من (ص ح ر) مثنى صَحْرَاوي: نسبة إلى صَحْراء.
من (ص ح ر) مثنى صَحْرَاوي: نسبة إلى صَحْراء.
صحر: الصَّحْراء من الأَرض: المُستوِيةُ في لِينٍ وغِلَظ دون القُفِّ،
وقيل: هي الفَضاء الواسع؛ زاد ابن سيده: لا نَبات فيه. الجوهري: الصَّحراء
البَرِّيَّة؛ غير مصروفة وإِن لم تكن صفة، وإِنما لم تصرف للتأْنيث
ولزوم حرف التأْنيث لها، قال: وكذلك القول في بُشرى. تقول: صَحْراءُ واسعة
ولا تقل صَحْراءَة فتدخل تأْنيثاً على تأْنيث. قال ابن شميل: الصَّحْراء من
الأَرض مثل ظهر الدابة الأَجْرَد ليس بها شجر ولا إِكام ولا جِبال
مَلْساء. يقال: صحراء بَيِّنة الصَّحَر والصُّحْرَة.
وأَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع. وأَصْحَرَ. الرجل: نزل الصحراء. وأَصْحَرَ
القوم: برزوا في الصَّحْراء، وقيل: أَصْحَرَ الرجل إِذا . . .
(* هكذا
بياض بالأصل). كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء التي لا خَمَرَ بها فانكشف.
وأَصْحَرَ القوم إِذا برزوا إِلى فضاء لا يُوارِيهم شيء. وفي حديث أُم سلمة
لعائشة: سَكَّن الله عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيها؛ معناه لا تُبْرِزِيها
إِلى الصَّحْراء؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في هذا الحديث متعدِّياً على
حذف الجار وإِيصال الفعل فإِنه غير متعدّ، والجمع الصَّحارى والصَّحارِي،
ولا يجمع على صُحْر لأَنه ليس بنعت. قال ابن سيده: الجمع صَحْرَاوَات
وصَحارٍ، ولا يكسَّر على فُعْل لأَنه وإِن كان صفة فقد غلب عليه الاسم. قال
الجوهري: الجمع الصَّحارِي والصَّحْراوات، قال: وكذلك جمع كل فعلاء إِذا
لم يكن مؤنث أَفْعَلَ مثل عَذْراء وخَبْراء ووَرْقاء اسم رجل، وأَصل
الصَّحارِي صَحارِيّ، بالتشديد، وقد جاء ذلك في الشرع لأَنك إِذا جمعت
صَحْراء أَدخلت بين الحاء والراء أَلفاً وكسرت الراء، كما يُكسر ما بعد أَلِف
الجمع في كل موضع نحو مساجد وجَعافِر، فتنقلب الأَلف الأُولى التي بعد
الراء ياءً للكسرة التي قبلها، وتنقلب الأَلف الثانية التي للتأْنيث أَيضاً
ياء فتدغَم، ثم حذفوا الياء الأُولى وأَبدلوا من الثانية أَلفاً فقالوا
صَحارى، بفتح الراء، لتسلم الأَلف من الحذف عند التنوين، وإِنما فعلوا
ذلك ليفرقوا بين الياء المنقلبة من الأَلف للتأْنيث وبين الياء المنقلبة من
الأَلف التي ليست للتأْنيث نحو أَلِفِ مَرْمًى ومغزًى، إِذ قالوا
مَرَامِي ومَغازِي، وبعض العرب لا يحذف الياءَ الأُولى ولكن يحذف الثانية فيقول
الصَّحارِي بكسر الراء، وهذه صَحارٍ، كما يقول جَوارٍ. وفي حديث علي:
فأَصْحِرْ لعدُوّك وامْض على بَصِيرَتِك أَي كُنْ من أَمره على أَمرٍ واضح
منكَشِف، من أَصْحَر الرجل إِذا خرج إِلى الصَّحراء. قال ابن الأَثير:
ومنه حديث الدعاء: فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً. والمُصاحِرُ: الذي يقاتل
قِرْنه في الصَّحراء ولا يُخاتِلُه.
والصُّحْرة: جَوْبة تَنْجاب في الحرَّة وتكون أَرضاً ليِّنة تُطِيف بها
حجارة، والجمع صُحَرٌ لا غير؛ قال أَبو ذؤيب يصف يرَاعاً:
سَبِيٌّ من يَراعَتِه نَفاهُ
أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلُوبُ
قوله سَبِيّ أَي غريب. واليَراعَة ههنا: الأَجَمَة. ولَقِيته صَحْرَةَ
بَحْرَةَ إِذا لم يكن بينك وبينه شيء، وهي غير مُجْراةٍ، وقيل لم
يُجْرَيَا لأَنهما اسمان جعلا اسماً واحداً. وأَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ،
وصَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لم يكن بينه وبينه أَحد.
وأَبرز له ما في نفسه صَحَاراً: كأَنه جاهره به جِهاراً. والأَصْحَرُ:
قريب من الأَصهَب، واسم اللَّوْن الصَّحَرُ والصُّحْرَةُ، وقيل: الصَّحَرُ
غُبرة في حُمْرة خفيفة إِلى بياض قليل؛ قال ذو الرمة:
يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً،
صُحْرَ السَّرابِيل في أَحْشائها قَبَبُ
وقيل: الصُّحْرة حمرة تضرِب إِلى غُبرة؛ ورجل أَصْحَر وامرأَة صَحْراء
في لونها. الأَصمعي: الأَصْحَرُ نحو الأَصْبَح، والصُّحْرة لَوْن
الأَصْحَر، وهو الذي في رأْسه شُقرة.
واصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً: أَخذت فيه حمرة ليست بخالصة ثم هاج
فاصفرَّ فيقال له: اصْحارَّ. واصحارَّ السُّنْبُل: احمرَّ، وقيل: ابيضَّت
أَوائله. وحِمار أَصْحَرُ اللون، وأَتان صَحُورٌ: فيها بياض وحمرة، وجمعه
صُحُر، والصُّحْرة اسم اللَّوْن، والصَّحَر المصدر.
والصَّحُور أَيضاً: الرَّمُوح يعني النَّفُوحَ برجلها.
والصَّحِيرة: اللَّبَن الحلِيب يغلى ثم يصب عليه السمن فيشرب شرباً،
وقيل: هي مَحْض الإِبل والغنم ومن المِعْزَى إِذا احتيج إِلى الحَسْوِ
وأَعْوَزَهُمُ الدقيق ولم يكن بأَرضهم طَبَخُوه ثم سَقَوْه العَليل حارّاً؛
وصَحَره يَصْحَره صَحْراً: طبخه، وقيل: إِذا سُخِّن الحليب خاصة حتى يحترق،
فهو صَحِيرة، والفِعْل كالفعل، وقيل: الصَّحِيرة اللبن الحليب يسخن ثم
يذرُّ عليه الدقيق، وقيل: هو اللبن الحليب يُصْحَر وهو أَن يلقى فيه
الرَّضْفُ أَو يجعل في القِدْر فيغلى فيه فَوْرٌ واحد حتى يحترق، والاحتراق
قبل الغَلْي، وربما جعل فيه دقيق وربما جعل فيه سمن، والفعل كالفعل، وقيل:
هي الصَّحِيرة من الصَّحْرِ كالفَهِيرة من الفِهْر.
والصُّحَيْراء، ممدود على مثال الكُدَيْراء: صِنْف من اللبن؛ عن كراع،
ولم يُعيِّنه.
والصَّحِير: من صوْت الحمير، صَحَر الحمار يَصْحَر صَحِيراً وصُحَاراً،
وهو أَشد من الصَّهِيل في الخيل. وصُحار الخيل: عرَقها، وقيل: حُمَّاها.
وصَحَرته الشمس: آلَمَتْ دِماغه.
وصُحْرُ: اسم أُخت لُقْمان بن عاد. وقولهم في المثل: ما لي ذَنْب إِلاَّ
ذنب صُحْرَ؛ هو اسم امرأَة عُوقبت على الإِحسان؛ قال ابن بري: صُحُرُ هي
بنت لقمان العادي وابنه لُقَيم، بالميم، خرجا في إِغارة فأَصابا إِبلاً،
فسبق لُقَيم فأَتى منزله فنحرت أُخته صُحْرُ جَزُوراً من غَنيمته وصنعت
منها طعاماً تتحِف به أَباها إِذا قدِم، فلما قدِم لُقْمان قدَّمت له
الطعام، وكان يحسُد لقيماً، فَلَطَمَهَا ولم يكن لها ذنب. قال: وقال ابن
خالَوْيهِ هي أُخت لقمان بن عاد، وقال: إِنَّ ذنبها هو أَن لقمان رأَى في
بيتها نُخامة في السَّقْف فقتلها، والمشهور من القولين هو الأَول.
وصُحَارٌ: اسم رجل من عبد القَيْس؛ قال جرير:
لقيت صُحارَ بني سِنان فيهم
حَدَباً كأَعصلِ ما يكون صُحار
ويروي: كأَقْطَمِ ما يكون صُحار. وصُحار: قبيلة. وصُحار: مدينة عُمَان.
قال الجوهري: صُحار، بالضم، قَصَبَة عُمان مما يلي الجبل، وتُؤَام
قَصَبتها مما يلي السَّاحل. وفي الحديث: كُفِّن رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، في ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ؛ صحار: قرية باليمن نُسِب الثوبُ إِليها،
وقيل: هو من الصُّخْرة من اللَّوْن، وثَوْب أَصْحَر وصُحارِيّ. وفي حديث
عثمان: أَنه رأَى رجلاً يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام؛ قال ابن
الأَثير: هو اسم موضع، قال: واليَمام شَجرَ أَو طير.
والصُّحَيرات: جمعٌ مصغر واحده صُحْرة،. وهي أَرض لَيِّنة تكون في وسط
الحرَّة. قال: هكذا قال أَبو موسى وفَسَّر اليَمام بشجر أَو طير، قال:
فأَما الطير فصحيح، وأَما الشجر فلا يُعرف فيه يّمام، بالياء، وإِنما هو
ثُمام، بالثاء المثلثة، قال: وكذلك ضبطه الحازِمي قال: هو صُحَيْرات
الثُّمَامة، ويقال فيه الثّمام، بلا هاء قال: وهي إِحدى مراحل النبي، صلى الله
عليه وسلم، إِلى بَدْر.
قزح: القِزْحُ: بِزْرُ البصل، شاميةٌ. والقِزْحُ والقَزْحُ: التابَلُ،
وجمعهما أَقْزاحٌ؛ وبائعه قَزَّاح. ابن الأَعرابي: هو القِزْحُ والقَزْحُ
والفِحا والفَحا. والمِقْزَحةُ: نحوٌ من المِمْلَحة. والتقازيح:
الأَبازير .
وقَزَحَ القِدْرَ وقَزَّحها تقزيحاً: جعل فيها قِزْحاً وطرح فيها
الأَبازيرَ. وفي الحديث: إِن الله ضَرَبَ مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً،وضَرَبَ
الدنيا لمطْعَمِ ابن آدم مثلاً، وإِن قَزَّحه ومَلَّحه أَي تَوْبَلَه،
من القِزْح، وهو التابَلُ الذي يُطرح في القِدْر كالكَمُّون والكُزْبَرَةِ
ونحو ذلك، والمعنى: أَن المَطْعَمَ وإِن تكلف الإِنسان التَّنَوُّقَ في
صنعته وتطييبه فإِنه عائد إِلى حال تُكره وتتقذر، فكذلك الدنيا
المَحْرُوصُ على عِمارَتِها ونظم أَسبابها راجعة إِلى خراب وإِدبار.
وإِذا جعلت التَّوابلَ في القِدْرِ، قلت: فَحَّيْتُها وتَوْبَلْتُها
وقَزَحْتُها، بالتخفيف. الأَزهري: قال أَبو زيد قَزَحَت القِدْرُ تَقْزَحُ
قَزْحاً وقَزَحاناً إِذا أَقْطَرَتْ ما خَرَجَ منها، ومَليح قَزيحٌ؛
فالمَلِيحُ من المِلْحِ والقَزيحُ من القِزْح.
وقَزَّحَ الحديثَ: زَيَّنه وتَمَّمه من غير أَن يكذب فيه، وهو من ذلك.
والأَقْزاحُ، خُرْءُ الحَيَّات، واحدها قِزْحٌ.
وقَزَحَ الكلبُ
(* قوله «وقزح الكلب إلخ» بابه منع وسمع كما في
القاموس.) ببوله، وقَزِحَ يَقْزَحُ في اللغتين جميعاً قَزْحاً، بالفتح، وقُزوحاً:
بالَ، وقيل: رَفَعَ رجله وبالَ، وقيل: رَمَى به ورَشَّه، وقيل: هو إِذا
أَرسله دفعاً. وقَزَّحَ أَصلَ الشجرة: بَوَّلَه.
والقازحُ: ذَكَرُ الإِنسان، صفة غالبة.
وقوسُ قُزَحَ: طرائق متقوسةٌ تَبْدو في السماءِ أَيام الربيع، زاد
الأَزهري: غِبَّ المَطر بحمرة وصُفْرة وخُضْرة، وهو غير مصروف، ولا يُفْصَلُ
قُزَحُ من قوس؛ لا يقال: تأَمَّلْ قُزَحَ فما أَبْيَنَ قوسه؛ وفي الحديث
عن ابن عباس: لا تقولوا قوسُ قُزَحَ فإِن قُزَحَ اسم شيطان، وقولوا: قوس
الله عز وجل؛ قيل: سمي به لتسويله للناس وتحسينه إِليهم المعاصي من
التقزيح، وهو التحسين؛ وقيل: من القُزَحِ، وهي الطرائق والأَلوان التي في
القوس، الواحدة قُزْحة، أَو من قَزَحَ الشيءُ إِذا ارتفع، كأَنه كره ما كانوا
عليه من عادات الجاهلية وأَن يقال قوسُ الله
(* قوله «وأن يقال قوس الله»
كذا في النهاية وبهامشها قال الجاحظ: كأنه كره ما كانوا عليه من عادات
الجاهلية، وكأنه أحب أن يقال قوس الله إلخ.) فَيُرْفَعَ قدرُها، كما يقال
بيت الله، وقالوا: قوسُ الله أَمانٌ من الغرق؛ والقُزْحة: الطريقة التي
في تلك القَوس. الأَزهري: أَبو عمرو: القُسْطانُ قَوْسُ قُزَحَ. وسئل أَبو
العباس عن صَرْفِ قُزَحَ، فقال: من جعله اسم شيطان أَلحقه بزُحَل؛ وقال
المبرد: لا ينصرف زُحل لأَن فيه العلتين: المعرفة والعدل؛ قال ثعلب:
ويقال إِن قُزَحاً جمع قُزْحة، وهي خطوط من صفة وحمرة وخضرة، فإِذا كان هذا،
أَلحقته بزيد، قال: ويقال قُزَحُ اسم ملك مُوكَّل به، قال؛ فإِذا كان
هكذا أَلحقته بعُمر؛ قال الأَزهري: وعمر لا ينصرف في المعرفة وينصرف في
النكرة.
الأَزهري: وقَوازِحُ الماء نُفَّاخاته التي تنتفخ فتذهب؛ قال أَبو
وَجْزَة:
لهم حاضِرٌ لا يُجْهَلُونَ، وصارِخٌ
كسَيْل الغَوادِي، تَرْتَمِي بالقَوازِحِ
وأَما قول الأَعشى يصف رجلاً:
جالساً في نَفَرٍ قد يَئِسُوا
في مَحيلِ القَدِّ من صَحْبٍ، قُزَحْ
فإِنه عَنى بقُزَحَ لَقَباً له، وليس باسم، وقيل: هو اسم. والتقزيح:
رأْسُ نَبْتٍ
(* قوله «رأس نبت إلخ» عبارة القاموس شيء على رأْس نبت إلخ.)
أَو شجرةٍ إِذا تَشَعَّبَ شُعَباً مثلُ بُرْثُن الكلب، وهو اسم
كالتَّمْتِينِ والتَّنْبيتِ؛ وقد قَزَّحتْ. وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة
خَلْفَ الشجرة المُقَزَّحة؛ هي التي تشعبت شُعَباً كثيرة؛ وقد تَقَزَّح الشجر
والنبات؛ وقيل: هي شجرة على صورة التِّين لها أَغصان قِصارٌ في رؤوسها
مثل بُرْثُن الكلب؛ وقيل: أَراد بها كل شجرة قَزَّحَت الكلابُ والسباع
بأَبوالها عليها؛ يقال: قَزَّح الكلبُ ببوله إِذا رفع رجله وبال. قال ابن
الأَعرابي: من غريب شجر البرِّ المُقَزَّحُ، وهو شجر على صورة التين له
غِصَنَة قِصار في رؤوسها مثلُ بُرْثُنِ الكلب؛ ومنه خبر الشَّعْبي: كره أَن
يصلي الرجل في الشجرة المُقَزَّحة وإِلى الشجرة المُقَزَّحة.
وقَزَّحَ العَرْفَجُ: وهو أَول نباته.
وقُزَحُ أَيضاً: اسم جبل بالمزدلفة؛ ابن الأَثير: وفي حديث أَبي بكر:
أَنه أَتى على قُزَحَ وهو يَخْرِشُ بعيره بِمِحْجَنِه؛ هو القَرْنُ الذي
يقف عنده الإِمام بالمزدلفة، ولا ينصر للعدل والعلمية كعُمَرَ؛ قال: وكذلك
قوس قُزَحَ إِلا مَن جعل قُزَحَ من الطرائق، فهو جمع قُزْحةٍ، وقد ذكرناه
آنفاً.
كشف: الكشْفُ: رفعُك الشيء عما يُواريه ويغطّيه، كشَفه يكشِفه كشْفاً
وكشَّفه فانكَشَف وتكَشَّفَ. ورَيْطٌ كَشِيفٌ: مكْشُوف أَو مُنْكَشِف؛ قال
صخر الغيّ:
أَجَشَّ رِبَحْلاً، له هَيْدَبٌ
يُرَفِّعُ للخالِ رَيْطاً كَشِيفا
قال أَبو حنيفة: يعني أَن البرق إذ لَمَع أَضاء السحابَ فتراه أَبيض
فكأَنه كشَف عن رَيْطٍ. يقال: تكشَّف البرق إذا ملأَ السماء.
والمَكشوف في عَروض السريع: الجُزء الذي هو مفعولن أَصله مفْعولات، حذفت
التاء فبقي مفعولاً فنقل في التقطيع إلى مفعولن.
وكشَف الأَمر يكْشِفه كَشْفاً: أظهره. وكَشَّفه عن الأَمر: أَكرهه على
إظهاره. وكاشَفه بالعَداوة أَي بادأَه بها. وفي الحديث: لو تَكاشَفْتم ما
تَدافَنْتم أَي لو انكشَفَ عَيبُ بعضكم لبعض. وقال ابن الأَثير: أَي لو
علم يعضُكم سَريرةَ بعض لاستثقل تَشْيِيع جنازَتِه ودَفْنَه. والكاشِفةُ:
مصدر كالعافِية والخاتِمة. وفي التنزيل العزيز: ليس لها من دون اللّه
كاشِفة؛ أَي كَشْف، وقيل: إنما دخلت الهاء ليساجع قوله أَزِفت الآزفة، وقيل:
الهاء للمبالغة، وقال ثعلب: معنى قوله ليس لها من دون اللّه كاشفة أَي
لا يَكْشِفُ الساعةَ إلا ربُّ العالمين، فالهاء على هذا للمبالغة كما
قلنا. وأَكْشَفَ الرجلُ إكشافاً إذا ضحك فانقلبت شفَته حتى تبدو
دَرادِرُه.والكَشَفةُ: انقِلاب من قُصاص الشعَر اسم كالنَّزَعَةِ، كَشِفَ كَشَفاً،
وهو أَكْشَفُ. والكشَفُ في الجَبْهة: إدبار ناصيتها من غير نَزَعٍ،
وقيل: الكَشَفُ رجوع شعر القُصّة قِبَلَ اليافوخ. والكشَف: مصدر الأَكْشَفِ.
والكشَفَةٌ: الاسم وهي دائرة في قُصاص الناصية، وربما كانت شعرات تَنْبُت
صُعُداً ولم تكن دائرة، فهي كشَفَةٌ، وهي يُتشاءم بها. الجوهري:
الكشَفُ، بالتحريك، انقلاب من قُصاص الناصية كأَنها دائرة، وهي شُعيرات تنبت
صُعُداً، والرجل أَكْشَف وذلك الموضع كشَفةٌ. وفي حديث أَبي الطُّفَيل: أَنه
عَرَض له شاب أَحمر أَكْشَفُ؛ قال ابن الأَثير: الأَكشف الذي تنبت له
شعرات في قُصاص ناصيته ثائرةً لا تكاد تسْترسِل، والعرب تتشاءم به.
وتكشَّفت الأَرض: تَصَوَّحت منها أَماكن ويبست.
والأَكْشَفُ: الذي لا تُرْس معه في الحرب، وقيل: هو الذي لا يثبت في
الحرب. والكُشُف: الذين لا يَصْدُقون القِتال، لا يُعْرف له واحد؛ وفي قصيد
كعب:
زالوا فما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفٌ
قال ابن الأَثير: الكُشُف جمع أَكْشف. وهو الذي لا ترس معه كأَنه
مُنْكشِف غير مستور. وكشِف القومُ: انهزموا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فما ذُمَّ حاديهمْ، ولا فالَ رأْيُهُم،
ولا كَشِفُوا، إن أَفزَعَ السِّرْبَ صائح
ولا كَشِفُوا أَي لم ينهزمزا.
والكِشافُ: أَن تَلْقَح الناقةُ في غير زمان لَقاحها، وقيل: هو أَن
يَضْرِبها الفحل وهي حائل، وقيل: هو أَن يُحْمَل عليها سنتين متواليتين أو
سنين متوالية، وقيل: هو أَن يُحْمَل عليها سنة ثم تترك اثنتين أَو ثلاثاً،
كَشَفَت الناقة تَكْشِف كِشافاً، وهي كَشوف، والجمع كُشُفٌ، وأَكْشَفتْ.
وأَكشَفَ القومُ: لَقِحَت إبلُهم كِشافاً. التهذيب: الليث والكَشُوف من
الإبل التي يضربها الفحل وهي حامل، ومصدره الكِشافُ؛ قال أَبو منصور هذا
التفسير خطأٌ، والكِشافُ أَن يُحمل على الناقة بعد نتاجها وهي عائذ قد
وضَعت حديثاً، وروى أَبو عبيد عن الأَصمعي أَنه قال: إذا حُمِلَ على الناقة
سنتين متواليتين فذلك الكِشاف، وهي ناقة كشُوف. وأَكشَفَ القوم أَي
كَشفَت إبلُهم. قال أَبو منصور: وأَجودُ نتاج الإبل أَن يضربها الفحل، فإذا
نُتِجَت تُركت سنة لا يضربها الفحل، فإذا فُصِل عنها فصيلها وذلك عند تمام
السنة من يوم نِتاجها أُرسل الفحل في الإبل التي هي فيها فيضربها، وإذا
لم تَجِمّ سنة بعد نِتاجها كان أَقلَّ للبنها وأَضعفَ لولدها وأَنْهَك
لقوَّتها وطَرْقِها؛ ولَقِحت الحربُ كِشافاً على المثل؛ ومنه قول زهير:
فَتعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحى بثِفالِها،
وتَلْقَحْ كِشافاً ثم تُنْتَجْ فتُتْئمِ
فضرب إلقاحها كِشافاً بحِدْثان نِتاجها وإتْآمها مثلاً لشدّة الحرب
وامتداد أَيامها، وفي الصحاح: ثم تنتج فتَفْطِم.
وأَكشفَ القومُ إذا صارت إبلهم كُشُفاً، الواحدة كَشُوف في الحمل.
والكشَفُ في الخيل: التواء في عَسِيب الذنَب.
واكتشَف الكبْشُ النعجة: نزَا عليها.
نبت: النَّبْتُ: النَّباتُ. الليث: كلُّ ما أَنْبَتَ الله في الأَرض،
فهو نَبْتٌ؛ والنَّباتُ فِعْلُه، ويَجري مُجْرى اسمِه. يقال: أَنْبَتَ
اللهُ النَّبات إِنْباتاً؛ ونحو ذلك قال الفرَّاءُ: إِنَّ النَّبات اسم يقوم
مقامَ المَصْدَر. قال اللهُ تعالى: وأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً. ابن
سيده: نَبَتَ الشيءُ يَنْبُت نَبْتاً ونَباتاً، وتَنَبَّتَ؛ قال:
مَنْ كان أَشْرَكَ في تَفَرُّقِ فالِجٍ،
فَلُبونُه جَرِبَتْ معاً، وأَغَدَّتِ
إِلاَّ كناشِرَةِ الذي ضَيَّعْتُمُ،
كالغُصْنِ في غُلَوائِه المُتَنَبِّتِ
وقيل: المُتَنَبِّتُ هنا المُتَأَصِّلُ. وقوله إِلاَّ كناشِرة: أَراد
إِلاّ ناشِرة، فزاد الكاف، كما قال رؤْبة:
لواحِقُ الأَقْرابِ فيه كالمَقَقْ
أَراد فيها المَقَقُ، وهو مذكور في موضعه. واختار بعضهم: أَنْبَتَ بمعنى
نَبَتَ، وأَنكره الأَصمعي، وأَجازه أَبو عبيدة، واحتج بقول زهير: حتى
إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ، أَي نَبَتَ. وفي التنزيل العزيز: وشجرةً تخرجُ من
طُورسَيْناءَ تَنْبُتُ بالدُّهْن؛ قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو الحَضْرَميُّ
تُنْبِتُ، بالضم في التاء، وكسر الباء؛ وقرأَ نافع وعاصم وحمزة والكسائي
وابن عامر تَنْبُتُ، بفتح التاءِ؛ وقال الفراءُ: هما لغتان نَبَتَتِ
الأَرضُ، وأَنْبَتَتْ؛ قال ابن سيده: أَما تُنْبِتُ فذهبَ كثير من الناس
إِلى أَن معناه تُنْبِتُ الدُّهْنَ أَي شَجرَ الدُّهْن أَو حَبَّ الدُّهْن،
وأَن الباءَ فيه زائدة؛ وكذلك قول عنترة:
شَرِبَِتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْن، فأَصْبَحَتْ
زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ
قالوا: أَراد شَرِبَتْ ماءَ الدُّحْرُضَيْن. قال: وهذا عند حُذَّاقِ
أَصحابنا على غير وجه الزيادة، وإِنما تأْويله، والله أَعلم، تُنْبِتُ ما
تُنْبِتُه والدُّهْنُ فيها، كما تقول: خرج زيدٌ بثيابه أَي وثيابُه عليه،
ورَكِبَ الأَمير بسيفه أَي وسيفه معه؛ كما أَنشد الأَصمعي:
ومُسْتَنَّةٍ كاسْتِنانِ الخَروفِ،
قد قَطَّعَ الحَبْلَ بالمِرْوَدِ
أَي قَطَع الحَبْلَ ومِرْوَدُه فيه؛ ونحو هذا قول أَبي ذُؤَيْب يصف
الحمير:
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظُّباةِ، كأَنما
كُسِبَتْ بُرودَ بني تَزيدَ الأَذْرُعُ
أَي يَعْثُرْنَ، وهُنَّ مع ذلك قد نَشِبْنَ في حَدِّ الظُّباة، وكذلك
قوله: شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَين، إِنما الباء في معنى في، كما تقولا:
شربت بالبصرة وبالكوفة أَي في البصرة وفي الكوفة، أَي شَرِبَتْ وهي بماءِ
الدُّحْرُضَين، كما تقول: ورَدْنا صَدْآءَ، ووافَينا شَحاةَ، ونَزَلْنا
بواقِصَةَ. ونَبَت البَقْلُ، وأَنْبَتَ، بمعنى؛ وأَنشد لزهير بن أَبي
سُلْمَى:
إِذا السنةُ الشَهْباءُ، بالناس، أَجْحَفَتْ،
ونال كرامَ النَّاسِ، في الجَحْرةِ، الأَكلُ
رأَيتَ ذوي الحاجاتِ، حَوْلَ بُيوتِهم،
قَطِيناً لهم، حتى إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ
أَي نَبَتَ. يعني بالشهباء: البيضاءَ، من الجَدْبِ، لأَنها تَبْيَضُّ
بالثلج أَو عدم النبات. والجَحْرَةُ: السَّنةُ الشديدة التي تَحْجُرُ
الناسَ في بيوتهم، فيَنْحَرُون كرائمَ إِبلهم ليأْكلوها. والقَطينُ: الحَشَمُ
وسُكَّانُ الدار. وأَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بهم وأَهلكت أَموالهم. قال:
ونَبَتَ وأَنْبَتَ مثل قولهم مَطَرَت السماءُ وأَمْطَرَتْ، وكلهم يقول:
أَنْبَتَ اللهُ البَقْلَ والصَّبيَّ نَباتاً. قال اللهُ، عز وجل: وأَنْبتها
نَباتاً حَسَناً؛ قال الزجاج: معنى أَنْبتها نَباتاً حَسَناً أَي جَعَلَ
نَشْوَها نَشْواً حَسَناً، وجاءَ نَباتاً على لفظ نَبَتَ، على معنى
نَبَتَتْ نَباتاً حَسَناً. ابن سيده: وأَنبَته الله، وفي التنزيل العزيز: والله
أَنْبَتَكم من الأَرض نَباتاً؛ جاءَ المصدر فيه على غير وزن الفعل، وله
نظائر.
والمَنْبِتُ: موضعُ النبات، وهو أَحد ما شَذَّ من هذا الضَّرْب، وقياسُه
المَنْبَتُ. وقد قيل: حكى أَبو حنيفة: ما أَنْبَتَ هذه الأَرضَ
فتَعَحَّبَ منه، بطرح الزائد. والمَنْبِتُ: الأَصْلُ.
والنِّبْتة: شَكْلُ النباتِ وحالتُه التي يَنْبُتُ عليها. والنِّبْتة:
الواحدةُ من النَّبات؛ حكاه أَبو حنيفة، فقال: العُقَيْفاءُ نِبْتَةٌ،
ورَقُها مثل وَرَق السَّذاب؛ وقال في موضع آخر: إِنما قدَّمناها لئلا يحتاج
إِلى تكرير ذلك عند ذكر كل نَبْتٍ، أَراد عندكل نوع من النَّبْت.
ونَبَّتَ فلانٌ الحَبَّ، وفي المحكم: نَبَّتَ الزرعَ والشَجر تَنْبِيتاً
إِذا غَرَسَه وزَرَعه. ونَبَّتُّ الشجرَ تَنْبيتاً: غَرَسْتُه.
والنَّابتُ من كل شيءٍ: الطَّريُّ حين يَنْبُتُ صغيراً؛ وما أَحْسَنَ
نابتةَ بني فلان أَي ما يَنْبُتُ عليه أَموالُهم وأَولادُهم. ونَبَتَتْ
لهم نابتةٌ إِذا نَشأَ لهم نَشءٌ صغارٌ. وإِنَّ بني فلان لنابتةُ شَرٍّ.
والنوابتُ، من الأَحداثِ: الأَغْمارُ. وفي حديث أَبي ثعلبة قال: أَتيتُ
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: نُوَيْبِتةُ، فقلتُ: يا رسول الله،
نُوَيْبتةُ خير، أَو نُوَيْبتة شَرٍّ؟ النُّوَيْبِتة: تصغيرُ نابتةٍ؛ يقال:
نَبَتَتْ لهم نابتة أَي نَشأَ فيهم صغارٌ لَحِقوا الكِبار، وصاروا زيادة
في العدد. وفي حديث الأَحْنَفِ: أَن معاوية قال لمن ببابه: لا
تَتَكَلَّموا بحوائجكم، فقال: لولا عزْمةُ أَمير المؤْمنين، لأَخْبَرْتُه أَنَّ
دافَّةً دَفَّتْ، وأَنَّ نابتة لَحِقَتْ.
وأَنْبَتَ الغلامُ: راهقَ، واسْتَبانَ شَعَرُ عانتِه ونَبَتَ. وفي حديث
بني قُرَيْظةَ: فكلُّ من أَنْبَتَ منهم قُتل؛ أَراد نباتَ شعر العانة،
فجعله علامة للبلوغ، وليس ذلك حَدّاً عند أَكثر أَهل العلم، إِلا في أَهل
الشرك، لأَنه لا يُوقَفُ على بلوغهم من جهة السن، ولا يمكن الرجوع إِلى
أَقوالهم، للتُّهمة في دفع القتل، وأَداءِ الجزية. وقال أَحمد: الإِنبات
حدّ معتبر تقام به الحُدود على من أَنْبَتَ من المسلمين، ويُحْكى مثلُه عن
مالك.
ونَبَّتَ الجاريةَ: غَذَّاها، وأَحْسنَ القيام عليها، رجاءَ فضل رِبحها.
ونَبَّتُّ الصَّبيَّ تَنْبيتاً: رَبَّيته. يقال: نَبِّتْ أَجَلَك بين
عينيك.
والتَّنْبِيتُ: أَوَّل خروج النبات. والتنبيت أَيضاً: ما نَبَتَ على
الأَرض من النَّبات من دِقِّ الشجر وكِباره؛ قال:
بَيْداءُ لم يَنْبُتْ بها تَنْبِيتُ
والتَّنْبِيتُ: لغةٌ في التَّبْتيتِ،وهو قِطَعُ السَّنام.
والتَّنْبِيتُ: ما شُذِّب على النخلة من شوكها وسَعَفها، للتخفيف عنها، عزاها أَبو
حنيفة إِلى عيسى ابن عمر.
والنَّبائتُ: أَعْضادُ الفُلْجان، واحدتها نَبيتة.
واليَنْبُوتُ: شجر الخَشخاش؛ وقيل: هي شجرة شاكةٌ، لها أَغْصان وورقٌ،
وثمرتها جِرْوٌ أَي مُدَوَّرة، وتُدْعى: نَعْمان الغافِ، واحدتُها
يَنْبوتة. قال أَبو حنيفة: اليَنْبوت ضربان أَحدهما هذا الضَّوكُ القِصارُ الذي
يسمى الخَرُّوبَ، له ثمرة كأَنها تفاحة فيها حب أَحمر، وهي عَقُولٌ
للبَطْنِ يُتَداوى بها؛ قال: وهي التي ذكرها النابغة، فقال:
يَمُدُّه كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ،
فيه حُطامٌ من اليَنْبوتِ، والخَضَدِ
والضَّرْبُ الآخر شجرٌ عظام. قال ابن سيده: أَخبرني بعضُ أَعراب ربيعة
قال: تكون اليَنْبوتةُ مثل شجرة التفاح العظيمة، وورقها أَصغر من ورق
التفاح، ولها ثمرة أَصغر من الزُّعْرور، شديدة السَّواد، شديدة الحلاوة، ولها
عَجَم يوضع في الموازين.
والنَّبيتُ: أَبو حي؛ وفي الصحاح: حَيّ من اليَمن. ونُباتةُ، ونَبْتٌ،
ونابِتٌ: أَسماء.
اللحياني: رجل خَبيتٌ نَبِيتٌ إِذا كان خسيساً فقيراً، وكذلك شيء خبيثٌ
نَبيثٌ.
ويقال: إِنه لَحسَنُ النِّبْتة أَي الحالة التي يَنْبُتُ عليها؛ وإِنه
لفي مَنْبِتِ صِدْقٍ أَي في أَصلِ صِدْقٍ، جاء عن العرب بكسر الباء،
والقياس مَنْبَتٌ، لأَنه من نَبَتَ يَنْبُتُ، قال: ومثله أَحرف معدودة جاءت
بالكسر، منها: المسجِد، والمَطْلِع، والمَشْرِقُ، والمَغْرِبُ، والمَسْكِنُ،
والمَنْسِك.
وفي حديث عليّ، عليه السلام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لقوم
من العرب: أَنتم أَهلُ بَيْتٍ أَو نَبْتٍ؟ فقالوا: نحن أَهلُ بَيتٍ وأَهلُ
نَبْتٍ أَي نحن في الشرف نهاية. وفي النَّبْتِ نهاية، أَي يَنْبُتُ
المال على أَيدينا، فأَسْلَموا.
ونُباتَى: موضع؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
فالسِّدْرُ مُخْتَلِجٌ، فَغُودِرَ طافِياً،
ما بَيْنَ عَيْنَ إِلى نُباتى الأَثْأَبِ
ويروى: نَباةَ كحَصاةٍ، عن أَبي الحسن الأخفش.
نهج: طريقٌ نَهْجٌ: بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْجُ؛ قال أَبو كبير:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَهُ
نَهْجاً، أَبانَ بذي فَريغٍ مَخْرَفِ
والجمعُ نَهجاتٌ ونُهُجٌ ونُهوجٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
به رُجُماتٌ بينهنَّ مَخارِمٌ
نُهوجٌ، كلَبَّاتِ الهَجائِنِ، فِيحُ
وطُرُقٌ نَهْجَةٌ، وسبيلٌ مَنْهَجٌ: كَنَهْجٍ. ومَنْهَجُ الطريقِ:
وضَحُه. والمِنهاجُ: كالمَنْهَجِ. وفي التنزيل: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً
ومِنْهاجاً.
وأَنهَجَ الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجاً واضِحاً بَيِّناً؛ قال
يزيدُ بنُ الخَذَّاقِ العبدي:
ولقد أَضاءَ لك الطريقُ، وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
أَي تُعِينُ وتُقَوِّي. والمِنهاجُ: الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْهَجَ
الطريقُ: صار نَهْجاً. وفي حديث العباس: لم يَمُتْ رسولُ الله، صلى الله
عليه وسلم، حتى تَرَكَكُم على طريقٍ ناهِجةٍ أَي واضحةٍ بَيِّنَةٍ.
ونَهَجْتُ الطريقَ: أَبَنْتُه وأَوضَحتُه؛ يقال: اعْمَلْ على ما نَهَجْتُه لك.
ونَهَجتُ الطريقَ: سَلَكتُه. وفلانٌ يَستَنهِجُ سبيلَ فلانٍ أَي يَسلُكُ
مَسلَكَه. والنَّهْجُ: الطريقُ المستقيمُ.
ونَهَجَ الأَمْرُ وأَنهَجَ، لُغتانِ، إِذا وضَحَ.
والنَّهَجةُ: الرَّبْوُ يَعْلو الإِنسانَ والدابَّةَ، قال الليث: ولم
أَسمَعْ منه فِعلاً.
وقال غيره: أَنهَجَ يُنْهِجُ إِنهاجاً، ونَهَجْتُ أَنهِجُ نَهْجاً،
ونهِجَ الرجلُ نَهَجاً، وأَنْهَجَ إِذا انْبَهَرَ حتى يقع عليه النَّفَسُ من
البُهْرِ، وأَنهَجَه غيرُه. يقال: فلانٌ يَنْهَجُ في النفَسِ، فما أَدري
ما أَنهَجَه. وأَنهَجتُ الدابَّةَ: سِرْت عليها حتى انْبَهَرَتْ. وفي
حديث قُدومِ المُسْتَضعَفِينَ بمكة: فنَهِجَ بين يَدَيْ رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، حتى قَضى. النَّهَجُ، بالتحريك، والنَّهِيجُ: الرَّبْوُ،
وتواتُرُ النَّفَسِ من شدَّةِ الحركةِ، وأَفعَلَ مُتَعَدٍّ. وفي حديث عمر،
رضي الله عنه: فضَرَبَه حتى أُنْهِجَ أَي وقع عليه الرَّبْوُ؛ يعني عمر.
وفي حديث عائشة: فقادني وإِني لأَنْهَجُ. وفي الحديث: أَنه رأَى رجلاً
يَنْهَجُ أَي يَرْبو من السِّمَن ويَلْهَثُ. وأَنْهَجَتِ الدابةُ: صارتْ
كذلك. وضَرَبَه حتى أَنْهَجَ أَي انْبَسَط، وقيل: بَكى. ونَهَجَ الثوبُ
ونَهُجَ، فهو نَهِجٌ، وأَنهَجَ: بَلِيَ ولم يَتَشَقَّقْ؛ وأَنْهَجَه البِلى،
فهو مُنْهَجٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: أَنْهَجَ فيه البِلى: اسْتَطار؛
وأَنشد:
كالثوبِ أَنْهَجَ فيه البِلى،
أَعْيا على ذي الحِيلَةِ الصانِع
(* قوله «كالثوب إلخ» كذا بالأصل. والشطر الأول منه غير موزون ولعل
الأصل اذ أَنهج.)
ولا يقال: نَهَجَ الثوبُ، ولكن نَهِجَ. وأَنْهَجْتُ الثوبَ، فهو
مُنْهَجٌ أَي أَخْلَقْتُه. أَبو عبيد: المُنْهَج الثوبُ الذي أَسرعَ فيه
البِلَى. الجوهري: أَنْهَجَ الثوبُ إِذا أَخذ في البِلى؛ قال عبدُ بني
الحَسْحاسِ:
فما زال بُرْدي طَيِّباً من ثِيابِها
إِلى الحَوْلِ، حتى أَنْهَجَ البُرْدُ باليا
وفي شعر مازِنٍ:
حتى آذَنَ الجِسْمُ بالنَّهْجِ
وقد نَهِجَ الثوبُ والجسمُ إِذا بَليَ. وأَنْهَجَه البِلى إِذا
أَخْلَقَهُ. الأَزهري: نَهِجَ الإِنسانُ والكلبُ إِذا رَبَا وانْبَهَرَ يَنْهَجُ
نَهَجاً. قال ابن بزرج: طَرَدْتُ الدابةَ حتى نَهَجَتْ، فهي ناهِجٌ، في
شِدَّةِ نَفَسِها، وأَنْهَجْتُها أَنا، فهي مُنْهَجَةٌ. ابن شميل: إِن
الكلبَ لَيَنْهَجُ من الحَرِّ، وقد نَهِجَ نَهْجَةً. وقال غيرُه: نَهِجَ
الفرَسُ حين أَنْهَجْتُه أَي رَبا حين صَيَّرتُه إِلى ذلك.
نور: في أَسماء الله تعالى: النُّورُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي
يُبْصِرُ بنوره ذو العَمَاية ويَرْشُدُ بهداه ذو الغَوايَةِ، وقيل: هو الظاهر
الذي به كل ظهور، والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يسمى نوراً. قال أَبو
منصور: والنُّور من صفات الله عز وجل، قال الله عز وجل: الله نُورُ
السموات والأَرض؛ قيل في تفسيره: هادي أَهل السموات والأَرض، وقيل: مَثل نوره
كمشكاة فيها مصباح؛ أَي مثل نور هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح.
والنُّورُ: الضياء. والنور: ضد الظلمة. وفي المحكم: النُّور الضَّوْءُ،
أَيًّا كان، وقيل: هو شعاعه وسطوعه، والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ؛ عن ثعلب.
وقد نارَ نَوْراً وأَنارَ واسْتَنارَ ونَوَّرَ؛ الأَخيرة عن اللحياني،
بمعنى واحد، أَي أَضاء، كما يقال: بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ
وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بمعنى واحد. واسْتَنار به: اسْتَمَدَّ شُعاعَه. ونَوَّرَ
الصبحُ: ظهر نُورُه؛ قال:
وحَتَّى يَبِيتَ القومُ في الصَّيفِ ليلَةً
يقولون: نَوِّرْ صُبْحُ، والليلُ عاتِمُ
وفي الحديث: فَرَض عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، للجدّ ثم أَنارَها زيدُ
بن ثابت أَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها. والتَّنْوِير: وقت إِسفار
الصبح؛ يقال: قد نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً. والتنوير: الإِنارة. والتنوير:
الإِسفار. وفي حديث مواقيت الصلاة: أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ أَي صلاَّها،
وقد اسْتنار لأُفق كثيراً. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: نائرات
الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام؛ النائرات الواضحات البينات، والمنيرات كذلك،
فالأُولى من نارَ، والثانية من أَنار، وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ؛ ومنه: ثم
أَنارها زيدُ بن ثابت. وأَنار المكانَ: وضع فيه النُّورَ. وقوله عز وجل: ومن
لم يجعل الله له نُوراً فما له من نُورٍ؛ قال الزجاج: معناه من لم يهده
الله للإِسلام لم يهتد. والمنار والمنارة: موضع النُّور. والمَنارَةُ:
الشَّمْعة ذات السراج. ابن سيده: والمَنارَةُ التي يوضع عليها السراج؛ قال
أَبو ذؤيب:
وكِلاهُما في كَفِّه يَزَنِيَّةٌ،
فيها سِنانٌ كالمَنارَةِ أَصْلَعُ
أَراد أَن يشبه السنان فلم يستقم له فأَوقع اللفظ على المنارة. وقوله
أَصلع يريد أَنه لا صَدَأَ عليه فهو يبرق، والجمع مَناوِرُ على القياس،
ومنائر مهموز، على غير قياس؛ قال ثعلب: إِنما ذلك لأَن العرب تشبه الحرف
بالحرف فشبهوا منارة وهي مَفْعَلة من النُّور، بفتح الميم، بفَعَالةٍ
فَكَسَّرُوها تكسيرها، كما قالوا أَمْكِنَة فيمن جعل مكاناً من الكَوْنِ، فعامل
الحرف الزائد معاملة الأَصلي، فصارت الميم عندهم في مكان كالقاف من
قَذَالٍ، قال: ومثله في كلام العرب كثير. قال: وأَما سيبويه فحمل ما هو من
هذا على الغلط. الجوهري: الجمع مَناوِر، بالواو، لأَنه من النور، ومن قال
منائر وهمز فقد شبه الأَصلي بالزائد كما قالوا مصائب وأَصله مصاوب.
والمَنار: العَلَم وما يوضع بين الشيئين من الحدود. وفي حديث النبي، صلى الله
عليه وسلم: لعن الله من غَيَّر مَنارَ الأَرض أَي أَعلامها. والمَنارُ:
عَلَم الطريق. وفي التهذيب: المنار العَلَمُ والحدّ بين الأَرضين.
والمَنار: جمع منارة، وهي العلامة تجعل بين الحدّين، ومَنار الحرم: أَعلامه التي
ضربها إِبراهيم الخليل، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، على أَقطار
الحرم ونواحيه وبها تعرف حدود الحَرَم من حدود الحِلِّ، والميم زائدة. قال:
ويحتمل معنى قوله لعن الله من غيَّر منار الأَرض، أَراد به منار الحرم،
ويجوز أَن يكون لعن من غير تخوم الأَرضين، وهو أَن يقتطع طائفة من أَرض
جاره أَو يحوّل الحدّ من مكانه. وروى شمر عن الأَصمعي: المَنار العَلَم
يجعل للطريق أَو الحدّ للأَرضين من طين أَو تراب. وفي الحديث عن أَبي هريرة،
رضي الله عنه: إِن للإِسلام صُوًى ومَناراً أَي علامات وشرائع يعرف بها.
والمَنارَةُ: التي يؤذن عليها، وهي المِئْذَنَةُ؛ وأَنشد:
لِعَكٍّ في مَناسِمها مَنارٌ،
إِلى عَدْنان، واضحةُ السَّبيل
والمَنارُ: مَحَجَّة الطريق، وقوله عز وجل: قد جاءَكم من الله نور وكتاب
مبين؛ قيل: النور ههنا هو سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
أَي جاءكم نبي وكتاب. وقيل إِن موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قال
وقد سئل عن شيء: سيأْتيكم النُّورُ. وقوله عز وجل: واتَّبِعُوا النُّورَ
الذي أُنزل معه؛ أَي اتبعوا الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور في
العيون. قال: والنور هو الذي يبين الأَشياء ويُرِي الأَبصار حقيقتها، قال:
فَمَثلُ ما أَتى به النبي، صلى الله عليه وسلم، في القلوب في بيانه وكشفه
الظلمات كمثل النور، ثم قال: يهدي الله لنوره من يشاء، يهدي به الله من
اتبع رضوانه. وفي حديث أَبي ذر، رضي الله عنه، قال له ابن شقيق: لو
رأَيتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كنتُ أَسأَله: هل رأَيتَ ربك؟ فقال:
قد سأَلتُه فقال: نُورٌ أَنَّى أَرَاه أَي هو نور كيف أَراه. قال ابن
الأَثير: سئل أَحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ما رأَيتُ مُنْكِراً له وما
أَدري ما وجهه. وقال ابن خزيمة: في القلب من صحة هذا الخبر شيء، فإِن ابن
شقيق لم يكن يثبت أَبا ذر، وقال بعض أَهل العلم: النُّورُ جسم وعَرَضٌ،
والباري تقدّس وتعالى ليس بجسم ولا عرض، وإِنما المِراد أَن حجابه النور،
قال: وكذا روي في حديث أَبي موسى، رضي الله عنه، والمعنى كيف أَراه
وحجابه النور أَي أَن النور يمنع من رؤيته. وفي حديث الدعاء: اللهمّ اجْعَلْ
في قلبي نُوراً وباقي أَعضائه؛ أَراد ضياء الحق وبيانه، كأَنه قال: اللهم
استعمل هذه الأَعضاء مني في الحق واجعل تصرفي وتقلبي فيها على سبيل
الصواب والخير.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله: لا تَسْتَضِيئُوا بنار
المشركين، فقال:
النار ههنا الرَّأْيُ، أَي لا تُشاورُوهم، فجعل الرأْي مَثَلاً للضَّوءِ
عند الحَيْرَة، قال: وأَما حديثه الآخر أَنا بريء من كل مسلم مع مشرك،
فقيل: لم يا رسول الله؟ ثم قال: لا تَراءَى ناراهُما. قال: إِنه كره النزول
في جوار المشركين لأَنه لا عهد لهم ولا أَمان، ثم وكده فقال: لا تَراءَى
ناراهما أَي لا ينزل المسلم بالموضع الذي تقابل نارُه إِذا أَوقدها نارَ
مشرك لقرب منزل بعضهم من بعض، ولكنه ينزل مع المسلمين فإنهم يَدٌ على من
سواهم. قال ابن الأَثير: لا تراءَى ناراهما أَي لا يجتمعان بحيث تكون نار
أَحدهما تقابل نار الآخر، وقيل: هو من سمة الإِبل بالنار. وفي صفة
النبي، صلي الله عليه وسلم: أَنْوَرُ المُتَجَرَّدِ أَي نَيِّر الجسم. يقال
للحسَنِ المشرِق اللَّوْنِ: أَنْوَرُ، وهو أَفعلُ من النُّور. يقال: نار
فهو نَيِّر، وأَنار فهو مُنِيرٌ. والنار: معروفة أُنثى، وهي من الواو لأَن
تصغيرها نُوَيْرَةٌ. وفي التنزيل العزيز: أَن بُورِكَ من في النار ومن
حولها؛ قال الزجاج: جاءَ في التفسير أَن من في النار هنا نُور الله عز وجل،
ومن حولها قيل الملائكة وقيل نور الله أَيضاً. قال ابن سيده: وقد تُذَكَّرُ
النار؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد في ذلك:
فمن يأْتِنا يُلْمِمْ في دِيارِنا،
يَجِدْ أَثَراً دَعْساً وناراً تأَجَّجا
ورواية سيبويه: يجد حطباً جزلاً وناراً تأَججا؛ والجمع أَنْوُرٌ
(*
قوله« والجمع أنور» كذا بالأصل. وفي القاموس: والجمع أنوار. وقوله ونيرة كذا
بالأصل بهذا الضبط وصوبه شارح القاموس عن قوله ونيرة كقردة.) ونِيرانٌ،
انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، ونِيْرَةٌ ونُورٌ ونِيارٌ؛ الأَخيرة عن
أَبي حنيفة. وفي حديث شجر جهنم: فَتَعْلُوهم نارُ الأَنْيارِ؛ قال ابن
الأَثير: لم أَجده مشروحاً ولكن هكذا روي فإن صحت الرواية فيحتمل أَن يكون
معناه نارُ النِّيرانِ بجمع النار على أَنْيارٍ، وأَصلها أَنْوارٌ لأَنها
من الواو كما جاء في ريح وعيد أَرْياحٌ وأَعْيادٌ، وهما من الواو.
وتَنَوَّرَ النارَ: نظر إِليها أَو أَتاها. وتَنَوَّرَ الرجلَ: نظر إِليه عند
النار من حيث لا يراه. وتَنَوَّرْتُ النارَ من بعيد أَي تَبَصَّرْتُها.
وفي الحديث: الناسُ شُركاءُ في ثلاثة: الماءُ والكلأُ والنارُ؛ أَراد
ليس لصاحب النار أَن يمنع من أَراد أَن يستضيءَ منها أَو يقتبس، وقيل:
أَراد بالنار الحجارةَ التي تُورِي النار، أَي لا يمنع أَحد أَن يأْخذ منها.
وفي حديث الإِزار: وما كان أَسْفَلَ من ذلك فهو في النار؛ معناه أَن ما
دون الكعبين من قَدَمِ صاحب الإِزارِ المُسْبَلِ في النار عُقُوبَةً له
على فعله، وقيل: معناه أَن صنيعه ذلك وفِعْلَه في النار أَي أَنه معدود
محسوب من أَفعال أَهل النار. وفي الحديث: أَنه قال لعَشَرَةِ أَنْفُسٍ فيهم
سَمُرَةُ: آخِرُكُمْ يموت في النار؛ قال ابن الأَثير: فكان لا يكادُ
يَدْفَأُ فأَمر بِقِدْرٍ عظيمة فملئت ماء وأَوقد تحتها واتخذ فوقها مجلساً،
وكان يصعد بخارها فَيُدْفِئُه، فبينا هو كذلك خُسِفَتْ به فحصل في النار،
قال: فذلك الذي قال له، والله أَعلم. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه:
العَجْماءُ جُبارٌ والنار جُبارٌ؛ قيل: هي النار التي يُوقِدُها الرجلُ في
ملكه فَتُطِيرها الريح إِلى مال غيره فيحترق ولا يَمْلِكُ رَدَّها فيكون
هَدَراً. قال ابن الأَثير: وقيل الحديث غَلِطَ فيه عبدُ الرزاق وقد تابعه
عبدُ الملك الصَّنْعانِيُّ، وقيل: هو تصحيف البئر، فإِن أَهل اليمن
يُمِيلُونَ النار فتنكسر النون، فسمعه بعضهم على الإِمالة فكتبه بالياء،
فَقَرؤُوه مصفحاً بالياء، والبئر هي التي يحفرها الرجل في ملكه أَو في موات
فيقع فيها إِنسان فيهلك فهو هَدَرٌ؛ قال الخطابي: لم أَزل أَسمع أَصحاب
الحديث يقولون غلط فيه عبد الرزاق حتى وجدته لأَبي داود من طريق أُخرى. وفي
الحديث: فإِن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً؛ قال ابن الأَثير: هذا
تفخيم لأَمر البحر وتعظيم لشأْنه وإِن الآفة تُسْرِع إِلى راكبه في غالب
الأَمر كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها. والنارُ:
السِّمَةُ، والجمع كالجمع، وهي النُّورَةُ. ونُرْتُ البعير: جعلت عليه ناراً. وما
به نُورَةٌ أَي وَسْمٌ. الأَصمعي: وكلُّ وسْمٍ بِمِكْوًى، فهو نار، وما
كان بغير مِكْوًى، فهو حَرْقٌ وقَرْعٌ وقَرمٌ وحَزٌّ وزَنْمٌ. قال أَبو
منصور: والعرب تقول: ما نارُ هذه الناقة أَي ما سِمَتُها، سميت ناراً
لأَنها بالنار تُوسَمُ؛ وقال الراجز:
حتى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنارِ،
والنارُ قد تَشْفي من الأُوارِ
أَي سقوا إِبلهم بالسِّمَة، أَي إِذا نظروا في سِمَةِ صاحبه عرف صاحبه
فَسُقِيَ وقُدِّم على غيره لشرف أَرباب تلك السمة وخلَّوا لها الماءَ. ومن
أَمثالهم: نِجارُها نارُها أَي سمتها تدل على نِجارِها يعني الإِبل؛ قال
الراجز يصف إِبلاً سمتها مختلفة:
نِجارُ كلِّ إِبلٍ نِجارُها،
ونارُ إِبْلِ العالمين نارُها
يقول: اختلفت سماتها لأَن أَربابها من قبائل شتى فأُغِيرَ على سَرْح كل
قبيلة واجتمعت عند من أَغار عليها سِماتُ تلك القبائل كلها. وفي حديث
صعصة ابن ناجية جد الفرزدق: وما ناراهما أَي ما سِمَتُهما التي وُسِمَتا بها
يعني ناقتيه الضَّالَّتَيْنِ، والسِّمَةُ: العلامة.ونارُ المُهَوِّل:
نارٌ كانت للعرب في الجاهلية يوقدونها عند التحالف ويطرحون فيها ملحاً
يَفْقَعُ، يُهَوِّلُون بذلك تأْكيداً للحلف. والعرب تدعو على العدوّ فتقول:
أَبعد الله داره وأَوقد ناراً إِثره قال ابن الأَعرابي: قالت العُقَيْلية:
كان الرجل إِذا خفنا شره فتحوّل عنا أَوقدنا خلفه ناراً، قال فقلت لها:
ولم ذلك؟ قالت: ليتحَوّلَ ضبعهم معهم أَي شرُّهم؛ قال الشاعر:
وجَمَّة أَقْوام حَمَلْتُ، ولم أَكن
كَمُوقِد نارٍ إِثْرَهُمْ للتَّنَدُّم
الجمة: قوم تَحَمَّلوا حَمالَةً فطافوا بالقبائل يسأَلون فيها؛ فأَخبر
أَنه حَمَلَ من الجمة ما تحملوا من الديات، قال: ولم أَندم حين ارتحلوا
عني فأُوقد على أَثرهم. ونار الحُباحِبِ: قد مر تفسيرها في موضعه.
والنَّوْرُ والنَّوْرَةُ، جميعاً: الزَّهْر، وقيل: النَّوْرُ الأَبيض
والزهر الأَصفر وذلك أَنه يبيضُّ ثم يصفر، وجمع النَّوْر أَنوارٌ.
والنُّوّارُ، بالضم والتشديد: كالنَّوْرِ، واحدته نُوَّارَةٌ، وقد نَوَّرَ الشجرُ
والنبات. الليث: النَّوْرُ نَوْرُ الشجر، والفعل التَّنْوِيرُ،
وتَنْوِير الشجرة إِزهارها. وفي حديث خزيمة: لما نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ أَي
حسنت خضرتها، من الإِنارة، وقيل: إِنها أَطْلَعَتْ نَوْرَها، وهو زهرها.
يقال: نَوَّرَتِ الشجرةُ وأَنارَتْ، فأَما أَنورت فعلى الأَصل؛ وقد سَمَّى
خِنْدِفُ بنُ زيادٍ الزبيريُّ إِدراك الزرع تَنْوِيراً فقال:
سامى طعامَ الحَيِّ حتى نَوَّرَا
وجَمَعَه عَدِيّ بن زيد فقال:
وذي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، له صَبَحٌ
يَغْذُو أَوَابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارَا
والنُّورُ: حُسْنُ النبات وطوله، وجمعه نِوَرَةٌ. ونَوَّرَتِ الشجرة
وأَنارت أَيضاً أَي أَخرجت نَوْرَها. وأَنار النبتُ وأَنْوَرَ: ظَهَرَ
وحَسُنَ. والأَنْوَرُ: الظاهر الحُسْنِ؛ ومنه صفته، صلي الله عليه وسلم: كان
أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ.
والنُّورَةُ: الهِناءُ. التهذيب: والنُّورَةُ من الحجر الذي يحرق
ويُسَوَّى منه الكِلْسُ ويحلق به شعر العانة. قال أَبو العباس: يقال انْتَوَرَ
الرجلُ وانْتارَ من النُّورَةِ، قال: ولا يقال تَنَوَّرَ إِلا عند إِبصار
النار. قال ابن سيده: وقد انْتارَ الرجل وتَنَوَّرَ تَطَلَّى
بالنُّورَة، قال: حكى الأَوّل ثعلب، وقال الشاعر:
أَجِدَّكُما لم تَعْلَما أَنَّ جارَنا
أَبا الحِسْلِ، بالصَّحْراءِ، لا يَتَنَوَّرُ
التهذيب: وتأْمُرُ من النُّورةِ فتقول: انْتَوِرْ يا زيدُ وانْتَرْ كما
تقول اقْتَوِلْ واقْتَلْ؛ وقال الشاعر في تَنَوّر النار:
فَتَنَوَّرْتُ نارَها من بَعِيد
بِخَزازَى* ؛ هَيْهاتَ مِنك الصَّلاءُ
(* قوله« بخزازى» بخاء معجمة فزايين معجمتين: جبل بين منعج وعاقل،
والبيت للحرث بن حلزة كما في ياقوت)
قال: ومنه قول ابن مقبل:
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
والنَّوُورُ: النَّيلَجُ، وهو دخان الشحم يعالَجُ به الوَشْمُ ويحشى به
حتى يَخْضَرَّ، ولك أَن تقلب الواو المضمومة همزة. وقد نَوَّرَ ذراعه
إِذا غَرَزَها بإِبرة ثم ذَرَّ عليها النَّؤُورَ.
والنَّؤُورُ: حصاة مثل الإِثْمِدِ تُدَقُّ فَتُسَفُّها اللِّثَةُ أَي
تُقْمَحُها، من قولك: سَفِفْتُ الدواء. وكان نساءُ الجاهلية يَتَّشِمْنَ
بالنَّؤُور؛ ومنه وقول بشر:
كما وُشِمَ الرَّواهِشُ بالنَّؤُورِ
وقال الليث: النَّؤُور دُخان الفتيلة يتخذ كحلاً أَو وَشْماً؛ قال أَبو
منصور: أما الكحل فما سمعت أَن نساء العرب اكتحلن بالنَّؤُورِ، وأَما
الوشم به فقد جاء في أَشعارهم؛ قال لبيد:
أَو رَجْع واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشامُها
التهذيب: والنَّؤُورُ دخان الشحم الذي يلتزق بالطَّسْتِ وهو الغُنْجُ
أَيضاً. والنَّؤُورُ والنَّوَارُ: المرأَة النَّفُور من الريبة، والجمع
نُورٌ. غيره: النُّورُ جمع نَوارٍ، وهي النُّفَّرُ من الظباء والوحش وغيرها؛
قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ وذكر الظباء وأَنها كَنَسَتْ في شدّة الحر:
تَدَلَّتْ عليها الشمسُ حتى كأَنها،
من الحرِّ، تَرْمي بالسَّكِينَةِ نُورَها
وقد نارتْ تَنُورُ نَوْراً ونَواراً ونِواراً؛ ونسوةٌ نُورٌ أَي نُفَّرٌ
من الرِّيبَةِ، وهو فُعُلٌ، مثل قَذالٍ وقُذُلٍ إِلا أَنهم كرهوا الضمة
على الواو لأَن الواحدة نَوارٌ وهي الفَرُورُ، ومنه سميت المرأَة؛ وقال
العجاج:
يَخْلِطْنَ بالتَّأَنُّسِ النَّوارا
الجوهري: نُرْتُ من الشيء أَنُورُ نَوْراً ونِواراً، بكسر النون؛ قال
مالك بن زُغْبَةَ الباهلي يخاطب امرأَة:
أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ،
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ
أَراد أَنِفاراً يا فَرُوقُ، وقوله سَرْعَ ماذا: أَراد سَرُعَ فخفف؛ قال
ابن بري في قوله:
أَنوراً سرع ماذا يا فروق
قال: الشعر لأَبي شقيق الباهلي واسمه جَزْءُ بن رَباح، قال: وقيل هو
لزغبة الباهلي، قال: وقوله أَنوراً بمعنى أَنِفاراً سَرُعَ ذا يا فروق أَي
ما أَسرعه، وذا فاعل سَرُعَ وأَسكنه للوزن، وما زائدة. والبين ههنا:
الوصل، ومنه قوله تعالى: لقد تَقَطَّعَ بَيْنُكُم؛ أَي وصْلُكم، قال: ويروى
وحبل البين منتكث؛ ومنتكث: منتقض. وحذيق: مقطوع؛ وبعده:
أَلا زَعَمَتْ علاقَةُ أَنَّ سَيْفي
يُفَلِّلُ غَرْبَه الرأْسُ الحَليقُ؟
وعلاقة: اسم محبوبته؛ يقول: أَزعمت أَن سيفي ليس بقاطع وأَن الحليف يفلل
غربه؟ وامرأَة نَوارٌ: نافرة عن الشر والقبيح. والنَوارُ: المصدر،
والنِّوارُ: الاسم، وقيل: النِّوارُ النِّفارُ من أَي شيء كان؛ وقد نارها
ونَوَّرها واستنارها؛ قال ساعدة بن جؤية يصف ظبية:
بِوادٍ حَرامٍ لم يَرُعْها حِبالُه،
ولا قانِصٌ ذو أَسْهُمٍ يَسْتَنِيرُها
وبقرة نَوَارٌ: تنفر من الفحل. وفي صفة ناقة صالح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام: هي أَنور من أَن تُحْلَبَ أَي أَنْفَرُ. والنَّوَار:
النِّفارُ. ونُرْتُه وأَنرْتُه: نَفَّرْتُه. وفرس وَدِيق نَوارٌ إِذا
استَوْدَقَت، وهي تريد الفحل، وفي ذلك منها ضَعْفٌ تَرْهَب صَوْلَةَ
الناكح.ويقال: بينهم نائِرَةٌ أَي عداوة وشَحْناء. وفي الحديث: كانت بينهم
نائرة أَي فتنة حادثة وعداوة. ونارُ الحرب ونائِرَتُها: شَرُّها وهَيْجها.
ونُرْتُ الرجلَ: أَفْزَعْتُه ونَفَّرْتُه؛ قال:
إِذا هُمُ نارُوا، وإِن هُمْ أَقْبَلُوا،
أَقْبَلَ مِمْساحٌ أَرِيبٌ مِفْضَلُ
ونار القومُ وتَنَوَّرُوا انهزموا. واسْتَنارَ عليه: ظَفِرَ به وغلبه؛
ومنه قول الأَعشى:
فأَدْرَكُوا بعضَ ما أَضاعُوا،
وقابَلَ القومُ فاسْتَنارُوا
ونُورَةُ: اسم امرأَة سَحَّارَة؛ ومنه قيل: هو يُنَوِّرُ عليه أَي
يُخَيِّلُ، وليس بعربيّ صحيح. الأَزهري: يقال فلان يُنَوِّرُ على فلان إِذا
شَبَّهَ عليه أَمراً، قال: وليست هذه الكلمة عربية، وأَصلها أَن امرأَة
كانت تسمى نُورَةَ وكانت ساحرة فقيل لمن فعل فعلها: قد نَوَّرَ فهو
مُنَوِّرٌ.
قال زيد بن كُثْوَةَ: عَلِقَ رجلٌ امرأَة فكان يَتَنَوَّرُها بالليل،
والتَّنَوُّرُ مثل التَّضَوُّء، فقيل لها: إِن فلاناً يَتَنَوَّرُكِ،
لتحذره فلا يرى منها إِلا حَسَناً، فلما سمعت ذلك رفعت مُقَدَّمَ ثوبها ثم
قابلته وقالت: يا مُتَنَوِّراً هاه فلما سمع مقالتها وأَبصر ما فعلت قال:
فبئسما أَرى هاه وانصرفت نفسه عنها، فصيرت مثلاً لكل من لا يتقي قبيحاً
ولا يَرْعَوي لحَسَنٍ. ابن سيده: وأَما قول سيبويه في باب الإِمالة ابن
نُور فقد يجوز أَن يكون اسماً سمي بالنور الذي هو الضوء أَو بالنُّورِ الذي
هو جمع نَوارٍ، وقد يجوز أَن يكون اسماً صاغه لتَسُوغَ فيه الإِمالة
فإِنه قد يَصوغ أَشياء فَتَسوغ فيها الإِمالة ويَصُوغ أَشياءَ أُخَرَ لتمتنع
فيها الإِمالة. وحكى ابن جني فيه: ابن بُور، بالباء، كأَنه من قوله
تعالى: وكنتم قوماً بُوراً، وقد تقدم. ومَنْوَرٌ: اسم موضع صَحَّتْ فيه
الواوُ صِحَّتَها في مَكْوَرَةَ للعلمية؛ قال بشر بن أَبي خازم:
أَلَيْلى على شَحْطِ المَزارِ تَذَكَّرُ؟
ومن دونِ لَيْلى ذو بِحارٍ ومَنْوَرُ
قال الجوهري: وقول بشر:
ومن دون ليلى ذو بحار ومنور
قال: هما جبلان في ظَهْر حَرَّةِ بني سليم. وذو المَنار: ملك من ملوك
اليمن واسمه أَبْرَهَةُ بن الحرث الرايش، وإِنما قيل له ذو المنار لأَنه
أَوّل من ضرب المنارَ على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إِذا رجع.
ويح: وَيْح: كلمة تقال رحمةً، وكذلك وَيْحَما؛ قال حُمَيْدُ بن ثور:
أَلا هَيّما مما لَقِيتُ وَهَيّما،
ووَيْحٌ لمن لم يَدْرِ ما هنَّ وَيْحَما
الليث: وَيْحَ يقال إِنه رحمة لمن تنزل به بليَّة، وربما جعل مع ما كلمة
واحدة وقيل وَيْحَما. ووَيْحٌ: كلمة تَرَحُّم وتَوَجُّع، وقد يقال بمعنى
المدح والعجب، وهي منصوبة على المصدر، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف؛ يقال:
وَيْحَ زيدٍ، ووَيْحاً له، ووَيْحٌ له الجوهري: وَيْح كلمة رحمة، ووَيْلٌ
كلمة عذاب؛ وقيل: هما بمعنى واحد، وهما مرفوعتان بالابتداء؛ يقال:
وَيْحٌ لزيد ووَيْلٌ لزيد، ولك أَن تقول: ويحاً لزيد وويلاً لزيد، فتنصبهما
بإِضمار فعل، وكأَنك قلت أَلْزَمَهُ اللهُ وَيْحاً ووَيْلاً ونحو ذلك؛ ولك
أَن تقول وَيْحَكَ ووَيْحَ زيد، ووَيْلَكَ ووَيْلَ زيد، بالإِضافة،
فتنصبهما أَيضاً بإِضمار فعل؛ وأَما قوله: فَتَعْساً لهم وبُعْداً لثمود، وما
أَشبه ذلك فهو منصوب أَبداً، لأَنه لا تصح إِضافته بغير لام، لأَنك لو
قلت فتَعْسَهُم أَو بُعْدَهم لم يصلح فلذلك افترقا. الأَصمعي: الوَيْلُ
قُبُوحٌ، والوَيحُ تَرَحُّمٌ، ووَيْسٌ تصغيرها أَي هي دونها. أَبو زيد:
الوَيْلُ هَلَكةٌ، والوَيْحُ قُبُوحٌ، والوَيْسُ ترحم. سيبويه: الوَيْلُ يقال
لمن وقع في الهَلَكَة، والوَيْحُ زجر لمن أَشرف على الهَلَكة، ولم يذكر
في الوَيْس شيئاً. ابن الفرج: الوَيْحُ والوَيْلُ والوَيْسُ واحد. ابن
سيده: وَيْحَه كَوَيْلَه، وقيل: وَيْح تقبيح. قال ابن جني: امتنعوا من
استعمال فِعْل الوَيْحِ لأَن القياس نفاه ومنع منه، وذلك لأَنه لو صُرِّف
الفعل من ذلك لوجب اعتلال فائه كوَعَدَ، وعينه كباع، فتَحامَوا استعماله لما
كان يُعْقِبُ من اجتماع إِعلالين، قال: ولا أَدري أَأُدْخِلَ الأَلفُ
واللام على الوَيْح سماعاً أَم تَبَسُّطاً وإِدْلالاً؟ الخليل: وَيْس كلمة
في موضع رأْفة واستملاح، كقولك للصبي: وَيْحَهُ ما أَمْلَحَه ووَيْسَه
ما أَملحه نصر النحوي قال: سمعت بعضَ من يَتَنَطَّعُ بقول الوَيحُ رحمة؛
قال: وليس بينه وبين الويل فُرْقانٌ إِلا أَنه كأَنه أَلْيَنُ قليلاً،
قال: ومن قال هو رحمة؛ يعني أَن تكون العرب تقول لمن ترحمه: وَيْحَه،
رِثايَةً له. وجاءَ عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال
لعَمَّارٍ: وَيْحَكَ يا ابن سُمَيَّةَ بُؤْساً لك تقتلك الفئةُ
الباغية.الأَزهري: وقد قال أَكثر أَهل اللغة إِن الويل كلمة تقال لكل من وقع في
هَلَكَة وعذاب، والفرق بين ويح وويل أَن وَيْلاً تقال لمن وقع في هَلَكَة
أَو بلية لا يترحم عليه، وَيْح تقال لكل من وقع في بلية يُرْحَمُ
ويُدْعى له بالتخلص منها، أَلا ترى أَن الويل في القرآن لمستحقي العذاب
بجرائمهم: وَيْلٌ لكل هَمْزَةٍ ويْلٌ للذين لا يؤتون الزكاة ويل للمطففين وما
أَشبهها؟ ما جاءَ ويل إِلا لأَهلِ الجرائم، وأَما وَيح فإِن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قالها لعَمَّار الفاضل كأَنه أُعْلِمَ ما يُبْتَلى به من
القتل، فَتَوَجَّعَ له وترحم عليه؛ قال: وأَصل وَيْح ووَيْس ووَيْل كلمة
كله عندي «وَيْ» وُصِلَتْ بحاءٍ مرة وبسين مرة وبلام مرة. قال سيبويه:
سأَلت الخليل عنها فزعم أَن كل من نَدِمَ فأَظهر ندامته قال وَيْ، ومعناها
التنديم والتنبيه. ابن كَيْسانَ: إِذا قالوا له: وَيْلٌ له، ووَيْحٌ له،
ووَيْسٌ له، فالكلامُ فيهن الرفعُ على الابتداءِ واللام في موضع الخبر،
فإِن حذفت اللام لم يكن إِلا النصب كقوله وَيْحَه ووَيْسَه.
صبر: في أَسماء الله تعالى: الصَّبُور تعالى وتقدَّس، هو الذي لا
يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وهو من أَبنية المُبالَغة، ومعناه قَرِيب من
مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة
الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم. ابن سيده: صَبَرَه عن الشيء
يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة:
قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً:
وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان
على القَتْل: نَصْبُه عليه. يقال: قَتَلَه صَبْراً، وقد صَبَره عليه وقد
نَهَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. ورجل
صَبُورَة، بالهاء: مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً؛ قيل: هو أَن يُمْسك
الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى
يُقْتَل؛ قال: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛
ومنه الحديث: نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح؛
والمَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت. وكل ذي روح يصبر حيّاً
ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً. وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك
رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال: اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ؛ يعني
احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ ومنه قيل للرجُل
يقدَّم فيضربَ عنقه: قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، وكذلك لو
حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه قال: صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر
حرْباً كان فيها:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً
تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ
يقول: حَبَست نفساً صابِرة. قال أَبو عبيد: يقول إِنه حَبَس نفسَه،
وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول
صَبْراً. وفي حديث ابن مسعود: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
صَبْرِ الرُّوح، وهو الخِصاءُ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ ومن هذا يَمِينُ
الصَّبْرِ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف
إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل: حلَف صَبْراً. وفي الحديث: مَنْ حَلَف على
يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، وفي آخر: على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها
وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، وقيل لها مَصْبُورة
وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من
أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً؛ والمَصْبورة: هي
اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تقول: صَبَرْتُ يَمِينه
أَي حلَّفته. وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ.
والصَّبْرُ: الإِكراه. يقال: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي
أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً.
يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه
يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابن سيده: ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ
الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ وقد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا،
أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا
وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه.
والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ
وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، وجمعه صُبُرٌ.
الجوهري: الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة
يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا: حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ
نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها
تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا
أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ
والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.
وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء،
فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ. وفي الحديث عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال
أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم. وفي الحديث: لا
أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ؛ أَي أَشدّ حِلْماً
على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه. وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا
بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في
مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله عز وجلّ: فما أَصْبَرَهُمْ على
النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار. قال أَبو عمرو: سأَلت
الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار،
والصَّبْرُ على معاصِي
(* قوله: «الحليحي» وقوله: «والصبر على معاصي إلخ»
كذا بالأَصل). الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.
وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر. وقوله: فَصَبْرٌ
جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وقوله عز وجل: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛
أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم
في الجِهاد. وقوله عز وجل: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما
أَنتم عليه من الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم. وفي حديث
الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس،
وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب
والنِّكاح. وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِهِ صَبِيرٌ
والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة
أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.
وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا
صَبِيراً؛ هو الكفِيل. وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم،
والجمع صُبَراء. والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض
درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي
من أَبيات:
وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو
ك، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيـ
ـرِ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا
أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل
ذلك تَعْدُو. وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية
كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة
السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو
الإِصْلاح، ونصب تأْتالَها على الجواب؛ قال ومثله قول لبيد:
بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ،
بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها
أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، وهي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها
بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها؛ قال: وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير
للْخَنْسَاء، وعجزه:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها
وقبله:
ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،
عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها
والصَّبِير: السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض
العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،
كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير
الفراء: الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر وصُبْر، بالكسر والضم.
والصَّبِير: السحابة البيضاء، وقيل: هي القطعة من السحابة تراها كأَنها
مَصْبُورة أَي محبُوسة، وهذا ضعيف. قال أَبو حنيفة: الصَّبير السحاب يثبت
يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، وقيل: الصَّبِير السحاب
الأَبيض، والجمع كالواحد، وقيل: جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا،
جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا
والصُّبَارة من السحاب: كالصَّبِير.
وصَبَرَه: أَوْثقه. وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب
في ضَرْبه أَياه قال: هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر؛ معناه فليقتصّ.
يقال: صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه
فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه
وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له:
أَصْبِرْني، قال: اصْطَبر، أَي أَقِدْني من نفسك، قال: اسْتَقِدْ. يقال:
صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه. وأَصْبَرَه الحاكم أَي
أَقصَّه من خصْمه.
وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام.
ابن الأَعرابي: أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وهي الرُّقاقة
التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس.
والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد:
التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ وروي بيت عنترة:
لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ،
وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ
الصَّبرُ والصُّبْرُ: جانب الشيء، وبُصْره مثلُه، وهو حَرْف الشيء
وغِلَظه. والصَّبْرُ والصُّبْرُ: ناحية الشيء وحَرْفُه، وجمعه أَصْبار.
وصُبْرُ الشيء: أَعلاه. وفي حديث ابن مسعود: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة؛
قال: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف
روضة:عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة
وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها
وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى
أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه.
وأَصْبار القبر: نواحيه وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا
لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل: لَقِيها بأَصْبارها.
والصُّبْرَة: ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض.
الجوهري: الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام. يقال: اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي
بلا وزن ولا كيل. وفي الحديث: مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها؛
الصُّبْرة: الطعام المجتمِع كالكُومَة. وفي حديث عُمَر: دخل على النبي،
صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً، قد
جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام. والصُّبْرَة: الكُدْس، وقد صَبَّرُوا
طعامهم.
وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل: وكان عرْشهُ على الماء، قال: كان
يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً؛
اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فذلك قوله: ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي
دُخَان؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار
سَحاباً. وفي حديث طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير؛ وحديث ظبيان:
وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك.
والصُّبْرة: الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد
(* قوله:
«بالسرند» هكذا في الأَصل وشرح القاموس). والصُّبْرَة: الحجارة الغليظة
المجتمعة، وجمعها صِبَار. والصُّبَارة، بضم الصاد: الحجارة، وقيل: الحجارة
المُلْس؛ قال الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ
المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ؟
قال ابن سيده: ويروى صِيَارَهْ؛ قال: وهو نحوها في المعنى، وأَورد
الجوهري في هذا المكان:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ
المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ؟
واستشهد به الأَزهري أَيضاً، ويروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، وهو جمع
صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، وهي حجارة
شديدة؛ قال ابن بري: وصوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال: وأَما صُبارة
وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع، وإِنما ذلك
فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ وجِبالٍ؛ وقال ابن بري: البيت لَعَمْرو بن
مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ
عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين
زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم؛ يقول: ليس الإِنسان بحجر
فيصبر على مثل هذا؛ وبعد البيت:
وحَوادِث الأَيام لا
يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره
ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه
بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ
تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْـ
ـحَيْه، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ
فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى
في القوم أَوفى من زُرَارَهْ
وقيل: الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد.
والصُّبُرُ: الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة، والصُّبْرُ فيه لغة؛ عن
كراع.
ومنه قيل للحَرَّة: أُم صَبَّار ابن سيده: وأُمُّ صَبَّار، بتشديد
الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من
الصُّبَارة، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها. والصَّبْرة من الحجارة: ما
اشتد وغَلُظ، وجمعها الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها،
قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ
الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع
الحجارة. والصَّبِير: الجَبَل. قال ابن بري: اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم
صَبَّار الحرّة، وقال الفزاري: هي حرة ليلى وحرَّة النار؛ قال: والشاهد لذلك
قول النابغة:
تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها،
من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار
أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم
من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها؛ وقوله:
من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة. وقال ابن
السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم: وتدعى
الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وروي عن ابن شميل: أَن أُم صَبَّار هي
الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء. قال: والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة
المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً، وقيل: هي أُم صَبَّار، ولا
تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هي قُفٌّ غليظة.
قال: وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني: هي الهَضْبة التي ليس
لها منفَذ. يقال: وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد
ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ وأَنشد لأَبي الغريب
النصري:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ
في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ
وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كلتاهما: الداهية والحرب الشديدة. وأَصبر
الرجلُ: وقع في أُم صَبُّور، وهي الداهية، وكذلك إِذا وقع في أُم
صَبَّار، وهي الحرَّة. يقال: وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد. ابن
سيده: يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قال: هكذا قرأْته في
الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال: وفي بعض النسخ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من
الصِّيارة، وهي الحجارة. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، وهو
الجبل. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة
بالصِّبَار، وهو السِّداد، ويقال للسِّداد القعولة والبُلْبُلَة
(* قوله:
«القعولة والبلبلة» هكذا في الأصل وشرح القاموس). والعُرْعُرة. والصَّبِرُ:
عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور؛ قال الفرزدق:
يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،
فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور
قال أَبو حنيفة: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ
الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً، وهو كثير الماء جدّاً. الليث:
الصَّبِرِ، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال
غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ
عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الجوهري: الصَّبِر هذا الدَّواء
المرُّ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ
وفي حاشية الصحاح: الحُضَضُ الخُولان، وقيل هو بظاءين، وقيل بضاد وظاء؛
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، وأَورده بظاءين لأَنه يصف
حَيَّة؛ وقبله:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
والصُّبَارُ، بضم الصاد: حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من
المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، وقيل: هو التمر الهندي
الحامض الذي يُتَداوَى به.
وصَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة البَرْد؛ والتخفيف لغة عن
اللحياني. ويقال: أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة
القَيْظ.
أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة
إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم: اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر، وهما
مُرَّان.
والصُّبْرُ: قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،
والحَزْنُ: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟
الصُّبْر والحَزْن: قبيلتان، ويروى: فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ
حضروا، والحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده:
يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، وقد
أَمسى، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ
يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل
غَسَّان، وكان لا يبالي بِهِم ويقول: ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ.
وأَبو صَبْرَة
(*
قوله: «أَبو صبرة أَلخ» عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طائر احمر
البطن اسود الظهر والرأس والذنب): طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس
والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر.
وفي الحديث: مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً؛ قيل:
هو اسم جبل باليمن، وقيل: إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء
الموحدة، وهو جبلَ لطيّء؛ قال ابن الأَثير: وهذه الكلمة جاءت في حديثين
لعليّ ومعاذ: أَما حديث علي فهو صِيرٌ، وأَما رواية معاذ فصَبِير، قال: كذا
فَرق بينهما بعضهم.
أرض: الأَرْض: التي عليها الناس، أُنثى وهي اسم جنس، وكان حق الواحدة
منها أَن يقال أَرْضة ولكنهم لم يقولوا. وفي التنزيل: وإِلى الأَرْض كيف
سُطِحَت؛ قال ابن سيده: فأَما قول عمرو بن جُوَين الطائي أَنشده ابن
سيبويه:فلا مُزْنةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها،
ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقالَها
فإِنه ذهب بالأَرض إِلى الموضع والمكان كقوله تعالى: فلما رأَى
الشَّمْسَ بازِغةً قال هذا رَبِّي؛ أَي هذا الشَّخْصُ وهذا المَرْئِيُّ ونحوه،
وكذلك قوله: فَمَنْ جاءه مَوْعظةٌ منْ ربِّه؛ أَي وعْظ. وقال سيبويه: كأَنه
اكتفى بذكر الموعظة عن التاء، والجمع آراضٌ وأُرُوض وأَرَضُون، الواو
عوض من الهاء المحذوفة المقدرة وفتحوا الراء في الجمع ليدخل الكلمةَ ضَرْبٌ
من التكسير، استِيحاشاً من أَن يُوَفِّرُوا لفظ التصحيح ليعلموا أَن
أَرضاً مما كان سبيله لو جمع بالتاء أَن تُفتح راؤُه فيقال أَرَضات، قال
الجوهري: وزعم أَبو الخطاب أَنهم يقولون أَرْض وآراضٌ كما قالوا أَهل وآهال،
قال ابن بري: الصحيح عند المحققين فيما حكي عن أَبي الخطاب أَرْض
وأَراضٍ وأَهل وأَهالٍ، كأَنه جمع أَرْضاة وأَهلاة كما قالوا ليلة وليالٍ كأَنه
جمع لَيْلاة، قال الجوهري: والجمع أَرَضات لأَنهم قد يجمعون المُؤنث
الذي ليست فيه هاء التأْنيث بالأَلف والتاء كقولهم عُرُسات، ثم قالوا
أَرَضُون فجمعوا بالواو والنون والمؤَنث لا يجمع بالواو والنون إِلا أَن يكون
منقوصاً كثُبة وظُبَة، ولكنهم جعلوا الواو والنون عوضاً من حَذْفهم الأَلف
والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها، وربما سُكِّنَت، قال: والأَراضي
أَيضاً على غير قياس كأَنهم جمعوا آرُضاً، قال ابن بري: صوابه أَن يقول
جمعوا أَرْضى مثل أَرْطى، وأَما آرُض فقياسُه جمعُ أَوارِض. وكل ما سفَل،
فهو أَرْض؛ وقول خداش بن زهير:
كذَبْتُ عليكم، أَوْعِدُوني وعلِّلُوا
بِيَ الأَرْضَ والأَقوامَ، قِرْدانَ مَوْظَبا
قال ابن سيبويه: يجوز أَن يعني أَهل الأَرض ويجوز أَن يريد علِّلُوا
جميع النوع الذي يقبل التعليل؛ يقول: عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر
فاقطعوا الأَرض بذكري وأَنْشِدوا القوم هِجائي يا قِرْدان مَوْظَب، يعني
قوماً هم في القِلّةِ والحَقارة كقِرْدان مَوْظَب، لا يكون إِلا على ذلك
أَنه إِنما يهجو القوم لا القِرْدان. والأَرْضُ: سَفِلة البعير والدابة وما
وَلِيَ الأَرض منه، يقال: بَعِيرٌ شديد الأَرْضِ إِذا كان شديد القوائم.
والأَرْضُ: أَسفلُ قوائم الدابة؛ وأَنشد لحميد يصف فرساً:
ولم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ،
ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبارُ
يعني لم يقلب قوائمها لعلمه بها؛ وقال سويد بن كراع:
فرَكِبْناها على مَجْهولِها
بصِلاب الأَرْض، فِيهنّ شَجَعْ
وقال خفاف:
إِذا ما اسْتَحَمَّت أَرْضُه من سَمائِه
جَرى، وهو مَوْدوعٌ وواحدٌ مَصْدَقِ
وأَرْضُ الإِنسان: رُكْبتاه فما بعدهما. وأَرْضُ النَّعْل: ما أَصاب
الأَرض منها.
وتأَرَّضَ فلان بالمكان إِذا ثبت فلم يبرح، وقيل: التَّأَرُّضُ
التَّأَنِّي والانتظار؛ وأَنشد:
وصاحِبٍ نَبّهْتُه لِيَنْهَضا،
إِذا الكَرى في عينه تَمَضْمَضا
يَمْسَحُ بالكفّين وَجْهاً أَبْيَضا،
فقام عَجْلانَ، وما تَأَرَّضَا
أَي ما تَلَبَّثَ. والتَّأَرُّضُ: التَّثاقُلُ إِلى الأَرض؛ وقال
الجعدي:مُقِيم مع الحيِّ المُقِيمِ، وقَلبْهُ
مع الراحِلِ الغَادي الذي ما تَأَرَّضا
وتَأَرَّضَ الرجلُ: قام على الأَرض؛ وتَأَرَّضَ واسْتَأْرَضَ بالمكان:
أَقامَ به ولَبِثَ، وقيل: تمكن. وتَأَرَّضَ لي: تضَرَّعَ وتعرَّضَ. وجاء
فلان يَتَأَرَّضُ لي أَي يتصَدَّى ويتعرَّض؛ وأَنشد ابن بري:
قبح الحُطَيْئة من مُناخِ مَطِيَّةٍ
عَوْجاءَ سائمةٍ تأَرَّضُ للقِرَى
ويقال: أَرَّضْت الكلامَ إِذا هَيَّأْتَه وسَوَّيْتَه. وتأَرَّضَ
النَّبْتُ إِذا أَمكن أَن يُجَزَّ.
والأَرْضُ: الزُّكامُ، مذكر، وقال كراع: هو مؤنث؛ وأَنشد لابن أَحمر:
وقالوا: أَنَتْ أَرْضٌ به وتَحَيَّلَتْ،
فَأَمْسَى لما في الصَّدْرِ والرأْسِ شَاكِيا
أَنَتْ أَدْرَكَتْ، ورواه أَبو عبيد: أَتَتْ. وقد أُرِضَ أَرْضاً
وآرَضَه اللّه أَي أَزْكَمَه، فهو مَأْرُوضٌ. يقال: رجل مَأْروضٌ وقد أُرِضَ
فلان وآرَضَه إِيراضاً. والأَرْضُ: دُوارٌ يأْخذ في الرأْس عن اللبنِ
فيُهَراقُ له الأَنف والعينان، والأَرْضُ، بسكون الراء: الرِّعْدةُ
والنَّفْضةُ؛ ومنه قول ابن عباس وزلزلت الأَرْضُ: أَزُلْزِلَت الأَرض أَمْ بي
أَرْضٌ؟ يعني الرعدة، وقيل: يعني الدُّوَارَ؛ وقال ذو الرمة يصف صائداً:
إِذا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِن سنَابِكها،
أَو كان صاحِبَ أَرضٍ، أَو به المُومُ
ويقال: بي أَرْضٌ فآرِضُوني أَي داووني.
والمَأْرُوضُ: الذي به خَبَلٌ من الجن وأَهلِ الأَرْض وهو الذي يحرك
رأْسه وجسده على غير عَمْدٍ.
والأَرْضُ: التي تأْكل الخشب. وشَحْمَةُ الأَرْضِ: معروفةٌ، وشحمةُ
الأَرْضِ تسمى الحُلْكة، وهي بَنات النقا تغوص في الرمل كما يغوص الحوت في
الماء، ويُشَبَّه بها بَنان العذارَى.
والأَرَضَةُ، بالتحريك: دودة بيضاء شبه النملة تظهر في أَيام الربيع؛
قال أَبو حنيفة: الأَرَضَةُ ضربان: ضرب صغار مثل كبَار الذَّرِّ وهي آفة
الخشب خاصة، وضربٌ مثل كبار النمل ذوات أَجنحة وهي آفة كل شيءٍ من خشب
ونبات، غير أَنها لا تَعْرِض للرطب، وهي ذات قوائم، والجمع أَرَضٌ، والأَرَض
اسم للجمع. والأَرْضُ: مصدر أُرِضَت الخشبةُ تُؤْرَضُ أَرْضاً فهي
مَأْرُوضة إِذا وقعت فيها الأَرْضةُ وأَكلتها. وأُرِضَت الخشبة أَرْضاً
وأَرِضَت أَرْضاً، كلاهما: أَكلَتْها الأَرَضةُ. وأَرْضٌ أَرِضةٌ وأَرِيضةٌ
بَيِّنة الأَراضة: زكيَّةٌ كريمة مُخَيِّلةٌ للنبت والخير؛ وقال أَبو حنيفة:
هي التي تَرُبُّ الثَّرَى وتَمْرَحُ بالنبات؛ قال امرؤ القيس:
بِلادٌ عَرِيضة، وأَرْضٌ أَرِيضة،
مَدافِع ماءٍ في فَضاءٍ عَريض
وكذلك مكان أَريضٌ. ويقال: أَرْضٌ أَرِيضةٌ بَيِّنةُ الأَراضَةِ إِذا
كانت لَيِّنةً طيبة المَقْعَد كريمة جيِّدة النبات. وقد أُرِضَت، بالضم،
أَي زَكَتْ. ومكان أَرِيضٌ: خَلِيقٌ للخير؛ وقال أَبو النجم:
بحر هشام وهو ذُو فِرَاضِ،
بينَ فُروعِ النَّبْعةِ الغِضاضِ
وَسْط بِطاحِ مكة الإِرَاضِ،
في كلِّ وادٍ واسعِ المُفاضِ
قال أَبو عمرو: الإِرَاضُ العِرَاضُ، يقال: أَرْضٌ أَريضةٌ أَي عَريضة.
وقال أَبو البيداء: أَرْض وأُرْض وإِرض وما أَكْثَرَ أُرُوضَ بني فلان،
ويقال: أَرْضٌ وأَرَضُون وأَرَضات وأَرْضُون. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات:
خَلِيقة، وإِنها لذات إِراضٍ. ويقال: ما آرَضَ هذا المكانَ أَي ما أَكْثَرَ
عُشْبَه. وقال غيره: ما آرَضَ هذه الأَرضَ أَي ما أَسْهَلَها
وأَنْبَتَها وأَطْيَبَها؛ حكاه أَبو حنيفة. وإِنها لأَرِيضةٌ للنبت وإِنها لذات
أَرَاضةٍ أَي خليقة للنبت. وقال ابن الأَعرابي: أَرِضَتِ الأَرْضُ تأْرَضُ
أَرَضاً إِذا خَصِبَت وزَكا نباتُها. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ أَي مُعْجِبة.
ويقال: نزلنا أَرْضاً أَرِيضةً أَي مُعْجِبةً للعَينِ، وشيءٌ عَرِيضٌ
أَرِيضٌ: إِتباع له وبعضهم يفرده؛ وأَنشد ابن بري:
عَريض أَرِيض باتَ يَيْعِرُ حَوْلَه،
وباتَ يُسَقِّينا بُطونَ الثَّعالِبِ
وتقول: جَدْيٌ أَرِيضٌ أَي سمين. ورجل أَريضٌ بَيِّنُ الأَرَاضةِ:
خَلِيقٌ للخير متواضع، وقد أَرُضَ. الأَصمعي: يقال هو آرَضُهم أَن يفعل ذلك
أَي أَخْلَقُهم. ويقال: فلانٌ أَرِيضٌ بكذا أَي خَلِيق به. ورَوْضةٌ
أَرِيضةٌ: لَيِّنةُ المَوْطِئِ؛ قال الأَخطل:
ولقد شَرِبْتُ الخمرَ في حانوتِها،
وشَرِبْتُها بأَرِيضةٍ مِحْلالِ
وقد أَرُضَتْ أَراضةً واسْتَأْرَضَت. وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ:
وَلُودٌ كاملة على التشبيه بالأَرْض. وأَرْضٌ مأْرُوضَةٌ
(* قوله «وأرض مأروضة»
زاد شارح القاموس: وكذلك مؤرضة وعليه يظهر الاستشهاد بالبيت.) :
أَرِيضةٌ؛ قال:
أَما تَرَى بكل عَرْضٍ مُعْرِضِ
كلَّ رَداحٍ دَوْحَةِ المُحَوَّضِ،
مُؤْرَضة قد ذَهَبَتْ في مُؤْرَضِ
التهذيب: المُؤَرِّضُ الذي يَرْعَى كَلأَ الأَرْض؛ وقال ابن دَالان
الطائي:
وهمُ الحُلومُ، إِذا الرَّبيعُ تجَنَّبَتْ،
وهمُ الرَّبيعُ، إِذا المُؤَرِّضُ أَجْدَبا
والإِرَاضُ: البِسَاط لأَنه يَلي الأَرْضَ. الأَصمعي: الإِرَاضُ،
بالكسر، بِسَاطٌ ضخْم من وَبَرٍ أَو صوف. وأَرَضَ الرجلُ: أَقام على الإِرَاضِ.
وفي حديث أُم معبد: فشربوا حتى آرَضُوا؛ التفسير لابن عباس، وقال غيره:
أَي شربوا عَلَلاً بعد نَهَلٍ حتى رَوُوا، مِنْ أَرَاضَ الوادي إِذا
اسْتَنْقَعَ فيه الماءُ؛ وقال ابن الأَعرابي: حتى أَراضُوا أَي نامُوا على
الإِرَاضِ، وهو البساط، وقيل: حتى صَبُّوا اللبن على الأَرْض.
وفَسِيلٌ مُسْتَأْرِضٌ وَوَديَّةٌ مُسْتَأْرِضة، بكسر الراء: وهو أَن
يكون له عِرْقٌ في الأَرْضِ فأَما إِذا نبت على جذع النخل فهو: الراكِبُ؛
قال ابن بري: وقد يجيءُ المُسْتَأْرِضُ بمعنى المُتَأَرِّض وهو المُتَثاقل
إِلى الأَرض؛ قال ساعدة يصف سحاباً:
مُسْتَأْرِضاً بينَ بَطْنِ الليث أَيْمنُه
إِلى شَمَنْصِيرَ، غَيْثاً مُرْسلاً مَعَجَا
وتأَرَّضَ المنزلَ: ارْتادَه وتخيَّره للنزول؛ قال كثير:
تأَرَّضَ أَخفاف المُناخةِ منهمُ،
مكانَ التي قد بُعِّثَتْ فازْلأَمَّتِ
ازْلأَمَّت: ذهبت فَمَضَت. ويقال: تركت الحي يَتَأَرَّضون المنزِلَ أَي
يَرْتادُون بلداً ينزلونه. واسْتَأْرَض السحابُ: انبسط، وقيل: ثبت وتمكن
وأَرْسَى؛ وأَنشد بيت ساعدة يصف سحاباً:
مستاْرضاً بين بطن الليث أَيمنه
وأَما ما ورد في الحديث في الجنازة: من أَهل الأَرض أَم من أَهل الذِّمة
فإِنه أَي الذين أُقِرُّوا بأَرضهم.
والأَرَاضةُ: الخِصْبُ وحسنُ الحال. والأُرْضةُ من النبات: ما يكفي
المال سنَةً؛ رواه أَبو حنيفة عن ابن الأَعرابي.
والأَرَضُ: مصدر أَرِضَت القُرْحةُ تأْرَضُ أَرَضاً مثال تَعِبَ
يَتْعَبُ تَعَباً إِذا تفَشَّتْ ومَجِلت ففسدت بالمِدَّة وتقطَّعت. الأَصمعي:
إِذا فسدت القُرْحة وتقطَّعت قيل أَرِضَت تأْرَضُ أَرَضاً. وفي حديث النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم: لا صيامَ إِلاّ لمن أَرَّضَ الصِّيامَ أَي
تقدَّم فيه؛ رواه ابن الأَعرابي، وفي رواية: لا صيامَ لمن لم يُؤَرِّضْه من
الليل أَي لم يُهَيِّئْه ولم يَنْوِه. ويقال: لا أَرْضَ لك كما يقال لا
أُمَّ لك.