من (ع ج ب) الأمر الحامل على الــعجب، أو الشيء الذي يجعب منه ويسر به.
من (ع ج ب) الأمر الحامل على الــعجب، أو الشيء الذي يجعب منه ويسر به.
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء.
حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً
فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على
المضارعة. والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال
الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،
تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على
حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها
إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ
ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن
أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا
بَيْضَ. وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم
الرَّجَّالَةُ، وقيلب هم الذين لا دروع لهم. ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على
رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. ورجل حاسر:
لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه. وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي
أَخرجهما من كُمَّيْهِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة
طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة
الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. وكلُّ مكشوفة الرأْس
والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،
فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ
الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن
ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ.
حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ،
يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً
وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال:
إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،
عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ
أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ،
الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ:
نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى
تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا
يَسْتَحْسِروُن . وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛
قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب. وفي حديث جرير: ولا
يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها. وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي
لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن
يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً. وفي الحديث:
حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد. ويقال فيه:
أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ
إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى
وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف
ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل. وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛
قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ
إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ
البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما
عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا
سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى
بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ
وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شيء خَلا،
يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا
حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا
قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال:
والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه،
إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام،
وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك
إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن
تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَــعجب
مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متــعجب، ولو قلت: واعجبــاه مما فعلت، ويا عجبــاه
أَن تفعل كذا كان دعاؤُك الــعَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبــا
أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتــعجَّب منه لا للــعجب.
والحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا
منفعة فيه. وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة
وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما
تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ. وفي
الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال:
حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ
وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد
أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قال الأَزهري: وقول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ
(* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً).
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي
اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وفي حديث يحيى بن
عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي
يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا
شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً. وفي
حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة
أَي قشرته بالحجر. وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ
المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل
المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر،
ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. وحَسَّرَها
إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي
يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ،
وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها
قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر
شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ
بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ
يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه
مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه
من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض
ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون
من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها.
أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل
عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر،
قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق
عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ
المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه
الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ
عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر
يصف حماراً وأُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ،
ونَفَلاً ليس بذي آثارِ
يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني
بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً
على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث:
الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت
في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر،
والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم
الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.
سخر: سَخِرَ منه وبه سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بالضم،
وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هزئ به؛ ويروى بيت أَعشى
باهلة على وجهين:
إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لا أُسَرُّ بها،
مِنْ عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سُخْرُ
ويروى: ولا سَخَرُ، قال ذلك لما بلغه خبر مقتل أَخيه المنتشر، والتأْنيث
للكلمة. قال الأَزهري: وقد يكون نعتاً كقولهم: هُم لك سُِخْرِيٌّ
وسُِخْرِيَّةٌ، من ذكَّر قال سُِخْرِيّاً، ومن أَنث قال سُخْرِيَّةً. الفراء:
يقال سَخِرْتُ منه، ولا يقال سَخِرْتُ به. قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ
قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ. وسَخِرْتُ من فلان هي اللغة الفصيحةُ. وقال تعالى:
فيَسْخَرُونَ منهم سَخِرَ اللهُ منهم، وقال: إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فإِنَّا
نَسْخَرُ منكم؛ وقال الراعي:
تَغَيَّرَ قَوْمِي ولا أَسْخَرُ،
وما حُمَّ مِنْ قَدَرٍ يُقْدَرُ
قوله أَسخَرُ أَي لا أَسخَرُ منهم. وقال بعضهم: لو سَخِرْتُ من راضع
لخشيت أَن يجوز بي فعله. الجوهري: حكى أَبو زيد سَخِرْتُ به، وهو أَرْدَأُ
اللغتين. وقال الأَخفش: سَخِرْتُ منه وسَخِرْتُ به، وضَحِكْتُ منه وضحكت
به، وهَزِئْتُ منه وهَزِئْتُ به؛ كلٌّ يقال، والاسم السُّخْرِيَّةُ
والسُّخْرِيُّ والسَّخْرِيُّ، وقرئ بهما قوله تعالى: لِيَتَّخِذَ بعضُهم بعضاً
سُخْرِيّاً. وفي الحديث: أَتسخَرُ مني وأَنا الملِك
(* قوله: مني وأنا
الملك» كذا بالأَصل. وفي النهاية: بي وأنت).؟ أَي أَتَسْتَهْزِئُ بي،
وإِطلاق ظاهره على الله لا يجوز، وإِنما هو مجاز بمعنى: أَتَضَعُني فيما لا
أَراه من حقي؟ فكأَنها صورة السخْريَّة. وقوله تعالى: وإِذا رأَوا آية
يَسْتَسْخِرُونَ؛ قال ابن الرُّمَّانِي: معناه يدعو بعضُهم بعضاً إِلى أَن
يَسْخَرَ، كَيَسْخَرُون، كعلا قِرْنَه واستعلاه. وقوله تعالى:
يُسْتَسُخِرُون؛ أَي يَسْخَرون ويستهزئون، كما تقول: عَجِبَ وتَــعَجَّبَ
واسْتَــعْجَبَ بمعنى واحد.
والسُّخْرَةُ: الضُّحْكَةُ. ورجل سُخَرَةٌ: يَسْخَرُ بالناس، وفي
التهذيب: يسخَرُ من الناس. وسُخْرَةٌ: يُسْخَرُ منه، وكذلك سُخْرِيّ
وسُخْرِيَّة؛ من ذكَّره كسر السين، ومن أَنثه ضمها، وقرئ بهما قوله تعالى: ليتخذ
بعضهم بعضاً سخرياً.
والسُّخْرَةُ: ما تسَخَّرْتَ من دابَّة أَو خادم بلا أَجر ولا ثمن.
ويقال: سَخَرْتُه بمعنى سَخَّرْتُه أَي قَهَرْتُه وذللته. قال الله تعالى:
وسخر لكم الشمس والقمر؛ أَي ذللهما، والشمسُ والقمرُ مُسَخَّران يجريان
مجاريهما أَي سُخِّرا جاريين عليهما. والنجومُ مُسخَّرات، قال الأَزهري:
جارياتٌ مجاريَهُنَّ. وسَخَّرَهُ تسخيراً: كلفه عملاً بلا أُجرة، وكذلك
تَسَخَّرَه. وسخَّره يُسَخِّرُه سِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسَخَرَه: كلفه ما لا
يريد وقهره. وكل مقهور مُدَبَّرٍ لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر، فذلك
مسخَّر. وقوله عز وجل: أَلم تروا أَن الله سخَّر لكم ما في السموات وما
في الأَرض؛ قال الزجاج: تسخير ما في السموات تسخير الشمس والقمر والنجوم
للآدميين، وهو الانتفاعُ بها في بلوغِ مَنابِتِهم والاقتداءُ بها في
مسالكهم، وتسخيرُ ما في الأَرض تسخيرُ بِحارِها وأَنهارها ودوابِّها وجميعِ
منافِعِها؛ وهو سُخْرَةٌ لي وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وقيل: السُّخريُّ،
بالضم، من التسخير والسِّخريّ، بالكسر، من الهُزْء. وقد يقال في الهزء:
سُخري وسِخري، وأَما من السُّخْرَة فواحده مضموم. وقوله تعالى: فاتخذتموهم
سُِخْرِيّاً حتى أَنسوكم ذكري، فهو سُخريّاً وسِخريّاً، والضم أَجود. أَبو
زيد: سِخْريّاً من سَخِر إِذا استهزأَ، والذي في الزخرف: ليتخذ بعضهم
بعضاً سُخْرِيّاً، عبيداً وإِماء وأُجراء. وقال: خادمٌ سُخْرة، ورجلٌ سُخْرة
أَيضاً: يُسْخَر منه، وسُخَرَةٌ، بفتح الخاء، يسخر من الناس. وتسخَّرت
دابة لفلان أَي ركبتها بغير أَجر؛ وأَنشد:
سَواخِرٌ في سَواءٍ اليَمِّ تَحْتَفِزُ
ويقال: سَخَرْتُه بمعنى سَخَّرْتُه أَي قهرته. ورجل سُخْرَة: يُسَخَّرُ
في الأَعمال ويَتَسَخَّرُه من قَهَره. وسَخَرَتِ السفينةُ: أَطاعت وجرت
وطاب لها السيرُ، والله سخَّرَها تسخِيراً. والتسخيرُ: التذليلُ. وسفُنٌ
سواخِرُ إِذا أَطاعت وطاب لها الريح. وكل ما ذل وانقاد أَو تهيأَ لك على
ما تريد، فقد سُخِّرَ لك. والسُّخَّرُ: السَيْكَرانُ؛ عن أَبي حنيفة.
عجم: العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ
المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ
وجمعه عَجَمٌ، وخلافه عَرَبيّ وجمعه عَرَبٌ، ورجل أَعْجَم وقوم أعْجَمُ؛
قال:
سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأعْجَمِ
في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ،
إذاً لَزُرناكِ ولو بسُلَّمِ
وقول أَبي النَّجْم:
وطَالَما وطَالَما وطالَما
غَلَبْتُ عاداً، وغَلَبْتُ الأَعْجَما
إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، وعادٌ لفظ مفرد وإِن
كان معناه الجمعَ، وقد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، وإِنما أَراد أَبو النجم
بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، وإن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن
عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي والعَجَم غير عرب، ولم يجعل الأَلف
في قوله وطالما الأخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال
وما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، وهو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، وكان
القياسُ أَن يجعلها ههنا تأْسيساً لأَن ما ههنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً.
والعَجَمُ: جمع العَجيّ، وكذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، ونَحْوٌ من هذا
جَمْعُهم اليهوديَّ والمجوسيَّ اليهودَ والمجوس. والعُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ
الذي لا يُفْصِحُ، ويجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع
الجمع، وكذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ والعُرْبُ؛ قال
ذو الرمة:
ولا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ
فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحق:
الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ ولا يُبَيِّنُ كلامَه وإِن كانَ عَرَبيَّ
النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:
مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منه،
مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ وفَصِيح
والأُنثى عَجْماءُ، وكذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس
العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، والجمع عَجَمٌ كَعَرَبيٍّ وعَرَبٍ
وعَرَكيٍّ وعَرَكٍ ونَبَطيٍّ ونَبَطٍ وخَوَليٍّ وخَوَلٍ وخَزَريٍّ وخَزَرٍ.
ورجل أَعْجَميٌّ
وأَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، وإن أَفْصَحَ بالعجمية، وكلامٌ
أَعْجَمُ
وأَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. وفي التنزيل: لِسانُ الذي يُلْحدُونَ
إليه أَعْجَمِيٌّ؛ وجمعه بالواو والنون، تقول: أَحْمَرِىٌّ وأَحْمَرُونَ
وأَعْجَمِيٌّ وأَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيٍّ وأَشْعَثِينَ وأَشْعَريٍّ
وأَشْعَرِينَ؛ وعليه قوله عز وجل: ولو نَزَّلْناه على بَعْضِ
الأَعْجَمِينَ؛ وأَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، والأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على
عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ وما لا يَعْقِل، قال الشاعر:
يَقُولُ الخَنا وأَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً،
إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
ويقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، ويُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه
عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ وكِتابٌ أَعْجَميٌّ، ولا يقال رجل
أَعجميٌّفتَنسُبه إلى نفسه إلاَّ أَن يكون أَعْجَمُ وأَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل
دَوَّارٍ ودَوَّاريّ وجَمَلٍ قَعْسَرٍ وقَعْسَريٍّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً
لا يُمْكِنُ رَدُّه. وقال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل:
أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل
أَعْجَمِيٌّ، والذي أَراده الجوهري بقوله: ولايقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به
الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ وإن كان عربيّاً؛ وأَما قولُ ابنِ
مَيَّادَةَ، وقيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما،
بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ
فلم يُرِدْ به العَجَمَ وإنما أَراد به كُتَّابَ رَجُلٍ أَعجَمَ، وهو
مَلِكُ الروم. وقوله عَزَّ وجَلَّ: أَأَعْجَمِيٌّ وعربيٌّ، بالاستفهام؛ جاء
في التفسير: أَيكون هذا الرسولُ عربيّاً والكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري:
ومعناه أَن الله عز وجل قال: ولو جعلناه قرآناً أَعْجَمِيّاً لقالوا
هَلاَّ فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل
للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: أَأََعجمي وعربي، حكايةً عنهم كأَنهم
يَــعَْجبــون فيقولون كتابٌ أَعجميّ ونبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم،
قال أَبو الحسن: ويُقرأ أَأَعجمي، بهمزتين، وآعجمي بهمزة واحدة بعدها
همزة مخففة تشبه الأَلف، ولا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأن بعدها عيناً
وهي ساكنة، ويُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة والعين مفتوحة؛ قال الفراء:
وقراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، وجاء في التفسير
أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلاّ بُيِّنَتْ آياته،
أَقرآنٌ
ونَبيٌّ عَربي، ومن قرأَ آعجمي بهمزة وأَلف فإنه منسوب إلى اللسان
الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ
إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. ورجل عَجَمِيٌّ
إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، والأَجْوَدُ في
القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة وأَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، ألا تَرى
قَوْلَه: ولو جعلناه قرآناً أَعجميّاً؟ ولم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ وأَما
قراءة الحسن: أَعَجَمِيٌّ
وعربي، بهمزة واحدة وفتح العين، فعلى معنى هَلاَّ بُيِّنَتْ آياتُه
فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم وبعضُه بياناً للعرب. قال: وكل هذه الوجوه
الأَربعة سائغةٌ في العربية والتفسير.
وأَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، وقالوا: حروفُ
المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف
المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ
المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من
وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة
والمُعْجَم كما ترى معرفة ومحال وصف النكرة بالمعرفة، والآخر أَن الحروفَ
مضافةٌ
ومحال إضافة الموصوف إلى صفته، والعلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي
الموصوف على قول النحويين في المعنى، وإضافةُ الشيء إلى نفسه غير جائزة، وإذا
كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم،
لأَنه غير مستقيم إضافةُ
الشيءِ إلى نفسه، قال: وإنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإضافة
إنما هو التخصيصُ والتعريفُ، والشيء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان
معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، وذهب
محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإعجام كما تقول أَدْخَلْتُه
مُدْخَلاً وأَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالاً وإخراجاً. وحكى الأَخفش
أَن بعضهم قَرَأَ: ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من
إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإعْجام، فهذا أَسَدُّ وأَصْوَبُ من أن
يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى ومسجد
الجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى
ومسجد اليوم الجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى والجامعُ غيرُ المسجد
في المعنى، وإنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما وأُقيما مُقامَهما، وليس
كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ
المعجم ولا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ
فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه
مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن تُرْكَب، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من
شأْنه أَن يُناضَلَ به، وكذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن
قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَلا ترى
أَنَّ الأَلفَ والحاء والدالَ ونحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ
هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ
إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن
هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد
ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإشكالُ والاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، ولا
فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ
الإِعجام في الإيضاحِ والبيان، أَلا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ
بواحدةٍ من أَسفلَ والخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ وتركتَ الحاءَ غُفْلاً فقد
عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ
والخاء؟ وكذلك الدالُ والذالُ والصادُ وسائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ
البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. وسئل أَبوالعباس عن حروف
المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول
أَعْجَمْتُ أَبهمت، وقال: والعَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين
كلامُه، قال: وأَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: ويقال قُفْلٌ
مُعْجَم وأَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: وسمعت أَبا الهَيْثَم يقول
مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ
الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، ولا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ
العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. وقال الليث: المعجم
الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: وإذا قلت
كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه
وتَضِحَ، قال الأَزهري: والذي قاله أَبوالعباس وأَبو الهَيْثم أَبْينُ
وأَوْضَحُ. وفي حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلاً فقَطَعَ بعضَ لسانه
فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها
قُسِمَت عليه الدِّيةُ؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت
بذلك من التَّعْجيم، وهو إزالة العُجْمة بالنقط.
وأَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة
(* قوله «قال
رؤبة» تبع فيه الجوهري، وقال الصاغاني: الشعر للحطيئة):
الشِّعرُ صَعْبٌ وطَويلٌ سُلَّمُهْ،
إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،
زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،
والشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ
معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلاً لا بَيانَ له، وقيل:
يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على
المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه ولا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ وقال الأَخفش:
لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ
الإعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ وأَنشد
الفراء:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ،
مِنْ مُعْرِبٍ فيها ومِنْ مُعْجِمِ
والعَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال:
أَعْجَمْتُ الحرفَ، والتَّعْجِيمُ مِثْلُه، ولا يقال عَجَمْتُ. وحُروفُ المعجم: هي
الحُروفُ المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. ومعنى حروفِ المعجم أَي
حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الجامعِ أَي مسجد اليوم الجامعِ،
وصلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: والصحيح ما ذهب
إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ وتقول أَعْجَمْتُ
الكتابَ مُعْجَماً وأَكْرَمتُه مُكْرَماً، والمعنى عنده حروفُ الإعْجامِ أَي
التي من شأْنها أَن تَعْجَم؛ ومنه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه
أَنْ يُتَناضَلَ به. وأَعْجَم الكتابَ وعَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني:
أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيده: وهو عنده على
السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ وإن كان أَصْلُها الإثْباتَ فقد تجيء للسلب، كقولهم
أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، وكقوله تعالى: إن الساعة
آتية أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، والله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد
أُظْهرها، وتلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها.
وقالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت
أَفْعَلْت، وله نظائر منها ما تقدّم ومنها ما سيأْتي، وحُروفُ المُعْجَم منه.
وكتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول
النَّقْط فيها عُجمةٌ
لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، وإن كانت أُصولاً للكلام
كله. وفي حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على
لسان عُمَر أَي ما كنا نَكْني ونُوَرّي. وكلُّ مَنْ لم يُفْصح بشيء فقد
أَعْجَمه. واسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم.
والأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. والعَجْماء والمُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي
الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي لا دِيةَ فيه ولا قَودَ؛ أَراد
بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: وكلُّ
مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم ومُسْتَعْجِمٌ. ومنه الحديث: بعدَدِ
كل فصيح وأَعْجَم؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيٍّ وبهيمةٍ، ومعنى قوله
العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها،
فذلك هَدَرٌ، وهو معنى الجُبار. ويقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما
يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. وصلاةُ
النهارِ عَجماءُ لإخْفاء القراءة فيها، ومعناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها
قراءةٌ.واسْتَعّجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. واستعجم الرجل:
سكَت. واستَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من
نعاس. ومنه حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه
قِراءتُه فَلْيُتِمَّ، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به
عُجْمةٌ، وكذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها،
واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ
عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ وقول علقمة يَصف فرساً:
سُلاَّءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لها
ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ
قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالاً في باطن
الحافرِ في موضع النُّسور، وشَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها
صِلابٌ، وقوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ ولا يكون ذلك إلامن صَلابتِه، وهو
أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى
فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، ولا يكون ذلك إلا من صَلابته، وقوله مَعْجوم
يريد أَنه نَوى الفَم وهو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى
النبيذِ المطبوخ. وفي حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَن نَعْجُمَ النَّوَى طَبخاً، وهو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه ونُضْجه
يَتَفتَّتَ النَّوَى وتَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، وقيل:
المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا
يَبلُغَ الطَّبخ النوى ولا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ يَعْجُمُه أَي يَلُوكُه
ويَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ
الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا وخَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ
المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه فعَجَم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها
عُوداً؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال
النابغة:فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً
(* تمام البيت:
في حالك اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ).
أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه وهو يقاتله. والعَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ
بالأَضراس دُون الثّنايا. وعَجَم الشيءَ يَعْجُمُه عَجْماً وعُجوماً: عَضّه
ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، وقيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وكنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه
بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها
يقول: رَكِبَتْني المصائبُ وعجَمَتْني كما عَجَمتِ الإبلُ العِظامَ.
والعُجامةُ: ما عَجَمْتَه. وكانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا
كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. وعَجمَ
الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. والعَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ.
وعَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. ورجل صُلْبُ المَعْجَمِ والمَعْجَمةِ:
عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. وفي حديث
طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور
(* قوله «لقد جرستك الأمور» الذي
في النهاية: لقد جرستك الدهور وعجمتك الأمور). وعَجَمَتْك البَلايَا أَي
خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه،
وعَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَصُلْبٌ أَم رخْوٌ. وناقةٌ
ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ وصلابةٍ وشِدّةٍ على الدَّعْك؛ وأَنشد بيت
المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ، ونُوقٌ
عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، وحُولُ
وقال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، وأَنكره شمر. قال الجوهري:
أي ذاتُ سِمَن وقُوةٍ وبَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ
المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عَودٌ
صُلْبُ المَعْجَمِ، وكذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ
قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: ولا يُراد بها السِّمَنُ كما قال
الجوهري؛ وشاهده قول المتلمس:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة،
تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْس مَعْكومُ
والعَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. والثَّوْرُ يَعْجُمُ
قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. وعَجِم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة.
ويقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. ويقول الرجلُ
للرجل: طالَ عهدِي بك وما عَجَمَتْك عيني. ورأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني
تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه ولا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛
عن اللحياني؛ وأَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً،
يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ
على أَن البَصيرَ بها، إذا ما
أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ
أَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال
لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال:
ونَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، وأَنشد بيت أَبي
حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. ويقال: لقد عَجَموني ولَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛
وأَنشد ابن الأعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ
قال: والمُعَجَّمُ الذي أُكِلَ لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، والطُّنُبُ
أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه.
والعَجْمُ: صِغارُ الإبل وفَتاياها، والجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأعرابي:
بنَاتُ اللَّبونِ والحِقاقُ والجِذاعُ من عُجومِ الإبل فإذا أَثْنَتْ فهي
من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ والأُنثى، والإبلُ تُسَمَّى عَواجمَ
وعاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ ومنه قوله: وكنتُ كعَظْم العاجِمات.
وقال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في
شِدْقه ولا يَخْرُج الصوتُ منها، وهم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في
الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، والإبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم
العِضاهَ والقَتادَ والشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. والعَواجِمُ:
الأَسنانُ.
وعَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه وخَبَرْتُ حالَه؛ وقال:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً،
وكَفَّاكَ إلا نائِلاً حينَ تُسْأَلُ
والعَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ والنَّبِقِ، الواحدةُ
عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ وقَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب:
والعامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، وهو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة ووصف
أُتُناً:في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ
وقال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيده:
والصحيح الأَول، وكلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب وما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال
أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره،
كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
والعَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. وعُجْمةُ الرملِ:
كَثرته، وقيل: آخِره، وقيل: عُجْمتُه، وعِجْمتُه ما تعقَّد منه. ورملةٌ
عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وفي الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى
عُجْمَتَي بدرٍ؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما
حَوْله. والعَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:
عَذْبٌ كماء المُزْنِ أَنْـ
ـزَلَه مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ
يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. والعَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. وعَجْمُ
الذَّنَب وعُجْمُه جميعاً: عَجْبُــه، وهو أَصله، وهو العُصْعُص، وزعم
اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ وعُجْب. والأعجَم من الموج: الذي
لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ ولا يُسمعَ له صوت. وبابٌ مُعْجَم أَي
مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛
وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا،
عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى
الوَرِشاتُ: الخِفافُ، والخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل.
وبنو أَعجَمَ وبنو عَجْمانَ: بَطنان.
جنن: جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره. وكلُّ شيء سُتر عنك فقد
جُنَّ عنك. وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ،
بالضم، جُنوناً وأَجَنَّه: سَتَره؛ قال ابن بري: شاهدُ جَنَّه قول الهذلي:
وماء ورَدْتُ على جِفْنِه،
وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ
وفي الحديث: جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره، وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم
واخْتِفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه.
وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه: شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه، وقيل:
اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ؛ قال الهذلي:
حتى يَجيء، وجِنُّ الليل يُوغِلُه،
والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ.
ويروى: وجُنْحُ الليل؛ وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان
(* قوله
«دنيان») كذا في النسخ. وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة:
ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا،
بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى، عياضَ بنَ ناشب.
فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه،
ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب.
ويروى: ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته. وعياضُ بن جَبَل: من
بني ثعلبة بن سعد. وقال المبرد: عياض بن ناشب فزاري، ويروى: أَدرَك
رَكْضُنا؛ قال ابن بري: ومثله لسَلامة بن جندل:
ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ
إلى جَعْفَرٍ، سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ.
وحكي عن ثعلب: الجَنانُ الليلُ. الزجاج في قوله عز وجل: فلما جَنَّ عليه
الليلُ رأَى كَوْكباً؛ يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا
أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته. ويقال لكل ما سَتر: جنَّ وأَجنَّ. ويقال:
جنَّه الليلُ، والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل: قال ذلك أَبو
اسحق. واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء. وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً
وأَجَنَّه: ستَره؛ قال وقول الأَعشى:
ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها
لها من تِسْعةٍ، إلاّع جَنينا.
فسره ابن دريد فقال: يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا.
والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت. والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ
لذلك. وأَجَنَّه: كفَّنَه؛ قال:
ما إنْ أُبالي، إذا ما مُتُّ،ما فعَلوا:
أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني؟
أَبو عبيدة: جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه، وقد أَجنَّه
إذا قبَره؛ قال الأََعشى:
وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه،
كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ.
والجَنينُ: المقبورُ. وقال ابن بري: والجَنَنُ الميت؛ قال كُثَيّر:
ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها
ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ
قال ابن بري: الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ. وفي
الحديث: وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِجْنانَه
عليٌّ والعباسُ، أَي دَفْنه وسَتْرَه. ويقال للقبر الجَنَنُ، ويجمع على
أَجْنانٍ؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه: جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ.
والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر، وقيل: لِوَعْيه الأَشْياء
وجَمْعِه لها، وقيل: الجَنانُ رُوعُ القلب، وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ،
وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه. وقال ابن دريد: سمّيت
الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح، والجمع أَجْنانٌ؛ عن
ابن جني. ويقال: ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ. وأَجَنَّ عنه
واسْتَجَنَّ: استَتَر. قال شمر: وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه؛
وأَنشد لِعَدِيّ:
كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ
جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي.
الهادي ههنا: القَدَرُ. قال ابن الأَعرابي: جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن
العين فلم تَرَه، يقول: المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها؛ قال
الأَزهري: الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها،
ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه؛ وأَنشد:
ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
(* قوله «ولا جن إلخ» صدره كما في تكملة الصاغاني: تحدثني عيناك ما
القلب كاتم).
ويروى: ولا جَنَّ، معناهما ولا سَتْر. والهادي: المتقدّم، أَراد أَن
القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة؛ وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ:
فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي،
ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا.
فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ، وبالمِبْرَدِ اللسانَ. والجَنينُ: الولدُ
ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه، وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ، بإظهار
التضعيف، وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه
الحاملُ؛ وقول الفرزذق:
إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها،
أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم.
عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة، ويروى: إذا غاب نَصْرانيه في
جنيفها، يعني بالنَّصْرانيّ، ذكَر الفاعل لها من النصارى، وبجَنِيفِها:
حِرَها، وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها، وهي جَنيفة، وقد أَجَنَّت
المرأَة ولداً؛ وقوله أَنشد ابن الأَعرابي: وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ.
يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ، يقول: وردَت هذه الإبلُ الماءَ
فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه. يقال: جهَرَ البئرَ نزحَها.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ. والمِجَنُّ: التُّرْسُ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني قد
حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً، وسنذكره، والجمع المَجانُّ،
بالفتح. وفي حديث السرقة: القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ، هو التُّرْسُ
لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره، والميم زائدة: وفي حديث علي، كرَّم الله
وجهَه: كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ؛ قال
ابن الأَثير: هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو
رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك. ابن سيده: وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط
الحياءَ وفعَل ما شاءَ. وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة: ملَك أَمرَه واستبدَّ به؛
قال الفرزدق: كيف تراني قالِباً مِجَنِّي؟
أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ.
وفي حديث أَشراطِ الساعةِ: وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة، يعني
التُّرْكَ. والجُنَّةُ، بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.
والجُنَّةُ: السُّتْرة، والجمع الجُنَنُ. يقال: اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي
اسْتَتَر بسُتْرة، وقيل: كلُّ مستورٍ جَنِينٌ، حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ
جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ،
والضِّغْنُ أَسْوَدُ، أَو في وجْهِه كَلَفُ
يُزَمِّلون: يَسْتُرون ويُخْفُون، والجَنينُ: المَسْتُورُ في نفوسهم،
يقول: فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ، وقوله الضِّغْنُ
أَسْوَدُ، يقول: هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم. ويقال: ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما
تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ
يُواريني، وفي الصحاح: ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ
يُوارِيني. والاجْتِنان؛ الاسْتِتار. والمَجَنَّة: الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه.
شمر: الجَنانُ الأَمر الخفي؛ وأَنشد:
اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم
إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا.
أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً. وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري
أَي أَكْنَنْتُه. وفي الحديث: تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره.
والجُّنَّةُ: الدِّرْعُ، وكل ما وَقاك جُنَّةٌ. والجُنَّةُ: خِرْقةٌ
تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه،
وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر، وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي
البُرْقُع. وفي الحديث: الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات.
والجُنَّةُ: الوِقايةُ. وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي
المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ. وفي حديث الصدقة: كمِثْل رجُلين عليهما
جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ، ويروى بالباء الموحدة، تَثْنِية جُبَّةِ
اللباس. وجِنُّ الناس وجَنانُهم: مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم؛
قال ابن أَحمر:
جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً
ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا.
وروي:
وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا.
قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل
لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد
بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم
وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من
شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس
جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ:
وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى
به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا.
قال: جنانه عينه وما واراه. والجِنُّ: ولدُ الجانّ. ابن سيده: الجِنُّ
نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم
اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة. وفي التنزيل
العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا
الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين
الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين
الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت
الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار. والجِنِّيُّ:
منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ. والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى:
من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى:
قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس
الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس
معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس. الجوهري:
الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى.
جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد
ابن بري:
رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً،
على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُها،
فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟
فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها
وقال مُدرك بن حُصين:
كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنها
حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها.
وقوله:
ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هل بَدا لكِ
أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟
إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها
وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف
الإنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإنسيُّ لا
يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر:
ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً،
ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ.
أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه
الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ. الليث: الجِنَّةُ
الجُنونُ أَيضاً. وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على
صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد:
من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم
شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل.
والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال
مُلَيح الهُذَليّ:
فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً،
من البَيْن، أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ.
وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ: أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ.
وأَجَنَّه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ، فبُني
المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا، وقالوا: ما أَجنَّه؛ قال سيبويه: وقع
التــعجبُ منه بما أَفْعَلَه، وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا
بِخِلْقة فيه، وإنما هو من نقْصان العقل. وقال ثعلب: جُنَّ الرجلُ وما
أَجنَّه، فجاء بالتــعجب من صيغة فِعل المفعول، وإنما التــعجب من صيغة فِعْل
الفاعل؛ قال ابن سيده: وهذا ونحوُه شاذٌّ. قال الجوهري: وقولهم في المَجْنون
ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه، لأَنه لا يقال في المضروب ما
أَضْرَبَه، ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه. والجُنُنُ، بالضم: الجُنونُ، محذوفٌ
منه الواوُ؛ قال يصف الناقة:
مِثْل النَّعامةِ كانت، وهي سائمةٌ،
أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ
جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه،
والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ.
فقيل، إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ، اصْطُلِمَتْ
إلى الصَّماخِ، فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ.
والمَجَنَّةُ: الجُنُونُ. والمَجَنَّةُ: الجِنُّ. وأَرضُ مَجَنَّةٌ:
كثيرةُ الجِنِّ؛ وقوله:
على ما أَنَّها هَزِئت وقالت
هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب.
أَجَنَّ: وقع في مَجَنَّة، وقوله هَنُون، أَراد يا هنون، وقوله مَنْشاذا
قريب، أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به، وما زائدة أَي على أَنها
هَزِئَت. ابن الأَعرابي: باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس
به؛ قال الأَخطل في معناه:
وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة.
والجانُّ: أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه. والجانُّ:
الجنُّ، وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر. وفي التنزيل العزيز: لم
يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ. وقرأَ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يُسْأَل عن
ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ، بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً، قال:
وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي: ولا الضَّأَلِّين، وعلى ما حكاه أَبو
زيد عن أَبي الإصبغ وغيره: شأَبَّة ومأَدَّة؛ وقول الراجز:
خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا
(* قوله «خاطمها إلخ» ذكر في الصحاح:
يا عجبــاً وقد رأيت عجبــا * حمار قبان يسوق أرنبا
خاطمها زأَمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا).
وقوله:
وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر:
وأَنتَ، ابنَ لَيْلَى، خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً،
إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ.
وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ:
قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني
فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني.
إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً؛ وقال ابن جني:
بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً. وقال أَبو إسحق في قوله تعالى:
أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ؛ روي أَن خَلْقاً يقال
لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ
ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ
الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد
فيها. أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ،
قال الشاعر:
فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها
مَشارِبها داثِرات أُجُنْ.
وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً:
يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا،
أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا.
وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين
الإنس أَو من الجنِّ. والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ. وفي الحديث: أَنه
نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من
بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها
الجِنُّ. وفي حديث ماعزٍ: أَنه، صلى الله عليه وسلم: سأَل أَهلَه عنه فقال:
أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ. وفي
حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُــعْجِبَ بنفسِه
حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ
الشَّنْفَرى من هذا:
فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.
وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ
به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما
هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ
بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه. وفي حديث
فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ
الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ،
وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا
ما تَتْلُو الشَّياطون. ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر:
هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه،
لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ.
والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة
لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت
الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً:
أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا،
وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا.
وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي
تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى:
تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو:
الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ
كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو
العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها
بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي
ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً. وفي حديث زمزم:
أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون
الملائكةُ، عليهم السلام، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر
سليمان، عليه السلام:
وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً،
قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ.
وقد قيل في قوله عز وجل: إلا إبليس كان من الجنِّ؛ إنه عَنى الملائكة،
قال أَبو إسحق: في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع
الملائكة، قال: وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة، وقد
ذكر الله تعالى ذلك فقال: كان من الجنّ؛ وقيل أَيضاً: إن إبليس من الجنّ
بمنزلة آدمَ من الإنس، وقد قيل: إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا
خُزَّانَ الأَرض، وقيل: خُزّان الجنان، فإن قال قائل: كيف استَثْنَى مع ذكْر
الملائكة فقال: فسجدوا إلا إبليس، كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول؟
فالجواب في هذا: أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد،
والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي،
وكذلك قوله تعالى: فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين، فرب العالمين ليس من
الأَول، لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا؛ قال: ويَصْلُحُ
الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ، ولا يحسُن أَن ما بعده
صفةٌ له وهو في موضع نصب. ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ؛ قال الهذلي:
ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
فأَما قول الهذلي:
أَجِنِي، كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ،
أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر.
فقيل: أَراد بجِدِّي، وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما
تقدم، وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه
القلبُ، فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه. وقالت امرأَة
عبد الله بن مسعود له: أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛
قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ،
والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل، كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك
وإِجْلَك، بمعنى مِن أَجْلِك، قال: وقولها أَجَنَّك، حذفت الأَلف واللام
وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل: لكنَّا هو الله ربِّي؛
يقال: إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف، والتقى نُونانِ
فجاء التشديد، كما قال الشاعر أَنشده الكسائي:
لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ
على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها
أَراد لله إنَّك، فحذف إحدى اللامَينِ من لله، وحذَفَ الأَلف من إنَّك،
كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ؛ أَبو عبيد في قول عدي
ابن زيد:
أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم،
فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار.
الأَزهري قال: ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي، أَراد من أجّل؛ ويروى:
فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار.
أَراد بالصلْب الحَسَبَ، وبالإزارِ العِفَّةَ، وقيل: في قولهم أَجِنَّك
كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً، ونقلوا كسرة اللام
إلى الجيم؛ قال الشاعر:
أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم،
وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ.
وجِنُّ الشَّبابِ: أَوَّلُه، وقيل: جِدَّتُه ونشاطُه. ويقال: كان ذلك في
جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه، وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته،
وجنُّ المرَحِ كذلك؛ فأَما قوله:
لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا،
إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا.
قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه، وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع
المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه
عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه، وتقول: افْعَلْ ذلك
الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه؛ بجِنِّه أَي بحِدْثانِه؛ قال
المتنخل الهذلي:
كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ
أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى، ولا
يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ.
يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيثُ سَلْمى
بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره، ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه
حُبُّ من هو مَلِقٌ. يقول: من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا
ينْصِبْكَ صَرْمُه. ويقال: خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ
ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها. وجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُه ونَوْرُه،
وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً؛ قال:
كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ
رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً
وقيل: جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل. وقال أَبو حنيفة: نخلة
مَجْنونة إذا طالت؛ وأَنشد:
يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ
عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ
تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ.
قال ابن بري: يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم
التَّمْرَ من رؤُوس النخل؛ ومثله قول الآخر:
أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ، ما لَك لا تَرى
عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً؟
الفراء: جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُــعْجِبٍ؛ وقال الهذلي:
أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم،
وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم.
ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة: وهي التي تُهال من عشبها وقد
ذهب عُشْبها كلَّ مذهب. ويقال: جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها؛
قال ابن أَحمر:
تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري،
وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا.
جُنونُه: كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه؛ وقال بعضهم: الخازِ بازِ
نَبْتٌ، وقيل: هو ذُبابٌ. وجنون الذُّباب: كثرةُ تَرَنُّمِه. وجُنَّ الذُّبابُ
أَي كثُرَ صوته. وجُنونُ النَّبْت: التفافُه؛ قال أَبو النجم:
وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ.
أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه. وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ
والْتَفَّ وخرج زهره؛ وقوله:
وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا.
يحتمل هذين الوجهين. أَبو خيرة: أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها
أَحدٌ. وفي التهذيب: شمر عن ابن الأَعرابي: يقال للنخل المرتفع طولاً
مجنونٌ، وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ.
والجَنَّةُ: البُسْتانُ، ومنه الجَنّات، والعربُ تسمِّي النخيلَ
جَنَّةً؛ قال زهير:
كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ،
من النَّواضِح، تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً.
والجَنَّةُ: الحَديقةُ ذات الشجر والنخل، وجمعها جِنان، وفيها تخصيص،
ويقال للنخل وغيرها. وقال أَبو علي في التذكرة: لا تكون الجَنَّة في كلام
العرب إلا وفيها نخلٌ
وعنبٌ، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ،
وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع.
والجَنَّةُ: هي دارُ النعيم في الدار الآخرة، من الاجْتنان، وهو السَّتْر
لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها، قال: وسميت بالجَنَّة
وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه، فكأَنها ستْرةٌ
واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ
أَنه للبيد:
دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً،
مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم.
قال: يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان، ومُسطَّعة: من السِّطاع وهي
سِمةٌ في العنق، وقد تقدم. قال ابن سيده: وعندي أَنه جِنَّة، بالكسر، لأَنه
قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها، على أَنه لا
يبعد الأَول، وإن وصفها بالعبقرية، لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن
يَصِفَها بالعبقريّة، قال: وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من
أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها، وقد قيل: كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ،
فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة.
والجِنِّيَّة: ثياب معروفة
(* قوله «والجنية ثياب معروفة» كذا في التهذيب. وقوله
«والجنية مطرف إلخ» كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما. وفي القاموس:
والجنينة مطرف كالطيلسان اهـ. أي لسفينة كما في شرح القاموس). والجِنِّيّةُ:
مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء. ومَجَنَّةُ:
موضعٌ؛ قال في الصحاح: المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة؛ وكان
بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر:
أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً
بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ؟
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟
وكذلك مِجَنَّة؛ وقال أَبو ذؤَيب:
فوافَى بها عُسْفانَ، ثم أَتى بها
مِجَنَّة، تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي.
قال ابن جني: يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين: أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من
الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني
البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه، والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن
كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها، هذا ما توجبُه صنعةُ
عِلْمِ العرب، قال: فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ
طريقه الخبر، وكذلك الجُنَيْنة؛ قال:
مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه،
من الجُنَيْنَةِ، جَزْلاً غيرَ مَوْزون.
وقال ابن عباس، رضي الله عنه: كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ
أَسواقاً في الجاهليَّة. والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْراب. والجَناجِنُ: عِظامُ
الصدر، وقيل: رؤُوسُ الأَضْلاع، يكون ذلك للناس وغيرهم؛ قال الأَسَْقَرُ
الجُعْفِيّ:
لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ،
بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا.
وقال الأعشى:
أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ، كإِران الـ
ـمَيْت، عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ.
واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ، وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء: جِنْجِن
وجِنْجِنة؛ قال الجوهري: وقد يفتح؛ قال رؤبة:
ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن.
وقيل: واحدها جُنْجون، وقيل: الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ
الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب. والمَنْجَنُونُ: الدُّولابُ التي يُسْتَقى
عليها، نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا، وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي
وقال: حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي، وسنذكره هناك.
جمن: الجُمانُ: هَنَواتٌ تُتَّخَذُ على أَشكال اللؤلؤ من فضَّة، فارسي
معرب، واحدته جُمانة؛ وتوهَّمَه لبيدٌ لُؤلُؤَ الصدفِ البَحْرِيِّ فقال
يصف بقرة:
وتُضِيء في وَجْهِ الظَّلامِ، مُنِيرةً،
كجُمانةِ البَحْريِّ سُلَّ نِظامُها.
الجوهري: الجُمانةُ حبّة تُعْمَل من الفِضّة كالدُّرّة؛ قال ابن سيده:
وبه سميت المرأَة، وربما سميت الدُّرّة جُمانةً. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: يَتَحَدَّرُ منه العَرَقُ مِثْل الجُمان، قال: هو اللؤلؤُ
الصِّغارُ، وقيل: حَبٌّ يُتَّخذ من الفضة أَمثال اللؤلؤ. وفي حديث المسيح، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام: إذا رفَع رأْسَه تحدَّر منه جُمانُ اللؤلؤ.
والجُمانُ: سَفيفةٌ من أَدَمٍ يُنْسَج فيها الخَرَزُ من كل لون تَتَوَشَّحُ
به المرأَة؛ قال ذو الرمة:
أَسِيلة مُسْتَنِّ الدُّموعِ، وما جَرَى
عليه الجُمانُ الجائلُ المُتَوَشَّحُ.
وقيل: الجُمانُ خَرز يُبَيَّضُ بماء الفضة. وجُمانٌ: اسمُ جملِ العجّاج؛
قال:
أَمْسَى جُمانٌ كالرَّهينِ مُضْرعا
والجُمُن: اسم جبل؛ قال تميم بن مُقْبِل:
فقلت للقوم قد زالَتْ حَمائلُهم
فَرْجَ الحَزِيزِ من القَرْعاءِ فالجُمُن
(* قوله «من القرعا» كذا في النسخ، والذي في معجم ياقوت: إلى القرعاء).
جنن: جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً: سَتَره. وكلُّ شيء سُتر عنك فقد
جُنَّ عنك. وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ،
بالضم، جُنوناً وأَجَنَّه: سَتَره؛ قال ابن بري: شاهدُ جَنَّه قول الهذلي:
وماء ورَدْتُ على جِفْنِه،
وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ
وفي الحديث: جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره، وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم
واخْتِفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه.
وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه: شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه، وقيل:
اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ؛ قال الهذلي:
حتى يَجيء، وجِنُّ الليل يُوغِلُه،
والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ.
ويروى: وجُنْحُ الليل؛ وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان
(* قوله
«دنيان») كذا في النسخ. وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة:
ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا،
بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى، عياضَ بنَ ناشب.
فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه،
ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب.
ويروى: ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته. وعياضُ بن جَبَل: من
بني ثعلبة بن سعد. وقال المبرد: عياض بن ناشب فزاري، ويروى: أَدرَك
رَكْضُنا؛ قال ابن بري: ومثله لسَلامة بن جندل:
ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ
إلى جَعْفَرٍ، سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ.
وحكي عن ثعلب: الجَنانُ الليلُ. الزجاج في قوله عز وجل: فلما جَنَّ عليه
الليلُ رأَى كَوْكباً؛ يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا
أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته. ويقال لكل ما سَتر: جنَّ وأَجنَّ. ويقال:
جنَّه الليلُ، والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل: قال ذلك أَبو
اسحق. واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء. وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً
وأَجَنَّه: ستَره؛ قال وقول الأَعشى:
ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها
لها من تِسْعةٍ، إلاّع جَنينا.
فسره ابن دريد فقال: يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا.
والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت. والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ
لذلك. وأَجَنَّه: كفَّنَه؛ قال:
ما إنْ أُبالي، إذا ما مُتُّ،ما فعَلوا:
أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني؟
أَبو عبيدة: جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه، وقد أَجنَّه
إذا قبَره؛ قال الأََعشى:
وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه،
كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ.
والجَنينُ: المقبورُ. وقال ابن بري: والجَنَنُ الميت؛ قال كُثَيّر:
ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها
ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ
قال ابن بري: الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ. وفي
الحديث: وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وإِجْنانَه
عليٌّ والعباسُ، أَي دَفْنه وسَتْرَه. ويقال للقبر الجَنَنُ، ويجمع على
أَجْنانٍ؛ ومنه حديث علي، رضي الله عنه: جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ.
والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر، وقيل: لِوَعْيه الأَشْياء
وجَمْعِه لها، وقيل: الجَنانُ رُوعُ القلب، وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ،
وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه. وقال ابن دريد: سمّيت
الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح، والجمع أَجْنانٌ؛ عن
ابن جني. ويقال: ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ. وأَجَنَّ عنه
واسْتَجَنَّ: استَتَر. قال شمر: وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه؛
وأَنشد لِعَدِيّ:
كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ
جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي.
الهادي ههنا: القَدَرُ. قال ابن الأَعرابي: جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن
العين فلم تَرَه، يقول: المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها؛ قال
الأَزهري: الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها،
ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه؛ وأَنشد:
ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
(* قوله «ولا جن إلخ» صدره كما في تكملة الصاغاني: تحدثني عيناك ما
القلب كاتم).
ويروى: ولا جَنَّ، معناهما ولا سَتْر. والهادي: المتقدّم، أَراد أَن
القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة؛ وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ:
فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي،
ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا.
فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ، وبالمِبْرَدِ اللسانَ. والجَنينُ: الولدُ
ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه، وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ، بإظهار
التضعيف، وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه
الحاملُ؛ وقول الفرزذق:
إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها،
أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم.
عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة، ويروى: إذا غاب نَصْرانيه في
جنيفها، يعني بالنَّصْرانيّ، ذكَر الفاعل لها من النصارى، وبجَنِيفِها:
حِرَها، وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها، وهي جَنيفة، وقد أَجَنَّت
المرأَة ولداً؛ وقوله أَنشد ابن الأَعرابي: وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ.
يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ، يقول: وردَت هذه الإبلُ الماءَ
فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه. يقال: جهَرَ البئرَ نزحَها.
والمِجَنُّ: الوِشاحُ. والمِجَنُّ: التُّرْسُ. قال ابن سيده: وأُرى اللحياني قد
حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً، وسنذكره، والجمع المَجانُّ،
بالفتح. وفي حديث السرقة: القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ، هو التُّرْسُ
لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره، والميم زائدة: وفي حديث علي، كرَّم الله
وجهَه: كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ؛ قال
ابن الأَثير: هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو
رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك. ابن سيده: وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط
الحياءَ وفعَل ما شاءَ. وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة: ملَك أَمرَه واستبدَّ به؛
قال الفرزدق: كيف تراني قالِباً مِجَنِّي؟
أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ.
وفي حديث أَشراطِ الساعةِ: وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة، يعني
التُّرْكَ. والجُنَّةُ، بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.
والجُنَّةُ: السُّتْرة، والجمع الجُنَنُ. يقال: اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي
اسْتَتَر بسُتْرة، وقيل: كلُّ مستورٍ جَنِينٌ، حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ
جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ،
والضِّغْنُ أَسْوَدُ، أَو في وجْهِه كَلَفُ
يُزَمِّلون: يَسْتُرون ويُخْفُون، والجَنينُ: المَسْتُورُ في نفوسهم،
يقول: فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ، وقوله الضِّغْنُ
أَسْوَدُ، يقول: هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم. ويقال: ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما
تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ
يُواريني، وفي الصحاح: ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ
يُوارِيني. والاجْتِنان؛ الاسْتِتار. والمَجَنَّة: الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه.
شمر: الجَنانُ الأَمر الخفي؛ وأَنشد:
اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم
إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا.
أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً. وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري
أَي أَكْنَنْتُه. وفي الحديث: تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره.
والجُّنَّةُ: الدِّرْعُ، وكل ما وَقاك جُنَّةٌ. والجُنَّةُ: خِرْقةٌ
تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه،
وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر، وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي
البُرْقُع. وفي الحديث: الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات.
والجُنَّةُ: الوِقايةُ. وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي
المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ. وفي حديث الصدقة: كمِثْل رجُلين عليهما
جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ، ويروى بالباء الموحدة، تَثْنِية جُبَّةِ
اللباس. وجِنُّ الناس وجَنانُهم: مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم؛
قال ابن أَحمر:
جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً
ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا.
وروي:
وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا.
قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر: قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل
لك، يقول: إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك، وقد أَورد
بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر؛ ابن الأَعرابي: جنَانُهم جماعتُهم
وسَوادُهم، وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم؛ أَبو عمرو: جَنانُهم ما سَتَرك من
شيء، يقول: أَكون بين المسلمين خيرٌ لي، قال: وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس
جِواراً؛ وقال الراعي يصف العَيْرَ:
وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى
به الحَلْفاء، وأْتَزَر ائْتِزارا.
قال: جنانه عينه وما واراه. والجِنُّ: ولدُ الجانّ. ابن سيده: الجِنُّ
نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم
اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن، والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة. وفي التنزيل
العزيز: ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون؛ قالوا: الجِنَّةُ ههنا
الملائكةُ عند قوم من العرب، وقال الفراء في قوله تعالى: وجعلوا بينَه وبين
الجِنَّةِ نَسَباً، قال: يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة، يقول: جعلوا بين
الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله، ولقد عَلِمَت
الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار. والجِنِّيُّ:
منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ. والجِنَّةُ: الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى:
من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين؛ قال الزجاج: التأْويلُ عندي قوله تعالى:
قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس
الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ، الذي هو من الجِن، والناس
معطوف على الوَسْوَاس، المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس. الجوهري:
الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ، سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى.
جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ، فهو مجنونٌ، ولا تقل مُجَنٌّ؛ وأَنشد
ابن بري:
رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً،
على نِضْوِ أَسْفارٍ، فَجُنَّ جُنونُها،
فقالت: من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن؟
فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها
وقال مُدرك بن حُصين:
كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها، وكأَنها
حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها.
وقوله:
ويَحَكِ يا جِنِّيَّ، هل بَدا لكِ
أَن تَرْجِعِي عَقْلي، فقد أَنَى لكِ؟
إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها، وإما في تلَوُّنِها
وابتِدالها؛ ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف
الإنس حقيقة، لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ، والإنسيُّ لا
يَتعشَّقُ جنِّيَّة؛ وقول بدر بن عامر:
ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً،
ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ.
أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ، وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه
الجِنُّ؛ وقال السكري: أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ. الليث: الجِنَّةُ
الجُنونُ أَيضاً. وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛ والاسمُ والمصدرُ على
صورة واحدة، ويقال: به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة؛ وأَنشد:
من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم
شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل.
والجِنَّةُ: طائفُ الجِنِّ، وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ؛ قال
مُلَيح الهُذَليّ:
فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً،
من البَيْن، أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ.
وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ: أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ.
وأَجَنَّه الله، فهو مجنون، على غير قياس، وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ، فبُني
المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا، وقالوا: ما أَجنَّه؛ قال سيبويه: وقع
التــعجبُ منه بما أَفْعَلَه، وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا
بِخِلْقة فيه، وإنما هو من نقْصان العقل. وقال ثعلب: جُنَّ الرجلُ وما
أَجنَّه، فجاء بالتــعجب من صيغة فِعل المفعول، وإنما التــعجب من صيغة فِعْل
الفاعل؛ قال ابن سيده: وهذا ونحوُه شاذٌّ. قال الجوهري: وقولهم في المَجْنون
ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه، لأَنه لا يقال في المضروب ما
أَضْرَبَه، ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه. والجُنُنُ، بالضم: الجُنونُ، محذوفٌ
منه الواوُ؛ قال يصف الناقة:
مِثْل النَّعامةِ كانت، وهي سائمةٌ،
أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ
جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه،
والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ.
فقيل، إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ، اصْطُلِمَتْ
إلى الصَّماخِ، فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ.
والمَجَنَّةُ: الجُنُونُ. والمَجَنَّةُ: الجِنُّ. وأَرضُ مَجَنَّةٌ:
كثيرةُ الجِنِّ؛ وقوله:
على ما أَنَّها هَزِئت وقالت
هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب.
أَجَنَّ: وقع في مَجَنَّة، وقوله هَنُون، أَراد يا هنون، وقوله مَنْشاذا
قريب، أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به، وما زائدة أَي على أَنها
هَزِئَت. ابن الأَعرابي: باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس
به؛ قال الأَخطل في معناه:
وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة.
والجانُّ: أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه. والجانُّ:
الجنُّ، وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر. وفي التنزيل العزيز: لم
يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ. وقرأَ عمرو بن عبيد: فيومئذ لا يُسْأَل عن
ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ، بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً، قال:
وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي: ولا الضَّأَلِّين، وعلى ما حكاه أَبو
زيد عن أَبي الإصبغ وغيره: شأَبَّة ومأَدَّة؛ وقول الراجز:
خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا
(* قوله «خاطمها إلخ» ذكر في الصحاح:
يا عجبــاً وقد رأيت عجبــا * حمار قبان يسوق أرنبا
خاطمها زأَمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا).
وقوله:
وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر:
وأَنتَ، ابنَ لَيْلَى، خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً،
إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ.
وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ:
قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني
فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني.
إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً؛ وقال ابن جني:
بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً. وقال أَبو إسحق في قوله تعالى:
أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ؛ روي أَن خَلْقاً يقال
لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ
ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ
الأَرض بعد الجانِّ فقالوا: يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد
فيها. أَبو عمرو: الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ،
قال الشاعر:
فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها
مَشارِبها داثِرات أُجُنْ.
وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً:
يَرْفَعْنَ بالليل، إذا ما أَسْدَفا،
أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا.
وفي حديث زيد بن مقبل: جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين
الإنس أَو من الجنِّ. والجِنَّةُ، بالكسر: اسمُ الجِنّ. وفي الحديث: أَنه
نَهى عن ذبائح الجِنّ، قال: هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من
بِنائها ذَبح ذَبيحةً، وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها
الجِنُّ. وفي حديث ماعزٍ: أَنه، صلى الله عليه وسلم: سأَل أَهلَه عنه فقال:
أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ؟ قالوا: لا؛ الجِنَّةُ، بالكسر: الجُنونُ. وفي
حديث الحسن: لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُــعْجِبَ بنفسِه
حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه؛ وقال القتيبي: وأَحْسِبُ قولَ
الشَّنْفَرى من هذا:
فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ.
وفي الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ
به، ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر: أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال: ما
هذا؟ فقالوا: مَجْنونٌ، قال: هذا مُصابٌ، إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ
بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه. وفي حديث
فَضالة: كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ
الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون؛ المَجانِينُ: جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ،
وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين، وقد قرئ: واتَّبَعُوا
ما تَتْلُو الشَّياطون. ويقال: ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه؛ قال الشاعر:
هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه،
لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ.
والجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة
لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. سيبويه: والجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بيت
الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً:
أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا،
وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا.
وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي
تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى:
تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو:
الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ
كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو
العظيم من الحيَّاتِ، ونحوَ ذلك قال أَبو العباس، قال: شبَّهها في عِظَمِها
بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ، ولذلك قال تعالى مرَّة: فإذا هي
ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ؛ والجانُّ: الشيطانُ أَيضاً. وفي حديث زمزم:
أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ، وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون
الملائكةُ، عليهم السلام، جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون؛ قال الأَعشى يذكر
سليمان، عليه السلام:
وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً،
قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ.
وقد قيل في قوله عز وجل: إلا إبليس كان من الجنِّ؛ إنه عَنى الملائكة،
قال أَبو إسحق: في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع
الملائكة، قال: وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة، وقد
ذكر الله تعالى ذلك فقال: كان من الجنّ؛ وقيل أَيضاً: إن إبليس من الجنّ
بمنزلة آدمَ من الإنس، وقد قيل: إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا
خُزَّانَ الأَرض، وقيل: خُزّان الجنان، فإن قال قائل: كيف استَثْنَى مع ذكْر
الملائكة فقال: فسجدوا إلا إبليس، كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول؟
فالجواب في هذا: أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد،
والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي،
وكذلك قوله تعالى: فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين، فرب العالمين ليس من
الأَول، لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا؛ قال: ويَصْلُحُ
الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ، ولا يحسُن أَن ما بعده
صفةٌ له وهو في موضع نصب. ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ؛ قال الهذلي:
ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
فأَما قول الهذلي:
أَجِنِي، كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ،
أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر.
فقيل: أَراد بجِدِّي، وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما
تقدم، وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه
القلبُ، فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه. وقالت امرأَة
عبد الله بن مسعود له: أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛
قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ،
والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل، كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك
وإِجْلَك، بمعنى مِن أَجْلِك، قال: وقولها أَجَنَّك، حذفت الأَلف واللام
وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل: لكنَّا هو الله ربِّي؛
يقال: إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف، والتقى نُونانِ
فجاء التشديد، كما قال الشاعر أَنشده الكسائي:
لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ
على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها
أَراد لله إنَّك، فحذف إحدى اللامَينِ من لله، وحذَفَ الأَلف من إنَّك،
كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ؛ أَبو عبيد في قول عدي
ابن زيد:
أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم،
فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار.
الأَزهري قال: ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي، أَراد من أجّل؛ ويروى:
فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار.
أَراد بالصلْب الحَسَبَ، وبالإزارِ العِفَّةَ، وقيل: في قولهم أَجِنَّك
كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً، ونقلوا كسرة اللام
إلى الجيم؛ قال الشاعر:
أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم،
وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ.
وجِنُّ الشَّبابِ: أَوَّلُه، وقيل: جِدَّتُه ونشاطُه. ويقال: كان ذلك في
جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه، وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته،
وجنُّ المرَحِ كذلك؛ فأَما قوله:
لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا،
إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا.
قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه، وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع
المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه
عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه، وتقول: افْعَلْ ذلك
الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه؛ بجِنِّه أَي بحِدْثانِه؛ قال
المتنخل الهذلي:
كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ
أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى، ولا
يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ.
يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت، يقول: سقى هذا الغيثُ سَلْمى
بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره، ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه
حُبُّ من هو مَلِقٌ. يقول: من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا
ينْصِبْكَ صَرْمُه. ويقال: خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ
ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها. وجِنُّ النَّبْتِ: زَهْرُه ونَوْرُه،
وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً؛ قال:
كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ
رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً
وقيل: جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل. وقال أَبو حنيفة: نخلة
مَجْنونة إذا طالت؛ وأَنشد:
يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ
عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ
تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ.
قال ابن بري: يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم
التَّمْرَ من رؤُوس النخل؛ ومثله قول الآخر:
أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ، ما لَك لا تَرى
عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً؟
الفراء: جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُــعْجِبٍ؛ وقال الهذلي:
أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم،
وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم.
ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة: وهي التي تُهال من عشبها وقد
ذهب عُشْبها كلَّ مذهب. ويقال: جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها؛
قال ابن أَحمر:
تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري،
وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا.
جُنونُه: كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه؛ وقال بعضهم: الخازِ بازِ
نَبْتٌ، وقيل: هو ذُبابٌ. وجنون الذُّباب: كثرةُ تَرَنُّمِه. وجُنَّ الذُّبابُ
أَي كثُرَ صوته. وجُنونُ النَّبْت: التفافُه؛ قال أَبو النجم:
وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ.
أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه. وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ
والْتَفَّ وخرج زهره؛ وقوله:
وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا.
يحتمل هذين الوجهين. أَبو خيرة: أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها
أَحدٌ. وفي التهذيب: شمر عن ابن الأَعرابي: يقال للنخل المرتفع طولاً
مجنونٌ، وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ.
والجَنَّةُ: البُسْتانُ، ومنه الجَنّات، والعربُ تسمِّي النخيلَ
جَنَّةً؛ قال زهير:
كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ،
من النَّواضِح، تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً.
والجَنَّةُ: الحَديقةُ ذات الشجر والنخل، وجمعها جِنان، وفيها تخصيص،
ويقال للنخل وغيرها. وقال أَبو علي في التذكرة: لا تكون الجَنَّة في كلام
العرب إلا وفيها نخلٌ
وعنبٌ، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ،
وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع.
والجَنَّةُ: هي دارُ النعيم في الدار الآخرة، من الاجْتنان، وهو السَّتْر
لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها، قال: وسميت بالجَنَّة
وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه، فكأَنها ستْرةٌ
واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ
أَنه للبيد:
دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً،
مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم.
قال: يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان، ومُسطَّعة: من السِّطاع وهي
سِمةٌ في العنق، وقد تقدم. قال ابن سيده: وعندي أَنه جِنَّة، بالكسر، لأَنه
قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها، على أَنه لا
يبعد الأَول، وإن وصفها بالعبقرية، لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن
يَصِفَها بالعبقريّة، قال: وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من
أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها، وقد قيل: كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ،
فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة.
والجِنِّيَّة: ثياب معروفة
(* قوله «والجنية ثياب معروفة» كذا في التهذيب. وقوله
«والجنية مطرف إلخ» كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما. وفي القاموس:
والجنينة مطرف كالطيلسان اهـ. أي لسفينة كما في شرح القاموس). والجِنِّيّةُ:
مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء. ومَجَنَّةُ:
موضعٌ؛ قال في الصحاح: المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة؛ وكان
بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر:
أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً
بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ؟
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟
وكذلك مِجَنَّة؛ وقال أَبو ذؤَيب:
فوافَى بها عُسْفانَ، ثم أَتى بها
مِجَنَّة، تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي.
قال ابن جني: يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين: أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من
الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني
البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه، والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن
كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها، هذا ما توجبُه صنعةُ
عِلْمِ العرب، قال: فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ
طريقه الخبر، وكذلك الجُنَيْنة؛ قال:
مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه،
من الجُنَيْنَةِ، جَزْلاً غيرَ مَوْزون.
وقال ابن عباس، رضي الله عنه: كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ
أَسواقاً في الجاهليَّة. والاسْتِجْنانُ: الاسْتِطْراب. والجَناجِنُ: عِظامُ
الصدر، وقيل: رؤُوسُ الأَضْلاع، يكون ذلك للناس وغيرهم؛ قال الأَسَْقَرُ
الجُعْفِيّ:
لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ،
بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا.
وقال الأعشى:
أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ، كإِران الـ
ـمَيْت، عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ.
واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ، وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء: جِنْجِن
وجِنْجِنة؛ قال الجوهري: وقد يفتح؛ قال رؤبة:
ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن.
وقيل: واحدها جُنْجون، وقيل: الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ
الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب. والمَنْجَنُونُ: الدُّولابُ التي يُسْتَقى
عليها، نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا، وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي
وقال: حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي، وسنذكره هناك.
ضحك: الضَّحِكُ: معروف، ضَحِكَ يَضْحَك ضَحْكاً وضِحْكاً وضَحِكاً أَربع
لغات، قال الأزهري: ولو قيل ضَحَكاً لكان قياساً لأن مصدر فَعِلَ
فَعَلٌ، قال الأزهري: وقد جاءت أَحرف من المصادر على فَعَل، منها ضَحِكَ
ضَحِكاً، وخَنَقَه خَنِقاً، وخَضَفَ خَضِفاً، وضَرطَ ضَرِطاً، وسَرَقَ سَرِقاً.
والضَّحْكَة: المرَّة الواحدة؛ ومنه قول كُثَيِّر:
غَمْر الرِّداء، إذا تبسم ضاحكاً
غَلِقَتْ لضَحْكَتِهِ رقابُ المالِ
وفي الحديث: يبعث الله السحابَ فيَضْحَكُ أَحسنَ الضَّحِكِ؛ جعل انجلاءه
عن البرق ضَحِكاً استعارة ومجازاً كما يفْتَرُّ الضاحِكُ عن الثَّغْر،
وكقولهم ضَحِكَتِ الأرضُ إذا أَخرجت نباتها وزَهْرَتها. وتضَحَّك
وتَضاحَك، فهو ضاحك وضَحَّاك وضَحُوك وضُحَكة: كثير الضَّحِك. وضُحْكة، بالتسكين:
يُضْحَك منه يطَّرد على هذا باب. الليث: الضُّحْكة الشيء الذي يُضْحك
منه. والضُّحَكة: الرجل الكثير الضَّحِك يُعاب عليه. ورجل ضَحَّاك: نعت على
فَعَّال. وضَحِكْتُ به ومنه بمعنىً. وتَضاحك الرجل واسْتَضْحَك بمعنى.
وأَضْحَكه اللهُ عز وجل. والأُضْحُوكة: ما يُضْحك به. وامرأة مِضْحاك:
كثيرة الضَّحِك. قال ابن الأَعرابي: الضَّاحِك من السحاب مثل العارِضِ إلا
أنه إذا بَرَق قيل ضَحِك، والضَّحَّاك مَدْح، والضُّحَكَة دَمٌّ،
والضُّحْكَة أَذَمُّ، وقد أَضْحكني الأَمرُ وهم يَتَضاحكون، وقالوا: ضَحِكَ
الزَّهْرُ على المَثَل لأن الزَّهْر لا يَضْحَك حقيقة. والضَّاحِكَة: كل سِنٍّ
من مُقَدَّمِ الأضراس مما يَنْدُر عند الضحك. والضَّاحِكَة: السُِّّ
التي بين الأَنياب والأَضراس، وهي أَربع ضَواحِكَ. وفي الحديث: ما
أَوْضَحُوا بضاحِكة أَي ما تبسموا. والضَّواحِكُ: الأَسنان التي تظهر عند التبسم.
أَبو زيد: للرجل أَربع ثنايا وأَربع رَباعِيَات وأَربع ضَواحِك، والواحد
ضاحِك وثنتا عشرة رَحًى، وفي كل شِقٍّ ستٌّ: وهي الطَّواحين ثم
النَّواجِذ بعدها، وهي أَقصى الأَضراس. والضَّحِكُ: ظهور الثنايا من الفرح.
والضَّحْكُ: الــعَجَب وهو قريب مما تقدَّم. والضَّحْك:الثَّغر الأبيض.
والضَّحْك: العسل، شبه بالثَّغْر لشدة بياضه؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاء بِمَزْجٍ لم ير الناسُ مِثْلَهُ،
هو الضَّحْك، إلا أَنه عَمَلُ النَّحْلِ
وقيل: الضَّحْك هنا الشَّهْد، وقيل الزُّبْدُ، وقيل الثَّلْج.
والضَّحْكُ أَيضاً: طَلْعُ النَّخْل حين يَنْشَقُّ، وقال ثعلب: هو ما في جوف
الطَّلْعة. وضَحِكَتِ النخلةُ وأَضْحَكَتْ: أَخرجت الضَّحْكَ. أَبوعمرو:
الضَّحْكُ والضَّحَّاك وَلِيعُ الطَّلْعة الذي يؤكل. والضَّحْك: النَّوْرُ.
والضَّحْك: المَحَجَّة. وضَحِكَتِ المرأةُ: حاضت؛ وبه فسر بعضهم قوله
تعالى: فضَحِكَتْ فبشرناها بإسحق؛ وقد فسر على معنى الــعَجَب أَي عَجِبَــتْ من
فزع إبراهيم، عليه السلام. وروى الأزهري عن الفراء في تفسير هذه الآية:
لما قا ل رسول الله عز وجل لعبده ولخليله إبراهيم لا تخف ضَحِكتْ عند ذلك
امرأَته، وكانت قائمة عليهم وهو قاعد، فَضَحِكت فبُشرت بعد الضَّحِك
بإسحق، وإنما ضحكت سروراً بالأمن لأنها خافت كما خاف إبراهيم. وقال بعضهم: هذا
مقدَّم، ومؤخر المعنى فيه عندهم: فبشرناها بإسحق فضحكت بالبشارة؛ قال
الفراء: وهو ما يحتمله الكلام، والله أعلم بصوابه. قال الفراء: وأما قولهم
فضحكت حاضت فلم أسمعه من ثقة. قال أَبو عمرو: وسمعت أبا موسى الحامض يسأل
أبا العباس عن قوله فضحكت أي حاضت، وقال إنه قد جاء في التفسير، فقال:
ليس في كلام العرب والتفسير مسلم لأهل التفسير، فقال له فأنت أنشدتنا:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لقَتْلى هُذَيْلٍ،
وتَرى الذئبَ بها يَسْتَهِلّ
فقال أَبو العباس: تضحك ههنا تَكْشِرُ، وذلك أن الذئب ينازعها على
القتيل فتَكْشِر في وجهه وَعيداً فيتركها مع لحم القتيل ويمرّ؛ قال ابن سيده:
وضَحِكَت الأَرنبُ ضِحْكاً حاضت؛ قال:
وضِحْك الأَرانبِ فَوْقَ الصَّفا،
كمثلِ دَمِ الجَوْفِ يوم اللِّقا
يعني الحيضَ فيمازعم بعضهم؛ قال ابن الأَعرابي في قول تأبط شرّاً:
تضحك الضبع لقتلى هذيل
أَي أَن الضبع إذا أَكلت لحوم الناس أَو شربت دماءهم طَمِثَتْ، وقد
أَضْحكها الدمُ؛ قال الكُمَيْت:
وأَضْحَكَتِ الضِّباعَ سُيوفُ سَعْدٍ،
لقَتْلى ما دُفِنَّ ولا وُدِينا
وكان ابن دريد يردّ هذا ويقول: من شاهد الضِّباعَ عند حيضها فيعلم أَنها
تحيض؟ وإنما أَراد الشاعر أَنها تَكْشِرُ لأَكل اللحوم، وهذا سهو منه
فجعل كَشْرَها ضَحِكاً؛ وقيل: معناه أَنها تستبشر بالقتلى إذا أكلتهم
فيَهِرُّ بعضُها على بعض فجعل هَرِيرها ضَحِكاً لأن الضحك إنما يكون منه
كتسمية العنب خمراً، ويسْتَهِلُّ: يصيح ويَسْتَعْوِي الذئابَ. قال أَبو طالب:
وقال بعضهم في قوله فضحكت حاضت إن أَصله من ضَحَّاك الطَّلْعة
(* قوله
«من ضحاك الطلعة» كذا بالأصل، والإضافة بيانية لأن الضحاك، كشداد: طلع
النخلة إذا انشق عنه كمامه.) إذا انشقت؛ قال: وقال الأَخطل فهي بمعنى
الحيض:تَضْحَكُ الضَّبْعُ من دِماءِ سُلَيْمٍ،
إذ رَأَتْها على الحِداب تَمُورُ
وكان ابن عباس يقول: ضَحِكَتْ عَجِبَــت من فزع إبراهيم. وقال أَبو إسحق
في قوله عز وجل: وامْرأَته قائمةٌ فضَحِكَتْ؛ يروي أَنها ضحكت لأَنها كانت
قالت لإبراهيم اضْمُمْ لُوطاً ابن أَخيك إليك فإني أَعلم أنه سينزل
بهؤلاء القوم عذاب، فضحِكَتْ سُروراً لما أَتى الأمر على ما توهمت، قال: فأما
من قال في تفسير ضحكت حاضت فليس بشيء. وأَضْحَكَ حَوْضَه: ملأه حتى فاض،
وكأَنَّ المعنى قريبٌ بعضُه من بعض لأنه شيء يمتلئ ثم يفيض، وكذلك
الحيض. والضَّحُوكُ من الطُّرُق: ما وَضَح واستبان؛ قال:
على ضَحُوكِ النَّقْبِ مُجْرَهِدِّ
أَي مستقيم.والضَّاحِكُ: حجر أبيض يبدو في الجبل. والضَّحُوك: الطريق
الواسع. وطريق ضَحَّاك: مُسْتبين؛ وقال الفرزدق:
إذا هِيَ بالرَّكْبِ العِجالِ تَرَدَّفَتْ
نَحائزَ ضَحَّاكِ المَطالِعِ في نَقْبِ
نحائز الطرق: جَوادُّها. أَبو سعيد: ضَحِكاتُ القلوب من الأموال
والأَولاد خِيارُها تَضْحَك القلوب إليها. وضَحِكاتُ كل شيء: خِيارُه. ورأيٌ
ضاحِكُ ظاهر غير ملتبس. ويقال: إن رأيك ليُضاحِكُ المشكلات أَي تظهر عنده
المشكلات حتى تُعْرف. ويقال: القِرد يَضْحَك إذا صوّت. وبُرْقَةُ ضاحِكٍ:
في ديار تميم. ورَوْضة ضاحِك: بالصَّمَّان معروفة. والضَّحَّاك بن
عَدْنان: زعم ابن دَأبٍ المَدني أنه الذي ملك الأرض وهو الذي يقال له المُذْهَب،
وكانت أمه من الجن فلَحِقَ بالجن وسدا القرا
(* قوله «وسدا القرا» كذا
بالأصل بدون نقط، ولعله محرف عن وبيداء القرى أي ولحق ببيداء القرى)،
وتقول العجم: إنه لما عمل السحر وأظهر الفساد أخذ فشُدََّ في جبل
دُنْباوَنْدَ، ويقال: إن الذي شدَّه أفْرِيدون الذي كان مَسَح الدنيا فبلغت أربعة
وعشرين ألف فرسخ؛ قال الأزهري: وهذا كله باطل لا يؤمن بمثله إلا أحمق لا
عقل له.
هكر: الهَكْرُ: الــعَجَبُ، وقيل: الهَكْرُ أَشدُّ الــعجبِ.
هَكِرَ يَهْكَرُ هَكَراً وهِكْراً، فهو هَكِرٌ: اشتدَّ عَجَبُــه، مثال
عَشِقَ يَعشَقُ عِشْقاً وعَشَقاً؛ قال أَبو كَبِير الهذلي:
أَزُهَيْرُ، وَيْحَكِ لِلشَّبابِ المُدْبِرِ
والشَّيْبُ يَغْشَى الرأْسَ غَيْرَ المُقْصِرِ
فَقَدَ الشَّبابَ أَبوكِ إِلا ذِكْرَه،
فاعْجَبْ لذلك، رَيْبَ دَهْرٍ، واهْكَرِ
بدأَ بخطاب ابنته زهيرة ثم رجع فخاطب نفسه فقال: اعجب لذلك واهْكَر أَي
تــعجب أشدّ الــعجب. والهَكِرُ: المُتَــعَجِّبُ.
وفي حديث عمر والعجوز: أَقبلت من هَكْرانَ وكَوكَبٍ؛ هما جبلان معروفان
ببلاد العرب. وفيه مَهْكَرَة أَي عُجْبٌ.
والهَكُرُ والهَكِرُ: الناعِسُ. وقد هَكِرْتُ أَي نَعِسْتُ. وهَكِرَ
الرجلُ هَكَراً: سَكِرَ من النوم، وقيل: اشتد نومه، وقيل: هو أَن يعتريه
نُعاس فتسترخي عظامه ومفاصله. وتَهَكَّرَ: تَحَيَّرَ. وهَكْرٌ وهَكِرٌ:
موضع؛ قال امرؤ القيس:
لَدَى أَو كَبَعْضِ دُمى هَكِرْ
وقد يجوز أَن يكون أَراد دُمى هَكْرِ فنقل الحركة للوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: هذا البَكُرْ ومن البَكِرْ. قال الأَزهري: هَكِرٌ موضع أَو
دَيْرٌ، قال: أُراه رُومِيًّا، وأَنشد بيت امرئ القيس.
زها: الزَّهْوُ: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قال أَبو
المُثَلَّمِ الهذلي:
مَتى ما أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُو
كِ، أَجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ
ورجل مَزْهُُوٌّ بنفسه أَي مُــعْجَبٌ. وبفُلان زَهْوٌ
أَي كِبْرٌ؛ ولا يقال زَها. وزُهِيَ فُلانٌ فهو مَزْهُوٌّ
إذا أَُــعْجِبَ بنفسه وتَكَبَّر. قال ابن سيده: وقد زُهِيَ على لفظ ما لم
يُسَمَّ فاعلُه، جَزَمَ به أَبو زيد وأَحمد بن يحيى، وحكى ابن السكيت:
زُِهِيتُ وزَهَوْتُ. وللعرب أَحرف لا يتكلمون بها إلا على سبيل المَفْعول
به وإن كان بمعنى الفاعل مثل زُهِيَ الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ
الشاةُ والناقة وأَشباهها، فإذا أَمَرْت به قلت: لِتُزْهَ يا رجلُ، وكذلك
الأَمْر من كل فِعْل لم يُسمّ فاعله لأَنك إذا أَمَرْتَ منه فإنما تأْمر
في التحصيل غير الذي تُخاطِبه أَن يُوقِع به، وأَمْرُ الغائبِ لا يكون
إلا باللام كقولك ليَقُمْ زَيد، قال: وفيه لغة أُخرى حكاها ابن دريد زَها
يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر، ومنه قولهم: ما أَزْهاهُ، وليس هذا من
زُهِيَ لأَن ما لم يُسم فاعله لا يُتَــعَجَّبُ منه. قال الأَحمر النحوي يهجو
العُتْبِيَّ والفَيْضَ بن عبد الحميد:
لنا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ،
كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ
أَلَجُّ لجاجاً من الخُنْفُساءْ،
وأَزْهى، إذا ما مَشى، منْ غُرابْ
قال الجوهري: قلت لأَعرابي من بني سليم ما معنى زُهِيَ الرجلُ؟ قال:
أَُــعجِبَ بنفسِه، فقلت: أَتقول زَهى إذا افْتَخَر؟ قال: أَمّا نحن فلا نتكلم
به. وقال خالد بن جَنبة: زَها فلان إذا أُــعجب بنفسه. قال ابن الأَعرابي:
زَهاه الكِبْر ولا يقال زَها الرَّجل ولا أَزْهيتُه ولكنْ زَهَوْتُه.
وفي الحديث: من اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً على أَهْل الإسْلام فهي
عليه وِزْرٌ؛ الزُّهاء، بالمدّ، والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر. يقال:
زُهِيَ الرجل، فهو مَزْهُوٌّ، هكذا يتكلَّم به على سبيل المفعول وإن كان
بمعنى الفاعل. وفي الحديث: إنّ الله لا يَنْظر إلى العامل المَزْهُوِّ؛ ومنه
حديث عائشة، رضي الله عنها: إن جاريتي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه في البيت
أَي تَتَرَفَّعُ عنه ولا تَرْضاه، تعني درْعاً كان لها؛ وأَما ما أَنشده
ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
جَزَى اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ،
عن الفِتْيانِ، شَرّاً ما بَقِينا
يُوارِينَ الحِسانَ فلا نَراهُم،
ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا
فإنما حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ لأَنه قد حكي زَهَوْتُه، فلا معنى
ليَزْهَيْنَ لأَنه لم يجئ زَهَيْته، وهكذا أَنشد ثعلب ويَزْهُون. قال ابن
سيده: وقد وهم ابن الأَعرابي في الرواية، اللهم إلا أَن يكون زَهَيْتُه
لغة في زَهَوْتُه، قال: ولم تُرْوَ لنا عن أَحد. ومن كلامهم: هي أَزْهَى
مِن غُرابٍ، وفي المثل المعروفِ: زَهْوَ الغُرابِ، بالنصب، أَي زُهِيتَ
زَهْوَ الغرابِ: وقال ثعلب في النوادر: زُهِيَ الرجل وما أَزْهاهُ فوضَعُوا
التــعجب على صيغة المفعول، قال: وهذا شاذٌّ
إنما يَقع التــعجب من صيغة فِعْلِ الفاعل، قال: ولها نظائر قد حكاها
سيبويه وقال: رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ
وقوم إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ، ذهبوا إلى أَن الأَلف والنون زائدتان
كزيادتهما في إنْقَحْلٍ، وذلك إذا كانوا ذَوِي كِبْر. والزَّهْو: الكَذِب
والباطلُ؛ قال ابن أَحمر:
ولا تَقُولَنَّ زَهْواً ما تُخَبِّرُني،
لم يَتْرُكِ الشَّيْبُ لي زَهْواً، ولا العَوَرُ
(* قوله «ولا العور» أنشده في الصحاح: ولا الكبر، وقال في التكملة،
والرواية: ولا العور).
الزَّهْو: الكِبْرُ. والزَّهْوُ: الظُّلْمُ. والزَّهْو: الاسْتِخْفافُ:
وزَها فلاناً كلامُك زَِهْواً وازْدهاه فازْدَهَى: اسْتَخَفَّه فخفّ؛
ومنه قولهم: فلان لا يُزْدَهَى بخَديعَة. وازْدَهَيْت فلاناً أَي تَهاوَنْت
به. وازْدَهَى فلان فلاناً إذا اسْتَخَفَّه. وقال اليريدي: ازْدَهاهُ
وازْدَفاهُ رذا اسْتَخَفَّه. وزَهاهُ وازْدَهاهُ: اسْتَخَفَّه وتهاون به؛
قال عمر بن أَبي ربيعة:
فلما تَواقَفْنا وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ
وجُوهٌ، زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا
قال ابن بري ويروى:
ولما تَنَازَعْنا الحَديثَ وأَشْرَقَت
قال: ومثله قول الأَخطل:
يا قاتَلَ اللهُ وصْلَ الغانِيات، إذا
أَيْقَنَّ أَنَّك مِمَّنْ قد زَها الكِبَرُ
وازْدَهاهُ الطَّرَب والوَعيدُ: اسْتَخَفَّه. ورجل مُزْدَهىً: أَخَذَتْه
خِفَّةٌ من الزَّهْوِ أَو غيره. وازْدَهاهُ على الأَمْرِ: أَجْبَرَه.
وزَها السَّرابُ الشيءَ يَزْهاهُ: رَفَعَه، بالأَلف لا غير. والسراب يَزْهى
القُور والحُمُول: كأَنه يَرْفَعُها؛ وزَهَت الأَمْواجُ السفينة كذلك.
وزَهَت الريحُ أَي هَبَّت؛ قال عبيد:
ولَنِعْم أَيْسارُ الجَزورِ إذا زَهَتْ
رِيحُ الشِّتَا، وتَأَلَّفَ الجِيرانُ
وزَهَت الريحُ النباتَ تَزْهاهُ: هَزَّتْه غِبَّ النَّدَى؛ وأَنشد ابن
بري:
فأَرْسَلَها رَهْواً رِعالاً، كأَنَّها
جَرادٌ زَهَتْه رِيحُ نَجْدٍ فأَتْهَمَا
قال: رَهْواً هنا أَي سِرَاعاً، والرَّهْوُ من الأَضداد. وزَهَتْه:
ساقَتْه. والريحُ تَزْهَى النباتَ إذا هَزَّتْه بعد غِبِّ المَطَر؛ قال أَبو
النجم:
في أُقْحُوانٍ بَلَّهُ طَلُّ الضُّحَى،
ثُمَّ زَهَتْهُ ريحُ غَيمٍ فَازْدَهَى
قال الجوهري: ورُبَّما قالوا زَهَت الريحُ الشَّجَر تَزْهاه إذا
هَزَّتْه.
والزَّهْوُ: النَّبات الناضرُ والمَنْظَرُ الحَسَن. يقال: زُهي الشيءُ
لِعَيْنِكَ. والزَّهْوُ: نَوْرُ النَّبْتِ وزَهْرُهُ وإشْراقُه يكون
للْعَرَضِ والجَوْهَرِ. وزَها النَّبْتُ يَزْهَى زَهْواً وزُهُوّاً وزَهاءً
حَسُنَ. والزَّهْوُ: البُسْرُ المُلَوَّنُ، يقال: إذا ظَهَرت الحُمْرة
والصفرة في النَّخْل فقد ظَهَرَ فيه الزَّهْوُ. والزَّهْوُ والزُّهْوُ:
البُسْرُ
إذا ظَهَرَت فيه الحُمْرة، وقيل: إذا لَوَّنَ، واحدته زَهْوة؛ وقال أَبو
حنيفة: زُهْوٌ، وهي لغة أَهل الحجاز بالضَّمِّ جمعُ زَهْوٍ، كقولك
فَرَسٌ وَرْدٌ
وأَفراس وُرْدٌ، فأُجْرِيَ الاسم في التَّكْسير مُجْرَى الصفة. وأَزْهَى
النَّخْلُ وزَهَا زُهُوّاً: تلوَّن بِحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ. وروى أَنس من
مالك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى
يَزْهو، قيل لأَنس: وما زَهْوُه؟ قال: أَن يحمرّ أَو يصفر، وفي رواية ابن
عمر: نهَى عن بَيْع النَّخْلِ حتى يُزْهِيَ. ابن الأَعرابي: زَها النبتُ
يَزْهُو إذا نَبَت ثَمَرُه، وأَزْهَى يُزْهِي إذا احْمَرَّ أَو اصفر،
وقيل: هما بمعنى الاحمرار والاصفرار، ومنهم من أَنْكَر يَزْهو ومنهم مَن
أَنكر يُزْهي. وزَهَا النَّبْتُ: طالَ واكْتَهَلَ؛ وأَنشد:
أَرَى الحُبَّ يَزْهَى لِي سَلامَةَ، كالَّذِي
زَهَى الطلُّ نَوْراً واجَهَتْه المَشارِقُ
يريد: يزيدُها حسناً في عَيْني. أَبو الخطاب قال: لا يقال للنخل إلاَّ
يُزْهى، وهو أَن يَحْمَرَّ أَو يصفرّ، قال: ولا يقال يَزْهُو، والإزْهاءُ
أَنْ يَحْمَرَّ أَو يصفر. وقال الأَصمعي: إذا ظَهَرت فيه الحُمْرة قيل
أَزْهَى. ابن بُزُرج: قالوا زُها الدُّنْيا زِينَتُها وإيناقُها، قال:
ومثله في المعنى قولهم ورَهَجُها. وقال: ما لِرَأّْيِكَ بُذْمٌ
ولا فَرِيق
(* قوله «ولا فريق» هكذا في الأصل). أَي صَرِيمَة. وقالوا:
طَعامٌ طيِّبُ الخَلْف أَي طَيّب آخر الطعم. وقال خالد بن جنبة: زُهِيَ
لَنَا حَمْل النَّخْلِ فنَحْسِبُه أَكثَرَ ممّا هو. الأَصمعي: إذا ظَهَرتْ
في النَّخْل الحُمْرة قيل أَزْهَى يُزْهِي: ابن الأَعرابي: زَهَا البُسْر
وأَزْهَى وزَهَّى وشَقَّحَ وأَشْقَحَ وأَفْضَحَ لا غير. أَبو زيد: زَكا
الزرع وَزَها إذا نَما. خالد ابن جنبة: الزَّهْوُ من البُسْرِ حين يصفرّ
ويحمرُّ ويحل جَرْمُه، قال: وجَرْمه للشِّرَاء والبَيْع، قال: وأَحْسَنُ
ما يكون النخلُ إذ ذاك؛ الأَزهري: جَرْمه خَرْصُه للبيع. وزَها بالسيف:
لمَعَ به. وزَهَا السراجَ: أَضاءَه. وزَهَا هو نفسُه.
وزُهاءُ الشيءِ وزِهَاؤُه: قَدْرُه، يقال: هُمْ زُهَاءُ مائِةٍ وزِهاءُ
مِائةٍ أَي قدرها. وهُم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ أَي ذَوُو عَدَدٍ كثير؛
وأَنشد:
تَقَلَّدْتَ إبْريقاً، وعَلَّقْتَ جَعْبة
لِتُهْلِكَ حَيّاً ذَا زِهاءٍ وجَامِلِ
الإبريق: السيف، ويقال قوس فيها تلاميع. وزُهاءُ الشيء: شخصُه. وزَهَوْت
فلاناً بكذا أَزْهاهُ أَي حَزَرْته. وزَهَوْته بالخشبة: ضربتُه بها. وكم
زُهاؤُهم أَي قدرُهم وحزْرُهم؛ وأَنشد للعجاج؛
كأَنما زُهاؤُهم لمن جَهَرْ
وقولُهم: زُهاءُ مائَة أَي قدر مائةٍ. وفي حديث: قيل له كم كانوا؟ قال:
زُهاءَ ثلَثمائة أَي قدر ثلثمائة، من زَهَوْت القومَ إذا حَزَرْتَهم. وفي
الحديث: إذا سَمِعتم بناسٍ يأْتون من قِبَلِ المَشرق أولي زُهاءٍ
يَــعجَبُ الناس من زيِّهِمْ فقد أَظَلَّت الساعةُ؛ قوله أُُولي زُهاءٍ أُولي
عددٍ كثيرٍ. وزَهَوْتُ الشيءَ إذا خَرَصْتَه وعلِمتَ ما زُهاؤُه.
والزُّهاءُ: الشخصُ، واحده كجمعِه. ومنه قول بعض الرُّوَّاد: مَداحي سَيْل وزُهاءُ
ليل، يصف نباتاً أَي شخصُه كشخص الليل في سوادِه وكَثْرِته؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
دُهْماً كأَن الليلَ في زُهائِها
زُهاؤُها: شُخوصُها يصف نَخْلاً يعني أَن اجتماعها يُري شُخوصَها سوداً
كالليل. وزَهَتِ الإبلُ تَزْهو زَهْواً: شربَت الماءَ ثم سارت بعد
الوِرْد ليلةً أَو أَكثر ولم تَرْعَ حول الماء، وزَهَوْتُها أَنا زَهْواً،
يَتَعَدَّى ولا يتعدى. وزَهَتْ
زَهْواً: مرَّت في طلب المَرْعى بعد أَن شرِبت ولم تَرْعَ حول الماء؛
قال الشاعر:
وأَنتِ استعرتِ الظَّبيَ جيداً ومُقْلَةً،
من المُؤلِفات الزِّهْوَ، غيرِ الأَوارِك
وزَها المُرَوِّحُ المِرْوَحة وزَهَّاها إذا حَرَّكها؛ وقال مزاحمٌ يصف
ذنب البعير:
كمِرْوَحَةِ الدَّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّها،
بكَفِّ المُزَهِّي سَكْرَةَ الرِّيحِ عُودُها
فالمُزَهِّي: المُحَرِّك؛ يقول: هذه المروحة بكفِّ المُزَهِّي المحرِّك
لسُكونِ الريح. والزَاهيَةُ من الإبل: التي لا تَرْعى الحَمْض. قال ابن
الأَعرابي: الإبلُ إبلانِ: إبلٌ زاهِيَة زالَّة الأَحْناك لا تقرَب
العِضاهَ وهي الزَّواهي، وإبلٌ
عاضِهةٌ تَرْعى العِضاهَ وهي أَحْمَدُها وخيرها، وأَما الزَّاهِيَة
الزَّالَّةُ الأَحْناك فهي صاحبة الحَمْضِ ولا يُشْبِعها دُون الحَمْضِ شيء.
وزَهَتِ الشاةُ تَزْهُو زُهاءً وزُهُوّاً: أَضْرَعت ودَنا وِلادُها.
وأَزْهى النخلُ وزَها: طالَ، وزَها النبت: غَلا وعلا، وزَها الغلام: شَبَّ؛
هذه الثلاث عن ابن الأَعرابي.
قوب: القَوْبُ: أَن تُقَوِّبَ أَرْضاً أَو حُفْرةً شِـبْهَ التَّقْوير.
قُبْتُ الأَرضَ أَقُوبُها إِذا حَفَرْتَ فيها حُفْرة مُقَوَّرة، فانْقَابَتْ هي. ابن سيده: قابَ الأَرضَ قَوْباً، وقَوَّبَها تَقْويباً: حَفَر فيها شِـبْهَ التَّقْويرِ. وقد انْقَابَتْ، وتَقَوَّبَتْ، وتَقَوَّبَ من رأْسه مواضعُ أَي تَقَشَّرَ. والأَسْوَدُ الـمُتَقَوِّبُ: هو الذي سَلخَ جِلْدَه من الـحَيَّات.
الليث: الجَرَبُ يُقَوِّبُ جِلْدَ البعير، فتَرى فيه قُوباً قد انْجَرَدَتْ من الوَبَر، ولذلك سميت القُوَباءُ التي تَخْرُجُ في جلد الإِنسان،
فتُداوَى بالرِّيق؛ قال:
وهل تُدَاوَى القُوَبا بالرِّيقَهْ
وقال الفراء: القُوباء تؤَنث، وتذكر، وتُحرَّك، وتسكَّن، فيقال: هذه قُوَباءُ، فلا تصرف في معرفة ولا نكرة، وتلحق بباب فُقَهاءَ، وهو نادر.
وتقول في التخفيف: هذه قُوباءُ، فلا تصرف في المعرفة، وتصرف في النكرة.
وتقول: هذه قُوباءٌ، تَنْصَرِفُ في المعرفة والنكرة، وتُلْحقُ بباب طُومارٍ؛ وأَنشد:
به عَرَصاتُ الـحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَه، * وجَرَّدَ، أَثْباجَ الجَراثِـيم، حاطِـبُه
قَوَّبْنَ مَتْنَه أَي أَثـَّرْنَ فيه بمَوْطئِهم ومَحَلِّهم؛ قال العجاج:
من عَرَصاتِ الـحَيِّ أَمْسَتْ قُوبا
أَي أَمْسَتْ مُقَوَّبة.
وتَقَوَّبَ جِلْدُه: تَقَلَّعَ عنه الجَرَبُ، وانْحَلَق عنه الشَّعَرُ، وهي القُوبةُ والقُوَبةُ والقُوباءُ والقُوَباءُ. وقال ابن الأَعرابي: القُوباء واحدةُ القُوبةِ والقُوَبةِ؛ قال ابن سيده: ولا أَدْري كيف هذا؟ لأَن فُعْلَة وفُعَلَةً لا يكونان جمعاً لفُعْلاء، ولا هما من أَبنية الجمع، قال: والقُوَبُ جمع قُوبةٍ وقُوَبة؛ قال: وهذا بَيِّن، لأَن فُعَلاً جمع لفُعْلة وفُعَلَةٍ.
والقُوباءُ والقُوَباءُ: الذي يَظْهَر في الجسد ويخرُج عليه، وهو داءٌ
معروف، يَتَقَشَّر ويتسعُ، يعالج ويُدَاوى بالريق؛ وهي مؤَنثة لا تنصرف، وجمعها قُوَبٌ؛ وقال ابن قَنَانٍ الراجز:
يا عَجَبَــا لهذه الفَلِـيقَهْ !
هَلْ تَغْلِـبَنَّ القُوَباءُ الريقَهْ؟
الفليقةُ: الداهية. ويروى: يا عَجَبــاً، بالتنوين، على تأْويل يا قوم
اعْجَبُــوا عَجَبــاً؛ وإِن شئتَ جعلته مُنادى منكوراً، ويروى: يا عَجَبَــا، بغير تنوين، يريد يا عَجَبـــي، فأَبدَل من الياءِ أَلِفاً؛ عل حدّ قول الآخر:
يا ابْنَةَ عَمَّا لا تَلُومي واهْجَعِـي
ومعنى رجز ابن قَنانٍ: أَنه تَــعَجَّبَ من هذا الـحُزاز الخَبيث، كيف
يُزيلُه الريقُ، ويقال: إِنه مختص بريق الصائِم، أَو الجائِع؛ وقد تُسَكَّنُ الواو منها استثقالاً للحركة على الواو، فإِن سكنتها، ذَكَّرْتَ وصَرَفْتَ، والياء فيه للإِلحاق بقِرْطاس، والهمزة مُنْقلبة منها. قال ابن السكيت: وليس في الكلام فُعْلاء، مضمومة الفاء ساكنة العين، ممدودةَ الآخر، إِلاَّ الخُشَّاءَ وهو العظمُ الناتئ وراء الأُذن وقُوباءَ؛ قال: والأَصل فيهما تحريك العين، خُشَشَاءُ وقَوَباءُ. قال الجوهري: والـمُزَّاءُ عندي مثلُهما (1)
(1 قوله «والمزاء عندي مثلهما إلخ» تصرف في المزاء في بابه تصرفاً آخر فارجع اليه.) ؛ فمن قال: قُوَباء، بالتحريك، قال في تصغيره: قُوَيْباء، ومن سَكَّنَ، قال: قُوَيْبـيٌّ؛ وأَما قول رؤبة:
من ساحرٍ يُلْقي الـحَصى في الأَكْوابْ، * بنُشْرَةٍ أَثـَّارةٍ كالأَقْوابْ
فإِنه جمع قُوباءَ، على اعتِقادِ حذف الزيادة ،على أَقوابٍ. الأَزهري: قابَ الرجلُ: تَقَوَّب جِلْدُه، وقابَ يَقُوبُ قَوْباً إِذا هَرَبَ. وقابَ الرجل إِذا قَرُبَ. وتقول: بينهما قابُ قَوْسٍ، وقِـيبُ قَوْسٍ، وقادُ قَوْسٍ، وقِـيدُ قَوس أَي قَدْرُ قَوْسٍ. والقابُ: ما بين الـمَقْبِضِ
والسِّـيَة. ولكل قَوْس قابانِ، وهما ما بين الـمَقْبِضِ والسِّـيَةِ. وقال
بعضهم في قوله عز وجل: فكان قابَ قَوْسَيْن؛ أَراد قابَيْ قوْس، فَقَلَبَه.
وقيل: قابَ قَوْسَيْن، طُولَ قَوْسَين. الفراء: قابَ قَوْسَين أَي قَدْرَ قَوْسين، عربيتين. وفي الحديث: لَقابُ قَوسِ أَحدكم، أَو موضعُ قِدِّه من الجنة، خيرٌ من الدنيا وما فيها. قال ابن الأَثير: القابُ والقِـيبُ بمعنى القَدْرِ، وعينُها واو مِن قولهم: قَوَّبوا في الأَرض أَي أَثـَّروا فيها بوَطْئِهم، وجعَلوا في مَساقيها علامات.
وقَوَّبَ الشيءَ: قَلَعَه من أَصله. وتَقَوَّبَ الشيءُ إِذا انْقَلَعَ من أَصله.
وقابَ الطائرُ بيضَتَه أَي فَلَقَها، فانْقابت البيضةُ؛ وتَقَوَّبَتْ
بمعنًى.
والقائبةُ والقابَةُ: البَيْضة. والقُوبُ، بالضم: الفَرْخُ.
والقُوبِـيُّ: الـمُولَعُ بأَكل الأَقْوابِ، وهي الفِراخُ؛ وأَنشد:
لـهُنَّ وللـمَشِـيبِ ومَنْ عَلاهُ، * من الأَمْثالِ، قائِـبَةٌ وقُوبُ
مَثَّلَ هَرَبَ النساءِ من الشيوخ بهَرَبِ القُوبِ، وهو الفَرْخُ، من
القائبةِ، وهي البَيْضة، فيقول: لا تَرْجِـعُ الـحَسْناءُ إِلى الشيخ، كما
لا يَرْجِـعُ الفرخُ إِلى البيضة. وفي المثل: تَخَلَّصَتْ قائبةٌ من
قُوبٍ، يُضْرَبُ مثلاً للرجل إِذا انْفَصَلَ من صاحبه. قال أَعرابي من بني أَسَدٍ لتاجرٍ اسْتَخْفَره: إِذا بَلَغْتُ بك مكان كذا، فَبَرِئَتْ
قائِـبةٌ من قُوبٍ أَي أَنا بريءٌ من خِـُفارَتِكَ. وتَقَوَّبَتِ البيضةُ إِذا
تَفَلَّقَتْ عن فَرْخها.
يقال: انْقَضَتْ قائبةٌ من قُوبِها، وانْقَضَى قُوبِـيٌّ من قاوِبَةٍ؛
معناه: أَن الفَرْخ إِذا فارقَ بيضَتَه، لم يَعُدْ إِليها؛ وقال:
فقائِـبةٌ ما نَحْنُ يوماً، وأَنْتُمُ، * بَني مالكٍ، إِن لم تَفيئوا وقُوبُها
يُعاتِـبُهم على تَحَوُّلِهم بنسَبهم إِلى اليمن؛ يقول: إِن لم ترجعوا
إِلى نسبكم، لم تعودوا إِليه أَبداً. فكانت ثلْبةَ ما بيننا وبينكم.
وسُمِّيَ الفَرْخُ قُوباً لانقِـيابِ البيضةِ عنه.
شمر: قِـيبَتِ البيضةُ، فهي مَقُوبة إِذا خَرَجَ فرْخُها.
ويقال: قَابَةٌ وقُوبٌ، بمعنى قائبةٍ وقُوبٍ. وقال ابن هانئ: القُوَبُ
قُشْوُرُ البيض؛ قال الكميت يصِف بيضَ النَّعامِ:
على تَوائِم أَصْغَى من أَجِنَّتِها، * إِلى وَساوِس، عنها قابتِ القُوَبُ
قال: القُوَبُ: قشور البيض. أَصْغَى من أَجنتها، يقول: لما تحرَّك الولد في البيض، تَسَمَّع إِلى وسْواس؛ جَعَلَ تلك الحركة وسوسةً. قال: وقابَتْ تَفَلَّقَت. والقُوبُ: البَيْضُ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، أَنه نهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إِلى الحج، وقال: إِنكم إِن اعتمرتم في أَشهر الحج، رأَيتموها مُجْزئةً من حجكم، فَفَرَغَ حَجكم، وكانت قائِـبةً من قُوبٍ؛ ضرب هذا مثلاً لخَلاء مكة من المعتمرين سائر السنة. والمعنى: أَن الفرخ إِذا فارق بيضته لم يعد إِليها، وكذا إِذا اعْتَمروا في أَشهر الحج، لم يعودوا إِلى مكة.
ويقال: قُبْتُ البَيْضة أَقُوبُها قَوْباً، فانْقابَتِ انقِـياباً. قال الأَزهري: وقيل للبيضة قائِـبةٌ، وهي مَقُوبة، أَراد أَنها ذاتُ فَرْخٍ؛ ويقال لها قاوِبةٌ إِذا خَرَجَ منها الفَرْخُ، والفرخُ الخارج يقال له: قُوبٌ وقُوبيّ؛ قال الكميت:
وأَفْرَخَ منْ بيضِ الأَنوقِ مَقُوبُها
ويقال: انْقابَ المكانُ، وتَقَوَّبَ إِذا جُرِّدَ فيه مواضعُ من الشجر
والكلإِ.
ورجل مَليءٌ قُوَبَةٌ، مثل هُمَزة: ثابتُ الدارِ مُقِـيمٌ؛ يقال ذلك للذي لا يبرح من المنزل. وقَوِبَ من الغُبار أَي اغْبرَّ؛ عن ثعلب.
والـمُقَوَّبةُ من الأَرضين: التي يُصِـيبُها المطرُ فيبقَى في أَماكِنَ
منها شجرٌ كان بها قديماً؛ حكاه أَبو حنيفة.