هو: الإمام، أبو بكر: محمد بن عبد الله الشافعي.
المتوفى: سنة ثلاثين وثلاثمائة.
وهو: من الأصول المعتبرة فيما بينهم.
صرف: الصَّرْفُ: رَدُّ الشيء عن وجهه، صَرَفَه يَصْرِفُه صَرْفاً
فانْصَرَفَ. وصارَفَ نفْسَه عن الشيء: صَرفَها عنه. وقوله تعالى: ثم
انْصَرَفوا؛ أَي رَجَعوا عن المكان الذي استمعُوا فيه، وقيل: انْصَرَفُوا عن العمل
بشيء مـما سمعوا. صَرَفَ اللّه قلوبَهم أَي أَضلَّهُم اللّه مُجازاةً على
فعلهم؛ وصَرفْتُ الرجل عني فانْصَرَفَ، والمُنْصَرَفُ: قد يكون مكاناً
وقد يكون مصدراً، وقوله عز وجل: سأَصرفُ عن آياتي؛ أَي أَجْعَلُ جَزاءهم
الإضْلالَ عن هداية آياتي. وقوله عز وجل: فما يَسْتَطِيعُون صَرْفاً ولا
نَصْراً أَي ما يستطيعون أَن يَصْرِفُوا عن أَنفسهم العَذابَ ولا أَن
يَنْصُروا أَنفسَهم. قال يونس: الصَّرْفُ الحِيلةُ، وصَرَفْتُ الصِّبْيان:
قَلَبْتُهم. وصَرَفَ اللّه عنك الأَذى، واسْتَصْرَفْتُ اللّه
المَكارِهَ.والصَّريفُ: اللَّبَنُ الذي يُنْصَرَفُ به عن الضَّرْعِ
حارّاً.والصَّرْفانِ: الليلُ والنهارُ.
والصَّرْفةُ: مَنْزِل من مَنازِلِ القمر نجم واحد نَيِّرٌ تِلْقاء
الزُّبْرةِ، خلْفَ خراتَي الأَسَد. يقال: إنه قلب الأَسد إذا طلع أَمام الفجر
فذلك الخَريفُ، وإِذا غابَ مع طُلُوع الفجر فذلك أَول الربيع، والعرب
تقول: الصَّرْفةُ نابُ الدَّهْرِ لأَنها تفْتَرُّ عن البرد أَو عن الحَرّ في
الحالتين؛ قال ابن كُناسةَ: سميت بذلك لانْصراف البرد وإقبال الحرّ،
وقال ابن بري: صوابه أَن يقال سميت بذلك لانْصراف الحرِّ وإقبال البرد.
والصَّرْفةُ: خرَزةٌ من الخرَز التي تُذْكر في الأُخَذِ، قال ابن سيده:
يُسْتَعْطَفُ بها الرجال يُصْرَفون بها عن مَذاهِبهم ووجوههم؛ عن اللحياني؛
قال ابن جني: وقولُ البغداديين في قولهم: ما تَأْتينا فتُحَدِّثَنا،
تَنْصِبُ الجوابَ على الصَّرْف، كلام فيه إجمال بعضه صحيح وبعضه فاسد، أَما
الصحيح فقولهم الصَّرْفُ أَن يُصْرَف الفِعْلُ الثاني عن معنى الفعل الأَول،
قال: وهذا معنى قولنا إن الفعل الثاني يخالف الأَوّل، وأَما انتصابه
بالصرف فخطأٌ لأَنه لا بدّ له من ناصب مُقْتَض له لأَن المعاني لا تنصب
الأَفعال وإنما ترفعها، قال: والمعنى الذي يرفع الفعل هو وقوع الاسم، وجاز في
الأَفعال أَن يرفعها المعنى كما جاز في الأَسماء أَن يرفعها المعنى
لمُضارعَة الفعل للاسم، وصَرْفُ الكلمة إجْراؤها بالتنوين.
وصَرَّفْنا الآياتِ أَي بيَّنْاها. وتَصْريفُ الآيات تَبْيينُها.
والصَّرْفُ: أَن تَصْرِفَ إنساناً عن وجْهٍ يريده إلى مَصْرِفٍ غير ذلك.
وصَرَّفَ الشيءَ: أَعْمله في غير وجه كأَنه يَصرِفُه عن وجه إلى وجه،
وتَصَرَّفَ هو. وتَصارِيفُ الأُمورِ: تَخالِيفُها، ومنه تَصارِيفُ الرِّياحِ
والسَّحابِ. الليث: تَصْريفُ الرِّياحِ صَرْفُها من جهة إلى جهة، وكذلك تصريفُ
السُّيُولِ والخُيولِ والأُمور والآيات، وتَصْريفُ الرياحِ: جعلُها
جَنُوباً وشَمالاً وصَباً ودَبُوراً فجعلها ضُروباً في أَجْناسِها. وصَرْفُ
الدَّهْرِ: حِدْثانُه ونَوائبُه. والصرْفُ: حِدْثان الدهر، اسم له لأَنه
يَصْرِفُ الأَشياء عن وجُوهها؛ وقول صخر الغَيّ:
عاوَدَني حُبُّها، وقد شَحِطَتْ
صَرْفُ نَواها، فإنَّني كَمِدُ
أَنَّث الصرف لتَعْلِيقه بالنَّوى، وجمعه صُروفٌ. أَبو عمرو: الصَّريف
الفضّةُ؛ وأَنشد:
بَني غُدانةَ، حَقّاً لَسْتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنـْتُمُ خَزَفُ
وهذا البيتُ أَورَدَه الجوهري:
بني غُدانَةَ، ما إن أَنتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنتُمُ خزَفُ
قال ابن بري: صواب إنشاده: ما إِن أَنـْتُمُ ذَهبٌ، لأَن زيادة إنْ
تُبْطِل عمل ما.
والصَّرْفُ: فَضْلُ الدًِّرهم على الدرهم والدينار على الدِّينار لأَنَّ
كلَّ واحد منهما يُصْرَفُ عن قِيمةِ صاحِبه. والصَّرْفُ: بيع الذهب
بالفضة وهو من ذلك لأَنه يُنْصَرَفُ به عن جَوْهر إلى جَوْهر. والتصْريفُ في
جميع البِياعاتِ: إنْفاق الدَّراهم.
والصَّرَّافُ والصَّيْرَفُ والــصَّيْرَفيُّ: النقّادُ من المُصارفةِ وهو
التَّصَرُّفِ، والجمع صَيارِفُ وصَيارِفةٌ. والهاء للنسبة، وقد جاء في
الشعر الصَّيارِفُ؛ فأَما قول الفرزدق:
تَنْفِي يَداها الحَصى في كلِّ هاجِرَةٍ،
نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
فعلى الضرورة لما احتاج إلى تمام الوزن أَشْبع الحركة ضرورةً حتى صارت
حرفاً؛ وبعكسه:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العطامِسا
ويقال: صَرَفْتُ الدَّراهِمَ بالدَّنانِير. وبين الدِّرهمين صَرْفٌ أَي
فَضْلٌ لجَوْدةِ فضة أَحدهما. ورجل صَيْرَفٌ: مُتَصَرِّفٌ في الأُمور؛
قال أُمَيَّة ابن أَبي عائذ الهذلي:
قد كُنْتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً،
لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ
أَبو الهيثم: الصَّيْرفُ والــصَّيْرَفيُّ المحتال المُتقلب في أُموره
المُتَصَرِّفُ في الأَُمور المُجَرّب لها؛ قال سويد بن أَبي كاهل
اليَشْكُرِيّ:
ولِساناً صَيْرَفِيّــاً صارِماً،
كحُسامِ السَّيْفِ ما مَسَّ قَطَعْ
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلةُ. يقال: فلان يَصْرِف ويَتَصَرَّفُ
ويَصْطَرِفُ لعياله أَي يَكتسب لهم. وقولهم: لا يُقبل له صَرْفٌ ولا
عَدْلٌ؛ الصَّرْفُ: الحِيلة، ومنه التَّصَرُّفُ في الأَمور. يقال: إنه يتصرَّف
في الأَُمور. وصَرَّفْت الرجل في أَمْري تَصْريفاً فتَصَرَّفَ فيه
واصْطَرَفَ في طلَبِ الكسْب؛ قال العجاج:
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي،
بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ
والعَدْلُ: الفِداء؛ ومنه قوله تعالى: وإن تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ، وقيل:
الصَّرْفُ التَّطَوُّعُ والعَدْلُ الفَرْضُ، وقيل: الصَّرْفُ التوبةُ
والعدل الفِدْيةُ، وقيل: الصرفُ الوَزْنُ والعَدْلُ الكَيْلُ، وقيل:
الصَّرْفُ القيمةُ والعَدلُ المِثْلُ، وأَصلُه في الفِدية، يقال: لم يقبلوا منهم
صَرفاً ولا عَدلاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقَتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك؛ قال: كانت العرب تقتل الرجلين
والثلاثة بالرجل الواحد، فإذا قتلوا رجلاً برجل فذلك العدل فيهم، وإذا أَخذوا
دية فقد انصرفوا عن الدم إلى غيره فَصَرَفوا ذلك صرْفاً، فالقيمة صَرْف
لأَن الشيء يُقَوّم بغير صِفته ويُعَدَّل بما كان في صفته، قالوا: ثم جُعِل
بعدُ في كل شيء حتى صار مثلاً فيمن لم يؤخذ منه الشيء الذي يجب عليه،
وأُلزِمَ أَكثر منه. وقوله تعالى: ولم يجدوا عنها مَصْرِفاً، أَي
مَعْدِلاً؛ قال:
أَزُهَيْرُ، هلْ عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ؟
أَي مَعْدِل؛ وقال ابن الأَعرابي: الصرف المَيْلُ، والعَدْلُ
الاسْتِقامةُ. وقال ثعلب: الصَّرْفُ ما يُتَصَرَّفُ به والعَدْل الميل، وقيل الصرف
الزِّيادةُ والفضل وليس هذا بشيء. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، ذكر المدينة فقال: من أَحْدثَ فيها حَدَثاً أَو آوَى مُحْدِثاً لا
يُقبل منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ؛ قال مكحول: الصَّرفُ التوبةُ والعدْلُ
الفِدية. قال أَبو عبيد: وقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة. وقال يونس:
الصرف الحِيلة، ومنه قيل: فلان يَتَصَرَّفُ أَي يَحْتالُ. قال اللّه تعالى:
لا يَسْتَطِيعُونَ صَرفاً ولا نصْراً. وصَرفُ الحديث: تَزْيِينُه
والزيادةُ فيه. وفي حديث أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاني أَنه قال: من طَلَبَ صَرْفَ
الحديثِ يَبْتَغِي به إقبالَ وجوهِ الناسِ إليه؛ أُخِذَ من صَرفِ
الدراهمِ؛ والصرفُ: الفضل، يقال: لهذا صرْفٌ على هذا أَي فضلُ؛ قال ابن الأَثير:
أَراد بصرْفِ الحديث ما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة،
وإنما كره ذلك لما يدخله من الرِّياء والتَّصَنُّع، ولما يُخالِطُه من
الكذب والتَّزَيُّدِ، والحديثُ مرفوع من رواية أَبي هريرة عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، في سنن أَبي داود. ويقال: فلان لا يُحْسنُ صرْفَ الكلام
أَي فضْلَ بعضِه على بعض، وهو من صَرْفِ الدّراهمِ، وقيل لمن يُمَيِّز:
صَيْرَفٌ وصَيْرَفيٌّ. وصَرَفَ لأَهله يَصْرِفُ واصْطَرَفَ: كَسَبَ وطَلَبَ
واخْتالَ؛ عن اللحياني.
والصَّرافُ: حِرْمةُ كلِّ ذاتِ ظِلْفٍ ومِخْلَبٍ، صَرَفَتْ تَصْرِفُ
صُرُوفاً وصِرافاً، وهي صارفٌ. وكلبةٌ صارِفٌ بيِّنة الصِّرافِ إذا اشتهت
الفحل. ابن الأَعرابي: السباعُ كلها تُجْعِلُ وتَصْرِفُ إذا اشتهت الفحل،
وقد صرَفت صِرافاً، وهي صارِفٌ، وأَكثر ما يقال ذلك كلُّه للكلْبَةِ. وقال
الليث: الصِّرافُ حِرْمةُ الشاء والكلاب والبقَرِ.
والصَّريفُ: صوت الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإنسانُ والبعيرُ نابَه
وبنابِه يَصْرِفُ صَريفاً: حَرَقَه فسمعت له صوتاً، وناقة صَروفٌ
بَيِّنَةُ الصَّرِيفِ. وصَرِيفُ الفحل: تَهَدُّرُه. وما في فمه صارفٌ أَي نابٌ.
وصَريفُ القَعْوِ: صوته. وصَريفُ البكرةِ: صوتها عند الاستقاء. وصريفُ
القلم والباب ونحوهما: صريرهما. ابن خالويه: صريفُ نابِ الناقةِ يدل على
كلالِها ونابِ البعير على قَطَمِه وغُلْمَتِه؛ وقول النابغة:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها،
له صَرِيفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
هو وَصْفٌ لها بالكَلالِ. وفي الحديث: أَنه دخل حائطاً من حَوائطِ
المدينةِ فإذا فيه جَمَلانِ يَصْرفان ويوعِدانِ فَدَنا منهما فوضعا جُرُنَهما؛
قال الأَصمعي: إذا كان الصَّرِيفُ من الفُحولةِ، فهو من النَّشاطِ، وإذا
كان من الإناث، فهو من الإعْياء. وفي حديث عليّ: لا يَرُوعُه منها
(*
قوله «لا يروعه منها» الذي في النهاية: لا يروعهم منه.) إلا صريفُ أَنيابِ
الحِدْثان. وفي الحديث: أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقلامِ أَي صوتَ جَرَيانِها
بما تكتُبه من أَقْضِيةِ اللّه ووَحْيِه، وما يَنْسَخُونه من اللوحِ
المحفوظ. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه السلام: أَنه كان يسمع صَريف القَلم
حين كتب اللّه تعالى له التوراة؛ وقول أَبي خِراشٍ:
مُقابَلَتَيْنِ شَدَّهما طُفَيْلٌ
بِصَرّافَينِ، عَقْدُهما جَمِيلُ
عنى بالصَّرَّافَيْنِ شراكَيْنِ لهما صَرِيفٌ.
والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وشَرابٌ صِرْفٌ أَي بَحْتٌ لم
يُمْزَجْ، وقد صَرَفَه صُروفاً؛ قال الهذَلي:
إن يُمْسِ نَشْوانَ بِمَصْرُفَةٍ
منها بريٍّ وعلى مِرْجَلِ
وصَرَّفَه وأَصْرَفَه: كَصَرفَه؛ الأَخيرة عن ثعلب. وصَرِيفون: موضع
بالعراق؛ قال الأعشى:
وَتُجْبَى إليه السَّيْلَحُونَ، ودونَها
صَرِيفُونَ في أَنهارِها والخَوَرْنَقُ
قال: والصَّرِيفيّةُ من الخمر منسوبة إليه. والصَّريفُ: الخمر الطيبةُ؛
وقال في قول الأَعشى:
صَرِيفِيّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُها،
لها زبدٌ بَيْنَ كُوبٍ ودَنّ
(* قوله «صريفية إلخ» قبله كما في شرح القاموس:
تعاطي الضجيع إذا أقبلت * بعيد الرقاد وعند
الوسن)
قال بعضهم: جعلها صَرِيفِيّةً لأَنها أُخِذت من الدَّنِّ ساعَتئذٍ
كاللبن الصَّريف، وقيل: نُسِبَ إلى صَريفين وهو نهر يتخلَّجُ من الفُراتِ.
والصَّريفُ: الخمر التي لم تُمْزَجْ بالماء، وكذلك كل شئ لا خِلْطَ فيه؛
وقال الباهليّ في قول المتنخل:
إنْ يُمْسِ نَشْوانَ بِمصْرُوفةٍ
قال: بمصروفة أَي بكأْس شُرِبَتْ صِرْفاً، على مِرْجَلٍ أَي على لحمٍ
طُبخ في مِرجل، وهي القِدْر. وتَصْرِيفُ الخمر: شُرْبُها صِرْفاً.
والصَّريفُ: اللبن الذي ينصرف عن الضَّرْع حارّاً إذا حُلِبَ، فإِذا سكنت
رَغْوَتُه، فهو الصَّريحُ؛ ومنه حديث الغارِ: ويَبيتانِ في رِسْلِها وصَرِيفِها؛
الصَّريفُ: اللبن ساعة يُصْرَفُ عن الضرْع؛ وفي حديث سَلمَة ابن
الأَكوع:لكن غَذاها اللبَنُ الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
وحديث عمرو بن معديكَرِبَ: أَشْرَبُ التِّبْنَ من اللبن رَثِيئةً أَو
صَريفاً. والصِّرفُ، بالكسر: شيء يُدْبَغُ به الأَديمُ، وفي الصحاح: صِبْغ
أَحمر تصبغ به شُرُكُ النِّعالِ؛ قال ابن كَلْحَبَةَ اليربوعي، واسمه
هُبَيْرَةُ بن عبد مَناف، ويقال سَلَمة بن خُرْشُبٍ الأَنـْماري، قال ابن
بري: والصحيح أَنه هُبيرة بن عبد مناف، وكلحبة اسم أُمه، فهو ابن كلحبة
أَحدُ بني عُرَيْن بن ثَعْلبة بن يَرْبُوعٍ، ويقال له الكلحبة، وهو لقب له،
فعلى هذا يقال؛ وقال الكلحبة اليربوعي:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ، ولكنْ
كلَوْنِ الصِّرفِ عُلَّ به الأَدِيمُ
يعني أَنها خالصة الكُّمْتةِ كلونِ الصِّرْفِ، وفي المحكم: خالصةُ
اللونِ لا يُحلف عليها أَنها ليست كذلك. قال: والكُمَيْتُ المُحْلِفُ الأَحَمّ
والأَحْوَى، وهما يشتبهان حتى يَحْلِفَ إنسان أَنه كميت أَحمُّ، ويحلف
الآخر أَنه كُميت أَحْوَى. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: أَتَيْتُ
رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وهو نائم في ظلِّ الكَعبة فاسْتَيْقَظ
مُحْمارّاً وجْهُه كأَنه الصِّرْفُ؛ هو بالكسر، شجر أَحمر. ويسمى الدمُ
والشرابُ إذا لم يُمْزَجا صِرْفاً. والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وفي
حديث جابر، رضي اللّه عنه: تَغَيَّر وجْهُه حتى صارَ كالصِّرْف. وفي حديث
علي، كرَّم اللّه وجهه: لتَعْرُكَنَّكُمْ عَرْكَ الأَديمِ الصِّرْفِ أَي
الأَحمر. والصَّريفُ: السَّعَفُ اليابِسُ، الواحدة صَريفةٌ، حكى ذلك أَبو
حنيفة؛ وقال مرة: هو ما يَبِسَ من الشجر مثل الضَّريع، وقد تقدَّم. ابن
الأَعرابي: أَصْرف الشاعرُ شِعْرَهُ يُصْرِفُه إصرافاً إذا أَقوى فيه
وخالف بين القافِيَتَين؛ يقال: أَصْرَفَ الشاعرُ القافيةَ، قال ابن بري: ولم
يجئ أَصرف غيره؛ وأَنشد:
بغير مُصْرفة القَوافي
(* قوله «بغير مصرفة» كذا بالأصل.)
ابن بزرج: أَكْفأْتُ الشعرَ إذا رفعت قافِيةً وخفضت أُخرى أَو نصبتها،
وقال: أَصْرَفْتُ في الشعر مثل الإكفاء، ويقال: صَرَفْت فلاناً ولا يقال
أَصْرَفْته. وقوله في حديث الشُفعة: إذا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ فلا شُفْعةَ
أَي بُيِّنَتْ مَصارِفُها وشوارِعُها كأَنه من التَّصَرُّفِ
والتَّصْريفِ.والصَّرَفانُ: ضربٌ من التمر، واحدته صَرفانَةٌ، وقال أَبو حنيفة:
الصَّرفانةُ تمرة حمراء مثل البَرْنِيّةِ إلا أَنها صُلْبةُ المَمْضَغَةِ
عَلِكةٌ، قال: وهي أَرْزَن التمر كله؛ وأَنشد ابن بري للنّجاشِيّ:
حَسِبْتُمْ قِتالَ الأَشْعَرينَ ومَذْحِجٍ
وكِنْدَةَ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
وقال عِمْران الكلبي:
أَكُنْتُمْ حَسِبْتُمْ ضَرْبَنا وجِلادَنا
على الحجْرِ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
(* قوله «الحجر» في معجم ياقوت: الحجر، بالكسر وبالفتح وبالضم، أسماء
مواضع.)
وفي حديث وفْد عبد القيس: أَتُسَمُّون هذا الصَّرفان؟ هو ضرب من أَجود
التمر وأَوْزَنه. والصرَفانُ: الرَّصاصُ القَلَعِيُّ؛ والصرَفانُ: الموتُ؛
ومنهما قول الزَّبّاء الملِكة:
ما لِلْجِمالِ مَشْيُها وئيدا؟
أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَم حَديدا؟
أَمْ صَرَفاناً بارِداً شَديدا؟
أَم الرِّجال جُثَّماً قُعُودا؟
قال اَبو عبيد: ولم يكن يهدى لها شيء أَحَبّ إليها من التمر الصرَفان؛
وأَنشد:
ولما أَتَتْها العِيرُ قالت: أَبارِدٌ
من التمرِ أَمْ هذا حَديدٌ وجَنْدَلُ؟
والصَّرَفيُّ: ضَرْب من النَّجائب منسوبة، وقيل بالدال وهو الصحيح، وقد
تقدم.
ربب: الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق، لا شريك له، وهو رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ الـمُلوكِ والأَمْلاكِ. ولا يقال الربُّ في غَير اللّهِ، إِلاّ بالإِضافةِ، قال: ويقال الرَّبُّ، بالأَلِف واللام، لغيرِ اللّهِ؛ وقد قالوه في الجاهلية للـمَلِكِ؛ قال الحرث ابن حِلِّزة:
وهو الرَّبُّ، والشَّهِـيدُ عَلى يَوْ * مِ الـحِـيارَيْنِ، والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم: الرِّبابةُ؛ قال:
يا هِنْدُ أَسْقاكِ، بلا حِسابَهْ، * سُقْيَا مَلِـيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
والرُّبوبِـيَّة: كالرِّبابة.
وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ: منسوبٌ إِلى الرَّبِّ، على غير قياس. وحكى أَحمد بن يحيـى: لا وَرَبْيِـكَ لا أَفْعَل. قال: يريدُ لا وَرَبِّكَ، فأَبْدَلَ الباءَ ياءً، لأَجْل التضعيف.
وربُّ كلِّ شيءٍ: مالِكُه ومُسْتَحِقُّه؛ وقيل: صاحبُه. ويقال: فلانٌ
رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له. وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً، فهو رَبُّه.
يقال: هو رَبُّ الدابةِ، ورَبُّ الدارِ، وفلانٌ رَبُّ البيتِ، وهُنَّ رَبَّاتُ الـحِجالِ؛ ويقال: رَبٌّ، مُشَدَّد؛ ورَبٌ، مخفَّف؛ وأَنشد المفضل:
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه * رَبٌ، غيرُ مَنْ يُعْطِـي الـحُظوظَ، ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة: وأَن تَلِدَ الأَمَـةُ رَبَّها، أَو رَبَّـتَها. قال: الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ، والسَّـيِّدِ، والـمُدَبِّر، والـمُرَبِّي، والقَيِّمِ، والـمُنْعِمِ؛ قال: ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه، عزّ وجلّ، وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِـيفَ، فقيلَ: ربُّ كذا. قال: وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى،
وليس بالكثيرِ، ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر. قال: وأَراد به في هذا
الحديثِ الـمَوْلَى أَو السَّيِّد، يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً، فيكون كالـمَوْلى لها، لأَنـَّه في الـحَسَب كأَبيه. أَراد: أَنَّ السَّبْـي يَكْثُر، والنِّعْمة تظْهَر في الناس، فتكثُر السَّراري. وفي حديث إِجابةِ الـمُؤَذِّنِ: اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِـبَها؛ وقيل: المتَمِّمَ لَـها، والزائدَ في أَهلها والعملِ بها، والإِجابة لها. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لا يَقُل الـمَمْلُوكُ لسَـيِّده: ربِّي؛ كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّاً له، لـمُشاركَةِ اللّه في الرُّبُوبيةِ؛ فأَما قوله تعالى: اذْكُرْني عند ربك؛ فإِنه خاطَـبَهم على الـمُتَعارَفِ عندهم، وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به؛ ومنه قَولُ السامِرِيّ: وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً. فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل: حتى يَلْقاها رَبُّها؛ فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ، فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِـيها إِليها، وجَعْلُهم أَرْباباً لها. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ.
وفي حديث عروةَ بن مسعود، رضي اللّه عنه: لـمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه، دَخل منزله، فأَنكَر قَومُه دُخُولَه، قبلَ أَن يأْتِـيَ الربَّةَ،
يعني اللاَّتَ، وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِـيفٌ بالطائفِ. وفي حديث وَفْدِ ثَقِـيفٍ: كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ، يُضاهِئُونَ
به بَيْتَ اللّه تعالى، فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه الـمُغِـيرةُ. وقوله عزّ
وجلّ: ارْجِعِـي إِلى رَبِّكِ راضِـيةً مَرْضِـيَّةً، فادْخُلي في عَبْدي؛ فيمن قرأَ به، فمعناه، واللّه أَعلم: ارْجِعِـي إِلى صاحِـبِكِ الذي
خَرَجْتِ منه، فادخُلي فيه؛ والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ. وقوله عزّ وجلّ: إِنه ربِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال الزجاج: إِن العزيز صاحِـبِـي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قال: ويجوز أَنْ يكونَ: اللّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ.
والرَّبِـيبُ: الـمَلِكُ؛ قال امرؤُ القيس:
فما قاتلُوا عن رَبِّهم ورَبِـيبِـهم، * ولا آذَنُوا جاراً، فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ.
ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً: مَلَكَه. وطالَتْ مَرَبَّـتُهم الناسَ ورِبابَـتُهم أَي مَمْلَكَتُهم؛ قال علقمةُ بن عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّـتْنِـي، فَضِعتُ، رُبوبُ(1)
(1 قوله «وكنت امرأً إلخ» كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف. وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ. يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة، ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي.)
ويُروى رَبُوب؛ وعندي أَنه اسم للجمع.
وإِنه لَـمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَـمَمْلُوكٌ؛ والعِـبادُ
مَرْبُوبونَ للّهِ، عزّ وجلّ، أَي مَمْلُوكونَ. ورَبَبْتُ القومَ: سُسْـتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم. وقال أَبو نصر: هو من الرُّبُوبِـيَّةِ، والعرب
تقول: لأَنْ يَرُبَّنِـي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِـي فلان؛ يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِـي، وسَـيِّداً يَمْلِكُنِـي؛ وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَـيَّةَ، أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ، عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين، فقال أَبو سفيانَ: غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ؛ فأَجابه صفوانُ وقال: بِـفِـيكَ الكِثْكِثُ، لأَنْ يَرُبَّنِـي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ.
ابن الأَنباري: الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام: يكون الرَّبُّ
المالِكَ، ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع؛
قال اللّه تعالى: فيَسْقِـي ربَّه خَمْراً، أَي سَيِّدَه؛ ويكون الرَّبُّ الـمُصْلِـحَ. رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه؛ وأَنشد:
يَرُبُّ الذي يأْتِـي منَ العُرْفِ أَنه، * إِذا سُئِلَ الـمَعْرُوفَ، زادَ وتَمَّما
وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير، رضي اللّه عنهم: لأَن يَرُبَّنِـي بَنُو عَمِّي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِـي غيرُهم، أَي يكونون
عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين، يعني بني أُمَيَّةَ، فإِنهم إِلى ابنِ
عباسٍ في النَّسَبِ أَقْرَبُ من ابن الزبير.
يقال: رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كان له رَبّاً.
وتَرَبَّـبَ الرَّجُلَ والأَرضَ: ادَّعَى أَنه رَبُّهما.
والرَّبَّةُ: كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِـمَذْحِج وبني الـحَرث بن كَعْب، يُعَظِّمها الناسُ. ودارٌ رَبَّةٌ: ضَخْمةٌ؛ قال حسان بن ثابت:
وفي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ، خَزْرَجِـيَّةٍ، * وأَوْسِـيَّةٍ، لي في ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِـيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً، ورَبَّـبَه تَرْبِـيباً وتَرِبَّةً، عن اللحياني: بمعنى رَبَّاه. وفي الحديث: لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها، أَي تَحْفَظُها وتُراعِـيها وتُرَبِّـيها، كما يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه؛ وفي حديث ابن ذي يزن:
أُسْدٌ تُرَبِّبُ، في الغَيْضاتِ، أَشْبالا
أَي تُرَبِّي، وهو أَبْلَغ منه ومن تَرُبُّ، بالتكرير الذي فيه.
وتَرَبَّـبَه، وارْتَبَّه، ورَبَّاه تَرْبِـيَةً، على تَحْويلِ التَّضْعيفِ، وتَرَبَّاه، على تحويل التضعيف أَيضاً: أَحسَنَ القِـيامَ عليه، وَوَلِـيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِـيَّةَ، كان ابْـنَه أَو لم يكن؛ وأَنشد اللحياني:
تُرَبِّـبُهُ، من آلِ دُودانَ، شَلّةٌ * تَرِبَّةَ أُمٍّ، لا تُضيعُ سِخَالَها
وزعم ابن دريد: أَنَّ رَبِـبْتُه لغةٌ؛ قال: وكذلك كل طِفْل من الحيوان، غير الإِنسان؛ وكان ينشد هذا البيت:
كان لنا، وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ
كسر حرف الـمُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور، كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو؛ قال: وهي لغة هذيل في هذا الضرب من الفعل.
والصَّبِـيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِـيبٌ، وكذلك الفرس؛ والـمَرْبُوب:
الـمُرَبَّى؛ وقول سَلامَة بن جندل:
ليس بأَسْفَى، ولا أَقْنَى، ولا سَغِلٍ، * يُسْقَى دَواءَ قَفِـيِّ السَّكْنِ، مَرْبُوبِ
يجوز أَن يكون أَراد بمربوب: الصبـيّ، وأَن يكون أَراد به الفَرَس؛ ويروى: مربوبُ أَي هو مَرْبُوبٌ. والأَسْفَى: الخفيفُ الناصِـيَةِ؛ والأَقْنَى: الذي في أَنفِه احْديدابٌ؛ والسَّغِلُ: الـمُضْطَرِبُ الخَلْقِ؛ والسَّكْنُ: أَهلُ الدار؛ والقَفِـيُّ والقَفِـيَّةُ: ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِـيُّ؛ ومربوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله، وهو:
مِنْ كلِّ حَتٍّ، إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ، * صافِـي الأَديمِ، أَسِـيلِ الخَدِّ، يَعْبُوب
الـحَتُّ: السَّريعُ. واليَعْبُوب: الفرسُ الكريمُ، وهو الواسعُ
الجَـِرْي.وقال أَحمد بن يَحيـى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبـيُّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَرِبَّاءُ النبـيِّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، كأَنه
جمعُ رَبِـيبٍ، فَعِـيلٍ بمعنى
فاعل؛ وقولُ حَسَّانَ بن ثابت:
ولأَنْتِ أَحسنُ، إِذْ بَرَزْتِ لنا * يَوْمَ الخُروجِ، بِساحَةِ القَصْرِ،
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ، صافيةٍ، * مِـمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ
يعني الدُّرَّةَ التي يُرَبِّـيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ.
والحائرُ: مُجْتَمَعُ الماءِ، ورُفع لأَنه فاعل تَرَبَّبَ، والهاءُ العائدةُ على مِـمَّا محذوفةٌ، تقديره مِـمَّا تَرَبَّـبَه حائرُ البحرِ. يقال:
رَبَّـبَه وتَرَبَّـبَه بمعنى: والرَّبَبُ: ما رَبَّـبَه الطّينُ، عن ثعلب؛ وأَنشد:
في رَبَبِ الطِّينِ وماء حائِر
والرَّبِـيبةُ: واحِدةُ الرَّبائِب من الغنم التي يُرَبّيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها. وغَنمٌ ربائِبُ: تُرْبَطُ قَريباً مِن البُـيُوتِ، وتُعْلَفُ لا تُسامُ، هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِـي أَنه لا صَدَقةَ فيها؛ قال ابن الأَثير في حديث النخعي: ليس في الرَّبائبِ صَدَقةٌ.
الرَّبائبُ: الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ، وليست بِسائمةٍ، واحدتها
رَبِـيبَةٌ، بمعنى مَرْبُوبَةٍ، لأَن صاحِبَها يَرُبُّها. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كان لنا جِـيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبائِبُ، وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: لا تَأْخُذِ الأَكُولَة، ولا الرُّبَّـى،
ولا الماخضَ؛ قال ابن الأَثير: هي التي تُرَبَّـى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن؛ وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة، وجمعها رُبابٌ، بالضم. وفي الحديث أَيضاً: ما بَقِـيَ في غَنَمِـي إِلاّ فَحْلٌ، أَو شاةٌ رُبَّـى.
والسَّحَابُ يَرُبُّ الـمَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ.
والرَّبابُ، بالفتح: سَحابٌ أَبيضُ؛ وقيل: هو السَّحابُ، واحِدَتُه
رَبابةٌ؛ وقيل: هو السَّحابُ الـمُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب.
قال ابن بري: وهذا القول هو الـمَعْرُوفُ، وقد يكون أَبيضَ، وقد يكون أَسْودَ. وفي حديث النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء. قال أَبو
عبيد: الرَّبابةُ، بالفتح: السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً،
وجمعها رَبابٌ، وبها سمّيت الـمَرْأَةُ الرَّبابَ؛ قال الشاعر:
سَقَى دارَ هِنْدٍ، حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى، * مُسِفُّ الذُّرَى، دَانِـي الرَّبابِ، ثَخِـينُ
وفي حديث ابن الزبير، رضي اللّه عنهما: أَحْدَقَ بِكُم رَبابه. قال
الأَصمعي: أَحسنُ بيت، قالته العرب في وَصْفِ الرَّبابِ، قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان، على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه؛ قال ابن بري: ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ:
إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام، * فَـأَسْقَى وُجُوهَ بَنِـي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً، غَزيرَ السَّحاب، * هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب، * وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّـمْـأَلِ
كأَنَّ الرَّبابَ، دُوَيْنَ السَّحاب، * نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
والمطر يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّـيهِ. والـمَرَبُّ:
الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَـرًى؛ قال ذو الرمة:
خَناطِـيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ، * مَرَبٍّ، نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ
وهي الـمَرَبَّةُ والـمِرْبابُ. وقيل: الـمِرْبابُ من الأَرضِـين التي
كَثُرَ نَبْتُها ونَـأْمَتُها، وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ. والـمَرَبُّ: الـمَحَلُّ، ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ. والتَّرَبُّبُ: الاجْتِـماعُ.
ومَكانٌ مَرَبٌّ، بالفتح: مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ؛ قال ذو الرمة:
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ، * بِأَجرَعَ مِحْلالٍ، مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ
قال: ومن ثَـمَّ قيل للرّبابِ: رِبابٌ، لأَنهم تَجَمَّعوا. وقال أَبو عبيد: سُمُّوا رباباً، لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ، فأَكلوا منه، وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم، وتَحالفُوا عليه، وهم: تَيْمٌ، وعَدِيٌّ، وعُكْلٌ.
والرِّبابُ: أَحْياء ضَبّـةَ، سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم، لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ، ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الرَّباب قلت: رُبِّـيٌّ، بالضم، فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّةٌ، لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد، كما تقول في المساجِد: مَسْجِدِيٌّ، إِلا أَن تكون سميت به رجلاً، فلا تَرُدَّه إِلى الواحد، كما تقول في أَنْمارٍ: أَنْمارِيٌّ، وفي كِلابٍ: كِلابِـيٌّ. قال: هذا قول سيبويه، وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال: سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم؛ قال الأَصمعي: سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ، وتَعاقَدُوا، وتَحالَفُوا عليه.
وقال ثعلب: سُموا(1)
(1 قوله «وقال ثعلب سموا إلخ» عبارة المحكم وقال ثعلب
سموا رباباً لأنهم اجتمعوا ربة ربة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة (أي بالكسر) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربة ربة اهـ أي بالضم.)
رِباباً، بكسر الراءِ، لأَنهم تَرَبَّـبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً، وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً؛ ضَبَّةُ، وثَوْرٌ، وعُكْل، وتَيْمٌ، وعَدِيٌّ.
(يتبع...)
(تابع... 1): ربب: الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله... ...
وفلان مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم. ومَرَبّ الإِبل:
حيث لَزِمَتْه.
وأَرَبَّت الإِبلُ بمكان كذا: لَزِمَتْه وأَقامَتْ به، فهي إِبِلٌ مَرابُّ، لَوازِمُ. ورَبَّ بالمكان، وأَرَبَّ: لَزِمَه؛ قال:
رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الـحُمُرْ
وأَرَبَّ فلان بالمكان، وأَلَبَّ، إِرْباباً، وإِلباباً إِذا أَقامَ به، فلم يَبْرَحْه. وفي الحديث: اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ،
وفَقْرٍ مُرِبٍّ. وقال ابن الأَثير: أَو قال: مُلِبٍّ، أَي لازِمٍ غير
مُفارِقٍ، مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه؛ وكلّ
لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ. وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ: دامَت. وأَرَبَّتِ السَّحابةُ:
دامَ مَطَرُها. وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه.
وأَرَبَّتِ الناقةُ بولدها: لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه؛ وهي مُرِبٌّ كذلك، هذه
رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد.
ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن: الرِّبابَ.
والرِّبِّـيُّ والرَّبَّانِـيُّ: الـحَبْرُ، ورَبُّ العِلْم، وقيل: الرَّبَّانِـيُّ الذي يَعْبُد الرَّبَّ، زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب. وقال سيبويه: زادوا أَلفاً ونوناً في الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الرَّبِّ دون غيره، كأَن معناه: صاحِبُ عِلم بالرَّبِّ دون غيره
من العُلوم؛ وهو كما يقال: رجل شَعْرانِـيٌّ، ولِحْيانِـيٌّ، ورَقَبانِـيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر، وطول اللِّحْيَة، وغِلَظِ الرَّقبةِ؛ فإِذا
نسبوا إِلى الشَّعر، قالوا: شَعْرِيٌّ، وإِلى الرَّقبةِ قالوا:
رَقَبِـيٌّ، وإِلى اللِّحْيةِ: لِـحْيِـيٌّ. والرَّبِّـيُّ: منسوب إِلى الرَّبِّ.
والرَّبَّانِـيُّ: الموصوف بعلم الرَّبِّ. ابن الأَعرابي:
الرَّبَّانِـيُّ العالم الـمُعَلِّم، الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِـبارها.
وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَـمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس، رضي اللّه عنهما: اليومَ ماتَ رَبّانِـيُّ هذه الأُمـَّة. ورُوي عن علي، رضي اللّه عنه، أَنه قال: الناسُ ثلاثةٌ: عالِـمٌ ربَّانيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق. قال ابن الأَثير: هو منسوب إِلى الرَّبِّ، بزيادة الأَلف والنون للمبالغة؛ قال وقيل: هو من الرَّبِّ، بمعنى التربيةِ، كانوا يُرَبُّونَ الـمُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم، قبلَ كبارِها. والرَّبَّانِـيُّ: العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين، أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ، وقيل: العالِم، العامِلُ،
الـمُعَلِّمُ؛ وقيل: الرَّبَّانِـيُّ: العالي الدَّرجةِ في العِلمِ. قال أَبو
عبيد: سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول: الرَّبَّانِـيُّون العُلَماءُ
بالـحَلال والـحَرام، والأَمْرِ والنَّهْي. قال: والأَحبارُ أَهلُ المعرفة
بأَنْباءِ الأُمَم، وبما كان ويكون؛ قال أَبو عبيد: وأَحْسَب الكلمَة ليست بعربية، إِنما هي عِـبْرانية أَو سُرْيانية؛ وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العرب لا تعرف الرَّبَّانِـيّين؛ قال أَبو عبيد: وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم؛ وكذلك قال شمر: يقال لرئيس الـمَلاَّحِـينَ رُبَّانِـيٌّ(1)
(1 قوله «وكذلك قال شمر يقال إلخ» كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ.)؛ وأَنشد:
صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُّ
ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه، في قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِـيِّـينَ،
قال: حُكَماءَ عُلَماءَ. غيره: الرَّبَّانيُّ الـمُتَـأَلِّه، العارِفُ باللّه تعالى؛ وفي التنزيل: كُونوا رَبَّانِـيِّـين.
والرُّبَّـى، على فُعْلى، بالضم: الشاة التي وضعَت حديثاً، وقيل: هي الشاة إِذا ولدت، وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّـى، بَيِّنةُ الرِّبابِ؛ وقيل: رِبابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها، وقيل: شهرين؛ وقال اللحياني: هي الحديثة النِّتاج، مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً؛ وقيل: هي التي يَتْبَعُها ولدُها؛ وقيل: الرُّبَّـى من الـمَعز، والرَّغُوثُ من الضأْن، والجمع رُبابٌ، بالضم، نادر. تقول: أَعْنُزٌ رُبابٌ، والمصدر رِبابٌ، بالكسر، وهو قُرْبُ العَهْد بالولادة. قال أَبو زيد: الرُّبَّـى من المعز، وقال غيره: من المعز والضأْن جميعاً، وربما جاءَ في الإِبل أَيضاً. قال الأَصمعي: أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ:
حَنِـينَ أُمِّ البَوِّ في رِبابِها
قال سيبويه: قالوا رُبَّـى ورُبابٌ، حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على
هذا البناءِ، كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة، فقالوا جِفارٌ، إِلاَّ أَنهم
ضموا أَوَّل هذا، كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ.
وفي حديث شريح: إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبابِها. وحكى اللحياني: غَنَمٌ رِبابٌ، قال: وهي قليلة. وقال: رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا
وَضَعَتْ، وقيل: إِذا عَلِقَتْ، وقيل: لا فعل للرُّبَّـى.
والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ، طَفْلَةُ الأَنامِل، تَرْتَبُّ * سُخاماً، تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع.
والرَّبِـيبةُ: الحاضِنةُ؛ قال ثعلب: لأَنها تُصْلِـحُ الشيءَ، وتَقُوم
به، وتَجْمَعُه.
وفي حديث الـمُغِـيرة: حَمْلُها رِبابٌ. رِبابُ المرأَةِ: حِدْثانُ
وِلادَتِها، وقيل: هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران، وقيل: عشرون يوماً؛ يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير، وذلك مَذْمُوم في النساءِ، وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع، حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها.والرَّبُوبُ والرَّبِـيبُ: ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره، وهو بمعنى مَرْبُوب. ويقال للرَّجل نَفْسِه: رابٌّ. قال مَعْنُ بن أَوْس، يذكر امرأَته، وذكَرَ أَرْضاً لها:
فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها: * رَبِـيبَ النَّبـيِّ، وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة، وهو ابنُ أُمِّ سَلَـمةَ زَوْجِ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب، وأَبوه أَبو سَلَمَة،
وهو رَبِـيبُ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم؛ والأُنثى رَبِـيبةٌ.
الأَزهري: رَبِـيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: إِنما الشَّرْطُ في الرَّبائبِ؛ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن. قال: والرَّبِـيبُ أَيضاً، يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره. ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها: رَبيبةٌ، وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ. وفي الحديث: الرَّابُّ كافِلٌ؛ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم، وهو اسم فاعل، مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه. وفي حديث مجاهد: كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه، يعني امرأَة زَوْج أُمـِّه، لأنه كان يُرَبِّيه. غيره: والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم. قال أَبو الحسن الرماني: هو كالشَّهِـيدِ، والشاهِد، والخَبِـير، والخابِرِ.
والرَّابَّةُ: امرأَةُ الأَبِ.
وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِـيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً، حكاهما اللحياني، ورَبَّـبها: نَمَّاها، وزادَها، وأَتَمَّها، وأَصْلَحَها. ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ: كذلك.
أَبو عمرو: رَبْرَبَ الرجلُ، إِذا رَبَّـى يَتيماً.
وَرَبَبْتُ الأَمْرَ، أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً: أَصْلَحْتُه ومَتَّنْـتُه. ورَبَبْتُ الدُّهْنَ: طَيَّبْتُه وأَجدتُه؛ وقال اللحياني: رَبَبْتُ الدُّهْنَ: غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِـينِ؛ قال: ويجوز فيه رَبَّـبْتُه.
ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الـحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ.
والرُّبُّ: الطِّلاءُ الخاثِر؛ وقيل: هو دبْسُ كل ثَمَرَة، وهو سُلافةُ
خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ؛ والجمع الرُّبُوبُ والرِّبابُ؛
ومنه: سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جعلت فيه الرُّبَّ، وأَصْلَحتَه
به؛ وقال ابن دريد: رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ: ثُفْلُه الأَسود؛ وأَنشد:
كَشائطِ الرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِـخَ حتى يكون رُبّاً يُؤْتَدَمُ به، عن أَبي حنيفة. وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ، والـحُبَّ بالقِـير والقارِ، أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً، ورَبَّبْتُه: متَّنْتُه؛ وقيل: رَبَبْتُه
دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه. قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته، وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً:
فَإِنَّ عِراراً، إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ، * فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ، ذا الـمَنْكِبِ العَمَمْ
فإِن كنتِ مِنِّي، أَو تُريدينَ صُحْبَتي، * فَكُوني له كالسَّمْنِ، رُبَّ له الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم: النُّحْي. يقول لزوجته: كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ
رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِـيَ برُبِّ التمر، لأَنَّ النِّحْي، إِذا أُصْلِـحَ بالرُّبِّ، طابَتْ رائحتُه، ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه.
يقال: رَبَّ فلان نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فيه الرُّبَّ ومَتَّنه به، وهو نِحْيٌ مَرْبُوب؛ وقوله:
سِلاءَها في أَديمٍ، غيرِ مَرْبُوبِ
أَي غير مُصْلَحٍ. وفي صفة ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ. الرُّبُّ: ما يُطْبَخُ من التمر، وهو الدِّبْسُ أَيضاً. وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق، قيل: هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ.
والـمُربَّـبَاتُ: الأَنْبِجاتُ، وهي الـمَعْمُولاتُ بالرُّبِّ، كالـمُعَسَّلِ، وهو المعمول بالعسل؛ وكذلك الـمُرَبَّـياتُ، إِلا أَنها من التَّرْبيةِ، يقال: زنجبيل مُرَبّـًى ومُرَبَّبٌ.
والإِربابُ: الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ.
والرِّبابةُ، بالكسر، جماعةُ السهام؛ وقيل: خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ؛
وقيل: خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها؛ وقال اللحياني: هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ
فيها القِداحُ، شبيهة بالكِنانة، يكون فيها السهام؛ وقيل هي شبيهة
بالكنانةِ، يجمع فيها سهامُ الـمَيْسرِ؛ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار
وأُتُنَه:
وكأَنهنَّ رِبابةٌ، وكأَنه * يَسَرٌ، يُفِـيضُ على القِداح، ويَصْدَعُ
والرِّبابةُ: الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ؛ وقيل: الرِّبابةُ: سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الـحُرْضَةِ، وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح؛ وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِـبِه هَـوًى. والرِّبابةُ والرِّبابُ: العَهْدُ والـمِـيثاقُ؛ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِـي، * وقَبْلَكَ رَبَّتْني، فَضِعْتُ، رُبُوبُ
ومنه قيل للعُشُور: رِبابٌ.
والرَّبِـيبُ: الـمُعاهَدُ؛ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس:
فما قاتَلوا عن رَبِّهِم ورَبِـيبِـهِمْ
وقال ابن بري: قال أَبو علي الفارسي: أَرِبَّةٌ جمع رِبابٍ، وهو العَهْدُ. قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ، حِـيناً، وتُؤْلِفُ * الجِوارَ، ويُعْطِـيها الأَمانَ رِبابُها
قوله: تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ. والرِّبابُ: العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِـبُها من الناس لإِجارتِها. وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ. وقال شمر: الرِّبابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ، وقال غيره: يقول:
إِذا أَجار الـمُجِـيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِـبَها قِدْحاً ليَعْلَموا
أَنه قد أُجِـيرَ، فلا يُتَعَرَّض لها؛ كأَنَّـه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ الـمَيْسِر. والأَرِبَّةُ: أَهلُ الـمِـيثاق. قال أَبو ذُؤَيْب:
كانت أَرِبَّـتَهم بَهْزٌ، وغَرَّهُمُ * عَقْدُ الجِوار، وكانوا مَعْشَراً غُدُرا
قال ابن بري: يكون التقدير ذَوِي أَرِبَّتِهِم(1)
(1 قوله «التقدير ذوي إلخ» أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه.)؛ وبَهْزٌ: حَيٌّ من سُلَيْم؛ والرِّباب: العُشُورُ؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب:
ويعطيها الأَمان ربابها
وقيل: رِبابُها أَصحابُها.
والرُّبَّةُ: الفِرْقةُ من الناس، قيل: هي عشرة آلافٍ أَو نحوها، والجمع رِبابٌ.
وقال يونس: رَبَّةٌ ورِبابٌ، كَجَفْرَةٍ وجِفار، والرَّبـَّةُ كالرُّبـَّةِ؛ والرِّبِّـيُّ واحد الرِّبِّـيِّـين: وهم الأُلُوف من الناس، والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ: واحدتها رَبَّةٌ. وفي التنزيلِ العزيز: وكأَيِّنْ مِن نَبـيِّ قاتَلَ معه رِبِّـيُّون كثير؛ قال الفراءُ: الرِّبِّـيُّونَ الأُلوف. وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيـى: قال الأَخفش: الرِّبيون منسوبون إِلى الرَّبِّ. قال أَبو العباس: ينبغي أَن تفتح الراءُ، على قوله، قال: وهو على قول الفرّاء من الرَّبَّةِ، وهي الجماعة. وقال الزجاج:
رِبِّـيُّون، بكسر الراء وضمّها، وهم الجماعة الكثيرة. وقيل: الربيون العلماء الأَتقياءُ الصُّـبُر؛ وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ. وقال أَبو طالب: الربيون الجماعات الكثيرة، الواحدة رِبِّـيٌّ. والرَّبَّانيُّ: العالم، والجماعة الرَّبَّانِـيُّون. وقال أَبو العباس: الرَّبَّانِـيُّون الأُلوفُ، والرَّبَّانِـيُّون: العلماءُ. و قرأَ الحسن: رُبِّـيُّون، بضم الراء. وقرأَ ابن عباس: رَبِّـيُّون، بفتح الراءِ.
والرَّبَبُ: الماءُ الكثير المجتمع، بفتح الراءِ والباءِ، وقيل: العَذْب؛ قال الراجز:
والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ
وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله؛ وقيل: برُبَّانِه: بجَمِـيعِه ولم يترك منه شيئاً. ويقال: افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه؛ ومنه قيل: شاةٌ رُبَّـى.
ورُبَّانُ الشَّبابِ: أَوَّله؛ قال ابن أَحمر:
وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه، * وأَنْتَ، من أَفنانِه، مُفْتَقِر
ويُروى: مُعْتَصِر؛ وقول الشاعر:
(يتبع...)
(تابع... 2): ربب: الرَّبُّ: هو اللّه عزّ وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله... ...
خَلِـيلُ خَوْدٍ، غَرَّها شَبابُه، * أَعْجَبَها، إِذْ كَبِرَتْ، رِبابُه
أَبو عمرو: الرُّبَّـى أَوَّلُ الشَّبابِ؛ يقال: أَتيته في رُبَّـى شَبابِه، ورُبابِ شَبابِه، ورِبابِ شَبابِه، ورِبَّان شَبابه. أَبو عبيد: الرُّبَّانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه؛ ورُبّانُ الكَوْكَب: مُعْظَمُه. وقال أَبو عبيدة: الرَّبَّانُ، بفتح الراءِ: الجماعةُ؛ وقال الأَصمعي: بضم الراءِ.
وقال خالد بن جَنْبة: الرُّبَّةُ الخَير اللاَّزِمُ، بمنزلة الرُّبِّ الذي يَلِـيقُ فلا يكاد يذهب، وقال: اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ، فقيل له: وما رُبَّةُ عَيْشٍ؟ قال: طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه.
وقالوا: ذَرْهُ بِرُبَّان؛ أَنشد ثعلب:
فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ، وإِلاّ تَذَرْهُمُ * يُذيقُوكَ ما فيهم، وإِن كان أَكثرا
قال وقالوا في مَثَلٍ: إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك، فأَرْخِ، بِرُبَّانٍ، أَزْرَكَ. وفي التهذيب: إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ، مِن
رُبَّـى، أَزْرَكَ. يقول: إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ، واسْتَرْخِ
أَنتَ واسْتَرِحْ. ورُبَّانُ، غير مصروف: اسم رجل.
قال ابن سيده: أَراه سُمي بذلك.
والرُّبَّـى: الحاجةُ، يقال: لي عند فلان رُبَّـى. والرُّبَّـى: الرَّابَّةُ. والرُّبَّـى: العُقْدةُ الـمُحْكَمةُ. والرُّبَّـى: النِّعْمةُ والإِحسانُ.
والرِّبَّةُ، بالكسرِ: نِبْتةٌ صَيْفِـيَّةٌ؛ وقيل: هو كل ما اخْضَرَّ، في القَيْظِ، مِن جميع ضُروب النبات؛ وقيل: هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ، والجمع الرِّبَبُ؛ قال ذو الرمة، يصف الثور الوحشي:
أَمْسَى، بِوَهْبِـينَ، مُجْتازاً لِـمَرْتَعِه، * مِن ذِي الفَوارِسِ، يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
والرِّبَّةُ: شجرة؛ وقيل: إِنها شجرة الخَرْنُوب. التهذيب: الرِّبَّةُ
بقلة ناعمةٌ، وجمعها رِبَبٌ. وقال: الرِّبَّةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات، لا
تَهِـيج في الصيف، تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً؛ ومنها: الـحُلَّبُ، والرُّخَامَى، والـمَكْرُ، والعَلْقى، يقال لها كلها: رِبَّةٌ.التهذيب: قال النحويون: رُبَّ مِن حروف الـمَعاني، والفَرْقُ بينها وبين كَمْ، أَنَّ رُبَّ للتقليل، وكَمْ وُضِعت للتكثير، إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام؛ وكلاهما يقع على النَّكِرات، فيَخْفِضُها. قال أَبو حاتم: من
الخطإِ قول العامة: رُبَّـما رأَيتُه كثيراً، ورُبَّـما إِنما وُضِعَتْ
للتقليل. غيره: ورُبَّ ورَبَّ: كلمة تقليل يُجَرُّ بها، فيقال: رُبَّ رجلٍ قائم، ورَبَّ رجُلٍ؛ وتدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّتَ رجل، ورَبَّتَ رجل. الجوهري: ورُبَّ حرفٌ خافض، لا يقع إِلاَّ على النكرة، يشدَّد ويخفف، وقد يدخل عليه التاء، فيقال: رُبَّ رجل، ورُبَّتَ رجل، ويدخل عليه ما، ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده، فيقال: رُبما. وفي التنزيل العزيز: رُبَّـما يَوَدُّ الذين كفروا؛ وبعضهم يقول رَبَّـما، بالفتح، وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما، ورُبَتَما وَرَبَتَما، والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم، ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ، من قوله تعالى رُبَّـما يودّ، ردَّه إِلى الأَصل، فقال: رُبَيْبٌ. قال اللحياني: قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن: رُبَّـما يودُّ، بالتثقيل، وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش: رُبَما يَوَدُّ، بالتخفيف. قال الزجاج: من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير، فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العرب؛ فإِن قال قائل: فلمَ جازت رُبَّ في قوله: ربما يود الذين كفروا؛ ورب للتقليل؟ فالجواب في هذا: أَن العرب خوطبت بما تعلمه في التهديد. والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل، فيقول له: لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ، وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ، ويقول: رُبَّـما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ، وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً، ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِـمَّا
يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب، أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ، لوجَبَ عليه اجْتِنابُه؛ والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله: ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا؛ والفرق بين رُبَّـما ورُبَّ: أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم، وأَما رُبَّـما فإِنه زيدت ما، مع رب، ليَلِـيَها الفِعْلُ؛ تقول: رُبَّ رَجُلٍ جاءَني، وربما جاءَني زيد، ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه، ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها؛ ويقال: ربما جاءَني فلان، وربما حَضَرني زيد، وأَكثرُ ما يليه الماضي، ولا يَلِـيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً، كقوله تعالى: رُبَـما يَوَدُّ الذين كفروا، ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ، كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى، وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً. وقد تَلي ربما الأَسماءَ وكذلك ربتما؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
ماوِيّ ! يا رُبَّتَما غارةٍ * شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِـيسَمِ
قال الكسائي: يلزم مَن خَفَّف، فأَلقى إِحدى الباءَين، أَن يقول رُبْ
رجل، فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات، كما تقول: لِـمَ صَنَعْتَ؟ ولِـمْ
صَنَعْتَ؟ وبِـأَيِّمَ جِئْتَ؟ وبِـأَيِّمْ جئت؟ وما أَشبه ذلك؛ وقال: أَظنهم
إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم: رُبَّتَ رجل، ورُبَتَ رجل. يريد الكسائي: أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً، أَو في نية الفتح، فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً، امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث، وآثروا النصب، يعني بالنصب: الفتح. قال اللحياني: وقال لي الكسائي: إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً، فقد أَخبرتك. يريد: إِن سمعت أَحداً يقول: رُبْ رَجُلٍ، فلا تُنْكِرْه، فإِنه وجه القياس. قال اللحياني: ولم يقرأْ أَحد رَبَّـما، بالفتح، ولا رَبَما.
وقال أَبو الهيثم: العرب تزيد في رُبَّ هاءً، وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف، ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ، فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ، وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ، بطل عَمَلُها؛ وأَنشد:
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه، * ورُبَّه عَطِـباً، أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نصب عَطِـباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة. وقولهم: رُبَّه رَجُلاً،
ورُبَّها امرأَةً، أَضْمَرت فيها العرب على غير تقدّمِ ذِكْر، ثم أَلزَمَتْه التفسير، ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ، ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة. وقال ابن جني مرة: أَدخلوا رُبَّ على المضمر، وهو على نهاية الاختصاص؛ وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع، لـمُضارَعَتِها النَّكِرَة، بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر، ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة، نحو رجلاً وامرأَةً؛
ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَـمَا احتاجت إِلى تفسيره. وحكى الكوفيون: رُبَّه رجلاً قد رأَيت، ورُبَّهُما رجلين، ورُبَّهم رجالاً، ورُبَّهنَّ نساءً، فَمَن وَحَّد قال: إِنه كناية عن مجهول، ومَن لم يُوَحِّد قال: إِنه ردّ كلام، كأَنه قيل له: ما لكَ جَوَارٍ؟ قال: رُبَّهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ. وقال ابن السراج: النحويون كالـمُجْمعِـينَ على أَن رُبَّ جواب. والعرب تسمي جمادى الأُولى رُبّاً ورُبَّـى، وذا القَعْدةِ رُبَّة؛ وقال كراع: رُبَّةُ ورُبَّـى جَميعاً: جُمادَى الآخِرة، وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية.
والرَّبْرَبُ: القَطِـيعُ من بقر الوحش، وقيل من الظِّباءِ، ولا واحد
له؛ قال:
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى، ولا أُمَّ شادِنٍ، * غَضِـيضَةَ طَرْفٍ، رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وقال كراع: الرَّبْرَبُ جماعة البقر، ما كان دون العشرة.
قفف: القُفَّة: الزَّبيل، والقُفَّة: قَرعة يابسة، وفي المحكم: كهيْئةِ
القَرْعَة تُتَّخذ من خوص ونحوه تجعل فيها المرأَةُ قُطنها؛ وأَنشد ابن
بري شاهداً على قول الجوهري القُفّة القَرعة اليابسة للراجز:
رُبَّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفّهْ
تَمْشي بخُفٍّ، معها هِرْشَفَّهْ
ويروى كالكُفّه.
ويروى: تحمل خفّاً، قال أَبو عبيدة: القُفْة مثل القُفّة من الخوص. قال
الأَزهري: ورأَيت الأَعراب يقولون القُفعة القُفّة ويجعلون لها مَعاليق
يُعَلّقونها بها من آخرة الرحل، يلقي الراكب فيها زاده وتمره، وهي
مُدوَّرة كالقَرْعة، وفي حديث أَبي ذر: وضَعي قُفَّتك؛ القُفة: شبه زَبيل صغير
من خوص يُجْتَنى فيه الرُّطب وتضَع فيه النساء غزلهن ويشبّه به الشيخ
والعجوز. والقُفَّة: الرجل القصير القليل اللحم. وقيل: القفة الشيخ الكبير
القصير القليل اللحم. الليث: يقال شيخ كالقفة وعجوز كالقفة؛ وأَنشد:
كلُّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفّهْ
واسْتَقَفّ الشيخ: تَقَبَّض وانضم وتشنج. ومنه حديث رقيقة: فأَصْبَحْتُ
مَذْعورة وقد قَفَّ جلدي أَي تَقَبَّض كأَنه يَبس وتَشَنَّج، وقيل:
أَرادت قَفَّ شعري فقام من الفزَع؛ ومنه حديث عائشة، رضي اللّه عنها: لقد
تَكَلَّمْتَ بشيء قفَّ له شعري.
والقُفَّة: الشجرة اليابسة البالية، يقال: كَبِرَ حتى صار كأَنه قُفّة.
الأَزهري: القفة شجرة مستديرة ترتفع عن الأَرض قدر شبر وتيبس فيشبه بها
الشيخ إذا عسا فيقال: كأَنه قُفَّة. وروي عن أَبي رَجاء العُطارِديّ أَنه
قال: يأْتونني فيَحْمِلونني كأَنني قُفة حتى يَضَعُوني في مَقام الإمام،
فأَقرأُ بهم الثلاثين والأَربعين في ركعة؛ قال القتيبي: كَبِرَ حتى صار
كأَنه قفة أَي شجرة بالية يابسة؛ قال الأَزهري: وجائز أَن يشبه الشيخ بقفة
الخوص. وحكى ابن الأَثير: القَفّة الشجرة، بالفتح، والقُفة: الزَّبيل،
بالضم.
وقَفّتِ الأَرض تَقِفُّ قَفّاً وقُفوفاً: يبس بقلها، وكذلك قَفَّ
البَقل. والقَفُّ والقَفِيفُ: ما يبس من البقل وسائر النبت، وقيل ما تم يبسه من
أَحرار البقول وذكورها؛ قال:
صافَتْ يَبيساً وقَفِيفاً تَلْهَمُهْ
وقيل: لا يكون القَفُّ إلا من البقْل والقَفْعاء، واختلفوا في القفعاء
فبعض يبَقِّلها وبعض يُعَشِّبُها؛ وكلُّ ما يبس فقد قَفَّ. وقال الأَصمعي:
قفَّ العُشب إذا اشتدّ يُبْسه. يقال الإبل فيما شاءت من جَفيف وقَفِيف.
الأَزهري: القَفّ، بفتح القاف، ما يَبس من البُقول وتناثر حبه وورقه
فالمال يرعاه ويَسْمَنُ عليه، يقال: له القَفّ والقَفِيف والقَمِيم. ويقال
للثوب إذا جفّ بعد الغَسل: قد قفّ قُفُوفاً. أَبو حنيفة: أَقَفَّت السائمة
وجدت المراعي يابسة، وأَقَفَّت عينُ المريض إقْفافاً والباكي: ذهب دمعُها
وارتفع سوادها. وأَقفَّت الدجاجة إقْفافاً، وهي مُقِفٌّ: انقطع بيضها،
وقيل: جَمَعت البيض في بطنها. وفي التهذيب: أَقفَّت الدجاجة إذا أَقطعت
وانقطع بيضها.
والقَفَّة من الرجال، بفتح القاف: الصغير الجُثَّة القليل. والقُفّة:
الرِّعدة، وعليه قُفة أَي رِعدة وقُشَعْريرة. وقفَّ يَقِفُّ قُفوفاً:
أَرْعَدَ واقْشَعَرَّ. وقَفَّ شعري أَي قام من الفزَع. الفراء: قَفَّ جلده
يَقِفُّ قُفوفاً يريد اقْشَعَرَّ؛ وأَنشد:
وإني لَتَعْرُوني لذِكْراكِ قُفَّةٌ،
كما انْتَفَضَ العُصعفُور من سَبَل القَطْرِ
وفي حديث سهل بن حُنَيْف: فأَخذته قَفْقَفَة أَي رِعْدة. يقال:
تَقَفْقَفَ من البَرد إذا انضمْ وارتعد. وقُفُّ الشيء: ظهره.
والقُفّة والقُفُّ: ما ارتفع من مُتون الأَرض وصلُبت حجارته، وقيل: هو
كالغبيط من الأَرض، وقيل: هو ما بين النَشْزَيْن وهو مَكْرَمة، وقيل: القف
أَغلظ من الجَرْم والحَزْن، وقال شمر: القُفُّ ما ارتفع من الأَرض وغلظ
ولم يبلغ أَن يكون جبلاً. والقَفْقَفَة: الرِّعدة من حمّى أَو غضب أَو
نحوه، وقيل: هي الرِّعْدة مَغْمُوماً، وقد تَقَفْقَفَ وقَفْقَف؛ قال:
نِعْمَ ضَجِيعُ الفتى، إذا بَرَدَ الْـ
ـلَيلُ سُحَيْراً، فقَفْقَفَ الصُّرَدُ
وسُمع له قَفْقفةٌ إذا تَطَهّر فسُمع لأَضراسه تَقَعْقُع من البرد. وفي
حديث سالم بن عبداللّه: فلما خرج من عند هشام أَخذته قَفْقَفَةٌ؛ الليث:
القَفقفة اضطراب الحنكين واصْطِكاك الأَسْنان من الصرْدِ أَو من نافِضِ
الحُمَّى؛ وأَنشد ابن بري:
قَفْقاف أَلحِي الواعِساتِ العُمَّه
(* قوله «الواعسات» كذا في الأصل بالواو ولعله بالراء.)
الأَصمعي: تَقَفْقَف من البرد وتَرَفْرف بمعنى واحد. ابن شميل: القُفّة
رِعْدة تأْخذ من الحُمَّى.
وقال ابن شميل: القُفُّ حجارة غاصٌّ بعضُها ببعض مُترادِف بعضها إلى بعض
حمر لا يخالطها من اللِّين والسهولة شيء، وهو جبل غير أَنه ليس بطويل في
السماء فيه إشراف على ما حوله، وما أَشرف منه على الأَرض حجارة، تحت
الحجارة أَيضاً حجارة، ولا تلقى قُفّاً إلا وفيه حجارة متقلِّعةٌ عِظام مثل
الإبل البُروك وأَعْظم وصِغار، قال: ورُبّ قُفّ حجارته فنادير أَمثال
البيوت، قال: ويكون في القف رِياض وقيعان، فالروضة حينئذ من القفّ الذي هي
فيه ولو ذهبْت تحفر فيه لغَلبتك كثرة حجارتها، وهي إذا رأَيتها رأَيتها
طيناً وهي تُنبت وتُعشِب، قال: وإنما قُفُّ القفِّ حجارته؛ قال رؤبة:
وقُفّ أَقفافٍ ورَمْلٍ بَحْوَنِ
قال أَو منصور: وقِفافُ الصَّمَّانِ على هذه الصفة، وهي بلاد عريضة
واسِعة فيها رِياض وقِيعان وسُلْقان كثيرة، وإذا أَخصبت رَبَّعت العرب جميعاً
لسعَتها وكثرة عُشب قِيعانها، وهي من حُزون نجد. وفي حديث أَبي موسى:
دخلت عليه فإذا هو جالس على رأْس البئر وقد تَوَسَّط قُفّها؛ قُفُّ البئر:
هو الدَّكَّة التي تُجْعل حولها. وأَصل القُفِّ ما غلُظ من الأَرض
وارتفع، أَو هو من القَفِّ اليابس لأَنَّ ما ارتفع حول البئر يكون يابساً في
الغالب. والقُفّ أَيضاً: وادٍ من أَودية المدينة عليه مال لأَهلها؛ ومنه
حديث معاوية: أُعيذك باللّه أَن تنزل وادياً فتدَع أَوله يَرِفُّ وآخِرَه
يَقِفُّ أَي يَيْبَس، وقيل: القُف آكام ومَخارِمُ وبِراق، وجمعه قِفاف
وأَقفاف؛ عن سيبويه. وقال في باب معدول النسب الذي يجيء على غير قياس: إذا
نسبت إلى قِفاف قلت قُفِّيٌّ، فإن كان عنى جمع قُفّ فليس من شاذ النسب إلا
أَن يكون عنى به اسم موضع أَو رجل، فإن ذلك إذا نسبت إليه قلت قِفافي
لأَنه ليس بجمع فيرد إلى واحد للنسب.
والقِفّةُ، بالكسر: أَوَّل ما يخرج من بطن الصبي حين يولد: الليث:
القُفَّة بُنّة الفأْس؛ قال الأَزهري: بُنّة الفأْس أَصلها الذي فيه خُرْتها
الذي يجعل فيه فَعَّالها، والقفة: الأَرنب؛ عن كراع،. وقَيْسُ قُفّةَ:
لَقَبٌ. قال سيبويه: لا يكون في قفةَ التنوين لأَنك أَردت المعرفة التي
أَردتها حين قلت قيس، فلو نَوَّنْتَ قفة كان الاسم نكرة كأَنك قلت قفّة معرفة
ثم لَصقت قيساً إليها بعد تعريفها. والقُفّانِ: موضع؛ قال البُرْجميّ:
خَرَجْنا من القُفَّينِ، لا حَيّ مِثْلنا،
بآيتنا نُزْجي اللِّقاح المَطافِلا
والقَفَّانُ: الجماعة. وقَفَّانُ كل شيء: جُمّاعُه. وفي حديث عمر: أَن
حذيفة، رضي اللّه عنهما، قال له: إنك تستعين بالرجل الفاجر فقال: إني
لأَستعين بالرجل لقوته ثم أَكون على قَفّانه؛ قال أَبو عبيد: قَفّان كل شيء
جُمّاعه واستقصاء معرفته، يقول: أَكون على تتبع أَمره حتى أَستَقصِيَ
علمه وأَعرفه، قال أَبو عبيد: ولا أَحسب هذه الكلمة عربية إنما أَصلها
قَبَّان، ومنه قولهم: فلان قبّانٌ على فلان إذا كان بمنزلة الأَمين عليه
والرئيس الذي يتتَبع أَمره ويحاسبه، ولهذا قيل للميزان الذي يقال له القَبّان
قَبّان. قال ابن الأَثير: يقال أَتيته على قَفّان ذلك وقافيته أَي على
أَثره، وقيل في حديث عمر إنه يقول: أَستعين بالرجل الكافي القويّ وإن لم
يكن بذلك الثقةِ، ثم أَكون من ورائه وعلى إثره أَتتبَّع أَمره وأَبحث عن
حاله، فكفايته لي تنفعني ومُراقبتي له تمنعه من الخيانة. وقَفَّانٌ:
فَعَّالٌ من قولهم في القَفا القَفَنّ، ومن جعل النون زائدة فهو فَعْلان، قال:
وذكره الهروي والأَزهري في قفف على أَن النون زائدة، وذكره الجوهري في
قفن، وقال: القفّان القَفا والنون زائدة، وقيل: هو معرَّب قَبَّان الذي
يوزن به. وجاء على قَفَّان ذلك أَي على أَثره.
والقَفَّاف: الذي يَسرِق الدراهم بين أَصابعه، وقد قفَّ يقُفُّ، وأَهل
العراق يقولون للسُّوقي الذي يَسرِق بكفيه إذا انتقد الدراهم: قَفَّاف.
وقد قَفَّ منها كذا وكذا درهماً؛ وقال:
فَقَفَّ، بَكَّفِّه، سبعين منها
من السُّود المُرَوَّقةِ الصِّلابِ
وفي الحديث أَن بعضهم ضرب مثلاً فقال: إن قَفَّافاً ذهب إلى صَيرَفيّ
بدراهم؛ القَفَّافُ: الذي يَسْرِق الدراهم بكفه عند الانتقاد. يقال: قَفَّ
فلان دِرْهماً. والقَفَّان: القرسْطون؛ قال ابن الأَعرابي: هو عربي صحيح
لا وضع له في العجمية، فعلى هذا تكون فيه النون زائدة لأن ما في آخره نون
بعد ألف فإن فَعْلاناً فيه أَكثر من فَعَّال. وقدِم وفد على النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، فقال: من أَنتم؟ فقالوا: بنو غَيّانَ، فقال: بل بنو
رَشْدان، فلو تصورت عنده غَيّان فَعَّالاً من الغين وهو النو
(* قوله «النو»
كذا بالأصل.) والعطش لقال بنو رَشَّاد، فدل قول النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، أَن فَعْلاناً مما آخره نون أَكثر من فعّال مما آخره نون. وأَما
الأَصمعي فقال: قَفَّان قبَّان بالباء التي بين الباء والفاء، أُعربت
بإخلاصها فاء،وقد يجوز إخلاصها باء لأَن سيبويه قد أَطلق ذلك في الباء التي بين
الفاء والباء. وقَفْقفا الظَّلِيم: جناحاه؛ وقول ابن أَحمر يصف الظَّلِيم
والبيض:
فَظَلَّ يَحُفُّهنَّ بِقَفْقَفَيْه،
ويَلْحَفُهنَّ هَفْهافاً ثَخِينا
يصف ظليماً حضن بيضه وقَفْقَف عليه بجناحيه عند الحِضان فيريد أَنه
يحُفُّ بيضه ويجعل جناحيه له كاللحاف وهو رقيق مع ثخنه. وقفقفا الطائر:
جناحاه. والقفقفان: الفَكَّان. وقفْقَف النَّبْتُ وتَقَفْقفَ وهو قَفْقاف:
يبس.
صير: صارَ الأَمرُ إِلى كذا يَصِيرُ صَيْراً ومَصِيراً وصَيْرُورَةً
وصَيَّرَه إِليه وأَصارَه، والصَّيْرُورَةُ مصدر صارَ يَصِيرُ. وفي كلام
عُمَيْلَةَ الفَزارِي لعمه وهو ابن عَنْقاءَ الفَزارِي: ما الذي أَصارَك
إِلى ما أَرى يا عَمْ؟ قال: بُخْلك بمالِك، ويُخْل غيرِك من أَمثالك،
وصَوْني أَنا وجهي عن مثلهم وتَسْآلك ثم كان من إِفْضال عُمَيْلة على عمه ما
قد ذكره أَبو تمام في كتابه الموسوم بالحماسة. وصِرْت إِلى فلان مَصِيراً؛
كقوله تعالى: وإِلى الله المَصِير؛ قال الجوهري: وهو شاذ والقياس مَصَار
مثل مَعاش. وصَيَّرته أَنا كذا أَي جعلته.
والمَصِير: الموضع الذي تَصِير إِليه المياه. والصَّيِّر: الجماعة.
والصِّيرُ: الماء يحضره الناس. وصارَهُ الناس: حضروه؛ ومنه قول الأَعشى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّع رَوْضَ القَطا
ورَوْضَ التَّنَاضُبِ حتى تَصِيرَا
أَي حتى تحضر المياه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بكر،
رضي الله عنه، حين عَرَضَ أَمرَه على قبائل العرب: فلما حضر بني شَيْبان
وكلم سَراتهم قال المُثَنى بن حارثة: إِنا نزلنا بين صِيرَينِ اليمامة
والشمامة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: وما هذان الصِّيرانِ؟ قال:
مياه العرب وأَنهار كِسْرى؛ الصِّيرُ: الماء الذي يحضره الناس. وقد صارَ
القوم يَصِيرون إِذا حضروا الماء؛ ويروى: بين صِيرَتَيْن، وهي فِعْلة منه،
ويروى: بين صَرَيَيْنِ، تثنية صَرًى.
قال أَبو العميثل: صارَ الرجلُ يَصِير إِذا حضر الماءَ، فهو صائِرٌ.
والصَّائِرَةُ: الحاضرة. ويقال: جَمَعَتْهم صائرَةُ القيظِ. وقال أَبو
الهيثم: الصَّيْر رجوع المُنْتَجِعين إِلى محاضرهم. يقال: أَين الصَّائرَة أَي
أَين الحاضرة ويقال: أَيَّ ماء صارَ القومُ أَي حضروا. ويقال: صرْتُ
إِلى مَصِيرَتي وإِلى صِيرِي وصَيُّوري. ويقال للمنزل الطيِّب: مَصِيرٌ
ومِرَبٌّ ومَعْمَرٌ ومَحْضَرٌ. ويقال: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم.
وصِيَرُ الأَمر: مُنْتهاه ومَصِيره ومَصِيره وعاقِبَته وما يَصير إِليه. وأَنا
على صِيرٍ من أَمر كذا أَي على ناحية منه. وتقول للرجل: ما صنعتَ في
حاجتك؟ فيقول: أَنا على صِيرِ قضائها وصماتِ قضائها أَي على شَرَفِ قضائها؛
قال زهير:
وقد كنتُ من سَلْمَى سِنِينَ ثمانِياً،
على صِيرِ أَمْرٍ ما يَمَرُّ وما يَحْلُو
وصَيُّور الشيء: آخره ومنتهاه وما يؤول إِليه كصِيرِه ومنتهاه
(* قوله:
«كصيره ومنتهاه» كذا بالأَصل). وهو فيعول؛ وقول طفيل الغنوي:
أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه
بالبئر، غادَرَهُ الأَحْياءُ وابْتَكَرُوا
قال أَبو عمرو: صَيِّره قَبْره. يقال: هذا صَيِّر فلان أَي قبره؛ وقال
عروة بن الورد:
أَحادِيثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالِدٍ،
إِذا هو أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر
قال أَبو عمرو: بالهُزَرِ أَلْفُ صَيِّر، يعني قبوراً من قبور أَهل
الجاهلية؛ ذكره أَبو ذؤيب فقال:
كانت كَلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر
(* قوله: كانت كليلة إلخ» أنشد البيت بتمامه في هزر:
لقال الاباعد والشامتوـــــن كانوا كليلة أهل الهزر).
وهُزَر: موضع. وما له صَيُّور، مثال فَيْعُول، أَي عَقْل ورَأْيٌ.
وصَيُّور الأَمر: ما صارَ إِليه. ووقع في أُمِّ صَيُّور أَي في أَمر ملتبس ليس
له مَنْفَذ، وأَصله الهَضْبة التي لا مَنْفَذ لها؛ كذا حكاه يعقوب في
الأَلفاظ، والأَسْبَقُ صَبُّور. وصارَةُ الجبل: رأْسه. والصَّيُّور
والصَّائرَةُ: ما يَصِير إِليه النباتُ من اليُبْس. والصَّائرَةُ: المطرُ
والكَلأُ. والصَّائرُ: المُلَوِّي أَعناقَ الرجال. وصارَه يَصِيره: لغة في
صارَهُ يَصُوره أَي قطعه، وكذلك أَماله.
والصِّير: شَقُّ الباب؛ يروى أَن رجلاً اطَّلع من صِير باب النبي، صلى
الله عليه وسلم. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: من
اطَّلع من صِير باب فقد دَمَر؛ وفي رواية: من نَظَرَ؛ ودمر: دخل، وفي
رواية: من نظر في صير باب ففُقِئَتْ عينه فهي هَدَر؛ الصِّير الشّقّ؛ قال
أَبو عبيد: لم يُسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث. وصِير الباب: خَرْقه.
ابن شميل: الصِّيرَةُ على رأْس القَارَةِ مثل الأَمَرَة غير أَنها طُوِيَتْ
طَيّاً، والأَمَرَةُ أَطول منها وأَعظم مطويتان جميعاً، فالأَمَرَةُ
مُصَعْلَكة طويلة، والصِّيرَةُ مستديرة عريضة ذات أَركان، وربما حفرت فوجد
فيها الذهب والفضة، وهي من صنعة عادٍ وإِرَم، والصِّيرُ شبه الصَّحْناة،
وقيل هو الصحناة نفسه؛ يروى أَن رجلاً مَرَّ بعبدالله بن سالم ومعه صِيرٌ
فلَعِق منه (قوله: «فلعق منه» كذا بالأصل. وفي النهاية والصحاح فذاق
منه). ثم سأَل: كيف يُباع؟ وتفسيره في الحديث أَنه الصَّحْناة. قال ابن دريد:
أَحسبه سريانيّاً؛ قال جرير يهجو قوماً:
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بَصَلاً،
ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالحٍ، جَدَفُوا
والصِّيرُ: السمكات المملوحة التي تعمل منها الصَّحْناة؛ عن كراع. وفي
حديث المعافري: لعل الصِّيرَ أَحَبُّ إِليك من هذا.
وصِرْتُ الشيء: قطعته. وصارَ وجهَه يَصِيره: أَقبل به. وفي قراءة
عبدالله بن مسعود وأَبي جعفر المدني: فصِرهن إِليك، بالكسر، أَي قطِّعهن
وشققهن، وقيل: وجِّهْهن. الفراء: ضَمَّت العامة الصاد وكان أَصحاب عبدالله
يكسرونها، وهما لغتان، فأَما الضم فكثير، وأَما الكسر ففي هذيل وسليم؛ قال
وأَنشد الكسائي:
وفَرْع يَصِير الجِيدَ وحْف كَأَنّه،
على اللِّيت، قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوَالِحُ
يَصِير: يميل، ويروى: يَزِينُ الجيد، وكلهم فسروا فصُرْهن أَمِلْهن،
وأَما فصِرْهن، بالكسر، فإِنه فسر بمعنى قَطِّعهن؛ قال: ولم نجد قطّعهن
معروفة؛ قال الأَزهري: وأُراها إِن كانت كذلك من صَرَيتُ أَصْرِي أَي قَطَعت
فقدمت ياؤها. وصِرْت عنقه: لويتها. وفي حديث الدعاء: عليك توكلنا وإِليك
أَنبنا وإِليك المَصِير أَي المرجع. يقال: صِرْت إِلى فلان أَصِير
مَصِيراً، قال: وهو شاذ والقياس مَصار مثل مَعاش. قال الأَزهري: وأَما صارَ
فإِنها على ضربين: بلوغ في الحال وبلوغ في المكان، كقولك صارَ زيد إِلى عمرو
وصار زيد رجلاً، فإِذا كانت في الحال فهي مثل كانَ في بابه. ورجل
صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حسن الصُّورَة والشَّارَة؛ عن الفراء. وتَصَيَّر فلانٌ
أَباه: نزع إِليه في الشَّبَه.
والصِّيارَةُ والصِّيرَةُ: حظيرة من خشب وحجارة تبنى للغَنَم والبقر،
والجمع صِيرٌ وصِيَرٌ، وقيل: الصِّيرَة حظيرة الغنم؛ قال الأَخطل:
واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً
من الحَبَلَّقِ، تُبْنى فَوْقَها الصِّيَرُ
وفي الحديث: ما من أُمَّتي أَحد إِلا وأَنا أَعرفه يوم القيامة، قالوا:
وكيف تعرفهم مع كثرة الخلائق؟ قال: أَرَأَيْتَ لو دخلتِ صِيَرةً فيها خيل
دُهْمٌ وفيها فَرَسٌ أَغَرُّ مُحَجَّل أَما كنتَ تعرفه منها؟ الصِّيرَة:
حَظِيرة تُتخذ للدواب من الحجارة وأَغصان الشجر، وجمعها صِيَر. قال أَبو
عبيد: صَيْرَة، بالفتح، قال: وهو غلط.
والصِّيَار: صوت الصَّنْج؛ قال الشاعر:
كَأَنَّ تَرَاطُنَ الهَاجَاتِ فِيها،
قُبَيْلَ الصُّبْحِ، رَنَّاتُ الصِّيَارِ
يريد رنين الصِّنْج بأَوْتاره. وفي الحديث: أَنه قال لعلي، عليه السلام:
أَلا أُعلمك كلماتٍ إِذا قلتَهن وعليك مثل صِير غُفِر لك؟ قال ابن
الأَثير: وهو اسم جبل، ويروى: صُور، بالواو، وفي رواية أَبي وائل: أَن عليّاً،
رضي الله عنه، قال: لو كان عليك مثل صِيرٍ دَيْناً لأَداه الله عنك.
بزز: البَزُّ: الثياب، وقيل: ضرب من الثياب، وقيل: البَزُّ من الثياب
أَمتعة البَزَّاز، وقيل: البَزُّ متاع البيت من الثياب خاصة؛ قال:
أَحسَن بيتٍ أَهَراً وبَزَّا،
كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا
والبَّزَّازُ: بائع البَزِّ وحِرْفَتُهُ البِزَازَةُ؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
شَمْطاءُ أَعلى بَزِّها مُطَرَّحُ
يعني أَنها سمنت فسقط وَبَرُها وذلك لأَن الوبر لها كالثياب.
والبِزَّة، بالكسر: الهيئة والشَّارةُ واللِّبْسَةُ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه، لما دنا من الشام ولقيه الناس قال لأَسْلَمَ: إِنهم لم يروا
على صاحبك بِزَّةَ قوم غضب الله عليهم؛ البِزَّةُ: الهيئة، كأَنه أَراد
هيئة العجم. والبَزُّ والبِزَّةُ: السلاح يدخل فيه الدِّرْعُ والمِغْفَرُ
والسيف؛ قال الشاعر:
ولا بِكَهامٍ بَزُّهُ عن عَدُوِّهِ،
إِذا هُوَ لاقَى حاسِراً أَو مُقَنَّعا
فهذا يدل على أَنه السيف. أَبو عمرو: البَزَرُ:
السلاح التامُّ؛ قال الهذلي:
فَوَيْلُ مِّ بَزٍّ جَرَّ شَعْلٌ على الحَصى،
ووُقِّرَ بَزٌّ ما هُنالك ضائعُ
الوَقْرُ: الصدعُ. وُقِّرَ بَزٌّ أَي صُدِعَ وفُلِّلَ وصارت فيه
وَقَراتٌ. وشَعْلٌ: لَقَبُ تأَبَّطَ شَرًّا وكان أَسَرَ قَيْسَ بن عَيْزَارَة
الهذليَّ قائلَ هذا الشعر فسلبه سلاحه ودرعه، وكان تأَبط شرّاً قصيراً فلما
لبس درع قيس طالت عليه فسحبها على الحصى، وكذلك سيفه لما تقلده طال عليه
فسبحه فوقره لأَنه كان قصيراً فهذا يعني السلاح كله؛ وقال الشاعر:
كأَنِّي إِذْ غَدَوْا ضَمَّنْتُ بَزِّي،
من العِقْبَانِ، خائِتَةً طَلُوبا
أَي سلاحي. والبِزِّيزَى: السلاح.
والبَزُّ: السَّلْبُ، ومنه قولهم في المثل: من عَزَّ بَزَّ؛ معناه من
غَلَبَ سَلَبَ، والاسم البِزِّيزَى كالخِصِّيصَى وهو السَّلْبُ.
وابْتَزَزْتُ الشيءَ: اسْتَلَبْتُه.
وبَزَّهُ يَبُزُّهُ بَزًّا: غلبه وغصبه. وبَزَّ الشيءَ يَبُزُّ بَزًّا:
انتزعه. وبَزَّهُ ثيابَهُ بَزًّا. وبَزَّه: حَبَسَه. وحكي عن الكسائي: لن
يأْخذه أَبداً بَزَّةً مني أَي قَسْراً. وابْتَزَّهُ ثيابَه: سَلبَهُ
إِياها. وفي حديث أَبي عبيدة: إِنه سيكون نبُوَّةٌ ورحمةٌ ثم كذا وكذا ثم
يكون بِزِّيزَى وأَخْذ أَموال بغير حق؛ البِزِّيزَى، بكسر الباء وتشديد
الزاي الأُولى والقصر: السَّلْبُ والتَّغَلُّبُ، ورواه بعضهم بَزْبَزِيّاً.
قال الهَرَوِيُّ: عرضته على الأَزهري فقال: هذا لا شيء، قال: وقال
الخطابي إِن كان محفوظاً فهو من البَزْبَزة، الإِسراع في السير، يريد به
عَسْفَ الوُلاةِ وإِسراعَهم إِلى الظلم، فمن الأَول الحديث فَيَبْتَزُّ ثيابي
ومتاعي أَي يُجَرِّدُني منها ويغلبني عليها، ومن الثاني الحديث الآخر:
من أَخرج ضيفه* قوله« من أخرج ضيفه» كذا بالأصل والنهاية فلم يَجِدْ
إِلاَّ بَزْبَزِيّاً فيردّها. قال: هكذا جاء في مسند أحمد بن حنبل، رحمه الله.
ويقال: ابْتَزَّ الرجلُ جاريتَهُ من ثيابها إِذا جَرَّدَها؛ ومنه قول
امرئ القيس:
إِذا ما الضَّجِيعُ ابْتَزَّها من ثيابها،
تَميلُ عليه هَوْنَةً غيرَ مِتْفالِ
وقول خالد بن زهير الهذلي:
يا قَوْمُ، ما لي وأَبا ذؤيبِ،
كنتُ إِذا أَتَوْتُهُ من غَيْبِ
يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي،
كأَنني أَرَبْتُهُ بِرَيبِ
أَي يَجْذِبُه إِليه.
وغلام بُزْبُزٌ: خفيف في السفر؛ عن ثعلب. ابن الأَعرابي: البُزْبُزُ
الغلام الخفيفُ الرُّوحِ. وبَزْبَزَ الرجلُ وعَبَّدَ إِذا انهزم وفَرَّ.
والبَزْبازُ والبُزابِزُ: السريعُ في السير؛ قال:
لا تَحْسِبِنِّي، يا أُمَيْمُ، عاجِزَا
إِذا السِّفارُ طَحْطَحَ البَزابِزَا
قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن الأَعرابي، بفتح الباء على أَنه جمع
بَزْبازٍ.
والبَزْبَزَةُ: الشِّدَّة في السوق ونحوه، وقيل: كثرة الحركة والاضطراب؛
وقال الشاعر:
ثم اعْتَلاها فَزَحاً وارْتَهَزَا،
وساقَها ثَمَّ سِياقاً بَزْبَزَا
والبَزْبَزَةُ: معالجة الشيء وإِصلاحه؛ يقال للشيء الذي أُجيد صنعته: قد
بَزْبَزْتُه؛ وأَنشد:
وما يَسْتَوِي هِلْباجَةٌ مُتَنَفِّخٌ
وذو شُطَبٍ، قد بَزْبَزَتْه البَزابِزُ
أَراد ما يستوي رجل ثقيل ضخم كأَنه لبن خاثر ورجل خفيف ماض في الأُمور
كأَنه سيف ذو شطب قد سوّاه وصقله الصانع.
والبُزَابِزُ: الشديد من الرجال إِذا لم يكن شجاعاً. ورجل بَزْبَزٌ
وبُزَابِزٌ: للقوي الشديد من الرجال وإِن لم يكن شجاعاً. وفي حديث عن
الأَعْشَى: أَنه تَعَرَّى بإِزاءِ قوم وسَمَّى فَرْجَه البَزْبازَ ورَجَزَ
بِهِمْ، قال:
إِيهاً خُثَيْمُ حَرِّك البَزْبازا،
إِنَّ لنا مجالِساً كِنازَا
أَبو عمرو: البَزْبازُ قَصَبَةٌ من حديد عَلَمُ فَم الكِيرِ يَنْفُخُ
النارَ، وأَنشد الرجز:
إِيهاً خثيم حرك البزبازا
وبَزْبَزُوا الرجلَ: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. وبَزْبَزَ الشيء:
رمى به ولم يردّه.
قفص: القَفْصُ: الخفّة والنشاطُ والوَثْبُ، قَفَصَ يَقْفِصُ قَفْصاً
وقَفِصَ قَفَصاً، فهو قَفِصٌ، والقَبْصُ نحوه. والقَفِصُ: النشيط.
والقُفَاصُ: الوَعِلُ لوثَبانِه. وقَفِصَ الفرسُ قَفَصاً: لم يُخْرِجْ كلَّ ما
عنده من العَدْوِ. والقَفِصُ: المُتَقبِّض. وفرسٌ قَفِصٌ، وهو المتقبض الذي
لا يُخْرِج كلَّ ما عنده، يقال: جَرَى قَفِصاً؛ قال ابن مقبل :
جَرَى قَفِصاً، وارْتَدّ من أَسْرِ صُلْبِه
إِلى مَوْضعٍ من سَرْجِه، غيرَ أَحْدَبِ
أَي يَرْجِعُ بعضُه إِلى بعض لقَفَصِه وليس من الحدَب. وقَفِصَ قَفَصاً،
فهو قَفِصٌ: تقَبَّض وتَشَنَّجَ من البرد، وكذلك كل ما شَنِجَ؛ عن
اللحياني؛ قال زيد الخيل:
كأَنّ الرِّجالَ التَّغْلَبيّين، خَلْفَها،
قَنافذُ قَفْصَى عُلِّقَتْ بالجَنائِب
قَفْصَى جمع قَفِصٍ مثل جَرِب وجَرْبى وحَمِقٍ وحَمْقَى. والقَفَص: مصدر
قَفِصَت أَصابِعُه من البرد يَبِسَت. وقَفَصَ الشيءَ قَفْصاً: جمَعَه.
وقَفَّصَ الظَبْيَ: شدَّ قوائمه وجمَعَها. وفي حديث أَبي جرير: حَجَجْت
فلَقِيَني رجل مُقَفِّصٌ ظَبْياً فاتَّبَعْتُه فذَبَحْتُه وأَنا ناسٍ
لإِحْرامي؛ المقَفَّصُ: الذي شُدَّت يداه ورِجْلاه، مأْخوذ من القَفَصِ الذي
يُحْبَسُ فيه الطيرُ. والقَفِصُ: المُتَقَبض بعضُه إِلى بعض. الأَصمعي:
أَصْبَحَ الجرادُ قَفِصاً إِذا أَصابَه البرْدُ فلم يستطع أَن يَطِيرَ.
والقُفَاصُ: داء يصيب الدوابّ فَتَيْبَسُ قوائمها.
وتقافَصَ الشيء: اشْتَبَك. والقَفَصُ: واحدُ الأَقْفاصِ التي للطير.
والقَفَصُ: شيء يُتَّخذُ من قصب أَو خشَبٍ للطير. والقَفَصُ: خشبتان
مَحْنُوّتان بين أَحْنائِهما شبَكةٌ يُنْقَل بها البُرُّ إِلى الكُدْسِ. وفي
الحديث: في قُفْصٍ من الملائكة أَو قَفْصٍ من النور، وهو المُشْتَبِك
المتَداخِل. والقَفِيصة: حَدِيدة من أَداة الحَرّاث.
وبَعيرٌ قَفِصٌ: مات من حَرٍّ. وقَفِصَ الرجل قَفَصاً: أَكل التمر
وشرِبَ عليه النَّبيذ فوَجَد لذلك حرارة في حَلْقِه وحُموضةً في معدته. قال
أَبو عوْن الحِرْمازِيّ: إِن الرجل إِذا أَكل التمر وشرِبَ عليه الماء
قَفِصَ، وهو أَن يُصِيبَه القَفَصُ، وهو حرارةٌ في حَلْقِه وحُموضةٌ في
معدته. وقال الفراء: قالت الدُّبَيرِيّة قَفِصَ وقَبِصَ، بالفاء والباء، إِذا
عَرِبَتْ معدته.
والقُفْصُ: قوم في جَبَل من جبال كِرْمان، وفي التهذيب: القُفْصُ جيلٌ
من الناس مُتَلَصِّصُون في نواحي كِرْمان أَصحاب مِراسٍ في الحرْب.
وقَفُوصٌ: بَلدٌ يُجْلَب منه العُود؛ قال عدي بن زيد:
يَنْفَحُ مِنْ أَرْدانِها المِسْكُ والـ
ـهِنْدِيُّ والغَلْوَى، ولُبْنى قَفُوصْ
وفي حديث أَبي هريرة: وأَن تَعْلوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، قيل: وما
التحُوتُ؟ قال: بيوتُ القافِصَةِ يُرْفَعُون فوق صالحيهم؛ القافصةُ اللئام،
والسين فيه أَكثر، قال الخطابي: ويحتمل أَن يكون أَراد بالقافصة ذوي
العيوب من قولهم أَصبح فلان قَفِصاً إِذا فسدت معدته وطبيعته.
والقَفْصُ: القُلَة التي يُلْعَبُ بها، قال: ولست منها على ثقة.
فلس: الفَلْس: معروف، والجمع في القلة أَفْلُس، وفُلُوس في الكثير،
وبائعُه فَلاَّس. وأَفْلَس الرجل: صار ذا فُلُوس بعد أَن كان ذَا دراهِم،
يُفْلس إِفلاساً: صار مُفْلِساً كأَنما صارت دراهِمه فُلُوساً وزُيوفاً، كما
يقال: أَخْبَثَ الرجلُ إِذا صار أَصحابُه خُبتَاء، وأَقْطَفَ صارت
دابّته قَطُوفاً. وفي الحديث: من أَدرك مالَه عند رجل قد أَفْلَس فهو أَحَقُّ
به؛ أَفْلَس الرجل إِذا لم يبق له مالٌ، يُراد به أَنه صار إِلى حال يقال
فيها ليس معه فَلْس، كما يقال أَقْهَر الرجلُ صار إِلى حال يُقْهَر
عليها، وأَذَلَّ الرجلُ صار إِلى حال يَذِل فيها.
وقد فَلَّسه الحاكم تَفْلِيساً: نادة عليه أَنه أَفْلَس. وشيء مُفَلَّس
اللّوْن إِذا كان على جِلْده لُمَعٌ كالفُلُوس. وقال أَبو عمرو:
أَفْلَسْت الرجل إِذا طلبتَه فأَخطأَت موضعه، وذلك الفَلَس والإِفْلاس؛ وأَنشد
للمُعَطَّل الهذلي
(* قوله «وأَنشد للمعطل الهذلي» في هامش الأصل مانصه: قلت
الشعر لأبي قلابة الطابخي الهذلي.) :
يا حِبُّ، ما حُبُّ القَبُول، وحُبُّها
قَلَسٌ، فلا يُنْصِبْكَ حُبُّ مُفلس
قال أَبو عمرو في قوله وحُبُّها فَلَس أَي لا نَيْلَ معه.
قزز: القَزازَةُ: الحَياءُ، قَزَّ يَقُزُّ. ورجل قَزٌّ: حَييٌّ، والجمع
أَقِزَّاءُ نادر.
وقَزَّتْ نفسي عن الشيء قَزًّا وقَزَّتْهُ، بحرف وغير حرف: أَبَتْه
وعافَتْه، وأَكثر ما يستعمل بمعنى عافَتْه.
وتَقَزَّز الرجلُ من الشيء: لم يَطْعَمْه ولم يَشْرَبْهُ بإِرادة، وقد
تَقَزَّزَ من أَكْلِ الضَّبِّ وغيره، فهو رجل قَزٌّ وقِزٌّ وقُزٌّ، ثلاث
لغات: مُتَقَزِّزٌ وقِنْزَهْوٌ؛ قال اللحياني: ويثنى ويجمع ويؤنث ثم لم
يذكر الجمع، والأُنثى قَزَّةٌ وقُزَّة وقِزَّة. وما في طعامه قَزٌّ ولا
قُزٌّ ولا قَزازَةٌ أَي ما يُتَقَزَّزُ له. والتَّقَزُّز: التَّنَطُّس
والتباعد من الدَّنَس.
والقَزَزُ: الرجل الظريف المُتَوَقِّي للعيوب. ابن الأَعرابي: رجل
قُزَّازٌ مُتَقَزِّزٌ من المعاصي والمعايب ليس من الكِبْر والتِّيه. ويقال:
رجل قَزٌّ وقُزٌّ وقِزٌّ وقَزَزٌ، وهو المُتَقَزِّزُ من المعاصي والمعايب.
الليث: قَزَّ الإِنسانُ يَقُزُّ قَزًّا إِذا قَعَدَ كالمُسْتَوْفِز ثم
انقبض ووَثَبَ، والقَزَّة: الوَثْبَةُ. وفي الحديث: إِن إِبليس، لعنه الله،
ليَقُزُّ القَزَّةَ من المشرق فيبلغ المغربَ أَي يَثِبُ الوَثْبَةَ.
والقَزُّ: من الثياب والإِبْرَيْسَمِ، أَعجمي معرّب، وجمعه قُزُوزٌ؛ قال
الأَزهري: هو الذي يُسَوَّى منه الإِبريسم.
والقازُوزَةُ: مَشْرَبَةٌ وهي قَدَح دون القَرْقارَة، أَعجمية معرّبة؛
الفراء: القوازِيزُ الجماجم الصغار التي هي من قوارير؛ وقال أَبو حنيفة:
هذا الحرف فارسي والحرف العجمي يعرّب على وجوه؛ وقال الليث: القاقُزَّةُ
مَشْرَبَة دون القَرْقارَةِ معرّبة، قال: وليس في كلام العرب، مما يفصل،
أَلف بين حرفين مثلين مما يرجع إِلى بناءِ قَفَزَ ونحوه، وأَما بابِلُ فهو
اسم بلدة، وهو اسم خاص لا يجري مجرى اسم العوام، قال: وقد قال بعض العرب
قازُوزَة للقاقُزَّة، قال الجوهري: ولا تقل قاقُزَّة، وقال أَبو عبيد في
كتاب ما خالفت العامةُ فيه لغاتِ العرب: هي قاقُوزَة وقازُوزَة للتي
تسمى قاقُزَّة. وفي حديث ابن سلام قال: قال موسى لجبريل، عليهما وعلى نبينا
الصلاة والسلام: هل ينام ربك؟ فقال الله تعالى: قل له فليأْخذ
قازوزَتَيْنِ أَو قارُورَتَيْنِ وليَقُمْ على الجبل من أَوّل الليل حتى يصبح؛ قال
الخطابي: هكذا روي مشكوكاً فيه، والقازُوزَة: مَشْرَبة كالقارُورَة.
نجش: نَجَشَ الحديثَ يَنْجُشُه نَجْشاً: أَذاعَه. ونَجَشَ الصيدَ وكلَّ
شيء مستور يَنْجُشُه نَجْشاً: استثاره واستخرجه. والنَّجاشِيّ: المستخرجُ
للشيء؛ عن أَبي عبيد، وقال الأَخفش: هو النَّجاشِيُّ والناجِشُ الذي
يُثِير الصيدَ ليمُرّ على الصيّاد. والناجِشُ: الذي يَحُوش الصيد. وفي حديث
ابن المسيّب: لا تطلُع الشمسُ حتى يَنْجُشَها ثلثمائة وستون ملَكاً أَي
يَسْتَثِيرها. التهذيب: النَّجاشِيُّ هو الناجِشُ الذي يَنْجُش نَجْشاً
فيستخرجه. شمر: أَصلُ النَّجْشِ البحثُ وهو استخراج الشيء. والنَّجْشُ:
اسْتِثارةُ الشيء؛ قال رؤبة:
والخُسْرُ قولُ الكَذِب المَنْجُوشِ
ابن الأَعرابي: مَنْجُوشٌ مُفْتَعَلٌ مَكْذوب. ونَجشوا عليه الصيد كما
تقول حاشوا. ورجل نَجُوش ونجَّاش ومِنْجَشٌ ومِنْجاشٌ، مُثِيرٌ للصيد.
والمِنْجَشُ والمِنْجاشُ: الوَقَّاعُ في الناس. والنَّجْشُ والتَّناجُشُ:
الزيادةُ في السِّلْعة أَو المَهْرِ لِيُسْمَع بذلك فيُزاد فيه، وقد كُرِه،
نَجَشَ يَنْجُشُ نَجْشاً. وفي الحديث: نَهى رسولُ اللَّه، صلى اللّه
عليه وسلم، عن النَّجْش في البيع وقال: لا تَناجَشُوا، هو تَفاعُل من
النَّجْش؛ قال أَبو عبيد: هو أَن يَزيدَ الرجلُ ثمنَ السِّلعة وهو لا يريد
شراءها، ولكن ليسمعه غيرُه فيَزيد بزيادته، وهو الذي يُرْوَى فيه عن أَبي
الأَوفى: الناجِشُ آكلُ رِباً خائنٌ. أَبو سعيد: في التَّناجُش شيءٌ آخرُ
مباح وهي المرأَة التي تزوَّجت وطُلِّقت مرة بعد أُخرى، أَو السِّلعةُ التي
اشْتُرِيت مرة بعد مرة ثم بيعت. ابن شميل: النَجْشُ أَن تمدح سِلعةَ
غيرِك ليبيعها أَو تَذُمَّها لئلا تَنْفُق عنه؛ رواه ابن أَبي الخطاب.
الجوهري: النَّجْشُ أَن تُزايدَ في البيع ليقع غيرُك وليس من حاجتك، والأَصل
فيه تَنْفيرُ الوحش من مكان إِلى مكان. والنَّجْشُ: السَّوق الشديد. ورجل
نَجَّاشٌ: سوّاق؛ قال:
فما لها، اللَّيلةَ، من إِنْفاشِ
غيرَ السُّرَى وسائقٍ نَّجَّاشِ
ويروى: والسائق النجاش. قال أَبو عمرو: النجَّاشُ الذي يسوق الرِّكابَ
والدواب في السُّوق يستخرج ما عندها من السير.
والنَّجَاشةُ: سرعةُ المشي، نَجَشَ يَنْجُشُ نَجْشاً. قال أَبو عبيد: لا
أَعرف النِّجاشةَ في المشي. ومَرَّ فلان ينْجُش نَجْشاً أَي يُسْرع. وفي
حديث أَبي هريرة قال: إِن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لَقِيَه في بعض
طرق المدينة وهو جُنُبٌ قال فانْتَجَشْتُ منه؛ قال ابن الأَثير: قد
اختُلف في ضبطها فرُوي بالجيم والشين المعجمة من النَّجْش الإِسراعٍ، ورُوِي
فانْخَنَسْت واخْتَنَسْت، بالخاء المعجمة والسين المهملة، من الخُنُوسِ
التأَخُّرَ والاختفاء. يقال: خَنَس وانخَنَس واخْتَنَس. ونَجَشَ الإِبلَ
يَنْجُشُها نجْشاً: جَمَعها بعد تَفْرقة.
والمِنْجاش: الخيطُ الذي يجمع بين الأَدِيمَين ليس بخَرْز جيد.
والنَّجاشيّ والنِّجاشِيّ: كلمةٌ للحبَش تُسَمي بها ملوكها: قال ابن
قتيبة: هو بالنَّبَطِيَّة أَصْحَمَة أَي عَطِيَّة. الجوهري: النَّجَاشيّ،
بالفتح، اسم ملك الحبشة وورد ذكره في الحديث في غير موضع؛ قال ابن الأَثير:
والياء مشددة، قال: وقيل الصواب تخفيفها.
نقد: النقْدُ: خلافُ النَّسيئة. والنقْدُ والتَّنْقادُ: تمييزُ الدراهِم
وإِخراجُ الزَّيْفِ منها؛ أَنشد سيبويه:
تَنْفِي يَداها الحَصَى، في كلِّ هاجِرةٍ،
نَفْيَ الدَّنانِيرِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
ورواية سيبويه: نَفْيَ الدراهِيمِ، وهو جمع دِرْهم على غير قياس أَو
دِرْهام على القياس فيمن قاله.
وقد نَقَدَها يَنْقُدُها نَقْداً وانتَقَدَها وتَنَقَّدَها ونَقَدَه
إِياها نَقْداً: أَعطاه فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. الليث: النقْدُ تمييز
الدراهِم وإِعطاؤكَها إِنساناً، وأَخْذُها الانتقادُ، والنقْدُ مصدر
نَقَدْتُه دراهِمَه. ونَقَدْتُه الدراهِمَ ونقَدْتُ له الدراهم أَي أَعطيته
فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. ونقَدْتُ الدراهم وانتَقَدْتُها إِذا أَخْرَجْتَ
منها الزَّيْفَ. وفي حديث جابِرٍ وجَمَلِه، قال: فَنَقَدَني ثمنَه أَي
أَعطانيه نَقْداً مُعَجَّلاً. والدِّرْهَمُ نَقْدٌ أَي وازِنٌ جَيِّدٌ.
وناقدْتُ فلاناً إِذا ناقشته في الأَمر. قال سيبويه: وقالوا هذه مائة نَقْدٌ،
الناسُ على إِرادة حذف اللام والصفة في ذلك أَكثرُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
لَتُنْتَجَنَّ وَلَداً أَو نَقْدا
فسره فقال: لَتُنْتَجَنَّ ناقةً فتقتنى أَو ذكَراً فيباع لأَنهم قلما
يمسكون الذكور. ونَقَدَ الشيءَ يَنْقُدُه نَقْداً إِذا نَقَرَه بإِصبعه كما
تُنْقَر الجوزة.
والمِنْقَدَةُ: حُرَيْرَةٌ يُنْقَدُ عليها الجَوْزُ. والنقْدةُ: ضربةُ
الصبيِّ جَوْزةً بإِصبعه إِذا ضرب. ونقَدَ أَرنبَتَه بإِصبعه إِذا ضربها؛
قال خلف:
وأَرْنَبَةٌ لك مُحْمَرَّة،
يَكادُ يُقَطِّرُها نَقْدَة
أَي يشقُّها عن دَمها.
ونَقَدَ الطائرُ الفَخَّ يَنْقُدُه بِمِنْقاره أَي يَنْقُرُه،
والمِنْقادُ مِنْقارُه. وفي حديث أَبي ذر: كان في سَفَر فقرَّبَ أَصحابُه
السُّفْرةَ ودعَوْه إِليها، فقال: إِني صائم، فلما فَرَغُوا جعل يَنْقُدُ شيئاً
من طعامهم أَي يأْكل شيئاً يسيراً؛ وهو من نقَدْتُ الشيءَ بإِصْبَعِي
أَنقُدُه واحداً واحداً نَقْدَ الدراهِمِ. ونَقَدَ الطائرُ الحَبَّ ينقُده
إِذا كان يلْقُطُه واحداً واحداً، وهو مثل النَّقْر، ويروى بالراء؛ ومنه
حديث أَبي هريرة: وقد أَصْبَحْتُم تَهْذِرون الدنيا
(* قوله «تهذرون
الدنيا» قال ابن الاثير: وروي تهذرون يعني بضم الذال، قال: وهو أَشبه بالصواب
يعني تتوسعون في الدنيا). ونقَدَ بِإِصْبَعِه أَي نقَرَ، ونقَد الرجلُ
الشيءَ بنظره يَنْقُدُه نقْداً ونقَدَ إِليه: اختلَسَ النظر نحوه. وما زال
فلان يَنْقُدُ بصَرَه إِلى الشيء إِذا لم يزل ينظر إِليه. والإِنسانُ
يَنْقُدُ الشيءَ بعينه، وهو مخالَسةُ النظر لئلا يُفْطَنَ له. وفي حديث أَبي
الدرداء أَنه قال: إِنْ نقَدْتَ الناسَ نَقَدُوكَ وإِن تَرَكْتَهُمْ
تركوك؛ معنى نقدتهم أَي عِبْتهم واغتَبْتَهم قابلوك بمثله، وهو من قولهم
نقَدْتُ رأْسه بإِصبعي أَي ضربته ونقَدْتُ الجَوْزَةَ أَنقُدها إِذا ضربتها،
ويروى بالفاء والذال المعجمة، وهو مذكور في موضعه. ونقَدَتْه الحيَّةُ:
لدغَتْه.
والنَّقَدُ: تَقَشُّرٌ في الحافِرِ وتَأَكُّلٌ في الأَسنان، تقول منه:
نَقِدَ الحافر، بالكسر، ونَقِدَتْ أَسنانُه ونَقِدَ الضِّرْسُ والقَرْنُ
نَقَداً، فهو نَقِدٌ: ائتُكِلَ وتَكَسَّر. الأَزهري: والنقَدُ أَكل
الضِّرْس، ويكون في القَرْن أَيضاً؛ قال الهذلي:
عاضَها اللَّهُ غُلاماً، بَعْدَما
شابتِ الأَصْداغُ والضِّرْسُ نَقَد
ويروى بالكسر أَيضاً؛ وقال صخر الغيّ:
تَيْسُ تُيُوسٍ إِذا يُناطِحُها،
يَأْلَمُ قَرْناً أَرُومُه نَقَدُ
أَي أَصْلُه مُؤْتَكَلٌ، وقَرْناً منصوب على التمييز، ويروى قَرْنٌ أَي
يأْلَم قَرْنٌ منه.
ونَقِدَ الجِذْعُ نَقَداً: أَرِضَ. وانْتَقَدَتْه الأَرَضَةُ: أَكلتْه
فتَرَكَتْه أَجْوَفَ.
والنَّقَدةُ: الصغيرة من الغَنَم، الذكَرُ والأُنثى في ذلك سواء، والجمع
نَقَدٌ ونِقادٌ ونِقادةٌ؛ قال علقمة:
والمالُ صُوفُ قَرارٍ يَلْعَبُونَ به،
على نِقادَتهِ وافٍ ومَجْلُومُ
والنَّقَدُ: السُّفَّلُ من الناس، وقيل: النقَدُ، بالتحريك، جِنْس من
الغَنَم قِصار الأَرْجُل قِباح الوُجوه تكون بالبَحْرَيْنِ؛ يقال: هو
أَذَلُّ من النقَد؛ وأَنشد:
رُبَّ عَديمٍ أَعَزُّ مِنْ أَسَدِ،
ورُبَّ مُثْرٍ أَذَلُّ مِنْ نَقَدِ
وقيل: النقَد غنم صِغارٌ حِجازِيّة، والنقَّادُ: راعِيها. وفي حديث علي:
أَنّ مُكاتِباً لِبَني أَسَدٍ قال: جِئْتُ بِنَقَد أَجْلٍّ بُه إِلى
المدينة؛ النقَد: صغار الغنم، واحدتها نقَدة وجمعها نِقاد؛ ومنه حديث خزيمة:
وعاد النِّقادُ مُجْرَنْثِماً؛ وقول أَبي زبيد يصف الأَسد:
كأَنَّ أَثْوابَ نَقّادٍ قُدِرْنَ لَه،
يَعْلُو بِخَمْلَتِها كَهْباءَ هُدّابَا
فسره ثعلب فقال: النقّادُ صاحِبُ مُسُوكِ النقَد كأَنه جعل عليه خَمْلَه
أَي أَنه وَرْدٌ ونصَب كَهْباء بِيَعْلُو؛ وقال الأَصمعي: أَجْوَدُ
الصُّوفِ صوفُ النقَد.
والنِّقْدُ: البَطِيءُ الشّبابِ القَلِيلُ الجْسمِ، وربما قيل للقَمِيءِ
من الصبيان الذي لا يكاد يَشِبُّ نَقَدٌ.
وأَنْقَدَ الشجرُ: أَوْرَقَ.
والأَنْقَدُ والأَنْقَذُ. بالدال والذال: القُنْفُذُ والسُّلَحْفاءُ؛
قال:
فباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً،
ويَحْدُرُ بِالقُفِّ اخْتِلافَ العُجاهِنِ
وهو معرفة كما قيل للأَسد أُسامة. ومن أَمثالهم: باتَ فُلان بِلَيْلَةِ
أَنقَدَ إِذا بات ساهِراً، ومع ذلك أَن القُنْفُذ يَسْرِي ليلَه أَجمع لا
ينامُ الليلَ كُلّه. ويقال: أَسْرى من أَنْقَدَ.
الليث: الإِنْقدانُ السُّلَحْفاةُ الذكَر.
والنُّقْدُ والتُّعَضُ: شجر، واحدته نُقدةٌ ونُعْضةٌ. والنُّقُدُ
والنَّقَدُ: ضربان من الشجر، واحدته نُقدةٌ، بالضم. قال اللحياني: وبعضهم يقول
نَقَدةٌ فيحرك. وقال أَبو حنيفة: النُّقْدةُ فيما ذكر أَبو عمرو من
الخوصة، ونَوْرُها يشبه البَهْرَمانَ، وهو العُصْفُر؛ وأَنشد للخضري في وصف
القطاة وفَرْخَيْها:
يَمُدّانِ أَشْداقاً إليها، كأَنما
تَفَرَّق عن نُوّارِ نُقْدٍ مُثَقَّبِ
اللحياني: نُقْدةٌ ونُقْدٌ، وهي شجرة، وبعضهم يقول نَقدةٌ ونَقَدٌ؛ قال
الأَزهري: وأَكثر ما سمعت من العرب نَقَدٌ، محرك القاف، وله نَور أَصفر
ينبت في القيعان. والنُّقْدُ: ثمر نبت يشبه البهرمان. والنِّقْدةُ:
الكَرَوْيا. ابن الأَعرابي: التِّقْدةُ الكُزْبَرةُ. والنِّقْدةُ، بالنون:
الكَرَوْيا. ونَقْدةُ: موضع
(* قوله «ونقدة موضع» وقوله ونقدة، بالضم، اسم
موضع ظاهره أنهما موضعان والذي في معجم ياقوت نقدة، بالفتح ثم السكون ودال
مهملة وقد تضم النون، عن الدريدي اسم موضع في ديار بني عامر وقرأت بخط
ابن نباتة السعدي نقدة بضم النون في قول لبيد) ؛ قال لبيد:
فَقَدْ نَرْتَعي سَبْتاً وأَهْلُكِ حِيرةً،
مَحَلَّ المُلوكِ نَقْدلاً فالمَغاسِلا
ونُقْدَةُ، بالضم: اسم موضع؛ ويقال: النُّقْدةُ بالتعريف.
ملل: المَلَلُ: المَلالُ وهو أَن تَمَلَّ شيئاً وتُعْرِض عنه؛ قال
الشاعر:
وأُقْسِمُ ما بي من جَفاءٍ ولا ملَل
ورجل مَلَّةٌ إِذا كان يَمَلُّ إِخوانَه سريعاً. مَلِلْت الشيء مَلَّة
ومَلَلاً ومَلالاً ومَلالة: بَرِمْت به، واسْتَمْلَلْته: كمَلِلْتُه؛ قال
ابن هَرْمة:
قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ،
ولا تَسْتَمِلاَّ أَن يطول به عَنْسِي
وهذا كما قالوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه؛ وقال
الشاعر:
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها،
ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها
وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.
وقالوا: لا أَمْلاهُ أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في
هذا ونحوِه من قولهم لا
(* هكذا بياض في الأصل) . . . لا أَفعل؛
وإِنشادهم:من مآشِرٍ حِداءِ
(* قوله «من مآشر حداء» قبله كما في مادة حدد:
يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء
أنشب من مآشر حداء).
لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.
الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ
ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلاَّلة وذو مَلَّة؛ قال:
إِنك والله لَذُو مَلَّة،
يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ
قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛
وبعده:
قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة
في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى
تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا،
فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن
الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى
الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا
وافق معناه نحو قولهم:
ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم،
وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال
فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله
حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في
الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم
فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن. وفي حديث
الاستسقاء: فأَلَّف اللّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في
رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل:
هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الامْتِلاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا
سَقْياً وريًّا. وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة
الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ
السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.
والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا
يقال أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاًّ، فهو
مَمْلول ومَلِيل: أَدخله
(* قوله «ادخله» يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم
الناسخ او اقتصاراً من المؤلف) . يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة
مَلاًّ وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل
مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره. ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال
للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل
والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ترى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى
إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل
وفي الحديث: قال أَبو هريرة لما افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس من يَهُود
مجتمعون على خُبزة يَمُلُّونها أَي يجعلونها في المَلَّة. وفي حديث كعب:
أَنه مرَّ به رِجْل من جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما أَي شَواهما
بالمَلَّة؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنار مَمْلولُ
أَي كأَنَّ ما ظهر منه للشمس مَشْويّ بالمَلَّة من شدّة حرّه. ويقال:
أَطعَمَنا خبز مَلَّةٍ وأَطعمَنا خبزة مَلِيلاً، ولا يقال أَطعَمنا مَلَّة؛
قال الشاعر:
لا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلاّ أَنْ أَقولَ له:
أَباتَكَ الله في أَبيات عَمَّارِ
أَباتَك الله في أَبيات مُعْتَنِزٍ
عن المَكارِم، لا عَفٍّ ولا قارِي
صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ في كل مَكْرُمة،
كأَنَّما ضَيْفُهُ في مَلَّة النارِ
وقال أَبو عبيد: المَلَّة الحُفْرة نفسها. وفي الحديث: قال له رجل إِنَّ
لي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فقال له:
إِنما تُسِفُّهم المَلَّ؛ المَلُّ والمَلَّة: الرّماد الحارّ الذي
يُحْمى ليُدْفَن فيه الخبز ليَنْضَج، أَراد إِنما تجعل المَلَّة لهم سَفُوفاً
يَسْتَفُّونه، يعني أَن عَطاءَك إِياهم حرام عليهم ونارٌ في بطونهم.
ويقال: به مَلِيلة ومُلالٌ، وذلك حَرارة يجدها، وأَصله من المَلَّة، ومنه
قيل: فلان يتململ على فِراشه ويتَمَلَّلُ إِذا لم يستقرّ من الوجع كأَنه على
مَلَّة.
ويقال: رجل مَلِيل للذي أَحرقته الشمس؛ وقول المرار:
على صَرْماءَ فيها أَصْرَماها،
وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ
قوله: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشمس فلَفَحَتْه
فكأَنه مَمْلول في المَلَّة.
الجوهري: والمَلِيلة حَرارة يجدها الرجل وهي حُمَّى في العظم. وفي
المثَل: ذهبت البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة من أَبَلَّ من
مَرَضه أَي صح. وفي الحديث: لا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بالعبد؛
المَلِيلة: حرارة الحُمَّى وتوهُّجُها، وقيل: هي الحُمَّى التي تكون في العظام.
والمَلِيلُ: المِحْضَأْ.
ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ والرمح في النار: عالجها به
(* قوله «عالجها
به» هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها) عن أَبي حنيفة: والمَلِيلةُ
والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. ورجل مَمْلول ومَلِيل: به مَلِيلة. والمَلَّةُ
والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وقال اللحياني: مُلِلْتُ مَلاًّ والاسم المَلِيلةُ
كَحُمِمْت حُمَّى والاسم الحُمَّى. والمُلال: وجع الظَّهْر؛ أَنشد ثعلب:
دَاوِ بها ظَهْرَك من مُلالِه،
من خُزُرات فيه وانْخِزالِه،
كما يُداوى العَرُّ من إِكالِه
والمُلال: التقلُّب من المرض أَو الغم؛ قال:
وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه،
يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ
والفعل من ذلك مَلَّ. وتَمَلَّل الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله
تَمَلَّل فَفُكَّ بالتضعيف. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّل اللحمُ على
النار: اضطرب. شَمِر: إِذا نَبا بالرجل مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَب
قيل: قد تَمَلْمَلَ، وهو تقلُّبه على فِراشه، قال: وتَمَلْمُله وهو جالس
أَن يَتوكأَ مرة على هذا الشِّق، ومرة على ذاك، ومرة يَجْثُو على ركبتيه.
وأَتاه خَبَر فَمَلْمَله، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَل من الحرِّ: تصعَد رأْس
الشجرة مرة وتَبْطُن فيها مرة وتظهر فيها أُخرى.
أَبو زيد: أَمَلَّ فلان على فلان إِذا شقَّ عليه وأَكثر في الطلَب.
يقال: أَمْلَلْت عليَّ؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ
وقال شمر في قوله أَمَلَّ عليها بالبِلى: أَلقى عليها، وقال غيره:
أَلَحَّ عليه حتى أَثَّر فيها. وبعير مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حتى أَدْبَر
ظَهره؛ قال العجاج فأَظهر التضعيف لحاجته إِليه يصِف ناقة.
حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ،
لا تَحْفِل السَّوْطَ ولا قولي حَلِ
تشكُو الوَجى من أَظْلَلٍ وأَظلَلِ،
من طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ
أَراد تشكُو الناقة وجَى أَظَلَّيْها، وهما باطِنا مَنْسِمَيها، وتشكو
ظهرَها الذي أَمَلَّه الركوب أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وطريق
مَلِيل ومُمَلٌّ: قد سلك فيه حتى صار مُعْلَماً؛ وقال أَبو دُواد:
رَفَعْناها ذَمِيلاً في
مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وطريق مُمَلّ أَي لَحْب مسلوك. وأَمَلَّ الشيءَ: قاله فكُتِب. وأَمْلاه:
كأَمَلَّه، على تحويل التضعيف. وفي التنزيل: فليُمْلِلْ وَلِيُّه
بالعدْل؛ وهذا من أَمَلَّ، وفي التنزيل أَيضاً: فهي تُمْلى عليه بُكْرةً
وأَصِيلاً؛ وهذا من أَمْلى. وحكى أَبو زيد: أَنا أُمْلِلُ عليه الكتاب، بإِظهار
التضعيف. وقال الفراء: أَمْلَلْت لغة أَهل الحجاز وبني أَسد، وأَمْلَيْت
لغة بني تميم وقيس. يقال: أَمَلَّ عليه شيئاً يكتبه وأَمْلى عليه، ونزل
القرآن العزيز باللغتين مَعاً. ويقال: أَمللت عليه الكتاب وأَمليته. وفي
حديث زيد: أَنه أَمَلَّ عليه لا يَستوي القاعدون من المؤمنين. يقال:
أَمْلَلْت الكتاب وأَمليته إِذا أَلقيته على الكاتب ليكتبه.
ومَلَّ الثوبَ مَلاًّ: درَزَه؛ عن كراع. التهذيب: مل ثوبَه يَمُلُّه
إِذا خاطه الخياطة الأُولى قبل الكَفِّ؛ يقال منه: مَلَلت الثوبَ
بالفتح.والمِلَّة: الشريعة والدين. وفي الحديث: لا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتين؛
المِلَّة: الدين كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية واليهودية، وقيل: هي مُعْظم
الدين، وجملة ما يجيء به الرسل. وتملَّل وامتلَّ: دخل في المِلَّة. وفي
التنزيل العزيز: حتى تَتَّبِع مِلَّتهم؛ قال أَبو إِسحق: المِلة في اللغة
سُنَّتُهم وطريقهم ومن هذا أُخذ المَلَّة أَي الموضع الذي يختبزُ فيه
لأَنه يؤثَّر في مكانها كما يؤثَّر في الطريق، قال: وكلام العرب إِذا اتفَق
لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه من بعض. قال أَبو منصور: ومما يؤيد قولَه
قولُهم مُمَلٌّ أَي مسلوك معلوم؛ وقال الليث في قول الراجز:
كأَنه في ملَّة مَمْلول
قال: المملول من المِلَّة، أَراد كأَنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل
المشركين. أَبو الهيثم: المِلَّة الدية، والمِلَل الديات؛ وأَنشد:
غَنائم الفِتْيان في يوم الوَهَل،
ومن عَطايا الرؤساء في المِلَل
(* قوله «غنائم الفتيان إلخ» في هامش النهاية ما نصه: قال وأنشدني أبو
المكارم:
غنائم الفتيان أيام الوهل * ومن عطايا الرؤساء والملل
يريد إبلاً بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات).
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: ليس على عَرَبيٍّ مِلْك ولَسْنا
بنازِعِين من يدِ رجل شيئاً أَسلَم عليه، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم
(* قوله
«ولكنا نقوّمهم إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ولكنا نقوّمهم الملة
على آبائهم خمساً من الابل: الملة الدية وجمعها ملل؛ قال الازهري الى آخر
ما هنا وقال الصاغاني بعد ان ذكر الحديث كما في النهاية: قال الازهري
أراد إنما نقومهم كما نقوّم الى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا
الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر) كما نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ
الجِراحَ، وجعل لكلِّ رأْسٍ منهم خمساً من الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو
يضمنونها للذين مَلَكوهم. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري كان أَهل الجاهلية
يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْن لهم فكانوا يُنْسَبُون إِلى آبائهم وهم
عَرَب، فرأَى عمر، رضي الله عنه، أَن يردّهم على آبائهم فَيَعْتِقون ويأْخُذ
من آبائهم لِمَواليهم عن كلِّ وَلَدٍ خمساً من الإِبل، وقيل: أَراد مَن
سُبِيَ من العرب في الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وهو عبد مَن سَباه أَن
يردّه حرّاً إِلى نسبه، ويكون عليه قيمته لِمَن سَباه خمساً من الإِبل. وفي
حديث عثمان: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فتزوّجت
فولَدت فجعل في وَلَدِها المِلَّة أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم من مَوالي
أُمِّهم، وكان عثمان يعطي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يعطي مكان كل
رأْس رأْساً، وآخرون يُعْطُون قيمته بالغةً ما بلغت. ابن الأَعرابي: مَلَّ
يَمِلُّ، بالكسر كسرِ الميم، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما فِيَّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى
(* قوله «وأنشد جاءت به إلخ» هكذا في الأصل).
قوله: ما مُلاَّ ما جُحِد، وقوله: ما فيَّ آل، ما صلة، والآلُ: شخصه،
وخَمَّ: تغيرت ريحُه، وقوله: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وقال
الأَصمعي: مَرَّ فلان يَمْتَلّ امْتِلالاً إِذا مَرَّ مَرًّا سريعاً.
المحكم: مَلَّ يَمُلُّ مَلاًّ وامْتَلَّ وتَمَلَّل أَسرع. وقال مصعب:
امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بمعنى واحد. وحمار مُلامِلٌ: سريع، وهي
المَلْمَلة. ويقال: ناقة مَلْمَلى على فَعْلَلى إِذا كانت سريعة؛
وأَنشد:يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلِينا،
أَلم تكوني مَلْمَلى دَفونا؟
(* قوله «دفونا» هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف).
والمُلمُول: المِكْحال. الجوهري: المُلمول الذي يكتحَل به؛ وقال أَبو
حاتم: هو المُلُمول الذي يُكْحَل وتُسْبَرُ به الجراح، ولا يقال المِيل،
إِنما المِيلُ القِطعة من الأَرض. ومُلمول البعير والثعلب: قضيبه، وحكى
سيبويه مالُّ، وجمعه مُلاَّن، ولم يفسِّره.
وفي حديث أَبي عبيد: أَنه حَمَل يوم الجِسْر فضرب مَلْمَلة الفِيل يعني
خُرْطومَه.
ومَلَل: موضع في طريق مكة بين الحرَمين، وقيل: هو موضع في طريق
البادِية. وفي حديث عائشة: أَصبح النبي، صلى الله عليه وسلم، بمَلَل ثم راحَ
وتعشَّى بسَرفٍ؛ مَلَلٌ، بوزن جَبل: موضع بين مكة والمدينة على سبعة عشر
ميلاً بالمدينة
(* قوله «سبعة عشر ميلاً بالمدينة» الذي في ياقوت: ثمانية
وعشرين ميلاً من المدينة) ومُلال: موضع؛ قال الشاعر:
رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً،
بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ
مطر: المَطَرُ: الماء المنكسب من السَّحابِ. والمَطرُ: ماءُ السحابِ،
والجمع أَمْطارٌ. وَمَطَرٌ: اسم رجل، سمي به من حيث سمي غَيْثاً؛ قال:
لامَتْكَ بِنْتُ مطَرٍ،
ما أَنت وابْنَةَ مَطرْ
والمَطَرُ: فِعْل المَطَرِ، وأَكثر ما يجيء في الشعر وهو فيه أَحسن،
والمَطْرَةُ: الواحِدَة.
ومَطَرَتْهُم السماء تَمْطُرُهُمْ مَطْراً وأَمْطَرَتْهم: أَصابَتْهُم
بالمطَرِ، وهو أَقبحهما؛ ومطَرتِ السماءُ وأَمْطَرها اللهُ وقد مُطِرْنا.
وناس يقولون: مَطَرتِ السماء وأَمْطرتْ بمعنى. وأَمْطرهم اللهُ مَطَراً أَو
عذاباً. ابن سيده: أَمطَرهم الله في العذاب خاصَّة كقوله تعالى: وأَمْطَرْنا
عليهم مطَراً فساء مطَرُ المُنْذَرِين، وقوله عز وجل: وأَمْطَرْنا عليهم
حِجارَة من سِجِّيل؛ جعل الحجارة كالمَطر لنزولها من السماء. ويَوْمٌ
مُمْطِرٌ وماطِرٌ ومطِرٌ: ذُو مطَر؛ الأَخيرة على النسب. ويوم مَطِيرٌ:
ماطِر. ومكان مَمْطُورٌ ومطِير: أَصابه مطَر. ووادٍ مَطِير: مَمْطورٌ. ووادٍ
مطِرٌ، بغير ياءٍ، إِذا كان مَمْطُوراً؛ ومنه قوله:
فَوادٍ خَطاءٌ ووادٍ مطِرْ
وأَرض مَطِير ومطِيرَة كذلك؛ وقوله:
يُصَعِّد في الأَحْناءِ ذُو عَجْرَفيَّةٍ،
أَحَمُّ حَبَرْكَى مُزْحِفٌ مُتماطِرُ
قال أَبو حنيفة: المتماطر الذي يَمْطُر ساعةً ويَكُفُّ أُخْرى. ابن
شميل: من دعاء صبيان العرب إِذا رأَوا حالاً للمطَر: مُطَّيْرَى.
والمِمْطَرُ والمِمْطَرَةُ: ثوب من صوف يلبس في المطر يُتَوَقَّى به من
المطر؛ عن اللحياني. واسْتَمْطَرَ الرجلُ ثَوبَهُ: لبِسَه في المَطَر.
واسْتَمْطَرَ الرجلُ أَي استكَنّ من المطَر. قالوا: وإِنما سمي المِمْطَر
لأَنه يَسْتَظِلُّ به الرجل؛ وأَنشد:
أَكُلَّ يومٍ خَلَقِي كالمِمْطَر،
اليَوْمَ أَضْحَى وغَداً أظَلَّل
(* في قوله: كالممطرِ، وقوفٌ على حرف غير ساكن، وهذا من عيوب الشعر.)
واسْتَمْطَر للسياطِ: صبَرَ عليها. والاسْتِمطار: الاسْتِسْقاءُ؛ ومنه
قول الفرزدق:
اسْتَمْطِرُوا مِنْ قُرَيْشٍ كُلَّ مُنْخَدِعِ
أَي سلوه أَن يعطي كالمطر مثلاً. ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: محتاج إِلى المطر
وإِن لم يُمْطَر؛ قال خفاف بن ندبة:
لم يَكْسُ مِنْ ورَقٍ مُسْتَمْطِرٌ عُودَا
ويقال: نزل فلان بالمسْتَمْطَر أَي في برازٍ من الأَرض مُنْكَشف؛ قال
الشاعر:
ويَحِلُّ أَحْياءٌ وراءَ بُيوتِنا،
حذَر الصَّباح، ونَحْنُ بالمُسْتَمْطَرِ
ويقال: أَراد بالمُسْتَمْطَرِ مَهْوى العادات ومُخْترَقَها. ويقال: لا
تَسْتَمْطِر الخيل أَي لا تَعْرِضْ لها. الفراء: إِنّ تلك الفعلة من فلان
مَطِرة أَي عادة، بكسر الطاء. وقال ابن الأَعرابي: ما زال على مَطْرَةٍ
واحدةٍ ومطِرَةٍ واحدة ومطَرٍ واحد إِذا كان على رأْيٍ واحد لا يفارقه.
وتلك منه مُطْرَة أَي عادة ورجل مُسْتَمْطِرٌ: طالب للخير، وقال الليث:
طالب خير من إِنسان. ومطَرَني بخير: أَصابني. وما أَنا من حاجتي عندك
بِمُسْتَمْطِرٍ أَي لا أَطمَع منك فيها؛ عن ابن الأَعرابي. ورجل مُسْتَمْطَرٌ
إِذا كان مُخَيِّلاً للخير؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وصاحبٍ، قُلْتُ له، صالحٍ:
إِنكَ لِلخَير لَمُسْتَمْطَرُ
فسره فقال: معناه إِنك صالٍ
(* قوله: صالٍ، هكذا في الأصل، وربما كانت
من صلي بالأمر إذا قاسى شدته به.) قال أَبو الحسن: وتلخيص ذلك إِنك للخير
مستمطَر أَي مَطْمَعٌ. ومَزَرَ قِرْبَتَه ومَطَرَها إِذا مَلأَها. وحكي
عن مبتكر الكلابي: كلمت فلاناً فأَمْطَرَ واسْتَمْطَر إِذا أَطرق. وقال
غيره: أَمْطَر الرجلُ عَرِقَ جَبِينُه، واسْتَمْطَرَ سكت. يقال: ما لك
مُسْتَمْطِراً أَي ساكتاً. ابن الأَعرابي: المَطَرَةُ القِرْبة، مسموع من
العرب.
ومَطَرَتِ الطيرُ وتَمَطَّرَتْ: أَسْرَعَتْ في هُوِيِّها. وتَمَطَّرَتِ
الخيلُ: ذهبت مسرعة. وجاءت مُتَمَطِّرة أَي جاءت مسرعة يسبق بعضها بعضاً؛
قال:
من المُتَمَطِّرَاتِ بِجانِبَيْها،
إِذا ما بَلَّ مَحْزِمَها الحَمِبمُ
قال ثعلب: أَراد أَنها
(*كذا بياض بالأصل)... من نشاطها إِذا عَرِقَتِ
الخيل؛ وقال رؤبة:
والطَّيْرُ تَهْوِي في السماءِ مُطَّرا
وفي شعر حسان:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ،
يُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُرِ النساءُ
يقال: تَمَطَّرَ به فَرَسُه إِذا جرى وأَسرعَ. والمُتَمَطِّرُ: فرس لبني
سَدُوسٍ، صفة غالبة. ومَطَرَ في الأَرض مُطُوراً: ذهب، وتَمَطَّرَ بهذا
المعنى؛ قال الشاعر:
كأَنَّهُنّ، وقد صدَرْنَ مِنْ عَرَقٍ،
سِيدٌ تَمَطَّرَ جُنْحَ الليلِ مَبْلُولُ
تَمَطَّرَ: أَسرع في عَدْوه، وقيل: تَمَطَّرَ بَرَزَ للمطر وبَردِه.
ومَرّ الفرسُ يَمْطُرُ مَطْراً ومُطوراً أَي أَسرع، والتَّمَطُّر مثله؛ قال
لبيد يرثي قيسَ بن جَزْءٍ في قتلى هَوازِنَ:
أَتَتْه المَنايا فَوْقَ جَرْداءَ شِطْبَةٍ،
تَدُفُّ دَفِيفَ الطائِرِ المُتَمَطِّر
وراكبه مُتَمَطِّر أَيضاً. وذهب ثوبي وبعيري فلا أَدري من مَطَر بهما
أَي أَخذهما. ومَطَرَةُ الحَوضِ: وسَطُه. والمُطْرُ: سُنْبُولُ الذُّرَةِ.
ورجل مَمْطورٌ إِذا كان كثيرَ السواكِ طَيّب النكْهة. وامرأَة مَطِرة:
كثيرةُ السواك عَطِرة طيبة الجِرْم، وإِن لم تُطَيَّب. والعرب تقول: خير
النساء الخَفِرَةُ العَطِرَةُ المَطِرة، وشرهن المَذِرَةُ الوَذِرَةُ
القَذِرةُ؛ تعني بالوذِرة الغليظة الشفتين أَو التي ريحها ريح الوَذَرِ وهو
اللحم؛ قال ابن الأَثير: والعَطِرة المَطِرة هي التي تنظف بالماء، أُخِذَ
من لفظ المطر كأَنها مُطِرت فهي مَطِرة أَي صارت مَمْطورة مغسوله.
ومُطارٌ ومَطارٌ، بضم الميم وفتحها: موضع؛ قال:
حَتى إِذا كان على مُطارِ،
يُسْراه واليُمْنى على الثَّرْثارِ،
قالت له رِيحُ الصَّبا: قَرْقارِ
قال عليّ بن حمزة: الرواية مُطار، بضم الميم، قال: وقد يجوز أَن يكون
مُطار مُفْعلاً ومَطار مَفْعلاً، وهو أَسبق. التهذيب: ومَطارِ موضعٌ بين
الدهناء والصَّمانِ. والماطِرُون: موضع آخر؛ ومنه قوله:
ولهَا بالماطِرُونَ، إِذا
أَكَلَ النملُ الذي جَمَعا
وأَبو مطَر: من كُناهم؛ قال:
إِذا الرِّكابُ عَرَفَتْ أَبا مَطَرْ،
مَشَتْ رُوَيْداً وأَسَفَّتْ في الشجرْ
يقول: إِن هذا حادٍ ضعِيفُ السَّوْقِ للإِبل، فإِذا أَحَسَّت به
تَرَفَّقَتْ في المشي وأَخَذَتْ في الرعي، وعدّى أَسَفَّت بفي لأَنه في معنى
دخلت؛ وقال:
أَتَطْلُبُ مَنْ أُسُودُ بِئْشَةَ دُونَه،
أَبو مَطَرٍ وعامِرٌ وأَبو سَعْدِ؟
خنزر: الخَنْزَرَةُ: الغِلَظُ. والخَنْزَرَةُ: الفأْس الغليظة.
وخَنْزَرَةُ والخَنْزَرُ: موضعان؛ أَنشد سيبويه:
أَنْعَتُ عَيراً من حَمِيرِ خَنْزَرَهْ،
في كُلِّ عَيْرٍ مائتان كَمَرَهْ
وأَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْيَاراً رَعَيْنَ الخَنَزَرا،
أَنْعَتُهُنَّ آيُراً وكَمَرَا
ودارَةُ خَنْزَرٍ: موضع هناك؛ عن كراع التهذيب: وخَنْزَرٌ اسم موضع؛ قال
الجعدي:
أَلَمَّ خَيَالٌ من أُمَيْمَةَ مَوْهِناً
طَرُوقاً، وأَصحابي بدارَةِ خَنْزَرِ
وقال الراعي في خنزر:
يعني لتبلغني خنزر
(* قوله: «يعني إلخ» كذا بالأصل).
وخنزير: موضع ذكره لبيد:
بالغُرابات فَزَرَّافاتِها،
فبخنْزِيرٍ، فأَطْرَافِ حُبَلْ
وقال بعضهم: خَنْزَرَ الرجلُ إِذا نظر بمؤخر عينه، جعله فَنْعَلَ من
الأَخْزَرِ، وكل مُومِسةٍ: أَخْزَر. أَبو عمرو: الخَنْزُوانُ الخِنْزِير،
ذكره في باب الهَيْلُمَان والنَّيْدُلان والكَيْذُبان والخَنْزُوان
(*
قوله: «الخنزوان» بفتح الخاء وضمها كما في القاموس). ابن سيده: خَنْزَرٌ اسم
رجل، وهو الحَلالُ ابن عم الراعي يتهاجيان، وزعموا أَن الراعي هو الذي
سماه خَنْزَراً. والخِنْزِيرُ من الوحش العادي: معروف من ذلك. وقال كراع:
هو من الخَزَرِ في العين لأَن ذلك لازم له، قال: فهو على هذا ثلاثي؛ وقد
تقدم ذكره في ترجمة خزر. وخَنْزَرَ: فَعَلَ فِعْلَ الخنزير. وخِنْزِيرٌ:
اسم موضع؛ قال الأَعشى يصف الغيث:
فالسَّفْحُ يَجْري فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُه،
حتى تَدَافَعَ منه السَّهْلُ والجَبَلُ
وخِنْزِير: اسم ابن أَسْلَم بن هُنَاءَةَ الأَسَديِّ؛ حكاه ابن سيده
وقال: فيما أُرَى. والخنازير: علة معروفة، وهي قروح صُلْبَة تحدث في
الرقبة.
كشش: كشَّت الأَفعى تَكِشّ كَشّاً وكَشِيشاً: وهو صوت جلدها إِذا حكَّت
بعضَها ببعض، وقيل: الكَشيشُ للأُنثى من الأَساوِد، وقيل: الكَشِيشُ
للأفعى، وقيل: الكَشِيشُ صوتٌ تخرجه الأَفعى من فيها؛ عن كراع، وقيل: كَشِيشُ
الأَفْعى صوتُها من جلدها لا من فَمِها فإِن ذلك فَحِيحُها، وقد كَشَّت
تَكِشّ، وكَشْكَشَت مثله. وفي الحديث: كانت حيّةٌ تَخْرج من الكَعْبة لا
يَدْنو منها أَحدٌ ِْلا كَشَّت وفتَحَت فاها. وتَكاشَّت الأَفاعي: كَشَّ
بعضُها في بعض. والحيّات كلها تكِشّ غير الأُسود، فإِنه يَنْبَحُ
ويَصْفِر ويَصيح؛ وأَنشد:
كأَنَّ صوتَ شَخْبِها المُرْفَضِّ
كَشِيشُ أَفْعى أَجْمَعَتْ بِعَضِّ،
فهي تَحُكُّ بعضَها بِبَعْضِ
أَبو نصر: سمعت فَحِيحَ الأَفعى وهو صوتها من فمها،وسمعت كَشِيشَها
وفَشِيشَها وهو صوت جلدها. وروى أَبو تراب في باب الكاف والفاء: الأَفعى
تَكِشُّ وتَفِشُّ، وهو صوتها من جلدها، وهو الكَشِيشُ والفَشَيشُ، والفَحِيحُ
صوتُها من فيها، وقيل لابنة الخُسّ: أَيُلْقِح الرَّبَاعْ؟ فقالت: نعم
برُحْب ذِراعُ، وهو أَبو الرَّبَاعْ، تكاشُّ من حِسِّه الأَفاعُ. وكَشَّ
الضبُّ والوَرَلُ والضفْدعُ يَكِشُّ كَشِيشاً: صوّتَ. وكَشَّ البَكْرُ
يَكِشُّ كَشّاً وكَشِيشاً: وهو دون الهَدْر؛ قال رؤبة:
هَدَرْتُ هَدْراً ليس بالكَشِيشِ
وقيل: هو صوت بين الكَتِيتِ والهَدِير. وقال أَبو عبيد: إِذا بلغ
الذكَرُ من الإِبل الهَدِير فَأَوَّلهُ الكَشِيشُ، وإِذا ارتفع قليلاً قيل:
كتَّ يكِتُّ كَتِيتاً، فإِذا أَفْصح بالهَدِير قيل: هَدَرَ هَدِيراًْ فإِذا
صفا صوتُه ورَجَّع قيل: قَرْقَر. وفي حديث عليّ، رضوان اللَّه عليه:
كأَني أَنْظُرُ إِليكم تكِشُّون كَشِيشَ الضِّبَاب؛ هو من هدير الإِبل؛
وبَعِير مِكْشاشٌ؛ قال العَنْبَريّ:
في العَنْبَرِيِّين ذَوِي الأَرْياشِ،
يَهْدِرُ هَدْراً ليس بالمِكْشاشِ
وقال بعضُ قيسٍ: البَكْرُ يَكِشُّ ويَفِشُّ وهو صوته قبل أَن يهْدِر،.
وكَشَّت البقرةُ: صاحَتْ. وكَشِيشُ الشرابِ: صوتُ غَلَيانِه. وكَشَّ
الزَّنْدُ يَكِشُّ كَشّاً وكَشِيشاً: سمعت له صوتاً خَوَّاراً عند خروج نارِه.
وكشت الجَرَّةُ: غَلَتْ؛ قال: يا حَشراتِ القاع من جُلاجِلِ،
قد نَشَّ ما كَشَّ من المَرَاجِلِ
يقول: قد حانَ إِدْراكُ نَبِيذي وأَن أَتَصَيَّدَكُنَّ فآكُلَكُنَّ على
ما أَشْرب منه. والكَشْكَشَةُ: كالكَشِيشِ.
والكَشْكَشَةُ: لغة لربِيعة، وفي الصحاح: لبني أَسد، يجعلون الشين مكان
الكاف، وذلك في المؤَنث خاصة، فيقولون عَلَيْشِ ومِنْشِ وبِشِ؛ وينشدون:
فَعَيناشِ عَيْناها، وجِيدُشِ جِيدُها،
ولكنَّ عظمَ الساقِ مِنْشِ رَقِيقُ
وأَنشد أَيضاً:
تَضْحَكُ مني أَن رأَتني أَحْتَرِشْ،
ولو حَرَشْتِ لكشَفْتُ عن حِرِش
ومنهم من يزيد الشين بعد الكاف فيقول: عَلَيكِشْ وإِليكِشْ وبِكِشْ
ومِنْكِشْ، وذلك في الوقف خاصة، وإِنما هذا لِتَبِين كسرةُ الكاف فيؤَكد
التأْنيث، وذلك لأَن الكسرة الدالة على التأْنيث فيها تَخْفى في الوقف
فاحتاطوا للبيان بأَن أَبْدلُوها شيناً، فإِذا وصَلوا حذفوا لِبَيان الحركة،
ومنهم من يُجْري الوصل مُجْرى الوقف فيبدل فيه أَيضاً؛ وأَنشدوا
للمجنون:فعيناش عيناها وجِيدُشِ جِيدُها
قال ابن سيده: قال ابن جني وقرأْت على أَبي بكر محمد بن الحسن عن أَبي
العباس أَحمد بن يحيى لبعضهم:
عَلَيَّ فيما أَبْتَغِي أَبْغِيشِ،
بَيْضاء تُرْضِيني ولا تَرِْضيشِ
وتَطَّبِي وُدَّ بني أَبِيشِ،
إِذا دَنَوْتِ جَعَلَت تَنْئًّيشِ
وإِن نَأَيْتِ جَعَلَتْ تُدْنيشِ،
وإِن تَكَلَّمْتِ حَثَتْ في فِيشِ،
حتى تَنِقِّي كنَقِيقِ الدِّيشِ
أَبْدَل من كاف المؤَنث شِيناً في كل ذلك وشبَّه كاف الدِّيكِ لكسرتِها
بكاف المؤنث، وربما زادوا على الكاف في الوقف شيناً حِرْصاً على البيان
أَيضاً، قالوا: مررت بِكِشْ وأَعْطَيْتُكِشْ، فإِذا وصلوا حذفوا الجميع،
وربما أَلحَقُوا الشينَ فيه أَيضاً. وفي حديث معاوية: تَيَاسَرُوا عن
كَشْكَشةِ تميمٍ أَي إِبدالِهم الشين من كاف الخطاب مع المؤنث فيقولون:
أَبُوشِ وأُمُّشِ، وزادُوا على الكاف شيناً في الوقف فقالوا: مررت بكِشْ، كما
تفعل تميم.
والكُشَّةُ: الناصيةُ أَو الخُصْلةُ من الشعر. وبَحْرٌ لا يُكَشْكِشُ
أَي لا يُنْزَحُ، والأَعْرَفُ لا يَنْكَشُّ.
والكُشُّ: ما يُلْقح به النخلُ؛ وفي التهذيب عن ابن الأَعرابي: الكُشُّ
الحِرْقُ الذي يُلْقَح به النخلُ.