بكسر أوله، والباقي مثل الذي قبله، كأنه واحدة الــطيب: اسم من أسماء زمزم. والــطيبــة أيضا: قرية كانت قرب زرود.
بكسر أوله، والباقي مثل الذي قبله، كأنه واحدة الــطيب: اسم من أسماء زمزم. والــطيبــة أيضا: قرية كانت قرب زرود.
حمم: قوله تعالى: حم؛ الأزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال
آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: وعليه العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ:
السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال: قال حاميم
اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال
الزجاج: والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود: آل
حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ
السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،
نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال الجوهري: وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو
عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد:
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم
لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قال: وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد
بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وفي حديث الجهاد: إذا
بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير: قيل معناه اللهم لا
يُنْصَرُون، قال: ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا
يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل: إن السُّوَر التي
أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ
به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين
قال قولوا حاميم، قيل: ماذا يكون إذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أبو
حاتم: قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال: والصواب ذَواتُ طس
وذَواتُ حم وذواتُ أَلم.
وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ. وحُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما
أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي
وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني
فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيده: والتقدير عندي للِقائي
فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي. وحَمَّ
اللهُ له كذا وأَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ
أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري
لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ
وقال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي
قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً،
وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ
أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه: ما قُدِّرَ وقُضِيَ. يقال:
عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق،
والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومَ حَمٌّ لميعادها
أي قَدَرٌ، ويروى: هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له. ونزل به
حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَّمَ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر
يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ
وقال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: ويقال حَمَمْتُ ارتحال
البعير أي عجلته. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دنا وحضر؛ قال
زهير:وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو
معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم: وأَجَمَّتْ. وقال الأَصمعي:
أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير:
وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء: أَحَمَّتْ
في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ
الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه
كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من
حاجة. وقال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا
الكسائي: أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت
للبَيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ،
أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وقال: وكلهم يرويه بالحاء. وقال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال:
ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً،
وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال
الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ
فهو قُدِّرَ. وفي حديث أبي بكر: أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إنا
جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال
ابن الأثير: وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا
قرب دنا.
والحَمِيمُ: القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد
والجمع والمؤنث بلفظ واحد. والمْحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني.
واحْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له
كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،
كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ
ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها
يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً،
وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام. واحْتَمَّتْ عيني:
أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك،
وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن
ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ
أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا
الأمر أي ثابت عليه. واحْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. وهو من حُمَّةِ نفسي أي من
حُبَّتها، وقيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري: فلان حُمَّةُ نفسي
وحُبَّة نفسي.
والحامَّةُ: العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده. يقال:
كيف الحامَّةُ والعامة؟ قال الليث: والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه
ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال: هؤلاء
حامَّتُه أي أَقرِباؤه. وفي الحديث: اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي
أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان: خاصتُه ومن يقرب
منه؛ ومنه الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وقال الفراء في قوله
تعالى: ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم
يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك
الذي تهتم لأمره.
وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشيء: معظمه. وفي حديث عمر: إذا التقى الزَّحْفانِ وعند حُمَّةِ
النَّهْضات أي شدتها ومعظمها. وحُمَّةُ كل شيء: معظمه؛ قال ابن الأَثير:
وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّة ِ السِّنان.، وهي حِدَّتُه.
وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا،
حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ
الأزهري: ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود
بمعنى واحد. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. وشربتُ البارحة
حَميمةً أي ماء سخناً.
والمِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. ويقال: اشربْ
على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء
حارّ. والحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا.
وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ
إذا سُخِّنَ. وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. وكل ما سُخِّنَ فقد
حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما
فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما
يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا
يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء
الحارُّ، قال: والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده:
وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ
الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف. وفي الحديث
أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ.
الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري
لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا
بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى
بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا
تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف
حَمّاماً وهو قوله:
فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،
لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ
قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه
العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ
والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً
حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن
الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ
فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري: فالحَميم عند ابن الأعرابي من
الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت
المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ
ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم
وحكى شمر عن ابن الأعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان
جمراً تتبخر به.
والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن
دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ
والمَرْضَى. وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ
ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي
أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون. وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ
زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام. واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء
الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار. والاستِحْمامُ: الاغتسال
بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء
كان. وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي
يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو
كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه
الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله
عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف
الإبل:فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،
وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها
فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده.
والحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال
الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم
رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ
وقال ابن سيده: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ.
والحَمِيمُ: القَيْظ. والحميم: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ،
وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم
قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ،
إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به
الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا
دُعِيَ له بــطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يــطيب عرقُه.
الأزهري: يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب
عَرَقُك.والحُمَّى والحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما
حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ: أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله
وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن
سيده: ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من
أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ
جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم
الحُمَّى؛ قال ابن سيده: وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى
والرُّجْعَى.والمَحَمَّةُ: أرض ذات حُمَّى. وأرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، وقيل:
ذات حُمَّى. وفي حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات
حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب. قال ابن سيده:
وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من
القياس أَن يقال، وقد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه
الآكلُ، وقيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا
كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات
حُمِّى كثيرة.
والحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه
الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة.
الأزهري عن ابن شميل: الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما
الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع
الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد
تقدم في بابه. ويقال: أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ
الناس.والحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛
قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ
وقيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء،
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء
الأصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ،
واحدتها حَمَّة، قال: وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال
الأزهري: والصحيح ما قال الأصمعي، قال: وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام
البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من
الألية بعد الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أذبتها. وحَمَّ الشحمةَ
يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها
يقول: تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. ويقال: خُذْ أَخاك
بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام.
والحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء،
والاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ
وقال الأَعشى:
فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ
فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ
وقال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ
أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأصمعي: وفي الكُمْتة لونان: يكون الفرس
كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً
وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده: والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة
والكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل
شيء. وفي حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل: الأَحَمّ
الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى
وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال
أبو كبير الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم
(* قوله «كحناء ظهر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: كجآء).
وقال حسان بن ثابت:
وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له،
من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
والاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ،
في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ
عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من
السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها.
والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري:
الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ.
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ،
بالكسر، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ:
الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من
النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل
حُمَمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِن رجلاً أَوصى
بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا
صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال
طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. ويقال أَيضاً:
حَمَّ الماءُ
أَي صار حارّاً. وحَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ.
وفي حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ
بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ.
وفي حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ
لَونه. وجارية حُمَمَةٌ: سوداء. واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛
أَنشد سيبويه:
وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو
الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قال ابن سيده: اليَحْمومُ الدخانُ. وقوله تعالى: وظِلٍّ من يَحْمومٍ،
عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول
قوله عز وجل: لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه
موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل: اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار،
قال الليث: واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان
للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ
وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد:
والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ،
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود من كل شيء. قال ابن سيده: وتسميته بالَيحْمومِ
تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون
من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس
أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ. والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة
حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. ونبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. وحَمَّمَ الفرخُ:
طلَع ريشُه، وقيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده: وحَمَّمَ
الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ
رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى
أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات
ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره
بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر
سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته.
وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشيء بعد الطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما
هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما
هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ
حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قليل
وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً،
وكان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري: قال
سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة.
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته
فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق،
وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في
معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل.
وثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ
المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ
وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام. ابن سيده: الحَمام من الطير البَرّيُّ
الذي لا يأْلَف البيوت، قال: وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال
الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: وأَما الحمام فكلُّ ما كان
ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع
على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال
للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا
فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول
العَجَّاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،
والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا
الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما
الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس
واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت،
وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. وروى
الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها
القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة،
آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما
عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية
والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم
يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. والهَدير: صوت الحمام كله، وجمعُ
الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول
الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا
وقال جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قال الجوهري: والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت
والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند
العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ
الهلالي:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة ههنا: قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة:
واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
(* وفي رواية أخرى: سِراعٍ)
هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قال: والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما
اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي،
وكان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛
قال ابن الأَثير: وفي حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ
والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛
قال: وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره.
وحُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري: وسنذكره
في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ،
وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً. والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛
قال:إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها
والحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:
يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ،
من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري
للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ
والحَمامة: خِيار المال. والحَمامة: سَعْدانة البعير. والحَمامة: ساحة
القصر النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة
الجميلة. والحمامة: حَلْقة الباب. والحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ.
والحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر
بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده: وهو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ
حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. وحَمَّةُ
وحُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض
الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة،
والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال،
وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً
كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير. وحَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو
طَريفَ بن عمرو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام
السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال
الشاعر:أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فقال:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء. وحِمَّانُ: حَيٌّ من
تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: وحَمَّانُ،
بالفتح، اسم رجل
(* قوله «وحمان بالفتح اسم رجل» قال في التكملة:؛ المشهور فيه
كسر الحاء). وحَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن
الأَعرابي، قال: وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد،
وليس بشيء. وقالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه: مالك
بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر.
والحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير
(* قوله «عند الشعير» أي عند
طلبه، أفاده شارح القاموس). وقد حَمْحَمَ، وقيل: الحَمْحَمة
والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث:
الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ
الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ
حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى
صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. وفي الحديث: لا يجيء أَحدُكم يوم
القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ. الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا
نَبَّ وأَراد السِّفادَ.
والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم
والخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء
المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قال ابن بري: وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه
حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. وقال مرة:
الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم. وقال مرة:
الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع.
والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع
أَعرابّياً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا:
حَمْحامِ.
واليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. واليَحاميمُ: الجبال السود.
رسم: الرَّسْمُ: الأَثَرُ، وقيل: بَقِيَّةُ الأَثَر، وقيل: هو ما ليس له
شخص من الآثار، وقيل: هو ما لَصِقَ بالأَرض منها. ورَسْمُ الدار: ما كان
من آثارها لاصقاً بالأرض، والجمع أَرْسُمٌ ورُسومٌ. ورَسَمَ الغيث
الدار: عَفّاها وأَبقى فيها أثراً لاصقاً بالأرض؛ قال الحُطَيئَةُ:
أَمِنْ رَسْم دارٍ مُرْبِعٌ ومُصِيفُ،
لعَينيك من ماءِ الشُّؤُون وكِيفُ؟
رفع مُرْبِعاً بالمصدر الذي هو رَسْمٌ، أراد: أمن أن رَسَمَ مُرْبِعٌ
ومُصيفٌ داراً.
وتَرَسَّمَ الرَّسْمَ: نظر إليه. وتَرَسَّمْتُ أي نظرت إلى رُسُوم
الدار. وتَرَسَّمْتُ المنزل: تأملت رَسْمَهُ وتَفَرَّسْتُهُ؛ قال ذو
الرمة:أَأَنْ تَرَسَّمْتَ من خَرْقاء مَنْزِلَةً
ماءُ الصَّبابةِ، من عَيْنَيْك، مَسْجُومُ؟
وكذلك إذا نظرت وتفرسْت أين تحفر أو تبني؛ وقال:
الله أَسْقاك بآل الجَبّار
تَرَسُّم الشيخ وضَرْب المِنْقار
والرَّوْسَمُ: كالرَّسْمِ؛ وأنشد ابن بري للأَخْطل:
أَتَعْرِفُ من أَسْماءَ بالجُدِّ رَوْسَما
مُحِيلاً، ونُؤْياً دارِساً مُتَهَدِّما؟
والرَّوْسَمُ: خشبة فيها كتاب منقوش يُخْتَمُ بها الطعامُ، وهو بالشين
المعجمة أَيضاً. ويقال: الرَّوْسَمُ شيء تجلى به الدنانير؛ قال كثيِّر:
من النَّفَرِ البِيضِ الذين وُجُوهُهُمْ
دَنانيرُ شِيفَتْ، من هِرَقْلٍ، برَوْسَمِ
ابن سيده: الرَّوْسَمْ الطابَعُ، والشين لغة، قال: وخص بعضهم به
الطابَعَ الذي يُطْبَعُ به رأَس الخابية، وقد جاء في الشعر: قُرْحة برَوْسَمِ أي
بوجه الفرس. وإن عليه لرَوْسَماً أي علامة حسنٍ أو قُبح؛ قاله خالد بن
جبلة، والجمع الرَّواسِمُ والرَّواسِيمُ؛ قال أبو تراب: سمعت عَرَّاماً
يقول هو الرَّسْمُ والرَّشْمُ للأَثر. ورَسَمَ على كذا ورَشَمَ إذا كتب.
وقال أبو عمرو: يقال للذي يطبع به رَوْسَمٌ ورَوْشَمٌ وراسُوم وراشُوم مثل
رَوْسَمِ الأَكْداسِ ورَوْسَم الأَمير؛ قال ذو الرمة:
ودِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها،
كأنها بالهِدَمْلاتِ الرَّواسِيمُ
والرَّواسيم: كُتب كانت في الجاهلية، والهِدَمْلاتُ: رِمال معروفة
بناحية الدَّهناء؛ وناقة رَسُومٌ.
وثوب مُرَسَّمٌ، بالتشديد: مخطَّط؛ وفي حديث زَمْزَمَ: فرُسِّمَتْ
بالقَباطِيّ والمَطارِف حتى نزحوها أي حشوها حشواً بالغاً، كأَنه مأْخوذ من
الثياب المُرَسَّمَةِ، وهي المخططة خطوطاً خَفِيَّة.
ورَسَمَ في الأرض: غاب. والرَّاسِمُ: الماء الجاري. وناقة رَسُومٌ: تؤثر
في الأرض من شدة الوطء. ورَسَمَتِ الناقة تَرْسِمُ رَسِيماً: أَثَّرَتْ
في الأرض من شدة وطئها، وأَرْسَمْتها أنا؛ فأما قول الهذلي:
والمُرْسِمون إلى عبد العَزيز بها
مَعاً وشَتَّى، ومن شَفْعٍ وفُرَّادِ
إنما أراد المُرْسموها فزاد الباء وفصل بها بين الفعل ومفعوله.
والرَّسْمُ: الركِيّةُ تدفنها الأرض، والجمع رِسامٌ.
وارْتَسَم الرجل: كَبَّرَ ودعا. والارْتِسامُ: التكبير والتَّعَوُّذ؛
قال القطامي:
في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحبُهُ،
إذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارْتَسَما
وقال الأعشى:
وقابَلَها الريحُ في دَنِّها،
وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ
قال أبو حنيفة: ارْتَسَمَ ختم إناءَها الرَّوْسَمِ، قال: وليس بقوي.
والرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الداهية. والرَّسِيمُ من سير الإبل: فوق
الذَّميل، وقد رَسَمَ يَرْسِمُ، بالكسر، رَسِيماً، ولا يقال أَرْسَمَ؛ وقول
حُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:
أَجَدَّتْ برِجْلَيْها النَّجاءَ وكَلَّفَتْ
بعيرَيْ غلامَيَّ الرَّسِيمَ، فأَرْسَما
وفي رواية
(* قوله «وفي رواية كلفت إلخ» كذا هو بالأصل ولعله غلامي
بعيري).
. . . . كَلَّفَتْ
غلامي الرَّسِيم فأَرسما
قال أبو حاتم: إنما أراد أَرسم الغلامان بعيريهما ولم يرد أَرْسَمَ
البعيرُ.
والرَّسُومُ: الذي يبقى على السير يوماً وليلة. وفي الحديث: لما بلغ
كُراع الغَمِيم إذا الناسُ يَرْسِمُونَ نحوه أي يذهبون إليه سراعاً،
والرَّسِيمُ: ضرب من السير سريع مؤثر في الأرض. والرَّسَمُ: حُسْن المشي.
ورَسَمْتُ له كذا فارْتَسَمَه إذا امتَثله. وراسِمٌ: اسم.
نزع: نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فهو مَنْزُوعٌ ونزِيعٌ،
وانْتَزَعَه فانْتَزعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ، وفرّق سيبويه بين نَزَعَ
وانْتَزَعَ فقال: انْتَزَعَ اسْتَلَبَ، ونزَع: حوّل الشيء عن موضعه وإِن كان على
نحو الاسْتِلاب. وانْتَزَعَ الرمحَ: اقْتَلَعَه ثم حَمل. وانتزَع الشيءُ:
انقلَع. ونزَع الأَمِيرُ العامِلَ عن عمله: أَزالَه، وهو على المثَل
لأَنه إِذا أَزالَه فقد اقْتَلَعَه وأَزالَه. وقولهم فلان في النزْعِ أَي في
قَلْعِ الحياةِ. يقال: فلان يَنْزِعُ نَزْعاً إِذا كان في السِّياقِ عند
الموْتِ، وكذلك هو يَسُوقُ سَوْقاً، وقوله تعالى: والنازِعاتِ غَرْقاً
والناشِطاتِ نَشْطاً؛ قال الفراء: تَنْزِعُ الأَنْفُس من صدورِ الكفَّارِ
كما يُغْرِقُ النازِعُ في القوْسِ إِذا جَذَبَ الوَتَرَ، وقيل في
التفسير: يعين به الملائكةَ تَنْزِعُ رُوحَ الكافر وتَنْشِطُه فيَشْتَدُّ عليه
أَمرُ خروجِ رُوحِه، وقيل: النازعاتُ غَرْقاً القِسِيُّ، والناشِطاتُ
نَشْطاً الأَوْهاقُ، وقيل: النازعاتُ والناشطاتُ النجومُ تَنْزِعُ من مكان
إِلى مكان وتَنْشِطُ.
والمِنْزَعةُ، بكسر الميم: خشبة عريضة نحو المِلْعَقةِ تكون مع مُشْتارِ
العَسلِ يَنْزِعُ بها النحْلَ اللَّواصِقَ بالشهْدِ، وتسمى المِحْبَضَ.
ونزَع عن الصبي والأَمر يَنْزِعُ نُزُوعاً: كَفَّ وانْتَهَى، وربما
قالوا نَزْعاً. ونازَعَتْنِي نفسي إِلى هَواها نِزاعاً: غالَبَتْنِي.
ونَزَعْتُها أَنا: غَلَبْتُها. ويقال للإِنسان إِذا هَوِيَ شيئاً ونازَعَتْه
نفسُه إِليه: هو يَنْزِعُ إِليه نِزاعاً. ونزَع الدلْوَ من البئر يَنْزِعُها
نزْعاً ونزَع بها، كلاهما: جَذَبَها بغير قامة وأَخرجها؛ أَنشد ثعلب:
قد أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ،
تُوزِغُ من مَلْءٍ كَإِيزاغِ الفَرَسْ
تَقَطِّيها: خروجُها قليلاً قليلاً بغير قامة، وأَصل النزع الجَذْبُ
والقَلْعُ، ومنه نَزْعُ الميتِ رُوحه. ونزَع القوْسَ إِذا جذَبَها. وبئرٌ
نَزُوعٌ ونَزِيعٌ: قريبة القَعْرِ تُنْزَعُ دِلاؤُها بالأَيْدِي نَزْعاً
لقربها، ونَزوعٌ هنا للمفعول مثل رَكُوبٍ، والجمع نِزاعٌ. وفي الحديث:
أَنه،صلى الله عليه وسلم، قال: رأَيْتُنِي أَنْزِعُ على قلِيبٍ؛ معناه
رأَيْتُنِي في المنامِ أَستَقِي بيدِي من قليب، يقال: نزَع بيده إِذا استقى
بدَلْوٍ عُلِّقَ فيها الرِّشاءُ. وجَمل نَزُوعٌ: يُنْزَعُ عليه الماءُ من
البئر وحده. والمَنْزَعةُ: رزْسُ البئر الذي يُنْزَعُ عليه؛ قال:
يا عَيْنُ بَكّي عامراً يومَ النَّهَلْ،
عند العشاءِ والرِّشاءِ والعَمَلْ،
قامَ على مَنْزَعةٍ زَلْجٍ فَزَلْ
وقال ابن الأَعرابي: هي صخرةٌ تكون على رأْسِ البئر يقوم عليها الساقي،
والعُقابانِ من جَنْبَتَيْها تُعَضِّدانِها، وهي التي تُسَمَّى
القِبيلةَ. وفلان قريب المَنْزَعةِ أَي قريب الهِمّةِ. ابن السكيت: وانْتِزاعُ
النّيّةِ بُعْدُها؛ ومنه نَزَعَ الإِنسانُ إِلى أَهله والبعيرُ إِلى وطَنِه
يَنْزِعُ نِزاعاً ونُزُوعاً: حَنَّ واشتاقَ، وهو نَزُوعٌ، والجمع نُزُعٌ،
وناقة نازِعٌ إِلى وطنِها بغير هاء، والجمع نَوازِعُ، وهي النّزائِعُ،
واحدتها نَزِيعةٌ. وجَمل نازِعٌ ونَزُوعٌ ونَزِيعٌ؛ قال جميل:
فقلتُ لَهُمْ: لا تَعْذِلُونِيَ وانْظُرُوا
إِلى النازِعِ المَقْصُورِ كيفَ يكون؟
وأَنْزَعَ القومُ فهم مُنْزِعُون: نَزَعَتْ إِبلهم إِلى أَوطانِها؛ قال:
فقد أَهافُوا زَعَمُوا وأَنْزَعُوا
أَهافُوا: عَطِشَتْ إِبلهم والنَّزِيعُ والنازعُ: الغريب، وهو أَيضاً
البعيد. والنَّزِيعُ: الذي أُمُّه سَبيَّةٌ؛ قال المرّارُ:
عَقَلْت نِساءَهُم فِينا حدِيثاً،
ضَنِينَ المالِ، والوَلَدَ النَّزِيعا
ونُزّاعُ القَبائِلِ: غُرَباؤُهم الذين يُجاوِرُون قَبائِلَ ليسوا منهم،
الواحد نَزِيعٌ ونازعٌ. والنَّزائِعُ والنُّزّاعُ: الغُرَباءُ، وفي
الحديث: طُوبَى للغُرَباء قيل: مَنْ هُم يا رسولَ اللهِ؟ قال: النُّزّاعُ من
القبائِلِ؛ هو الذي نزَع عن أَهله وعشِيرَتِه أَي بَعُدَ وغابَ، وقيل:
لأَنه نزَع إِلى وطنه أَي يَنْجَذِبُ ويميلُ، والمراد الأَوّل أَي طوبى
للمهاجرين الذين هجَروا أَوطانَهم في الله تعالى. ونزَع إِلى عِرْقٍ كريم أَو
لُؤْم يَنْزِعُ نُزُوعاً ونزَعَت به أَعراقُه ونَزَعَتْه ونَزَعها ونزَع
إِليها، قال: ونزَع شَبَهَه عِرْقٌ، وفي حديث القَذْفِ: إِنما هو عِرْقٌ
نزَعَه. والنَّزِيعُ: الشريفُ من القوم الذي نزَع إِلى عِرْق كريم، وكذلك
فرَس نَزِيعٌ. ونزَع فلان إِلى أَبيه يَنْزِعُ في الشَّبَه أَي ذهَب
إِليه وأَشْبهه. وفي الحديث: لقد نَزَعْتَ بمثْلِ ما في التوراةِ أَي جئتَ
بما يُشْبهها.
والنَّزائِعُ من الخيل: التي نَزَعَتْ إِلى أَعْراقٍ، واحدتها نَزِيعةٌ،
وقيل: النَّزائِعُ من الإِبل والخيل التي انْتُزِعَت من أَيْدِي
الغُرباء، وفي التهذيب: من أَيدي قوم آخَرِين، وجُلِبَتْ إِلى غير بلادها، وقيل:
هي المُنْتَقَذةُ من أَيديهم، وهي من النساء التي تُزَوَّجُ في غير
عشيرتها فتنقل، والواحدة من كل ذلك نَزِيعةٌ. وفي حديث ظبيان: أَن قَبائِلَ من
الأَزْد نَتَّجُوا فيها النَّزائِعَ أَي الإِبل الغرائبَ انْتَزَعُوها من
أَيدي الناس. وفي حديث عمر: قال لآلِ السائب: قد أَضْوَيْتُم فانكِحوا
في النَّزائِعِ أَي في النساء الغرائبِ من عشيرتكم.
ويقال: هذه الأَرض تُنازِعُ أَرضَ كذا أَي تَتَّصِلُ بها؛ وقال ذو
الرمة:
لَقًى بين أَجْمادٍ وجَرْعاء نازَعَتْ
حِبالاً، بِهِنًّ الجازِئاتُ الأَوابِدُ
والمَنْزَعةُ: القوْسُ الفَجْواءُ. ونَزَع في القوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً:
مَدَّ بالوتَر، وقيل: جذَبَ الوتر بالسهم: والنّزَعةُ: الرُّماةُ،
واحدُهم نازِعٌ. وفي مثلٍ: عادَ السهمُ إِلى النَّزَعةِ أَي رجع الحقّ إِلى
أَهله وقامَ بأِصْلاحِ الأَمرِ أَهلُ الأَناةِ، وهو جمع نازِعٍ. وفي التهذيب:
وفي المثل عادَ الرَّمْيُ على النَّزَعةِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يَحِيقُ
به مَكْرُه. وفي حديث عمر: لَنْ تَخُورَ قُوىً ما دامَ صاحِبُها يَنْزِعُ
ويَنْزُو أَي يَجْذِبُ قوْسَه ويَثِبُ على فرسه.
وانْتَزَعَ للصيْدِ سَهْماً: رماه به، واسمُ السهْمِ المِنْزَعُ؛ ومنه
قول أَبي ذؤيب:
فَرَمَى ليُنْفِذَ فُرَّهاً، فَهَوَى له
سَهْمٌ، فأَنْقَذَ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ
فُرَّهاً جمع فاره؛ قال ابن بري: أَنشد الجوهري عجز هذا البيت: ورَمَى
فأَنفَذَ، والصواب ما ذكرناه. والمِنْزَعُ أَيضاً: السهم الذي يُرْمَى به
أَبْعَدَ ما يُقْدَرُ عليه لتُقَدَّر به الغَلْوةُ؛ قال الأَعشى:
فهْو كالمِنْزَعِ المَرِيشِ من الشَّوْ
حَطِ، غالَتْ به يَمِينُ المُغالي
وقال أَبو حنيفة: المِنْزَعُ حديدة لا سِنْخَ لها إِنما هي أَدْنى
حديدةٍ لا خير فيها، تؤخَذ وتُدْخَلُ في الرُّغْظِ.
وانْتَزَعَ بالآية والشّعْرِ: تمثَّلَ. ويقال للرجل إِذا استنبط معنى
آيةٍ من كتاب الله عز وجل: قد انْتَزَعَ معنًى جيِّداً، ونَزَعَه مثله أَي
اسْتَخْرَجَه.
ومُنازَعةُ الكأْس: مُعاطاتُها. قال الله عز وجل: يَتَنازَعون فيها
كأْساً لا لَغْوٌ فيها ولا تأْثِيمٌ؛ أَي يَتَعاطَوْن والأَصل فيه
يتجاذَبُون. ويقال: نازَعني فلانٌ بَنانَه أَي صافحني. والمُنازعةُ: المُصافَحةُ؛
قال الراعي:
يُنازِعْنَنا رَخْصَ البَنانِ، كأَنما
يُنازِعْنَنا هُدَّابَ رَيطٍ مُعَضَّدِ
والمُنازعةُ: المُجاذَبةُ في الأَعْيانِ والمَعاني؛ ومنه الحديث: أَنا
فَرَاطُكم على الحوْضِ فَلأُلْفِيَنَّ ما نُوزِعْتُ في أَحدِكم فأَقولُ
هذا مِني أَي يُجْذَبُ ويؤخَذُ مني.
والنَّزاعةُ والنِّزاعةُ والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: الخُصومة.
والمُنازَعةُ في الخُصومةِ: مُجاذَبةُ الحُجَجِ فيما يَتنازَعُ فيه الخَصْمانِ.
وقد نازَعَه مُنازَعةً ونِزاعاً: جاذَبه في الخصومة؛ قال ابن مقبل:
نازَعْتُ أَلْبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحاديثِ، حتى زِدْنَنِي لِينَا
أَي نازَعَ لُبِّي أَلْبابَهُنَّ. قال سيبويه: ولا يقال في العاقبة
فَنَزَعْتُه استَغْنَوْا عنه بِغَلَبْتُه.
والتنازُع: التخاصُمُ. وتنازَعَ القومُ: اخْتَصَمُوا. وبينهم نِزاعةٌ
أَي خصومةٌ في حقّ. وفي الحديث: أَنه،صلى الله عليه وسلم، صلَّى يوماً فلما
سلَّم من صلاته قال: ما لي أُنازَعُ القرآنَ أَي أُجاذَبُ في قراءته،
وذلك أَن بعض المأْمومين جَهَرَ خَلْفه فنازَعه قِراءتَه فشغله فنهاه عن
الجهر بالقراءة في الصلاة خلفه.
والمِنْزَعةُ والمَنْزَعةُ: ما يرجِعُ إِليه الرجل من أَمره ورأْيِه
وتدبيرِه. قال الأَصمعي: يقولون والله لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَضْعَفُ
مِنْزَعةً، بكسر الميم، ومَنْزَعةً، بفتحها، أَي رأْياً وتدبيراً؛ حكى ذلك ابن
السكيت في مِفْعلة ومَفْعلة، وقيل: المنزَعةُ قوّة عزْمِ الرأْي
والهِمّة، ويقال للرجل الجيِّد الرأْي: إِنه لجيِّد المنزعة. ونَزَعَتِ الخيل
تَنْزِعُ: جَرَتْ طِلْقاً؛ وأَنشد:
والخيْلَ تَنْزِعُ قُبًّا في أَعِنَّتِها،
كالطيرِ تَنْجُو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
ونزَع المريضُ يَنْزِعُ نزْعاً ونازَع نِزاعاً: جادَ بنفسِه. ومَنْزعة
الشرابِ: طِيبُ مَقْطَعِه، يقال: شرابٌ طيِّبُ المنزعةِ أَي طيب مقطع
الشرب. وقيل في قوله تعالى: خِتامُه مِسْك، إِنهم إِذا شربوا الرَّحيقَ
فَفَنِيَ ما في الكأْس وانقطع الشرْب انختم ذلك بريح المسك.
والنَّزَعُ: انْحِسارُ مقدَّم شعَر الرأْسِ عن جانبي الجَبْهةِ،
وموضِعُه النَّزَعةُ، وقد نَزِعَ يَنْزَعُ نَزَعاً، وهو أَنْزَعُ بَيِّنُ
النَّزَعِ، والاسم النَّزَعةُ، وامرأَة نَزْعاءُ؛ وقيل: لا يقال امرأَة نزعاء،
ولكن يقال زَعْراءُ. والنَّزَعتانِ: ما يَنْحَسِرُ عنه الشعر من أَعلى
الجَبينَينِ حتى يُصَعِّدَ في الرأْس. والنَّزْعاءُ من الجِباهِ التي
أَقبلت ناصيتها وارتفع أَعلى شعَرِ صُدْغِها. وفي حديث القرشي: أَسَرني رجل
أَنْزَعُ. وفي صفة علي، رضي الله عنه: البَطِينُ الأَنْزَعُ. والعرب تحبُّ
النزَع وتَتَيَمَّنُ بالأَنْزع وتَذُمُّ الغَمَمَ وتَتَشاءَم بالأَغَمّ،
وتَزْعُمُ أَن الأَغم القفا والجبين لا يكون إِلا لَئِيماً: ومنه وقول
هُدْبةَ بن خَشْرَمٍ:
ولا تَنْكِحي، إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعا
وأَنْزَع الرجلُ إِذا ظهرت نَزَعَتاه. ونَزَعَه بنَزِيعةٍ: نَخَسَه؛ عن
كراع. وغنم نُزُعٌ ونُزَّعٌ: حَرامَى تَطْلُبُ الفحْلَ، وبها نِزاعٌ،
وشاة نازِعٌ.
والنزائِعُ من الرِّياحِ: هي النُّكْبُ، سميت نزائِعَ لاختلاف
مَهابِّها.والنَّزَعةُ: بقلة كالخَضِرةِ، وثُمام مُنَزَّعٌ: شُدِّدَ للكثرة. قال
أَبو حنيفة: النَّزَعةُ تكون بالرَّوْضِ وليس لها زَهْرٌ ولا ثَمَرٌ،
تأْكلها الإِبل إِذا لم تجد غيرها، فإِذا أَكلتها امتنعت أَلبانها خُبْثاً.
ورأَيت في التهذيب: النزعةُ نَبت معروف. ورأَيت فلاناً مُتَنَزِّعاً إِلى
كذا أَي مُتَسَرِّعاً نازِعاً إِليه.
حنط: الحِنْطةُ: البُرُّ، وجمعها حِنَطٌ. والحَنّاطُ: بائعُ الحِنْطةِ،
والحِناطةُ حِرْفَته. الأَزهري: رجل حانِطٌ كثير الحِنْطةِ، وإِنه
لَحانِطُ الصُّرَّةِ أَي عظيمها، يعنون صُرَّةَ الدراهم. الأَزهري: ويقال
حَنَطَ ونَحَطَ إِذا زَفَرَ؛ وقال الزَّفَيانُ:
وانْجَدَلَ المِسْحَلُ يَكْبُو حانِطا
كَبا إِذا رَبا حانِطاً، أَراد ناحِطاً يَزْفِرُ فقَلَبَه. وأَهل اليمن
يسمون النَّبْل الذي يُرْمى به: حَنْطاً. وفي نوادر الأَعراب: فلان
حانِطٌ إِليّ ومُسْتَحْنِطٌ إِليّ ومُسْتَقْدِمٌ إِليّ ونابِلٌ إِليّ
ومُسْتَنْبِلٌ إِليّ إِذا كان مائلاً عليه مَيْلَ عَداوةٍ. ويقال للبَقْل الذي
بلغ أَن يُحْصَد: حانِطٌ. وحَنَطَ الزَّرْعُ والنبْتُ وأَحْنَطَ وأَجَزَّ
وأَشْرَى: حانَ أَن يُحْصَد. وقوم حانِطون على النسَب. والحِنْطِيُّ: الذي
يأْكل الحِنْطةَ؛ قال:
والحِنطِئُ الحِنْطِيُّ يُمْـ
ـنَحُ بالعَظيمةِ والرَّغائِبْ
الحِنْطِئُ: القصيرُ. وحَنِطَ الرَّمْثُ وحَنَطَ وأَحْنَطَ: ابْيَضَّ
وأَدْرَك وخرجت فيه ثَمَرة غبراء فبدا على قُلَلِهِ أَمثالُ قِطَعِ
الغِراء. وقال أَبو حنيفة: أَحْنَطَ الشجرُ والعُشب وحَنَطَ يَحْنُطُ حُنوطاً
أَدرك ثَمَره. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: أَوْرَسَ الرَّمْثُ وأَحْنَطَ،
قال: ومثله خَضَبَ العَرْفَجُ. ويقال للرمث أَوَّل ما يَتَفطَّر ليخرج
ورقه: قد أَقْمَل، فإِذا ازداد قليلاً قيل: قد أَدْبَى، فإِذا ظهرت خُضرته
قيل: بَقَلَ، فإِذا ابيضَّ وأَدرك قيل: حَنِطَ وحَنَطَ. قال: وقال شمر
يقال أَحْنَطَ فهو حانِطٌ ومُحْنِطٌ وإِنه لحسن الحانِطِ، قال: والحانِطُ
والوارِسُ واحد؛ وأَنشد:
تَبَدَّلْنَ بَعدَ الرَّقْصِ في حانِطِ الغَضا
أَباناً وغُلاَّناً، به يَنْبُتُ السِّدْرُ
يعني الإِبل. ابن سيده: قال بعضهم أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فهو حانِطٌ، على
غير قياس.
والحَنُوط: طِيب يُخلط للميت خاصّة مشتقّ من ذلك لأَن الرمث إِذا أَحنط
كان لونه أَبيض يضرب إِلى الصفرة وله رائحة طيبــة، وقد حَنَّطَه. وفي
الحديث: أَن ثَمُودَ لما استيقنوا بالعذاب تكَفَّنُوا بالأَنْطاع وتحَنَّطُوا
بالصَّبِرِ لئلا يَجِيفُوا ويُنْتِنُوا. الجوهري: الحَنُوطُ ذَرِيرة،
وقد تَحَنَّطَ به الرجل وحَنَّطَ الميت تَحْنِيطاً، الأَزهري: هو الحَنُوطُ
والحِناطُ، وروي عن ابن جريج قال: قلت لعَطاء أَيُّ الحِناطِ أَحَبُّ
إِليكَ؟ قال: الكافور، قلت فأَين يُجْعَلُ منه؟ قال: في مَرافِقِه، قلت:
وفي بطنه؟ قال: نعم، قلت: وفي مَرْجِعِ رجليه ومَآبِضه؟ قال: نعم، قلت: وفي
رُفْغَيْه؟ قال: نعم، قلت: وفي عينيه وأَنْفِه وأُذُنيه؟ قال: نعم، قلت:
أَيابساً يُجْعَلُ الكافور أَم يُبَلُّ؟ قال: لا بل يابساً، قلت: أَتكره
المِسْك حِناطاً؟ قال: نعم، قال: قلت هذا يدل على أَنَّ كل ما يُــطَيِّبُ
به الميت من ذَرِيرة أَو مِسْك أَو عنبر أَو كافُور من قصَبٍ هِنْدِيٍّ
أَو صَنْدَلٍ مدقوق، فهو كله حَنوط. ابن بري: اسْتَحْنَطَ فلان: اجترأَ
على الموت وهانَتْ عليه الدنيا. وفي حديث ثابت بن قيس: وقد حسَرَ عن فخذيه
وهو يتحنط أَي يستعمل الحَنُوطَ في ثيابه عند خروجه إِلى القتال، كأَنه
أَراد به الاستعداد للموت وتَوْطِينَ النفس بالصبْر على القتال. وقال ابن
الأَثير: الحَنُوطُ والحِناطُ هو ما يُخلط من الــطِّيب لأَكفان الموتى
وأَجْسامهم خاصّة.
وعَنْزُ حُنَطِئةٌ: عريضة ضخمة. وحَنَطَ الأَدِيمُ: احمرّ، فهو حانِطٌ.
نحل: النَّحْل: ذُباب العسل، واحدته نَحْلة. وفي حديث ابن عباس: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهَى عن قَتْل النَّحْلة والنَّمْلة والصُّرَد
والهُدْهُد؛ وروي عن إِبراهيم الحربي أَنه قال: إِنما نهى عن قتلهنَّ
لأَنهنَّ لا يؤْذِين الناسَ، وهي أَقل الطيور والدوابِّ ضرراً على الناس، ليس
هي مثل ما يتأَذى الناسُ به من الطيور الغُرابِ وغيره، قيل له:
فالنَّمْلة إِذا عَضَّت تُقْتَل؟ قال: النَّمْلة لا تعَضّ إِنما يَعَضّ الذر، قيل
له: إِذا عضَّت الذرة تُقتَل؟ قال: إِذا آذَتْك فاقتلها. والنَّحْل:
دَبْر العسل، الواحدة نحلة. وقال أَبو إِسحق الزجاج في قوله عز وجل: وأَوحَى
ربُّك إِلى النَّحْل؛ جائز أَن يكون سمي نَحْلاً لأَن الله عز وجل نَحَل
الناسَ العسلَ الذي يخرج من بطونها. وقال غيره من أَهل العربية:
النَّحْل يذكَّر ويؤنث وقد أَنثها الله عز وجل فقال: أَنِ اتَّخِذِي من الجِبال
بيوتاً؛ ومن ذكَّر النَّحْل فلأَنَّ لفظه مذكر، ومن أَنثه فلأَنه جمع
نَحْلة. وفي حديث ابن عمر: مَثَلُ المؤْمِن مَثَلُ النَّحْلة؛ المشهور في
الرواية بالخاء المعجمة، وهي واحدة النَّخْل، وروي بالحاء المهملة، يريد
نَحْلة العسل، ووجه المشابهة بينهما حِذْق النَّحْل وفِطْنته وقلَّة أَذاه
وحَقارته ومنفعتُه وقُنوعه وسعيُه في الليل وتنزُّهه عن الأَقذار وطيبُ
أَكله وأَنه لا يأْكل من كسب غيره ونحُوله وطاعتُه لأَمِيره؛ وإِنّ
للنَّحْل آفاتٍ تقطعه عن عمله منها: الظلمةُ والغَيْمُ والريحُ والدخانُ والماء
والنارُ، وكذلك المؤْمن له آفات تفتِّره عن عمله: ظلمةُ الغفلة وغيمُ
الشكّ وريحُ الفتنة ودُخَان الحرامِ وماءُ السَّعةِ ونارُ الهوَى. الجوهري:
النَّحْل والنحْلة الدَّبْر، يقع على الذكر والأُنثى حتى تقول يَعْسُوب.
والنَّحْل: الناحِلُ؛ وقال ذو الرمة:
يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلاً قَتالُها
(* انظر رواية هذا البيت لاحقاً في هذه الكلمة).
ونَحِل جسمُه ونَحَل يَنْحَل ويَنْحُل نُحولاً، فهو ناحِل: ذهَب من مرض
أَو سفَر، والفتح أَفصح؛ وقول أَبي ذؤَيب:
وكنتُ كعَظْم العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه
بأَطْرافها، حتى استَدقَّ نُحولُها
إِنما أَراد ناحِلها، فوضع المصدر موضع الاسم، وقد يكون جمع ناحِل كأَنه
جعل كل طائفة من العظم ناحِلاً، ثم جمعه على فُعُول كشاهِد وشُهود، ورجل
نَحِيل من قوم نَحْلَى وناحِل، والأُنثى ناحِلة، ونساءٌ نَواحِل ورجال
نُحَّل. وفي حديث أُم معبَد: لم تَعِبْه نحْلَة أَي دِقَّة وهُزال.
والنُّحْل الاسم؛ قال القتيبي: لم أَسمع بالنُّحْل في غير هذا الموضع إِلا في
العَطِيَّة. والنُّحُول: الهُزال، وأَنْحَله الهمُّ، وجملٌ ناحِل: مهزول
دَقِيقٌ. وجمل ناحِل: رقيق. والنواحِلُ: السيوف التي رقَّت ظُباها من كثرة
الاستعمال. وسيف ناحل: رقيق، على المَثل؛ وقول ذي الرمة:
أَلم تَعْلَمِي، يا مَيُّ، أَنَّا وبيننا
مَهاوٍ يَدَعْنَ الجَلْسَ نَحْلاً قَتالُها
هو جمع ناحِل، جعل كل جزءٍ منها ناحِلاً؛ قال ابن سيده: وهو عندي اسم
للجمع لأَن فاعِلاً ليس مما يكسَّر على فَعْل، قال: ولم أَسمع به إِلا في
هذا البيت. الأَزهري: السيف الناحِل الذي فيه فُلُول فيُسَنُّ مرَّة بعد
أُخرى حتى يَرِقَّ ويذهب أَثَرُ فُلُوله، وذلك أَنه إِذا ضُرِب به فصَمَّم
انفلَّ فيُنْحِي القَيْنُ عليه بالمَداوِس والصَّقْل حتى تَذهب فُلوله؛
ومنه قول الأَعشى:
مَضارِبُها، من طُول ما ضَرَبوا بها،
ومِن عَضِّ هامِ الدَّارِعِين، نَواحِلُ
وقمرٌ ناحِل إِذا دقَّ واسْتَقْوَس. ونَحْلةُ: فرس سُبَيْع بن الخَطِيم.
والنُّحْل، بالضم: إِعْطاؤُك الإِنسانَ شيئاً بلا اسْتِعاضةٍ، وعمَّ به
بعضهم جميعَ أَنواع العَطاء، وقيل: هو الشيء المُعْطى، وقد أَنْحَله
مالاً ونَحَله إِياه، وأَبى بعضُهم هذه الأَخيرة. ونُحْل المرأَةِ: مَهْرُها،
والاسم النِّحْلة، تقول: أَعطيتها مهرَها نِحْلة، بالكسر، إِذا لم تُرِد
منها عِوَضاً. وفي التنزيل العزيز: وآتوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ
نِحْلةً. وقال أَبو إِسحق: قد قيل فيه غيرُ هذا القول، قال بعضهم: فَرِيضةً،
وقال بعضهم: دِيانةً، كما تقول فلان يَنْتَحِل كذا وكذا أَي يَدِينُ به،
وقيل: نِحْلةً أَي دِيناً وتَدَيُّناً، وقيل: أَراد هِبةً، وقال بعضهم: هي
نِحْلة من الله لهنَّ أَن جعل على الرجل الصَّداق ولم يجعل على المرأَة
شيئاً من الغُرْم، فتلك نِحْلة من الله للنِّساء. ونَحَلْت الرجلَ
والمرأَةَ إِذا وهبت له نِحْلة ونُحْلاً، ومثلُ نِحْلة ونُحْل حِكْمةٌ وحُكْمٌ.
وفي التهذيب: والصداقُ فرض لأَن أَهل الجاهلية كانوا لا يُعطون النساء
من مُهورِهنَّ شيئاً، فقال الله تعالى: وآتوا النساء صَدُقاتِهنَّ نحلة،
هبة من الله للنساء فريضة لهنَّ على الأَزواج، كان أَهل الجاهلية إِذا
زوَّج الرجل ابنته استَجْعل لنفسه جُعْلاً يسمَّى الحُلْوان، وكانوا يسمون
ذلك الشيء الذي يأْخذه النافِجَة، كانوا يقولون بارك الله لك في النافِجَة
فجعل الله الصَّدُقة للنساء فأَبطل فعلَهم. الجوهري: النُّحْل، بالضم،
مصدر قولك نَحَلْته من العطيَّة أَنْحَلُه نُحْلاً، بالضم. والنِّحْلة،
بالكسر: العطيَّة. والنُّحْلى: العطية، على فُعْلى. ونَحَلْتُ المرأَة
مهرَها عن طِيب نفس من غير مطالبة أَنْحَلُها، ويقال من غير أَن يأْخذ عوضاً،
يقال: أَعطاها مهرَها نِحْلةً، بالكسر؛ وقال أَبو عمرو: هي التسمية أَن
يقول نَحَلْتُها كذا وكذا ويَحُدّ الصداق ويُبَيِّنه. وفي الحديث: ما
نَحَلَ والدٌ ولداً من نُحْلٍ أَفضَل من أَدبٍ حَسَنٍ؛ النُّحْلُ: العطية
والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق. وفي حديث أَبي هريرة: إِذا بلغ بنو
أَبي العاص ثلاثين كان مالُ الله نُحْلاً؛ أَراد يصير الفيء عطاء من غير
استحقاق على الإِيثار والتخصيص. المحكم: وأَنْحَلَ ولدَه مالاً ونَحَله
خصَّه بشيء منه، والنُّحْل والنُّحْلانُ اسم ذلك الشيء المعطى.
والنِّحْلةُ: الدَّعْوَى. وانْتَحَل فلانٌ شِعْر فلانٍ. أَو قالَ فلانٍ
إِذا ادّعاه أَنه قائلُه. وتَنَحَّلَه: ادَّعاه وهو لغيره. وفي الخبر:
أَنَّ عُرْوَة بن الزبير وعبيد الله بن عتبة بن مسعود دَخلا على عمر بن عبد
العزيز، وهو يومئذ أَمير المدينة، فجرى بينهم الحديث حتى قال عُرْوَة في
شيء جرى من ذِكْر عائشة وابن الزبير: سمعت عائشة تقول ما أَحْبَبْتُ
أَحداً حُبِّي عبدَ الله بنَ الزبير، لا أَعني رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، ولا أَبَوَيَّ، فقال له عمر: إِنكم لتَنْتَحِلون عائشة لابن الزبير
انْتِحال مَنْ لا يَرَى لأَحد معه فيها نصيباً فاستعاره لها؛ وقال ابن
هَرْمة:
ولم أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فيها،
ولم تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُ
ونَحَله القولَ يَنْحَله نَحْلاً: نَسَبه إِليه. ونَحَلْتُه القولَ
أَنْحَلُه نَحْلاً، بالفتح: إِذا أَضَفْت إِليه قولاً قاله غيره وادّعيتَه
عليه. وفلان يَنْتَحِلُ مذهبَ كذا وقبيلةَ كذا إِذا انتسب إِليه. ويقال:
نُحِل الشاعرُ قصيدة إِذا نُسِبَت إِليه وهي من قِيلِ غيره؛ وقال الأَعشى
في الانتحال:
فكيْفَ أَنا وانتِحالي القَوا
فِيَ، بَعدَ المَشِيب، كفَى ذاك عارا
وقَيَّدَني الشِّعْرُ في بيتِه،
كما قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا
أَراد انتِحالي القوافيَ فدَلَّت كسرة الفاء من القوافي على سقوط الياء
فحذفها، كما قال الله عز وجل: وجِفانٍ كالجوابِ، وتَنَحَّلَه مثلُه؛ قال
الفرزدق:
إِذا ما قُلْتُ قافِيةً شَرُوداً،
تَنَحَّلَها ابنُ حَمْراءِ العِجانِ
وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيى في قولهم انْتَحَلَ فلانٌ كذا وكذا:
معناه قد أَلزَمَه نفْسه وجعله كالمِلْك له، وهي الهبة
(* قوله «كالملك له
وهي الهبة» كذا في الأصل. وعبارة المحكم: كالملك له، أخذ من النحلة وهي
الهبة وبها يظهر مرجع الضمير) والعطية يُعْطاها الإِنسانُ. وفي حديث قتادة
بن النعمان: كان بُشَيرُ بن أُبَيْرِق يقولُ الشعرَ ويهجو به أَصحابَ
النبي، صلى الله عليه وسلم، ويَنْحَلُه بعضَ العرب أَي يَنْسُبه إِليهم من
النِّحْلة وهي النِّسْبة بالباطِل. ويقال: ما نِحْلَتُكَ أَي ما دِينُكَ؟
الأَزهري: الليث يقال نَحَلَ فلانٌ فلاناً إِذا سابَّه فهو يَنْحَله
يُسابُّه؛ قال طرفة:
فَدَعْ ذا، وانْحَل النُّعمانَ قَوْلاً
كنَحْت الفأْسِ، يُنْجِد أَو يَغُور
قال الأَزهري: نَحَلَ فلانٌ فلاناً إِذا سابَّه باطلٌ، وهو تصحيف لنَجَل
فلانٌ فلاناً إِذا قطعَه بالغِيبة. ويروى الحديث: من نَجَل الناسَ
نَجَلوه أَي مَنْ عابَ الناس عابوه ومن سبَّهم سبُّوه، وهو مثل ما روي عن أَبي
الدرداء: إِن قارَضْتَ الناس قارَضُوك، وإِن تَرَكْتَهم لم يَتْركوك؛
قوله: إِن قارضتهم مأْخوذ من قول النبي، صلى الله عليه وسلم: رفَع اللهُ
الحرجَ إِلا مَنِ اقترَضَ عِرْضَ امرئٍ مسلم فذلك الذي حَرِج، وقد فسر في
موضعه.
خلص: خَلَص الشيء، بالفتح، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كان قد
نَشِبَ ثم نَجا وسَلِم. وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص للّه دِينَه: أَمْحَضَه.
وأَخْلَصَ الشيءَ: اختاره، وقرئ: إِلاَّ عبادَك منهم المُخْلِصين،
والمُخْلَصِين؛ قال ثعلب: يعني بالمُخْلِصين الذين أَخْلَصوا العبادة للّه
تعالى، وبالمُخْلَصِين الذين أَخْلَصهم اللّهُ عزّ وجلّ. الزجاج: وقوله:
واذْكُرْ في الكتاب موسى إِنه كان مُخْلَصاً، وقرئ مُخْلِصاً، والمُخْلَص:
الذي أَخْلَصه اللّهُ جعله مُختاراً خالصاً من الدنس، والمُخْلِص: الذي
وحّد اللّه تعالى خالصاً ولذلك قيل لسورة: قل هو اللّه أَحد، سورة
الإِخلاص؛ قال ابن الأَثير: سميت بذلك لأَنها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس،
أَو لأَن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيدَ للّه عزّ وجلّ، وكلمة الإِخلاص
كلمة التوحيد، وقوله تعالى: من عبادنا المُخْلَصِين، وقرئ المُخْلِصين،
فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون.
والتخليص: التَّنْجِيَة من كل مَنْشَبٍ، تقول: خَلَّصْته من كذا
تَخْلِيصاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فتخلّص، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كما يُتخلّصُ
الغَزْلُ إِذا الْتَبَس. والإِخْلاصُ في الطاعة: تَرْكُ الرِّياءِ، وقد
أَخْلَصْت للّه الدِّينَ. واسْتَخْلَصَ الشيء: كأَخْلَصَه. والخالِصةُ:
الإِخْلاصُ. وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ. وخَلَصَ الشيءُ، بالفتح، يَخْلُصُ
خُلوصاً أَي صار خالِصاً. وخَلَصَ الشيء خَلاصاً، والخَلاصُ يكون مصدراً
للشيء الخالِص. وفي حديث الإِسراء: فلما خَلَصْت بمُسْتَوىً من الأَرض
أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يقال: خَلَصَ فلان إِلى فلان أَي وصل إِليه،
وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ ومنه حديث هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه. وفي حديث
عليّ، رضي اللّه عنه: أَنه قَضَى في حكومة بالخَلاصِ أَي الرجوعِ بالثَّمن
على البائع إِذا كانت العينُ مُسْتَحِقَّةً وقد قَبَضَ ثمَنَها أَي قضى
بما يُتَخَلّص به من الخصومة. وخلَص فلانٌ إِلى فلان أَي وَصَل إِليه.
ويقال: هذا الشيء خالِصةٌ لك أَي خالِصٌ لك خاصّة. وقوله عزّ وجلّ: وقالوا
ما في بُطونِ هذه الأَنْعامِ خالصةٌ لذكورنا؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جعل
معنى ما التأْنيثَ لأَنها في معنى الجماعة كأَنهم قالوا: جماعةُ ما في
بطون هذه الأَنعامِ خالصةٌ لذكورنا. وقوله: ومُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ على لفظ
ما، ويجوز أَن يكون أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، والذي في بطون
الأَنعام ليس بمنزلة بعض الشيء لأَن قولك سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ
الأَصابِع أُصبعٌ، وهي واحدة منها، وما في بطن كل واحدة من الأَنعام هو غيرها،
ومن قال يجوز على أَن الجملة أَنعام فكأَنه قال وقالوا: الأَنعامُ التي في
بطون الأَنعام خالصةٌ لذكورنا، قال ابن سيده: والقولُ الأَول أَبْبَنُ
لقوله ومُحَرَّمٌ، لأَنه دليل على الحَمْلِ على المعنى في ما، وقرأَ بعضهم
خالصةً لذكورنا يعني ما خلَص حَيّاً، وأَما قوله عزّ وجلّ: قل هي للذين
آمَنُوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، قُرئَ خالصةٌ وخالصةً،
المعنى أَنها حَلال للمؤمنين وقد يَشْرَكُهم فيها الكافرون، فإِذا كان يومُ
القيامة خَلَصت للمؤمنين في الآخرة ولا يَشْرَكُهم فيها كافر، وأَما
إِعْراب خالصةٌ يوم القيامة فهو على أَنه خبر بعد خبر كما تقول زيدٌ عاقلٌ
لبيبٌ، المعنى قل هي ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا في تأْويل الحال،
كأَنك قلت قل هي ثابتة مستقرة في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة.
وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَخْلَصْناهم بِخالِصةٍ ذِكْرى الدار؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدار على إِضافة خالصة إِلى ذِكْرى، فمن قرأَ بالتنوين جعل
ذِكْرى الدار بَدَلاً من خالصة، ويكون المعنى إِنا أَخْلَصْناهم بذكرى
الدار، ومعنى الدار ههنا دارُ الآخرة، ومعنى أَخلصناهم جعلناهم لها خالصين
بأَن جعلناهم يُذَكِّرون بدار الآخرة ويُزَهِّدون فيها الدُّنْيا، وذلك
شأْن الأَنبياء، ويجوز أَن يكون يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة والرُّجوعِ إِلى
اللّه، وأَما قوله خلَصُوا نَجِيّاً فمعناه تَميّزوا عن الناس
يَتَناجَوْن فيما أَهَمَّهم. وفي الحديث: أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فقالوا: وما يومُ
الخَلاصِ؟ قال: يوم يَخْرج إِلى الدجّال من أَهل المدينة كلُّ مُنافِقٍ
ومُنافقة فيتميَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بعضُهم من بعض. وفي حديث
الاستسقاء: فَلْيَخْلُصْ هو وولدُه أَي ليتميّزْ من الناس.
وخالَصَهُ في العِشْرة أَي صافاه. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ
وأَخْلَصه له وهم يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ من
الأَلوان: ما صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني.
والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ من تمر.
والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى في السَّمْن،
وأَخْلَصَه: فَعَل به ذلك. والخِلاصُ: ما خَلَصَ من السَّمْن إِذا طُبِخَ.
والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ من الثُّفْل.
والخُلوصُ: الثُّفْلُ الذي يكون أَسفل اللبَنِ. ويقول الرجل لصاحبةِ
السَّمْنِ: أَخْلِصي لنا، لم يفسره أَبو حنيفة، قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غيره: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السمن ما
خَلَصَ منه لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فيه
شيئاً من سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ من
الثُّفْل فذلك السمنُ هو الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بكسر الخاء، وهو
الإِثْر، والثُّفْلُ الذي يَبْقى أَسفلَ هو الخُلوصُ والقِلْدَةُ
والقِشْدَةُ والكُدادةُ، والمصدر منه الإِخْلاصُ، وقد أَخْلَصْت السَّمْنَ.
أَبو زيد: الزُّبْدُ حين يجعل في البُرْمةِ لِيُطبخ سمناً فهو الإِذْوابُ
والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ من الثُّفْل فذلك اللبن الإِثْرُ
والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الذي يكون أَسفلَ هو الخُلوصُ. قال الأَزهري:
سمعت العرب تقول لما يُخْلَصُ به السمنُ في البُرْمة من اللبن والماء
والثُّفْل: الخِلاصُ، وذلك إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ
فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فيه ليَخْلُصَ السمنُ من بَقيّة
اللبن المختلط به، وذلك الذي يَخْلُص هو الخِلاص، بكسر الخاء، وأَما
الخِلاصة والخُلاصة فهو ما بقي في أَسفل البُرْمة من الخِلاص وغيرِه من
ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدقيش: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي منه
يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قال: مَرَّ الفرزدق برجل من
باهلة يقال له حُمامٌ ومعه نِحْيٌ من سَمْنٍ، فقال له الفرزدق: أَتَشْتري
أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بهذا النِّحْي؟ فقال: أَللّهِ عليك
لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فقال: أَللّهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بين
يديه وخرج يَعْدُوة فأَخذه الفرزدق وقال:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه،
عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ
من السَّمْنِ رِبْعيٌّ يكون خِلاصُه،
بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ
فأَصْبَحْتُ عن أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ،
أَهَلَّ بِحَجٍّ في أَصَمَّ حَرامِ
الفراء: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا
أَعطى الخَلاص، وهو مِثْل الشيء؛ ومنه حديث شريح: أَنه قضى في قَوْس
كسَرَها رجل بالخَلاصِ أَي بمثلها. والخِلاص، بالكسر: ما أَخْلَصَته النارُ
من الذهب والفضة وغيره، وكذلك الخِلاصة والخُلاصة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه
كاتَبَ أَهلَه على كذا وكذا وعلى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص. والخِلاصة
والخُلاصة: كالخِلاص، قال: حكاه الهروي في الغريبين.
واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وهو خالِصَتي وخُلْصاني.
وفلان خِلْصي كما تقول خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت
مَوَدّتُهما، وهم خُلْصاني، يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء
خُلْصاني وخُلَصائي، وقال أَبو حنيفة: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ
البعيرُ سَمِن، وكذلك الناقة؛ قال:
وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا
والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الريح له وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قال
أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شجر ينبت نبات الكَرْم يتعلق
بالشجر فيعْلق، وله ورق أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وله وَرْدةٌ
كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وهو طيّبُ الريح، وله حبّ كحبّ عِنَبِ
الثَّعْلبِ يجتمع الثلاثُ والأَربعُ معاً، وهو أَحمر كغَرز العقيق لا
يؤكل ولكنه يُرْعَى؛ ابن السكيت في قوله:
بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
الأَصمعي: هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ
المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه.
ويقال لكل شيء أَبيضَ: خالِصٌ؛ قال العجاج:
مِنْ خالِص الماء وما قد طَحْلَبا
يريد خَلَص من الطُّحْلُب فابْيَضَّ. الليث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كان
قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد:
مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما
والخالصُ: الأَبْيَضُ من الأَلوان. ثوب خالصٌ: أَبْيَضُ. وماءٌ خالص:
أَبيض. وإِذا تَشَظَّى العظامُ في اللحم، فذلك الخَلَصُ. قال: وذلك في
قَصَب العظام في اليد والرجل. يقال: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا
بَرَأَ وفي خَلَلِه شيءٌ من اللحم.
والخَلْصاءُ: ماءٌ بالبادية، وقيل موضع، وقيل موضع فيه عين ماء؛ قال
الشاعر:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها،
وهُنَّ أَحْسَنُ من صِيرانِها صِوَرَا
وقيل: هو الموضع بالدهناء معروف. وذو الخَلَصة: موضع يقال إِنه بيت
لِخَثْعَم كان يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وكان فيه صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ
فَهُدِم. وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ على
ذي الخَلَصة؛ هو بيتٌ كان فيه صنم لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم،
وقيل: ذو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ التي كانت باليمن فأَنْفَذَ إِليها
رسول اللّه، صلَى اللّه عليه وسلّم، جَرِيرَ بنَ عبد اللّه يُخَرِّبُها،
وقيل: ذو الخَلَصة الصنم نفسه، قال ابن الأَثير: وفيه نظر
(* قوله «وفيه
نظر» أَي في قول من زعم انه بيت كان فيه صنم يسمى الخلصة لأن ذو لا تضاف
الا إلخ، كذا بهامش النهاية.) لأَن ذو لا تُضاف إِلاَّ إِلى أَسماء
الأَجناس، والمعنى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جاهليّتهم في عبادة
الأَوثان فتسعى نساءُ بني دَوْسٍ طائفاتٍ حول ذي الخَلَصة فتَرْتَجُّ
أَعجازُهن. وخالصةُ: اسم امرأَة، واللّه أَعلم.
نشا: النَّشا، مقصور: نَسِيم الرِّيح الــطيبــة، وقد نَشِيَ منه ريحاً طيبــة
نِشْوةً ونَشْوة أَي شَمِمْت؛ عن اللحياني؛ قال أَبو خِراش الهُذلي:
ونَشِيتُ رِيحَ المَوْتِ مِن تِلْقائِهمْ،
وخَشِيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ
قال ابن بري: قال أَبو عبيدة في المَجاز في آخر سورة ن والقلم: إَنَّ
البت لقَيْس بن جَعْدة الخُزاعي. واسْتَنْشَى وتَنَشَّى وانْتَشَى.
وأَنْشَى الضَّبُّ الرجلَ: وجَدَ نِشْوَتَه، وهو طَيِّب النِّشْوةِ والنَّشْوةِ
والنِّشْيةِ
(* قوله« والنشية» كذا ضبط في الأصل، والذي في القاموس:
النشية كغنية، وغلطه شارحه فقال: الصواب نشية، بالكسر، زاعماً أنه نص ابن
الاعرابي لكن الذي عن ابن الاعرابي كما في غير نسخة عتيقة من المحكم يوثق
بها نشيه كغنية) ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، أَي الرائحة، وقد تكون
النِّشوة في غير الريح الــطيبــة. والنَّشا، مقصْور: شيء يعمل به الفالوذَجُ،
فارسي معرب، يقال له النَّشاسْتَج، حذف شطره تخفيفاً كما قالوا للمَنازِل
مَنا، سمي بذلك لخُموم رائحته. ونشِيَ الرجل من الشراب نَشْواً ونُشْوةً
ونَشوةً ونِشْوةً؛ الكسر عن اللحياني، وتَنَشَّى وانْتَشَى كله: سَكِرَ،
فهو نَشْوان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِني نَشِيتُ فما أَسْطِيعُ مِن فَلَتٍ،
حتى أُشَقِّقَ أَثْوابي وأَبْرادِي
ورجل نَشْوانُ ونَشْيانُ، على المُعاقبة، والأُنثى نَشْوَى، وجمعها
نَشاوَى كسَكارَى؛ قال زهير:
وقد أَغْدُو على ثُبةٍ كِرامٍ
نَشاوَى واجِدينَ لِما نَشاء
واسْتَبانَتْ نَشْوَتُه، وزعم يونس أَنه سمع نِشْوته. وقال شمر: يقال من
الرِّيح نِشْوةٌ ومن السُّكْر نَشْوةٌ. وفي حديث شرب الخمر: إِن
انْتَشَى لم تُقْبل له صلاةٌ أَربعين يوماً؛ الانْتِشاء: أَول السُّكر
ومُقدَّماته، وقيل: هو السكر نفْسُه، ورجل نَشْوانُ بيِّن النَّشْوة. وفي الحديث:
إِذا اسْتَنشَيت واسْتَنْثَرْت أَي اسْتَنْشَقْت بالماء في الوضوء، من
قولك نَشِيت الرائحة إِذا شَمِمْتَها. أَبو زيد: نَشِيت منه أَنْشَى نشوة،
وهي الرِّيح تجدها، واسْتَنْشَيْتُ نَشا رِيح طيبــة أَي نَسِيمها؛ قال ذو
الرمة:
وأَدْرَك المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه
ومِن ثمائِلها، واسْتُنْشِيَ الغَرَبُ
وقال الشاعر:
وتَنْشَى نَشا المِسْك في فارةٍ،
وريحَ الخُزامَى على الأَجْرَع
قال ابن بري: قال على بن حمزة يقال للرائحة نَشوة ونَشاة ونَشاً؛
وأَنشد:بآيةِ ما إِنَّ النَّقا طَيِّبُ النَّشا،
إِذا ما اعْتراه، آخِرَ اللَّيل، طارِقُهْ
قال أَبو زيد: النَّشا حِدَّة الرائحة، طيبــة كانت أَو خبيثة؛ فمن الــطيب
قول الشاعر:
بآية ما إِن النقا طيب النشا
ومن النَّتْن النَّشا، سمي بذلكَ لنَتْنِه في حال عمله، قال: وهذا يدل
على أَن النَّشا عربي وليس كما ذكره الجوهري، قال: ويدلك على أَن النَّشا
ليس هو النَّشاسْتَج، كما زعم أَبو عبيدة في باب ضروب الأَلوان من كتاب
الغريب المصنف الأُرْجُوان: الحُمْرة، ويقال الأُرْجُوان النَّشاستج،
وكذلك ذكره الجوهري في فصل رجا فقال: والأُرْجوان صبغ أَحمر شديد الحمرة؛ قال
أَبو عبيد: وهو الذي يقال له النشاستج، قال: والبَهْرَمان دونه؛ قال ابن
بري: فثبت بهذا أَن النشاستج غير النَّشا. والنِّشْوة: الخَبَرُ أَوّل
ما يَرِدُ. ورجل نَشْيانُ بَيِّن النِّشوة: يتَخَبَّرُ الأَخبار أَوَّلَ
ورُودها، وهذا على الشذوذ، إِنما حكمه نَشْوان، ولكنه من باب جَبَوْت
المال جباية. الكسائي: رجل نَشْيانُ للخبر ونَشْوان، وهو الكلام المُعْتَمد.
ونَشِيت الخبر إِذا تَخبَّرت ونظرتَ من أَين جاء. ويقال: من أَين نَشِيتَ
هذا الخبرَ أَي من أَين علمته؟ الأَصمعي: انْظُر لنا الخبر واستَنْشِ
واستَوْشِ أَي تعَرَّفْه. ورجل نَشْيانُ للخبر بيِّن النِّشوة، بالكسر،
وإِنما قالوه بالياء للفرق بينه وبين النَّشْوانِ، وأًصل الياء في نَشِيت
واو، قلبت ياء للكسرة. قال شمر: ورجل نَشْيانُ للخبَر ونَشْوانُ من
السُّكر، وأَصلهما الواو ففَرقوا بينهما. الجوهري: ورجل نَشْوان أَي سَكران
بيِّن النَّشوة، بالفتح. قال: وزعم يونس أَنه سمع فيه نِشْوة، بالكسر، وقول
سنان بن الفحل:
وقالوا: قد جُنِنْتَ فقلت: كَلاَّ
ورَبي ما جُنِنْتُ، ولا انْتشَيْتُ
يريد: ولا بَكَيْتُ من سكر؛ وقوله:
من النَّشَواتِ والنَّشَإِ الحِسانِ
أَراد جمع النَّشْوة.
وفي الحديث: أَنه دخل على خَديجةَ خَطَبها ودخلَ عليها مُسْتَنْشِيةٌ من
مُوَلَّدات قُريش، وقد روي بالهمز، وقد تقدَّم. والمُسْتَنْشِيةُ:
الكاهِنةُ سميت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِي الأَخبارَ أَي تبحَث عنها، من
قولك رجل نَشْيانُ للخبر. يعقوب: الذئب يَسْتَنْشِئُ الريح، بالهمز، قال:
وإِنما هو من نَشِيت غير مهموز.
ونَشَوْتُ في بني فلان: رُبِّيتُ، نادر، وهو محوّل من نشأْت، وبعكسه هو
يَسْتَنْشِئُ الريح، حوّلوها إِلى الهمزة. وحكى قطرب: نَشا يَنْشُو لغة
في نشأَ ينشأُ، وليس عنده على التحويل.
والنَّشاة: الشجرة اليابسة، إِما أَن يكون على التحويل، وإِما أَن يكون
على ما حكاه قطرب؛ قال الهذلي:
تَدَلَّى عَلَيْه من بَشامٍ وأَيْكةٍ
نَشاة فُرُوعٍ مُرْثَعِنِّ الذَّوائِبِ
والجمع نَشاً. والنَّشْوُ: اسم للجمع؛ أَنشد:
كأَنَّ على أَكتافِهِم نَشْوَ غَرْقَدٍ،
وقد جاوَزُوا نَيَّانَ كالنَّبَطِ الغُلْفِ
حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ والإِبِل والبَقَر. والحَلَبُ: مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها
حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً، الأَخيرة عن الزجاجي، وكذلك احْتَلَبها، فهو
حالِبٌ. وفي حديث الزكاة: ومِن حَقِّها حَلَبُها على الماءِ، وفي رواية: حَلَبُها يومَ وِرْدِها.
يقال: حَلَبْت الناقَة والشاةَ حَلَباً، بفتح اللام؛ والمراد بحَلْبِها على الماء ليُصِيبَ الناسُ من لَبَنِها. وفي الحديث أَنه قال لقَوْمٍ: لا
تسْقُونِي حَلَبَ امرأَةٍ؛ وذلك أَن حَلَب النساءِ عَيْبٌ عند العَرَب
يُعَيَّرون به، فلذلك تَنَزَّه عنه؛ وفي حديث أَبي ذَرٍّ: هل يُوافِقُكم
عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُورٍ؟ أَي وَقْتَ حَلَب شاةٍ، فحذف المضاف.
وقومٌ حَلَبةٌ؛ وفي المثل: شَتَّى حتى تؤُوب(1)
(1 قوله «شتى حتى تؤوب إلخ» هكذا في أُصول اللسان التي بأيدينا، والذي في أمثال الميداني شتى تؤوب إلخ، وليس في الأَمثال الجمع بين شتى وحتى فلعل ذكر حتى سبق قلم.)
الحَلَبةُ، ولا تَقُل الحَلَمة، لأَنهم إِذا اجْتَمَعوا لحَلْبِ النَّوقِ،
اشْتَغَل كلُّ واحدٍ منهم بحَلْبِ ناقَتِه أَو حَلائِبِه، ثم يؤُوبُ الأَوَّلُ
فالأَوَّلُ منهم؛
قال الشيخ أَبو محمد بن بري: هذا المثل ذكره الجوهري:
شتى تؤُوبُ الحَلَبةُ، وغَيَّره ابنُ القَطَّاع، فَجَعَل بَدَلَ شَتَّى
حَتَّى، ونَصَبَ بها تَؤُوب؛ قال: والمعروف هو الذي ذَكَرَه الجَوْهريّ، وكذلك ذكره أَبو عبيد والأَصْمعي، وقال: أَصْلُه أَنهم كانوا يُورِدُونَ إِبلَهُم الشريعة والحَوْض جميعاً، فإِذا صَدَروا تَفَرَّقُوا إِلى مَنازِلِهم، فحَلَب كلُّ واحد منهم في أَهلِه على حِيالِه؛ وهذا المثل ذكره أَبو عبيد في باب أَخلاقِ الناسِ في اجتِماعِهِم وافْتِراقِهم؛ ومثله:
الناسُ إِخوانٌ، وَشتَّى في الشِّيَمْ، * وكلُّهُم يَجمَعُهم بَيْتُ الأَدَمْ
الأَزهري أَبو عبيد: حَلَبْتُ حَلَباً مثلُ طَلَبْتُ طَلَباً وهَرَبْتُ هَرَباً.
والحَلُوبُ: ما يُحْلَب؛ قال كعبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه:
يَبِيتُ النَّدَى، يا أُمَّ عَمْرٍو، ضَجِيعَهُ، * إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
حَلِيمٌ، إِذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهلَه، * مع الحِلْمِ، في عَيْنِ العَدُوِّ مَهيبُ
إِذا ما تَراءَاهُ الرجالُ تَحَفَّظُوا، * فلم تَنْطِقِ العَوْراءَ، وهْوَ قَريب
الـمُنْقِياتُ: ذَواتُ النِقْيِ، وهُو الشَّحْمُ؛ يُقال: ناقةٌ مُنْقِيَةٌ، إِذا كانت سَمينَةً، وكذلك الحَلُوبةُ وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنك تريدُ الشيءَ الذي يُحْلَبُ أَي الشيءَ الذي اتخذوه ليَحْلُبوه، وليس لتكثيرِ الفعْلِ؛ وكذلك القولُ في الرَّكُوبةِ وغيرها. وناقةٌ حلوبة وحلوبٌ: للتي
تُحْلَبُ، والهاءُ أَكثر، لأَنها بمعنى مفعولةٍ. قال ثعلب: ناقة حَلوبة:
مَحْلوبة؛ وقول صخر الغيّ:
أَلا قُولاَ لعَبْدِالجَهْلِ: إِنَّ * الصَّحيحة لا تُحالِبُها التَّلُوثُ
أَراد: لا تُصابِرُها على الحَلْبِ، وهذا نادرٌ. وفي الحديث: إِياكَ
والحلوبَ أَي ذاتَ اللَّبَنِ. يقالُ: ناقةٌ حلوبٌ أَي هي مـما يُحلَب؛
والحَلوبُ والحَلوبةُ سواءٌ؛ وقيل: الحلوبُ الاسمُ، والحَلُوبةُ الصفة؛ وقيل: الواحدة والجماعة؛ ومنه حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: ولا حَلوبَةَ في البيت أَي شاة تُحْلَبُ، ورجلٌ حلوبٌ حالِبٌ؛ وكذلك كلُّ فَعُول إِذا كان في معنى مفعولٍ، تثبُتُ فيه الهاءُ، وإِذا كان في معنى فاعِلٍ، لم تَثْبُتْ فيه الهاءُ. وجمعُ الحلوبة حَلائِبُ وحُلُبٌ؛ قال اللحياني: كلُّ فَعولةٍ من هذا الضَّرْبِ من الأَسماءِ إِن شئت أَثْبَتَّ فيه الهاءَ، وإِن شئتَ حذَفْتَه.
وحَلوبةُ الإِبلِ والغنم: الواحدةُ فَما زادتْ؛ وقال ابن بري: ومن العرب مَن يجعل الحلوبَ واحدةً، وشاهدهُ بيتُ كعبِ ابنِ سعدٍ الغَنَوي يَرثِي أَخاه:
إِذا لم يكن، في الـمُنْقِياتِ، حَلُوبُ
ومنهم من يجعله جمعاً، وشاهده قول نهيك بنِ إِسافٍ الأَنصاري:
تَقَسَّم جيراني حَلُوبي كأَنما، * تَقَسَّمها ذُؤْبانُ زَوْرٍ ومَنْوَرِ
أَي تَقَسَّم جِيراني حَلائِبي؛ وزَوْرٌ ومَنْوَر: حيّان مِن أَعدائه؛
وكذلك الحَلُوبة تكونُ واحدةً وجمعاً، فالحَلُوبة الواحدة؛ شاهِدُه قول الشاعر:
ما إِنْ رَأَيْنَا، في الزَّمانِ، ذي الكلَبْ، * حَلُوبةً واحدةً، فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة للجميع؛ شاهدهُ قول الجُمَيح بن مُنْقِذ:
لـمَّا رأَت إِبلي، قَلَّتْ حَلُوبَتُها، * وكلُّ عامٍ عليها عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب: قلةُ اللَّبَنِ يقال: أَجْنَبَت الإِبلُ إِذا قلَّ لَبَنُها.
التهذيبُ: أَنشد الباهلي للجَعْدي:
وبنُو فَزَارة إِنـَّها * لا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قال: حُكي عن الأَصمعي أَنه قال: لا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ،
حتى تَهْزِمَهُم. قال وقال بعضهم: لا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب
عليها، تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد. قال: وهذا زَعمٌ
أَثْبَتُ.اللحياني: هذه غَنَم حُلْبٌ، بسكون اللام، للضأْنِ والـمَعَز. قال : وأُراه مُخَفَّفاً عن حُلُب. وناقةٌ حلوبٌ: ذاتُ لَبَنٍ، فإِذا صَيَّرْتهَا اسْماً، قلتَ: هذه الحَلُوبة لفلان؛ وقد يُخرجون الهاءَ من الحَلُوبة، وهم يَعْنُونها، ومثله الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون، وكذلك الحَلوبُ والحلوبةُ لما يَحْلُبُون. والمِحْلَب، بالكسر والحلابُ: الإِناءُ الذي يَحْلَبُ فيه اللبَنُ؛ قال:
صَاحِ! هَلْ رَيْتَ، أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ * رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الحِلابِ؟
ويُروى: في العِلابِ؛ وجمعه الـمَحَالِبُ. وفي الحديث: فَإِنْ رَضِيَ حِلابَها أَمـْسَكَها. الحِلابُ: اللَّبَنُ الذي تَحْلُبُه. وفي الحديث: كان إِذا اغْتَسَل دَعَا بِشَيءٍ مثلِ الحِلابِ، فأَخَذَ بكَفِّه، فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ، ثم الأَيْسَرِ؛ قال ابن الأَثير: وقد رُوِيَتْ
بالجيم. وحُكي عن الأَزهري أَنه قال: قال أَصحاب المعاني إِنَّه الحِلابُ، وهو ما يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً، فصُحِّفَ؛ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ من ذلك الحِلابِ أَي يضَعُ فيه الماءَ الذي يَغْتَسِل منه. قال: واخْتارَ الجُلاّب، بالجيم، وفسَّره بماءِ الوَرْد. قال: وفي الحديث في كتاب البُخارِيِّ إِشكالٌ، وربَّما ظُنَّ انه تأَوَّله على الــطيب، فقال: بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والــطِّيبِ عندَ الغُسْلِ. قال: وفي بعض النسخ: أَو الــطيب، ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث، أَنـَّه كان إِذا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ. قال: وأَما مسلم فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة في هذا الـمَعْنى، في موضِعٍ واحدٍ، وهذا الحديث منها. قال: وذلك من فِعْلِهِ، يدُلُّك على أَنـَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ.
قال: ويحتمل أَن يكون البُخَاري ما أَراد إِلاّ الجُلاَّب، بالجيم، ولهذا تَرْجَم البابَ بِه، وبالــطِّيب، ولكن الذي يُرْوَى في كتابِه إِنما هو بالحاءِ، وهو بها أَشْبَهُ، لأَنَّ الــطِّيبَ، لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل،
أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى، لأَنـَّه إِذا بَدَأَ بِه ثم اغْتَسَل، أَذْهَبَه الماءُ.
والحَلَبُ، بالتحريك: اللَّبَنُ الـمَحْلُوبُ، سُمِّيَ بالـمَصْدَرِ، ونحوُه كثير.
والحلِيب: كالحَلَب، وقيل: الحَلَبُ: المحلوب من اللَّبن، والحَلِيبُ
مَا لم يَتَغَيَّر طعْمه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ
قال ابن سيده: عندي أَنَّ الحَلَب ههنا، هو الحَلِيبُ
لـمُعادلَته إِياه بالقارِصِ، حتى كأَنـَّه قال: كان ربيب لَبَنٍ حلِيبٍ، ولبنٍ قارِصٍ، وليس هو الحَلَب الذي هو اللَّبن الـمَحْلُوبُ. الأَزهري: الحَلَب: اللَّبَنُ الحَلِيبُ؛ تَقولُ: شَرِبْتُ لَبَناً حَلِيباً وحَلَباً؛ واستعارَ بعضُ الشعراءِ الحَلِيبَ لشَراب التَّمْرِ فقال يصف النَّخْل:
لهَا حَلِيبٌ كأَنَّ المِسْكَ خَالَطَه، * يَغْشَى النَّدامَى عَلَيه الجُودُ والرَّهَق
والإِحْلابَة: أَن تَحلُب لأَهْلِكَ وأَنتَ في الـمَرْعى لَبَناً، ثم تَبْعَثَ به إِلَيْهم، وقد أَحْلَبَهُم. واسمُ اللَّبَنِ: الإِحْلابَة أَيضاً.
قال أَبو منصور: وهذا مَسْمُوعٌ عن العَرَب، صَحِيحٌ؛ ومنه الإِعْجالَةُ والإِعْجالاتُ. وقيل: الإِحْلابَةُ ما زادَ على السِّقَاءِ من اللَّبَنِ، إِذا جاءَ به الراعِي حين يورِدُ إِبلَه وفيه اللَّبَن، فما زادَ على السِّقَاءِ فهو إِحْلابَةُ الحَيِّ. وقيل: الإِحْلابُ والإِحلابَةُ من اللَّبَنِ أَن تكون إِبِلُهم في الـمَرْعَى، فمَهْما حَلَبُوا جَمَعُوا، فَبَلَغَ
وَسْقَ بَعيرٍ حَمَلوه إِلى الحَيِّ. تقولُ مِنهُ: أَحْلَبْتُ أَهْلي. يقال:
قد جاءَ بإِحْلابَينِ وثَلاثَة أَحاليبَ، وإِذا كانوا في الشاءِ والبَقَر،
ففَعلوا ما وَصَفْت، قالوا جاؤُوا بإِمْخَاضَيْنِ وثَلاثةِ أَماخِيضَ.
ابن الأَعرابي: ناقَةٌ حَلْباةٌ رَكْباةٌ أَي ذاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ، وهي أَيضاً الحَلْبانَةُ والرَّكْبانَة. ابن سيده: وقالوا: ناقةٌ حَلْبانَةٌ وحَلْباةٌ وحَلَبُوت: ذاتُ لَبَنٍ؛ كما قالوا رَكْبانَةٌ ورَكْباةٌ ورَكَبُوتٌ؛ قال الشاعر يصف ناقة:
أَكْرِمْ لـنَا بنَاقَةٍ أَلوفِ
حَلْبانَةٍ، رَكْبانَةٍ، صَفُوفِ،
تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ
قوله رَكْبانَةٍ: تَصْلُح للرُّكُوب؛ وقوله صَفُوفٍ: أَي تَصُفُّ أَقْداحاً من لَبَنِها، إِذا حُلِبَت، لكَثْرة ذلك اللَّبن. وفي حديث نُقادَةَ الأَسَدِيِّ: أَبْغِني ناقَةً حَلْبانَةً رَكْبانَةً أَي غزيرةً تُحْلَبُ، وذَلُولاً تُرْكَبُ، فهي صالِحَة للأَمـْرَين؛ وزيدَت الأَلِفُ والنونُ في بِنائهِما، للمبالغة. وحكى أَبو زيد: ناقَةٌ حَلَبَاتٌ، بلَفْظِ الجمع، وكذلك حكى: ناقَةٌ رَكَباتٌ وشاةٌ تُحْلُبَةٌ(1)
(1 قوله «وشاة تحلبة إلخ» في القاموس وشاة تحلابة بالكسر وتحلبة بضم التاء واللام وبفتحهما وكسرهما وضم التاء وكسرها مع فتح اللام.) وتِحْلِبة وتُحْلَبة إِذا خَرَج من
ضَرْعِها شيءٌ قبلَ أَن يُنْزَى عليها، وكذلك الناقَة التي تُحْلَب قبلَ
أَن تَحمِلَ، عن السيرافي.
وحَلَبَه الشاةَ والناقَةَ: جَعَلَهُما لَه يَحْلُبُهُما، وأَحْلَبَه إِيَّاهما كذلك؛ وقوله:
مَوَالِيَ حِلْفٍ، لا مَوالي قَرابَةٍ، * ولكِنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيا
فإِنه جَعَلَ الإِحْلابَ بمَنْزلة الإِعطاءِ، وعدَّى يُحْلَبونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْنَ.
وفي الحديث: الرَّهْن مَحْلُوبٌ أَي لِـمُرْتَهنِه أَن يَأْكُلَ لَبَنَهُ، بقدر نَظَرهِ عليه، وقِيامِه بأَمْره وعَلفِه.
وأَحْلَبَ الرَّجُلُ: ولدَتْ إِبِلُه إِناثاً؛ وأَجْلَبَ: وَلدَتْ لهُ ذُكوراً. ومِن كلامهم: أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ؟ فمعنى أَأَحْلَبْتَ: أَنُتِجَت نُوقُك إِناثاً؟ ومعنى أَمْ أَجْلَبْت: أَم نُتِجَت ذكوراً؟
وقد ذكر ذلك في ترجمة جَلَب. قال، ويقال: ما لَه أَجْلَبَ ولا أَحْلَبَ؟ أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كلُّها ذكوراً، ولا نُتِجَتْ إِناثاً فتُحْلَب. وفي
الدعاءِ على الإِنْسانِ: ما لَه حَلَبَ ولا جَلَبَ، عن ابن الأَعرابي، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ وَجْهَه. ويدعُو الرَّجُلُ على الرَّجُلِ فيقول: ما لَه أَحلب ولا أَجْلَبَ، ومعنى أَحْلَبَ أَي وَلدَت إِبِلُه الإِناثَ دون الذُّكور، ولا أَجْلَب: إِذا دَعا لإِبِلِه أَن لا تَلِدَ الذُّكورَ، لأَنه الـمَحْقُ الخَفِيُّ لذَهابِ اللَّبنِ وانْقِطاعِ
النَّسْلِ.واستَحْلَبَ اللبنَ: اسْتَدَرَّه.
وحَلَبْتُ الرجُلَ أَي حَلَبْتُ له، تقول منه: احلُبْني أَي اكْفِني
الحَلْبَ، وأَحْلِبْني، بقَطْعِ الأَلِفِ، أَي أَْعِنِّي على الحَلبِ.
والحَلْبَتانِ: الغَداةُ والعَشِيُّ، عن ابن الأَعرابي؛ وإِنما سُمِّيَتا
بذلك للحَلَبِ الذي يكونُ فيهما.
وهاجِرةٌ حَلُوبٌ: تَحلُبُ العَرَقَ.
وتَحَلَّبَ العَرَقُ وانْحَلَبَ: سال. وتَحَلَّبَ بَدَنُه عَرَقاً: سالَ
عَرَقُه؛ أَنشد ثعلب:
وحَبَشِيَّيْنِ، إِذا تَحَلَّبا، * قالا نَعَمْ، قالا نَعَمْ، وصَوَّبَا
تَحَلَّبا: عَرِقا.
وتَحَلَّبَ فُوه: سالَ، وكذلك تَحَلَّب النَّدَى إِذا سالَ؛ وأَنشد:
وظلَّ كتَيْسِ الرَّمْلِ، يَنْفُضُ مَتْنَه، * أَذاةً به مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
شبّه الفَرَسَ بالتَّيْس الذي تَحَلَّبَ عليه صائِكُ الـمَطَرِ مِن الشَّجَر؛ والصائِك: الذي تَغَيَّرَ لَوْنُه ورِيحُه.
وفي حديث ابن عُمَر، رضي اللّه عنهما، قال: رأَيت عمر يَتَحَلَّبُ فُوه، فقال: أَشْتَهي جراداً مَقْلُوّاً أَي يَتَهَيَّأُ رُضابُه للسَّيَلانِ؛
وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ أَي نَسْتَدِرُّ السَّحابَ.
وتَحَلَّبَتْ عَيْناهُ وانْحَلَبَتا؛ قال:
وانْحَلَبَتْ عَيْناهُ من طُولِ الأَسى
وحَوالِبُ البِئْرِ: منابع مائِها، وكذلك حَوالِبُ العُيونِ الفَوَّارَةِ، وحَوالِبُ العُيونِ الدَّامِعَةِ؛ قال الكميت:
تَدَفَّق جُوداً، إِذا ما الْبِحا * رُ غاضَتْ حَوالِبُها الحُفَّلُ
أَي غارَتْ مَوَادُّها.
ودَمٌ حَلِيبٌ: طرِيٌّ، عن السُكَّري؛ قال عَبْدُ ابْنُ حَبِيبٍ
الهُذَلِيُّ:
هُدُوءًا، تحتَ أَقْمَرَ مُسْتَكِفٍّ، * يُضِيءُ عُلالَةَ العَلَقِ الحَلِيبِ
والحَلَبُ من الجِبايَةِ مثلُ الصَّدَقَةِ ونحوِها مـما لا يكونُ وظِيفَةً مَعْلومَةَ: وهي الإِحْلابُ في دِيوانِ الصَّدَقَاتِ، وقد تَحَلَّبَ الفَيْءُ.
الأَزهري أَبو زيد: بَقَرةٌ مُحِلٌّ، وشاة مُحِلٌّ، وقد أَحَلَّتْ إِحْلالاً إِذا حَلَبَتْ، بفتح الحاءِ، قبلَ وِلادها؛ قال: وحَلَبَتْ أَي أَنْزَلَتِ اللبَنَ قبلَ وِلادِها.
والحَلْبَة: الدَّفْعَة من الخَيْلِ في الرِّهانِ خاصَّة، والجمعُ حَلائِبُ على غير قياسٍ؛ قال الأَزهري:
(يتبع...)
(تابع... 1): حلب: الحَلَبُ: استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ، يكونُ في الشاءِ... ...
ولا يقال للواحدِ منها حَلِيبَة ولا حِلابَة؛ وقال العجاج:
وسابِقُ الحَلائِبِ اللِّهَمُّ
يريد جَماعَة الحَلْبة. والحَلْبَة، بالتَّسْكِين: خَيْلٌ تُجْمع للسِّباقِ من كلِّ أَوْبٍ، لا تَخْرُجُ من مَوْضِعٍ واحِدٍ، ولكن من كلِّ حَيٍّ؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نَحْنُ سَبَقْنَا الحَلَبَاتِ الأَرْبَعَا، * الفَحْلَ والقُرَّحَ في شَوْطٍ مَعَا
وهو كما يقالُ للقومِ إِذا جاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ للنُّصْرَةِ قد أَحْلَبُوا. الأَزهري: إِذا جاءَ القومُ من كلِّ وَجْهٍ، فاجْتَمَعُوا لحَرْبٍ
أَو غير ذلك، قيل: قد أَحْلَبُوا؛ وأَنشد:
إِذا نَفَرٌ، منهم، رَؤبة أَحْلَبُوا * عَلى عامِلٍ، جاءَتْ مَنِيَّتُهُ تَعْدُو 1
(1 قوله «رؤبة» هكذا في الأصول.)
ابن شميل: أَحْلَبَ بنو فلانٍ مع بَني فلانٍ إِذا جاؤُوا أَنْصاراً لهم.
والـمُحْلِبُ: الناصِرُ؛ قال بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
ويَنْصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ، * مَتى تَدْعُهُمْ، يوماً، إِلى الرَّوْعِ، يَرْكَبوا
أَشارَ بِهِمْ، لَمْعَ الأَصَمِّ، فأَقْبَلُوا * عَرانِينَ لا يَأْتِيه، للنَّصْرِ، مُحْلِبُ
قوله: لَمْعَ الأَصَمِّ أَي كما يُشِيرُ الأَصمُّ بإِصْبَعِهِ، والضمير في
أَشار يعود على مُقَدَّمِ الجَيْش؛ وقوله مُحْلِبُ، يقول: لا يَأْتِيهِ
أَحدٌ ينصره من غير قَوْمِه وبَنِي عَمِّه. وعَرانِينَ: رُؤَساءَ. وقال في التهذيب: كأَنـَّه قال لَمَعَ لَمْع الأَصَمِّ، لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ
الجوابَ، فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ، وقوله: لا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لا
يأْتِيهِ مُعِينٌ من غيرِ قَوْ مِهِ، وإِذا كان الـمُعِين مِن قَوْمِه، لم
يَكُنْ مُحْلِباً؛ وقال:
صَريحٌ مُحْلِبٌ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، * لِحَيٍّ بينَ أَثْلَةَ والنِّجَامِ(2)
(2 قوله «صريح» البيت هكذا في أصل اللسان هنا وأورده في مادة نجم:
نزيعاً محلباً من أَهل لفت
إلخ. وكذلك أَورده ياقوت في نجم ولفت، وضبط لفت بفتح اللام وكسرها مع اسكان الفاء.)
وحالَبْت الرجُلَ إِذا نَصَرْتَه وعاوَنْتَه. وحَلائِبُ الرجُلِ:أَنْصارُه من بَني عَمِّه خاصَّةً؛ قال الحرِثُ بن حلزة:
ونَحْنُ، غَداةَ العَيْن، لَـمَّا دَعَوْتَنَا، * مَنَعْناكَ، إِذْ ثابَتْ عَلَيْكَ الحَلائِبُ
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبونَ حَلْباً وحُلُوباً: اجْتَمَعوا وتأَلَّبُوا من كلِّ وَجْه.
وأَحْلَبُوا عَلَيك: اجْتَمَعُوا وجاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ. وأَحْلَبَ القَوْمُ أَصْحابَهُم: أَعانُوهُم. وأَحْلَبَ الرجُلُ غيرَ قَوْمِهِ: دَخَل بَيْنَهم فَأَعانَ بعضَهُم على بَعْضٍ، وهو رَجُلٌ مُحْلِبٌ. وأَحْلَبَ الرَّجُلُ صاحِبَه إِذا أَعانَه على الحَلْبِ. وفي المثل: لَيْسَ لهَا رَاعٍ، ولكِنْ حَلَبَة؛ يُضْرَب للرجُل، يَسْتَعِينُك فتُعِينُه، ولا مَعُونَةَ عِنْدَه.
وفي حديث سَعْدِ بن مُعاذٍ: ظَنَّ أَنَّ الأَنْصارَ لا
يَسْتَحْلِبُونَ لَه على ما يُريدُ أَي لا يَجْتَمِعُون؛ يقال: أَحْلَبَ القَو مُ
واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرة والإعانَةِ، وأَصلُ الإِحْلابِ
الإِعانَةُ على الحَلْبِ؛ ومن أَمثالهم:
لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الحَلائِب
يعني الجَماعَاتِ. ومن أَمْثالِهِم: حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي اسْتَعَنْتَ بمَنْ يَقُوم بأَمْرِكَ ويُعْنى بحاجَتِكَ. ومن أَمـْثالِهِم في الـمَنْع: لَيْسَ في كلِّ حين أُحْلَبُ فأُشْرَبُ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الـمُنْذِريُّ عن أَبي الهَيْثم؛ قال أَبو عبيد: وهذا المَثَلُ يُرْوى عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قاله في حديث سُئِلَ عنه، وهو يُضْرَبُ في كلِّ شيءٍ يُمْنَع. قال، وقد يقال: ليس كلّ حِينٍ أَحْلُبُ فأَشْرَب. ومن
أَمثالهم: حَلَبَتْ حَلْبَتَها، ثم أَقْلَعَتْ؛ يُضْرَبُ مثلاً للرجُلِ
يَصْخَبُ ويَجْلُبُ، ثم يَسْكُتُ من غير أَن يَكونَ منه شَيءٌ غير
جَلَبَتِه وصِياحِه.
والحالِبانِ: عِرْقان يَبْتَدَّانِ الكُلْيَتَيْنِ من ظَاهِرِ البَطْنِ، وهُما أَيضاً عِرقانِ أَخْضَرانِ يَكتنِفان السُّرَّة إِلى البَطْن؛ وقيل هُما عِرْقان مُسْتَبْطِنَا القَرْنَيْن. الأَزهري: وأَما قولُ الشمَّاخ:
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ، أَنْصَبَتْه، * حَوالِبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنِينِ
فإِن أَبا عمرو قال: أَسْهَراهُ: ذكَرُه وأَنْفُه؛ وحَوالِبُهُما: عُرُوقٌ تَمُدُّ الذَّنِين من الأَنْفِ، والـمَذْيَ مِن قَضِيبِه. ويُروَى حَوالِبُ أَسْهَرَتْهُ، يعني عُرُوقاً يَذِنُّ منْها أَنْفُه.
والحَلْبُ: الجُلُوسُ على رُكْبَةٍ وأَنـْتَ تَأْكُلُ؛ يقال: احْلُبْ فكُلْ. وفي الحديث: كان إِذا دُعِيَ إِلى طَعام جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ؛ هو
الجلوسُ على الرُّكْبة ليَحْلُبَ الشاةَ. يقال: احْلُبْ فكُلْ أَي اجْلِسْ، وأَراد به جُلوسَ الـمُتَواضِعِين.
ابن الأَعرابي: حَلَبَ يَحْلُبُ: إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ.
أَبو عمرو: الحَلْبُ: البُروكُ، والشَّرْبُ: الفَهْم. يقال: حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا بَرَكَ؛ وشَرَب يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ. ويقال للبَلِيدِ: احْلُبْ ثم اشْرُبْ.
والحلباءُ: الأَمَةُ الباركةُ من كَسَلِها؛ وقد حَلَبَتْ تَحْلُب إِذا بَرَكَت على رُكْبَتَيْها.
وحَلَبُ كلِّ شيءٍ: قشره، عن كُراع.
والحُلْبة والحُلُبة: الفَريقةُ. وقال أَبو حنيفة: الحُلْبة نِبْتة لها حَبٌّ أَصْفَر، يُتَعالَجُ به، ويُبَيَّتُ فيُؤْكَلُ. والحُلْبة: العَرْفَجُ والقَتَادُ. وصَارَ ورقُ العِضَاهِ حُلْبةً إِذا خرج ورقُه وعَسا واغْبَرَّ، وغَلُظَ عُودُه وشَوْكُه. والحُلْبة: نَبْتٌ معروفٌ، والجمع حُلَب. وفي حديث خالدِ ابنِ مَعْدانَ: لَوْيَعْلَمُ الناسُ ما في الحُلْبةِ لاشْتَرَوْها، ولو بوزنِها ذَهَباً. قال ابن الأَثير: الحُلْبةُ: حَبٌّ معروف؛ وقيل: هو من ثَمَرِ العِضاه؛ قال: وقد تُضَمُّ اللامُ.
والحُلَّبُ: نباتٌ يَنْبُت في القَيْظِ بالقِيعانِ، وشُطْآنِ الأَوْدية، ويَلْزَقُ بالأَرضِ، حتى يَكادَ يَسوخُ، ولا تأْكلُه الإِبل، إِنما تأْكلُه الشاءُ والظِّباءُ، وهي مَغْزَرَة مَسْمَنةٌ، وتُحْتَبلُ عليها الظِّباءُ. يقال: تَيْسُ حُلَّبٍ، وتَيْسٌ ذُو
حُلَّبٍ، وهي بَقْلة جَعْدةٌ غَبْراءُ في خُضْرةٍ، تَنْبسِطُ على الأَرضِ، يَسِيلُ منها اللَّبَنُ، إِذا قُطِعَ منها شيءٌ؛ قال النابغة يصف فرساً:
بعارِي النَّواهِقِ، صَلْتِ الجَبِينِ، * يَسْتَنُّ، كالتَّيْسِ ذي الحُلَّبِ
ومنه قوله:
أَقَبَّ كَتَيْسِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ
وقال أَبو حنيفة: الحُلَّبُ نبتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرض، وتَدُومُ
خُضْرتُه، له ورقٌ صِغارٌ، يُدبَغُ به. وقال أَبو زيادٍ: من الخِلْفةِ
الحُلَّبُ، وهي شجرة تَسَطَّحُ على الأَرض، لازِقةٌ بها، شديدةُ الخُضْرةِ، وأَكثرُ نباتِها حين يَشْتَدُّ الحرُّ. قال، وعن الأَعراب القُدُم: الحُلَّبُ يَسْلَنْطِحُ على الأَرض، له ورقٌ صِغارٌ مرٌّ، وأَصلٌ يُبْعِدُ في الأَرض، وله قُضْبانٌ صِغارٌ، وسِقاءٌ حُلَّبيٌّ ومَحْلوبٌ، الأَخيرة عن أَبي حنيفة، دُبِغَ بالحُلَّبِ؛ قال الراجز:
دَلْوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالحُلَّبِ
تَمَأّى أَي اتَّسَعَ. الأَصمعي: أَسْرَعُ الظِّباءِ تَيْسُ الحُلَّبِ، لأَنه قد رَعَى الرَّبيعَ والرَّبْلَ؛ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من الرَّيِّحة في أَيامِ الصَّفَرِيَّة، وهي عشرون يوماً من آخر القَيْظِ، والرَّيِّحَة تكونُ منَ الحُلَّبِ، والنَّصِيِّ والرُّخامى والـمَكْرِ، وهو أَن يظهَر النَّبْتُ في أُصوله، فالتي بَقِيَتْ من العام الأَوَّل في الأَرضِ، تَرُبُّ الثَّرَى أَي تَلْزَمُه.
والـمَحْلَبُ: شَجَرٌ له حَبٌّ يُجْعَلُ في الــطِّيبِ، واسمُ ذلك الــطِّيبِ الـمَحْلَبِيَّةُ، على النَّسَبِ إِليه؛ قال أَبو حنيفة: لم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ بشيءٍ مِنْ بلادِ العَرَبِ. وحَبُّ الـمَحْلَبِ: دواءٌ من الأَفاويهِ، وموضِعُه الـمَحْلَبِيَّة.
والحِلِبْلابُ: نبتٌ تَدومُ خُضْرَتُه في القَيْظِ، وله ورقٌ أَعْرَضُ
من الكَفِّ، تَسْمَنُ عليه الظِّباءُ والغنمُ؛ وقيل: هو نَباتٌ سُهْليٌّ
ثُلاثيٌّ كسِرِطْرَاطٍ، وليس برُباعِيٍّ، لأَنه ليس في الكَلامِ
كَسِفِرْجالٍ.
وحَلاَّبٌ، بالتشديد: اسمُ فَرَسٍ لبَني تَغْلبَ. التهذيبُ: حَلاَّبٌ من
أَسماءِ خيلِ العرب السابقة. أَبو عبيدة: حَلاَّبٌ من نِتاجِ الأَعْوجِ.
الأَزهري، عن شمر: يومٌ حَلاَّبٌ، ويومٌ هَلاَّبٌ، ويومٌ همَّامٌ، ويومٌ
صَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ؛ فأَما الهَلاَّبُ فاليابسُ بَرْداً، وأَما
الحَلاَّب ففيه نَدىً، وأَما الهَمَّامُ فالذي قد هَمَّ بالبَرْد.
وحَلَبُ: مدينةٌ بالشامِ؛ وفي التهذيب: حَلَبُ اسمُ بَلَدٍ من الثُّغُورِ الشامِيَّة.
وحَلَبانُ: اسمُ مَوْضعٍ؛ قال الـمُخَبَّل السعدي:
صَرَمُوا لأَبْرَهَةَ الأُمورَ، مَحَلُّها * حَلَبانُ، فانْطَلَقُوا مع الأَقْوالِ
ومَحْلَبةُ ومُحْلِب: مَوْضِعانِ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يا جارَ حَمْراءَ، بأَعْلى مُحْلِبِ،
مُذْنِبَةٌ، فالقـــــــــاعُ غَيْرُ مُذْنِبِ،
لا شيءَ أَخْزَى مِن زِناءِ الأَشْيَب
قوله:
مُذنِبَة، فالْقـــــــاعُ غيرُ مُذْنِبِ
يقول: هي المذنبة لا القاعُ، لأَنه نَكَحَها ثَمَّ.
ابن الأَعرابي: الحُلُبُ السُّودُ من كلِّ الحَيوانِ. قال: والحُلُبُ
الفُهَماءُ من الرِّجالِ.
الأَزهري: الحُلْبُوبُ اللَّوْنُ الأَسْودُ؛ قال رؤْبة:
واللَّوْنُ، في حُوَّتِه، حُلْبُوبُ
والحُلْبُوبُ: الأَسْوَدُ من الشَّعَرِ وغيره. يقال: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ أَي حالِكٌ. ابن الأَعرابي: أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ وسُحْكُوكٌ وغِرْبيبٌ؛ وأَنشد:
أَمـَا تَرانِي، اليَوْمَ، عَشّاً ناخِصَا، * أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ وابِصَا
عَشّاً ناخِصاً: قليلَ اللحم مَهْزُولاً. ووابِصاً: بَرَّاقاً.