[في الانكليزية] Minor premise
[ في الفرنسية] Premisse mineure
مؤنّث الأصغر وهو عند أهل العربية يطلق على قسم من الجملة وعلى قسم من الفاصلة.
وعند المنطقيين هي القضية التي فيها الأصغر وقد سبق أيضا في لفظ الحدّ.
قصر: القَصْرُ والقِصَرُ في كل شيء: خلافُ الطُّولِ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
عادتْ مَحُورَتُه إِلى قَصْرِ
قال: معناه إِلى قِصَر، وهما لغتان. وقَصُرَ الشيءُ، بالضم، يَقْصُرُ
قِصَراً: خلاف طال؛ وقَصَرْتُ من الصلاة أَقْصُر قَصْراً. والقَصِيرُ: خلاف
الطويل. وفي حديث سُبَيْعَةَ: نزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى؛
القُصْرَى تأْنيث الأَقْصَر، يريد سورة الطلاق، والطُّولى سورة البقرة
لأَن عِدَّة الوفاة في البقرة أَربعة أَشهر وعشر، وفي سورة الطلاق وَضْعُ
الحمل، وهو قوله عز وجل: وأُولاتِ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ
حَمْلَهِنّ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً جاءه فقال: عَلِّمْني عملاً
يُدْخِلُني الجنّة، فقال: لئن كنتَ أَقْصَرْتَ الخِطْبة لقد أَعْرَضْتَ
المسأَلةَ؛ أَي جئت بالخِطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة عريضة يعني قَلَّلْتَ
الخِطْبَةَ وأَعظمت المسأَلة. وفي حديث عَلْقَمة: كان إِذا خَطَبَ في نكاح
قَصَّرَ دون أَهله أَي خَطَبَ إِلى من هو دونه وأَمسك عمن هو فوقه، وقد قَصُرَ
قِصَراً وقَصارَة؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو قَصِير، والجمع قُصَراء
وقِصارٌ، والأُنثى قصِيرة، والجمع قِصارٌ. وقَصَّرْتُه تَقْصِيراً إِذا
صَيَّرْته قَصِيراً. وقالوا: لا وفائتِ نَفَسِي القَصِيرِ؛ يَعْنُون
النَّفَسَ لقِصَرِ وقته، الفائِتُ هنا هو الله عز وجل. والأَقاصِرُ: جمع أَقْصَر
مثل أَــصْغَر وأَصاغِر؛ وأَنشد الأَخفش:
إِليكِ ابنةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالةَ الـ
ـرِّجالِ، وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
ولا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ في كلِّ شَرْمَحٍ
طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
يقول لها: لا تعيبيني بالقِصَرِ فإِن أَصْلالَ الرجال ودُهاتَهم
أَقاصِرُهم، وإِنما قال أَقاصره على حدّ قولهم هو أَحسنُ الفتيان وأَجْمَله،
يريد: وأَجملهم، وكذا قوله فإِن الأَقصرين أَمازره يريد أَمازِرُهم، وواحدُ
أَمازِرَ أَمْزَرُ، مثل أَقاصِرَ وأَقْصَر في البيت المتقدم، والأَمْزَرُ
هو أَفعل، من قولك: مَزُرَ الرجلُ مَزارة، فهو مَزِيرٌ، وهو أَمْزَرُ
منه، وهو الصُّلْبُ الشديد والشَّرْمَحُ الطويل. وأَما قولهم في المثل: لا
يُطاعُ لقَصِيرٍ أَمرٌ، فهو قَصِيرُ بن سَعْد اللَّخْمِيّ صاحب جَذِيمَة
الأَبْرَشِ. وفرس قَصِيرٌ أَي مُقْرَبَةٌ لا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ
لنفاستها؛ قال مالك بن زُغْبة، وقال ابن بري: هو لزُغْبَةَ الباهليّ وكنيته
أَبو شقيق، يصف فرسه وأَنها تُصانُ لكرامتها وتُبْذَلُ إِذا نزلت
شِدَّةٌ:وذاتِ مَناسِبٍ جَرْداءَ بِكْرٍ،
كأَنَّ سَراتَها كَرٌّ مَشيِقُ
تُنِيفُ بصَلْهَبٍ للخيلِ عالٍ،
كأَنَّ عَمُودَه جِذْعٌ سَحُوقُ
تَراها عند قُبَّتِنا قَصِيراً،
ونَبْذُلُها إِذا باقتْ بَؤُوقُ
البَؤُوقُ: الداهيةُ. وباقَتْهم: أَهْلَكَتْهم ودهَتْهم. وقوله: وذاتُ
مَناسب يريد فرساً منسوبة من قِبَلِ الأَب والأُم. وسَراتُها:
أَعلاها.والكَرُّ، بفتح الكاف هنا: الحبل. والمَشِيقُ: المُداوَلُ. وتُنِيفُ:
تُشْرِفُ. والصَّلْهَبُ: العُنُق الطويل. والسَّحُوقُ من النخل: ما طال. ويقال
للمَحْبُوسة من الخيل: قَصِير؛ وقوله:
لو كنتُ حَبْلاً لَسَقَيْتُها بِيَهْ،
أَو قاصِراً وَصَلْتُه بثَوْبِيَهْ
قال ابن سيده: أُراه على النَّسَب لا على الفعل، وجاء قوله ها بيه وهو
منفصل مع قوله ثوبيه لأَن أَلفها حينئذ غير تأْسيس، وإِن كان الروي حرفاً
مضمراً مفرداً، إِلا أَنه لما اتصل بالياء قوي فأَمكن فصله.
وتَقَاصَرَ: أَظْهَرَ القِصَرَ. وقَصَّرَ الشيءَ: جعله قَصِيراً.
والقَصِيرُ من الشَّعَر: خلافُ الطويل. وقَصَرَ الشعرَ: كف منه وغَضَّ حتى
قَصُرَ. وفي التنزيل العزيز: مُحَلِّقِين رُؤُوسَكم ومُقَصِّرينَ؛ والاسم منه
القِصارُ؛ عن ثعلب. وقَصَّرَ من شعره تَقْصِيراً إِذا حذف منه شيئاً ولم
يستأْصله. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مر برجل قد قَصَّر الشَّعَر
في السوق فعاقَبه؛ قَصَّرَ الشعَرَ إِذا جَزَّه، وإِنما عاقبه لأَن الريح
تحمله فتلقيه في الأَطعمة.وقال الفراء: قلت لأَعرابي بمنى: آلْقِصارُ
أَحَبُّ إِليك أَم الحَلْقُف يريد: التقصيرُ أَحَبُّ إِليك أَم حلق الرأْس.
وإِنه لقَصِير العِلْم على المَثَل.
والقَصْرُ: خلاف المَدِّ، والفعلُ كالفعل والمصدر كالمصدر. والمَقْصُور:
من عروض المديد والرمل ما أُسْقِطَ آخِرُه وأُسْكِنَ نحو فاعلاتن حذفت
نونه وأُسكنت تاؤه فبقي فاعلات فنقل إِلى فاعلان، نحو قوله:
لا يَغُرَّنَّ امْرَأً عَيْشُه،
كلُّ عَيْشٍ صائرٌ للزَّوالْ
وقوله في الرمل:
أَبِلِغِ النُّعمانَ عَنِّي مَأْلُكاً:
انَّنِي قد طالَ حَبْسِي وانْتِظارْ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده الخليل بتسكين الراء ولو أَطلقه لجاز، ما لم
يمنع منه مخافةُ إِقواء؛ وقول ابن مقبل:
نازعتُ أَلبابَها لُبِّي بمُقْتَصِرٍ
من الأَحادِيثِ، حتى زِدْنَني لِينا
إِنما أَراد بقَصْر من الأَحاديث فزِدْنَني بذلك لِيناً. والقَصْرُ:
الغاية؛ قاله أَبو زيد وغيره؛ وأَنشد:
عِشْ ما بدا لك، قَصْرُكَ المَوْتُ،
لا مَعْقِلٌ منه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنى بَيْتٍ وبَهْجَتِه،
زال الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ
وفي الحديث: من شَهِدَ الجمعة فصَلى ولم يُؤذ أَحداً بقَصْرِه إِن لم
يُغْفَرْ له جُمْعَتَه تلك ذُنوبُه كلُّها أَن تكون كفارتُه في الجمعة التي
تليها أَي غايته. يقال: قَصْرُك أَن تفعل كذا أَي حسبك وكفايتك وغايتك،
وكذلك قُصارُك وقُصارَاك، وهو من معنى القَصْرِ الحَبْسِ لأَنك إِذا بلغت
الغاية حَبَسَتْك، والباء زائدة دخلت على المبتدإِ دُخُولَها في قولهم:
بحسبك قولُ السَّوْءِ، وجمعته منصوبة على الظرف. وفي حديث معاذ: فإِنَّ
له ما قَصَرَ في بيته أَي ما حَبَسَه. وفي حديث أَسماء الأَشْهَلِيَّة:
إِنا مَعْشَرَ النساء، محصوراتٌ مقصوراتٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِذا
هم رَكْبٌ قد قَصَر بهم الليلُ أَي حبسهم. وفي حديث ابن عباس: قُصِرَ
الرجالُ على أَربع من أَجل أَموال اليتامى أَي حُبِسُوا أَو منعوا عن نكاح
أَكثر من أَربع. ابن سيده: يقال قَصْرُك وقُصارُك وقَصارُك وقُصَيْراكَ
وقُصارَاكَ أَن تفعل كذا أَي جُهْدُك وغايتُك وآخرُ أَمرك وما اقْتَصَرْتَ
عليه؛ قال الشاعر:
لها تَفِراتٌ تَحْتَها، وقُصارُها
إِلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمَحاجِنِ
وقال الشاعر:
إِنما أَنْفُسُنا عارِيَّةٌ،
والعَوارِيُّ قُصارَى أَن تُرَدّ
ويقال: المُتَمَنِّي قُصاراه الخَيْبةُ. والقَصْرُ كَفُّك نَفْسَك عن
أَمر وكفُّكها عن أَن تطمح بها غَرْبَ الطَّمَع. ويقال: قَصَرْتُ نفسي عن
هذا أَقْصُرها قَصْراً. ابن السكيت: أَقْصَر عن الشيءِ إِذا نَزَع عنه وهو
يَقْدِر عليه، وقَصَر عنه إِذا عجز عنه ولم يستطعه، وربما جاءَا بمعنى
واحد إِلا أَن الأَغلب عليه الأَول؛ قال لبيد:
فلستُ، وإِن أَقْصَرْتُ عنه، بمُقْصِر
قال المازني: يقول لستُ وإِن لمتني حتى تُقْصِرَ بي بمُقْصِرٍ عما
أُريد؛ وقال امرؤ القيس:
فتُقْصِرُ عنها خَطْوَة وتَبوصُ
ويقال: قَصَرْتُ بمعنى قَصَّرْت؛ قال حُمَيْد:
فلئن بَلَغْتُ لأَبْلُغَنْ مُتَكَلِّفاً،
ولئن قَصَرْتُ لكارِهاً ما أَقْصُرُ
وأَقْصَر فلان عن الشيء يُقْصِرُ إِقصاراً إِذا كفَّ عنه وانتهى.
والإِقْصار: الكف عن الشيء. وأَقْصَرْتُ عن الشيء: كففتُ ونَزَعْتُ مع القدرة
عليه، فإِن عجزت عنه قلت: قَصَرْتُ، بلا أَلف. وقَصَرْتُ عن الشيء قصوراً:
عجزت عنه ولم أَبْلُغْهُ. ابن سيده: قَصَرَ عن الأَمر يَقْصُر قُصُوراً
وأَقْصَر وقَصَّرَ وتَقَاصَر، كله: انتهى؛ قال:
إِذا غَمَّ خِرْشاءُ الثُّمالَةِ أَنْفَه،
تَقاصَرَ منها للصَّرِيحَ فأَقْنَعا
وقيل: التَّقاصُر هنا من القِصَر أَي قَصُر عُنُقُه عنها؛ وقيل: قَصَرَ
عنه تركه وهو لا يقدر عليه، وأَقْصَرَ تركه وكف عنه وهو يقدر عليه.
والتَّقْصِيرُ في الأَمر: التواني فيه. والاقْتصارُ على الشيء: الاكتفاء
به. واسْتَقْصَره أَي عَدَّه مُقَصِّراً، وكذلك إِذا عَدَّه قَصِيراً.
وقَصَّرَ فلانٌ في حاجتي إِذا وَنى فيها؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يقولُ وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها:
أَتَفْعَلُ هذا يا حُيَيُّ على عَمْدِف
فقلتُ له: قد كنتَ فيها مُقَصِّراً،
وقد ذهبتْ في غير أَجْرٍ ولا حَمْدِ
قال: هذا لِصٌّ؛ يقول صاحب الإِبل لهذا اللِّص: تأْخذ إِبلي وقد عرفتها،
وقوله: فقلت له قد كنت فيها مقصِّراً، يقول كنت لا تَهَبُ ولا تَسْقي
منها قال اللحياني: ويقال للرجل إِذا أَرسلته في حاجة فَقَصَر دون الذي
أَمرته به إِما لحَرّ وإِما لغيره: ما منعك أَن تدخل المكان الذي أَمرتك به
إِلا أَنك أَحببت القَصْرَ والقَصَرَ والقُصْرَةَ أَي أَن تُقَصِّرَ.
وتَقاصَرتْ نَفْسُه: تضاءلت. وتَقَاصَر الظلُّ: دنا وقَلَصَ.
وقَصْرُ الظلام: اختلاطُه، وكذلك المَقْصَر، والجمع المَقاصر؛ عن أَبي
عبيد؛ وأَنشد لابن مقبل يصف ناقته:
فَبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، وبعدما
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
قال خالد بن جَنْيَة: المقاصِرُ أُصولُ الشجر، الواحد مَقْصُور، وهذا
البيت ذكره الأَزهري في ترجمة وقص شاهداً على وَقَصْتُ الشيء إِذا
كَسَرْتَه، تَقِصُ المقاصر أَي تَدُقُّ وتكسر. ورَضِيَ بمَقْصِرٍ، بكس الصاد مما
كان يُحاوِلُ أي بدونِ ما كان يَطْلُب. ورضيت من فلان بمَقْصِرٍ
ومَقْصَرٍ أَي أَمرٍ دُونٍ. وقَصَرَ سهمُه عن الهَدَف قُصُوراً: خَبا فلم ينته
إِليه. وقَصَرَ عني الوجعُ والغَضَبُ يَقْصُر قُصُوراً وقَصَّر: سكن،
وقَصَرْتُ أَنا عنه، وقَصَرْتُ له من قيده أَقْصُر قَصْراً: قاربت. وقَصَرْتُ
الشيء على كذا إِذا لن تجاوز به غيره. يقال: قَصَرْتُ اللِّقْحة على فرسي
إِذا جعلت دَرَّها له. وامرأَة قاصِرَةُ الطَّرْف: لا تَمُدُّه إِلى غير
بعلها. وقال أَبو زيد: قَصَرَ فلانٌ على فرسه ثلاثاً أَو أَربعاً من
حلائبه يَسْقِيه أَلبانها. وناقة مَقْصورة على العِيال: يشربون لبنها؛ قال
أَبو ذؤيب:
قَصَر الصَّبوحَ لها فَشَرَّجَ لَحْمَها
بالتيِّ، فهي تَتُوخُ فيه الإِصْبَعُ
قَصَره على الأَمر قَصْراً: رَدّه إِليه. وقَصَرْتُ السِّتْر: أَرخيته.
وفي حديث إِسلام ثُمامة: فأَبى أَن يُسْلِمَ قَصْراً فأَعتقه، يعني
حَبساً عليه وإِجباراً. يقال: قَصَرْتُ نفسي على الشيء إِذا حبستها عليه
وأَلزمتها إِياه، وقيل: أَراد قهراً وغلبةً، من القسْر، فأَبدل السين صاداً،
وهما يتبادلان في كثير من الكلام، ومن الأَول الحديث: ولتَقْصُرَنَّه على
الحق قَصْراً. وقَصَرَ الشيءَ يَقْصُره قَصْراً: حبسه؛ ومنه مَقْصُورة
الجامع؛ قال أَبو دُواد يصف فرساً:
فَقُصِرْنَ الشِّتاءَ بَعْدُ عليه، * وهْو للذَّوْدِ أَن يُقَسَّمْنَ جارُ
أَي حُبِسْنَ عليه يَشْرَبُ أَلبانها في شدة الشتاء. قال ابن جني: هذا
جواب كم، كأَنه قال كم قُصِرْن عليه، وكم ظرف ومنصوبه الموضع، فكان قياسه
أَن يقول ستة أَشهر لأَن كم سؤال عن قدرٍ من العدد محصور، فنكرة هذا
كافية من معرفته، أَلا ترى أَن قولك عشرون والعشرون وعشرون؟؟ فائدته في العدد
واحدةً لكن المعدود معرفة في جواب كم مرة، ونكرة أُخرى، فاستعمل الشتاء
وهو معرفة في جواب كم، وهذا تطوّع بما لا يلزم وليس عيباً بل هو زائد على
المراد، وإِنما العيب أَن يُقَصِّرَ في الجواب عن مقتضى السؤَال، فأَما
إِذا زاد عليه فالفضل له، وجاز أَن يكون الشتاء جوباً لكم من حيث كان عدداً
في المعنى، أَلا تراه ستة أَشهر؟ قال: ووافقنا أَبو علي، رحمه الله
تعالى، ونحن بحلب على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب فقال: إِلا في
هذا البلد فإِنه ثمانية أَشهر؛ ومعنى قوله:
وهو للذود أَن يقسَّمن جار
أَي أَنه يُجيرها من أَن يُغار عليها فَتُقْسَمَ، وموضع أَن نصبٌ كأَنه
قال: لئلا يُقَسَّمْنَ ومن أَن يُقَسَّمْنَ، فَحذف وأَوصل. وامرأَة
قَصُورَة وقَصيرة: مَصُونة محبوسة مقصورة في البيت لا تُتْرَكُ أَن تَخْرُج؛
قال كُثَيِّر:
وأَنتِ التي جَبَّبْتِ كلَّ قَصِيرَةٍ
إِليَّ، وما تدري بذاك القَصائِرُ
عَنَيْتُ قَصِيراتِ الحِجالِ، ولم أُرِدْ
قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساء البَحاتِرُ
وفي التهذيب: عَنَيتُ قَصُوراتِ الحجالِ، ويقال للجارية المَصونة التي
لا بُروزَ لها: قَصِيرةٌ وقَصُورَة؛ وأَنشد الفراء:
وأَنتِ التي حببتِ كلَّ قَصُورة
وشَرُّ النساءِ البَهاتِرُ. التهذيب: القَصْرُ الحَبْسُ؛ قال الله تعالى:
حُورٌ مقصورات في الخيام، أَي محبوسات في خيام من الدُّرِّ مُخَدَّرات
على أَزواجهن في الجنات؛ وامرأَة مَقْصورة أَي مُخَدَّرة. وقال الفرّاء في
تفسير مَقْصورات، قال: قُصِرْنَ على أَزواجهن أَي حُبِسْن فلا يُرِدْنَ
غيرهم ولا يَطْمَحْنَ إِلى من سواهم. قال: والعرب تسمي الحَجَلَةَ
المقصورةَ والقَصُورَةَ، وتسمي المقصورة من النساء القَصُورة، والجمع
القَصائِرُ، فإِذا أَرادوا قِصَرَ القامة قالوا: امرأَة قَصِيرة، وتُجْمَعُ
قِصاراً. وأَما قوله تعالى: وعندهم قاصراتُ الطَّرْفِ أَترابٌ؛ قال
الفراء:قاصراتُ الطَّرْف حُورٌ قد قَصَرْنَ أَنفسهنَّ على أَزواجهن فلا يَطْمَحْنَ
إِلى غيرهم؛ ومنه قول امرئ القيس:
من القاصراتِ الطَّرْفِ، لو دَبَّ مُحْوِلٌ
من الذَّرِّ فوقَ الإِتْبِ منها لأَثَّرا
وقال الفراء: امرأَة مَقْصُورة الخَطْوِ، شبهت بالمقيَّد الذي قَصَرَ
القيدُ خَطوَه، ويقال لها: قَصِيرُ الخُطى؛ وأَنشد:
قَصِيرُ الخطى ما تَقْرُبُ الجِيرَةَ القُصَى،
ولا الأَنَسَ الأَدْنَيْنَ إِلا تَجَشُّما
التهذيب: وقد تُجْمَعُ القَصِيرةُ من النساء قِصارَةً؛ ومنه قول
الأَعشى:لا ناقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ،إِذا مدَّتْ قِصارَه
قال الفراء: والعرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعالٍ، يقولون:
الجِمالَةُ والحِبالَة والذِّكارَة والحِجارة، قال: جِمالاتٌ صُفْرٌ. ابن سيده:
وأَما قول الشاعر:
وأَهْوى من النِّسْوانِ كلَّ قَصِيرةٍ،
لها نَسَبٌ، في الصالحين، قَصِيرُ
فمعناه أَنه يَهْوى من النساء كل مقصورة يُغْنى بنسبها إِلى أَبيها عن
نَسَبها إِلى جَدِّها. أَبو زيد: يقال أَبْلِغ هذا الكلامَ بني فلان
قَصْرَةً ومَقْصُورةً أَي دون الناس، وقد سميت المَقْصورة مَقْصُورَةً لأَنها
قُصِرَت على الإِمام دون الناس. وفلان قَصِيرُ النسب إِذا كان أَبوه
معروفاً إِذ ذِكْره للابن كفايةٌ عن الانتماء إِلى الجد الأَبعد؛ قال
رؤبة:قد رَفَعَ العَجَّاجُ ذِكْري فادْعُني
باسْمٍ، إِذا الأَنْسابُ طالتْ، يَكفِني
ودخل رُؤْبةُ على النَّسَّابة البَكْريّ فقال: من أَنتف قال: رؤبة بن
العجاج. قال: قُصِرْتَ وعُرِفْتَ. وسَيْلٌ قَصِير: لا يُسِيل وادِياً
مُسَمًّى إِنما يُسِيلُ فُرُوعَ الأَوْدِية وأَفْناءَ الشِّعابِ وعَزَازَ
الأَرضِ. والقَصْرُ من البناء: معروف، وقال اللحياني: هو المنزل، وقيل: كل
بيت من حَجَر، قُرَشِيَّةٌ، سمي بذلك لأَنه تُقصَرُ فيه الحُرَمُ أَي
تُحْبس، وجمعه قُصُور. وفي التنزيل العزيز: ويجْعَل لك قُصُوراً.
والمَقْصُورة: الدار الواسعة المُحَصَّنَة،وقيل: هي أَــصغر من الدار، وهو من ذلك
أَيضاً. والقَصُورَةُ والمَقْصورة: الحَجَلَةُ؛ عن اللحياني. الليث:
المَقْصُورَة مقام الإِمام، وقال: إِذا كانت دار واسعة مُحَصَّنة الحيطان فكل
ناحية منها على حِيالِها مَقْصُورة، وجمعها مَقاصِرُ ومَقاصِيرُ؛
وأَنشد:ومن دونِ لَيْلى مُصْمَتاتُ المَقاصِرِ
المُصْمَتُ: المُحْكَمُ. وقُصارَةُ الدار: مَقْصُورة منها لا يدخلها غير
صاحب الدار. قال أُسَيْدٌ: قُصارَةُ الأَرض طائفة منها قَصِيرَة قد علم
صاحبها أَنها أَسْمَنُها أَرضاً وأَجودُها نبتاً قدر خمسين ذراعاً أَو
أَكثر، وقُصارَةُ الدار: مَقْصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار، قال:
وكان أَبي وعمي على الحِمى فَقَصَرَا منها مقصورة لا يطؤها غيرهما.
واقْتَصَرَ على الأَمر: لم يُجاوزه.
وماء قاصِرٌ أَي بارد. وماء قاصِرٌ: يَرْعى المالُ حولَه لا يجاوزه،
وقيل: هو البعيد عن الكلإِ. ابن السكيت: ماء قاصِرٌ ومُقْصِرٌ إِذا كان
مَرْعاه قريباً؛ وأَنشد:
كانتْ مِياهِي نُزُعاً قَواصِرَا،
ولم أَكنْ أُمارِسُ الجَرائرا
والنُّزُعُ: جمع النَّزُوعِ، وهي البئر التي يُنْزَعُ منها باليدين
نَزْعاً، وبئر جَرُورٌ: يستقى منها على بعير؛ وقوله أَنشده ثعلب في صفة
نخل:فهُنَّ يَرْوَيْنَ بطَلٍّ قَاصِرِ
قال: عَنى أَنها تشرب بعروقها. وقال ابن الأَعرابي: الماء البعيد من
الكلإِ قاصِرٌ باسِطٌ ثم مُطْلِبٌ. وكَلأ قاصِرٌ: بينه وبين الماء نَبْحَةُ
كلب أَو نَظَرُك باسِطاً. وكَلأ باسِطٌ: قريب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إِليكِ ابْنَةَ الأَغْيارِ، خافي بَسالَةَ الر
جالِ، وأَصْلالُ الرجالِ أَقاصِرُهْ
لم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه عنى حَبائسَ قَصائِرَ.
والقُصارَةُ والقِصْرِيُّ والقَصَرَة والِقُصْرى والقَصَرُ؛ الأَخيرة عن
اللحياني: ما يَبْقى في المُنْخُلِ بعد الانتخال، وقيل: هو ما يَخْرُجُ
من القَثِّ وما يبقى في السُّنْبُل من الحب بعد الدَّوْسَةِ الأُولي،
وقيل: القِشْرتان اللتان على الحَبَّة سُفْلاهما الحَشَرَةُ وعُلْياهما
القَصَرة. الليث: والقَصَرُ كَعابِرُ الزرع الذي يَخْلُص من البُرِّ وفيه
بقية من الحب، يقال له القِصْرَى، على فِعْلى. الأَزهري: وروى أَبو عبيد
حديثاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في المُزارَعة أَن أَحدهم كان
يَشْتَرِطُ ثلاثة جَداوِلَ والقُصارَةَ؛ القُصارَةُ، بالضم: ما سَقى الربيعُ،
فنه النبي،صلى الله عليه وسلم، عن ذلك. قال أَبو عبيد: والقُصارة ما بقي في
السنبل من الحب مما لا يتخلص بعدما يداس، قال: وأَهل الشام يسمونه
القِصْرِيَّ بوزن القِبْطِيِّ، قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنيه ابن هاجَك عن ابن
جَبَلة عن أَبي عبيد، بكسر القاف وسكون الصاد وكسر الراء وتشديد الياء،
قال: وقال عثمان ابن سعيد: سمعت أَحمد بن صالح يقول هي القُصَرَّى إِذا
دِيسَ الزرعُ فغُرْبِل، فالسنابل الغليظة هي القُصَرَّى، على فُعَلَّى.
وقال اللحياني: نُقِّيَتْ من قَصَره وقَصَلِه أَي من قُماشِه. وقال أَبو
عمرو: القَصَلُ والقَصَرُ أَصل التبن. وقال ابن الأَعرابي: القَصَرةُ قِشْر
الحبة إِذا كانت في السنبلة، وهي القُصارَةُ. وذكر النضر عن أَبي الخطاب
أَنه قال: الحبة عليها قشرتان: فالتي تلي الحبة الحَشَرَةُ، والتي فوق
الحَشَرة القَصَرَةُ. والقَصَرُ: قِشْر الحنطة إِذا يبست. والقُصَيْراة:
ما يبقى في السنبل بعدما يداس. والقَصَرَة، بالتحريك: أَصل العنق. قال
اللحياني: إِنما يقال لأَصل العنق قَصَرَة إِذا غَلُظَت، والجمع قَصَرٌ؛ وبه
فسر ابن عباس قوله عز وجل: إِنها تَرْمي بشَرَرٍ كالقَصَر، بالتحريك؛
وفسره قَصَرَ النخلِ يعني الأَعْناقَ. وفي حديث ابن عباس في وقوله تعالى:
إِنها ترمي بشرر كالقصر؛ هو بالتحريك، قال: كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث
أَذرع أَو أَقل ونسميه القَصَر، ونريد قَصَر النخل وهو ما غَلُظَ من
أَسفلها أَو أَعناق الإِبل، واحدتها قَصَرة؛ وقيل في قوله بشرر كالقَصَر، قيل:
أَقصارٌ جمعُ الجمع. وقال كراع: القَصَرة أَصل العنق، والجمع أَقصار،
قال: وهذا نادر إِلا أَن يكون على حذف الزائد. وفي حديث سلْمانَ: قال لأَبي
سفيان وقد مر به: لقد كان في قَصَرة هذا موضع لسيوف المسلمين، وذلك قبل
أَن يسلم، فإِنهم كانوا حِراصاً على قتله، وقيل: كان بعد إِسلامه. وفي
حديث أَبي رَيْحانة: إِني لأَجِدُ في بعض ما أُنْزِلَ من الكتب الأَقْبَلُ
القَصِيرُ القَصَرةِ صاحبُ العِراقَيْنِ مُبَدِّلُ السُّنَّة يلعنه أَهلُ
السماء وأَهل الأَرض، وَيْلٌ له ثم ويل له وقيل: القَصَر أَعناق الرجال
والإِبل؛ قال:
لا تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حذْوَ مَنْكِبِه،
في حَوْمَةٍ تَحْتَها الهاماتُ والقَصَرُ
وقال الفراء في قوله تعالى: إِنها ترمي بشَرَرٍ كالقَصْر، قال: يريد
القَصْر من قُصُورِ مياه العرب، وتوحيده وجمعه عربيان. قال: ومثله:
سَيُهْزَمُ الجمع ويُولُّون الدُّبُرَ، معناه الأَدبار، قال: ومن قرأَ كالقَصَر،
فهو أَصل النخل، وقال الضحاك: القَصَرُ هي أُصول الشجر العظام. وفي
الحديث: من كان له بالمدينة أَصلٌ فلْيَتَمَسَّك به، ومن لم يكن فليجعل له
بها أَصلاً ولو قَصَرةً؛ القَصَرةُ، بالفتح والتحريك: أَصل الشجرة، وجمعها
قَصَر؛ أَراد فليتخذ له بها ولو أَصل نخلة واحدة. والقَصَرة أَيضاً:
العُنُق وأَصل الرقبة. قال: وقرأَ الحسن كالقَصْر، مخففاً، وفسره الجِذْل من
الخشب، الواحدة قَصْرة مثل تمر وتمرة؛ وقال قتادة: كالقَصَرِ يعني أُصول
النخل والشجر. النَّضِر: القِصارُ مِيْسَمٌ يُوسَمُ به قَصَرةُ العُنق.
يقال: قَصَرْتُ الجمل قَصْراً، فهو مَقْصورٌ. قال: ولا يقال إِبل
مُقَصَّرة. ابن سيده: القِصارُ سِمَة على القَصَر وقد قَصَّرها. والقَصَرُ: أُصول
النخل والشجر وسائر الخشب، وقيل: هي بقايا الشجر، وقيل: إِنها ترمي بشرر
كالقَصْر، وكالقَصَر، فالقَصَر: أُصول النخل والشجر، والقَصْر من
البناء، وقيل: القَصْر هنا الحطب الجَزْلُ؛ حكاه اللحياني عن الحسن. والقَصْرُ:
المِجْدَلُ وهو الفَدَنُ الضخمُ، والقَصَرُ: داء يأْخذ في القَصَرة.
وقال أَبو معاذ النحوي: واحد قَصَر النخل قَصَرة، وذلك أَن النخلة تُقْطَعُ
قَدْرَ ذراع يَسْتَوْقِدُون بها في الشتاء، وهو من قولك للرجل: إِنه
لتَامُّ القَصَرَةِ إِذا كان ضَخْمَ الرَّقَبة، والقَصَرُ يُبْسٌ في العنق؛
قَصِرَ، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً، فهو قَصِرٌ وأَقْصَرُ، والأُنثى
قَصْراء؛ قال ابن السكيت: هو داء يأْخذ البعير في عنقه فيلتوي فَيُكْتَوَى في
مفاصل عنقه فربما بَرَأَ. أَبو زيد: يقال قَصِرَ الفرسُ يَقْصَرُ قَصَراً
إِذا أَخذه وجع في عنقه، يقال: به قَصَرٌ. الجوهري: قَصِرَ الرجلُ إِذا
اشتكى ذلك. يقال: قَصِرَ البعير، بالكسر، يَقْصَرُ قَصَراً.
والتِّقْصارُ والتِّقْصارَة، بكسر التاء: القِلادة للزومها قَصَرَةَ
العُنق، وفي الصحاح: قلادة شبيهة بالمِخْنَقَة، والجمع التَّقاصِيرُ؛ قال
عَدِيُّ بن زيد العِبَادي:
ولها ظَبْيٌ يُؤَرِّثُها،
عاقِدٌ في الجِيدِ تِقْصارا
وقال أَبو وَجْزة السَّعْدِي:
وغَدا نوائحُ مُعْوِلات بالضَّحى
وُرْقٌ تَلُوحُ، فكُلُّهُنَّ قِصارُها
قالوا: قِصارُها أَطواقها. قال الأَزهري: كأَنه شبه بقِصارِ المِيْسَمِ،
وهو العِلاطُ. وقال نُصَير: القَصَرَةُ أَصل العنق في مُرَكَّبِهِ في
الكاهل وأَعلى اللِّيتَيْنِ، قال: ويقال لعُنُقِ الإِنسانِ كلِّه قَصَرَةٌ.
والقَصَرَةُ: زُبْرَةُ الحَدَّادِ؛ عن قُطْرُب. الأَزهري: أَبو زيد:
قَصَرَ فلانٌ يَقْصُرُ قَصْراً إِذا ضم شيئاً إِلى أَصله الأَوّل؛ وقَصَرَ
قَيْدَ بعيره قَصْراً إِذا ضيقه، وقَصَرَ فلانٌ صلاتَه يَقْصُرها قَصْراً
في السفر. قال الله تعالى: ليس عليكم جُناحٌ أَن تَقْصُروا من الصلاة، وهو
أَن تصلي الأُولى والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين، فأَما العشاءُ
الأُولى وصلاة الصبح فلا قَصْرَ فيهما، وفيها لغات: يقال قَصَرَ الصلاةَ
وأَقْصَرَها وقَصَّرَها، كل ذلك جائز، والتقصير من الصلاة ومن الشَّعَرِ
مثلُ القَصْرِ. وقال ابن سيده: وقَصَرَ الصلاةَ، ومنها يَقْصُر قَصْراً
وقَصَّرَ نَقَصَ ورَخُصَ، ضِدٌّ. وأَقْصَرْتُ من الصلاة: لغة في قَصَرْتُ.
وفي حديث السهو: أَقَصُرَتِ الصلاةُ أَم نُسِيَت؛ يروى على ما لم يسم
فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص. وفي الحديث: قلت لعمر إِقْصارَ الصلاةِ
اليومَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية من أَقْصَرَ الصلاةَ، لغة
شاذة في قَصَر. وأَقْصَرَتِ المرأَة: ولدت أَولاداً قِصاراً، وأَطالت إِذا
ولدت أَولاداً طِوالاً. وفي الحديث: إِن الطويلة قد تُقْصِرُ وإِن
القَصيرة قد تُطِيل؛ وأَقْصَرتِ النعجةُ والمَعَزُ، فهي مُقْصِرٌ، إِذا
أَسَنَّتا حتى تَقْصُرَ أَطرافُ أَسنانهما؛ حكاها يعقوب. والقَصْرُ والمَقْصَرُ
والمَقْصِرُ والمَقْصَرَةُ: العَشِيّ. قال سيبويه: ولا يُحَقَّرُ
القُصَيْرَ، اسْتَغْنوا عن تَحْقيره بتحقير المَساء. والمَقاصِر والمَقاصِير:
العشايا؛ الأَخيرة نادرة، قال ابن مقبل:
فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بعدما
كَرَبَتْ حَياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
وقَصَرْنا وأَقْصَرْنا قَصْراً: دخلنا في قَصْرِ العَشِيِّ، كما تقول:
أَمْسَيْنا من المَساء. وقَصَرَ العَشِيُّ يَقْصُر قُصوراً إِذا
أَمْسَيْتَ؛ قال العَجَّاجُ:
حتى إِذا ما قَصَرَ العَشِيُّ
ويقال: أَتيته قَصْراً أَي عَشِيّاً؛ وقال كثير عزة:
كأَنهمُ قَصْراً مَصابيحُ راهِبٍ
بمَوْزَنَ، رَوَّى بالسَّلِيط ذُبالَها
همُ أَهلُ أَلواحِ السَّرِيرِ ويمْنِه،
قَرابِينُ أَرْدافاً لها وشِمالَها
الأَردافُ: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الرِّدافة، وكانت
الرِّدافَةُ في الجاهلية لبني يَرْبوعٍ. والرِّدافَةُ: أَن يجلس الرِّدْف عن يمين
الملك، فإِذا شَرِبَ المَلِكُ شَرِبَ الرِّدْفُ بعده قبل الناس، وإِذا
غَزا المَلِكُ قعَدَ الرِّدْف مكانه فكان خليفة على الناس حتى يعود
المَلِكُ، وله من الغنيمة المِرْباعُ. وقَرابينُ الملك: جُلَساؤه وخاصَّتُه،
واحدهم قُرْبانٌ. وقوله: هم أَهل أَلواح السرير أَي يجلسون مع الملك على
سريره لنفاستهم وجلالتهم. وجاء فلان مُقْصِراً حين قَصْرِ العِشاء أَي كاد
يَدْنُو من الليل؛ وقال ابن حِلِّزَة:
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القـ
ـناصُ قَصْراً، وقَدْ دنا الإِمْساءُ
ومَقاصِيرُ الطريق: نواحيها،واحدَتُها مَقْصَرة، على غير قياس.
والقُصْرَيانِ والقُصَيْرَيانِ ضِلَعانِ تَلِيانِ الطِّفْطِفَة، وقيل:
هما اللتان تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ. والقُصَيرَى: أَسْفَلُ
الأَضْلاعِ، وقيل هي الضِّلَعُ التي تلي الشاكلَةَ، وهي الواهِنةُ، وقيل: هي آخر
ضِلَعٍ في الجنب. التهذيب: والقُصْرَى والقُصَيْرى الضِّلَعُ التي تلي
الشاكلة بين الجنب والبطن؛ وأَنشد:
نَهْدُ القُصَيْرَى يزينُهُ خُصَلُه
وقال أَبو دُواد:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْسا
ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعْب
أَبو الهيثم: القُصَرَى أَسفل الأَضلاع،والقُصَيرَى أَعلى الأَضلاع؛
وقال أَوس:
مُعاوِدُ تأْكالِ القَنِيصِ، شِواؤُه
من اللحمِ قُصْرَى رَخْصَةٌ وطَفاطِفُ
قال: وقُصْرَى ههنا اسم، ولو كانت نعتاً لكانت بالأَلف واللام. قال: وفي
كتاب أَبي عبيد: القُصَيْرَى هي التي تلي الشاكلة، وهي ضِلَعُ الخَلْفِ؛
فأَما قوله أَنشده اللحياني:
لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرَى، مُقْرِفِ المَعَدِّ
قال ابن سيده: عندي أَن القُصَيْرَى أَحد هذه الأَشياء التي ذكرنا في
القُصَيْرَى؛ قال: وأَما اللحياني فحكى أَن القُصَيْرَى هنا أَصلُ العُنُق،
قال: وهذا غير معروف في اللغة إِلا أَن يريد القُصَيْرَة، وهو تصغير
القَصَرة من العُنق، فأَبدل الهاء لاشتراكهما في أَنهما علما تأْنيث.
والقَصَرَةُ: الكَسَلُ؛ قال الأَزهري أَنشدني المُنْذرِيُّ رواية عن ابن
الأَعرابي:
وصارِمٍ يَقْطَعُ أَغْلالَ القَصَرْ،
كأَنَّ في مَتْنَتِهِ مِلْحاً يُذَرّ،
أَوْ زَحْفَ ذَرٍّ دَبَّ في آثارِ ذَرّ
ويروى:
كأَنَّ فَوْقَ مَتْنِهِ ملْحاً يُذَرّ
ابن الأَعرابي: القَصَرُ والقَصارُ الكَسَلُ. وقال أَعرابي: أَردت أَن
آتيك فمنعني القَصارُ، قل: والقَصارُ والقُصارُ والقُصْرَى والقَصْرُ، كله
أُخْرَى الأُمور. وقَصْرُ المجْدِ: مَعْدِنهُ؛ وقال عَمْرُو ابن
كُلْثُوم:
أَباحَ لَنا قُصُورُ المَجْدِ دينا
ويقال: ما رضيت من فلان بِمَقْصَرٍ ومَقْصِرٍ أَي بأَمر من دون أَي
بأَمر يسير، ومن زائدة. ويقال: فلان جاري مُقاصِرِي أَي قَصْرُه بحذاء
قَصْرِي؛ وأَنشد:
لِتَذْهَبْ إِلى أَقْصى مُباعَدةٍ جَسْرُ،
فما بي إِليها من مُقاصَرةٍ فَقْرُ
يقول: لا حاجة لي في جوارهم. وجَسْرٌ: من محارب. والقُصَيْرَى
والقُصْرَى: ضرب من الأَفاعي، يقال: قُصْرَى قِبالٍ وقُصَيْرَى قِبالٍ.
والقَصَرَةُ: القطعة من الخشب.
وقَصَرَ الثوبَ قِصارَةً؛ عن سيبويه، وقَصَّرَه، كلاهما: حَوَّرَه
ودَقَّهُ؛ ومنه سُمِّي القَصَّارُ. وقَصَّرْتُ الثوب تَقْصِيرا مثله.
والقَصَّارُ والمُقَصِّرُ: المُحَوِّرُ للثياب لأَنه يَدُقُّها بالقَصَرَةِ التي
هي القِطْعَة من الخشب، وحرفته القِصارَةُ. والمِقْصَرَة: خشبة
القَصَّار. التهذيب: والقَصَّارُ يَقْصُر الثوبَ قَصْراً. والمُقَصِّرُ: الذي
يُخسُّ العطاءَ ويقلِّله. والتَّقْصيرُ: إِخْساسُ العطية. وهو ابن عمي
قُصْرَةً، بالضم، ومَقْصُورةً ابن عمي دِنْيا ودُنْيا أَي داني النسب وكان ابنَ
عَمِّه لَحًّا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
رَهْطُ الثِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورةً
قال: مقصورةً، أَي خَلَصُوا فلم يخالطهم غيرهم من قومهم؛ وقال اللحياني:
تقال هذه الأَحرف في ابن العمة وابن الخالة وابن الخال. وتَقَوْصَرَ
الرجلُ: دخل بعضه في بعض. والقَوْصَرَة والقَوْصَرَّةُ، مخفف ومثقل: وعاء من
قصب يرفع فيه التمر من البَوارِي؛ قال: وينسب إِلى عليّ، كرم الله وجهه:
أَفْلَحَ من كانتْ له قَوْصَرَّه،
يأْكلُ منا كلَّ يومٍ مَرَّه
قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. ابن الأَعرابي: العربُ تَكْنِي عن
المرأَة بالقارُورةِ والقَوْصَرَّة. قال ابن بري: وهذا الرجز ينسب إِلى علي؛
عليه السلام، وقالوا: أَراد بالقَوْصَرَّة المرأَة وبالأَكل النكاح. قال
ابن بري: وذكر الجوهري أَن القَوْصرَّة قد تخفف راؤها ولم يذكر عليه
شاهداً. قال: وذكر بعضهم أَن شاهده قول أَبي يَعْلى المْهَلَّبِي:
وسَائِلِ الأَعْلَم ابنَ قَوْصَرَةٍ:
مَتَى رَأَى بي عن العُلى قَصْرا؟
قال: وقالوا ابن قَوْصَرة هنا المَنْبُوذ. قال: وقال ابن حمزة: أَهل
البصرة يسمون المنبوذ ابن قَوْصَرة، وجد في قَوصَرة أَو في غيرها، قال: وهذا
البيت شاهد عليه.
وقَيْصَرُ: اسم ملك يَلي الرُّومَ، وقيل: قَيْصَرُ ملك الروم.
والأُقَيْصِرُ: صنم كان يعبد في الجاهلية؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَنْصابُ الأُقَيْصِرِ حين أَضْحَتْ
تَسِيلُ، على مَناكِبِها، الدِّماءُ
وابن أُقَيْصِر: رجل بصير بالخيل.
وقاصِرُونَ وقاصِرِينَ: موضع، وفي النصب والخفض قاصِرِينَ.
عصل: العَصَلُ: المِعى، والجمع أَعْصالٌ؛ قال الطِّرِمَّاح:
فهو خِلْوُ الأَعْصالِ، إِلاَّ من الما
ء ومَلْجُوذِ بارِضٍ ذي انْهِياض
وأَنشد الأَصمعي لأَبي النجم:
يَرْمِي به الجَزْعُ إِلى أَعْصالِها
والعَصَلُ: الالْتواءُ في الشيء. والعَصَلُ: التواء في عَسِيب ذَنَب
الفَرس حتى يُصِيب كاذَتَهُ وفائلَه. وفَرَسٌ أَعْصَلُ: مُلْتَوي العَسِيب
حتى يَبْرز بعض باطنه الذي لا شَعَر عليه. ويقال للسَّهْم الذي يَلْتوي
إِذا رُمِي به مُعَصِّلٌ، بالتشديد؛ وحكى ابن بري عن علي بن حمزة قال: هو
المُعَضِّلُ، بالضاد المعجمة، من عَضَّلَتِ الدَّجاجةُ إِذا الْتَوَت
البَيْضةُ في جوفه. وعَصَّلَ السَّهمُ: الْتَوى في الرَّمْيِ. والعاصِلُ:
السَّهْم الصُّلْب. وفي حديث عُمَر وجرير: ومنها العَصِلُ الطائش أَي
السَّهْم المُعْوَجُّ المَتْن. وسِهامٌ عُصْلٌ: مُعْوَجَّة؛ قال لبيد:
فَرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقاً صائباً،
لَسْنَ بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعَل
ويروى: ليس. وفي حديث عَليٍّ: لا عِوَج لانتصابه ولا عَصَلَ في عُوده؛
العَصَلُ: الاعْوِجاج، وكلُّ مُعْوَجٍّ فيه صَلابةٌ أَعْصَلُ. وشَجَرة
عَصِلة: عَوْجاء لا يُقْدَر على استقامتها لصَلابتها. والأَعْصَلُ أَيضاً:
السَّهْم القليل الرِّيش. وعَصِلَ الشيءُ عَصَلاً وهو أَعْصَلُ وعَصِلٌ:
اعْوَجَّ وصَلُبَ؛ قال:
ضَرُوس تَهُزُّ الناسَ، أَنْيابُها عُصْلُ
وقد كُسِّر على عِصال وهو نادر؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَنَّ عِصالاً
جمع عَصَل كوَجَعٍ ووِجاعٍ. والعَصَلُ في الناب: اعْوجاجُه. ونابٌ
أَعْصَلُ بَيِّن العَصَلِ وعَصِلٌ أَي مُعْوجٌّ شديد؛ قال أَوس:
رأَيتُ لها ناباً، من الشَّرِّ، أَعْصَلا
وقال آخر:
على شَناحٍ، نابُه لم يَعْصَل
وقال صخر:
أَبا المُثَلَّم أَقْصِرْ قَبْلَ باهِظَةٍ،
تأْتِيكَ منِّي، ضَرُوسٍ نابُها عَصِلُ
أَي هي قديمة، وذلك أَن نابَ البعير إِنما يَعْصَل بعدما يُسِنُّ؛ أَي
شرّ عظيم. والأَعْصَلُ من الرجال: الذي عُصِبت ساقُه فاعْوَجَّت. ويقال
للرجل المُعْوَجِّ الساق: أَعْصَلُ. وعَصِلَ نابُه وأَعْصَلَ: اشتدَّ؛
ووَصَف رَجُلٌ جَملاً فقال: إِذا عَصِلَ نابُه وطال قِرابُه فبِعْه بَيْعاً
دَلِيقاً، ولا تُحابِ به صَدِيقاً؛ وقال أَبو صخر الهُذَلي:
أَفَحِينَ أَحْكَمَني المَشِيبُ، فلا فَتًى
غُمْرٌ ولا قَحْمٌ، وأَعْصَلَ بازلي؟
والمِعْصال: مِحْجَنٌ يُتناوَلُ به أَغصانُ الشجر لاعْوِجاجه، ويقال: هو
المِحْجَن والصَّوْلَجان والمِعْصِيل والمِعْصالُ والصَّاعُ والمِيجارُ
والصولجان
(* قوله «والصولجان إلخ» هكذا في الأصل والتهذيب مكرراً)
والمِعْقَف؛ قال الراجز:
إِنَّ لها رَبّاً كمِعْصالِ السَّلَم
(* قوله «ان لها رباً إلخ» في التكملة بعده:
انك لن ترويها فاذهب فنم).
وامرأَة عَصْلاء: لا لَحْمَ عليها. وعَصَلَ الرَّجُلُ وغيرُه: بال. وفي
الحديث: أَنه كان لرجل صَنَمٌ كان يأْتي بالجُبُنِّ والزُّبْد فيَضَعُه
على رأْس صَنَمه ويقول: اطْعَمْ فجاء ثُعْلُبان فأَكل الجُبُنَّ
والزُّبْد ثم عَصَل على رأْس الصنم أَي بال؛ الثُّعْلُبان: ذَكَر الثَّعالب، وفي
كتاب الغَريبَيْن للهَرَوي: فجاء ثَعْلَبان فأَكلا، أَراد تثنية
ثَعْلَب.والعَصَلة: شجرة تُسَلِّح الإِبِلَ إِذا أَكل البعيرُ منها سَلَّحَته،
والجمع العَصَلُ؛ قال حسَّان:
تَخْرُج الأَضْياحُ من أَسْتاهِهِم،
كسُلاحِ النِّيبِ يأْكُلْنَ العَصَل
الأَضْياح: الأَلْبان المَمْذوقة؛ وقال لبيد:
وقَبِيلٌ من عُقَيْلٍ صادقٌ،
كَلُيُوثٍ بين غابٍ وعَصَل
وقيل: هو شجر يُشْبِه الدِّفْلى تأْكله الإِبل وتشرب عليه الماء كل يوم،
وقيل: هو حَمْضٌ يَنْبتُ على المياه، والجمع عَصَلٌ.
وعَصَّلَ الرجلُ تَعْصيلاً، وهو البُطْء، أَي أَبْطأَ؛ وأَنشد:
يأْلِبُها حُمْرانُ أَيَّ أَلْبِ،
وعَصَّلَ العَمْرِيُّ عَصْلَ الكَلْبِ
(* قوله «حمران» كذا في الأصل بالراء، ومثله بهامش التكملة وفي صلبها
حمدان بالدال).
والأَلْبُ: السَّوْقُ الشديد. والعَصَلُ: الرَّمْلُ المُلْتوِي
المُعْوَجُّ. وفي حديث بدر: يامِنُوا عن هذا العَصَل، يعني الرمل المعوجَّ
الملتوي، أَي خُذُوا عنه يَمْنةً.
ورجُلٌ أَعْصَل: يابس البدن، وجمعه عُصْلٌ؛ قال الراجز:
ورُبَّ خَيْرٍ في الرِّجال العُصْل
والعَصْلاء: المرأَة اليابسة التي لا لحم عليها؛ قال الشاعر:
ليستْ بِعَصلاءَ تَذْمي الكَلْبَ نَكْهَتُها،
ولا بعَنْدَلةٍ يَصْطَكُّ ثَدْياها
والمِعْصَلُ: المتشدِّد على غَريمه.
والعُنْصُلُ والعُنْصَلُ والعُنْصُلاء والعُنْصَلاء، ممدودان: البَصَلُ
البرِّيُّ، والجمع العَناصِل، وهو الذي تسميه الأَطباء الإِسْقال، ويكون
منه خَلٌّ؛ عن ابن اسرافيون؛ وقال ابن الأَعرابي: هو نبت في البرارِيِّ،
وزعموا أَن الوَحَامى تَشْتهيه وتأْكله؛ قال: وزعموا أَنه البَصل
البرِّي. وقال أَبو حنيفة: هو وَرَق مثل الكُرَّاث يظهر منبسطاً سَبْطاً، وقال
مُرَّة: العُنْصُل شُجَيْرة سُهْلِيَّة تنبتُ في مواضع الماء والنَّدَى
نبات المَوْزة، ولها نَوْر كنَوْر السَّوْسَن الأَبيض تجْرُسه النحْلُ،
والبقر تأْكل وَرَقها في القُحُوط يُخْلَط لها بالعَلَف. وقال كراع:
العُنْصُل بَقْلة، ولم يُحَلِّها. وطريقُ العُنْصَلَيْن، بفتح الصاد وضمها:
موضع؛ قال الفرزدق:
أَراد طَريق العُنْصَلَيْن، فيامَنَتْ
به العِيسُ في نائي الصُّوَى مُتَشائم
(* قوله «فيامنت» كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت والمحكم: فياسرت).
والعُنْصُل: موضع. وسَلَك طريق العُنْصُلَيْن: يعني الباطل. ويقال للرجل
إِذا ضَلَّ: أَخَذَ في طريق العُنصُلَيْن. وطريق العُنْصُل: هو طريق من
اليمامة إِلى البصرة. وعُصْلٌ: موضع؛ قال أَبو صخر:
عَفَتْ ذاتُ عِرْقٍ عُصْلُها فَرِئامُها،
فضَحْياؤها وَحْشٌ قدَ آجْلى سَوَامُها
بطر: البَطَرُ: النشاط، وقيل: التبختر، وقيل: قلة احتمال النِّعمة،
وقيل: الدَّهَشُ والحَيْرَةُ. وأَبْطَرهُ أَي أَدهشه؛ وقيل: البَطَرُ
الطُّغيان في النِّعْمَةِ، وقيل: هو كراهة الشيء من غير أَن يستحق الكراهية.
بَطِرَ بَطَراً، فهو بَطِرٌ. والبَطَرُ: الأَشَر، وهو شدّة المَرَح. وفي
الحديث: لا ينظر الله يوم القيامة إِلى من جرَّ إِزَارَه بَطَراً؛ البَطَر:
الطغيان عند النعمة وطول الغنى. وفي الحديث: الكِبْرُ بَطَرُ الحَقّ؛ هو
أَن يجعل ما جعله الله حقّاً من توحيده وعبادته باطلاً، وقيل: هو أَن
يتخير عند الحق فلا يراه حقّاً، وقيل: هو أَن يتكبر من الحق ولا يقبله.
وقوله عز وجل: وكم أَهلكنا من قرية بَطِرَتْ مَعِيشَتَها؛ أَراد بَطِرت في
معيشتها فحذف وأَوصل؛ قال أَبو إِسحق: نصب معيشتها بإسقاط في وعمل الفعل،
وتأْويله بَطِرَتْ في معيشتها. وبَطِرَ الرجلُ وبَهِتَ بمعنى واحد. وقال
الليث: البَطَرُ كالحَيْرَة والدَّهَشِ، والبَطَرُ كالأَشَرِ وغَمْطِ
النعمة. وبَطِرَ، بالكسر، يَبْطَرُ وأَبْطَرَه المالُ وبَطِرَ بالأَمر: ثَقُل
به ودَهِشَ فلم يَدْرِ ما يُقَدِّم ولا ما يؤخر. وأَبْطَرَه حِلْمَهُ:
أَدْهَشَهُ وبَهَتَهُ عنه. وأَبْطَرَه ذَرْعَهُ: حَمَّلَهُ فوق ما يُطيق،
وقيل: قطع عليه معاشه وأَبْلَى بَدَنَه؛ وهذا قول ابن الأَعرابي، وزعم
أَن الذَّرْعَ البَدَنُ، ويقال للبعير القَطُوفِ إِذا جارى بعيراً وَسَاعَ
الخطْوِ فَقَصُرَتْ خُطاه عن مُباراته: قد أَبْطَرَه ذَرْعَهُ أَي
حَمَّلَهُ أَكثر من طَوْقِه؛ والهُبَعُ إِذا مَاشَى الرُّبَعَ أَبْطَرَه
ذَرْعَه فَهَبَعَ أَي استعان بِعُنُقه ليَلْحَقَهُ. ويقال لكل من أَرْهَقَ
إِنساناً فحمَّلَه ما لا يطيقه: قد أَبْطَرَه ذَرْعَه. وفي حديث ابن مسعود عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه قال: الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْصُ
النَّاس؛ وبَطَرُ الحقِّ أَن لا يراه حقاً ويتكبر عن قبوله، وهو من
قولك: بَطِرَ فلانٌ هِدْيَةَ أَمْرِه إِذا لم يهتد له وجهله ولم يقبله؛
الكسائي: يقال ذهب دمه بِطْراً وبِطْلاً وفِرْغاً إِذا بَطَلَ، فكان معنى قوله
بَطْرُ الحقِّ أَن يراه باطلاً، ومن جعله من قولك بَطِرَ إِذا تحير
ودَهِشَ، أَراد أَنه تحير في الحق فلا يراه حقّاً. وقال الزجاج: البَطَرُ
الطغيان عند النعمة. وبَطَرُ الحقِّ على قوله: أَن يَطْغَى عند الحق أَي
يتكبر فلا يقبله. وبَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَراً، فهو بَطِرٌ: لم يشكرها. وفي
التنزيل: بَطِرَتْ معيشتها. وقال بعضهم: بَطِرْتَ عَيْشَك ليس على التعدي
ولكن على قولهم: أَلِمْتَ بَطْنَك ورَشِدْتَ أَمْرَكَ وسَفِهْتَ نَفْسَك
ونحوها مما لفظه لفظ الفاعل ومعناه معنى المفعول. قال الكسائي: وأَوقعت
العرب هذه الأَفعال على هذه المعارف التي خرجت مفسرة لتحويل الفعل عنها
وهو لها، وإِنما المعنى بطرت مَعِيشَتُها وكذلك أَخواتها، ويقال: لا
يُبْطِرَنَّ جهلُ فلان حلْمَكَ أَي لا يُدْهِشْكَ عنه.
وذهب دَمُه بِطْراً أَي هَدَراً؛ وقال أَبو سعيد: أَصله أَن يكون
طُلاَّبُه حُرَّاصاً باقتدار وبَطَر فيحرموا إِدراك الثَّأْر. الجوهري: وذهب
دمه بِطْراً، بالكسر، أَي هَدَراً.
وبَطَرَ الشيءَ يَبْطُرُه ويَبْطِرُه بَطْراً، فهو مبطور وبطير: شقه.
والبَطْرُ: الشَّقُّ؛ وبه سمي البَيْطارُ بَيْطاراً والبَطِيرُ والبَيْطَرُ
والبَيْطارُ والبِيَطْرُ، مثل هِزَبْرٍ، والمُبَيْطِرُ، مُعالجُ
الدوابِّ: من ذلك؛ قال الطرمّاح:
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَميلَةٍ،
كبَزْغِ الِبيَطْرِ الثِّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
ويروى البَطِير؛ وقال النابغة:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها،
طَعْنَ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَد
المدرى هنا قرن الثور؛ يريد أَنه ضرب بقرنه فريصة الكلب وهي اللحمة التي
تحت الكتف التي تُرْعَدُ منه ومن غيره فأَنفذها. والعَضَدُ: داء يأْخذ
في العَضُد. وهو يُبَيْطِرُ الدواب أَي يعالجها، ومعالجته البَيْطَرَةُ.
والبِيَطْرُ: الخَيَّاط؛ قال:
شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
وفي التهذيب:
باتَتْ تَجيبُ أَدْعَجَ الظَّلاَمِ،
جَيْبَ البِيَطِرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
قال شمر: صَيَّر البيطار خَيَّاطاً كما صُير الرجلُ الحاذقُ إِسْكافاً.
ورجل بِطْرِيرٌ: متمادٍ في غَيِّه، والأُنثى بِطْرِيرَةٌ وأَكثر ما
يستعمل في النساء. قال أَبو الدُّقَيْشِ: إِذا بَطِرَت وتمادت في
الغَيّ.
صهب: الصُّهْبةُ: الشُّقْرة في شعر الرأْس، وهي الصُّهُوبةُ.
الأَزهري: الصَّهَبُ والصُّهْبة: لونُ حُمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية، إِذا كان في الظاهر حُمْرةٌ، وفي الباطن اسودادٌ، وكذلك في لون الإِبل؛ بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وناقة صَهْباء وصُهابِـيَّةٌ؛ قال طَرَفة:
صُهابِـيَّةُ العُثْنُونِ، مُؤْجَدَةُ القَرَا، * بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ، مَوَّارَةُ اليَدِ
الأَصمعي: الأَصْهَبُ: قريبٌ من الأَصْـبَح. والصَّهَبُ والصُّهْبَة:
أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ، وأُصُولُه سُودٌ، فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود. وقيل: هو أَن يَحْمَرَّ الشعر كُـلُّهُ.
صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وهو أَصْهَبُ. وقيل: الأَصْهَبُ من الشَّعر الذي يُخالط بياضَه حمرةٌ.
وفي حديث اللِّعانِ: إِن جاءَت به أَصْهَبَ فهو لفلان؛ هو الذي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ، وهي كالشُّقْرة، قاله الخطابي. والمعروف أَن الصُّهْبة مختصة بالشعر، وهي حُمْرَة يعلوها سواد.
والأَصْهَبُ من الإِبل: الذي ليس بشديد البياض. وقال ابن الأَعرابي: العرب تقول: قُريشُ(1)
(1 قوله «قريش الإبل إلخ» بـإضافة قريش للإبل كما ضبطه
في المحكم ولا يخفى وجهه) . الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها؛ يذهبون في ذلك إِلى تشريفها على سائر الإِبل. وقد أَوضحوا ذلك بقولهم: خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فجعلوها خير الإِبل، كما أَن قريشاً خيرُ الناس عندهم.
وقيل: الأَصْهَبُ من الإِبل الذي يخالط بياضَه حُمْرةٌ، وهو أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه. وفي التهذيب: وليستْ أَجوافُه
بالشديدةِ البياضِ، وأَقْرابُه ودُفُوفه فيها تَوضِـيحٌ أَي بَياض. قال:
والأَصْهَبُ أَقلُّ بياضاً من الآدَم، في أَعاليه كُدْرة، وفي أَسافله بياضٌ. ابن الأَعرابي: الأَصْهَبُ من الإِبل الأَبيضُ. الأَصمعي: الآدَمُ من الإِبل: الأَبيضُ، فإِن خالطته حُمْرة، فهو أَصْهَبُ. قال ابن الأَعرابي: قال حُنَيْفُ الـحَناتِم، وكان آبَلَ الناس: الرَّمْكَاءُ بُهْيَا، والـحَمْراءُ صُبْرَى، والخَوَّارَةُ غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ سُرْعَى. قال: والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها، حين تَنْظُر إِليها؛ ورأَيتُ في حاشيةٍ: البُهْيا تأْنيث البَهِـيَّةِ، وهي الرائعة.
وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللون، ويقال: هو منسوب إِلى صُهابٍ: اسم فَحل أَو موضع. التهذيب: وإِبل صُهابِـيَّةٌ: منسوبة إِلى فحل اسمه صُهابٌ. قال: وإِذا لم يُضِـيفُوا الصُّهابِـيَّة، فهي من أَولاد صُهابٍ؛ قال ذو الرمة:
صُهابِـيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ، كأَنـَّما * يُناطُ بأَلْحِـيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ
قيل: نُسبت إِلى فَحْل في شِقِّ اليمن. وفي الحديث: كان يَرْمي الجِمارَ على ناقةٍ له صَهْباء.
ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبالِ، وسُود الأَكباد، وإِن لم يكونوا
صُهْبَ السِّبال، فكذلك يقال لهم؛ قال:
جاؤوا يَجُرُّونَ الـحَديدَ جَرَّا، * صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّـرَّا
وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لنا كعداوة الروم. والرومُ صُهْبُ السِّبال
والشعور، وإِلاّ فهم عَرَبٌ، وأَلوانهم: الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ؛ وقال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِـي، * واعْتِناقي في القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
ويقال: أَصله للروم، لأَن الصُّهُوبةَ فيهم، وهم أَعداءُ العرب.
الأَزهري: ويقال للجَراد صُهابِـيَّةٌ؛ وأَنشد:
صُهابِـيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها
والصَّهْباءُ: الخَمْر؛ سميت بذلك للونها. قيل: هي التي عُصِرَت من عنب أَبيضَ؛ وقيل: هي التي
تكون منه ومن غيره، وذلك إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض؛ قال أَبو حنيفة: الصَّهْباءُ اسم لها كالعَلَم، وقد جاءَ بغير أَلف ولام لأَنها في الأَصل صفة؛ قال الأَعشى:
وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها، * وأَبْرَزَها، وعليها خَتَمْ
ويقال للظَّلِـيم: أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه.
والموتُ الصُّهابيُّ: الشديد كالموت الأَحمر؛ قال الجَعْدِيُّ:
فَجِئْنا إِلى الـمَوتِ الصُّهابيِّ بعدما * تَجَرَّدَ عُرْيانٌ، من الشَّرِّ، أَحدَبُ
وأَصْهَبَ الرجلُ: وُلِدَ له أَولادٌ صُهْبٌ. والصُّهابيُّ: كالأَصْهَب؛ وقولُ هِمْيانَ:
يُطيرُ عنها الوَبَرَ الصُّهَابِجَا
أَراد الصُّهَابيَّ، فخفَّف وأَبدل؛ وقول العجاج:
بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ
إِنما عنى به الـمِشْفَرَ وحدَه، وصفه بما توصف به الجملة. وصُهْبى: اسم فرسِ النَّمِر بن تَوْلَب، وإِياها عَنَى بقوله:
لقد غَدَوْتُ بصُهْبَـى ، وهي مُلْهِبَةٌ، * إِلْهَابُها كضِرامِ النارِ في الشِّيحِ
قال: ولا أَدري أَشْـتَقَّه من الصَّهَبِ، الذي هو اللون، أَم
ارْتَجَلَه عَلَماً.
والصُّهَابيُّ: الوافر الذي لم يَنْقُصْ. ونَعَمٌ صُهَابيٌّ: لم تُؤْخَذْ صَدَقتُه بل هو بِوَفْرِه. والصُّهَابيُّ من الرجال: الذي لا ديوان
له.ورَجُلٌ صَيْهَبٌ: طَويلٌ. التهذيب: جَمَلٌ صَيْهَبٌ، وناقة صَيْهَبَة
إِذا كانا شديدين، شُبِّها بالصَّيْهَبِ، الـحِجارةِ؛ قال هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ * عَنِّي، وعَنْ صَيْهَبَةٍ قد شَدِفَتْ
أَي عن ناقةٍ صُلْبَةٍ قد تَحَنَّتْ. وصَخرةٌ صَيْهَبٌ: صُلْبَة.
والصَّيْهَبُ الحجارة؛ قال شمر: وقال بعضهم هي الأَرض المستوية؛ قال القُطاميّ:
حَدا، في صَحَارَى ذي حماسٍ وعَرْعَرٍ، * لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب(1)
(1 « ذي حماس وعرعر» موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً.)
قال شمر: ويقال الصَّيْهَبُ الموضع الشديد؛ قال كثير:
على لاحِبٍ، يَعْلُو الصَّيَاهِبَ، مَهْيَعِ
ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ: شَديد الـحَرِّ. والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الـحَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي وحده ولم يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً. وصُهابُ:
موضع جعلوه اسماً للبُقْعة؛ أَنشد الأَصمعي:
وأَبي الذي تَرَكَ الـمُلُوكَ وجَمْعَهم، * بصُهابِ هامِدةٍ، كأَمْسِ الدَّابِر
وبين البَصْرة والبحرين عينٌ تُعرف بعين الأَصْهَبِ. قال ذو الرمة، فجمعه على الأَصْهَبِـيَّات:
دَعاهُنَّ من ثَـأْجٍ، فأَزْمَعْنَ وِرْدَه، * أَو الأَصْهَبِـيَّات، العُيُونُ السَّوائحُ
وفي الحديث ذِكْرُ الصَّهْباءِ، وهو موضع على رَوْحةٍ من خَيْبَر.
وصُهَيْبُ بنِ سِنانٍ: رجل، وهو الذي أَراده المشركون مع نَفَرٍ معه على ترك الإِسلام، وقتلوا بعض النَّفَرِ الذين كانوا معه، فقال لهم صُهَيْبٌ:أَنا شيخ كبير، إِنْ كنتُ عليكم لم أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ معكم لم أَنفعكم، فخَلُّوني وما أَنا عليه، وخُذُوا مالي. فقَبلوا منه، وأَتى المدينةَ فلقيه أَبو بكر الصديقُ، رضي اللّه عنه، فقال له: رَبِحَ البيع يا صُهَيْبُ. فقال له: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يا أَبا بكر. وتلا قوله تعالى: ومن الناسِ من يَشْري نَفْسَه ابتغاءَ مَرْضاةِ اللّه. وفي حاشيةٍ: والـمُصَهَّبُ: صَفِـيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ الـمُخْتَلِطُ.
عرر: العَرُّ والعُرُّ والعُرَّةُ: الجربُ، وقيل: العَرُّ، بالفتح،
الجرب، وبالضم، قُروحٌ بأَعناق الفُصلان. يقال: عُرَّت، فهي مَعْرُورة؛ قال
الشاعر:
ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بعد عَرِّه
أَي جَرَبِه، ويروى غَرّه، وسيأْتي ذكره؛ وقيل: العُرُّ داءٌ يأْخذ
البعير فيتمعّط عنه وَبَرُه حتى يَبْدُوَ الجلدُ ويَبْرُقَ؛ وقد عَرَّت
الإِبلُ تَعُرُّ وتَعِرُّ عَرّاً، فهي عارّة، وعُرَّتْ. واستعَرَّهم الجربُ:
فَشَا فيهم. وجمل أَعَرُّ وعارٌ أَي جَرِبٌ. والعُرُّ، بالضم: قروح مثل
القُوَباء تخرج بالإِبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسيل منها مثلُ الماء
الأَصفر، فتُكْوَى الصِّحاحُ لئلا تُعْدِيها المِراضُ؛ تقول منه: عُرَّت
الإِبلُ، فهي مَعْرُورة؛ فهي مَعْرُورة؛ قال النابغة:
فحَمَّلْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ وتَرَكْتَه،
كذِي العُرِّ يُكْوَى غيرُه، وهو راتِعْ
قال ابن دريد: من رواه بالفتح فقد غلط لأَن الجرَب لا يُكْوى منه؛
ويقال: به عُرَّةٌ، وهو ما اعْتَراه من الجنون؛ قال امرؤ القيس:
ويَخْضِدُ في الآرِيّ حتى كأَنما
به عُرَّةٌ، أَو طائِفٌ غيرُ مُعْقِب
ورجل أَعَرُّ بيّنُ العَرَرِ والعُرُورِ: أَجْرَبُ، وقيل: العَرَرُ
والعُرُورُ الجرَبُ نفسه كالعَرِّ؛ وقول أَبي ذؤيب:
خَلِيلي الذي دَلَّى لِغَيٍّ خَلِيلَتي
جِهاراً، فكلٌّ قد أَصابَ عُرُورَها
والمِعْرارُ من النخل: التي يصيبها مثل العَرّ وهو الجرب؛ حكاه أَبو
حنيفة عن التَّوَّزِيّ؛ واستعار العَرّ والجرب جميعاً للنخل وإِنما هما في
الإِبل. قال: وحكى التَّوَّزِيُّ إِذا ابتاع الرجل نخلاً اشترط على البائع
فقال: ليس لي مِقْمارٌ ولا مِئْخارٌ ولا مِبْسارٌ ولا مِعْرارٌ ولا
مِغْبارٌ؛ فالمِقْمارُ: البيضاءُ البُسْر التي يبقى بُسْرُها لا يُرْطِبُ،
والمِئْخارُ: التي تُؤَخِّرُ إِلى الشتاء، والمِغْبارُ: التي يَعْلُوها
غُبارٌ، والمِعْرار: ما تقدم ذكره.
وفي الحديث: أَن رجلاً سأَل آخر عن منزله فأَخْبَره أَنه ينزل بين
حَيّين من العرب فقال: نَزَلْتَ بين المَعَرّة والمَجَرّة؛ المَجرّةُ التي في
السماء البياضُ المعروف، والمَعَرَّة ما وراءَها من ناحية القطب الشمالي؛
سميت مَعَرّة لكثرة النجوم فيها، أَراد بين حيين عظيمين لكثرة النجوم.
وأَصل المَعَرَّة: موضع العَرّ وهو الجرَبُ ولهذا سَمَّوا السماءَ
الجَرْباءَ لكثرة النجوم فيها، تشبيهاً بالجَرَبِ في بدن الإِنسان.
وعارَّه مُعارّة وعِراراً: قاتَلَه وآذاه. أَبو عمرو: العِرارُ
القِتالُ، يقال: عارَرْتُه إِذا قاتلته. والعَرَّةُ والمَعُرَّةُ: الشدة، وقيل:
الشدة في الحرب.
والمَعَرَّةُ: الإِثم. وفي التنزيل: فتُصِيبَكم منهم مَعَرَّة بغير
عِلْم؛ قال ثعلب: هو من الجرب، أَي يصيبكم منهم أَمر تَكْرَهُونه في
الدِّيات، وقيل: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه كجناية العَرِّ وهو الجرب؛
وأَنشد:
قُلْ لِلْفوارِس من غُزَيّة إِنهم،
عند القتال، مَعَرّةُ الأَبْطالِ
وقال محمد بن إِسحق بن يسار: المَعَرَّةُ الغُرْم؛ يقول: لولا أَن
تصيبوا منهم مؤمناً بغير عِلْم فتَغْرموا دِيَته فأَما إِثمه فإِنه لم يخْشَه
عليهم. وقال شمر: المَعَرّةُ الأَذَى. ومَعَرَّةُ الجيشِ: أَن ينزلوا
بقوم فيأْكلوا من زُروعِهم شيئاً بغير عمل؛ وهذا الذي أَراده عمر، رضي الله
عنه، بقوله: اللهم إِني أَبْرَأُ إِليك من مَعَرّةِ الجَيْش، وقيل: هو
قتال الجيش دون إِذْن الأَمير. وأَما قوله تعالى: لولا رجالٌ مؤمنون ونساءٌ
مؤمنات لم تَعْلَمُوهم أَن تَطَأُهم فتصيبَكم منهم مَعَرَّةٌ بغير علم؛
فالمَعَرَّةُ التي كانت تُصِيب المؤمنين أَنهم لو كَبَسُوا أَهلَ مكة
وبين ظَهْرانَيْهم قومٌ مؤمنون لم يتميزوا من الكُفّار، لم يأْمنوا أَن
يَطَأُوا المؤمنين بغير عِلْمٍ فيقتلوهم، فتلزمهم دياتهم وتلحقهم سُبّةٌ
بأَنهم قتلوا مَنْ هو على دينهم إِذ كانوا مختلطين بهم. يقول الله تعالى: لو
تميزَ المؤمنون من الكُفّار لسَلّطْناكم عليهم وعذّبناهم عذاباً
أَلِيماً؛ فهذه المَعَرّةُ التي صانَ الله المؤمنين عنها هي غُرْم الديات
ومَسَبّة الكُفار إِياهم، وأَما مَعَرّةُ الجيشِ التي تبرّأَ منها عُمر، رضي
الله عنه، فهي وطْأَتُهم مَنْ مَرُّوا به من مسلم أَو معاهَدٍ، وإِصابتُهم
إِياهم في حَرِيمِهم وأَمْوالِهم وزُروعِهم بما لم يؤذن لهم فيه.
والمَعَرّة: كوكبٌ دون المَجَرَّة. والمَعَرّةُ: تلوُّنُ الوجه مِن الغضب؛ قال
أَبو منصور: جاء أَبو العباس بهذا الحرف مشدد الراء، فإِن كان من تَمَعّرَ
وجهُه فلا تشديد فيه، وإِن كان مَفْعَلة من العَرّ فالله أَعلم.
وحِمارٌ أَعَرُّ: سَمينُ الصدر والعُنُقِ، وقيل: إِذا كان السِّمَنُ في
صدره وعُنُقِه أَكثرَ منه في سائر خلقه. وعَرَّ الظليمُ يَعِرُّ عِراراً،
وعارَّ يُعارُّ مُعارَّةً وعِراراً، وهو صوته: صاحَ؛ قال لبيد:
تحَمَّلَ أَهُلها إِلاَّ عِرَاراً
وعَزْفاً بعد أَحْياء حِلال
وزمَرَت النعامةُ زِماراً، وفي الصحاح: زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ
زِماراً. والتَّعارُّ: السَّهَرُ والتقلُّبُ على الفراش لَيْلاً مع كلام، وهو من
ذلك. وفي حديث سلمان الفارسي: أَنه كان إِذا تعارَّ من الليل، قال:
سبحان رَبِّ النبيِّين، ولا يكون إِلا يَقَظَةً مع كلامٍ وصوتٍ، وقيل:
تَمَطَّى وأَنَّ. قال أَبو عبيد: وكان بعض أَهل اللغة يجعله مأْخُوذاً من
عِرارِ الظليم، وهو صوته، قال: ولا أَدري أَهو من ذلك أَم لا. والعَرُّ:
الغلامُ.والعَرّةُ: الجارية. والعَرارُ والعَرارة: المُعجَّلانِ عن وقت
الفطام. والمُعْتَرُّ: الفقير، وقيل: المتعَرِّضُ للمعروف من غير أَن يَسأَل.
ومنه حديث علي، رضوان الله عليه: فإِن فيهم قانِعاً ومُعْتَرّاً. عَراه
واعْتَراه وعرّه يعُرُّه عَرّاً واعْتَرَّه واعْتَرَّ به إِذا أَتاه فطلب
معروفه؛ قال ابن أَحمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها،
ثم تَعُرُّ الماءَ فِيمَنْ يَعُرُّ
أَي تأْتي الماء وترده. القَفُّور: ما يوجد في القَفْر، ولم يُسْمَع
القَفّورُ في كلام العرب إِلا في شعر ابن أَحمر. وفي التنزيل: وأَطْعِمُوا
القانِعَ والمُعْتَرَّ. وفي الحديث: فأَكَلَ وأَطْعَمَ القانعَ
والمُعْتَرَّ. قال جماعة من أَهل اللغة: القانعُ الذي يسأْل، والمُعْتَرُّ الذي
يُطِيف بك يَطْلُب ما عندك، سأَلَك أَو سَكَتَ عن السؤال.
وفي حديث حاطب بن أَبي بَلْتَعة: أَنه لما كَتَب إِلى أَهل مكة كتاباً
يُنْذِرُهم فيه بِسَيْرِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِليهم
أَطْلَع اللهُ رسولَه على الكتاب، فلما عُوتِبَ فيه قال: كنت رجلاً عَريراً
في أَهل مكة فأَحْبَبْت أَن أَتقربَ إِليهم ليحُفَظُوني في عَيْلاتي
عندهم؛ أَراد بقوله عَريراً أَي غَريباً مُجاوِراً لهم دَخيلاً ولم أَكن من
صَميمهم ولا لي فيهم شُبْكَةُ رَحِمٍ. والعَرِيرُ، فَعِيل بمعنى فاعل،
وأَصله من قولك عَرَرْته عَرّاً، فأَنا عارٌّ، إِذا أَتيته تطلب معروفه،
واعْتَرَرْته بمعناه.
وفي حديث عمر، رضي الله تعالى عنه: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَعطاه
سَيْفاً مُحَلًّى فنزَعَ عُمَرُ الحِلْيةَ وأَتاه بها وقال: أَتيتك بهذا
لِمَا يَعْزُرُك من أُمور الناس؛ قال ابن الأَثير: الأَصل فيه يَعُرُّك،
ففَكّ الإِدغامَ، ولا يجيء مثل هذا الاتساعِ إِلا في الشعر، وقال أَبو
عبيد: لا أَحسبه محفوظاً ولكنه عندي: لما يَعْرُوك، بالواو، أَي لما
يَنُوبُك من أَمر الناس ويلزمك من حوائجهم؛ قال أَبو منصور: لو كان من العَرّ
لقال لما يعُرُّك. وفي حديث أَبي موسى: قال له عليّ، رضي الله عنه، وقد
جاء يعود ابنَه الحَسَنَ: ما عَرَّنا بك أَيّها الشَّيْخُ؟ أَي ما جاءنا
بك. ويقال في المثل: عُرَّ فَقْرَه بفِيه لعلّه يُلْهِيه؛ يقول: دَعْه
ونَفْسَه لا تُعِنْه لعل ذلك يَشْغَلُه عما يصنع. وقال ابن الأَعرابي: معناه
خَلِّه وغَيِّه إِذا لم يُطِعْكَ في الإِرشاد فلعله يقع في هَلَكة
تُلْهيه وتشغله عنك. والمَعْرورُ أَيضاً: المقرور، وهو أَيضاً الذي لا يستقرّ.
ورجل مَعْرورٌ: أَتاه ما لا قِوَام له معه. وعُرّاً الوادي: شاطِئاه.
والعُرُّ والعُرّةُ: ذَرْقُ الطير. والعُرّةُ أَيضاً: عَذِرةُ الناس
والبعرُ والسِّرْجِينُ؛ تقول منه: أَعَرَّت الدارُ. وعَرَّ الطيرُ يَعُرُّ
عَرَّةٍ: سَلَحَ. وفي الحديث إِيَّاكم ومُشارّةَ الناس فإِنها تُظْهِرُ
العُرّةَ، وهي القذَر وعَذِرة الناس، فاستعِير للمَساوِئِ والمَثالب. وفي
حديث سعد: أَنه كان يُدْمِلْ أَرْضَه بالعُرّة فيقول: مِكْتَلُ عُرّةٍ
مكُتَلُ بُرٍّ. قال الأَصمعي: العُرّةُ عَذِرةُ الناس، ويُدْمِلُها:
يُصْلِحها، وفي رواية: أَنه كان يَحْمِل مكيالَ عُرّةٍ إِلى أَرض له بمكة.
وعَرَّ أَرْضه يَعُرُّها أَي سَمَّدَها، والتَّعْرِيرُ مثله. ومنه حديث ابن
عمر: كان لا يَعُرُّ أَرْضَه أَي لا يُزَبِّلُها بالعُرَّة. وفي حديث جعفر
بن محمد، رضي الله عنهما: كُلْ سَبْعَ تَمَراتٍ من نَخْلةٍ غيرِ
مَعْرورةٍ أَي غير مُزَبَّلة بالعُرّة، ومنه قيل: عَرَّ فلانٌ قومَه بشرٍّ إِذا
لطّخهم؛ قال أَبو عبيد: وقد يكون عرّهم بشرٍّ من العَرّ وهو الجَربُ أَي
أَعْداهم شرُّه؛ وقال الأَخطل:
ونَعْرُرْ بقوم عُرَّةً يكرهونها،
ونَحْيا جميعاً أَو نَمُوت فنُقْتَل
وفلانٌ عُرّةٌ وعارُورٌ وعارُورةٌ أَي قَذِرٌ. والعُرّةُ: الأُبْنةُ في
العَصا وجمعها عُرَرٌ.
وجَزورٌ عُراعِرٌ، بالضم، أَي سَمِينة. وعُرَّةُ السنام: الشحمةُ
العُليا، والعَرَرُ: صِغَرُ السنام، وقيل: قصرُه، وقيل: ذهابُه وهو من عيوب
الإِبل، جمل أَعرُّ وناقة عرّاء وعرّة؛ قال:
تَمَعُّكَ الأَعَرّ لاقَى العَرّاء
أَي تَمَعَّك كما يتمعك الأَعَرُّ، والأَعَرُّ يُحِبُّ التمعُّكَ لذهاب
سنامه يلتذّ بذلك؛ وقال أَبو ذؤيب:
وكانوا السَّنامَ اجتُثَّ أَمْسِ، فقومُهم
كعرّاءَ، بَعْدَ النَّيّ، راثَ رَبِيعُها
وعَرَّ إِذا نقص. وقد عَرَّ يَعَرُّ: نقص سنامُه.
وكَبْشٌ أَعَرُّ. لا أَلْية له، ونعجة عَرّاء. قال ابن السكيت:
الأَجَبُّ الذي لا سنام له من حادِثٍ، والأَعَرُّ الذي لا سنام له من
خلْقة.وفي كتاب التأْنيث والتذكير لابن السكيت: رجل عارُورةٌ إِذا كان
مشؤوماً، وجمل عارُورةٌ إِذا لم يكن له سنام، وفي هذا الباب رجل صارُورةٌ.
ويقال: لقيت منه شرّاً وعَرّاً وأَنت شرٌّ منه وأَعَرُّ، والمَعَرَّةُ: الأَمر
القبيح المكروه والأَذى، وهي مَفْعلة من العَرّ.
وعَرَّه بشرٍّ أَي ظلَمه وسبّه وأَخذ مالَه، فهو مَعْرُورٌ. وعَرَّه
بمكروه يعُرُّه عَرّاً: أَصابَه به، والاسم العُرَّة. وعَرَّه أَي ساءه؛ قال
العجاج:
ما آيبٌ سَرَّكَ إِلا سرَّني
نُصحاً، ولا عَرَّك إِلا عَرَّني
قال ابن بري: الرجز لرؤبة بن العجاج وليس للعجاج كما أَورده الجوهري؛
قاله يخاطب بلال بن أَبي بردة بدليل قوله:
أَمْسى بِلالٌ كالرَّبِيعِ المُدْجِنِ
أَمْطَرَ في أَكْنافِ غَيْمٍ مُغْيِنِ،
ورُبَّ وَجْهٍ من حراء مُنْحَنِ
وقال قيس بن زهير:
يا قَوْمَنا لا تَعُرُّونا بداهيَةٍ،
يا قومَنا، واذكُروا الآباءَ والقُدمَا
قال ابن الأَعرابي: عُرَّ فلانٌ إِذا لُقِّبَ بلقب يعُرُّه؛ وعَرَّه
يعُرُّهُ إِذا لَقَّبه بما يَشِينُه؛ وعَرَّهم يعُرُّهم: شانَهُم. وفلان
عُرّةُ أَهله أَي يَشِينُهم. وعَرَّ يعُرُّ إِذا صادَفَ نوبته في الماء
وغيره، والعُرَّى: المَعِيبةُ من النساء. ابن الأَعرابي: العَرَّةُ الخَلّةُ
القبيحة. وعُرّةُ الجربِ وعُرّةُ النساء: فَضيحَتُهنّ وسُوءُ عشْرتهنّ.
وعُرّةُ الرجال: شرُّهم. قال إِسحق: قلت لأَحمد سمعت سفيان ذكَر العُرّةَ
فقال: أَكْرَهُ بيعَه وشراءَه، فقال أَحمد: أَحْسَنَ؛ وقال ابن راهويه
كما قال، وإِن احتاج فاشتراه فهو أَهْون لأَنه يُمْنَحُ. وكلُّ شيءٍ باءَ
بشيءٍ، فهو له عَرَار؛ وأَنشدَ للأَعشى:
فقد كان لهم عَرار
وقيل: العَرارُ القَوَدُ. وعَرارِ، مثل قطام: اسم بقرة. وفي المثل:
باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ، وهما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً؛ باءت هذه بهذه؛
يُضْرَب هذا لكل مستويين؛ قال ابن عنقاء الفزاري فيمن أَجراهما:
باءَتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق معاً،
فلا تَمَنَّوا أَمانيَّ الأَباطِيل
وفي التهذيب: وقال الآخر فيما لم يُجْرِهما:
باءَتْ عَرارِ بكَحْلَ فيما بيننا،
والحقُّ يَعْرفُه ذَوُو الأَلْباب
قال: وكَحْل وعَرارِ ثورٌ وبقرة كانا في سِبْطَينِ من بني إِسرائيل،
فعُقِر كَحْل وعُقِرت به عَرارِ فوقعت حرب بينهما حتى تَفانَوْا، فضُربا
مثلاً في التساوي.
وتزوّجَ في عَرارة نِساءٍ أَي في نساءٍ يَلِدْن الذكور، وفي شَرِيَّةِ
نساء يلدن الإِناث.
والعَرَارةُ: الشدة؛ قال الأَخطل:
إِن العَرارةَ والنُّبُوحَ لِدارِمٍ،
والمُسْتَخِفُّ أَخُوهمُ الأَثْقالا
وهذا البيت أَورده الجوهري للأَخطل وذكر عجزه:
والعِزُّ عند تكامُلِ الأَحْساب
قال ابن بري: صدر البيت للأَخطل وعجزه للطرماح، فابن بيت الأَخطل كما
أَوردناه أَولاً؛ وبيت الطرماح:
إِن العرارة والنبوح لِطَيِّءٍ،
والعز عند تكامل الأَحساب
وقبله:
يا أَيها الرجل المفاخر طيئاً،
أَعْزَبْت لُبَّك أَيَّما إِعْزاب
وفي حديث طاووس: إِذا اسْتَعَرَّ عليكم شيءٌ من الغَنم أَي نَدَّ
واسْتَعْصَى، من العَرارة وهي الشدة وسوء الخلق، والعَرَارةُ: الرِّفْعة
والسُودَدُ.
ورجل عُراعِرٌ: شريف؛ قال مهلهل:
خَلَعَ المُلوكَ، وسارَ تحت لِوائِه
شجرُ العُرا، وعُراعِرُ الأَقْوامِ
شجر العرا: الذي يبقى على الجدب، وقيل: هم سُوقة الناس. والعُراعِرُ
هنا: اسم للجمع، وقيل: هو للجنس، ويروى عَراعِر، بالفتح، جمع عُراعِر،
وعَراعِرُ القوم: ساداتُهم، مأْخوذ من عُرْعُرة الجبل، والعُراعِرُ: السيد،
والجمع عَراعِرُ، بالفتح؛ قال الكميت:
ما أَنْتَ مِنْ شَجَر العُرا،
عند الأُمورِ، ولا العَراعِرْ
وعُرْعُرة الجبل: غلظه ومعظمه وأَعلاه. وفي الحديث: كتب يحيى بن يعمر
إِلى الحجاج: إِنا نزلنا بعُرْعُرةِ الجبل والعدوُّ بحَضِيضِه؛ فعُرْعَرتُه
رأْسه، وحَضِيضُه أَسفلُه. وفي حديث عمر بن عبد العزيز أَنه قال:
أَجْمِلوا في الطَلب فلو أَن رِزْقَ أَحدِكم في عُرْعُرةِ جبلٍ أَو حَضِيض أَرض
لأَتاه قبل أَن يموت. وعُرْعُرةُ كل شيءٍ، بالضم: رأْسُه وأَعلاه.
وعَرْعَرةُ الإِنسان: جلدةُ رأْسِه. وعُرْعرةُ السنامِ: رأْسُه وأَعلاه
وغارِبُه، وكذلك عُرْعُرةُ الأَنف وعُرْعُرةُ الثورِ كذلك؛ والعراعِرُ: أَطراف
الأَسْمِنة في قول الكميت:
سَلَفي نَِزار، إِذْ تحوّ
لت المَناسمُ كالعَراعرْ
وعَرْعَرَ عينَه: فقأَها، وقيل: اقتلعها؛ عن اللحياني. وعَرْعَرَ صِمامَ
القارورة عَرْعرةً: استخرجه وحرّكه وفرّقه. قال ابن الأَعرابي:
عَرْعَرْت القارورةَ إِذا نزعت منها سِدادَها، ويقال إِذا سَدَدْتها، وسِدادُها
عُرعُرُها، وعَرَعَرَتُها وِكاؤها. وفي التهذيب: غَرْغَرَ رأْسَ القارورة،
بالغين المعجمة، والعَرْعَرةُ التحريك والزَّعْزعةُ، وقال يعني قارروةً
صفْراء من الطيب:
وصَفْراء في وَكْرَيْن عَرْعَرْتُ رأْسَها،
لأُبْلِي إِذا فارَقْتُ في صاحبِي عُذْرا
ويقال للجارية العَذْراء: عَرَّاء. والعَرْعَر: شجرٌ يقال له الساسَم،
ويقال له الشِّيزَى، ويقال: هو شجر يُعْمل به القَطِران، ويقال: هو شجر
عظيم جَبَليّ لا يزال أَخضرَ تسميه الفُرْسُ السَّرْوُ. وقال أَبو حنيفة:
للعَرْعَر ثمرٌ أَمثال النبق يبدو أَخضر ثم يَبْيَضُّ ثم يَسْوَدُّ حتى
يكون كالحُمَم ويحلُو فيؤكل، واحدته عَرْعَرةٌ، وبه سمي الرجل. والعَرَارُ:
بَهارُ البَرِّ، وهو نبت طيب الريح؛ قال ابن بري: وهو النرجس البَرِّي؛
قال الصمّة
بن عبدالله القشيري:
أَقولُ لصاحِبي والعِيسُ تَخْدِي
بنا بَيْنَ المُنِيفة فالضِّمَارِ
(* قوله: والعيس تخدي» في ياقوت: تهوي بدل تخدي):
تمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرَارِ نَجْدٍ،
فما بَعْدَ العَشِيَّة مِن عَرارِ
أَلا يا حَبّذا نَفَحاتُ نَجْدٍ،
ورَيّا رَوْضه بعد القِطَار
شهورٌ يَنْقَضِينَ، وما شَعَرْنا
بأَنْصافٍ لَهُنَّ، ولا سَِرَار
واحدته عَرارة؛ قال الأَعشى:
بَيْضاء غُدْوَتها، وصَفْـ
ـراء العَشِيّة كالعَراره
معناه أَن المرأَة الناصعةَ البياض الرقيقةَ البشرة تَبْيَضّ بالغداة
ببياض الشمس، وتَصْفَرّ بالعشيّ باصفرارها. والعَرَارةُ: الحَنْوةُ التي
يَتَيَمّن بها الفُرْسُ؛ قال أَبو منصور: وأَرى أَن فرَس كَلْحَبةَ
اليَرْبوعي سميت عَرَارة بها، واسم كلحبة هُبَيرة بن عبد مناف؛ وهو القائل في
فرسه عرارة هذه:
تُسائِلُني بنو جُشَمَ بنِ بكْرٍ:
أَغَرّاءُ العَرارةُ أَمْ يَهِيمُ؟
كُمَيتٌ غيرُ مُحْلفةٍ، ولكن
كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ به الأَدِيمُ
ومعنى قوله: تسائلني بنو جشم بن بكر أَي على جهة الاستخبار وعندهم منها
أَخبار، وذلك أَن بني جشم أَغارت على بَلِيٍّ وأَخذوا أَموالهم، وكان
الكَلْحَبةُ نازلاً عندهم فقاتَلَ هو وابنُه حتى رَدُّوا أَموال بَلِيٍّ
عليهم وقُتِلَ ابنُه، وقوله: كميت غير محلفة، الكميت المحلف هو الأَحَمُّ
والأَحْوى وهما يتشابهان في اللون حتى يَشُكّ فيهما البَصِيران، فيحلف
أَحدُهما أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ، ويحلف الآخرُ أَنه كُمَيت أَحْوَى، فيقول
الكلحبة: فرسِي ليست من هذين اللونين ولكنها كلون الصِّرْف، وهو صبغ أَحمر
تصبغ به الجلود؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده أَغَرّاءُ العَرادةُ،
بالدال، وهو اسم فرسه، وقد ذكرت في فصل عرد، وأَنشد البيت أَيضاً، وهذا هو
الصحيح؛ وقيل: العَرَارةُ الجَرادةُ، وبها سميت الفرس؛ قال بشر:
عَرارةُ هَبْوة فيها اصْفِرارُ
ويقال: هو في عَرارة خيرٍ أَي في أَصل خير. والعَرَارةُ: سوءُ الخلق.
ويقال: رَكِبَ عُرْعُرَه إِذا ساءَ خُلُقه، كما يقال: رَكِبَ رَأْسَه؛ وقال
أَبو عمرو في قول الشاعر يذكر امرأَة:
ورَكِبَتْ صَوْمَها وعُرْعُرَها
أَي ساء خُلُقها، وقال غيره: معناه ركبت القَذِرَ من أَفْعالها. وأَراد
بعُرْعُرها عُرَّتَها، وكذلك الصوم عُرَّةُ النعام. ونخلة مِعْرارٌ أَي
محْشافٌ. الفراء: عَرَرْت بك حاجتي أَي أَنْزَلْتها. والعَرِيرُ في
الحديث: الغَرِيبُ؛ وقول الكميت:
وبَلْدة لا يَنالُ الذئْبُ أَفْرُخَها،
ولا وَحَى الوِلْدةِ الدَّاعِين عَرْعارِ
أَي ليس بها ذئب لبُعْدِها عن الناس. وعِرَار: اسم رجل، وهو عِرَار بن
عمرو بن شاس الأَسدي؛ قال فيه أَبوه:
وإِنَّ عِرَاراً إِن يكن غيرَ واضحٍ،
فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِب العَمَمْ
وعُرَاعِر وعَرْعَرٌ والعَرَارةُ، كلها: مواضع؛ قال امرؤ القيس:
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بعدما كان أَقْصرَا،
وحَلَّت سُلَيْمى بَطْنَ ظَبْيٍ فعَرْعَرَا
ويروى: بطن قَوٍّ؛ يخاطب نفسه يقول: سما شوقُك أَي ارتفع وذهب بك كلَّ
مذهب لِبُعْدِ مَن تُحِبُّه بعدما كان أَقصر عنك الشوق لقُرْب المُحِبّ
ودُنوِّه؛ وقال النابغة:
زيدُ بن زيد حاضِرٌ بعُراعِرٍ،
وعلى كُنَيْب مالِكُ بن حِمَار
ومنه مِلْحٌ عُراعِرِيّ. وعَرْعارِ: لُعْبة للصبيان، صِبْيانِ الأَعراب،
بني على الكسرة وهو معدول من عَرْعَرَة مثل قَرْقارٍ من قَرْقَرة.
والعَرْعَرة أَيضاً: لُعْبةٌ للصبيان؛ قال النابعة:
يَدْعُو ولِيدُهُم بها عَرْعارِ
لأَن الصبي إِذا لم يجد أَحداً رفَع صوتَه فقال: عَرْعارِ، فإِذا
سَمِعُوه خرجوا إِليه فلَعِبوا تلك اللُّعْبَةَ. قال ابن سيده: وهذا عند سيبويه
من بنات الأَربع، وهو عندي نادر، لأَن فَعالِ إِنما عدلت عن افْعل في
الثلاثي ومَكّنَ غيرُه عَرْعار في الاسمية. قالوا: سمعت عَرْعارَ الصبيان
أَي اختلاطَ أَصواتهم، وأَدخل أَبو عبيدة عليه الأَلف واللام فقال:
العَرْعارُ لُعْبةٌ للصبيان؛ وقال كراع: عَرْعارُ لعبة للصبيان فأَعْرَبه،
أَجراه مُجْرَى زينب وسُعاد.
برد: البَرْدُ: ضدُّ الحرّ. والبُرودة: نقيض الحرارة؛ بَرَدَ الشيءُ
يبرُدُ بُرودة وماء بَرْدٌ وبارد وبَرُودٌ وبِرادٌ، وقد بَرَدَه يَبرُدُه
بَرْداً وبَرَّدَه: جعله بارداً. قال ابن سيده: فأَما من قال بَرَّدَه
سَخَّنه لقول الشاعر:
عافَتِ الماءَ في الشتاء، فقلنا:
بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فغالط، إِنما هو: بَلْ رِدِيه، فأَدغم على أَن قُطْرباً قد قاله.
الجوهري: بَرُدَ الشيءُ، بالضم، وبَرَدْتُه أَنا فهو مَبْرُود وبَرّدته
تبريداً، ولا يقال أَبردته إِلاّ في لغة رديئة؛ قال مالك بن الريب، وكانت المنية
قد حضرته فوصى من يمضي لأَهله ويخبرهم بموته، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه
في الركاب فلا يركبهَا أَحد ليُعْلم بذلك موت صاحبها وذلك يسرّ أَعداءه
ويحزن أَولياءه؛ فقال:
وعَطِّلْ قَلُوصي في الركاب، فإِنها
سَتَبْرُدُ أَكباداً، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بفتح الباء: البارد؛ قال الشاعر:
فبات ضَجيعي في المنام مع المُنَى
بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثغر، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خلطه بالثلج وغيره، وقد جاء في الشعر. وأَبْرَدَه:
جاء به بارداً. وأَبْرَدَ له: سقاهُ بارداً. وسقاه شربة بَرَدَت فؤَادَه
تَبْرُدُ بَرْداً أَي بَرَّدَتْه. ويقال: اسقني سويقاً أُبَرِّد به كبدي.
ويقال: سقيته فأَبْرَدْت له إِبراداً إِذا سقيته بارداً. وسقيته شربةً
بَرَدْت بها فوؤَادَه من البَرود؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا،
بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وضعوا عنها رحالها لتَبْرُدَ ظهورها. وفي الحديث: إِذا أَبصر أَحدكم
امرأَة فليأْت زوجته فإِن ذلك بَرْدُ ما في نفسه؛ قال ابن الأَثير: هكذا
جاء في كتاب مسلم، بالباء الموحدة، من البَرْد، فإِن صحت الرواية فمعناه
أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع أَي
تسكنه وتجعله بارداً، والمشهور في غيره يردّ، بالياء، من الرد أَي يعكسه.
وفي حديث عمر: أَنه شرب النبيذ بعدما بَرَدَ أَي سكن وفَتَر. ويُقال: جدّ
في الأَمر ثم بَرَدَ أَي فتر. وفي الحديث: لما تلقاه بُرَيْدَةُ الأَسلمي
قال له: من أَنت؟ قال: أَنا بريدة، قال لأَبي بكر: بَرَدَ أَمرنا وصلح
(* قوله «برد أمرنا وصلح» كذا في نسخة المؤلف والمعروف وسلم، وهو المناسب
للأسلمي فانه، صلى الله عليه وسلم، كان يأخذ الفأل من اللفظ). أَي سهل.
وفي حديث أُم زرع: بَرُودُ الظل أَي طيب العشرة، وفعول يستوي فيه الذكر
والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الماء، بني على أَبْرَد؛ قال الليث:
البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عليها الماء، قال الأَزهري: ولا أَدري هي من كلام
العرب أَم كلام المولدين. وإِبْرِدَةُ الثرى والمطر: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ في الجوف.
والبَرَدَةُ: التخمة؛ وفي حديث ابن مسعود: كل داء أَصله البَرَدة وكله
من البَرْد؛ البَرَدة، بالتحريك: التخمة وثقل الطعام على المعدة؛ وقيل:
سميت التخمةُ بَرَدَةً لأَن التخمة تُبْرِدُ المعدة فلا تستمرئ الطعامَ
ولا تُنْضِجُه.
وفي الحديث: إِن البطيخ يقطع الإِبردة؛ الإِبردة، بكسر الهمزة والراء:
علة معروفة من غلبة البَرْد والرطوبة تُفَتِّر عن الجماع، وهمزتها زائدة.
ورجل به إِبْرِدَةٌ، وهو تقطِير البول ولا ينبسط إِلى النساء.
وابْتَرَدْتُ أَي اغتسلت بالماء البارد، وكذلك إِذا شربته لتَبْرُدَ به كبدك؛ قال
الراجز.
لَطالَما حَلأْتُماها لا تَرِدْ،
فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه على رأَسه بارداً؛ قال:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ في كَبِدي،
أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء القوم أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ،
فمَنْ لِحَرٍّ على الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فيه: استنقع. والبَرُودُ: ما ابْتُرِدَ به.
والبَرُودُ من الشراب: ما يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
ولا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يتبرّد بالماء: يغتسل به.
وهذا الشيء مَبْرَدَةٌ للبدن؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي ما يحملكم على
نومة الضحى؟ قال: إِنها مَبْرَدَةٌ في الصيف مَسْخَنَةٌ في الشتاء.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضاً: الظل والفيء، سميا بذلك لبردهما؛ قال
الشماخ بن ضرار:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ
خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي في ترجمة جزأَ
(* وهي متأخرة عن هذا الحرف في تهذيب الأزهري.) ؛
وقول أَبي صخر الهذلي:
فما رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى،
ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يجوز أَن يكون جمع الأَبردين اللذين هما الظل والفيء أَو اللذين هما
الغداة والعشيّ؛ وقيل: البردان العصران وكذلك الأَبردان، وقيل: هما الغداة
والعشي؛ وقيل: ظلاَّهما وهما الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ. وفي
الحديث: أَبْرِدُوا بالظهر فإِن شدّة الحرّ من فيح جهنم؛ قال ابن الأَثير:
الإِبراد انكسار الوَهَج والحرّ وهو من الإِبراد الدخول في البَرْدِ؛
وقيل: معناه صلوها في أَوّل وقتها من بَرْدِ النهار، وهو أَوّله. وأَبرد
القومُ: دخلوا في آخر النهار. وقولهم: أَبرِدوا عنكم من الظهيرة أَي لا
تسيروا حتى ينكسر حرّها ويَبُوخ. ويقال: جئناك مُبْرِدين إِذا جاؤوا وقد باخ
الحر. وقال محمد بن كعب: الإِبْرادُ أَن تزيغ الشمس، قال: والركب في
السفر يقولون إِذا زاغت الشمس قد أَبردتم فرُوحُوا؛ قال ابن أَحمر:
في مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد
قال الأَزهري: لا أَعرف محمد بن كعب هذا غير أَنّ الذي قاله صحيح من
كلام العرب، وذلك أَنهم ينزلون للتغوير في شدّة الحر ويقيلون، فإِذا زالت
الشمس ثاروا إِلى ركابهم فغيروا عليها أَقتابها ورحالها ونادى مناديهم:
أَلا قد أَبْرَدْتم فاركبوا قال الليث: يقال أَبرد القوم إِذا صاروا في وقت
القُرِّ آخر القيظ. وفي الحديث: من صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة؛
البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ والعشيّ؛ ومنه حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْنِ؛ وحديثه الآخر مع فَضالة بن شريك: وسِرْ بها
البَرْدَيْن.وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْداً وبَرَدَ علينا: أَصابنا برده.
وليلة باردة العيش وبَرْدَتُه: هنيئته؛ قال نصيب:
فيا لَكَ ذا وُدٍّ، ويا لَكِ ليلةً،
بَخِلْتِ وكانت بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قوله: لا بارد ولا كريم؛ فإِن المنذري روى عن ابن السكيت أَنه
قال: وعيش بارد هنيء طيب؛ قال:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها
شبابٌ، ومخفوضٌ من العيشِ بارِدُ
أَي طاب لها عيشها. قال: ومثله قولهم نسأَلك الجنة وبَرْدَها أَي طيبها
ونعيمها.
قال ابن شميل: إِذا قال: وابَرْدَهُ
(* قوله «قال ابن شميل إِذا قال
وابرده إلخ» كذا في نسخة المؤلف والمناسب هنا أن يقال: ويقول وابرده على
الفؤاد إذا أصاب شيئاً هنيئاً إلخ.) على الفؤاد إِذا أَصاب شيئاً هنيئاً،
وكذلك وابَرْدَاهُ على الفؤاد. ويجد الرجل بالغداة البردَ فيقول: إِنما هي
إِبْرِدَةُ الثرى وإِبْرِدَةُ النَّدَى. ويقول الرجل من العرب: إِنها
لباردة اليوم فيقول له الآخر: ليست بباردة إِنما هي إِبْرِدَةُ الثرى. ابن
الأَعرابي: الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها. والباردة: الغنيمة
الحاصلة بغير تعب؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء
الغنيمة الباردة لتحصيله الأَجر بلا ظمإٍ في الهواجر أَي لا تعب فيه ولا
مشقة. وكل محبوب عندهم: بارد؛ وقيل: معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من
قولهم بَرَدَ لي على فلان حق أَي ثبت؛ ومنه حديث عمر: وَدِدْتُ أَنه
بَرَدَ لنا عملُنا. ابن الأَعرابي: يقال أَبرد طعامه وبَرَدَهُ
وبَرَّدَهُ.والمبرود: خبز يُبْرَدُ في الماءِ تطعمه النِّساءُ للسُّمْنة؛ يقال:
بَرَدْتُ الخبز بالماءِ إِذا صببت عليه الماء فبللته، واسم ذلك الخبز
المبلول: البَرُودُ والمبرود.
والبَرَدُ: سحاب كالجَمَد، سمي بذلك لشدة برده. وسحاب بَرِدٌ وأَبْرَدُ:
ذو قُرٍّ وبردٍ؛ قال:
يا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ،
أَسْقاك عني هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وقال:
كأَنهُمُ المَعْزاءُ في وَقْع أَبْرَدَا
شبههم في اختلاف أَصواتهم بوقع البَرَد على المَعْزاء، وهي حجارة صلبة،
وسحابة بَرِدَةٌ على النسب: ذات بَرْدٍ، ولم يقولوا بَرْداء. الأَزهري:
أَما البَرَدُ بغير هاء فإِن الليث زعم أَنه مطر جامد. والبَرَدُ: حبُّ
الغمام، تقول منه: بَرُدَتِ الأَرض. وبُرِدَ القوم: أَصابهم البَرَدُ،
وأَرض مبرودة كذلك. وقال أَبو حنيفة: شجرة مَبْرودة طرح البَرْدُ ورقها.
الأَزهري: وأَما قوله عز وجل: وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ فيصيب
به؛ ففيه قولان: أَحدهما وينزل من السماء من أَمثال جبال فيها من بَرَدٍ،
والثاني وينزل من السماء من جبال فيها بَرَداً؛ ومن صلة؛ وقول الساجع:
وصِلِّياناً بَرِدَا
أَي ذو برودة. والبَرْد. النوم لأَنه يُبَرِّدُ العين بأَن يُقِرَّها؛
وفي التنزيل العزيز: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شراباً؛ قال العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ،
وإِن شِئت لم أَطعَمْ نُقاخاً ولا بَرْدا
قال ثعلب: البرد هنا الريق، وقيل: النقاخ الماء العذب، والبرد النوم.
الأَزهري في قوله تعالى: لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً؛ روي عن ابن عباس
قال: لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب، قال: وقال بعضهم لا يذوقون
فيها برداً، يريد نوماً، وإِن النوم ليُبَرِّد صاحبه، وإِن العطشان لينام
فَيَبْرُدُ بالنوم؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد في النوم:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْ
تُ على مُصطلاه أَيَّ برود
قال أَبو الهيثم: بَرَدَ الموتُ على مُصْطلاه أَي ثبت عليه. وبَرَدَ لي
عليه من الحق كذا أَي ثبت. ومصطلاه: يداه ورجلاه ووجهه وكل ما برز منه
فَبَرَدَ عند موته وصار حرّ الروح منه بارداً؛ فاصطلى النار ليسخنه.
وناجذاه: السنَّان اللتان تليان النابين. وقولهم: ضُرب حتى بَرَدَ معناه حتى
مات. وأَما قولهم: لم يَبْرُدْ منه شيء فالمعنى لم يستقر ولم يثبت؛
وأَنشد:اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قال: وأَصله من النوم والقرار. ويقال: بَرَدَ أَي نام؛ وقول الشاعر
أَنشده ابن الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خالد وخالدا
حُبّاً سَخَاخِينَ، وحبّاً باردا
قال: سخاخين حب يؤْذيني وحباً بارداً يسكن إِليه قلبي. وسَمُوم بارد أَي
ثابت لا يزول؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه،
مَن جَزِعَ اليومَ فلا تلومه
وبَرَدَ الرجل يَبْرُدُ بَرْداً: مات، وهو صحيح في الاشتقاق لأَنه عدم
حرارة الروح؛ وفي حديث عمر: فهَبَره بالسيف حتى بَرَدَ أَي مات. وبَرَدَ
السيفُ: نَبا. وبَرَدَ يبرُدُ بَرْداً: ضعف وفتر عن هزال أَو مرض.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي،
الماءُ والفتُّ ذوا أَسقامي
ابن بُزُرج: البُرَاد ضعف القوائم من جوع أَو إِعياء، يقال: به بُرادٌ.
وقد بَرَد فلان إِذا ضعفت قوائمه. والبَرْد: تبرِيد العين. والبَرود:
كُحل يُبَرِّد العين: والبَرُود: كل ما بَرَدْت به شيئاً نحو بَرُود العينِ
وهو الكحل. وبَرَدَ عينَه، مخففاً، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها
بَرْداً: كَحَلَها به وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الكحل
البَرُودُ، والبَرُودُ كحل تَبْردُ به العينُ من الحرِّ؛ وفي حديث الأَسود: أَنه
كان يكتحل بالبَرُود وهو مُحْرِم؛ البَرُود، بالفتح: كحل فيه أَشياء
باردة. وكلُّ ما بُرِدَ به شيءٌ: بَرُود. وبَرَدَ عليه حقٌّ: وجب ولزم. وبرد
لي عليه كذا وكذا أَي ثبت. ويقال: ما بَرَدَ لك على فلان، وكذلك ما ذَابَ
لكَ عليه أَي ما ثبت ووجب. ولي عليه أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثابت؛ قال:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه،
مَنْ عجز اليومَ فلا تلومُه
أَي حره ثابت؛ وقال أَوس بن حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِاللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه،
وكان ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد في أَيديهم سَلَماً لا يُفْدَى ولا يُطْلَق ولا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لا يُبالون ما بَرَّدوا عليك أَي أَثبتوا عليك. وفي حديث
عائشة، رضي الله تعالى عنها: لا تُبَرِّدي عنه أَي لا تخففي. يقال: لا
تُبَرِّدْ عن فلان معناه إِن ظلمك فلا تشتمه فتنقص من إِثمه، وفي الحديث: لا
تُبَرِّدوا عن الظالم أَي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة
ذنبه.
والبَرِيدُ: فرسخان، وقيل: ما بين كل منزلين بَرِيد. والبَريدُ: الرسل
على دوابِّ البريد، والجمع بُرُد. وبَرَدَ بَرِيداً: أَرسله. وفي الحديث:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيداً فاجعلوه
حسن الوجه حسن الاسم؛ البَرِيد: الرسول وإِبرادُه إِرساله؛ قال الراجز:
رأَيتُ للموت بريداً مُبْردَا
وقال بعض العرب: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رسول الموت تنذر
به. وسِكَكُ البرِيد: كل سكة منها اثنا عشر ميلاً. وفي الحديث: لا
تُقْصَرُ الصلاةُ في أَقلَّ من أَربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً، والفرسخ
ثلاثة أَميال، والميل أَربعة آلاف ذراع، والسفر الذي يجوز فيه القصر أَربعة
برد، وهي ثمانية وأَربعون ميلاً بالأَميال الهاشمية التي في طريق مكة؛
وقيل لدابة البريد: بَريدٌ، لسيره في البريد؛ قال الشاعر:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حتى كأَنَّني،
عليها بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وقال ابن الأَعرابي: كل ما بين المنزلتين فهو بَرِيد. وفي الحديث: لا
أَخِيسُ بالعَهْدِ ولا أَحْبِسُ البُرْدَ أَي لا أَحبس الرسل الواردين
عليّ؛ قال الزمخشري: البُرْدُ، ساكناً، يعني جمعَ بَرِيد وهو الرسول فيخفف عن
بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خففه ههنا ليزاوج العهد. قال: والبَرِيد
كلمة فارسية يراد بها في الأَصل البَرْد، وأَصلها «بريده دم» أَي محذوف
الذنَب لأَن بغال البريد كانت محذوفة الأَذناب كالعلامة لها فأُعربت
وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً، والمسافة التي بين السكتين بريداً،
والسكة موضع كان يسكنه الفُيُوجُ المرتبون من بيت أَو قبة أَو رباط، وكان
يرتب في كل سكة بغال، وبُعد ما بين السكتين فرسخان، وقيل أَربعة.
الجوهري: البريد المرتب يقال حمل فلان على البريد؛ وقال امرؤ القيس:
على كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ
بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، من خيلِ بَرْبَرَا
وقال مُزَرِّدٌ أَخو الشماخ بن ضرار يمدح عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وخالتي،
وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سيرها في البرِيد. وصاحب البَرِيد قد أَبردَ إِلى الأَمير، فهو
مُبْرِدٌ. والرسول بَرِيد؛ ويقال للفُرانِق البَرِيد لأَنه ينذر قدَّام
الأَسد.
والبُرْدُ من الثيابِ، قال ابن سيده: البُرْدُ ثوب فيه خطوط وخص بعضهم
به الوشي، والجمع أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كساء يلتحف به، وقيل: إِذا جعل الصوف شُقة وله هُدْب، فهي
بُرْدَة؛ وفي حديث ابن عمر: أَنه كان عليه يوم الفتح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ
قصيرة؛ قال شمر: رأَيت أَعرابيّاً بِخُزَيْمِيَّةَ وعليه شِبْه منديل من صوف
قد اتَّزَر به فقلت: ما تسميه؟ قال: بُرْدة؛ قال الأَزهري: وجمعها
بُرَد، وهي الشملة المخططة. قال الليث: البُرْدُ معروف من بُرُود العَصْب
والوَشْي، قال: وأَما البُرْدَة فكساء مربع أَسود فيه صغر تلبسه الأَعراب؛
وأَما قول يزيد بنِ مُفَرّغ الحميري:
وشَرَيْتُ بُرْداً ليتني،
من قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فهو اسم عبد. وشريت أَي بعت. وقولهم: هما في بُرْدة أَخْمَاسٍ فسره ابن
الأَعرابي فقال: معناه أَنهما يفعلان فعلاً واحداً فيشتبهان كأَنهما في
بُرَدة، والجمع بُرَد على غير ذلك؛ قال أَبو ذؤيب:
فسَمعَتْ نَبْأَةً منه فآسَدَها،
كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يريد أَن الكلاب انبسطنَ خلف الثور مثل البُرَدِ؛ وقول يزيد بن المفرّغ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا،
طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قال ابن سيده: يحتمل أَن يكون جمع بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يكون
جمع بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وثوب بَرُودٌ: ليس فيه زِئبِرٌ. وثوب بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً ولا
لَيِّناً من الثياب.
وثوب أَبْرَدُ: فيه لُمَعُ سوادٍ وبياض، يمانية.
وبُرْدَا الجراد والجُنْدُب: جناحاه؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ،
إِذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وقال الكميت يهجو بارقاً:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، ولم يَطِرْ
لنا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عوف: كنية الجراد.
وهي لك بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خالصة. وقال أَبو عبيد: هي لك بَرْدَةُ
نَفْسِها أَي خالصاً فلم يؤَنث خالصاً.
وهي إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وقال أَبو عبيد: هو لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا
كان لك معلوماً.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه من الجواهر يَبْرُدُه: سحله.
والبُرادة: السُّحالة؛ وفي الصحاح: والبُرادة ما سقط منه. والمِبْرَدُ: ما
بُرِدَ به، وهو السُّوهانُ بالفارسية. والبَرْدُ: النحت؛ يقال: بَرَدْتُ
الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْداً إِذا نحتها.
والبُرْدِيُّ، بالضم: من جيد التمر يشبه البَرْنِيَّ؛ عن أَبي حنيفة.
وقيل: البُرْدِيّ ضرب من تمر الحجاز جيد معروف؛ وفي الحديث: أَنه أَمر أَن
يؤْخذ البُرْدِيُّ في الصدقة، وهو بالضم، نوع من جيد التمر.
والبَرْدِيُّ، بالفتح: نبت معروف واحدته بَرْدِيَّةٌ؛ قال الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الفِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وفي المحكم:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريـ
ـفِ، قد خالَطَ الماءُ منها السَّريرا
وقال في المحكم: السرير ساقُ البَرْدي، وقيل: قُطْنُهُ؛ وذكر ابن برّيّ
عجز هذا البيت:
إِذا خالط الماء منها السُّرورا
وفسره فقال: الغِيل، بكسر الغين، الغيضة، وهو مغيض ماء يجتمع فينبت فيه
الشجر. والغريف: نبت معروف. قال: والسرور جمع سُرّ، وهو باطن
البَرْدِيَّةِ. والأَبارِدُ: النُّمورُ، واحدها أَبرد؛ يقال للنَّمِرِ الأُنثى
أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نهر بدمشق؛ قال حسان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ
بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي ماء بَرَدَى
والبَرَدانِ، بالتحريك: موضع؛ قال ابن مَيَّادة:
ظَلَّتْ بِنهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،
تَشْرَبُ منه نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: موضع أَيضاً، وقيل: نهر، وقيل: هو نهر دمشق والأَعرف أَنه
بَرَدَى كما تقدم.
والأُبَيْرِد: لقب شاعر من بني يربوع؛ الجوهري: وقول الشاعر:
بالمرهفات البوارد
قال: يعني السيوف وهي القواتل؛ قال ابن برّي صدر البيت:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّني
مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن برّي ما
صورته: قال هذا البيت من جملة أَبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها
زوجته؛ قال وصوابه:
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغصَّني
مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قال: وإِنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري لأَنه كذا ذكره
في الصحاح فقلده في ذلك، ولم يعرف بقية الأَبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في
السهو. قال محمد بن المكرّم: القاضي شمس الدين بن خلكان، رحمه الله، من
الأَدب حيث هو، وقد انتقد على الشيخ أَبي محمد بن برّي هذا النقد، وخطأَه
في اتباعه الجوهري، ونسبه إلى الجهل ببقية الأَبيات، والأَبيات مشهورة
والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأَبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء،
وهذه الأَبيات سبب عملها أَن العتابي لما عمل قصيدته التي أَوّلها:
ماذا شَجاكَ بِجَوَّارينَ من طَلَلٍ
ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عنها الأَعاصيرُ؟
بلغت الرشيد فقال: لمن هذه؟ فقيل: لرجل من بني عتاب يقال له كلثوم، فقال
الرشيد: ما منعه أَن يكون ببابنا؟ فأَمر بإِشخاصه من رَأْسِ عَيْنٍ
فوافى الرشِيدَ وعليه قيمص غليظ وفروة وخف، وعلى كتفه مِلحفة جافية بغير
سراويل، فأَمر الرشيد أَن يفرش له حجرة، ويقام له وظيفة، فكان الطعام إِذا
جاءَه أَخذ منه رقاقة وملحاً وخلط الملح بالتراب وأَكله، وإِذا كان وقت
النوم نام على الأَرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله، وأُخْبِرَ الرشِيدُ
بأَمره فطرده، فمضى إِلى رأْس عَيْنٍ وكان تحته امرأَة من باهلة فلامته
وقالت: هذا منصور النمريّ قد أَخذ الأَموال فحلى نساءه وبني داره واشترى
ضياعاً وأَنت. كما ترى؛ فقال:
تلومُ على تركِ الغِنى باهِليَّةٌ،
زَوَى الفقرُ عنها كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن في الثَّرا،
مُقَلَّدةً أَعناقُها بالقلائد
أْسَرَّكِ أَني نلتُ ما نال جعفرٌ
من العَيْش، أَو ما نال يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ المؤمنين أَغَصَّنِي
مَغَصِّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً،
ولم أَتَجَشَّمْ هولَ تلك المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ
بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
قمأ: قَمَأَ الرَّجُلُ وغيرُه، وقَمُؤَ قَمْأَةً وقَمَاءً وقَمَاءة، لا يُعْنَى بقَمْأَةٍ ههنا المرَّة الواحدة البتَّة: ذَلَّ وصَغُرَ وصار قَمِيئاً. ورجل قَمِيءٌ: ذليل على فَعِيلٍ، والجمع قِمَاءٌ وقُمَاءٌ، الأَخيرة جمعٌ عزيزٌ، والأُنثى قَميئةٌ.
وأَقْمَأْتُه: صَغَّرْــتُه وذَلَّلته.
والصاغِرُ القَمِيءُ يُــصَغَّر بذلك، وإِن لم يكن قصيراً. وأَقْمَيْتُ
الرجُلَ إِذا ذَلَّلْتَه.
وقَمَأَتِ المرأَةُ قَمَاءة، مـمدود: صغُر جِسمُها. وقَمَأَتِ الماشيةُ تَقْمَأُ قُمُوءاً وقُمُوءة وقَمْأً، وقَمُؤَت قَمَاءة وقَمَاءً وقَمَأً، وأَقْمأَتْ: سَمِنَت. وأَقْمَأَ القومُ: سَمِنَت إِبِلهم.
التهذيب: قَمَأَتْ تَقْمَأُ، فهي قامِئةٌ: امتلأَتِ سِمَناً، وأَنشد الباهليُّ:
وجُرْدٍ، طارَ باطِلُها نَسيلاً، * وأَحْدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصارا
وأَقْمَأَني الشيءُ: أَعْجَبَنِي. أَبو زيد: هذا زمان تَقْمَأُ فيه الإِبل أَي يَحْسُن وَبَرُها وتَسْمَنُ. وقَمَأَتِ الإِبل بالمكان: أَقامَتْ به وأَعْجَبها خِصْبُه وسَمِنَتْ فيه.
وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، كان يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائشةَ، رضي اللّه عنها، كثيراً أَي يَدْخُل. وقَمَأْتُ بالمكان قَمْأً: دخلته
وأَقَمْتُ به. قال الزمخشري: ومنه اقْتَمَأَ الشيءَ إِذا جَمَعه.
والقَمْءُ: المكان الذي تُقِيمُ فيه الناقةُ والبَعِيرُ حتى يَسْمَنا،
وكذلك المرأَةُ والرَّجلُ. ويقال قَمَأتِ الماشيةُ بمكان كذا حتى
سَمِنَتْ.والقَمْأَةُ: المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ، وجَمْعُها
القِمَاءُ.ويقال: المَقْمَأَةُ والمَقْمُؤَةُ، وهي المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ.
أَبو عمرو: المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ: المكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ. وقال غيره: مَقْناة، بغير همز. وإِنهم لفي قَمْأَةٍ وقُمْأَةٍ على مثال قُمْعةٍ، أَي خِصْب ودَعةٍ. وتَقَمَّأَ الشيءَ: أخذ خِياره، حكاه ثعلب، وأَنشد لابن مقبل:
لقد قَضَيْتُ، فلا تَسْتَهْزِئَا، سَفَهاً * مـما تَقَمَّأْتُه مِنْ لَذَّةٍ، وطَرِي
وقيل: تَقَمَّأْته: جمعتُه شيئاً بعد شيءٍ.
وما قامَأَتْهُم الأَرضُ: وافَقَتْهُم، والأَعرف ترك الهمز.
وعَمْرُو بن قَمِيئةَ: الشاعِرُ، على فَعِيلة.
الأَصمعي: ما يُقامِينِي الشيءُ وما يُقانِينِي أَي ما يُوافِقُنِي،
ومنهم من يهمز يُقاميني. وتَقمَّأْتُ المكانَ تَقَمُّؤاً أَي وافقَني،
فأَقَمْتُ فيه.
حنا: حَنَا الشيءَ حَنْواً وحَنْياً وحَنَّاهُ: عَطَفه؛ قال يزيد بن
الأَعْوَرِ الشَّنّي:
يَدُقُّ حِنْوَ القَتَب المُحَنَّا،
إذا عَلا صَوَّانَهُ أَرَنَّا
والانْحِناءُ: الفعل اللازم، وكذلك التَّحَنِّي. وانْحَنى الشيءُ:
انعطف. وانْحَنى العُودُ وتَحَنَّى: انعطف.
وفي الحديث: لم يَحْنِ أَحدٌ منا ظَهْرَه أَي لم يَثْنه للركوع. يقال:
حَنَى يَحْني ويَحْنُو. وفي حديث معاوية: وإذا ركع أَحدُكم فلْيَفْرُشْ
ذراعيه على فخذيه ولْيَحْنا
(* قوله «وليحنا» هي في الأصل ونسخ النهاية
المعتمدة مرسومة بالألف)؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في الحديث، فإن كانت
بالحاء فهو من حنا ظهره إذا عطفه، وإن كانت بالجيم فهو من جنأَ على الشيء
أَكَبَّ عليه، وهما متقاربان، قال: والذي قرأْناه في كتاب مسلم بالجيم وفي
كتاب الحميدي بالحاء. وفي حديث أَبي هريرة: إِياك والحَنْوَةَ،
والإِقْعاء؛ يعني في الصلاة، وهو أَن يُطَأْطِئَ رأْسه ويُقَوِّسَ ظَهْره من
حَنَيْتُ الشيءَ إِذا عطفته، وحديثه الآخر: فهل يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضاضَة
الشَّبابِ إِلا حَوانِيَ الهَرَمِ؟ هي جمع حانِيَة وهي التي تَحْني ظَهْرَ
الشيخ وتَكُبُّه. وفي حديث رَجْمِ اليهودي: فرأَيتُه يُحْنِي عليها
يقيها الحجارة؛ قال الخطابي: الذي جاء في السنن يُجْني، بالجيم، والمحفوظ
إِنما هو بالحاء أَي يُكِبُّ عليها. يقال: حنا يَحْنو حُنُوّاً؛ ومنه
الحديث: قال لنسائه لا يُحْني عليكن بَعْدي إِلا الصابرون أَي لا يَعْطِفُ
ويُشْفِقُ؛ حَنا عليه يَحْنو وأَحْنى يُحْنِي.
والحَنِيَّةُ: القوس، والجمع حَنِيٌّ وحَنايا، وقد حَنَوْتُها أَحنوها
حَنْواً. وفي حديث عمر: لو صَلَّيْتُم حتى تكونوا كالحَنايا؛ هي جمع
حَنِيَّةٍ أَو حَنِيٍّ، وهما القوس، فَعِيل بمعنى مفعول، لأَنها مَحْنِيَّة
أَي معطوفة؛ ومنه حديث عائشة: فحَنَت لها قَوْسَها أَي وتَّرَتْ لأَنها
إِذا وتَّرَتْها عَطَفَتها، ويجوز أَن تكون حَنَّتْ مشدَّدة، يريد صَوَّتَت.
وحَنَت المرأَة على ولدها تَحْنُو حُنُوّاً وأَحْنَت؛ الأَخيرة عن
الهروي: عَطَفَت عليهم بعد زوجها فلم تتزوج بعد أَبيهم، فهي حانِيَةٌ؛
واستعمله قَيْس بن ذَريحٍ في الإِبل فقال:
فأُقْسِمُ، ما عُمْشُ العيونِ شَوارِفٌ
رَوائِمُ بَوٍّ حانياتٌ على سَقْبِ
والأُمُّ البَرَّة حانِيَة، وقد حَنَت على ولدها تَحْنُو. أَبو زيد:
يقال للمرأَة التي تقيم على ولدها ولا تَتَزَوَّج قد حنت عليهم تَحْنُو، فهي
حانِيَة، وإِذا تزوجت بعده فليست بحانية؛ وقال:
تُساقُ وأَطفالُ المُصِيف، كأَنَّها
حَوانٍ على أَطلائهنَّ مَطافِلُ
أَي كأَنَّها إِبل عَطَفت على ولدها. وتَحَنَّنتُ عليه أَي رَقَقْت له
ورَحِمْته. وتحَنَّيْت أَي عطفت. وفي الحديث: خيرُ نِساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ
صالحُ نِساء قرَيشٍ أَحْناهُ على ولدٍ في صِغَرهِ وأَرْعاه على زوج في
ذاتِ يَدِه. وروى أَبو هريرة أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: خيرُ
نساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ خِيارُ نساءِ قريشٍ أَحناه على ولدٍ في صِغَره
وأَرعاه على زوج في ذاتِ يَدِه؛ قوله: أَحناهُ أَي أَعْطَفه، وقوله: أَرعاهُ
على زوج إِذا كان لها مال واسَتْ زوْجَها؛ قال ابن الأَثير: وإِنما
وحَّد الضمير ذهاباً إِلى المعنى، تقديره أَحْنى من وُجِدَ أَو خُلِقَ أَو
مَن هُناك؛ ومنه: أَحسنُ الناس خُلُقاً وأَحسنُه وجْهاً يريد أَحسنُهم، وهو
كثير من أَفصح الكلام. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
أَنا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِِ الحانِيةُ على وَلدِها يومَ القيامة
كَهاتَيْن، وأَشاء بالوُسْطى والمُسَبِّحة، أَي التي تقيم على ولدها لا تتزوّج
شفقة وعطفاً. الليث: إِذا أَمْكَنَت الشاةُ الكَبْشَ يقال حَنَتْ فهي
حانِيَة، وذلك من شدّة صِرافِها. الأَصمعي: إِذا أَرادت الشاةُ الفحل فهي حانٍ،
بغير هاء، وقد حَنَت تَحْنُو. ابن الأَعرابي: أَحْنى على قَرابته وحَنا
وحَنىً ورَئِمَ. ابن سيده: وحَنَت الشاةُ حُنُوّاً، وهي حانٍ، أَرادت
الفَحل واشتهته وأَمكنته، وبها حِناء، وكذلك البقرة الوحشية لأَنها عند
العرب نعجة، وقيل: الحاني التي اشْتَدَّ عليها الاسْتِحْرامُ. والحانِية
والحَنْواءُ من الغنم: التي تَلْوي عُنُقَها لغير علة، وكذلك هي من الإِبل،
وقد يكون ذلك عن علة؛ أَنشد اللحياني عن الكسائي:
يا خالِ، هَلاَّ قُلْتَ إِذْ أَعْطَيْتَني:
هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ
ابن سيده: وحَنا يدَ الرجلِ حَنْواً لَواها، وقال في ذوات الياء: حَنى
يَدَه حِنايَةً لواها. وحَنى العُودَ والظَّهْرَ: عَطَفَهُما. وحَنى عليه:
عَطَف. وحَنى العُودَ: قَشَره، قال: والأَعْرفُ في كلّ ذلك الواو، ولذلك
جعلنا تَقَصِّيَ تصارِيفه في حَدِّ الواو؛ وقوله:
بَرَكَ الزمان عليهمُ بِجِرانِه،
وأَلحَّ منكِ بحيثُ تُحْنى الإِصْبَع
يعني أَنه أَخذ الخيار المعدودين؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ قال: ومثله قول
الأَسدي:
فإِنْ عُدَّ مَجْدٌ أَو قَدِيمٌ لِمَعْشَرٍ،
فَقَوْمِي بِهِمْ تُثْنى هُناكَ الأَصابِعُ
وقال ثعلب: معنى قوله حيث تُحْنى الإِصبع أَن تقول فلان صديقي وفلان
صديقي فتَعُدَّ بأَصابعك، وقال: فلان ممن لا تُحْنى عليه الأَصابع أَي لا
يُعَدُّ في الإِخوان.
وحَِنْوُ كلِّ شيءٍ: اعْوِجاجُه. والحِنْوُ: كلّ شيءٍ فيه اعوجاج أَو
شبْهُ الاعوجاج، كعَظْم الحِجاج واللَّحْي والضِّلَع والقُفِّ والحِقْفِ
ومُنْعَرَجِ الوادي، والجمع أَحْناءٌ وحُنِيٌّ وحِنِيٌّ. وحِنْوُ الرحْلِ
والقَتَبِ والسَّرْج: كلُّ عُود مُعْوَجٍّ من عِيدانِه، ومنه حِنْوُ
الجبل. الأَزهري: والحِنْوُ والحِجاج العَظْم الذي تحت الحاجب من الإِنسان؛
وأَنشد لجرير:
وخُورُ مُجاشعٍ تَرَكُوا لَقِيطاً،
وقالوا: حِنْوَ عَيْنِكَ والغُرابا
قيل لبَني مُجاشع خُورٌ بقول عمرو بن أُمَيَّة:
يا قَصَباً هَبَّت له الدَّبورُ،
فهْو إِذا حُرِّكَ جُوفٌ خُورُ
يريد: قالوا احذَرْ حِنْوَ عَيْنِكَ لا يَنْقُرُه الغُراب، وهذا تهكم.
وحِنْوُ العَيْن: طَرفها. الأَزهري: حِنْوُ العَيْنِ حِجاجُها لا
طَرَفُها، سُمِّي حِنْواً لانحنائه؛ وقول هِمْيان بن قُحافة:
وانْعاجَت الأَحْناءُ حتى احلَنْقَفَتْ
إِنما أَراد العظام التي هي منه كالأَحْناء.
والحِنْوانِ: الخَشَبتان المَعْطوفتان اللتان عليهما الشَّبكة يُنْقَلُ
عليهما البُرُّ إِلى الكُدْسِ.
وأَحْناءُ الأُمور: أَطرافها ونواحيها. وحِنْوُ العين: طَرَفها؛ قال
الكميت:
والُوا الأُمُورَ وأَحْناءَها،
فلمْ يُبْهِلُوها ولمْ يُهْمِلُوا
أَي ساسُوها ولم يُضَيِّعُوها. وأَحْناءُ الأُمورِ: ما تَشابَه منها؛
قال:
أَزَيْدُ أَخا وَرْقاءَ، إِنْ كنتَ ثائراً،
فقدْ عَرَضَتْ أَحْناءُ حَقٍّ فخاصِمِ
وأَحْناءُ الأُمور: مُتَشابِهاتُها؛ وقال النابغة:
يُقَسِّمُ أَحْناءَ الأُمورِ فهارِبٌ،
وشاصٍ عن الحَرْبِ العَوانِ، ودائِنُ
والمَحْنِيَة من الوادي؛ مُنْعَرَجُه حيث يَنْعطِف، وهي المَحْنُوَة
والمَحناةُ؛ قال:
سَقَى كلَّ مَحْناةٍ مِنَ الغَرْبِ والمَلا،
وجِيدَ بهِ منها المِرَبُّ المُحَلَّلُ
وهو من ذلك. والمَحْنِيَة: مُنْحَنى الوادي حيث يَنْعرج منخفضاً عن
السَّنَدِ. وتحَنَّى الحِنْوُ: اعْوَجَّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
في إِثْرِ حَيٍّ كان مُسْتَباؤُهُ،
حيثُ تَحَنَّى الحِنْوُ أَو مَيْثاؤُهُ
ومَحْنِية الرمل: ما انْحَنى عليه الحِقْف. قال ابن سيده: قال سيبويه
المَحْنِية ما انْحَنى من الأَرض، رَمْلاً كان أَو غيره، ياؤُه منقلبة عن
واو لأَنها من حَنَوْت، وهذا يدل على أَنه لم يَعرف حَنَيْت، وقد حكاها
أَبو عبيد وغيره. والمَحْنِية: العُلْبة تُتَّخذُ من جلود الإِبل، يُجعَل
الرمل في بعض جلدها، ثم يُعَلَّق حتى ييبس فيبقى كالقصعة، وهي أَرفق
للراعي من غيره.
والحَوَاني: أَطْوَل الأَضلاع كلِّهن، في كل جانب من الإِنسان ضِلَعان
من الحَوَاني، فهنَّ أَربعُ أَضلُع من الجَوانِحِ يَلِينَ الواهِنَتَينِ
بَعدَهما. وقال في رجل في ظهره انحناء: إِنَّ فيه لَحِنايَةً يَهُودِيَّة،
وفيه حِنايةٌ يهودية أَي انحِناءٌ. وناقة حَنْواءُ: حدْباءُ.
والحانِيَةُ: الحانوت، والجمع حَوَانٍ. قال ابن سيده: وقد جعل اللحياني حَوانيَ
جمعَ حانوتٍ، والنسب إِلى الحانِيَة حانِيٌّ؛ قال علقمة:
كأْسٌ عَزِيزٌ من الأَعْنابِ عَتَّقَها،
لِبَعْضِ أَرْبابِها، حانِيَّةٌ حُومُ
قال: ولم يعرف سيبويه حانِيَة لأَنه قد قال كأَنه أَضاف إِلى مثل ناحية،
فلو كانت الحانِيَةُ عنده معروفة لما احتاج إِلى أَن يقول كأَنه أَضاف
إِلى ناحية، قال: ومن قال في النسب إِلى يَثْرِبَ يَثْرَبيّ وإِلى
تَغْلِبَ تَغْلَبِيٌّ قال في الإِضافة إِلى حانِيَة حانَوِيّ؛ وأَنشد:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إِنْ لم تكنْ لنا
دَوانِقُ عند الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
ابن سيده: الحانُوتُ فاعُول من حَنَوْت، تشبيهاً بالحَنِيَّة من البناء،
تاؤُه بدل من واو؛ حكاه الفارسي في البصريات له قال: ويحتمل أَن يكون
فَعَلُوتاً منه. ويقال: الحانوتُ والحانِيَة والحاناةُ كالناصية والناصاة.
الأَزهري: التاء في الحانوت زائدة، يقال حانَةٌ وحانوت وصاحبها حانِيٌّ.
وفي حديث عمر: أَنه أَحرق بيتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وكان حانوتاً
تُعاقَرُ فيه الخَمر وتُباعُ. وكانت العرب تسمي بيوت الخمَّارين الحوانيت،
وأَهل العراق يسمونها المَواخِيرَ، واحدها حانوتٌ وماخُورٌ، والحانة
أَيضاً مثله، وقيل: إِنهما من أَصل واحد وإِن اختلف بناؤُهما، والحانوت يذكر
ويؤنث. والحانيّ: صاحب الحانوت. والحانِيَّة: الخمَّارون، نسبوا إِلى
الحانِية، وعلى ذلك قال: حانِيَّة حُوم؛ فأَما قول الآخر:
دَنانيرُ عند الحانَوِيِّ ولا نَقْدُ
فهو نسب إِلى الحاناةِ.
والحَنْوة، بالفتح: نبات سُهْليٌّ طيب الريح، وقال النَّمِرُ ابن
تَوْلَبٍ يصف روضة:
وكأَنَّ أَنْماطَ المدائنِ حَوْلَها
مِن نَوْرِ حَنْوَتها، ومِن جَرْجارِها
وأَنشد ابن بري:
كأَنَّ ريحَ خُزاماها وحَنْوَتِها،
بالليل، رِيحُ يَلَنْجُوجٍ وأَهْضامِ
وقيل: هي عُشبة وضِيئة ذات نَوْر أَحمر، ولها قُضُب وورق طيبة الريح
إِلى القِصَر والجُعُودة ما هي، وقيل: هي آذَرْيُونُ البَرِّ، وقال أَبو
حنيفة: الحَنْوة الرَّيْحانة، قال: وقال أَبو زياد من العُشب الحَنْوة، وهي
قليلة شديدة الخضرة طيبة الريح وزهرتها صفراء وليست بضخمة؛ قال جميل:
بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوةٌ،
ومن كلّ أَفْواهِ البُقُولِ بها بَقْلُ
وحَنْوة: فرس عامر بن الطفيل. والحِنْوُ: موضع؛ قال الأَعشى:
نحنُ الفَوارِسُ يومَ الحِنْوِ ضاحِيةً
جَنْبَيْ فُطَيْمةَ، لا مِيلٌ ولا عُزْلُ
وقال جرير:
حَيِّ الهِدَمْلةَ مِن ذاتِ المَواعِيسِ،
فالحِنْوُ أَصبَحَ قَفْراً غيرَ مأْنوسِ
والحَنِيَّانِ: واديانِ معروفان؛ قال الفرزدق:
أَقَمْنا ورَبَّبْنا الدِّيارَ، ولا أَرى
كمَرْبَعِنا، بَينَ الحَنِيَّينِ، مَرْبَعا
وحِنْوُ قُراقِرٍ: موضع. قال الجوهري: الحِنْوُ موضع. والحِنْو: واحد
الأَحناءِ، وهي الجَوانِب مثل الأَعْناء. وقولهم: ازْجُرْ أَحْناءَ طَيرِكَ
أَي نواحِيَه يميناً وشمالاً وأَماماً وخَلْفاً، ويُراد بالطَّير
الخِفَّة والطَّيْش؛ قال لبيد:
فَقُلْتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِك، واعْلَمَنْ
بأَنَّكَ، إِن قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
والحِنَّاءُ: مذكور في الهمزة.
وحَنَيْت ظَهْري وحَنَيْت العُود: عطفته، وحَنَوْتُ لغة؛ وأَنشد
الكسائي:يَدُقُّ حِنْوَ القَتَبِ المَحْنِيَّا
دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَه الهِنْدِيَّا
فجمع بين اللغتين، يقول: يدقه برأْسه من النعاس. ورجل أَحْنى الظهر
والمرأَة حَنْياءُ وحَنْواء أَي في ظهرها احْدِيداب. وفلان أَحْنَى الناس
ضُلوعاً عليك أَي أَشْفَقُهم عليك. وحَنَوْت عليه أَي عطفت عليه. وتَحَنَّى
عليه أَي تعَطَّف مثل تَحَنَّن؛ قال الشاعر:
تَحَنَّى عليكَ النفْسُ مِنْ لاعِج الهَوى،
فكيف تَحَنِّيها وأَنْتَ تُهِينُها؟
والمَحاني: معاطِف الأَوْدِية، الواحدة مَحْنِية، بالتخفيف؛ قال امرؤ
القيس:
بمَحْنِيَة قَدْ آزَرَ الضَّالُ نَبْتَها،
مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمِين وخُيَّبِِ
وفي الحديث: كانوا مَعَه فأَشْرَفوا على حَرَّةِ واقِمٍ فإِذا قبُورٌ
بمَحْنِيَة أَي بحيث يَنْعَطِف الوادي، وهو مُنْحَناه أَيضاً، ومَحاني
الوادي: مَعاطِفه؛ ومنه قول كعب بن زهير:
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من مَاءٍ مَحْنِيَةٍ،
صافٍ بأَبْطَح أَضْحى، وهو مَشْمُول
خَصَّ ماءَ المَحْنية لأَنه يكون أَصفى وأَبرد. وفي الحديث: أَن
العَدُوَّ يوم حُنَيْنٍ كَمَنُوا في أَحْناء الوادي؛ هي جمع حِنْوٍ وهو
مُنْعَطَفُه مثل مَحانيه؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: مُلائِمةٌ لأَحْنائها
أَي مَعاطِفِها.
نهي: النَّهْيُ: خلاف الأَمر. نَهاه يَنْهاه نَهْياً فانْتَهى وتناهى:
كَفَّ؛ أَنشد سيبويه لزياد بن زيد العذري:
إذا ما انْتَهى عِلْمي تناهَيْتُ عندَه،
أَطالَ فأَمْلى، أَو تَناهى فأَقْصَرا
وقال في المعتل بالأَلف: نَهَوْته عن الأَمر بمعنى نَهيْته. ونَفْسٌ
نَهاةٌ: منتهية عن الشيء. وتَناهَوْا عن الأَمر وعن المنكر: نَهى بعضهم
بعضاً. وفي التنزيل العزيز: كانوا لا يَتَناهَوْنَ عن مَنْكَرٍ فعلوه؛ وقد
يجوز أَن يكون معناه يَنْتَهُونَ. ،ونَهَيْته عن كذا فانْتَهى عنه؛ وقول
الفرزدق:
فَنَهَّاكَ عنها مَنْكَرٌ ونَكِيرُ
إنما شدَّده للمبالغة. وفي حديث قيام الليل: هو قُرْبةٌ إلى الله
ومَنْهاةٌ عن الآثام أَي حالة من شأْنها أَن تَنْهى عن الإِثم ، أَو هي مكان
مختص بذلك، وهي مَفْعَلة من النَّهْيِ، والميم زائدة؛ وقوله:
سَمَيَّةَ وَدِّعْ، إنْ تجَهزْتَ غادِيا،
كفى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْءِ ناهِيا
فالقول أَن يكون ناهياً اسمَ الفاعل من نَهَيْتُ كساعٍ من سَعَيْتُ
وشارٍ من شَرَيْت، وقد يجوز مع هذا أَن يكون ناهياً مصدراً هنا كالفالجِ
ونحوه مما جاء فيه المصدر على فاعِل حتى كأَنه قال: كفى الشيب والإسلام
للمرء نَهْياً ورَدْعاً أَي ذا نَهْيٍ، فحذف المضاف وعُلِّقت اللام بما يدل
عليه الكلام، ولا تكون على هذا مَعَلَّقة بنفس الناهي لأَن المصدر لا
يتقدم شيء من صلته عليه، والاسم النُّهْيَةُ. وفلان نَهيُّ فلان أَي يَنْهاه.
ويقال: إنه لأَمُورٌ بالمعروف ونَهُوٌّ عن المنكر، على فعول. قال ابن
بري: كان قياسه أَن يقال نَهيٌّ لأَن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبق
الأَوّل بالسكون قلبت الواو ياء ، قال: ومثل هذا في الشذوذ قولهم في جمع فَتًى
فُتُوٌّ. وفلان ما له ناهِيةٌ أَي نَهْيٌ. ابن شميل: استَنْهَيْتُ
فلاناً عن نفسه فأَبى أَن يَنْتَهِيَ عن مَساءَتي. واستَنْهَيْتُ فلاناً من
فلان إذا قلتَ له انْهَهْ عنِّي. ويقال: ما يَنْهاه عَنَّا ناهِيةٌ أَي ما
يَكُفُّه عنا كافَّةٌ. الكلابي: يقول الرجل للرجل إذا وَلِيتَ وِلاية
فانْهِ أَي كُفَّ عن القَبيحِ، قال: وانه بمعنى انْتَهِ، قاله بكسر الهاء،
وإذا وقف قال فانْهِهْ أَي كُفَّ. قال أَبو بكر: مَرَرْت برجل
(*قوله«أبو بكر مررت برجل إلخ» كذا في الأصل ولا مناسبة له هنا.) كَفاكَ به، ومررت
برجلين كفاك بهما، ومررت برجال كفاك بهم، ومررت بامرأَة كفاك بها،
وبامرأَتين كفاك بهما، وبنسوة كفاك بهنَّ، ولا تُثَنِّ كفاك ولا تجمعه ولا
تؤنثه لأَنه فعل للباء. وفلان يَرْكَبُ المَناهِيَ أَي يأْتي ما نُهِيَ
عنه.والنُّهْيَةُ والنِّهاية: غاية كل شيء وآخره، وذلك لأَن آخره يَنْهاه عن
التمادي فيرتدع؛ قال أَبو ذؤيب:
رَمَيْناهُمُ، حتى إذا ارْبَثَّ جَمْعُهُمْ،
وعادَ الرَّصيعُ نُهْيَةً للحَمائِل
يقول: انْهَزَموا حتى انقلبت سيوفُهن فعاد الرَّصِيعُ على حيث كانت
الحمائل، والرصيعُ: جمع رصيعة، وهي سَيْرٌ مضفور، ويروى الرُّصُوع، وهذا
مَثَلٌ عند الهزيمة. والنُّهْيَةُ: حيث انتهت إليه الرُّصُوع، وهي سيور
تُضْفَرُ بين حِمالة السيف وجَفْنِه. والنِّهايةُ: كالغاية حيث يَنْتَهِي
إليه الشيء ، وهو النِّهاء، ممدود. يقال: بلَغَ نِهايَتَه. وانْتَهَى الشيءُ
وتَناهَى ونَهَّى: بلغ نِهايَتَه؛ وقول أَبي ذؤيب:
ثم انْتَهَى بَصَري عنهم ، وقد بلغوا،
بَطْنَ المَخِيمِ، فقالوا الجَوّ أَوْ راحوا
أَراد انقطع عنهم، ولذلك عدَّاه بعن. وحكى اللحياني عن الكسائي: إِليك
نَهَّى المَثَلُ وأَنْهَى وانْتَهَى ونُهِّي وأُنْهِي ونَهَى، خفيفة، قال:
ونَهَى خفيفة قليلة، قال: وقال أَبو جعفر لم أَسمع أَحداً يقول
بالتخفيف. وقوله في الحديث: قلت يا رسول الله هل من ساعةٍ أَقْرَب إِلى الله؟
قال: نَعَمْ جوفُ الليل الآخِرُ فَصَلِّ حتى تُصبِح ثم أَنْهِهْ حتى تطلع
الشمس؛ قال ابن الأَثير: قوله أَنْهِهْ بمعنى انْتَه. وقد أَنْهَى الرجلُ
إِذا انْتَهَى، فإِذا أَمرت قلت أَنْهِهْ، فتزيد الهاء للسكت كقوله تعالى:
فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه؛ فأَجرى الوصل مُجرَى الوقف. وفي الحديث ذكر
سِدْرة المُنْتَهى أَي يُنْتَهى ويُبْلَغ بالوصول إِليها ولا تُتجاوز، وهو
مُفْتَعَلٌ من النِّهاية الغاية. والنهاية: طَرَفُ العِران الذي في أَنف
البعير وذلك لانتهائه. أَبو سعيد: النِّهاية الخشبة التي تُحْمل عليها
الأَحمال، قال: وسأَلت الأَعراب عن الخشبة التي تدعى بالفارسية باهوا،
فقالوا: النِّهايتَانِ والعاضِدَتانِ والحامِلَتان. والنَّهْي والنِّهْي:
الموضع الذي له حاجز يَنْهَى الماء أَن يَفِيض منه، وقيل: هو الغديِر في لغة
أَهل نجد؛ قال:
ظَلَّتْ بِنِهْي البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،
تَشْرَبُ منه نَهِلاتٍ وتَعِلُّ
وأَنشد ابن بري لمَعْن بن أَوس:
تَشُجُّ بِيَ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفَةٍ،
كأَنَّ لها بَوًّا بِنَهْيٍ تُغاوِلُهْ
والجمع أَنْهٍ وأَنْهاءٌ ونُهِيٌّ ونِهاء؛ قال عديّ بن الرِّقاع:
ويَأْكُلْنَ ما أَغْنَى الوَليُّ فَلْم يُلِتْ،
كأَنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعا
وفي الحديث: أَنه أَتَى على نِهْيٍ من ماء؛ النِّهْيُ، بالكسر والفتح:
الغدير وكل موضع يجتمع فيه الماء. ومنه حديث ابن مسعود: لو مَرَرْتُ على
نِهْيٍ نصفُه ماءٌ ونصفُه دَمٌ لشربتُ منه وتوضأْت. وتناهَى الماءُ إِذا
وقف في الغدير وسكن؛ قال العجاج:
حتى تناهَى في صَهارِيج الصَّفا،
خالَطَ من سَلْمَى خَياشِمَ وَفا
الأَزهري: النِّهيُ الغدير حيث يَتَحيَّر السيلُ في الغدير فيُوسِعُ،
والجمع النِّهاء، وبعض العرب يقول نِهْيٌ، وبعضٌ يقول تَنْهِيَةٌ.
والنِّهاء أَيضاً: أَــصغر مَحابِس المطر وأَصله من ذلك.
والتَّنْهاةُ والتَّنْهِيَةُ: حيث يَنْتَهِي الماءُ من الوادي، وهي أَحد
الأَسماء التي جاءت على تَفْعِلة، وإِنما باب التَّفْعِلة أَن يكون
مصدراً، والجمع التَّناهِي. وتَنْهِيةُ الوادي: حيث يَنْتَهِي إِليه الماءُ
من حروفه. والإِنهاء: الإِبلاغ. وأَنْهَيْتُ إِليه الخَبَر فانْتَهى
وتَناهَى أَي بلَغ. وتقول: أَنْهَيْتُ إِليه السهم أَي أَوصلته إِليه.
وأَنْهَيْتُ إِليه الكتابَ والرِّسالة. اللحياني: بَلَغْتُ مَنْهَى فلان
ومَنْهاتَه ومُنْهاه ومُنْهاتَه. وأَنْهَى الشيءَ: أَبلغه.
وناقة نَهِيَّةٌ: بلغت غاية السِّمَن، هذا هو الأَصل ثم يستعمل لكل سمين
من الذكور والإِناث، إِلا أَن ذلك إِنما هو في الأَنْعام؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ نَهِيِّ
مِن الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِّ
وحكي عن أَعرابي أَنه قال: والله لَلْخُبْزُ أَحبُّ إِليَّ من جَزُورٍ
نَهِيَّة في غداة عَرِيَّة. ونُهْيَةُ الوَتِد: الفُرْضَةُ التي في رأْسه
تَنْهَى الحبلَ أَن يَنْسلخ. ونُهْية كل شيء: غايَته. والنُّهَى:
العَقْل، يكون واحداً وجمعاً. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ في ذلك لآياتٍ لأُولي
النُّهَى. والنُّهْيَةُ: العقل، بالضم، سميت بذلك لأَنها تَنْهَى عن
القبيح؛ وأَنشد ابن بري للخَنساء:
فَتًى كان ذا حِلْمٍ أَصِيلٍ ونُهْيَةٍ،
إِذا ما الحُبَا مِن طائِفِ الجَهْل حُلَّتِ
ومن هنا اختار بعضهم أَن يكون النُّهَى جمع نُهْيةٍ، وقد صرح اللحياني
بأَن النُّهَى جمع نُهْيَة فأَغْنَى عن التأْويل. وفي الحديث:
لِيَلِيَنِّي منك أُولو الأَحلام والنُّهَى؛ هي العقول والأَلباب. وفي حديث أَبي
وائل: قد عَلِمْتُ أَن التَّقِيَّ ذو نُهْيَةٍ أَي ذو عقل. والنِّهاية
والمَنْهاة: العقل كالنُّهْية. ورجل مَنْهاةٌ: عاقلٌ حَسَنُ الرأْي؛ عن أَبي
العميثل. وقد نَهُو ما شاء فهو نَهِيٌّ، من قوم أَنْهِياء: كل ذلك من
العقل. وفلان ذو نُهْيةٍ أَي ذو عقل يَنْتَهِي به عن القبائح ويدخل في
المحاسن. وقال بعض أَهل اللغة: ذو النّهُيةِ الذي يُنْتَهَى إِلى رأْيه وعقله.
ابن سيده: هو نَهِيٌّ من قوم أَنْهِياء، ونَهٍ من قوم نَهِينَ، ونِهٍ على
الإِتباع، كل ذلك مُتَناهي العقل؛ قال ابن جني: هو قياس النحويين في
حروف الحلق، كقولك فِخِذ في فَخِذ وصِعِق في صَعِق، قال: وسمي العقل نُهْيةً
لأَنه يُنْتَهى إِلى ما أَمَر به ولا يُعْدى أَمْرُه.
وفي قولهم: ناهِيكَ بفلان معناه كافِيكَ به، من قولهم قد نَهيَ الرجلُ
من اللحم وأَنْهَى إِذا اكْتَفى منه وشَبِع؛ قال:
يَمْشُونَ دُسْماً حَوْلَ قُبَّتِهِ،
يَنْهَوْنَ عن أَكْلٍ وعَنْ شُرْب
فمعنى يَنْهَوْن يشبعون ويكتفون؛ وقال آخر:
لَوْ كانَ ما واحِداً هَواكِ لقدْ
أَنْهَى، ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَكُ
ورجل نَهْيُكَ مِن رجل، وناهِيك من رجل، ونَهاكَ من رجلٍ أَي كافيك من
رجل، كلُّه بمعنى: حَسْب، وتأْويله أَنه بجِدِّه وغَنائه يَنْهاكَ عن
تَطَلُّب غيره؛ وقال:
هو الشَّيخُ الذي حُدِّثْتَ عنهُ،
نَهاكَ الشَّيْخُ مَكْرُمةً وفَخْرا
وهذه امرأَةٌ ناهِيَتُك من امرأَة، تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع لأَنه اسم
فاعل، وإِذا قلت نَهْيُك من رجل كما تقول حَسْبُك من رجل لم تثن ولم تجمع
لأَنه مصدر.وتقول في المعرفة: هذا عبدُ الله ناهِيَك من رجل فتنصبه على
الحال.
وجَزُورٌ نَهِيَّةٌ، على فَعِيلة، أَي ضخمة سمينة. ونِهاءُ النها:
ارتفاعُه قرابَ نصف النهار. وهم نُهاءُ مائة ونِهاء مائة أَي قدر مائة كقولك
زُهاء مائة. والنُّهاء: القوارير
(* قوله« والنهاء القوارير وقوله والنهاء
حجر إلخ» هكذا ضبطا في الأصل ونسخة من المحكم، وفي القاموس: انهما
ككساء.) ، قيل: لا واحد لها من لفظها، وقيل: واحدته نَهاءَةٌ؛ عن كراع، وقيل:
هو الزُّجاج عامة؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرُضُّ الحَصى أَخْفافُهُنَّ كأَنما
يُكَسَّرُ قَيْضٌ، بَيْنها، ونُهاءُ
قال: ولم يسمع إِلا في هذا البيت. وقال بعضهم: النُّها الزجاج، يمدّ
ويقصر، وهذا البيت أَنشده الجوهري: تَرُدُّ الحصى أَخفافُهن؛ قال ابن بري:
والذي رواه ابن الأَعرابي تَرُضُّ الحصى، ورواه النِّهاء، بكسر النون،
قال: ولم أَسمع النِّهاء مكسور الأَول إِلا في هذا البيت؛ قال ابن بري:
وروايته نِهاء، بكسر النون، جمع نَهاة الوَدْعة، قال: ويروى بفتح النون
أَيضاً جمع نَهاة، جمع الجنس، ومدّه لضرورة الشعر. قال: وقال القالي النُّهاء،
بضم أَوله، الزجاج، وأَنشد البيت المتقدّم، قال: وهو لعُتَيّ بن ملك؛
وقبله:
ذَرَعْنَ بنا عُرْضَ الفَلاةِ، وما لَنا
عَلَيْهِنَّ إِلاَّ وَخْدَهُن سِقاء
والنُّهاء: حجر أَبيض أَرخى من الرُّخام يكون بالبادية ويُجاء به من
البحر، واحدته نُهاءةٌ. والنُّهاء: دواء
(* قوله« والنهاء دواء» كذا ضبط في
الأصل والمحكم، وصرح الصاغاني فيه بالضم وانفرد القاموس بضبطه بالكسر.)
يكون بالبادية يتعالجون به ويشربونه. والنَّهى: ضرب من الخَرَز، واحدته
نَهاةٌ. والنَّهاة أَيضاً: الودْعَة، وجمعها نَهًى، قال: وبعضهم يقول
النِّهاء ممدود. ونُهاء الماء، بالضم: ارتفاعه. ونَهاةُ: فرس لاحق بن
جرير.وطلب حاجةً حتى أَنْهى عنها ونَهِيَ عنها، بالكسر، أَي تركها ظَفِرَ بها
أَو لم يَظْفَر. وحَوْلَه من الأَصوات نُهْيَةٌ أَي شُغْلٌ. وذهبَتْ
تميم فما تُسْهى ولا تُنْهى أَي لا تُذكر.
قال ابن سيده: ونِهْيا اسم ماء؛ عن ابن جني، قال: وقال لي أَبو الوفاء
الأَعرابي نَهَيا، وإِنما حرَّكها لمكان حرف الحلق قال لأَنه أَنشدني
بيتاً من الطويل لا يَتَّزِنُ إِلاّ بنَهْيا ساكنة الهاء، أَذكر منه: إِلى
أَهْلِ نَهْيا، والله أَعلم.
خطف: الخَطْفُ: الاسْتِلابُ، وقيل: الخَطْفُ الأَخْذُ في سُرْعةٍ
واسْتِلابٍ. خَطِفَه، بالكسر، يَخْطَفُه خَطْفاً، بالفتح، وهي اللغة الجيّدة،
وفيه لغة أُخرى حكاها الأَخفش: خَطَفَ، بالفتح، يَخْطِفُ، بالكسر، وهي
قليلة رَديئة لا تكاد تعرف: اجْتَذَبَه بسُرْعة، وقرأَ بها يونس في قوله
تعالى: يَخْطِفُ أَبصارَهم، وأَكثر القُرّاء قرأُوا: يَخْطَف، من خَطِف
يَخْطَف، قال الأَزهري: وهي القراءة الجيّدة. ورُوي عن الحسن أَنه قرأَ
يِخِطِّفُ أَبصارَهم، بكسر الخاء وتشديد الطاء مع الكسر، وقرأَها يَخَطِّف،
بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها، فمن قرأَ يَخَطِّف فالأَصل يَخْتَطِفُ
فأُدْغِمت التاءُ في الطاء وأُلقيت فتحة التاء على الخاء، ومن قرأَ
يِخِطِّفُ كسَر الخاء لسكونها وسكون الطاء؛ قال: وهذا قول البصريين. وقال الفراء:
الكسرُ لالتقاء الساكنين ههنا خطأ وإنه يلزم من قال هذا أَن يقول في
يَعَضُّ يَعِضُّ وفي يَمُدُّ يَمِدُّ، وقال الزجاج: هذه العلة غير لازمة
لأَنه لو كسَر يَعِض ويَمِدّ لالْتَبَسَ ما أَصله يَفْعَل ويَفْعُل بما
أَصله يَفْعِل، قال: ويختطف ليس أَصله غيرَها ولا يكون مرة على يَفْتَعِل
ومرة على يَفْتَعَل، فكسر لالتقاء الساكنين في موضع غير مُلْتَبِسٍ. التهذيب
قال: خَطِفَ يَخْطَفُ وخَطَفَ يَخْطِف لغتان. شمر: الخَطْف سرعة أَخذ
الشيء. ومرَّ يَخْطَفُ خَطْفاً منكراً أَي مرَّ مرًّا سريعاً. واخْتَطَفَه
وتَخَطَّفَه بمعنى. وفي التنزيل العزيز: فَتَخْطَفُه الطير، وفيه:
ويُتَخَطَّف الناسُ من حولهم.
وفي التنزيل العزيز: إلا مَن خَطِفَ الخَطْفَةَ فأَتبعه شهاب ثاقبٌ؛
وأَما قراءة من قرأَ إلا مَن خَطَّفَ الخَطْفةَ، بالتشديد، وهي قراءة الحسن
فإن أَصله اخْتَطفَ فأُدغمت التاء في الطاء وأُلقِيَتْ حَركتُها على
الخاء فسقطت الأَلف، وقرئ خِطِّفَ، بكسر الخاء والطاء على إتباع كسرة الخاء
كسرةَ الطاء، وهو ضعيف جدًّا، قال سيبويه: خَطَفَه واخْتَطَفَه كما قالوا
نَزَعَه وانْتَزَعَه. ورجُل خَيْطَفٌ: خاطِفٌ، وبازٌ مخْطَفٌ: يَخْطَفُ
الصيدَ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، نهَى عن
الـمُجَثَّمةِ والخَطْفةِ؛ وهي ما اختطف الذئبُ من أَعضاء الشاة وهي حَيّةٌ من يد
ورِجل، أو اختطفه الكلب من أَعضاء حَيَوانِ الصَّيدِ من لحم أَو غيره
والصيد حَيّ لأَن كلّ ما أُبينَ من حَيٍّ فهو مَيّتٌ، والمراد ما يُقْطَع من
أَعضاء الشاة؛ قال: وكلُّ ما أُبينَ من الحيوان وهو حيّ من لحم أَو شحم،
فهو مَيت لا يحل أَكله، وذلك أَنه لما قَدِمَ المدينةَ رأَى الناس
يَجُبُّون أَسْنِمَةَ الإبلِ وأَلَياتِ الغنم ويأْكلونها. والخَطْفة: المرَّةُ
الواحدةُ فسمي بها العُضْوُ الـمُخْتَطَفُ. وفي حديث الرضاعة: لا
تُحَرِّمُ الخَطْفةُ والخَطْفتان أَي الرضعةُ القليلة يأْخذُها الصبي من الثدْي
بسرعة. وسيفٌ مِخْطَف: يَخطَفُ البصر بلَمْعِه؛ قال:
وناطَ بالدَّفِّ حُساماً مِخْطَفا
والخاطِفُ: الذئبُ. وذئبٌ خاطِفٌ: يَخْتَطِفُ الفَريسةَ، وبَرْقٌ خاطِفٌ
لنور الأَبصار. وخَطِفَ البرقُ البَصرَ وخَطَفَه يَخْطِفُه: ذهب به. وفي
التنزيل العزيز: يَكادُ البرقُ يخطَف أَبصارهم، وقد قرئ بالكسر، وكذلك
الشُّعاعُ والسيفُ وكل جِرْمٍ صَقِيل؛ قال:
والهُنْدُوانِيّاتُ يَخْطَفْنَ البَصَرْ
روى المخزومي عن سفيان عن عمرو قال: لم أَسمع أَحداً ذهَب ببصره البرقُ
لقول اللّه عز وجل: يَكادُ البرقُ يخطَف أَبصارَهم، ولم يقل يُذْهِبُ،
قال: والصَّواعِقُ تُحْرِقُ لقوله عز وجل: فيُصيبُ بها من يشاء. وفي
الحديث: ليَنْتَهِيَنَّ أَقْوامٌ عن رفْع أَبصارِهم إلى السماء في الصلاة أَو
لتُخْطَفَنَّ أَبصارُهم؛ هو من الخَطْف استِلابِ الشيء وأَخْذِه بسُرعَة.
ومنه حديث أُحد: إن رأَيتمونا تَخْتَطِفُنا الطيرُ فلا تَبْرَحُوا أَي
تَسْتَلِبُنا وتطير بنا، وهو مُبالغة في الهلاك. وخَطِفَ الشيطانُ السمْعَ
واخْتَطَفَه: اسْتَرَقَه. وفي التنزيل العزيز: إلا مَن خَطِفَ الخَطْفةَ.
والخَطَّافُ، بالفتح، الذي في الحديث هو الشيطان، يَخطَفُ السمعَ:
يَسْتَرِقُه، وهو ما ورد في حديث عليّ: نَفَقَتُكَ رِياءً وسُمْعةً للخَطَّاف؛
هو، بالفتح والتشديد، الشيطانُ لأَنه يَخْطَفُ السمع، وقيل: هو بضم
الخاء على أَنه جمع خاطِفٍ أَو تشبيهاً بالخُطَّاف، وهو الحديدة
الـمُعْوَجَّةُ كالكلُّوبِ يُخْتَطَفُ بها الشيءُ ويجمع على خطاطِيفَ. وفي حديث الجن:
يَختَطِفُون السمع أَي يَسْتَرِقُونَه ويَسْتَلِبونه.
والخَيْطَفُ والخَيْطَفَى: سُرعة انجذاب السير كأَنه يُخْتَطِفُ في
مَشْيِه عُنُقَه أَي يجْتَذِبه. وجمل خَيْطَفٌ أَي سريع المرّ. ويقال: عَنَقٌ
خَيْطَفٌ وخَطَفَى؛ قال جدّ جرير:
وعَنَقاً بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفا
والخَطَفَى: سَيْرَتُه، ويروى خَطَفَى، وبهذا سُمِّي الخَطَفَى، وهو
لقَبُ عَوْفٍ جَدّ جرير بن عطِيّةَ بن عوف الشاعر؛ وحكى ابن بري عن أَبي
عبيدة قال: الخَطَفَى جد جرير واسمه حُذيفَةُ بن بَدْر ولُقِّب بذلك
لقوله:يَرْفَعْنَ بالليلِ، إذا ما أَسْدَفا،
أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا،
وعَنَقاً بَعْدَ الكَلالِ خَيْطَفا
والجِنَّانُ: جِنْسٌ من الحيّات إذا مشَت رَفعت رؤوسها؛ قال ابن بري:
ومن مليح شعر الخَطَفَى:
عَجِبْتُ لإزْراءِ العَييِّ بنَفْسِه،
وصَمْتِ الذي قد كان بالقَوْلِ أَعلما
وفي الصَّمْتِ سَتْرٌ للعَييِّ، وإنما
صَفِيحةُ لُبِّ المَرْء أَن يَتَكلَّما
وقيل: هو مأْخوذ من الخَطْفِ وهو الخَلْسُ. وجمل خَيْطَفٌ: سَيْرُه كذلك
أَي سريعُ الـمَرّ، وقد خَطِفَ وخَطَفَ يَخْطِفُ ويَخْطَفُ خَطْفاً.
والخاطُوفُ: شبيه بالمِنْجَل يُشَدُّ في حِبالةِ الصائِد يَخْتَطِفُ
الظبْيَ.
والخُطّافُ: حديدة تكون في الرَّحْل تُعَلَّقُ منها الأَداةُ
والعِجْلةُ. والخُطَّافُ: حديدة حَجْناءُ تُعْقَلُ بها البَكْرةُ من جانِبَيْها
فيها الـمِحْوَر؛ قال النابغة:
خَطاطِيفُ حُجْنٌ في حِبالٍ مَتِينَةٍ،
تُمَدُّ بها أَيْدٍ إليكَ نوازِعُ
وكلُّ حديدةٍ حَجْناء خُطَّافٌ. الأَصمعي: الخُطَّاف هو الذي يَجْري في
البكرة إذا كان من حديد، فإذا كان من خشب، فهو القَعْوُ، وإنما قيل
لخُطَّافِ البَكرة خُطَّافٌ لحَجَنه فيها، ومَخالِيبُ السِّباعِ خَطاطِيفُها.
وفي حديث القيامة
(* قوله «حديث القيامة» هو لفظ النهاية أيضاً، وبهامشها
صوابه: حديث الصراط.): فيه خَطاطِيفُ وكلالِيبُ. وخَطاطِيفُ الأَسَد:
براثِنُه شبهت بالحديدة لحُجْنَتِها؛ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائي يصف
الأَسد:إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه،
رأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا
إنما قال: رَأْيَ العين أَو بالعَيْنَيْنِ
(* قوله «أو بالعينين» يشير
إلى انه يروى أيضاً: رأى الموت بالعينين إلخ، وهو كذلك في الصحاح.)
توكيداً، لأَنَّ الموت لا يُرى بالعين، لما قال أَسْوَدَ أَحْمرا، وكان السوادُ
والحُمْرةُ لَوْنَيْن، وكان اللَّوْن مـما يُحسّ بالعين جُعِلَ الموتُ
كأَنه مَرْئيٌّ بالعين، فتَفَهَّمْه. والخُطَّافُ: سِمةٌ على شَكْل
خُطَّافِ البَكْرة، قال: يقال لِسِمة يُوسَم بها البَعِير، كأَنها خُطَّافُ
البَكْرَة: خُطَّافٌ أَيضاً. وبَعِير مَخْطُوفٌ إذا كان به هذه السِّمةُ.
والخُطّافُ: طائر. ابن سيده: والخُطَّافُ العُصْفور الأَسودُ، وهو الذي
تَدْعُوه العامـّةُ عُصْفُورَ الجنةِ، وجمعه خَطاطِيفُ. وفي حديث ابن مسعود:
لأَنْ أَكونَ نَفَضْتُ يَدَيَّ من قبور بَنِيَّ أَحَبُّ إليَّ من أَن
يَقَعَ من بَيْضِ الخُطَّافِ فيَنْكَسِر؛ قال ابن الأَثير: الخُطَّاف
الطائر المعروف، قال ذلك شفقةً ورحْمةً. والخُطَّافُ: الرجُل اللِّصُّ
الفاسِقُ؛ قال أَبو النجم:
واسْتَصْحَبُوا كل عَمٍ أُمِّيِّ
من كلِّ خُطّافٍ وأَعْرابيِّ
وأَما قول تلك المرأَة لجرير: يا ابن خُطَّافٍ؛ فإنما قالته له هازِئةً
به، وهي الخَطاطِيفُ.
والخُطْفُ والخُطُفُ: الضُّمْرُ وخِفّةُ لحم الجَنْبِ.
وإخْطافُ الحَشى: انْطِواؤُه. وفَرس مُخْطَفُ الحَشى، بضم الميم وفتح
الطاء، إذا كان لاحِقَ ما خَلْفَ الـمَحْزِمِ من بَطْنه، ورجل مُخْطَفٌ
ومَخْطُوفٌ. وأَخْطَفَ الرجلُ: مَرِضَ يَسِيراً ثم بَرأَ سريعاً. أَبو
صَفْوانَ: يقال أَخْطَفَتْه الحُمّى أَي أَقْلَعَتْ عنه، وما من مَرَضٍ إلا
وله خُطْفٌ أَي يُبْرَأُ منه؛ قال:
وما الدَّهْرُ إلا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلةٍ،
فَمُخْطِفةٌ تُنْمِي ومُقْعِصةٌ تُصْمِي
والعرب تقول للذئب خاطِفٌ، وهي الخَواطِفُ. وخَطافِ وكَسابِ: من أَسماء
كلاب الصيد. ويقال للصِّ الذي يَدْغَرُ نفسَه على الشيء فيَخْتَلِسُه:
خُطَّافٌ.
أَبو الخَطَّاب: خَطِفَتِ السفينةُ وخَطَفَت أَي سارَتْ؛ يقال: خَطِفَت
اليومَ من عُمان أَي سارت. ويقال: أَخْطَفَ لي من حَدِيثه شيئاً ثم سكت،
وهو الرجل يأْخذ في الحديث ثم يَبْدُو له فيقطع حديثه، وهو الإخْطافُ.
والخياطِفُ: الـمَهاوي، واحدها خَيْطَفٌ؛ قال الفرزدق:
وقد رُمْتَ أَمـْراً، يا مُعاوِيَ، دُونَه
خَياطِفُ عِلَّوْزٍ، صِعابٌ مَراتِبُهْ
والخُطُف والخُطَّفُ، جميعاً: مثل الجُنون؛ قال أُسامةُ الهُذَلي:
فجاء، وقد أَوجَتْ من الـمَوْتِ نَفْسُه،
به خُطُفٌ قد حَذَّرَتْه المقاعِدُ
ويروى خُطَّفٌ، فإِما أَن يكون جَمعاً كضُرَّب، وإما أَن يكون واحداً.
والإخْطافُ: أَن تَرْمِيَ الرَّمِيّةَ فتُخْطئ قريباً، يقال منه: رَمى
الرَّمِيَّةَ فأَخْطَفَها أَي أَخْطأَها؛ وأَنشد أَيضاً:
فَمُخْطِفةُ تُنْمي ومُقْعِصةٌ تُصْمي
وقال العُمانيُّ:
فانْقَضَّ قد فاتَ العُيُونَ الطُّرَّفا،
إذا أَصابَ صَيْدَه أَو أَخْطَفا
ابن بزرج: خَطِفْتُ الشيء أَخذْته، وأَخْطَفْتُه أَخْطَأْتُه؛ وأَنشد
الهذلي:
تَناوَلُ أَطْرافَ القِرانِ، وعَيْنُها
كعَيْنِ الحُبارى أَخْطَفَتْها الأَجادِلُ
والإخْطافُ في الخيل: ضِدُّ الانْتِفاخ، وهو عَيب في الخيل. وقال أَبو
الهيثم: الإخْطاف سر الخيل، وهو صغر الجوف
(* قوله «سر الخيل وهو إلخ» كذا
بالأصل. ونقل شارح القاموس ما قبله حرفاً فحرفاً وتصرف في هذا فقال:
والاخطاف في الخيل صغر الجوف إلخ.) ؛ وأَنشد:
لا دَنَنٌ فيه ولا إخْطافُ
والدَّنَنُ: قِصَرُ العنق وتطامُنُ الـمُقَدَّم؛ وقوله:
تَعَرَّضْنَ مَرْمى الصَّيْدِ، ثم رَمَيْنَنا
من النَّبْلِ، لا بالطَّائِشاتِ الخَواطِفِ
إنما هو على إرادة الـمُخْطِفات ولكنه على حذف الزائد.
والخَطِيفةُ: دَقِيقٌ يُذَرُّ على لبن ثم يُطْبَخُ فيُلْعَق؛ قال ابن
الأَعرابي: هو الحَبُولاء. وفي حديث علي: فإذا به بين يديه صَحْفة فيها
خَطِيفةٌ ومِلْبَنةٌ؛ الخَطِيفةُ: لبن يُطبخ بدقيق ويُخْتَطَفُ بالـمَلاعِق
بسُرعة. وفي حديث أَنس: أَنه كان عند أُم سُليم شعير فَجَشَّتْه وعَمِلت
للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، خَطِيفة فأَرْسَلتني أَدْعوه؛ قال أَبو
منصور: الخطيفة عند العرب أَن تؤخذ لُبَيْنةٌ فتسخَّنَ ثم يُذرَّ عليها دقيقة
ثم تُطبخَ فَيَلْعَقَها الناسُ ويختطفوها في سرعة. ودخل قوم على عليّ بن
أَبي طالب، عليه السلام، يوم عيد وعنده الكَبُولاء، فقالوا: يا أَمير
المؤمنين أَيَوْمُ عِيد وخَطِيفةٌ؟ فقال: كُلوا ما حَضَر واشكُروا
الرزَّاق.وخاطِفُ ظِلِّه: طائر؛ قال الكميت بن زيد:
ورَيْطةِ فِتْيانٍ كخاطِفِ ظلِّه،
جَعَلْتُ لَهم منها خِباءً مُمَدَّدا
قال ابن سَلَمَة: هو طائر يقال له الرَّفْرافُ إذا رأَى ظلَّه في الماء
أَقبل إليه ليَخْطَفَه بحسَبُه صَيْداً، واللّه أَعلم.
حرقص: الحُرْقُوصُ: هُنَيٌّ مثل الحصاة صغير أُسَيّد
(* قوله اسيّد:
هكذا في الأصل وربما كانت تصغيراً لاسود كأسَيْودِ.) أُرَيْقِط بحمرة وصفرة
ولونُه الغالب عليه السواد، يجتمع ويَتّلج تحت الأَناسي وفي أَرْفاغِهم
ويعَضُّهم ويُشَقِّقُ الأَسْقية. التهذيب: الحَراقِيصُ دُوَيْبّات صغار
تَنْقُب الأَساقيَ وتَقْرضُها وتَدْخل في فُروج النساء وهي من جنس
الجُعْلان إِلا أَنها أَــصْغر منها وهي سُودٌ مُنَقّطة بِبَياض؛ قالت
أَعرابيّة:ما لَقِيَ البيضُ من الحُرْقُوصِ،
من مارِدٍ لِصٍّ من اللُّصوصِ،
يَدْخُل تَحْتَ الغَلَقِ المَرْصُوصِ،
بِمَهْرِ لا غالٍ ولا رَخِيصِ
أَرادت بلا مهر، قال الأَزهري: ولا حُمَةَ لها إِذا عَضّت ولكن عَضّتها
تُؤْلم أَلماً لا سمّ فيه كسمّ الزَّنابير. قال ابن بري: معنى الرجز أَن
الحُرْقُوصَ يدخل في فرج الجارية البِكْر، قال: ولهذا يسمى عاشق
الأَبكار، فهذا معنى قولها:
يدخل تحت الغلق المرصوص،
بمهر لا غال ولا رخيص
وقيل: هي دُوَيْبَّة صغيرة مثل القُراد؛ قال الشاعر:
زكْمةُ عَمّارٍ بَنُو عَمّارِ،
مِثْل الحَراقِيص على الحِمارِ
وقيل: هو النِّبْرُ، ومن الأَول قول الشاعر:
ويْحَكَ يا حُرْقُوصُ مَهْلاً مَهْلا،
أَإِبِلاً أَعْطيْتَني أَم نَخْلا؟
أَمْ أَنت شيءٌ لا تُبالي جَهْلا؟
الصحاح: الحُرْقُوصُ دُوَيْبّة كالبُرْغوثِ، وربما نبَت له جناحانِ
فطارَ. غيرُه: الحُرْقوصُ دويبة مُجَزَّعة لها حُمَةٌ كحُمَةِ الزُّنْبور
تَلْدَغ تشْبِهُ أَطْراف السِّياطِ. ويقال لمن ضُرِبَ بالسِّياط: أَخَذَتْه
الحَراقِيصُ لذلك، وقيل: الحُرْقوصُ دويبة سوداء مثل البرغوث أَو فوقه،
وقال يعقوب: هي دويبة أَــصغر من الجُعَل.
وحَرَقْصى: دويبة. ابن سيده: الحُرْقُصاءُ دويبة لم تُحَل
(* قوله «لم
تحل» أي لم يحل معناها ابن سيده.). قال: والحَرْقَصةُ الناقةُ الكريمة.
حشر: حَشَرَهُم يَحْشُرُهم ويَحْشِرُهم حَشْراً: جمعهم؛ ومنه يوم
المَحْشَرِ. والحَشْرُ: جمع الناس يوم القيامة. والحَشْرُ: حَشْرُ يوم القيامة.
والمَحْشَرُ: المجمع الذي يحشر إِليه القوم، وكذلك إِذا حشروا إِلى بلد
أَو مُعَسْكَر أَو نحوه؛ قال الله عز وجل: لأَوَّلِ الحَشْرِ ما ظننتم
أَن يخرجوا؛ نزلت في بني النَّضِير، وكانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي،
صلى الله عليه وسلم، لما نزل المدينة أَن لا يكونوا عليه ولا له، ثم
نقضوا العهد ومايلوا كفار أَهل مكة، فقصدهم النبي، صلى الله عليه وسلم،
ففارقوه على الجَلاءِ من منازلهم فَجَلَوْا إِلى الشام. قال الأَزهري: هو أَول
حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إِليها، قال:
ولذلك قيل: لأَوّل الحشر، وقيل: إِنهم أَول من أُجْلِيَ من أَهل الذمة من
جزيرة العرب ثم أُجلي آخرهم أَيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منهم
نصارى نَجْرَانَ ويهودُ خيبر. وفي الحديث: انقطعت الهجرة إِلاَّ من ثلاث:
جهاد أَو نيَّة أَو حَشْرٍ، أَي جهاد في سبيل الله، أَو نية يفارق بها
الرجل الفسق والفجور إِذا لم يقدر على تغييره، أَو جَلاءٍ ينال الناسَ
فيخرجون عن ديارهم. والحَشْرُ: هو الجَلاءُ عن الأَوطان؛ وقيل: أَراد بالحشر
الخروج من النفير إِذا عم. الجوهري: المَحْشِرُ، بكسر الشين، موضع
الحَشْرِ.
والحاشر: من أَسماء سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأَنه قال:
أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي؛ وقال، صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أَسماء:
أَنا محمد وأَحمد والماحي يمحو الله بي الكفر، والحاشر أَحشر الناس على
قدمي، والعاقب. قال ابن الأَثير: في أَسماء النبي، صلى الله عليه وسلم،
الحاشر الذي يَحْشُر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره. وقوله، صلى الله
عليه وسلم: إِني لي أَسماء؛ أَراد أَن هذه الأَسماء التي عدّها مذكورة في
كتب الله تعالى المنزلة على الأُمم التي كذبت بنبوَّته حجة عليهم. وحَشَرَ
الإِبلَ: جمعها؛ فأَما قوله تعالى: ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثم إِلى
ربهم يُحْشَرُونَ؛ فقيل: إِن الحشر ههنا الموت، وقيل: النَّشْرُ،
والمعنيان متقاربان لأَنه كله كَفْتٌ وجَمْعٌ. الأَزهري: قال الله عز وجل:
وإِذا الوحوش حُشرت، وقال: ثم إِلى ربهم يحشرون؛ قال: أَكثر المفسرين تحشر
الوحوش كلها وسائر الدواب حتى الذباب للقصاص، وأَسندوا ذلك إِلى النبي، صلى
الله عليه وسلم، وقال بعضهم: حَشْرُها موتها في الدنيا. قال الليث: إِذا
أَصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأَجحفت بالمال وأَهلكت ذوات الأَربع، قيل:
قد حَشَرَتْهُم السنة تَحْشُرهم وتَحْشِرهم،وذلك أَنها تضمهم من النواحي
إِلى الأَمصار. وحَشَرَتِ السنةُ مال فلان: أَهلكته؛ قال رؤبة:
وما نَجا، من حَشْرِها المَحْشُوشِ،
وَحْشٌ، ولا طَمْشٌ من الطُّموشِ
والحَشَرَةُ: واحدة صغار دواب الأَرض كاليرابيع والقنافذ والضِّبابِ
ونحوها، وهو اسم جامع لا يفرد الواحد إِلاَّ أَن يقولوا: هذا من الحَشَرَةِ،
ويُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قال:
يا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يكن عُقْرَ حوَّا
ء عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ
(* قوله: «يا أم عمرو» إلخ كذا في نسخة المؤلف).
وقيل: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مما لا اسم له. الأَصمعي: الحَشَراتُ
والأَحْراشُ والأَحْناشُ واحد، وهي هوام الأَرض. وفي حديث الهِرَّةِ: لم
تَدَعْها فتأْكل من حَشَراتِ الأَرض؛ وهي هوام الأَرض، ومنه حديث
التِّلِبِّ: لم أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تحريماً؛ وقيل: الصيد كله حَشَرَةٌ، ما
تعاظم منه وتصاغر؛ وقيل: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ.
والحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ والفَثِّ.
وقال أَبو حنيفة: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ التي تلي الحَبَّة، والجمع
حَشَرٌ. وروي ابن شميل عن ابن الخطاب قال: الحَبَّة عليها قشرتان، فالتي تلي
الحبة الحَشَرَةُ، والجمع الحَشَرُ، والتي فوق الحَشَرَةِ القَصَرَةُ.
قال الأَزهري: والمَحْشَرَةُ في لغة أَهل اليمن ما بقي في الأَرض وما
فيها من نبات بعدما يحصد الزرع، فربما ظهر من تحته نبات أَخضر فتلك
المَحْشَرَةُ. يقال: أَرسلوا دوابهم في المَحْشَرَةِ.
وحَشَرَ السكين والسِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ وأَلْطَفَهُ؛
قال:
لَدْنُ الكُعُوبِ ومَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ،
وأَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ على قَضَمِ
المجلوز: المُشدَّدُ تركيبه من الجَلْزِ الذي هو الليُّ والطَّيُّ.
وسِنانٌ حَشْرٌ: دقيق؛ وقد حَشَرْتُه حَشْراً. وفي حديث جابر: فأَخذتُ
حَجَراً من الأَرض فكسرته وحَشَرْتُه، قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو
من حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، والمشهور بالسين، وقد تقدم.
وحَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري في النوادر: حُشِرَ فلان في ذكره وفي
بطنه، وأُحْثِلَ فيهما إِذا كانا ضخمين من بين يديه. وفي الحديث: نار
تطرد الناسَ إِلى مَحْشَرهم؛ يريد به الشام لأَن بها يحشر الناس ليوم
القيامة. وفي الحديث الآخر: وتَحْشُرُ بقيتهم إِلى النار؛ أَي تجمعهم وتسوقهم.
وفي الحديث: أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشترطوا أَن لا يُعْشَرُوا ولا
يُحْشرُوا؛ أَي لا يُنْدَبُونَ إِلى المغازي ولا تضرب عليهم البُعُوث، وقيل: لا
يحشرون إِلى عامل الزكاة ليأْخذ صدقة أَموالهم بل يأْخذها في أَماكنهم؛
ومنه حديث صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: على أَن لا يُحْشَرُوا؛ وحديث النساء: لا
يُعْشَرْنَ ولا يُحْشَرْن؛ يعني للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لا يجب عليهن.
والحَشْرُ من القُذَذِ والآذان: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، والجمعُ
حُشُورٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُو
رِ، هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا
والمَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. الليث: الحَشْرُ من الآذان ومن قُذَدِ رِيشِ
السِّهامِ ما لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. وأُذُنٌ حَشْرَةٌ وحَشْرٌ:
صغيرة لطيفة مستديرة؛ وقال ثعلب: دقيقة الطَّرَفِ، سميت في الأَخيرة
بالمصدر لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَــتْ وأُلطفت. وقال الجوهري:
كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ وحُدِّدَتْ، وكذلك غيرها؛ فرس حَشْوَرٌ،
والأُنثى حَشْوَرَةٌ. قال ابن سيده: من أَفرده في الجمع ولم يؤَنث فلهذه
العلة؛ كما قالوا: رجل عَدْلٌ ونسوة عَدْلٌ، ومن قال حَشْراتٌ فعلى
حَشْرَةٍ، وقيل: كلُّ لطيف دقيق حَشْرٌ. قال ابن الأَعرابي: يستحب في البعير
أَن يكون حَشْرَ الأُذن، وكذلك يستحب في الناقة؛ قال ذو الرمة:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى لَطِيفَةٌ،
وخَدَّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ
(* قوله: «وخد كمرآة الغريبة» في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها
في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها).
الجوهري: آذان حَشْرٌ لا يثنى ولا يجمع لأَنه مصدر في الأَصل مثل قولهم
ماء غَوْرٌ وماء سَكْبٌ، وقد قيل: أُذن حَشْرَةٌ؛ قال النمر بن تولب:
لها أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،
كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا ما صَفِرْ
وسهم مَحْشُورُ وحَشْرٌ: مستوي قُذَذِ الرِّيشِ. قال سيبويه: سهم حَشْرٌ
وسهام حَشْرٌ؛ وفي شعر هذيل: سهم حَشِرٌ، فإِما أَن يكون على النسب
كطَعِمٍ، وإِما أَن يكون على الفعل توهموه وإِن لم يقولوا حَشِرَ؛ قال أَبو
عمارة الهذلي:
وكلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ
المشوف: المَجْلُوُّ. وسهم حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جيد القُذَذِ، وكذلك الريش.
وحَشَرَ العودَ حَشْراً: براه. والحَشْرُ: اللَّزجُ في القَدَحِ من
دَسَمِ اللبنِ؛ وقيل: الحَشْرُ اللَّزِجُ من اللبن كالحَشَنِ. وحُشِرَ عن
الوَطْبِ إذا كثر وسخ اللبن عليه فَقُشِرَ عنه؛ رواه ابن الأَعرابي؛ وقال
ثعلب: إِنما هو حُشِنَ، وكلاهما على صيغة فعل المفعول.
وأَبو حَشْرٍ: رجل من العرب.
والحَشْوَرُ من الدواب: المُلَزَّرِ الخَلْقُ، ومن الرجال: العظيم
البطن؛ وأَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القفَا
وقيل: الحَشْوَرُ مثال الجَرْوَلِ المنتفخ الجنبين، والأُنثى بالهاء،
والله أَعلم.