[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore
في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:
خلع: خَلَعَ الشيءَ يَخْلَعُه خَلْعاً واختَلَعه: كنَزَعه إِلا أَنَّ في
الخَلْعِ مُهْلة، وسَوَّى بعضهم بين الخَلْع والنَّزْعِ. وخلَعَ النعلَ
والثوبَ والرِّداءَ يَخْلَعُه خَلْعاً: جَرَّده.
والخِلْعةُ من الثياب: ما خَلَعْتَه فَطَرَحْتَه على آخر أَو لم
تَطْرَحْه. وكلُّ ثوب تَخْلَعُه عنك خِلْعةٌ؛ وخَلَع عليه خِلْعةً.
وفي حديث كعب: إِنَّ من تَوْبَتي أَن أَنْخَلِعَ من مالي صَدَقةً أَي
أَخرُجَ منه جميعه وأَتَصَدَّقَ به وأُعَرَّى منه كما يُعَرَّى الإِنسانُ
إِذا خلعَ ثوبه.
وخلَع قائدَه خَلْعاً: أَذالَه. وخلَع الرِّبقةَ عن عُنُقه: نقَض
عَهْدَه. وتَخالَع القومُ: نقَضُوا الحِلْفَ والعَهْدَ بينهم. وفي الحديث: من
خَلَعَ يداً من طاعة لَقِيَ اللهَ لا حُجّة له أَي من خرج من طاعةِ
سُلْطانِه وعَدا عليه بالشرّ؛ قال ابن الأَثير: هو من خَلَعْتُ الثوب إِذا
أَلْقَيْتَه عنك، شبَّه الطاعة واشتمالَها على الإِنسان به وخصّ اليد لأَن
المُعاهَدة والمُعاقَدةَ بها. وخلَع دابته يَخْلَعُها خَلْعاً وخَلَّعها:
أَطْلَقها من قَيْدها، وكذلك خَلَع قَيْدَه؛ قال:
وكلُّ أُناسٍ قارَبوا قيْدَ فَحْلِهم،
ونحنُ خَلَعْنا قيْدَه، فهو سارِبُ
وخلَع عِذاره: أَلْقاه عن نفسه فعَدا بشَرّ، وهو على المَثل بذلك. وخلع
امرأَته خُلْعاً، بالضم، وخِلاعاً فاختلَعَت وخالَعَتْه: أَزالَها عن
نفسه وطلقها على بَذْل منها له، فهي خالعٌ، والاسم الخُلْعةُ، وقد تَخالعا،
واخْتَلَعَت منه اخْتِلاعاً فهي مخْتلِعةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُولَعاتٌ بِهاتِ هاتِ، فإِن شفْـ
ـفَر مالٌ أَرَدْنَ مِنْكَ الخِلاعا
شَفَّر مالٌ: قلَّ. قال أَبو منصور: خَلَع امرأَتَه وخالَعها إِذا
افْتَدَت منه بمالها فطلَّقها وأَبانها من نفسه، وسمي ذلك الفِراق خُلْعاً
لأَن الله تعالى جعل النساء لباساً للرجال، والرجالَ لباساً لهنَّ، فقال:
هنَّ لِباسٌ لكم وأَنتم لباس لهن؛ وهي ضجِيعهُ وضَجيعتهُ فإِذا افتدت
المرأَة بمال تعطيه لزوجها ليُبِينَها منه فأَجابها إِلى ذلك، فقد بانت منه
وخلَع كل واحد منهما لباسَ صاحبه، والاسم من كل ذلك الخُلْعُ، والمصدر
الخَلْع، فهذا معنى الخُلع عند الفقهاء. وفي الحديث: المُخْتَلِعاتُ هن
المُنافِقاتُ يعني اللاَّتي يَطْلُبْنَ الخُلْع والــطلاق من أَزْواجِهن بغير
عُذْر؛ قال ابن الأَثير: وفائدة الخُلْع إِبْطال الرَّجْعة إِلا بعقد جديد،
وفيه عند الشافعي خلاف هل هو فَسْخٌ أَو طَلاق، وقد يسمى الخُلع طلاقــاً.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ امرأَة نَشَزَت على زوجها فقال له
عمر: اخْلَعْها أَي طَلِّقْها واتْرُكْها.
والخَوْلَعُ: المُقامِرُ المَجْدُودُ الذي يُقْمِرُأَبداً. والمُخالِعُ:
المُقامِرُ؛ قال الخراز بن عمرو يخاطِبُ امرأَته:
إِنَّ الرَّزِيّةَ ما أُلاكِ، إِذا
هَرَّ المُخالِعُ أَقْدُحَ اليَسَرِ
(* قوله: ما أُلاك، هكذا في الأصل.)
فهو المُقامِرُ لأَنه يُقْمَرُ خُلْعَته. وقوله هَرَّ أَي كَره.
والمَخْلُوع: المَقْمُورُ مالَه؛ قال الشاعر يصف جملاً:
يعُزُّ على الطَّرِيق بِمَنْكِبَيْه،
كما ابْتَرَكَ الخَلِيعُ على القِداحِ
يقول: يَغْلِب هذا الجَملُ الإِبلَ على لُزُوم الطريق، فشبَّه حِرْصَه
على لزُوم الطريق وإِلحاحَه على السيْر بحِرْص هذا الخَلِيع على الضَّرْب
بالقِداح لعله يَسْتَرْجِع بعض ما ذهب من ماله. والخَلِيعُ: المَخْلُوعُ
المَقْمُورُ مالَه. وخلَعَه: أَزالَه. ورجل خَلِيعٌ: مَخْلُوع عن نفسه،
وقيل: هو المَخْلوع من كل شيء، والجمع خُلْعاء كما قالوا قَبيل وقُبَلاء.
وغُلام خَلِيعٌ بيِّنُ الخَلاعةِ، بالفتح: وهو الذي قد خلَعه أَهلُه،
فإِن جنى لم يُطالَبُوا بجِنايته. والخَوْلَعُ: الغلام الكثيرُ الجِناياتِ
مثل الخَليع. والخَليعُ: الرجل يَجْني الجِناياتِ يُؤْخذ بها أَولياؤُه
فيتبرَّؤُون منه ومن جنايته ويقولون: إِنّا خلَعْنا فلاناً فلا نأْخذ
أَحداً بجناية تُجْنى عليه، ولا نؤَاخَذ بجناياته التي يَجْنيها، وكان يسمى في
الجاهلية الخَلِيعَ. وفي حديث عثمان: أَنه كان إِذا أُتِيَ بالرجل قد
تخلَّع في الشراب المُسْكِر جلده ثمانين؛ هو الذي انهمك في الشراب ولازَمه
ليلاً ونهاراً كأَنه خلَع رَسَنَه وأَعطى نفْسه هَواها. وفي حديث ابن
الصَّبْغاء: وكان رجل منهم خَلِيعٌ أَي مُسْتَهْتَرٌ بالشرب واللهو، هو من
الخَلِيع الشاطِر الخَبيث الذي خَلَعَتْه عشيرته وتَبرَّؤُوا منه. ويقال:
خُلِعَ من الدِّين والحياء، وقومٌ خُلَعاءُ بَيِّنُو الخَلاعةِ. وفي
الحديث: وقد كانت هذيل خلَعوا خَلِيعاً لهم في الجاهلية؛ قال ابن الأَثير:
كانوا يتعاهَدون ويتعاقَدون على النُّصْرة والإِعانة وأَن يُؤْخذ كل واحد
منهم بالآخر، فإِذا أَرادوا أَن يَتَبرَّؤُوا من إِنسان قد حالَفوه
أَظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفِعْل خُلْعاً، والمُتَبَرَّأَ منه خَليعاً أَي
مَخْلوعاً فلا يُؤْخَذون بجنايته ولا يُؤْخَذُ بجنايتهم، فكأَنهم خَلَعوا
اليمين التي كانوا لَبِسوها معه، وسمَّوْه خُلْعاً وخَلِيعاً مَجازاً
واتِّساعاً، وبه يسمى الإِمام والأَميرُ إِذا عُزِلَ خَليعاً، لأَنه قد
لَبِسَ الخِلافة والإِمارة ثم خُلِعَها؛ ومنه حديث عثمان، رضي الله عنه، قال
له: إِن اللهَ سَيُقَمِّصُكَ قَمِيصاً وإِنك تُلاصُ على خَلْعِه؛ أَراد
الخلافةَ وتَرْكَها والخُروجَ منها. وخَلُع خَلاعةً فهو خَليعٌ:
تَبَاعَدَ. والخَلِيعُ: الشاطِرُ وهو منه، والأُنثى بالهاء. ويقال للشاطِر:
خَلِيعٌ لأَنه خلَع رَسَنَه. والخَلِيعُ: الصَّيادُ لانفراده. والخَليعُ:
الذِّئب. والخَلِيعُ: الغُول. والخَلِيعُ: المُلازِمُ للقِمار. والخَلِيعُ:
القِدْح الفائزُ أَوّلاً، وقيل: هو الذي لا يَفُوزُ أَوَّلاً؛ عن كراع،
وجمعه خِلْعة.
والخُلاعُ والخَيْلَعُ والخَوْلَعُ: كالخَبَلِ والجنون يُصِيب الإِنسان،
وقيل: هو فَزَع يَبْقى في الفُؤَاد يكاد يَعْتَرِي منه الوَسْواسُ،
وقيل: الضعْفُ والفزَعُ؛ قال جرير:
لا يُعْجِبَنَّكَ أَن تَرَى بمُجاشِع
جَلَدَ الرِّجالِ، وفي الفُؤَادِ الخَوْلَعُ
والخَوْلَعُ: الأَحْمَقُ. ورجل مَخْلوعُ الفُؤَاد إِذا كان فَزِعاً. وفي
الحديث: من شَرِّ ما أُعْطِيَ الرجلُ شُحٌّ هالِعٌ وجُبْنٌ خالعٌ أَي
شديد كأَنه يَخْلَعُ فؤادَه من شدَّة خَوْفه؛ قال ابن الأَثير: وهو مجاز في
الخَلْعِ والمراد به ما يَعْرِضُ من نَوازِع الأَفكار وضَعْفِ القلب عند
الخَوْف. والخَوْلَعُ: داءٌ يأْخذ الفِصال. والمُخَلَّع: الذي كأَنَّ به
هَبْتةً أَو مَسًّا. وفي التهذيب: المُخَلَّع من الناس، فَخصَّص. ورجل
مُخَلَّعٌ وخَيْلَعٌ: ضَعِيف، وفيه خُلْعةٌ أَي ضَعْفٌ. والمُخَلَّعُ من
الشِّعر: مَفْعولن في الضرب السادس من البَسيط مُشتَقٌّ منه، سمي بذلك
لأَنه خُلِعَتْ أَوْتاده في ضَرْبه وعَرُوضه، لأَن أَصله مستفعلن مستفعلن في
العروض والضرب، فقد حُذف منه جُزْآن لأَنَّ أَصله ثمانية، وفي
الجُزْأَين وتِدانِ وقد حذفت من مستفعلن نونه فَقُطِعَ هذان الوتدانِ فذهب من
البيت وتدان، فكأَنَّ البيتَ خُلِّعَ إِلا أَن اسم التخليع لَحِقَه بقطع نون
مستفعلن، لأَنهما من البيت كاليدين، فكأَنهما يدان خُلِعتا منه، ولما نقل
مستفعلن بالقطع إِلى مفعولن بقي وزنه مثل قوله:
ما هَيَّجَ الشَّوْقَ من أَطْلالٍ
أَضْحَتْ قِفاراً، كَوَحْيِ الواحِي
فسمي هذا الوزن مخلعاً؛ والبيت الذي أَورده الأَزهري في هذا الموضع هو
بيت الأَسود:
ماذا وُقوفي على رَسْمٍ عَفا،
مُخْلَوْلِقٍ دارِسٍ مُسْتَعْجِم
وقال: المُخَلَّع من العَرُوض ضرب من البسيط وأَورده. ويقال: أَصابه في
بعض أَعْضائه بَيْنُونة، وهو زوالُ المَفاصل من غير بَيْنُونة.
والتخلُّع: التفكُّك في المِشْيةِ، وتخلَّع في مَشْيه: هَزَّ
مَنْكِبَيْه ويديه وأَشار بهما. ورجل مُخَلَّع الأَلْيَتَيْنِ إِذا كان
مُنْفكَّهما. والخَلْعُ والخَلَع: زوال المَفْصِل من اليَد أَو الرِّجل من غير
بَيْنونة. وخَلَعَ أَوصالَه: أَزالها. وثوب خَلِيعٌ: خلَقٌ.
والخالع: داء يأْخُذ في عُرْقوب الناقةِ. وبعير خالِعٌ: لا يَقدِر أَن
يَثُورَ إِذا جلَس الرجل على غُرابِ وَرِكه، وقيل: إِنما ذلك لانْخِلاع
عَصَبةِ عُرْقوبه. ويقال: خُلِعَ الشيخ إِذا أَصابه الخالعُ، وهو التواءُ
العُرْقوب؛ قال الراجز:
وجُرَّةٍ تَنْشُصُها فَتَنْتَشِصْ
من خالِعٍ يُدْرِكُه فَتَهْتَبِصْ
الجُرَّة: خَشبة يُثَقَّل بها حِبالة الصائد فإِذا نَشِب فيها الصَّيْد
أَثْقَلَتْه.
وخَلَعَ الزرْعُ خَلاعةً: أَسْفَى. يقال: خَلَعَ الزرْعُ يَخْلَعُ
خَلاعةً إِذا أَسْفَى السُّنْبُل، فهو خالِعٌ. وأَخْلَعَ: صار فيه الحَبّ.
وبُسْرة خالِعٌ وخالِعةٌ: نَضِيجةٌ، وقيل: الخالع بغير هاء البُسْرة إِذا
نَضِجَتْ كلُّها. والخالِعُ من الرُّطب؛ المُنْسَبِتُ. وخلَعَ الشِّيحُ
خَلْعاً: أَوْرَقَ، وكذلك العِضاه. وخَلَع: سقَط ورَقُه، وقيل: الخالِعُ من
العِضاه الذي لا يسقُط ورقه أَبداً. والخالِعُ من الشجر: الهَشِيم
السَّاقِطُ. وخلَع الشجرُ إِذا أَنبَت ورقاً طريّاً.
والخَلْعُ: القَدِيدُ المَشْوِيُّ، وقيل: القَديدُ يُشْوَى واللحم
يُطْبَخُ ويجعل في وِعاءٍ بإِهالَتِه. والخَلْعُ: لحم يُطْبَخُ بالتَّوابل،
وقيل: يُؤخذ من العِظام ويُطبخ ويُبَزَّر ثم يجعل في القَرْف،وهو وِعاءٌ من
جِلْد، ويُتَزَوَّدُ به في الأَسفار.
والخَوْلَعُ: الهَبِيدُ حين يُهْبَد حتى يخرج سَمْنه ثم يُصَفَّى
فيُنَحَّى ويجعل عليه رَضِيضُ التمْرِ المَنْزُوع النَّوَى والدَّقِيقُ، ويُساط
حتى يَخْتَلِط ثم يُنْزل فيُوضع فإِذا بَرَد أُعِيد عليه سَمنه.
والخَوْلَعُ: الحَنظل المَدْقُوق والمَلْتُوت بما يُطَيِّبه ثم يُؤْكل وهو
المُبَسَّل. والخَوْلَعُ: اللحم يُغْلَى بالخلّ ثم يُحْمَلُ في الأَسْفار.
والخَوْلَعُ: الذِّئب.
وتَخَلَّع القوم: تَسَلَّلوا وذهبوا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ودَعا بني خلَفٍ، فباتُوا حوْلَهُ،
يَتَخَلَّعُونَ تَخَلُّعَ الأَجْمالِ
والخالِع: الجَدْي. والخَلِيعُ والخَلْيَعُ: الغُول.
والخَلِيعُ: اسم رجل من العرب. والخُلَعاءُ: بطن من بني عامر.
والخَيْلَعُ من الثياب والذِّئاب: لغة في الخَيْعَل. والخَيْلَعُ:
الزَّيت؛ عن كراع. والخَيْلَعُ: القُبَّةُ من الأَدم، وقيل: الخَيْلَعُ الأَدم
عامّة؛ قال رؤبة:
نفْضاً كنفْضِ الريحِ تُلْقِي الخَيْلَعا
وقال رجل من كلب:
ما زِلْتُ أَضْرِبُه وأَدْعو مالِكاً،
حتى تَرَكْتُ ثِيابَه كالخَيْلَعِ
والخَلَعْلَعُ: من أَسماء الضِّباع؛ عنه أَيضاً. والخُلْعةُ: خِيار
المال؛ وينشد بيت جرير:
مَنْ شاءَ بايَعْتُه مالي وخُلْعَتَهُ،
ما تَكْمُل التَّيْمُ في ديوانِهِم سَطَرا
وخُلْعة المالِ وخِلْعَتُه: خِيارُه. قال أَبو سعيد: وسمي خِيارُ المال
خُلْعة وخِلْعة لأَنه يَخْلَع قلب الناظر إِليه؛ أَنشد الزجاج:
وكانت خُِلْعةً دُهْساً صَفايا،
يَصُورُ عُنوقَها أَحْوَى زَنِيمُ
يعني المِعْزى أَنها كانت خِياراً. وخُلْعةُ ماله: مُخْرَتُه.
وخُلِعَ الوالي أَي عُزِلَ. وخَلَع الغُلامُ: كَبُرَ زُبُّه.
أَبو عمرو: الخَيْعَلُ قَمِيصٌ لا كُمَّيْ له
(* قال الهُوريني في
تعليقه على القاموس: قوله لا كُمَّي له، قال الصاغاني: وإِنما أُسقطت النون من
كُمَّين للاضافة لأن اللام كالمُقحمة لا يُعتدّ بها في مثل هذا
الموضع.). قال الأَزهري: وقد يُقلب فيقال خَيْلَع.
وفي نوادر الأَعراب: اختلَعوا فلاناً: أَخذوا ماله.
فرق: الفَرْقُ: خلاف الجمع، فَرَقه يَفْرُقُه فَرْقاً وفَرَّقه، وقيل:
فَرَقَ للصلاح فَرْقاً، وفَرَّق للإِفساد تَفْريقاً، وانْفَرَقَ الشيء
وتَفَرَّق وافْتَرقَ. وفي حديث الزكاة: لا يُفَرَّقُ
بين مجتمع ولا يجمع بين مُتَفَرِّق خشية الصدقة، وقد ذكر في موضعه
مبسوطاً، وذهب أَحمد أَن معناه: لو كان لرجل بالكوفة أَربعون شاةً وبالبصرة
أَربعون كان عليه شاتان لقوله لا يُجْمَعُ
بين مُتفرِّق، ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه، ولو
كانت له إِبل متفرقة في بلْدانٍ شَتَّى إِن جُمِعَتْ وجب فيها الزكاة،
وإِن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء. وفي الحديث:
البَيِّعَانِ بالخيار ما لم يَفْتَرِقَا
(* قوله «ما لم يفترقا» كذا في الأصل،
وعبارة النهاية: ما لم يتفرقا، وفي رواية: ما لم يفترقا)؛ اختلف الناس في
التَّفَرُّق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه فقيل: هو بالأَبدان، وإِليه ذهب
معظم الأَئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأَحمد،
وقال أَبو حنيفة ومالك وغيرهما: إِذا تعاقدا صحَّ البيع وإِن لم
يَفْتَرِقَا، وظاهر الحديث يشهد للقول الأَول، فإِن رواية ابن عمر في تمامه: أَنه
كان إِذا بايع رجلاً فأَراد أَن يتمّ البيعُ قام فمشى خَطَوات حتى
يُفارقه، وإِذا لم يُجْعَل التَّفَرُّق شرطاً في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة،
فإِنه يُعْلَم أَن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار،
وكذلك البائع خيارُه ثابتٌ في ملكه قبل عقد البيع. والتَّفَرّقُ
والافْتِراقُ سواء، ومنهم من يجعل التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ في الكلام؛ يقال
فَرَقْت بين الكلامين فافْترقَا، وفَرَّقْتُ
بين الرجلين فَتَفَرّقا. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فَرِّقُوا عن
المَنِيَّة واجعلوا الرأْس رأْسين؛ يقول: إِذا اشتريتم الرقيق أَو غيره من
الحيوان فلا تُغَالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأْس الواحد رأْسين، فإِن
مات الواحد بقي الآخر فكأَنكم قد فَرَّقتم مالكم عن المنيّة. وفي حديث ابن
عمر: كان يُفَرِّق بالشك ويجمع باليقين، يعني في الــطلاق وهو أَن يحلف
الرجل على أَمر قد اختلف الناس فيه ولا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ منهم فكان
يُفَرِّق بين الرجل والمرأَة احتياطاً فيه وفي أَمثاله من صور الشك، فإِن
تبين له بعد الشك اليقينُ
جَمَعَ بينهما. وفي الحديث: من فارَقَ الجماعة فَمِيتَتُه جاهليّة؛ يعني
أَن كل جماعة عَقَدت عَقْداً يوافق الكتاب والسنَّة فلا يجوز لأَحد أَن
يفارقهم في ذلك العقد، فإِن خالفهم فيه استحق الوعيد، ومعنى قوله فميتته
جاهلية أَي يموت على ما مات عليه أَهل الجاهلية من الضلال والجهل. وقوله
تعالى: وإِذ فَرَقْنا بكم البحر؛ معناه شققناه. والفِرْقُ: القِسْم،
والجمع أَفْراق. ابن جني: وقراءة من قرأَ فَرَّقنا بكم البحر، بتشديد الراء،
شاذة، من ذلك، أَي جعلناه فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حقي منه
بالتَّفَارِيق.
والفِرْقُ: الفِلْق من الشيء إِذا انْفَلَقَ منه؛ ومنه قوله تعالى:
فانْفَلَق فكان كلُّ فِرْقٍ كالطَّوْد العظيم. التهذيب: جاءَ
تفسير فرقنا بكم البحر في آية أُخرى وهي قوله تعالى: وأَوحينا إِلى موسى
أَن اضرب بعصاك البحر فانْفَلَق فكان كل فِرْقٍ كالطود العظيم؛ أَراد
فانْفَرَق البحرُ فصار كالجبال العِظام وصاروا في قَرَاره. وفَرَق بين
القوم يَفْرُق ويَفْرِق. وفي التنزيل: فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين؛
قال اللحياني: وروي عن عبيد بن عمير الليثي أَنه قرأَ فافْرِقْ بيننا،
بكسر الراء.
وفَرَّقَ
بينهم: كفَرَقَ؛ هذه عن اللحياني. وتَفَرَّق القوم تَفَرُّقاً
وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عن اللحياني. الجوهري: فَرَقْتُ بين الشيئين أَفْرُق
فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ
وافْتَرَقَ
وتَفَرَّق، قال: وفَرَقْتُ أَفْرُق بين الكلام وفَرَّقْتُ بين
الأَجسام، قال: وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: البَيِّعان بالخيار ما لَم
يَتَفَرقا بالأَبدان، لأَنه يقال فَرَّقْتُ بينهما فَتَفَرَّقا. والفُرْقة:
مصدر الافْتِرَاقِ. قال الأَزهري: الفُرْقة اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي
من الافْتِرَاقِ. وفي حديث ابن مسعود: صلَّيت مع النبي، صلى الله عليه
وسلم، بمنىً ركعتين ومع أَبي بكر وعمر ثم تَفَرَّقَتْ بكم الطُرُق، أَي ذهب
كل منكم إِلى مذهب ومَالَ إِلى قول وتركتم السُّنة.
وفارَقَ
الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، والاسم الفُرْقة. وتَفَارق
القومُ: فَارَقَ بعضهم بعضاً. وفَارَقَ فلان امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً:
بايَنَها. والفِرْقُ
والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطائفة من الشيء المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ:
طائفة من الناس، والفَرِيقُ أَكثر منه. وفي الحديث: أَفارِيق العرب، وهو جمع
أَفْراقٍَ، وأَفراقٌ جمع فِرْقةِ، قال ابن بري: الفَرِيقُ من الناس
وغيرهم فِرْقة منه، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قال جرير:
أَتَجْمعُ قولاً بالعِراقِ فَرِيقُهُ،
ومنه بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟
قال: وأَفْرَاق جمع فِرَقٍ، وفِرَقٌ جمع فِرْقةٍ، ومثله فِيقَةٌ وفِيَق
وأَفْواق وأَفَاويق. والفِرْقُ: طائفة من الناس، قال: وقال أَعرابي
لصبيان رآهم: هؤُلاء فِرْقُ سوء. والفَرِيقُ الطائفة من الناس وهم أَكثر من
الفِرْقِ، ونيَّة فَرِيقٌ: مُفَرَّقة؛ قال:
أَحَقّاً أَن جِيرتَنَا اسْتَقَلُّوا؟
فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
قال سيبويه: قال فَرِيقٌ كما تقول للجماعة صَدِيق. وفي التنزيل: عن
اليمين وعن الشمال قَعيدٌ؛ وقول الشاعر:
أَشهدُ بالمَرْوَةِ يوماً والصَّفَا،
أَنَّكَ خيرٌ من تَفارِيقِ العَصَا
قال ابن الأَعرابي: العصا تكسر فيتخذ منها ساجُورٌ، فإِذا كُسر
السَّاجُور اتُّخِذَت منه الأَوْتادُ: فإِذا كُسر الوَتِد اتخذت منه التَّوَادِي
تُصَرُِّ بِهَا الأَخْلاف. قال ابن بري: والرجز لغنية الأَعرابية، وقيل
لامرأَة قالتهما في ولدها وكان شديد العَرَامة مع ضعف أَسْرٍ ودِقَّةٍ،
وكان قد واثب فَتىً فقطع أَنفه فأَخذت أُمه دِيَتَه، ثم واثب آخر فقطع شفته
فأَخذت أُمه ديتها، فصلحت حالها فقالت البيتين تخاطبه بهما.
والفَرْقُ: تَفْرِيقُ
ما بين الشيئين حين يَتَفَرَّقان. والفَرْقُ: الفصل بين الشيئين. فَرَقَ
يَفْرُقُ فَرْقاً: فصل: وقوله تعالى: فالفَارِقاتِ فَرْقاً، قال ثعلب:
هي الملائكة تُزَيِّل بين الحلال والحرام. وقوله تعالى: وقرآناً
فَرَقْناه، أَي فصلناه وأَحكمناه، مَنْ خفَّف قال بَيَّناه من فَرَقَ يَفْرُق،
ومن شدَّد قال أَنزلناه مُفَرَّقاً في أَيامٍ. التهذيب: قرئَ فَرَّقْناه
وفَرَقْناهُ، أَنزل الله تعالى القرآن جملةً إِلى سماءِ الدنيا ثم نزل
على النبي، صلى الله عليه وسلم، في عشرين سنة، فَرَّقةُ الله في التنزيل
ليفهمه الناس. وقال الليث: معناه أَحكمناه كقوله تعالى: فيها يُفَرَّقُ
كل أَمر حكيم؛ أَي يُفَصَّل، وقرأَه أَصحاب عبد الله مخففاً، والمعنى
أَحكمناه وفصلناه. وروي عن ابن عباس فَرَّقْناه، بالتثقيل، يقول لم ينزل في
يوم ولا يومين نزل مُتَفَرِّقاً، وروي عن ابن عباس أَيضاً فَرَقْناه
مخففة. وفَرَقَ الشعرَ
بالمشط يَفرُقُه ويَفْرِقُه فَرْقاً وفَرَّقه: سَرَّحه. والفَرْقُ: موضع
المَفْرِق من الرأْس. وفَرْقُ الرأْس: ما بين الجبين إِلى الدائرة؛ قال
أَبو ذؤيب:
ومَتْلَف مثل فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُه
مَطَارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ
شبّهه بفَرْقِ الرأْس في ضيقه، ومَفْرِقُه ومَفْرَقُه كذلك: وسط رأْسه.
وفي حديث صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن انْفَرَقَتْ عَفِيقَتُه
فَرَقَ
وإِلاَّ فلا يبلغ شعرُه شَحْمة أُذنه إِذا هو وَفَّرَه أَي إِن صار شعره
فِرْقَيْن بنفسه في مَفْرقه تركه، وإِن لم يَنْفَرِقْ لم يَفْرِقْه؛
أَراد أَنه كان لا يَفْرُق شعره إِلاَّ يَنْفَرِق هو، وهكذا كان أَول الأَمر
ثم فَرَقَ. ويقال للماشطة: تمشط كذا وكذا فَرْقاً أَي كذا وكذا ضرباً.
والمَفْرَق والمَفْرِقُ: وسط الرأْس وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشعر، وكذلك
مَفْرَق الطريق. وفَرَقَ له عن الشيء: بيَّنه له ؛ عن ابن جني.
ومَفْرِقُ الطريق ومَفْرَقُه: مُتَشَعَّبُه الذي يَتَشَعَّب منه طريق آخر، وقولهم
للمَفِْرِق مَفَارِق كأَنهم جعلوا كل موضع منه مَفْرِقاً فجمعوه على
ذلك. وفَرَقَ له الطريق أَي اتجه له طريقان.
والفَرَقُ في النبات: أَن يَتَفرَّق قِطَعاً من قولهم أَرض فَرِقَةٌ في
نبتها، فَرَق على النسب لأَنه لا فعل له، إِذا لم تكن
(* الضمير يعود
إِلى الأرض الفَرِقة.) واصبَةً متصلة النبات وكان مُتَفَرِّقاً. وقال أَبو
حنيفة: نبت فَرِقٌ صغير لم يغطِّ الأَرض. ورجل أَفْرقُ: للذي ناصيته
كأَنها مَفْروقة، بيِّن الفَرَق
(* بيّن الفرق أي الرجل الأَفرق)، وكذلك
اللحية، وجمع الفَرَق أَفْراق؛ قال الراجز:
يَنْفُضُ عُثْنوناً كثيرَ الأَفْرَاقْ،
تَنْتِحُ ذِفْراهُ بمثل الدِّرْياقْ
الليث: الأَفْرقُ
شبه الأفْلَج إِلاَّ أَن الأَفْلَج زعموا ما يفلّج، والأَفْرَقُ خِلْقة.
والفرقاءُ من الشاءِ: البعيدة ما بين الخصيتين. ابن سيده: الأَفْرقُ:
المتباعد ما بين الثَّنِيَّتَيْنِ. وتَيْس أَفْرَقُ: بعيد ما بين
القَرْنَيْن. وبعير أَفْرَقُ: بعيد ما بين المَنْسِمَيْنِ. وديك أَفْرَقُ: ذو
عُرْفَيْنِ للذي عُرْفُه مَفْروق، وذلك لانفراج ما بينهما. والأفْرَقُ من
الرجال: الذي ناصيته كأَنها مفروقة، بيِّن الفَرَقِ، وكذلك اللحية، ومن
الخيل الذي إِحدى ورِكَيْهِ
شاخصة والأُخرى مطمئنة، وقيل: الذي نقصت إِحدى فخذيه عن الأُخرى وهو
يكره، وقيل: هو الناقص إِحدى الوركين؛ قال:
ليسَتْ من الفُرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ
وأَنشده يعقوب: من القِرْقِ البطاء، وقال: القِرْقُ الأَصل، قال ابن
سيده: ولا أَدري كيف هذه الرواية. وفي التهذيب: الأَفْرَقُ من الدواب الذي
إِحدى حَرْقَفَتَيْهِ شاخصة والأُخرى مطمئنة. وفرس أَفْرَقُ: له خصية
واحدة، والاسم الفَرَقُ من كل ذلك، والفعل من كل ذلك فَرِقَ فَرَقاً.
والمَفْروقان من الأَسباب: هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه أَي
يكون حرف متحرك وحرف ساكن ويتلوه حرف متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ،
وعِيلُنْ من مَفاعِيلُنْ.
والفُرْقانُ: القرآن. وكل ما فُرِقَ
به بينْ الحق والباطل، فهو فُرْقان، ولهذا قال الله تعالى: ولقد آتينا
موسى وهرون الفرقان. والفُرْق أَيضاً: الفُرْقان ونظيره الخُسْر
والخُسْران؛ وقال الراجز:
ومُشْرِكيّ كافر بالفُرْقِ
وفي حديث فاتحة الكتاب: ما أُنزل في التوراة ولا الإِنجيل ولا الزَّبُور
ولا الفُرْقانِ مِثْلُها؛ الفُرْقان: من أَسماء القرآن أَي أَنه فارِقٌ
بين الحق والباطل والحلال والحرام. ويقال: فَرَقَ بين الحق والباطل،
ويقال أَيضاً: فَرَقَ بين الجماعة؛ قال عدي بن الرِّقاع:
والدَّهْرُ يَفْرُقُ بين كلِّ جماعةٍ،
ويَلُفّ بين تَباعُدٍ وَتَناءِ
وفي الحديث: محمدٌ فَرْقٌ بين الناس أَي يَفْرُقُ بين المؤمنين
والكافرين بتصديقه وتكذيبه. والفُرْقان: الحُجّة. والفُرْقان: النصر. وفي
التنزيل: وما أَنزلنا على عبدنا يوم الفُرْقان، وهو يوم بَدْرٍ لأَن الله
أَظْهَرَ
من نَصْره ما كان بين الحق والباطل. التهذيب وقوله تعالى: وإِذ آتينا
موسى الكتاب والفُرْقان لعلكم تهتدون، قال: يجوز أَن يكونَ الفُرْقانُ
الكتاب بعينه وهو التوراة إِلا أَنه أُعِيدَ ذكره باسم غير الأَول، وعنى به
أَنه يَفْرُقُ بين الحق والباطل، وذكره الله تعالى لموسى في غير هذا
الموضع فقال تعالى: ولقد آتينا موسى وهرون الفُرْقانَ وضياء؛
أَراد التوراة فسَمّى جلّ ثناؤه الكتاب المنزل على محمد، صلى الله عليه
وسلم، فُرْقاناً وسمى الكتاب المنزل على موسى، صلى الله عليه وسلم،
فُرْقاناً، والمعنى أَنه تعالى فَرَقَ بكل واحد منهما بين الحق والباطل، وقال
الفراء: آتينا موسى الكتاب وآتينا محمداً الفُرْقانَ، قال: والقول الذي
ذكرناه قبله واحتججنا له من الكتاب بما احتججنا هو القول.
والفَارُوقُ: ما فَرَّقَ بين شيئين. ورجل فارُوقٌ: يُفَرِّقُ ما بين
الحق والباطل. والفارُوقُ: عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سماه الله به
لتَفْريقه بين الحق والباطل، وفي التهذيب: لأَنه ضرب بالحق على لسانه في حديث
ذكره، وقيل: إِنه أَظهر الإِسلام بمكة فَفَرَّقَ بين الكفر والإِيمان؛
وقال الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز:
أَشْبَهْتَ من عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ،
فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ به الأُمَمُ
وقال عتبة بن شماس يمدح عمر بن عبد العزيز أَيضاً:
إن أَوْلى بالحقّ في كلّ حَقٍّ،
ثم أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،
مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوا
نَ، ومَنْ كان جَدُّه الفارُوقا
والفَرَقُ: ما انفلق من عمود الصبح لأَنه فارَقَ سواد الليل، وقد
انْفَرَقَ، وعلى هذا أَضافوا فقالوا أَبْين من فَرَق الصبح، لغة في فَلَق
الصبح، وقيل: الفَرَقُ الصبح نفسه. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قال: وهو
الفَرَق والفَلَقُ للصبح؛ وأَنشد:
حتى إِذا انْشَقَّ عن إِنسانه فَرَقٌ،
هادِيهِ في أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ
والفارِقُ من الإِبل: التي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وحدها، وقيل:
هي التي أَخذها المَخاض فذهبت نادَّةً في الأَرض، وجمعها فُرَّق وفَوارِق،
وقد فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وكذلك الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة
بن طارق:
اعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارقِ،
ومَنْجَنُون كالأَتان الفارق،
من أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ
قال: وكذلك السحابة المنفردة لا تخلف وربما كان قبلها رعد وبرق؛ قال ذو
الرمة:
أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها
تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ
الجوهري: وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة فيقال
فارق. وقال ابن سيده: سحابة فارِقٌ منقطعة من معظم السحاب تشبه بالفارِقِ
من الإِبل؛ قال عبد بني الحَسْحاسِ يصف سحاباً:
له فُرَّقٌ منه يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ،
يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
فجعل له سوابي كسوابي الإِبل اتساعاً في الكلام، قال ابن بري: ويجمع
أَيضاً على فُرَّاق؛ قال الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْ
قِ رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ
ابن الأَعرابي: الفارقُ من الإِبل التي تشتد ثم تُلْقي ولدها من شدة ما
يمرّ بها من الوجع. وأَفْرَقَتِ الناقة: أَخرجت ولدها فكأَنها فارَقَتْه.
وناقة مُفْرق: فارقها ولدها، وقيل: فارقها بموت، والجمع مَفارِيق. وناقة
مُفْرِق: تمكث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَح. ابن الأَعرابي: أَفْرَقْنا
إِبلَنا لعام إِذا خلَّوْها في المرعى والكلإِ لم يُنْتِجوها ولم
يُلْقِحوها. قال الليث: والمطعون إِذا برأَ قيل أَفْرَق يُفْرِقُ إِفْراقاً. قال
الأَزهري: وكل عَليلٍ أَفاق من علته، فقد أَفْرَقَ. وأَفْرَقَ المريضُ
والمحْموم: برأَ، ولا يكون إِلا من مرض يصيب الإِنسان مرة واحدة
كالجُدَرِيّ والحَصْبة وما أَشبههما. وقال اللحياني: كل مُفِيقٍ من مرضه مُفْرق
فعَمّ بذلك. قال أَعرابي لآخر: ما أَمَارُ إِفْراقِ المَوْرود؟ فقال:
الرُّحَضاءُ؛ يقول: ما علامة برء المحموم، فقال العَرَق. وفي الحديث: عُدّوا
مَنْ أَفْرقَ من الحيّ أَي من برأَ من الطاعون.
والفِرْقُ، بالكسر: القطيع من الغنم والبقر والظباء العظيمُ، وقيل: هو
ما دون المائة من الغنم؛ قال الراعي:
ولكنما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّهُ
بفِرْق يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُهْ
يهجو بهذا البيت رجلاً من بني نُميرٍ اسمه قيس بن عاصم النُّميري يلقب
بالحَلالِ، وكان عَيَّره بإِبله فهجاه الراعي وعَيَّره أَنه صاحب غنم ومدح
إِبله، يقول أَمْتَعَهُ جدُّه أَي حظه بالغنم وليس له سواها؛ أَلا ترى
إِلى قوله قبل هذا البيت:
وعَيَّرَني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يَكُنْ
ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثَةِ خالقُه
والفَريقةُ: القطعة من الغنم. ويقال: هي الغنم الضالة؛ وهَجْهَجْ: زجر
للسباع والذِّئاب، والناعق: الراعي. والفَريقُ: كالفِرْقِ. والفِرْقُ
والفَريقُ من الغنم: الضالة. وأَفْرَقَ فلانٌ غنمه: أَضلَّها وأَضاعها.
والفَريقةُ من الغنم: أَن تتفرق منها قطعة أَو شاة أَو شاتان أَو ثلاث شياه
فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم؛ قال كثيِّر:
وذِفْرى ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف،
أَصاب فَرِيقةَ ليلٍ فعاثَا
وفي الحديث: ما ذِئْبانِ عادِيانِ أَصابا فَريقة غنمٍ؛ الفَرِيقةُ:
القطعة من الغنم تَشِذّ عن معظمها، وقيل: هي الغنم الضالة. وفي حديث أَبي ذر:
سئل عن ماله فقال فِرْقٌ لنا وذَوْدٌ؛ الفِرْقُ القطعة من الغنم. وقال
ابن بري في بيت كثيِّر: والخَلِيفُ الطريق بين الجبلين؛ وصواب إِنشاده
بذفرى لأَن قبله:
تُوالي الزِّمامَ، إِذا ما وَنَتْ
ركائِبُها، واحْتُثِثْنَ احْتِثاثا
ابن سيده: والفِرْقَةُ من الإِبل، بالهاء، ما دون المائة.
والفَرَقُ، بالتحريك: الخوف. وفَرِقَ منه، بالكسر، فَرَقاً: جَزِع؛ وحكى
سيبويه فَرِقَه على حذف من؛ قال حين مثّل نصب قولهم: أَو فَرَقاً خيراً
من حُبّ أَي أَو أَفْرَقُكَ فَرَقاً. وفَرِقَ عليه: فزع وأَشفق؛ هذه عن
اللحياني. ورجل فَرِقٌ وفَرُق وفَرُوق وفَرُوقَةٌ وفَرُّوق وفَرُّوقةٌ
وفاروق وفارُوقةٌ: فَزِعٌ شديد الفَرَق؛ الهاء في كل ذلك ليست لتأْنيث
الموصوف بما هي فيه إِنما هي إِشعار بما أُريد من تأْنيث الغاية والمبالغة.
وفي المثل: رُبَّ عَجَلة تَهَبُ رَيْثاً ورب فَرُوقةٍ يُدْعى ليْثاً؛
والفَرُوقة: الحُرْمة؛ وأَنشد:
ما زالَ عنه حُمْقُه ومُوقُه
واللؤْمُ، حتى انْتُهكتْ فَروقُه
وامرأَة فَرُوقة ولا جمع له؛ قال ابن بري: شاهد رجلٌ فَرُوقَة للكثير
الفزع قول الشاعر:
بَعَثْتَ غلاماً من قريشٍ فَرُوقَةً،
وتَتْرُك ذا الرأْي الأَصيلِ المُهَلَّبا
وقال مُوَيلك المَرْموم:
إِنِّي حَلَلْتُ، وكنتُ جدّ فَرُوقة،
بلداً يمرُّ به الشجاعُ فَيَفْزَعُ
قال: ويقال للمؤنث فَرُوقٌ أَيضاً؛ شاهده قول حميد بن ثور:
رَأَتْني مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً،
وفي الخيل رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
وفي حديث بدء الوحي: فَجُئِثْتُ منه فَرَقاً؛ هو بالتحريك الخوف والجزع.
يقال: فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، وفي حديث أَبي بكر: أَباللهِ
تُفَرِّقُني؟ أَي تخوِّفني. وحكى اللحياني: فَرَقْتُ الصبيّ إِذا رُعْتَه وأَفزعته؛
قال ابن سيده: وأراها فَرَّقت، بتشديد الراء، لأَن مثل هذا يأْتي على
فَعَّلت كثيراً كقولك فَزّعت ورَوَّعت وخوَّفت. وفارَقَني ففَرَقْتُه
أَفْرُقُه أَي كنت أَشد فَرَقاً منه؛ هذه عن اللحياني حكاه عن الكسائي. وتقول:
فَرِقْتُ منك ولا تقل فَرِقْتُكَ.
وأَفْرَقَ الرجلُ والطائر والسبع والثعلب:: سَلَحَ؛ أَنشد اللحياني:
أَلا تلك الثَّعالبُ قد تَوَِالَتْ
عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لتأْكلني، فَمَرَّ لهنَّ لَحْمِي،
فأَفْرَقَ، من حِذَاري، أَو أَتاعا
قال: ويروى فأَذْرَقَ، وقد تقدم.
والمُفْرِقُ: الغاوِي على التشبيه بذلك أَو لأَنه فارَق الرُّشد،
والأَول أَصح؛ قال رؤْبة:
حتى انتهى شيطانُ كلّ مُفْرِق
والفَريقةُ: أَشياء تخلط للنفساء من بُرّ وتمر وحُلْبة، وقيل: هو تمر
يطبخ بحلبة للنفساء؛ قال أَبو كبير:
ولقدْ ورَدْتُ الماء، لَوْنُ جِمامِهِ
لَوْنُ الفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ للمُدْنَفِ
قال ابن بري: صوابه ولقد ورَدتَ الماء، بفتح التاء، لأَنه يخاطب
المُرِّيّ. وفي الحديث: أَنه وصف لسعد في مرضه الفَريقةَ؛ هي تمر يطبخ بحلبة وهو
طعام يعمل للنفساء.
والفَرُوقة: شحم الكُلْيَتَيْنِ؛ قال الراعي:
فبتْنَا، وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزَّةٍ،
يُضِيءُ لنا شحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى
وأَنكر شمر الفَروقة بمعنى شحم الكليتين. وأَفرقوا إِبلهم: تركوها في
المرعى فلم يُنْتِجوها ولم يُلقحوها. والفَرْقُ: الكتَّان؛ قال:
وأَغْلاظ النُّجوم مُعَلَّقات
كحبل الفَرْقِ ليس له انتِصابُ
والفَرْق والفَرَقُ: مكيال ضخم لأَهل المدينة معروف، وقيل: هو أَربعة
أَرباع، وقيل: هو ستة عشر رطلاً؛ قال خِدَاشُ بن زهير:
يأْخُذونَ الأَرْشَ في إِخْوَتِهِم،
فَرَقَ السَّمْن وشاةً في الغَنَمْ
والجمع فُرْقان، وهذا الجمع قد يكون للساكن والمتحرك جميعاً، مثل بَطْن
وبُطْنان وحَمَل وحُمْلان؛ وأَنشد أَبو زيد:
تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في فُرْقان
قال: والصَّفُّ أَن تَحْلُبَ في مِحْلَبَيْنِ أَو ثلاثة تَصُفّ بينها.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتوضأُ بالمُدِّ ويغتسل
بالصاع، وقالت عائشة: كنت أَغتسل معه من إِناء يقال له الفَرَقُ؛ قال
أَبو منصور: والمحدِّثون يقولون الفَرْق، وكلام العرب الفَرَق؛ قال ذلك
أَحمد بن يحيى وخالد بن يزيد وهو إِناء يأْخذ ستة عشر مُدّاً وذلك ثلاثة
أَصْوُعٍ. ابن الأَثير: الفَرَقُ، بالتحريك، مكيال يسع ستة عشر رطلاً وهي
اثنا عشر مُدّاً، وثلاثة آصُعٍ عند أَهل الحجاز، وقيل: الفَرَق خمسة أَقساط
والقِسْط نصف صاع، فأَما الفَرْقُ، بالسكون، فمائة وعشرون رطلاً؛ ومنه
الحديث: ما أَسْكَرَ منه الفَرْقُ فالحُسْوةُ منه حرام؛ وفي الحديث الآخر:
من استطاع أَن يكون كصاحب فَرْقِ الأَرُزّ فليكن مثله؛ ومنه الحديث: في
كلِّ عشرةِ أَفْرُقِ عسلٍ فَرَقٌ؛ الأَفْرُق جمع قلة لفَرَقٍ كجبَلٍ
وأَجْبُل. وفي حديث طَهْفة: بارَكَ الله لهم في مَذْقِها وفِرْقِها، وبعضهم
يقوله بفتح الفاء، وهو مكيال يكال به اللبن
(* قوله «يكال به اللبن» الذي
في النهاية: البرّ). والفُرقان والفُرْقُ: إِناء؛ أَنشد أَبو زيد:
وهي إِذا أَدَرَّها العَيْدان،
وسطَعَت بمُشْرِفٍ شَبْحان،
تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في الفُرْقان
أَراد بالصَّفّ قَدَحَيْن، وقال أَبو مالك: الصف أَن يصفَّ بين القدحين
فيملأهما. والفُرقان: قدحان مفترقان، وقوله بمشرف شبحان أَي بعنق طويل؛
قال أَبو حاتم في قول الراجز:
ترفد بعد الصف في الفرقان
قال: الفُرْقان جمع الفَرْق، والفَرْق أَربعة أَرباع، والصف أَن تصفَّ
بين محلبين أَو ثلاثة من اللبن.
ابن الأَعرابي: الفِرْق الجبل والفِرْق الهَضْبة والفِرْق المَوْجة.
ويقال: وَقَّفْتُ فلاناً على مَفارِقِ الحديث أَي على وجوهه. وقد
فارَقْتُ فلاناً من حسابي على كذا وكذا إِذا قطعتَ الأَمر بينك وبينه على أَمر
وقع عليه اتفاقكما، وكذلك صادَرْتُه على كذا وكذا.
ويقال: فَرَقَ لي هذا الأَمرُ يَفْرُقُ فُرُوقاً إِذا تبين ووضح.
والفَرِيقُ: النخلة يكون فيها أُخرى؛ هذه عن أَبي حنيفة.
والفَرُوق: موضع؛ قال عنترة:
ونحن مَنَعْنا، بالفَرُوقِ، نساءَكُمْ
نُطَرِّف عنها مُبْسِلاتٍ غَوَاشِيا
والفُرُوق: موضع في ديار بني سعد؛ أَنشد رجل منهم:
لا بارَكَ اللهُ على الفُرُوقِ،
ولا سَقاها صائبَ البُرُوقِ
وفي حديث عثمان: قال لخَيْفان كيف تركتَ أَفارِيق العرب؟ هو جمع
أَفْراق، وأَفْراقٌ جمع فِرْق، والفِرْق والفَرِيقُ والفِرْقةُ بمعنى. وفَرَقَ
لي رأْيٌ أَي بدا وظهر. وفي حديث ابن عباس: فَرَقَ لي رأْيٌ أَي ظهر، وقال
بعضهم: الرواية فُرِقَ، على ما لم يسمَّ فاعله.
ومَفْروق: لقب النعمان بن عمرو، وهو أَيضاً اسم. ومَفْرُوق: اسم جبل؛
قال رؤبة:
ورَعْنُ مَفْرُوقٍ تَسامى أُرَّمُهْ
وذاتُ فِرقَيْن التي في شعر عَبيد بن الأَبرص: هَضْبة بين البصرة
والكوفة؛ والبيت الذي في شعر عبيد هو قوله:
فَرَاكِسٌ فَثُعَيْلَباتٌ،
فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ
وإفْريقيَةُ: اسم بلاد، وهي مخففة الياء؛ وقد جمعها الأَحوص على
أَفارِيق فقال:
أَين ابنُ حَرْبٍ ورَهْطٌ لا أَحُسُّهُمُ؟
كانواعلينا حَديثاً من بني الحَكَمِ
يَجْبُونَ ما الصِّينُ تَحْوِيهِ، مَقانِبُهُمْ
إلى الأَفارِيق من فخصْحٍ ومن عَجَمِ
ومُفَرِّقُ الغنم: هو الظِّرِبان إذا فَسا بينها وهي مجتمعة تفرقت. وفي
الحديث في صفته، عليه السلام: أَن اسمه في الكتب السالفة فَارِق لِيطا
أَي يَفْرُقُ بين الحق والباطل. وفي الحديث: تأتي البقرة وآل عمران كأنهما
فِرْقانِ من طير صَوافّ أَي قطعتان.
حمم: قوله تعالى: حم؛ الأزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال
آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: وعليه العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ:
السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال: قال حاميم
اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال
الزجاج: والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود: آل
حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ
السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،
نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال الجوهري: وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو
عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد:
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم
لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قال: وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد
بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وفي حديث الجهاد: إذا
بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير: قيل معناه اللهم لا
يُنْصَرُون، قال: ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا
يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل: إن السُّوَر التي
أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ
به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين
قال قولوا حاميم، قيل: ماذا يكون إذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أبو
حاتم: قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال: والصواب ذَواتُ طس
وذَواتُ حم وذواتُ أَلم.
وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ. وحُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما
أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي
وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني
فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيده: والتقدير عندي للِقائي
فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي. وحَمَّ
اللهُ له كذا وأَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ
أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري
لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ
وقال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي
قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً،
وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ
أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه: ما قُدِّرَ وقُضِيَ. يقال:
عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق،
والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومَ حَمٌّ لميعادها
أي قَدَرٌ، ويروى: هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له. ونزل به
حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَّمَ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر
يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ
وقال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: ويقال حَمَمْتُ ارتحال
البعير أي عجلته. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دنا وحضر؛ قال
زهير:وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو
معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم: وأَجَمَّتْ. وقال الأَصمعي:
أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير:
وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء: أَحَمَّتْ
في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ
الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه
كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من
حاجة. وقال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا
الكسائي: أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت
للبَيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ،
أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وقال: وكلهم يرويه بالحاء. وقال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال:
ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً،
وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال
الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ
فهو قُدِّرَ. وفي حديث أبي بكر: أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إنا
جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال
ابن الأثير: وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا
قرب دنا.
والحَمِيمُ: القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد
والجمع والمؤنث بلفظ واحد. والمْحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني.
واحْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له
كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،
كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ
ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها
يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً،
وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام. واحْتَمَّتْ عيني:
أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك،
وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن
ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ
أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا
الأمر أي ثابت عليه. واحْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. وهو من حُمَّةِ نفسي أي من
حُبَّتها، وقيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري: فلان حُمَّةُ نفسي
وحُبَّة نفسي.
والحامَّةُ: العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده. يقال:
كيف الحامَّةُ والعامة؟ قال الليث: والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه
ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال: هؤلاء
حامَّتُه أي أَقرِباؤه. وفي الحديث: اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي
أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان: خاصتُه ومن يقرب
منه؛ ومنه الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وقال الفراء في قوله
تعالى: ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم
يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك
الذي تهتم لأمره.
وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشيء: معظمه. وفي حديث عمر: إذا التقى الزَّحْفانِ وعند حُمَّةِ
النَّهْضات أي شدتها ومعظمها. وحُمَّةُ كل شيء: معظمه؛ قال ابن الأَثير:
وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّة ِ السِّنان.، وهي حِدَّتُه.
وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا،
حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ
الأزهري: ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود
بمعنى واحد. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. وشربتُ البارحة
حَميمةً أي ماء سخناً.
والمِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. ويقال: اشربْ
على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء
حارّ. والحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا.
وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ
إذا سُخِّنَ. وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. وكل ما سُخِّنَ فقد
حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما
فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما
يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا
يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء
الحارُّ، قال: والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده:
وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ
الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف. وفي الحديث
أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ.
الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري
لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا
بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى
بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا
تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف
حَمّاماً وهو قوله:
فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،
لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ
قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه
العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ
والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً
حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن
الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ
فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري: فالحَميم عند ابن الأعرابي من
الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت
المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ
ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم
وحكى شمر عن ابن الأعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان
جمراً تتبخر به.
والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن
دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ
والمَرْضَى. وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ
ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي
أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون. وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ
زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام. واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء
الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار. والاستِحْمامُ: الاغتسال
بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء
كان. وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي
يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو
كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه
الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله
عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف
الإبل:فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،
وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها
فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده.
والحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال
الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم
رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ
وقال ابن سيده: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ.
والحَمِيمُ: القَيْظ. والحميم: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ،
وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم
قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ،
إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به
الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا
دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يطيب عرقُه.
الأزهري: يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب
عَرَقُك.والحُمَّى والحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما
حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ: أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله
وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن
سيده: ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من
أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ
جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم
الحُمَّى؛ قال ابن سيده: وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى
والرُّجْعَى.والمَحَمَّةُ: أرض ذات حُمَّى. وأرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، وقيل:
ذات حُمَّى. وفي حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات
حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب. قال ابن سيده:
وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من
القياس أَن يقال، وقد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه
الآكلُ، وقيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا
كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات
حُمِّى كثيرة.
والحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه
الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة.
الأزهري عن ابن شميل: الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما
الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع
الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد
تقدم في بابه. ويقال: أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ
الناس.والحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛
قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ
وقيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء،
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء
الأصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ،
واحدتها حَمَّة، قال: وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال
الأزهري: والصحيح ما قال الأصمعي، قال: وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام
البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من
الألية بعد الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أذبتها. وحَمَّ الشحمةَ
يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها
يقول: تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. ويقال: خُذْ أَخاك
بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام.
والحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء،
والاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ
وقال الأَعشى:
فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ
فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ
وقال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ
أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأصمعي: وفي الكُمْتة لونان: يكون الفرس
كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً
وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده: والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة
والكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل
شيء. وفي حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل: الأَحَمّ
الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى
وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال
أبو كبير الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم
(* قوله «كحناء ظهر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: كجآء).
وقال حسان بن ثابت:
وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له،
من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
والاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ،
في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ
عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من
السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها.
والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري:
الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ.
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ،
بالكسر، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ:
الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من
النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل
حُمَمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِن رجلاً أَوصى
بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا
صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال
طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. ويقال أَيضاً:
حَمَّ الماءُ
أَي صار حارّاً. وحَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ.
وفي حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ
بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ.
وفي حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ
لَونه. وجارية حُمَمَةٌ: سوداء. واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛
أَنشد سيبويه:
وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو
الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قال ابن سيده: اليَحْمومُ الدخانُ. وقوله تعالى: وظِلٍّ من يَحْمومٍ،
عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول
قوله عز وجل: لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه
موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل: اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار،
قال الليث: واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان
للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ
وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد:
والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ،
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود من كل شيء. قال ابن سيده: وتسميته بالَيحْمومِ
تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون
من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس
أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ. والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة
حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. ونبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. وحَمَّمَ الفرخُ:
طلَع ريشُه، وقيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده: وحَمَّمَ
الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ
رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى
أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات
ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره
بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر
سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته.
وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشيء بعد الــطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما
هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما
هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ
حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قليل
وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً،
وكان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري: قال
سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة.
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته
فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الــطلاق،
وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في
معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل.
وثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ
المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ
وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام. ابن سيده: الحَمام من الطير البَرّيُّ
الذي لا يأْلَف البيوت، قال: وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال
الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: وأَما الحمام فكلُّ ما كان
ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع
على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال
للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا
فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول
العَجَّاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،
والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا
الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما
الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس
واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت،
وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. وروى
الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها
القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة،
آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما
عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية
والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم
يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. والهَدير: صوت الحمام كله، وجمعُ
الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول
الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا
وقال جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قال الجوهري: والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت
والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند
العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ
الهلالي:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة ههنا: قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة:
واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
(* وفي رواية أخرى: سِراعٍ)
هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قال: والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما
اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي،
وكان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛
قال ابن الأَثير: وفي حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ
والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛
قال: وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره.
وحُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري: وسنذكره
في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ،
وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً. والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛
قال:إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها
والحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:
يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ،
من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري
للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ
والحَمامة: خِيار المال. والحَمامة: سَعْدانة البعير. والحَمامة: ساحة
القصر النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة
الجميلة. والحمامة: حَلْقة الباب. والحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ.
والحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر
بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده: وهو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ
حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. وحَمَّةُ
وحُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض
الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة،
والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال،
وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً
كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير. وحَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو
طَريفَ بن عمرو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام
السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال
الشاعر:أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فقال:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء. وحِمَّانُ: حَيٌّ من
تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: وحَمَّانُ،
بالفتح، اسم رجل
(* قوله «وحمان بالفتح اسم رجل» قال في التكملة:؛ المشهور فيه
كسر الحاء). وحَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن
الأَعرابي، قال: وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد،
وليس بشيء. وقالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه: مالك
بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر.
والحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير
(* قوله «عند الشعير» أي عند
طلبه، أفاده شارح القاموس). وقد حَمْحَمَ، وقيل: الحَمْحَمة
والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث:
الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ
الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ
حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى
صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. وفي الحديث: لا يجيء أَحدُكم يوم
القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ. الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا
نَبَّ وأَراد السِّفادَ.
والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم
والخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء
المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قال ابن بري: وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه
حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. وقال مرة:
الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم. وقال مرة:
الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع.
والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع
أَعرابّياً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا:
حَمْحامِ.
واليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. واليَحاميمُ: الجبال السود.
بتت: البَتُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِل.
يقال: بَتَتُّ الحبلَ فانْبَتَّ. ابن سيده: بَتَّ الشيءَ يَبُتُّه،
ويَبِتُّه بَتّاً، وأَبَتَّه: قطَعه قَطْعاً مُسْتَأْصِلاً؛ قال:
فَبَتَّ حِبالَ الوصْلِ، بيني وبَيْنَها،
أَزَبُّ ظَهُورِ السَّاعِدَيْنِ، عَذَوَّرُ
قال الجوهري في قوله: بَتَّه يَبُتُّه قال: وهذا شاذّ لأَنَّ باب
المُضاعف، إِذا كانَ يَفْعِل منه مكسوراً، لا يجيءُ متعدِّياً إِلاَّ أَحرفٌ
معدودة، وهي بَتَّه يَبُتُّه وَيَبِتُّه، وعَلَّه في الشُّرب يَعُلُّه
ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، وشَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه،
وحَبَّه يَحِبُّه؛ قال: وهذه وحدَها على لغةٍ واحدةٍ. قال: وإِنما
سَهَّلَ تَعَدِّيَ هذه الأَحْرُف إِلى المفعول اشتراكُ الضم والكسر فيهنّ؛
وبَتَّتَه تَبْتِيتاً: شُدِّدَ للمبالغة، وبَتَّ هو يَبِتُّ ويَبُتُّ بَتّاً
وأَبَتَّ.
وقولهم: تَصَدَّقَ فلانٌ صَدَقَةً بَتاتاً وبَتَّةً بَتْلَةً إِذا
قَطَعَها المُتَصَدِّقُ بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، وقد انْقَطَعَتْ
منه؛ وفي النهاية: صدقة بَتَّةٌ أَي مُنْقَطِعَةٌ عن الإِمْلاكِ؛ وفي
الحديث: أَدْخَلَه اللَّهُ الجَنَّةَ البَتَّةَ.
الليث: أَبَتَّ فُلانٌ طَلاقَ امرأَتِه أَي طَلَّقَها طَلاقــاً باتّاً،
والمُجاوزُ منه الإِبْتاتُ. قال أَبو منصور: قول الليث في الإِبْتاتِ
والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد، لأَنه جَعَل الإِبْتات مُجاوزاً، وجعل
البَتَّ لازماً، وكلاهما مُتعدِّ؛ ويقال: بَتَّ فلانٌ طَلاقَ امرأَتِه، بغير
أَلف، وأَبَتَّه بالأَلف، وقد طَلَّقها البَتَّةَ.
ويقال: الطَّلْقةُ الواحدة تَبُتُّ وتَبِتُّ أَي تَقطَعُ عِصْمةَ
النكاح، إِذا انْقَضَتِ العدَّة. وطَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً وبَتاتاً أَي
قَطْعاً لا عَوْدَ فيها؛ وفي الحديث: طلَّقها ثلاثاً بَتَّةً أَي قاطعةً. وفي
الحديث: لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلاَّ في بيتها، هي المُطَلَّقة
طَلاقــاً بائِناً.
ولا أَفْعَلُه البَتَّةَ: كأَنه قَطَعَ فِعْلَهُ. قال سيبويه: وقالوا
قَعَدَ البَتَّةَ مصدر مُؤَكِّد، ولا يُستعمل إِلا بالأَلف واللام. ويقال:
لا أَفْعَلُه بَتَّةً، ولا أَفعلهُ البَتَّةَ، لكل أَمرٍ لا رَجْعة فيه؛
ونَصْبُه على المصدر. قال ابن بري: مذهب سيبويه وأَصحابه أَن البَتَّةَ
لا تكون إِلاَّ معرفة البَتَّةَ لا غَيْرُ، وإِنما أَجازَ تَنْكِيرَه
الفراءُ وَحْدَه، وهو كوفيٌّ.
وقال الخليل بن أَحمد: الأُمورُ على ثلاثة أَنحاءٍ، يعني على ثلاثة
أَوجه: شيءٌ يكون البَتَّةَ، وشيءٌ لا يكونُ البَتَّةَ، وشيءٌ قد يكون وقد لا
يكون. فأَما ما لا يكون، فما مَضَى من الدهر لا يرجع؛ وأَما ما يكون
البَتَّة، فالقيامةُ تكون لا مَحالة؛ وأَما شيءٌ قد يكون وقد لا يكون،
فمِثْل قَدْ يَمْرَضُ وقد يَصِحُّ.
وبَتَّ عليه القضاءَ بَتّاً، وأَبَتَّه: قطعه.
وسكرانُ ما يَبُتُّ كلاماً أَي ما يُبَيِّنُه. وفي المحكم: سَكْرانُ ما
يَبُتُّ كلاماً، وما يَبِتُّ، وما يُبِتُّ أَي ما يقطعه. وسكرانُ باتٌّ:
مُنْقَطِعٌ عن العمل بالسُّكْر؛ هذه عن أَبي حنيفة. الأَصمعي: سكرانُ ما
يَبُتُّ أَي ما يَقْطَعُ أَمْراً؛ وكان ينكر يُبِتُّ؛ وقال الفراءُ: هما
لغتان، يقال بَتَتُّ عليه القضاءَ، وأَبْتَتُّه عليه أَي قَطَعْتُه.
وفي الحديث: لا صِيامَ لمن لم يُبِتَّ الصيامَ من الليل؛ وذلك من
الجَزْم والقَطْع بالنية؛ ومعناه: لا صِيامَ لمن لم يَنْوِه قبل الفجر،
فيَجْزِمْه ويَقْطَعْه من الوقت الذي لا صَوْم فيه، وهو الليل؛ وأَصله من البَتّ
القَطْعِ؛ يقال: بَتَّ الحاكمُ القضاءَ على فلان إِذا قَطَعه وفَصَلَه،
وسُمِّيَتِ النيَّةُ بَتّاً لأَنها تَفْصِلُ بين الفِطْرِ والصوم. وفي
الحديث: أَبِتُّوا نكاحَ هذه النساءِ أَي اقْطَعُوا الأَمْر فيه،
وأَحْكِمُوه بشرائطه، وهو تَعْريضٌ بالنهي عن نكاح المُتْعةِ، لأَِنه نكاحٌ غير
مَبْتُوتٍ، مُقَدَّرٌ بمدّة. وفي حديث جُوَيريةَ، في صحيح مسلم: أَحْسِبُه
قال جُوَيرية أَو البَتَّةُ؛ قال: كأَنه شك في اسمها، فقال: أَحْسِبُه
جُوَيرية، ثم استدرك فقال: أَو أَبُتُّ أَي أَقْطَعُ أَنه قال جُوَيرية، لا
أَحْسِبُ وأَظُنُّ.
وأَبَتَّ يَمينَه: أَمْضاها.
وبَتَّتْ هي: وجَبَتْ، تَبُتُّ بُتُوتاً، وهي يَمين بَاتَّةٌ.
وحَلَفَ على ذلك يميناً بَتاً، وبَتَّةً، وبَتَاتاً: وكلُّ ذلك من
القَطْع؛ ويقال: أَعْطَيْتُه هذه القَطيعَةَ بَتّاً بَتْلاً. والبَتَّةُ
اشتقاقُها من القَطْع، غير أَنه يُستعمل في كل أَمْرٍ يَمضي لا رَجْعَةَ فيه،
ولا الْتِواءَ. وأَبَتَّ الرجلُ بعيرَه من شِدَّة السَّير، ولا تُبِتَّه
حتى يَمْطُوَه السَّيرُ؛ والمَطْوُ: الجِدُّ في السَّير.
والانْبِتاتُ: الانقِطاعُ.
ورجل مُنْبَتٌّ أَي مُنْقَطَعٌ به. وأَبَتَّ بعيرَه: قَطَعَه بالسير.
والمُنْبَتُّ في حديث الذي أَتْعَبَ دابَّتَه حتى عَطِبَ ظَهْرُه، فبَقِي
مُنْقَطَعاً به؛ ويقال للرجل إِذا انْقَطع في سفره، وعَطِبَتْ راحلَتُه:
صار مُنْبَتّاً؛ ومنه قول مُطَرَّفٍ: إِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضاً قَطَع،
ولا ظَهْراً أَبْقى.
غيره: يقال للرجل إِذا انْقُطِعَ به في سَفَرِه، وعَطِبَتْ راحِلَتُه:
قد انْبَتَّ من البَتِّ القَطْعِ، وهو مُطاوِعُ بَتَّ؛ يقال: بَتَّه
وأَبَتَّه، يريد أَنه بقي في طريقه عاجزاً عن مَقْصِدِهِ، ولم يَقْضِ وَطَرَه،
وقد أَعْطَب ظَهْرَه. الكسائي: انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا
انْقَطَعَ ماءُ ظَهْره؛ وأَنشد:
لقد وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ،
عند القيامِ، وانْبِتاتاً في السَّحَرْ
وبَتَّ عليه الشهادةَ، وأَبَتَّها: قَطَع عليه بها، وأَلزمه إِياها.
وفلانٌ على بَتاتِ أَمرٍ إِذا أَشرف عليه؛ قال الراجز:
وحاجةٍ كنتُ على بَتاتِها
والباتُّ: المَهْزُول الذي لا يقدر أَن يقوم. وقد بَتَّ يَبِتُّ
بُتُوتاً. ويقال للأَحْمق المَهْزولِ: هو باتٌّ. وأَحْمَقُ باتٌّ: شَديدُ
الحُمْق. قال الأَزهري: الذي حَفِظْناه عن الثِّقاتِ أَحْمَقُ تابٌّ مِن
التَّبَابِ، وهو الخَسارُ، كما قالوا أَحْمَقُ خاسِرٌ، دابرٌ، دامِرٌ.
وقال الليث: يقال انقطع فلانٌ عن فلانٍ، فانْبَتَّ حَبْلُه عنه أَي
انقطع وِصالُه وانْقَبض؛ وأَنشد:
فَحَلَّ في جُشَمٍ، وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً
بحَبْلهِ، من ذَوِي الغُرِّ الغَطاريفِ
ابن سيده: والبَتُّ كِساءٌ غليظٌ، مُهَلْهَلٌ، مُرَبَّع، أَخْضرُ؛ وقيل:
هو من وَبَرٍ وصُوفٍ، والجمع أَبُتٌّ وبِتاتٌ. التهذيب: البَتُّ ضرْبٌ
من الطَّيالِسة، يسمّى السَّاجَ، مُرَبَّعٌ، غليظ، أَخضر، والجمع:
البُتُوتُ. الجوهري: البَتُّ الطَّيْلَسانُ مِن خَزٍّ ونحوه؛ وقال في كِساءٍ من
صُوف:
مَن كان ذا بَتٍّ، فهذا بَتِّي
مُقيِّظٌ، مُصَيِّفٌ، مُشَتِّي،
تَخِذْتُه من نَعَجاتٍ سِتِّ
والبَتِّيُّ الذي يَعْمله أَو يبيعه، والبتَّاتُ مثلُه.
وفي حديث دار النَّدْوة وتَشاوُرِهم في أَمر النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم: فاعترضهم إِبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌّ أَي كساءٌ غليظ
مُرَبَّعٌ، وقيل: طَيْلَسان من خَزٍّ.
وفي حديث عليٍّ، عليه السلام: أَن طائفة جاءَت إِليه، فقال لقَنْبر:
بَتِّتْهمهم أَي أَعْطِهم البُتُوتَ. وفي حديث الحسن، عليه السلام: أَينَ
الذين طَرَحُوا الخُزُوزَ والحِبَراتِ، ولَبِسُوا البُتُوتَ والنِّمَرَاتِ؟
وفي حديث سُفْيان: أَجِدُ قَلْبي بين بُتُوتٍ وعَباءٍ. والبَتَاتُ:
متاعُ البيت. وفي حديث النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كَتَبَ لحارثة بنِ
قَطَنٍ ومَن بدُومةِ الجَنْدَل من كَلْب: إِنَّ لنا الضاحِيَةَ من
البَعْلِ، ولكم الضامنةُ من النَّخْلِ، ولا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ، ولا
يؤْخذ منكم عُشْرُ البَتاتِ؛ قال أَبو عبيد: لا يُؤْخَذ منكم عُشْر البَتاتِ،
يعني المتاع ليس عليه زكاة، مما لا يكون للتجارة. والبَتاتُ: الزادُ
والجِهَازُ، والجمع أَبِتَّةٌ؛ قال ابن مُقبل في البَتاتِ الزَّادِ:
أَشَاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ، ونِسْوةٌ
بِكِرْمانَ، يُغْبَقْنَ السَويقَ المُقَنَّدَا
وبَتَّتُوه: زَوَّدُوه. وتَبَتَّتَ: تَزَوَّدَ وتمَنَّعَ. ويقال: ما لَه
بَتاتٌ أَي ما لَه زادٌ؛ وأَنشد:
ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَنْ لم تَبِعْ له
بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ
وهو كقوله:
ويأْتيكَ بالأَخْبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ
أَبو زيد: طَحَنَ بالرَّحَة شَزْراً، وهو الذي يَذْهَبُ بالرَّحَى عن
يمينه، وبَتّاً، ابْتَدَأَ إِدارَتها عن يساره؛ وأَنشد:
ونَطْحَنُ بالرَّحَى شَزْراً وبَتّاً،
ولو نُعْطَى المَغازِلَ، ما عَيينَا
سهل: السَّهْلُ: نَقيضُ الحَزْن، والنسبة إِليه سُهْلِيٌّ. ونَهَرٌ
سَهِلٌ: ذو سِهْلَةٍ. والسُّهولة: ضد الحُزُونة، وقد سَهُل الموضعُ، بالضم.
ابن سيده: السَّهْلُ كل شيء إِلى اللِّين وقِلة الخشونة، والنسب إِليه
سُهْلِيٌّ، بالضم، على غير قياس. والسَّهِلُ: كالسَّهْل؛ قال الجعدي يصف
سحاباً:
حتى إِذا هَبَط الأَفْلاحَ وانْقَطَعَتْ
عنه الجَنوبُ، وحَلَّ الغائطَ السَّهِلا
وقد سَهُلَ سُهولةً. وسَهَّله: صَيَّره سَهْلاً. وفي الدعاء: سَهَّل
اللهُ عليك الأَمرَ ولك أَي حَمَل مؤنَته عنك وخَفَّفَ عليك. والسَّهْل من
الأَرض: نقيض الحَزن، وهو من الأَسماء التي أُجريت مُجْرى الظروف، والجمع
سُهول. وأَرض سَهْلة، وقد سَهُلَتْ سُهولةً، جاؤوا به على بناء ضده، وهو
قولهم حَزُنَتْ حُزُونةً. وأَسْهَلَ القومُ: صاروا في السَّهْل.
وأَسْهَلَ القومُ إِذا نزلوا السَّهْل بعدما كانوا نازلين بالحَزْن. وفي حديث رمي
الجمار: ثم يأْخذ ذاتَ الشِّمال فيُسْهِل فيقوم مُسْتقبلَ القبلة؛
أَسْهَلَ يُسْهِل إِذا صار إِلى السَّهْل من الأَرض، وهو ضد الحَزْن، أَراد
أَنه صار إِلى بطن الوادي. وأَسْهَلوا إِذا استعملوا السُّهولة مع الناس،
وأَحْزَنوا إِذا استعملوا الحُزونة؛ قال لبيد:
فإِن يُسْهِلوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتي،
وإِن يُحْزِنوا أَرْكَبْ بهم كُلَّ مَرْكَب
وقول غَيْلان الرَّبَعي يَصف حَلْبة:
وأَسْهَلوهُنَّ دُقاقَ البَطْحا
إِنما أَراد أَسْهَلوا بهنَّ في دُقاق البطحاء فحذف الحرف وأَوْصَل.
وبعيرٌ سُهْليٌّ: يَرْعى في السُّهولة.
والتسهيل: التيسير. والتَّساهُل: التسامُح. واسْتَسْهَلَ الشيءَ: عَدَّه
سَهْلاً. وفي الحديث: من كَذَبَ عليّ مُتَعَمِّداً فقد اسْتَهَلَ مكانَه
من جهنم أَي تَبَوَّأَ واتخذ مكاناً سَهْلاً من جهنَّم، وهو افْتَعَل من
السَّهْل، وليس في جهنم سَهْلٌ أَعاذنا الله منها برحمته.
ورَجُلٌ سَهْلُ الوجه؛ عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه
يُعْنى بذلك قلة لحمه وهو ما يُسْتَحْسَن. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين،
ورَجُلٌ سَهْلُ الخُلُق.
والسِّهْلة والسِّهْل: تراب كالرمل يجيء به الماء. وأَرض سَهِلةٌ: كثيرة
السِّهْلة، فإِذا قلت سَهْلة فهي نقيض حَزْنة. قال أَبو منصور: لم أَسمع
سَهِلة لغير الليث. ابن الأَعرابي: يقال لرَمْل البحر السِّهْلة؛ هكذا
قاله بكسر السين. أَبو عمرو بن العلاء: ينسب إِلى الأَرض السَّهْلة
سُهْلِيٌّ، بضم السين. الجوهري: السِّهْلة، بكسر السين، رَمْلٌ ليس بالدُّقاق.
وفي حديث أُم سلمة في مَقْتَل الحسين، عليه السلام: أَن جبريل، عليه
السلام، أَتاه بسِهْلة أَو تراب أَحمر؛ السِّهْلة: رمل خَشِن ليس بالدّقاق
الناعم.
وإِسْهالُ البَطْن: كالخِلْفَة، وقد أُسْهِل الرَّجُلُ وأُسْهِل بطنُه،
وأَسْهَله الدَّواءُ، وإِسْهالُ البطن: أَن يُسْهِله دَواءٌ، وأَسْهَل
الدواءُ طبيعتَه. والسَّهْل: الغُرابُ.
وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسمان. وسُهَيْلٌ: كوكبٌ يَمانٍ. الأَزهري: سُهَيْلٌ
كوكب لا يُرى بخُراسان ويُرى بالعراق؛ قال الليث: بَلَغَنا أَن
سُهَيْلاً كان عَشَّاراً على طريق اليمن ظَلوماً فمسَخَه الله كوكباً. وقال ابن
كُناسة: سُهَيْلٌ يُرى بالحجاز وفي جميع أَرض العرب ولا يُرى بأَرض
أَرمِينِيَة، وبين رُؤية أَهل الحجاز سُهَيْلاً ورؤية أَهل العراق إِيَّاه
عشرون يوماً؛ قال الشاعر:
إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ،
فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ، والحِقُّ جَذَعْ
ويقال: إِنه يَطْلُع عند نَتاج الإِبل، فإِذا حالَتِ السَّنَةُ
تَحَوَّلَت أَسنانُ الإِبل.
روي: قال ابن سيده في معتل الأَلف: رُواوةُ موضع من قِبَل بلاد بني
مُزَيْنةَ؛ قال كثير عزة:
وغَيَّرَ آياتٍ، بِبُرْقِ رُواوةٍ،
تَنائِي اللَّيالي، والمَدَى المُتَطاوِلُ
وقال في معتل الياء: رَوِيَ من الماء، بالكسر، ومن اللَّبَن يَرْوَى
رَيّاً ورِوىً أَيضاً مثل رِضاً وتَرَوَّى وارْتَوَى كله بمعنى، والاسم
الرِّيُّ أَيضاً، وقد أَرْواني. ويقال للناقة الغزيرة: هي تُرْوِي
الصَّبِيَّ لأَنه يَنام أَول الليلِ، فأَراد أَنّ دِرَّتها تَعْجَلُ قبلَ نَوْمِه.
والرَّيَّانُ: ضدّ العَطْشان، ورجل رَيّانُ وامرأَة رَيَّا مِن قوم
رِواءٍ. قال ابن سيده: وأَمّا رَيَّا التي يُظنّ بها أَنها من أَسماء النساء
فإِنه صفة ، على نحو الحَرث والعَباسِ، وإِن لم يكن فيها اللام، اتخذوا
صحة الياء بدلاً من اللام، ولو كانت على نحو زيد من العلمية لكانت رَوَّى
من رَوِيت، وكان أَصلها رَوْيا فقلبت الياء واواً لأَن فَعْلى إِذا كانت
اسماً وأَلفها ياء قلبت إِلى الواو كتَقْوَى وشرْوَى، وإِن كانت صفة صحت
الياء فيها كصَدْيا وخَزْيا. قال ابن سيده: هذا كلام سيبويه وزدته
بياناً. الجوهري: المرأَة رَيَّا ولم تُبدل من الياء واو لأَنها صفة، وإِنما
يُبدلون الياء في فَعْلَى إِذا كانت اسماً والياء موضع اللام، كقولك
شَرْوَى هذا الثوبِ وإِنما هو من شَرَيْت، وتَقْوَى وإِنما هو من
التَّقِيَّة، وإِن كانت صفة تركوها على أَصلها قالوا امرأَة خَزْيا ورَيَّا، ولو
كانت اسماً لكانت رَوَّى لأَنك كنت تبدل الأَلف واواً موضع اللام وتترك
الواو التي هي عين فَعْلَى على الأَصل؛ وقول أَبي النجم:
واهاً لِرَيَّا ثُمَّ واهاً واها
إِنما أَخرجه على الصفة. ويقال: شَرِبْت شُرْباً رَوِيّاً. ابن سيده:
ورَوِيَ
النَّبْتُ وتَرَوَّى تَنَعَّم. ونَبْتٌ رَيّانُ وشَجر رِواءٌ؛ قال
الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبّارٌ رِواءٌ أُصولُه،
عَلَيْهِ أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْرِ تَنْعَبُ
وماء رَوِيٌّ ورِوىً ورَواءٌ: كثير مُرْوٍ؛ قال:
تَبَشّرِي بالرِّفْهِ والماءِ الرِّوَى،
وفَرَجٍ مِنْكِ قَرِيب قد أَتَى
وقال الحطيئة:
أَرَى إِبِلِي بِجَوْفِ الماءِ حَنَّتْ،
وأَعْوَزَها بِه الماءُ الرَّواءُ
وماءٌ رَواء، ممدود مفتوح الراء، أَي عَذْبٌ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
مَنْ يَكُ ذا شَكّ، فهذا فَلْجُ
ماءٌ رَواءٌ وطَرِيقٌ نَهْجُ
وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: واجْتَهَرَ دُفُنَ
الرَّواء، وهو بالفتح والمد الماء الكثير، وقيل: العَذْب الذي فيه للوارِدين
رِيٌّ. وماء رِوىً، مقصور بالكسر، إِذا كان يَصْدُر
(* قوله «إذا كان يصدر
إلخ» كذا بالأصل ولعله إذا كان لا يصدر كما يقتضيه السياق). من يَرِدُه عن
غير رِيٍّ، قال: ولا يكون هذا إِلا صفة لأَعْداد المياه التي تَنْزَحُ
ولا يَنقطع ماؤها؛ وقال الزَّفيان السعدي:
يا إبلي ما ذامُه فَتَأْبَيْهْ
(* قوله «فتأبيه إلخ» هو بسكون الياء والهاء في الصحاح والتكملة، ووقع
لنا في مادة حول وذام وأبي من اللسان بفتح الياء وسكون الهاء).
ماءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ
هذا مَقامٌ لَكِ حَتَّى تِيَبَيْهْ
إِذا كسرت الراء قصرته وكتبته بالياء فقلت ماء رِوىً، ويقال: هو الذي
فيه للوارِدةِ رِيٌّ؛ قال ابن بري: شاهده قول العجاج:
فصَبِّحا عَيْناً رِوىً وفَلْجا
وقال الجُمَيْحُ بن سُدَيْدٍ التغلبي:
مُسْحَنْفِرٌ يَهْدِي إِلى ماء رِوَى،
طامِي الجِمام لَمْ تَمَخَّجْه الدِّلا
المُسْحَنْفِرُ: الطريق الواضح، والماء الرِّوَى: الكثير، والجِمامُ:
جمع جَمَّة أَي هذا الطريق يَهْدِي إِلى ماء كثير. ورَوَّيْتُ رأْسِي
بالدُّهْن ورَوَّيْت الثَّرِيدَ بالدَّسم.
ابن سيده: والراويةُ المَزادة فيها الماء، ويسمى البعير راوية على تسمية
الشيء باسم غيره لقربه منه؛ قال لبيد:
فتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ،
كَروايا الطَّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
ويقال للضَّعيف الوادِع: ما يَرُدُّ الراوية أَي أَنه يَضْعُف عن ردِّها
على ثِقَلها لما عليها من الماء. والراوية: هو البعير أَو البغل أَو
الحمار الذي يُستقى عليه الماء والرَّجل المستقي أَيضاً راوية. قال: والعامة
تسمي المَزادة راوية، وذلك جائز على الاستعارة، والأَصل الأَول؛ قال
أَبو النجم:
تَمْشِي مِنَ الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ،
مَشْيَ الرَّوايا بالمَزادِ الأَثْقَلِ
(* قوله «الاثقل» هو هكذا في الأصل والجوهري هنا ومادة ردد، ووقع في
اللسان في ردد المثقل).
قال ابن بري: شاه الراوية البعير قول أَبي طالب:
ويَنْهَضُ قَوْمٌ، في الحَدِيد، إِلَيْكُمُ
نُهُوضَ الرَّوايا تحتَ ذاتَ الصَّلاصِلِ
فالروايا: جمع راوية للبعير: وشاهد الراوية للمَزادة قول عمرو بن
مِلْقَط:
ذاكَ سِنانٌ مُحْلِبٌ نَصْرُه،
كالجَمَلِ الأَوْطَفِ بالرَّاوِيَةْ
ويقال: رَوَيْتُ على أَهلي أَرْوِي رَيَّةً. قال: والوعاء الذي يكون فيه
الماء إِنما هي المَزادة، سميت راويةً لمكان البعير الذي يحملها وقال
ابن السكيت: يقال رَوَيْتُ القومَ أَرْوِيهم إِذا استَقَيْت لهم. ويقال: من
أَيْنَ رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء، وقال غيره: الرِّواء
الحَبْل الذي يُرْوَى به على الراوية إِذا عُكِمَتِ المزادتانِ. يقال:
رَوَيْت على الراَّوية أَرْوِي رَيّاً فأَنا راوٍ إِذا شدَدْتَ عليهما
الرِّواء؛ قال: وأَنشدني أَعرابي وهو يُعاكِمُني:
رَيَّاً تَمِيميّاً على المزايدِ
ويجمع الرِّواءُ أَرْوِيةً، ويقال له المِرْوَى، وجمعه مَراوٍ ومَراوَى.
ورجل رَوَّاء إِذا كان الاستقاءُ بالرّاوية له صِناعةً، يقال: جاء
رَوّاءُ القوم. وفي الحديث: أَنهُ، عليه الصلاة والسلام، سَمَّى السَّحابَ
رَوايا البِلادِ؛ الرَّوايا من الإِبلِ: الحَوامِلُ للماء، واحدتها راوِيةٌ
فشبَّهها بها، وبه سميت المزادةُ راويةً، وقيل بالعكس. وفي حديث
بَدْرٍ: فإِذا هو برَوايا قُرَيْشٍ أَي إِبِلِهِم التي كانوا يستقون عليها.
وتَرَوَّى القومُ ورَوَّوْا: تزوّدوا بالماء. ويَوْم التّرْوِية: يوْمٌ قبل
يومِ عَرَفَةَ، وهو الثامن من ذي الحِجّة، سمي به لأَن الحُجّاج
يتَرَوَّوْنَ فيه من الماء وينهَضُون إِلى مِنىً ولا ماء فيتزوَّدون رِِيَّهم من
الماء أَي يَسْقُون ويَسْتَقُون. وفي حديث ابن عمر: كان يُلبِّي
بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيَةِ. ورَوَيْت على أَهلي ولأَهلي رَيّاً: أَتيتُهم
بالماء، يقال: من أَيْن رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء. ورَوَيْتُ
على البَعير رَيّاً: اسْتَقَيْتُ عليه؛ وقوله:
ولنا رَوايا يَحْمِلون لنا
أَثْقالَنا، إِذ يُكْرَهُ الحَمْلُ
إِنما يعني به الرجال الذين يحْمِلون لهم الدِّياتِ، فجعلهم كروايا
الماء. التهذيب: ابن الأَعرابي يقال لسادةِ القوم الرَّوايا؛ قال أَبو منصور:
وهي جمع راوِيةٍ، شَبّه السيِّد الذي تحَمَّل الدِّيات عن الحي بالبَعير
الراوية؛ ومنه قول الرَّاعي:
إِذا نُدِيَتْ روايا الثِّقْلِ يَوْماً،
كَفَيْنا المُضْلِعاتِ لِمَنْ يَلِينا
أَراد بروايا الثِّقْل حَوامِل ثِقْل الدِّيات، والمُضْلِعات: التي
تُثْقِلُ مَنْ حَِمَلَها، يقول: إِذا نُدِبَ للدِّيات المُضْلِعةِ حَمَّالوها
كنا نحن المُجِيبين لحمْلِها عمَّن يَلِينا من دوننا. غيره: الرَّوايا
الذين يحْمِلون الحمالات؛ وأَنشدني ابن بري لحاتم:
اغْزُوا بني ثُعَل، والغَزْوُ جَدُّكُم
جَدُّ الرِّوايا، ولا تَبْكُوا الذي قُتِلا
وقال رجل من بني تميم وذكر قوماً أَغاروا عليهم: لقيناهم فقَتَلْنا
الرَّوايا وأَبَحْنا الزَّوايا أَي قَتَلْنا السادةَ وأَبَحْنا البُيوت وهي
الزَّوايا. الجوهري: وقال يعقوب ورَوَيْتُ القومَ أَرْويهم إِذا استقيت
لهم الماء. وقوم رِواء من الماء، بالكسر والمدّ؛ قال عُمر بن لجَإِ:
تَمْشي إِلى رِواءِ عاطِناتِها،
تحَبُّسَ العانِسِ في رَيْطاتِها
وتَرَّوت مفاصِلْه: اعتدلت وغَلُظَتْ، وارْتَوت مفاصل الرجل كذلك.
الليث: ارْتَوَتْ مفاصل الدابة إِذا اعْتَدَلت وغَلُظت، وارْتَوَت النخلة إِذا
غُرست في قَفْر ثم سُقِيَت في أَصلها، وارْتوى الحَبْلُ إِذا كثر قُواه
وغَلُظ في شِدَّة فَتْلٍ؛ قال ابن أَحمر يذكر قطاةً وفَرْخَها:
تَرْوي لَقىً أُلْقِيَ في صَفْصَفٍ،
تَصْهَرُه الشَّمس فما يَنْصَهِرْ
تَرْوي: معناه تَسْتقي يقال: قد رَوى معناه اسْتَقى على الرَّاوية.
وفرس رَيّانُ الظهر إِذا سمِنَ مَتْناهُ. وفرس ظمآن الشَّوى إِذا كان
مُعَرَّق القوائم، وإِنَّ مفاصِله لظِماء إِذا كان كذلك؛ وأَنشد:
رِواء أَعالِيهِ ظِماء مفاصِلُهْ
والرِّيُّ: المَنْظرُ الحسَنُ فيمن لم يعتقد الهمز. قال الفارسي: وهو
حسن لمكان النَّعْمة وأَنه خلاف أَثَرِ
الجَهْد والعَطش والذُّبول. وفي التنزيل العزيز: أَحسَنُ أَثاثاً
ورِيّاً؛ قال الفراء: أَهل المدينة يقرؤونها رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه
جيد من رأَيت لأَنه مع آيات لسْنَ مهموزات الأَواخر، وذكر بعضهم أَنه ذهب
بالرِّيّ إِلى رَوَيْت إِذا لم يهمز، ونحو ذلك قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً
بغير همز فله تفسيران، أَحدهما أَنّ مَنْظَرَهم مُرْتَوٍ من النَّعْمة
كأَن النعيم بيِّنٌ فيهم، ويكون على ترك الهمز من رأَيت.
ورَوى الحَبْلَ رَيّاً فارْتَوى: فتَلَه، وقيل: أَنْعم فَتْله. وقيل:
أَنْعم فَتْله. والرِّواء، بالكسر والمدّ: حبل من حِبال الخِباء، وقد
يُشدُّ به الحِمْل والمَتاع على البعير. وقال أَبو حنيفة: الرِّواءُ أَغْلَظُ
الأَرْشيةِ، والجمع الأَرْوِية؛ وانشد ابن بري لشاعر:
إِنِّي إِذا ما القَوْمُ كانوا أَنْجِيَهْ،
وشُدَّ فوْقَ بَعْضِهِمْ بالأَرْويَهْ،
هُناك أَوْصيني ولا تُوصِي بَيَهْ
وفي الحديث: ومَعِي إِداوةٌ عليها خِرْقةٌ قد روَّأْتها. قال ابن
الأَثير: هكذا جاء في رواية بالهمز، والصواب بغير همز، أَي شَدَدتها بها
وَرَبَطْتها عليها. يقال: رَوَيْت البعير، مخفف الواو، إِذا شَدَدْت عليه
بالرِّواء. وارْتَوى الحبْلُ: غلُظَت قواه، وقد رَوى عليه رَيّاً وأَرْوى.
ورَوى على الرَّجل: شدَّه بالرِّواءِ لئلا يسقُط عن البعير من النوم؛ قال
الراجز:
إِنِّي على ما كانَ مِنْ تَخَدُّدي،
ودِقَّةٍ في عَظْمِ ساقي ويَدِي،
أَرْوي على ذي العُكَنِ الضَّفَنْدَدِ
وروي عن عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يأْخذ مع كل فريضةٍ عِقالاً
ورِواءً؛ الرِّواء، ممدود، وهو حبل؛ فإِذا جاءت إِلى المدينة باعَها ثم
تَصدَّق بتلك العُقُل والأَرْوِيِة. قال أَبو عبيد: الرِّواء الحَبْلُ الذي
يُقْرَن به البعيرانِ. قال أَبو منصور: الرِّواء الحَبْل الذي يُرْوى به على
البعير أَي يُشدّ به المتاع عليه، وأَما الحَبْلُ الذي يُقْرَنُ به
البعِيرانِ فهو القَرَنُ والقِرانُ. ابن الأَعرابي: الرَّوِيُّ الساقي،
والرَّوِيُّ الضَّعيفُ، والسَّوِيُّ الصَّحِيحُ البَدَنِ والعقلِ.
وروى الحديثَ والشِّعْرَ يرْويه رِواية وتَرَوَّاه، وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها، أَنها قالت: تَرَوَّوْا شِعْر حُجَيَّة بن المُضَرِّبِ فإِنه
يُعِينُ على البِرِّ، وقد رَوَّاني إِياه، ورجل راوٍ؛ وقال الفرزدق:
أَما كان، في مَعْدانَ والفيلِ، شاغِلٌ
لِعَنْبَسةَ الرَّاوي عليَّ القَصائدا؟
وراوِيةٌ كذلك إِذا كثرت روايتُه، والهاء للمبالغة في صفته بالرِّواية.
ويقال: روَّى فلان فلاناً شعراً إِذا رواه له حتى حَفِظه للرِّواية عنه.
قال الجوهري: رَوَيْتُ الحديث والشِّعر رِواية فأَنا راوٍ، في الماء
والشِّعر، من قوم رُواة. ورَوَّيْتُه الشِّعر تَرْويةً أَي حملته على
رِوايتِه، وأَرْوَيْتُه أَيضاً. وتقول: أَنشد القصيدةَ يا هذا، ولا تقل ارْوِها
إِلا أَن تأْمره بروايتها أَي باستظهارها.
ورج له رُواء، بالضم، أَي منظرٌ. وفي حديث قيلة: إِذا رأَيتُ رجلاً ذا
رُواء طمح بصري إِليه؛ الرُّواء، بالضم والمد: المنظرُ الحسن. قال ابن
الأَثير: ذكره أَبو موسى في الراء والواو، وقال: هو من الرِّيِّ
والارْتِواء، قال: وقد يكون من المَرأَى والمنظر فيكون في الراء
والهمزة.والرَّويُّ: حرف القافية؛ قال الشاعر:
لو قد حَداهُنَّ أَبو الجُوديِّ،
بِرَجَزٍ مُسْحَنْفِرِ الرَّويِّ،
مُسْتَوِياتٍ كنَوى البَرْنيِّ
ويقال: قصيدتان على رَويّ واحد؛ قال الأَخفش: الرَّويُّ الحرف الذي
تُبْنى عليه القصيدة ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد نحو قول
الشاعر:إِذا قلَّ مالُ المَرْءِ قلَّ صديقُه،
وأَوْمَتْ إِليه بالعُيوبِ الأَصابعُ
قال: فالعين حرف الرَّويّ وهو لازم في كل بيت؛ قال: المتأَمل لقوله هذا
غير مقْنعٍ في حرف الرَّويّ، أَلا ترى أَن قول الأَعشى:
رحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدْوَةً أَجْمالَها،
غَضْبى عليكَ، فما تقولُ بدا لها
تجد فيه أَربعة أَحرف لوازم غير مختلفة المواضع، وهي الأَلف قبل اللام
ثم اللام والهاء والأَلف فيما بعد، قال: فليت شعري إِذا أَخذ المبتدي في
معرفة الرَّويّ بقول الأَخفش هكذا مجرداً كيف يصح له؟ قال الأَخفش: وجميع
حروف المعجم تكون رَوِيّاً إِلا الأَلف والياء والواو اللَّواتي يكُنَّ
للإِــطلاق. قال ابن جني: قوله اللواتي يكنَّ للإِــطلاق فيه أَيضاً مسامحة
في التحديد، وذلك أَنه إِنما يعلم أَن الأَلف والياء والواو للإطلاق، إِذا
عَلِمَ أَن ما قبلها هو الرويّ فقد استغنى بمعرفته إِياه عن تعريفه بشيء
آخر. ولم يبقَ بعد معرفته ههنا غرضٌ مطلوب لأَن هذا موضع تحديده ليُعرف،
فإِذا عُرف وعُلم أَن ما بعده إِنما هو للإطلاق فما الذي يُلتَمس فيما
بعد؟ قال: ولكن أَحْوَطُ ما يقال في حرف الرويّ أَن جميع حروف المعجم تكون
رَويّاً إِلا الأَلف والياء والواو الزوائد في أَواخر الكلم في بعض
الأَحوال غير مَبْنِيَّات في أَنْفُس الكلم بناء الأُصول نحو أَلف الجَرَعا
من قوله:
يا دارَ عَفْراء مِن مُحْتَلِّها الجَرعَا
وياء الأَيَّامي من قوله:
هَيْهاتَ منزِلُنا بنَعْفِ سُوَيْقةٍ،
كانتْ مباركةً من الأَيَّامِ
وواو الخِيامُو من قوله:
متى كان الخِيامُ بذي طُلُوحٍ،
سُقيتِ الغَيْثَ، أَيتها الخِيامُ
وإِلاَّ هاءي التأْنيث والإِضمار إِذا تحرك ما قبلهما نحو طَلْحَهْ
وضرَبَهْ، وكذلك الهاء التي تُبَيَّنُ بها الحركة نحو ارْمِهْ واغْزُهْ
وفِيمَهْ ولِمَهْ، وكذلك التنوين اللاحق آخر الكلم للصرف كان أَو لغير نحو
زيداً وصَهٍ وغاقٍ ويومئذٍ؛ وقوله:
أَقِلِّي اللَّوْمَ، عاذِلَ، والعِتابَنْ
وقول الآخر:
دايَنْتُ أَرْوى والدُّيونُ تُقْضَيَنْ
وقال الآخر:
يا أَبَتا علَّك أَو عَساكَنْ
وقول الآخر:
يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلَمَنْ
وقول الأَعشى:
ولا تَعْبُدِ الشيطانَ واللهَ فاعْبُدَنْ
وكذلك الأَلفات التي تبدل من هذه النونات نحو:
قد رابني حَفْصٌ فحَرِّكْ حَفْصا
وكذلك قول الآخر:
يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلَما
وكذلك الهمزة التي يبدلها قوم من الأَلف في الوقف نحو رأَيت رَجُلأْ
وهذه حُبْلأْ، ويريد أَن يضربَهأْ، وكذلك الأَلف والياء والواو التي تلحق
الضمير نحو رأَيتها ومررت بهي وضربتهو وهذا غلامهو ومررت بهما ومررت بهمي
وكلمتهمو، والجمع رَوِيَّات؛ حكاه ابن جني؛ قال ابن سيده: وأَظن ذلك
تسمحاً منه ولم يسمعه من العرب.
والرَّوِيَّةُ في الأَمر: أَن تَنْظُر ولا تَعْجَل. ورَوَّيْت في
الأَمر: لغة في رَوَّأَْت. ورَوَّى في الأَمر: لغة في رَوَّأَ نظر فيه وتَعقّبه
وتَفَكَّر، يهمز ولا يهمز. والرَّوِيَّة. التَّفَكُّر في الأَمر، جرت في
كلامهم غير مهموزة. وفي حديث عبد الله: شَرُّ الرَّوايا رَوايا الكَذِب؛
قال ابن الأَثير: هي جمع رَوِيّة وهو ما يروِّي الإِنسانُ في نفسه من
القول والفعل أَي يُزَوِّرُ ويُفَكِّرُ، وأَصلها الهمز. يقال: رَوَّأْتُ في
الأَمر، وقيل: هي جمع راويةٍ للرجل الكثير الرِّواية، والهاء للمبالغة،
وقيل: جمع راوية أَي الذين يَرْوُون الكذب أَو تكثر رواياتُهم فيه.
والرَّوُّ: الخِصْبُ. أَبو عبيد: يقال لنا عند فلان رَوِيَّةٌ وأَشْكَلةٌ
وهما الحاجةُ، ولنا قِبَله صارَّة مثله. قال: وقال أَبو زيد بقيت منه
رَوِيَّةٌ أَي بقية مثل التَّلِيَّة وهي البقية من الشيء. والرَّوِيَّةُ:
البقيِّة من الدِّين ونحوه. والرَّاوي: الذي يقومُ على الخيل.
والرَّيَّا: الرِّيحُ الطيبة؛ قال:
تطلَّعُ رَيَّاها من الكَفِرات
الكَفِراتُ: الجبال العاليةُ العظام. ويقال للمرأَة: إِنها لطيبة
الرَّيَّا إِذا كانت عطرة الجهرْم. ورَيَّا كل شيء: طِيبُ رائحتهِ؛ ومنه قوله
(* هو امرؤ القيس. وصدر البيت: إِذا قامتا تَضَوّعَ المِسكُ منهما،):
نَسِيمَ الصَّبا جاءتْ برَيَّا القَرَنْفُلِ
وقال المتلمس يصف جارية:
فلو أَن مَحْمُوماً بخَيْبَر مُدْنَفاً
تَنَشَّقَ رَيَّاها، لأَقْلَعَ صالِبُهْ
والرَّوِيُّ: سحابة عظيمة القَطر شديدة الوقع مثل السَّقِيّ. وعين
رَيَّةٌ كثيرة الماء؛ قال الأَعشى:
فأَوْرَدَها عَيْناً من السِّيفِ رَيَّةً،
به بُرَأٌ مِثْلُ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ
(* قوله «به برأ» كذا بالأصل تبعاً للجوهري، قال الصاغاني، والرواية:
بها، وقد أورده الجوهري في برأ على الصحة.
وقوله «المكمم» ضبط في الأصل والصحاح بصيغة اسم المفعول كما ترى، وضبط
في التكملة بكسر الميم أي بصيغة اسم الفاعل، يقال كمم إذا أخرج الكمام،
وكممه غطاه).
وحكى ابن بري: من أَين رَيَّةُ أَهْلِك أَي من أَينَ يَرْتَوُون؛ قال
ابن بري: أَما رِيَّةً في بيت الطرماح وهو:
كظَهْرِ اللأَى لو تَبْتَغي رِيَّةً بها
نهاراً، لَعَيَّت في بُطُونِ الشَّواجِنِ
قال: فهي ما يُورَى به النارُ، قال: وأَصله وِرْيةٌ مثل وِعْدةٍ، ثم
قدموا الراء على الواو فصار رِيَّةً. والرَّاءُ: شجر؛ قالت الخنساء:
يَطْعُنُ الطَّعْنةَ لا يَنْفَعُها
ثَمَرُ الرّاء، ولا عَصْبُ الخُمُر
ورَيَّا: موضع. وبنو رُوَيَّة: بطن
(* قوله «وبنو روية إلخ» هو بهذا
الضبط في الأصل وشرح القاموس).
والأُرْوِيَّةُ والإِرْوِيَّةُ؛ الكسر عن اللحياني: الأُنثى من الوُعول.
وثلاثُ أَراويّ، على أَفاعيلَ، إِلى العشر، فإِذا كثرت فهي الأَرْوَى،
على أَفْعَل على غير قياس، قال ابن سيده: وذهب أَبو العباس إِلى أَنها
فََعْلَى والصحيح أَنها أَفْعَل لكون أُرْوِيَّةٍ أُفْعُولةً؛ قال والذي
حكيته من أَنّ أَراويَّ لأَدنى العدد وأَرْوَى للكثير قول أَهل اللغة، قال:
والصحيح عندي أَن أَراوِيَّ تكسير أُرْوِيَّةٍ كأُرْجُوحةٍ وأَراجِيحَ،
والأَرْوَى اسم للجمع، ونظيره ما حكاه الفارسي من أَنّ الأَعَمَّ الجماعة؛
وأَنشد عن أَبي زيد:
ثمَّ رَماني لأَكُونَنْ ذَبِيحةً،
وقد كثُرَتْ بينَ الأَعَمِّ المَضائِضُ
(* قوله «ثم إلخ» كذا بالأصل هنا والمحكم في عمم بدون ألف بعد اللام
ألف، ولعله لا أكونن، بلا النافية، كما يقتضيه الوزن والمعنى).
قال ابن جني: ذكرها محمد بن الحسن، يعني ابن دريد، في باب أَرو، قال:
فقلت لأَبي علي من أَين له أَن اللام واو وما يؤمنه أَن تكون ياء فتكون من
باب التَّقْوَى والرَّعْوَى؛ قال: فجَنَح إِلى الأَخذ بالظاهر، قال: وهو
القول، يعني أَنه الصواب. قال ابن بري: أَرْوَى تنوّن ولا تنوّن، فمن
نوّنها احتمل أَن يكون أَفْعَلاً مثل أَرْنَبٍ، وأَن يكون فَعَلى مثل أَرْطى
ملحق، بجَعْفر، فعلى هذا القول يكون أُرْوِيَّةٌ أُفْعُولةً، وعلى
القول الثاني فُعْلِيَّة، وتصغير أَرْوَى إِذا جعلت وزنها أَفْعَلاٌ
أُرَيْوٍ على من قال أُسَيْوِدٌ وأُحَيْوٍ، وأُرَيٍّ على من قال أُسَيِّدٌ
وأُحَيٍّ، ومن قال أُحَيٍّ قال أُرَيٍّ فيكون منقوصاً عن محذوف اللام بمنزلة
قاضٍ، إِنما حُذفت لامها لسكونها وسكون التنوين، وأَما أَرْوَى فيمن لم
ينوّن فوزنها فَعْلى وتصغيرها أُرَيَّا، ومن نوَّنها وجعل وزنها فَعْلى مثل
أَرْطى فتصغيرها أُرَيٌّ، وأَما تصغير أُرْوِيَّةٍ إِذا جعلتها
أُفْعُولةً فأُرْيَوِيَّةٌ على من قال أُسَيْوِدٌ ووزنها أُفَيعِيلةٌ، وأُرَيَّةٌ
على من قال أُسَيِّدٌ ووزنها أُفَيْعةٌ، وأَصلها أُرَيَيْيِيَةٌ؛ فالياء
الأُولى ياء التصغير والثانية عين الفعل والثالثة واو أُفعولة والرابعة
لام الكلمة، فحَذَفْت منها اثنتين، ومن جعل أُرْوِيَّة فُعْلِيَّةً
فتصغيرها أُرَيَّةٌ ووزنها فُعَيْلة، وحذفت الياء المشدّدة؛ قال: وكون أَرْوَى
أَفْعَلَ
أَقيسُ لكثرة زيادة الهمزة أَولاً، وهو مذهب سيبويه لأَنه جعل
أُرْوِيَّةً أُفْعُولةً. قال أَبو زيد: يقال للأُنثى أُرْوِيَّة وللذكر
أُرْوِيَّة، وهي تُيُوس الجَبل، ويقال للأُنثى عَنْزٌ وللذكر وَعِلٌ، بكسر العين،
وهو من الشاء لا من البقر. وفي الحديث: أَنه أُهْدِيَ له أَرْوَى وهو
مُحْرِمٌ فرَدَّها؛ قال: الأَرْوَى جمع كثرة للأُرْوِيَّة، ويجمع على
أَراوِيّ وهي الأَيايِلُ، وقيل: غَنَمُ الجبَل؛ ومنه حديث عَوْن: أَنه ذكَرَ
رجلاً تكلم فأَسقَط فقال جمَع بين الأَرْوَى والنَّعامِ؛ يريد أَنه جمع
بين كلمتين مُتناقِضتين لأَن الأَرْوَى تسكن شَعَف الجِبال والنَّعامُ
يسكن الفَيافيَ. وفي المثل: لا تَجْمَعْ بين الأَرْوَى والنَّعامِ، وفيه:
لَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ من الحجاز مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ من رأْسِ
الجَبلِ؛ الجوهري: الأُرْوِيَّةُ الأُنثى من الوُعُول، قال: وبها سميت
المرأَة، وهي أُفْعُولة في الأَصل إِلا أَنهم قلبوا الواو الثانية ياء
وأَدغموها في التي بعدها وكسروا الأُولى لتسلم الياء، والأَرْوَى مؤنثة؛ قال
النابغة:
بتَكَلُّمٍ لو تَسْتَطِيعُ كَلامَه،
لَدَنَتْ له أَرْوَى الهِضابِ الصُّخَّدِ
وقال الفرزدق:
وإِلى سُلَيْمَانَ الذي سَكَنَتْ
أَرْوَى الهِضابِ له مِنَ الذُّعْرِ
وأَرْوَى: اسم امرأَة. والمَرْوَى: موضع بالبادية. ورَيَّانُ: اسم جبل
ببلاد بني عامر؛ قال لبيد:
فمَدافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُها
خَلَقاً، كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
بسط: في أَسماء اللّه تعالى: الباسطُ، هو الذي يَبْسُطُ الرزق لعباده
ويوسّعه عليهم بجُوده ورحمته ويبسُط الأَرواح في الأَجساد عند الحياة.
والبَسْطُ: نقيض القَبْضِ، بسَطَه يبسُطه بَسْطاً فانبسَط وبَسَّطَه
فتبَسَّط؛ قال بعض الأَغفال:
إِذا الصَّحيحُ غَلَّ كَفّاً غَلاّ،
بَسَّطَ كَفَّيْهِ مَعاً وبَلاّ
وبسَط الشيءَ: نشره، وبالصاد أَيضاً. وبَسْطُ العُذْرِ: قَبوله. وانبسَط
الشيءُ على الأَرض، والبَسِيطُ من الأَرض: كالبِساطِ من الثياب، والجمع
البُسُطُ. والبِساطُ: ما بُسِط. وأَرض بَساطٌ وبَسِيطةٌ: مُنْبَسطة
مستويَة؛ قال ذو الرمة:
ودَوٍّ ككَفِّ المُشْتَرِي، غيرَ أَنه
بَساطٌ لأَخْفافِ المَراسِيل واسِعُ
وقال آخر:
ولو كان في الأَرضِ البَسيطةِ منهمُ
لِمُخْتَبِطٍ عافٍ، لَما عُرِفَ الفَقْرُ
وقيل: البَسِيطةُ الأَرض اسم لها. أَبو عبيد وغيره: البَساطُ والبَسيطة
الأَرض العَريضة الواسعة. وتبَسَّط في البلاد أَي سار فيها طولاً
وعَرْضاً. ويقال: مكان بَساط وبسِيط؛ قال العُدَيْلُ بن الفَرْخِ:
ودُونَ يَدِ الحَجّاجِ من أَنْ تَنالَني
بَساطٌ لأَيْدِي الناعجات عَرِيضُ
قال وقال غير واحد من العرب: بيننا وبين الماء مِيلٌ بَساطٌ أَي مِيلٌ
مَتَّاحٌ. وقال الفرّاء: أَرض بَساطٌ وبِساط مستوية لا نَبَل فيها. ابن
الأَعرابي: التبسُّطُ التنزُّه. يقال: خرج يتبسَّطُ مأْخوذ من البَساط، وهي
الأَرضُ ذاتُ الرَّياحين. ابن السكيت: فرَشَ لي فلان فِراشاً لا
يَبْسُطُني إِذا ضاقَ عنك، وهذا فِراشٌ يبسُطني إِذا كان سابِغاً، وهذا فراش
يبسُطك إِذا كان واسعاً، وهذا بِساطٌ يبسُطك أَي يَسَعُك. والبِساطُ: ورقُ
السَّمُرِ يُبْسَطُ له ثوب ثم يضرب فيَنْحَتُّ عليه. ورجل بَسِيطٌ:
مُنْبَسِطٌ بلسانه، وقد بسُط بساطةً. الليث: البَسِيطُ الرجل المُنْبَسِط
اللسان، والمرأَة بَسِيطٌ. ورجل بَسِيطُ اليدين: مُنْبَسِطٌ بالمعروف،
وبَسِيطُ الوجهِ: مُتَهَلِّلٌ، وجمعها بُسُطٌ؛ قال الشاعر:
في فِتْيةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
عند الفِصالِ، قدِيمُهم لم يَدْثُرِ
ويد بِسْطٌ أَي مُطْلَقةٌ. وروي عن الحكم قال في قراءة عبد اللّه: بل
يداه بِسْطانِ، قال ابن الأَنباري: معنى بِسْطانِ مَبْسُوطَتانِ. وروي عن
عروة أَنه قال: مكتوب في الحِكمة: ليكن وجْهُك بِسْطاً تكن أَحَبّ إِلى
الناسِ ممن يُعْطِيهم العَطاء أَي مُتبسِّطاً منطلقاً. قال: وبِسْطٌ
وبُسْطٌ بمعنى مبسوطَتَين. والانْبِساطُ: ترك الاحْتِشام. ويقال: بسَطْتُ من
فلان فانبسَط، قال: والأَشبه في قوله بل يداه بُسْطان
(* قوله «بل يداه
بسطان» سبق انها بالكسر، وفي القاموس: وقرئ بل يداه بسطان بالكسر والضم.) ،
أَن تكون الباء مفتوحة حملاً على باقي الصفات كالرحْمن والغَضْبان،
فأَما بالضم ففي المصادر كالغُفْرانِ والرُّضْوان، وقال الزمخشري: يدا اللّه
بُسْطانِ، تثنيةُ بُسُطٍ مثل رَوْضة أُنُفٍ ثم يخفف فيقال بُسْطٌ كأُذُنٍ
وأُذْنٍ. وفي قراءة عبد اللّه: بل يداه بُسْطانِ، جُعل بَسْطُ اليدِ
كنايةً عن الجُود وتمثيلاً، ولا يد ثم ولا بَسْطَ تعالى اللّه وتقدس عن ذلك.
وإِنه ليَبْسُطُني ما بسَطَك ويَقْبِضُني ما قبَضَك أَي يَسُرُّني ما
سَرَّك ويسُوءُني ما ساءك. وفي حديث فاطمة، رِضْوانُ اللّه عليها: يبسُطُني
ما يبسُطُها أَي يسُرُّني ما يسُرُّها لأَن الإِنسان إِذا سُرَّ انبسط
وجهُه واستَبْشر. وفي الحديث: لا تَبْسُطْ ذِراعَيْكَ انْبِساطَ الكلب أَي
لا تَفْرُشْهما على الأَرض في الصلاة. والانْبِساطُ: مصدر انبسط لا
بَسَطَ فحمَله عليه.
والبَسِيط: جِنْس من العَرُوضِ سمي به لانْبِساط أَسبابه؛ قال أَبو
إِسحق: انبسطت فيه الأَسباب فصار أَوّله مستفعلن فيه سببان متصلان في
أَوّله.وبسط فلان يده بما يحب ويكره، وبسَط إِليَّ يده بما أُحِبّ وأَكره،
وبسطُها مَدُّها، وفي التنزيل العزيز: لئن بسطْتَ إِليَّ يدك لتقتلني. وأُذن
بَسْطاء: عريضة عَظيمة. وانبسط النهار وغيره: امتدّ وطال. وفي الحديث في
وصف الغَيْثِ: فوقع بَسِيطاً مُتدارِكاً أَي انبسط في الأَرض واتسع،
والمُتدارِك المتتابع.
والبَسْطةُ: الفضيلة. وفي التنزيل العزيز قال: إِنَّ اللّه اصطفاه عليكم
وزاده بَسْطةً في العلم والجسم، وقرئ: بَصْطةً؛ قال الزجاج: أَعلمهم
أَن اللّه اصطفاه عليهم وزاده بسطة في العلم والجسم فأَعْلَمَ أَن العلم
الذي به يجب أَن يقَع الاخْتيارُ لا المالَ، وأَعلم أَن الزيادة في الجسم
مما يَهيبُ
(* قوله «يهيب» من باب ضرب لغة في يهابه كما في المصباح.)
العَدُوُّ. والبَسْطةُ: الزيادة. والبَصْطةُ، بالصاد: لغة في البَسْطة.
والبَسْطةُ: السِّعةُ، وفلان بَسِيطُ الجِسْمِ والباع. وامرأَة بَسْطةٌ:
حسَنةُ الجسمِ سَهْلَتُه، وظَبْية بَسْطةٌ كذلك.
والبِسْطُ والبُسْطُ: الناقةُ المُخَلاَّةُ على أَولادِها المتروكةُ
معها لا تمنع منها، والجمع أَبْساط وبُساطٌ؛ الأَخيرة من الجمع العزيز، وحكى
ابن الأَعرابي في جمعها بُسْطٌ؛ وأَنشد للمَرّار:
مَتابِيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَت في لَيْلِها أُمُّ حائلِ
وقيل: البُسْطُ هنا المُنْبَسطةُ على أَولادها لا تنقبضُ عنها؛ قال ابن
سيده: وليس هذا بقويّ؛ ورواجعُ: مُرْجِعةٌ على أَولادها وتَرْبَع عليها
وتنزع إِليها كأَنه توهّم طرح الزائد ولو أَتم لقال مَراجِعُ. ومتئمات:
معها حُوارٌ وابن مَخاض كأَنها ولدت اثنين اثنين من كثرة نَسْلها. وروي عن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه كتب لوفْد كَلْب، وقيل لوفد بني
عُلَيْمٍ، كتاباً فيه: عليهم في الهَمُولةِ الرَّاعِيةِ البِساطِ الظُّؤارِ
في كل خمسين من الإِبل ناقةٌ غيرُ ذاتِ عَوارٍ؛ البساط، يروى بالفتح والضم
والكسر، والهَمُولةُ: الإِبل الراعِيةُ، والحَمُولةُ: التي يُحْمل
عليها. والبِساطُ: جمع بِسْط، وهي الناقة التي تركت وولدَها لا يُمْنَعُ منها
ولا تعطف على غيره، وهي عند العرب بِسْط وبَسُوطٌ، وجمع بِسْط بِساطٌ،
وجمع بَسُوط بُسُطٌ، هكذا سمع من العرب؛ وقال أَبو النجم:
يَدْفَعُ عنها الجُوعَ كلَّ مَدْفَعِ
خَمسون بُسْطاً في خَلايا أَرْبَعِ
البساط، بالفتح والكسر والضم، وقال الأَزهري: هو بالكسر جمع بِسْطٍ،
وبِسْطٌ بمعنى مَبْسوطة كالطِّحن والقِطْفِ أَي بُسِطَتْ على أَولادها،
وبالضم جمع بِسْطٍ كظِئْرٍ وظُؤار، وكذلك قال الجوهري؛ فأَما بالفتح فهو
الأَرض الواسعة، فإِن صحت الرواية فيكون المعنى في الهمولة التي ترعى الأَرض
الواسعة، وحينئذ تكون الطاء منصوبة على المفعول، والظُّؤار: جمع ظئر وهي
التي تُرْضِع. وقد أُبْسِطَت أَي تُركت مع ولدها. قال أَبو منصور:
بَسُوطٌ فَعُول بمعنى مَفْعولٍ كما يقال حَلُوبٌ ورَكُوبٌ للتي تُحْلَبُ
وتُرْكَب، وبِسْطٌ بمعنى مَبْسوطة كالطِّحْن بمعنى المَطْحون، والقِطْفِ بمعنى
المَقْطُوفِ.
وعَقَبة باسِطةٌ: بينها وبين الماء ليلتان، قال ابن السكيت: سِرْنا
عَقبةً جواداً وعقبةً باسِطةً وعقبة حَجُوناً أَي بعيدة طويلة. وقال أَبو
زيد: حفر الرجل قامةً باسِطةً إِذا حفَرَ مَدَى قامتِه ومدَّ يَدِه. وقال
غيره: الباسُوطُ من الأَقْتابِ ضدّ المَفْروق. ويقال أَيضاً: قَتَبٌ
مَبسوطٌ، والجمع مَباسِيطُ كما يُجمع المَفْرُوقُ مفارِيقَ. وماء باسِطٌ: بعيد
من الكلإِ، وهو دون المُطْلِب.
وبُسَيْطةُ: اسم موضع، وكذلك بُسَيِّطةُ؛ قال:
ما أَنْتِ يا بُسَيِّطَ التي التي
أَنْذَرَنِيكِ في المَقِيلِ صُحْبَتي
قال ابن سيده: أَراد يا بُسَيِّطةُ فرخَّم على لغة من قال يا حارِ، ولو
أَراد لغة من قال يا حارُ لقال يا بُسَيِّطُ، لكن الشاعر اختار الترخيم
على لغة من قال يا حارِ، ليعلم أَنه أَراد يا بسيطةُ، ولو قال يا
بُسَيِّطُ لجاز أَن يُظن أَنه بلد يسمى بَسيطاً غير مصغّر، فاحتاج إِليه فحقّره
وأَن يظن أَن اسم هذا المكان بُسَيّط، فأَزال اللبس بالترخيم على لغة من
قال يا حارِ، فالكسر أَشْيَعُ وأَذْيَع. ابن بري: بُسَيْطةُ اسم موضع ربما
سلكه الحُجّاج إِلى بيت اللّه ولا تدخله الأَلف واللام. والبَسِيطةُ
(*
قوله «والبسيطة إلخ» ضبطه ياقوت بفتح الياء وكسر السين.) ، وهو غير هذا
الموضع: بين الكوفة ومكة؛ قال ابن بري: وقول الراجز:
إِنَّكِ يا بسيطةُ التي التي
أَنْذَرَنِيكِ في الطَّريقِ إِخْوتي
قال: يحتمل الموضعين.