من (ع د ل) مؤنث عَدْلي.
من (ع د ل) مؤنث عَدْلي.
حفت: الحَفْتُ: الاهْلاكُ.
حَفَته اللَّهُ حَفْتاً: أَهْلَكَه، ودَقَّ عُنُقَه؛ قال الأَزهري: لم
أَسمع حَفَتَه بمعنى دَقَّ عُنُقَه لغير الليث؛ قال: والذي سمعناه حَفَتَه
ولَفَتَهُ إِذا لَوَى عُنُقَه وكسره؛ فإِن جاء عن العرب حَفَتَه بمعنى
عَفَتَه، فهو صحيح، ويُشْبِه أَن يكون صحيحاً لِتَعاقُبِ الحاء والعين في
حروف كثيرة. ونقل عن الأَصمعي: إِذا كان مع قِصَرِ الرِّجْل سِمَنٌ، قيل:
رَجلٌ حَفَيْتَأٌ، مهموز مقصور، ومثله حَفَيسَأٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لا تَجْعَلِيني وعُقَيلاً عِدْلَيْــن،
حَفَيسَأَ الشَّخْصِ، قَّصِيرَ الرِّجْلَين
الجوهري: الحَفْتُ الدَّقّ، والحَفِتُ: لغة في الفَحِثِ. ورجل
حَفَيْتَأٌ، مهموز غير ممدود، وحَفَيْتَى: قصير لئيم الخِلْقة، وقيل:
ضَخْم.
عدل: العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر.
عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ
وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو
عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وفي أَسماء الله سبحانه:
العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر
سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ
المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً، وفلان من أَهل المَعْدِلة أَي من أَهل العَدْلِ.
والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ. وهو حَكَمٌ
عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه. والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه
وحُكْمُه. وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة. ورَجُلٌ عَدْلٌ:
رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة؛ قال ابن بري ومنه قول كثير:
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاء، ولم يَكُنْ
شُهودٌ على لَيْلى عُدُولٌ مَقَانِعُ
ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو
عَدْلٍ. قال في موضعين: وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم، وقال: يَحْكُم به
ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ ويقال: رجل عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ
وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ
ونِسوةٌ ذوات عَدْلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته
مجموعاً أَو مثنى أَو مؤَنثاً فعلى أَنه قد أُجْرِي مُجْرى الوصف الذي ليس
بمصدر، وقد حكى ابن جني: امرأَة عَدْلة، أَنَّثوا المصدر لما جرى وصفاً
على المؤنث وإِن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة،
وإِنما اسْتَهْواه لذلك جَرْيُها وصفاً على المؤنث؛ وقال ابن جني: قولهم
رجل عَدْلٌ وامرأَة عَدْل إِنما اجتمعا في الصفة المُذَكَّرة لأَن التذكير
إِنما أَتاها من قِبَل المصدرية، فإِذا قيل رجل عَدْلٌ فكأَنه وصف بجميع
الجنس مبالغةً كما تقول: استَوْلى على الفَضْل وحاز جميعَ الرِّياسة
والنُّبْل ونحو ذلك، فوُصِف بالجنس أَجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً،
وجُعِل الإِفراد والتذكير أَمارةً للمصدر المذكور، وكذلك القول في خَصْمٍ
ونحوه مما وُصِف به من المصادر، قال: فإِن قلت فإِن لفظ المصدر قد جاء
مؤنثاً نحو الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة
والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة ونحو ذلك، فإِذا كان نفس المصدر قد جاء
مؤَنثاً فما هو في معناه ومحمول بالتأْويل عليه أَحْجى بتأْنيثه، قيل: الأَصل
لقُوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أَن الزِّيادة
والعيادة والجُهومة والطَّلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاقُ التاء
لها لا يُخْرِجها عما ثبت في النفس من مَصدَرِيَّتها، وليس كذلك الصفة
لأَنها ليست في الحقيقة مصدراً، وإِنما هي مُتَأَوَّلة عليه ومردودة
بالصَّنْعة إِليه، ولو قيل رجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلة وقد جَرَت صفة كما ترى لم
يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بها أَنها صفة حقيقية كصَعْبة من صَعْبٍ، ونَدْبة
من نَدْبٍ، وفَخْمة من فَخْمٍ، فلم يكن فيها من قُوَّة الدلالة على
المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول
لقُوَّتها يُتَصَرَّف فيها والفروع لضعفها يُتَوَقَّف بها، ويُقْتَصر على بعض
ما تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قيل: فقد قالوا رجل عَدْل وامرأَة
عَدْلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وقول أُميَّة:
والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا،
من بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ
قيل: هذا قد خَرَجَ على صورة الصفة لأَنهم لم يُؤْثِروا أَن يَبْعُدوا
كلَّ البُعْد عن أَصل الوصف الذي بابه أَن يَقع الفَرْقُ فيه بين مُذَكره
ومؤَنَّثه، فجرى هذا في حفظ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لها
والتنبيه عليها مَجْرى إِخراج بعض المُعْتَلِّ على أَصله، نحو استَحْوَذَ
وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْتُه، وإِن كان قد نُقِل إِلى
فَعُلْت لما كان أَصله فَعَلْت؛ وعلى ذلك أَنَّث بعضُهم فقال خَصْمة وضَيْفة،
وجَمَع فقال:
يا عَيْنُ، هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ
قُمْنا، وقامَ الخُصومُ في كَبَد؟
وعليه قول الآخر:
إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كان عَذَوَّراً،
على الحَيِّ، حتى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه
والعَدالة والعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ، كلُّه: العَدْل. وتعديل
الشهود: أَن تقول إِنهم عُدُولٌ. وعَدَّلَ الحُكْمَ: أَقامه. وعَدَّلَ
الرجلَ: زَكَّاه. والعَدَلةُ والعُدَلةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي. قال القُرْمُليُّ: سأَلت عن فلان العُدَلة أَي الذين
يُعَدِّلونه. وقال أَبو زيد: يقال رجل عُدَلة وقوم عُدَلة أَيضاً، وهم الذين
يُزَكُّون الشهودَ وهم عُدُولٌ، وقد عَدُلَ الرجلُ، بالضم، عَدالةً. وقوله
تعالى: وأَشهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم؛ قال سعيد بن المسيب: ذَوَيْ عَقْل،
وقال إِبراهيم: العَدْلُ الذي لم تَظْهَر منه رِيبةٌ. وكَتَب عبدُ الملك
إِلى سعيد بن جُبَير يسأَله عن العَدْل فأَجابه: إِنَّ العَدْلَ على أَربعة
أَنحاء: العَدْل في الحكم، قال الله تعالى: وإِن حَكَمْتَ
(* قوله «قال
الله تعالى وان حكمت إلخ» هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة
بالقسط) فاحْكُمْ بينهم بالعَدْل. والعَدْلُ في القول، قال الله تعالى: وإِذا
قُلْتُم فاعْدِلوا: والعَدْل: الفِدْية، قال الله عز وجل: لا يُقْبَل منها
عَدْلٌ. والعَدْل في الإِشْراك، قال الله عز وجل: ثم الذين كفروا
برَبِّهم يَعْدِلون؛ أَي يُشْرِكون. وأَما قوله تعالى: ولن تَسْتَطِيعوا أَن
تَعْدِلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم؛ قال عبيدة السَّلماني والضَّحَّاك: في
الحُبِّ والجِماع. وفلان يَعْدِل فلاناً أَي يُساوِيه. ويقال: ما
يَعْدِلك عندنا شيءٌ أَي ما يقَع عندنا شيءٌ مَوْقِعَك.
وعَدَّلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها. وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه
عَدْلاً وعادَله: وازَنَه. وعادَلْتُ بين الشيئين، وعَدَلْت فلاناً بفلان
إِذا سَوَّيْت بينهما. وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: العَدْلُ
تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً. والعَدْلُ
والعِدْلُ والعَدِيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس
بالنَّظِير عَيْنه، وفي التنزيل: أَو عَدْلُ ذلك صِياماً؛ قال
مُهَلْهِل:على أَنْ ليْسَ عِدْلاً من كُلَيْبٍ،
إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور
والعَدْلُ، بالفتح: أَصله مصدر قولك عَدَلْت بهذا عَدْلاً حَسَنًا،
تجعله اسماً للمِثْل لِتَفْرُق بينه وبين عِدْل المَتاع، كما قالوا امرأَة
رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق. والعَدِيلُ: الذي يُعادِلك في الوَزْن
والقَدر؛ قال ابن بري: لم يشترط الجوهري في العَدِيل أَن يكون إِنساناً
مثله، وفَرَق سيبويه بين العَدِيل والعِدْل فقال: العَدِيلُ من عادَلَك من
الناس، والعِدْلُ لا يكون إِلاَّ للمتاع خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل
الإِنسان لا يكون إِلاَّ إِنساناً مثله، وأَنَّ العِدْل لا يكون إِلاَّ
للمتاع، وأَجاز غيرُه أَن يقال عندي عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلُه،
بالفتح لا غير، قيمتُه. وفي حديث قارئ القرآن
(* قوله «وفي حديث قارئ
القرآن إلخ» صدره كما في هامش النهاية: فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة
تكون في الرجل؟ فقال: ليست إلخ. وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست. وقوله:
قال ابن الاثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر العدل والعدل بالكسر
والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح الى آخر ما هنا).
وصاحب الصَّدَقة: فقال ليْسَتْ لهما بعَدْل؛ هو المِثْل؛ قال ابن الأَثير: هو
بالفتح، ما عادَله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس؛ وقول
الأَعلم:
مَتى ما تَلْقَني ومَعي سِلاحِي،
تُلاقِ المَوْتَ لَيْس له عَدِيلُ
يقول: كأَنَّ عَدِيلَ الموت فَجْأَتُه؛ يريد لا مَنْجَى منه، والجمع
أَعْدالٌ وعُدَلاءُ. وعَدَل الرجلَ في المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب معه. وفي
حديث جابر: إِذا جاءت عَمَّتي بأَبي وخالي مَقْتولَيْنِ عادَلْتُهما على
ناضِحٍ أَي شَدَدْتُهما على جَنْبَي البَعير كالــعِدْلَيْــن. وعَدِيلُك:
المُعادِلُ لك.
والعِدْل: نِصْف الحِمْل يكون على أَحد جنبي البعير، وقال الأَزهري:
العِدْل اسم حِمْل مَعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، والجمع أَعْدالٌ
وعُدُولٌ؛ عن سيبويه. وقال الفراء في قوله تعالى: أَو عَدْل ذلك صياماً، قال:
العَدْلُ ما عادَلَ الشيءَ من غير جنسه، ومعناه أَي فِداءُ ذلك.
والعِدْلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وذلك أَن تقول عندي عِدْلُ غُلامِك وعِدْلُ
شاتك إِذا كانت شاةٌ تَعْدِل شاةً أَو غلامٌ يَعْدِل غلاماً، فإِذا أَردت
قيمته من غير جنسه نَصَبْت العَيْن فقلت عَدْل، وربما كَسَرها بعضُ
العرب، قال بعض العرب عِدْله، وكأَنَّه منهم غلطٌ لتَقارُب معنى العَدْل من
العِدْل، وقد أَجمعوا على أَن واحد الأَعدال عِدْل؛ قال: ونُصِب قوله
صياماً على التفسير كأَنَّه عَدْلُ ذلك من الصِّيام، وكذلك قوله: مِلْء
الأَرضِ ذَهباً؛ وقال الزجاج: العَدْلُ والعِدْلُ واحد في معنى المِثْل، قال:
والمعنى واحد، كان المِثْلُ من الجنس أَو من غير الجنس. قال أَبو إِسحق:
ولم يقولوا إِن العرب غَلِطَت وليس إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يقول
إِنَّ بعض العرب غَلِط. وقرأَ ابن عامر: أَو عِدْلُ ذلك صِياماً، بكسر
العين، وقرأَها الكسائي وأَهل المدينة بالفتح. وشَرِبَ حتى عَدَّل أَي صار
بطنه كالعِدْل وامْتَلأ؛ قال الأَزهري: وكذلك عَدَّنَ وأَوَّنَ بمعناه.
ووقع المُصْطَرِعانِ عِدْلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً ولم يَصْرَع
أَحدُهما الآخر.
والعَدِيلتان: الغِرَارتانِ لأَن كل واحدة منهما تُعادِل صاحبتَها.
الأَصمعي: يقال عَدَلْت الجُوالِقَ على البعير أَعْدِله عَدْلاً؛ يُحْمَل على
جَنْب البعير ويُعْدَل بآخر.
ابن الأَعرابي: العَدَلُ، محرّكٌ، تسوية الأَوْنَيْن وهما العِدْلانِ.
ويقال: عَدَلْت أَمتعةَ البيت إِذا جَعَلْتها أَعدالاً مستوية للاعْتِكام
يومَ الظَّعْن. والعدِيل: الذي يُعادِلُك في المَحْمِل.
والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بين حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقولهم
جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بين الطُّول والقِصَر، وماء مُعْتَدِلٌ بين البارد
والحارِّ، ويوم مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواء ضدُّ مُعْتَذِل، بالذال المعجمة.
وكلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَل؛ وكلُّ ما أَقَمْته فقد عَدَلْته. وزعموا
أَن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ
إِذا مِلْتُ عَدَلُوني كما يُعْدَل السَّهْم في الثِّقافِ، أَي
قَوَّمُوني؛ قال:
صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْـ
ـتُ بالأَرض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وعَدَّلَه: كعَدَلَه. وإِذا مالَ شيءٌ قلت عَدَلته أَي أَقمته فاعْتَدَل
أَي استقام. ومن قرأَ قول الله، عز وجل: خَلَقَكَ فَسوّاك فَعَدَلك،
بالتخفيف، في أَيِّ صورةٍ ما شاء؛ قال الفراءُ: من خَفَّف فَوجْهُه، والله
أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صورة ما شاء: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قبيح،
وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وهي قراءة عاصم والأَخفش؛ وقيل أَراد عَدَلك
من الكفر إِلى الإِيمان وهي نِعْمة
(* قوله «وهي نعمة» كذا في الأصل،
وعبارة التهذيب: وهما نعمتان) ومن قرأَ فعَدَّلك فشَدَّد، قال الأَزهري: وهو
أَعجبُ الوجهين إِلى الفراء وأَجودُهما في العربية، فمعناه قَوَّمك
وجَعَلَك مُعْتدلاً مُعَدَّل الخَلْق، وهي قراءة نافع وأَهل الحجاز، قال:
واخْتَرْت عَدَّلك لأَنَّ المطلوب الإثنتين التركيب أَقوى في العربية من أَن
تكون في العَدْل، لأَنك تقول عَدَلْتك إِلى كذا وصَرَفتك إِلى كذا، وهذا
أَجودُ في العربية من أَن تقول عَدَلْتك فيه وصَرَفْتك فيه، وقد قال غير
الفراء في قراءة من قرأَ فَعَدَلك، بالتخفيف: إِنه بمعنى فَسَوّاك
وقَوَّمك، من قولك عَدَلْت الشيء فاعْتَدل أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ ومنه
قوله:وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل
أَي قَوَّمْناه فاستقام، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ. وعَدَلْت الشيءَ
بالشيء أَعْدِلُه عُدولاً إِذا ساويته به؛ قال شَمِر: وأَما قول الشاعر:
أَفَذاكَ أَمْ هِي في النَّجا
ءِ، لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟
يعني يُعادِلُ بي ناقته والثَّوْر. واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ
واستقام، وعَدَّلْته أَنا. ومنه قول أَبي علي الفارسي: لأَن المُرَاعى في
الشِّعْر إِنما هو تعديل الأَجزاء. وعَدَّل القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ
بين الشُّركاء إِذا سَوّاها على القِيَم.
وفي الحديث: العِلْم ثلاثة منها فَرِيضةٌ عادِلَةٌ، أَراد العَدْل في
القِسْمة أَي مُعَدَّلة على السِّهام المذكورة في الكتاب والسُّنَّة من غير
جَوْر، ويحتمل أَن يريد أَنها مُسْتَنْبَطة من الكتاب والسُّنَّة، فتكون
هذه الفَريضة تُعْدَل بما أُخِذ عنهما.
وقولهم: لا يُقْبَل له صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، قيل: العَدْل الفِداء؛ ومنه
قوله تعالى: وإِنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ لا يؤخَذْ منها؛ أَي تَفْدِ كُلَّ
فِداء. وكان أَبو عبيدة يقول: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لا يُقْبَلْ
منها؛ قال الأَزهري: وهذا غلط فاحش وإِقدام من أَبي عبيدة على كتاب الله
تعالى، والمعنى فيه لو تَفْتدي بكل فداء لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومئذ.
ومثله قوله تعالى: يَوَدُّ المُجْرِمُ لو يَفْتَدي من عذاب يَوْمئذٍ
ببَنِيه (الآية) أَي لا يُقْبَل ذلك منه ولا يُنْجيه. وقيل: العَدْل
الكَيْل، وقيل: العَدْل المِثْل، وأَصله في الدِّية؛ يقال: لم يَقْبَلوا منهم
عَدْلاً ولا صَرْفاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك، وقيل: العَدْل الجزاء، وقيل الفريضة،
وقيل النافلة؛ وقال ابن الأَعرابي: العَدْل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف في
موضعه. وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمْر لم يَقْبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا
عَدْلاً أَربعين ليلة؛ قيل: الصَّرْف الحِيلة، والعَدْل الفدْية، وقيل:
الصَّرْف الدِّية والعَدْلُ السَّوِيَّة، وقيل: العَدْل الفريضة،
والصَّرْف التطَوُّع؛ وروى أَبو عبيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر
المدينة فقال: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أَو آوى مُحْدِثاً لم يقبلِ الله
منه صَرْفاً ولا عَدْلاً؛ روي عن مكحول أَنه قال: الصَّرْف التَّوبة
والعَدْل الفِدْية؛ قال أَبو عبيد: وقوله من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً؛ الحَدَثُ
كلُّ حَدٍّ يجب لله على صاحبه أَن يقام عليه، والعَدْل القِيمة؛ يقال:
خُذْ عَدْلَه منه كذا وكذا أَي قيمتَه. ويقال لكل من لم يكن مستقيماً حَدَل،
وضِدُّه عَدَل، يقال: هذا قضاءٌ حَدْلٌ غير عَدْلٍ. وعَدَلَ عن الشيء
يَعْدِلُ عَدْلاً وعُدولاً: حاد، وعن الطريق: جار، وعَدَلَ إِليه عُدُولاً:
رجع. وما لَه مَعْدِلٌ ولا مَعْدولٌ أَي مَصْرِفٌ. وعَدَلَ الطريقُ:
مال.ويقال: أَخَذَ الرجلُ في مَعْدِل الحق ومَعْدِل الباطل أَي في طريقه
ومَذْهَبه.
ويقال: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله ومذموم مَداخِله أَي إِلى سوء
مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وقال زهير:
وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ
عليَّ، سِوى قَصْدِ الطّريق، مَعادِلُه
وفي الحديث: لا تُعْدَل سارِحتُكم أَي لا تُصْرَف ماشيتكم وتُمال عن
المَرْعى ولا تُمنَع؛ وقول أَبي خِراش:
على أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم،
تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل
أَراد ذاتَ السَّعة يُعْدَل فيها يميناً وشمالاً من سَعَتها. والعَدْل:
أَن تَعْدِل الشيءَ عن وجهه، تقول: عَدَلْت فلاناً عن طريقه وعَدَلْتُ
الدابَّةَ إِلى موضع كذا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قيل: هو يَنْعَدِل
أَي يَعْوَجُّ. وانْعَدَل عنه وعادَلَ: اعْوَجَّ؛ قال ذو الرُّمة:
وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ من نَحْوِ غَيْرِها
حَياءً، ولو طاوَعْتُه لم يُعادِل
(* قوله «واني لانحي» كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي
القاموس: وأنحاء عنه: عدله).
قال: معناه لم يَنْعَدِلْ، وقيل: معنى قوله لم يُعادِل أَي لم يَعْدِل
بنحو أَرضها أَي بقَصْدِها نحواً، قال: ولا يكون يُعادِل بمعنى
يَنْعَدِل.والعِدال: أَن يَعْرِض لك أَمْرانِ فلا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ
فأَنت تَرَوَّى في ذلك؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وذُو الهَمِّ تُعْدِيه صَرِيمةُ أَمْرِه،
إِذا لم تُميِّتْه الرُّقى، ويُعَادِلُ
يقول: يُعادِل بين الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّتْه: تُذَلِّله
المَشورات وقولُ الناس أَين تَذْهَب.
والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ في أَمرين، يقال: أَنا في عِدالٍ من هذا الأَمر
أَي في شكٍّ منه: أَأَمضي عليه أَم أَتركه. وقد عادلْت بين أَمرين
أَيَّهما آتي أَي مَيَّلْت؛ وقول ذي الرمة:
إِلى ابن العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ،
قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة العِدالا
قال الأَزهري: العرب تقول قَطَعْتُ العِدالَ في أَمري ومَضَبْت على
عَزْمي، وذلك إِذا مَيَّلَ بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثم استقام له الرأْيُ
فعَزَم على أَوْلاهما عنده. وفي حديث المعراج: أُتِيتُ بإِناءَيْن
فَعَدَّلْتُ بينهما؛ يقال: هو يُعَدِّل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بين
أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يريد أَنهما كانا عنده مستويَيْنِ لا يقدر على
اختيار أَحدهما ولا يترجح عنده، وهو من قولهم: عَدَل عنه يَعْدِلُ عُدولاً
إِذا مال كأَنه يميل من الواحد إِلى الآخر؛ وقال المَرَّار:
فلما أَن صَرَمْتُ، وكان أَمْري
قَوِيماً لا يَمِيلُ به العُدولُ
قال: عَدَلَ عَنِّي يَعْدِلُ عُدُولاً لا يميل به عن طريقه المَيْلُ؛
وقال الآخر:
إِذا الهَمُّ أَمْسى وهو داءٌ فأَمْضِه،
ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه
قال: معناه وأَنتَ تَشُكُّ فيه. ويقال: فلان يعادِل أَمرَه عِدالاً
ويُقَسِّمُه أَي يَميل بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قال ابن الرِّقاع:
فإِن يَكُ في مَناسِمها رَجاءٌ،
فقد لَقِيَتْ مناسِمُها العِدالا
أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ من نَداه
سِجالَ الخير؛ إِنَّ له سِجالا
والعِدالُ: أَن يقول واحدٌ فيها بقيةٌ، ويقولَ آخرُ ليس فيها بقيةٌ.
وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فلم تُصِب
واحدةً من العينين ولم تَمِلْ على واحدٍ من الخدَّين، قاله أَبو عبيدة.
وعَدَلَ الفحلَ عن الضِّراب فانْعَدَلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قال أَبو
النجم:وانْعَدلَ الفحلُ ولَمَّا يُعْدَل
وعَدَلَ الفحلُ عن الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب. وعَدَلَ بالله يَعْدِلْ:
أَشْرَك. والعادل: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بربِّه؛ ومنه قول المرأَة
للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عادِلٌ؛ قال الأَحمر: عَدَلَ الكافرُ بربِّه
عَدْلاً وعُدُولاً إِذا سَوَّى به غيرَه فعبَدَهُ؛ ومنه حديثُ ابن عباس، رضي
الله عنه: قالوا ما يُغْني عنا الإِسلامُ وقد عَدَلْنا بالله أَي
أَشْرَكْنا به وجَعَلْنا له مِثْلاً؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كَذَبَ
العادِلون بك إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.
وقولُهم للشيء إِذا يُئِسَ منه: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ؛ هو العَدْلُ
بنُ جَزْء بن سَعْدِ العَشِيرة وكان وَليَ شُرَطَ تُبَّع فكان تُبَّعٌ
إِذا أَراد قتل رجل دفَعَه إِليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَي عَدْلٍ، ثم
قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه.
وعَدَوْلى: قريةٌ بالبحرين، وقد نَفَى سيبويه فَعَولى فاحتُجَّ عليه
بعَدَوْلى فقال الفارسي: أَصلها عَدَوْلاً، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل
اسماً للبُقْعة ولم نسمع نحن في أَشعارهم عَدَوْلاً مصروفاً.
والعَدَوْلِيَّةُ في شعر طَرَفَةَ: سُفُنٌ منسوبة إِلى عَدَوْلى؛ فأَما
قول نَهْشَل بن حَرِّيّ:
فلا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كان دارهُمُ
وراءَ عَدَوْلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا
فزعم بعضهم أَنه بالهاء ضرورة، وهذا يُؤَنِّس بقول الفارسي، وأَما ابن
الأَعرابي فقال: هي موضع وذهب إِلى أَن الهاء فيها وضْعٌ، لا أَنه أَراد
عَدَوْلى، ونظيره قولهم قَهَوْباةُ للنَّصْل العريض. قال الأَصمعي:
العَدَوْلِيُّ من السُّفُن منسوب إِلى قرية بالبحرين يقال لها عَدَوْلى، قال:
والخُلُجُ سُفُنٌ دون العَدَوْلِيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي في قول
طَرَفة:عَدَوْلِيَّة أَو من سَفين ابن نَبْتَل
(* قوله «نبتل» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛
وتمامه:يجوز بها الملاح طورا ويهتدي).
قال: نسبها إِلى ضِخَم وقِدَم، يقول هي قديمة أَو ضَخْمة، وقيل:
العَدَوْليَّة نُسبَتْ إِلى موضع كان يسمى عَدَوْلاة وهي بوزن فَعَوْلاة، وذكر
عن ابن الكلبي أَنه قال: عَدَوْلى ليسوا من ربيعةَ ولا مُضر ولا ممن
يُعْرَفُ من اليمن إِنما هم أُمَّةٌ على حِدَة؛ قال الأَزهري: والقولُ في
العَدَوْليَّ ما قاله الأَصمعي. وشجر عَدَوْلِيٌّ: قديمٌ، واحدته
عَدَوْلِيَّة؛ قال أَبو حنيفة: العَدَوْليُّ القديمُ من كل شيء؛ وأَنشد
غيره:عليها عَدَوْلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه
ويروى: عَدامِيل الهَشيم يعني القديمَ أَيضاً. وفي خبر أَبي العارم:
فآخُذُ في أَرْطًى عَدَوْلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ. والعَدَوْلِيُّ: المَلاَّح. ابن
الأَعرابي: يقال لزوايا البيت المُعَدَّلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات
والأَخْصام والثَّفِنات، وروى الأَزهري عن الليث: المُعْتَدِلةُ من النوق
الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بعضها ببعض، قال: وروى شَمِر عن مُحارِب
قال: المُعْتَدِلة مِن النوق، وجَعَله رُباعيّاً من باب عَندَل، قال
الأَزهري: والصواب المعتدلة، بالتاء، وروى شمر عن أَبي عدنانَ الكناني
أَنشده:
وعَدَلَ الفحلُ، وإِن لم يُعْدَلِ،
واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ
قال: اعتدالُ ذات السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها من السِّمَن
بعدما كان مائلاً؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحرف الذي رواه شمر عن
محارب في المُعَنْدِلة غيرُ صحيح، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن الناقة
إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها من السَّنام وغيره،
ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وهو الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذكره في موضعه، لأَن
عَنْدَل رُباعيٌّ خالص.
حكم: الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له
الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات
الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله
أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في
أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي،
فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو
فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة
عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق
الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل
قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من
العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛
قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه؛ قال الله
تعالى: وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن
زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع
من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي
ينتفع الناس بها. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر
حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه
الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ
لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ
وزيد بن ثابت وغيرهم. قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ
حكِيماً
(* قوله «أن يسمى الرجل حكيماً» كذا بالأصل، والذي في عبارة الليث التي
في التهذيب: حكماً بالتحريك)، قال الأزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً
وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأثير:
وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال
له النبي، صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي
شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى
القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،
قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟
وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم
وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى
مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. وفي حديث ابن عباس:
قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً
لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ
وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين
الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. وروى المنذري عن أَبي طالب
أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل
عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه
قول لبيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي
فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ
مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ. قال ابن سيده: الحُكْمُ
القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر
يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك. والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ
بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه. الأزهري: الحُكْمُ القضاء
بالعدل؛ قال النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ
إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ
(* قوله «حمام سراع» كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة
قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أي
مجتمعة).
وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت:
كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ
نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال: ويَدُلُّكَ
على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء
في شيء. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ.
وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ: دعاه. وفي الحديث: وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ
الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من
نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ.
وحَكَّمُوهُ بينهم: أمروه أن يَحكمَ. ويقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما
بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه
حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم
الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال:
ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الـ
ـدَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى
حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ
المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال: هو كلام
مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال: حَكَّمْتُه في مالي إذا
جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. واحْتَكَمَ فلانٌ في مال
فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: المخاصمة إلى الحاكِمِ.
واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى. وقولهم في المثل: في بيته
يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ وأَنشد ابن بري:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،
وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: القضاة. والحَكَمَةُ: المستهزئون. ويقال: حَكَّمْتُ فلاناً
أي أطلقت يده فيما شاء. وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ
الله. والمُحَكَّمُ: الشاري. والمُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال
الجوهري: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر
الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لا حُكْم إلا لله. قال ابن سيده: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ
قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ
لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:
فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
(* قوله «وما أزين» كذا في الأصل، والذي في المحكم: مما أزين).
وقيل: إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان:
أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص. وفي الحديث: إن الجنة
للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو
فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من
أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر،
فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال: وأما الكسر فهو المُنْصِفُ
من نفسه؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب:
إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو
شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه. ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن
الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف
(* قوله «والمحكم بفتح
الكاف إلخ» كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أنه بكسر
الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب
فانه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم
بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط)، الذي في شعر
طَرَفَةَ إذ يقول:
ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما
تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا
(* قوله «ليت المحكم إلخ» في التكملة ما نصه: يقول ليت أني والذي يأمرني
بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأنه
أراد عاذليّ كفّا صوتكما).
هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: العدل. ورجل
حَكِيمٌ: عدل حكيم. وأَحْكَمَ الأَمر: أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على
المَثَل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه
التجارِبُ. والحكيم: المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال:
المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً.
الأزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه
مدحاً لازماً؛ وقال مرقش:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا
تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ
أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛
قال ذو الرمة:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ
من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأمرُ
واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وقوله تعالى: كتاب أُحْكِمَتْ آياته
فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياته بالأمر
والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله
أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على
توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول
الله عز وجل: ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى:
الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله
عز وجل: الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما
قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأَن
حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم. وحَكَمَ
الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم
النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد
وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد
حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال: ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى
لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير
أنه قال في قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه
حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون
حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري: وقول أبي سعيد الضرير ليس
بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع،
وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،
إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن
الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه
فنَقَص، قال: وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: وهو
الثقة المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: منعه مما يريد.
وفي حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى
تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي
مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع
الظالم، وقيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا
قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على
يده؛ ومنه قول جرير:
أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح: بالحَنَك،
وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك،
وجمعه حَكَمٌ. وفي الحديث: وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه. وفي الحديث:
ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ
إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛
والحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة
راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس
جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. وحَكَمَ الفرسَ
حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب
تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:
القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،
قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف
الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا
على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى
قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين. الأزهري: وفرس مَحْكومةٌ في
رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا
وقد رواه غيره: قد أُحْكِمَتْ، قال: وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس
وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم
الفرس. وحَكََمَةُ الإنسان: مقدم وجهه. ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه.
وفي حديث عمر: إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره
ومنزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل:
الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها
كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضائنة:
ذَقَنُها.
الأزهري: وفي الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في
أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أن يُجْرَحَ الإنسانُ في
موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم
أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ
بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه
تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ
دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي
يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه.
وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان.
وحَكَمٌ: أبو حَيٍّ من اليمن. وفي الحديث: شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى
حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ. وفي الحديث: اللهم غَبْطاً لا هَبْطاً،
يعني نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنا. التهذيب:
معنى قولهم غَبْطاً لا هَبْطاً أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا
تُهْبِطَنا من الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وقيل: معناه اللهم
ارْتِفاعاً لا اتِّضاعاً، وزيادةً من فضلك لا حَوْراً ونقْصاً، وقيل: معناه:
أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عليها وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ،
وقيل: معناه نسأَلك الغِبْطةَ، وهي النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بك من
الذُّلِّ والخُضوعِ.
وفلان مُغْتَبِطٌ أَي في غِبْطةٍ، وجائز أَن تقول مُغْتَبَطٌ، بفتح
الباء. وقد اغْتَبَطَ، فهو مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، كل ذلك
جائز. والاغْتِباطُ: شُكرُ اللّهِ على ما أَنعم وأَفضل وأَعْطى، ورجل
مَغْبوطٌ. والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وقد أَغْبَطَ.
وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً: حسَدَه، وقيل: الحسَدُ أَن
تَتَمنَّى نِعْمته على أَن تتحوّل عنه، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مثل حال
المَغْبوطِ من غير أَن تُريد زوالها ولا أَن تتحوّل عنه وليس بحسد، وذكر
الأَزهري في ترجمة حسد قال: الغَبْطُ ضرْب من الحسَد وهو أَخفّ منه،
أَلا ترى أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، لما سئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟
قال: نعم كما يضرُّ الخَبْطُ، فأَخبر أَنه ضارٌّ وليس كضَرَرِ الحسَدِ
الذي يتمنى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عن أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ ورق الشجر حتى
يَتَحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِفَ من غير أَن يضرّ ذلك بأَصل الشجرة
وأَغْصانها، وهذا ذكره الأَزهري عن أَبي عبيدة في ترجمة غبط، فقال: سُئل
النبيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يضرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاَّ كما يضرّ
العِضاهَ الخَبْطُ، وفسّر الغبطَ الحسَدَ الخاصّ. وروي عن ابن السكيت
قال: غَبَطْتُ الرجل أَغْبِطُه غَبْطاً إِذا اشتهيْتَ أَن يكون لك مثلُ ما
لَه وأَن لا يَزول عنه ما هو فيه، والذي أَراد النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَن الغَبْط لا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ ما يلحق الغابِطَ من
الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثواب دون الإِحْباط، بقدر ما يلحق العِضاه من
خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبط ورقُها،
فهو وإِن كان فيه طرَف من الحسد فهو دونه في الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ
القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، والشجر إِذا قُشِر عنها لِحاؤها يَبِسَت
وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دون يُبْس الأَصل. وقال أَبو عَدْنان: سأَلت
أَبا زيد الحنظلي عن تفسير قول سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم:
أَيضر الغبطُ؟ قال: نعم كما يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فقال: الغبْط أَن
يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نفس، فقال الأَبانيُّ: ما
أَحسنَ ما استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كما تُغَيَّرُ
العِضاهُ إِذا تحاتّ ورقُها. قال: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة. قال
الأَزهري: الغَبْطُ ربما جلَبَ إِصابةَ عين بالمَغْبُوطِ فقام مَقام
النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وهي الإِصابةُ بالعين، قال: والعرب تُكنّي عن الحسد
بالغَبْط. وقال ابن الأَعرابي في قوله: أَيضر الغبط؟ قال: نعم كما يضر
الخبط، قال: الغبْط الحسَدُ. قال الأَزهري: وفرَق اللّهُ بين الغَبط والحَسد
بما أَنزله في كتابه لمن تدبّره واعْتَبره، فقال عزَّ من قائل: ولا
تَتَمنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ به بعضَكم على بعضٍ، للرِّجالِ نَصِيب مما
اكْتَسَبُوا وللنساءِ نَصِيبٌ مما اكْتَسَبْنَ، واسأَلوا اللّه من فضله؛ وفي
هذه الآية بيان أَنه لا يجوز للرجل أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى على أَخيه
المسلم نِعمة أَنعم اللّه بها عليه أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتاها، وجائز له
أَن يتمنى مثلها بلا تَمَنّ لزَيِّها عنه، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ
في حال حسَنة فيتمنى لنفسه مثلَ تلك الحالِ الحسنة من غير أَن يتمنى
زوالها عنه، وإِذا سأَل اللّهَ مثلها فقد انتهى إِلى ما أَمَرَه به ورَضِيَه
له، وأَما الحسَدُ فهو أَن يشتهِيَ أَن يكون له مالُ المحسود وأَن يزول
عنه ما هو فيه، فهو يَبْغِيه الغَوائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحال
ويجتهد في إزالتها عنه بَغْياً وظُلماً، وكذلك قوله تعالى: أَم يَحْسُدون
الناس على ما آتاهم اللّه من فضله؛ وقد قدّمنا تفسير الحسد مُشعبَاً. وفي
الحديث: على مَنابِرَ من نور يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع؛ ومنه الحديث
أَيضاً: يأْتي على الناسِ زمان يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كما يُغْبَطُ
اليوم أَبو العَشرة، يعني كان الأَئمة في صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال
المسلمين وذَرارِيَّهم من بيتِ المال، فكان أَبو العَشرة مَغْبُوطاً بكثرة ما
يصل إِليهم من أَرزاقهم، ثم يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذلك عنهم
فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.
وفي حديث الصلاة: أَنه جاء وهم يُصلُّون في جماعة فجعل يُغَبِّطُهم؛ قال
ابن الأَثير: هكذا روي بالتشديد، أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ ويجعل هذا
الفعل عندهم مما يُغْبَطُ عليه، وإِن روي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهم
لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصلاة؛ ابن سيده: تقول منه غَبَطْتُه بما نالَ
أَغْبِطُه غَبْطاً وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هو كقولك مَنَعْتُه فامْتنَع
وحبستُه فاحتبس؛ قال حُرَيْثُ بن جَبلةَ العُذْريّ، وقيل هو لعُشِّ بن لَبِيدٍ
العذري:
وبَيْنَما المَرءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هو مُغْتَبِطٌ؛ قال الجوهري: هكذا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بكسر
الباء، أَي مَغْبُوطٌ. ورجل غَابطٌ من قومٍ غُبَّطٍ؛ قال:
والنَّاس بين شامِتٍ وغُبَّطِ
وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطاً: جَسَّهُما لينظر
سِمَنَهما من هُزالِهِما؛ قال رجل من بني عمرو ابن عامر يهْجُو قوماً من
سُلَيْم:إِذا تَحَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِفَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقِه الكُتب
(* قوله «في أعناقه» أَنشده شارح القاموس في مادة غلق أَعناقها.)
إِني وأَتْيِي ابنَ غَلاَّقٍ ليَقْرِيَني
كالغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ
وناقة غَبُوطٌ: لا يُعْرَف طِرْقُها حتى تُغْبطَ أَي تُجَسّ باليد.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطاً إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه
طِرْقٌ أَم لا. وفي حديث أَبي وائلٍ: فغَبَطَ منها شاةً فإِذا هي لا تُنْقِي
أَي جَسّها بيده. يقال: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ منها المَوضع الذي
يُعْرَف به سِمَنُها من هُزالها. قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه بالعين
المهملة، فإِن كان محفوظاً فإِنه أَراد به الذبح، يقال: اعْتَبَطَ الإِبلَ
والغنم إِذا ذبحها لغير داء.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حتى كأَنه من حَبَّة
واحدة؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كانت كذلك. رواه أَبو حنيفة: والغَبْطُ
والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ من الزَّرْع، والجمع غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ التي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة
قَبْضة، الواحد غَبْط وغِبْط. قال أَبو حنيفة: الغُبوطُ القَبَضاتُ
المَحْصودةُ المتَفرّقةُ من الزَّرْع، واحدها غبط على الغالب.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وهو للنساء يُشَدُّ عليه الهوْدَج؛ والجمع
غُبُطٌ؛ وأَنشد ابن برّيّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً،
في ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على ظهر البعير إِغْباطاً، وفي التهذيب: على ظهر
الدابةِ: أَدامه ولم يحُطَّه عنه؛ قال حميد الأَرقط ونسبه ابن بري لأَبي
النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ
إَغْباطُنا المَيْسَ على أَصْلابِه
جَعَل كل جُزْء منه صُلْباً. وأَغْبَطَتْ عليه الحُمّى. دامتْ. وفي حديث
مرضِه الذي قُبِضَ فيه، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه أَغْبَطَتْ عليه
الحُمّى أَي لَزِمَتْه، وهو من وضْع الغَبِيط على الجمل. قال الأَصْمعيّ:
إِذا لم تفارق الحُمّى المَحْمومَ أَياماً قيل: أَغْبَطَتْ عليه
وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بالميم أَيضاً. قال الأَزهري: والإِغْباطُ يكون لازماً
وواقعاً كما ترى. ويقال: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابن
السكيت:
حتّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا
يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا
قال ابن شميل: سير مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دائم لا يَسْتَريحُ، وقد
أَغْبَطُوا على رُكْبانِهم في السيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرّحالَ عنها
ليلاً ولا نهاراً. أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ علينا المطَرُ وهو ثبوته لا
يُقْلعُ بعضُه على أَثر بعض. وأَغْبَطَتْ علينا السماء: دام مَطَرُها
واتَّصَلَ. وسَماء غَبَطَى: دائمةُ المطر.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الذي هو مثل أُكُفِ البَخاتِيّ، قال الأَزهري:
ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ ويكون للحَرائِر، وقيل: هو قَتَبةٌ تُصْنَعُ على غير
صَنْعةِ هذه الأقْتاب، وقيل: هو رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة، والجمع
غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ
بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يعني به خشَب الرِّحالِ، وشبّه القِسِيّ الفارِسيّةَ بها. الليث: فرس
مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كان مرتفع المِنْسَجِ، شبّه بصنعة الغبيط وهو رحْل
قَتَبُه وأَحْناؤه واحدة؛ قال الشاعر:
مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ
وفي حديث ابن ذِي يَزَنَ: كأَنّها غُبُطٌ في زَمْخَرٍ؛ الغُبُطُ: جمع
غَبيطٍ وهو الموضع الذي يُوطَأُ للمرأَة على البعير كالهَوْدَج يعمل من خشب
وغيره، وأَراد به ههنا أَحَدَ أَخشابه
(* قوله «أحد أَخشابه» كذا بالأصل
وشرح القاموس، والذي في النهاية: آخر أخشابه.)، شبه به القوس في
انْحِنائها. والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وقيل: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مستوية
يرتفع طَرفاها. والغَبِيطُ: مَسِيلٌ من الماء يَشُقُّ في القُفّ كالوادي
في السَّعةِ، وما بين الغَبيطَيْنِ يكون الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجمع
كالجمع؛ وقوله:
خَوَّى قَليلاً غَير ما اغْتِباطِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ معناه لم يَرْكَن إِلى غَبيطٍ من الأَرض واسعٍ
إِنما خوَّى على مكانٍ ذي عُدَواء غيرِ مطمئن، ولم يفسره ثعلب ولا غيره.
والمُغْبَطة: الأَرض التي خرجت أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: موضع؛ قال أَوس بن حجر:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه
علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسم وادٍ، ومنه صحراء الغَبِيطِ. وغَبِيطُ المَدَرةِ: موضع.
ويَوْمُ غَبِيطِ المدرة: يومٌ كانت فيه وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ
غُلِبَتْ فيه شَيْبانُ؛ قال:
فإِنْ تَكُ في يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ،
فَيَوْمُ الغَبِيطِ كان أَخْزَى وأَلْوَما
خرج: الخُروج: نقيض الدخول. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فهو
خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به. الجوهري: قد يكون
المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يقال: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وهذا
مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه، والمفعولَ به
واسمَ المكان والوقت، تقول: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وهذا مُخْرَجُه،
لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة، مثل دَحْرَجَ، وهذا
مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة.
والاستخراجُ: كالاستنباط.
وفي حديث بَدْرٍ: فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها، وهو
افْتَعَلَ منه.
والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع.
والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ:
ما أَنْسَ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ،
في يوم عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فيه، فحذف؛ كما قال في هذه القصيدة:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد معروج به.
وقوله عز وجل: ذلك يَوْمُ الخُروجِ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث.
وقال أَبو عبيدة: يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة؛ واستشهدَ بقول
العجاج:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا،
أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟
أَبو إِسحق في قوله تعالى: يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من
الأَرض. ومثله قوله تعالى: خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ. وفي
حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ: دخل عليَّ عليٌّ، رضي الله عنه، في يوم
الخُرُوج، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها
خَطِيفَةٌ. يَوْم الخُروجِ؛ يريد يوم العيد، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق.
وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى
لبياضه.واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ
مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وفي حديث قصة:
أَن الناقة التي أَرسلها الله، عز وجل،آيةً لقوم صالح، عليه السلام، وهم
ثمود، كانت مُخْتَرَجة، قال: ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة
الجمل، وهي أَكبر منه وأَعظم.
واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ، وهو من ذلك
عن أَبي حنيفة. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قال سيبويه: لا يُستعمل ظرفاً
إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل؛ وقول الفرزدق:
عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً،
ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: ولا يخرج خروجاً، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت.
والخُروجُ: خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ.
وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام
الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه.
والخارِجِيُّ: الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم؛
قال كثير:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ،
وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ،
وهي مع ذلك جِيادٌ؛ قال طفيل:
وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ،
شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وقيل: الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره. قال أَبو عبيدة: من صفات
الخيل الخَرُوجُ، بفتح الخاء، وكذلك الأُنثى، بغير هاءٍ، والجمع الخُرُجُ،
وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه؛
وأَنشد:
كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى،
وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قول زهير يصف خيلاً:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ،
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فمعناه: أَن منها ما به طِرْقٌ، ومنها ما لا طِرْقَ به؛ وقال ابن
الأَعرابي: معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه.
وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بالتشديد، مثل عِنِّينٍ، بمعنى مفعول
إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ.
والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب. يقال: خَرَجَ
لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وقيل: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قال
أَبو ذؤَيب:
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا،
فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي:
يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ، فهو نَشْءٌ. التهذيب: خَرَجَت السماء
خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل
وورودها:فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛
تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يريد مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ.
والخَرُوجُ من الإِبل: المِعْناقُ المتقدمة. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ
بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غيره: والخُرَاجُ ورَمُ
قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان. الصحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ
في البدن من القُرُوح.
والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طائفة منهم لزمهم هذا
الاسمُ لخروجهم عن الناس. التهذيب: والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء
لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ.
وفي حديث ابن عباس أَنه قال: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث؛
قال أَبو عبيد: يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء،
وهو في يد بعضهم دون بعض، فلا بأْس أَن يتبايعوه، وإِن لم يعرف كل واحد
نصيبه بعينه ولم يقبضه؛ قال: ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم
لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك؛ قال أَبو منصور: وقد جاءَ هذا عن ابن
عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد. وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس،
قال: لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا
عشرة دنانير نقداً، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً. والتَّخارُجُ:
تَفاعُلٌ من الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه
بالبيع؛ قال: ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين: لا بأْس أَن
يتخارجا؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي: التخارج أَن
يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض؛ قال شمر: قلت لأَحمد: سئل سفيان عن أَخوين
ورثا صكّاً من أَبيهما، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه؛ فقال: عندي
طعام، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ، فقال أَحد الأَخوين: أَنا آخذ
نصيبي طعاماً؛ وقال الآخر: لا آخذ إِلاّ دراهم، فأَخذ أَحدهما منه عشرة
أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه؛ قال: جائز، ويتقاضاه الآخر، فإِن تَوَى ما
على الغريم، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ، ولا يرجع
بالطعام. قال أَحمد: لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به، والله
أَعلم.وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نفقاتهم.
والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ
مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم. وقال الزجاج: الخَرْجُ المصدر، والخَرَاجُ: اسمٌ
لما يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ العبد والأَمة. والخَرْجُ والخَراج:
الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك
العبدُ خَرَاجَه أَي غلته، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى
الوُلاةِ. وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الخَرَاجُ
بالضمان؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم: معنى الخراج في هذا الحديث
غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ
دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه، فله رَدُّ العبد على البائع
والرجوعُ عليه بجميع الثمن، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ
له لأَنه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله. وفسر ابن الأَثير قوله:
الخراج بالضمان؛ قال: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة، عبداً
كان أَو أَمة أَو ملكاً، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً، ثم يعثر فيه على
عيب قديم، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله
لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء؛
وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه،
وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا، فقال للمشتري: رُدَّ
الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان. معناه: رُدَّ ذا العيب بعيبه، وما حصل
في يدك من غلته فهو لك.
ويقال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على
سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله، فيقال: عبدٌ مُخَارَجٌ.
ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ.
وفي التنزيل: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. قال
الزجاج: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية؛ وقرئ: أَم
تسأَلهم خَرَاجاً. وقال الفراء. معناه: أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت
به، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب، رضي
الله عنه، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً، لأَنه
أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة
يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت
صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية لأَن تلك الوظيفة
أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون، وهو الغلة، لأَن جملة معنى الخراج
الغلة؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة: خراج لأَنه كالغلة
الواجبة عليهم. ابن الأَعرابي: الخَرْجُ على الرؤوس، والخَرَاجُ على
الأَرضين. وفي حديث أَبي موسى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ
خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين
وغيرها.
والخُرْجُ: من الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وهو هذا الوعاء، وهو جُوالِقٌ
ذو أَوْنَيْنِ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة.
وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ. وتَخْريجُ
الراعية المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى:
أَبقت بعضه وأَكلت بعضه.
والخَرَجُ، بالتحريك: لَوْنانِ سوادٌ وبياض؛ نعامة خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ
أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ
اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ. أَبو عمرو:
الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه؛ قال الليث: هو الذي لون سواده أَكثر من
بياضه كلون الرماد. التهذيب: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وهي النعام؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ
والأُنثى خَرْجاءُ، واستعاره العجاج للثوب فقال:
إِنَّا، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا،
ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ
وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق؛ وهذا الرجز في الصحاح:
ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها
وفسره فقال: لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ
أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وكذلك أَرض
خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ. وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع
ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ؛
قال شمر: يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ.
والأَرتاع: أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل، وأَماكن لم يصبها مطر، فتلك
المُخَرَّجةُ. وقال بعضهم: تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان، فترى
بياض الأَرض في خضرة النبات. الليث: يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه
تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه
مواضع لم تكتب، فهو مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً
يخالف بعضه بعضاً.
والخَرْجاءُ: قرية في طريق مكة، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً
وبياضاً إِلى الحمرة.
والأَخْرَجَةُ: مرحلة معروفة، لونها ذلك.
والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ
(* قوله «والنجوم تخرج اللون إلخ» كذا
بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد
المذكور.) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها؛ قال:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ
نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كذلك. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ
خَرْجاءٌ: وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين،
وسائرُهما أَسودُ. التهذيب: وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ، نصفها
أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه. ويقال: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في
بياض، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه
أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين؛
عن أَبي زيد. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ معروف للونه، غلب ذلك عليه، واسمه
الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد
إِليه، ولَوْنُ سائره ما كان. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ.
والأَخْرَجانِ: جبلان معروفان، وأَخْرَجَةُ: بئر احتفرت في أَصل
أَحدهما؛ التهذيب: وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ،
وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ، اشتقوا
لهما اسمين من نعت الجبلين. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ؛
سميتا بجبلين، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ.
ويقال: اخْترَجُوه، بمعنى استخرجُوه.
وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لفتيان
العرب. وقال أَبو حنيفة: الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ، يقال فيها: خَراجِ
خَرَاجِ مثل قَطامِ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي:
أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ
مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت، شبهه بالمخاريق وهي جمع
مِخْرَاقٍ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به. وقوله: ذاتَ العِشاءِ أَراد
به الساعة التي فيها العِشاء، أَراد صوت اللاعبين؛ شبه الرعد به؛ قال
أَبو علي: لا يقال خَرِيجٌ، وإِنما المعروف خَراجِ، غير أَن أَبا ذؤيب
احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف. التهذيب: الخَرَاجُ
والخَرِيجُ مُخَارجة: لعبة لفتيان الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ اسم لعبة
لهم معروفة، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده، ويقول لسائرهم: أَخْرِجُوا
ما في يدي؛ قال ابن السكيت: لعب الصبيان خَرَاجِ، بكسر الجيم، بمنزلة
دَرَاكِ وقَطَامِ.
والخَرْجُ: وادٍ لا مَنفذ فيه، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك.
وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم، والنسبة
إِليهم خارِجِيٌّ؛ قال ابن دريد: وأَحسبها من بني عمرو بن تميم.
وخارُوجٌ: ضرب من النَّخل.
قال الخليل بن أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية، كقول
لبيد:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فالقافية هي الميم، والهاء بعد الميم هي الصلة، لأَنها اتصلت بالقافية،
والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ؛ قال الأَخفَش: تلزم القافية بعد
الروي الخروج، ولا يكون إِلا بحرف اللين، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا
تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو: ضربه، ومررت به، ولقيتها، والحركات إِذا
أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن
تتبع حركة هاء الضمير؛ هذا أَحد قولي ابن جني، جعل الخروج هو الوصل، ثم
جعل الخروج غير الوصل، فقال: الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد
بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده، ولذلك سمي خروجاً لأَنه
برز وخرج عن حرف الروي، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن
في السكون واللين، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس،
وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو، لأَنهن مستطيلات ممتدات.
والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ.
وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسم
موضع باليمامة. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ.
ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج.
زيد بن كثوة: يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ؛ يقال ذلك عند تأْكيد
الظَّرْفِ والاحتيال. وقيل: خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له
الخروج منه إِذا أَراد ذلك.
وقولهم: أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ،
ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب، كانوا يقولون لها: خِطْبٌ فتقول: نِكْحٌ
وخارجةُ ابنها، ولا يُعْلَمُ ممن هو؛ ويقال: هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ
بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ.
وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بعينها.
وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.
نوط: ناطَ الشيءَ يَنُوطُه نَوْطاً: عَلَّقه. والنَّوْطُ: ما عُلِّق،
سمي بالمصدر، قال سيبويه وقالوا: هو منِّي مَناط الثُّرَيَّا أَي في
البُعْد، وقيل: أَي بتلك المنزلة فحذف الجارّ وأَوْصل كذهبت الشام ودخلت
البيتَ. وانتاط به تعَلَّق. والنَّوْطُ: ما بين العَجُز والمَتْن. وكلُّ ما
عُلِّقَ من شيء، فهو نَوْط. والأَنواطُ: المَعالِيقُ. وفي المثل
(* قوله
«وفي المثل إلخ» هو عبارة الصحاح، وفي مجمع الامثال للميداني: يضرب لمن يدعي
ما ليس يملكه.): عاطٍ بغير أَنْواطٍ أَي يتَناوَلُ وليس هناك شيء
مُعَلَّق، وهذا نحو قولهم: كالحادِي وليس له بعير، وتجَشَّأَ لُقْمانُ من غير
شبَعٍ. والأَنْواطُ: ما نُوِّطَ على البعير إِذا أُوقِرَ. والتَّنْواطُ:
ما يُعَلَّق من الهَوْدَج يُزَيَّنُ به. ويقال: نِيطَ عليه الشيء عُلِّقَ
عليه؛ قال رقاع بن قَيْس الأَسدي:
بِلاد بِها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي،
وأَوَّلُ أَرضٍ مسَّ جِلْدِي تُرابُها
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أُتِيَ بمال كثير فقال: إِني
لأَحْسَبكم قد أَهْلَكْتُم الناسَ، فقالوا: واللّه ما أَخَذْناه إِلاَّ عَفْواً
بلا سَوْطٍ ولا نوط أَي بلا ضَرْب ولا تَعْلِيقٍ؛ ومنه حديث علي، كرَّم
اللّه وجهه: المُتَعَلِّقُ بها كالنَّوْط المُذَبْذَبِ؛ أَراد ما يُناطُ
بِرَحْل الرَّاكب من قَعْب أَو غيره فهو أَبداً يتحرَّك. ونيط به الشيء
أَيضاً: وُصِلَ به. وفي الحديث: أُرِيَ الليلةَ رجُل صالحٌ أَنَّ أَبا بكر
نِيطَ برسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي عُلِّقَ. يقال: نُطْتُ
هذا الأَمرَ به أَنُوطُه، وقد نِيطَ به، فهو مَنُوط.
وفي حديث الحجّاج: قال لِحَفَّار البئر: أَخَسَفْتَ أَم أَوْشَلْتَ؟
فقال: لا واحدَ منهما ولكن نَيِّطاً بين الأَمرين أَي وسَطاً بين القليل
والكثير، كأَنه مُعَلَّق بينهما؛ قال القتيبي: هكذا روي بالياء مشدَّدة، وهي
من ناطَه يَنُوطُه نَوْطاً، فإِن كانت الرواية بالباء الموحدة فيقال
للرّكية إِذا استُخْرج ماؤُها واسْتُنْبِط هي نَبَطٌ، بالتحريك.
ونِياطٌ كل شيء: مُعَلَّقُه كنِياطِ القوْسِ والقِرْبة. تقول: نُطْتُ
القربةَ بنِياطِها نَوْطاً. ونِياطُ القوس: مُعَلَّقُها. والنِّياط:
الفُؤَاد. والنِّياطُ: عِرْق علق به القلب من الوتين، فإِذا قُطع مات صاحبُه،
وهو النَّيْطُ أَيضاً؛ ومنه قولهم: رماه اللّه بالنيْطِ أَي بالموت. ويقال
للأَرنب: مُقَطَِّعَةُ النِّياطِ كما قالوا مُقَطَّعة الأَسْحار.
ونِياطُ القلب: عِرْق غليظ نِيط به القلبُ إِلى الوتين، والجمع أَنوِطةٌ ونُوط،
وقيل: هما نِياطانِ: فالأَعلى نِياطُ الفؤاد، والأَسفل الفرجُ، وقال
الأَزهري في جمعه: أَنوِطةٌ، قال: فإِذا لم ترد العدد جاز أَن يقال للجمع
نُوط لأَن الياء التي في النِّياطِ واو في الأَصل. والنِّياط والنائط: عرق
مستبْطِن الصُّلْب تحت المتن، وقيل: عرق في الصلب ممتدّ يُعالَج
المَصْفور بقَطْعه، قال العجاج:
فَبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِيبِ، نائطَ المَصْفُورِ
(* قوله «فبج إلخ» أَورده المؤلف في مادة نعر وقال: بج شق أَي طعن الثور
الكلب فشق جلده، وتقدم في مادة ع ن د فبج كل بالخاء المعجمة ورفع كل
والصواب ما هنا.)
القَضْبُ: القَطْع. والمَصْفُور: الذي في بطنه الماء الأَصفر. ونِياطُ
المَفازةِ: بُعد طريقها كأَنها نِيطت بمفازة أُخرى لا تكاد تنقطع، وإِنما
قيل لبُعد الفلاة نياط لأَنها منوطة بفلاة أُخرى تتصل بها؛ قال العجاج:
وبَلْدةٍ بَعِيدةِ النِّياطِ،
مَجْهُولةٍ تَغْتالُ خَطْوَ الخاطِي
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِذا انْتاطتِ المَغازِي أَي إِذا بَعُدت
وهو من نِياطِ المَفازة وهو بعدها، ويقال: انْتاطَت المغازي أَي بَعُدت
من النَّوط، وانْتَطَتْ جائز على القلب؛ قال رؤبة:
وبَلْدةٍ نِياطُها نَطِيّ
أَراد نَيِّطٌ فقلب كما قالوا في جمع قَوْس قِسِيّ وانْتاطَ أَي بعُد،
فهو نَيِّطٌ. ابن الأَعرابي: وانْتاطَتِ الدارُ بعُدَت، قال: ومنه قول
مُعاوية في حديثه لبعض خُدّامه: عليك بصاحِبك الأَقدم فإِنك تَجِدُه على
مودّة واحدة وإِن قَدُمَ العهدُ وانْتاطَتِ الدار، وإِياك وكل مُسْتَحْدَثٍ
فإِنه يأْكل مع كل قوم ويجري مع كل ريح؛ وأَنشد ثعلب:
ولكنَّ أَلفاً قد تجَهَّز غادِياً،
بحَوْرانَ، مُنْتاط المَحَلِّ غَرِيبُ
والنَّيِّطُ من الآبار: التي يجري ماؤُها معلَّقاً يَنْحَدِرُ من
أَجْوالِها إِلى مَجَمِّها. ابن الأَعرابي: بئر نَيِّطٌ إِذا حُفرت فأَتَى
الماء من جانب منها فسال إِلى قعرها ولم تَعِنْ من قعرها بشيء؛ وأَنشد:
لا تَسْتَقِي دِلاؤها من نَيِّطِ،
ولا بَعِيدٍ قعْرُها مُخْرَوِّطِ
وقال الشاعر:
لا تتّقي دِلاؤها بالنَّيِّط
(* قوله «تتقي» كذا بالأصل ولعله تستقي.)
وانْتاطَ الشيءَ: اقْتَضَبَه برأْيه من غير مُشاوَرة.
والنَّوْطُ: الجُلّةُ الصغيرة فيها التمر ونحوه، والجمع أَنْواطٌ
ونِياطٌ. قال أَبو منصور: وسمعت البَحْرانِيين يسمون الجِلالَ الصغار التي
تعلَّق بعُراها من أَقتاب الحَمُولةِ نِياطاً، واحدها نَوْط. وفي الحديث:
إِنَّ وفد عبد القَيْس قَدِمُوا على رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
فأَهْدَوْا له نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَر أَي أَهدوا له جُلّة صغيرة من
تمر التَّعْضُوض، وهو من أَسْرَى تُمْرانِ هَجر، أَسْوَدُ جَعْدٌ لَحِيم
عَذْب الطعم حُلو. وفي حديث وفد عبد القيس: أَطْعِمْنا من بقيَّةِ القَوْس
الذي في نَوْطِك. الأَصمعي: ومن أَمثالهم في الشدّة على البخيل: إِن
ضَجَّ فزِدْه وِقْراً، وإِن أَعْيا فزِدْه نَوطاً، وإِن جَرْجَرَ فزِدْه
ثقلاً؛ قال أَبو عبيدة: النوط العِلاوة بين الفَوْدَيْنِ.
ويقال للدَّعِيِّ يَنْتَمِي إِلى قوم: مَنُوطٌ مُذَبْذَب؛ سمي مذبذباً
لأَنه لا يدرى إِلى من يَنتَمِي فالريح تُذَبْذِبُه يميناً وشمالاً. ورجل
منوط بالقوم: ليس من مُصاصِهم؛ قال حسان:
وأَنْتَ دَعِيٌّ نِيطَ في آل هاشِمٍ،
كما نِيطَ خَلْفَ الراكِب القَدَحُ الفَرد
ونيط به الشيء: وُصل به.
والنَّوْطةُ: الحوْصَلةُ؛ قال النابغة في وصف قطاة:
حَذَّاء مُدبِرةً، سَكّاء مُقْبِلةً،
للماء في النَّحْر منها نَوْطة عَجَبُ
قال ابن سيده: ولا أَرى هذا إِلا على التشبيه. حذّاء: خفيفة الذنب.
سَكّاء: لا أُذن لها، شبه حوصلةَ القطاةِ بنوطة البعير وهي سِلْعة تكون في
نَحْرِه. والنوْطةُ: ورم في الصدر، وقيل: ورَم في نَحر البعير وأَرْفاغه
وقد نِيط له؛ قال ابن أَحمر:
ولا عِلْمَ لي ما نَوْطةٌ مُسْتكِنَّةٌ،
ولا أَيُّ مَن فارقت أَسْقي سِقائيا
والنوْطةُ: الحِقْدُ. ويقال للبعير إِذا وَرِمَ نحرُه وأَرفاغُه: نِيطت
له نوْطة، وبعير مَنُوط وقد نِيطَ له وبه نَوْطة إِذا كان في حَلقه ورَم.
ويقال: نيط البعير إِذا أَصابه ذلك. وفي الحديث: بعير له قد نيط. يقال:
نِيط الجمل، فهو منوط إِذا أَصابه النوْطُ، وهي غُدَّة تُصيبه فتقتله.
والنوْطة: ما يَنْصَبُّ من الرِّحاب من البلد الظاهر الذي به الغَضَا.
والنوْطةُ: الأَرض يكثر بها الطَّلْح، وليست بواحدة، وربما كانت فيه نِياطٌ
تجتمع جماعات منه ينقطع أَعلاها وأَسفلها. ابن شميل: والنوْطةُ ليست بوادٍ
ضخْمٍ ولا بتَلْعةٍ هي بينهما. والنوْطةُ: المَكان في وسطه شجر، وقيل:
مكان فيه طَرْفاء خاصّة. ابن الأَعرابي: النوْطةُ المكان فيه شجر في وسطه،
وطرَفاه لا شجر فيهما، وهو مرتفع عن السيل. والنوْطة: الموضع المرتفع عن
الماء؛ عن ابن الأَعرابي. وقال أَعرابي: أَصابنا مطَر جَوْدٌ وإِنَّا
لَبِنَوْطةٍ فجاء بجارّ الضبُع أَي بسَيْل يجُرّ الضبُع من كثرته.
والتَّنَوُّطُ والتُّنَوِّطُ: طائر نحو القارِية سواداً تركَّب عُشها
بين عُودين أَو على عود واحد فتُطيل عشها فلا يصل الرجل إِلى بيضها حتى
يُدخل يده إِلى المنكب، وقال أَبو علي في البصريّات: هو طائر يُعلِّق قشوراً
من قشور الشجر ويُعشِّش في أَطرافها ليحفظَه من الحيات والناس والذرّ؛
قال:
تُقَطِّعُ أَعناقَ التَنَوُّطِ بالضُّحَى،
وتَفْرِسُ في الظَّلْماء أَفْعَى الأَجارِعِ
وصف هذه الإِبل بطول الأَعناق وأَنها تصل إِلى ذلك، واحدها تَنَوُّطةٌ
وتُنَوِّطة. قال الأَصمعي: إِنما سمي تنوّطاً لأَنه يُدلِّي خُيوطاً من
شجرة ثم يُفرخ فيها. وذاتُ أَنواطٍ: شجرة كانت تُعبد في الجاهلية، وفي
الحديث: اجعل لنا ذات أَنْواطٍ، قال ابن الأَثير: هي اسم سَمُرةٍ بعينها كانت
للمشركين يَنُوطون بها سِلاحَهم أَي يعلِّقونه بها ويَعْكُفون حولَها،
فسأَلوه أَن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك. وأَنواط جمع نَوْط، وهو مصدر
سمي به المَنُوط. الجوهري: وذات أَنواط اسم شجرة بعينها. وفي الحديث: أَنه
أَبصر في بعض أَسفاره شجرة دَفْواء تسمّى ذاتَ أَنواط.
ويقال: نوْطةٌ من طَلْح كما يقال عِيصٌ من سِدْر وأَيكةٌ من أَثل وفَرْس
من عُرْفُط ووَهْطٌ من عُشَرٍ وغالٌّ من سَلَم وسَلِيلٌ من سَمُر
وقَصِيمةٌ من غضاً ومن رِمْث وصَرِيمةٌ من غَضاً ومن سَلَم وحَرَجةٌ من شجر.
وقال الخليل: المدّات الثلاث مَنُوطات بالهمز، ولذلك قال بعض العرب في
الوقوف: افْعَلِئ افْعَلأ افْعَلُؤ، فهمزوا الأَلف والياء والواو حين
وقفوا.
نزل: النُّزُول: الحلول، وقد نَزَلَهم ونَزَل عليهم ونَزَل بهم يَنْزل
نُزُولاً ومَنْزَلاً ومَنْزِلاً، بالكسر شاذ؛ أَنشد ثعلب:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتكُ نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرفع في قوله منزلُها
صحيح، وأَنَّث النزولَ حين أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قال ابن بري: تقديره أَإِن
ذكَّرتك الدار نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فاعل بالنُّزول، والنُّزولُ
مفعول ثانٍ بذكَّرتك.
وتَنَزَّله وأَنْزَله ونَزَّله بمعنىً؛ قال سيبويه: وكان أَبو عمرو
يفرُق بين نَزَّلْت وأَنْزَلْت ولم يذكر وجهَ الفَرْق؛ قال أَبو الحسن: لا
فرق عندي بين نَزَّلْت وأَنزلت إِلا صيغة التكثير في نزَّلت في قراءة ابن
مسعود: وأَنزَل الملائكة تَنْزِيلاً؛ أَنزل: كنَزَّل؛ وقول ابن جني:
المضاف والمضاف إِليه عندهم وفي كثير من تَنْزِيلاتِهم كالاسم الواحد، إِنما
جمع تَنْزِيلاً هنا لأَنه أَراد للمضاف والمضاف إِليه تَنْزيلات في وجُوه
كثيرة منزلةَ الاسم الواحد، فكنى بالتَّنْزيلات عن الوجوه المختلفة، أَلا
ترى أَن المصدر لا وجه له إِلاَّ تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مع أَن ابن
جني تسمَّح بهذا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما على مذهب العرب فلا وجه
له إِلاَّ ما قلنا.
والنُّزُل: المَنْزِل؛ عن الزجاج، وبذلك فسر قوله تعالى: وجعلنا جهنم
للكافرين نُزُلاً؛ وقال في قوله عز وجل: جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ
خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله؛ قال: نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها
لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها. وقال الجوهري: جناتُ الفِرْدَوْسِ
نُزُلاً؛ قال الأَخفش: هو من نُزول الناس بعضهم على بعض. يقال: ما وجدْنا
عندكم نُزُلاً.
والمَنْزَل، بفتح الميم والزاي: النُّزول وهو الحلول، تقول: نزلْت
نُزولاً ومَنْزَلاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ
بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
نصب المَنْزَل لأَنه مصدر.
وأَنزَله غيرُه واستنزله بمعنى، ونزَّله تنزيلاً، والتنزيل أَيضاً:
الترتيبُ. والتنزُّل: النُّزول في مُهْلة. وفي الحديث: إِن الله تعالى وتقدّس
يَنزِل كل ليلة إِلى سماء الدنيا؛ النُّزول والصُّعود والحركة والسكونُ
من صفات الأَجسام، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ويتقدّس، والمراد به نُزول
الرحمة والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها من العباد، وتخصيصُها بالليل
وبالثُلث الأَخيرِ منه لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ الناس عمَّن يتعرَّض لنفحات
رحمة الله، وعند ذلك تكون النيةُ خالصة والرغبةُ إِلى الله عز وجل
وافِرة، وذلك مَظِنَّة القبول والإِجابة. وفي حديث الجهاد: لا تُنْزِلْهم على
حُكْم الله ولكن أَنزِلْهم على حُكْمِك أَي إذا طَلب العدوُّ منك الأَمان
والذِّمامَ على حكم اللّه فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم على حكمك، فإِنك
ربَّما تخطئ في حكم الله تعالى أَو لا تفي به فتأْثَم. يقال: نزلْت عن الأَمر
إِذا تركتَه كأَنك كنت مستعلياً عليه مستولياً.
ومكان نَزِل: يُنزَل فيه كثيراً؛ عن اللحياني.
ونَزَل من عُلْوٍ إِلى سُفْل: انحدر. والنِّزالُ في الحربْ: أَن
يتَنازَل الفريقان، وفي المحكم: أَن يَنْزل الفَرِيقان عن إِبِلهما إِلى
خَيْلهما فيَتضاربوا، وقد تنازلوا.
ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وكذا الاثنان والجمعُ والمؤنثُ بلفظ واحد؛
واحتاج الشماخ إِليه فثقَّله فقال:
لقد عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي، إِذا قيل: نَزَّال
(* قوله «لقد علمت خيل إلخ» هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت
عند التكلم على موقان للشماخ ضمن ابيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه * هو الفارس الحامي إذا قيل
تنزال).الجوهري: ونَزَالِ مثل قَطامِ بمعنى انْزِل، وهو معدول عن المُنازَلة،
ولهذا أَنثه الشاعر بقوله:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا
دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ في الذُّعْرِ
قال ابن بري: ومثله لزيد الخيل:
وقد علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي
كَرِيهٌ، كلما دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الفقعسي:
عَرَضْنا نَزالِ، فلم يَنْزِلوا،
وكانت نَزالِ عليهم أَطَمْ
قال: وقول الجوهري نَزالِ معدول من المُنازلة، يدل على أَن نَزالِ بمعنى
المُنازلة لا بمعنى النُّزول إِلى الأَرض؛ قال: ويقوِّي ذلك قول الشاعر
أَيضاً:
ولقد شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها،
بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نازِلٍ،
وعَلامَ أَركبُه إِذا لم أَنْزِل؟
وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلامَ أَركبُه إِذا لم أُنازِل الأَبطال
عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عند الإِغارَةِ،
إِذا أَنا لم أَنزِلْ إِذا الخيل جالَتِ؟
فهذا بمعنى المُنازلة في الحرب والطِّراد لا غير؛ قال: ويدلُّك على أَن
نَزالِ في قوله: فَدعَوْا نَزالِ بمعنى المُنازلة دون النُّزول إِلى
الأَرض قوله:
وعَلامَ أَركبه إِذا لم أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لم أُقاتل عليه أَي في حين عدم قتالي عليه،
وإِذا جعلت نَزالِ بمعنى النزول إِلى الأَرض صار المعنى: وعَلام أَركبه حين
لم أَنزل إِلى الأَرض، قال: ومعلوم أَنه حين لم ينزل هو راكب فكأَنه قال:
وعلام أَركبه في حين أَنا راكب؛ قال ومما يقوي ذلك قول زهير:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا
دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ في الدُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لم يمدحه بنزوله إِلى الأَرض خاصة بل في كل حال؟ ولا
تمدَح الملوك بمثل هذا، ومع هذا فإِنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس
نزوله إِلى الأَرض مما تمدَح به الفرس، وأَيضاً فليس النزول إِلى الأَرض
هو العلَّة في الركوب. وفي الحديث: نازَلْت رَبِّي في كذا أَي راجعته
وسأَلته مرَّة بعد مرَّة، وهو مُفاعَلة من النّزول عن الأَمر، أَو من
النِّزال في الحرب.
والنَّزِيلُ: الضيف؛ وقال:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً،
وحَقُّ اللهِ في حَقِّ النَّزِيلِ
سيبويه: ورجل نَزيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم.
والنُّزُل وتلنُّزْل: ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه. ويقال: إِن
فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قال: أَراد لِضِيافة الناس؛ يقول: هو يَخِفُّ لذلك، وقال الزجاج في
قوله: أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم؛ يقول: أَذلك خير في باب
الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟
قال: ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن
ينزلوا عليه. الجوهري: والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل، والجمع
الأَنْزال. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك نُزْلَ الشهداء؛ النُّزْل في الأَصل:
قِرَى الضيف وتُضَمّ زايُه، يريد ما للشهداء عند الله من الأَجر والثواب؛
ومنه حديث الدعاء للميت: وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تقول: أَنْزِلْني مُنْزَلاً مُباركاً.
ونَزَّل القومَ: أَنْزَلهم المَنازل. وتَزَّل فلان عِيرَه: قَدَّر لها
المَنازل. وقوم نُزُل: نازِلون.
والمَنْزِل والمَنْزِلة: موضع النُّزول. قال ابن سيده: وحكى اللحياني
مَنْزِلُنا بموضع كذا، قال: أُراه يعني موضع نُزولنا؛ قال: ولست منه على
ثقة؛ وقوله:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فحذف؛ وكذلك قول الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض ما يبلِّغُها،
بصاحب الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فحذف، قال: ويجوز أَن يكون أَراد بمناها قصدَها،
فإِذا كان كذلك فلا حذف. الجوهري: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ
والمنزِلة مثله؛ قال ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عليكما
هلِ الأَزْمُنُ اللاَّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لا تجمَع. واستُنْزِل فلان أَي حُطَّ عن مرتبته.
والمَنْزِل: الدرجة. قال سيبويه: وقالوا هو مني منزِلة الشَّغَاف أَي هو
بتلك المنزِلة، وكلنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشامَ لأَنه بمنزلة
المكان وإِن لم يكن مكاناً، يعني بمنزلة الشَّغَاف، وهذا من الظروف
المختصة التي أُجريت مُجرى غير المختصَّة. وفي حديث ميراث الجدِّ: أَن أَبا
بكر أَنزله أَباً أَي جعل الجدَّ في منزلة الأَب وأَعطاه نصيبَه من
الميراث.
والنُّزَالة: ما يُنْزِل الفحلُ من الماء، وخص الجوهري فقال: النُّزالة،
بالضم، ماءُ الرجل. وقد أَنزل الرجلُ ماءه إِذا جامع، والمرأَة تستنزِل
ذلك. والنَّزْلة: المرة الواحدة من النُّزول.
والنازِلة: الشديدة تنزِل بالقوم، وجمعها النَّوازِل. المحكم: والنازِلة
الشدَّة من شدائد الدهر تنزل بالناس، نسأَل الله العافية. التهذيب: يقال
تنزَّلَت الرحمة. المحكم: نزَلَتْ عليهم الرحمة ونزَل عليهم العذاب
كِلاهما على المثل. ونزَل به الأَمر: حلَّ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَعْزْرْ عليَّ بأَن تكون عَلِيلا
أَو أَن يكون بك السَّقام نَزيلا
جعله كالنَّزِيل من الناس أَي وأَن يكون بك السَّقام نازِلاً. ونزَل
القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قال ابن أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نزلتْ،
إِنّ المَنازلَ مما تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وقال عامر بن الطفيل:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نازِلَه؟
أَبيني لنا، يا أَسْمَ، ما أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وكذلك النَّزَل. المحكم: النُّزْل
والنَّزَل، بالتحريك، رَيْعُ ما يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، والجمع أَنْزال،
وقد نَزِل نَزَلاً. وطعامٌ نَزِل: ذو نَزَل، ونَزِيلٌ: مبارك؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي. وطعام قليل النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك، أَي قليل
الرَّيْع، وكثير النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك. وأَرض نَزْلة: زاكية الزَّرْع
والكَلإِ. وثوب نِزِيل: كامِلٌ. ورجل ذو نَزَلٍ: كثير الفَضْل والعطاءِ
والبركة؛ قال لبيد:
ولَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً
وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلةُ: كالزُّكام؛ يقال: به نَزْلة، وقد نُزِلَ
(* قوله «وقد نزل»
هكذا ضبط بالقلم في الأصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نزل كعلم) وقوله
عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قالوا: مرَّة أُخرى.
والنَّزِلُ: المكان الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلة: تَسيلُ من
أَدنى مطر. ومكان نَزِل: سريعُ السيل. أَبو حنيفة: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله
القليل الهيِّن من الماء. والنَّزَل: المطرُ. ومكان نَزل: صُلب شديدٌ.
وقال أَبو عمرو: مكان نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى منها انتِقالُ النَّقْلِ،
في مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وقال ابن الأَعرابي: مكان نَزِل إِذا كان مَجالاً مَرْتاً، وقيل:
النَّزِل من الأَودية الضيِّق منها. الجوهري: أَرض نَزِلة ومكان نَزِلٌ بيِّن
النَّزالة إِذا كانت تَسِيل من أَدنى مطر لصَلابتها، وقد نَزِل، بالكسر.
وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع.
ووجدت القوم على نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وتركت القوم على نَزَلاتهم
ونَزِلاتهم أَي على استقامة أَحوالهم مثل سَكِناتهم؛ زاد ابن سيده: لا يكون
إِلا في حسن الحال.
ومُنازِلُ بن فُرْعان
(* قوله «ومنازل بن فرعان» ضبط في الأصل بضم
الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه اطلاقه
ومنهم من ضبطه بضمها اهـ. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلاً بفتح الميم
وضمها): من شعرائهم؛ وكان مُنازِل عقَّ أَباه فقال فيه:
جَزَتْ رَحِمٌ، بيني وبين مُنازِلٍ،
جَزاءً كما يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلاً ابنُه خَلِيج فقال فيه:
تَظَلَّمَني مالي خَلِيجٌ، وعقَّني
على حين كانت كالحِنِيِّ عِظامي
قنصعر: القِنْصَعْرُ من الرجال: القصير العنق والظهر المُكَتَّلُ؛
وأَنشد:
لا تَــعْدِلي، بالشَّيْظَمِ السِّبَطْرِ
الباسِطِ الباعِ الشَّدِيدِ الأَسْرِ،
كلَّ لَئِيمٍ حَمِقٍ قِنْصَعْرِ
قال الأَزهري: وضربته حتى اقْعَنْصَرَ أَي تَقاصَر إِلى الأَرض، وهو
مُقْعَنْصرٌ، قدّم العين على النون حتى يحسن إِخفاؤه فإِنها لو كانت بجنب
القاف ظهرت، وهكذا يفعلون في افْعَنْلَلَ يقلبون البناء حتى لا تكون النون
قبل الحروف الحلقية، وإِنما أُدخلت هذه في حدّ الرباعي في قول من يقول:
البناء رباعي والنون زائدة.
سجل: السَّجْلُ: الدَّلْو الضَّخْمَة المملوءةُ ماءً، مُذَكَّر، وقيل:
هو مِلْؤُها، وقيل: إِذا كان فيه ماء قَلَّ أَو كَثُر، والجمع سِجالٌ
وسُجُول، ولا يقال لها فارغةً سَجْلٌ ولكن دَلْو؛ وفي التهذيب: ولا يقال له
وهو فارغ سَجْلٌ ولا ذَنُوب؛ قال الشاعر:
السَّجْلُ والنُّطْفَة والذَّنُوب،
حَتَّى تَرَى مَرْكُوَّها يَثُوب
قال: وأَنشد ابن الأَعرابي:
أُرَجِّي نائلاً من سَيْبِ رَبٍّ،
له نُعْمَى وذَمَّتُه سِجَالُ
قال: والذَّمَّة البئر القليلة الماء. والسَّجْل: الدَّلْو المَلأى،
والمعنى قَلِيله كثير؛ ورواه الأَصمعي: وذِمَّتُه سِجَالٌ أَي عَهْده
مُحْكَم من قولك سَجَّل القاضي لفلان بماله أَي اسْتَوْثق له به. قال ابن بري:
السَّجْل اسمها مَلأى ماءً، والذَّنُوب إِنما يكون فيها مِثْلُ نصفها
ماءً. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً بال في المسجد فأَمَرَ بسَجْلٍ فصُبَّ على
بوله؛ قال: السَّجْل أَعظم ما يكون من الدِّلاء، وجمعه سِجَال؛ وقال
لبيد:
يُحِيلون السِّجَال على السِّجَال
وأَسْجَله: أَعطاه سَجْلاً أَو سَجْلَين، وقالوا: الحروب سِجَالٌ أَي
سَجْلٌ منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء، والمُسَاجلة مأْخوذة من السِّجْل.
وفي حديث أَبي سفيان: أَن هِرَقْلَ سأَله عن الحرب بينه وبين النبي، صلى
الله عليه وسلم، فقال له: الحَرْب بيننا سِجَالٌ؛ معناه إِنا نُدَالُ عليه
مَرَّة ويُدَالُ علينا أُخرى، قال: وأَصله أَن المُسْتَقِيَين بسَجْلَين
من البئر يكون لكل واحد منهما سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأى ماء. وفي حديث ابن
مسعود: افتتح سورة النساء فسَجَلَها أَي قَرأَها قراءة متصلة، من
السَّجْل الصَّبِّ. يقال: سَجَلْت الماءَ سَجْلاً إِذا صببته صَبًّا متَّصلاً.
ودَلْوٌ سَجِيلٌ وسَجِيلة: ضَخْمة؛ قال:
خُذْها، وأَعْطِ عَمَّك السَّجِيله،
إِن لم يَكُنْ عَمُّك ذا حَلِيله
وخُصْيَةٌ سَجِيلة بَيِّنَة السَّجَالة: مُسْترخِيَة الصَّفَن واسعةٌ.
والسَّجِيل من الضُّروع: الطَّوِيل. وضَرْعٌ سَجِيلٌ: طويل مُتَدَلٍّ.
وناقة سَجْلاء: عَظيمة الضَّرْع. ابن شميل: ضَرْع أَسْجَل وهو الواسع
الرِّخو المضطرب الذي يضرب رجليها من خَلْفها ولا يكون إِلا في ضروع
الشاء.وساجَلَ الرَّجُلَ: باراه، وأَصله في الاستقاء، وهما يَتَساجَلان.
والمُساجَلة: المُفاخَرة بأَن يَصْنَع مثلَ صَنِيعه في جَرْيٍ أَو سقي؛ قال
الفضل بن عباس بن عبتة بن أَبي لهب:
مَنْ يُساجِلْني يُسَاجِلْ ماجِداً،
يَمْلأُ الدَّلْوَ إِلى عَقْدِ الكَرَب
قال ابن بري: أَصل المُسَاجَلة أَن يَسْتَقِيَ ساقيان فيُخْرج كُلُّ
واحد منهما في سَجْله مثل ما يُخْرج الآخر، فأَيُّهما نَكَل فقد غُلِبَ،
فضربته العرب مثلاً للمُفاخَرة، فإِذا قيل فلان يُساجِل فلاناً، فمعناه أَنه
يُخْرِج من الشَّرَف مثل ما يُخرِجه الآخرُ، فأَيهما نَكَل فقد غُلِب.
وتَساجَلوا أَي تَفاخَروا؛ ومنه قولهم: الحَرْبُ سِجالٌ. وانسَجل الماءُ
انسجالاً إِذا انْصَبَّ؛ قال ذو الرمة:
وأَرْدَفَتِ الذِّراعَ لها بعَيْنٍ
سَجُومِ الماء، فانْسَجَل انسِجالا
وسَجَلْت الماءَ فانْسَجَل أَي صَبَبْته فانْصَبَّ. وأَسْجلْت الحوض:
مَلأْته؛ قال:
وغادَر الأُخْذَ والأَوْجادَ مُتْرَعَةً
تطْفُو، وأَسْجَلَ أَنْهاءً وغُدْرانا
ورجل سَجْلٌ: جَواد؛ عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي. وأَسْجَل الرجلُ:
كثُر خيرُه. وسَجَّل: أَنْعَظَ. وأَسْجَلَ الناسَ: ترَكَهم، وأَسْجَلَ لهم
الأَمرَ: أَطلقه لهم؛ ومنه قول محمد بن الحنفية، رحمة الله عليه، في
قوله عز وجل: هل جَزاءُ الإِحسانِ إِلا الإِحسانُ، قال: هي مُسْجَلة للبَرِّ
والفاجر، يعني مُرْسلة مُطْلَقة في الإِحسان إِلى كل أَحد، لم يُشْترَط
فيها بَرٌّ دون فاجر. والمُسْجَل: المبذول المباح الذي لا يُمْنَع من
أَحد؛ وأَنشد الضبيُّ:
أَنَخْتُ قَلوصِي بالمُرَيْر، ورَحْلُها،
لِما نابه من طارِق اللَّيْل، مُسْجَلُ
أَراد بالرَّحْل المنزل. وفي الحديث: ولا تُسْجِلوا أَنعامَكم أَي لا
تُطْلِقوها في زُروع الناس. وأَسْجَلْت الكلامَ أَي أَرْسَلْته. وفَعَلْنا
ذلك والدهر مُسْجَلٌ أَي لا يخاف أَحد أَحداً.
والسَّجِلُّ: كتاب العَهْد ونحوِه، والجمع سِجِلاّتٌ، وهو أَحد الأَسماء
المُذَكَّرة المجموعة بالتاء، ولها نظائر، ولا يُكَسِّر السِّجِلُّ،
وقيل: السَّجِلُّ الكاتب، وقد سَجَّل له. وفي التنزيل العزيز: كطَيِّ
السِّجِلّ للكتب، وقرئ: السِّجْل، وجاء في التفسير: أَن السِّجِلَّ الصحيفة
التي فيها الكتاب؛ وحكي عن أَبي زيد: أَنه روى عن بعضهم أَنه قرأَها بسكون
الجيم، قال: وقرأَ بعض الأَعراب السَّجْل بفتح السين. وقيل السِّجِلُّ
مَلَكٌ، وقيل السِّجِلُّ بلغة الحبش الرَّجُل، وعن أَبي الجوزاء أَن
السِّجِلَّ كاتب كان للنبي، صلى الله عليه وسلم، وتمام الكلام للكتاب. وفي حديث
الحساب يوم القيامة: فتُوضَع السِّجِلاَّت في كِفَّة؛ وهو جمع سِجِلٍّ،
بالكسر والتشديد، وهو الكتاب الكبير.
والسَّجِيل: النَّصيب؛ قال ابن الأَعرابي: هو فَعِيلٌ من السَّجْل الذي
هو الدَّلو الملأَى، قال: ولا يُعْجِبني. والسِّجِلُّ: الصَّكُّ، وقد
سَجَّلَ الحاكمُ تَسجيلاً. والسَّجِيلُ: الصُّلْب الشديد.
والسِّجِّيل: حجارة كالمَدَر. وفي التنزيل العزيز: ترْمِيهم بحِجارة من
سِجِّيل؛ وقيل: هو حجر من طين، مُعَرَّب دَخِيل، وهو سَنْكِ رَكِل
(*
قوله «وهو سنك وكل» قال القسطلاني: سنك، بفتح السين المهملة وبعد النون
الساكنة كاف مكسورة. وكل، بكسر الكاف وبعدها لام) أَي حجارة وطين؛ قال أَبو
إِسحق: للناس في السِّجِّيل أَقوال، وفي التفسير أَنها من جِلٍّ وطين،
وقيل من جِلٍّ وحجارة، وقال أَهل اللغة: هذا فارسيٌّ والعرب لا تعرف هذا؛
قال الأَزهري: والذي عندنا، والله أَعلم، أَنه إِذا كان التفسير صحيحاً فهو
فارسي أُعْرِب لأَن الله تعالى قد ذكر هذه الحجارة في قصة قوم لوط فقال:
لنُرْسِل عليهم حجارةً من طين؛ فقد بَيَّن للعرب ما عَنى بسِجِّيل. ومن
كلام الفُرْس ما لا يُحْصى مما قد أَعْرَبَتْه العربُ نحو جاموس ودِيباج،
فلا أُنْكِر أَن يكون هذا مما أُعْرِب؛ قال أَبو عبيدة: من سِجِّيل،
تأْويله كثيرة شديدة؛ وقال: إِن مثل ذلك قول ابن مقبل:
ورَجْلةٍ يَضْرِبون البَيْضَ عن عُرُضٍ،
ضَرْباً تَوَاصَتْ به الأَبْطالُ سِجِّينا
قال: وسِجِّينٌ وسِجِّيلٌ بمعنى واحد، وقال بعضهم: سِجِّيل من
أَسْجَلْته أَي أَرسلته فكأَنها مُرْسَلة عليهم؛ قال أَبو إِسحق: وقال بعضهم
سِجِّيل من أَسْجَلْت إِذا أَعطيت، وجعله من السِّجْل؛ وأَنشد بيت
اللَّهَبي:مَنْ يُساجِلْني يُساجِلْ ماجدا
وقيل مِنْ سِجِّيلٍ: كقولك مِن سِجِلٍّ أَي ما كُتِب لهم، قال: وهذا
القول إِذا فُسِّر فهو أَبْيَنُها لأَن من كتاب الله تعالى دليلاً عليه، قال
الله تعالى: كَلاَّ إِن كتاب الفُجَّار لَفِي سِجِّينٍ وما أَدراك ما
سِجِّينٌ كتابٌ مَرْقومٌ؛ وسِجِّيل في معنى سِجِّين، المعنى أَنها حجارة
مما كَتَب اللهُ تعالى أَنه يُعَذِّبهم بها؛ قال: وهذا أَحسن ما مَرَّ فيها
عندي. الجوهري: وقوله عز وجل: حجارة من سِجِّيل؛ قالوا: حجارة من طين
طُبِخَتْ بنار جهنم مكتوب فيها أَسماء القوم لقوله عز وجل: لنُرْسِل عليهم
حجارة من طين. وسَجَّله بالشيء: رَماه به من فوق.
والسَّاجُول والسَّوْجَلُ والسَّوْجَلة: غِلاف القارورة؛ عن كراع.
والسَّجَنْجَلُ: المرآة. والسَّجَنْجل أَيضاً: قِطَع الفِضَّة
وسَبائِكُها، ويقال هو الذهب، ويقال الزَّعْفران، ويقال إِنه رُومِيٌّ مُعَرَّب،
وذكره الأَزهري في الخماسي قال: وقال بعضهم زَجَنْجَلٌ، وقيل هي رُومِيَّة
دَخَلَت في كلام العرب؛ قال امرؤ القيس:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاء غَيْر مُفاضَةٍ،
تَرائِبُها مَصْقولةٌ كالسِّجَنْجَل