من (ع م ش) جمع مَعْمَش بمعنى ضعف البصر.
من (ع م ش) جمع مَعْمَش بمعنى ضعف البصر.
قيض: القَيْضُ: قِشرةُ البَيْضة العُلْيا اليابسةُ، وقيل: هي التي خرج
فرْخُها أَو ماؤها كلُّه، والمَقِيضُ موضِعُها. وتَقَيَّضَتِ البيضةُ
تَقَيُّضاً إِذا تكسرت فصارت فِلَقاً، وانْقاضَت فهي مُنْقاضةٌ: تَصدَّعَت
وتشقَّقت ولم تَفَلَّقْ، وقاضَها الفرْخُ قَيضاً: شقها، وقاضَها الطائرُ
أَي شقها عن الفرخ فانقاضت أَي انشقّت؛ وأَنشد:
إِذا شِئت أَن تَلْقَى مَقِيضاً بقَفْرةٍ،
مُفَلَّقةٍ خِرْشاؤها عن جَنِينِها
والقَيْضُ: ما تَفَلَّقَ من قُشور البيض. والقَيْضُ: البيض الذي قد خَرج
فرْخُه أَو ماؤُه كله. قال ابن بري: قال الجوهري والقَيْضُ ما تفلَّق من
قُشور البيض الأَعلى، صوابه من قِشْر البيض الأَعلى بإفراد القشر لأَنه
قد وصفه بالأَعلى. وفي حديث عليّ، رضوان اللّه عليه: لا تكونوا كقَيْض
بَيْضٍ في أَداحٍ يكون كسْرُها وِزْراً، ويخرج ضغانها
(* قوله «ضغانها» كذا
بالأَصل، وفي النهاية هنا حضانها.) شرّاً؛ القَيْضُ: قِشْر البيض.
وفي حديث ابن عباس: إِذا كان يوم القيامة مُدّتِ الأَرضُ مَدّ الأَديم
وزِيدَ في سَعَتها وجُمع الخلقُ جِنُّهم وإِنْسُهم في صَعيدٍ واحد، فإِذا
كان كذلك قِيضَتْ هذه السماء الدنيا عن أَهلها فنُثِرُوا على وجه الأَرض،
ثم تُقاضُ السمواتُ سماء فسماء، كلما قِيضَت سماء كان أَهلُها على
ضِعْفِ مَن تحتَها حتى تُقاضَ السابعةُ، في حديث طويل؛ قال شمر: قِيضَت أَي
نُقِضَتْ، يقال: قُضْتُ البِناء فانْقاضَ؛ قال رؤبة:
أَفْرخ قَيْض بَيْضِها المُنْقاضِ
وقيل: قِيضت هذه السماء عن أَهلها أَي شُقَّتْ من قاضَ الفرْخُ البيضةَ
فانْقاضَتْ. قال ابن الأَثير: قُضْتُ القارُورةَ فانْقاضَت أَي
انْصَدَعَت ولم تَتَفَلَّقْ، قال: ذكرها الهروي في قوض من تَقْوِيضِ الخِيام،
وأَعاد ذكرها في قيض.
وقاضَ البئرَ في الصخْرةِ قَيْضاً: جابَها. وبئر مَقِيضةٌ: كثيرة الماء،
وقد قِيضَتْ عن الجبلة. وتَقَيَّضَ الجِدارُ والكَثِيبُ وانْقاضَ:
تهدَّم وانْهالَ. وانْقاضَت الرَّكِيَّةُ: تكسَّرت. أَبو زيد: انْقاضَ
الجِدارُ انْقِياضاً أَي تصدّع من غير أَن يسقط، فإِن سقط قيل: تَقَيَّضَ
تَقَيُّضاً، وقيل: انْقاضَت البئرُ انْهارَت. وقوله تعالى: جِداراً يُريد أَن
يَنْقَضَّ، وقرئ: يَنْقاضَ ويَنْقاضَ، بالضاد والصاد، فأَمّا يَنْقَضَّ
فيسقط بسرْعة من انقضاض الطير وهذا من المضاعف، وأَما يَنْقاضَ فإِنَّ
المنذري روى عن أَبي عمرو انْقاضَ وانْقاضَ واحد أَي انشقّ طولاً، قال وقال
الأَصمعي: المُنْقاضُ المُنْقَعِرُ من أَصله، والمُنْقاضُ المنشق طولاً؛
يقال: انْقاضَتِ الرَّكِيّةُ وانقاضَت السِّنّ أَي تشققت طولاً؛ وأَنشد
لأَبي ذؤيب:
فِراقٌ كَقَيْضِ السنّ، فالصَّبْرَ إِنّه
لكلِّ أُناسٍ عَثْرةٌ وجُبورُ
ويروى بالصاد. أَبو زيد: انْقَضَّ انْقِضاضاً وانْقاضَ انْقِياضاً
كلاهما إِذا تصدّع من غير أَن يسقُط، فإِن سقط قيل تَقَيَّضَ تَقَيُّضاً،
وتقَوَّضَ تقَوُّضاً وأَنا قوّضْتُه. وانْقاضَ الحائطُ إِذا انهدمَ مكانه من
غير هَدْمٍ، فأَمّا إِذا دُهْوِرَ فسقط فلا يقال إِلا انْقَضَّ
انْقِضاضاً. وقُيِّضَ: حُفِرَ وشُقَّ.
وقايَضَ الرجلَ مُقايضةً: عارضه بمتاع؛ وهما قَيِّضانِ كما يقال
بَيِّعانِ. وقايَضَهُ مُقايضةً إِذا أَعطاه سِلْعةً وأَخذ عِوَضَها سِلْعةً،
وباعَه فرَساً بفرسَيْن قَيْضَيْن. والقَيْضُ: العِوَضُ. والقَيْضُ:
التمثيلُ. ويقال: قاضَه يَقِيضُه إِذا عاضَه. وفي الحديث: إِن شئتَ أَقِيضُكَ به
المُخْتارةَ من دُروعِ بدْر أَي أُبْدِلُكَ به وأُعَوِّضُكَ عنه. وفي
حديث معاوية: قال لسعيد بن عُثمان بن عفّان: لو مُلِئَتْ لي غُوطةُ
دِمَشْقَ رِجالاً مِثْلَكَ قِياضاً بيَزِيدَ ما قَبِلْتُهم أَي مُقايَضةً به.
الأَزهريُّ: ومن ذوات الياء. أَبو عبيد: هما قَيْضانِ أَي مِثْلان.
وقَيَّضَ اللّه فلاناً لفلان: جاءه به وأَتاحَه له. وقَيَّضَ اللّه
قَرِيناً: هَيَّأَه وسَبَّبَه من حيث لا يَحْتَسِبُه. وفي التنزيل:
وقَيَّضْنا لهم قُرنَاء؛ وفيه: ومَن يَعْشُ عن ذِكر الرحمن نُقَيِّضْ له
شَيْطاناً؛ قال الزجاج: أَي نُسَبِّبْ له شيطاناً يجعل اللّه ذلك جَزاءه. وقيضنا
لهم قُرناء أَي سبَّبْنا لهم من حيث لم يَحْتَسِبوه، وقال بعضهم: لا يكون
قَيَّضَ إِلا في الشرّ، واحتج بقوله تعالى: نقيض له شيطاناً، وقيضنا لهم
قرناء؛ قال ابن بري: ليس ذلك بصحيح بدليل قوله، صلّى اللّه عليه وسلّم:
ما أَكْرَم شابٌّ شَيْخاً لسِنِّه إِلاَّ قَيَّضَ له اللّه مَن يُكْرِمُه
عند سِنِّه.
أَبو زيد: تَقَيَّضَ فلان أَباه وتَقَيَّلَه تقَيُّضاً وتقَيُّلاً إِذا
نزَع إِليه في الشَّبَه. ويقال: هذا قَيْضٌ لهذا وقِياضٌ له أَي مساوٍ
له. ابن شميل: يقال لسانه قَيِّضةٌ، الياء شديدة. واقْتاضَ الشيءَ:
استأْصَلَه؛ قال الطرمّاح:
وجَنَبْنا إِليهِم الخيلَ فاقْتِيـ
ـضَ حِماهم، والحَرْبُ ذاتُ اقْتِياضِ
والقَيِّضُ: حجر تُكْوى به الإِبل من النُّحاز، يؤخذ حجر صغير مُدَوَّر
فيُسَخَّنُ، ثم يُصْرَعُ البعيرُ النَّحِزُ فيوضع الحجر على
رُحْبَيَيْهِ؛ قال الراجز:
لَحَوْت عَمْراً مِثْلَ ما تُلْحَى العَصا
لَحْواً، لو انَّ الشَّيبَ يَدْمَى لَدَما
كَيَّكَ بالقَيْضِ قدْ كان حَمَى
مواضِعَ النّاحِزِ قد كان طنَى
وقَيْضَ إِبله إِذا وسَمَها بالقَيِّضِ، وهو هذا الحجر الذي ذكرناه.
أَبو الخطّابِ: القَيِّضةُ حجَر تُكْوى به نُقَرةُ الغنم.
بله: البَلَهُ: الغَفْلة عن الشرّ وأَن لا يُحْسِنَهُ؛ بَلِهَ، بالكسر،
بَلَهاً وتَبَلَّه وهو أَبْلَه وابتُلِهَ كبَلِه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنَّ الذي يَأْمُلِ الدُّنْيا لَمُبْتَلَهٌ،
وكلُّ ذي أَمَلٍ عنها سيُشْتَغَلُ
(* قوله «سيشتغل»
كذا بضبط الأصل والمحكم، وقد نص القاموس على ندور مشتغل بفتح الغين).
ورجل أَبْلَه بيِّنُ البَلَهِ والبَلاهةِ، وهو الذي غلب عليه سلامة
الصدر وحُسْنُ الظنِّ بالناس لأَنهم أَغفَلوا أَمْرَ دنياهم فجهلوا حِذْقَ
التصرف فيها، وأَقبلوا على آخرتهم فشَغَلوا أَنفسهم بها، فاستحقوا أَن
يكونوا أَكثر أَهل الجنَّة، فأَما الأَبْلَه وهو الذي لا عقل له فغير مُرادٍ
في الحديث، وهو قوله، صلى الله عليه وسلم: أَكثرُ أَهلِ
الجنة البُلْهُ، فإِنه عنى البُلْهَ في أَمر الدنيا لقلة اهتمامهم، وهم
أَكياسٌ في أَمر الآخرة. قال الزِّبْرقانُ بن بدر: خيرُ أَولادِنا
الأَبْلهُ العَقُولُ؛ يعني أَنه لشدَّة حَيائِه كالأَبْله، وهو عَقُول، وقد
بَلِه، بالكسر، وتَبَلَّه. التهذيب: والأَبْلَهُ الذي طُبع على الخير فهو
غافلٌ عن الشرّ لا يَعْرِفه؛ ومنه: أَكثرُ أَهل الجنة البُلْه. وقال النضر:
الأَبْلَه الذي هو مَيِّت الدَّاءِ يريد أَن شَرَّه ميِّتٌ لا يَنْبَه
له. وقال أَحمد بن حنبل في تفسير قوله اسْتَراح البُلْهُ، قال: هم
الغافلون عن الدنيا وأَهلِها وفَسادِهم وغِلِّهم، فإِذا جاؤُوا إِلى الأَمرِ
والنهيِ فهم العُقَلاء الفُقَهاء، والمرأَة بَلْهاء؛ وأَنشد، ابن شميل:
ولقَدْ لَهَوْتُ بطِفْلةٍ مَيّالةٍ
بَلْهاءَ تُطْلِعُني على أَسْرارِها
أَراد: أَنها غِرٌّ لا دَهاءَ لها فهي تُخْبِرني بأَسْرارِها ولا
تَفْطَن لما في ذلك عليها؛ وأَنشد غيره:
من امرأَةٍ بَلْهاءَ لم تْحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يقول: لم تُحْفَظْ لِعَفافها ولم تُضَيَّعْ مما يَقُوتها ويَصُونها، فهي
ناعمة عَفِيفةٌ. والبَلْهاءُ من النساء: الكريمةُ المَزِيرةُ الغَرِيرةُ
المُغَفَّلةُ. والتَّبَالُه: استعمالُ البَلَه. وتَبالَه أَي أَرى من
نفسه ذلك وليس به. والأَبْلَه: الرجلُ الأَحمق الذي لا تمييز له، وامرأَة
بَلْهاء. والتَّبَلُّهُ: تطلُّبُ الضالَّة. والتَّبَلُّه: تَعَسُّفُ
الطريق على غير هداية ولا مسأَلة؛ الأَخيرة عن أَبي علي. قال الأَزهري: والعرب
تقول فلانٌ يتَبَلَّه تبَلُّهاً إِذا تعَسَّف طريقاً لا يهتدي فيها ولا
يستقيم على صَوْبِها؛ وقال لبيد:
عَلِهَتْ تَبَلَّهُ في نِهاءِ صُعائدٍ
والرواية المعروفة: عَلِهَتْ تَبَلَّدُ.
والبُلَهْنِيَةُ: الرَّخاء وسَعَةُ العَيْش. وهو في بُلَهْنِيةٍ من
العيش أَي سعَةٍ، صارت الأَلف ياء لكسرة ما قبلها، والنون زائدة عند
سيبويه.وعيش أَبْلَهُ: واسعٌ قليلُ الغُمومِ؛ ويقال: شابٌّ أَبْلَه لما فيه من
الغَرارة، يوصف به كما يوصفُ بالسُّلُوّ والجُنُونِ لمضارعته هذه
الأَسبابَ. قال الأَزهري: الأَبْلَهُ في كلام العرب على وجوهٍ: يقال عَيْش
أَبْلَه وشبابٌ أَبْلَه إِذا كان ناعماً؛ ومنه قول رؤبة:
إِمّا تَرَيْنِي خَلَقَ المُمَوَّهِ،
بَرّاقَ أَصْلادِ الجَبينِ الأَجْلَهِ،
بعدَ غُدانِيِّ الشَّبابِ الأَبْلَهِ
يريد الناعم؛ قال ابن بري: قوله خلق المُمَوَّه، يريد خَلَقَ الوجه الذي
قد مُوِّه بماء الشباب، ومنه أُخذ بُلَهْنِيةُ العيش، وهو نَعْمته
وغَفْلَتُه؛ وأَنشد ابن بري لِلَقِيط بن يَعْمُر الإِياديّ:
ما لي أَراكُمْ نِياماً في بُلَهْنِيَةٍ
لا تَفْزَعُونَ، وهذا اللَّيْثُ قد جَمَعا؟
وقال ابن شميل: ناقة بَلْهاء، وهي التي لا تَنْحاشُ من شيء مَكانةً
ورَزانةً كأَنها حَمْقاء، ولا يقال جمل أَبْلَهُ. ابن سيده: البَلْهاء ناقةٌ؛
وإِياها عنَى قيسُ بن عَيْزارة الهُذلي بقوله:
وقالوا لنا: البَلْهاءُ أَوَّلُ سُؤْلةٍ
وأَغْراسُها، واللهُ عني يُدافِعُ
(* قوله «البلهاء أول» كذا بالمحكم بالرفع فيهما).
وفي المثل: تُحْرِقُك النارُ أَن تَراها بَلْهَ أَن تَصْلاها؛ يقول
تُحْرِقُك النارُ من بَعيدٍ فدَعْ أَن تدخلَها؛ قال: ومن العرب من يَجُرُّ
بها يجعلُها مصدراً كأَنه قال تَرْكَ، وقيل: معناه سِوَى، وقال ابن
الأَنباري في بَلْه ثلاثة أَقوال: قال جماعة من أَهل اللغة بَلْه معناها على،
وقال الفراء: مَنْ خفض بها جعلَها بمنزلة على وما أَشبهها من حروف الخفض،
وقال الليث: بَلْه بمعنى أَجَلْ؛ وأَنشد:
بَلْهَ إِني أَخُنْ عهداً، ولم
أَقْتَرِفْ ذنباً فتَجْزيني النِّقَمْ
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَعْدَدْتُ لعبادي الصالحين ما لا
عينٌ رأَتْ ولا أُذُنٌ سمعتْ ولا خطر على قلبِ
بَشرٍ بَلْهَ ما اطَّلَعْتم عليه. قال ابن الأَثير: بَلْهَ من أَسماء
الأَفعال بمعنى دَعْ واتْرُكْ، تقول: بَلْهَ زيداً، وقد توضع موضع المصدر
وتضاف فتقول: بَلْهَ زَيدٍ أَي تَرْكَ زيد، وقوله: ما اطلعتم عليه يحتمل
أَن يكون منصوب المحل ومجرورَه على التقديرين، والمعنى دَعْ ما اطَّلعتم
عليه وعَرَفتموه من نعيم الجنة ولذاتها. قال أَبو عبيد: قال الأَحمر وغيره
بَلْه معناه كيف ما اطَّلعتم عليه، وقال الفراء: كُفَّ ودَعْ ما
اطَّلعتم عليه، وقال كعب بن مالك يصف السيوف:
نَصِلُ السيوفَ إِذا قَصُرْنَ بخَطْوِنا
قَدَماً، ونُلْحِقُها إِذا لم تَلْحَقِ
تَذَرُ الجَماجمَ ضاحياً هاماتُها،
بَلْهَ الأَكفَّ، كأَنها لم تُخْلَقِ
يقول: هي تَقطَع الهامَ فدَعِ الأَكفَّ أَي هي أَجدرُ أَن تَقْطعَ
الأَكف؛ قال أَبو عبيد الأَكف: ينشد بالخفض والنصب، والنصبُ على معنى دع
الأَكف، وقال الأَخفش: بَلْهَ ههنا بمنزلة المصدر كما تقول ضَرْبَ زيدٍ، ويجوز
نصب الأَكف على معنى دع الأَكف؛ قال ابن هَرْمة:
تَمْشي القَطُوفُ، إِذا غَنَّى الحُداةُ بها،
مَشْيَ النجيبةِ، بَلْهَ الجِلَّةَ النُّجُبا
قال ابن بري: رواه أَبو عليّ:
مشي الجوادِ فَبَلْهَ الجِلَّةَ النُّجُبا
وقال أَبو زبيد:
حَمّال أَثْقالِ أَهلِ الوُدِّ آوِنةً،
أُعْطيهمُ الجَهْدَ مِنِّي، بَلْهَ ما أَسَعُ
أَي أُعطيهم ما لا أَجِدُه إِلا بجَهد، ومعنى بَلْهَ أَي دع ما أُحيط به
وأَقدر عليه، قال الجوهري: بَلْهَ كلمة مبنية على الفتح مثل كيف. قال
ابن بري: حقه أَن يقول مبنية على الفتح إِذا نَصَبْتَ ما بعدها فقلت بَلْه
زيداً كما تقول رُوَيْدَ زيداً، فإِن قلت بَلْه زيدٍ بالإِضافة كانت
بمنزلة المصدر معربةً، كقولهم: رُوَيدَ زيدٍ، قال: ولا يجوز أَن تقدّره مع
الإِضافة اسماً للفعل لأَن أَسماء الأَفعال لا تضاف، والله تعالى أَعلم.
بني: بَنَا في الشرف يَبْنُو؛ وعلى هذا تُؤُوِّلَ قول الحطيئة:
أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَوا أَحْسنُوا البُنا
قال ابن سيده: قالوا إنه جمعُ بُنوَة أَو بِنْوَة؛ قال الأَصمعي: أَنشدت
أَعرابيّاً هذا البيت أَحسنوا البِنا، فقال: أَي بُنا أَحسنوا البُنَا،
أَراد بالأَول أَي بُنَيّ. والابنُ: الولد، ولامه في الأَصل منقلبة عن
واو عند بعضهم كأَنه من هذا. وقال في معتل الياء: الابنُ الولد، فَعَلٌ
محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل، قال: وإنما قضى أَنه من الياء لأَن
بَنَى يَبْنِي أَكثر في كلامهم من يَبْنُو، والجمع أَبناء. وحكى اللحياني:
أَبناءُ أَبنائهم. قال ابن سيده: والأُنثى ابنة وبنتٌ؛ الأَخيرة على غير
بناء مذكرها، ولامِ بِنْت واو، والتاء بدل منها؛ قال أَبو حنيفة؛ أَصله
بِنْوَة ووزنها فعلٌ، فأُلحقتها التاءُ المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا
بِنْتٌ، وليست التاء فيها بعلامة تأَنيث كما ظن من لا خِبْرَة له بهذا
اللسان، وذلك لسكون ما قبلها، هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح، وقد نص عليه في
باب ما لا ينصرف فقال: لو سميت بها رجلاً لصرفتها معرفة، ولو كانت
للتأْنيث لما انصرف الاسم، على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب
فقال في بِنْت: هي علامة تأْنيث، وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه
أَرسله غُفْلاً، وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف، والأَخذ بقوله
المُعَلَّل أَقوى من القول بقوله المُغْفَل المُرْسَل، ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما
كانت التاء لا تبدل من الواو فيها إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة
تأْنيث، قال: وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فِعْل وأَصلها فَعَلٌ بدلالة
تكسيرهم إياها على أَفعال، وإبدالُ الواو فيها لازمٌ لأَنه عمل اختص به
المؤنث، ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام العلامة الصريحة وتعاقُبُها
فيها على الكلمة الواحدة، وذلك نحو ابنةٍ وبنتٍ، فالصيغة في بنت قائمة
مقام الهاء في ابنةٍ، فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنتٍ علامة
تأْنيثها، وليست بنتٌٌ من ابنةٍ كصَعب من صَعْبة، إنما نظيرُ صعبة من صعب
ابنَةٌ من ابن، ولا دلالة لك في البُنُوَّة على أَن الذاهب من بنت واو،
لكن إبدال التاء من حرف العلة يدل على أَنه من الواو، لأَن إبدال التاء من
الواو أَــضعف من إبدالها من الياء. وقال ابن سيده في موضع آخر: قال سيبويه
وأَلحقوا ابْناً الهاء فقالوا ابْنة، قال: وأَما بِنتٌ فليس على ابْنٍ،
وإنما هي صيغة على حدة، أَلحقوها الياء للإلحاق ثم أَبدلوا التاء منها،
وقيل: إنها مُبدلة من واو، قال سيبويه: وإنما بِنْتٌ كعِدْل، والنسب إلى
بِنْت بَنَوِيٌّ، وقال يونس: بِنْتِيٌّ وأُخْتِيٌّ؛ قال ابن سيده: وهو
مردود عند سيبويه. وقال ثعلب: العرب تقول هذه بنت فلان وهذه ابنةُ فلان،
بتاء ثابتة في الوقف والوصل، وهما لغتان جيدتان، قال: ومن قال إبنةٌ فهو
خطأٌ ولحن. قال الجوهري: لا تقل ابِنة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء،
فإذا حركتها سقطت، والجمعُ بَناتٌ لا غير. قال الزجاج: ابنٌ كان في
الأَصل بِنْوٌ أَو بِنَوٌ، والأَلف أَلف وصل في الابن، يقال ابنٌ بيِّنُ
البُنُوَّة، قال: ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَياً، قال: والذين قالوا بَنُونَ
كأَنهم جمعوا بَنَياً بَنُونَ، وأَبْنَاء جمْعَ فِعْل أَو فَعَل، قال:
وبنت تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً، ويجوز أَن يكون فَعَلاً، نقلت
إلى فعْلٍ كما نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ، فأَما بناتٌ فليس بجمع
بنت على لفظها، إنما ردّت إلى أَصلها فجمعت بَناتٍ، على أَن أَصل بِنْت
فَعَلة مما حذفت لامه. قال: والأَخفش يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو،
قال: لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله والياء تحذف أَيضاً لأَنها تثقل، قال:
والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن المحذوف منه الياء، ولهم دليل
قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً، ودمٌ محذوف منه الياء،
والبُنُوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية فتيان،
فابن يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء، وهما عندنا متساويان.
قال الجوهري: والابن أَصله بَنَوٌ، والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ
لأَنك تقول في مؤنثه بنتٌ وأُخت، ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره
محذوف الواو، يدلك على ذلك أَخَوات وهنوات فيمن ردّ، وتقديره من الفعل
فَعَلٌ، بالتحريك، لأَن جمعه أَبناء مثل جَمَلٍ وأَجمال، ولا يجوز أَن
يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً أَفعال مثل جِذْع وقُفْل،
لأَنك تقول في جمعه بَنُون، بفتح الباء، ولا يجوز أَيضاً أَن يكون فعلاً،
ساكنة العين، لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب وأَكْلُب أَو
فعول مثل فَلْس وفُلوس. وحكى الفراء عن العرب: هذا من ابْناوَاتِ
الشِّعْبِ، وهم حيّ من كَلْب. وفي التنزيل العزيز: هؤلاء بناتي هنَّ أَطْهَرُ لكم؛
كنى ببناتِه عن نسائهم، ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بناته وأَزواجُه
بمنزلة أُمهاتهم؛ قال ابن سيده: هذا قول الزجاج. قال سيبويه: وقالوا
ابْنُمٌ، فزادوا الميم كما زيدت في فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ، وكأَنها في ابنم أَمثَلُ
قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام، فكأَنها عوض منها، وليس في فسحم ونحوه
حذف؛ فأَما قول رؤبة:
بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ حَميما،
فهي تَرَنَّى بأَبا وابناما
فإنما أَراد: وابْنِيما، لكن حكى نُدْبَتها، واحتُمِل الجمع بين الياء
والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية، كأَنَّ النادبة آثرت وا ابْنا على وا
ابْني، لأَن الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت، إذ في الأَلف من
ذلك ما ليس في الياء، ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي، والحكاية قد
يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها، أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب
من قال رأَيت زيداً، ومَنْ زيدٍ في جواب من قال مررت بزيد؟ ويروى:
فهي تُنادي بأَبي وابنِيما
فإذا كان ذلك فهو على وجه وما في كل ذلك زائدة، وجمع البِنْتِ بَناتٌ،
وجمع الابن أَبناء، وقالوا في تصغيره أُبَيْنُون؛ قال ابن شميل: أَنشدني
ابن الأَعرابي لرجل من بني يربوع، قال ابن بري: هو السفاح بن بُكير
اليربوعي:
مَنْ يَكُ لا ساءَ، فقد ساءَني
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير راع
إلى أَبي طَلحةَ، أَو واقدٍ
عمري فاعلمي للضياع
(* قوله «عمري فاعلمي إلخ» كذا بالأصل بهذه الصورة، ولم نجده في كتب
اللغة التي بأيدينا).
قال: أُبَيْني تصغير بَنِينَ، كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف، فصغره
فقال أُبين، ثم جمعه فقال أُبَيْنُون؛ قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ
واحده إبن، قال: صوابه كأَنَّ واحده أَبْنى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه
معتل اللام، وأَن واوه لام لا نون بدليل البُنُوَّة، أَو أَبْنٍ بفتح الهمزة
على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ، وأَصله أَبْنِوٌ، قال: وقوله فصغره
فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل أُعَيْمٍ. وقال ابن
عباس: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس. قال ابن الأَثير: الهمزة زائدة وقد اختلف في
صيغتها ومعناها، فقيل إنه تصغير أَبْنى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ، وهو اسم مفرد يدل
على الجمع، وقيل: إن ابْناً يجمع على أَبْنَا مقصوراً وممدوداً، وقيل: هو
تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أَبو عبيد: هو تصغير بَنِيَّ جمع ابْنٍ
مضافاً إلى النفس، قال: وهذا يوجب أَن يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ
بوزن سُرَيْجيّ، وهذه التقديرات على اختلاف الروايات
(* قوله: وهذه
التقديرات على اختلاف الروايات، يشعر ان في الكلام سقطاً). والاسم
البُنُوَّةُ. قال الليث: البُنُوَّةُ مصدر الابن. يقال: ابنٌ بَيّنُ البُنُوَّة.
ويقال: تَبَنيْتُه أَي ادَّعيت بُنُوَّتَه. وتَبَنَّاه: اتخذه ابناً. وقال
الزجاج: تَبَنَّى به يريد تَبَنَّاه. وفي حديث أَبي حذيفة: أَنه تَبَنَّى
سالماً أَي اتخذه ابناً، وهو تَفَعُّلٌ من الابْن، والنسبة إلى الأَبناء
بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ، ينسب إلى الأَعراب، والتصغير
بُنَيٌّ. قال الفراء: يا بُنيِّ ويا بُنَيَّ لغتان مثل يا أَبتِ ويا أبَتَ،
وتصغير أَبْناء أُبَيْناء، وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره. قال
الجوهري: والنسبة إلى ابْنٍ بَنَوِيّ، وبعضهم يقول ابْنِيّ، قال: وكذلك إذا
نسبت إلى أَبْناء فارس قلت بَنَوِيّ، قال: وأَما قولهم أَبْناوِيّ فإنما هو
منسوب إلى أَبناء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة، كما قالوا
مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً للبلد، قال: وكذلك إذا نسبت إلى بِنْت أَو إلى
بُنَيّاتِ الطَّريق قلت بَنَوِيّ لأَن أَلف الوصل عوض من الواو، فإذا حذفتها
فلا بد من رد الواو. ويقال: رأَيت بَناتَك، بالفتح، ويُجرونه مُجْرَى
التاء الأَصلية. وبُنَيَّاتُ الطريق: هي الطُّرُق الصغار تتشعب من الجادَّة،
وهي التُّرَّهاتُ.
والأَبناء: قوم من أَبناء فارس. وقال في موضع آخر: وأَبناء فارس قوم من
أَولادهم ارتهنتهم العرب، وفي موضع آخر: ارْتُهِنُوا باليمن وغلب عليهم
اسم الأَبناء كغلبة الأَنصار، والنسب إليهم على ذلك أَبْناوِيٌّ في لغة
بني سعد، كذلك حكاه سيبويه عنهم، قال: وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من
العرب يقولون في الإضافة إليه بَنَوِيٌّ، يَرُدّونه إلى الواحد، فهذا على
أَن لا يكون اسماً للحي، والاسم من كل ذلك البُنُوَّةُ. وفي الحديث: وكان
من الأَبْناء، قال: الأَبْناء في الأَصل جمع ابْنٍ. ويقال لأَولاد فارس
الأَبْناء، وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ بنِ ذيِ يَزَنَ، لما جاء
يستنجدهم على الحَبَشة، فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها وتزوّجوا في
العرب فقيل لأَولادهم الأَبناء، وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من غير
جنس آبائهم.
وللأَب والابن والبنت أَسماء كثيرة تضاف إليها، وعَدَّدَ الأَزهري منها
أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن: قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ
آدمُ، عليه السلام، وابن مِلاطٍ العَضُدُ، وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ،
ويقال إنه النُّغْضُ أَيضاً، وابن النَّعامة عظم الساقِ، وابن النَّعامة
عِرْق في الرِّجْل، وابنُ النَّعامة مَحَجَّة الطريق، وابن النَّعامة
الفرَس الفاره، وابن النَّعامة الساقي الذي يكون على رأْس البئر، ويقال
للرجل العالم: هو ابنُ بَجْدَتِها وابن بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ
ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي العالم بها، وابن زَوْمَلَة
أَيضاً ابن أَمة، وابن نُفَيْلَة ابن أَمة، وابن تامُورها العالم بها، وابنُ
الفأْرة الدَّرْصُ، وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً، وابن الناقةِ
البابُوس، قال: ذكره ابن أحمر في شعره، وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ، وابن
عِرْسٍ السُّرْعُوبُ، وابنُ الجَرادةِ السِّرْو، وابن اللَّيلِ اللِّصُّ،
وابن الطريق اللِّصُّ أيضاً، وابن غَبْراء اللص أَيضاً؛ وقيل في قول
طرفة:رأَيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكرُونَني
إن بني غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بني غَبْراء
للزُوقهم بغَبْراء الأَرض، وهو ترابها، أَراد أَنه مشهور عند الفقراء
والأَغنياء، وقيل: بنو غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر، وابن
إلاهَةَ وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس، وهو الضِّحُّ، وابن المُزْنةِ الهلالُ؛ ومنه
قوله:
رأَيتُ ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا
وابن الكَرَوانِ الليلُ، وابن الحُبارَى النهارُ، وابن تُمَّرةَ طائر،
ويقال التُّمَّرةِ، وابنُ الأَرضِ الغَديرُ، وابن طامِرٍ البُرْغُوث،
وابنُ طامِرٍ الخَسِيسُ من الناس، وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ
وابن بَيٍّ كُلُّه الخَسِيسُ من الناس، وابن النخلة الدَّنيء
(* قوله «وابن
النخلة الدنيء» وقوله فيما بعد «وابن الحرام السلا» كذا بالأصل). وابن
البَحْنَة السَّوْط، والبَحْنة النخلة الطويلة، وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ، وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ، وابن البَراء أَوَّلُ
يوم من الشهر، وابنُ المازِنِ النَّمْل، وابن الغراب البُجُّ، وابن
الفَوالي الجانُّ، يعني الحيةَ، وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام، وابنُ
الفاسِياء القَرَنْبَى، وابن الحرام السلا، وابن الكَرْمِ القِطْفُ، وابن
المَسَرَّة غُصْنُ الريحان، وابن جَلا السَّيِّدُ، وابن دأْيةَ الغُراب، وابن
أَوْبَرَ الكَمْأةُ، وابن قِتْرةَ الحَيَّة، وابن ذُكاءَ الصُّبْح، وابن
فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ، وابن أَحْذارٍ الرجلُ الحَذِرُ،
وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام، وابن الفَلاةِ الحِرباءُ، وابن
الطَّودِ الحَجَر، وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ، وابنُ
آوَى سَبُغٌ، وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل. ويقال للسِّقاء:
ابنُ الأَدِيم، فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ.
وروي عن أَبي الهَيْثَم أنه قال: يقال هذا ابْنُكَ، ويزاد فيه الميم
فيقال هذا ابْنُمك، فإذا زيدت الميم فيه أُعرب من مكانين فقيل هذا
ابْنُمُكَ، فضمت النون والميم، وأُعرب بضم النون وضم الميم، ومررت بابْنِمِك
ورأَيت ابنْمَك، تتبع النون الميم في الإعراب، والأَلف مكسورة على كل حال،
ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم، ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَمُكَ، ومررت بابْنَمِك، ورأَيت
ابْنَمَكَ، وهذا ابْنَمُ زيدٍ، ومررت بابْنَمِ زيدٍ، ورأَيت ابْنَمَ زيدٍ؛
وأَنشد لحسان:
وَلَدْنا بَني العَنقاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ،
فأَكْرِم بنا خالاً، وأَكْرِم بنا ابْنَما
وزيادة الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من
الحيات؛ وأَما قول الشاعر:
ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِمِ
فإنه يريد الابن، والميم زائدة.
ويقال فيما يعرف ببنات: بناتُ الدَّمِ بنات أَحْمَرَ، وبناتُ المُسْنَدِ
صُروفُ الدَّهْر، وبناتُ معًى البَعَرُ، وبناتُ اللَّبَن ما صَغرَ منها،
وبناتُ النَّقا هي الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى؛ قال ذو
الرمة:
بناتُ النَّقا تَخْفَى مِراراً وتَظْهَرُ
وبنات مَخْرٍ وبناتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ، وبناتُ غَيرٍ الكَذِبُ، وبناتُ بِئْسَ الدواهي، وكذلك بناتُ طَبَقٍ
وبناتُ بَرْحٍ وبناتُ أَوْدَكَ وابْنةُ الجَبَل الصَّدَى، وبناتُ أَعْنَقَ
النساءُ، ويقال: خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ، وبناتُ صَهَّالٍ
الخَيلُ، وبنات شَحَّاجٍ البِغالُ، وبناتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ، وبناتُ
نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة، وبناتُ الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ، وبناتُ
المُنى اللَّيْلُ، وبناتُ الصَّدْر الهُموم، وبناتُ المِثالِ النِّساء،
والمِثالُ الفِراش، وبناتُ طارِقٍ بناتُ المُلوك، وبنات الدَّوِّ حمير
الوَحْشِ، وهي بناتُ صَعْدَة أَيضاً، وبناتُ عُرْجُونٍ الشَّماريخُ، وبناتُ
عُرْهُونٍ الفُطُرُ، وبنتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من البَقْلِ،
والبناتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري. وفي حديث عائشة، رضي الله
عنها: كنت أَلعب مع الجواري بالبَناتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها
الصبايا. وذُكِرَ لرؤبة رجلٌ فقال: كان إحدَى بَناتِ مَساجد الله، كأَنه
جعله حَصاةً من حَصَى المسجد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه سأَل رجلاً
قَدِمَ من الثَّغْر فقال: هل شَرِبَ الجيشُ في البُنَيَّاتِ الصِّغار؟
قال: لا، إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتَداولوه حتى يشربوه كلُّهم؛
البُنَيَّاتُ ههنا: الأَقْداح الصِّغار، وبناتُ الليلِ الهُمومُ؛ أَنشد
ثعلب:
تَظَلُّ بَناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً
عُكُوفَ البَواكي، بينَهُنَّ قَتِيلُ
وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ:
فسَبَتْ بَناتِ القَلْبِ، فهي رَهائِنٌ
بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ
إنما عنى ببناته طوائفه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ
أَراد: من يَعْملُ عَمَلي أَو مِثْلَ عمَلي، قال: والعرب تقول الرِّفْقُ
بُنَيُّ الحِلْمِ أَي مثله.
والبَنْيُ: نَقيضُ الهَدْم، بَنى البَنَّاءُ البِناءَ بَنْياً وبِنَاءً
وبِنًى، مقصور، وبُنياناً وبِنْيَةً وبِنايةً وابتَناه وبَنَّاه؛ قال:
وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ، تَرَى به
بُيوتاً مُبَنَّاةً وأَودِيةً خُضْرا
يعني العين، وقول الأَعْوَرِ الشَّنِّيِّ في صفة بعير أَكراه:
لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا
مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَن أُجَنَّا
قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُبَنَّى
شبه البعير بالعَلَمِ لعِظَمِه وضِخَمِه؛ وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ،
يعني أَنه شبهه بالقصر المَبْنيّ المُشيَّدِ كما قال الراجز:
كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
والبِناءُ: المَبْنيُّ، والجمع أَبْنِيةٌ، وأَبْنِياتٌ جمعُ الجمع،
واستعمل أَبو حنيفة البِنَاءَ في السُّفُنِ فقال يصف لوحاً يجعله أَصحاب
المراكب في بناء السُّفُن: وإنه أَصلُ البِناء فيما لا ينمي كالحجر والطين
ونحوه. والبَنَّاءُ: مُدَبِّرُ البُنْيان وصانعه، فأَما قولهم في المثل:
أَبناؤُها أَجْناؤُها، فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ كشاهدٍ
وأَشهاد، وكذلك أَجْناؤُها جمع جانٍ. والبِنْيَةُ والبُنْيَةُ: ما بَنَيْتَهُ،
وهو البِنَى والبُنَى؛ وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن:
أُولئك قومٌ، إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البُنى،
وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا، وإن عَقَدُوا شَدُّوا
ويروى: أَحْسَنُوا البِنَى؛ قال أَبو إسحق: إنما أَراد بالبِنى جمع
بِنْيَةٍ، وإن أَراد البِناءَ الذي هو ممدود جاز قصره في الشعر، وقد تكون
البِنايةُ في الشَّرَف، والفعل كالفعل؛ قال يَزيدُ بن الحَكَم:
والناسُ مُبْتَنيانِ: مَحْـ
مودُ البِنايَةِ، أَو ذَمِيمُ
وقال لبيد:
فبَنى لنا بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه،
فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها
ابن الأَعرابي: البِنى الأَبْنِيةُ من المَدَر أَو الصوف، وكذلك البِنى
من الكَرَم؛ وأَنشد بيت الحطيئة:
أُولئك قوم إن بنوا أَحسنوا البِنى
وقال غيره: يقال بِنْيَةٌ، وهي مثل رِشْوَةٍ ورِشاً كأَنَّ البِنْيةَ
الهيئة التي بُنِيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ. وبَنى فلانٌ بيتاً
بناءً وبَنَّى، مقصوراً، شدّد للكثرة. وابْتَنى داراً وبَنى بمعنىً.
والبُنْيانُ: الحائطُ. الجوهري: والبُنَى، بالضم مقصور، مثل البِنَى. يقال:
بُنْيَةٌ وبُنًى وبِنْيَةٌ وبِنًى، بكسر الباء مقصور، مثل جِزْيةٍ وجِزًى،
وفلان صحيح البِنْيةِ أَي الفِطْرة. وأَبنَيْتُ الرجلَ: أَعطيتُه بِناءً
أَو ما يَبْتَني به داره؛ وقولُ البَوْلانيِّ:
يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ، ويَصْـ
ـطادُ نُفوساً بُنَتْ على الكرَمِ
أَي بُنِيَتْ، يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ. التهذيب: أَبنَيْتُ
فلاناً بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَبْنِيه أَو جعلته يَبْني بيتاً؛ ومنه قول
الشاعر:
لو وصَلَ الغيثُ أَبنَيْنَ امْرَأً،
كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ
قال ابن السكيت: قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَبنَيْنَ امرأً
سَحْقَ بجادٍ بعد أَن كانت له قبة، يقول: يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّبْنَه
فيتخذ بناء من سَحْقِ بِجادٍ بعد أَن كانت له قبة. وقال غيره يصف الخيل
فيقول: لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ
فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَبْنيةً بعدها. والبِناءُ: يكون من
الخِباء، والجمع أَبْنيةٌ.
والبِناءُ: لزوم آخر الكلمة ضرباً واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء
أَحدث ذلك من العوامل، وكأَنهم إنما سموه بناء لأَنه لما لزم ضرباً
واحداً فلم يتغير تغير الإعراب، سمي بناء من حيث كان البناء لازماً موضعاً لا
يزول من مكان إلى غيره، وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك، وعلى أَنه مذ أَوقِع
على هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ البناء
تشبيهاً بذلك من حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالبناء من الآجر والطين
والجص.
والعرب تقول في المَثَل: إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُبْنى أَي لا
تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُبْنى منها بَيْتٌ، المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى
تُتَّخذ منها الأَبنيةُ أَي لا تجعل منها الأَبنية لأَن أَبينة العرب
طِرافٌ وأَخْبيَةٌ، فالطِّرافُ من أَدَم، والخِباءُ من صوف أَو أَدَمٍ ولا
يكون من شَعَر، وقيل: المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها عليها ولا
تُعينُ على الأَبنيةِ، ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ،
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور
والأَكْرادُ يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها. وفي حديث الاعتكاف: فأَمَر ببنائه
فقُوِّضَ؛ البناءُ واحد الأَبنية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في
الصحراء، فمنها الطِّراف والخِباء والبناءُ والقُبَّة المِضْرَبُ. وفي حديث
سليمان، عليه السلام: من هَدَمَ بِناءَ ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون، يعني
من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْيانٌ خلقه الله وركَّبه.
والبَنِيَّةُ، على فَعِيلة: الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مبْنِيٍّ. يقال:
لا وربِّ هذه البَنِيَّة ما كان كذا وكذا. وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ:
رأَيتُ أَن لا أَجْعَلَ هذه البَنِيَّة مني بظَهْرٍ؛ يريد الكعبة، وكانت
تُدْعَى بَنيَّةَ إبراهيم، عليه السلام، لأَنه بناها، وقد كثر قَسَمُهم
برب هذه البَنِيَّة. وبَنَى الرجلَ: اصْطَنَعَه؛ قال بعض المُوَلَّدين:
يَبْني الرجالَ، وغيرهُ يَبْني القُرَى،
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ
وكذلك ابْتناه. وبَنَى الطعامُ لَحْمَه يَبنِيه بِناءً: أَنْبَتَه
وعَظُمَ من الأَكل؛ وأَنشد:
بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ،
كما بَنَى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ
قال ابن سيده: وأَنشد ثعلب:
مُظاهِرة شَحْماً عَتِيقاً وعُوطَطاً،
فقد بَنَيا لحماً لها مُتبانِيا
ورواه سيبويه: أَنْبَتا. وروى شَمِر: أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن
أَبي أَميَّةَ: إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنتُ
غَيْلانَ، فإنها إذا جلستْ تَبَنَّتْ، وإذا تكلمت تَغَنَّتْ، وإذا اضطجعت
تَمنَّتْ، وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ، يعني ضِخَم رَكَبِها
ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب، فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها؛ قال
أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَبَنَّتْ أَي صارت
كالمَبْناةِ من سمنها وعظمها، من قولهم: بَنَى لَحْمَ فلان طعامُه إذا
سمَّنه وعَظَّمه؛ قال ابن الأَثير: كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم، وهي
المَبْناة، لسمنها وكثرة لحمها، وقيل: شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت
انْفَرَجَتْ، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت رجليها. وتَبَنَّى
السَّنامُ: سَمِنَ؛ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ:
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
وقول الأَخفش في كتاب القوافي: أَما غُلامي إذا أَردتَ الإضافة مع غلامٍ
في غير الإضافة فليس بإيطاء، لأَن هذه الياء أَلزمت الميم الكسرة وصيرته
إلى أَن يُبْنَى عليه، وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء؛ قال
ابن جني؛ المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء: وهو أَن
غلام نكرة وغلامي معرفة، وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا
ياء كذلك، والثالث أَن كسرة غلامي بناء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت
بغلام إعراب لا بناء، وإذا جاز رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس
بينهما أَكثر من هذا، فما اجتمع فيه ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ
بالجواز، قال: وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن أَن يكون أَراد بقوله إن
حركة ميم غلامي بناء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة، ومنعت اختلافَ
الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك، ولا يريد البناء الذي
يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس.
والمِبْناة والمَبْناةُ: كهيئة السِّتْرِ والنِّطْعِ. والمَبْناة
والمِبْناة أَيضاً: العَيْبةُ. وقال شريح بن هانئ: سأَلت عائشة، رضي الله
عنها، عن صلاة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء، قالت: وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بناءً؛
قال شمر: قوله بناءً أَي نِطَعاً، وهو مُتَّصل بالحديث؛ قال ابن
الأَثير: هكذا جاء تفسيره في الحديث، ويقال له المَبْناةُ والمِبْناة أَيضاً.
وقال أَبو عَدْنان: يقال للبيتِ هذا بِناءُ آخرته؛ عن الهوازني، قال:
المَبْناةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في كِسْر بيتها فتسكن فيها،
وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها وثيابها، ولها إزار في
وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا تُبَلَّلُ
هي وثيابُها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة:
على ظَهْرِ مَبْناةٍ جديدٍ سُيُورُها،
يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ
قال: المَبْناة قبة من أَدَم. وقال الأَصمعي: المَبْناة حصير أَو نطع
يبسطه التاجر على بيعه، وكانوا يجعلون الحُصُرَ على الأَنْطاع يطوفون بها،
وإنما سميت مَبناة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض؛ وقال جرير:
رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما
خَرَزُوا المَبانيَ في بَني زَدْهامِ
وأَبْنَيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَبْني بَيْتاً.
والبانِيَةُ من القُسِيّ: التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع
وترها في بطنها من لصوقه بها، وهو عيب، وهي الباناةُ، طائِيَّةٌ. غيره:
وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَتْ على وترها إذا لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع. وقوسٌ
باناةٌ: فَجَّاءُ، وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر. ورجل باناةٌ: مُنحنٍ على
وتره عند الرَّمْي؛ قال امرؤ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،
غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ
وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها، وكلاهما عيب.
والبَواني: أَضْلاعُ الزَّوْرِ. والبَواني: قوائمُ الناقة. وأَلْقَى
بوانِيَه: أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه،
والأَرواق جمع رَوْقِ البيت، وهو رِواقُه. والبَواني: عِظامُ الصَّدْر؛ قال
العجاج بن رؤبة:
فإنْ يكنْ أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ،
وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر
وفي حديث خالد: فلما أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ
غيري، أَي خَيرَه وما فيه من السَّعةِ والنَّعْمةِ. قال ابن الأَثير:
والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر، وقيل: الأَكتافُ والقوائمُ، الواحدة
بانِيةٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَلْقَت السماءُ بَرْكَ بَوانيها؛ يريد
ما فيها من المطر، وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه، قال: فإن ابن
حبلة
(* قوله «ابن حبلة» هو هكذا في الأصل). رواه هكذا عن أَبي عبيد،
بالنون قبل الياء، ولو قيل بَوائنه، الياء قبل النون، كان جائزاً.
والبَوائِنُ جمع البُوانِ، وهو اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط
البيت الذي له ثلاث طَرائق. وبَنَيتُ عن حالِ الرّكِيَّة: نَحَّيْتُ الرِّشاء
عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر.
والباني: العَرُوس الذي يَبْني على أَهله؛ قال الشاعر:
يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني
وبَنَى فلانٌ على أَهله بِناءً، ولا يقال بأَهله، هذا قول أَهل اللغة،
وحكى ابن جني: بَنى فلان بأَهله وابْتَنَى بها، عَدَّاهما جميعاً بالباء.
وقد زَفَّها وازْدَفَّها، قال: والعامة تقول بَنَى بأَهله، وهو خطأٌ،
وليس من كلام العرب، وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله كان يضرب عليها
قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال: بَنَى الرجلُ على أَهله، فقيل لكل
داخل بأَهله بانٍ، وقد ورد بَنَى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال:
بَنَيْتُ بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ،
فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ
قال ابن الأَثير: وقد جاءَ بَنى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير
الحديث. وقال الجوهري: لا يقال بني بأَهله؛ وعادَ فاستعمله في كتابه. وفي
حديث أَنس: كان أَوَّلُ ما أُنْزِلَ من الحجاب في مُبْتَنى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، بزينب؛ الابْتِناءُ والبِناء: الدخولُ بالزَّوْجةِ،
والمُبْتَنَى ههنا يُراد به الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام المصدر. وفي حديث
عليّ، عليه السلام، قال: يا نبيّ الله مَتَى تُبْنِيني أَي تُدْخِلُني على
زوجتي؛ قال ابن الأَثير: حقيقته متى تجعلني أَبْتَني بزوجتي. قال الشيخ
أَبو محمد بن بري: وجاريةٌ بَناةُ اللَّحْمِ أَي مَبْنِيَّةُ اللحم؛ قال
الشاعر:
سَبَتْه مُعْصِرٌ، من حَضْرَمَوْتٍ،
بَنَاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ
ورأَيت حاشية هنا قال: بَناةُ اللحم في هذا البيت بمعنى طَيِّبةُ الريح
أَي طيبة رائحة اللحم؛ قال: وهذا من أَوهام الشيخ ابن بري، رحمه الله.
وقوله في الحديث: من بَنَى في دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ نَيْرُوزَهُمْ
ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم؛ قال أَبو موسى: هكذا رواه بعضهم، والصواب تَنَأ
أَي أَقام، وسيأْتي ذكره.
درع: الدِّرْعُ: لَبُوسُ الحديد، تذكر وتؤنث، حكى اللحياني: دِرْعٌ
سابغةٌ ودرع سابغ؛ قال أَبو الأَخرز:
مُقَلَّصاً بالدِّرْعِ ذِي التَّغَضُّنِ،
يَمْشِي العِرَضْنَى في الحَدِيد المُتْقَنِ
والجمع في القليل أَدْرُعٌ وأَدْراعٌ، وفي الكثير دُروعٌ؛ قال الأَعشى:
واخْتارَ أَدْراعَه أَن لا يُسَبَّ بها،
ولم يَكُن عَهْدُه فيها بِخَتَّارِ
وتصغير دِرْعٍ دُرَيْعٌ، بغير هاء على غير قياس لأَن قياسه بالهاء، وهو
أَحد ما شذ من هذا الضرب. ابن السكيت: هي دِرْعُ الحديد. وفي حديث خالد:
أَدْراعَه وأَعْتُدَه حَبْساً في سبيل الله؛ الأَدراعُ: جمع دِرْع وهي
الزَّرَدِيَّةُ.
وادَّرَع بالدِّرْع وتَدَرَّع بها وادَّرَعَها وتَدَرَّعها: لَبِسَها؛
قال الشاعر:
إِن تَلْقَ عَمْراً فقد لاقَيْتَ مُدَّرِعاً،
وليس من هَمِّه إِبْل ولا شاء
قال ابن بري: ويجوز أَن يكون هذا البيت من الادّراع، وهو التقدّم،
وسنذكره في أَواخر الترجمة. وفي حديث أَبي رافع: فَغَلَّ نَمِرةً فَدُرِّعَ
مثلَها من نار أَي أُلْبِسَ عِوَضَها دِرْعاً من نار.
ورجل دارعٌ: ذو دِرْعٍ على النسَب، كما قالوا لابنٌ وتامِرٌ، فأَمَّا
قولهم مُدَّرَعٌ فعلى وضع لفظ المفعول موضع لفظ الفاعل.
والدِّرْعِيَّةُ: النِّصال التي تَنْفُذُ في الدُّروع. ودِرْعُ
المرأَةِ: قميصُها، وهو أَيضاً الثوب الصغير تلبسه الجارية الصغيرة في بيتها،
وكلاهما مذكر، وقد يؤنثان. وقال اللحياني: دِرْعُ المرأَة مذكر لا غير،
والجمع أَدْراع. وفي التهذيب: الدِّرْع ثوب تَجُوب المرأَةُ وسطَه وتجعل له
يدين وتَخِيط فرجَيْه. ودُرِّعت الصبيةُ إِذا أُلبِست الدِّرْع،
وادَّرَعَتْه لبِسَتْه. ودَرَّعَ المرأَةَ بالدِّرْع: أَلبسها إِياه.
والدُّرّاعةُ والمِدْرعُ: ضرب من الثياب التي تُلْبَس، وقيل: جُبَّة
مشقوقة المُقَدَّم. والمِدْرعةُ: ضرب آخر ولا تكون إِلاَّ من الصوف خاصة،
فرقوا بين أَسماء الدُّرُوع والدُّرّاعة والمِدْرعة لاختلافها في الصَّنْعة
إِرادة الإِيجاز في المَنطِق. وتَدَرَّعَ مِدْرعَته وادَّرَعها
وتَمَدْرَعها، تحمَّلُوا ما في تَبْقية الزائد مع الأَصل في حال الاشتقاق تَوْفية
للمعنى وحِراسة له ودَلالة عليه، أَلا ترى أَنهم إِذا قالوا تَمَدْرَعَ،
وإِن كانت أَقوى اللغتين، فقد عرّضوا أَنفسهم لئلا يُعرف غَرضهم أَمن
الدِّرْع هو أَم من المِدْرعة؟ وهذا دليل على حُرمة الزائد في الكلمة عندهم
حتى أَقرّوه إِقرار الأُصول، ومثله تَمَسْكَن وتَمَسْلَم، وفي المثل:
شَمِّر ذَيْلاً وادَّرِعْ ليلاً أَي اسْتَعمِل الحَزْم واتخذ الليل
جَمَلاً. والمِدْرَعةُ: صُفّةُ الرحْل إِذا بدت منها رُؤوس الواسطة الأَخِيرة.
قال الأَزهري: ويقال لصُفّة الرحل إِذا بدا منها رأْسا الوَسط والآخِرة
مِدْرعةٌ.
وشاة دَرْعاء: سَوداء الجسد بَيْضاء الرأْس، وقيل: هي السوداء العنق
والرأْسِ وسائرُها أَبيض. وقال أَبو زيد في شِياتِ الغنم من الضأْن: إِذا
اسودَّت العنق من النعجة فهي دَرْعاء. وقال الليث: الدَّرَعُ في الشاة
بياضٌ في صدرها ونحرها وسواد في الفخذ. وقال أَبو سعيد: شاة دَرْعاء مُختلفة
اللون. وقال ابن شميل: الدرعاء السوداء غير أَن عنقها أَبيض، والحمراء
وعنُقُها أَبيض فتلك الدَّرْعاء، وإِن ابْيَضَّ رأْسها مع عنقها فهي دَرعاء
أَيضاً. قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو زيد سميت درعاء إِذا اسودّ
مقدمها تشبيهاً بالليالي الدُّرْع، وهي ليلة ستَّ عَشْرة وسبعَ عشرة وثماني
عشرة، اسودّت أَوائلها وابيضَّ سائرها فسُمّين دُرْعاً لم يختلف فيها
قول الأَصمعي وأَبي زيد وابن شميل. وفي حديث المِعْراج: فإِذا نحن بقوم
دُرْع: أَنْصافُهم بيض وأَنصافهم سود؛ الأَدْرَعُ من الشاء الذي صدره أَسوَد
وسائره أَبيض. وفرس أَدْرَع: أَبيض الرأْس والعنق وسائره أَسود، وقيل
بعكس ذلك، والاسم من كل ذلك الدُّرْعة. والليالي الدُّرَعُ والدُّرْع:
الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، وذلك لأَنّ بعضها أَسود وبعضها
أَبيض، وقيل: هي التي يطلع القمر فيها عند وجه الصبح وسائرها أَسود مظلم،
وقيل: هي ليلة ست عشرة وسبع عشرة وثماني عشرة، وذلك لسواد أَوائلها وبياض
سائرها، واحدتها دَرْعاء ودَرِعةٌ، على غير قياس، لأَن قياسه دُرْعٌ
بالتسكين لأَن واحدتها دَرْعاء، قال الأَصمعي: في ليالي الشهر بعد الليالي
البيض ثلاث دُرَعٌ مثل صُرَدٍ، وكذلك قال أَبو عبيد غير أَنه قال: القياس
دُرْعٌ جمع دَرْعاء. وروى المنذري عن أَبي الهيثم: ثلاث دُرَعٌ وثلاث
ظُلَمٌ، جمع دُرْعة وظُلْمة لا جمع دَرْعاء وظَلْماء؛ قال الأَزهري: هذا صحيح
وهو القياس. قال ابن بري: إِنما جمعت دَرْعاء على دُرَع إِتباعاً لظُلَم
في قولهم ثلاث ظُلَم وثلاث دُرَع، ولم نسمع أَن فَعْلاء جمعُه على فُعَل
إِلاَّ دَرْعاء. وقال أَبو عبيدة: الليالي الدُّرَع هي السود الصُّدورِ
البيضُ الأَعجازِ من آخر الشهر، والبيضُ الصدور السودُ الأَعجاز من
أَوَّل الشهر، فإِذا جاوَزَت النصف من الشهر فقد أَدْرَعَ، وإِدْراعه سواد
أَوّله؛ وكذلك غنم دُرْعٌ للبيض المآخِير السُّودِ المَقاديمِ، أَو السودِ
المآخيرِ البيضِ المَقاديمِ، والواحد من الغنم والليالي دَرْعاء، والذكر
أَدْرَعُ؛ قال أَبو عبيدة: ولغة أُخرى ليالٍ دُرَعٌ، بفتح الراء، الواحدة
دُرْعة. قال أَبو حاتم: ولم أَسمع ذلك من غير أَبي عبيدة. وليل أَدْرَع:
تَفَجَّر فيه الصبح فابْيَضَّ بعضُه.
ودُرِعَ الزَّرْعُ إِذا أُكل بعضُه. ونَبْت مُدَرَّع: أُكل بعضه
فابْيَضَّ موضعه من الشاة الدَّرْعاء. وقال بعض الأَعراب: عُشْبٌ دَرِعٌ وتَرِعٌ
وثَمِعٌ ودَمِظٌ ووَلِجٌ إِذا كان غَضّاً.
وأَدْرَع الماءُ ودُرِع: أُكل كل شيء قَرُب منه، والاسم الدُّرْعة.
وأَدْرَعَ القومُ إِدْراعاً، وهم في دُرْعة إِذا حَسَر كَلَؤُهم عن حَوْل
مِياهِهم ونحو ذلك. وأَدْرَعَ القومُ: دُرِعَ ماؤهم، وحكى ابن الأَعرابي:
ماء مُدْرِع، بالكسر، قال ابن سيده: ولا أَحقُّه، أُكل ما حَوْله من
المَرْعَى فتباعد قليلاً، وهو دون المُطْلِب، وكذلك روْضة مُدْرِعة أُكل ما
حولها، بالكسر؛ عنه أَيضاً. ويقال للهَجين: إِنه لَمُعَلْهَجٌ وإِنه
لأَدْرَعُ.
ويقال: دَرَع في عنُقه حَبْلاً ثم اخْتَنَق، وروي: ذَرَع بالذال،
وسنذكره في موضعه. أَبو زيد: دَرَّعْته تَدْريعاً إِذا جعلت عُنقه بين ذراعك
وعَضُدك وخنَقْته. وانْدَرأَ يَفْعل كذا وانْدَرَع أَي اندفع؛ وأَنشد:
وانْدَرَعَتْ كلَّ عَلاةٍ عَنْسِ،
تَدَرُّعَ الليلِ إِذا ما يُمْسِي
وادَّرَعَ فلان الليلَ إِذا دخل في ظُلْمته يَسْرِي، والأَصلُ فيه
تَدَرَّعَ كأَنه لبس ظلمة الليل فاستتر به. والانْدِراعُ والادِّراعُ:
التقدُّم في السير؛ قال:
أَمامَ الرَّكْبِ تَنْدَرِعُ انْدِراعا
وفي المثل انْدَرَعَ انْدِراعَ المُخَّة وانْقَصَفَ انْقِصافَ
البَرْوَقةِ.
وبنو الدَّرْعاء: حَيٌّ من عَدْوانَ. ورأَيت حاشية في بعض نسخ حواشي ابن
بري الموثوق بها ما صورته:الذي في النسخة الصحيحة من أَشعار الهذليين
الذُّرَعاء على وزن فُعَلاء، وكذلك حكاه ابن التولمية في المقصور والممدود،
بذال معجمة في أَوَّله، قال: وأَظن ابن سيده تبع في ذلك ابن دريد فإِنه
ذكره في الجمهرة فقال: وبنو الدَّرْعاء بطن من العرب، ذكره في درع ابن
عمرو، وهم حُلَفاء في بني سهم
(* كذا بياض بالأصل.) ... بن معاوية بن تميم
بن سعد بن هُذَيل. والأَدْرَِع: اسم رجل. ودِرْعةُ: اسم عنز؛ قال عُرْوةُ
بن الوَرْد:
أَلَمَّا أََغْزَرَتْ في العُسِّ بُزْلٌ،
ودِرْعةُ بِنْتُها، نَسيا فَعالي
دبغ: دَبَغَ الجِلْد يَدْبَغُه ويَدْبُغُه؛ الكسر عن اللحياني، دَبْغاً
ودِباغةً ودِباغاً، والدَّبّاغُ محاول ذلك، وحِرْفَتُه الدِّباغةُ. وفي
الحديث: دِباغُها طَهُورُها. والدِّبْغُ والدِّباغُ والدِّباغةُ
والدِّبْغةُ، بالكسر: ما يُدْبَغُ به الأَدِيمُ؛ الدِّباغةُ عن أَبي حنيفة،
والمصدر الدَّبْغُ. يقال: الجلد في الدِّباغ.
والمَدْبَغةُ: موضع الدِّباغِ. التهذيب: والمَدْبَغةُ والمَنِيئةُ
الجُلود التي ابْتُدِئَ بها في الدِّباغِ.
وأَدِيمٌ دَبِيغٌ: مَدْبُوغٌ. والدَّبْغةُ، بالفتح: المرّة الواحدة،
تقول: دَبَغْتُ الجلد فانْدَبَغَ.
خصص: خصّه بالشيء يخُصّه خَصّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيّةً وخُصُوصِيّةً،
والفتح أَفصح، وخِصِّيصَى وخصّصَه واخْتصّه: أَفْرَدَه به دون غيره. ويقال:
اخْتصّ فلانٌ بالأَمر وتخصّصَ له إِذا انفرد، وخَصّ غيرَه واخْتصّه
بِبِرِّهِ. ويقال: فلان مُخِصٌّ بفلان أَي خاصّ به وله به خِصِّيّة؛ فأَما
قول أَبي زبيد:
إِنّ امرأً خَصّني عَمْداً مَوَدَّتَه،
على التَّنائي، لَعِنْدِي غيرُ مَكْفُور
فإِنه أَراد خَصَّني بمودّته فحذف الحرف وأَوصَل الفعلَ، وقد يجوز أَن
يريد خَصَّني لِمَودّته إِيّايَ فيكون كقوله:
وأَغْفِرُ عَوْراءَ الكريمِ ادّخارَه
قال ابن سيده: وإِنما وجّهْناه على هذين الوجهين لأَنا لم نسمع في
الكلام خَصَصْته متعدية إِلى مفعولين، والاسم الخَصُوصِيّة والخُصُوصِيّة
والخِصِّيّة والخاصّة والخِصِّيصَى، وهي تُمَدُّ وتُقْصر؛ عن كراع، ولا نظير
لها إِلا المِكِّيثَى. ويقال: خاصٌّ بيّن الخُصُوصِيّة، وفعلت ذلك بك
خِصِّيّةً وخاصّة وخَصُوصيّة وخُصُوصيّة.
والخاصّةُ: خلافُ العامّة. والخاصّة: مَنْ تخُصّه لنفسك. التهذيب:
والخاصّة الذي اخْتَصَصْته لنفسك، قال أَبو منصور: خُوَيْصّة. وفي الحديث:
بادِروا بالأَعمال سِتّاً الدَّجَّالَ وكذا وكذا وخُوَيصّةَ أَحدِكم، يعني
حادثةَ الموتِ التي تَخُصُّ كلَّ إِنسان، وهي تصغير خاصّة وصُغِّرَت
لاحتقارها في جَنْب ما بعدها من البَعْث والعَرْض والحِساب، أَي بادِرُوا
المَوت واجتهدُوا في العمل، ومعنى المُبادرة بالأَعمال الانْكِماشُ في
الأَعمال الصالحة والاهتمامُ بها قبل وقوعها، وفي تأْنيث الست إِشارةٌ إِلى
أَنها مصائب. وفي حديث أُم سليم: وخُوَيْصَّتُكَ أَنَسٌ أَي الذي يختصّ
بخِدْمتِك وصغّرته لصِغَره يومئذ. وسمع ثعلب يقول: إِذا ذُكر الصالحون
فبِخاصّةٍ أَبو بكر، وإِذا ذُكِرَ الأَشْرافُ فبِخاصّةٍ عليٌّ.
والخُصَّانُ والخِصَّانُ: كالخاصَّةِ؛ ومنه قولهم: إِنما يفعل هذا
خُصّان الناس أَي خواصُّ منهم؛ وأَنشد ابن بري لأَبي قِلابة الهذلي:
والقوم أَعْلَمُ هل أَرْمِي وراءَهُم،
إِذ لا يُقاتِل منهم غيرُ خُصّانِ
والإِخْصاصُ: الإِزْراءُ. وخَصَّه بكذا: أَعْطاه شيئاً كثيراً؛ عن ابن
الأَعرابي.
والخَصَاصُ: شِبْهُ كَوّةٍ في قُبَّةٍ أَو نحوها إِذا كان واسعاً قدرَ
الوَجْه:
وإِنْ خَصَاصُ لَيْلِهِنّ اسْتَدّا،
رَكِبْنَ من ظَلْمائِه ما اشْتَدّا
شبّه القمرَ بالخَصاص الضيّقِ، أَي اسْتَتَر بالغمام، وبعضهم يجعل
الخَصَاصَ للواسع والضيّق حتى قالوا لِخُروق المِصْفاة والمُنْخُلِ خَصَاصٌ.
وخَصَاصُ المُنْخُل والباب والبُرْقُع وغيرِه: خَلَلُه، واحدته خَصَاصة؛
وكذلك كلُّ خَلَلٍ وخَرْق يكون في السحاب، ويُجْمع خَصاصَاتٍ؛ ومنه قول
الشاعر:
مِنْ خَصاصاتِ مُنْخُل
وربما سمي الغيمُ نفسُه خَصاصةً. ويقال للقمر: بَدَا من خَصاصَةِ الغيم.
والخَصَاصُ: الفُرَجُ بين الأَثافِيّ والأَصابع؛ وأَنشد ابن بري
للأَشعري الجُعْفِيِّ:
إِلاَّ رَواكِدَ بَيْنَهُنّ خَصَاصَةٌ،
سُفْع المَناكِب، كلّهنّ قد اصْطَلى
والخَصَاصُ أَيضاً: الفُرَج التي بين قُذَذِ السهم؛ عن ابن الأَعرابي.
والخَصَاصةُ والخَصَاصاءُ والخَصَاصُ: الفقرُ وسوءُ الحال والخَلّة
والحاجة؛ وأَنشد ابن بري للكميت:
إِليه مَوارِدُ أَهل الخَصَاص،
ومنْ عِنْده الصَّدَرُ المُبْجِل
وفي حديث فضالة: كان يَخِرُّ رِجالٌ مِنْ قامتِهم في الصلاة من
الخَصَاصة أَي الجوع، وأَصلُها الفقر والحاجة إِلى الشيء. وفي التنزيل العزيز:
ويُؤْثِرُون على أَنْفُسِهم ولو كان بهم خَصَاصةٌ؛ وأَصل ذلك في الفُرْجة
أَو الخَلّة لأَن الشيء إِذا انْفرج وَهَى واخْتَلّ. وذَوُو الخَصَاصة:
ذَوُو الخَلّة والفقر. والخَصَاصةُ: الخَلَل والثَّقْبُ الصغير. وصدَرَت
الإِبل وبها خَصاصةٌ إِذا لم تَرْوَ، وصدَرت بعطشها، وكذلك الرجل إِذا لم
يَشْبَع من الطعام، وكلُّ ذلك من معنى الخَصَاصة التي هي الفُرْجة
والخَلَّة.
والخُصَاصةُ من الكَرْم: الغُصْن إِذا لم يَرْوَ وخرج منه الحبّ متفرقاً
ضعيفاً. والخُصَاصةُ: ما يبقى في الكرم بعد قِطافه العُنَيْقِيدُ
الصغيرُ ههنا وآخر ههنا، والجمع الخُصَاصُ، وهو النَّبْذ القليل؛ قال أَبو
منصور: ويقال له من عُذوق النخل الشِّمِلُّ والشَّمالِيلُ، وقال أَبو حنيفة:
هي الخَصَاصة، والجمع خَصَاصٌ، كلاهما بالفتح.
وشهرٌ خِصٌ أَي ناقص.
والخُصُّ: بَيْتٌ من شجر أَو قَصَبٍ، وقيل: الخُصّ البيت الذي يُسَقَّفُ
عليه بخشبة على هيئة الأَزَجِ، والجمع أَخْصَاصٌ وخِصَاص، وقيل في جمعه
خُصُوص، سمي بذلك لأَنه يُرَى ما فيه من خَصاصةٍ أَي فُرْجةٍ، وفي
التهذيب: سمي خُصّاً لما فيه من الخَصَاصِ، وهي التَّفارِيجُ الضيّقة. وفي
الحديث: أَن أَعرابيّاً أَتى باب النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، فأَلْقَمَ
عَينَه خَصَاصةَ الباب أَي فُرجَتَه. وحانوتُ الخَمّارِ يُسمى خُصّاً؛ ومنه
قول امرئ القيس:
كأَنَّ التِّجَارَ أَصْعَدُوا بِسَبِيئةٍ
من الخُصِّ، حتى أَنزَلوها على يُسْرِ
الجوهري: والخُصُّ البيت من القصب؛ قال الفزاريّ:
الخُصُّ فيه تَقَرُّ أَعْيُنُنا
خَيرٌ من الآجُرِّ والكَمَدِ
وفي الحديث: أَنه مر بعبد اللّه بن عمرو وهو يُصْلِح خُصّاً له.