محمد بن عثمان الكوفي.
المتوفى: سنة سبع وتسعين ومائتين.
هو: أبو بكر: عبد الله بن محمد الكوفي، الشهير: بابن أبي شيبة.
المتوفى: سنة 235.
خشب: الخَشَبَةُ: ما غَلُظَ مِن العِيدانِ، والجمع خَشَبٌ، مثل شجرةٍ وشَجَر، وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ. وفي حديث سَلْمانَ: كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه، وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ. قال ابن الأَثير: وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ، لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ، وإِنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ، كحَمَلٍ وحُمْلانٍ؛ قال:
كأَنـَّهم، بجَنُوبِ القاعِ، خُشْبانُ
قال: ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ.
وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ: ذو خَشَب.
والخَشَّابةُ: باعَتُها.
وقوله عز وجل، في صفة المنافقين: كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ؛ وقُرئَ
خُشْبٌ، بإِسكان الشين، مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ. ومن قال خُشُبٌ، فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ؛ أَراد، واللّه أَعلم: أَنَّ المنافقين في تَرْكِ
التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ، وَوَعْي ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ، بمنزلة
الخُشُبِ. وفي الحديث في ذِكر المنافقين: خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ أَراد: أَنهم يَنامُونَ الليلَ، كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ، لا يُصَلُّون فيه؛ وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً.
والعربُ تقول للقَتِيلِ: كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ: أَكلت الخَشَبَ؛ قال الراجز ووصف إِبلاً:
حَرَّقَها، مِن النَّجِيلِ، أَشْهَبُهْ، أَفْنانُه، وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ
ويقال: الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذا تَناوَلَتْ أَغصانَه.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ؛ قال ابن الأَثير: هم أَصْحابُ الـمُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة؛ ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ: الخَشَبِيَّةُ؛ قيل: لأَنهم حَفِظُوا خَشَبةَ زَيْدِ بن عليّ، رضي اللّه عنه، حينَ صُلِبَ، والوجه الأَوّل، لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير.
والخَــشِيبةُ: الطَّبِيعةُ.
وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: طَبَعَه،
وقيل : صَقَلَه.
والخَشِيبُ من السيوفِ: الصَّقِيلُ؛ وقيل: هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ
ولم يُصْقَلْ، ولا أُحْكِمَ عَمَلُه، ضدٌّ؛ وقيل: هو الحديثُ الصَّنْعة؛
وقيل: هو الذي بُدِئَ طَبْعُه. قال الأَصمعي: سيف خَشِيبٌ، وهو عند الناس الصَّقِيلُ، وإِنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ؛ وقول صخر الغي:
ومُرْهَفٌ، أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه، * أَبْيَضُ مَهْوٌ، في مَتْنِهِ، رُبَدُ
أَي طَبِيعَتُه. والـمَهْوُ: الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ. قال ابن جني:
فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ، لأَنه من الماءِ الذي لامُهُ هاء، بدليل قولهم في جمعه: أَمْواهٌ. والمعنى فيه: أَنه أُرِقَّ، حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ. قال: وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه، من قول امرئِ القَيس:
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ، * ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ
قال: أَصله أَمـْوَهَهُ، ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماءِ. قال، ومنه: مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه، حتى كأَنـَّه جعل عليه طَلاوةً وماءً. والرُّبَدُ: شِبْهُ مَدَبِّ النمل، والغُبارِ.
وقيل: الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً
أَمْلَسَ، فيَدْلُكَه به، فإِن كان فيه شُقُوقٌ، أَو شَعَثٌ، أَو حَدَبٌ ذَهَبَ
به وامْلَسَّ.
قال الأَحمر: قال لي أَعْرابي: قلت لصَيْقَلٍ: هل
فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي؟ قال: نعم، إِلاَّ أَني لم أَخْشِبْه.
والخشابةُ: مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه، أَجراها عليه، فلا يُغَبِّره الجَفْن؛ هذه عن الهجري.
والخَشْبُ: الشَّحْذُ. وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ. واخْتَشَبَ
السيفَ: اتَّخَذَه خَشْباً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولا فَتْكَ إِلاّ سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه، * بما اخْتَشَبُوا، مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ
ويقال: سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَــشِيبةِ؛ يقول: عُرِّضَ حين طُبِعَ؛ قال ابن
مِرْداسٍ:
جَمَعْتُ إِلَيْهِ نَثْرَتي، ونجِيبَتي، * ورُمْحِي، ومَشْقُوقَ الخَــشِيبةِ، صارِما
والخَشْبةُ: البَرْدةُ الأُولى، قَبْلَ الصِّقال؛ وأَنشد:
وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا
أَي مـما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه، يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا.وقال أَبو حنيفة: خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً: عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ، وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ.
وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: مَنْحُوتٌ؛ قال أَوْسٌ في صفة خيل:
فَخَلْخَلَها طَوْرَين، ثم أَفاضَها * كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ(1)
(1 قوله «فخلخلها» كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومة.)ويُروى: تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ.
والخَشِيبُ: السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل.
وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها. ويقول الرجل للنَّبَّالِ: أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي؟ فيقول: قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل، ولم أُسَوِّه، فإِذا فَرَغَ قال: قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ، وهي الـمَلْساءُ. وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه، ولم يَتَأَنَّقْ فيه، ولا تَعَمَّلَ له؛ وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إِذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه.
والخَشِيبُ: الرَّدِيءُ والـمُنْتَقَى. والخَشِيبُ: اليابِسُ، عن كراع.
قال ابن سيده: وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ.
وجَبْهَةٌ خَشْباءُ: كَرِيهةٌ يابِسةٌ. والجَبْهةُ الخَشْباءُ: الكَرِيهةُ، وهي الخَشِبةُ أَيضاً، ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ؛ وأَنشد:
إِمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ، * أَخْشَبَ مَهْزُولاً، وإِنْ لم أُهْزَلِ
وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ، وهي التي كأَنَّ حِجارَتها
مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ؛ قال رؤْبة:
بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ
وقولُ أَبي النَّجْمِ:
إِذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ الـمَنْطُوحا
يريد: كأَنه نُطِحَ. والخَشِيبُ: الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ.
والخَشيبُ من الرِّجال: الطَّوِيلُ الجافي، العارِي العِظام، مع شِدّة
وصَلابة وغِلَظٍ؛
وكذلك هو من الجِمالِ.
وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً، وهو الخَشِنُ.
ورَجل خَشِيبٌ: عارِي العَظْمِ، بادِي العَصَبِ. والخَشِيبُ منَ الإِبل: الجافي، السَّمْجُ، الـمُتَجافي، الشاسِئُ الخَلْقِ؛ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ. وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ: كأَنها أَخاشِبُ، جمع الأَخْشَبِ؛ والحَراجيجُ: جمع حُرْجُوجٍ، وهي الناقةُ الطويلةُ، وقيل: الضَّامِرةُ؛ وقيل: الحادَّةُ القَلْبِ. وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ.
وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ، فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذا أَكلت اليَبِيسَ من الـمَرْعَى. وعَيْشٌ خَشِبٌ:
غير مُتَأَنَّقٍ فيه، وهو من ذلك.
واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه: شَظِفَ. وقالوا: تمَعْدَدُوا، واخْشَوْشِبُوا
أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ؛ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك، ليكون
أَجْلَدَ لكم. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اخْشَوْشِبُوا، وتَمعْدَدُوا. قال: هو الغِلَظُ، وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل، والاحْتِفاءُ في الـمَشْيِ، ليَغْلُظ الجَسَدُ؛ ويُروى: واخْشَوْشِنُوا، من العِيشةِ الخَشْناءِ.
ويقال: اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذا صارَ صُلْباً، خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه، وجَمِيعِ أَحْوالِه. ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة،
والنون؛ يقول: عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ، يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل، ولا
تُعَوِّدُوا أَنـْفُسَكم التَّرَفُّه، أَو عِيشةَ العَجَمِ، فإِنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي.
وجَبَلٌ أَخْشَبُ: خَشِنٌ عظيم؛ قال الشاعر يصف البعير، ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل:
تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ، مِنه، أَخْشَبا
والأَخْشَبُ مِن الجِبال: الخَشِنُ الغَلِيظُ؛ ويقال: هو الذي لا يُرْتَقَى فيه. والأَخْشَبُ من القُفِّ: ما غَلُظَ، وخَشُنَ، وتحَجَّر؛ والجمع
أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ؛ وقد قيل في مؤَنَّثه: الخَشْباءُ؛ قال كثير عزة:
يَنُوءُ فَيَعْدُو، مِنْ قَريبٍ، إِذا عَدا * ويَكْمُنُ، في خَشْباءَ، وَعْثٍ مَقِيلُها
فإِما أَن يكون اسماً، كالصَّلْفاءِ، وإِما أَن يكون صفة، على ما يطرد في باب أَفعل، والأَوّل أَجود، لقولهم في جمعه: الأَخاشِبُ. وقيل الخَشْباءُ، في قول كثير، الغَيْضةُ، والأَوّلُ أَعْرَفُ.
والخُشْبانُ: الجِبالُ الخُشْنُ، التي ليست بِضِخامٍ، ولا صِغارٍ. ابن
الأَنباري: وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ، وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين. ويقال: وقَعْنا في غضْراءَ، وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ، لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره. والحَصْباءُ: الحَصى الذي يُحْصَبُ به.
والأَخْشَبانِ: جَبَلا مَكَّةَ. وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ: لا تَزُولُ مَكَّةُ، حتى يَزُولَ أَخْشَباها. أَخْشَبا مَكَّةَ: جَبَلاها. وفي الحديث: أَن جِبْرِيلَ، عليه السلام، قال: يا محمدُ إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ، فقال: دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي؛ صلى اللّه عليه وسلم،
وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه، ونُصْحِه لهم، وإِشْفاقِه عليهم.
غيره: الأَخْشَبانِ: الجَبَلانِ الـمُطِيفانِ بمكَّةَ، وهما: أَبو قُبَيْس
والأَحْمرُ، وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ.
والأَخْشَبُ: كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ.
والأَخاشِبُ: جِبالُ الصَّمَّان. وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ: جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ، في مَحِلّة بني تَمِيم، ليس قُرْبَها أَكَمةٌ، ولا جَبَلٌ؛ وصُلْبُ الصَّمَّانِ: مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ؛ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
والخَشْبُ: الخَلْطُ والانْتِقاءُ، وهو ضِدٌّ. خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً، فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ. أَبو عبيد: الـمَخْشُوب: الـمَخْلوط في نَسَبِه؛ قال الأَعشى يصف فرساً:
قافِلٍ جُرْشُعٍ، تراه كَيَبْس الرَّ * بْل، لا مُقْرِفٍ، ولا مَخْشُوبِ
قال ابن بري: أَورد الجوهري عجز هذا البيت، لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ، قال: وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض، وبعده:
تِلْكَ خَيْلي منه، وتِلكَ رِكابي، * هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها، كالزَّبيبِ
قال ابن خالويه: الـمَخْشُوب الذي لم يُرَضْ، ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه،
مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ الـمَخْشُوبة، وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها.
قال: ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالـمَخْشُوبِ، إِلاَّ الأَعْشَى. ومعنى
قافِل: ضامِرٌ. وجُرْشُعٌ: مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ. والرَّبْلُ: ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ، وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر.
والـمُقْرِفُ: الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ.
وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطْتُه به.
وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذا كان حَبّاً، فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ، وإِن كان لحماً
فَنيءٌ لم يَنْضَجْ. ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ: لا خَيرَ عنده، وخَشِبٌ إِتْباعٌ
له. الليث: الخَشَبِيَّةُ: قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ(1)
(1 قوله «الجهمية» ضبط في التكملة، بفتح فسكون، وهو قياس النسب إِلى جهم بفتح فسكون أيضاً، ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها.) يَقُولون: إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم، ويقُولون: القرآنُ مَخْلُوقٌ.
والخِشابُ: بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ؛ قال جرير:
أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً، * عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا؟
ويُروى: أَو رَباحاً.
وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم: الخِشابُ. واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ.
وخُشْبانُ : اسم. وخُشْبانُ: لَقَبٌ.
وذُو خَشَبٍ: موضِع ؛ قال الطِّرِمَّاحُ:
أَو كالفَتى حاتِمٍ، إِذْ قالَ: ما ملَكَتْ * كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى، يومَ ذي خَشَبِ
وفي الحديث ذكر خُشُبٍ، بضمتين، وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من الـمَدينةِ، له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي، ويقال له: ذُو خُشُبٍ.
شيب: الشَّيْبُ: مَعْرُوفٌ، قَلِـيلُه وكَثِـيرُه بَياضُ الشَّعَر، والـمَشِـيبُ مِثْلُه، ورُبَّـما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً. شَابَ يَشِـيبُ شَيْباً، ومَشِـيباً وشَيبةً، وهو أَشْيَبُ، على غيرِ قياسٍ، لأَنَّ هذا النعت إِنما يكونُ من باب فَعِلَ يَفعَلُ، ولا فَعْلاءَ له. قيلَ: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. ويقال: عَلاهُ الشَّيْبُ.
ويقال: رَجلٌ أَشْيَبُ، ولا يقال: امْرَأَةٌ شَيْباءُ، لا تُنْعَتُ به الـمَرْأَةُ، اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ، وقد يقال: شَابَ رَأْسُها.
والـمَشِـيبُ: دُخُولُ الرَّجُلِ في حَدِّ الشَّيْبِ من
الرِّجالِ؛ قال ابن السكيت في قول عَدِيّ:
تَصْبُو، وأَنَّى لَكَ التَّصابي؟ * والرأْسُ قَدْ شابَهُ الـمَشِـيبُ
يعني بَيَّضَه الـمَشِـيبُ، وليس معناه خَالَطَه؛ قال ابن برّي: هذا
البيتُ زَعَم الجوهري أَنه لعَدِيٍّ، وهو لعَبِـيدِ بنِ الأَبرَصِ؛ وقول
الشاعر:
قَدْ رَابَه، ولِـمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ، * وَقَعَ الـمَشِـيبُ عَلى السَّوادِ، فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه.
والأَشْيَبُ: الـمُبْيَضُّ الرأْس.
وشَيَّبَهُ الـحُزْنُ، وشَيَّبَ الـحُزْنُ رَأْسَه، وبرأْسِهِ، وأَشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِهِ، وقَوْمٌ شِـيبٌ، ويجوز في الشِّعر شُيُبٌ، على التَّمامِ؛ هذا قولُ أَهلِ اللغة.
قال ابن سيده: وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هو جمعُ شَائِبٍ، كما قالوا
بازِلٌ وبُزُلٌ، أَو جمع شَيُوبٍ، على لُغةِ الحجازيِّـين، كما قالوا
دُجاجَةٌ بَيُوضٌ، ودُجاجٌ بُيُضٌ؛ وقول الرائد: وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِـيب، وكَمْـأَةً شِـيب، إِنما يعني به البِـيضَ الكِبارَ.
والشِّيبُ: جمعُ أَشْيَبَ. والشِّيبُ: الجِـبالُ يَسْقُطُ عليها الثَّلْجُ، فتَشِـيبُ به؛ وقول عَدِيٍّ ابنِ زيد:
أَرِقْتُ لـمُكْفَهِرٍّ، بَاتَ فيهِ * بَوارِقُ، يَرْتَقِـينَ رُؤُوسَ شِـيبِ
وقال بعضهم: الشِّيبُ ههنا سَحائِبُ بيضٌ، واحِدُها أَشْيَبُ؛ وقيل:
هِـيَ جِـبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ، أَو مِنَ الغُبارِ؛ وقيل: شِـيبٌ
اسمُ جَبَلٍ، ذكره الكُمَيْت، فقال:
وما فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها * عَمَاية، أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِـيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ: أَرادُوا به المبالغةَ على حَدِّ قَوْلِهِم: شِعْرٌ
شاعِرٌ، ولا فِعْلَ له. واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، نَصْبٌ على
التَّمْيـيز؛ وقيل على المصدر، لأَنه حين قال: اشْتَعَلَ كأَنه قال شابَ فقال شَيْباً.
وأَشابَ الرَّجُلُ: شابَ وَلَدُه، وكانت العرب تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها، فدَخَلَ بها ولم يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها: باتت بلَيلةِ حُرَّةٍ؛ وإِن افْتَرَعَها تلك الليلة، قالوا: باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ؛ وقال عُرْوةُ بنُ الوَرْد:
كلَيْلَةِ شَيْباءَ، التي لَسْتُ ناسِـياً، * ولَيْلَتِنا، إِذْ مَنَّ، ما مَنَّ، قَرْمَلُ
فكنت كليلةِ الشَّيْباءِ، هَمَّتْ * بِمَنْعِ الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبِـيلُ
وقيل: ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ من واوٍ، لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ، غيرَ أَنـَّا لَم نَسْمَعْهم قالوا بليلةِ شَوْباءَ؛ جَعَلوا هذا بَدلاً لازِماً كعِـيدٍ وأَعيادٍ. وليلةُ شَيْباءَ: آخِرُ ليلةٍ من الشهرِ، ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان: فيه غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ.
وشِـيبانُ ومِلْحانُ: شَهْرا قِماحٍ، وهما أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً، وهما اللَّذان يقولُ مَن لا يَعْرِفُهما: كانونٌ وكانُونُ؛ قال الكميت:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها * بشِـيبانَ، أَو مِلْحانَ، واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي من الثَّلْج؛ هكذا رواه ابن سَلَمة، بكسر الشينِ
والميم، وإِنما سُمِّيا بذلك لابْيضاضِ الأَرض بما عليها من الثَّلْج والصَّقيعِ، وهما عند طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ؛ وقول ساعدة:
شابَ الغُرابُ، ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ * ذِكْرَ الغَضُوبِ، ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَراد: طالَ عليك الأَمرُ حتى كان ما لا يكون أَبداً، وهو شَيْبُ
الغُرابِ.
وشَيبانُ: قَبِـيلةٌ، وهم الشَّـيَابِنة. وشَيْبانُ: حيٌّ من بَكْرٍ، وهما شَيْبانانِ: أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ علي بنِ بَكْرِ بن وائِلٍ، والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ ابنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة.
وشَيْبةُ: اسمُ رَجُلٍ، مِفْتاحُ الكَعْبةِ في وَلَده، وهو شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طلحة بن عبدِالدارِ بن قُصَيٍّ.
والشِّيبُ، بالكسر، حكاية صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عند الشُّرْبِ. قال
ذو الرمة وَوَصَفَ إِبِلاً تَشْرَبُ في حَوْضٍ متَثَلِّمٍ، وأَصواتُ
مَشافِرِها شِـيبْ شِـيبْ:
تَدَاعَيْنَ، باسمِ الشِّيبِ، في مُتَثَلِّمٍ، * جَوانِـبُه من بَصْرةٍ وسِلامِ
وشِـيبا السَّوْط: سَيْرانِ في رأْسِه، وشِـيبُ السَّوْطِ: معروف؛ عربي صحيح.
وشِـيبٌ والشِّيبُ، وشابةُ: جَبَلان معروفان؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ثِقالَ الـمُزْنِ، بَينَ تُضارعٍ * وشابةَ، بَرْكٌ، مِن جُذَامَ، لَبِـيجُ
وفي الصحاح: شابةُ، في شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ: اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ، وقد
يجوز أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عن واوٍ لأَنَّ في الكلام ش و ب
كما أَن فيه ش ي ب.
التهذيب: شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الـحِجاز، واللّه، سبحانه، أَعلم.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الهواء، وكذلك نَسيم كل شيء، وهي مؤنثة؛ وفي
التنزيل: كَمَثَلِ رِيحٍ فيها صِرٌّ أَصابت حَرْثَ قوم؛ هو عند سيبويه
فَعْلٌ، وهو عند أَبي الحسن فِعْلٌ وفُعْلٌ.
والرِّيحةُ: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه، قال: وقد يجوز أَن يدل الواحد
على ما يدل عليه الجمع، وحكى بعضهم: رِيحٌ ورِيحَة مع كوكب وكَوكَبَةٍ
وأَشعَر أَنهما لغتان، وجمع الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جمع الجمع، وقد
حكيت أَرْياحٌ وأَرايِح، وكلاهما شاذ، وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عقيل
جمعَه الرِّيحَ على أَرْياح، قال فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح، فقال:
قد قال الله تبارك وتعالى: وأَرسلنا الرِّياحَ؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ
رُوح، قال: فعلمت بذلك أَنه ليس ممن يؤْخذ عنه. التهذيب: الرِّيح ياؤُها
واو صُيِّرت ياء لانكسار ما قبلها، وتصغيرها رُوَيْحة، وجمعها رِياحٌ
وأَرْواحٌ. قال الجوهري: الرِّيحُ واحدة الرِّياح، وقد تجمع على أَرْواح لأَن
أَصلها الواو وإِنما جاءَت بالياء لانكسار ما قبلها، وإِذا رجعوا إِلى
الفتح عادت إِلى الواو كقولك: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛
ويقال: رِيحٌ ورِيحَة كما قالوا: دارٌ ودارَةٌ. وفي الحديث: هَبَّتْ
أَرواحُ النَّصْر؛ الأَرْواحُ جمع رِيح. ويقال: الرِّيحُ لآِل فلان أَي
النَّصْر والدَّوْلة؛ وكان لفلان رِيحٌ. وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجت
الرِّيح: اللهم اجعلها رِياحاً ولا تجعلها ريحاً؛ العرب تقول: لا تَلْقَحُ
السحابُ إِلاَّ من رياح مختلفة؛ يريج: اجْعَلْها لَقاحاً للسحاب ولا تجعلها
عذاباً، ويحقق ذلك مجيءُ الجمع في آيات الرَّحمة، والواحد في قِصَصِ
العذاب: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وفي الحديث: الرِّيحُ من
رَوْحِ الله أَي من رحمته بعباده.
ويومٌ راحٌ: شديد الرِّيح؛ يجوز أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وأَن يكون
فَعْلاً؛ وليلة راحةٌ. وقد راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشتدّت رِيحُه. وفي
الحديث: أَن رجلاً حضره الموت، فقال لأَِولاده: أَحْرِقوني ثم انظروا
يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه؛ يومٌ راحٌ أَي ذو رِيح كقولهم: رجلٌ مالٌ.
ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعله: أَصابته الرِّيحُ،
فهو مَرُوحٌ؛ قال مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يصف رَماداً:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صغار، واحدها قارَة. والمكفور: الذي سَفَتْ عليه
الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وقال يصف الدمع:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مثل مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ على شِيبَ.
وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الريح؛ وكذلك مكان مَريح ومَرُوحٌ،
وشجرة مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت ورقها.
وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قال أَبو ذؤيب يصف ثوراً:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا ما شَفَّهُ
قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا ما أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،
كما انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
ويقال: رِيحَتِ الشجرةُ، فهي مَرُوحة. وشجرة مَرُوحة إِذا هبَّت بها
الريح؛ مَرُوحة كانت في الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دخلوا في
الريح، وقيل: أَراحُوا دخلوا في الريح، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ
فجاحَتْهم.
والمَرْوَحة، بالفتح: المَفازة، وهي الموضع الذي تَخْترقُه الريح؛ قال:
كأَنَّ راكبها غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،
إِذا تَدَلَّتْ به، أَو شارِبٌ ثَمِلْ
والجمع المَراوِيح؛ قال ابن بري: البيت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
وقيل: إِنه تمثل به، وهو لغيره قاله وقد ركب راحلته في بعض المفاوز
فأَسرعت؛ يقول: كأَنَّ راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تَخْتَرِقُ فيه
الريح، كالغصن لا يزال يتمايل يميناً وشمالاً، فشبّه راكبها بغصن هذه حاله أَو
شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ من شدّة سكره، وقوله إِذا تدلت به أَي إِذا هبطت
به من نَشْزٍ إِلى مطمئن، ويقال إِن هذا البيت قديم.
وراحَ رِيحَ الروضة يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وجد ريحها؛ وقال
الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ على زَوْرَةٍ،
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الجوهري: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد
البيت «وماءٍ ورَدتُ» قال ابن بري: هو لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ ههنا:
البعد؛ وقيل: انحراف عن الطريق. والشفيف: لذع البرد. والسَّبَنْتَى:
النَّمِرُ.
والمِرْوَحَةُ، بكسر الميم: التي يُتَرَوَّحُ بها، كسرة لأَنها آلة؛
وقال اللحياني: هي المِرْوَحُ، والجمع المَرَاوِحُ؛ وفي الحديث: فقد رأَيتهم
يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى أَي احتاجوا إِلى التَّرْويحِ من الحَرِّ
بالمِرْوَحة، أَو يكون من الرواح: العَودِ إِلى بيوتهم، أَو من طَلَب
الراحة.والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الذي يُذَرَّى به الطعامُ في الريح.
ويقال: فلان بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ.
وقالوا: فلان يَميلُ مع كل ريح، على المثل؛ وفي حديث عليّ: ورَعاعُ
الهَمَج يَميلون على كلِّ ريح. واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بالريح.
ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الريح؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً،
وعَشَيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. الليث: يوم رَيِّحٌ ويوم راحٌ: ذو
ريح شديدة، قال: وهو كقولك كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يوم رائح وكبش صائف،
فقلبوا، وكما خففوا الحائِجةَ، فقالوا حاجة؛ ويقال: قالوا صافٌ وراحٌ على
صَوِفٍ ورَوِحٍ، فلما خففوا استنامت الفتحة قبلها فصارت أَلفاً. ويومٌ
رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وليلة رَيِّحة. ويوم راحٌ إِذا اشتدَّت ريحه. وقد راحَ،
وهو يرُوحُ رُؤُوحاً وبعضهم يَراحُ، فإِذا كان اليوم رَيِّحاً طَيِّباً،
قيل: يومٌ رَيِّحٌ وليلة رَيِّحة، وقد راحَ، وهو يَرُوحُ رَوْحاً.
والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الريح؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كان
الناسُ يسكنون العالية فيحضُرون الجمعةَ وبهم وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم
الرَّوْحُ سطعت أَرواحهم فيتأَذى به الناسُ، فأُمروا بالغسل؛ الرَّوْح،
بالفتح: نسيم الريح، كانوا إِذا مَرَّ عليهم النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم،
وحَمَلها إِلى الناس. وقد يكون الريح بمعنى الغَلَبة والقوة؛ قال تَأَبَط
شرًّا، وقيل سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،
أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
ومنه قوله تعالى: وتَذْهَبَ رِيحُكُم؛ قال ابن بري: وقيل الشعر لأَعْشى
فَهْمٍ، من قصيدة أَولها:
يا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،
أَقْوَتْ ومَرَّ عليها عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عليها رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،
وصَوَّبَ المُزْنُ فيها بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النسيم طيِّباً كان أَو
نَتْناً. والرائحة: ريحٌ طيبة تجدها في النسيم؛ تقول لهذه البقلة رائحة
طيبة. ووَجَدْتُ رِيحَ الشيء ورائحته، بمعنًى.
ورِحْتُ رائحة طيبة أَو خبيثة أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها
وأَرْوَحْتُها: وجدتها. وفي الحديث: من أَعانَ على مؤمن أَو قتل مؤمناً لم يُرِحْ
رائحةَ الجنة، من أَرَحْتُ، ولم يَرَحْ رائحة الجنة من رِحْتُ أَراحُ؛
ولم يَرِحْ تجعله من راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: من قتل نفساً مُعاهدةً لم يَرِحْ رائحةَ الجنة أَي لم يَشُمَّ
ريحها؛ قال أَبو عمرو: هو من رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وقال
الكسائي: إِنما هو لم يُرِحْ رائحة الجنة، مِن أَرَحْتُ الشيء فأَنا
أُرِيحَه إِذا وجدت ريحه، والمعنى واحد؛ وقال الأَصمعي: لا أَدري هو مِن
رِحْتُ أَو من أَرَحْتُ؛ وقال اللحياني: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها
واسْتَرْوَحَها واستراحها: وَجَدَها؛ قال: وبعضهم يقول راحَها بغير أَلف،
وهي قليلة. واسْتَرْوَحَ الفحلُ واستراح: وجد ريح الأُنثى. وراحَ الفرسُ
يَراحُ راحةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صار فحلاً؛ أَبو زيد: راحت الإِبلُ
تَراحُ رائحةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قال الأَزهري: قوله تَرَاحُ رائحةً مصدر
على فاعلة؛ قال: وكذلك سمعته من العرب، ويقولون: سمعتُ راغِيةَ الإِبل
وثاغِيةَ الشاء أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ:
المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بشيء تجعل فيه
طيباً؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كذلك؛ وفي الحديث: أَنه أَمرَ
بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عند النوم؛ وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح؛ قال أَبو
عبيد: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بالمسك كأَنه جُعل له رائحةٌ تَفُوحُ بعد
أَن لم تكن له رائحة، وقال: مُرَوَّحٌ، بالواو، لأَن الياءَ في الريح
واو، ومنه قيل: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة.
وأَرْوَحَ اللحمُ: تغيرت رائحته، وكذلك الماءُ؛ وقال اللحياني وغيره:
أَخذتْ فيه الريح وتَغَيَّر. وفي حديث قَتَادةَ: سُئِل عن الماء الذي قد
أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ منه؟ فقال: لا بأْس. يقال: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ
إِذا تغيرت ريحه؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ:
وجد ريحي؛ وكذلك أَرْوَحَني الرجلُ. ويقال: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ
رِيحَ الإِنْسِيِّ. وفي التهذيب: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك؛ وفيه:
وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ واستراح إِذا وجد ريح الإِنسان؛ قال أَبو
زيد: أَرْوَحَنِي الصيجُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وجد
ريحَك ونَشْوَتَك، وكذلك أَرْوَحْتُ من فلان طِيباً، وأَنْشَيْتُ منه
نَشْوَةً.
والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ.
الأَزهري: قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيْس وآخر من تميم يقولان:
قَعَدْنا في الظل نلتمس الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ والراحة بمعنى واحد. وراحَ
يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وقيل: يومٌ رائحٌ وليلة رائحةٌ طيبةُ الريح؛
يقال: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ ويوم رَيِّحٌ؛
قال جرير:
محا طَلَلاً، بين المُنِيفَةِ والنِّقا،
صَباً راحةٌ، أَو ذو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وقال الفراء: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يقال: افتح البابَ حتى يَراحَ
البيتُ أَي حتى يدخله الريح؛ وقال:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،
غُصْنٌ من الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الريح، واحدته رَيْحانة؛ وقال:
بِرَيْحانةٍ من بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
لها أَرَجٌ، ما حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
والجمع رَياحين. وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج
عليها أَوائلُ النَّوْر؛ وفي الحديث: إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ
فلا يَرُدَّه؛ هو كل نبت طيب الريح من أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة:
الطَّاقةُ من الرَّيحان؛ الأَزهري: الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة
الريح، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عبيد: إِذا طال النبتُ قيل: قد
تَرَوَّحتِ البُقُول، فهي مُتَرَوِّحةٌ. والريحانة: اسم للحَنْوَة
كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، على التشبيه بما تقدم.
وقوله تعالى: فَرَوْحٌ ورَيْحان أَي رحمة ورزق؛ وقال الزجاج: معناه
فاستراحة وبَرْدٌ، هذا تفسير الرَّوْح دون الريحان؛ وقال الأَزهري في موضع
آخر: قوله فروح وريحان، معناه فاستراحة وبرد وريحان ورزق؛ قال: وجائز أَن
يكون رَيحانٌ هنا تحيَّة لأَهل الجنة، قال: وأَجمع النحويون أَن رَيْحاناً
في اللغة من ذوات الواو، والأَصل رَيْوَحانٌ
(* قوله «والأصل ريوحان» في
المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هو
من بنات الياء وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل
شيطان وشياطين.) فقلبت الواو ياء وأُدغمت فيها الياء الأُولى فصارت
الرَّيَّحان، ثم خفف كما قالوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، ولا يجوز في الرَّيحان التشديد
إِلاَّ على بُعْدٍ لأَنه قد زيد فيه أَلف ونون فخُفِّف بحذف الياء وأُلزم
التخفيف؛ وقال ابن سيده: أَصل ذلك رَيْوَحان، قلبت الواو ياء لمجاورتها
الياء، ثم أُدغمت ثم خففت على حدّ مَيْتٍ، ولم يستعمل مشدَّداً لمكان
الزيادة كأَنَّ الزيادة عوض من التشديد فَعْلاناً على المعاقبة
(* قوله
«فعلاناً على المعاقبة إلخ» كذا بالأصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله
روحاناً لا يصح لان فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.) لا يجيء إِلا بعد استعمال
الأَصل ولم يسمع رَوْحان. التهذيب: وقوله تعالى: فروح وريحان؛ على قراءة من
ضم الراء، تفسيره: فحياة دائمة لا موت معها، ومن قال فَرَوْحٌ فمعناه:
فاستراحة، وأَما قوله: وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه؛ فمعناه برحمة منه، قال:
كذلك قال المفسرون؛ قال: وقد يكون الرَّوْح بمعنى الرحمة؛ قال الله تعالى:
لا تَيْأَسُوا من رَوْح الله أَي من رحمة الله؛ سماها رَوْحاً لأَن
الرَّوْحَ والراحةَ بها؛ قال الأَزهري: وكذلك قوله في عيسى: ورُوحٌ منه أَي
رحمة منه، تعالى ذكره.
والعرب تقول: سبحان الله ورَيْحانَه؛ قال أَهل اللغة: معناه واسترزاقَه،
وهو عند سيبويه من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر، تقول: خرجت أَبتغي
رَيْحانَ الله؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،
فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قال: ومعنى قوله وريحانه: ورزقه؛ قال الأَزهري: قاله أَبو عبيدة وغيره؛
قال: وقيل الرَّيْحان ههنا هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمّ. قال الجوهري:
سبحان الله ورَيْحانَه نصبوهما على المصدر؛ يريدون تنزيهاً له واسترزاقاً.
وفي الحديث: الولد من رَيْحانِ الله. وفي الحديث: إِنكم لتُبَخِّلُون
(*
قوله «انكم لتبخلون إلخ» معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن
يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل ابقاء على ماله، وفي الجهل شغلاً به عن
طلب العلم. والواو في وانكم للحال، كأنه قال: مع انكم من ريحان الله أي
من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.) وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ
وإِنكم لمن رَيْحانِ الله؛ يعني الأَولادَ. والريحان يطلق على الرحمة والرزق
والراحة؛ وبالرزق سمي الولد رَيْحاناً.
وفي الحديث: قال لعليّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خيراً قبل
أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: هذا
أَحدُ الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر؛ وأَراد بريحانتيه
الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما. وقوله تعالى: والحَبُّ ذو
العَصْفِ والرَّيحانُ؛ قيل: هو الوَرَقُ؛ وقال الفراء: ذو الوَرَق والرِّزقُ،
وقال الفرّاء: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ.
وراحَ منك معروفاً وأَرْوَحَ، قال: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ
والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بعد الكُرْبَة.
والرَّوْحُ أَيضاً: السرور والفَرَحُ، واستعاره عليّ، رضي الله عنه،
لليقين فقال: فباشِرُوا رَوْحَ اليقين؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه أَراد
الفَرْحة والسرور اللذين يَحْدُثان من اليقين. التهذيب عن الأَصمعي:
الرَّوْحُ الاستراحة من غم القلب؛ وقال أَبو عمرو: الرَّوْحُ الفَرَحُ،
والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نسيم الريح. الأَصمعي: يقال فلان يَراحُ للمعروف إِذا أَخذته
أَرْيَحِيَّة وخِفَّة.
والرُّوحُ، بالضم، في كلام العرب: النَّفْخُ، سمي رُوحاً لأَنه رِيحٌ
يخرج من الرُّوحِ؛ ومنه قول ذي الرمة في نار اقْتَدَحَها وأَمر صاحبه
بالنفخ فيها، فقال:
فقلتُ له: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها
برُوحكَ، واجْعَله لها قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بنفخك واجعله لها؛ الهاء للرُّوحِ، لأَنه مذكر في قوله:
واجعله، والهاء التي في لها للنار، لأَنها مؤنثة. الأَزهري عن ابن الأَعرابي
قال: يقال خرج رُوحُه، والرُّوحُ مذكر.
والأَرْيَحِيُّ: الرجل الواسع الخُلُق النشيط إِلى المعروف يَرْتاح لما
طلبت ويَراحُ قَلْبُه سروراً. والأَرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاح للنَّدى.
وقال الليث: يقال لكل شيء واسع أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قال: وبعضهم يقول ومحمل أَرْوَح، ولو كان كذلك لكان قد ذمَّه لأَن
الرَّوَحَ الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِلِ. قال: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ من
راحَ يَرَاحُ، كما يقال للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ،
وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، والعرب تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَلِيّ فيصر كأَنه
نسبة. قال الأَزهري: وكلام العرب تقول رجل أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، ولا
تكاد تقول أَجْنَبِيٌّ. ورجل أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى والمعروف
والعطية واسِعُ الخُلُق، والاسم الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عن
اللحياني؛ قال ابن سيده: وعندي أَن التَّرَيُّح مصدر تَريَّحَ، وسنذكره؛ وفي شعر
النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير:
حَكَيْتَ لنا الصِّدِّيقَ لمّا وَلِيتَنا،
وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عليه البَذل.
يقال: رِحْتُ المعروف أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً
إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ ومنه قولهم: أَرْيَحِيٌّ إِذا كان سخيّاً
يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لذلك الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وراحاً
وراحةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق له وفَرِحَ به وأَخَذَتْه له
خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قال الشاعر:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،
وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وقد يُستعارُ للكلاب وغيرها؛ أَنشد اللحياني:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ
فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلاَّبِ
ويقال: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارتاح للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بكذا
أَي خَفَّتْ له. وراحت يده بالسيف أَي خفت إِلى الضرب به؛ قال أُمَيَّةُ
بنُ أَبي عائذ الهذلي يصف صائداً:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،
خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بالمحشورة نَبْلاَ، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لها في الرمي عن
القوس. والخواظي: الغلاظ القصار. وأَراد بقوله عجاف النصال: أَنها
أُرِقَّتْ. الليث: راحَ الإِنسانُ إِلى الشيء يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ به،
وكذلك ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لا تَراحُ إِلى النِّسا،
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحَ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشيء فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ
إِليه.والارتياح: النشاط. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ ونزلت به بَلِيَّةٌ
فارْتاحَ اللهُ له برَحْمَة فأَنقذه منها؛ قال رؤبة:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،
ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فارتاح نظر إِليَّ ورحمني. قال الأَزهري: قول رؤبة في فعل الخالق
قاله بأَعرابيته، قال: ونحن نَسْتَوْحِشُ من مثل هذا اللفظ لأَن الله
تعالى إِنما يوصف بما وصف به نفسه، ولولا أَن الله، تعالى ذكره، هدانا
بفضله لتمجيده وحمده بصفاته التي أَنزلها في كتابه، ما كنا لنهتدي لها أَو
نجترئ عليها؛ قال ابن سيده: فأَما الفارسي فجعل هذا البيت من جفاء
الأَعراب، كما قال:
لا هُمَّ إِن كنتَ الذي كعَهْدِي،
ولم تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وكما قال سالمُ بنُ دارَةَ:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟
لو خافَكَ اللهُ عليه حَرَّمَهْ،
فما أَكلتَ لَحْمَه ولا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسم لها. والراحُ: جمع راحة، وهي الكَفُّ. والراح:
الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ ما لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،
وفَقَدْتُ راحِي في الشَّبابِ وخالي
والخالُ: الاختيال والخُيَلاءُ، فقوله: وخالي أَي واختيالي.
والراحةُ: ضِدُّ التعب. واسْتراحَ الرجلُ، من الراحة. والرَّواحُ
والراحة مِن الاستراحة. وأَراحَ الرجل والبعير وغيرهما، وقد أَراحَني، ورَوَّح
عني فاسترحت؛ ويقال: ما لفلان في هذا الأَمر من رَواح أَي من راحة؛ وجدت
لذلك الأَمر راحةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بعيرك مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛
وأَنشد ابن السكيت:
أَراحَ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ،
إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
الليث: الراحة وِجْدانُك رَوْحاً بعد مشقة، تقول: أَرِحْنُ إِراحةً
فأَسْتَريحَ؛ وقال غيره: أَراحهُ إِراحةً وراحةً، فالإِراحةُ المصدرُ،
والراحةُ الاسم، كقولك أَطعته إِطاعة وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وفي
الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمؤذنه بلال: أَرِحْنا بها أَي أَذّن
للصلاة فتَسْتَريحَ بأَدائها من اشتغال قلوبنا بها؛ قال ابن الأَثير: وقيل
كان اشتغاله بالصلاة راحة له، فإِنه كان يَعُدُّ غيرها من الأَعمال
الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا
قال: وقُرَّة عيني في الصلاة، قال: وما أَقرب الراحة من قُرَّة العين.
يقال: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء؛ قال: ومنه
حديث أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً في يوم شديد الحرّ
فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ من السماء فشربت حتى أَراحتْ. وقال اللحياني: أَراحَ
الرجلُ اسْتراحَ ورجعت إِليه نفسه بعد الإِعياء، وكذلك الدابة؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دخل في الرِّيح. وأَراحَ إِذا وجد نسيم الريح.
وأَراحَ إِذا دخل في الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نزل عن بعيره لِيُرِيحه
ويخفف عنه. وأَراحه الله فاستَراحَ، وأَراحَ تنفس؛ وقال امرؤ القيس يصف
فرساً بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لها مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،
فمنه تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قال العجاج:
أَراحَ بعد الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ
(* قوله «والتغمغم» في الصحاح ومثله بهامش الأصل والتغمم.)
وفي حديث الأَسود بن يزيد: إِن الجمل الأَحمر لَيُرِيحُ فيه من الحرّ؛
الإِراحةُ ههنا: الموتُ والهلاك، ويروى بالنون، وقد تقدم.
والتَّرْوِيحةُ في شهر رمضان: سمِّيت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع
ركعات؛ وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل
تسليمتين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة
منها، مثل تسليمة من السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها.
وراحةُ البيت: ساحتُه.وراحةُ الثوب: طَيُّه. ابن شميل: الراحة من الأَرض:
المستويةُ، فيها ظَهورٌ واسْتواء تنبت كثيراً، جَلَدٌ من الأَرض، وفي
أَماكن منها سُهُولٌ وجَراثيم، وليست من السَّيْل في شيء ولا الوادي،
وجمعها الرَّاحُ، كثيرة النبت.
أَبو عبيد: يقال أَتانا فلان وما في وجهه رائحةُ دَمٍ من الفَرَقِ، وما
في وجهه رائحةُ دَمٍ أَي شيء. والمطر يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛
قال:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى له بَصَرٌ
وكان حَيّاً كما يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرحمة؛ وفي الحديث عن أَبي هريرة قال: سمعت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، يقول: الريحُ من رَوْحِ الله تأْتي بالرحمة وتأْتي
بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فلا تَسُبُّوها واسأَلوا من خيرها، واستعذوا بالله
من شرِّها؛ وقوله: من روح الله أَي من رحمة الله، وهي رحمة لقوم وإِن كان
فيها عذاب لآخرين. وفي التنزيل: ولا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله؛ أَي من
رحمة الله، والجمع أَرواحٌ.
والرُّوحُ: النَّفْسُ، يذكر ويؤنث، والجمع الأَرواح. التهذيب: قال أَبو
بكر بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ واحد، غير أَن الروح مذكر
والنفس مؤنثة عند العرب. وفي التنزيل: ويسأَلونك عن الرُّوح قل الروح من
أَمر ربي؛ وتأْويلُ الروح أَنه ما به حياةُ النفْس. وروى الأَزهري بسنده عن
ابن عباس في قوله: ويسأَلونك عن الروح؛ قال: إِن الرُّوح قد نزل في
القرآن بمنازل، ولكن قولوا كما قال الله، عز وجل: قل الروح من أَمر ربي وما
أُوتيتم من العلم إِلا قليلاً. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
اليهود سأَلوه عن الروح فأَنزل الله تعالى هذه الآية. وروي عن الفراء أَنه
قال في قوله: قل الروح من أَمر ربي؛ قال: من عِلم ربي أَي أَنكم لا
تعلمونه؛ قال الفراء: والرُّوح هو الذي يعيش به الإِنسان، لم يخبر الله تعالى
به أَحداً من خلقه ولم يُعْطِ عِلْمَه العباد. قال: وقوله عز وجل:
ونَفَخْتُ فيه من رُوحي؛ فهذا الذي نَفَخَه في آدم وفينا لم يُعْطِ علمه أَحداً
من عباده؛ قال: وسمعت أَبا الهيثم يقول: الرُّوحُ إِنما هو النَّفَسُ
الذي يتنفسه الإِنسان، وهو جارٍ في جميع الجسد، فإِذا خرج لم يتنفس بعد
خروجه، فإِذا تَتامَّ خروجُه بقي بصره شاخصاً نحوه، حتى يُغَمَّضَ، وهو
بالفارسية «جان» قال: وقول الله عز وجل في قصة مريم، عليها السلام: فأَرسلنا
إِليها روحَنا فتمثل لها بَشَراً سَوِيّاً؛ قال: أَضافِ الروحَ المُرْسَلَ
إِلى مريم إِلى نَفْسه كما تقول: أَرضُ الله وسماؤه، قال: وهكذا قوله
تعالى للملائكة: فإِذا سوَّيته ونَفَخْتُ فيه من روحي؛ ومثله: وكَلِمَتُه
أَلقاها إِلى مريم ورُوحٌ منه؛ والرُّوحُ في هذا كله خَلْق من خَلْق الله
لم يعط علمه أَحداً؛ وقوله تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ من أَمره على من يشاء
من عباده؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ
النبوّة؛ ويُسَمَّى القرآنُ روحاً. ابن الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ.
والرُّوحُ: القرآن. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قال أَبو
العباس
(* قوله «قال أبو العباس» هكذا في الأصل.): وقوله عز وجل: يُلْقي
الرُّوحَ من أَمره على من يشاء من عباده ويُنَزِّلُ الملائكةَ بالرُّوحِ من
أَمره؛ قال أَبو العباس: هذا كله معناه الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حياة
من موت الكفر، فصار بحياته للناس كالرُّوح الذي يحيا به جسدُ الإِنسان؛
قال ابن الأَثير: وقد تكرر ذكر الرُّوح في الحديث كما تكرَّر في القرآن
ووردت فيه على معان، والغالب منها أَن المراد بالرُّوح الذي يقوم به
الجسدُ وتكون به الحياة، وقد أُطلق على القرآن والوحي والرحمة، وعلى جبريل في
قوله: الرُّوحُ الأَمين؛ قال: ورُوحُ القُدُس يذكَّر ويؤنث. وفي الحديث:
تَحابُّوا بذكر الله ورُوحِه؛ أَراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة
لكم، وقيل: أَراد أَمر النبوَّة، وقيل: هو القرآن. وقوله تعالى: يوم
يَقُومُ الرُّوحُ والملائكةُ صَفّاً؛ قال الزجاج: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ
وليس هو بالإِنس، وقال ابن عباس: هو ملَك في السماء السابعة، وجهه على
صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة؛ وجاء في التفسير: أَن الرُّوحَ
ههنا جبريل؛ ورُوحُ الله: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جبريل عليه السلام. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى أَنه قال في قول الله تعالى:
وكذلك أَوحينا إِليك رُوحاً من أَمرنا؛ قال: هو ما نزل به جبريل من الدِّين
فصار تحيا به الناس أَي يعيش به الناس؛ قال: وكلُّ ما كان في القرآن
فَعَلْنا، فهو أَمره بأَعوانه، أَمر جبريل وميكائيل وملائكته، وما كان
فَعَلْتُ، فهو ما تَفَرَّد به؛ وأَما قوله: وأَيَّدْناه برُوح القُدُس، فهو
جبريل، عليه السلام. والرُّوحُ: عيسى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ على
الملائكة الحفظةِ على بني آدم، ويروى أَن وجوههم مثل وجوه الإِنس.
وقوله: تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوحُ؛ يعني أُولئك.
والرُّوحانيُّ من الخَلْقِ: نحوُ الملائكة ممن خَلَقَ اللهُ رُوحاً بغير
جسد، وهو من نادر معدول النسب. قال سيبويه: حكى أَبو عبيدة أَن العرب
تقوله لكل شيء كان فيه رُوحٌ من الناس والدواب والجن؛ وزعم أَبو الخطاب
أَنه سمع من العرب من يقول في النسبة إِلى الملائكة والجن رُوحانيٌّ، بضم
الراء، والجمع روحانِيُّون. التهذيب: وأَما الرُّوحاني من الخلق فإِنَّ
أَبا داود المَصاحِفِيَّ روى عن النَّضْر في كتاب الحروف المُفَسَّرةِ من
غريب الحديث أَنه قال: حدثنا عَوْفٌ الأَعرابي عن وَرْدانَ بن خالد قال:
بلغني أَن الملائكة منهم رُوحانِيُّون، ومنه مَن خُلِقَ من النور، قال: ومن
الرُّوحانيين جبريل وميكائيل وإِسرافيل، عليهم السلام؛ قال ابن شميل:
والرُّوحانيون أَرواح ليست لها أَجسام، هكذا يقال؛ قال: ولا يقال لشيء من
الخلق رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح التي لا أَجساد لها مثل الملائكة والجن وما
أَشبههما، وأَما ذوات الأَجسام فلا يقال لهم رُوحانيون؛ قال الأَزهري:
وهذا القول في الرُّوحانيين هو الصحيح المعتمد لا ما قاله ابن المُظَفَّر
ان الرُّوحانيّ الذي نفخ فيه الرُّوح. وفي الحديث: الملائكة
الرُّوحانِيُّونَ، يروى بضم الراء وفتحها، كَأَنه نسب إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وهو
نسيم الريح، والَلف والنون من زيادات النسب، ويريد به أَنهم أَجسام
لطيفة لا يدركها البصر.
وفي حديث ضِمامٍ: إِني أُعالج من هذه الأَرواح؛ الأَرواح ههنا: كناية عن
الجن سمُّوا أَرواحاً لكونهم لا يُرَوْنَ، فهم بمنزلة الأَرواح. ومكان
رَوْحانيٌّ، بالفتح، أَي طَيِّب. التهذيب: قال شَمرٌ: والرِّيحُ عندهم
قريبة من الرُّوح كما قالوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قال أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ
مِنَّا رجل إِلى قِرْبَةٍ فملأَها من رُوحِه أَي من رِيحِه ونَفَسِه.
والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسم للوقت، وقيل: الرَّواحُ العَشِيُّ،
وقيل: الرَّواحُ من لَدُن زوال الشمس إِلى الليل. يقال: راحوا يفعلون
كذا وكذا ورُحْنا رَواحاً؛ يعني السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وسار القوم رَواحاً
وراحَ القومُ، كذلك. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا في ذلك الوقت أَو عَمِلْنا؛
وأَنشد ثعلب:
وأَنتَ الذي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،
غَداةً غَدٍ، أَو رائحُ بهَجِيرِ
والرواح: قد يكون مصدر قولك راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وهو نقيض قولك غدا
يَغْدُو غُدُوًّا. وتقول: خرجوا بِرَواحٍ من العَشِيِّ ورِياحٍ، بمعنًى.
ورجل رائحٌ من قوم رَوَحٍ اسم للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قوم رُوحٍ، وكذلك
الطير.وطير رَوَحٌ: متفرقة؛ قال الأَعشى:
ماتَعِيفُ اليومَ في الطيرِ الرَّوَحْ،
من غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
ويروى: الرُّوُحُ؛ وقيل: الرَّوَحُ في هذا البيت: المتفرّقة، وليس بقوي،
إِنما هي الرائحة إِلى مواضعها، فجمع الرائح على رَوَحٍ مثل خادم
وخَدَمٍ؛ التهذيب: في هذا البيت قيل: أَراد الرَّوَحةَ مثل الكَفَرَة
والفَجَرة، فطرح الهاء. قال: والرَّوَحُ في هذا البيت المتفرّقة.
ورجل رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، والجمع رَوَّاحُون، ولا
يُكَسَّر.
وخرجوا بِرِياحٍ من العشيّ، بكسر الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول.
وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وقوله:
ولقد رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،
وعليَّ، من سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بكسر الراء، فسره ثعلب فقال: معناه وقت.
وقالوا: قومُك رائحٌ؛ عن اللحياني حكاه عن الكسائي قال: ولا يكون ذلك
إِلاَّ في المعرفة؛ يعني أَنه لا يقال قوم رائحٌ.
وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: من ذهابه أَو سيره بالعشيّ. قال الأَزهري:
وسمعت العرب تستعمل الرَّواحَ في السير كلَّ وقت، تقول: راحَ القومُ
إِذا ساروا وغَدَوْا، ويقول أَحدهم لصاحبه: تَرَوَّحْ، ويخاطب أَصحابه
فيقول: تَرَوَّحُوا أَي سيروا، ويقول: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ ونحو ذلك ما جاء في
الأَخبار الصحيحة الثابتة، وهو بمعنى المُضِيِّ إِلى الجمعة والخِفَّةِ
إِليها، لا بمعنى الرَّواح بالعشي. في الحديث: مَنْ راحَ إِلى الجمعة في
الساعة الأُولى أَي من مشى إِليها وذهب إِلى الصلاة ولم يُرِدْ رَواحَ آخر
النهار. ويقال: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا ساروا أَيَّ وقت كان.
وقيل: أَصل الرَّواح أَن يكون بعد الزوال، فلا تكون الساعات التي عدَّدها في
الحديث إِلاَّ في ساعة واحدة من يوم الجمعة، وهي بعد الزوال كقولك: قعدت
عندك ساعة إِنما تريد جزءاً من الزمن، وإِن لم يكن ساعة حقيقة التي هي
جزء من أَربعة وعشرين جزءاً مجموع الليل والنهار،وإِذا قالت العرب: راحت
الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رائحةً، فَرواحُها ههنا أَن تأْوِيَ بعد غروب
الشمس إِلى مُراحِها الذي تبيت فيه. ابن سيده: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل
والغنم من العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حيث تأْوي إِليه ليلاً، وقد أَراحها راعيها
يُرِيحُها. وفي لغة: هَراحَها يُهْرِيحُها. وفي حديث عثمان، رضي الله
عنه: رَوَّحْتُها بالعشيّ أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الماشية
بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رجعت. وتقول: افعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ
أَي في يُسرٍ بسهولة؛ والمُراحُ: مأْواها ذلك الأَوانَ، وقد غلب على
موضع الإِبل.
والمُراحُ، بالضم: حيث تأْوي إِليه الإِبل والغنم بالليل.
وقولهم: ماله سارِحةٌ ولا رائحةٌ أَي شيء؛ راحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها
أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وقي حديث سَرِقَة الغنم: ليس فيه قَطْعٌ
حتى يُؤْوِيَهُ المُراح؛ المُراحُ، بالضم: الموضع الذي تَرُوحُ إِليه
الماشية أَي تأْوي إِليه ليلاً، وأَما بالفتح، فهو الموضع الذي يروح إِليه
القوم أَو يَروحُونَ منه، كالمَغْدَى الموضع الذي يُغْدَى منه.
وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي أَعطاني،
لأَنها كانت هي مُراحاً لِنَعَمِه، وفي حديثها أَيضاً: وأَعطاني من كل
رائحة زَوْجاً أَي مما يَرُوحُ عليه من أَصناف المال أَعطاني نصيباً
وصِنْفاً، ويروى: ذابِحةٍ، بالذال المعجمة والباء، وقد تقدم. وفي حديث أَبي
طلحة: ذاك مالٌ رائحٌ أَي يَرُوحُ عليك نَفْعُه وثوابُه يعني قُرْبَ وُصوله
إِليه، ويروى بالباء وقد تقدم.
والمَراحُ، بالفتح: الموضع الذي يَرُوحُ منه القوم أَو يَرُوحُون إِليه
كالمَغْدَى من الغَداةِ؛ تقول: ما ترك فلانٌ من أَبيه مَغدًى ولا مَراحاً
إِذا أَشبهه في أَحوالِه كلها.
والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وقال اللحياني: أَراحَ الرجل إِراحةً
وإِراحاً إِذا راحت عليه إِبلُه وغنمه وماله ولا يكون ذلك إِلاّ بعد الزوال؛
وقول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُو
سِ، في دارِ صِرْمٍ، تُلاقس مُرِيحا
يمكن أَن يكون أَراحتْ لغة في راحت، ويكون فاعلاً في معنى مفعول، ويروى:
تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الذي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ على الرجل حَقَّه
إِذا رددته عليه؛ وقال الشاعر:
أَلا تُرِيحي علينا الحقَّ طائعةً،
دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عليه حَقَّه أَي رُدَّه. وفي حديث الزبير: لولا حُدُودٌ
فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ على أَهلها أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هم
الأَئمة، ويجوز بالعكس وهو أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها من الرعية؛
ومنه حديث عائشة: حتى أَراحَ الحقَّ على أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذهبت إِليهم رَواحاً
أَو رُحْتُ عندهم. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جاءهم
رَواحاً.وفي الحديث: على رَوْحةٍ من المدينة أَي مقدار رَوْحةٍ، وهي المرَّة من
الرَّواح.
والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رائحة، هذه عن اللحياني. وقال
مرة: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء.
ويقال: هما يَتَراوحان عَمَلاً أَي يتعاقبانه، ويَرْتَوِحان مثلُه؛
ويقال: هذا الأَمر بيننا رَوَحٌ ورَِوِحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه
وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ في عَمَل، يعمل ذا مرة وذا مرة؛ قال
لبيد:ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،
يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يعني يَبْتَذِل عَدْوَه مرة ويصون أُخرى أَي يكُفُّ بعد اجتهاد.
والرَّوَّاحةُ: القطيعُ
(* قوله «والرواحة القطيع إلخ» كذا بالأصل بهذا
الضبط.) من الغنم.
ورَواحَ الرجلُ بين جنبيه إِذا تقلب من جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يعقوب:
إِذا اجْلَخَدَّ لم يَكَدْ يُراوِحُ،
هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
وراوَحَ بين رجليه إِذا قام على إِحداهما مرَّة وعلى الأَخرى مرة. وفي
الحديث: أَنه كان يُراوِحُ بين قدميه من طول القيام أَي يعتمد على
إِحداهما مرة وعلى الأُخرى مرة ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ منهما؛ ومنه حديث ابن
مسعود: أَنه أَبْصَرَ رجلاً صافًّا قدميه، فقال: لو راوَحَ كان أَفضلَ؛
ومنه حديث بكر بن عبد الله: كان ثابتٌ يُراوِحُ بين جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قائماً وساجداً، يعني في الصلاة؛ ويقال: إِن يديه لتَتراوَحانِ
بالمعروف؛ وفي التهذيب: لتَتَراحانِ بالمعروف.
وناقة مُراوِحٌ: تَبْرُكُ من وراء الإِبل؛ الأَزهري: ويقال للناقة التي
تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قال: كذلك فسره ابن الأَعرابي
في النوادر.
والرَّيِّحةُ من العضاه والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ
والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ في أُصوله التي بقيت من عامِ أَوَّلَ؛
وقيل: هو ما نبت إِذا مسَّه البَرْدُ من غير مطر، وحكى كراع فيه الرِّيحة على
مثال فِعْلَة، ولم يَلْحك مَنْ سِواه إِلاَّ رَيِّحة على مِثال فَيِّحة.
التهذيب: الرَّيِّحة نبات يَخْضَرُّ بعدما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي
أَغصانه.
وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قبل الشتاء من غير
مطر، وقال الأَصمعي: وذلك حين يَبْرُدُ الليل فيتفطر بالورق من غير مطر؛
وقيل: تَرَوَّحَ الشجر إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بعد إِدبار الصيف؛ قال
الراعي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لهم وَرَقٌ
راحَ العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخولُ
وروى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لهم وَرِقٌ
أَي مال. وخادَعَ: تَرَكَ، قال: ورواه أَبو عمرو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام
أَي تركوا الحمد أَي ليسوا من أَهله، قال: وهذه هي الرواية الصحيحة. قال
الأَزهري: والرَّيِّحة التي ذكرها الليث هي هذه الشجرة التي تَتَرَوَّحُ
وتَراحُ إِذا بَرَدَ عليها الليلُ فتتفطرُ بالورق من غير مطر، قال: سمعت
العرب تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشجر: تَفَطُّره وخُروجُ ورقه
إِذا أَوْرَق النبتُ في استقبال الشتاء، قال: وراحَ الشجر يَراحُ إِذا
تفطر بالنبات. وتَرَوَّحَ النبتُ والشجر: طال. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ
رِيحَ غيره لقربه منه.وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ من
الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بالتحريك: السَّعَةُ؛ قال المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،
فُتْحُ الشَّمائل، في أَيْمانِهِم رَوَحْ
وكبير بن هند: حيٌّ من هذيل. والفتخ: جمع أَفْتَخَ، وهو اللَّيِّنُ
مَفْصِلِ اليدِ؛ يريد أَن شمائلهم تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وكذلك قوله:
في أَيمانهم رَوَح؛ وهو السَّعَة لشدَّة ضربها بالسيف، وبعده:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،
كما يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ ما بين الفخذين أَو سَعَةٌ في الرجلين، وهو دون
الفَحَج، إِلاَّ أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قدميه وتَتَدانى عَقِباه.
وكل نعامة رَوْحاء؛ قال أَبو ذؤيب:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ من بَرْدِ العَشِيِّ، كما
زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه كان أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ والناس
يمشونَ؛ الأَروَحُ: الذي تتدانى عَقِباه ويتباعد صدرا قدميه؛ ومنه الحديث:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بن عبدِ يالِيلَ قد أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه
رَوْحَتَيْ رجليه.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ على وَحْشِيِّها؛ وقيل: هو انبساط في صدر
القدم.
ورجل أَرْوَحٌ، وقد رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وهي رَوْحاءُ. ابن
الأَعرابي: في رجله رَوَحٌ ثم فَدَحٌ ثم عَقَلٌ، وهو أَشدّها؛ قال الليث:
الأَرْوَحُ الذي في صدر قدميه انبساط، يقولون: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ
رَوَحاً. وقصعة رَوْحاءُ: قريبة القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وفي الحديث: أَنه
أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ أَي مُتَّسع مبطوح.
واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وفي الصحاح: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي
استنام. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نبت معروف؛ وقول
العجاج:عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،
على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يريد بالرائِح: الثورَ الوحشي، وهو إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه.
وذو الراحة: سيف كان للمختار بن أَبي عُبَيْد. وقال ابن الأَعرابي قي
قوله دَلَكَتْ بِراحِ، قال: معناه استُريح منها؛ وقال في قوله:
مُعاوِيَ، من ذا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يقول: إِذا أَظلم النهار واسْتُريحَ من حرّها، يعني الشمس، لما غشيها من
غَبَرة الحرب فكأَنها غاربة؛ كقوله:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،
لا النُّورُ نُورٌ، ولا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وقيل: دَلَكَتْ براح أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قد تَوَقَّى
شُعاعَها براحته.
وبنو رَواحةَ: بطنٌ.
ورِياحٌ: حَيٌّ من يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: موضع. وقد سَمَّتْ رَوْحاً
ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: موضع، والنسب إِليه رَوْحانيٌّ، على غير قياس:
الجوهري: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
زرر: الزِّرُّ: الذي يوضع في القميص. ابن شميل: الزِّرُّ العُرْوَةُ
التي تجعل الحَبَّةُ فيها. ابن الأَعرابي: يقال لِزِرِّ القميص الزِّيرُ،
ومن العرب من يقلب أَحد الحرفين المدغمين فيقول في مَرٍّ مَيْرٍ وفي زِرٍّ
زير، وهو الدُّجَةُ؛ قال: ويقال لعُرْوَتِهِ الوَعْلَةُ. وقال الليث:
الزِّرُّ الجُوَيْزَةُ التي تجعل في عروة الجيب. قال الأَزهري: والقول في
الزِّرِّ ما قال ابن شميل إِنه العُرْوَةُ والحَبَّة تجعل فيها. والزِّرُّ:
واحد أَزرار القميص. وفي المثل: أَلْزَمُ من زِرٍّ لعُرْوَة، والجمع
أَزْرَارٌ وزُرُورٌ؛ قال مُلْحَةُ الجَرْمِيُّ:
كأَنَّ زُرورَ القُبْطُرِيَّة عُلِّقَتْ
عَلائِقُها منه بِجِذْعٍ مُقَوَّمِ
(* قوله: «علائقها» كذا بالأَصل. وفي موضعين من الصحاح: بنادكها أَي
بنادقها، ومثله في اللسان وشرح القاموس في مادة قبطر).
وعزاه أَبو عبيد إِلى عدي بن الرِّقَاعِ.
وأَزَرَّ القميصَ: جعل له زِرّاً. وأَزَرَّهُ: لم يكن له زر فجعله له.
وزَرَّ الرجلُ: شَدَّ زِرَّه؛ عن اللحياني. أَبو عبيد: أَزْرَرْتُ القميص
إِذا جعلت له أَزْرَاراً. وزَرَرْتهُ إِذا شددت أَزْرارَهُ عليه؛ حكاه عن
اليزيدي. ابن السكيت في باب فِعْلٍ وفُعْلٍ باتفاق المعنى: خِلْبُ الرجل
وخُلْبُه، والرِّجْز والرُّجْز، والزِّرُّ والزُّرُّ. قال: حسبته أَراد
زِرَّ القميص، وعِضْو وعُضو، والشُّحُّ والشِّحُّ البخل، وفي حديث السائب
بن يزيد في وصف خاتم النبوّة: أَنه رأَى خاتم رسول الله،صلى الله عليه
وسلم، في كتفه مثل زِرِّ الحَجَلَةِ، أَراد بزرّ الحَجَلَة جَوْزَةً
تَضُمُّ العُرْوَةَ. قال ابن الأَثير: الزِّر واحد الأَزْرَارِ التي تشدّ بها
الكِلَلُ والستور على ما يكون في حَجَلَةِ العروس، وقيل: إِنما هو بتقديم
الراء على الزاي، ويريد بالحَجَلَةِ القَبَجَة، مأْخوذ من أَزَرَّتِ
الجَرَادَةُ إِذا كَبَسَتْ ذنبها في الأَرض فباضت، ويشهد له ما رواه الترمذي
في كتابه بإِسناده عن جابر بن سمرة: كان خاتم رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، بين كتفيه غُدَّةً حمراء مثل بيضة الحمامة. والزِّرُّ، بالفتح:
مصدر زَرَرْتُ القميص أَزُرُّه، بالضم، زَرّاً إِذا شددت أَزْرَارَهُ عليك.
يقال: ازْرُرْ عليك قميصك وزُرَّه وزُرُّه وزُرِّه؛ قال ابن بري: هذا عند
البصريين غلط وإِنما يجوز إِذا كان بغير الهاء، نحو قولهم: زُرَّ وزُرُّ
وزُرِّ، فمن كسر فعلى أَصل التقاء الساكنين، ومن فتح فلطلب الخفة، ومن
ضم فعلى الإِتباع لضمة الزاي، فأَما إِذا اتصل بالهاء التي هي ضمير المذكر
كقولك زُرُّه فإِنه لا يجوز فيه إِلا الضم لأَن الهاء حاجز غير حصين،
فكأَنه قال: زُرُّوه، والواو الساكنة لا يكون ما قبلها إِلا مضموماً، فإِن
اتصل به هاء المؤنث نحو زُرَّها لم يجز فيه إِلا الفتح لكون الهاء خفية
كأَنها مُطَّرَحَةٌ فيصير زُرَّها كأَنه زُرَّا، والأَلف لا يكون ما قبلها
إِلا مفتوحاً. وأَزْرَرْتُ القميص إِذا جعلت له أَزْرَاراً فَتَزَرَّرَ؛
وأَما قول المَرَّار:
تَدِينُ لمَزْرُورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقَةٍ
من الشَّبْهِ، سَوَّاها بِرِفْقٍ طَبِيبُها
فإِنما يعني زمام الناقة جعله مزروراً لأَنه يضفر ويشد؛ قال ابن بري:
هذا البيت لمرار بن سعيد الفقعسي، وليس هو لمرار بن منقذ الحنظلي، ولا
لمرار بن سلامة العجلي، ولا لمرار بن بشير الذهلي؛ وقوله: تدين تطيع، والدين
الطاعة، أَي تطيع زمامها في السير فلا ينال راكبها مشقة. والحلقة من
الشَّبَهِ والصفر تكون في أَنف الناقة وتسمى بُرَةً، وإِن كانت من شعر فهي
خِزَامةٌ، وإِن كانت من خشب فهي خِشَاش. وقول أَبي ذر، رضي الله عنه، في
علي، عليه السلام: إِنه لَزِرُّ الأَرض الذي تسكن إِليه ويسكن إِليها ولو
فُقِدَ لأَنكرتم الأَرض وأَنكرتم الناس؛ فسره ثعلب فقال: تثبت به الأَرض
كما يثبت القميص بزره إِذا شدّ به. ورأَى علي أَبا ذر فقال أَبو ذر له:
هذا زِرُّ الدِّينِ؛ قال أَبو العباس: معناه أَنه قِوَامُ الدين كالزرّ،
وهو العُظَيْمُ الذي تحت القلب، وهو قوامه. ويقال للحديدة التي تجعل فيها
الحلقة التي تضرب على وجه الباب لإِصفاقه: الزِّرَّةُ؛ قاله عمرو بن
بَحْرٍ. والأَزْرَارُ: الخشبات التي يدخل فيها رأْس عمود الخباء، وقيل:
الأَزْرَارُ خشبات يُخْرَزْنَ في أَعلى شُقَقِ الخباء وأُصولها في الأَرض،
واحدها زِرٌّ، وزَرَّها: عمل بها ذلك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
كَأَنَّ صَقْباً حَسَنَ الزَّرْزِيرِ
في رأْسِها الراجفِ والتَّدْمِيرِ
(* قوله: «حسن الزرزير» كذا بالأَصل ولعله التزرير أَي الشدّ).
فسره فقال: عنى به أَنها شديدة الخَلْقِ؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه عنى
طول عنقها شبهه بالصقب، وهو عمود الخباء. والزِّرَّان: الوَابِلَتَانِ،
وقيل: الزِّرُّ النقرة التي تدور فيها وَابِلَةُ كَتِف الإِنسان.
والزِّرَّانِ: طرفا الوركين في النقرة. وزِرُّ السيف: حَدُّه. وقال مُجَرِّسُ
(*
«المشهور في التاريخ ابن اسمه الهِجْرِس لا مُجَرّس). بن كليب في كلام
له: أَمَا وسَيْفي وزِرَّيه، وَرُمْحِي ونَصْلَيْه، لا يَدَعُ الرجلُ
قاتِلَ أَبيه وهو يَنْظُرُ إِليه؛ ثم قتل جَسَّاساً، وهو الذي كان قتل أَباه،
ويقال للرجل الحسن الرَّعْيَةِ للإِبل: إِنه لَزِرٌّ من أَزرارها، وإِذا
كانت الإِبل سِمَاناً قيل: بها زِرَّة
(* قوله: «قيل بها زرة» كذا بالأصل
على كون بها خبراً مقدماً وزرة مبتدأ مؤخراً، وتبع في هذا الجوهري. قال
المجد: وقول الجوهري بها زرّة تصحيف قبيح وتحريف شنيع، وإِنما هي بها زرة
على وزن فعاللة وموضعه فصل الباء اهـ)؛ وإِنه لَزِرُّ من أَزْرَارِ
المال يُحْسِنُ القيامَ عليه، وقيل: إِنه لَزِرُّ مال إِذا كان يسوق الإِبل
سوقاً شديداً، والأَوَّل الوجه.
وإِنه لَزُورْزُورُ مال أَي عالم بمصلحته.
وزَرَّهُ يَزُرُّهُ زَرّاً: عضه. والزَّرَّة: أَثر العضة. وزَارَّه:
عاضَّهُ قال أَبو الأَسود
(* قوله: «قال أَبو الأَسود إِلخ» بهامش النهاية
ما نصه: لقي أبو الأسود الدؤلي ابن صديق له، فقال: ما فعل أَبوك؟ قال:
أخذته الحمى ففضخته فضخاً وطبخته طبخاً ورضخته رضخاً وتركته فرخاً. قال: فما
فعلت امرأته التي كانت تزارّه وتمارّه وتشارّه وتهارّه؟ قال: طلقها
فتزوّج غيرها فحظيت عنده ورضيت وبظيت. قال أَبو الأَسود: فما معنى بظيت؟ قال:
حرف من اللغة لم تدر من أي بيض خرج ولا في أي عش درج. قال: يا ابن أخي
لا خبر لك فيما لم أَدر اهـ). الدُّؤَليُّ وسأَل رجلاً فقال: ما فعلت
امرأَة فلان التي كانت تُشارُّه وتُهَارُّه وتُزَارُّه؟ المُزَارَّةُ من
الزَّرِّ، وهو العَضُّ. ابن الأَعرابي: الزِّرُّ حَدُّ السيف، والزَّرُّ
العَضُّ، والزِّرُّ قِوَامُ القلب، والمُزَارَّةُ المُعاضَّةُ، وحِمارٌ
مِزَرّ، بالكسر: كثير العض. والزَّرَّةُ: العضة، وهي الجراحة بِزِرِّ السيف
أيضاً. والزِّرَّةُ: العقل أَيضاً؛ يقال زَرَّ يَزُرُّ إِذا زاد عقله
وتَجارِبُهُ، وزَرِرَ إِذا تعدى على خصمه، وزَرَّ إِذا عقل بعد حُمْقٍ.
والزَّرُّ: الشَّلُّ والطرد؛ يقال: هو يَزُرُّ الكتائبَ بالسيف؛ وأَنشد:
يَزُرُّ الكتائبَ بالسيف زَرَّا
والزَّرِيرُ: الخفيف الظريف. والزَّرِيرُ: العاقلُ. وزَرَّهُ زَرّاً:
طرده. وزَرَّهُ زَرّاً: طعنه. والزَّرُّ: النتف. وزَرَّ عينه وزَرَّهما:
ضَيَّقَهما. وزَرَّتْ عينه تَزِرُّ، بالكسر، زَرِيراً وعيناه تَزِرَّانِ
زَرِيراً أَي تَوَقَّدانِ. والزَّرِيرُ: نبات له نَوْرٌ أَصفر يصبغ به؛ من
كلام العجم.
والزُّرْزُرُ: طائر، وفي التهذيب: والزُّرْزُورُ طائر، وقد زَرْزَرَ
بصوته. والزُّرْزُورُ، والجمع الزَّرَازِرُ: هَنَاتٌ كالقنابر مُلْسُ الرؤوس
تُزَرْزِرُ بأَصواتها زَرْزَرَةً شديدة. قال ابن الأَعرابي: زَرْزَرَ
الرجل إِذا دام على أَكل الزَّرازِرِ، وزَرْزَرَ إِذا ثبت بالمكان.
والزَّرْزَارُ: الخفيف السريع. الأَصمعي: فلان كيِّس زُرَازِرٌ أَي
وَقَّادٌ تبرق عيناه؛ الفراء: عيناه تَزِرَّان في رأْسه إِذا توقدنا. ورجل
زَرِيرٌ أَي خفيف ذَكِيٌّ؛ وأَنشد شمر:
يَبِيتُ العَبْدُ يركَبُ أَجْنَبَيْهِ،
يَخِرّ كأَنه كَعْبٌ زَرِير
ورجل زُرازِرٌ إِذا كان خفيفاً، ورجال زَرازِرُ؛ وأَنشد:
وَوَكَرَى تَجْري على المَحاوِرِ،
خَرْساءَ من تحتِ امْرِئٍ زُرازِرِ
وزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ: رجل من قراء التابعين. وزُرَارَةُ: أَبو حاجب.
وزِرَّةُ: فرس العباس بن مرداس.
ربد: الرُّبْدَةُ: الغُبرة؛ وقيل: لون إِلى الغبرة، وقيل: الرُّبْدَةُ
والرُّبْدُ في النعام سواد مختلط، وقيل هو أَن يكون لونها كله سواداً؛ عن
اللحياني، ظليم أَرْبَدُ ونعامة ربداءُ ورَمْداءُ: لونها كلون الرماد
والجمع رُبْدٌ؛ وقال اللحياني: الرَّبداءُ السوداء؛ وقال مرة: هي التي في
سوادها نقط بيض أَو حمر؛ وقد ارْبَدَّ ارْبِداداً.
ورَبَّدَتِ الشاة ورَمَّدَت وذلك إِذا أَضرعت فترى في ضرعها لُمَعَ
سوادٍ وبياض، وترَبَّدَ ضرعها إِذا رأَيت فيه لُمَعاً من سواد ببياض
خفي.والرَّبْداءُ من المعزى: السوادءُ المنقطة بحمرة وهي المنقطة الموسومة
موضعَ النِّطاق منها بحمرة، وهي من شِيَاتِ المعز خاصة، وشاة ربداء: منقطة
بحمرة وبياض أَو سواد.
وارْبَدَّ وجهه وتَرَبَّدَ: احمرَّ حمرة فيها سواد عند الغضب،
والرُّبْدَةُ: غُبرة في الشفة؛ يقال: امرأَة رَبْداءُ ورجل أَرْبَدُ، ويقال
للظليم:الأَرْيَدُ للونه.
والرُّبْدَةُ والرُّمْدَة: شبه الورقة تضرب إِلى السواد، وفي حديث حذيفة
حين ذكر الفتنة: أَيُّ قلب أُشرِبَها صار مُرْبَدّاً، وفي رواية:
مُرْبادّاً، هما من ارْبَدَّ وارْبادَّ وتَرَبَّد؛ ارْبِدادُ القلب من حيث
المعنى لا الصورة، فإِن لون القلب إِلى السواد ما هو، قال أَبو عبيدة:
الرُّبْدَةُ لَون بين السواد والغبرة، ومنه قيل للنعام: رِبْدٌ جمع رَبْداءَ.
وقال أَبو عدنان: المُرَبَّد المُوَلَّع بسواد وبياض، وقال ابن شميل: لما
رآني تَرَبَّد لونه، وتربُّده: تلونه، تراه أَحمر مرة ومرة أَخضر ومرة
أَصفر، ويَترَبَّد لونه من الغضب أَي يتلوّن، والضرع يتربد لونه إِذا صار
فيه لُمَعٌ؛ وأَنشد الليث في تَرَبَّدَ الضرع:
إِذا والد منها تَرَبَّد ضَرعُها،
جعلتُ لها السكينَ إِحدى القلائد
وتَرَبَّد وجهه أَي تغير من الغضب، وقيل: صار كلون الرماد، ويقال
ارْبَدَّ لونه كما يقال احمرَّ واحمارّ، وإِذا غضب الإِنسان تَرَبَّد وجهه
كأَنه يسودّ منه مواضع، وارْبَدَّ وجهه وارْمَدَّ إِذا تغير، وداهية رَبْداءُ
أَي منكرة، وتَرَبَّد الرجل: تَعَبَّس، وفي الحديث: كان إِذا نزل عليه
الوحي ارْبَدَّ وجهه أَي تغير إِلى الغُبرة؛ وقيل: الرُّبْدة لون من
السواد والغبرة، وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قام من عند عمر مُرْبَدَّ الوجه
في كلام أُسمعه، وترَبَّدت السماءُ: تغيمت.
والأَرْبَدُ: ضرب من الحيات خبيث، وقيل: ضرب من الحيات يَعَضُّ الإِبل.
وَرَبدَ الإِبل يَرْبُدُها رَبْداً: حبسها، والمِرْبَدُ: مَحْبِسُها،
وقيل: هي خشبة أَو عصا تعترض صدور الإِبل فتمنعها عن الخروج؛ قال:
عواصِيَ إِلاَّ ما جعلْتُ وراءَها
عَصَا مِرْبَدٍ، تَغْشَى نُحوراً وأَذْرُعا
قيل: يعني بالمريد ههنا عصا جعلها معترضة على الباب تمنع الإِبل من
الخروج، سماها مربداً لهذا؛ قال أَبو منصور: وقد أَنكر غيره ما قال، وقال:
أَراد عصا معترضة على باب المربد فأَضاف العصا المعترضة إِلى المربد ليس
أَن العصا مربد.
وقال غيره: الرَّبْد الحبس، والرابد: الخازن، والرابدة: الخازنة،
والمِربد: الموضع الذي تحبس فيه الإِبل وغيرها.
وفي حديث صالح بن عبد الله بن الزبير: أَنه كان يعمل رَبَداً بمكة.
الربد، بفتح الباء: الطين، والرَّبَّادُ: الطيَّان أَي بناءٌ من طين
كالسِّكْر، قال: ويجوز أَن يكون من الرَّبْد الحبس لأَنه يحبس الماءَ ويروى
بالزاي والنون، وسيأْتي ذكره؛ ومِرْبَد البصرة: مِن ذلك سمي لأَنهم كانوا
يحبسون فيه الإِبل؛ وقول الفرزدق:
عَشِيَّةَ سال المِرْبَدان، كلاهما،
عَجاجَة مَوْتٍ بالسيوفِ الصوارم
فإِنما سماه مجازاً لما يتصل به من مجاوره، ثم إِنه مع ذلك أَكده وإِن
كان مجازاً، وقد يجوز أَن يكون سمي كل واحد من جانبيه مربداً. وقال
الجوهري في بيت الفرزدق: إِنه عنى به سكة المربد بالبصرة، والسكة التي تليها من
ناحية بني تميم جعلهما المربدين، كما يقال الأَحْوصان وهما الأَحْوص
وعوف بن الأَحوص. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن مسجده كان
مِرْبَداً ليتيمين في حَجْر معاذ بن عَفْراء، فجعله للمسلمين فبناه رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، مسجداً. قال الأَصمعي: المِرْبد كل شيء حبست به
الإِبل والغنم، ولهذا قيل مِرْبد النعم الذي بالمدينة، وبه سمي مِرْبَد
البصرة، إِنما كان موضع سوف الإِبل وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أَيضاً
إِذا حُبست به الإِبل، وهو بكسر الميم وفتح الباء، من رَبَد بالمكان
إِذا أَقام فيه؛ وفي الحديث: أَنه تَيَمَّمَ بِمِرْبد الغنم. ورَبَدَ
بالمكان يَرْبُدُ ربوداً إِذا أَقام به؛ وقال ابن الأَعرابي: ربده حبسه.
والمِرْبد: فضاء وراء البيوت يرتفق به. والمِرْبد: كالحُجرة في الدار. ومِرْبد
التمر: جَرِينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس؛ قال سيببويه: هو اسم
كالمَطْبَخ وإِنما مثله به لأَن الطبخ تيبيس؛ قال أَبو عبيد: والمربد أَيضاً
موضع التمر مثل الجرين، فالمربد بلغة أَهل الحجاز والجرين لهم أَيضاً،
والأَنْدَر لأَهل الشام، والبَيْدَر لأَهل العراق؛ قال الجوهري: وأَهل
المدينة يسمون الموضع الذي يجفف فيه التمر لينشف مربداً، وهو المِسْطَح
والجرين في لغة أَهل نجد، والمربد للتمر كالبيدَر للحنطة؛ وفي الحديث: حتى
يقوم أَبو لبابة يسد ثعلب مِربده بإِزاره؛ يعني موضع تمره.
ورَبد الرجلُ إِذا كنز التمر في الربائد وهو الكراحات
(* قوله «الكراحات
إلخ» كذا بالأصل ولم نجده فيما بأيدينا من كتب اللغة.) وتمر رَبِيد:
نُضِّدَ في الجرار أَو في الحُب ثم نضح بالماء.
والرُّبَد: فِرِنحد السيف. ورُبْد السيف: فرنده، هذلية؛ قال صخر الغي:
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه،
أَبيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِهِ رُبَد
وسيف ذو رُبَد، بفتح الباء، إِذا كنت ترى فيه شبه غبار أَو مَدَبّ نمل
يكون في جوهره، وأَنشد بيت صخر الغي الهذلي وقال: الخــشيبة الطبيعة
أَخلصتها المداوس والصقل. ومهو: رقيق.
وأَربَدَ الرجل: أَفسد ماله ومتاعه.
وأَرْبَد: اسم رجل. وأَربد بن ربيعة: أَخو لبيد الشاعر. والرُّبيدان:
نبت.
عدس: العَدْسُ، بسكون الدال: شدة الوطء على الأَرض والكَدْح أَيضاً.
وعَدَس الرجلُ يَعْدِسُ عَدْساً وعَدَساناً وعُدُوساً وعَدَسَ وحَدَسَ
يَحْدِسُ: ذهب في الأَرض؛ يقال: عَدَسَتْ به المَنِيَّةُ؛ قال الكميت:
أُكَلِّفُها هَوْلَ الظلامِ، ولم أَزَلْ
أَخا اللَّيلِ مَعْدُوساً إِليَّ وعادِسا
أَي يسار إِليَّ بالليل.
ورجل عَدُوسُ الليل: قوي على السُّرَى، وكذلك الأُنثى بغير هاء، يكون في
الناس والإِبل؛ وقول جرير: لقَدْ وَلدَتْ غَسَّانَ ثالِثَةُ الشَّوى،
عَدُوسُ السُّرى، لا يَقْبَلُ الكَرْمُ جِيدُها
يعني به ضَيُعاً. وثالثة الشوى: يعني أَنها عرجاء فكأَنها على ثلاث
قوائم، كأَنه قال: مَثْلُوثَة الشوى، ومن رواه ثالِبَة الشوى أَراد أَنها
تأْكل شوى القَتْلى من الثلب، وهو العيب، وهو أَيضاً في معنى مثلوبة.
والعَدَسُ: من الحُبوب، واحدته عَدَسَة، ويقال له العَلَسُ والعَدَسُ
والبُلُسُ.والعَدَسَةُ: بَثْرَةٌ قاتلة تخرج كالطاعون وقلما يسلم منها، وقد
عُدِسَ. وفي حديث أَبي رافع: أَن أَبا لَهَبٍ رماه اللَّه بالعَدَسَةٍ؛ هي بثرة
تشبه العَدَسَة تخرج في مواضع من الجسد من جنس الطاعون تقتل صاحبها
غالباً.
وعَدَسْ وحَدَسْ: زجر للبغال، والعامَّة تقول: عَدَّ؛ قال بَيْهَس بنُ
صُرَيمٍ الجَرْمِيُّ:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ أَقُولَنْ لِبَغْلَتي:
عَدَسْ بَعْدَما طالَ السِّفارُ وكَلَّتِ؟
وأَعربه الشاعر للضرورة فقال وهو بِشْرُ بنُ سفيان الرَّاسِيُّ:
فاللَّهُ بَيْني وبَيْنَ كلِّ أَخٍ
يَقولُ: أَجْذِمْ، وقائِلٍ: عَدَسا
أجذم: زجر للفرس، وعَدَس: اسم من أَسماء البغال؛ قال:
إِذا حَمَلْتُ بِزَّتي على عَدَسْ،
على التي بَيْنَ الحِمارِ والفَرَسْ،
فلا أُبالي مَنْ غَزا أَو مَنْ جَلَسْ
وقيل: سمت العرب البغل عَدَساً بالزَّجْرِ وسَببهِ لا أَنه اسم له،
وأَصلُ عَدَسْ في الزَّجْرِ فلما كثر في كلامهم وفهم أَنه زجر له سمي به، كما
قيل للحمار: سَأْسَأْ، وهو زجر له فسمي به؛ وكما قال الآخر:
ولو تَرى إِذ جُبَّتي مِنْ طاقِ،
ولِمَّتي مِثلُ جَناحِ غاقِ،
تَخْفِقُ عندَ المَشْيِ والسِّباقِ
وقيل: عَدَسْ أَو حَدَسْ رجل كان يَعْنُف على البغالِ في أَيام سليمان،
عليه السلام، وكانت إِذا قيل لها حَدَسْ أَو عَدَس انزعجت، وهذا ما لا
يعرف في اللغة. وروى الأَزهري عن ابن أَرقم حَدَسْ مَوْضِعَ عَدَسْ قال:
وكان البغل إِذا سمع باسم حَدَسْ طار فَرَقاً فَلَهِجَ الناس بذلك،
والمعروف عند الناس عَدَسْ؛ قال: وقال يَزيدُ بنُ مُفَزِّغٍ فجعل البغلة نفسها
عَدَساً فقال:
عَدَسْ، ما لِعَبَّادٍ عَلَيْكِ إِمارَةٌ،
نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلينَ طَلِيقُ
فإِنْ تَطْرُقي بابَ الأَمِيرِ، فإِنَّني
لِكُلِّ كريمٍ ماجِدٍ لَطَرُوقُ
سَأَشْكُرُ ما أُولِيتُ مِنْ حُسْنِ نِعْمَةٍ،
ومِثْلي بِشُكْرِ المُنْعِمِينَ خَلِيقُ
وعَبَّادٌ هذا: هو عباد بن زياد بن أَبي سفيان، وكان معاوية قد ولاه
سِجِسْتانَ واستصحب يزيد بنَ مُفَرَّغٍ معه، وكره عبيد اللَّه أَخو عَبَّادٍ
استصحابه ليزيد خوفاً من هجائه، فقال لابن مفرَّغ: أَنا أَخاف أَن
يشتغلَ عنك عبادٌ فَتَهْجُوَنا فأُحِبُّ أَن لا تَعْجَل على عَبَّادٍ حتى يكتب
إِليَّ، وكان عبادٌ طويل اللحية عريضها، فركب يوماً وابن مفرّغ في
مَوْكِبِه فهَبَّتِ الريح فنَفَشَتْ لحيته، فقال يزيد بن مفزع:
أَلا لَيْتَ اللِّحى كانتْ حَشِيشاً،
فتَعْلِفَها خيولَ المُسْلِمِينا
وهجاه بأَنواع من الهجاء، فأَخذه عبيد اللَّه بن زياد فقيده، وكان يجلده
كل يوم ويعذبه بأَنواع العذاب ويسقيه الدواء المُسْهِل ويحمله على بعير
ويَقْرُنُ به خِنْزيرَة، فإِذا انسهل وسال على الخنزيرة صاءَتْ وآذته،
فلما طال عليه البلاء كتب إِلى معاوية أَبياتاً يستعطفه بها ويذكر ما حلّ
به، وكان عبيد اللَّه أَرسل به إِلى عباد بسجستان وبالقصيدة التي هجاه
بها، فبعث خَمْخَامَ مولاه على الزَّنْدِ وقال: انطلق إِلى سجستان وأَطلق
ابن مفرغ ولا تستأْمر عباداً، فأَتى إِلى سجستان وسأَل عن ابن مفرّغ
فأَخبروه بمكانه فوجده مقيداً، فأَحضر قَيْناً فكَّ قيوده وأَدخله الحمام
وأَلبسه ثياباً فاخرة وأَركبه بغلة، فلما ركبها قال أَبياتاً من جملتها: عدس
ما لعباد. فلما قدم على معاوية قال له: صنع بي ما لم يصنع بأَحدٍ من غير
حدث أَحدثته، فقال معاوية: وأَيّ حَدَث أَعظم من حدث أَحدثته في قولك:
أَلا أَبْلِغْ مُعاويةَ بنَ حَرْبٍ
مُغَلْغَلَةً عَنِ الرجُلُ اليَماني
أَتَغْضَبُ أَن يُقال: أَبُوكَ عَفٌّ،
وتَرْضى أَنْ يقالَ: أَبُوكَ زاني؟
قأَشْهَدُ أَنَّ رَحْمَك من زِيادٍ
كَرَحْمِ الفِيلِ من ولَدِ الأَتانِ
وأَشْهَدُ أَنها حَمَلَتْ زِياداً،
وصَخْرٌ من سُمَيَّةَ غيرُ داني
فحلف ابن مفرّغ له أَنه لم يقله وإِنما قاله عبد الرحمن ابن الحكم أَخو
مروان فاتخذه ذريعة إِلى هجاء زياد، فغضب معاوية على عبد الرحمن بن الحكم
وقطع عنه عطاءه.
ومن أَسماء العرب: عُدُسٌ وحُدُسٌ وعُدَسٌ. وعُدُسٌ: قبيلة، ففي تميم
بصم الدال، وفي سائر العرب بفتحها. وعَدَّاسٌ وعُدَيسٌ: اسمان. قال
الجوهري: وعُدَسٌ مثل قُثَمٍ اسم رجل، وهو زُرارَةُ بنُ عُدَسٍ، قال ابن بري:
صوابه عُدُسٌ، بضم الدال. روى ابن الأَنباري عن شيوخه قال: كل ما في العرب
عُدَسٌ فإِنه بفتح الدال، إِلا عُدُسَ ابن زيد فإِنه بضمها، وهو عُدُسُ
بن زيد بن عبد اللَّه ابن دارِمٍ؛ قال ابن بري: وكذلك ينبغي في زُرارة بن
عُدَسٍ بالضم لأَنه من ولد زيد أَيضاً. قال: وكل ما في العرب سَدُوس،
بفتح السين، إِلاَّ سُدُوسَ ابن أَصْمَعَ في طَيِّءٍ فإِنه بضمها.
ققس: جاء في الحديث في مصنَّف ابن أَبي شيبة أَن جابر ابن سَمُرة قال:
رأَيت رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، في جنازة أَبي الدِّحْداحَة وهو
راكب على فرس وهو يَتَقَوْقَس به ونحن حَوْلَه؛ فسَّره أَصحاب الحديث
أَنه ضرْب من عَدْو الخيل.
والمُقَوْقِس: صاح الإِسكندرية الذي راسَل النبي، صلى اللَّه عليه وسلم،
وأَهْدى إِليه، وفُتِحت مصرُ عليه في خلافة عمر بن الخطاب، رضي اللَّه
عنه، وهو منه؛ قال: ولم يذكر أَحد من أَهل اللغة هذه الكلمة فيما انتهى
إِلينا، واللَّه أَعلم.