من وظائف أهل العربية.
فائدة:
وجه التسمية بالأداة لأنّها آلة في تركيب الألفاظ، وأمّا بالكلمة فلأنّها من الكلم وهو الجرح لأنّها لمّا دلّت على الزمان وهو متجدّد منصرم فيكلم الخاطر بتغيّر معناها، وأمّا بالاسم فلأنّه أعلى مرتبة من سائر الألفاظ فيكون مشتملا على معنى السّموّ وهو العلوّ، وأمّا بالكلمة الوجودية فلأنّها ليس مفهومها إلّا ثبوت النسبة في زمان، هذا كلّه خلاصة ما في شرح المطالع وشرح الشمسية وحواشيهما. وأيضا ينقسم المفرد إلى مضمر وعلم مسمّى بالجزئي الحقيقي في عرف المنطقيين ومتواطئ ومشكّك ومنقول ومرتجل ومشترك ومجمل وكلّي وجزئي ومرادف ومباين. ومنها ما يقابل الجملة فيتناول المثنى والمجموع والمركّبات التقييدية أيضا. قال في العضدي ويسمّي النحويون غير الجملة مفردا أيضا بالاشتراك بينه وبين غير المركّب، انتهى.
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية: هذان المعنيان للمفرد حقيقيان. ومنها ما يقابل المثنى والمجموع أعني الواحد فالتقابل بينهما تقابل التضاد إذ المفرد وجودي مفسّر باللفظ الدّال على ما يتّصف بالوحدة وليس أمرا عدميا وإلّا لكان تعريف المثنى والمجموع بما ألحق بآخر مفرده إلى آخره دوريا، وما يقال من أنّ التقابل بينهما بالعرض كالتّقابل بين الواحد والكثير فليس بشيء، وكذا ما يقال من أنّ التقابل بينهما هو التضايف لأنّه لا يمكن تعقّل كلّ واحد منهما إلّا بالقياس إلى الآخر، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم وأحمد جند في حاشية شرح الشمسية. والمراد أنّ التقابل لكلّ واحد معتبر في هذا الاطلاق دون التقابل بالمجموع من حيث هو مجموع، ولا يلزم منه أن يكون للمفرد معنيان أحدها ما يقابل المثنى والثاني ما يقابل المجموع، فإنّ المفرد هاهنا بمعنى الواحد كما عرفــت، كذا قيل. ومنها ما يقابل المضاف أعني ما ليس بمضاف، فالتقابل بينهما تقابل الإيجاب والسّلب وشموله بهذا المعنى للمركّب التقييدي والخبري والإنشائي لا يستلزم استعماله فيها، إذ لا يجب استعمال اللفظ في جميع أفراد معناه، إنّما اللازم جواز الإطلاق وهو غير مستبعد. كيف وقد قال الشيخ ابن الحاجب: والمضاف إليه كلّ اسم نسب إليه شيء بواسطة حرف الجر لفظا أو تقديرا، فأدخل مررت في قولنا مررت بزيد في المضاف، وجعل التقابل بينهما تقابل العدم والملكة باعتبار قيد عما من شأنه أن يكون مضافا مع مخالفته لظاهر العبارة لا يدفع الشمول المذكور على ما وهم لأنّ الإضافة من شأن المركّبات المذكورة باعتبار جنسه أعني اللفظ الموضوع، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية. وقال أيضا هذه المعاني الأربعة مستعملة بين أرباب العلوم والأوّلان منها حقيقيان والأخيران مجازيان انتهى. ومورد القسمة في المعنيين الاوّلين هو اللفظ الموضوع وفي الأخيرين هو الاسم إذ كلّ واحد منهما مع مقابله من خواصّ الاسم كذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية. أقول فعلى هذا لا يشتمل للمركّب التقييدي والخبري والإنشائي إذ المركّب ليس باسم بل اسمان أو اسم وفعل كما لا يخفى. ثم قال: وقيل المراد بما يقابل المضاف ما لا يكون مضافا ولا شبه مضاف انتهى. وفي بعض حواشي الكافية أنّ المفرد في باب النداء يستعمل في ما يقابل المضاف وشبهه انتهى. وكذا في باب لا التي لنفي الجنس كما يستفاد من الحاشية الهندية وغيرها من شروح الكافية. ومنها ما يقابل الجملة وشبهها والمضاف، ومشابه الجملة هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة واسم التفضيل والمصدر وكلّ ما فيه معنى الفعل، وهذا المعنى هو المراد بالمفرد الواقع في قول النحاة التمييز قد يرفع الإبهام عن مفرد وقد يرفعه عن نسبة، هكذا يستفاد من الفوائد الضيائية والحاشية الهندية. وفي غاية التحقيق أنّ المفرد هاهنا بمعنى ما يقابل النسبة الواقعة في الجملة وشبهها أو المضاف انتهى، والمآل واحد. ومنها العلم الغير المشترك بين اثنين فصاعدا بأن يكون مختصا بالواحد اسما كان أو لقبا أو كنية كما صرّح في بعض الحواشي المعلّقة على شرح النخبة. وفي شرح النخبة أيضا إشارة إلى ذلك في فصل الأخير. ومنها عدد مرتبته واحدة كالثلاثة والعشرة والمائة والألف ونحوها ويقابله المركّب وهو عدد مرتبته اثنتان فصاعدا كخمسة عشر فإنّها الآحاد والعشرات وكمائة وخمسة وعشرين فإنّها ثلاث مراتب آحاد وعشرات ومئات كذا في ضابطة قواعد الحساب. وهذا المعنى من مصطلحات المحاسبين. ومنها ما يعبّر عنه باسم واحد ويقابله المركّب بمعنى ما يعبّر عنه باسمين كما في لفظ المركّب. ومنها قسم من الكسر مقابل للكسر المكرّر. ويطلق المفرد أيضا على قسم من الجسم الطبيعي وهو ما لا يتركّب من الأجسام ويقابله المؤلّف، وعلى قسم من الأعضاء مقابل للمركّب ويسمّى بسيطا أيضا، وعلى قسم من الأمراض مقابل للمركّب، وعلى قسم من الحركة، وعلى قسم من المجاز اللغوي، وعلى قسم من التشبيه ونحو ذلك.
فإطلاقه في الأكثر على سبيل التقييد يقال تشبيه مفرد ومجاز مفرد وجسم مفرد، فتطلب معانيه من باب الموصوفات.
المفرد: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه.

الْعلم

الْعلم: بالفتحتين الْعَلامَة، والشهرة، والجبل الرفيع، والراية، وَمَا يعْقد على الرمْح، وَسيد الْقَوْم، وَجمعه الْأَعْلَام، وَعند النُّحَاة مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه شخصا أَو جِنْسا غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد وَهَذَا هُوَ الْعلم القصدي وَأما الْعلم الاتفاقي فَهُوَ الَّذِي يصير علما أَي وَاقعا على معِين بالغلبة وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَا بِالْوَضْعِ والاصطلاح وَهُوَ على ثَلَاثَة أَصْنَاف اسْم ولقب وكنية واطلب كلا فِي مَحَله.
ثمَّ اعْلَم أَن علم بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين على وزن سمع مَاض مَعْرُوف من أَفعَال الْقُلُوب من الْعلم بِمَعْنى (دانستن) وَهُوَ فعل الْقلب وَأما علم بتَشْديد الْعين على وزن صرف فَإِنَّهُ من التَّعْلِيم وَهُوَ من أَفعَال الْجَوَارِح، وَأما إِطْلَاق التَّعْلِيم على إِفَادَة الإشراقين فَهُوَ على سَبِيل التنزل وَالْمجَاز. وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا قَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَته على المطول أَن قَوْله مَا لم نعلم مفعول ثَان لعلم بِالتَّشْدِيدِ وَالْأول مَحْذُوف أَي علمنَا وَلَا ضير فِي ذَلِك إِذْ لَيْسَ علم من أَفعَال الْقُلُوب حَتَّى لَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعوليه انْتهى. وَالْعلم بِكَسْر الأول وَسُكُون اللَّام مصدر علم يعلم فِي اللُّغَة بِالْفَارِسِيَّةِ (دانستن) .
ثمَّ إِنَّه قد يُطلق على مَا هُوَ مبدأ انكشاف الْمَعْلُوم وَقد يُطلق على مَا بِهِ يصير الشَّيْء منكشفا على الْعَالم بِالْفِعْلِ وَفِي مَا بِهِ الانكشاف اخْتِلَاف مَذَاهِب لَا يتَجَاوَز عشْرين احْتِمَالا عقليا وَوجه ضبط تِلْكَ الِاحْتِمَالَات أَنه إِمَّا حَقِيقَة وَاحِدَة أَو حقائق متبائنة وعَلى الأول إِمَّا زَوَال أَو حُصُول، ثمَّ الْحُصُول إِمَّا حُصُول أثر مَعْلُوم فِي الْعَالم، أَو حُدُوث أَمر فِيهِ، أَو كِلَاهُمَا والأثر إِمَّا صُورَة مَعْلُوم أَو شبحه وَالْأول إِمَّا قَائِم بِنَفسِهِ، أَو منطبع فَهِيَ الْمدْرك، أَو مُتحد مَعَه، والمنطبع إِمَّا منطبع فِي مدرك أَو فِي الْآلَة، والزوال إِمَّا زَوَال أَمر عَن الْعَالم أَو عَن الْمَعْلُوم أَو كليهمَا وعَلى الثَّانِي من الشق الأول إِمَّا إِطْلَاق الْعلم عَلَيْهَا بالاشتراك أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز ثمَّ الِاشْتِرَاك إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي وَالصَّوَاب المقبول عِنْد الفحول وَالْحق الْحَقِيقِيّ بِالْقبُولِ إِنَّه لَيْسَ حَقِيقَة نوعية أَو جنسية حَتَّى يــعرف بِأَمْر جَامع منطبق على جَمِيع جزئياته بل إِطْلَاقه على الْجَمِيع من بَاب إِطْلَاق الْعين على مدلولاته المتبائنة أَلا ترى أَن نَحْو انكشاف الْوَاجِب تَعَالَى لذاته أَو لغيره على اخْتِلَاف بَين الْحُكَمَاء والمتكلمين لَيْسَ إِلَّا كنحو وجوده المغائر للْكُلّ تقوما وتحصلا وتخصيصا وتشخيصا فَكَمَا أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى اكتناه ذَاته كَذَلِك لَا سَبِيل إِلَى اكتناه صِفَاته الَّتِي من جُمْلَتهَا الْعلم الَّذِي لَيْسَ بحدوث كَيْفيَّة وَلَا بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم فِيهِ وَلَا باتحاد الْمَعْلُوم مَعَه وَلَا بِحُضُور مثل وَلَا بحدوث إِضَافَة متجددة وَلَا بِزَوَال شَيْء عَنهُ لاستلزام الْجَمِيع مفاحش لَا تلِيق بجنابه تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكَذَا انكشاف المفارقات لأنفسها ولمبدعها ولغيرها لَيْسَ بِحُصُول الْأَثر وَلَا بِزَوَال الْمَانِع وَكَذَا الانكشاف لأنفسنا ولغيرنا من الْوَاجِب تَعَالَى والممكن والممتنع لَيْسَ إِلَّا على أنحاء شَتَّى وطرق متبائنة فَمن رام تَوْحِيد الْكثير أَو تَكْثِير الْوَاحِد فَقَط خبط خبطا عَظِيما وَبَقِي التفتيش فِي الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق فِي فواتح كتب الْمنطق بِأَنَّهُ نَحْو من الانكشاف إِمَّا بِزَوَال أَمر منا أَو بحدوث كَيْفيَّة فِينَا أَو بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم صُورَة أَو شبحا أَو باتحاد الْمَعْلُوم معنى أَو بِحُضُور مثل أَو بِإِضَافَة التفاتية وَالَّذِي يحكم بِهِ الْعقل السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم هُوَ أَنا تَجِد فِينَا عِنْد إحساس الْأَشْخَاص المتبائنة أمورا صَالِحَة لمعروضية الْكُلية والنوعية والجنسية وَمَا وجدنَا فِي الْخَارِج أمرا يكون شَأْنه هَذَا، ثمَّ لما فتشنا عَن تِلْكَ الْأُمُور علمنَا أَنَّهَا لَيست بِأُمُور عدمية وَإِلَّا لما كَانَت قَابِلَة لابتناء الْعُلُوم عَلَيْهَا وَلَا آثارا متغائرة للأشخاص وَإِلَّا لما تسري أَحْكَامهَا إِلَى الْأَفْرَاد ولأعينها وَإِلَّا لترتب على الْأَشْخَاص مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَبِالْعَكْسِ عكسا كليا فَعلمنَا أَن هَا هُنَا أمرا وَاحِدًا مشخصا بتشخصين تشخصا خارجيا وَهُوَ على نَحْو الْكَثْرَة وتشخصا ذهنيا وَهُوَ على نَحْو الْوحدَة والوحدة وَالْكَثْرَة أَمْرَانِ زائدان عَلَيْهِ عارضان لَهُ حسب اقْتِضَاء ظرف التحقق وَهَذَا هُوَ قَول من قَالَ إِن الماهيات فِي الْخَارِج أَعْيَان وَفِي الأذهان صور.
ثمَّ إِن الْعُقَلَاء اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم بديهي أَو كسبي والذاهبون إِلَى كسبيته اخْتلفُوا فِي أَن كَسبه متعسر أَو متيسر وَإِلَى كل ذهب ذَاهِب، فَذهب الإِمَام الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه لَيْسَ بضروري بل هُوَ نَظَرِي وَلَكِن تحديده متعسر وَطَرِيق مَــعْرفَــته الْقِسْمَة والمثال أما الأول فَهُوَ أَن يُمَيّز عَمَّا يلتبس من الاعتقادات كَمَا تَقول الِاعْتِقَاد إِمَّا جازم أَو غير جازم والجازم إِمَّا مُطَابق أَو غير مُطَابق والمطابق إِمَّا ثَابت أَو غير ثَابت فقد حصل عَن الْقِسْمَة اعْتِقَاد جازم مُطَابق ثَابت وَهُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين فقد تميز عَن الظَّن بِالْجَزْمِ وَعَن الْجَهْل الْمركب بالمطابقة وَعَن التَّقْلِيد الْمُصِيب الْجَازِم بالثابت الَّذِي لَا يَزُول بالتشكيك وَأما الثَّانِي فَكَأَن تَقول الْعلم إِدْرَاك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أَو كاعتقادنا أَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَقيل هَذَا بعيد فَإِنَّهُمَا إِن أفادا تميز أصلحا مُــعَرفــا وَإِلَّا لم يحصل بهما مــعرفَــة لماهية الْعلم لِأَن مُحَصل الْمــعرفَــة لشَيْء لَا بُد وَأَن يُقيد تميزه عَن غَيره لِامْتِنَاع حُصُول مَــعْرفَــته بِدُونِ تميزه عَن غَيره.
وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَن الْكَلَام فِي تعسر مَــعْرفَــته بالكنه. فِي العضدي قَالَ الإِمَام الْعلم ضَرُورِيّ لِأَن غير الْعلم لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ لزم الدّور لكنه مَعْلُوم فَيكون لَا بِالْغَيْر وَهُوَ ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما إِن تصور غير الْعلم إِنَّمَا يتَوَقَّف على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم بِالْغَيْر أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بِالْغَيْر إِنَّمَا هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ فَلَا دور للِاخْتِلَاف انْتهى.
وَالْحَاصِل أَن الإِمَام الْغَزالِيّ اسْتدلَّ على مَا ادَّعَاهُ بِأَن الْعلم لَو كَانَ كسبيا مكتسبا من غَيره لدار لِأَن غَيره إِنَّمَا يعلم بِهِ. وخلاصة الْجَواب أَن غير الْعلم إِنَّمَا يعلم بِعلم خَاص مُتَعَلق بِهِ لَا بتصور حَقِيقَة الْعلم وَالْمَقْصُود تصور حَقِيقَته بِغَيْرِهِ فَلَا دور فَافْهَم. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف وَاعْلَم أَن الْغَزالِيّ صرح فِي الْمُسْتَصْفى بِأَنَّهُ يعسر تَحْدِيد الْعلم بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين فَإِن ذَلِك متعسر فِي أَكثر الْأَشْيَاء بل فِي أَكثر المدركات الحسية فَكيف لَا يعسر فِي الإدراكات الْخفية.
ثمَّ قَالَ إِن التَّقْسِيم الْمَذْكُور يقطع الْعلم عَن مظان الِاشْتِبَاه والتمثيل بِإِدْرَاك الباصرة بفهمك حَقِيقَة فَظهر أَنه إِنَّمَا قَالَ بعسر التَّحْدِيد الْحَقِيقِيّ دون التَّعْرِيف مُطلقًا وَهَذَا كَلَام مُحَقّق لَا بعد فِيهِ لكنه جَار فِي غير الْعلم كَمَا اعْترف بِهِ انْتهى - وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه بديهي لضَرُورَة أَن كل أحد يعلم بِوُجُودِهِ وَهَذَا علم خَاص بديهي وبداهة الْخَاص يسْتَلْزم بداهة الْعَام - وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهَا أَن الضَّرُورِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول علم جزئي بِوُجُودِهِ وَهَذَا الْحُصُول لَيْسَ تصور ذَلِك الجزئي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ فَلَا يلْزم تصور الْمُطلق أصلا فضلا عَن أَن يكون ضَرُورِيًّا، وتوضيحه أَن بَين حُصُول الشَّيْء وتصوره فرقا بَينا فَإِن ارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس الناطقة بِنَفسِهَا فِي ضمن الجزئيات حُصُول تِلْكَ الْمَاهِيّة لَا تصورها كحصول الشجَاعَة للنَّفس الْمُوجب لاتصافها بهَا من غير أَن تتصورها وارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس بِصُورَة تِلْكَ الْمَاهِيّة ومثالها يُوجب تصورها لَا حُصُولهَا كتصور الشجَاعَة الَّذِي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بالشجاعة.
ومحصول التَّوْضِيح أَن الْفرق بَين حُصُول الْعلم نَفسه لِلْعَقْلِ وَبَين تصَوره بَين فَإِن الأول منَاط الاتصاف بِنَفس الْعلم دون العالمية بِالْعلمِ وَالثَّانِي منَاط العالمية بِالْعلمِ فَإِن حُصُول الشجَاعَة نَفسهَا مُوجب للاتصاف بهَا لَا لتصورها وَالْعلم بهَا وتصورها يُوجب العالمية بهَا لَا لحصولها والاتصاف بهَا نعم كم من شُجَاع لَا يعلم أَن الشجَاعَة مَا هِيَ وَهُوَ شُجَاع وَكم من جبان يعلم مَاهِيَّة الشجَاعَة وَهُوَ جبان وَثَانِيهمَا وُرُود المنعين الْمَشْهُورين من منع كَون الْعَام ذاتيا وَكَون الْخَاص مدْركا بالكنه.
وَحَاصِله أَن ذَلِك الاستلزام مَوْقُوف على أَمريْن أَحدهمَا كَون الْعلم ذاتيا للخاص وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْمُطلق ذاتيا للْعلم الْخَاص وَثَانِيهمَا كَون الْخَاص متصورا بالكنه وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْخَاص بديهيا متصورا بالكنه لم لَا يجوز أَن يكون متصورا بِالْوَجْهِ قيل إِن الْخَاص هَا هُنَا مُقَيّد والعالم مُطلق وبداهة الْمُقَيد تَسْتَلْزِم بداهة الْمُطلق لِأَنَّهُ جُزْء خارجي لمَفْهُوم الْمُقَيد فتصوره بِدُونِهِ مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَأجِيب بِأَن منشأ هَذَا السُّؤَال عدم الْفرق بَين الْفَرد والحصة وللعلم أفرلد حصصية والفرد هُوَ الطبيعة الْمَأْخُوذَة مَعَ الْقَيْد بِأَن يكون كل من الْقَيْد وَالتَّقْيِيد دَاخِلا كزيد وَعَمْرو للْإنْسَان والحصة هِيَ الطبيعة المنضافة إِلَى الْقَيْد بِأَن يكون التَّقْيِيد من حَيْثُ هُوَ تَقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا كوجود زيد وَوُجُود عَمْرو وَعلم زيد وَعلم عَمْرو. وَلَا يخفى على الناظرين أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ المُرَاد بِالْعلمِ الْمَعْنى المصدري وَأما إِذا كَانَ المُرَاد بِهِ مَا بِهِ الانكشاف فَلَا يتم وَأَنت تعلم أَن الْمَعْنى المصدري خَارج عَن مَحل النزاع والنزاع حِين إِرَادَة الْمَعْنى المصدري يكون لفظيا كالنزاع فِي الْوُجُود فَإِن من قَالَ بكسبيته يُرِيد مَا بِهِ الانكشاف وَيَدعِي بكسبيته لَا الْمَعْنى المصدري.
وَالْحَاصِل أَنه لَا شكّ فِي بداهة الْعلم الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بدانستن لِأَنَّهُ معنى انتزاعي لَا يتخصص إِلَّا بإضافات وتخصيصات فحقيقته لَيست إِلَّا مفهومة وحقائق أَفْرَاده لَيست إِلَّا مفهوماتها كَيفَ وَلَو كَانَت مفهوماتها عارضة لحقائقها لكَانَتْ مَحْمُولَة عَلَيْهَا بالاشتقاق وَهُوَ يسْتَلْزم كَون الْعلم عَالما وَالْعلم الْخَاص بديهي وَالْعَام جُزْء مِنْهُ وبداهة الْخَاص تَسْتَلْزِم بداهة الْعَام والمنعان الْمَذْكُورَان حِينَئِذٍ مُكَابَرَة لَا تسمع لَكِن هَذَا الْمَعْنى خَارج عَن مَحل النزاع كَمَا علمت وَإِن أُرِيد أَن الْعلم بِمَعْنى مبدأ الانكشاف بديهي بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُور فَلَا يَخْلُو عَن صعوبة لوُرُود المنعين المذكورية بِلَا مُكَابَرَة فَإِن قلت لَو كَانَ الْعلم بديهيا لما اشْتغل الْعُقَلَاء بتعريفه قلت إِنَّمَا عرف الْعلم من ذهب إِلَى كسبيته لَا إِلَى بداهته فاشتغالهم بتعريفه لَا يدل عى كسبيته بِحَسب الْوَاقِع بل بِحَسب الِاعْتِقَاد. نعم يرد أَنا لَو سلمنَا أَن الذَّاهِب إِلَى كسبيته عرفــه بِحَسب اعْتِقَاده لَكِن تَعْرِيفه لدلالته على حُصُوله بِالْكَسْبِ يُنَافِي البداهة لِأَن البديهي مَا لم يُمكن حُصُوله بِالْكَسْبِ لايحصل بِغَيْر الْكسْب وَلَا أَن يُقَال إِن الْمَعْنى الْمَذْكُور للبديهي مَمْنُوع كَيفَ وَلَو كَانَ تَعْرِيف البديهي مَا ذكر للَزِمَ بطلَان البداهة فِي عدَّة من الْأُمُور الَّتِي بداهتها قَطْعِيَّة بالِاتِّفَاقِ وَقيل الْجَواب بِأَن الْكَلَام فِي كنه الْعلم فَإِذا فرض أَنه ضَرُورِيّ لَا يلْزم على صِحَّته امْتنَاع تَعْرِيفه بالرسم لجَوَاز أَن يكون كنه شَيْء ضَرُورِيًّا دون اسْمه وَبَعض وجوهه فَلم لَا يكون تَعْرِيف الْعُقَلَاء تعريفا رسميا للْعلم لَيْسَ بصواب لِأَن تَعْرِيف الشَّيْء بالرسم بعد تصَوره بالكنه مُمْتَنع إِذْ بعد تصَوره بالكنه إِذا قصد تَعْرِيفه بِالْوَجْهِ يكون التَّعْرِيف لذَلِك الْوَجْه الْمَجْهُول لَا لذَلِك الشَّيْء.
وَلَا يخفى على من لَهُ نظر ثاقب أَن بَين علم الشَّيْء بِالْوَجْهِ وَالْعلم بِوَجْه ذَلِك الشَّيْء فرق بَين فَإِن الْوَجْه فِي الأول مُتَصَوّر تبعا وبالعرض ومرآة وَآلَة لتصور ذَلِك الشَّيْء الَّذِي قصد تصَوره بذلك الْوَجْه وَفِي الثَّانِي أَولا وبالذات من غير أَن يكون تصَوره آلَة لتصور غَيره ومرآة لَهُ فَإِن قلت إِن الْعلم من صِفَات النَّفس وَعلمهَا بِنَفسِهَا وصفاتها حضوري وَهُوَ لَا يَتَّصِف بالبداهة والكسبية قلت إِن المُرَاد بِالصِّفَاتِ الصِّفَات الانضمامية أَي الصِّفَات العينية الخارجية الْغَيْر المنتزعة وَالْكَلَام فِي الْعلم الْمُطلق وَهُوَ لَيْسَ من الصِّفَات الانضمامية وَبعد تَسْلِيمه عدم اتصاف الحضوري بالبداهة مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخترع اصْطِلَاح آخر وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح، وَفِي بعض شُرُوح سلم الْعُلُوم وَالْحق أَن الْعلم نور قَائِم بِذَاتِهِ وَاجِب لذاته وَلَيْسَ تَحت شَيْء من المقولات فَإِن الْعلم إِنَّمَا حَقِيقَته مبدأ انكشاف الْأَشْيَاء وظهورها بِأَن يكون هُوَ بِنَفسِهِ مظْهرا ومصداقا لحمله والممكن لما كَانَ فِي ذَاته فِي بقْعَة الْقُوَّة وحيز الليسية كَانَ فِي ذَاته أمرا ظلمانيا لَا ظَاهرا وَلَا مظْهرا فَلَا يكون علما وَلَا فِي حد ذَاته عَالما فَكَمَا أَن قوامه ووجوده إِنَّمَا هُوَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْجَاعِل الْحق كَذَلِك عالميته إِنَّمَا هِيَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْعَالم الْحق فمصداق حمل الْوُجُود وَالْعلم على الْوَاجِب نفس ذَاته وعَلى الْمُمكن هُوَ من حَيْثُ استناده إِلَى الله تَعَالَى فَكَمَا أَن وجود الْمُمكن هُوَ وجود الْوَاجِب كَذَلِك علمه هُوَ علم الْوَاجِب تَعَالَى بل الْعلم هُوَ الْوُجُود بِشَرْط كَونه مُجَردا فَالْوَاجِب سُبْحَانَهُ يَجْعَل الْعقل أمرا نورانيا ينْكَشف الْأَشْيَاء عِنْد قِيَامهَا بهَا وَلَيْسَ الْعلم أمرا زَائِدا على وجودهَا الْخَاص الْمُجَرّد وَلذَا تدْرك ذَاتهَا بذاتها. نعم قد يفْتَقر إِلَى أَن يكون وجود الْمَعْلُوم لَهُ حَتَّى ينْكَشف عِنْده إِذا كَانَ هُوَ غير ذَاته وَصِفَاته وَذَلِكَ بإعلام الْمعلم وبإفاضة وجوده لَهُ فالعلم وَإِن كَانَ أظهر الْأَشْيَاء وأبينها وأوضحها لَكِن يمْتَنع تصَوره بالكنه وَنسبَة الْعُقُول إِلَيْهِ كنسبة الخدش إِلَى الشَّمْس وَنسبَة الْقَمَر إِلَيْهَا وَلذَا قَالَ المُصَنّف أَي مُصَنف السّلم فِيهِ أَن الْعلم من أجلى البديهيات وَإِنَّمَا اختفاء جَوْهَر ذَاته لشدَّة وضوحها كَمَا أَن من المحسوسات مَا يبلغ فِيهِ بذلك الْحَد حَتَّى يمْنَع عَن تَمام الْإِدْرَاك كَالْعلمِ فَإِنَّهُ مبدأ ظُهُور الْأَشْيَاء فَيجب أَن يكون ظَاهرا فِي نَفسه لَيْسَ فِيهِ شَرّ الظلمَة - وَلِهَذَا يفْتَقر إِلَى التَّشْبِيه لإِزَالَة خفائه وَأَنه لَيْسَ خفِيا فِي نَفسه بل لِأَن عقولنا أعجز عَن اكتناهه فَهَذَا التَّشْبِيه يشبه الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء وضع لرؤية تِمْثَال الشَّمْس انْتهى.
والذاهبون إِلَى كسبية الْعلم وَأَن كَسبه متيسر اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَكَلِّمين أَنه صفة توجب تميز شَيْء لَا يحْتَمل ذَلِك الشَّيْء نقيض ذَلِك التميز وهم لَا يطلقون الْعلم إِلَّا على الْيَقِين كَمَا ستــعرف، وَعلم الْوَاجِب عِنْد الْمُتَكَلِّمين صفة أزلية تنكشف المعلومات عِنْد تعلقهَا بهَا وتعلقات علمه تَعَالَى على نَوْعَيْنِ كَمَا فصلنا فِي تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى.
وَالْعلم عِنْد الْحُكَمَاء يتَنَاوَل الْيَقِين وَالشَّكّ وَالوهم والتقليد وَالْجهل، وَالْعلم الْمُطلق عِنْدهم أَي سَوَاء كَانَ حضوريا أَو حصوليا مُطلق الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك سَوَاء كَانَت نفس الْمَعْلُوم كَمَا فِي الحضوري أَو غَيره وَلَو بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي الحصولي، وَسَوَاء كَانَت مُطَابقَة لما قصد تصَوره كَمَا فِي الْيَقِين أَولا كَمَا فِي الْجَهْل، وَسَوَاء احتملت الزَّوَال كَمَا فِي التَّقْلِيد وَالظَّن وَالشَّكّ وَالوهم أَولا كَمَا فِي الْيَقِين، وَسَوَاء كَانَت مرْآة لملاحظة مَا قصد تصَوره كَمَا فِي الْعلم بالكنه أَو بِالْوَجْهِ أَولا كَمَا فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء وَالْمرَاد بالصورة الْمَاهِيّة فَإِنَّهَا بِاعْتِبَار الحضوري العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي عينا. وَيعلم من هَذَا التَّعْرِيف عدَّة أُمُور أَحدهَا أَن الْعلم أَمر وجودي لَا عدمي لِأَن الضَّرُورَة تشهد بِأَن وَقت الانكشاف يحصل شَيْء من شَيْء لَا أَنه يَزُول مِنْهُ لكنه لم يقم عَلَيْهِ برهَان قَاطع وَثَانِيها أَنه شَامِل للحضوري والحصولي ولعلم الْوَاجِب والممكن والكليات والجزئيات فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس وَثَالِثهَا أَنه شَامِل للمذهبين فِي الجزئيات، أَحدهمَا، أَن مدركها هُوَ النَّفس وَثَانِيهمَا أَن مدركها هُوَ الْحَواس وَرَابِعهَا أَنه شَامِل لمذهبي ارتسام صور الجزئيات المادية فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس لِأَن الْمدْرك يتَنَاوَل الْمُجَرّد وَالنَّفس والحواس وَكلمَة عِنْد لعِنْد ولفي والحضور والحصول كالمترادفين.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمدْرك لجَمِيع الْأَشْيَاء النَّفس الناطقة سَوَاء كَانَ ارتسام الصُّور فِيهَا أَو فِي غَيرهَا وَسَيَأْتِي لَك تَفْصِيل الْمذَاهب. وَالْأَحْسَن فِي التَّعْمِيم أَن نقُول سَوَاء كَانَت تِلْكَ الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك عين الصُّورَة الخارجية كَمَا فِي الْعلم الحضوري أَو غَيرهَا كَمَا فِي الحصولي. وَسَوَاء كَانَت عين الْمدْرك بِالْفَتْح كَمَا فِي علم الْبَارِي تَعَالَى نَفسه أَو غَيره كَمَا فِي علمه بسلسلة الممكنات، وَسَوَاء كَانَت فِي نفس النَّفس كَمَا فِي علمهَا بالكليات أَو فِي الْآلَات كَمَا فِي علمهَا بالجزئيات، وَسَوَاء كَانَت مرْآة أَو لَا فَإِن كَانَت مرْآة فالمرآة والمرئي إِن كَانَا متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ. فَعلم الشَّيْء بالكنه وَإِن كَانَا بِالْعَكْسِ فَعلم الشَّيْء بِالْوَجْهِ، وَإِن لم يكن مرْآة فالعلم بكنه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل كنهه وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل وَجهه، وَالْعلم الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ علم الشَّيْء بالكنه لَا بِالْوَجْهِ لِأَن الْحَاصِل فِيهِ حَقِيقَة هُوَ الْوَجْه لَا الشَّيْء وَلَا تلْتَفت النَّفس إِلَى الشَّيْء فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَوَجهه كَمَا لَا يخفى.
وَيعلم من هَذَا الْبَيَان أَن الْعلم الْمُطلق الْمَذْكُور على نَوْعَيْنِ النَّوْع الأول الْعلم الحضوري وَهُوَ أَن يكون الصُّورَة العلمية فِيهِ عين الصُّورَة الخارجية فَيكون الْمَعْلُوم فِيهِ بِعَيْنِه وذاته حَاضرا عِنْد الْمدْرك لَا بصورته ومثاله كَمَا فِي علم الْإِنْسَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته كالصور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ فَإِن الْعلم بهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُضُور ذواتها عِنْد الْمدْرك لَا بِحُصُول صورها عِنْده فَإِن النَّفس فِي إِدْرَاك الصُّور الذهنية لَا تحْتَاج إِلَى صُورَة أُخْرَى منتزعة من الأولى.
وَهَا هُنَا اعْتِرَاض مَشْهُور هُوَ أَن نفس الْعلم الحصولي علم حضوري مَعَ أَنه لَيْسَ عين الصُّورَة الخارجية وَالْحق أَن نفس الْعلم الحصولي من الموجودات الخارجية كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْعلم الحضوري فَلَا تلْتَفت إِلَى مَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بالصورة الخارجية أَعم من الْخَارِجِي وَمِمَّا يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي أَي للوجود الْخَارِجِي وَلما هُوَ مماثل لَهُ جَار مجْرَاه فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية وَلَكِن يُمكن المناقشة بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم الِاتِّحَاد بَين الحضوري والحصولي مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ لِأَن الْعلم الحصولي حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ ومغائر للحضوري مُغَايرَة نوعية فَإِذا تعلق الْعلم بِالْعلمِ الحصولي يكون ذَلِك الْعلم عين الحضوري فَيلْزم الِاتِّحَاد بَينهمَا وَالنَّوْع الثَّانِي الْعلم الحصولي وَهُوَ الَّذِي لَا يكون إِلَّا بِحُصُول صُورَة الْمَعْلُوم فَتكون الصُّورَة العلمية فِيهِ غير الصُّورَة الخارجية وَيُقَال لَهُ الانطباعي أَيْضا كَمَا فِي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الخارجية عَن الْمدْرك أَي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تكون عينه وَلَا قَائِمَة بِهِ.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم الحصولي، إِمَّا صُورَة الْمَعْلُوم الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن المكيفة بالعوارض الذهنية، وَإِمَّا قبُول الذِّهْن بِتِلْكَ الصُّورَة أَو إِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم فَإِن انكشاف الْأَشْيَاء عِنْد الذِّهْن فِي الْعلم الحصولي لَيْسَ قبل حُصُول صورها فِيهِ عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بالوجود الذهْنِي فهناك أُمُور ثَلَاثَة الصُّورَة الْحَاصِلَة وَقبُول الذِّهْن بهَا من المبدأ الْفَيَّاض وَإِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم. فَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعلم الحصولي هُوَ الأول وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَن هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور. وَوجه بِأَن الْعلم يُوصف بالمطابقة وَعدمهَا وَإِنَّمَا الْمَوْصُوف بهما الصُّورَة، وَفِي شرح الإشارات أَن من الصُّورَة مَا هِيَ مُطَابقَة للْخَارِج وَهِي الْعلم - وَمَا هِيَ غير مُطَابقَة وَهِي الْجَهْل فالسيد السَّنَد قدس سره يَجْعَل الْعلم من مقولة الكيف وينحصر الاتصاف بالمطابقة وَعدمهَا فِي الصُّورَة الَّتِي من مقولة الكيف وينكر ذَلِك الاتصاف فِي الانفعال وَالنِّسْبَة.
وَأَنت تعلم أَن عدم جَرَيَان الْمُطَابقَة فيهمَا مَمْنُوع لجَوَاز جريانها بِاعْتِبَار الْوُجُود النَّفس الأمري أَو الْخَارِجِي بِاعْتِبَار مبدأ الانتزاع وَلَو وَجه بِأَن الصِّفَات الَّتِي يَتَّصِف بهَا الْعلم مثل البداهة والنظرية والاكتساب من الْحَد والبرهان والانقسام إِلَى التَّصَوُّر والتصديق إِنَّمَا ينطبق على الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا على الْإِضَافَة والارتسام لَكَانَ أسلم وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّانِي فَيكون من مقولة الانفعال وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّالِث فَيكون من مقولة الْإِضَافَة، وَأما إِنَّه نفس حُصُول الصُّورَة فِي الذِّهْن فَلم يقل بِهِ أحد لِأَن الْعلم بِمَعْنى الْحُصُول معنى مصدري لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا لِأَنَّهُ لايكون آلَة وعنوانا لملاحظة الْغَيْر كَمَا مر.
وَلِهَذَا قَالُوا إِن من عرف الْعلم بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل تسَامح فِي الْعبارَة بِقَرِينَة أَنه قَائِل بِأَنَّهُ من مقولة الكيف فَعلم أَنه أَرَادَ الصُّورَة الْحَاصِلَة بِجعْل الْحُصُول بِمَعْنى الْحَاصِل وَالْإِضَافَة من قبيل جرد قطيفة لكنه قدم ذكر الْحُصُول تَنْبِيها على أَن الْعلم مَعَ كَونه صفة حَقِيقِيَّة يسْتَلْزم إِضَافَة إِلَى مَحَله بالحصول لَهُ، وَالْحَاصِل أَن الصُّورَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ لما لم تكن علما بل إِنَّمَا الْعلم هُوَ الصُّورَة بِصفة حُصُولهَا فِي الذِّهْن حمل حُصُولهَا على الْعلم مُبَالغَة تَنْبِيها على أَن مدَار كَونهَا علما هُوَ الْحُصُول نعم لَو أخر ذكر الْحُصُول وَقَالَ هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة لحصل ذَلِك التَّنْبِيه لَكِن لَا فِي أول الْأَمر وَلَا يخفى أَن تَعْرِيفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ ذَلِك التسامح لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الْمُتَبَادر من صُورَة الشَّيْء الصُّورَة الْمُطَابقَة وَلَا يَشْمَل الجهليات المركبة وَهِي الِاعْتِقَاد على خلاف مَا عَلَيْهِ الشَّيْء مَعَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ حق وَلِأَنَّهُ يخرج عَنهُ الْعلم بالجزئيات المادية عِنْد من يَقُول بارتسام صورها فِي القوى أَو الْآلَات دون نفس النَّفس.
وَالْعلم فِي فواتح كتب الْمنطق المنقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم الحصولي لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ دخل فِي الاكتسابات التصورية والتصديقية واختصاص بهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْعلم الحصولي وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَن الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم المتجدد وَالْمرَاد بالمتجدد علم يتَحَقَّق كل فَرد مِنْهُ بعد تحقق الْمَوْصُوف بعدية زمانية وَهُوَ لَيْسَ إِلَّا الْعلم الحصولي، والحضوري وَإِن كَانَ بعض أَفْرَاده كَالْعلمِ الْمُتَعَلّق بالصورة العلمية متحققا بعد تحقق الْمَوْصُوف لَكِن جَمِيع أَفْرَاده لَيْسَ كَذَلِك فَإِن علم المجردات بذواتها وصفاتها حضوري وَهِي علل لعلومها وَلَا تنفك علومها عَنْهَا فَلَيْسَ بَين علومها ومعلوماتها بعدية زمانية وتعريفه الأشمل للجهليات وللمذهبين فِي الْعلم بالأشياء والأسلم عَن ارْتِكَاب الْمجَاز الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل.
وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي وَفِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وللكل أَحْكَام على حِدة وَلَا أَن مَا فِي الْخَارِج مَوْجُود فِي الذِّهْن بِعَيْنِه حَتَّى يلْزم كَون الْوَاحِد بالشخص سَوَاء كَانَ جوهرا أَو عرضا فِي مكانين فِي آن وَاحِد وَهُوَ محَال.
والوجود العلمي يُسمى وجودا ذهنيا وظليا وَغير أصيل أما تَسْمِيَته بالوجود الظلي على الْمَذْهَب الثَّانِي فَظَاهر، وَأما على الْمَذْهَب الأول فَلِأَن مُرَادهم أَنه وجود كوجود الظل فِي انْتِفَاء الْآثَار الخارجية المختصة بالوجود الْخَارِجِي كَمَا أَن الْوُجُود فِي مَا وَرَاء الذِّهْن يُسمى وجودا عينيا وأصيليا وخارجيا. فَإِن قيل إِن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا مُمْتَنع فَإِنَّهُ يسْتَلْزم كَون الذِّهْن حارا بَارِدًا مُسْتَقِيمًا معوجا عِنْد تصور الْحَرَارَة والبرودة والاستقامة والاعوجاج لِأَنَّهُ إِذا تصورت الْحَرَارَة تكون الْحَرَارَة حَاصِلَة فِي الذِّهْن وَلَا معنى للحار إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْحَرَارَة وَقس عَلَيْهِ الْبُرُودَة وَغَيرهَا وَهَذِه الصِّفَات منفية عَن الذِّهْن بِالضَّرُورَةِ وَأَيْضًا إِن حُصُول حَقِيقَة الْجَبَل وَالسَّمَاء مَعَ عظمها فِي الذِّهْن مِمَّا لَا يعقل قُلْنَا الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة وماهية مَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي لَا بهوية عَيْنِيَّة مَوْجُودَة بِوُجُود أصيل والحار مَا تقوم بِهِ هوية الْحَرَارَة أَي ماهيتها الْمَوْجُودَة بِوُجُود عَيْني لَا مَا تقوم بِهِ الْحَرَارَة الْمَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي فَلَا يلْزم اتصاف الذِّهْن بِتِلْكَ الصِّفَات المنفية عَنهُ والممتنع فِي الذِّهْن حُصُول هوية الْجَبَل وَالسَّمَاء وَغَيرهمَا من الْأَشْيَاء فَإِن ماهياتها مَوْجُودَة بِوُجُود خارجي يمْتَنع أَن يحصل فِي أذهاننا وَأما مفهوماتها الْكُلية وماهياتها الْمَوْجُودَة بالوجودات الظلية فَلَا يمْتَنع حُصُولهَا فِي الذِّهْن إِذْ لَيست مَوْصُوفَة بِصِفَات تِلْكَ الهويات لَكِن تِلْكَ الماهيات بِحَيْثُ لَو وجدت فِي الْخَارِج متشخصة بتشخص جبل الطّور وسماء الْقَمَر مثلا لكَانَتْ بِعَينهَا جبل طور وسماء قمر وَلَا نعني بِعلم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا إِلَّا هَذَا.
وَالْحَاصِل أَن للموجود فِي الذِّهْن وجودا ظليا وَلذَلِك الْمَوْجُود فِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وَلكُل أَحْكَام على حِدة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَالْمرَاد بِكَوْن الصُّورَة حَاصِلَة من الشَّيْء أَنَّهَا ناشئة مِنْهُ مُطَابقَة لَهُ أَو لَا بِخِلَاف صُورَة الشَّيْء فَإِن المُرَاد مِنْهَا الصُّورَة الْمُطَابقَة للشَّيْء لِأَن الْمُتَبَادر من إِضَافَة الصُّورَة إِلَى الشَّيْء مطابقتها لَهُ فتعريفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل لَا يَشْمَل الجهليات المركبة بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور كَمَا عرفــت.
ثمَّ ننقل مَا حررنا فِي تعليقاتنا على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق تَحْقِيقا للمرام وتفصيلا للمقام أَن الْعقل المرادف للنَّفس الناطقة هُوَ جَوْهَر مُجَرّد عَن الْمَادَّة فِي ذَاته لَا فِي فعله وَالْعقل الَّذِي هُوَ مرادف الْملك جَوْهَر مُجَرّد فِي ذَاته وَفِي فعله. وَقد يُطلق على الْقُوَّة المدركة وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا أما الأول أَو الثَّالِث. فَإِن قيل، على أَي حَال يخرج علم الله الْوَاجِب المتعال لعدم إِطْلَاق الْعقل عَلَيْهِ تَعَالَى، قُلْنَا، المُرَاد بِهِ هَاهُنَا الْمدْرك والمجرد وَقيل الْمَقْصُود تَعْرِيف الْعلم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الِاكْتِسَاب أَي مَا يكون كاسبا أَو مكتسبا وَعلمه تَعَالَى لكَونه حضوريا منزه عَن ذَلِك فَلَا بَأْس بِخُرُوجِهِ لعدم دُخُوله فِي الْمُــعَرّف فَإِن قيل قواعدهم كُلية عَامَّة وَهَذَا التَّخْصِيص يُنَافِي تَعْمِيم قواعدهم قُلْنَا تَعْمِيم الْقَوَاعِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْحَاجة فَهَذَا التَّخْصِيص لَا يُنَافِي التَّعْمِيم الْمَقْصُود وَإِن كَانَ منافيا لمُطلق التَّعْمِيم فَلَا ضير وَقَوْلهمْ عِنْد الْعقل يعم المذهبين دون فِي الْعقل.
وتوضيحه أَن الْمُحَقِّقين اتَّفقُوا على أَن الْمدْرك للكليات والجزئيات المادية وَغَيرهَا هُوَ النَّفس الناطقة، وعَلى أَن نِسْبَة الْإِدْرَاك إِلَى قواها كنسبة الْقطع إِلَى السكين لَا أَن مدرك الكليات هُوَ النَّفس الناطقة ومدرك الجزئيات هُوَ الْآلَات كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ. ثمَّ بعد هَذَا الِاتِّفَاق اتَّفقُوا على أَن صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية كمحبة عَمْرو وعداوة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَاخْتلفُوا فِي أَن صور الجزئيات المادية ترتسم فِيهَا أَو فِي آلاتها. فَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا ترتسم فِي آلاتها دون نَفسهَا لِأَن الصُّور الشخصية الجسمانية منقسمة فَلَو ارتسمت فِي النَّفس الناطقة لانقسمت بانقسامها لِأَن انقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل وَهُوَ بَاطِل لِأَن النَّفس الناطقة بسيطة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه، وَيرد عَلَيْهِم أَن تِلْكَ الصُّور المرتسمة فِي الْآلَات عُلُوم بِنَاء على التَّعْرِيف الْمَذْكُور وَأَن الْمدْرك هُوَ الْعقل فَيلْزم أَن لَا يكون مَا قَامَ بِهِ الْعلم عَالما وَأَن يكون مَا لم يقم بِهِ الْعلم عَالما وَكِلَاهُمَا خلف، وَأَيْضًا الْمَانِع من الارتسام فِي النَّفس الناطقة هُوَ الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المتبائنة فِي الْوَضع لَا مُطلق الانقسام وَذَلِكَ من تَوَابِع الْوُجُود الْخَارِجِي وخواصه فَلَا يلْزم الْفساد من ارتسامها وَلَو كَانَت صور الجزئيات الجسمانية على طبق تِلْكَ الجزئيات فِي الانقسام والصغر وَالْكبر لَا متنع ارتسامها فِي الْآلَات أَيْضا كَنِصْف السَّمَاء وَالْجِبَال والأودية وأمثالها. وَقَالَ بَعضهم أَن صور الجزئيات المادية كصورة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَهِي مدركة للأشياء كلهَا إِلَّا أَن إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية أَي الجسمانية بِوَاسِطَة الْآلَات لَا بذاتها وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ارتسام الصُّور فِيهَا، ودليلهم الوجدان الْعَام بِأَنا إِذا رَجعْنَا إِلَى الوجدان علمنَا أَن لأنفسنا عِنْد إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية حَالَة إدراكية انكشافية لم تكن حَاصِلَة قبل ذَلِك الْإِدْرَاك. فَإِن قيل إِن معنى عِنْد هُوَ الْمَكَان الْقَرِيب من الشَّيْء فَكيف يتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس فَكَمَا أَن فِي الْعقل لَا يَشْمَل المذهبين كَذَلِك عِنْد الْعقل لَا يَشْمَل صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية لحصولها فِي الْعقل دون مَكَان قريب مِنْهُ. وَأجِيب عَنهُ بِأَن كلمة عِنْد بِحَسب الْــعرف لاخْتِصَاص شَيْء بمدخولها كَمَا يُقَال هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا عِنْد فلَان أَي لَهَا اخْتِصَاص بِهِ. وَلَا شكّ أَن للصورة الْحَاصِلَة اخْتِصَاص بِالْعقلِ من جِهَة الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ الْمدْرك للصورة فَيتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس والآلات فَثَبت أَن عِنْد الْعقل يَشْمَل المذهبين دون فِي الْعقل لاخْتِصَاص كلمة فِي بالداخل. وَالْحمل على التَّوَسُّع بِحَيْثُ يتَنَاوَل الْحَاصِل فِي الْآلَات أَيْضا يدْفع الْمَحْذُور لكنه خلاف الظَّاهِر ومدار الْكَلَام على مُحَافظَة الظَّاهِر ورعاية الْمُتَبَادر فعلى هَذَا الْجَواب الْمَذْكُور إِنَّمَا يجدي نفعا لَو كَانَ عِنْد مَعَ رِعَايَة مَعْنَاهُ الْمُتَبَادر متناولا للمذهبين دونه فِي فِي - وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر آنِفا.
ثمَّ اعْلَم أَن الصُّورَة من مقولة الكيف لكَونهَا عرضا لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة فَيكون الْعلم الْمَعْرُوف بالصورة الْمَذْكُور من مقولة الكيف وَهُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور كَمَا مر وَلَعَلَّ من ذهب إِلَى أَنه من مقولة الانفعال يَقُول بِأَنَّهُ من مقولة الكيف أَيْضا لَكِن لما كَانَ الْعلم أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة حَاصِلا بالانفعال أَي بانتقاش الذِّهْن بالصورة الناشئة من الشَّيْء وقبوله إِيَّاهَا قَالَ إِنَّه من مقولة الانفعال مُبَالغَة وتنبيها على أَن حُصُول الْعلم بالانفعال لَا بِغَيْرِهِ. وَاعْترض بِأَن الكيف من الموجودات الخارجية لِأَن الموجودات الخارجية تَنْقَسِم إِلَى الْجَوَاهِر الْخَمْسَة والأعراض التِّسْعَة فَكيف تكون الصُّورَة الذهنية أَي الْعلم من مقولة الكيف وَالْجَوَاب أَن الْعلم من الموجودات الخارجية والمعلوم من الموجودات الذهنية كَمَا مر. وَأجَاب عَنهُ جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة على الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد فِي مَبْحَث الْوُجُود الذهْنِي أَن عدهم إِيَّاهَا كيفا على سَبِيل الْمُسَامحَة وتشبيه الْأُمُور الذهنية بالأمور العينية فعلى هَذَا يكون الْعلم من الموجودات الذهنية.
فَإِن قيل الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها فَيجب أَن يكون الْعلم بالجواهر جوهرا وبالكم كَمَا وبالكيف كيفا وَهَكَذَا وَلَا يُمكن أَن يكون من مقولة الكيف مُطلقًا قُلْنَا أجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول بِأَن حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن لَا يُوجب اتصاف الذِّهْن وقيامه بِهِ كحصول الشَّيْء فِي الزَّمَان وَالْمَكَان فَمَا هُوَ جَوْهَر حَاصِل فِي الذِّهْن وموجود فِيهِ وَمَا هُوَ عرض وَكَيف قَائِم بِهِ وموجود فِي الْخَارِج وَكَون الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكرنَا آنِفا لَا يُنَافِي هَذَا الْفرق وَمَا فِي هَذَا الْجَواب سيتلى عَلَيْك. وَالشَّيْخ أورد فِي الهيات الشِّفَاء إشكالين أَحدهمَا أَن الْعلم هُوَ المكتسب من صور الموجودات مُجَرّدَة عَن موادها وَهِي صور جَوَاهِر وإعراض فَإِن كَانَت صور الْإِعْرَاض إعْرَاضًا فصور الْجَوَاهِر كَيفَ تكون إعْرَاضًا فَإِن الْجَوْهَر لذاته جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى. ثمَّ اعْلَم أَن للزاهد فِي هَذَا الْمقَام فِي تصنيفاته تَحْقِيقا تفرد بِهِ فِي زَعمه وتفاخر بِهِ فِي ظَنّه وَتكلم عَلَيْهِ أَبنَاء الزَّمَان وجرحه بعض فضلاء الدوران وَأَنا شمرت بِقدر الوسع فِي تحريره وتفصيل مجملاته وَإِظْهَار مقاصده وإبراز مضمراته بعد إتْيَان كَلَامه ليظْهر على الناظرين علو مرامه.
فَأَقُول إِنَّه قَالَ فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي جلال الْعلمَاء على تَهْذِيب الْمنطق. اعْلَم أَن للْعلم مَعْنيين. الأول الْمَعْنى المصدري، وَالثَّانِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الانكشاف. وَالْأول حُصُول الصُّورَة وَالثَّانِي هِيَ الصُّورَة الْحَاصِلَة وَلَا شكّ أَن الْغَرَض العلمي لم يتَعَلَّق بِالْأولِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كاسبا وَلَا مكتسبا فَالْمُرَاد بِحُصُول الصُّورَة هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة على سَبِيل الْمُسَامحَة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ النّظر الْجَلِيّ. ثمَّ النّظر الدَّقِيق يحكم بِأَن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَحَقِيقَته مَا يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بدانش) وَهِي حَالَة إدراكية يتَحَقَّق عِنْد حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن تِلْكَ الْحَالة الإدراكية تصدق على الْأَشْيَاء الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن صدقا عرضيا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الذِّهْن شَيْء يحصل لَهُ وصف يحمل ذَلِك الْوَصْف عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية وَهَذَا الْمَحْمُول لَيْسَ نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعرضي من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى انْتهى.
فَأَقُول مستعينا بِاللَّه الْملك العلام، وَهُوَ الْهَادِي إِلَى الْحق فِي كل مقصد ومرام، أَن فِي تَحْقِيق الْعلم نظرين نظر جلي فويق، وَنظر دَقِيق خَفِي عميق. وبالقبول حري وحقيق، وَعَن الجروح الْمَذْكُورَة سليم وعتيق. أما الأول فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة والتعريف الْمَشْهُور أَعنِي حُصُول صُورَة الشَّيْء المُرَاد بِهِ الصُّورَة الْحَاصِلَة على الْمُسَامحَة لَا الْمَعْنى المصدري إِذْ لَا يتَعَلَّق بِهِ الْغَرَض العلمي لِأَنَّهُ لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا كَمَا مر وَحِينَئِذٍ يرد الإشكالات الْمَذْكُورَة فَيحْتَاج فِي دَفعهَا إِلَى أجوبة لَا تَخْلُو عَن إِيرَاد كَمَا لَا يخفى وَأما الثَّانِي فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الْوَصْف الْعَارِض للصورة الْمَحْمُول عَلَيْهَا حملا عرضيا لَا ذاتيا وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال وَلَا إِيرَاد.
وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَنَّك قد علمت فِيمَا مر أَن الْأَشْيَاء بعد حُصُولهَا فِي الأذهان تسمى صورا فَأَقُول إِنَّه يحصل لتِلْك الصُّور فِي الأذهان وصف لَيْسَ بحاصل لَهَا وَقت كَونهَا فِي الْأَعْيَان وَذَلِكَ الْوَصْف هُوَ الْحَالة الإدراكية أَي كَيْفيَّة كَون تِلْكَ الصُّور مدركة ومنكشفة وَهَذَا الْوَصْف هُوَ الْعلم وَإِذا حصل للصور الذهنية هَذَا الْوَصْف أَي الْحَالة الإدراكية يحصل بِسَبَب هَذَا الْوَصْف وصف آخر لتِلْك الصُّور وَهُوَ كَونهَا صورا علمية وَذَلِكَ الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلم حَقِيقَة يحمل على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن حملا عرضيا وَيصدق عَلَيْهِ صدقا عرضيا فَيُقَال للصورة الإنسانية مثلا علم وَكَذَا يُقَال عَلَيْهَا إِنَّهَا صُورَة علمية وَلَيْسَ كل من هذَيْن المحمولين نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعارض من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى.
فَالْحَاصِل أَن الْعلم بِحَسب الْحَقِيقَة لَيْسَ نفس الْحَاصِل فِي الذِّهْن بل عَارض لَهُ وَإِطْلَاق الْعلم على الْحَاصِل فِي الذِّهْن من قبيل إِطْلَاق الْعَارِض على المعروض مثل طَلَاق الضاحك على الْإِنْسَان فالعارض الَّذِي هُوَ الْعلم كَيفَ يصدق عَلَيْهِ رسمه والمعروض تَابع للموجود الْخَارِجِي فِي الجوهرية والكيفية وَغَيرهمَا لاتحاده مَعَه وَبِهَذَا التَّحْقِيق ينْحل كثير من الإشكالات الْمَذْكُورَة.
وَأَيْضًا ينْدَفع الْإِشْكَال الْمَشْهُور فِي التَّصَوُّر والتصديق وَهُوَ أَن الْمُحَقِّقين ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْحَقِيقَة وَإِذا تعلق التَّصَوُّر بالتصديق يلْزم اتحادهما لِاتِّحَاد الْعلم والمعلوم وَحَاصِل الدّفع أَن التَّصَوُّر والتصديق قِسْمَانِ لما هُوَ علم بِحَسب الْحَقِيقَة لَا لما صدق هُوَ عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي هُوَ عين الْمَعْلُوم هُوَ مَا يصدق عَلَيْهِ الْعلم أَي مَا هُوَ حَاصِل فِي الذِّهْن وَإِن تَأَمَّلت فِيمَا حررنا ينْدَفع مَا قيل إِن قَوْله فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية يشْعر بِأَن الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ علم بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْوَصْف أَي هَذَا الْمَحْمُول أَعنِي كَونهَا صُورَة علمية، وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ مَفْهُوم لفظ هَذَا الْمَحْمُول فَظَاهر أَنه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ من الكيفيات النفسانية العلمية، وَإِن أَرَادَ مصداقه فَهُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي فر عَنهُ.
وتوضيح الدّفع أَن هَاهُنَا وصفين متغائرين أَحدهمَا الْحَالة الإدراكية وَهِي علم فِي الْحَقِيقَة وَثَانِيهمَا كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية وَلَيْسَ أَحدهمَا عين الآخر نعم إِذا حصلت الْحَالة الإدراكية أَي الصّفة الأولى للصورة فِي الذِّهْن يحصل لتِلْك الصُّورَة بِسَبَب الصّفة الأولى صفة أُخْرَى وَهُوَ كَونهَا صُورَة علمية فالفاء فِي قَوْله فَيُقَال للتفريع والتعقيب أَي بعد حمل ذَلِك الْوَصْف الأول على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن يُقَال لَهُ صُورَة علمية أَي يحمل هَذَا الْوَصْف الثَّانِي على ذَلِك الشَّيْء. فَإِن قلت الْمَقْصُود إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته أَي الْكَيْفِيَّة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم وَلَا فَائِدَة فِي إِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعروضه مَعَ أَنه لَيْسَ بِعلم نعم لَكِن لما كَانَ إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الثَّانِي وعرضيته توجب زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته لِأَن الْوَصْف الثَّانِي وَهُوَ كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية من لَوَازِم الْوَصْف الأول أَعنِي الْحَالة الإدراكية تعرض لإِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعرضيته. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْوَصْف الثَّانِي من لَوَازِم الْوَصْف الأول لِأَن الْوَصْف الثَّانِي اللَّازِم مُنْتَفٍ فِي ظرف الْخَارِج لِأَن الشَّيْء فِي الْخَارِج لَا تطلق عَلَيْهِ الصُّورَة العلمية فالوصف الأول الْمَلْزُوم أَيْضا يكون منتفيا عَنهُ فِي الْخَارِج.
وَبَقِي هَاهُنَا اعْتِرَاض قوي تَقْرِيره أَن قَوْله يصدق إِلَى آخِره وَقَوله حصل إِلَى آخِره وَقَوله فالعرض من مقولة الكيف إِلَى آخِره نُصُوص وشواهد على أَن الْحَالة الإدراكية من عوارض الصُّورَة الْحَاصِلَة ومحمولاتها وصفاتها مَعَ أَنَّهَا الْعلم حَقِيقَة فَيلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا عَالما حَقِيقَة لِأَن الْعَالم وكل مُشْتَقّ مِنْهُ يصدق على مَا قَامَ بِهِ مبدؤه ومأخذه وَهُوَ هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة فَتكون هِيَ عَالِمَة حَقِيقَة لَا النَّفس الناطقة الإنسانية اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْكَيْفِيَّة الإدراكية إِذا حصلت حصلت لَهَا جهتان جِهَة النِّسْبَة إِلَى النَّفس الناطقة وجهة النِّسْبَة إِلَى الصُّورَة الْحَاصِلَة كَمَا أَن للمصدر الْمُتَعَدِّي حِين حُصُوله نسبتان نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمَفْعُول كالضرب فَإِن لَهُ علاقَة بالضارب بالصدور وبالمضروب بالوقوع. والمصدر حَقِيقَة من عوارض الْفَاعِل وَمن صِفَاته فَإِن الضَّرْب حَقِيقَة صفة الضَّارِب لَكِن لَا بعد فِي أَن يعد من صِفَات الْمَفْعُول مجَازًا نظرا إِلَى العلاقة الثَّانِيَة فَيُقَال إِن الضَّرْب صفة الْمَضْرُوب كَمَا أَنه صفة الضَّارِب وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر تجوزا. وَلَا مشاحة أَيْضا فِي أَن يُقَال إِن الْمصدر مَحْمُول على الْمَفْعُول فِي ضمن مُشْتَقّ من مشتقاته فَإِن الضَّرْب مَحْمُول على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار أَن مشتقا من مشتقاته مَحْمُول عَلَيْهِ.
وَحَاصِل هَذَا الْجَواب أَنه لَا بَأْس بِكَوْن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن عَالِمَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعلم وصف للصورة الْحَاصِلَة بِحَال متعلقها لَا بِحَال نَفسهَا فَلَا يلْزم من كَون الْعلم وَصفا للصورة ومحمولا عَلَيْهَا كَونه وَصفا لَهَا على وزن الْمَوْصُوف بِحَال الْمَوْصُوف، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلم وصف الصُّورَة بِحَال متعلقها لِأَن معنى الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم حَقِيقَة حَالَة إِدْرَاك النَّفس الناطقة للصورة الْحَاصِلَة فِيهَا فَهِيَ وصف النَّفس بِحَال نَفسهَا وَالصُّورَة بِحَال متعلقها الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة المدركة لَهَا. والمشتق الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ، والمشتق الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. أَلا ترى أَن الضَّارِب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. والمضروب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْفَاعِل. هَذَا مَا خطر بالبال، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الأشكال، لِأَن الْمُتَبَادر من الْإِدْرَاك الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَفِيه مَا فِيهِ أَيْضا وَلَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع مَا يرد على الزَّاهِد من الأبحاث القوية أَحدهَا أَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَجعل ذَلِك الْمَعْنى علما حَقِيقَة لِأَن الْعلم على مَا قَالَ مبدؤ الانكشاف ومقدم عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْعلم عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر أَي عَن حُصُول الصُّورَة الملازم للانكشاف فَيلْزم أَن يكون الْعلم مُؤَخرا عَن الانكشاف أَيْضا. وَثَانِيها أَن الْعلم من الموجودات الخارجية فَلَو كَانَ وَصفا عارضا للصورة الذهنية يلْزم زِيَادَة الْعَارِض على المعروض فِي الْوُجُود فَإِن الْعَارِض فرض كيفا مَوْجُودا فِي الْخَارِج والمعروض مَوْجُود ذهني وَثَالِثهَا أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون الْمَوْجُود الْخَارِجِي عارضا للوجود الذهْنِي فَإِن الْعَارِض يكون تَابعا لمعروضه فِي طرفه فَإِن وجود الْعَارِض الْمَحْمُول إِنَّمَا هُوَ وجود الْمَوْجُود الْمَوْضُوع فَيكون تَابعا لوُجُود الْمَوْضُوع وَوُجُود الْمَوْضُوع هَاهُنَا ذهني فَكيف يكون بعارضه الْمَحْمُول وجود خارجي. وَقد أجَاب عَنْهَا بعض أَبنَاء الزَّمَان بأجوبة مَا لَهَا خلاف ظَاهر بَيَان الزَّاهِد بل استحداث مَذْهَب آخر غير مذْهبه وَتَحْقِيق سوى تَحْقِيقه لم ألتفت إِلَيْهَا مَعَ أَن تردد البال وتشتت الْحَال لم يرخص أَيْضا بنقلها.
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا تحقيقات وشبهات أذكرها للناظرين رَجَاء مِنْهُم دُعَاء بَقَاء الْإِيمَان، والتجاوز عَن جَزَاء الْعِصْيَان، قد أَشرت فِي العجالة إِلَى شُبْهَة مَشْهُورَة وجوابها بطرِيق الرَّمْز والألغاز وَهَاهُنَا أذكرها بتقرير وَاضح وتحرير لائح بِأَن البداهة والنظرية صفتان متبائنتان لَا يُمكن جَمعهمَا فِي شَيْء وَاحِد فالعلم لَا يكون إِلَّا بديهيا أَو نظريا على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ وَهُوَ منقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق المنقسمين إِلَى البديهي والنظري فَيلْزم انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا أَيْضا فَإِن كَانَ نظريا كَمَا هُوَ الْحق أَو ضَرُورِيًّا كَمَا هُوَ مَذْهَب الإِمَام يلْزم انقسام الشَّيْء إِلَى نَفسه وَإِلَى غَيره وبطلانه أظهر من أَن يخفى. وَالْجَوَاب أَن الْعلم من حَيْثُ مَفْهُومه إِمَّا ضَرُورِيّ أَو كسبي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا أَو جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ كسبيا بل يجوز أَن يكون بعض مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا وَالْبَعْض الآخر كسبيا. وَحَاصِل الْجَواب أَن الضَّرُورِيّ أَو الكسبي هُوَ مَفْهُوم الْعلم والمنقسم إِلَيْهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَا صدق عَلَيْهِ الْعلم وَلَا يلْزم من كَون مَفْهُوم شَيْء ضَرُورِيًّا أَو كسبيا أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء أَيْضا كَذَلِك. أَلا ترى أَن الضَّرُورِيّ نَظَرِي مفهوما مَعَ أَن مَا صدق عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون ضَرُورِيًّا بديهيا. فَإِن قلت، قَوْلهم الْعلم إِمَّا تصور أَو تَصْدِيق مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة أَو مَانِعَة الْجمع أَو مَانِعَة الْخُلُو فعلى الْأَوَّلين لَا يفهم أَن للْعلم قسمَيْنِ، وعَلى الثَّالِث لَا يحصل الْجَزْم بالقسمين مَعَ أَنه الْمَقْصُود. وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست بمنفصلة وَإِنَّمَا هِيَ حملية شَبيهَة بالمنفصلة والمنافاة قد تعْتَبر فِي القضايا المنفصلات وَقد تعْتَبر فِي الْمُفْردَات بِحَسب صدقهَا على الذَّات وَهِي الحمليات الشبيهة بالمنفصلات.
وَفِي الرسَالَة القطبية فِي الْحِكْمَة العملية الْعلم هُوَ الْمَوْجُود المستلزم عدم الْغَيْبَة فَإِن كَانَ بِآلَة فَهُوَ الْعلم وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بِآلَة روحانية فَهُوَ الْمَعْقُول والجازم الَّذِي لَيْسَ مطابقا هُوَ الْجَهْل الْمركب والمطابق الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ هُوَ التَّقْلِيد الْحق وَالَّذِي لَهُ مُسْتَند وَكفى فِي التَّصْدِيق بِنِسْبَة أحد جزئيه إِلَى الآخر تصور أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط فَهُوَ الفطري وَإِن لم يكف فَهُوَ الفكري وَإِن كَانَ غير جازم فأقرب الطَّرفَيْنِ إِلَى الْجَزْم ظن وأوسطها شكّ وأبعدهما وهم. والجازم المطابق الَّذِي لَهُ مُسْتَند إِن كَانَ برهَان الْآن فَهُوَ الْيَقِين وَإِن كَانَ ببرهان اللم فَهُوَ علم الْيَقِين، والمشاهدة إِن كَانَت على وَجه يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ عين الْيَقِين، وَإِن كَانَ على وَجه لَا يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ حق الْيَقِين انْتهى. قَالَ بعض الْحُكَمَاء لِابْنِهِ يَا بني خُذ الْعلم من أَفْوَاه الرِّجَال فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ أحسن مَا يسمعُونَ ويحفظون أحسن مَا يَكْتُبُونَ وَيَقُولُونَ أحسن مَا يحفظون.
الْعلم الحضوري وَالْعلم الحصولي قد عرفــت تَعْرِيف كل مِنْهُمَا فِي تَحْقِيق الْعلم فَاعْلَم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ مغائر للْآخر مُغَايرَة نوعية، وَالْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري متحدان بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار. وَفِي الحصولي متحدان بِالذَّاتِ متغائران بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الْعلم فِي الحصولي الْمَاهِيّة من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية، والمعلوم فِيهِ الْمَاهِيّة مَعَ قطع النّظر عَن تِلْكَ الْحَيْثِيَّة. فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن مَجْمُوع المعروض والعوراض الذهنية علم حصولي والمعروض فَقَط مَعْلُوم بِهِ فَيعلم من هَاهُنَا أَن التغاير بَينهمَا فِي الْعلم الحصولي بِالذَّاتِ، قُلْنَا، هَذَا المظنون غير صَحِيح لِأَن الْعلم عِنْدهم حَقِيقَة محصلة لَا أَمر اعتباري أَي لَيْسَ من الْأُمُور الَّتِي تحققها بِاعْتِبَار الْعقل واختراع الذِّهْن بل هُوَ أَمر مُحَقّق فِي نفس الْأَمر وَله حَقِيقَة محصلة مَوْجُودَة بِلَا اعْتِبَار واختراع فَلَو كَانَ الْعلم أَي مَا يصدق عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة العلمية مَجْمُوع الْعَارِض والمعروض مَجْمُوع الْإِنْسَان وعوارضه الذهنية مثلا يلْزم أَن يكون حَقِيقَة الْعلم ملتئمة عَن الْجَوْهَر وَالْعرض أَو عَن غَيرهمَا من المقولتين المتبائنتين.
وَلَا شكّ أَن كل حَقِيقَة مركبة كَذَلِك فَهُوَ أَمر اعتباري لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وحدانية محصلة مَعَ أَن منَاط الانكشاف هُوَ أَن يحصل المعروض فَقَط لَا أَن يحصل مَجْمُوع المعروض والعوارض على مَا تشهد بِهِ الضَّرُورَة، أَلا ترى أَنه لَو حصل المعروض فِي الذِّهْن خَالِيا عَن الْعَوَارِض لتحَقّق الانكشاف فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن التغاير بَين الْعلم والمعلوم فِي الحضوري تغاير اعتباري كتغاير المعالج والمعالج فَلَيْسَ بَينهمَا اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار قُلْنَا التغاير على نَوْعَيْنِ تغاير بِاعْتِبَار المصداق أَي التغاير الَّذِي هُوَ مصداق تحقق المتغائرين وتغاير بعد تحقق المتغائرين وَالْمُعْتَبر فِي الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ هُوَ نفي التغاير الأول فالتغاير الثَّانِي لَا يضر فِي ذَلِك الِاتِّحَاد فقد اشْتبهَ على هَذَا الزاعم التغاير الأول بالتغاير الثَّانِي. وتفصيل هَذَا الْإِجْمَال أَن فِي المعالج والمعالج حيثيتين حيثية الْقُوَّة الفعلية وحيثية الْقُوَّة الانفعالية وَيُقَال المعالج بِالْكَسْرِ بِالِاعْتِبَارِ الأول والحيثية الأولى والمعالج بِالْفَتْح بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي والحيثية الثَّانِيَة وَالْعلم الحضوري لَيْسَ كَذَلِك لِأَن منَاط الانكشاف فِي الْعلم الحضوري هُوَ الصُّورَة الخارجية الْحَاضِرَة. نعم هَذِه الصُّورَة من حَيْثُ إِنَّهَا منَاط الانكشاف يُقَال لَهَا علم حضوري وَمن حَيْثُ إِنَّهَا منكشفة يُقَال لَهَا مَعْلُوم حضوري وَهَاتَانِ الحيثيتان متأخرتان عَن مصداق تحققهما وَهَذَا المصداق لَيْسَ إِلَّا وَاحِد، وَالْمرَاد باتحاد الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري هُوَ الِاتِّحَاد بِاعْتِبَار المصداق وَهُوَ مُتحد فِي الْعلم الحضوري وَأَن تحدث بعد تحَققه حيثيتان بِخِلَاف المعالج والمعالج فَإِن مصداق تحققهما مُتَعَدد فيهمَا وَلَو كَانَ مصداق الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري مُتَعَددًا بِأَن كَانَ التغاير بَينهمَا مَوْجُودا أَن تحققهما عِلّة لتحققهما مقدما على التغاير الَّذِي بعد تحققهما لَكَانَ الْعلم الحضوري صُورَة منتزعة من الْمَعْلُوم وَكَانَ علما حصوليا.
فَإِن قيل كَيفَ يكون الْعلم والمعلوم فِي الحصولي متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ قُلْنَا قَالَ الزَّاهِد أَن للشَّيْء الْحَاصِل صورته فِي الذِّهْن ثَلَاثَة اعتبارات الأول اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه الخارجية والذهنية وَالثَّانِي اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية وَالثَّالِث اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية وَذَلِكَ الشَّيْء بِالِاعْتِبَارِ الأول أَي من حَيْثُ هُوَ مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالذَّاتِ لحُصُول صورته فِي الذِّهْن وموجود فِي الْخَارِج لحصوله فِي الْخَارِج بِنَفسِهِ وموجود فِي الذِّهْن لحصوله فِي الذِّهْن بصورته الْحَاصِلَة فِيهِ وَالشَّيْء الْمَذْكُور بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالْعرضِ لِأَن الْعلم يتَحَقَّق عِنْد انتفائه. وَأَنت تعلم أَن الْعلم صفة ذَات إِضَافَة لَا بُد لَهُ من مَعْلُوم وموجود فِي الْخَارِج فَقَط لترتب الْآثَار الخارجية عَلَيْهِ دون الذهنية وَالشَّيْء المسطور بِالِاعْتِبَارِ الثَّالِث أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية علم حصولي لكَونه صُورَة ذهنية للاعتبار الأول وَعلم حضوري بِنَفس هَذَا الْعلم وَمَعْلُوم بِالْعلمِ الحضوري لكَونه صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ وَعلمهَا بذاتها وصفاتها علم حضوري وموجود فِي الْخَارِج لترتب الْآثَار الخارجية واتصاف الذِّهْن بِهِ اتصافا انضماميا وَهُوَ يَسْتَدْعِي وجود الحاشيتين فِي الْخَارِج كَمَا حققناه فِي تَحْقِيق الاتصاف. وَلَا يخفى على الوكيع أَن جَمِيع مَا ذكر على تَقْدِير أَن يكون الْعلم الحصولي عبارَة عَن الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا عَن كَيْفيَّة إدراكية، فَإِن قلت، إِن الْعلم الحضوري على مَا عرف بِكَوْن الصُّورَة العلمية فِيهِ الصُّورَة الخارجية وَنَفس الْعلم الحصولي أَي نفس الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل علم حضوري عِنْدهم لحضورها بِنَفسِهَا عِنْد الْعقل فَيلْزم أَن يكون تِلْكَ الصُّورَة خارجية وَغير خارجية قُلْنَا جَوَابه قد مر فِي تَحْقِيق الْعلم.
وَحَاصِله أَن الصُّورَة العلمية الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا صُورَة علمية حَاصِلَة فِي الذِّهْن لَهَا وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية فَتلك الصُّورَة بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة خارجية وَلَا مُنَافَاة بَين كَونهَا خارجية بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين كَونهَا لَيست بخارجية بِمَعْنى أَنَّهَا لَيست بموجودة فِي الْخَارِج أَي مَا وَرَاء الذِّهْن - فَالْمُرَاد بالموجود الْخَارِجِي فِي الْعلم الحضوري أَعم مِمَّا لَهُ وجود خارجي حَقِيقَة وَمِمَّا لَهُ وجود خارجي حكما بِأَن يكون لَهُ وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية. وَلَا شكّ أَن مَا لَهُ وجود فِي الْخَارِج كالنار مثلا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية مثل الإحراق واللمعان كَذَلِك تترتب على الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن آثَار خارجية كالفرح والانبساط والحزن والانقباض وَمن أَرَادَ زِيَادَة التَّفْصِيل وَالتَّحْقِيق فَليرْجع إِلَى الْعلم والتصور والتصديق.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور تَقْرِيره أَن الحضوري لما كَانَ عين الْمَوْجُود الْخَارِجِي وَعلم الْوَاجِب عينه فَيلْزم أَن يكون الْوَاجِب عين الممكنات وَالْجَوَاب أَن معنى كَون ذَاته تَعَالَى عين علمه أَنه يَتَرَتَّب على ذَاته مَا يَتَرَتَّب على الْعلم من انكشاف المعلومات كَمَا يُقَال إِن الْعَالم الْفُلَانِيّ عين الْكتاب أما سَمِعت أَن مقصودهم من نفي الصِّفَات عَن ذَاته تَعَالَى إِثْبَات غاياتها.
(الْعلم) الْعَالم

(الْعلم) إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته وَالْيَقِين وَنور يقذفه الله فِي قلب من يحب والمــعرفــة وَقيل الْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي والمركب والمــعرفــة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط وَمن هُنَا يُقَال عرفــت الله دون عَلمته وَيُطلق الْعلم على مَجْمُوع مسَائِل وأصول كُلية تجمعها جِهَة وَاحِدَة كعلم الْكَلَام وَعلم النَّحْو وَعلم الأَرْض وَعلم الكونيات وَعلم الْآثَار (ج) عُلُوم وعلوم الْعَرَبيَّة الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة باللغة الْعَرَبيَّة كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَالشعر والخطابة وَتسَمى بِعلم الْأَدَب وَيُطلق الْعلم حَدِيثا على الْعُلُوم الطبيعية الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجربة ومشاهدة واختبار سَوَاء أَكَانَت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات والنبات وَالْحَيَوَان والجيولوجيا أَو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة والبيطرة وَمَا إِلَيْهَا

(الْعلم) الْعَلامَة والأثر والفصل بَين الْأَرْضين وَشَيْء مَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ ورسم فِي الثَّوْب وَسيد الْقَوْم والجبل والراية (ج) أَعْلَام

المجهول

المجهول:
[في الانكليزية] Unknown ،passive
[ في الفرنسية] Inconnu ،passif
وهو ما ليس بمعلوم. قال السّيّد السّند في حاشية شرح المطالع الإعدام المضافة إنّما تتمايز بملكاتها ولا تنقسم إلّا بأقسامها فكما أنّ المعلوم ينقسم إلى معلوم تصوّري ومعلوم تصديقي كذلك ينقسم المجهول إلى مجهول تصوّري أي مجهول إذا أدرك كان إدراكه تصوّرا، وإلى مجهول تصديقي أي مجهول إذ أدرك كان إدراكه تصديقا، والمجهول المطلق أي من جميع الوجوه لا يمكن الحكم عليه.
وتحقيقه يطلب من شرح المطالع وحواشيه. ثم المجهول كما يطلق على ما عرفــت كذلك يطلق على معان آخر. منها الفعل الذي ترك فاعله وأقيم مفعوله مقام فاعله ويسمّى فعل ما لم يسمّ فاعله أيضا كضرب ويضرب، ويقابله المعلوم والمعروف كضرب ويضرب، وهذا مصطلح النّحاة والصّرفيين. ومنها ما هو مصطلح بلغاء الفرس يقول في جامع الصنائع: المجهول حرف ساكن في التلفّظ، وفي الوزن متحرّك مثل السين في (آراسته: مرّ من) و (خواسته: إرادة) والخاء في (ساخته: مصنوع) و (برداخته: مدفوع) انتهى. وأيضا: الفرس يطلقون المجهول على الواو والياء الساكنتين إذا كانت الحركة قبلهما مجانسة لهما، وفي القراءة تكون غير تامة مثل الواو في (بوسه: قبله) والياء في (تيشه: فأس). وإذا كانت في القراءة غير تامة فتسمّى معروفة، مثل الواو في (بود: كان) والياء في (تير: لهم).

وفي كتاب (الجهان كيري): فتح العالم كثيرا ما وجد هذا الاصطلاح. وبعبارة أخرى: المعروف هو أن تكون الضّمة قبل الواو والكسرة قبل الياء مشبعتان والمجهول أن تلفظ بشكل خطف فلا تمدّد، والسّبب في ذلك كون الياء المجهولة يشبه أن يكون أصلها ألفا ثم بسبب الإمالة صارت ياء.
وهذه الياء مع الكلمات العربية الممالة في الفارسية مشهورة وجعلوا منها قافية مثل لفظ حجيب (حجاب) وشكيب (صبور).
واعلم بأنّ المعروف والمجهول في الحقيقة هي صفة حركة الحرف الذي قبل الواو أو الياء. ويقال للواو أو للياء مجهولة أو معروفة باعتبار حركة الحرف الذي قبلها. كذا في منتخب تكميل الصناعة. ومنها ما هو مصطلح المحدّثين والأصوليين وهو الراوي الذي لا يــعرف هو أو لا يــعرف فيه تعديل ولا تجريح معيّن، ويقابله المعروف. قالوا سبب جهالة الراوي أمران: أحدهما أنّ الراوي قد تكثر نعوته من اسم أو كنية أو لقب أو صفة أو حرفة أو نسب فيشتهر بشيء منها، فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض ما، فيظنّ أنّه آخر فيحصل الجهل. وثانيهما أنّ الراوي قد يكون مقلا من الحديث فلا يكثر الأخذ عنه، فإن لم يسمّ الراوي بأن يقول أخبرني فلان أو رجل سمّي مبهما، وإن سمّي الراوي وانفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين، وبهذا عرف ابن عبد البر. وقال الخطيب: مجهول العين هو كلّ من لم يــعرفــه العلماء ولم يــعرف حديثه إلّا من جهة راو واحد. واعترض عليه بأنّ البخاري ومسلما قد خرّجا عن مرداس ولم يخرج عنه غير قيس بن أبي حازم فدلّ على خروجه من الجهالة رواية واحد. وأجيب بأنّ مرداس صحابي والصحابة كلّهم عدول فلا يضرّ الجهل بأعيانهم، وبأنّ الخطيب يشترط في الجهالة عدم مــعرفــة العلماء وهو مشهور عند أهل العلم. وإن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثّق فهو مجهول الحال لأنّ جهالة العين ارتفعت برواية اثنين إلّا أنّه ما لم يوثّق به يبقى مجهول الحال ويسمّى بالمستور أيضا، وهو على قسمين: مجهول العدالة ظاهرا وباطنا، ومجهول العدالة باطنا فقط، وابن الصلاح وغيره سمّى القسم الأخير بالمستور كذا في شرح النخبة وشرحه. ويؤيّده ما في خلاصة الخلاصة: المجهول ثلاثة أقسام:
الأول المجهول ظاهرا وباطنا. والثاني المجهول باطنا هو المستور. والثالث المجهول هو عند المحدّثين كمن لم يــعرف حديثه إلّا من راو واحد.

عمه

عمه: العَمَهُ: التَّحَيُّر والتَّرَدُّد؛ وأَنشد ابن بري:

مَتى تَعْمَهْ إلى عُثْمانَ تَعْمَه

إلى ضَخْم السُّرادِقِ والقِبابِ

أَي تُرَدِّدُ النظرَ، وقيل: العَمَهُ التَّرَدُّدُ في الضلالة والتحير

في مُنازعة أَو طريق؛ قال ثعلب: هو أَن لا يــعرف الحُجَّة؛ وقال

اللحياني: هو ترَدِّده لا يدري أَين يتوجه. وفي التنزيل العزيز: ونذَرُهُم في

طُغْيانهم يَعْمَهُون؛ ومعنى يعمهون: يتحيرون. وفي حديث عليّ، كرّم الله

وجهه: فأَينَ تَذْهَبُونَ بل كيف تَعْمَهُون؟ قال ابن الأَثير: العَمَهُ في

البصيرة كالعمى في البصَر. ورجل عَمِهٌ عامِهٌ أَي يتَرَدُّدُ

مُتَحيِّراً لا يهتدي لطريقه ومَذْهَبِه، والجمع عَمِهون وعُمَّهٌ. وقد عَمِه

وعَمَه يَعْمَهُ عَمَهاً وعُمُوهاً وعُمُوهةً وعَمَهاناً إذا حادَ عن الحق؛

قال رؤبة:

ومَهْمَهٍ أَطْرافُه في مَهْمَهِ،

أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلينَ العُمهِ

والعَمَهُ في الرأْي، والعَمَى في البصَر. قال أَبو منصور: ويكون العَمى

عَمى القلب. يقال: رجل عَمٍ إذا كان لا يُبْصِر بقلبه. وأَرض عَمْهاءُ:

لا أَعلامَ بها. وذهبت إبلُهُ العُمَّهَى إذا لم يَدْرِ أَينَ ذهبت،

والعُمَّيْهَى مثله.

[عمه] فيه: كيف "تعمهون"، العمه في البصيرة كالعمى في البصر.
عمه: عَمَه: عمى، ضلال. (فوك) في القسم الاول وفيه أيضاً: كره، مقت، لعن. ولم يذكر هذا في القسم الثاني منه.
عمه
عَمِهَ: تَرددَ في الضلالة، عُمُوهاً وعَمَهاً وعَمَهَاناً. وذهبت الإبل العُميْهى: لم يدرَ أين ذَهَبَتْ. وأرض عَمْهاء: بلا أمارة.
ع م هـ

عمه في طغيانه وتعامه. وفلان في عمه من أمره وهو التردد والتحير. وعمهت في ظلمي أي ظلمتني بغير جليّة. وسلكوا أرضاً عمهاء: بلا أمارات.
ع م هـ: (الْعَمَهُ) التَّحَيُّرُ وَالتَّرَدُّدُ. وَقَدْ (عَمِهَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ فَهُوَ (عَمِهٌ) وَ (عَامِهٌ) وَالْجَمْعُ (عُمَّهٌ) . 
ع م هـ : عَمِهَ فِي طُغْيَانِهِ عَمَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا تَرَدَّدَ مُتَحَيِّرًا وَتَعَامَهَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرْضٌ عَمْهَاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَمَارَاتٌ تَدُلُّ عَلَى النَّجَاةِ فَهُوَ عَمِهٌ وَأَعْمَهُ. 
عمه
الْعَمَهُ: التّردُّدُ في الأمر من التّحيّر. يقال: عَمَهَ فهو عَمِهٌ وعَامِهٌ ، وجمعه عُمَّهٌ. قال تعالى: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ
[الأعراف/ 186] ، فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة/ 15] ، وقال تعالى:
زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ [النمل/ 4] .
[عمه] العَمَهُ: التحيُّرُ والتردُّدُ. وقد عَمِهَ بالكسر فهو عَمِهٌ وعامِهٌ، والجمع عُمَّهٌ. قال رؤبة: ومَهْمَهٍ أطرافه في مَهْمَهِ * أعمى الهُدى بالجاهِلينَ العُمَّهِ وأرضٌ عَمْهاءٌ: لا أعلام بها. وذهبتْ إبله العُمَّهى، إذا لم يدرِ أين ذهبتْ. والعميهى مثله. (*)
عمهـ
عمَهَ/ عمَهَ في يَعمَه، عَمَهًا وعَمَهانًا وعُمُوهًا، فهو أعمهُ وعامِه وعَمِه، والمفعول مَعْمُوه فيه
• عمَه الشَّخصُ: تحيَّر وتردَّد ولم يــعرف طريقه " {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}: يتردَّدون في الضلال وعدم مــعرفــة الحجَّة".
• عمَه المكانُ: صار بلا أمارات ولا أعلام يُهتدى بها "سلكوا أرضًا عمهاء".
• عمَه في الأمر: ضلَّ، لم يــعرف وجه الصواب فيه " {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} ". 

عمِهَ/ عمِهَ في يَعمَه، عَمَهًا وعَمَهانًا وعُمُوهًا، فهو أعمه وعامِه وعَمِه، والمفعول مَعْمُوه فيه
• عمِه الشَّخصُ: تحيَّر وتردَّد ولم يــعرِف طريقه " {وَنَذَرُهُمْ

فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}: يتردَّدون في الضلال وعدم مــعرفــة الحجَّة".
• عمِه المكانُ: صار بلا أمارات ولا أعلام يُهتدى بها "سلكوا أرضًا عمهاء".
• عمِه في الأمر: عمَه، ضلَّ، لم يــعرف وجه الصواب فيه " {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُون} ". 

أعمهُ [مفرد]: ج عُمْه، مؤ عَمْهاءُ، ج مؤ عمهاوات وعُمْه: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في. 

عامِه [مفرد]: ج عامهون وعُمَّه: اسم فاعل من عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في. 

عَمَه [مفرد]:
1 - مصدر عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في.
2 - (طب) فقد ملكة الإدراك بالحِسّ كالعجز عن التمييز بين أشكال الأشياء والأشخاص وطبيعتها.
3 - (نف) تحيُّر وتردُّد لدى الشّخص بحيث لا يدري أين يتوجه، وهو في البصيرة كالعَمَى في البَصَر. 

عَمِه [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في. 

عَمَهان [مفرد]: مصدر عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في. 

عُمُوه [مفرد]: مصدر عمَهَ/ عمَهَ في وعمِهَ/ عمِهَ في. 

عمه


عَمَهَ(n. ac. عَمْه
عُمُوْه
عُمُوْهَة
عَمَهَاْن)
a. Was perplexed, bewildered, confused.

عَمِهَ(n. ac. عَمَه)
a. see supra.
b. Was trackless, without landmarks, roadmarks (
country ).
عَمَّهَ
a. [Fī], Treated harshly, was inveterate against, wronged.

تَعَاْمَهَa. see I
عَمِهa. Perplexed, puzzled, bewildered, confused.

أَعْمَهُ
(pl.
عُمْه)
a. Trackless, pathless (desert).

عَاْمِه
(pl.
عُمَّه).
a. see 5

عمه

1 عَمِهَ, (S, Msb, K,) and عَمَهَ, aor. of each ـَ (K,) inf. n. عَمَهٌ (S, Msb, K, TA, [عَمْهًا in the CK being a mistake for عَمَهًا,]) and عُمُوهٌ and عُمُوهَةٌ and عَمَهَانٌ, (K, TA,) [the first of the former verb, and the rest, app., of the latter verb,] He was, or became, confounded, or perplexed, and unable to see his right course; and went repeatedly to and fro: (S:) or he went repeatedly to and fro-(Msb, K,) in confusion, or perplexity, (Msb,) or in error, and confusion, or perplexity, (K,) unable to see his right course, (Msb, K,) in contending, disputing, or litigating; or in a way, or road: (K:) or he knew not the [right] argument, or plea, or allegation: (Th, K, TA:) and ↓ تعامه signifies the same: (Z, K, TA:) all are said when one turns aside, or away, from that which is right, or true: (TA:) or العَمَهُ is the looking repeatedly, not knowing whither to go: (Lh, TA:) or it is in the mental perception; and العَمَى is in the sight, or is common to both of these. (TA.) [Accord. to the Msb, عَمِهَ is from عَمْهَآء as an epithet applied to land, expl. below: but this requires consideration, as appears from what here follows.] b2: One says also, عَمِهَتِ الأَرْضُ (tropical:) The land was destitute of signs of the way: (K, TA:) a tropical phrase. (TA.) 2 عَمَّهْتَ فِى ظُلْمِهِ, inf. n. تَعْمِيهٌ, Thou wrongedst him, or hast wronged him, without sure information. (A, K.) 6 تَعَاْمَهَ see the first paragraph.

عَمِهٌ (S, Msb, K) and ↓ عَامِهٌ (S, K) and ↓ أَعْمَهُ (Msb) In a state of confusion, or perplexity, and unable to see his right course; and going repeatedly to and fro: (S:) or going repeatedly to and fro, (Msb, K,) in confusion, or perplexity, (Msb,) or in error, and confusion, or perplexity, (K,) unable to see his right course: (Msb, K:) or not knowing the [right] argument, or plea, or allegation: (K:) [see 1:] pl. [of the first] عمِهُونَ (K) and [of the second] عُمَّهٌ (S, K) [and of the third عُمْهٌ].

ذَهَبَتْ إِبِلُهُ العُمَّهَى and ↓ العُمَّيْهَى His camels went away, whither none knew. (S, K.) العُمَّيْهَى: see what next precedes.

عَامِهٌ: see عَمِهٌ.

أَعْمَهُ: see عَمِهٌ. b2: [Its fem.] عَمْهَآءُ, applied to a land (أَرْضٌ), signifies Having in it no signs of the way (S, Msb, K) to guide to safety. (Msb.) [Hence, accord. to the Msb, the verb عَمِهَ expl. above: but some hold it to be tropical: see 1, last sentence.]

دخن

(دخن) الشَّيْء دخنة دخن
دخن: {بدخان}: كناية عن الجدب، ويعبر به عن الشر.
(د خ ن) : (تَدَخُّنٌ) مِنْ الدُّخْنَةِ وَهِيَ بَخُورٌ كَالذَّرِيرَةِ يُدَخَّنُ بِهَا الْبُيُوتُ وَالْمِدْخَنَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي (جم) .
دخن
: (ذَخِينُو، بفتْحٍ فكسْرٍ: قرْيةٌ بسَمَرْقَنْد، مِنْهَا عبْدُ الوَهابِ بنُ الأَشْعَث الذَّخِينويُّ الحنَفيُّ عَن الحَسَنِ بنِ عَرَفَــة.
دخن
الدّخان كالعثان : المستصحب للهيب، قال: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ [فصلت/ 11] ، أي: هي مثل الدّخان، إشارة إلى أنه لا تماسك لها، ودَخَنَتِ النار تَدْخُنُ: كثر دخانها ، والدُّخْنَة منه، لكن تعورف فيما يتبخّر به من الطّيب. ودَخِنَ الطّبيخ: أفسده الدّخان . وتصوّر من الدّخان اللّون، فقيل:
شاة دَخْنَاء، وذات دُخْنَةٍ، وليلة دَخْنَانَة، وتصوّر منه التّأذّي به، فقيل: هو دَخِنُ الخُلُقِ، وروي:
«هدنة على دَخَنٍ» أي: على فساد دخلة.
د خ ن: (دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ) كَعُثَانٍ وَعَوَاثِنَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَ (دَخَنَتِ) النَّارُ ارْتَفَعَ دُخَّانُهَا وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ وَ (ادَّخَنَتْ) مِثْلُهُ. وَ (دَخِنَتِ) النَّارُ إِذَا فَسَدَتْ بِإِلْقَاءِ الْحَطَبِ عَلَيْهَا حَتَّى هَاجَ دُخَّانُهَا. وَ (دَخِنَ) الطَّبِيخُ إِذَا تَدَخَّنَتِ الْقِدْرُ وَبَابُهُمَا طَرِبَ. وَ (الدُّخْنُ) الْجَاوَرْسُ. وَ (الدُّخْنَةُ) كَالذَّرِيرَةِ تُدَخَّنُ بِهَا الْبُيُوتُ. 
دخن
دَخَنَ الدخَانُ والغُبَارُ: سَطَعَ.
ودَخِنَ الطَّعامُ دَخَناً.
ودَخَنَتِ النارُ ودَخَّنَتْ.
والدّاخِنَةُ: كُوَىً فيها إرْدَبّاتٌ.
والدخْنَةُ: بَخُورٌ يُدَخنُ بها البَيْتُ. والدخْنُ: حَبُّ الجاوَرْس.
والدُّخْنَةُ: من لَوْنِ الأدْخَن وهو كُدْرَةٌ في سَوَادٍ، كَبْشٌ أدْخَنُ.
ولَيْلَة دَخْنَانَةٌ: كأنما يَغْشَاها دُخَان من شِدة حَرها. ويَوْمٌ دَخْنَانٌ سَخْنَان.
ودَخِنَتِ النارُ تَدْخَنُ: ألْقَيْتَ عليها حَطَباً رَطْباً فاشْتَدَّ دُخانُها. ودَخَنَتْ تَدْخنُ: ارْتَفَعَ دُخانُها.
والدَخَنُ: الحِقْدُ. ورَجُلٌ دَخِنُ الخُلُق: أي فاسِدُه وخَبِيثه.
وأدْخَنَ الزرْعُ: اشْتَدَّ حَبُّه وسَمِنَ.

دخن


دَخَنَ(n. ac.
دَخْن
دُخُوْن)
a. Smoked, sent up smoke.
b. Steamed, sent up vapour.

دَخِنَ(n. ac. دَخَن)
a. Was smoked, smoky (meat).
b. Was smoky (fire).
دَخَّنَa. Smoked, made smoky; fumigated.

تَدَخَّنَa. Was fumigated.

دُخْنa. Millet (grain).
دُخْنَةa. Dusky colour, dinginess.
b. Incense.

دَخَنa. Smoke.
b. Wickedness, corruptness, badness; apostasy.
c. Rancour, spite.

أَدْخَنُa. Dusky, dingy (colour).
مَدْخَنa. Fire-place, hearth; chimney.
b. Heated room ( for silkworms ).
مِدْخَنَة
(pl.
مَدَاْخِنُ)
a. Vessel used for fumigation; censer.

دَاْخِنَة
(pl.
دَوَاْخِنُ)
a. Chimney.

دُخَاْن
دُخَّاْن
(pl.
أَدْخِنَة
دَوَاْخِنُ
دَوَاْخِيْنُ)
a. Smoke.
b. Tobacco.

دَد
a. Sport, diversion.

دَدِد
a. Sportive, playful, jesting.
د خ ن : الدُّخَانُ خَفِيفٌ وَالْجَمْعُ دَوَاخِنُ وَمِثْلُهُ عُثَانٌ وَعَوَاثِنُ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا.

وَالدُّخْنَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ بَخُورٌ كَالذَّرِيرَةِ يُدَخَّنُ بِهَا الْبُيُوتُ وَدَخَنَتْ النَّارُ تَدْخِنُ وَتَدْخُنُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ دُخُونًا ارْتَفَعَ دُخَانُهَا وَدَخِنَتْ دَخَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا أَلْقَيْتَ عَلَيْهَا حَطَبًا فَأَفْسَدْتَهَا حَتَّى يَهِيجَ لِذَلِكَ دُخَانٌ وَمِنْهُ قِيلَ هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ أَيْ عَلَى فَسَادِ بَاطِنٍ.

وَالدُّخْنُ حَبٌّ مَعْرُوفٌ الْحَبَّةُ دُخْنَةٌ. 
د خ ن

سطع الدخان والدواخن. ودخن الدخان: ارتفع. ودخنت النار: سطع دخانها تدخن، ودخنت تدخن: فسدت لكثرة دخانها. ودخن الطبيخ دخناً: غلب الدخان على طعمه. ودخن ثيابه: من الدخان، والدخنة وهي بخور. وتدخّن الرجل وادّخن منهما. وهذا حطب يدخن: يأتي بالدخان.

ومن المجاز: " هدنة على دخن ". استعير من دخن النار والطبيخ. وهو دخن الخلق: فاسده. ودخن الغبار: سطع. قال:

واستلحم الوحش على أكسائها ... أهوج محضير إذا النقع دخن

وفي متن السيف دخن وهو ما يتراءى في متنه من شدّة الصفاء من سواد. وليلة سخنانة دخنانة: حارة رمدة كأنما يغشاها دخان.
[دخن] أبو عمرو : الدحن: الخب الخبيثُ، مثل الدَحِلِ. والدَحنُ أيضاً: السمين المندلق البطن القصير. قال: والدحونة مثله. وأنشد: دحونة مكردس بلندح إذا يراد شده يكرمح وقددحن يدحن.

[دخن] دُخان النار معروف، والجمع دواخن، كما قالوا عثان وعواثن، على غير قياس. وابنا دخان : غنى وباهلة. والدخن أيضا: الدخان. قال الأعشى: تُباري الزِجاجَ مَغاويرُها شَماطيطَ في رهج كالدخن ومنه: " هدنة على دَخَنٍ " أي سكونٌ لعلّةٍ لا لصلحٍ. والدَخَنُ أيضاً: الكُدورَةُ إلى السواد، قال المعطَّل الهذَليّ يصف سيفاً: لَيْنٌ حُسامٌ لا يليق ضَريبَةً في مَتْنِهِ دَخَنٌ وأَثْرٌ أَحْلَسُ ودَخَنَتِ النار تَدْخُنُ وتَدْخِنُ: ارتفع دُخانها. وادَّخَنَتْ مثله على افتعَلَتْ. ودَخِنَت النارُ بالكسر، إذا ألقيت عليها حطباً وأفسدتَها حتَّى يهيج لذلك دُخانٌ. ودَخِنَ الطبيخ أيضاً، إذا تَدَخَنتِ القِدر. ورجل دخن الخلق. والدخن: الجاورس. والدخنة كالذريره تُدَخّنُ بها البيوت. والدُخْنَةُ من الالوان كالكدرة في سواد. " وكيش أَدْخَنُ، وشاةٌ دَخْناءُ بيِّنة الدَخَنِ. وليلة دخنانة.
دخن: دُخن على البق: طرد البق أو قتله بالدخان (معجم اللطائف) غير أني أرى أن الصواب دُخّن (انظر لين آخر مادة دُخّن).
تدخّن: دخّن، أثار الدخان (أبو الوليد ص552).
دُخْنَة = دُخْن: جاوريش، ذرة بيضاء (فوك).
دَخَنَة: دَخَن، دُخان، عثان. (همبرت ص197 وفيه دُخُنَة) وهبة دخان (بوشر) وبخار صاعد إلى الدماغ (بوشر).
دُخّان: دُخَان، ويجمع على دخاخين (فوك، دي ساس لطائف 1: 68).
ودُخّان: سناج، وهي مادة سوداء كثيفة يتركها الدخان على المكان عند مروره به (المستعيني) وهو يقول هي ما يسمى بالأندلس فليين (ابن البيطار 1: 415، دي ساس لطائف 1: 252، 250).
ودخّان ومثله دُخْنَة: بخور، ما يتبخر به من الطيب (معجم الادريسي) ومن هذا أطلق على سوق في فاس اسم سوق الدخان (كرتاس ص41) وقد ترجمه تورينبرج (ص57) بما معناه (سوق الطباق). ويظهر إنه قد نسي إنه لا مجال لذكر الطباق في كتاب ألف قبل اكتشاف أمريكا.
ويقول ليون في صفة لفاس ما معناه فيها سوق يسمى سوق الدخان وهو الذي يدخن الخ.
دخان للمضغ: طباق للمضغ، تبغ للمضغ (بوشر).
ودُخّان في آسيا الصغرى: منزل الرئيس (معجم البلاذري آخر ص32).
دَخّانة. وتجمع على دخانين: داخنة (الكالا).
دُخّاني: بلون الدخان، ففي النويري (مصر مخطوطة = ص192 و = مملوك 216: 63): شاش دخاني عتيق.
ودُخَّاني: بائع الفطائر المقلية بالزيت (معجم الادريسي).
داخِن: مشرب بالسواد، داكن، بلون الدخان (همبرت ص256).
داخْوان: مصعد الدخان (محيط المحيط).
مَدْخَن: داخنة (فوك).
ومَدْخَن: البيت الذي يدخن فيه بزر القز (محيط المحيط) وبرجرن (ص718).
مُدْخَن: سمك مدخن رنكة مدخنة مدخن وحدها مملح ومدخن، رنكة مدخنة (بوشر). مَدْخَنة: وتجمع على مداخن: داخنة (دومب ص80، بوشر، همبرت ص196، محيط المحيط، هلو، ولابورت ص85، مارتن ص105).
[دخن] نه فيه ذكر فتنة فقال: "دخنها" من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يعني ظهورها وإثارتها، شبهها بالدخان المرتفع، والدخن بالحركة مصدر دخنت النار إذا ألقى عليها حطب رطب فكثر دخانها، وقيل: أصله كدرة في لون الدابة إلى سواد. ج: أي أصل ظهورها من إثارته، ويتم في الهدنة. نه ومنه ح: هدنة على "دخن" أي على فساد واختلاف تشبيهًا بدخان لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر، وفسر فيه أنه لا يرجع قلوب قوم على ما كانت عليه أي لا يصفو بعضها لبعض ولا ينصع حبها كالكدورة التي في لون الدابة. ك: نعم وفيه: "دخن" بمفتوحتين أي ليس خير خالصًا بل فيه كدرة كالدخان من النار أي فساد واختلاف، والهدى بفتح هاء السيرة والطريقة، ويتكلمون بألسنتنا أي بالعربية، وقيل: أي من بني أدم، القاضي: الخير بعد الشر أيام عمر بن عبد العزيز، والذين تــعرف منهم وتنكر الأمراء بعده ومنهم من يدعو إلى بدعة كالخوارج، أقول: يحتمل أن الشر زمان قتل عثمان، والخير عبده زمان عليّ، والدخن الخوارج والشر بعده زمان الذين يلعنونه على المنبر. ط: أي بل فيه "دخن" لا يكون الاعتقادات صحيحة والأعمال صالحة وعدل الملوك خالصة. مظ: تــعرف منهم وتنكر، أي ترى فيهم ما تــعرف أنه من ديني وترى أيضًا ما تنكر أنه من ديني. مف: تــعرف منهم المنكر بأن يصدر منهم المنكر وتنكر بمعنى الأمر أي أنكر عليهم صدور المنكر، أقول: الوجه الأول راجع إلى معنى قوله: نعم، والثاني إلى معنى يستنون بغير سنتي، فالوجه أن يكونا بمعنى الأمر أي أعرف ذلك منهم وأنكر، قوله: دعاة على أبواب جهنم، أي جماعة يدعون الناس إلى الضلالة، قوله: من جلدتنا، أي من جنسنا بشر مثلنا أو من أهل ملتنا، ويتكلمون بالقرآن والأحاديث والمواعظ وما في قلوبهم شيء من الخير أي لا تقدر أن تــعرفــهم بصورهم بل بسيرتهم ولذا بين ما يدل على سيرتهم، ولو أن تعض، أي اعتزل الناس ولو قنعت فيه بعض أصل الشجرة أفعل. غ: الدخل و"الدخن" الجاورس. قا: "وهي "دخان"" جوهر ظلماني، ولعله أراد مادتها أو الأجزاء المتصغرة التي ركبت منها.

دخن: الدُّخْن: الجَاوَرْس، وفي المحكم: حَبُّ الجاوَرْس، واحدته

دُخْنَة. والدُّخَان: العُثانُ، دخان النار معروف، وجمعه أَدْخِنة ودَواخِن

ودَواخِينُ، ومثل دُخَان ودواخِن عُثان وعواثِن، ودَواخِن على غيرقياس؛ قال

الشاعر:

كأَنَّ الغُبارَ، الذي غادَرَتْ

ضُحَيَّا، دَواخِنُ من تَنْضُبِ

ودخن الدُّخانُ دُخوناً إذا سطَع. ودَخَنتِ النارُ تَدْخُن وتَدْخِن

(*

قوله «تدخن وتدخن» ضبط في الأَصل والصحاح من حد ضرب ونصر، وفي القاموس

دخنت النار كمنع ونصر). دُخاناً ودُخُوناً: ارتفع دُخانها، وادَّخَنت مثله

على افْتَعلت. ودَخِنَت تَدْخَن دَخَناً: أُلقِي عليها حطب فأُفْسِدت

حتى هاج لذلك دُخان شديد، وكذلك دَخِن الطعامُ واللحم وغيره دَخَناً، فهو

دَخِن إذا أَصابه الدخان في حال شَيّه أَو طبخه حتى تَغْلبَ رائحتُه على

طعمه، ودَخِن الطبيخ إذا تَدخّنت القدر. وشراب دَخِن: متغير الرائحة؛ قال

لبيد:

وفِتْيان صِدْقٍ قد غَدَوْتُ عليهِمُ

بلا دَخِن، ولا رَجِيع مُجَنَّبِ.

فالمُجَنَّب: الذي جَنَّبَه الناس. والمُجَنَّب: الذي بات في الباطية.

والدَّخَن أَيضاً: الدُّخان؛ قال الأَعشى:

تُبارِي الزِّجاجَ، مغاويرها

شَماطِيط في رهَج كالدَّخَن.

وليلة دَخْنانة: كأَنما تَغَشّاها دُخان من شدّة حَرّها. ويوم دَخْنان:

سَخْنان. وقوله عز وجل: يوم تأْتي السماء بدُخان مبين؛ أَي بِجَدْب

بَيّن. يقال: إن الجائعَ كان يَرَى بينه وبين السماء دخاناً من شدّة الجوع،

ويقال: بل قيل للجوع دُخان ليُبْس الأَرض في الجَدْب وارتفاع الغُبار، فشبه

غُبْرتها بالدخان؛ ومنه قيل لسنة المَجاعة: غَبْراء، وجوع أَغْبَر.

وربما وضعت العرب الدُّخان موضع الشرّ إذا علا فيقولون: كان بيننا أَمر

ارْتفَعَ له دخان، وقد قيل: إن الدخان قد مضى. والدُّخْنة: كالذَّريرة يُدخَّن

بها البيوتُ. وفي المحكم: الدُّخنة بَخُور يُدَخَّن به الثيابُ أَو

البيت، وقد تَدَخَّن بها ودَخَّن غيرَه؛ قال:

آلَيْت لا أَدْفِن قَتْلاكُمُ،

فَدَخِّنوا المَرْءَ وسِرْباله.

والدَّواخِن: الكُوَى التي تتخذ على الأَتُّونات والمَقالِي. التهذيب:

الداخِنة كُوىً

فيها إِرْدَبَّات تتخذ على المقالي والأَتُّونات؛ وأَنشد

(* قوله

«وأَنشد إلخ» الذي في التكملة: وأَنشد لكعب بن زهير:

يثرن الغبار على وجهه كلون الدواخن).

كمِثْل الدَّواخِن فَوْقَ الإِرينا

ودَخَن الغُبارُ دُخوناً: سطع وارتفع؛ ومنه قول الشاعر:

اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ على أَكْسائِها

أَهْوجُ مِحضيرٌ، إذا النَّقْعُ دَخَنْ.

أَي سطع. والدَّخَن: الكُدُورة إلى السواد. والدُّخْنة من لون

الأَدْخَن: كُدْرة في سواد كالدُّخان دَخِن دَخَناً، وهو أَدْخَن. وكبش أَدْخَن

وشاة دَخْناء بينة الدَّخَن؛ قال رؤبة:

مَرْتٌ كظَهْر الصَّرْصَران الأَدْخَنِ.

قال: صَرْصَران سمك بحريّ. وليلة دَخْنانة: شديدة الحرّ والغمّ. ويوم

دَخْنانٌ: سَخْنانٌ. والدَّخَن: الحِقْد. وفي الحديث: أَنه ذكر فتْنَةً

فقال: دَخَنُها من تَحْت قَدَمَيْ رجل من أَهل بيتي؛ يعني ظهورها وإثارتها،

شبهها بالدخان المرتفع. والدَّخَن، بالتحريك: مصدر دَخِنَت النار تَدْخَن

إذا أُلْقِي عليها حطب رَطْب وكثُر دخانها. وفي حديث الفتنة: هُدْنةٌ

على دَخَنٍ وجماعةٌ على أَقْذاء؛ قال أَبو عبيد: قوله هُدْنة على دَخَن

تفسيره في الحديث لا ترجع قلوبُ قوم على ما كانت عليه أَي لا يَصْفو

بعضُها لبعض ولا ينْصَعُ حُبّها كالكدورة التي في لون الدابَّة، وقيل: هُدْنة

على دَخَن أَي سكون لِعلَّة لا للصلح؛ قال ابن الأَثير: شبهها بدخان

الحَطب الرَّطْب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصَّلاح الظاهر، وأَصل

الدَّخَن أَن يكون في لَوْن الدابة أَو الثوب كُدْرة إلى سواد؛ قال المعطَّل

الهذلي يصف سيفاً:

لَيْنٌ حُسامٌ لا يُلِيقُ ضَرِيبةً،

في مَتْنه دَخَنٌ وأَثْرٌ أَحلَسُ.

قوله: دَخَن يعني كُدورة إلى السواد؛ قال: ولا أَحسبه إلا من الدُّخان،

وهذا شبيه بلون الحديد، قال: فوجْهه أَنه يقول تكون القلوب هكذا لا

يَصْفو بعضُها لبعض ولا يَنْصَع حُبها كما كانت، وإن لم تكن فيهم فتنة، وقيل:

الدَّخَن فِرِنْدُ السيف في قول الهذلي. وقال شمر: يقال للرجُل إذا كان

خبيث الخُلُق إنه لدَخِن الخُلُق؛ وقال قَعْنَب:

وقد عَلِمْتُ على أَنِي أُعاشِرُهم،

لا نَفْتأُ الدَّهْرَ إلاَّ بيننا دَخَنُ.

ودَخِن خُلُقُه دَخَناً، فهو دَخِن وداخِن: ساءَ وفسَد وخَبُث. ورجل

دَخِن الحسَبَ والدِّين والعقل: متغيرهُنَّ. والدُّخْنَان: ضرْب من

العصافير. وأَبو دُخْنة: طائر يُشْبِه لونه لونَ القُبّرة. وابنا دُخانٍ: غَنِيّ

وباهِلةُ؛ وأَنشد ابن بري للأَخطل:

تَعُوذُ نساؤُهُمْ بابْنَيْ دُخانٍ،

ولولا ذاك أُبْنَ مع الرِّفاقِ.

قال: يريد غنيّاً وباهلةَ؛ قال: وقال الفرزدق يهجو الأَصمَّ الباهلي:

أَأَجْعَل دارِماً كابْنَيْ دُخانٍ،

وكانا في الغَنيمةِ كالرِّكاب. التهذيب: والعرب تقول لغَنيّ وباهلة بنو

دُخان؛ قال الطرمَّاح:

يا عَجَباً ليَشْكُرَ إذا أَعدَّت،

لتنصُرَهم، رُواةَ بَني دُخانِ.

وقيل: سموا به لأَنهم دَخَّنوا على قوم في غار فقتلُوهم، وحكى ابن بري

أَنهم إنما سُمُّوا بذلك لأَنه غَزاهم ملِك من اليمن، فدخل هو وأَصحابُه

في كهف، فنَذِرت بهم غنيّ وباهلةُ فأَخذوا بابَ الكهف ودخَّنوا عليهم حتى

ماتوا، قال: ويقال ابنا دخان جبَلا غنيّ وباهلة. ابن بري: أَبو دخنة طائر

يُشْبه لونه لونَ القُبّرة.

دخن

1 دَخَنَتِ النَّارُ, aor. ـَ and دَخُنَ, (S, K,) inf. n. دَخْنٌ and دُخُونٌ, (K,) The دُخَان of the fire rose; [i. e. the fire smoked, or sent up smoke;] as also ↓ اِدَّخَنَت, (S, K,) of the measure اِفْتَعَلَت; (S;) and ↓ أَدْخَنَت, and ↓ دَخَّنَت; (K;) the last with teshdeed, mentioned by Z. (TA.) b2: And دَخَنَ الدُّخَانُ, (JK,) and الغُبَارُ (K) and النَّقْعُ, (TA,) inf. n. دُخُونٌ, (K) The smoke, (JK,) and (tropical:) the dust, (K, TA,) rose; or spread, or diffused itself. (JK, K, TA.) b3: And دَخِنَتِ النَّارُ, (JK, S, Msb, K,) with kesr to the خ, (S, Msb, K,) aor. ـَ (JK, Msb, K,) inf. n. دَخَنٌ, (Msb,) The smoke (دُخَان) of the fire (JK, S, Msb, K) became vehement, (JK,) or became excited, or raised, (S, Msb, K,) in consequence of its having firewood, (JK, S, Msb, K,) in a fresh, or green, state, (JK,) thrown upon it, (JK, S, Msb, K,) and being thus marred. (S, Msb, K.) b4: دَخِنَ, aor. ـَ said of food, (JK, K,) and of flesh-meat, (TA,) inf. n. دَخَنٌ, (JK,) means It was, or became, infected with smoke (دُخَان), (K, TA,) while being roasted or cooked, (TA,) and acquired its odour, (K, TA,) so that this predominated over its flavour: (TA:) [in this sense] it is said of cooked food when the cooking-pot is infected with smoke (↓ إِذَا تَدَخَّنَتِ القِدْرُ). (S, TA.) b5: [Hence, as is indicated in the TA, it is said of wine, or beverage, as meaning (assumed tropical:) It became altered for the worse in odour. (See دَخِنٌ.) b6: Hence also,] (assumed tropical:) It was, or became, of a dusky, or dingy, colour, inclining to black, (K, TA,) like the colour of iron: (TA:) you say دَخِنَ النَّبْتُ, and دَخِنَتِ الدَّابَّةُ, (tropical:) The plant, and the beast, became of that colour; (K, TA;) as though overspread with smoke (دُخَان); (TA;) as also دَخُنَ, aor. ـُ inf. n. دُخْنَةٌ. (K.) b7: [Hence also,] دَخِنَ خُلُقُهُ (tropical:) His nature, or disposition, was, or became, bad, corrupt, or wicked. (K, TA. [See also دَخَنٌ, below.]) 2 دَخَّنَ see 1, first sentence.

A2: دخّنهُ [He smoked it, or made it smoky]; namely, flesh-meat. (S in art. شيط.) And دخّنهُ بِالدُّخْنَةِ [He fumigated it, or him, with what is termed دُخْنَة, q. v.]; namely, a house, or tent, or chamber, (JK, S, M, Mgh, Msb, K,) and a garment, (M,) and another man. (TA.) And دَخَّنُوا عَلَى قَوْمٍ فِى غَارٍ

فَقَتَلُوهُمْ [They smoked a party of men in a cave and so killed them]. (TA.) 4 أَدْخَنَ see 1, first sentence. b2: أَدْخَنَ الزَّرْعُ; (JK, CK, and so in my MS. copy of the K;) or ↓ اِدَّخَنَ, (so in the K accord. to the TA,) of the measure اِفْتَعَلَ; (TA;) (assumed tropical:) The seed-produce became hard in the grain, (JK, K, TA,) and full therein; (JK;) being overspread with a slight duskiness, or dinginess. (TA.) 5 تدخّن i. q. تَبَخَّرَ [He fumigated himself]: (TA in art. بخر:) from الدُّخْنَةُ. (Mgh.) Yousay, of a man, تدخّن بِالدُّخْنَةِ [He fumigated himself with what is termed دُخْنَة q. v.]; as also ↓ اِدَّخَنَ, of the measure اِفْتَعَلَ. (TA.) b2: See also 1.8 إِدْتَخَنَ see 1: b2: and 5: b3: and 4.

دُخْنٌ A well-known kind of grain; (Msb;) i. q. جَاوَرْسٌ; (S;) [i. e.] the grain of the جاورس: (JK, M, K:) or a certain grain smaller than that, very smooth, cold, dry, and constipating: (M, K:) [a species of millet; the holcus saccharatus of Linn.; holcus dochna of Forskål; sorghum saccharatum of Delile: and the holcus spicatus of Linn.: and the panicum miliaceum of Linn.: (Delile's “ Flor. Aegypt. Illustr.,”

no. 164: no. 57: and no. 79:)] n. un. with ة; signifying a single grain thereof. (Msb.) دَخَنٌ inf. n. of دَخِنَ [q. v.]. (JK, Msb.) b2: [Hence,] (assumed tropical:) The appearance, or appearing, of conflict and faction, sedition, discord, or the like. (TA.) b3: Hence also, i. e. from دَخَنُ النَّارِ and الطَّبِيخِ, (TA,) (tropical:) A state of alteration for the worse, of intellect, and of religion, and of the grounds of pretension to respect or honour. (K, TA.) b4: Also i. q. دُخَانٌ. (S, K.) See this word in two places. b5: [Hence,] (assumed tropical:) A duskiness, or dinginess, inclining to blackness; (S TA;) as also ↓ دُخْنَةٌ; (JK, S, K;) [like the colour of smoke, (see 1, last signification but one,) or] like the colour of iron: (TA:) it is in a sheep, (S,) or a horse and similar beasts, or in a garment, (TA,) and in a sword: (S, A, TA:) in this last it means (tropical:) a blackness that appears in the broad side, by reason of its great brightness: (A, TA:) or the diversified wavy marks, streaks, or grain, (syn. فِرِنْد,) of a sword. (K.) b6: Also (tropical:) Rancour, malevolence, malice, or spite. (JK, K, TA.) b7: And (tropical:) Badness, corruptness, or wickedness, of nature or disposition. (K, TA.) دَخِنٌ [applied to food, and to flesh-meat, Infected with smoke: see دَخِنَ. b2: And hence,] applied to wine, or beverage, (assumed tropical:) Altered for the worse in odour. (TA.) b3: And رَجُلٌ دَخِنُ الخُلُقِ (Sh, JK, S) (tropical:) A man bad, corrupt, or wicked, in respect of nature, or disposition. (Sh, JK, TA.) [See also دَاخِنٌ.]

دُخْنَةٌ i. q. ذَرِيَرةٌ [which generally means Particles of calamus aromaticus], (K,) or the like thereof, (S,) [i. e.] incense, or a substance for fumigation, (بَخُورٌ, JK, Mgh, Msb,) [of any kind, and particularly] like ذريزة, (Mgh, Msb,) with which houses, or tents, or chambers, (S Mgh, Msb, K,) or a house, or tent, or chamber, (JK, M,) and clothes, (M,) are fumigated. (JK, S M, Mgh, Msb, K.) A2: See also دَخَنٌ. b2: [Hence, app.,] أَبُو دُخْنَةِ or ابو دُخْنَةَ A certain bird, (IB, K, TA,) the colour of which is like that of the قُبَّرَةٌ [or lark]: so says IB: or, as in some MSS., like the colour termed الغُبْرَة [i. e. dust-colour]. (TA.) دُخْنَآءٌ A species of عُصْفُور [or sparrow]; as also ↓ دُخْنَانٌ. (K, * TA.) يَوْمٌ دَخْنَانٌ (tropical:) A hot, or an intensely hot, day: (JK, K, TA:) and لَيْلَةٌ دَخْنَانَةٌ (tropical:) a night intensely hot, (JK, TA,) in which the heat is such as takes away the breath; (TA;) as though it were overspread by smoke: (JK, TA:) or a dusky, or dingy, night, inclining to blackness. (S.) دُخْنَانٌ: see دُخْنَآءٌ.

دُخَانٌ (S, Msb, K) and ↓ دُخَّانٌ, (K,) which latter is the form [now] commonly used, (TA,) and ↓ دَخَنٌ, (S, K,) i. q. عُثَانٌ [a less usual term, meaning Smoke]: (K: [in the S it is said merely that the دُخَان of fire is well known:]) pl. (of the first, S, Msb) دَوَاخِنُ, (S, Msb, K,) like as عَوَاثِنُ is pl. of عُثَانٌ, (S, Msb,) the only other instance of the kind, (Msb,) deviating from rule, (S,) and دَوَاخِينُ, [also irreg., and both pls. of mult.,] and أَدْخِنَةٌ [a pl. of pauc.]. (K.) [Hence, the tribes of] Ghanee and Báhileh (غَنِىّ and بَاهِلَة) were called اِبْنَا دُخَانٍ [The two sons of smoke] (S, K, TA) because they smoked a party of men (دَخَّنُوا عَلَى قَوْمٍ) in a cave and so killed them. (TA.) Hence also, (S,) ↓ هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ (tropical:) A calm [or truce] for a cause other than recon-ciliation: (S, K, TA: [in the CK, لَغَلَبَةٍ is erroneously put for لِعِلَّةٍ:]) or (assumed tropical:) [as a cloak] upon [i. e. concealing] inward corruptness; from دَخِنَتِ النَّارُ explained above; [see 1;] (Msb;) [for] IAth says that it likens inward corruptness beneath outward rectitude to the smoke [or smoking] of fresh, or moist, firewood: (TA:) or (assumed tropical:) upon latent rancour or malevolence: (S and TA in art. هدن:) but A'Obeyd, in explaining a trad. in which it occurs, takes it from دَخَنٌ as signifying “ a duskiness, or dinginess, inclining to blackness,” in the colour of a beast or of a garment; for he says that it means [a case in which] the mutual love of two parties will not become pure, like the duskiness, or dinginess, that is in the colour of a beast. (TA.) b2: دُخَانٌ is also used by the Arabs for (assumed tropical:) Evil, or mischief, when it arises; as in the saying, كَانَ بَيْنَنَا أَمْرٌ ارْتَفَعَ لَهُ دُخَانٌ [There was between us an affair that had evil, or mischief, arising in consequence of it]. (TA.) b3: It also means (assumed tropical:) Dearth, drought, sterility, or unfruitfulness; and hunger: and so it has been said to mean in the Kur xliv. 9: for it is said that the hungry [once] saw smoke (دُخَان) between him and the sky: or hunger is thus called because of the dryness of the earth in drought, and the rising of the dust, which is likened to دُخَان [properly so termed]. (TA.) b4: [In the present day, it is also applied, but generally pronounced ↓ دُخَّان, to Tobacco; nicotiana tabacum of Linn.]

دُخَّانٌ: see the next preceding paragraph, first and last sentences.

دَاخِنٌ Firewood producing دُخَان [or smoke]. (TA.) b2: [Hence,] خُلُقٌ دَاخِنٌ (assumed tropical:) A bad, corrupt, or wicked, nature or disposition. (TA.) [See also دَخِنٌ.]

دَاخِنَةٌ [A chimney;] a hole, or perforation, [or hollow channel,] in which are pipes of baked clay (إِرْدَبَّات) [for the passage of smoke]: (JK:) its pl. is دَوَاخِنُ, (TA,) signifying holes, or apertures, [or hollow channels, for the passage of smoke,] made over frying-pans and the fire-places of baths &c.; (K, TA;) called by the vulgar مَدَاخِنُ [pl. of ↓ مَدْخَنَةٌ]. (TA.) أَدْخَنُ, applied to a ram [&c.], (JK, S,) Of a dusky, or dingy, colour, inclining to blackness: (JK, S, K:) fem. دَخْنَآءُ. (S, K.) مَدْخَنٌ A place of smoke.]

مَدْخَنَةٌ: see دَاخِنَةٌ.

مِدْخَنَةٌ A vessel for fumigation; i. q. مِجْمَرَةٌ: (K:) or differing from the مِجْمَرَة, [app. in being made only of baked clay,] and not disapproved; whereas the مجمرة is disapproved, because generally of silver: (Mgh in art جمر:) pl. مَدَاخِنُ. (TA.)
دخن
دخَنَ يَدخَن ويَدخُن ويَدخِن، دَخْنًا ودُخانًا ودُخونًا، فهو داخِن
• دخَنتِ النَّارُ: ظهر وارتفع دخانُها "دخَنت فوَّهَةُ البُركان- دخَن الوقودُ".
• دخَن الطَّبيخُ: غلب الدخان على طعمه.
• دخَن الغبارُ: سطع وانتشر. 

دخُنَ يَدخُن، دُخْنَةً، فهو داخِن
• دخُن لونُ الشَّيءِ: صار كلونِ الدُّخان، كدِرَ فصار إلى السَّواد "دخُن القماشُ بعد صبغه". 

دخِنَ1 يَدخَن، دَخَنًا، فهو دخِن
• دخِنتِ النَّارُ: دخَنَت، ظهَر دُخانُها، أو كثُر وارتفع وهاج.
• دخِن الطَّعامُ: غلبَ على طَعْمه الدُّخانُ فأفسَدَه "طعامٌ دخِنٌ".
• دخِنتِ الفتنَةُ: ظهرت وثارت. 

دخِنَ2 يَدخَن، دَخَنًا ودُخْنَةً، فهو أَدْخَنُ
• دخِنَ لونُ الشَّيءِ: دَخُنَ، صار كلونِ الدُّخان، كدِرَ فصار إلى السَّواد "دخِنَ النّبْتُ- كبشٌ أَدْخَنُ- شاةٌ دَخْناءُ". 

تدخَّنَ يتدخَّن، تدخُّنًا، فهو مُتدخِّن
• تدخَّن الشَّيءُ: مُطاوع دخَّنَ/ دخَّنَ على: علاه الدُّخانُ.
• تدخَّن الشَّخصُ: استخدم الدُّخنة (البخور والطيب) في تطهير بيته أو ثيابه. 

دخَّنَ/ دخَّنَ على يدخِّن، تدخينًا، فهو مُدَخِّن، والمفعول مُدَخَّن (للمتعدِّي)
• دخَّنتِ النَّارُ: دخَنَت، كَثُر دُخانها وظهر وارتفع "دخَّنت فُوَّهَةُ البركان".
• دخَّن الشَّخصُ التَّبغَ: امتصَّ دُخانه ثمَّ أخرجه من فمه أو أنفه "دخَّن سيجارةً- لا يُسْمح بدخول المدخِّنين".
• دخَّن الشَّجرَ/ دخَّن على الشَّجر: طَهَّره ببخورٍ خاصٍّ ليقتُل ما به من حشراتٍ، جعل الدُّخانَ يصل إليه "دخَّنَ الغُرفةَ- دَخَّن الثوبَ/ على الثوب". 

أَدْخَنُ [مفرد]: ج دُخْن، مؤ دَخْناءُ، ج مؤ دَخْناوات ودُخْن: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من دخِنَ2. 

تدخين [مفرد]:
1 - مصدر دخَّنَ/ دخَّنَ على ° التَّدخين السَّلبي: استنشاق دخان السجائر من قبل شخص غير مدخِّن يجلس في مكان ما مع شخص أو أشخاص مدخِّنين- الرَّجاء عدم التَّدخين/ ممنوع التَّدخين: عبارة تُكتب في الحافلات وبعض الأماكن العامّة التي يحظر فيها التدخين- حجرة التَّدخين: حجرة مخصّصة للمدخِّنين.
2 - معالجةُ بعض المأكولات كالسَّمك واللَّحْم بالدُّخان لحفظِهما زمنً
ا. 

دخاخِنِيّ [مفرد]: ج دَخاخِنيَّة: بَائعُ التَّبغ والسَّجائر. 

دُخَان [مفرد]: ج أدخنة (لغير المصدر) ودواخن (لغير المصدر) ودواخين (لغير المصدر):
1 - مصدر دخَنَ.
2 - ما يتصاعد عن النَّار من دقائق الوقود غير المحترقة "دُخان حريق/ سيجارة- {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} " ° ستار الدُّخان: دُخّان اصطناعيّ يُستخدم لإخفاء المناطق العسكريّة أو العمليّات العسكريّة- كان بينهم أمر ارتفع له دخان: ثار من أجله شرّ- لا دُخان بلا نار [مثل]: لا إشاعة بدون مصدر أو أساس تنطلق منه- لَوْنٌ دُخانيّ: لون أزرق باهت يميل إلى الرماديّ أو الرماديّ المزرقّ- هل يفوح العود بلا دُخان: تنبيه إلى أنّ الكمال مستحيل في عالمنا.
3 - غاز ينبعث من البراكين وقت ثورانها.
4 - تَبْغ، سجائر "زراعة الدّخان- الدُّخان ضارّ بالصحَّة".
5 - (كم) جُسيمات صغيرة جدًّا عالقة في غاز، وينتج الدُّخان من إحراق الموادّ العُضويّة حرقًا غير كامل.
• الدُّخان: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 44 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها تسعٌ وخمسون آية. 

دُخانة [مفرد]: بقيَّة دُخان النّار "لم يبقَ في المكان إلاّ دُخانة". 

دُخانيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى دُخان.
• ضباب دُخانيّ: (جو) خليط من دخان وضباب، وهو شائع في المناطق الصناعيّة بالقرب من الأنهار أو البحيرات أو المحيطات.
• البارود اللاَّدُخانيّ: (سك) متفجِّرة بلا دخان نسبيّا تتألّف بشكل رئيسيّ من النَّيتروسليور المستخدم في الذَّخيرة الحربيَّة "قنبلة دخانيّة: قنبلة تُخرِج دخانًا كثيفًا عند الانفجار وتُستخدم لإحداث ستار دخانيّ". 

دُخَّان [مفرد]:
1 - دُخانٌ، ما يتصاعَدُ عن النَّارِ من دقائقِ الوقود غير المحترقة " {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخّانٍ مُبِينٍ} [ق]: بُخار وما هو على صورته مثل نواتج اشتعال النار، وقد يراد به الجدب لما يبدو للناظر إلى السماء من شبه الدخان".
2 - دُخانٌ، تبغٌ، سجائِرُ. 

دَخْن [مفرد]: مصدر دخَنَ. 

دَخَن [مفرد]:
1 - مصدر دخِنَ1 ودخِنَ2.
2 - حِقْدٌ وعداوَةٌ "بينَهُما دخَن- َهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ [حديث]: صُلْحٌ على فساد باطِن". 

دَخِن [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من دخِنَ2: كثر فيه الدُّخان. 

دُخْن [جمع]: (نت) جنس من النباتات العشبيّة من الفصيلة النَّجيليّة، حَبُّه صغير أملس كحبّ السمسم، ينبت بَرِّيًّا أو مزروعًا، ومنه نوع يصلح حَبُّه طعامًا للعصافير.
• دُخْن هنديّ: (نت) نبات من العالم القديم ذو أنواع متعدّدة، يُزرع في مختلف أنواع العالم كذرة أو علف أو كمصدر لشراب حلو كثيف. 

دُخْنَة [مفرد]: ج دُخُنات (لغير المصدر {ودُخْنات} لغير المصدر) ودُخَن (لغير المصدر):
1 - مصدر دخُنَ ودخِنَ2.
2 - ما يُتبَخَّر به من الطِّيب.
3 - بخورٌ خاصٌّ تُقْتَلُ به الجراثيم.
4 - (طب) حُبَيبة بيضاءُ صُلْبةٌ غير التهابيّة تَظْهَرُ على الوجه. 

دُخون [مفرد]: مصدر دخَنَ. 

مَدْخَنَة/ مِدْخَنَة [مفرد]: ج مَداخِنُ: أنبوبة رأسيّة تُستعْمَلُ في تصريف الدُّخان والغازات المحترقة "مِدْخنة فرنٍ/ مصنعٍ/ مطعمٍ" ° قِدر المدخنة: أنبوب فخاريّ أو معدنيّ في أعلى المدخنة لجعلها أقدر على تصريف الدُّخان. 
دخن
) (الدُّخْنُ بالضمِّ) : الجَاوَرْسُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وَفِي المُحْكَم: (حَبُّ الجَاوَرْس، أَو حَبٌّ أَصْغَرُ مِنْهُ أَمْلَسُ جِدًّا بارِدٌ يابِسٌ حابِسٌ للطَّبْعِ) ، كَمَا ذَكَرَه الأَطبَّاءُ.
(والدُّخانُ، كغُرابٍ وجَبَلٍ) ، كِلاهُما عَن الجَوْهرِيّ؛ وأَنْشَدَ للأَعْشى:
تُبارِي الزِّجاجَ مَغاوِيرُهاشَماطِيط فِي رهَجٍ كالدَّخَنْ (و) فِيهِ لُغةٌ ثالِثَةٌ: الدُّخَّانُ مِثْل (رُمَّان) وَهُوَ المَشْهورُ على الأَلْسِنَةِ: (العُثانُ) وَهُوَ مَعْروفٌ، (ج أَدْخِنَةٌ ودَواخِنُ ودَواخِينُ) ، ومِثْل دُخَان ودَواخِن عُثَان وعَواثِن على غَيْرِ قِياسٍ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ قالَ الشاعِرُ:
كأَنَّ الغُبارَ الَّذِي غادَرَتْضُحَيَّا دَواخِنُ مِنُ تَنْضُبِ (وابْنا دُخانٍ: غَنِيٌّ وباهِلَةُ) ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
قيلَ: سُمُّوا بِهِ لأَنَّهم دَخَّنوا على قوْمٍ فِي غارٍ فقَتَلُوهم.
وَحكى ابنُ بَرِّي أَنَّهم إنَّما سُمُّوا بذلِكَ لأَنَّه غَزَاهُم مَلِكٌ مِنَ اليمنِ، فدخَلَ هُوَ وأَصْحابُه فِي كَهْفٍ، فنَذِرَت بهم غَنِيُّ وباهِلَةُ فأَخَذُوا بابَ الكهْفِ ودَخَّنوا عَلَيْهِم حَتَّى ماتُوا؛ وأَنْشَدَ للأَخْطَلِ:
تَعُوذُ نساؤُهُمْ يَا بْنَيْ دُخَانٍ وَلَوْلَا ذاكَ أُبْنَ مَعَ الرِّفاق ِقالَ: يُريدُ غنِيًّا وباهِلَةَ؛ (قالَ) وقالَ الفَرَزْقُ يهْجُو الأَصمَّ الباهِلِيّ:
أَأَجْعَل دارِماً كابْنَيْ دُخانٍ (و) مِن المجازِ: (هُدْنَةٌ على دَخَنٍ، محرّكةً) ، قالَ الجَوْهرِيُّ: (أَي سكونٌ لِعِلَّةٍ لَا لِصُلْحٍ) .
قالَ ابنُ الأَثيرِ: شبَّهها بدُخَانِ الحَطَبِ الرَّطْب لمَا بَيْنهم مِنَ الفَسادِ الباطِنِ تحْتَ الصَّلاحِ الظاهِرِ؛ وَقد جاءَ هَذَا فِي الحدِيثِ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تفْسِيرِه؛ أَي لَا ترجعُ قلوبُ قوْمٍ على مَا كانتْ عَلَيْهِ، أَي لَا يَصْفُو بعضُها لِبَعْضٍ وَلَا ينْصَعُ حُبّها كالكُدُورَةِ الَّتِي فِي لوْنِ الدَّابَّةِ.
قلْتُ: أَخَذَه مِنَ الدَّخَن الَّذِي هُوَ الكدرُ إِلَى سوادٍ يكونُ فِي لوْنِ الدَّابَّةِ أَو الثَّوْبِ.
(ودَخِنَ الطَّعامُ، كفَرِحَ) ، وكَذلِكَ اللَّحمُ: (أَصابَهُ دُخانٌ) فِي حَالِ شَيِّه أَو طَبْخهِ (فأَخَذَ رِيحَهُ) حَتَّى غَلَبَ على طَعْمِه.
(و) مِنَ المجازِ: دَخِنَ (خُلُقُه) : إِذا (ساءَ) وفَسدَ (وَخَبُثَ) . ورجُلٌ دَخِنُ الخُلُقِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ، وَهُوَ قوْلُ شَمِر.
(والدَّواخِنُ: كُوًى تُتَّخَذُ على المَقالِي والأَتُّوناتِ) ، الواحِدَةُ دَاخِنَةٌ؛ وأَنْشَدَ الأَزْهرِيُّ:
كمِثْلِ الدَّواخِنِ فَوْقَ الإِرِينا قلْتُ: العامَّةُ تسَمِّيها المَدَاخِنِ.
(والدُّخْنَةُ) فِي الأَلوانِ، بالضمِّ: (كُدْرَةٌ فِي سَوادٍ) ، وَهُوَ الشَّبِيهُ بلوْنِ الحدِيدِ.
(دَخِنَ، كفَرِحَ، فَهُوَ أَدْخَنُ، وَهِي دَخْناءُ) ؛ يقالُ: كَبْشٌ أَدْخَنُ وشاةٌ دَخْناءُ بَيِّنةُ الدَّخَنِ، كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ وقالَ رُؤْبَة:
مَرْتٌ كظَهْر الصَّرْصَران الأَدْخَنِ (و) الدُّخْنَةُ: شبْهُ (ذَريرَةٍ تُدَخَّنُ بهَا البُيوتُ) ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ. وَفِي المُحْكَم: الثِّيابُ أَو البَيْتُ.
(ويومٌ دَخنانٌ، ك) سَحْبانٍ: (سَخْنانٌ) .
ولَيْلَةٌ دَخْنانَةٌ: شدِيدَةُ الحرِّ والغَيْمِ كأنَّما يَغْشاها دُخانٌ؛ وَهُوَ مجازٌ.
(و) مِن المجازِ: (الدَّخَنُ، محرَّكةً: الحِقْدُ) ؛ قالَ قَعْنَب:
وَقد عَلِمْتُ على أَني أُعاشِرُهملا نَفْتَأُ الدَّهْرَ إِلاَّ بَيْنَنا دَخَنُ (و) الدَّخَنُ أَيْضاً: (سُوءُ الخُلُقِ) وخُبثُه. يقالُ: إنَّه لدَخِنُ الخُلُقِ: أَي خَبِيثهُ؛ عَن شَمِرٍ وَهُوَ مجازٌ.
(و) الدَّخَنُ: (فِرِنْدُ السَّيْفِ) ، وَبِه فُسِّر قوْلُ المعطَّلِ الهُذَليَّ يَصِفُ سَيْفاً:
لَيْنٌ حُسامٌ لَا يِليِقُ ضَريبةًفي مَتْنِه دَخَنٌ وَأَثْرٌ أحلَسُوفي الأَساسِ: الدَّخَنُ فِي السَّيْفِ: يَتَراءَى فِي متْنهِ مِن شدَّةِ الصَّفاءِ مِن سَوادٍ؛ وَهُوَ مجازٌ.
(و) مِنَ المجازِ: الدَّخَنُ: (تَغَيُّرُ الدِّيْنِ والعَقْلِ والحَسَبِ) ، اسْتُعِير مِن دَخنِ النارِ والطّبيخِ.
(والدَّخْناءُ أَو والدُّخْنانُ، بالضَّمِّ: عُصْفُورٌ) ، أَي ضَرْبٌ مِنْهُ.
(وأَبو دُخْنَةَ، بالضَّمِّ: طائِرٌ) يُشْبِه لَوْنه لَوْنَ القُبَّرة؛ عَن ابنِ بَرِّي. وَفِي بعضِ الأصُولِ: لَوْن الغبرةِ.
(و) المِدْخَنَةُ، (كمِكْنَسَةٍ: المِجْمَرَةُ) ، والجمْعُ المدَاخِنُ.
(ودَخَنَتِ النَّارُ، كمَنَعَ ونَصَرَ دَخْناً ودُخُوناً، وأَدْخَنَتْ) كأَكْرَمَتْ، (ودَخَّنَتْ) بالتَّشْديدِ وَهَذِه عَن الزَّمَخْشرِيِّ رَحِمَه الّلهُ تعالَى، (وادَّخَنَتْ) على افْتَعَلَتْ: (ارْتَفَعَ دُخانُها) ، وَلم يَذْكُرِ الجَوْهرِيُّ أَدْخَنَتْ ودَخَّنَتْ.
(و) دَخِنَتْ، (كفَرِحَتْ: أُلْقِيَ عَلَيْهَا حَطَبٌ فأُفْسِدَتْ لِيَهِيجَ لَهَا دُخانٌ) شَدِيدٌ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
(و) مِنَ المجازِ: دخنَ (النَّبْتُ؛ و) كَذَا (الدَّابَّةُ) : إِذا (صارتْ أَلْوانُهما كُدْرَةً فِي سَوادٍ) كأَنَّه علاهُما الدُّخانُ، والاسمُ الدَّخَنُ، محرَّكةً، بِهِ فسَّرَ الجَوْهرِيُّ قوْلَ المعطَّلِ الهُذَلي: السَّابق؛ (كدَخُنَ، ككَرُمَ، دُخْنَةً، بالضَّمِّ.
(ودُخَيْنٌ، كزُبَيْرٍ: ابنُ عامِرٍ) الحجريُّ (تابِعِيٌّ) عَن عقبَةَ بنِ عامِرٍ، رَضِيَ الّلهُ تعالَى عَنهُ، وَعنهُ كعبُ بنُ عَلْقَمَةَ وابنُ الغمِّ الأفْريقيُّ، ثِقَةٌ قُتِلَ سَنَة مائةٍ، كَذَا فِي الكاشِفِ.
وزادَ ابنُ حَبَّانٍ: هُوَ منْ أَهْلِ مِصْرَ، ورَوَى عَنهُ بكْرُ بنُ سوادَةَ.
وقالَ الحافِظُ: وابْنُه عامِرُ بنُ دُخَيْن رَوَى عَن أَبيهِ.
(وادَّخَنَ الزِّرْعُ) ، على افْتَعَلَ: (اشْتَدَّ حَبُّه) ، وذلِكَ إِذا عَلَتْه كدْرَةٌ قَلِيلَةٌ.
(و) مِن المجازِ: (دَخَنَ الغُبارُ دُخُوناً) : أَي (سَطَعَ) وارْتَفَعَ؛ وَمِنْه قوْلُ الشاعِرِ:
اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ على أَكْسائِهاأَهْوجُ مِحْضِيرٌ إِذا النَّقْعُ دَخَنْ وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
دَخِنَ الطَّبيخُ، كفَرِحَ: إِذا تَدَخَّنَتِ القِدْرُ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
وشَرابٌ دَخِنٌ، ككَتِفٍ: مُتَغَيِّرُ الرَّائِحَةِ؛ قالَ لبيدٌ:
وفِتْيانِ صِدْقٍ قد غَدَوتُ عليهِمُبلا دَخِن وَلَا رَجِيعٍ مُجَنَّبِوالمُجَنَّبُ: الَّذِي باتَ فِي الباطِيَة.
والدُّخانُ: الجَدْبُ والجُوعُ، وَبِه فَسِّرَ قوْلُه تعالَى: {يَوْم تأْتي السَّماءُ بدُخانٍ مُبِينٍ} أَي بجَدْبٍ بَيِّن. يقالُ: إِنَّ الجائِعَ كانَ يَرَى بَيْنه وبَيْن السَّماءِ دُخاناً مِن شدَّةِ الجُوعِ.
وقيلَ: بل قيلَ للجُوعِ دُخانٌ ليُبْسِ الأرْضِ فِي الجدْبِ وارْتِفاعِ الأَرْض، فشبّهَ غُبْرتها بالدّخانِ؛ وَمِنْه قيلَ لسَنَةِ المجاعَةِ: غَبْراءُ، وجُوع أَغْبَرُ. ورُبَّما وَضَعتِ العَرَبُ الدُّخانَ مَوْضِع الشَّرِّ إِذا عَلا فيقولُونَ: كانَ بَيْننا أَمْرٌ ارْتَفَع لَهُ دُخانٌ.
وتَدَخَّنَ الرَّجلُ بالدُّخْنةِ وادَّخَنَ على افْتَعَلَ ودَخَّنَ بهَا غيرَهُ؛ قالَ:
آلَيْتُ لَا أَدْفِن قَتْلاكُمُفَدَخِّنوا المَرْءَ وسِرْبالهودَخَنُ الفتْنَةِ، محرَّكةً: ظُهُورُها وإِثارَتُها.
وخُلُقٌ دَاخِنٌ: فاسِدٌ.
وحَطَبٌ دَاخِنٌ: يأْتي بالدُّخان.
وأَبو الحَسَنِ عليُّ بِنُ عُمَرَ بنِ أَحمدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ حمْدَان بنِ دُخَان البَغْدادِيُّ، كغُرَابٍ: محدِّثٌ رَوَى عَنهُ عبْدُ العَزيزِ الأزجيُّ، وماتَ سَنَة 306.
وأَبو البَرَكَات ليثُ بنُ أَحْمدَ البَغْدادِيُّ المَعْروفُ بابنِ الدُّخْني، بالضمِّ: محدِّثٌ، ذَكَرَه المنذرِيّ فِي التكْمِلَةِ وضَبَطَه وقالَ: ظُنَّ أَنَّه مَنْسوبٌ إِلَى الدّخنِ الحَبَّةِ المَعْرُوفَة.
ووادِي الدّخان: بَيْن كفافةَ والوجهِ.

السّحر

السّحر:
[في الانكليزية] Magic ،witchcraft
[ في الفرنسية] Magie ،sorcellerie
بالكسر وسكون الحاء المهملة هو فعل يخفى سببه ويوهم قلب الشيء عن حقيقته، كذا قال ابن مسعود. وفي كشف الكشاف:
السحر في أصل اللغة الصرف حكاه الأزهري عن الفرّاء ويونس، وقال: وسمّي السّحر سحرا لأنّه صرف الشيء عن جهته، فكأنّ الساحر لمّا أري الباطل حقّا أي في صورة الحق وخيّل الشيء على غير حقيقته فقد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه. وذكر عن الليث أنّه عمل يتقرب به إلى الشيطان ومعونة منه.
وكل ذلك الأمر كينونة السّحر، فلم يصل إليّ تعريف يعوّل عليه في كتب الفقه. والمشهور عند الحكماء منه غير المعروف في الشرع والأقرب أنّه الإتيان بخارق عن مزاولة قول أو فعل محرّم في الشرع، أجرى الله سبحانه سنّته بحصوله عنده ابتلاء. فإن كان كفرا في نفسه كعبادة الكواكب أو انضم معه اعتقاد تأثير من غيره تعالى كفر صاحبه وإلّا فسق وبدع.
نقل في الروضة عن كتاب الإرشاد لإمام الحرمين أنّ السحر لا يظهر إلّا على فاسق كما أنّ الكرامة لا تظهر إلّا على متّق، وليس له دليل من العقل إلّا إجماع الأمة. وعلى هذا تعلّمه حرام مطلقا، وهو الصحيح عند أصحابنا لأنّه توسل إلى محظور عنه للغنى انتهى. وفي البيضاوي في تفسير قوله تعالى: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقلّ به الإنسان، وذلك لا يحصل إلّا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإنّ التناسب شرط في التضام والتعاون، وبهذا يميّز الساحر عن النبي والولي. وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم، وتسميته سحرا على التجوّز، أو لما فيه من الدّقّة لأنّ السّحر في الأصل موضوع لما خفي سببه انتهى.

وفي الفتاوى الحمادية: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الجواهر هيكل مخصوص على صورة الشخص المسحور، ويترصّد له وقت مخصوص في المطالع وتقرن به كلمات تتلفظ بها من الكفر والفحش المخالف للشرع، ويتوصّل في تسميتها إلى الاستعانة بالشياطين، وتحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور انتهى. وكونه معدودا من الخوارق مختلف فيه كما عرفــت. وقال الحكماء: السّحر مزج قوى الجواهر الأرضية بعضها ببعض.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: اعلم أنّ السحر على أقسام.

القسم الأول: سحر الكلدانيّين والكسدائين الذين كانوا في قديم الدهر وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنّها هي المدبّرة لهذا العالم ومنها تصدر الخيرات والشرور والسعادة والنحوسة، وهم الذين بعث الله تعالى عليهم إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالتهم وردّا عليهم في مذاهبهم وعقائدهم.
والقسم الثاني من السحر سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، قالوا اختلف الناس في الإنسان. فأما إذا قلنا بأنّ الإنسان هو هذه البنية فلا شك أنّ هذه البنية مركّبة من الأخلاط الأربعة فلم لا يجوز ان يتفق مزاج من الأمزجة يقتضي القدرة على خلق الجسم والعلم بالأمور الغائبة عنّا. وأما إذا قلنا إنّ الإنسان هو النفس فلم لا يجوز أن يقال إنّ النفوس مختلفة فيتفق في بعض النفوس أن تكون قادرة على هذه الحوادث الغريبة مطلعة على الأسرار الغريبة. ثم الذي يؤكد هذا الاحتمال على وجوه.
الأول أنّ الجذع يتمكن الإنسان من المشي عليه لو كان موضوعا على الأرض ولا يمكنه لو كان كالجسر موضوعا على هاوية تحته، وما ذاك إلّا أن يخيل السقوط، ومتى قوي أوجب السقوط.
الثاني أنّه أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران، وما ذاك إلّا لأنّ النفوس خلقت على الأوهام.
الثالث حكي عن أرسطو أنّ الدجاجة إذا تشببت وبلغت واشتاقت إلى الديك ولم تجده فتصورت الديك وتخيّلته وتشبهت بالديك في الصوت والجوارح نبت على ساقها مثل الشيء النابت على ساق الديك، وارتفع على رأسها مثل تاج الديك، وليس هذا إلّا بسبب كثرة التوهّم والتخيّل، وهذا يدل على أنّ الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية. الرابع أجمعت الأمم على أنّ الدعاء مظنة الإجابة. وأجمعوا على أنّ الدعاء اللساني الخالي من الطلب النفساني قليل العمل عديم الأثر. فدلّ ذلك على أنّ للهمم والنفوس آثارا، وهذا الاتفاق غير مختص بمسألة معينة وبحكمة مخصوصة.
الخامس أنّ المبادئ القوية للأفعال النفسانية ليست إلّا التصورات النفسانية لأنّ القوة المحرّكة مودعة في العضلات صالحة للفعل وتركه، ولأن يرجح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح وما ذاك إلّا تصوّر كون الفعل لذيذا أو قبيحا أو مؤلما، بعد أن كانت كذلك بالقوة، فتلك التصورات هي المبادئ لصيرورة القوى العقلية مبادئ بالفعل لوجود الأفعال بعد أن كانت بالقوة، وإذا كانت هذه التصورات هي مباد لمبادئ هذه الأفعال فأيّ استبعاد في كونها مبادئ للأفعال لنفسها وإلغاء الواسطة عن درجة الاعتبار.
السادس أنّ التجربة والعيان لشاهدان بأنّ هذه التصورات مباد قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإنّ الغضبان تشتدّ سخونة مزاجه عند هيجان كيفية الغضب لا سيما عند إرادة الانتقام من المغضوب عليه. وإذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأيّ استبعاد من كونها مبادئ لحوادث في خارج البدن.
السابع أنّ الإصابة بالعين أمر قد اتفق عليه العقلاء ونطقت به الأحاديث والحكايات وذلك أيضا يحقّق إمكان ما قلنا. وإذا عرفــت هذا فنقول إنّ النفوس التي تفعل هذه الأفعال قد تكون قوية جدا فتستغني في هذه الأفعال عن الاستعانة بالآلات والأدوات، وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات. وتحقيقه أنّ النفس إن كانت مستعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السموات كانت كأنّها روح الأرواح السماوية، فكانت قوية على التأثير في موارد هذا العالم. وأمّا إذا كانت ضعيفة شديدة التعلّق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرّف البتة إلّا في البدن. فإذا أراد الإنسان صيرورتها بحيث يتعدى تأثيرها من بدنها إلى بدن آخر اتّخذ تمثال ذلك الغير ووضعه عند الحسّ واشتغل الحسّ به، فتبعه الخيال عليه وأقبلت النفس الناطقة عليه، فقويت التأثيرات النفسانية والتصرفات الروحانية. ولذلك أجمعت الأمم على أنّه لا بد لهذه الأعمال من الانقطاع عن المألوفات والمشتهيات وتقليل الغذاء بل الاعتزال عن الخلق. وكلّما كانت هذه الأمور أتمّ كانت هذه التأثيرات أقوى. والسبب فيه أنّ النفس إن اشتغلت بالجانب الواحد اشتغلت جميع قواها في ذلك الفعل. وإذا اشتغلت بالأفعال الكثيرة تفرّقت قواها وتوزّعت على تلك الأفعال. ولهذا من حاول الوقوف على مسألة فإنّه حال تفكّره فيها لا بد أن يفرغ خاطره عما عداها، فإنّه عند تفريغ الخاطر يتوجّه بكليته إليها، فيكون الفعل أحسن وأسهل. وإذا كانت كذلك كان الإنسان المشغول الهمّ والهمّة بقضاء الشهوات وتحصيل اللذات كانت القوة النفسانية مشغولة بها مشغوفة إليها مستغرقة فيها، فلا يكون انجذابها إلى تحصيل ذلك الفعل قويّا شديدا.
والقسم الثالث من السّحر الاستعانة بالأرواح الأرضية، واعلم أنّ القول بالجنّ أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة. أما أكابر الفلاسفة فإنهم ما أنكروا القول به إلّا أنّه سمّوها بالأرواح الأرضية، بعضها خيّرة وبعضها شريرة. فالخيرة هم مؤمنو الجن والشريرة هم الكفار، وهي قادرة عالمة، واتصال النفوس بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية، إلّا أنّ القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضية أضعف من القوة الحاصلة لها بسبب الاتصال بالأرواح السماوية. ثم إنّ أصحاب الصنعة وأرباب التجربة لشاهدوا أنّ الاتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرّقى والتجريد.
والقسم الرابع من السحر التخيّلات والأخذ بالعيون، وهذا النوع مبني على مقدمات. إحداها أنّ أغلاط البصر كثيرة فإنّ راكب السفينة إن نظر إلى الشّط رأى السفينة واقفة والشط متحركا، وذلك يدلّ على أنّ الساكن يرى متحركا والمتحرك ساكنا. والقطرة النازلة ترى خطا مستقيما. والشعلة التي تدار بسرعة ترى دائرة والشخص الصغير يرى في الضباب عظيما ويرى العظيم من البعيد صغيرا، فعلم أنّ القوة الباصرة قد تبصر الشيء على خلاف ما عليه في الجملة لبعض الأسباب العارضة. ثانيتها أنّ القوة الباصرة إنما تقف على المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت المحسوس في زمان له مقدارها. فأمّا إذا أدركته في زمان صغير جدا ثم أدركت محسوسا آخر وهكذا، فإنّه يختلط البعض بالبعض ولا يتميّز بعض المحسوسات عن البعض الآخر. ومثال ذلك أنّ الرحى إذا أخرجت من مركزها إلى محيطها خطوط كثيرة بألوان مختلفة ثم استدارت فإنّ الحسّ يرى لونا واحدا كأنّه مركّب من الألوان. وثالثتها أنّ النفس إذا كانت مشغولة بشيء فربما حضر عند الحسّ شيء آخر فلا يتبعه الحسّ البتّة، كما أنّ الإنسان عند دخوله على السلطان قد يلقاه إنسان ويتكلّم معه فلا يــعرفــه ولا يفهم كلامه لما أنّ قلبه مشغول بشيء آخر، وكذا الناظر في المرآة فإنّه ربّما قصد أن يرى قذاة في عينه فيراها ولا يرى ما أكثر منها، وربما قصد أن يرى سطح المرآة هل هو مستو أم لا فلا يرى شيئا مما في المرآة.
فإذا عرفــت هذه المقدّمات سهل عند ذلك تصوّر كيفية هذا النوع من السّحر وذلك لأنّ المشعبذ الحاذق يظهر عمل شيء يشغل أنظار الناظرين به ويأخذ عيونهم إليه، حتى إذا استفرغهم الشّغل بذلك الشيء والتحديق نحوه عمل شيئا آخر بسرعة شديدة فيبقى ذلك العمل خفيا وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غير ما انتظروه فيتعجبون منه جدا، ولو أنّه سكت ولم يتكلّم بما يصرف الخواطر إلى ضدّ ما يريد أن يعمله ولم يحرّك الناس والأوهام والأنظار إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون بكلّ ما يفعله، فهذا هو المراد من قولهم إنّ المشعبذ يأخذ بالعيون لأنّه بالحقيقة يأخذ العيون إلى غير الجهة التي يحتال لها.

فإذا عرفــت هذه الأقسام فأقول: المعتزلة أنكروا السّحر بجميع أقسامها إلّا التخيل. أما أهل السّنة فقد جوّزوا أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا والحمار إنسانا، إلّا أنهم قالوا إنّ الله تعالى هو الخالق لهذه الأشياء عند ما يقرأ الساحر رقى مخصوصة وكلمات معينة. فأمّا أنّ المؤثّر لذلك هو الفلك أو النجوم فلا. وقد أجمعوا على وقوع السّحر بالقرآن والخبر. أما القرآن فقوله تعالى: وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وأما الأخبار، أحدها ما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم سحر وأنّ السّحر عمل فيه حتى قال: «إنّه ليخيّل إليّ أني أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله» و «أنّ امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك السحر راعوفة البير فلما استخرج ذلك زال عن النبي عليه الصلاة والسلام ذلك العارض» ونزلت المعوّذتان بسببه. وثانيها: «أنّ امرأة أتت عند عائشة رضي الله عنها فقالت: إني ساحرة فهل لي من توبة فقالت وما سحرك؟ فقالت: صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل لطلب علم السّحر، فقالا لي يا أمّة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا فأبيت. فقالا لي: اذهبي فبولي على ذلك الرماد فذهبت لأبول عليه، ففكرت في نفسي، فقلت لا أفعل.

وجئت إليهما فقلت: قد فعلت. فقالا لي: ما رأيت لمّا فعلت؟ فقلت: ما رأيت شيئا. فقالا لي: أنت على رأس أمرك، فاتقي الله ولا تفعلي فأبيت. فقالا لي: اذهبي فافعلي. فذهبت ففعلت. فرأيت كأنّ فارسا مقنعا بالحديد خرج من فرجي فصعد إلى السماء، فجئتهما فأخبرتهما. فقالا: إيمانك خرج عنك، وقد أحسنت السّحر. فقالت: وما هو؟ قالا: ما تريدين شيئا يتصوّر في وهمك إلّا كان فصورت في نفسي حبّا من حنطة فإذا أنا بحبّ أنزع، فخرج من ساعته سنبله. فقلت: انطحن، فانطحن وانخبز وأنا لا أريد شيئا إلّا حصل.

فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس لك توبة». انتهى من التفسير الكبير.
وقال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في مدارج النّبوّة: إنّ السّحر حرام. وقال بعضهم: إنّ تعلّمه بنية دفع السّحر عن نفسه ليس بحرام. والسّاحر الذي ليس في سحره كفر يستتاب، وأمّا إذا اشتمل على الكفر فيقتل. وفي قبول نوبته اختلاف؛ كالزنديق الذي ينكر الدّين والنّبوّة والحشر والنّشر والقيامة.
وأمّا حقيقة السّحر ففيها خلاف؛ فبعضهم يقول: إنّه مجرّد تخييل وإيهام. وهذا ما اختاره كلّ من أبي بكر الأسترآبادي الشافعي وأبي بكر الرازي من الحنفية وطائفة أخرى.
وإنّ جمهور العلماء متفقون على أن السّحر أمر حقيقي، ويدل على ذلك ظاهر الكتاب والأحاديث المشهورة. ولكنهم مختلفون على حقيقة تأثير السّحر فقط في تغيير المزاج، فهو إذن نوع من المرض أو أنّ أثره يصل إلى حدّ التحوّل، يعني انقلاب حقيقة الشيء إلى شيء آخر. مثل الحيوان يصير جمادا، أو بالعكس، والإنسان حمارا أو خروفا أو أسدا وبالعكس.
والجمهور يقولون بذلك.

وأمّا بعضهم فيقول: ليس للسّحر ثبوت ولا وقوع، وهذا كلام باطل ومكابرة لأنّ القرآن والسّنّة يصرّحان بعكس ذلك. والسّحر من الحيل الصناعية الحاصلة بأعمال وأسباب عن طريق الاكتساب (والتعلم). وأكثر العاملين في هذا المجال هم من أهل الفسق والفساد. وإذا كان السّحر في حال الجنابة فتأثيره أشدّ، بل إنّه إذا كانت الجنابة ناشئة عن وطء حرام أو المحارم فإنّه أشدّ تأثيرا. أعاذنا الله من السّحر ومن الساحر.
وقد نقل بإسناد صحيح أنّ اليهود (في المدينة) قد سحروا النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد كان مفعول السّحر ظاهرا كالنسيان وتخيّل بعض الأمور وضعف القوّة الجنسية وأمثال ذلك، وتاريخ وقوع هذا الأمر بعد الرجوع من الحديبية في شهر ذي الحجّة من السنّة السادسة للهجرة، وطول أثر هذه الحادثة استمر أربعين يوما- كما في إحدى الروايات.- وفي أخرى لمدّة ستّة أشهر، وفي رواية منقولة لمدة سنة، إلى أن ذات ليلة كان في صحبة السّيّدة أم المؤمنين عائشة الصّدّيقة، فأخذ يدعو ويتضرّع، ثم قال: يا عائشة: هل تعلمين بأنّ الله قد أجابني عما سألته: لقد نزل شخصان وجلسا، أحدهما عند رأسي والآخر عند قدمي، فسأل أحدهما الآخر:

ما به؟ وما وجعه؟ فقال: مطبوب (مسحور) فقال: من (طبّه) فقال: لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: في ماذا؟ قال: في مشاطة (يعني:
ما يتساقط من شعر بعد استعمال المشط) قي قف نخلة ذكر. قال: أين وضعها؟ قال: في بئر ذروان. وفي رواية بئر أردان. ثم ذهب النبي صلّى الله عليه وسلم مع عدة من الصحابة إلى ذلك البئر واستخرج منه ذلك الشيء الذي مرّ وصفه.
وجاء في رواية أنّهم عثروا على وتر قوس معقود إحدى عشرة عقدة، فنزلت سورتا الفلق والناس، وكلّما قرءوا آية انحلّت عقدة. وعدد آياتهما هي إحدى عشرة آية.
وجاء في رواية أنّهم وجدوا ضلع نخل وفيه مثال لشخص النبي صلّى الله عليه وسلم من الشمع وقد غرزت فيها بعض الإبر، وفيها خيط معقود عليه إحدى عشرة عقدة، ثم قرءوا المعوّذتين، فبدأت تنفكّ العقد، ثم سحبوا الإبر وكلما سحبوا واحدة وجد السكينة والراحة. (پس تر دانستنى است). ومعلوم أنّ تأثير السّحر في ذات النبي المبارك ليس بمدعاة إلى النقص، بل إنّ ذلك من دلائل النبوّة لأنّ الكفار اتهموا النبي بأنّه ساحر، ومعلوم أنّ السّاحر لا يؤثّر فيه السّحر.
ثم مــعرفــة السّحر وأدواته ومكان وجوده بغير سحر آخر من معجزات النّبوّة. والغرض إذن هو تأثير السّحر على النبي صلّى الله عليه وسلم إنّما هو من أجل هذه المصالح والحكم، وقد وردت في هذا الموضوع أحاديث صحيحة غير قابلة للإنكار.

هيا

هيا: هَيُّ بن بَيّ، وهَيَّانُ بن بَيّانَ: لا يُــعرف هو ولا يُــعرف

أَبوه. يقال: ما أَدري أَيُّ هَيِّ بن بَيٍّ هو، معناه أَي أَيُّ الخَلْقِ هو.

قال ابن بري: ويقال في النسب عَمرو بن الحرثِ بن مُضاض بن هَيِّ بن

بَيِّ ابن جُرْهُم، وقيل: هَيَّانُ بن بَيَّانَ، كما تقول طامِرُ ابن طامِر

لمن لا يُــعْرَف ولا يُــعرف أَبوه، وقيل: هيّ بن بيٍّ كان من ولد آدم فانقرض

نسله، وكذلك هَيَّانُ بن بَيَّانَ. قال ابن الأَعرابي: هو هَيُّ بن

بَيٍّ، وهَيَّانُ بن بَيَّانَ، وبَيُّ بن بَيٍّ، يقال ذلك للرجل إِذا كان

خَسِيساً؛ وأَنشد ابن بري:

فأَقْعَصَتْهُمْ وحَطَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،

وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ

وقال ابن أَبي عيينة:

بعِرْضٍ من بَني هَيِّ بن بَيٍّ؛

وأَنْذالِ المَوالي والعَبيدِ

الكسائي: يقال يا هَيَّ ما لي؛ معناه التَّلَهُّف والأَسى؛ ومعناه: يا

عَجَبا ما لي،وهي كلمة معناها التعجب، وقيل: معناها التأَسف على الشيء

يفوت، وقد ذكر في الهمز؛ وأَنشد ثعلب:

يا هَيَّ ما لي: قَلِقَتْ مَحاوِرِي،

وصار أَشْباهُ الفَغا ضَرائرِي

قال اللحياني: قال الكسائي يا هَيَّ ما لي ويا هَيَّ ما أَصحابك، لا

يهمزان، قال: وما في موضع رفع كأَنه قال يا عَجَبي؛ قال ابن بري: ومنه قول

حميد الأَرقط:

أَلا هَيَّما. مِمَّا لَقِيتُ وهَيَّما،

ووَيْحاً لمَنْ لم يَدْرِ ما هُنَّ وَيْحَما

الكسائي: ومن العرب مَن يتعجب بهَيَّ وفَيَّ وشَيَّ، ومنهم من يزيد ما

فيقول يا هَيَّما ويا شَيَّما ويا فَيَّما أَي ما أَحسن هذا، وقيل: هو

تَلَهُّفٌ؛ وأَنشد أَبو عبيد:

يا هَيَّ ما لي، مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِه

مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ

الفراء: يقال ما هَيَّانُ هذا أَي ما أَمْرُه؟ ابن دريد: العرب تقول

هَيِّكَ أَي أَسْرِعْ فيما أَنت فيه. وهَيا هَيا: كلمة زَجْر للإِبل؛ قال

الشاعر:

وجُلُّ عِتابِهِنَّ هَيا وهَيْدُ

قال: وهِي وها من زجر الإِبل، هَيْهَيْت بها هَيْهاة وهَيْهاء؛ وأَنشد:

مِنْ وَجْسِ هَيْهاءٍ ومِنْ يَهْيائِه

وقال العجاج:

هَيْهاتَ مِنْ مُنْخَرِقٍ هَيْهاؤه

قال: وهَيْهاؤه معناه البُعْدُ والشيء الذي لا يُرْجَى. أَبو الهيثم:

ويقولون عند الإِغراء بالشيء هِي هِي، بكسر الهاء، فإِذا بَنوا منه فعلاً

قالوا هَيْهَيْتُ به أَي أَغْرَيْتُه. ويقولون: هَيَّا هَيَّا أَي

أَسْرِعْ إِذا حدوا بالمَطِيّ؛ وأَنشد سيبويه:

لَتَقْرُبِنَّ قَرَباً جُلْذِيّا

ما دامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّا،

وقد دَجا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا

وحكى اللحياني: هاه هاه. ويحكى صوت الهادِي: هَيْ هَيْ ويَهْ يَهْ؛

وأَنشد الفراء:

يَدْعُو بِهَيْها مِن مُواصلةِ الكَرَى

ولو قال: بِهَيْ هَيْ، لجاز.

وهَيا: من حروف النداء، وأَصلها أَيا مثل هَراق وأَراق؛ قال الشاعر:

فأَصاخَ يَرْجُو أَنْ يكُونَ حَيّاً،

ويقُولُ مِنْ طَرَبٍ: هَيا رَبَّا

(* قوله « فأصاخ يرجو إلخ» قبله كما في حاشية الامير على المغني:

وحديثها كالقطر يسمعه * راعي سنين تتابعت جدبا)

الفراء: العرب لا تقول هِيَّاكَ ضَرَبْت ويقولون هِيَّاك وزَيْداً؛

وأَنشد:

يا خالِ هَلاَّ قُلْتَ، إِذْ أَعْطَيْتها:

هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ

أَعْطَيْتَنِيها فانِياً أَضْراسُها،

لو تُعْلَفُ البَيْضَ به لم يَنْفَلِقْ

وإِنما يقولون هِيَّاك وزَيْداً إِذا نَهَوْكَ، والأَخفش يجيز هِيَّاكَ

ضَرَبْت؛ وأَنشد:

فَهِيَّاكَ والأَمْرَ الذي إِن تَوَسَّعَتْ

مَوارِدُه، ضاقَتْ عَلَيْكَ المَصادِرُ

وقال بعضهم: أَيَّاك، بفتح الهمزة ثم تبدل الهاء منها مفتوحة أَيضاً

فتقول هَيَّاكَ. الأَزهري: ومعى هِيَّاك إِياك، قلبت الهمزة هاء. ابن سيده:

ومن خفيف هذا الباب هِي، كناية عن الواحد المؤنث. وقال الكسائي: هي

أَصلها أَن تكون على ثلاثة أَحرف مثل أَنت، فيقال: هِيَّ فَعَلَت ذلك، وقال:

هِيَّ لغة هَمْدانَ ومَن في تلك الناحية، قال: وغيرهم من العرب يخففها،

وهو المجتمع عليه، فيقول: هِيَ فَعَلت ذلك. قال اللحياني: وحكى عن بعض بني

أَسد وقيس هِيْ فعلت ذلك، بإسكان الياء. وقال الكسائي: بعضهم يلقي الياء

من هي إِذا كان قبلها أَلف ساكنة فيقول حَتَّاه فَعَلَتْ ذلك، وإنَّماهِ

فعلت ذلك؛ وقال اللحياني: قال الكسائي لم أَسمعهم يلقون الياءَ عند غير

الأَلف، إِلا أَنه أَنشدني هو ونُعيم:

دِيارُ سُعْدَى إِذْهِ مِنْ هَواكا

بحذف الياء عند غير الأَلف، وسنذكر من ذلك فصلاً مستوفى في ترجمة ها من

الأَلف اللينة، قال: وأَما سيبويه فجعل حذف الياء الذي هنا ضرورة؛ وقوله:

فقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتاعاً وأَرْقَني

فقُلْتُ: أَهْيَ سَرَتْ أَمْ عادَني حُلُمُ؟

إِنما أَراد هِي سَرَتْ، فلما كانت أَهِيَ كقولك بَهِيَ خفف، على قولهم

في بَهِيَ بَهْيَ، وفي عَلِمَ عَلْمَ، وتثنية هي هُما، وجمعها هُنَّ،

قال: وقد يكون جمع هَا من قولك رأَيتها، وجمع ها من قولك مررت بها.

(هيا) من حُرُوف النداء وَأَصلهَا أيا وهيا هيا كلمة زجر لِلْإِبِلِ
[هيا] هيا من حروف النداء، وأصلها أيا، مثل هراق وأراق. قال الشاعر:

ويقول من طرب هيا ربا

هيا: هَيا: من حروفِ النَّداء، وأَصلها أَيا مثل هَراقَ وأَراقَ؛ قال

الشاعر:

فأَصاخَ يَرْجُو أَن يكون حَيّاً،

ويقولُ من طَرَبٍ: هَيا رَبَّا

هـ ي ا: (هَيَا) مِنْ حُرُوفِ النِّدَاءِ وَأَصْلُهَا أَيَا مِثْلُ أَرَاقَ وَهَرَاقَ. 
هـيا
هَيَا [كلمة وظيفيَّة]: حرف لمناداة البعيد مكانا أو منزلة وأصله أيا "هيا فاعل الخير أبشرْ- *فقال هَيَا ربّاه ضَيْفٌ ولا قِرًى*". 

هَيَا هَيَا [كلمة وظيفيَّة]: صوت لزجر الإبل. 
هيا: من زَجْر الإبل. قال الكميت :

[مُعاتبةً لَهُن حلا وحوبا] ... وجلُّ عتابِهِنَّ هَيا وهيدُ

وهيهيت بالإبل هيهاةً وهِيهاءً: [دعوتها وزَجَرْتها] ، قال 

من وَحْشِ هِيهاةٍ ومنْ هِيهائِها

وإذا تركوا التأنيث مدّوا، قال رؤبة : وهيهاؤه ههنا بمعنى البُعْد، والشَّيء الذي لا يُرجَى، ومن قال: ها فحكاه قال: ها هيت، وأعلم أن ابتداء الحكاية المضاعفة جائزٌ ابتداعُها عندَ العَرَب، لأن كلاًّ يَحكي على ما تَوَهَّم من جَرْس نَغْمَة أو حِسِّ حَرَكة.

هيا
: (! هَيَا: من حُروفِ النِّداءِ أَصْلُه أَيَا) ، مِثْلُ هَراقَ وأَراقَ؛ قَالَ الشاعرُ:
فأَصاخَ يَرْجُو أَن يكونَ حَيّاً ويقولُ من طَرَبٍ هَيارَبَّا وَقَالَ آخرُ:
هَيا أُمَّ عَمْرٍ ووهَلْ ليَ اليَوْم عِنْدَكمْبغَيْبَةِ أَنْصارِ الوُشاةِ رَسُولُ؟ قَالَ الزَّمَخْشري فِي المُفَصَّل: يَا وأَيَا {وهَيا لنِداءِ البَعِيدِ أَو لمَنْ هُوَ بمنْزِلَةِ البَعِيدِ مِن نائِمٍ أَو ساهٍ، فَإِذا نُودِي بهَا من عَدّاهُم فللحِرْصِ على إقْبالِ المَدْعُو عَلَيْهِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} هِيَّاكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا: لُغَةٌ فِي إيَّاك؛ وَقد ذُكِرَ فِي محلَّه.
[هيا] نه: فيه: أقيلوا ذوي "الهيئات" عثراتهم، هم الذين لا يــعرفــون بالشر فيزل أحدهم الزلة، والهيئة: صورة الشيء وشكله وحالته، ويريد به ذوي الهيئات الحسنة الذين يلزمون هيئة واحدة وسمتا واحدًا، ولا تختلف حالاتهم بالتنقل من هيئة. ط: يعني أصحاب المروءات والخصال الحميدة، وقيل: هم ذوو الوجوه بين الناس، وقيل: أهل الصلاح والورع، ويعني بالعثرات صغائر الذنوب، فاستثناء الحدود منقطع. ك: وفيه: لست "كهيئتكم"، أي ليس حالي مثل حالكم، أو لفظ الهيئة زائدة أي لست كأحدكم. وفيه: فمكثا على "هيئتنا" حتى رجع، بفتح هاء وسكون تحتية وفتح همزة أي صورة كنا عليها من القيام في الصفوف، وروى: هينتنا - بكسر هاء وسكون تحتية وفتح نون بلا همزة. ن: فما زال يسير على "هيئته" - بمفتوحة فياء فهمزة، وروى بمكسورة وبنون. وح: "هيأت" شيئًا - مر في شيء.
(هيا) كلمة نهي تلحقها كَاف الْخطاب يَقُولُونَ هياك وزيدا إياك

غير

غير

1 غَارَ أَهْلَهُ, (S, Msb,) and غار لَهُمْ, (TA,) aor. ـِ inf. n. غِيَارٌ (S, Msb) and غَيْرٌ, (Msb, TA,) i. q. مَارَهُمْ, (S, Msb, TA,) i. e. He brought, or conveyed, to his family, مِيرَة [or a provision of corn, or wheat, &c.] (Msb.) [See also art. غور.]

b2: And He benefited them. (S, K, * TA.) 'AbdMenáf Ibn-Riba El-Hudhalee says مَا ذَا يَغِيرُ ابْنَتَىْ رِبْعٍ عَوِيلُهُمَا [What will their loud weeping benefit, or avail, the two daughters of Riba?] meaning that their weeping for their father will not avail them aught in lieu of seeking his blood-revenge. (S, TA.) Yousay غَارَهُمْ بِخَيْرٍ, (S, K, TA,) aor. and inf. n. as above, (TA,) He (God) bestowed upon them abundance of the produce of the earth, and rain; (TA in art. غور;) like as you say أَعْطَاهُمْ خَيْرًا: (S, K:) and so غارهم بِرِزْقِ [He bestowed upon them means of subsistence]. (TA.) And اَللّٰهُمَّ غِرْنَا بِخَيْرٍ (S, Msb) O God, benefit us with prosperity. (Msb.) And غَارَهُمْ بِمَطَرٍ He (God) watered them with rain, (S, K, TA,) and bestowed upon them abundance of the produce of the earth. (TA.) And غَارَ الأَرْضَ الغَيْثُ The rain watered the land. (Fr, S.) [See also art. غور.]

A2: غَارَهُ, aor. ـِ (AO, S, K,) inf. n. غَيْرٌ, (TA,) He gave him the bloodwit; (AO, S, K;) as also غارهُ, aor. ـُ (AO, S, TA;) مِنْ أَخِيهِ [for his brother]: and so ↓ غيّرهُ. (TA.) [See غِيرَةٌ.]

A3: غَارَ عَلَى أَهْلِهِ, (S,) or على امْرَأَتِهِ, (Msb, K,) aor. ـَ inf. n. غَيْرَةٌ, (S, Msb, K,) with fet-h, (S, Msb, TA,) and غَيْرٌ and غَارٌ (S, Msb, K) and غِيَارٌ, (K,) [He was jealous of his wife:] he was jealous for her (مِنْ فُلَانٍ of such a one: Mgh): [he was careful of her, to avoid suspicion: or he regarded her conduct with disdain, scorn, or indignation: (see غَيْرَةٌ, below:) or] he was angry at the conduct, or action, of his wife. (Msb.) And غَارَتِ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ [His wife was jealous of him: &c.]. (M, b, K.) [See also art. غور.] And you say also, فُلَانٌ لَا عَلَى أَهْلِهِ ↓ يَتَغَيَّرُ, meaning لَا يَغَارُ [Such a one is not jealous of his wife: &c.]. (TA.) 2 غيّر الشَّىْءَ, (S, Msb, K, *) inf. n. تَغْيِيرٌ, (Msb,) He made the thing other than it was; (K;) made it cease to have the quality which it had; (Msb;) altered it; changed it. (K.) He, or it, altered, or changed, the thing in odour, or otherwise, for the worse; corrupted, tainted, or infected, it; rendered it ill-smelling, stinking, fetid, rancid, rank, fusty, or frouzy. (The lexicons passim.) It is said in the Kur [viii. 55], ذٰلِكَ بِأَنَّ اللّٰهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [This was because God changeth not favour which He hath conferred upon a people until they change what is in themselves: or] until they change what God hath commanded them to do. (Th, TA.) b2: [And He exchanged the thing for another thing.]

b3: غيّر الشَّيْبَ He plucked out the white, or hoary, hairs. (TA.) b4: غيّر عَنْ بَعِيرِهِ He put down the saddle from his camel, and put it to rights, or adjusted it, or repaired it. (TA.) One says تَرَكَ القَوْمَ يُغَيِّرُونَ He left the people putting to rights, or adjusting, or repairing, the camels' saddles. (S, TA.) A2: See also 1, latter half.3 غَاْيَرَ [غَايَرَا, inf. n. مُغَايَرَةٌ, They differed, each from the other.] You say بَيْنَهُمَا مُغَايَرَةٌ Between them two is a difference. (Msb.) [See also 6.]

A2: غايرهُ, (S, K,) inf. n. مُغَايَرَةٌ, (S,) He bartered, or exchanged, with him, in buying and selling. (S, K.) And غايرهُ بِالسِّلْعَةِ, inf. n. as above, He bartered, or exchanged, the article of merchandise with him. (TA.) And غاير السِّلْعَةَ, (TA,) inf. n. غِيَارٌ, (S, K, TA,) He exchanged the article of merchandise. (S, * K, * TA.) El-Aashà says فَلَا تَحْسِبَنِّى لَكُمْ كَافِرًا وَلَا تَحْسِبَنِّى أُرِيدُ الغِيَارَا [Therefore do thou by no means think me ungrateful towards you; and do thou by no means think I desire the making an exchange]. (S, TA.) 4 اغار أَهْلَهُ [He made his wife jealous;] he married another in addition to his wife, so she became jealous (غارت): (As, A'Obeyd, Msb, K:) belonging to this art. and to art. غور. (TA.) 5 تغيّر quasi-pass. of غيّر, (S, Msb,) [It became other than it was;] it ceased to have the quality which it had; (Msb;) it became altered, or changed, عَنْ حَالِهِ, from its state or condition. (K.) It became altered, or changed, in odour, or otherwise, for the worse; turned, or turned bad; became corrupted, spoiled, tainted, infected, illsmelling, stinking, fetid, rancid, rank, fusty, or frouzy. (The lexicons passim.) b2: [And It became exchanged for another thing.] b3: See also 1, last signification.6 تغايرت الأَشْيَآءُ The things differed, one from another. (S.) 8 اغتار He procured مِيرَة [a provision of corn, or wheat, &c.]. (K.) You say خَرَجَ يَغْتَارُ لِأَهْلِهِ He went forth to procure ميرة for his family. (Fr, Sgh.) b2: He derived, or obtained, benefit, advantage, or profit. (TA.) See also art. غور.

غَيْرٌ signifies i. q. سِوًى [Other]: and the pl. is أَغْيَارٌ: (S:) [but غَيْر itself often has a pl. meaning, as will be seen in what follows:] or [accord. to general usage, as will be seen below,] غَيْرُ signifies i. q. سِوَى [other than; exclusively of; or not, as used before a substantive or an adjective]. (Msb, K: in the CK [erroneously] سِوًى.) It is used to qualify a subst.; [governing (as a prefixed noun) the noun that follows it in the gen. case;] and when so used, it is put in the same case as the noun preceding it. (S.) It qualifies an indeterminate noun: (Mughnee, Msb:) you say جَآءَنِى رَجُلٌ غَيْرُكَ [A man, other than, or not, thou, came to me]: (Msb:) and نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ [We will in that case do good, other than, or not, what we used to do: (Kur xxxv. 34:)]: (Mughnee:) and مِنْ مَآءٍ غَيْرِ آسِنٍ

[Of water other than, or not, altered in taste and colour]. (Kur xlvii. 16.) It is a noun necessarily prefixed, as to the sense, to a noun which it governs in the gen. case: but sometimes it is without the latter, when the meaning is understood and it is preceded by لَيْسَ, (Mughnee, K,) or by لَا: (K:) [in which case it signifies Any other person or thing; any person or thing beside, or else:] you say قَبَضْتُ عَشَرَةً لَيْسَ غَيْرُهَا [I received ten; not other than they was received by me; i. e., not any other thing; or not anything beside, or else]; (Mughnee, K;) the enunciative, مَقْبُوضًا, being suppressed: (Mughnee:) and ليس غَيْرَهَا, (Mughnee, K;) the noun [of ليس] being understood; i. e., لَيْسَ المَقْبُوضُ غَيْرَهَا: (Mughnee:) and ليس غَيْرَ; in which the affixed noun [ for المضاف, in the K, I read المضاف اليه, as in the Mughnee,] is suppressed, and the noun [of ليس] is also understood: (Mughnee, K:) and ليس غَيْرُ; (Mughnee, K;) in which, accord. to Mbr, and the later authors, غير is indecl., being likened to قَبْلُ and بَعْدُ, so that it may be either the noun or the enunciative [of ليس] or, accord. to Akh, it is decl., because it is not a noun of time like قَبْلُ and بَعْدُ, nor of place like فَوْقُ and تَحْتُ, but like كُلٌّ and بَعْضٌ, so that it is the noun [of ليس], and the enunciative is suppressed; (Mughnee;) or it may be either indecl. or decl., (Mughnee, K,) accord. to Ibn-Kharoof: (Mughnee:) and ليس غَيْرًا, and ليس غَيْرٌ; (Mughnee, K;) in both which cases it is decl., as though the affixed noun were mentioned: (Mughnee:) and لَا غَيْرُ; for the saying, [which we find in the Mughnee,] app. taken from a statement of Seer, that this is incorrect, is not good, since it occurs in the following verse, cited by Ibn-Málik; جَوَابًا بِهِ تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنَا لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لَا غَيْرُ تُسْأَلُ [Aim thou at having an answer by which thou mayest be safe; for, by our Lord, respecting an action which thou shalt have done before, not any other thing, or not anything beside or else, thou wilt be asked]. (K.) b2: It does not become determinate by its being prefixed to another noun, because it is very vague: but it is also applied as an epithet to a determinate noun which is near to being indeterminate; as in صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [The way of those upon whom Thou hast conferred favour; the other than, or those who are not, the objects of anger; (Kur i. 6 and 7;)] because the noun rendered determinate by the art. ال denoting a genus is near to being indeterminate, and because when غير occurs between two contraries its vagueness becomes weakened, (Mughnee, K, *) or altogether departs: (K:) or it is here applied as an epithet to a determinate noun because it resembles a determinate noun in its being prefixed to such a noun: (Msb:) Az says that غير is here in the gen. case because it is an epithet to الذين; and that it may be an epithet to [what is technically termed in this instance] a determinate noun [as having the article ال prefixed to it] because الذين has not [in itself] a direct meaning (لِأَنَّ الَّذِينَ غَيْرُ مَصْمُودٍ صَمْدُهُ), [it being merely a conjunct noun, the meaning of which is determined by what follows it,] notwithstanding it has the art. ال prefixed to it: Abu-l-'Abbás says that Fr holds الذين to have the office of an indeterminate noun; and غير to be an epithet of it; not of any other noun; but that غير, accord. to some, may be an epithet relating to the nouns implied in انعمت عليهم, these not having a direct meaning: Akh says that غير [with what follows] is a substitute [for الذين with what follows], as though the meaning were صِرَاطَ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [the way of those who are not the objects of anger]. (TA.) The reading غَيْرَ is also related, on the authority of Ibn-Ketheer, in the accus. case, as a denotative of state, [meaning they being not the objects of anger,] relating to the pronoun governed in the gen. case by the prep. [in عليهم]; or by أَعْنِى [I mean] understood; or as an exceptive, [accord. to a usage to be explained below,] if the favours be interpreted as conferred in common upon the two classes of persons. (Bd.) b3: As it resembles a determinate noun in its being prefixed to a determinate noun, [as المغضوب in the above-cited passage of the Kur,] some have presumed to prefix to it the article ال: but against this it may be urged, that its prefixion to a determinate noun is not to render the expression determinate, but for specification; and ال does not imply specification. (Msb.) b4: In the following verse of Hassán, أَتَانَا فَلَمْ نَعْدِلْ سِوَاهُ بِغَيْرِهِ نَبِىٌّ بَدَا فِى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ هَادِيَا the meaning is, [A prophet came to us, who appeared in the darkness of night, a director in the right way,] and we did not weigh another than him with another than the other, i. e., with him. (Mughnee.) b5: [وَغَيْرُ ذٰلِكَ is a phrase of frequent occurrence, meaning Et cœtera.] b6: غَيْرُ is also used in the sense of لَيْسَ [He, or it, is not]; as in the phrase كَلَامُ اللّٰهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ [The word of God is not created], syn. لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ. (Az, TA.) b7: It is also used in the sense of لَا [meaning Not, as used before a participle]; (S, K;) and then it is in the accus. case, as a denotative of state; (S;) as in the phrase فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ, (S, K,) in the Kur [ii. 168, and other places], (S,) i. e., جَائِعًا لَا بَاغِيًا [But whosoever is necessitated, being hungry, not transgressing the due bounds]. (S, K.) b8: It is also used as an exceptive, (S, Mughnee,) in the sense of إِلَّا [Except; save; or but]; (Msb, K;) and then it is put in the same case in which the word following إِلَّا would be put in the same phrase, (S, Mughnee, Msb, K,) because it is originally a qualificative, and its use as an exceptive is adventitious: (S:) therefore you say جَآءَ القَوْمُ غَيْرَ زَيْدٍ [The people came, except Zeyd]; and مَا جَآءَنِى أَحَدٌ غَيْرَ زَيْدٍ and غَيْرُ زَيْدٍ [Not any one came to me, except Zeyd]: (Msb, K:) or its case depends upon the governing words, so that you say مَا قَامَ غَيْرُ زَيْدٍ

[No one stood, except Zeyd], and مَا رَأَيْتُ غَيْرَ زَيْدٍ

[I saw not any, except Zeyd]: (Msb:) but Fr says that some of the Benoo-Asad and Kudá'ah put غير in the accus. case, when used in the sense of إِلَّا, whether the phrase before it be complete or incomplete; saying مَا جَآءَنِى غَيْرَكَ [Not any one came to me, except thou], and ما جاءنى أَحَدٌ غَيْرَكَ [Not any one came to me, except thou]: (S, Msb:) and AA says that when غير has the place of إِلَّا, it is put in the accus. case. (Msb.) In the saying لَا إِلٰهَ غَيْرُ اللّٰهِ [There is no deity other than God], غير is in the nom. case because it is the enunciative of لا; but it may be put in the accus. case, as meaning إِلَّا. (Msb.) When, as an exceptive, it is prefixed to an indecl. word [and not preceded by a prep.], it may be itself indecl., with fet-h for its termination; as in the following verse; لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ حَمَامَةٌ فِى غُصُونٍ ذَاتِ أَوْقَالِ [Nought prevented the drinking from it, except that a pigeon cooed, upon branches having اوقال, which app. means stumps of cut shoots]. (Mughnee, K.) [See also an ex. (of غَيْرَ أَنَّ) in a verse cited voce بَيْدَ.] b9: [It is often used with a prep.; as in بِغَيْرِ حِسَابٍ Without reckoning; (Kur ii. 208, &c.;) and مِنْ غَيْرِ سُوْءٍ Without leprosy. (Kur xx. 23, &c.)]

A2: غَيْرٌ (JK, K) and (JK) ↓ غِيَرٌ (JK, S) signifying The act of altering, or changing, i. q. تَغْيِيرٌ, (JK,) are substs. from غَيَّرَهُ; (S with respect to the latter, and K with respect to the former;) not inf. ns., as having no unaugmented verb. (TA.) b2: [Hence,] الدَّهْرِ ↓ غِيَرُ, the former of these two words being of the same measure as عِنَب, The accidents, or casualties, of time or fortune, which alter, or change, things: (K:) [or alteration, or change, of time or of fortune; for] IAmb says, with respect to the saying لَا أَرَانِى اللّٰهُ بِكَ غِيَرًا [May God not show me, in thee, alteration of state], that غِيَرٌ is from تَغَيُّرُ الحَالِ, a subst. like قِطَعٌ [as meaning “ a portion of the night ”]; or that it may be a pl., of which the sing. is ↓ غِيْرَةٌ. (TA.) b3: [Hence also,] بَنَاتُ غَيْرٍ [or ↓ غِيَرٍ, as in Freytag's Arab. Prov. i. 309,] (tropical:) Lying: or a lie, or falsehood: syn. كَذِبٌ: (TS, K:) or [rather] lies. (JK, A.) You say جَآءَ بِبَنَاتِ غَيْرٍ [or ↓ غِيَرٍ] (tropical:) He uttered lies. (A.) غِيَرٌ: see غَيْرٌ, last quarter, in four places: b2: and see also غِيرَةٌ.

غَيْرَةٌ [Jealousy;] a man's dislike of another's participating in that which is his [the former's] right: (Kull p. 268:) or care of what is sacred, or inviolable, to avoid suspicion: or disdain; scorn; or indignation: syn. حَمِيَّةٌ and أَنَفَةٌ: (TA:) or anger at the conduct, or action, of a wife. (Msb.) [See 1, last signification.]

غِيرَةٌ A provision of corn, or wheat, &c., which a man procures for himself; syn. مِيرَةٌ; (S, Msb, K,) as also ↓ غِيَارٌ: (TA:) [or the latter is probably syn. with مِيرَةٌ used in the sense of an inf. n.:] pl. of the former غِيَرٌ. (Msb.) [See art. غور.]

A2: See also غَيْرٌ, last sentence but two. b2: Also A bloodwit; (AA, S, K;) syn. دِيَةٌ: (AA, S: *) and غِوَرٌ is a dial. var. thereof: (TA in art. غور:) pl. ↓ غِيَرٌ: (AA, S, K:) or, as some say, this is a sing., (S, TA,) of the masc. gender; TA;) and the pl. is أَغْيَارٌ: (S, TA:) and the دِيَة is said to be termed غِيَرٌ because it is a substitute for retaliation. (TA.) غَيْرَانُ; fem. غَيْرَى: see غَيُورٌ, in two places.

غِيَارٌ The cognizance, or badge, of the free nonmuslim subjects of a Muslim government; such as the زُنَّار [or waist-belt] (Mgh, K) to the Magians, (Mgh,) and the like: (Mgh, K:) or, as some say, the cognizance, or badge, of the Jews. (TA.) b2: كَلامٌ بِغِيَارِهِ (assumed tropical:) Speech, or language, having its own proper guise; not altered therefrom. (Msb in جلف.) A2: See also غِيرَةٌ.

غَيُورٌ and ↓ غَيْرَانُ (S, Msb, K) and ↓ غَيَّارٌ (TA) and ↓ مِغْيَارٌ (S, K) epithets [all of which are intensive] from غَارَ عَلَى أَهْلِهِ, (S, Msb, K,) i. e., from الغَيْرَةُ: (TA:) [Very jealous: &c.: see غَيْرَةٌ:] and غَيُورٌ and غَيْرَى (S, Msb, K) and غَيَّارَةٌ (TA) signify the same applied to a woman: (S, Msb, K:) the pl. of غَيُورٌ is غُيُرٌ, (S, Msb, K,) masc. and fem., (S, K,) and he who says رُسْلٌ [for رُسُلٌ] says غُيْرٌ [or غِيرٌ?]; (TA;) and of ↓ غَيْرَانُ, غَيَارَى and غُيَارَى; (S, Msb, K;) and of غَيْرَى, also, غَيَارَى (S, Msb, K) and غُيَارَى; (Msb;) and of ↓ مِغْيَارٌ, مَغَايِيرُ. (S, K.) غَيَّارٌ: see the next preceding paragraph.

أَغْيَرُ مِنَ الحُمَّى [More jealous than fever:] because a fever cleaves fast to its patient, like as a very jealous woman cleaves to her husband. (TA.) أَرْضٌ مَغِيرَةٌ and ↓ مَغْيُورَةٌ, Land watered: (S, K:) or rained upon: (TA:) the former [like the latter] is with fet-h to the م. (S.) مُغَيِّرٌ One who puts down the furniture of his camel from off him, to relieve and ease him. (TA.) مِغْيَارٌ: see غَيُورٌ, in two places.

ارض مَغْيُورَةٌ: see مَغِيرَةٌ.
(غير) : الغِيارُ: أَعْلَى الجَبَل.
(غير) فلَان عَن بعيره حط عَنهُ رَحْله وَأصْلح من شَأْنه يُقَال نزل الْقَوْم يغيرون وَالشَّيْء بدل بِهِ غَيره يُقَال غيرت دَابَّتي وغيرت ثِيَابِي وَجعله على غير مَا كَانَ عَلَيْهِ تَقول غيرت دَاري إِذا بنيتها بِنَاء غير الَّذِي كَانَ
(غ ي ر) : (الْغِيَارُ) عَلَامَة أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالزُّنَّارِ لِلْمَجُوسِ وَنَحْوِهِ (وَقَوْلُهُ) فِي السِّيَرِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ فَلَا يُغَيِّرُونَهُ وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ غَيْر مُعْجَمَة مِنْ التَّعْيِيرِ اللَّوْمُ وَالْأَوَّل أَصَحُّ (وَغَارَ) عَلَى أَهْلِهِ مِنْ فُلَانٍ غَيْرَةً مِنْ بَاب لَبِسَ (وَمِنْهُ) غَارَتْ أُمُّكُمْ.
غير
الغَيْرَانُ: الرَّجُلُ الغَيُوْرُ، والجمع: الغَيَارى والغُيُرُ والغِيَرُ. والمَرْأةُ غَيْرى غَيُوْرٌ. ورَجُلٌ غارٌ غَيُوْرٌ. وهو لا يَتَغَيَّرُ على أهْلِه: أي لا يَغَارُ. ويقولون: " أغْيَرُ من الفَحْل ". والإِغارَةُ: الدَّفعةُ على القَوْم. وشِدَّةُ فَتْل الحَبْل وفَرَس مُغَارٌ: شَدِيدُ المَفاصِل. والغَيْرُ: النَّفْعُ.
والغِيْرَةُ: المِيْرَةُ، غَارَهم يَغِيْرُهم ويَغُوْرُهم: مارَهُم، وهو الغِيَارُ وجَمْعُها غِيَرٌ. والدِّيَةُ - أيضاً -، وغَيَّرَ فلان فلاناً: أعطاه الدِّيَةَ.
وغارَ الغَيْثً الأرضَ يَغِيْرُها: إذا سَقَاها. وغارَنَا اللهُ بخَيْرٍ. وأرْضٌ مَغِيْرَةٌ ومَغْيُورَة.
وغِرْنا بخَيْرٍ: أي غِثْنا. وغارَ فيه الطَّعامُ يَغِيْرُ: أي نَجِعَ. وغَيْرُ: يكونُ استثناءً ويكون اسْماً، وبعضُ العَرَبِ يُثَنِّيه ويَجْمَعُه. والغَيْرُ: التَّغْيِيْرُ، وكذلك الغِيَرُ في قَوْله: قد بَلَغَ الماءُ الرُّبى فلا غِيَرْ ويُقال للكَذِباتِ: بَنَاتُ غَيْرٍ. وغايَرْتُه بسِلْعَتي: أي بادَلْتُه.
وأغارَ فلانٌ إلى بني فلانٍ إغارَةً: إذا أتاهم ليَنْصُرَهم أو ليَنصرُوه.
(غير) يكون اسْما بِمَعْنى إِلَّا تَقول جَاءَ الْقَوْم غير مُحَمَّد مَعْنَاهُ إِلَّا مُحَمَّدًا ويعرب حِينَئِذٍ إِعْرَاب الِاسْم الْوَاقِع بعد إِلَّا فَهُوَ هُنَا مَنْصُوب على الِاسْتِثْنَاء
وَيكون اسْما بِمَعْنى سوى نَحْو مَرَرْت بغيرك أَي بسواك وَهَذَا غَيْرك بِمَعْنى لَيْسَ نَحْو كلامك غير مَفْهُوم أَي لَيْسَ بِمَفْهُوم ويعرب هُنَا على حسب العوامل
واسما بِمَعْنى لَا نَحْو قَوْله تَعَالَى {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد} كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فَمن اضْطر جائعا لَا بَاغِيا وَلَا عاديا وَنَحْو {غير ناظرين إناه} و {غير محلي الصَّيْد} وَهِي مَنْصُوبَة فِيهَا جَمِيعًا على الْحَال
وَصفَة نَحْو قَوْله تَعَالَى {غير المغضوب عَلَيْهِم} ويعرب حِينَئِذٍ إِعْرَاب الْمَوْصُوف وَهُوَ فِي الْآيَة مجرور لِأَنَّهُ صفة للَّذين
وَهَذَا اللَّفْظ ملازم للإضافة وَقد يقطع عَنْهَا إِن فهم مَعْنَاهُ وَسَبقه (لَيْسَ) أَو (لَا) نَحْو قبضت عشرَة لَيْسَ غير أَو لَا غير
وَيُقَال جَاءَ ببنات غير أَي بأكاذيب وَفعله غير مرّة أَي أَكثر من مرّة وَعِنْدِي غير كتاب أَكثر من كتاب
غ ي ر

غار على أهله من فلان، وأنا أغار عليها من ظلّها ومن شعارها، وفلان لا يتغيّر على ارمأته أي لا يغار. وأغار أهله، ورجل وامرأة غيور، ورجال ونساء غيرٌ وغيارَى. قال الفرزدق:

عصوا بالسيوف المشرفيّة فيهم ... غيارى وألقوا كلّ جفن ومحمل

والدهر ذو غيرٍ. وشكوت إلى فلان فما كان عنده غير أي تغيير. وقبلوا الغير أي الدية وجمعه أغيار، وقيل: هو جمع، والواحد: غيرةٌ. وفي الحديث " إلا الغير تريد ". وقال:

لنجدعنّ بأيدينا أنوفكم ... بني أميمة إن لم تقبلوا الغيرا وغيّرت السلطان: أعطيته الدية. وغايرته بسلعتي: بادلته. وأعلم اليهوديّ بالغيار. ويقول السّفر: غيّروا يا قوم أي قفوا حتى تسووا رحالكم وتغيّروها. قال:

جدّي فما أنت بأرض تغيير ... واعترفي لدلج وتهجير

وتقول: جدّوا في المسير، ما لهم تغوير ولا تغيير.

ومن المجاز: جاء بينات غيرٍ أي بأكاذيب. أنشد ابن الأعرابي:

إذا ما جئت جاء بنات غيرٍ ... وإن ولّيت أسرعن الذهابا

غير


غَارَ (ي)(n. ac. غَيْرغَار []
غَيْرَة)
a. ['Ala], Was jealous of, about.
b. [Min], Envied, was jealous of.
c.(n. ac. غَيْر
غِيَاْر) [acc. & La], Brought provisions to; provided, furnished with.
d. Bestowed upon; benefited, profited.

غَيَّرَa. Changed, altered; transformed.
b. Changed, exchanged, bartered.

غَاْيَرَa. Made an exchange with; bartered with.
b. Differed from.

أَغْيَرَa. Made jealous.

تَغَيَّرَa. see I (a)b. Was changed, altered; was transformed.
c. Was exchanged.
d. [ coll. ], Wasted, grew thin
emaciated.
تَغَاْيَرَa. Were jealous.
b. Differed, were unlike.

إِغْتَيَرَa. see I (c)
غَيْر (pl.
أَغْيَاْر)
a. Difference; change, alteration.
b. Other; another.
c. Not; un-.
d. Except, save —
see idioms below.

غَيْرَة []
a. Jealousy; envy.
b. Rivalry; emulation.
c. Zeal.

غَيْرَى []
a. fem. of
غَيْرَاْنُ
غِيْرa. Provision.

غِيَرa. Changes, vicissitudes, ups & downs of life.

مَغِيْر []
a. Well watered.

غِيَارa. Change, alteration; exchange; permutation.
b. Mark, sign.
c. [ coll. ], Thinness, leanness
emaciation.
غَيُوْر [] (pl.
غُيُر)
a. Jealous.
b. Zealous.

غَيَّار []
a. see 26 (a)
غَيْرَان [] (pl.
غَيَارَى [] )
a. see 26 (a)
مِغْيَار [] (pl.
مَغَاْيِيْرُ)
a. Jealous.
b. Insalubrious, unhealthy ( climate & c. ).
مَغْيُوْر [ N.
P.
a. I]
see 18
مُغَيّار [ N. P.
a. II] [ coll. ], Thin, lean
emaciated.
تَغَايُر [ N.
Ac.
a. VI], Rivalry, emulation.

مُغَيِّرَة
a. Intermittent (fever).
بِغَيْر
a. مِن غَيْرب Without.
لَا عَيْر
a. No one else; nothing else.

غَيْر أَن
a. Unless; but; although, albeit.

جَآءَنِي غَيْرُكَ
a. A man other than thou came to me.

أَخَذْت عَشَرَةً لَا غَيْر
a. I took ten, none other.
مَا جَآءَنِي أَحَدٌ
غَيْرَُكَ
a. No one came to me except thee.

بِغَيْرِ حِسَابٍ
a. Without reckoning.

غَيْرُ خَالِصٍ
a. Impure, not pure.

غَيْرُ ذٰلِكَ
a. Et cætera.
غ ي ر: (الْغِيَرُ) بِوَزْنِ الْعِنَبِ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: (غَيَّرْتُ) الشَّيْءَ (فَتَغَيَّرَ) . قُلْتُ: وَمِنْهُ غِيَرُ الزَّمَانِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ وَجَمْعُهُ (أَغْيَارٌ) . وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: هُوَ جَمْعُ (غِيرَةٍ) . وَ (الْغَيْرَةُ) بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: غَارَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَغَارُ (غَيْرًا) وَ (غَيْرَةً) وَ (غَارًا) وَرَجُلٌ (غَيُورٌ) وَ (غَيْرَانُ) وَامْرَأَةٌ (غَيُورٌ) وَ (غَيْرَى) . وَ (تَغَايَرَتِ) الْأَشْيَاءُ اخْتَلَفَتْ. وَ (غَيْرٌ) بِمَعْنَى سِوًى وَالْجَمْعُ (أَغْيَارٌ) وَهِيَ كَلِمَةٌ يُوصَفُ بِهَا وَيُسْتَثْنَى. فَإِنْ وَصَفْتَ بِهَا أَتْبَعْتَهَا مَا قَبْلَهَا. وَإِنِ اسْتَثْنَيْتَ بِهَا أَعْرَبْتَهَا بِالْإِعْرَابِ الَّذِي يَجِبُ لِلِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إِلَّا. وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ (غَيْرٍ) صِفَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ عَارِضٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: بَعْضُ بَنِي أَسَدٍ وَقُضَاعَةَ يَنْصِبُونَ غَيْرًا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى إِلَّا تَمَّ الْكَلَامُ قَبْلَهَا أَوْ لَمْ يَتِمَّ. فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنِي غَيْرَكَ وَمَا جَاءَنِي أَحَدٌ غَيْرَكَ. وَقَدْ يَكُونُ غَيْرٌ بِمَعْنَى لَا فَتَنْصِبُهَا عَلَى الْحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] كَأَنَّهُ قَالَ فَمَنِ اضْطُرَّ جَائِعًا لَا بَاغِيًا. وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: 1] . 
[غير] الغيرَةُ بالكسر: الميرَةُ. وقد غارَ أهلَه يَغيرهم غِياراً، أي يَميرُهُم وينفعهم. قال الباهلي : ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاَء أو حارِثِيَّةٍ * تُؤَمِّلُ نَهْباً من بَنيها يَغيرُها - أي يأتيها بالغنيمة فقد قُتلوا. قال أبو عبيدة: يقال: غارَني الرجل يَغيرُني ويَغورُني، إذا وَداكَ من الدِيَةِ. والاسم الغيرَةُ أيضاً بالكسر، وجمعها غير. قال الشاعر : لنجدعن بأيدينا أنوفَكم * بَني أمَيَّةَ إن لم تقلبوا الغيرا - وقال بعضهم: إنه واحد، وجمعه أغْيارٌ. والغِيَرُ أيضاً: الاسم من قولك غيرت الشئ فتَغَيَّر . والغَيْرَةُ بالفتح: مصدر قولك: غارَ الرجل على أهله يَغارُ غَيْراً، وغَيْرَةً، وغاراً. ورجلٌ غيورٌ وغَيرانُ، وجمع غَيورٍ غُيُرٌ، وجمع غَيْرانَ غَيارى وغُيارى. ورجلٌ مِغْيارٌ وقومٌ مَغاييرُ، وامرأةٌ غَيورٌ ونِسْوةٌ غُيُرٌ، وامرأةٌ غَيْرى ونِسوةٌ غَيارى. وغارَهُ يُغيرُهُ ويَغورُهُ، أي نَفَعَهُ. قال عبد مناف بن رِبْعٍ الهذليّ: ماذا يَغيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَويلُهُما * لا تَرْقُدانِ ولا بُؤْسى لِمَن رَقَدا - يقول: لا يغني بكاؤهما على أبيهما من طلب ثأره. وغارهم الله بمطر يغيرهم ويَغورُهُمْ، أي سقاهم. يقال: اللهم غِرْنا بخير وغُرْنا بخير. قال الفراء: قد غارَ الغيثُ الأرض يَغيرُها، أي: سقاها. قال: وغارَنا الله بخير، كقولك: أعطانا خيراً. قال أبو ذؤيب: وما حمل البختى عام غياره * عليه الوسوق برها وشعيرها - وأرضٌ مَغيرَةٌ بفتح الميم، ومَغْيورَةٌ، أي مَسْقِيَّةٌ. وغايَرتُ الرجل مُغايَرَةً، أي عارضْتُه بالبيع وبادلتُه. وتغايَرَتِ الاشياء: اختلف. والغيار: البدال . قال الشاعر الأعشى: فلا تَحْسَبَنِّي لكم كافِراً * ولا تَحْسَبَنِّي أريدُ الغِيارا - وقولهم: نزل القوم يُغَيِّرونَ، أي يُصلِحون الرِحالَ. وغَيْرُ بمعنى سِوى، والجمع أغْيارٌ. وهي كلمةٌ يوصف بها ويستثنى، فإن وصفتَ بها أتبعتَها إعرابَ ما قبلها، وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد إلا. وذلك أنّ أصل غَيْرَ صفةً والاستثناء عارض. قال الفراء: بعض بنى أسد وقضاعة ينصبون غيرا إذا كان في معنى إلا، تم الكلام قبلها أولم تيم. يقولون: ما جاءني غيرك، وما جاءني أحد غيرك. وقد تكون غير بمعنى لا فتنصبها على الحال، كقوله تعالى:

(فَمَنِ اضْطَرَّ غَيْرَ باغ ولاعاد) *، كأنه قال: فمن اضطُرَّ جائعاً لا باغياً. وكذلك قوله:

(غير ناظرين إناده) *، وقوله:

(غير محلى الصيد) *.
غير: غَيَّرَ (بالتشديد): تغيير الخضر بالازبال: نثر على النباتات غبار السماد، (ابن العوام: 1، 114، 2، 139).
ويقال مجازاً: تغبير السوابق في مضمار التحصيل أي التفوق على جميع الطلاب (المقري 1: 859). وغبَّر في وجوه جميع كرام الملوك. أي فاق جميع كرام الملوك (الفخري ص27). تغبير. (انظر لين) تهليل وتطريب وترتيل القرآن. (المقدمة 2: 359).
أغبر على: أخفى. ففي ألف ليلة (برسل 3: 115)! ومَنْ أخفاه وأغبر عليه. وعند بوسييه: غَبَر بهذا المعنى.
غبرة: غُبار، وعند دومب (ص55) غَبْرة.
غبرة: سحابة غُبار (بوشر) وجمعها غبرات (كرتاس ص149، 218).
غبرة وعفرة: ضوضاء، جَلَبة، ضجيج، صَخَب. (ميهرن ص32).
غبرة: شرر .. (المعجم اللاتيني- العربي) وفيه ( Fubilla شَرر ولهيب وغبْرة.).
غُبرَة: سواد. (فوك). لاحظ الجمع في ألف ليلة (2: 110) قال الخليفة: إن علاء الدين كان أبيض الوجه ووجه هذا اسود، فأجابه الوزير: ألا تعلم أن الموت له غبرات؟.
غُبْرَة: لون خليط من البياض والحمرة (أو السمرة) والسواد. ففي العوام (1: 88) كما في مخطوطتنا: والغبرة لون من اجتماع البياض والحمرة والسواد.
سُكَّر غبرة: سكَّر خام. (هوست ص271).
غَبَار: خشكار الدقيق (الطحين). ففي ابن البيطار (1: 153) الادريسي: وإذا عُجِنَتْ ببياض البيض وغبار الحواري. وفي معجم ألكالا: غُبَارَة بهذا المعنى.
غُبَار في مصطلح النباتيين: مسحوق السماد لتخصيب الأرض المزروعة. (بوشر).
غُبار: سحابة مما تطاير من دقَ التراب. (بوشر).
غُبَار: مسحوق الذهب. (الكالا) وفيه غبار ذهب. (معجم البيان، معيار ص14).
غُبار: شَرَر. (المعجم اللاتيني العربي).
حروف الغبار: الأرقام المسماة بالغبار.
(المقدمة 1: 5) ونجدها عند دي ساسي: قواعد العربية (1، لوحة 8) وانظر: وويكة في مقدمة علم الحساب في المغرب (روما 1895) وبحث في تطوّر الأرقام الهندية (باريس 1863).
حساب الغبار: علم الحساب. (ألكالا، دوماس قبيل ص63).
غَبَارة: انظر غَبار.
غُبَارَة: غُبار، غبرة، (ملّر آخر أيام غرناطة ص16).
غُبَيْرَة: انظر غُبَيْرْاء.
غُبَاري. أرقام (شيرب، شيرب ديال ص46).
الغباري: الحساب (شيرب ديال ص57).
غُبَيْراء .. نَعنع الحقل: بلاية، فلّية، فليجن ففي المستعيني مادة فوذنج: الغبيرا التي تــعرف بالبلاية بالعجمية. وهي غُبَيْرة في معجم فوك، وكذلك في مخطوطتينا لابن البيطار (2: 518). غبيراء: بمصر نبات اسمه العلمي: heliotro- pium europoeum ( ابن البيطار 2: 118).
الغابر= الباقي = أحوال الآخرة. (المقدمة 2: 359).
أغْبَر: أسود (فوك) وفي المعجم اللاتيني العربي: ceruleus. أسود ظليم أغبر.
أغْبَر: ما كساه الغبار، مغطى بالغبار. (معجم البيان، معجم بدرون).
أغبر: بَشِع، شنيع، دميم قبيح الصورة، مشوْه الخلقة. (فوك).
بنو غبراء: اللصوص. (الكامل ص709، 710).
أُغَيبْر: ذكرت في ديوان الهذليين (38، ص255 البيت 16 مع شرحها).
تغبير: ما ذكره فريتاج في تفسير هذه الكلمة غير أكيد والعبارة التي نقلها موجودة في طبعة كاترمير للمقدمة (2: 347) فيها تغبير، ولم يغير السيد دي سلاف كتابة هذه الكلمة الأخيرة.
مغبر: أرض عقراء غبراء. (ابن العوام 1: 109) مغبَّر: في المعجم اللاتيني- العربي igneus مُغَبّر مُحْرق.
[غير] فيه: قال لمن طلب القود بدم قتيل: ألا تقبل "الغير"، يريد جمع الغيرة وهي الدية. ج: ككسرة وكسر. نه: وجمع الغير أغيار، وقيل: الغير الدية،أي غضبه ثابت لأن يأتي عبده، والغيرة كراهة المشاركة في محبوب، والله لا يرضى به فلذا منع من الشرك والفواحش. ومنه: فذكرت "غيرته"- بفتح غين، مصدر غار. ن: ما تدري "الغيراء" أعلى الوادي من أسفله- مر في شدفاء من ش. والله أشد "غيرا" - بفتح فسكون، أي غيرة. ط: ومنه: أ "غرت"؟ فقلت: ما لي لا يغار مثلي على مثلك. ج: امرأة "غيرى"، كثيرة الغيرة. نه: وفيه: من يكفر الله يلق "الغير"، أي تغير الحال من الصلاح إلى الفساد، وهو اسم من غيرت الشيء فتغير. ش: ومنه: بمدرجة "الغير"- بكسر غين معجمة وفتح تحتية. ك: وفيه: لا "أغير" اسمًا سمانيه أبي، الأمر بالتغيير لم يكن على الوجوب وإلا لم يسع له أن يثبت، وذلك لأن الاسم لم يسم به لوجود معناه في المسمى وإنما هو للتمييز، نعم الأولى التسمية بالاسم الحسن وتغيير القبيح. وباب من أمر "غير" الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه، الأولى أن يقال: من أمره، وغائبًا- حال من فاعل الإقامة وهو الغير، أو حال عن المحدود المقام عليه. وفيه: قراءة القرآن بعد الحدث و"غيره"، أي غير قراءة القرآن ككتابته. وح: لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن "غير" واحد، هو بالنصب والرفع، أي لم يكن يوم الجمعة إلا واحد، وإلا فله بلال وابن أم مكتوم وسعيد. ن: أو "غير" ذلك يا عائشة، أجمع من يعتد به على أن أطفال المسلمين من أهل الجنة، وتوقف بعض لهذا الحديث، والجواب أنه نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل عندها، أو قبل أن يعلم كونهم من أهل الجنة. ك: "غائر" العينين، أي داخلتين في الرأس لاصقتين بقعر الحدقة.
غ ي ر : غَارَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ غَيْرًا مِنْ بَابِ سَارَ وَغِيَارًا بِالْكَسْرِ مَارَهُمْ أَيْ حَمَلَ إلَيْهِمْ الْمِيرَةَ وَالِاسْمُ الْغِيرَةُ وَالْجَمْعُ غِيَرٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَغَارَ يَغِيرُ وَيَغُورُ إذَا أَتَى بِخَيْرٍ وَنَفْعٍ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ غُرَّنَا بِخَيْرٍ وَغَارَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا يَغَارُ مِنْ بَابِ تَعِبَ غَيْرًا وَغَيْرَةً بِالْفَتْحِ وَغَارًا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَا يُقَالُ غِيَرًا وَغِيرَةً بِالْكَسْرِ فَالرَّجُل غَيُورٌ وَغَيْرَانُ وَالْمَرْأَةُ غَيُورٌ أَيْضًا وَغَيْرَى وَجَمْعُ غَيُورٍ غُيُرٌ مِثْلُ رَسُولِ وَرُسُلٍ وَجَمْعُ غَيْرَان وَغَيْرَى غَيَارَى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَأَغَارَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَغَارَتْ عَلَيْهِ.

وَغَيْرُ يَكُونُ وَصْفًا لِلنَّكِرَةِ تَقُولُ جَاءَنِي رَجُلٌ غَيْرُكَ وقَوْله تَعَالَى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] إنَّمَا وُصِفَ بِهَا الْمَــعْرِفَــةُ لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْمَــعْرِفَــةَ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْمَــعْرِفَــةِ فَعُومِلَتْ مُعَامَلَتَهَا وَوُصِفَ بِهَا الْمَــعْرِفَــةُ وَمِنْ هُنَا اجْتَرَأَ بَعْضُهُمْ فَأَدْخَلَ عَلَيْهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِأَنَّهَا لَمَّا شَابَهَتْ الْمَــعْرِفَــةَ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْمَــعْرِفَــةِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَهَا مَا يُعَاقِبُ الْإِضَافَةَ وَهُوَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَلَكَ أَنْ تَمْنَعَ الِاسْتِدْلَالَ وَتَقُولُ الْإِضَافَةُ هُنَا لَيْسَتْ لِلتَّعْرِيفِ بَلْ لِلتَّخْصِيصِ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لَا تُفِيدُ تَخْصِيصًا فَلَا تُعَاقِبُ إضَافَةَ التَّخْصِيصِ مِثْلُ سِوًى وَحَسْبِ فَإِنَّهُ يُضَافُ لِلتَّخْصِيصِ وَلَا تَدْخُلُهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَتَكُونُ غَيْرُ أَدَاةَ اسْتِثْنَاءٍ مِثْلُ إلَّا فَتُعْرَبُ بِحَسْبِ الْعَوَامِلِ فَتَقُولُ مَا قَامَ غَيْرُ زَيْدٍ وَمَا رَأَيْتُ غَيْرَ زَيْدٍ قَالُوا وَحُكْمُ غَيْرٍ إذَا أَوْقَعْتَهَا مَوْقِعَ إلَّا أَنْ تُعْرِبَهَا بِالْإِعْرَابِ الَّذِي يَجِبُ لِلِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إلَّا تَقُولُ أَتَانِي الْقَوْمُ
غَيْرَ زَيْدٍ بِالنَّصْبِ كَمَا يُقَالُ أَتَانِي الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا جَاءَنِي الْقَوْمُ غَيْرُ زَيْدٍ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ كَمَا يُقَالُ مَا جَاءَنِي الْقَوْمُ إلَّا زَيْدٌ وَإِلَّا زَيْدًا بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ وَالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: شَهْلٌ وَقُضَاعَةُ وَبَعْضُ بَنِي أَسَدٍ يَنْصِبُونَهُ إذَا كَانَ بِمَعْنَى إلَّا سَوَاءٌ تَمَّ الْكَلَامُ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ فِي إعْرَابِ الْقُرْآنِ وَغَيْرُ اسْمٌ مُبْهَمٌ وَإِنَّمَا أُعْرِبَ لِلُزُومِهِ الْإِضَافَةَ وَقَوْلُهُ خُذْ هَذَا لَا غَيْرُ هُوَ فِي الْأَصْلِ مُضَافٌ وَالْأَصْلُ لَا غَيْرَهُ لَكِنْ لَمَّا قُطِعَ عَنْ الْإِضَافَةِ بُنِيَ عَلَى الضَّمِّ مِثْلُ قَبْلُ وَبَعْدُ وَيَكُونُ غَيْرُ بِمَعْنَى سِوًى نَحْوُ {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] وَتَكُونُ بِمَعْنَى لَا وَقَوْلُهُمْ لَا إلَهَ غَيْرُ اللَّهِ غَيْرُ مَرْفُوعٌ لِأَنَّهَا خَبَرُ لَا وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى مَعْنَى لَا إلَه إلَّا هُوَ قَالَ أَبُو عَمْرٍو إذَا وَقَعَتْ غَيْرٌ مَوْقِعَ إلَّا نُصِبَتْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيَّرْتُ الشَّيْءَ تَغْيِيرًا أَزَلْتُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَتَغَيَّرَ هُوَ وَالْغِيَارُ لَوْنٌ مَعْرُوفٌ مِنْ ذَلِكَ. 
غير: غار: حزن، اغتم، اكتئب. (المقدمة 3: 421) والصواب فيها يَغِير.
غار، ومضارعه يغير ويَغار: أثرت فيه الدغدغة، والزغزغة وهو حسَاس بها. (بوشر).
غار: جابه، اجترأ على، تحدّى. (هلو).
غار على: تحمّس له، حرص عليه. (بوشر).
غار من، ومضارعه يغير ويغار: حسده. (بوشر، ألف ليلة 1: 18).
غَيَّر ب: بدّل شيئاً بشيء آخر. ففي مخطوطة المقريزي (2: 351): غَيْر هذا الزّي بأحسن منه. وانظر المقري (2: 182) وفي طبعة بولاق: بتيار. غَيَّر: بدّل الحرس. (بوشر).
غيّر ثيابه: بدّل ثيابه. (بوشر).
غَيْر الخيل: بدّل الخيل المتعبة بخيل مستريحة. (بوشر).
غيَّر الكلام: انتقل في خطابه إلى موضوع آخر (بوشر) غيّر ثيابه تعني صبغ ثيابه بالسواد، ففي الجريدة الآسيوية (851، 1: 61): غيَّر كلُّ مَنْ في البلد ثوبَه حزناً عليه وكان عنده رجل يضحكه فتجرَّد من ثيابه ونزل في خابية الصباغ حتى غيَّر جسده من قرنه إلى قدميه.
غَيَّر: نكرَّ، جعله غير معروف، يقال مثلاً: غيَّر صوته. (بوشر).
غَيَّر: خرَّب البلاد وعاث فيها فساداً. (عباد 3: 117).
غَيَّر: أنهك، أضعف، أضنى. (بوشر).
غَيَّره عن أصله: أتلف نوعه وهجَّنه. (بوشر).
غيَّر أحواله: حيَّر، شوّش، أقلق، أربك. جعله يرتبك ويضطرب ولا يتمالك نفسه. (بوشر).
غَيَّر على: نفَّر. جعله ينفر منه ويسخط عليه.
يقال مثلاً: غَيَّر الأمير عليه. (بوشر). وفي حيّان (ص48 ق): ما كان من تحريشه وتغييره وتحريضه على العرب. (تاريخ البربر 2: 17، كرتاس ص152).
غَيَّر: أحزن، أشجى، أغمّ، (ألكالا). وفي حيّان- بسّام (1: 122ق): وإنما أراد حبوس تغيير ابن عبد الله بمقتل ابن الخير سلطان زناتة. غَيَّر: حسَّن، جوَّد (جوليوس، كرتاس ص127، وفي مواضع أخرى منه).
تغيير المنكر: إصلاح ما يأباه الشرع وينكره. إصلاح الأخلاق. (المقري 1: 911، تاريخ البربر 1: 161، 230، 299) وقد تكرر ذكر هذا في رحلة ابن بطوطة، مثلا في (2: 272).
وقد أصبح هذا القول يدل على إزعاج الناس بسبب مبالغة اندفاع الأتقياء في الدعوة إليه.
تغيير: إزالة أثر الدم حين يقتل إنسان ففي الأخبار (ص106): أمر بتغيير أثر دمه.
وفي حيّان- بسّام (1: 31و) وبعد أن قتل أمر بتغيير ما وقع.
تغيَّر: تعطّل، يقال مثلاً: تغيرت الساعة إذا تعطلت وخربت آلتها. (بوشر).
تغيَّر: نحل هزل، ضمر. (المعجم اللاتيني -العربي).
متغير: شاحب، خائر القئُوى، هزيل، نحيف (بوشر).
تغيرت أحواله: تحيرّ، تشوّش، ارتبك، اضطرب ولم يتمالك نفسه. (بوشر).
تغيَّر: تكدّر، حزن، اغتم. (ألكالا، معجم بدرون، كرتاس ص158). وفي العبدري (ص54 ق): ورأيتُ بمسجد الخيف طهَّره الله بمنى من قلّة تحفظّهم وكثرة تهاونهم ما يتغير له قلبُ كلِّ مُؤْمِن.
تغيَّر على: غار من، حسد. (المقري 2: 540) وفي (2: 405) منه عليك أن تقرأ تغيَّرهم كما جاء في طبعة بولاق وعند باين سميث 1488.
بتغايَر: بغيرة، بحسد. (بوشر).
غَيْر، الغير: الآخرون، الباقون. (ة معجم الإدريسي، المقدمة 2: 102).
غَيْر. الغير: الغير: الواحد والآخر. (المقري 1: 884).
غير ما: أكثر من واحد، كثير. ففي كتاب محمد بن الحارث (ص349). سمع من غير ما رجل من شيوخنا.
وفيه: قلَّده أمير المؤمنين غير ما أمانةٍ.
غير أن: لكن، بل، على أن. معجم الادريسي).
غيرة: له غيرة على أو له غيرة في: له أنفة وحميّة على. (بوشر).
شديد الغيرة على النسوان: يغار على شرف النساء ويحميهن. (بوشر، كوسج طرائف ص91). غَيْرة: حماس، حميّة. ويقال: غيرة على أي حماسة وحمية. وهو شديد الغيرة على: متحمس. ذو حمية. وهو شديد الغيرة على الدين. متعصب. متزمت في الدين. (بوشر).
غَيْرَة: إخلاص للوطن، حمية المواطن. (بوشر).
غَيْرَة: منافسة، مزاحمة. ويقال: غيرةً في بعضهم أي بالتنافس. (بوشر).
غيرة إليه أو عليه: منفعة منه. (بوشر).
غِيرَة= غَيْرَة: حسد. (فوك) غَيَار: حزن، غمّ. (ألكالا).
غِيَار: شراء، ابتياع، (أماري ديب ص198) وهي في الأصل مصدر غاير بمعنى بادل.
غِيار: إبدال، وهي كلاب أو خيل معدة سلفاً لإراحة كلاب أو خيل متعبة (بوشر).
غيور: شديد الغيرة وهي غيورة (باين سميث 1488).
غَيُور: ذو حمية. طرائف دي ساسي (1: 446): من كان شديداً غيوراً في دينه- غيور على الدين: متعصب، متزمت في الدين. (بوشر).
غَيُور: شديد الحساسية للدغدغة والزغزغة. (بوشر).
غَيُور: متغيّر، متقلب. (لين في ترجمة ألف ليلة 3: 524، رقم 36).
غيارة: لبلاب، حبل المساكين. أو الكبير من اللبلاب (بوشر).
غَيَّار: شديد الحساسية للدغدغة والزغرة. (بوشر).
أغير على: أشدّ حماسة وحميَّة على (معجم الماوردي).
مُغَيَّر: حزين، كئيب. (ألكالا) وكئيب، نكد المزاج (دويب ص108).
مُغَيَّر، عند البرغواطة): كذّاب (البكري ص139).
المُغَيَّرَة: عند الأطباء اسم للحمى الدائرة (المتقطعة والمناوبة) وللقوة الغذائية (محيط المحيط).
مِغيار: امرأة شديدة الغيرة، حسودة. (المقري 2: 66).
مغَيار: غير صحي، ضار بالصحة، يقال: هواء مِغيار وبلد مغيار بهذا المعنى.
مُغايَرَ! ة: منافسة مزاحمة، ويقال: مُغايَرة في بمعنى مبارة ومسابقة. (بوشر).
مُغايَرَة: تأويل معكوس، لا منطقي. (المقدمة 3: 67).
مُتَغاير: مُتغاير ل: مختلف عن. (فوك).
غير
غارَ على/ غارَ من يَغَار، غَرْ، غَيْرةً، فهو غيرانُ/ غيرانٌ وغائر، والمفعول مَغِيرٌ عليه
• غار الرَّجلُ على امرأته: ثار من الحميّة وكرِه شركة غيره في حقّه، ثارت نفسُه لإبدائها زينتها ومحاسنها لغيره، أو لانصرافها عنه إلى آخر "غار على محارمه- أحرقتِ الغَيْرةُ صدرَه- الغيرة في الحبّ كالماء للوردة قليلُه يُنعش وكثيره يقتل".
• غار من صديقه: حزن لنعمة أصابته. 

تغايرَ يتغاير، تغايُرًا، فهو متغاير
• تغاير القومُ: اختلفوا "اتّفقوا في صفات وتغايروا في صفات أخرى- تغاير الأخوان شكلاً وسلوكًا". 

تغيَّرَ يتغيَّر، تغيُّرًا، فهو مُتغيِّر
• تغيَّر الوضعُ: مُطاوع غيَّرَ: أصبح على غير ما كان عليه، تبدَّل، تحوَّل "تغيرَّت الأحوالُ وتبدَّلت- تغيَّر اللّونُ تدريجيًّا للون آخر- {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} " ° تغيُّر في مجرى الأحداث- تغيُّر مفاجئ. 

غايرَ/ غايرَ بـ يغاير، مُغايَرةً وغيارًا، فهو مُغايِر، والمفعول مُغايَر
• غاير أباه في سلوكه: خالفه "مغاير للآداب: مخالف
 للحشمة مناف للأخلاق- غايره في تحليل القضيّة والموقف منها" ° شكل بلوريّ مغاير: بلورة معدنيّة تشكلت أو تأثرت بتغيير للبنية دون تغيير في التركيبة الكيمائيّة- مُغاير للحقيقة.
• غاير بالسِّلعة: بادل بها. 

غيَّرَ يغيِّر، تغييرًا، فهو مُغيِّر، والمفعول مُغيَّر
• غيَّر رأيَه: بدَّل به غيرَه "غيَّر ثيابَه/ سلوكَه/ موقفَه/ موضوعَ الكلام/ الحقائقَ- {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} " ° غيّر الحديثَ: غيَّر مجراه وبدَّله- غيّر الدَّهرُ أحوالَه- غيّر جلدَه: تحوّل، تغيَّر- غيّر مسارَه: توجّه وجهة غير التي كان يقصدها- غيَّر نَغَمَته: بدّل أسلوبَه في الكلام. 

تغايُر [مفرد]:
1 - مصدر تغايرَ.
2 - (حي) اضطراب مفاجئ في حالة النَّباتات نتيجة لتغيُّر غير منتظر في ظروف البيئة. 

تغيُّر [مفرد]: ج تَغَيُّرات (لغير المصدر):
1 - مصدر تغيَّرَ.
2 - (سف) تحوُّل صفة أو أكثر من صفات الشَّيء، أو حلول صفة محلَّ أخرى "تغيُّر مزاج".
3 - صفة الشَّيء الذي لا يثبت على قيمة واحدة.
• تغيُّر عكسيّ: (جب) علاقة بين كميتين، بحيث إذا زادت إحداهما نقصت الأخرى، بحيث يكون حاصل ضرب الكميتين ثابتًا.
• تغيُّر حالة: (فز) تحوُّل المادّة من إحدى صورها الثلاث إلى أخرى، كتحويل الصُّلب إلى سائل، أو السائل إلى غاز، ويحدث ذلك نتيجة لعمليّات مثل الانصهار أو التبخُّر أو الذوبان.
• التَّغيُّر الاجتماعيّ: (مع) مبدأ التَّعديل الاجتماعيّ الفوريّ الذي يتكيَّف من خلاله النِّظام الاجتماعيّ مع أيّ طارئ أو أيّ جديد.
• تغيُّر شكليّ: (نح) تغيُّر صورة الكلمة بالحذف أو الزيادة أو القلب أو الإعلال أو الإبدال.
• التَّغيُّرات العَرَضيَّة: التَّغيُّرات التي تتعرَّض لها قيم الظَّاهرة نتيجة أسباب أو عوامل طارئة أو حوادث فجائيّة خارقة للعادة ولم تكن في الحسبان مثل حدوث الزَّلازل.
• مدى التَّغيُّر: (قص) الارتفاع أو الانخفاض الحادّ في سعر الورقة الماليّة أو السُّوق بشكل عامّ أو السِّلعة خلال فترة زمنيّة قصيرة. 

تَغْيير [مفرد]: ج تَغْيِيرات (لغير المصدر):
1 - مصدر غيَّرَ.
2 - (سق) تطريب في السّماع والألحان. 

غائر [مفرد]: اسم فاعل من غارَ على/ غارَ من. 

غِيار [مفرد]: ج غِيارات (لغير المصدر):
1 - مصدر غايرَ/ غايرَ بـ.
2 - بدلٌ من كلّ شيء "محلّ لبيع قطع الغيار- أخذ في رحلته أكثر من غيار من الملابس" ° قطع غيار: أجزاء جديدة تحلّ محلّ أجزاء تلفت في الآلات، بديل، احتياطيّ. 

غَيْر [كلمة وظيفيَّة]:
1 - اسم يستعمل للاستثناء، يجري عليه أحكام المستثنى بـ (إلاّ) ويكون ما بعده مجرورًا بالإضافة "جاء الطلاب غيرَ محمدٍ- {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} " ° غير أنَّ: إلاّ أنّ، لكن- لا إله غيرُك: لا إله إلاّ أنت.
2 - اسمٌ بمعنى (سوى)، ويعرب على حسب العوامل "جاء غيرُهم- رأيت غيرَك- مررت بغيرِك".
3 - اسمٌ بمعنى (ليس)، ويُعرب على حسب العوامل "كلامك غيرُ مفهوم" ° جاء ببنات غَيْر: بأكاذيب.
4 - اسمٌ بمعنى (لا)، وينصَب على الحال " {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} " ° بغير حدود: كثير جدًّا- بغير حساب: بدون حدود أو نهاية، بتوسعة، بلا تقيّد أو تضييق.
5 - اسم يُعرب صفةٌ " {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْْ وَلاَ الضَّالِّينَ} ".
6 - اسمٌ ملازمٌ للإضافة في المعنى ويقطع عنها لفظًا إن فُهم معناه وتقدّمت عليه (ليس) أو (لا)، فيجوز رفعه ونصبه "قبضت عشرة دراهم لا/ ليس غير- فكّر بالواجب لا غير" ° فعله غيرَ مرَّة: أكثر من مرَّة- لا غيرَ/ لا غيْرُ: فقط.
• الغيْر:
1 - (قن) الطَّرف الثَّالث في القضيّة، وهو غير مُمثَّل في حكم أو عقد "التأمين على الغير- الإضرار بالغير".
2 - الآخر "احترام الغَيْر". 

غَيْرانُ/ غَيْرانٌ [مفرد]: ج غَيارَى/ غيرانون وغُيارى/ غيرانون، مؤ غيْرى/ غَيْرانة، ج مؤ غَيارَى/ غيرانات:
 صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من غارَ على/ غارَ من. 

غَيْرة [مفرد]: ج غَيْرات (لغير المصدر) وغَيَرات (لغير المصدر):
1 - مصدر غارَ على/ غارَ من.
2 - تعلُّق شديد بشخص الحبيب، وقلق دائم خشية مَيْله لشخصٍ آخر قد يشاركه في حُبِّه "غيرة امرأة على زوجها- أَغَيْرَةً وجُبْنًا؟ " ° أحرقت الغيرة صدره.
3 - حَميَّة، نشاط بالغ في القيام بأمر بإخلاص وتضحية "عمل بِغَيْرة" ° غَيْرة وطنيّة. 

غيريّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى غَيْر.
2 - (نف) ميول الشخص وحبه وتفضيله لغيره بصفةٍ عامَّة "حبٌّ غيريّ: منصبٌّ على الغير". 

غيْريَّة [مفرد]:
1 - مصدر صناعيّ من غَيْر: تفضيل الآخرين على الذات، نوع من السُّلوك يهتمّ بمصلحة الآخرين بدلاً من الاهتمام بالمصلحة الشخصيّة، عكس أنانيّة.
2 - صفة ما هو غير، عكس هُويَّة.
3 - كون كلّ من الشيئين خلاف الآخر، مقابل العينيَّة. 

غَيُور [مفرد]: ج غَيُورُون وغُيُر: صيغة مبالغة من غارَ على/ غارَ من: شديد الغَيْرة أو الحميَّة "حُبٌّ غَيُور- رجل غَيُور/ امرأة غَيُور- امرأة غَيُورة- العرب غَيُورُون على لغتهم". 

مُتَغايِر [مفرد]: اسم فاعل من تغايرَ.
• المتغاير من الموادّ: ما تختلف بعضُ أجزائه عن بعض "أثاث متغاير- عناصِر متغايرة". 

مُتَغَيِّر [مفرد]: ج متغيّرات: اسم فاعل من تغيَّرَ.
• المُتَغَيِّر: الذي يميل إلى التَّنويع والاختلاف "تيار/ جهد/ مزاج مُتَغَيِّر".
• المُتَغَيِّر العشوائيّ: (جب) مُتَغَيِّر تكون قيمته مُوَزَّعة بشكل يقبل الاحتماليّة.
• مُتَغَيِّر الحرارة: (حي) متعلق بكائن حي ذي درجة حرارة جسديّة تتغيّر بتغيّر حرارة الأشياء المحيطة به.
• رأسمال مُتَغَيِّر: (قص) جزء من الرأسمال المخصَّص لدفع أجور القوى العاملة.
• المتغيِّرات: الظَّواهر التي يمكن أن تتغيَّر أو تتحمَّل معاني وقيمًا مختلفة. 

مُغيِّر [مفرد]: اسم فاعل من غيَّرَ.
• مُغيِّر سرعة: جهاز يمكِّن من نقل حركة عمود دوران إلى عمود آخر بتغيير سرعة دوران هذا الأخير.
• مُغيِّر نغميَّة: (سق) جهاز مركَّز في آلة موسيقيّة يغيِّر السُّلَّم. 

غير: التهذيب: غَيْرٌ من حروف المعاني، تكون نعتاً وتكون بمعنى لا، وله

باب على حِدَة. وقوله: ما لكم لا تَناصَرُون؛ المعنى ما لكم غير

مُتَناصرين. وقولهم: لا إِلَه غيرُك، مرفوع على خبر التَّبْرِئة، قال: ويجوز لا

إِله غيرَك بالنصب أَي لا إِله إِلاَّ أَنت، قال: وكلَّما أَحللت غيراً

محلّ إِلا نصبتها، وأَجاز الفراء: ما جاءني غيرُك على معنى ما جاءني إِلا

أَنت؛ وأَنشد :

لا عَيْبَ فيها غيرُ شُهْلَة عَيْنِها

وقيل: غير بمعنى سِوَى، والجمع أَغيار، وهي كلمة يوصف بها ويستثنى، فإِن

وصف بها أَتبعتها إِعراب ما قبلها، وإِن استثنيت بها أَعربتها بالإِعراب

الذي يجب للاسم الواقع بعد إِلا، وذلك أَن أَصل غير صفة والاستثناء

عارض؛ قال الفراء: بعض بني أَسد وقُضاعة ينصبون غيراً إِذا كان في معنى

إِلاَّ، تمَّ الكلام قبلها أَو لم يتم، يقولون: ما جاءني غيرَك وما جاءني أَحد

غيرَك، قال: وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى: فمنِ

اضطُرّ غيرَ باعٍ ولا عادٍ، كأَنه تعالى قال: فمنِ اضطرّ خائفاً لا باغياً.

وكقوله تعالى: غيرَ ناظِرِين إنَاهُ، وقوله سبحانه: غَيرَ مُحِلِّي

الصيد. التهذيب: غير تكون استثناء مثل قولك هذا درهم غيرَ دانق، معناه إِلا

دانقاً، وتكون غير اسماً، تقول: مررت بغيرك وهذا غيرك. وفي التنزيل العزيز:

غيرِ المغضوب عليهم؛ خفضت غير لأَنها نعت للذين جاز أَن تكون نعتاً

لمــعرفــة لأَن الذين غير مَصْمود صَمْده وإِن كان فيه الأَلف واللام؛ وقال أَبو

العباس: جعل الفراء الأَلف واللام فيهما بمنزلة النكرة. ويجوز أَن تكون

غيرٌ نعتاً للأَسماء التي في قوله أَنعمتَ عليهم وهي غير مَصْمود

صَمْدها؛ قال: وهذا قول بعضهم والفراء يأْبى أَن يكون غير نعتاً إِلا للّذين

لأَنها بمنزلة النكرة، وقال الأَخفش: غير بَدل، قال ثعلب: وليس بممتنع ما

قال ومعناه التكرير كأَنه أَراد صراط غيرِ المغضوب عليهم، وقال الفراء:

معنى غير معنى لا، وفي موضع آخر قال: معنى غير في قوله غير المغضوب عليهم

معنى لا، ولذلك رُدّت عليها لا كما تقول: فلان غير محسِن ولا مُجْمِل،

قال: وإِذا كان غير بمعنى سِوى لم يجز أَن يكرّر عليها، أَلا ترى أَنه لا

يجوز أَن تقول عندي سوى عبدالله ولا زيدٍ؟ قال: وقد قال مَنْ لا يــعرِف

العربية إِن معنى غَير ههنا بمعنى سوى وإِنّ لا صِلَة؛ واحتجّ بقوله:

في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ

قال الأَزهري: وهذا قول أَبي عبيدة، وقال أَبو زيد: مَن نصَب قوله غير

المغضوب فهو قطْع، وقال الزجاج: مَن نصَب غيراً، فهو على وجهين: أَحدهما

الحال، والآخر الاستثناء. الفراء والزجاج في قوله عز وجل: غيرَ مُحِلِّي

الصَّيْد: بمعنى لا، جعلا معاً غَيْرَ بمعنى لا، وقوله عز وجل: غيرَ

مُتَجانفٍ لإِثمٍ، غيرَ حال هذا. قال الأَزهري: ويكون غيرٌ بمعنى ليس كما تقول

العرب كلامُ الله غيرُ مخلوق وليس بمخلوق. وقوله عز وجل: هل مِنْ خالقٍ

غيرُ الله يرزقكم؛ وقرئ: غَيْرِ الله، فمن خفض ردَّه على خالق، ومن رفعه فعلى

المعنى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الفراء: وجائز هل من خالق

(* قوله« هل من

خالق إلخ» هكذا في الأصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ) . غيرَ

الله، وكذلك: ما لكم من إِله غيرَه، هل مِنْ خالقٍ إِلا الله وما لكم من إِله

إِلا هُوَ، فتنصب غير إِذا كانت محلَّ إِلا.

وقال ابن الأَنباري في قولهم: لا أَراني الله بك غِيَراً؛ الغِيَرُ: من

تغيَّر الحال، وهو اسم بمنزلة القِطَع والعنَب وما أَشبههما، قال: ويجوز

أَن يكون جمعاً واحدته غِيرَةٌ؛ وأَنشد:

ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرْ

وتغيَّر الشيءُ عن حاله: تحوّل. وغَيَّرَه: حَوَّله وبدّله كأَنه جعله

غير ما كان. وفي التنزيل العزيز: ذلك بأَن الله لم يَكُ مُغَيِّراً نِعْمةً

أَنعمها على قوم حتى يُغَيِّروا ما بأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه حتى

يبدِّلوا ما أَمرهم الله. والغَيْرُ: الاسم من التغيُّر؛ عن اللحياني؛

وأَنشد:إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الغيَرْ

قال: ولا يقال إِلا غَيَّرْت. وذهب اللحياني إِلى أَن الغَيْرَ ليس

بمصدر إِذ ليس له فعل ثلاثي غير مزيد. وغَيَّرَ عليه الأَمْرَ: حَوَّله.

وتَغَايرتِ الأَشياء: اختلفت. والمُغَيِّر: الذي يُغَيِّر على بَعيره أَداتَه

ليخفف عنه ويُريحه؛ وقال الأَعشى:

واسْتُحِثَّ المُغَيِّرُونَ من القَوْ

مِ، وكان النِّطافُ ما في العَزَالي

ابن الأَعرابي: يقال غَيَّر فلان عن بعيره إِذا حَطّ عنه رَحْله وأَصلح

من شأْنه؛ وقال القُطامي:

إِلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ

وغِيَرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتغيِّرة. وورد في حديث الاستسقاء: مَنْ

يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرَ أَي تَغَيُّر الحال وانتقالَها من الصلاح

إِلى الفساد. والغِيَرُ: الاسم من قولك غَيَّرْت الشيء فتغيَّر. وأَما ما

ورد في الحديث: أَنه كَرِه تَغْيِير الشَّيْب يعني نَتْفَه، فإِنّ تغيير

لونِه قد أُمِر به في غير حديث.

وغارَهُم الله بخير ومطَرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِياراً ويَغُورهم: أَصابهم

بمَطر وخِصْب، والاسم الغِيرة. وأَرض مَغِيرة، بفتح الميم، ومَغْيُورة

أَي مَسْقِيَّة. يقال: اللهم غِرْنا بخير وعُرْنا بخير. وغارَ الغيثُ

الأَرض يَغِيرها أَي سقاها. وغارَهُم الله بمطر أَي سقاهم، يَغِيرهم ويَغُورهم.

وغارَنا الله بخير: كقولك أَعطانا خيراً؛ قال أَبو ذؤيب:

وما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عام غِيَارهِ،

عليه الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها

وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَغِيره غَيْراً: نفعه؛ قال عبد مناف بن ربعيّ

الهُذَلي:

(* قوله «عبد مناف» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: عبد

الرحمن).

ماذا يَغير ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما

لا تَرْقُدانِ، ولا يُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا

يقول: لا يُغني بُكاؤهما على أَبيهما من طلب ثأْرِه شيئاً. والغِيرة،

بالكسر، والغِيارُ: المِيرة. وقد غارَهم يَغِيرهم وغارَ لهم غِياراً أَي

مارَهُم ونفعهم؛ قال مالك بن زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قد كبِرت وشاب

رأْسها تؤمِّل بنيها أَن يأْتوها بالغنيمة وقد قُتِلوا:

ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ،

تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَغِيرُها

أَي يأْتِيها بالغَنيمة فقد قُتِلوا؛ وقول بعض الأَغفال:

ما زِلْتُ في مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ

لِصِبْيَةٍ أَغِيرُهم بِغَيْرِ

قد يجوز أَن يكون أَراد أَغِيرُهم بِغَيرٍ، فغيَّر للقافية، وقد يكون

غَيْر مصدر غارَهُم إِذا مارَهُم. وذهب فلان يَغيرُ أَهله أَي يَمِيرهم.

وغارَه يَغِيره غَيْراً: وَداهُ؛ أَبو عبيدة: غارَني الرجل يَغُورُني

ويَغيرُني إِذا وَداك، من الدِّيَة. وغارَه من أَخيه يَغِيره ويَغُوره

غَيْراً: أَعطاه الدية، والاسم منها الغِيرة، بالكسر، والجمع غِيَر؛ وقيل:

الغِيَرُ اسم واحد مذكَّر، والجمع أَغْيار. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله

عليه وسلم، قال لرجل طلَب القَوَد بِوَليٍّ له قُتِلَ: أَلا تَقْبَل

الغِيَر؟ وفي رواية أَلا الغِيَرَ تُرِيدُف الغَيَرُ: الدية، وجمعه أَغْيار

مثل ضِلَع وأَضْلاع. قال أَبو عمرو: الغِيَرُ جمع غِيرةٍ وهي الدِّيَةُ؛

قال بعض بني عُذْرة:

لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ،

بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لم تَقْبَلُوا الغِيَرَا

(* قوله« بني أميمة» هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني

أمية.)

وقال بعضهم: إِنه واحد وجمعه أَغْيار. وغَيَّرَه إِذا أَعطاه الدية،

وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو

عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد فغُيّر

القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَراً، وأَصله من التَّغْيير؛ وقال أَبو

بكر: سميت الدية غِيَراً لأَنها غُيِّرت عن القَوَد إِلى غيره؛ رواه ابن

السكِّيت في الواو والياء. وفي حديث مُحَلِّم

(* قوله« وفي حديث محلم» أي

حين قتل رجلاً فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الدية، فقام رجل من بني ليث فقال:

يا رسول الله اني لم أجد إلخ.ا هـ. من هامش النهاية) . بن جثَّامة: إني لم

أَجد لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإِسلام مثلاً إِلا غَنَماً وردَتْ

فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّر غداً؛ معناه أَن

مثَل مُحَلِّمٍ في قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخذَ منه

الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هذه الغَنَم النافِرة؛

يعني إِنْ جَرى الأَمر مع أَوْلِياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم

ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإِسلام مــعرفــتُهم أَن القَوَد يُغَيَّر

بالدِّية، والعرب خصوصاً، وهمُ الحُرَّاص على دَرْك الأَوْتار، وفيهم الأَنَفَة

من قبول الديات، ثم حَثَّ رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، على الإِقادة منه

بقوله: اسْنُن اليوم وغَيِّرْ غداً؛ يريد: إِنْ لم تقتَصَّ منه غَيَّرْت

سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الكلام على الوجه الذي يُهَيّج المخاطَب

ويحثُّه على الإِقْدام والجُرْأَة على المطلوب منه. ومنه حديث ابن مسعود: قال

لعمر، رضي الله عنهما، في رجل قتل امرأَة ولها أَولياء فعَفَا بعضهم وأَراد

عمر، رضي الله عنه، أَن يُقِيدَ لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّرت بالدية

كان في ذلك وفاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ وكنتَ قد أَتممت لِلْعافي

عَفْوَه، فقال عمر، رضي الله عنه: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً؛ الجوهري: الغِيَرُ الاسم

من قولك غَيَّرت الشيء فتَغَيَّر. والغَيْرة، بالفتح، المصدر من قولك

غار الرجل على أَهْلِه. قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته، والمرأَة

على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً وغاراً وغِياراً؛ قال أَبو ذؤيب يصِف

قُدوراً:

لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأَنَّها

ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها

وقال الأَعشى:

لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا

قٌ على سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ

ورجل غَيْران، والجمع غَيارَى وغُيَارَى، وغَيُور، والجمع غُيُرٌ، صحَّت

الياء لخفّتها عليهم وأَنهم لا يستثقلون الضمة عليها استثقالهم لها على

الواو، ومن قال رُسْل قال غُيْرٌ، وامرأَة غَيْرَى وغَيُور، والجمع

كالجمع؛ الجوهري: امرأَة غَيُور ونسوة غُيُرٌ وامرأَة غَيْرَى ونسوة غَيارَى؛

وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: إِنَّ لي بِنْتاً وأَنا غَيُور، هو

فَعُول من الغَيْرة وهي الحَمِيّة والأَنَفَة. يقال: رجل غَيور وامرأَة

غَيُور بلا هاء لأَنّ فَعُلولاً يشترِك فيه الذكر والأُنثى. وفي رواية: امرأَة

غَيْرَى؛ هي فَعْلى من الغَيْرة. والمِغْيارُ: الشديد الغَيْرة؛ قال

النابغة:

شُمُسٌ موانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ،

يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ

ورجل مِغْيار أَيضاً وقوم مَغايِير. وفلان لا يَتَغَيَّر على أَهله أَي

لا يَغار وأَغارَ أَهلَه: تزوّج عليها فغارت. والعرب تقول: أَغْيَرُ من

الحُمَّى أَي أَنها تُلازِم المحموم مُلازَمَةَ الغَيُور لبعْلها.

وغايَرَه مُغايَرة: عارضه بالبيع وبادَلَه. والغِيارُ: البِدالُ؛ قال

الأَعشى:

فلا تَحْسَبَنّي لكمْ كافِراً،

ولا تَحْسبَنّي أُرِيدُ الغِيارَا

تقول للزَّوْج: فلا تحسَبَنّي كافراً لِنعْمتك ولا مِمَّن يريد بها

تَغْيِيراً. وقولهم: نزل القوم يُغَيِّرون أَي يُصْلِحون الرحال. وبَنُو

غِيَرة: حيّ.

غير
. {الغِيرَة، بالكَسْر: المِيرَة} كالغِيَار، ككِتَاب، مِنْ {غارَهُم} يَغِيرُهُم، {وغارَ لَهُم، أَي مارَهُم ونَفَعَهُم.
وذَهَب فلانٌ} يَغِيرُ أَهلَه {غَيْراً، أَي مارَهُم. وَمِنْه قولُ بعضِ الأَغْفَال:
(مَا زِلْتُ فِي مَنْكَظَة وسَيْر ... لصِبْيَة أَغِيرُهُمْ} - بِغَيْرِي)
{وغَيْرُ: بمَعْنَى سِوَى، والجَمْع أَغْيَارٌ، وَهِي كَلِمَة يُوصَفُ بهَا ويُسْتَثْنَى. قَالَ الفَرّاءُ: وتَكُونُ بمَعْنَى لَا فَتنْصِبُها على الحالِ، كقَوْلِه تَعَالَى: فَمَنِ اضْطُرَّ} غَيْرَ بَاغٍ ولاَ عَادٍ: أَي فمَن اضْطُرَّ جائِعاً لَا باغِياً، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: غَيْرَ ناظِرِينَ إِنَاه. وقولُه تَعَالَى: غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ. وَقَالَ أَيضاً: بَعْضُ بَني أَسَدٍ وقُضَاعَةَ يَنْصِبُون {غَيْراً إِذا كانَ بمَعْنَى إِلاّ، تَمَّ الكَلامُ قَبْلَهَا أَوْ لَمْ يَتِمَّ، يقولُونَ: مَا جاءَنِي} غَيْرَك، وَمَا جاءَنِي أَحَدٌ! غَيْرَك. وَفِي اللِّسَان: قَالَ الزجّاج: من نَصَبَ غَيْراً فَهُوَ على وَجْهَيْنِ: أَحدهما الحالُ، والآخرُ الاسْتِثْنَاءُ. قَالَ الأَزهريّ: ويكونُ غَيْرُ بمعْنَى لَيْسَ، كَمَا تقولُ العَرَبُ: كلامُ الله غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ولَيْسَ بمَخْلُوق وَهُوَ اسمٌ مُلازِمٌ للإِضافَة فِي المَعْنَى، ويُقْطَعُ عَنْهَا لَفْظاً إِن فُهمَ مَعناه، وتَقَدَّمتْ عَلَيْهَا لَيْسَ، قِيلَ: وقولُهم: لَا غيرُ، لَحْنٌ، وصَوَّبَه ابنُ هشَام وَهُوَ غَيْرُ جَيِّد، لأَنّه مَسْمُوعٌ فِي قَوْل الشاعِر مَا نَصُّه:
(جَوَاباً بِهِ تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنَا ... لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لَا غَيْرُ تُسْأَلُ)ْ تكونَ نَعْتاً لِمَــعْرِفَــة، لأَنَّ الَّذِينَ غَيْرُ مَصْمُودٍ صَمْدَه، وإِنْ كانَ فِيهِ الأَلف والّلام. وَقَالَ أَبو العَبّاسِ: جعل الفَرّاءُ الأَلِفَ والّلامَ فِيهَا بمَنْزلَة النَّكِرَة، ويجوزُ أَنْ يكونَ غَيْر نَعْتاً للأَسماءِ الَّتِي فِي قَوْله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهمْ. وَهِي غَيْرُ مَصْمُودٍ صَمْدَها. قَالَ: وَهَذَا قولُ بَعضهم، والفَرّاءُ يَأْبَى أَنْ يَكُونَ غَيْر نَعْتاً إِلاَّ للَّذين لأَنَّهَا بمَنْزِلَة النَّكْرَة. وَقَالَ الأَخْفَشُ: غَيْر بَدَلٌ. قَالَ ثَعْلَب: وَلَيْسَ بمُمْتَنِع مَا قَال، ومَعْنَاهُ التَّكْرِيرُ، كأَنّه أَرادَ صراطَ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِم. وإِذا كانَتْ للاسْتثْنَاءِ أُعْرِبَتْ إِعرابَ الاسْمِ التَّالِي الواقِع بَعْدَ إِلاّ فِي ذَلِك الكَلام وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ غَيْرٍ صِفَةٌ والاسْتثْنَاءَ عارضٌ فَتَنْصِب فِي: جاءَ القَوْمُ غَيْرَ زَيْد. وتُجيزُ النَّصْبَ والرَّفْعَ فِي: مَا جاءَ أَحدٌ غَيْر زَيْد. وإِذا أُضيفَتْ لمَبْنِىٍّ جازَ بِناؤُهَا على الفَتْح كَقَوْلِه، أَي الشَّاعِر:
(لَمْ يَمْنَع الشُّرْبَ منْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ ... حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أَوْ قَالِ)
وَقد أَشْبَعَ ابنُ هِشام القَوْلَ فِي غَيْر بِمَا لَا مَزيدَ عَلَيْهِ. واسْتَدْرَك البَدْرُ الدَّمامِينيّ فِي شَرْحه مَا يَنْبَغِي النَّظَرُ لَهُ، والوُقُوفُ بالتَّأَمُّلِ لَدَيْه. {وتَغَيَّرَ الشيْءُ عَن حَاله: تَحَوَّلَ.} وغَيَّرَهُ: جَعَلَه غَيْرَ مَا كَانَ. وغَيَّرَهُ حَوَّلَهُ وبَدَّلَهُ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: ذلكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ {مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْم حَتَّى} يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهمْ قَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاهُ حَتَّى يُبدِّلُوا مَا أَمَرَهُم الله. والاسْمُ من التَّغْيير {الغَيْرُ، عَن اللَّحْيَانيّ، وأَنشد: إِذْ أَنَا مَغْلُوبٌ قَلِيلُ} الغَيْرِ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ: إِلاّ {غَيَّرْت. وذَهَب اللّحْيَانيّ إِلى أَنّ الغَيْرَ لَيْسَ بمَصْدَر، إِذ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ ثُلاثِيٌّ غَيْرُ مَزِيدٍ.} وغِيَرُ الدَّهْرِ، كعِنَب: أَحْدَاثُه وأَحْوَالُه {المُغَيَّرَةُ ووَرد فِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء: ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ} الغِيَرْ. وَقَالَ ابنُ الأَنْبَاريّ فِي قَوْلهم: لَا أَراني اللُه بكَ {غِيّرَاً،} الغِيَرُ مِن {تغيُّرِ الْحَال، وَهُوَ اسمٌ بمَنْزِلَةِ القِطَع والعِنَب وَمَا أَشْبَهَهُمَا. قَالَ: ويجوزُ أَنْ يكونَ جَمْعاً، واحدتُه غِيَرَةٌ. وأَرْضٌ} مَغِيرَةٌ، بالفَتْح، {ومَغْيُورَةٌ، أَي مَسْقيَّةٌ أَو مَمْطُورَة.} وغارَه {يَغِيرُه} غَيْراً: وَدَاهُ، وَقَالَ أَبو عُبَيْد: {- غارَني الرَّجُلُ} - يَغُورُني {- ويَغيرُنِي، إِذا وَدَاكَ، من الدِّيَة.} وغارَهُ من أَخِيه {يَغِيرُه ويَغُورُه} غَيْراً: أَعْطَاهُ الدِّيَةَ، والاسمُ مِنْهُ {الغِيرَةُ، بالكَسْر وَج الغَيْرُ، كعِنَب وَقيل:} الغِيَرُ اسمٌ واحِدٌ مُذكَّر، والجَمْع {أَغْيَارٌ، مثلُ ضِلَع وأَضْلاع.)
وَقَالَ أَبو عَمْرو:} الغِيَرُ جَمْعُ {غِيَرَةٍ، وَهِي الدِّيَة، قَالَ بعضُ بَنِي عُذَرَةَ:
(لنَجْدَعَنَّ بأَيْدِينا أُنُوفَكَمُ ... بَنِي أُمَيْمة إِنْ لم تَقْبَلُوا} الغِيَرَا)
وغَيَّرَه، إِذا أَعْطَاهُ الدِّيَةَ. وأَصْلُها من {المُغَايَرَةِ، وَهِي المُبَادَلَة، لأَنَّهَا بَدَلٌ من القَتْلِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وإِنّمَا سَمَّي الدِّيَةَ غِيَراً، فِيمَا أُرَى، لأَنّه كَانَ يَجِبُ القَوَدُ،} فغُيِّرَ القَوَدُ بِهِ، فسُمِّيَت الدِّيَةُ غِيَراً، وأَصلُه من {التَّغْيِير. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: سُمِّيَت الدِّيَةُ} غِيَراً لأَنَّهَا {غُيِّرَت عَن القَوَد إِلى غَيْرِه رَواه ابنُ السِّكّيت فِي الْوَاو والياءِ. وَقَالَ ابْن سِيدَه:} غارَ الرَّجُلُ على امرأَتِه وَكَذَا! غارَتْ هِيَ عَلَيْه {تَغَارُ، بعلامَة المذكّر الْغَائِب ومؤنّثه} غَيْرَةً، بالفَتْح، {وغَيْراً، بِغَيْرِ هاءٍ،} وغَاراً {وغِيَاراً، ككِتَابٍ، قَالَ الأَعْشَى:
(لاحَهُ الصَّيْفُ} والغِيَارُ وإِشْفا ... قٌ عَلَى سَقْبَةٍ كقَوْسِ الضّالِ)
وتقدّم الاسْتِشْهَادُ على الغارِ فِي المادّة الَّتِي تقدَّمتْ، فَهُوَ {غَيْرانُ، بالفَتْح، من قوم} غَيَارَي، كسَكَارَى، {وغُيَارَى، بالضَّمّ أَيضاً، كَمَا قَالَه الجوهَرِيّ. قَالَ البَدْرُ القَرَافِيُّ: وَلم يَجِئْ شَئٌ من الجَمْعِ بالضَّمِّ مَعَ الفَتْحِ} غَيْرهُ وغَيْر سُكَارَى وعُجَالَى. وحَكَى المُصَنِّف الكَسْرَ فِي كسَالَى أَيضاً، {وغَيُورٌ، كصَبُور، من قَوْمٍ غُيُرٍ، بضمّتَيْن، صَحَّتِ الياءُ لخِفّتها عَلَيْهِم وأَّنهم لَا يَسْتَثْقِلُون الضَّمَّة عَلَيْهَا اسْتِثْقَالَهم لَهَا على الْوَاو. ومَنْ قَالَ: رُسْلٌ، قَالَ:} غُيْرٌ {والغَيُورُ فَعُولٌ من الغَيْرَة، وَهِي الحَمِيَّةُ والأَنَفَةُ، وَيُقَال: رَجُلٌ} مِغْيَارٌ، أَي شَدِيدُ {الغَيْرَةِ، مِنْ قَوْمٍ} مَغايِيرَ قَالَ النابِغَة:
(شُمْسٌ مَوَانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ ... يُخْلِقْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيَارِ)
وَهِي {غيْرَى، كسَكْرَى، من قَوْم} غَيَارَى، {وغَيُورٌ من} غُيُرٍ، وَلَو قَالَ: وَهِي {غَيْرَى} وغَيُورٌ، والجَمْع كالجَمْع، كَانَ أَخْصَرَ. ويُقَال: رَجُلٌ {غَيُورٌ، وامرأَةٌ غَيُورٌ، بِلَا هاءٍ، لأَنّ فَعُولاً يشترِكُ فِيهِ الذكرُ والأُنْثَى.} وغَارَهُمُ اللهُ تَعَالَى بمَطَر {يَغِيرُهم} غَيْراً {وغِيَاراً: سَقَاهُمْ وأَصابَهم بخِصْب.
(و) } غارَهُمْ بخَيْرٍ {يَغِيرُهم} غَيْراً {وغِيَاراً: أَعْطَاهُمْ، وَكَذَا بالرِّزْق. (و) } غارَ فُلاناً {يَغِيرُه} غَيْراً: نَفَعَه، {فاغْتَارَ هُوَ: انْتَفَع. قَالَ عبدُ مَنَافِ بنُ ربْعٍ الهُذَلِيّ:
(ماذَا} يَغِيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهما ... لَا تَرْقُدان وَلَا بُؤسَى لمَنْ رَقَدَا) يقولُ: لَا يُغْنِى بُكاؤُهما على أَبيهِمَا مِنْ طَلَب ثأَرِه شَيْئا. وغَارَ الرَّجُلُ أَهْلَه: تَزوَّج عَلَيْهَا فغَارَتْ هِيَ حَكَاهُ أَبو عُبضيْدٍ عَن الأَصمعيّ، وَقد تَقَدّم فِي غ ور أَيضاً لأَنّ المادَة واوِيّةٌ ويائِيّة. {وغايرَهُ بِسلْعَةٍ} مُغَايَرَةً: عارَضَه بالبَيْعِ وبَادَلَه. {وغارَهُ} غَيْراً: مارَهُ. {واغْتَارَ: امْتَارَ،)
وخَرَجَ} يَغْتَارُ لأَهْلهِ، أَي يَمْتَارُ نَقله الصاغانيّ عَن الفَرّاءِ. وَمن المَجَازِ: بَناتُ غَيْرٍ: الكَذُِب، هَكَذَا فِي التَّكْمِلَة. وَفِي الأَساس: جاءَ ببَناتِ غَيْرٍ، أَي بأَكاذيبَ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
(إِذا مَا جِئْتَ جاءَ بَنَاتُ غَيْرٍ ... وإِنْ وَلَّيْتَ أَسْرَعْن الذّهَابَا)
{والغِيَارُ، بالكسْرِ: البِدَالُ، مصدرُ غايَر السِّلْعَةَ، قَالَ الأَعْشَى:
(فَلَا تَحْسَبُنِّي لَكُمْ كافِراً ... وَلَا تَحْسَبُنِّي أُرِيدُ الغِيَارَا)
(و) } الغِيَارُ أَيضاً: عَلاَمَةُ أَهلِ الذِّمَّةِ، كالزُّنّارِ للمَجُوسِ ونَحْوِه وَقيل: هُوَ عَلاَمَةُ اليهُود. {وغَيْرَةُ، بالفَتْحِ: فَرَسُ الحارِث ابنِ يَزيدَ الهَمْذانيِّ نقَلَه الصاغانيّ. (و) } غِيَرَةُ كعِنبَة: اسمٌ، وَهُوَ أَبو قَبِيلَة.
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: {المُغَيِّر: الَّذي} يُغَيِّرُ على بَعيرِه أَداتَه لِيُخَفِّف عَنْهُ ويُرِيحَهُ. قَالَ الأَعشى:
(واسْتُحِثَّ! المُغَيِّرُونَ من القَوْ ... مِ وكانَ النِّطَافُ مَا فِي العَزَالِي)
وَقَالَ ابنُ الأَعرابيّ: يُقَال: غَيَّر َ فلانٌ عَن بَعِيرِه، إِذا حَطَّ عَنهُ رَحْلَهُ وأَصْلَح منْ شَأْنه. وَيُقَال: تَرَكَ القَوْمُ {يُغَيِّرون، أَي يُصْلحُون الرِّحَالَ. قَالَ الشَّاعِر:
(جِدِّى فَمَا أَنْتِ بأَرْضِ} تَغْيِيرْ ... واعْتَرِفِي لدَلَجٍ وتَهْجِيرْ)
{وتَغَايَرَت الأَشْيَاءُ: اخْتَلَفَتْ.} وتَغْيِيرُ الشَّيْبِ: نَتْفُه. وفلانٌ لَا {يَتَغَيَّر على أَهْلِه، أَي لَا} يَغَارُ. وتقولُ العَرَبُ: {أَغْيَرُ من الحُمَّى: أَي أَنّهَا تُلازِمُ المَحْمُومَ مُلازَمَةَ} الغَيُورِ لبَعْلِها. ورَجُلٌ {غَيّارٌ، وامرأَةٌ} غَيّارَةٌ: كثيرةُ {الغَيْرَةِ والأَنَفَة.} وغِيرَةُ بنُ سَعْدِ بنِ لَيْثِ بنِ بَكْر، جَدُّ بَني البُكَيْرِ البَدْرِيِّين. {وغِيرَةُ أَيضاً: جَدٌّ لواثِلَةَ بنِ الأَسْقعِ. وَفِي ثَقِيفٍ} غِيَرَةُ بنُ عَوْفِ بن ثَقِيف.
غير
غَيْرٌ يقال على أوجه:
الأوّل: أن تكون للنّفي المجرّد من غير إثبات معنى به، نحو: مررت برجل غير قائم. أي: لا قائم، قال: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ [القصص/ 50] ، وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف/ 18] .
الثاني: بمعنى (إلّا) فيستثنى به، وتوصف به النّكرة، نحو: مررت بقوم غير زيد. أي: إلّا زيدا، وقال: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص/ 38] ، وقال: ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ [الأعراف/ 59] ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فاطر/ 3] .
الثالث: لنفي صورة من غير مادّتها. نحو:
الماء إذا كان حارّا غيره إذا كان باردا، وقوله:
كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها [النساء/ 56] .
الرابع: أن يكون ذلك متناولا لذات نحو:
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [الأنعام/ 93] ، أي:
الباطل، وقوله: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [القصص/ 39] ، أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا [الأنعام/ 164] ، وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ [هود/ 57] ، ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا [يونس/ 15] .
والتَّغْيِيرُ يقال على وجهين:
أحدهما: لتغيير صورة الشيء دون ذاته. يقال:
غَيَّرْتُ داري: إذا بنيتها بناء غير الذي كان.
والثاني: لتبديله بغيره. نحو: غَيَّرْتُ غلامي ودابّتي: إذا أبدلتهما بغيرهما. نحو: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد/ 11] .
والفرق بين غيرين ومختلفين أنّ الغيرين أعمّ، فإنّ الغيرين قد يكونان متّفقين في الجواهر بخلاف المختلفين، فالجوهران المتحيّزان هما غيران وليسا مختلفين، فكلّ خلافين غيران، وليس كلّ غيرين خلافين.

الهداية

الهداية:
[في الانكليزية] Way of salvation ،straight way ،conversion
[ في الفرنسية] Chemin du salut ،voie droite ،conversion
بالكسر هي عند الأشاعرة الدلالة على طريق يوصل إلى المطلوب ونقض بقوله تعالى إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إذ الدلالة بهذا المعنى عام لجميع المؤمنين والكافرين، لأنّه عليه الصلاة والسلام بيّن طريق الإسلام لجميعهم، فلا يصحّ نفيها عنه عليه الصلاة والسلام. وأجيب بأنّ الهداية منها ما لا تنفى عن أحد بوجه ومنها ما تنفى عن بعض دون بعض، ومن هذا الوجه قوله تعالى إِنَّكَ لا تَهْدِي فإنّه عنى نفي الهداية التي هي التوفيق وإدخال الجنّة لا نفي الهداية التي هي الدعاء إلى الإسلام، ويؤيّده ما قال المحقّق البيضاوي في تفسيره هداية الله تعالى تتنوع أنواعا لا يحصيها عدد لكنها تنحصر في أجناس مترتّبة. الأول إفاضة القوى التي بها يتمكّن المرء من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الظاهرة والباطنة. والثاني نصب الدّلائل الفارقة بين الحقّ والباطل والصلاح والفساد، وإليه أشار تعالى بقوله وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ. وقال وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى. والثالث الهداية بإرسال الرّسل وإنزال الكتب وإياها عنى بقوله تعالى وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وقوله إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُالذي مصدره هدى فإنّه يجيء لازما بمعنى الاهتداء وهو وجدان ما يوصل إلى المطلوب، ويقابلها الضلالة وهي فقدان ما يوصل إلى المطلوب، ومتعديا بمعنى الهداية وأمّا الهداية فهو متعدّ لا غير، كذا في بعض حواشي شرح المطالع.
الهداية: دلالة بلطف إلى ما يوصل إلى المطلوب وقيل سلوك طريق يوصل إلى المطلوب. وقيل: سلوك طريق توصل إلى المطلوب.

قيل

ق ي ل : قَالَ يَقِيلُ قَيْلًا وَقَيْلُولَةً نَامَ نِصْفَ النَّهَارِ وَالْقَائِلَةُ وَقْتُ الْقَيْلُولَةِ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْقَيْلُولَةِ وَأَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ إذَا رَفَعَهُ مِنْ سُقُوطِهِ وَمِنْهُ الْإِقَالَةُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهَا رَفْعُ الْعَقْدِ وَقَالَهُ قَيْلًا مِنْ بَابِ بَاعَ لُغَةٌ وَاسْتَقَالَهُ الْبَيْعَ فَأَقَالَهُ وَاقْتَالَ الرَّجُلُ بِدَابَّتِهِ إذَا اسْتَبْدَلَ بِهَا غَيْرَهَا وَالْمُقَايَلَةُ وَالْمُبَادَلَةُ وَالْمُعَاوَضَةُ سَوَاءٌ. 
قيل
قوله تعالى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
[الفرقان/ 24] مصدر:
قِلْتُ قَيْلُولَةً: نمت نصف النهار، أو موضع القيلولة، وقد يقال: قِلْتُهُ في البيع قِيلًا وأَقَلْتُهُ، وتَقَايَلَا بعد ما تبايعا.
ق ي ل: (الْقَائِلَةُ) الظَّهِيرَةُ يُقَالُ: أَتَانَا عِنْدَ الْقَائِلَةِ. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى (الْقَيْلُولَةِ) أَيْضًا وَهِيَ النَّوْمُ فِي الظَّهِيرَةِ، تَقُولُ: (قَالَ) مِنْ بَابِ بَاعَ وَ (قَيْلُولَةً) أَيْضًا وَ (مَقِيلًا) فَهُوَ (قَائِلٌ) وَقَوْمٌ (قَيْلٌ) مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَ (قُيَّلٌ) أَيْضًا بِالتَّشْدِيدِ. وَ (الْقَيْلُ) شُرْبُ نِصْفِ النَّهَارِ، يُقَالُ: (قَيَّلَهُ فَتَقَيَّلَ) أَيْ سَقَاهُ نِصْفَ النَّهَارِ فَشَرِبَ. وَ (أَقَالَهُ) الْبَيْعَ (إِقَالَةً) وَهُوَ فَسْخُهُ. وَرُبَّمَا قَالُوا: (قَالَهُ) الْبَيْعَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وَ (اسْتَقَالَهُ) الْبَيْعَ (فَأَقَالَهُ) إِيَّاهُ. 
(ق ي ل) : (قَالَ قَيْلُولَةً) نَامَ نِصْفَ النَّهَارِ وَالْقَائِلَةُ الْقَيْلُولَةُ (وَمِنْهَا اسْتَعِينُوا) بِقَائِلَةِ النَّهَارِ (وَالْقَيْلُولَةُ) فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ مِمَّا لَمْ أَجِدْهُ وَقَيَّلْتُهُ (وَأَقَلْتُهُ) سَقَيْتُهُ الْقَيْلَ وَهُوَ شُرْبُ نِصْفِ النَّهَارِ (وَمِنْهُ) قَيِّلُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا وَيُرْوَى أَقِيلُوهُمْ وَعَلَى رِوَايَةِ مِنْ رَوَى أَقِيلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إقَالَةِ الْعَثْرَةِ عَلَى مَعْنَى اُتْرُكُوهُمْ عَنْ الْقَيْلِ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ وَقْتُ الْحَرِّ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ وَاسْقُوهُمْ تَكْرَارًا وَقَوْلُهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا صَوَابُهُ حَتَّى يُبَرَّدُوا بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَيَشْهَدُ لَهُ فَقَيَّلُوهُمْ حَتَّى أَبْرِدُوا أَيْ دَخَلُوا فِي الْبَرْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

قيل

1 قَالَ He slept during midday: (Mgh:) or he stayed during midday. (TA, art. هجر.) b2: قَيَّلَ: see another meaning, voce بَيَّتَ.3 قَايَلَهُ البَيْعَ [He dissolved, rescinded, or annulled, with him the sale]. (A, art. رد.) 4 أَقَالَ اللّٰهُ عَثْرَتَكَ

, and عِثاَرَكَ, [May God cancel thy slip, lapse, fault, wrong action, or mistake: (A, art. عثر:) may God raise thee from thy fall. (Msb, art. قيل.) أَقَالَهُ عَثْرَتَهُ He forgave him his slip, lapse, or fault. (MA.) 5 تَقَيَّلَ أَبَاهُ

: see تَقَيَّضَ and تَأَسَّلَ.10 اِسْتَقاَلَ البَيْعَ He desired, or demanded, the rescinding of the sale, or purchase. (MA.) and استقال العَنْوَةُ He desired, or demanded, his passing over, or forgiving, the slip, lapse, or fault. (MA.) See also Har, p. 7. See also a verse cited voce عَنْوَةٌ.

قَائِلَةٌ

: see غَاَئِرَهٌ.

مَقِيلٌ A resting-place; syn. مُسْتَقَرٌّ: hence, مَقِيلُ الحُبِّ [the resting-place of love] and مَقِيلُ الغَيْظِ [the resting-place of wrath], applied by El-Mutanebbee to the heart. (W, i. 112.) See an ex. (mistranslated) in De Sacy's Ar. Gr., sec. ed., ii. 165: the same, with a var., in Ibn-Akeel p. 210.

قيل


قَالَ (ي)(n. ac. قَيْلمَقَال []
مَقِيْل []
قَائِلَة []
a. قَيْلُوْلَة ), Slept at noon, took
a siesta.
b.(n. ac. قَيْل), Drank, milked at noon.
c. see IV (b)
قَيَّلَa. Made to drink at noon.
b. Stood talking together.
c. [ coll. ], Rested.
قَاْيَلَa. Gave in exchange.

أَقْيَلَa. Watered at noon (animal).
b. Cancelled, annulled (bargain).
c. Pardoned.

تَقَيَّلَa. see I (a) (b).
c. Collected (water).
d. Resembled, took after ( his father ).

تَقَاْيَلَa. see IV (b)
إِقْتَيَلَa. Exchanged.

إِسْتَقْيَلَa. Asked to cancel.

قَيْلa. Midday draught of milk.
b. (pl.
قُيُوْل
أَقْيَاْل أَقْوَال [
أَقْيَاْل]), Surname of the kings of the Himyarites.
قَيْلَة []
a. Camel milked at noon.

مَقِيْل []
a. Place where one sleeps at noon.

قَائِل [] (pl.
قَيْل
قُيَّل قُيَّاْل)
a. One sleeping at noon.

قَائِلَة []
a. fem. of
قَاْيِلb. Noon.
c. Siesta.

قَيُوْل []
a. see 1 (a)
قَيُوْلَة []
a. see 1t
إِقَالَة [ N.
Ac.
a. IV], Cancelling, annulment, abrogation.

قَيْلُوْلَة
a. see 21t (c)
قَيَّل
a. see 1 (b)
[قيل] القائلةُ: الظَهيرةُ. يقال: أتانا عندَ القائلةِ، وقد يكون بمعنى القَيْلولةِ أيضاً، وهي النَوْمُ في الظَهيرَةِ. تقول: قال يَقيلُ قيْلولةً، وقيلا، ومقيلا، وهو شاذ، فهو قائل وقوم قيل، مثل صاحب وصحب، وقيل أيضاً بالتشديد. وما أكلأَ قائلتَهُ، أي نومَهُ، ولا يقال ما أقيله. كما قالوا: تركت ولم يقولوا ودعت، لا لعلة. والقيل أيضا: شرب نصف النهارِ. يقال: قَيَّلَهُ فَتَقَيَّلَ، أي سقاه نصف النهار فشرب. قال الراجز: يا رب مهر مزعوق مقيل أو مغبوق من لبن الدهم الروق ويقال: هو شَروبٌ للقَيْل، إذا كان مِهيافاً دقيقَ الخصرِ، يحتاجُ إلى شرب نصف النهار. وقيل: اسم رجل من عاد. وقيلة: أم الاوس والخزرج. وأقلته البيع إقالةً، وهو فسْخُهُ. وربَّما قالوا (*) قِلْتُهُ البيْعَ، وهي لغةٌ قليلةٌ. واسْتَقَلْتُهُ البيعَ فأَقالَني إيَّاهُ. وتقيَّلَ فلان أباه، أي أشبهه. وقيال، بكسر القاف: اسم جبل بالبادية عال.
قيل
القَيْلُ: رَضْعَةُ نِصْفِ النَّهارِ، وكذلك الشَّرْبَةُ، وقالتْ أمُّ تَأبَّطَ: ما حَرَمْتُه قيْلاً.
والقَيْلُوْلَةُ: نَوْمُ نِصْفِ النَّهار، وهي القائلَةُ. والمَقِيْلُ: المَوْضِعُ.
وتَقَيلْتُ الناقَةَ: حَلَبْتها عند القائلة.
والقَيُوْلَةُ - بوَزْنِ فَعُوْلة -: الناقَةُ يَحْبِسُها الرَّجُلُ لنَفْسِه: أي يَتَقَيلُها أي يشْرَبُ لَبَنَها في ذلك الوَقْتِ. وقَيَّلَني: سَقَاني قَيْلاً. ونَزَلْنا مَنْزِلاً فيه كَلأٌ قَلِيلٌ فأقالَنا: أي كَفانا في مَقِيْلنا. وشَجَرَةٌ مِقْيَالٌ: يَقِيْلُ فيها القائلُ.
وقلْتُه البَيْعَ قَيْلاً، وأقَلْتُه إقالةً. وقد تَقَايَلا بَعْدَما تَبَايَعا: أي تَتَارَكا. وتَقَيَّلَ أباه: أشْبَهَه.
والقِيْلَةُ - بوَزْنِ الحِيْلة -: الأُدْرَةُ، هو قَبِيحُ القِيْلةِ، والقَيْلَةُ أيضاً.
والقِيْلِيَاءُ: هو القِلْيا الذي يُغْسَلُ به الثيَابُ.
وتَقَيل الماءُ في المَكانِ المُنْخَفِض: أي اجْتَمَعَ فيه. والقَيْلُ: المَلِكُ من مُلُوكِ حِمْيَرَ، والجميع الأقْيَالُ والأقْوَال. والمَقَايِلُ: الرُّؤساء.
ق ي ل

هذا مقيل طيّب، وقال فيه مقيلاً وتقيّل، ونام القيلولة. وشرب القيل، وهو شروب للقيل وهو شراب القائلة وهي نصف النهار، يقال: أتيته عند القائلة، وقيل: هي القيلولة مصدرها كالعافية. قال:

يسقين رفها بالنهار والليل ... من الصّبوح والغبوق والقيل

وقالت أم تأبط شراً: ما سقيته غيلاً، ولا حرمته قيلاً؛ وهي رضعة نصف النهار. واقتال الرجل، كما تقول: اصطبح واغتبق، وقيّلته: سقيته القيل. قال النمر:

إذا هتكت أطناب بيتٍ وأهله ... بمعطنها لم يوردوا الماء قيّلوا

وتقيّله: شربه. وتقيّلت الناقة: حلبتها ذلك الوقت. ودوحةٌ مقيال: يقال تحتها كثيراً. وأقلته البيع واستقالنيه، وتقايلاه، بعد ما تعاقداه، وقايله مقايلة.

ومن المجاز: تقيّل الماء في المنخفض: اجتمع. وطعنته في مقيل حقده: في صدره. وأقلته العثرة واستقالنيها: وقال الشمّاخ:

ومرتبة لا يستقال بها الردى ... تلافى بها حلمي عن الجهل حاجز

أي لا يرجى فيها إقالة الردى لأنه لا بدّ من الهلاك ولو فعلتها ما استقلتها أبداً.
(قيل) - في حديث زيد بن عَمْرو بن نُفَيْل: "ما مُهاجِرٌ كمَن قال"
وفي رواية: "ما مُهَجِّر"
والتَّهْجِيرُ: السَّيْرُ في الهَاجِرةِ، والقَيلُولَة: النَّومُ فيها؛
: أي ليس المُتعَنّى كالمُسَتريح .
- في الحديث: "مَن أقالَ نَادِماً "
: أي وَافَقَه على نَقْضِ البَيْع، وأَجابَه فيه. وقد تَقَايَلا: تَتَاركَا البَيْعَ وتَفَاسَخَا.
- في حَديثِ سَلْمانَ - رضي الله عنه -: "ابْنَا قَيْلَةَ "
يريد: الأَوسَ والخزرجَ: قَبيلَتي الأنصار، وقَيْلَة اسم أُمٍّ لهم؛ وهي بِنت كَاهِل
- في حديث ابن الزبير: "لا أسْتَقِيلُهَا أَبَدًا "
: أي لا أُقِيلُ هذهِ العَثْرةَ وِلا أَنْسَاها.
- في أوائل البُخارِي: " فكانَتْ منها نقِيَّة قَبِلَتْ الماءَ" بالباء. وذُكِر عن بعضهم باليَاءِ [قَيَّلَت] وحُكِى عن جماعةٍ أنه باليَاءِ تَصْحِيف.
وقال ابنُ دُرَيْد: تَقَيَّل الماءُ في المكان المُنْخَفِض: اجْتَمع. والذي أورده البُخاري "فكان منها نَقِيَّة قَبِلَت المَاءَ"
وقال إسحاق : وكانت منها طائفة قَيَّلَتِ المَاءَ.
قيل عبهل تيع تيم وقا [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كتب لِوَائِل بْن حجر الْحَضْرَمِيّ وَقَومه: من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى الْأَقْيَال / العباهلة من 25 / الف أهل حَضرمَوْت بإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة على التيعة شَاة والتيمة لصَاحِبهَا وَفِي السُّيُوب الْخمس لَا خِلاط وَلَا وِراط وَلَا شِناق وَلَا شِغار وَمن أجبي فقد أربى وكل مُسكر حرَام. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره من أهل الْعلم: دخل كَلَام بَعضهم فِي بعض فِي الْأَقْيَال العباهلة قَالَ: الْأَقْيَال مُلُوك بِالْيمن دون الْملك الْأَعْظَم واحدهم قيل يكون ملكا على قومه ومخلافه ومحجره والعباهلة الَّذين قد أقرُّوا على ملكهم لَا يزالون عَنْهُ وَكَذَلِكَ كل شَيْء أهملته فَكَانَ مهملا لَا يمْنَع مِمَّا يُرِيد وَلَا يضْرب على يَدَيْهِ فَهُوَ معبهل قَالَ تأبط شرا: [الطَّوِيل]

مَتى تَبِغني مَا دُمْتُ حَيًّا مُسَلَّماً ... تَجِدني مَعَ الْمُسْتَرْعِلِ المتعبهلِ

فالمسترعل: الَّذِي يخرج فِي الرعيل وَهِي الْجَمَاعَة من الْخَيل وَغَيرهَا والمتعبهل: الَّذِي لَا يمْنَع من شَيْء وَقَالَ الراجز يذكر الْإِبِل أَنَّهَا قد أرْسلت على المَاء ترده كَيفَ شَاءَت فَقَالَ: [الرجز]

عَبَاهِلٍ عبهلها الوراد [و -] قَوْله: فِي التيعة شَاة فان التيعة الْأَرْبَعُونَ من الْغنم والتيمة يُقَال إِنَّهَا الشَّاة الزَّائِدَة على الْأَرْبَعين حَتَّى تبلغ الْفَرِيضَة الْأُخْرَى وَيُقَال: إِنَّهَا الشَّاة تكون لصَاحِبهَا فِي منزلَة يحتلبها وَلَيْسَت بسائمة وَهِي الْغنم الربائب الَّتِي يرْوى فِيهَا عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي الربائب صَدَقَة.
[قيل] فيه: إنه كتب إلى "الأقيال" العباهلة، جمع قيل وهو أحد ملوك حمير دون الملك الأعظم، ويروى بالواو وقد مر. ش: "قيل"، بفتح قاف وسكون تحتية. نه: ومنه ح: إلى "قيل" ذي رُعين، أي ملكها وهي قبيلة من اليمن تنسب إلى ذي رعين وهو من أذواء اليمن وملوكها. وفيه: كان لا "يقيل" مالًا ولا يبيته، أي كان لا يمسك من المال ما جاءه صباحًا إلى وقت القائلة وما جاءه مساء لا يمسكه إلى الصباح، والمقيل والقيلولة: الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. ومنه ح: ما مهاجر كمن "قال"، وروي: ما مهجّر، أي ليس من هاجر عن وطنه أو خرج في الهاجرة كمن سكن في بيته عند القائلة وأقام به. وح: رفيقين "قالا" خيمتي أم معبد؛ نزلا فيها عند القائلة. وح: إنه صلى الله عليه وسلم كان يتعهن وهو "قائل" السقيا، هما موضعان بين مكة والمدينة، أي أنه يكون بالسقيا وقت القائلة، أو هو من القول أي يذكر أنه يكون بالسقيا. وح الجنائز: هذه فلانة ماتت ظهرًا وأنت صائم "قائل"، أي ساكن في البيت عند القائلة. وش: اليوم "نضربكم على تنزيله ضربًا يزيل الهام عن "مقيله".
ومقيل الهام موضعه، مستعار من موضع القائلة، وسكون باء نضربكم للشعر. وفيه: واكتفى من حمله "بالقيلة"، القيلة والقيل: شرب نصف النهار، يعني أنه يكتفي بتلك الشربة لا يحتاج إلى حمله للخصب والسعة. ط: ومنه: ماكنا "نقيل" ولا نتغدى إلا بعد الجمعة، الغداء: طعام أول النهار، وهما كنايتان عن التبكير، أي لا يشتغلون بمهم سواه. ومنه: مشربهم و"مقيلهم"، وهو كناية عن التنعم. ومنه: فأدركتهم "القائلة"، أي الظهيرة أو النوم فيها. ومنه: "فيقيل" عندها أم سليم وأم حرام، كانتا محرمين له من رضاع أو نسب فيحل له الخلوة بهما دون غيرهما من النساء، فلا يظن جاهل أنه صلى الله عليه وسلم كان في سعة من ذلك للعصمة ولا يتذرع مستبيح إلى الترخص بما لا رخصة فيه. ك: وكانت منها طائفة "قيلت" الماء، بتحتية مشددة أي شربت القيل أي شرب نصف النهار. ومنه: فهيئ لنا "مقيلًا"، أي مكان قيلولة. غ: ومنه: "وأحسن "مقيلا"". نه: وابنا "قيلة"، الأوس والخزرج قبيلتا الأنصار، وقيلة بنت كاهل أمهم. وفيه: من "أقال" نادمًا "أقاله" الله من نار جهنم، وروي: أقاله الله عثرته، أي وافقه على نقض البيع، ويكون الإقالة في البيع والعهد. ومنه ح ابن الزبير: لما قتل عثمان. قلت: "لا أستقيلها" أبدًا، أي لا أقيل هذه العثرة ولا أنساها، والاستقالة طلب الإقاة. وفيه: ولا حامل "القيلة"، هي بالكسر انتفاخ الخصية.
[قيل] نه: فيه: إن رجلًا كان "ينال" من الصحابة، يعني الوقيعة فيهم، يقال منه: قال ينال نيلًا- إذا أصاب، فهو نائل. ومنه في ح بلال بفضل وضوئه صلى الله عليه وسلم: فبين ناضح و"نائل"، أي مصيب منه وأخذ. ومنه ح ابن عباس فيمن طلق واحدة من نسائه الأربع ولم يدرها قال: "ينالهن" من الطلاق ما ينالهن من الميراث، أي يكون الميراث بينهن لا تسقط منهن واحدة حتى تــعرف بعينها، وكذلك إذا طلقها وهو حي فإنه يعتزلهن جميعًا إذا كان ثلاثًا، أي كما أورثهن جميعًا أمر باعتزالهن جميعًا. وفيه: قد "نال" الرحيل، أي حان ودنا. ومنه: "ما نال" لهم أن يفقهوا، أي لم يقرب ولم يدن. ك: وفيه: أما "نال" للرجل يــعرف منزله؟ أي أن له، وفي بعضها: أما أن له، وروى: أنى له، أي أما جاء وقت به يــعرف منزل الرجل بأن يكون له مسكن يسكنه، وروى: يــعرف- بلفظ المعروف، ويحتمل أن يريد علي بهذا القول دعوته إلى بيته للضيافة، ويكون إضافة المنزل إليه لأدنى ملابسة، أو يريد إرشاده إلى ما قدم لذلك وقصده، يعني أما جاء وقت إظهار المقصود والاشتغال به كالاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم مثلًا وكالدخول في منزله، وإنما قال: لا، على المعنى الأول إذ لم يكن قصده التوطن ثمه، وعلى الثاني إذ كان عنده أهم من الضيافة، وعلى الثالث إذ خاف عن الإظهار، وفاعل نال يــعرف. و"نلت" نهان أي تكلمت في عرضها، من النيل. ومنه: "فنال" من أبي سعيد، أي تألم الشاب منه. وح: إن معاذًا "نال" منه، أي ذكره بسوء. ن: ما "نيل" بشيء، أي أصيب بأذى من قول أو فعل. ط: وما "نيل" منه، أراد الوقيعة. وح: فهي "نائلة" إن شاء الله من مات، من نال ينال: أصاب، ومن مفعوله. ج: ساعة "نيل"، أي نوال وعطاء.
تم بحمد الله وحسن توفيقه طبع الجزء الرابع من مجمع بحار الأنوار
في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار. وتداعتني بتصحيحه والتعليق
عليه خادم العلم والعلماء السيد حبيب الله القادري الرشيد
كامل الجامعة النظامية وصدر المصححين بدائرة المعارف العثمانية.
ووقع الفراغ من طبعه يوم الأربعاء الثاني عشر من شهر الله
المبارك رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة بعد الألف
من الهجرة النبوية على صاحبها ألف ألف صلاة
وتحية = 10/ أكتوبر سنة 1973م. ويتلوه
في الجزء الخامس حرف الواو. بسم الله الرحمن الرحيم
حمد لله رب العالمين

باب وا
قيل: قال: توقف في القائلة أي في وقت الظهيرة. (ابن جبير ص62).
قال: هدأ، سكن. (فوك).
قال: توقف عن العمل. تعطل، بقي بلا عمل. (فليشر في تعليقه على المقري 1: 627، ص208).
قيل: توقف عن السير وقت الظهيرة. (بركهارت نوبية ص387).
قيل: قال، نام وسط النهار. (الكالا، بوشر).
قيل: استراح. (محيط المحيط).
قيل: اصطاف، قضى الصيف وهو الفصل الشديد الحر في مكان ما. (الكالا).
قيل: أمضى النهار، قضى النهار (شيرب).
قيلني: دعني، اتركني، كق عني. (رولاند).
أقال: عنه وتجاوز. وهذا الفعل لا يتعدى بنفسه فحسب (معجم البلاذري، ومحيط المحيط). بل يتعدى به أيضا.
ففي بدرون (ص292): فدعا لهم أن يقيلهم الله من عثرتهم.
وفي ريجرز (ص27) عليك أن تقرأ وفقا لما جاء في مخطوطة أ: (وفي أثناء نكبته، وقعود أبي الحزم عن أقالته من كبوته).
كما يتعدى ب في (فوك).
أقال: طلب الصفح والمغفرة (عبد 3: 106).
وفيه: إقالة مرادفة استغفار.
أقال: صفح عنه، جعله يصفح عنه ويتجاوز عن ذنبه ويغفره. ففي القلائد (ص117): وأقال من عثاره الإنشاء. أي أن إنشاءه البديع جعلهم يغفرون له ذنوبة.
أقاله الله من فلان: تجاه الله من فلان وخلصه منه. (معجم البلاذري).
تقيل: قلد، حاكى، اقتدى به، تشبه به. (رسالة إلى السد فليشر ص56).
استقال. استقال الله شيئا: طلب من الله أن يعفيه منه كأنه لم يكن (ابن خلكان 1: 377).
استقالة عثرة: طلب الصفح عن الذنب والخطيئة. (عباد 2: 257، 3: 218).
استقال من فلان: تخلص منه. (عباد 1: 251).
قيل (بالقبطية كيل): نوع من السمك (زيشر مجلة لغة مصر القديمة، مايس 1868 ص55، تموز ص83، ص84).
قيلة، والجمع قوائل: قائلة، قيلولة، نومة نصف النهار أو الاستراحة فيه وان لم يكن نوم (فوك).
قيلولة: انظر إقالة.
قيالة: توقف عن السير في وقت الظهيرة. (بركهارت نوبيه ص 387).
قيالة: توقف عن السير في وقت الظهيرة. (ألف ليلة 1: 31).
قيولة: الفك الأسفل لدى الإنسان أو اللحى الأسفل وهو العظم الأسفل الذي فيه منبت الأسنان. (فوك).
قيولة: عظم الفك (الكالا) والكلمة من أصل أسباني. (سيمونيه ص338).
قائلة: شمس. (دومب ص53، بوشر بربرية).
إقالة: في المعجم اللاتيني- العربي Reconciliato إقالة ورجعة. بمعنى حل الهرطوقي ورده إلى الكنيسة عند الكاثوليك وغفران ذنوبه التي ارتكبها.
وفي ترجمة القوانين (مخطوطة الاسكوريال): إقالة وقيلولة تدلان على هذا المعنى وقد فسرتا ب وهي الخناعة بالاوقرشتيا.
تقييلة: قيلولة، نومة نصف النهار. (بوشر).
مقيل: توقف عن السير عند شدة الحر. (دوماس عادات ص303).
مقيل: قيلولة. نومة نصف النهار (فوك) في القسم الأول، وانظر معجم مسلم.
مقيول: ذو القيلة: قرواني، الذي عظم كيس بيضته ذو القروة (بوشر).
كقيالة: موضع بارد مسقف يقال فيه أي ينام فيه وقت القيلولة. (الكالا).
مقيالة: مرتع، مرعى، موضع ترعى فيه المواشي في زمن الصيف. وحظيرة زريبة، مداح. (الكالا).
مقيالة: نزل دار الضيافة. (الكالا).
(ق ي ل)

القائلة: نصف النَّهَار.

وَقد قَالَ الْقَوْم قيلاً، وقائلة، وقيلولة، ومقالا، وَمَقِيلا، الْأَخِيرَة عَن سِيبَوَيْهٍ، وتقيلوا: نَامُوا فِي القائلة.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَلَا يُقَال: مَا أقيله؟؟ استغنوا عَنهُ بِمَا أنومه؟؟ وَرجل قَائِل. وَالْجمع: قيل، وقيال.

والقيل: اسْم للْجمع، كالشرب وَالسّفر، قَالَ:

إِن قَالَ قيل لم أقل فِي القيل

وَقيل: هُوَ جمع قَائِل، فَأَما قَول العجاج:

كَأَن رعن الْآل مِنْهُ فِي الْآل

بَين الضُّحَى وَبَين قيل القيال

إِذا بدادها نج ذُو اعدال

فقد يكون على الْفِعْل الَّذِي هُوَ: " قَالَ " كضراب وشتام، وَقد يكون على النّسَب كَمَا قَالُوا: نبال: لصَاحب النبل.

وشربت الْإِبِل قائلة: أَي فِي القائلة كَقَوْلِك: شربت ظَاهِرَة: فِي الظهيرة.

وَقد تكون قائلة هَاهُنَا: مصدرا، كالعافية.

وأقالها هُوَ، وقيلها: اوردها ذَلِك الْوَقْت.

وَقيل الرجل: سقَاهُ ذَلِك الْوَقْت.

والقيل: اللَّبن الَّذِي يشرب نصف النَّهَار وَقت القائلة، وَقَوله:

وَكَيف لَا ابكي على علاتي ... صبائحي غبائقي قيلاتي عَنى بِهِ: ذَوَات قيلاتي، فقيلات على هَذَا: جمع قيلة، الَّتِي هِيَ الْمرة الْوَاحِدَة من القيل.

والقيول: كالقيل، اسْم كالصبوح والغبوق.

وَقيل الرجل: سقَاهُ القيل.

وتقيل هُوَ القيل: شربه، انشد ثَعْلَب:

وَلَقَد تقيل صَاحِبي من لقحة ... لَبَنًا يحل ولحمها لَا يطعم

وتقيل النَّاقة: حلبها عِنْد القائلة، عَن اللحياني.

قَالَ: والقيل، والقيلة: النَّاقة الَّتِي تحلب عِنْد القائلة، تَقول الْعَرَب: هَذِه قيلي وقيلتي.

والمقيل: محلب ضخم يحلب فِيهِ فِي القائلة. عَن الهجري، وانشد:

عنز من السك ضبوب قنفل ... تكَاد من غزر تدق المقيل

وَقَالَهُ البيع قيلاً، وأقاله، وَحكى اللحياني: أَن " قلته ": لُغَة ضَعِيفَة.

واستقالني: طلب الي أَن اقيله.

وتقايل البيعان: فسخا صفقتها.

وتركتهما يتقايلان البيع: أَي يستقيل كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه.

وتقيل المَاء فِي الْمَكَان المنخفض: اجْتمع.

وتقيل أَبَاهُ: اشبهه.

والقيل: الْملك من مُلُوك حمير يتقيل من قبله من مُلُوكهمْ: يُشبههُ. وَجمعه: أقيال، وقيول.

وَقَالَ ثَعْلَب: الْأَقْيَال: الْمُلُوك، من غير أَن يخص بهَا مُلُوك حمير.

واقتال شَيْئا بِشَيْء: بدله، عَن الزجاجي.

ورماه الله بقيلة، مَكْسُورَة الْقَاف: أَي بأدرة، عَن كرَاع وَقيل: اسْم رجل من عَاد.

وَحكى اللحياني: إِنَّه لقبيح القيلة: أَي الادرة.

واقال الله عثرتك، واقالكها. وَقيل: وَافد عَاد.

وقيلة: مَوضِع.
قيل
قالَ يَقِيل، قِلْ، قَيْلاً وقَيْلولةً، فهو قائِل
• قال الشَّخصُ: نام في منتصف النّهار " {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} ". 

أقالَ يُقيل، أَقِلْ، إقالةً، فهو مُقِيل، والمفعول مُقَال
• أقال البيعَ: فَسَخَهُ، نكثه "من أقال نادمًا أقاله اللهُ من نار جهنَّم: وافقه على نقض البيع وأجابه إليه".
 • أقال فلانًا من وظيفته: نحّاه عنها "أقال الرَّئيسُ الوزيرَ- {فَأَقِيلُوا أَنْفُسَكُمْ} [ق]: المراد أبعدوا أنفسكم عن المعاصي".
• أقال اللهُ عثْرَتَهُ: صفح عنه وترك ذنْبَه، أنهضه من سقوطه، ساعده في محنته. 

استقالَ من يَسْتقيل، اسْتَقِلْ، اسْتِقالةً، فهو مُستقِيل، والمفعول مستقالٌ منه
• استقال من عمله: طلب أن يُعفى منه "استقال من إدارة الشَّرِكة- استقال لأسباب صحيّة". 

تقيَّلَ يتقيّل، تقيُّلاً، فهو مُتقيِّل
• تقيَّل الشَّخصُ: قالَ؛ نام في الظَّهيرة. 

قيَّلَ يقيِّل، تَقْييلاً، فهو مُقَيِّل، والمفعول مُقَيَّل
• قيَّله في المكان: جعله يقيل فيه، أي يستريح وقت الظَّهيرة "قيّلهُ في منزله الصيفيّ على شاطئ البحر". 

إقالة [مفرد]:
1 - مصدر أقالَ.
2 - فسخ البيع وإعادة الشيء المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا ندم أحدهما أو كلاهما.
3 - لجوء صاحب العمل إلى طرد الموظّف بالأسلوب القانونيّ. 

استقالة [مفرد]:
1 - مصدر استقالَ من.
2 - طلب إعفاء من العمل "استقالة موظَّف". 

قائِل [مفرد]: ج قائلون وقالَة وقُيَّال وقُيَّل، مؤ قائلة، ج مؤ قائلات وقُوَّل وقُيَّل: اسم فاعل من قالَ. 

قائِلَة [مفرد]:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل قالَ.
2 - منتصف النّهار من الحرّ، ويقال أيضًا: الظهيرة "ينام فلانٌ في القائِلة". 

قَيْل [مفرد]: مصدر قالَ. 

قَيْلولة [مفرد]: مصدر قالَ. 

مُسْتقيل [مفرد]: اسم فاعل من استقالَ من. 

مَقيل [مفرد]:
1 - مصدر ميميّ من قالَ.
2 - موضع القيلولة، مكان الراحة وقت القيلولة " {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} ". 
قيل
{القائِلَة: نصفُ النهارِ كَمَا فِي المُحْكَم، وَفِي الصِّحاح: الظَّهيرَة، ومثلُه فِي العَين، يُقَال: أَتَانَا عِنْد} قائِلَةِ النهارِ، وَقد تكونُ بِمَعْنى {القَيْلولَةِ أَيْضا، وَهِي النَّومُ فِي نصفِ النهارِ، وَقَالَ الليثُ: القَيْلولَة: نَوْمُ نِصفِ النهارِ، وَهِي القائِلَة.} قَالَ {يَقيلُ} قَيْلاً، {وقائِلَةً،} وقَيْلُولَةً، {ومَقالاً،} ومَقِيلاً، الأخيرةُ عَن سِيبَوَيْهٍ، وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: هُوَ شاذٌّ. {وَتَقَيَّلَ: نامَ فِيهِ أَي نصفَ النَّهَار، وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: القَيْلولَةُ} والمَقيل: الاستِراحةُ نصفَ النهارِ عندَ العربِ، وإنْ لم يكنْ مَعَ ذَلِك نَوْمٌ، والدليلُ على ذَلِك أنّ الجَنَّةَ لَا نَوْمَ فِيهَا، وَقد قَالَ الله تَعالى: أَصْحَابُ الجنَّةِ يَوْمَئِذٍ خيرٌ مُسْتَقرّاً وأحْسَنُ مَقيلاً، وَفِي الحَدِيث: {قيلوا فإنّ الشياطينَ لَا} تَقيل، وَفِي الحَدِيث: مَا مُهَجِّرٌ كَمَنْ قالَ أَي لَيْسَ من هاجَرَ عَن وطَنِه، أَو خَرَجَ فِي الهاجِرَةِ كمن سَكَنَ فِي بيتِه عِنْد القائلَةِ وأقامَ بِهِ، وَفِي حديثِ أمِّ مَعْبَدٍ: رَفيقَيْنِ {قَالَا خَيْمَتَيْ أمِّ مَعْبَدِ أَي نزَلا فِيهَا عندَ القائلَة، إلاّ أنّه عَدّاهُ بغيرِ حرفِ جرٍّ، فَهُوَ} قائِلٌ، وَمِنْه حديثُ الجَنائز: هَذِه فلانةُ ماتَتْ ظُهراً وأنتَ صائِمٌ قائِلٌ أَي ساكنٌ فِي البيتِ عِنْد القائِلَة. ج: {قُيَّلٌ} وقُيَّالٌ، كسُكَّرٍ، ورُمَّانٍ، {وَقَيْلٌ كَشَرْبٍ وَصَحْبٍ اسمُ جمعٍ، وَلم يذكر الجَوْهَرِيّ قُيّالاً، قَالَ: إنْ قالَ} قَيْلٌ لم {أَقِلْ فِي} القُيَّلِ فجاءَ بالجَمعَيْن، {وَقيل: هُوَ جمعُ قائِلٍ.} والقَيْل، و {القَيُول، كصَبُورٍ: اسمُ اللبَنِ يُشربُ فِي القائِلَةِ كالصَّبُوحِ والغَبُوق. أَو} القَيْل: شُربُ نِصفِ النهارِ، وَأنْشد الأَزْهَرِيّ: يُسْقَيْنَ رِفْهاً بالنهارِ واللَّيْلْ منَ الصَّبُوحِ والغَبُوقِ والقَيْلْ وقالتْ أمُّ تأبَّطَ شَرّاً: مَا سَقَيْتُه غَيْلاً، وَلَا حَرَمْتُه {قَيْلاً. فِي التَّهْذِيب فِي ترجمةِ صبح القَيْل: الناقةُ الَّتِي تُحلبُ عِنْد القائِلَةِ،} كالقَيْلَة، وَهِي {قَيْلاتي للقاحِ الَّتِي يَحْتَلبونَها وقتَ القائِلَة.
القَيْل: النائمُ فِي مَنْزِلِه} كالقائِلِ، وَقد ذُكِرَ. {والتَّقْييل: السَّقْيُ فِيهَا، وَقد} قَيَّلَه! وَتَقَيَّلَ هُوَ: شَرِبَ فِيهَا، وَأنْشد ثَعْلَبٌ: وَلَقَد {تقَيَّلَ صاحِبي مِن لِقْحَةٍ لَبَنَاً يَحِلُّ وَلَحْمُها لَا يُطْعَمُ وَقَالَ الجَوْهَرِيّ:} قَيَّلَه {فَتَقَيَّلَ: أَي سَقاه نِصفَ النهارِ فشَرِبَ، قَالَ الراجز:)
يَا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعُوقْ} مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ من لبَنِ الدُّهْمِ الرُّوقْ أَو تقَيَّل: حَلَبَ الناقةَ فِيهَا. (و) {يُقَال: شَرِبَتِ الإبلُ قائِلَةً، أَي فِيهَا، كقولِك: شرِبَتْ ظاهِرَةً، أَي فِي الظَّهيرَة، وَقد تكونُ القائِلَةُ هُنَا، مصدرا كالعافية.} وأَقَلْتُها {وقيَّلْتُها: أوردْتُها ذَلِك الوقتَ.} وقِلْتُه البَيعَ، بالكَسْر، {قَيْلاً،} وأَقَلْتُه إِقَالَة: فَسَخْتُه، واللُّغَة الأُولى قَليلَةٌ، كَمَا فِي الصِّحاح، وَقَالَ اللِّحْيانِيّ إنّها ضعيفةٌ. واسْتَقالَهُ: طَلَبَ إِلَيْهِ أنْ {يُقيلَه،} فأقالَه. {وتَقايَلَ البَيِّعان: تَفاسَخا صَفْقَتَهُما، وعادَ المَبيعُ إِلَى مالكِه والثمنُ إِلَى المُشتَري إِذا كَانَ قد نَدِمَ أحدُهما أَو كِلاهما، وتركْتُهما} يَتَقايَلان: أَي يَستَقيلُ كلٌّ مِنْهُمَا صاحِبَه، وَقد {تَقايَلا بعدَ مَا تَبايَعا أَي تَتارَكا.} وأقالَ اللهُ عَثْرَتَكَ {وأقالَكَها أَي صَفَحَ عنكَ، وَمِنْه الحَدِيث: من} أقالَ نادِماً {أقالَه اللهُ من نارِ جهنّمَ، ويُروى: أقالَ اللهُ عَثْرَتَه أَي وافَقه على نَقضِ البَيعِ وأجابَه إِلَيْهِ، وَفِي الحَدِيث:} أَقيلوا ذَوي الهَيْآتِ عَثَرَاتِهم.
قَالَ أَبُو زيدٍ: {تقَيَّلَ أباهُ} تَقَيُّلاً، وتقَيَّضَه تقَيُّضاً: إِذا أَشْبَهه وَنَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَه، وَفِي العُباب: وعَمِلَ عَمَلَه. منَ المَجاز: تقَيَّلَ الماءُ فِي المكانِ المُنخفِض: إِذا اجتمعَ فِيهِ. {وَقَيْلٌ: اسمُ رجلٍ من عادٍ، وَقيل: وافِدُ عادٍ إِلَى مكّةَ، قَالَ الحافظُ: هُوَ} قَيْلُ بنُ عَيْرٍ، وخبَرُه مَشْهُورٌ. (و) {قَيْلَةُ، بهاءٍ: أمُّ الأَوْسِ والخَزرَج، وَهِي قَيْلَةُ بنتُ كاهلِ بن عُذْرَةَ، قُضاعِيّةٌ، وَيُقَال: بنتُ جَفْنَةَ، غَسّانِيّةٌ، ذَكَرَها الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ وغيرُه، وترجمَتُها واسعةٌ فِي المَعارفِ وشُروحِ المَقامات. قَيْلَةُ: حِصنٌ على رأسِ جبَلٍ يُقَال لَهُ كَنَن، بصنعاءِ الْيمن. (و) } القَيْلَة: الأُدْرَةُ، وبالكَسْر أَفْصَحُ، وَمِنْه حديثُ أهلِ البيتِ: وَلَا حامِلُ {القِيلَة وَهُوَ انتِفاخُ الخُصْيَةِ، والعامّةُ تقولُ:} القَيْلِيتَة. (و) {قِيالٌ، ككِتابٍ: جبَلٌ بالباديةِ عالٍ، نَقله الجَوْهَرِيّ.} والقَيُولَة: الناقةُ تَحْبِسُها لنَفسِكَ تشربُ لَبَنَها فِي القائلَةِ، نَقله الصَّاغانِيّ. {والاقْتِيالُ: الاستِبدالُ، يُقَال: أَدْخِلْ بَعيرَكَ السُّوقَ} واقْتَلْ بِهِ غَيْرَه، أَي استَبْدِلْ بِهِ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَقَالَ الزَّجَّاجيُّ: {اقْتالَ شَيْئا بشيءٍ: بدَّلَه.} والمُقايَلة: المُعارَضة، مثل المُقايَضة، وَهِي المُبادَلة. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: {المَقيل: مَوْضِعُ} القَيْلولَة، قَالَ ابنُ بَرِّي: وَقد جاءَ المَقالُ لمَوضِعِ القَيْلولَةِ، قَالَ الشَّاعِر:
(فَمَا إنْ يَرْعَوِينَ لمَحْلِ سَبْتٍ ... وَمَا إنْ يَرْعَوِينَ على {مَقالِ)
وَفِي الحَدِيث: كَانَ لَا} يُقيلُ مَالا وَلَا يُبيتُه، أَي لَا يُمسكُ من المالِ مَا جاءَ صباحاً إِلَى وَقْتِ)
القائِلَةِ، وَمَا جاءَه مسَاء لَا يُمسكُه إِلَى الصَّباح.! ومَقيلُ الرَّأْس: مَوْضِعُه، مُستعارٌعُمرَ الزاهدِ فِي أوائلِ شَرْحِ الفَصيح. {وَقَيْلَةُ بنتُ الأرْقَمِ التَّميميَّة، وَقَيْلَةُ بنتُ مَخْرَمةَ العَنْبَريَّةُ، وَقَيْلَةُ الخُزاعِيّةُ أمُّ سِبَاع، وَقَيْلَةُ الأَنْمارِيَّةُ: صَحابِيّاتٌ رَضِيَ الله تَعالى عنهُنَّ.
وَأَبُو} قائِلَة: تابِعيٌّ عَن عمرَ، وَعنهُ عبدُ الرحمنِ بن حَيْوِيل. {وَقَيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ الهُجَيْمِ بنش عَمْرِو بنِ تَميم، ونقلَ الخَطيبُ عَن ابنِ حَبيب أنّه قُتَلُ، كصُرَد.
قيل: {قائلون}: نائمون نصف النهار.

التّقدّم

التّقدّم:
[في الانكليزية] Advance ،precedence ،priority ،development
[ في الفرنسية] Devancement ،anteriorite ،priorite ،developpement
هو عند الحكماء يطلق على خمسة أشياء بالاشتراك اللفظي على ما ذهب إليه المحقّقون، وبالاشتراك المعنوي على ما ذهب إليه جمّ غفير كما في بعض حواشي شرح هداية الحكمة.
وقيل بالحقيقة والمجاز. الأول التقدّم بالزمان وهو كون المتقدّم في زمان لا يكون المتأخر فيه كتقدم موسى على عيسى عليهما السلام، فإنه ليس لذات موسى ولا لشيء من عوارضه إلّا الزمان، فمعناه أنّ موسى وجد في زمان ثم انقضى ذلك الزمان وجاء زمان آخر وجد فيه عيسى. فالتقدم هاهنا صفة للزمان أولا وبالذات.
الثاني التقدّم بالشرف وهو أن يكون للسابق زيادة كمال من المسبوق كتقدم أبي بكر على عمر رضي الله عنهما. ولا شك أنّ زيادة الكمال هو السبب للتقدم في المجالس غالبا.
الثالث التقدّم بالرتبة بأن يكون المتقدم أقرب إلى مبدأ معيّن وسمّاه البعض بالتقدّم بالمكان.
والترتب إمّا عقلي كما في الأجناس المترتبة على سبيل التصاعد والأنواع الإضافية المترتبة على سبيل التنازل، فإنّ كلّ واحد من هذه الأمور المرتّبة واقع في مرتبة يحكم العقل باستحالة وقوعه في غيرها، وإمّا وضعي وهو أن يمكن وقوع المتقدّم في مرتبة المتأخر كما في صفوف المسجد، ويختلف ذلك التقدم الرتبي بحيث يصير المتقدم متأخرا والمتأخر متقدما بسبب اختلاف المبدأ. فقد تبتدئ أنت من المحراب فيكون الصف الأول متقدما على الصف الأخير وقد تبتدئ من الباب فينعكس الحال، وكذا الأجناس فإنّك إذا جعلت الجوهر مبدأ كان الجسم متقدما على الحيوان، وإن جعلت الإنسان مبدأ انعكس الأمر. الرابع التقدم بالطّبع وهو أن يكون المتقدم محتاجا إليه المتأخّر ولا يكون علّة تامة له كتقدّم الواحد على الاثنين وتقدّم سائر العلل الناقصة على معلولاتها وسماه صاحب المواقف بالتقدّم بالذات أيضا، وخصّه بجزء الشيء مقيسا إلى كله دون سائر علله الناقصة فقد خالف المشهور. الخامس التقدم بالعلية، وربما يقال له التقدم بالذات أيضا بأن يكون المتقدّم هو الفاعل المستقلّ بالتأثير ويسمّى علّة تامة لاستجماعه شرائط التأثير وارتفاع موانعه، وما سواه من العلل الناقصة متقدّم بالطبع. وأمّا العلة التامة بمعنى جميع ما يتوقّف عليه وجود المعلول فهي قد تكون متقدّمة على المعلول وذلك إذا كانت هي العلّة الفاعلية وحدها كما في البسيط الصادر عن الموجب بلا اشتراط أمر في تأثيره ولا تصوّر مانع أو مع اعتبار شيء معها من شرط أو ارتفاع مانع، أو كانت هي الفاعلية مع الغائية كما في البسيط الصادر عن المختار سواء اعتبر هناك شرط أو لا. أمّا إذا كانت العلّة التّامة هي الفاعلية مع المادية والصورية سواء كان هناك علّة غائية كما في المركّب الصادر عن المختار أو لا كما في المركّب الصادر عن الموجب لا يتصور تقدّمها على معلولها لأنّ مجموع الأجزاء المادية والصورية عين الماهية والشيء لا يتقدم على نفسه فكيف يتقدم عليهما مع انضمام أمرين آخرين إليه؟ ويمكن أن يقال المعتبر في العلّة التامة الصورة والمادة بدون انضمام إحداهما إلى الأخرى والمعلول هما مع الانضمام، فلا يلزم تقدّم الشيء على نفسه. وما قيل إنّ ذلك الانضمام إمّا أن يتوقف عليه وجود المعلول فيكون معتبرا في جانب العلة فيلزم المحال المذكور أو لا، فلا يعتبر في المعلول فليس بشيء، لجواز أن يكون ذلك الانضمام لازما لوجود المعلول معتبرا فيه من غير أن يتوقّف عليه وجوده. ولا يلزم من عدم توقف الوجود عدم الاعتبار فتدبر. هذا والمتقدم بالعلّية عند صاحب المحاكمات هو الفاعل مطلقا سواء كان مستقلا بالتأثير أو لا.
اعلم أنّ المتقدم بالعلّية والمتقدّم بالطبع مشتركان في معنى واحد وهو الترتّب العقلي الموجب لامتناع وجود المتأخر بدون المتقدّم، فهذا المعنى المشترك يسمّى التقدّم بالذات أيضا. وربما يقال للمعنى المشترك التقدّم بالطبع. ويخصّ التقدّم بالعلّية باسم التقدّم بالذات، والشيخ استعملهما في قاطيغورياس الشفاء كذلك، وفي شرح حكمة العين وربّما يقال للمعنى المشترك التقدم الحقيقي فإنّ ما سواه ليس بحقيقي بل إطلاق لفظ المتقدّم عليه بالعرض والمجاز، فإنّ المتقدّم بالزمان ليس التقدّم له بالذات والحقيقة، بل لأجزاء الزمان فالتقدّم الحقيقي بين الزمانين وهو بالطبع، لا بين الشخصين، وكذا الحال في التقدّم بالشرف، إذ صاحب الفضيلة ربّما قدّم في الشروع في الأمور أو في منتصب الجلوس فيرجع إلى التقدم الزماني، والرتبي راجع إلى الزماني أيضا. فإنّه إذا قيل بغداد قبل البصرة فهو بالنسبة إلى القاصد المنحدر، ولا معنى لهذا التقدّم إلّا أنّ زمان وصوله إلى بغداد قبل زمان وصوله إلى البصرة. وأما القاصد المتصعّد فبالعكس وليس أحدهما قبل الآخر بذاته ولا بحسب حيّزه ومكانه، بل بحسب الزمان على الوجه المذكور، فعلم من هذا أنّ التقدّم ليس مقولا على الخمسة بالتواطؤ ولا بالتشكيك بل بالحقيقة والمجاز كذا قيل انتهى.
قال المتكلّمون هاهنا نوع آخر من التقدّم وهو تقدّم بعض أجزاء الزمان على البعض كتقدم الأمس على اليوم واليوم على الغد، فإنه ليس تقدما بالعلية ولا بالذات لوجوب اجتماع المتقدم والمتأخر من هذين النوعين، ولا يجوز الاجتماع في أجزاء الزمان ولا بالشرف والرتبة وهو ظاهر، ولا بالزمان وإلّا لزم أن يكون للزمان زمان وأجاب الحكماء عنه بأنّ ذلك هو التقدّم الزماني وأنه لا يعرض أولا وبالذات إلّا للزمان فإذا أطلقناه على غيره كان ذلك تقدما بالعرض كما أنّ القسمة تعرض للكم أولا وبالذات، فإذا عرضت لغيره كان بواسطة الكم وذلك لا يوجب للكم كمّا آخر، فكذلك هاهنا إذا قلنا لغير الزمان إنه متقدّم بالتقدم الزماني أردنا أنّ زمانه متقدّم، ولا يوجب ذلك أن يكون للزمان زمان، وهذا مبنى لأبحاث كثيرة بين الطائفتين، منها أنّ الحكماء لما جعلوه راجعا إلى التقدّم الزماني ادعوا قدم الزمان المستلزم لقدم الحركة والمتحرّك، إذ لو كان حادثا لكان عدمه سابقا على وجوده سبقا زمانيا فيلزم وجود الزمان حال عدمه. والمتكلّمون لمّا جعلوه قسما برأسه جوّزوا تقدّم عدم الزمان على وجوده تقدّما يستحيل معه اجتماع المتقدّم مع المتأخّر من غير أن يكون مع عدم الزمان زمان.
تنبيه
التقدّم إن اعتبر بين أجزاء الماضي فكلّما كان أبعد من الآن الحاضر فهو المتقدّم وإن اعتبر فيما بين أجزاء المستقبل فكلّما هو أقرب إلى الآن الحاضر فهو المتقدّم وإن اعتبر فيما بين الماضي والمستقبل فقد قيل الماضي مقدّم على المستقبل وهذا هو الصحيح عند الجمهور، وهذا بالنظر إلى ذاتهما. ومنهم من عكس الأمر نظرا إلى عارضهما فإنّ كل زمان يكون أولا مستقبلا ثم يصير حالا ثم يصير ماضيا فكونه مستقبلا يعرض له قبل كونه ماضيا.
فائدة:
جميع أنواع التقدّم مشترك في معنى واحد وهو أنّ للمتقدّم أمرا زائدا ليس للمتأخّر ففي الذاتي كونه محتاجا إليه المتأخّر وفي الزماني كونه مضى له زمان أكثر لم يمض للمتأخّر.
وفي الشرف زيادة كمال وفي الرتبي وصول إليه من المبدأ أولا.
فائدة:
إذا عرف أقسام التقدّم عرف أقسام التأخّر لكونه ضدا له وإذا عرف أقسامهما عرف أقسام المعية بالمقايسة، فهي إمّا بالزمان فقط كالعلّية مع المعلول وذلك في غير المفارقات لأنها غير زمانية وإمّا بالعلّية كعلتين لمعلول واحد نوعي كالنار والشعاع بالنسبة إلى الحرارة النوعية أو لمعلولين شخصيين من نوع واحد، وإمّا بالطبع كجزءين مقوّمين لماهية واحدة في مرتبة واحدة، وإمّا بالشرف كشخصين متساويين في الفضلية، وإمّا بالرتبة كنوعين متقابلين تحت جنس واحد وشخصين متساويين في القرب إلى المحراب.
هكذا كله خلاصة ما في شرح المواقف وشرح حكمة العين وشرح هداية الحكمة وغيرها.

مَا إذا كان

مَا إذا كان
الجذر: م ا إ ذ ا

مثال: لا أعرف ما إذا كنت راضيًا أم لا
الرأي: مرفوضة
السبب: لأن هذا التركيب لم يرد عن العرب.

الصواب والرتبة: -لا أعرف إن كنت راضيًا أم لا [فصيحة]-لا أعرف هل كنت راضيًا أم لا [فصيحة]-لا أعرف ما إذا كنت راضيًا أم لا [صحيحة]
التعليق: يمكن تصحيح الاستعمال المرفوض؛ لأنّ مجمع اللغة المصريّ أجازه على اعتبار أنّ «ما» في التركيب المرفوض إمّا أن تكون موصولة، أو نكرة بمعنى شيء، و «إذا» ظرف متعلق بمحذوف صلة «ما» على الأول، وصفة لها على الثاني، ولكن المؤتمر العام للمجمع رفضه.

الْمَنْسُوخ

الْمَنْسُوخ: من النّسخ وَهُوَ لُغَة الْإِزَالَة وَالنَّقْل. وَشرعا وُرُود دَلِيل شَرْعِي متراخيا عَن دَلِيل شَرْعِي مقتضيا خلاف حكمه. فالنسخ تَبْدِيل بِالنّظرِ إِلَى علمنَا وَبَيَان لمُدَّة الحكم بِالنّظرِ إِلَى علم الله تَعَالَى - والنسخ عِنْد الْقَائِلين بالتناسخ فِي التناسخ.
وَقَالَ القَاضِي الإِمَام ركن الْإِسْلَام أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الإِسْفِرَايِينِيّ رَحمَه الله تَعَالَى. اعْلَم أَن النّسخ فِي لُغَة الْعَرَب مُشْتَقّ من انتساخ الْآثَار وذهابها يُقَال نسخت الرّيح آثَار الديار ونسخها الْمَطَر أَي أذهب آثارها وَفِي الشَّرِيعَة يقرب مَعْنَاهُ من ذَلِك لِأَن النَّاسِخ يرفع حكم الْمَنْسُوخ فَلَا يبْقى للمنسوخ أثر وَلَا يجوز الحكم بِهِ وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِالْآيَةِ الَّتِي نسخ حكمهَا غير أَن التَّعَبُّد بِقِرَاءَتِهَا بَاقٍ انْتهى.
أَيهَا الإخوان من علم مِنْكُم بمعاني كتاب الله تَعَالَى وَتَفْسِيره فَالْوَاجِب عَلَيْهِ أَن لَا يتَكَلَّم فِيهَا إِلَّا بعد مــعرفَــة النَّاسِخ والمنسوخ لِأَنَّهُ إِن لم يــعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ فَرُبمَا يحكم بِجَوَاز شَيْء وَيكون ذَلِك مَنْسُوخا. وَأَجْمعُوا على أَن الِاسْتِدْلَال بالمنسوخ لَا يجوز أما سَمِعْتُمْ أَنه قد رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه دخل مَسْجِد الْكُوفَة فَرَأى رجلا اسْمه عبد الرَّحْمَن من تلاميذ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس يسألونه عَن آيَات الْقُرْآن وتفسيرها فَقَالَ لَهُ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أتــعرف النَّاسِخ والمنسوخ فَقَالَ لَا فَقَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من أَنْت فَقَالَ أَبُو يحيى فَأخذ أُذُنَيْهِ وفتلهما فَتلا شَدِيدا فَقَالَ لَهُ لَا تقص فِي مَسْجِدنَا هَذَا بعد. وَعَن عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُمَا منعا رجلا من تَفْسِير الْقُرْآن والوعظ إِذْ لم يــعرف النَّاسِخ والمنسوخ. وَعَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا يحل لأحد أَن يعظ النَّاس ويفسر الْقُرْآن إِلَّا أَن يكون عَالما بالناسخ والمنسوخ وَلم يُخَالف لهَؤُلَاء أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَصَارَ الْإِجْمَاع مِنْهُم على أَنه لَا يحل لأحد أَن يُفَسر الْقُرْآن ويعظ النَّاس إِلَّا بعد أَن يــعرف النَّاسِخ والمنسوخ ليتميز بذلك الْحَلَال وَالْحرَام وَالْوَاجِب من الْجَائِز.
ثمَّ اعْلَم أَنه قد اخْتلف أهل السّنة بعد ذَلِك فِيمَا بَينهم فَذهب أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَن النّسخ وَإِن جَازَ قبل وجود الْفِعْل فَلَا يجوز قبل دُخُول وَقت الْفِعْل لِأَن وُجُوبه لَا يَتَقَرَّر إِلَّا بعد دُخُول الْوَقْت الَّذِي علق بِهِ فإمَّا قبل دُخُول ذَلِك الْوَقْت فَلَا يجوز وُرُود النّسخ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يكون رفع حكم قبل تقرره فَأَما عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فَيجوز النّسخ قبل الْفِعْل وَقبل دُخُول وَقت الْفِعْل - والنسخ جَائِز عِنْد جَمِيع الْمُسلمين - فَإِذا ورد فِي الشَّرِيعَة حكم بِإِيجَاب أَو تَحْرِيم أَو غَيرهمَا جَازَ أَن يرفع ذَلِك الحكم إِلَى ضِدّه أَو إِلَى مثله أَو يرفع بِلَا بدل وَلم يُخَالف فِيهِ أحد من أهل السّنة - وَالرَّوَافِض والإمامية منعُوا جَوَاز النّسخ -.
وَأكْثر الْيَهُود قَالُوا إِن النّسخ لَا يجوز. وغرضهم من هَذَا الْمقَال التطرق إِلَى أَن شَرِيعَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يجوز نسخهَا. وَمن جوز مِنْهُم قَالُوا أخبرنَا أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِنَّه لَا نَبِي بعده وكذبوا على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي وَصفه مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبشارتهم بِخُرُوجِهِ فِي آخر الزَّمَان بِحَسب مَا ورد فِي التَّوْرَاة. وَمِنْهُم من نصبوا أَن يُؤمنُوا بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُــوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين. وَادعوا شُبْهَة لأَنْفُسِهِمْ فِي منع النّسخ - وَقَالُوا لَو جَازَ النّسخ من الله تَعَالَى لَأَدَّى ذَلِك إِلَى جَوَاز والبدأ والبدأ على الله تَعَالَى لَا يجوز فِيمَا أدّى إِلَيْهِ مثله. وَالْجَوَاب أَنه إِنَّمَا يكون ذَلِك بداء مِمَّن لَا يــعرف عواقب الْأُمُور فَأَما الله تَعَالَى عَالم بعواقب الْأُمُور وَقبل إِنْزَال الحكم الْمَنْسُوخ كَانَ لم يزل عَالما بِأَنِّي أنزل حكما فَيكون ثَابتا إِلَى وَقت كَذَا ثمَّ ارفعه بِحكم آخر وَمثل هَذَا لَا يكون بدءا وَلَكِن لَهُ فِيهِ حِكْمَة وَهُوَ أعلم بهَا - والمنسوخ فِي كتاب الله تَعَالَى ثَلَاثَة أَقسَام. فَمِنْهَا حكم رفع إِلَى مَا هُوَ أغْلظ من الأول وَهُوَ مثل حد الزِّنَا فَإِنَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاء الْحَبْس فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت قَالَ الله تَعَالَى: {فامسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} . ثمَّ نسخ ذَلِك الحكم بِالْجلدِ وَالرَّجم - وَالثَّانِي حكم رفع إِلَى مَا هُوَ أخف مِنْهُ كَمَا فِي بَاب الْجِهَاد فَإِنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام وَاجِبا على كل مُسلم بِأَن يُقَاوم عشرَة من الْكفَّار فَإِن هرب من الْعشْرَة كَانَ عَاصِيا مُسْتَحقّا للعقوبة قَالَ الله تَعَالَى: {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} . فنسخ ذَلِك إِلَى مَا هُوَ أخف مِنْهُ بقوله تَعَالَى: {الْآن خفف الله عَنْكُم} الْآيَة. فَجعل كل مُسلم فِي مُقَابلَة كَافِرين فَلَا يحل الْآن أَن يهرب من اثْنَيْنِ وَيحل أَن يهرب من ثَلَاثَة أَو أَكثر - وَالثَّالِث أَن يرفع حكم إِلَى مثله مثل أَمر الْقبْلَة كَانَت الصَّلَاة أَولا فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام إِلَى صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ نسخ ذَلِك بالتوجه إِلَى الْكَعْبَة فِي الصَّلَاة -.

والمنسوخ: فِي خبر الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا منقسم إِلَى هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة - والنسخ على أَرْبَعَة أَقسَام - نسخ الْكتاب بِالْكتاب وَنسخ السّنة بِالسنةِ وَنسخ السّنة بِالْكتاب - وَنسخ الْكتاب بِالسنةِ. - فإمَّا (نسخ الْكتاب بِالْكتاب) فَإِنَّهُ يجوز أَن ينْسَخ حكم الْكتاب بِحكم الْكتاب أَو نظم الْكتاب بنظم الْكتاب. وَإِمَّا (نسخ السّنة بِالسنةِ) فالمنتفي فِيهِ الحكم دون النّظم (وَنسخ السّنة بِالسنةِ) جَائِز (فنسخ حكم السّنة بِحكم الْكتاب) جَائِز - إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْكتاب مثل الْكتاب وَالسّنة مثل السّنة. وجوزنا نسخ السّنة بِالْكتاب لِأَن الْكتاب أرفع دَرَجَة من السّنة - وَإِمَّا (نسخ الْكتاب بِالسنةِ) فَالظَّاهِر من مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَنه لَا يجوز بِحَال. وَقَالَ بَعضهم أَن نسخ نظم الْكتاب بِالسنةِ لَا يجوز لما مر - وَإِمَّا نسخ حكم الْكتاب بِالسنةِ فَفِيهِ تَفْصِيل بِأَنَّهُ لَا يجوز بالآحاد والمستفيض - وَإِمَّا بالمتواتر فَيجوز وَالْأولَى عدم جَوَاز نسخ الْكتاب بِالسنةِ متواترا كَانَ أَو أحادا لرفع دَرَجَته عَن درجتها.

والمنسوخ: فِي كتاب الله تَعَالَى على ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: مَا نسخ نظمه وقراءته وَحكمه. وَالثَّانِي: مَا نسخ نظمه وقراءته وَبَقِي حكمه ثَابتا - وَالثَّالِث: مَا نسخ حكمه وَبَقِي نظمه وقراءته ثَابِتَة - فَأَما مَا نسخ نظمه وَحكمه فَهُوَ مثل مَا رُوِيَ عَن أنس ابْن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُورَة تعدل سُورَة بَرَاءَة وَلست ... إِلَّا آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: " لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لابتغى إِلَيْهِمَا ثَالِثا وَلَو كَانَ لَهُ ثَالِثا لابتغى رَابِعا " " وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب ثمَّ يَتُوب الله على من تَابَ ". وكل ذَلِك قد نسخ حكمه وقراءته وَهَكَذَا رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آيَة فحفظتها وأثبتها فِي مصحف فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل رجعت إِلَى حفظي فَلم أجد مِنْهَا شَيْئا وعدت إِلَى مصحفي فَإِذا الورقة بَيْضَاء فَأخْبرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فَقَالَ لي يَا ابْن مَسْعُود تِلْكَ قد رفعت البارحة.
وَأما مَا نسخ نظمه وقراءته وَبَقِي حكمه ثَابتا فَهُوَ مَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَوْلَا أَن أخْشَى ان يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي الْقُرْآن لكتبت على حَاشِيَة الْمُصحف آيَة كُنَّا وَالله نقرأها على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم ". الرَّجْم ثَابت وَالْقِرَاءَة مَنْسُوخَة - وَأما مَا نسخ حكمه وَبَقِي نظمه بِأَن صَحَّ الْعِبَادَة بقرَاءَته فَذَلِك فِي خمس وَخمسين سُورَة من الْقُرْآن.وَاعْلَم أَن سور الْقُرْآن الْمجِيد مائَة وَأَرْبَعَة عشر سُورَة كَمَا ذكرنَا فِي السُّورَة. وَأما السُّور الَّتِي هِيَ خمس وَخَمْسُونَ فَهِيَ هَذِه: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال وَالتَّوْبَة وَيُونُس وَهود والرعد وَالْحجر والنحل وَبني إِسْرَائِيل والكهف وكهيعص وطه والأنبياء وَالْحج والمؤمنون والنور وَالْفرْقَان والنمل والقصص وَالْعَنْكَبُوت وَالروم ولقمان والسجدة والأحزاب وسبأ وَالصَّافَّات وص وَالزمر وحم غَافِر الذَّنب وحم السَّجْدَة وحم عسق والزخرف وَالدُّخَان والجاثية والأحقاف وق والذاريات وَالطور والنجم وَالْقَمَر والمجادلة والممتحنة ون وَسَأَلَ سَائل والمزمل والمدثر وَهل أَتَى والطارق والغاشية والكافرون.
وَأما السُّور الَّتِي فِيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ فَهِيَ سِتّ سور: إِنَّا فتحنا لَك والحشر والمنافقون والتغابن وَالطَّلَاق والأعلى.
وَأما السُّور الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ فَهِيَ ثَلَاث وَخَمْسُونَ سُورَة: الْفَاتِحَة ويوسف وَإِبْرَاهِيم وَالشعرَاء وفاطر وَيس وَمُحَمّد والحجرات والرحمن والواقعة وَالْحَدِيد والصف وَالْجُمُعَة وَالتَّحْرِيم وَالْملك والحاقة ونوح وَالْجِنّ وَالْقِيَامَة والمرسلات والنبأ والنازعات وَعَبس والتكوير والانفطار والمطففين والانشقاق والبروج وَالْفَجْر والبلد وَالشَّمْس وَاللَّيْل وَالضُّحَى وألم نشرح والتين والقلم وَالْقدر وَلم يكن وَإِذا زلزلت وَالْعَادِيات وَالْقَارِعَة وَالتَّكَاثُر وَالْعصر والهمزة والفيل وقريش والماعون والكوثر والنصر وتبت وَالْإِخْلَاص والفلق وَالنَّاس.
وتفصيل الْآيَات الناسخة والمنسوخة فِي كتب التفاسير والرسائل الْمُدَوَّنَة فِي بَيَان النَّاسِخ والمنسوخ. الْمَنْفَعَة: فِي الْغَايَة.

الإرصاد

الإرصاد: فِي المطول هُوَ نصب الرَّقِيب فِي الطَّرِيق. وَالْحق أَنه فِي اللُّغَة بِمَعْنى الإعداد كَمَا ينْطق بِهِ تَاج المصادر. وَفِي علم البديع الإرصاد أَن يَجْعَل قبل الْعَجز من الْفَقْرَة أَو الْبَيْت مَا يدل عَلَيْهِ أَي على الْعَجز إِذا عرف الروي مثل قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليظلمهم وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ} فَإِن من عرف أَن الْحَرْف الروي فِي الفقرات السَّابِقَة النُّون يدل قَوْله تَعَالَى {ليظلمهم} عِنْده أَن الْعَجز الْآتِي هُوَ {يظْلمُونَ} لَا غير. والمناسبة بَين الْمَعْنى اللّغَوِيّ والاصطلاحي أظهر من أَن يخفى.
الإرصاد:
[في الانكليزية] Control ،supervision
[ في الفرنسية] Controle ،surveillance
لغة نصب الرّقيب في الطريق، من رصدته رقبته. وعند أهل البديع هو أن يجعل قبل العجز من البيت أو الفقرة ما يدلّ عليه إذا عرف الرّويّ، ويسميه البعض بالتّسهيم، نحو وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وقيد إذا عرف الرّوي إشارة إلى أنه إنما يجب فهم [في الإرصاد] العجز بالنسبة إلى من يــعرف الرّوي فإنه قد يكون من الإرصاد ما لا يــعرف فيه العجز لعدم مــعرفــة حرف الرّوي، كقوله تعالى وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فإنه لو لم يــعرف أن حرف الرّوي النون لربما توهّم أنّ العجز هاهنا فيما فيه اختلفوا [أو فيما اختلفوا فيه]، وكقول الشاعر:
أحلّت دمي من غير جرم وحرّمت بلا سبب يوم اللقاء كلامي فليس الذي حللته بمحلل وليس الذي حرمته بحرام فإنه لو لم يــعرف أن القافية مثل سلام وكلام، لربما توهم أنّ العجز بمحرم، كذا في المطول. قيل: يفهم من هذا أن مــعرفــة الرّوي قد لا يكفي بل لا بدّ معها من مــعرفــة القافية، فإنّ مجرد مــعرفــة أنّ الرويّ في البيت الميم لا يكفي في مــعرفــة أنّ القافية حرام، لجواز أن يتوهم أنه محرم. ويمكن أن يقال إنه ليس المراد به أنّ هذه الدلالة محصورة على مــعرفــة الرويّ، بل المراد به أنه لا تحصل بدونها وان توقف على شيء آخر، كذا ذكر الچلپي.

أَمر

(أَمر) : الأَميرُ: الجارُ، لأَنَّ الجيرانَ يَسْتَاْمِرُ بعضُهم بعضاً.
(أَمر) فلَان أَمارَة نصب عَلامَة وَفُلَان صيره أَمِيرا وَالشَّيْء جعل لَهُ حدودا بالعلامات والسنان حدده والقناة ركب فِيهَا سِنَانًا
(أَمر) عَلَيْهِم أمرا وإمارة صَار أَمِيرا وَالشَّيْء أمرا وأمرة وأمارة كثر ونما فَهُوَ أَمر يُقَال قل بَنو فلَان بَعْدَمَا أمروا وَيُقَال من قل ذل وَمن أَمر فل وَفُلَان كثر مَاله وَالْأَمر اشْتَدَّ

(أَمر) عَلَيْهِم أَمارَة صَار أَمِيرا
(أَمر) الشَّيْء صَار مرا يُقَال قد أَمر هَذَا الطَّعَام فِي فمي وَيُقَال مَا أَمر فلَان وَمَا أحلى مَا قَالَ مرا وَلَا حلوا وَمَا يمر وَمَا يحلى مَا يضر وَمَا ينفع وَالْبر صَار فِيهِ المريراء وعَلى بعيره شدّ عَلَيْهِ المرار الْحَبل وَالشَّيْء صيره مرا وَجعله يمر وَيُقَال أَمر فلَانا بِكَذَا وَأمر يَده على الشَّيْء وَأمر عَلَيْهِ الْقَلَم وَالْحَبل فتله وَيُقَال أَمر الْأَمر أحكمه والدهر ذُو نقض وإمرار وَفُلَانًا عالجه وَضرب عُنُقه ليصرعه
أَمر
: (} الأَمْرُ: (معْرُوفٌ، وَهُوَ (ضِدُّ النَّهْيِ، {كالإِمَارِ} والإِيمارِ، بكسرِهما) الأَوَّلُ فِي اللِّسَان، وَالثَّانِي حَكَاه أَهلُ الغَرِيبِ، وَقد أَنكرَهما شيخُنا واستغربَ الأَخِيرَ، وَقد وَجَدتُه عَن أَبي الحَسَنِ الأَخْفَشِ، قَالَ: {وأَمِرَ بِالْكَسْرِ مالُ بني فلانٍ} إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالُهم؛ فَفِي كلامِ المصنِّف نَظَرَّ وتأَمُّلٌ.
( {والآمِرَةُ) ، وَهُوَ أَحدُ المصادرِ الَّتِي جاءَتْ (على فاعِلَةٍ) كالعافِيَةِ، والعاقِبَةِ والخاتِمَةِ.
(} أَمَرَه و) {أَمَرَه (بِهِ) ، الأَخيرةُ عَن كُراع،} وأَمَرَه إِيّاه على حَذف الْحَرْف يأْمرُه أَمْراً وإِمَاراً.
( {وآمَرهَ) بالمدِّ، هاكذا فِي سائرِ النُّسَخِ، وَهُوَ لُغةٌ فِي أَمَرَه، وَقَالَ أَبو عُبَيْد:} آمَرْتُه بالمدّ {وأَمرْتُه لُغَتَانِ بِمَعْنى كَثَّرتُه. وسيأْتي.
(} فأْتَمَرَ) ، أَي قَبِلَ أَمْرَه، وَيُقَال: {ائتُمِرَ بخيرٍ؛ كأَنَّ نفسَه} أَمَرَتُه بِهِ فقَبِلَه.
وَفِي الصّحاح: {وائْتَمَرَ الأَمْرَ، أَي امتَثَلَه، قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
ويَعْدُو على المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
وَفِي الأَساس:} وائْتَمَرْتُ مَا {- أَمرْتَنِي بِهِ: امْتَثَلْتُ.
(و) وَقَعَ أَمرٌ عظيمٌ، أَي (الحادثةُ، ج} أُمُورٌ) ، لَا يُكَسَّر على غيرِ ذالك، وَفِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ! الاْمُورُ} (الشورى: 53) . وَيُقَال: {أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ،} وأُمُوره مستقيمةٌ.
وَقد وَقَعَ فِي مُصَنَّفات الأُصُول الفَرْقُ فِي الجَمع، فَقَالُوا: الأَمر إِذا كَانَ بمعنَى ضِدِّ النَّهْي فحمعُه {أَوَامِرُ، وإِذا كَانَ بمعنَى الشَّأْنِ فجمعُه} أمُور، وَعَلِيهِ أَكثُر الفُقَهاء، وَهُوَ الجارِي فِي أَلْسِنَة الأَقوام.
وحقَّق شيخُنَا فِي بعض الحَوَاشِي أُصولِيَّة مَا نصّه: اخْتلفُوا فِي واحدِ {أُمورٍ} وأوامِرَ؛ فَقَالَ الأُصولِيُّون: إِنّ {الأَمرَ بمعنَى القولِ المخصَّصِ يُجمَع على أَوامِرَ، وبمعنَى الفِعْلِ أَو الشأْن يُجمَع على أُمُورٍ، وَلَا يــعْرَف مَن وافقَهم إِلا الجوهريّ فِي قَوْله: أَمَرَه بِكَذَا أَمْراً وجمعُه أَوامِرُ، وأَما الأَزهريُّ فإِنه قَالَ: الأَمْرُ ضِدُّ النَّهْيِ واحدُ الأُمُور. وَفِي المُحكَم: لَا يُجمَع الأَمرُ إِلّا على أُمور، وَلم يَذْكُر أَحدٌ من النُّحاة أَنَّ فَعْلاً يُجمَع على فَوَاعِلَ، أَو أَنَّ شَيْئا مِن الثُّلاثِيَّاتِ يُجْمَع على فَوَاعِلَ، ثمَّ نَقَلَ شيخُنَا عَن شرح البُرْهَان كلَاما يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِيهِ.
وَفِي المِصباح: جَمْعُ الأَمْرِ أَوامرُ، هاكذا يَتكلَّم بِهِ النَّاس، ومِن الأَئِمَّةِ مَنْ يُصحِّحه وَيَقُول فِي تَأْوِيله: إِنّ الأَمْرَ} مَأْمُورٌ بِهِ، ثمَّ حُوِّلَ المفعولُ إِلى فَاعل، كَمَا قيل أَمْرٌ عارِفٌ وأَصلُه معرُوفٌ، وعيشةٌ راضيةٌ وأَصلُه مَرْضِيَّة، إِلى غير ذَلِك، ثمَّ جُمِع فاعلٌ على فَوَاعِلَ، {فأَوامِرُ جمعُ} مأْمورٍ. وبعضُهُم يَقُول: جُمِعَ على أَوامِرَ فَرْقاً بَينه وَبَين الأَمْرِ بمعْنَى الحالِ، فإِنه يُجمَع على فُعُول.
(و) الأَمْرُ: (مَصْدَرُ أَمَرَ) فلانٌ (علينا) {يَأْمُر،} وأَمِرَ، وأَمُرَ (مُثَلَّثَة، إِذا وَلِيَ) ، قَالَ شيخُنَا: اقتصرَ فِي الفَصِيح على الفتْح، وحَكَى ابنُ القَطّاع الضَّمَّ، ورَوَى غيرُهم الكسرَ، وأَنكره جماعةٌ.
قلتُ: مَا ذَكَره عَن الفَصِيح، فإِنه حَكَى ثعلبٌ عَن الفَرّاء: كَانَ ذالك إِذْ! أَمَرَ عَلَيْنَا الحَجّاجُ. بفتحِ المِيمِ وأَما بالكسرِ والضَّمِّ فقد حَكَاهُمَا غيرُ واحِدٍ من الأَئِمَّة، قَالُوا: وَقد {أَمِرَ فلانٌ بِالْكَسْرِ} وأَمُرَ بالضمِّ، أَي: صَار {أَمِيراً، وأَنشدُوا على الْكسر:
قد} أَمِرَ المُهَلَّبُ
فَكَرْنِبُوا ودَوْلِبُوا
وحيثُ شِئْتُمْ فاذْهَبُوا
(والاسمُ {الإِمْرَةُ، بِالْكَسْرِ) ، وَهِي} الإِمارة، وَمِنْه حيثُ طَلْحَةَ: (لعلَّكَ ساءَتْكَ {إِمْرَةُ ابنِ عَمِّكَ) .
(وقولُ الجوهريِّ: مصدرٌ، وَهَمٌ) ، قَالَ شيخُنا: وهاذا ممّا لَا يَنْبَغِي بمثلهِ الاعتراضُ عَلَيْهِ: إِذْ هُوَ لعلَّه أَراد كَوْنَه مَصدَراً على رَأْي مَن يقولُ فِي أَمثاله بالمصدريَّة، كَمَا فِي لنِّشْدَةِ وأَمثالِهَا، قَالُوا: إِنّه مصدرُ نَشَدَ الضَّالَّةَ، أَو جاءَ بِهِ على حذْفِ مضافٍ، أَي اسْم مصدر الإِمرة بِالْكَسْرِ، أَو غير ذالك مِمَّا لَا يخفَى عمَّن لَهُ إِلمامٌ باصطلاحهم.
(و) يُقَال: (لَهُ عليَّ} أَمْرَةٌ مُطَاعَةٌ، بِالْفَتْح) لَا غير؛ (للمَرَّةِ) الواحِدةِ (مِنْهُ) ، أَي من {الأَمْر، (أَيْ لَهُ عليَّ أَمْرَةٌ أُطِيعُه فِيهَا) وَلَا تَقُل:} إمْرَةٌ، بِالْكَسْرِ؛ إِنما {الإِمْرَةُ مِن الْولَايَة، كَذَا فِي التَّهْذِيب والصّحاح وشُرُوح الفَصِيح، وَفِي الأَساس: ولكَ عليَّ} أَمْرَةٌ مُطاعةٌ، أَي أَنْ {- تَأْمُرَنِي مَرَّةً واحِدَةً فأُطِيعَكَ.
(} والأَمِيرُ: المَلِكُ؛ لِنَفَاذِ {أَمْرِه، (وَهِي) أَي الأُنْثَى} أَمِيرَةٌ، (بهاءٍ) ، قَالَ عبدُ الله بنُ هَمّام السَّلُولِيُّ:
ولَوْ جاءُوا بِرَمْلَةَ أَو بِهِنْدٍ
لَبَايَعْنَا أَمِيرَةَ مُؤْمِنِينَا
قَالَ شيخُنَا: وَهُوَ بِنَاء على مَا كَانَ فِي الجاهليَّةِ مِن تَوْلِيَةِ النِّسَاءِ، وإِنْ مَنَعَ الشَّرْعُ ذالك، على مَا تَقَرَّر؛ (بَيِّنُ! الإِمارةِ) ، بالكسرِ؛ لأَنّها من الوِلايَات، وَهِي ملحقةٌ بالحِرَف والصَّنائع، (ويُفْتَحُ) وهاذا ممّا أَنكرُوه وَقَالُوا: هُوَ لَا يُــعرَف، كَمَا فِي الفَصِيح وشُرُوحه، قَالَه شيخُنَا، وَقد ذَكَرَهما صاحبُ اللِّسَان وَغَيره، فتَأَمَّلْ، (ج أُمَراء) .
(و) الأَميرُ: (قائدُ الأَعْمَى) ؛ لأَنه يَملِكُ أَمرَه، وَمِنْه قَول الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتَى فِي البِلا
دِ صَدْرَ القَنَاةِ أَطاعَ الأَميرَا
(و) الأَمِيرُ: (الجارُ) ؛ لانْقيادِه لَهُ.
(و) الأَمِيرُ: هُوَ {المُؤامَر، أَي (المُشَاوَر) ، وَفِي الحَدِيث: (} أَمِيرِي مِن الملائكةِ جِبْرِيلُ) ، أَي صَاحب {- أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ مَن فَزِعْتَ إِلى مُشَاوَرَتِه} ومُؤَامَرَتِه فَهُوَ {أَمِيرُك.
(و) } الأَمِيرُ: ( {المُؤَمَّرُ، كمُعَظَّمٍ: المُمَلَّكُ) ، يُقَال:} أُمِّرَ علَيْه فلانٌ، إِذا صُيِّر {أَمِيراً.
(و) } المُؤَمَّرُ: (المحَدَّدُ) بالعَلاماتِ، (و) قيل: هُوَ) المَوْسُومُ) . وسِنَانٌ {مُؤَمَّرٌ: أَي مُحَدَّدٌ، قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
وَقد كانَ فِينا مَنْ يَحُوطُ ذِمَارَنا
ويُحْذِي الكَمِيَّ الزّاعِبِيَّ} المُؤَمَّرَا
(و) {المؤَمَّرُ: (القَنَاةُ إِذا جَعَلْتَ فِيهَا سِنَاناً) ، والعربُ تَقول: أَمِّرْ قَنَاتَكَ، أَي اجعَلْ فِيهَا سِنَاناً.
(و) } المُؤَمَّرُ: (المُسَلَّطُ) . وَقَالَ خالدٌ فِي تفسِيرِ الزّاعِبِيِّ المُؤَمَّر: إِنّه هُوَ المُسَلَّط، والزّاعِبِيُّ الرُّمْح الَّذِي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كُّه؛ كأَنّ مُؤَخَّرَه يَجْرِي فِي مُقَدَّمِه، وَمِنْه قيل: مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه، إِذا كانَ يَتَدَافَعُ، حَكَاه عَن الأَصمعِيِّ.
(و) فِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ} (النِّسَاء: 59) . قَالُوا: (أُولُو {الأَمْرِ: الرُّؤَسَاءُ والعُلَماءُ) ، وللمفسِّرين أَقوالٌ فِيهِ كَثِيرَة.
(} وأَمِرَ) الشيْءُ، (كفَرِحَ، {أَمَراً} وأَمَرَةٌ) ، بالتَّحْرِيك فيهمَا: (كَثُرَ وتَمَّ) . وحَكَى ابنُ القَطاع فِيهِ الضّمَّ أَيضاً، قَالَ المصنِّفُ فِي البَصائر: وأَمِرَ القَوْمُ، كسَمِعَ: كَثُرُوا؛ وذالك لأَنّهم، إِذا كَثُرَوا صارُوا ذَا! أَمْرٍ، مِن حيثُ إِنّه لَا بُدَّ لَهُم مِن سائِسٍ يَسُوسُهم، (فَهُوَ {أَمِرٌ) كفَرِح، قَالَ:
أُمُّ عِيَالٍ ضَنْؤُهَا غيرُ} أَمِرْ
والاسمُ {الإِمْرُ.
وزَرْعٌ} أَمِرٌ: كَثِيرٌ، عَن اللِّحيانيّ.
وَقَرَأَ الحَسَنُ: { {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} (الْإِسْرَاء: 16) على مِثَالِ عَلِمْنَا، قَالَ ابنُ سِيدَه: وعَسى أَن تكونَ هاذه لُغَة ثَالِثَة، وَقَالَ الأَعْشَى:
طَرِفُونَ وَلَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ
} أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وَيُقَال: {أَمَرَهم للهُ} فأَمِرُوا، أَي كَثُرُوا.
(و) يُقَال: {أَمِرَ (} الأَمْرُ) {يَأْمرُ} أَمْراً إِذا (اشتدَّ) . والاسْمُ {الإِمْرُ بِالْكَسْرِ.
وتقولُ: (الْعَرَب) : الشَّرُّ} أَمِرٌ.
وَمِنْه حديثُ أَبي سُفْيَانَ: (لقد {أَمِرَ} أَمْرُ ابنِ أَبِي كَبْشَةَ وارتَفَعَ شَأْنُه، يَعْنِي النبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم. (و) مِنْهُ حديثُ ابنِ مَسْعُود: (كُنّا نقولُ فِي الجاهِلِيَّةِ: قد {أَمِرَ بَنو فلانٍ، أَي كَثُرُوا.
} وأَمِرَ (الرَّجُلُ) فَهُوَ {أَمِرٌ: (كَثُرَت ماشِيَتُه) ، وَقَالَ أَبو الحَسَن:} أَمِرَ بَنو فلانٍ: كَثُرَتْ أَموالُهم.
( {وآمَره اللهُ) ، بالمدِّ، (} وأَمَره، كنَصَره) وهاذه (لُغَيَّةٌ) .
فأَماَّ قولُهُم: ومُهْرَةٌ {مَأُمْورَةٌ، فعلَى مَا قد أُنِسَ من الإِتباع، مثلُه كثيرٌ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَ:} آمَرتُه بالمدّ {وأَمَرتُه لغتانِ بِمَعْنى كَثَّرتُه، وأَمِرَ هُوَ، أَي كَثُرَ: فخُرِّجَ على تقديرِ قَوْلهم: عَلِمَ فلانٌ وأَعلمتُه أَنا ذالك، قَالَ يعقوبُ: وَلم يَقُلْه أَحدٌ غيرُه، أَي (كَشَّرَ نَسْلَه وماشِيَتَه) .
وَفِي الأَساس: وقَلَّ بَنو فلانٍ بعدَما} أَمِرُوا، وَفِي مَثَل: (مَنْ قَلَّ ذَلَّ ومَنْ أَمِرَ فَلّ) وإِنَّ مالَه! لأَمِرٌ، وعَهْدِي بِهِ وَهُوَ زَمِرٌ. ( {والأَمِرُ، ككَتِفٍ) : الرجلُ (المُبَارَكُ) يُقْبِلُ عَلَيْهِ المالُ. وامرأَةٌ} أَمِرَةٌ: مُبَاركةٌ على بَعْلها، وكلُّه من الكَثْرَة. وَعَن ابْن بُزُرْجَ: رجلٌ {أَمِرٌ وامرأَةٌ أَمِرَةٌ، إِذا كَانا مَيْمُونَيْنِ.
(وَرَجُلٌ} إِمَّرٌ) {وإِمَّرَةٌ (كإِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ) ، بِالْكَسْرِ (ويُفْتَحَان) ، الأُولَى مفتوحةٌ، عَن الفَرّاءِ: (ضعيفُ الرَّأْيِ) أَحمقُ، وَفِي اللِّسَان: رجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: ضعيفٌ لَا رَأْيَ لَهُ، وَفِي التَّهْذِيب: لَا عَقْلَ لَهُ، (يُوَافِقُ كلَّ أَحدٍ على مَا يُرِيدُ مِن أَمْرِه كلِّه) وَفِي اللِّسَان: إِلّا مَا} أَمَرْتَه بِهِ، لِحُمْقِه، وَقَالَ امْرُؤُ القَيْس:
وَلَيْسَ بِذِي رَثْيَةٍ {إمَّرٍ
إِذَا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبَا
وَيُقَال: رجلٌ} إِمَّرٌ: لَا رَأْيَ لَهُ، فَهُوَ {يَأْتَمِرُ لكلِّ} آمِر ويُطِيعُه. قَالَ السّاجِعُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فَلَا تُرْسِلْ فِيهَا {إِمَّرَةً وَلَا} إِمَّراً. قَالَ شَمِرٌ: معنه لَا تُرْسِلْ فِي الإِبلِ رجلا لَا عقلَ لَهُ يُدَبِّرُها. وَفِي حَدِيث آدَمَ عَلَيْهِ السّلام: (مَن يُطِعْ {إِمَّرَةً لَا يَأْكُلْ ثَمَرَةً) . قَالَ ابنُ الأَثِير: هُوَ الأَحمق الضعيفُ الرَّأْيِ الَّذِي يقولُ لغيرِه: مُرْنِي بأَمْرِكَ، أَي مَنْ يُطِعْ امرأَةً حمقاءَ يُحْرَمِ الخَيْرَ، ومثلُه فِي الأَساس، قَالَ: وَقد يُطلَقُ} الإِمَّرةُ على الرَّجل، والهاءُ للْمُبَالَغَة، يُقَال: رجلٌ إِمَّرَةٌ، وَقَالَ ثعلبٌ فِي قَوْله: رجلٌ! إمَّرٌ، قَالَ: شُبِّه بالجَدْي.
(وهما) أَيضاً: (الصَّغِيرُ من أَولادِ لضَّأْنِ) ، أَي يُطلَقان عَلَيْهِ، وقِيل: هما الصَّغِيرَان من أَولادِ المَعزِ.
وَالْعرب تقولُ للرَّجل إِذا وَصَفُوه بالإِعدام: مالَه إِمَّرٌ وَلَا إِمَّرَةٌ، أَي مَاله خَرُوفٌ وَلَا رِخْلٌ، وَقيل: مَاله شيءٌ، والإِمَّرُ: الخَرُوفُ، والإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، والخروفُ ذَكَرٌ والرِّخْلُ أُنْثَى.
( {والأَمَرَةُ، حرَّكةً: الحِجَارةُ) . قَالَ أَبو زُبَيْدٍ (من قصيدة) يَرْثِي فِيهَا عُثمانَ بنَ عفّانَ، رَضِيَ اللهُ عَنهُ:
يَا لَهْفَ نَفْسِيَ إِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمُوا
حقًّا وماذاا يَرُدُّ اليَومَ تَلْهِيفِي
إِنْ كَان عُثْمانُ أَمْسَى فَوقَه} أَمَرٌ
كراقِبِ العُونِ فوقَ القُنَّةِ المُوفِي
شَبَّه الأَمَرَ بالفحل يَرْقُبُ عُيُونَ أُتُنهِ.
(و) قَالَ ابنُ سِيدَه: الأَمَرَةُ: (العَلَامةُ) .
وَقَالَ غيرُه: الأَمرَة: العَلَم الصغيرُ مِن أَعلام المَفَاوِزِ من حِجارةٍ، وَهُوَ بفَتْحِ الهمزةِ وَالْمِيم.
(و) الأَمَرةُ أَيضاً: (الرّابِيَةُ) .
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: الأَمَرَةُ ثلُ المَنارةِ فوقَ الجبلِ عَرِيضٌ، مثلُ البَيتِ وأَعظمُ، وطُولُه فِي السَّماءِ أَربعونَ قامَة صُنِعَتْ على عهدِ عادٍ وإِرَمَ، وَرُبمَا كَانَ أَصلُ إِحداهنّ مثلَ الدّارِ، وإِنما هِيَ جارٌ مُكوَّمةٌ بعضُها فَوق بعضٍ قد أُلزِقَ مَا بَينهَا بالطِّين، وأَنت تَراها كأَنَّهَا خِلْقَة.
(جَمْعُ الكُلِّ أَمَرٌ) .
قَالَ الفَراءُ: يُقَال: مَا بهَا أَمَرٌ، أَي عَلَمٌ.
وَقَالَ أَبو عَمْرو: {الأَمَرَاتُ: الأَعلامُ، واحدتُها} أَمَرَةٌ، وَقَالَ غيرُه {وأَمَارةٌ مثلُ} أَمَرَةٍ.
( {والأَمَارةُ} والأَمَارُ، بفتحِهما: المَوْعِدُ والوقْتُ) المحدُودُ، وعَمَّ ابنُ لأَعْرَابِيِّ {بالأَمَارةِ الوَقتَ؛ فَقَالَ: الأَمَارةُ: الوَقتُ، وَلم يُعَيِّن أَمَحدودٌ أَم غيرُ محدودٍ.
(و) } الأَمَارُ: (العَلَمُ) الصغيرُ من أَعلامِ المَفاوِزِ من حجارةٍ، وَقَالَ حُمَيد:
بِسَوَاءِ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ! أَمَارَةً
مِنْهَا إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطِرُ وكلُّ عَلَامةٍ تُعَدُّ فَهِيَ أَمَارةٌ، وَتقول: هِيَ أَمَارةُ مَا بَيْنِي وبَيْنِكَ، أَي عَلامَة، وأَنشد:
إِذا طَلَعَتْ شمسُ النّهارِ فإِنَّها
أَمَارةُ تَسْلِيمِي عَلَيْك فَسَلِّمِي
وَقَالَ العَجّاج:
إِذْ رَدَّهَا بِكَيْدِه فارْتَدَّتِ
إِلى أَمَارٍ وأَمارٍ مُدَّتِي
قَالَ ابنُ بَرّيّ: (وأَمَارِ مُدَّتِي) بالإِضافةِ، والضميرُ المرتفعُ فِي رَدَّها يعودُ على الله تعالَى، يَقُول: إِذْ رَدَّ اللْهُ نفسِي بكَيْدِه وقوَّتهِ إِلى وقتِ انتهاءِ مُدَّتِي.
وَفِي حَدِيث ابنِ مَسْعُود: (ابْعَثوا بالهَدْيِ، واجْعَلوا بَينَكم وبينَه يومَ {أَمَارٍ) . الأَمَار} والأَمَارة: العَلَامَة، وَقيل: الأَمَار جمْع الأَمَارةِ، وَمِنْه الحديثُ الآخَرُ: (فَهَل للسَّفَرِ أَمَارة؟) .
( {وأَمْرٌ} إِمْرٌ) ، بِالْكَسْرِ: اسمٌ مِن أَمِرَ الشَّيءُ بِالْكَسْرِ إِذا اشتدَّ، أَي (مُنْكَرٌ عَجِيبٌ) قَالَ الرّاجز:
قد لَقِيَ الأَقْرَانُ منِّي نُكْرَا
داهِيةً دَهْيَاءَ إِدًّا {إِمْرَا
وَفِي التَّنزِيل الْعَزِيز: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} (الْكَهْف: 71) . قَالَ أَبو إِسحاق: أَي جئتَ شَيْئا عَظِيما من المُنْكَر، وَقيل:} الإِمْر، بِالْكَسْرِ؛ الأَمْرُ العظيمُ الشَّنِيعُ، وَقيل: العَجِيب، قَالَ: ونُكْراً أَقلُّ مِن قَوْله:! إمْراً؛ لأَنّ تَغْرِيقَ مَنْ فِي السَّفِينة أَنْكَرُ مِن قَتْلِ نفسٍ واحدةٍ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وذهبَ الكسائيُّ إِلى أَنّ معنى إِمْراً: شَيْئا داهِياً مُنكَراً عَجَباً، واشتقَّه مِن قَوْلهم: أَمِرَ القومُ، إِذا كَثُرُوا.
(و) يُقَال: (مَا بهَا) أَي بالدّارِ ( {أَمَرٌ محرّكةً} وتَأْمُورٌ) ، وهاذه عَن أَبي زَيْد، مَهْمُوز، ( {وتُؤْمُور) ، بالضَّمِّ فِي الأَخِير، وهاذه عَن أَبي الأَعرابيّ، والتاءُ زائدةٌ فِيهَا، وبالهمز ودونَه، أَثبتَهما الرَّضِيُّ وَغَيره وزادَ:} - وتُؤْمُرِيٌّ، (أَيّ أَحَدٌ) ، واستطردَ شيخُنا فِي شرح نَظْمِ الفَصِيح أَلفاظاً كَثِيرَة من هاذا القَبِيل، مِنْهَا: مَا بهَا شُفْرٌ (وشَفْرةٌ) وطُوئِيٌّ وطاوِيٌّ (وطُوَوِيٌّ وطُؤَوِيٌّ) وطُؤْرِيٌّ ودُورِيٌّ ودارِيٌّ ودِبِّيجٌ وآرِمٌ وأَرَمٌ وأَريمٌ (وإِرَمِيٌّ، وأَءيرَمِيٌّ) ونُمِّيٌّ ودُعْوِيٌّ وِدُبِّيٌّ وكَتِيعٌ وكُتَاعٌ ودَيّار (ودَيُّورٌ) وكَرّابٌ ووَابِنٌ ونافِخُ ضَرَمَةٍ ووَابرٌ وعَيْنٌ وعائِنَةٌ وَلَا عَريبٌ وَلَا صافِرٌ، قَالَ: ومعنَى هاذه الحُرُوفِ كلِّهَا: أَحَدٌ. وحَكَى جميعَها صاحِبُ كتابِ المَعَالِم، والمُطَرّز فِي كتاب الْيَاقُوت، وابنُ الأَنباريّ فِي كتاب الزّاهر، وابنُ السِّكِّيت، ابنُ سِيدَه فِي العَوِيص، وَزَاد بعضُهم على بعضٍ، وَقد ذَكَر المصنِّفُ بَعْضًا مِنْهَا فِي موَاضعهَا واستجادَ، فارجِع شَرْحَ شيخِنا فِي هَذَا المَحَل فإِنه بَسَطَ وأَفادَ.
( {والائْتِمَارُ: المُشَاوَرَةُ،} كالمُؤامَرَةِ {والاسْتِئْمارِ} والتَّأَمُّرِ) على التَّفَعُّلِ، {والتَّآمُرِ على التفَّاعُلِ.} وآمَرَه فِي {أَمْره ووَامَرَه} واستَأْمَره: شاوَرَه. وَقَالَ غيرُه: {آمَرْتُه فِي} - أَمْرِي {مُؤامرةً، إِذا شاوَرْته، والعامَّةُ تَقول: وَامَرْته.
ومِن} المُؤامَرةِ: المُشَاورةِ، فِي الحدِيث: ( {آمِرُوا النِّساءَ فِي أَنْفُسِهِن) ، أَي شاوِرُوهُنَّ فِي تَزْوِيجِهْنَّ، قَالَ ابنُ الأَثِير: وَيُقَال فِيهِ: وَأمَرْتُه، وَلَيْسَ بفَصِيحٍ. وَفِي حَدِيث عُمر: (} آمِرُوا النِّساءَ فِي بناتِهنَّ) ، وَهُوَ من جهةِ استطابَةِ أَنفسِهنَّ؛ وَهُوَ أَدْعَى للأُلفةِ وخَوْفاً من وُقُوعِ الوَحْشَةِ بَينهمَا إِذا لم يكن برِضَا الأُمِّ؛ إِذ البَناتُ إِلى الأُمَّهَاتِ أَمْيَلُ، وَفِي سَماع قولِهِنَّ أَرغبُ. وَفِي حَدِيث المُتْعَة: ( {فآمَرَتْ نفْسَها) أَي شاوَرَتْها واستأْمَرَتْهَا.
وَيُقَال:} تأَمَّرُوا على الأَمْر! وائْتَمَرُوا: تَمارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم. وَفِي التَّنزِيل: {إِنَّ الْمَلاَ {يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} (الْقَصَص: 20) قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي يَتَشَاوَرُون عليكَ، وَقَالَ الزَّجَّاج: معنى قولِه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} : يأْمُر بعضُهم بَعْضًا بقتلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُور:} ائتمرَ القومُ {وتآمَرُوا، إِذا أَمَرَ بعضُهُم بَعْضًا، كَمَا يُقَال: اقْتَتَل القومُ وتَقَاتَلُوا، اختَصُموا وتَخَاصَمُوا، وَمعنى، {يأتمرون بك} أَي} يؤُامِرُ بعضُهم بَعْضًا بقتلِكَ وَفِي قتلِكَ، قَالَ: وأَمّا قولُه: { {وائْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} (الطَّلَاق: 6) فَمَعْنَاه واللهُ أَعلمُ} لِيأْمُرْ بعضُكم بَعْضًا بمعروفٍ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تفسِيرِ حديثِ عُمَرَ، رَضِي اللهُ عَنهُ: (الرِّجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ {ائْتَمَرَ رَأْيَه) ، قَالَ: مَعْنَاهُ ارْتَأَى وشاوَرَ نفسَه قبلَ أَنْ يُواقِعَ مَا يُرِيدُ، قَالَ: وَمِنْه قولُ الأَعْشَى:
لَا يَدَّرِي المَكْذُوبُ كيفَ} يَأْتَمِرْ
أَي كَيفَ يَرْتَئِي رَأْياً ويُشاوِرُ نفسَه ويَعْقِدُ عَلَيْهِ؟ .
(و) {الائْتِمَارُ: (الهَمُّ بالشيْءِ) ، وَبِه فَسَّر القُتَيبيُّ قولَه تعالَى: {إِنَّ الْمَلاَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَهُمُّون بكَ، وأَنشد:
اعْلَمَنْ أَنْ كلَّ} مُؤْتَمِرٍ
مُخْطىءٌ فِي الرَّأْيِ أَحْيَانَا
قَالَ: يقولُ: مَن رَكب أَمْراً بغيرِ مَشُورةٍ أَخطأَ أَحياناً. وخَطَّأَ قولَ مَن فَسيَّر قولَ النَّمِر بنِ تَوْلَب أَو امْرِىء القَيس:
أَحارُ بنَ عَمْرٍ وفؤُادِي خَمِرْ
ويَعْدُو على المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غيرَ رَشَدٍ عَدَا عَلَيْهِ فأَهْلَكَه، قَالَ: كَيفَ يَعْدُو على المرءِ مَا شاوَرَ فِيهِ والمُشَاوَرَةُ بَرَكةٌ؟ : وإِنما أَرادَ يَعْدُو على المرءِ مَا يَهُمُّ بِهِ من الشَّرِّ، وَقَالَ أَيضاً فِي قَوْله تعالَى: {وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} : أَي هُمّوا بِهِ واعْتَزِمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَو كانَ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قولِه تعالَى: {إِنَّ الْمَلاَ {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أَي يَتشاوَرُونَ عليكَ لقَالَ:} يَتأَمَّرُون بكَ.
قَالَ أَبو مَنْصُور: وجائزٌ أَن يُقَال: {ائْتمر فلانٌ رَأْيَه، إِذا شاوَرَ عقلَه فِي الصَّوَاب الَّذِي يَأْتِيه، وَقد يُصِيبُ الَّذِي} يَأْتَمِرُ رأْيَه مرَّةً ويُخْطِيءُ أُخْرَى، قَالَ: فمعنَى قولِه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ} : أَي {يُؤامِرُ بعضُهِم بَعْضًا فيكَ، أَي فِي قَتْلِكَ، أَحْسَنُ مِن قَول القُتَيْبِيِّ: إِنّه بِمَعْنى يَهُمُّون بكَ.
وَفِي اللِّسَان:} والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ بِرَأْيِه، وَقيل: هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إِلى القَوْلِ، وَقيل: هُو الَّذِي يَهُمُّ {بأَمْرٍ يَفْعَلُه، وَمِنْه الحديثُ: (لَا يَأْتَمرُ رَشَداً) ، أَي لَا يَأْتِي برَشَدٍ مِن ذاتِ نفسِه، وَيُقَال لكلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلاً مِن غيرِ مُشَاورةٍ: ائْتَمَرَ؛ كأَنَّ نفسَه أَمرتْه بشيْءِ} فَائتَمرها، أَي أَطاعَها.
(و) يُقَال: أَنتَ أَعْلَمُ {بتَأْمُورِك، (} التَّأْمُورُ: الوِعَاءُ) ؛ يريدُ أَنتَ أَعلمُ بِمَا عندكَ.
(و) قيل: التَّأْمُورُ (النَّفْسُ) ؛ لأَنها {الأَمّارة، قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَال: لقد عَلِم} تَأْمُورُكَ ذالك، أَي قد عَلِمَتْ نفْسُك ذالك، وَقَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بَي سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا
أَبْياتَهم تَأْمُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ
قَالَ الاصمعيّ: أَي مُهْجةَ نفْسِه، وكانُوا قَتَلُوه.
(و) قيل: تَأْمُورُ النَّفْسِ: (حَيَاتُها) .
وَقيل: العقْلُ، وَمِنْه قولُهم: عَرَفْــتُه {- بِتَأْمُورِي.
(و) التَّأْمُورُ: (القَلْبُ) نفسُه، تَفْعُول مِن الأَمْر، وَمِنْه قولُهم: حَرْفٌ فِي} تَأْمُورِكَ خَيْر مِن عَشَرَةٍ فِي وِعَائكَ. (و) قيل: التَّأْمُورُ: (حَبَّتُه وحَياتُه ودَمُه) وعُلْقَتُه، وَبِه فَسَّر بعضُهُم قولَ عَمْرِو بنِ مَعْدِ يكَرِبَ: (أَسَد فِي {تَأْمُورَتِهِ) ، أَي فِي شِدَّةِ شجاعتِه وقَلْبِه.
ورُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً، ورُبَّما جُعِلَ صِبْغاً، على التَّشْبِيه.
(أَو) التَّأْمُورُ (الدَّمُ) مُطلقًا؛ على التَّشْبِيه، قالَه الأَصْمَعِيُّ.
وكذالك (الزَّعْفَرانُ) ، على التَّشبِيه، قالَه الأَصمعيُّ.
(و) التَّأْمُور: (الوَلَدُ، ووِعاؤُه) .
(و) التَّأْمُور: (وَزِيرُ المَلِكِ) ؛ لنفُوذِ أَمْرِه.
(و) التَّأْمُور: (لَعِبُ الجَوَارِي أَو الصِّبيانِ) ، عَن ثَعْلَب.
(و) التَّأْمُور: (صَوْمَعَةُ الرّاهِبِ، ونامُوسُه) .
(و) من الْمجَاز: مَا فِي الرَّكِيَّةِ تَأْمُور، يُعْنَى: شَيْءٌ من (المَاء) . قَالَ أَبو عُبَيْد: وَهُوَ قِيَاس على قَوْلهم: مَا بالدّار تَأْمُور، أَي مَا بهَا أَحَدٌ، وحَكَاه الفارسيُّ فِيمَا يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ.
(و) التَّأْمُورُ: (عِرِّيسَةُ الأَسَدِ) وخِيسُه، عَن ثَعْلَب، وَهُوَ} التَّأْمُورَةُ أَيضاً: وَيُقَال: احْذَرِ الأَسَد فِي {تَأْمُورِه ومِحْرَابِه وغِيلِه. وسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطّاب رضيَ اللهُ عَنهُ عَمْرَو بنَ مَعْدِ يكَرِبَ عَن سَعْد، فَقَالَ: أَسَدٌ فِي تَأْمُورَتِه، أَي فِي عَرِينه، وَهِي فِي الأَصل الصَّوْمَعَةُ، فاستعارَها للأَسد، وَقيل: أَصلُ هاذه الكلمةِ سُرْيَانِيَّة.
(و) التَّأْمُور: (الخَمْرُ) نفسُها؛ على التَّشْبِيه بدَمِ الْقلب.
(و) التَّأْمور: (الإِبْرِيقُ) . قَالَ الأَعْشَى يصفُ خَمَّارة:
وإِذا لَهَا} تَامُورَةٌ
مَرْفُوعَةٌ لشَرابِهَا
وَلم يَهْمِزْها.
(و) قيل: التَّأْمور: (الحُقَّةُ) يُجْعَل فِيهَا الخَمْر، (! كالتّأْمُورةِ، فِي هاذه الأَربعِ، وَزْنُه تَفْعُولٌ) ، أَو تَفْعُولَةٌ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وقَضَيْنا عَلَيْهِ أَنَّ التّاءَ زَائدةٌ فِي هاذا كلِّه لعَدَمِ فَعْلُولٍ فِي كَلَام الْعَرَب. (وهاذا مَوْضِعُ ذِكْرِه، لَا كَمَا تَوَهَّمَ الجوهَرِيُّ) ، وَهُوَ مذهبُ أَهلِ الاشْتِقَاقِ، ووَزْنُه حينئذٍ فاعُولٌ وفَاعُولَةٌ. وَمَا اختارَه المصنِّفُ تَبَعاً لِابْنِ سِيدَه مالَ إِليه كثيرٌ مِن أَئِمَّة الصَّرْف.
( {- والتَّأْمُورِيُّ} - والتَّأْمُرِيُّ {- والتُّؤْمُرِيُّ) ، بالضمّ فِي الأَخير: (الإِنسانُ) ، تَقول: مَا رأَيتُ} تَأْمُرِيَّا أَحسنَ من هاذه المَرْأَة، وَقيل: إِنها من أَلفاظ الجَحْدِ؛ لُغَة فِي {- تأْمُورِيَ السَّابِق، وصُوِّبَ فِيهَا العُمُوم، كَمَا هُوَ ظاهِرُ المُصَنِّفِ، قالَه شيخُنَا.
(} وآمِرٌ {ومُؤْتَمِر، آخِرُ أَيامِ العَجُوزِ) ؛} فالآمِر: السَّادِس مِنْهَا، {والمُؤْتَمِرُ السابعُ مِنْهَا، قَالَ أَبو شِبْلٍ الأَعرابيُّ:
كُسِعَ الشِّتاءُ بسَبْعَةٍ غُبْرِ
بالصِّنِّ والصِّنَّبْ الوَبْرِ
} وبِآمِرٍ وأَخِيه {مُؤْتَمِرٍ
ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِيءِ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَوّلَ مِنْهُمَا} يأْمرُ الناسَ بالحَذَر، وَالْآخر يُشاوِرُهم فِي الظَّعْن أَو المُقام. وَفِي التَّهْذِيب: قَالَ البُشْتِيّ: سُمِّيَ أَحدُ أَيامِ العَجُوزِ {آمِراً؛ لأَنه} يأْمرُ الناسَ بالحَذَر مِنْهُ، وسُمِّيَ الآخَر {مُؤْتَمِرًا. قَالَ الأَزهريُّ: وهاذا خَطَأٌ وإِنّما سُمِّيَ} آمِراً لأَنّ الناسَ {يُؤامِرُ فِيهِ بعضُهم بَعْضًا للظَّعْن أَو المُقَام، فجَعَلَ} المؤتمرَ نَعْتاً لليوم، وَالْمعْنَى أَنه {يُؤْتَمرُ فِيهِ، كَمَا يُقَال: ليلٌ نائمٌ: يُنَامُ فِيهِ، ويومٌ عاصفٌ: تَعْصِفُ فِيهِ الرِّيح، ومثلُه كثير، وَلم يَقُلْ أَحدٌ وَلَا سُمِعَ مِن عربيٌّ: ائْتَمرتُه، آي آذَنْتُه، فَهُوَ بَاطِل.
(} والمُؤْتَمِرُ) بالّلام ( {ومُؤْتَمِرٌ) بغيرِها: (المُحَرَّم) . أَنشد ابنُ الأَعرابي:
نَحن أَجَرْنَا كلَّ ذَيّالٍ قَتِرْ
فِي الحَجِّ مِن قَبْلِ دَ آدِى} المُؤْتَمِرْ أَنشدَه ثَعْلَب. (ج {مآمِرُ} ومآمِيرُ) قَالَ ابنُ الكَلْبيِّ: كَانَت عادٌ تُسَمِّي المُحَرَّم {مُؤْتَمِراً، وصَفَرَ نَاجِراً، ورَبِيعاً الأَوّلَ خُوّاناً، وربيعاً الآخِرَ بُصَاناً، وجُمَادَى الأُولى رُبَّى وجُمادَى الآخِرَة حَنِيناً، ورَجَبَ الأَصَمَّ وشَعبانَ عاذِلاً، ورمضانَ ناتِقاً، وشَوالاً وَعِلاً، وَذَا القَعْدَةِ ورْنَةَ، وَذَا الحِجَّةِ بُرَكَ.
(} وإِمَّرَةُ، كإِمَّعَة: د) قَالَ عُرْوَةُ بنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بينَ {إِمَّرَةٍ وكِيرِ
(و) } إِمَّرَةُ أَيضاً: (جَبَلٌ) قَالَ البكريّ: (إِمَّرَةُ) الحِمَى لغَنِيَ وأَسَد وَهِي أَدْنَى حِمَى ضَرِيَّة، حَمَاه عُثْمَانُ لإِبلِ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ اليومَ لعامرِ بنِ صَعْصَعَة، وَقَالَ حبيبُ بنُ شَوْذبٍ: كَانَ الحِمَى حِمَى ضَرِيَّةَ على عَهْد عُثْمَانَ، سَرْحَ الغَنَمِ سِتَّةَ أَميالٍ، ثمَّ رادَ الناسُ فِيهِ فصارَ خَيالٌ {بإِمَّرَةَ، وخَيَالٌ بأَسْوَدِ العَيْنِ، والخَيَالُ: خُشُبٌ كانُوا يَنْصِبُونها وَعَلَيْهَا ثِيابٌ سُودٌ لِيُعْلَمَ أَنَّها حِمىً.
(ووادِي} الأُمَيِّرِ، مُصغَّراً: ع) قَالَ الرّاعِي:
وأُفْزعنَ فِي وادِي الأُمَيِّرِ بَعْدَما
كَسَا البِيدَ سَافِي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
(ويومُ! المَأْمُورِ) يومٌ (لبَنِي الحارثِ) بنِ كَعْب على بني دارِم، وإِيّاه عَنَى الفَرزدقُ بقوله:
هَل تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يومَ الصَّفَا
أَو تَذْكُرُون فَوَارِسَ المَأْمُورِ (و) فِي الحَدِيث: ((خَيْرُ المَال مُهْرَةٌ {مَأْمُورةٌ وسِكَّةٌ مَأْبُورةٌ)) . قالِ أَبو عُبَيْد: (أَي كثيرةُ النِّتَاج والنَّسْلِ، والأَصلُ} مُؤْمَرةٌ) ، مِن {آمَرَهَا اللهُ. (و) قَالَ غيرُه: (إِنّمَا هُوَ) مُهرةٌ} مَأْمُورةٌ (للإِزْدِوَاج) والإِتباع؛ لأَنّهم أَتْبَعُوه مَأْبُورَةٌ فلمّا ازدوجَ اللَّفظانِ جاءُوا {بمأْمُورةٍ على وزن مَأْبُورة، كَمَا قَالَت العربُ: إِنِّي آتِيَهِ بالغَدَيا والعَشايَا، وإِنما يُجْمَع الغَداةُ غَدَوَاتٍ، فجاءُوا بالغَدايا على لفظ العَشَايا تزويجاً للفْظَينَ، وَلها نظائرُ. وَقَالَ الجوهريُّ: والأَصلُ فِيهَا} مُؤْمَرةٌ على مُفْعَلَةٍ، كَمَا قَالَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلّم: (ارْجِعْنَ مَأْمُوراتٍ غيرَ مَأْمُوراتٍ) ، وإِنّما هُوَ مَوْزُورات من الوِزْر، فِيل: مَأْزُورَات على لفظ مَأْجُورات لِيَزْدَوِجَا.
وَقَالَ أَبو زَيْد: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ هِيَ الَّتِي كَثُرَ نَسْلُها، يَقُولُونَ: أَمَرَ اللهُ المُهرةَ، أَي كَثَّر وَلَدَها، وَفِيه لُغتانِ أَمَرَها فَهِيَ مَأْمُورة، {وآمَرَها فَهِيَ} مُؤْمَرَةٌ ورَوَى مُهَاجِرٌ عَن عليِّ بنِ عاصِمٍ: مُهْرَةٌ {مَأْمُورَةٌ، أَي نَتُوجٌ وَلُودٌ. وَفِي الأَساس وَمن المَجاز: مهرةٌ} مَأْمورةٌ، أَي كثيرةُ النِّتَاج؛ كأَنَّهَا {أُمِرَتْ بِهِ، وقِيل لَهَا كُونِي نَثُوراً فكانتْ: (أَو لُغَيَّةٌ، كَمَا سَبَقَ) ، أَي إِذا كَانَت مِن} أَمَرَها اللهُ فَهِيَ {مَأْمُورة، كنَصَر، وَقد تقدَّم عَن أَبي عُبَيد وغيرِه أَنهما لغتانِ.
(و) يُقَال: (} تَأَمَّرَ عَلَيْهِم) فحَسُنَت {إِمْرَتُه، أَي (تَسَلَّطَ) .
(} واليَأْمُورُ) ، بالياءِ المُثَنّاة التَّحْتِيَّة كَمَا فِي سَائِر النُّسَخ، ومثلُه فِي التكملة عَن اللَّيْث، وَالَّذِي فِي اللِّسَان وغيرِه من الأُمَّهات بالمُثنَّاةِ الفَوْقِيَّة كنَظَائِرها السَّابِقَة، والأَوّلُ الصَّوَابُ: (دابَّةٌ بَرِّيَّةٌ) لَهَا قَرْنٌ واحِدٌ متشعِّبٌ فِي وسَطِ رَأْسِه، قَالَ اللَّيْث: يجْرِي على مَن قَتَلَه فِي الحَرَمِ والإِحرام إِذا صِيدَ الحُكْمُ، انْتهى. وَقيل: هُوَ مِن دَوابِّ البحرِ، (أَو جِنْسٌ من الأَوْعَالِ) ، وَهُوَ قولُ الجاحظِ، ذَكَره فِي بَاب الأَوْعَال الجَبَلِيَّة والأَيايِل والأَرْوَى وَهُوَ اسمٌ لجِنْسٍ مِنْهَا بِوَزْن اليَعْمُور.
( {والتّآمِيرُ) هِيَ (الأَعْلامُ فِي المَفاوِزِ) ليُهْتَدَى بهَا، وَهِي حجارةٌ مُكَوَّمَةٌ بعضُها على بعض، (الواحدُ} تُؤْمُورٌ) بالضّمِّ، عَن الفَرّاءِ: { (بَنُو عِيدِ بنِ {- الآمِرِيِّ، كعامريَ) : قبيلةٌ من حِمْيَر (نُسِبَ إِلي النَّجائِبُ العيدِيَّةُ) ، وَقد تقدَّم فِي الدّال الْمُهْملَة.
وممّا يُستدرَك عَلَيْهِ:
} الأَمِيرُ: ذُو {الأَمْر،} والأَمِير: {الآمِرُ، قَالَ:
والنّاسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ إِذَا هُمِ
خَطِئُوا الصَّوابَ وَلَا يُلامُ المُرْشِدُ
ورجلٌ} أَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ نَهُوٌّ عَن المُنْكَر.
{والمُؤْتَمِرُ المُسْتَبِدُّ برأْيهِ، وَمِنْه قولُهم:} أَمَرْتُه {فأْتَمِرَ، وأَبَى أَنْ} يَأْتَمِرَ.
{وأَمَّرَ} أَمَارَةً، إِذا صَيَّرَ عَلَماً.
{والتَّأْمِيرُ: تَوْلِيَةُ} الإِمارةِ.
وَقَالُوا: فِي وَجْهِ مالِكَ تَــعْرِفُ {أَمَرَتَه، محرَّكةً، وَهُوَ الَّذِي تَــعْرِفُ فِيهِ الخيرَ مِن كلِّ شيْءٍ،} وأَمَرَتُهُ زيادتُه وكثرَتُه.
وَمَا أَحسنَ {أَمارَتَهم، أَي مَا يَكْثرُون ويَكثرُ أَولادُهم وعَددُهم.
وَعَن الفَرّاءِ:} الأَمَرَة: الزِّيادة والنَّماءُ والبَركة، قَالَ: ووَجْهُ الأَمْرِ أَوّلُ مَا تَراه، وَقَالَ أَبو الهيْثَم: تقولُ العَربُ: فِي وجْهِ المالِ تَــعْرِفُ {أَمَرَتَه، أَي نُقصانَه، قَالَ أَبو مَنْصُور: والصَّوابُ مَا قَالَ الفَرّاءُ، وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالُوا: فِي وَجْه مالِكَ تَــعرفُ} أَمَرَتَه، أَي يُمْنَه، {وأَمَارَتَهُ مثلُه،} وأَمْرَتُه، بفَتْحٍ فسُكُون.
وَقَالُوا:
يَا حَبَّذَا {الإِمَارهْ
ولَوْ عَلى الحِجَارَهْ
} - ومُرْنِي، بمعنَى: أَشِرْ عليَّ.
وفلانٌ بَعِيدٌ مِن! المِئْمَرِ قَريبٌ مِن المِئْبَرِ، وَهُوَ المَشُورَة: مِفْعَلٌ مِن المُؤامَرَةِ. والمِئْبر: النَّمِيمَةُ. وفلانة مُطِيعةٌ لأَمِيرِهَا: زَوْجِهَا. وَفِي الحَدِيث: ذُكِرَ ذُو {أَمَرٍ، محرَّكةً وَهُوَ موضعٌ بنَجّدٍ مِن ديار غَطَفَانَ، قَالَ مُدْرِكُ بنُ لأْيٍ:
تَرَبَّعَتْ مُوَاسِلاً وَذَا} أَمَرْ
فمُلْتَقَى البَطْنَيْنِ مِن حيثُ انْفَجَرْ
وَكَانَ رسولُ اصلَّى اعليْه وسلَّم خَرَجَ إِليه لجَمْع مُحَارِب، فهربَ القومُ مِنْهُ إِلى رُؤُوس الجِبال، وزَعِيمُهُم دُعْثُورُ بنُ الحارثِ المُحَارِبيُّ، فعَسْكَر الْمُسلمُونَ بِهِ.
وَذُو {أَمَرّ، مثلُه مشدَّداً: ماءٌ أَو قريةٌ مِن الشَّام.
} والأَمِيرِيَّة، ومَحَلَّةُ الأَمِير: قَرْيَتَانِ بِمصْر.
تَذْيِيلٌ:
قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} (الْإِسْرَاء: 16) ، قَالَ ابْن مَنْظُور: أَكثرُ القراءِ (أَمَرْنا) ، ورَوَى خارِجَةُ عَن نَافِع: (} آمَرْنَا) بالمَدّ، وسائرُ أَصحابِ نافِعٍ، رَوَوْه عَنهُ مَقْصُوراً. ورُوِيَ عَن أَبي عَمْرٍ و: (! أَمَّرْنَا) ، بالتَّسْدِيد، وسائرُ أَصحابِه رَوَوْه بتخفيفِ المِيمِ وبالقَصْر، وَرَوَى هُدْبَةُ عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ عَن ابنِ كَثِيرٍ بالتَّشديد، وسائرُ النَّاسِ رَوَوْه عَنهُ مخفَّفاً، وَرَوَى سَلَمَةُ عَن الفَرْاءِ: مَنْ قرأَ: (أَمَرْنَا) خَفِيفَةً فَسَّرها بعضُهُم أَمَرنا مُترفِيها بالطّاعَة ففسقُوا فِيهَا، أَن المُتْرَفَ إِذا أُمِرَ بالطَّاعَة خالَفَ إِلى الفِسْق، قَالَ الفَرّاءُ: وقرأَ الحَسَنُ: (آمَرنا) ، ورُوِيَ عَنهُ: (أَمَرنا) ، قَالَ: ورُوِيَ عَنهُ أَنه بِمَعْنى أَكْثَرْنَا، قَالَ: وَلَا نرَى أَنها حُفِظَتْ عَنْه؛ لأَنَّا لَا نــعرفُ مَعْنَاهَا هُنَا، وَمعنى آمرنا بالمَدِّ أَكثَرْنا، قَالَ: وقرأَ أَبو العالِيَةِ: أَمَّرنا، وَهُوَ موافِقٌ لتفسِيرِ ابنِ عَبّاس؛ وَذَلِكَ أَنّه قَالَ: سَلَّطْنَا رُؤَسَاءَهَا ففسَقُوا، وَقَالَ الزَّجّاج نَحوا ممّا قَالَ الفَرّاءِ، قَالَ: ومَن قرأَ: (أَمَرنا) بالتَّخْفِيف، فَالْمَعْنى {أَمَرناهم بالطّاعة ففسَقوا، فإِن قَالَ قائلٌ: أَلستَ تَقول: أَمَرْتُ زيدا فضَرَب عَمْراً، وَالْمعْنَى أَنكَ} أَمَرْتَه أَن يَضْربَ، فَهَذَا اللفْظُ لَا يَدُلّ على غير الضَّرْب، ومثلُه قولُه: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} {أَمَرْتُكَ فَعَصَيْتَنِي؛ فقد عُلِمَ أَنّ المَعْصِيةَ مخَالَفَةٌ الأَمرِ، وذالك الفِسقُ مُخَالفَة أَمْرِ اللهِ، وقرأَ الحَسَنُ: {} أَمِرْنَا مُتْرَفِيهَا} على مِثال عَلِمْنَا، قَالَ ابنُ سِيدَه: وعسَى أَن تكون هاذه لُغَة ثَالِثَة قَالَ الجَوْهَريُّ: مَعْنَاهُ أَمَرْنَاهُم بالطّاعة فعَصَوْا، قَالَ: وَقد تكونُ مِن الإِمارة، قَالَ: وَقد قِيل: أَمِرْنَا مُتْرَفِيها: كَثَّرْنَا مُترَفِيها، والدليلُ على هاذا قولُ النبيِّ صلّى الله عليْه وسلّم: (خيرُ المالِ سِكَّةٌ مأْبُورَةٌ أَو مُهْرَةٌ مَأْمُورةٌ) ، أَي مُكَثِّرةٌ.
تَكْمِيلٌ:
وإِذَا أمَرْتَ مِن أَمَرَ قلتَ: {مُرّ؛ وأَصلُه اؤْمُرْ فَلَمَّا اجتمعتْ همزتانِ وكَثُرَ استعمالُ الكلمةِ حُذِفت الهمزةِ الأَصليّةُ، فَزَالَ السّاكنُ فاستُغْنِيَ عَن الهمزةِ الزائدةِ، وَقد جاءَ على الأَصْل، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: {} وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ} (طه: 132) . وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْث: وَلَا يُقال: أُومُرْ (فلَانا) وَلَا أُوخُذْ مِنْهُ شَيْئا، وَلَا أُوكُلْ. إِنّمَا يُقَال: {مُرْ وكُلْ وخُذْ، فِي الابتداءِ بالأَمْر؛ استثقالاً للضَّمَّتَيْنِ، فإِذا تقدَّم قبلَ الكلامِ واوٌ أَو فاءٌ قلت:} وأُمُرْ، {فأْمُرْ، كَمَا قَالَ عزّ وجلّ: {} وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلواةِ} ، فأَمّا كُلْ مِن أَكلَ يأْكُل فَلَا يكادُ يُدخِلُون فِيهِ الهَمْزةَ مَعَ الفاءِ والواوِ، ويقولُون: وكُلَا، وخُذَا، وارْفَعَاه فكُلَاه، وَلَا يَقُولُونَ: فَأْكُلَاه، قَالَ: وهاذه أَحْرفٌ جاءَتْ عَن العربِ نَوَادِرَ؛ وذالك أَنّ أَكثرَ كلامِهَا فِي كلِّ فِعْلٍ أَولُه همزةٌ، مثل أَبَلَ يأْبِلُ، وأَسَرَ يَأْسِرُ، أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ مِنْهُ، وكذالك أَبَقَ يَأْبِقُ فإِذا كَانَ الفِعْلُ الَّذِي أَولُه همزةٌ ويفْعِلُ مِنْهُ مكسوراً مَرْدُوداً إِلى {الأَمْر، قيل: إِيسِرْ فلانُ، إِيبِقْ يَا غُلامُ، وَكَانَ أَصْلُه إِأْسِرْ بهمزتَيْن، فكَرِهُوا جَمْعاً بَين همزتَيْن فحَوَّلُوا إِحداهما يَاء، إِذْ كَانَ مَا قبلَها مكسوراً، قَالَ: وَكَانَ حَقُّ الأَمر مِن} أَمَرَ {يَأْمُرُ (وأَخذ يأْخُذُ وأَكلَ يأْكلُ) أَن يُقَال: أُؤمُرْ، أُؤْخُذْ، أُؤْكُلْ، بهمزتينْن، فتُرِكَتْ الْهمزَة الثانيةُ وحُوِّلتْ واواً للضَّمَّةِ، فاجتمعَ فِي الحَرْف ضَمَّتَان بَينهمَا واوٌ، والضَّمَّةُ مِن جنس الْوَاو، فستَثْقلَتِ العربُ جَمْعاً بَين ضَمَّتَين وواوٍ، وطَرَحُوا هِمْزَة (و) الواوَ؛ لأَنه بَقِيَ بعد طَرْحِهِما حرفان فَقَالُوا: مُرْ فلَانا بِكَذَا وَكَذَا وخُذْ من فلانٍ، وكُلْ، لم يَقُولُوا: أُكُلْ وَلَا أُخُذْ وَلَا أُمُرْ، كَمَا تقدَّم، فإِنْ قيل: لمَ رَدُّوا} وأْمُرْ إِلى أَصلها ولَمْ يَرُدُّا كُلَا وَلَا خُذَا؟ قيل: لسَعَةِ كلامِ العربِ؛ رُبمَا رَدُّوا الشيءَ إِلى أَصلِه، وَرُبمَا بَنَوْه على مَا سَبَقَ لَهُ، وَرُبمَا كَتَبُوا الْحَرْف مهمزاً، وَرُبمَا كَتَبُوه على تَرْكِ الهمزةِ وَرُبمَا كَتَبُوه على الإِدغام، وَرُبمَا كتبوه على ترك الإِدغام، وكلُّ ذَلِك جَائِز وَاسع.
تَتْمِيم:
العربُ تَقول: {أَمَرْتكَ أَن تفْعَل، ولِتَفْعَلَ، وبأَنْ تَفْعَلَ؛ فمَنْ قَالَ: أَمَرتُكَ بأَن تفعلَ فالباءُ للإِلصاق، وَالْمعْنَى وَقع الأَمْرُ بِهَذَا الفِعل، ومَن قَالَ: أَمرتُكَ أَن تفعلَ، فعلى حذفِ الباءِ، ومَن قَالَ: أَمرتُكَ لِتَفْعَلَ فقد أَخبرَنا بالعِلَّة الَّتِي لَهَا وَقَعَ الأَمْرُ، وَالْمعْنَى} أُمِرْنا للإِسلام. وقولُه عَزّ وجَلّ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} (النَّحْل: 1) قَالَ الزَّجّاج: أَمْرُ اللهِ مَا وَعَدَم بِهِ مِن المُجَازاةِ على كُفْرِهم مِن أَصنافِ الْعَذَاب، والدَّلِيلُ على ذَلِك قولُه تعالَى: {حَتَّى إِذَا جَآء {أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} (هود: 40) ، أَي جاءَ مَا وَعَدْناهُم بِهِ، وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا} (يُونُس: 24) ؛ وذالك أَنّهم استعجَلُوا العذابَ واستَبْطَئُوا أَمْرَ السَّاعةِ فأَعْلَمَ اللهُ أَنْ ذَلِك فِي قُرْبِه بمَنْزِلَةِ مَا قد أَتَى، كَمَا قَالَ عَزّ وجَلّ: {وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (النَّحْل: 77) .
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.