من (و س ع) صيغة يمنية قديمة تقابلها في العربية الشمالية واسع: المكان البعيد.
من (و س ع) صيغة يمنية قديمة تقابلها في العربية الشمالية واسع: المكان البعيد.
شسع: شِسْعُ النعل: قِبالُها الذي يُشَدّ إِلى زِمامِها، والزِّمامُ:
السيْرُ الذيث يُعْقَدُ فيه الشِّسْعُ، والجمع شُسُوعٌ، لا يكسَّر إِلا على
هذا البناء. وشَسِعَتِ النعْلُ وقَبِلَتْ وشَرِكَتْ إِذا انقطع ذلك
منها. ويقال للرجل المنقطع الشِّسْعِ: شاسِعٌ؛ وأَنشد:
من آلِ أَخْنَسَ شاسِع النَّعْلِ
يقول: مُنْقَطِعُه. وفي الحديث: إِذا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحدِكم فلا
يَمْشِ في نَعْلٍ واحدةٍ؛ الشِّسْعُ: أَحد سُيُور النعل، وهو الذي يُدْخَلُ
بين الإِصْبَعَيْن ويُدخل طَرَفُه في الثَّقْب الذي في صدر النعل المشْدود
في الزِّمامِ، وإِنما نُهيَ عن المَشْي في نعل واحدة لئلا تكون احدى
الرجلين أَرْفَعَ من الأُخرى، ويكونََّ سبباً للعِثار ويقبُح في المَنْظَر
ويُعاب فاعله. وشَسَعَ النَّعْلَ يَشْسَعُها شَسْعاً وأَشْسَعَها: جَعَل
لها شِسْعاً. وقال أَبو الغَوْثِ: شَسَّعْتُ، بالتشديد، وربما زادوا في
الشسع نوناً؛ وأَنشد:
ويلٌ لأَجْمال الكَرِيِّ مِنِّي،
إِذا غَدَوْتُ وغَدَوْنَ، إِنِّي
أَحْدُو بها مُنْقَطِعاً شِسْعَنِّي
فأَدخل النون. وله شِسْعُ مال أَي قليل، وقيل: هو قِطْعة من إِبل وغنم،
وكله إِلى القِلَّة يُشَبَّه بِشِسْعِ النعل. وقال المفضل: الشِّسْع
جُلُّ مال الرجل. يقال: ذهب شِسْعُ مالِه أَي أَكثره؛ وأَنشد للمَرَّار:
عَداني عن بَنِيَّ وشِسْعِ مالي
حِفاظٌ شَفَّني، ودَمٌ ثقِيلُ
ويقال: عليه شِسْعٌ من المالِ ونَصِيّةٌ وعنْصُلةٌ وعِنْصِيةٌ، وهي
البَقِيَّةُ. والأَحْوَزُ: القُبَضةُ من الرِّعاء الحَسَنُ القيام على ماله،
وهو الشِّسْعُ أَيضاً، وهو الشَّيْصِيةُ أَيضاً. وفلان شِسْعُ مال إِذا
كان حَسَن القيام عليه كقولك إَبِلُ مالٍ وإِزاءُ مالٍ. وشِسْعُ المَكانِ:
طَرَفُه. يقال: حَللْنَا شِسْعَي الدَّهناءِ. وكل شيءٍ نتَأَ وشَخَصَ،
فقد شَسَعَ؛ قال بلال بن جرير:
لها شاسِعٌ تَحْتَ الثِّيابِ، كأَنه
قَفا الديك أَوْفَى عَرْفُه ثم طَرَّبا
ويروى: أَوْفى غُرْفةً.
وشَسَعَ يَشْسَعُ شُسُوعاً، فهو شاسِع وشَسُوعٌ، وشَسَعَ به
وأَشْسَعَهُ: أَبْعَدَه. والــشَّاسِعُ: المكان البعيد. وشَسَعَتْ دارُه شُسُوعاً إِذا
بَعُدَت. وفي حديث ابن أُمّ مكتوم: إِنِّي رجل شاسِعُ الدَّارِ أَي
بعيدها. وشَسِعَ الفرَسُ شَسَعاً: انْفَرَجَ ما بين ثَنِيَّته ورَباعِيَتِه،
وهو من البُعْد. والشَّسْعُ: ما ضاق من الأَرض.
بون: البَوْنُ والبُونُ: مسافةُ ما بين الشيئين؛ قال كُثيِّر عزَّة:
إذا جاوَزوا معروفَه أَسْلَمْتُهُمْ
إلى غمرةٍ... ينظرُ القومُ بُونَها
(* قوله «إلى غمرة إلخ» هكذا فيه بياض بالأصل). وقد بانَ صاحبُه
بَوْناً. والبِوانُ، بكسر الباء:
(* قوله «بكسر الباء» عبارة التكملة: والبوان
بالضم عمود الخيمة لغة في البوان بالكسر، عن الفراء). عمود من أَعْمِدة
الخِباء، والجمع أَبْوِنةٌ وبُونٌ، بالضم، وبُوَنٌ، وأَباها سيبويه.
والبُونُ: موضعٌ؛ قال ابن دريد: لا أَدري ما صحتُه. الجوهري: البانُ ضربٌ من
الشجر، واحدتها بانةٌ؛ قال امرؤُ القيس:
بَرَهْرهةٌ رُؤْدةٌ رَخْصةٌ،
كخُرْعوبةِ البانةِ المنفطِرْ
ومنه دُهْنُ البانِ، وذكره ابن سيده في بَيَنَ وعلله، وسنذكره هناك. وفي
حديث خالد: فلما أَلْقى الشامُ بَوانِيَه عزلَني واستعمل غيري أَي
خيرَه وما فيه من السَّعة والنّعْمة. ويقال: أَلقى عَصاه وأَلقي بَوانِيَه.
قال ابن الأَثير: البَواني في الأَصل أَضْلاعُ الصدْرِ، وقيل: الأَكتافُ
والقوائمُ، الواحدة بانية، قال: ومنْ حقِّ هذه الكلمة أَن تجيء في باب
الباء والنون والياء، قال: وذكرناها في هذا الباب حملاً على ظاهرها، فإنها
لم ترد حيث وردت إلا مجموعة. وفي حديث عليّ: أَلقَت السماءُ بَرْكَ
بَوانيها؛ يريدُ ما فيها من المطر. والبُوَيْن: موضع؛ قال مَعْقِل ابن
خوَيلد:لعَمْري لقد نادى المُنادي فراعَني،
غَداةَ البُوَيْنِ، من قريب فأَسْمَعا
وبُوانات: موضع؛ قال مَعْن بن أَوس:
سَرَتْ من بُواناتٍ فبَوْنٍ فأَصْبَحَتْ
بقَوْرانَ، قَورانِ الرِّصاف تُواكِله
وقال الجوهري: بُوانةُ، بالضم، اسمُ موضع؛ قال الشاعر:
لقد لَقِيَتْ شَوْلٌ، بجَنْبَيْ بُوانةٍ،
نَصِيّاً كأَعْرافِ الكَوادِنِ أَسْحَما
وقال وضَّاح اليمن:
أَيا نَخْلَتَيْ وادِي بُوانةَ حَبَّذا،
إذا نامَ حُرَّاسُ النخيلِ، جَناكما
قال: وربما جاء بحذف الهاء؛ قال الزَّفَيان:
ماذا تَذَكَّرْتُ من الأَظْعان،
طَوالِعاً من نحوِ ذي بُوانِ
قال: وأَما الذي ببلاد فارس فهو شِعْب بَوَّان، بالفتح والتشديد؛ قال
محمد بن المكرَّم: يقال إنه من أَطْيب بقاع الأَرض وأَحسَن أَماكِنِها؛
وإيّاه عَنى أَبو الطّيب المتنَبِّي بقوله:
يَقول بشِعْبِ بَوَّانٍ حِصاني:
أَعَنْ هذا يُسارُ إلى الطِّعانِ؟
أَبوكُمْ آدَمٌ سَنَّ المَعاصي،
وعَلَّمكُمْ مُفارَقةَ الجِنانِ
وفي حديث النذْر: أَن رجلاً نَذَرَ أَن يَنْحَر إبلاً
بِبُوانَةَ؛ قال ابن الأَثير: هي بضم الباء، وقيل: بفتحها، هَضْبةٌ من
وَراء يَنبُع. ابن الأَعرابي: البَوْنة البنت الصغيرة. والبَوْنة:
الفصيلة. والبَوْنة: الفراق.
طوي: الطَّيُّ: نَقِيضُ النَّشْرِ، طَوَيْته طَيّاً وطِيَّةً وَطِيَةً،
بالتخفيف؛ الأَخيرة عن اللحياني وهي نادرة، وحكى: صَحِيفة جافيَة
الطِّيَةِ، بالتخفيف أَيضاً، أَي الطَّيّ. وحكى أَبو علي: طَيَّةٌ وطُوًى
ككَوَّة وكُوًى، وطَوَيته وقد انطَوَى واطَّوَى وتَطَوَّى تَطَوِّياً، وحكى
سيبويه: تَطَوَّى انْطِواءً؛ وأَنشد:
وقد تَطَوَّيْتُ انطِواءَ الحِضْبِ
الحِضْبُ: ضربٌ من الحَيَّاتِ، وهو الوتَرُ أَيضاً، قال: وكذلك جميعُ ما
يُطْوَى. ويقال: طَوَيتُ الصَّحيفةَ أَطْوِيها طَيّاً، فالطَّيُّ
المصدرُ، وطَوَيْتُها طَيَّةً واحدة أَي مَرَّةً واحدةً. وإِنه لحَسَنُ
الطِّيَّة، بكسر الطاءِ: يريدون ضَرْباً من الطَّيِّ مثلُ الجِلسَة والمِشْيَة
والرِّكْبةِ؛ وقال ذو الرمة:
من دِمْنَةٍ نَسَفَتْ عنها الصَّبا سُفَعاً،
كما تُنَشَّرُ بعدَ الطِّيَّةِ الكُتُبُ
فكسَر الطاء لأَنه لم يُرِدْ به المَرَّة الواحدة. ويقال للحيَّة وما
يُشبِهُها: انْطَوَى يَنْطوِي انْطِواءً فهو مُنْطَوٍ، على مُنْفَعِلٍ.
ويقال: اطَّوَى يَطَّوِي اطِّواءً إِذا أَردتَ به افْتَعَل، فأَدْغمِ التاء
في الطاءِ فتقول مُطَّوٍ مُفْتَعِل. وفي حديث بناءِ الكَعْبةِ: فتَطوَّتْ
موضعَ البَيْتِ كالحَجَفَة أَي اسْتَدارَتْ كالتُّرْسِ، وهو تَفَعَّلَتْ
من الطيِّ.
وفي حديث السفَرِ: اطْوِ لَنا الأَرضَ أَي قَرِّبها لنا وسَهِّلِ
السَّيـْرَ فيها حتى لا تَطُولَ علينا فكأَنها قد طُوِيَتْ. وفي الحديث: أَن
الأَرضَ تُطْوَى بالليلِ ما لا تُطْوَى بالنَّهارِ أَي تُقْطَع مسافتُها
لأَن الإِنسان فيه أَنشَطُ منه في النهارِ وأَقدرُ على المَشْي والسيرِ
لعدمِ الحَرِّ وغيره. والطاوِي من الظِّباءِ: الذي يَطْوِي عُنُقَه عند
الرُّبوضِ ثم يَرْبِضُ؛ قال الراعي:
أَغَنّ غَضِيض الطَّرْفِ، باتَتْ تَعُلُّه
صَرَى ضَرّةٍ شَكْرى، فأَصْبَحَ طاوِيا
عَدَّى تَعُلُّ إِلى مفعولَيْن لأَن فيه معنى تَسْقِي. والطِّيَّة:
الهيئة التي يُطْوَى عليها. وأَطواءُ الثَّوْبِ والصحيفةِ والبطْنِ والشَّحمِ
والأَمعاء والحَيَّةِ وغير ذلك: طَرائِقُه ومَكاسِرُ طَيِّه، واحدُها
طِيٌّ، بالكسر، وطَيٌّ، بالفتح، وطِوًى. الليث: أَطواءُ الناقةِ طَرائقُ
شَحْمها، وقيل: طَرائِقُ شَحْمِ جَنْبَيْها وسنَامِها طَيٌّ فوق طَيٍّ.
ومَطاوي الحيَّةِ ومَطاوِي الأَمْعاءِ والثَّوْبِ والشحمِ والبطْنِ:
أَطواؤُها، والواحدُ مَطْوًى. وتَطوَّتِ الحَيَّة أَي تحوَّت. وطِوى الحيَّة:
انْطِواؤُها. ومَطاوِي الدِّرْعِ: غُضُونُها إِذا ضُمَّتْ، واحدها مِطْوىً؛
وأَنشد:
وعِنديَ حَصْداءُ مَسْرُودَةٌ،
كأَنَّ مَطاوِيَها مِبْرَدُ
والمِطْوَى: شيءٌ يُطوَى عليه الغَزْلُ. والمُنْطَوِي: الضامرُ
البَطْنِ. وهذا رجلٌ طَوِيّ البَطنِ، على فَعِلٍ، أَي ضامِرُ البَطنِ، عن ابن
السِّكِّيت؛ قال العُجَيرُ السَّلوليّ:
فقامَ فأَدنَى من وِسادِي وِسادَه
طَوِي البَطْنِ، ممشُوقُ الذراعَينِ، شَرْجَبُ وسِقاءٌ طَوٍ: طُوِيَ
وفيه بَلَلٌ أَو بَقِيَّةُ لبَنٍ فَتَغَيَّر ولَخِنَ وتَقَطَّع عَفَناً، وقد
طَوِي طَوًى. والطَّيُّ في العَرُوضِ: حَذْفُ الرابِعِ من
مُسْتَفْعِلُنْ ومَفْعُولاتُ، فيبقى مُسْتَعِلُنْ ومَفْعُلات فيُنْقَل مُسْتَعِلُنْ
إلى مُفْتَعِلُنْ ومَفْعُلات إِلى فاعلاتُ، يكون ذلك في البَسيطِ والرَّجَز
والمنْسَرِح، وربما سمي هذا الجزءُ إِذا كان ذلك مَطْوِيّاً لأَن رابعهُ
وسَطُه على الاسْتِواء فشُبِّه بالثَّوْبِ الذي يُعطَفُ من وَسَطه.
وطَوَى الرَّكِيَّة طَيّاً: عرشها بالحِجارةِ والآجُرِّ، وكذلك
اللَّبِنُ تَطْويه في البِناءِ.
والطَّوِيُّ: البئرُ المَطْوِيَّة بالحجارة، مُذَكَّر، فإِن أُنِّثَ
فَعَلى المعنى كما ذُكِّرَ البئرُ على المعنى في قوله: يا بِئرُ، يا بِئرَ
بَني عَدِيِّ
لأَنْزَحَنْ قَعْرَكِ بالدُّلِيِّ،
حتى تَعُودي أَقْطَعَ الوَلِيِّ
أَرادَ قَلِيباً أَقْطَعَ الوَلِيِّ، وجمع الطّوِيِّ البئرِ أَطواءٌ.
وفي حديث بَدْرٍ: فَقُذِفوا في طَوِيٍّ من أَطْواءِ بَدْرٍ أَي بِئرٍ
مَطوِيَّةٍ من آبارِها؛ قال ابن الأَثير: والطَّوِيُّ في الأَصْل صِفَةٌ فعيلٌ
بمعنى مَفْعول، فلذلك جَمَعُوه على الأَطْواء كَشَرِيفٍ وأَشرافٍ
ويَتِيمٍ وأَيْتامٍ، وإِن كان قد انْتَقَلَ إِلى بابِ الاسْمِيّة.
وطَوَى كَشْحَه على كذا: أَضْمَرَه وعزم عليه. وطَوَى فلانٌ كَشْحَهُ:
مَضَى لِوَجّهِه؛ قال الشاعر:
وصاحبٍ قد طَوَى كَشْحاً فَقُلْتُ له:
إِنَّ انْطِواءَكَ هذا عَنْكَ يَطْوِيني
وطَوَى عنِّي نَصِيحتَه وأَمْرَه: كَتَمه. أَبو الهيثم: يقال طَوَى
فُلانٌ فُؤادَهُ على عَزِيمةِ أَمرٍ إِذا أَسَرَّها في فُؤادِه. وطَوَى
فُلانٌ كَشْحَه: أَعْرَضَ بِودِّهِ. وطوَى فلانٌ كَشْحَه على عَدواةٍ إِذا لم
يُظْهِرْها. ويقال: طَوَى فُلانٌ حَديثاً إِلى حَديثٍ أَي لم يُخْبِرْ به
وأَسَرَّه في نفسِه فَجازَه إِلى آخر، كما يَطْوِي المُسافِرُ مَنزلاً
إِلى مَنزلٍ فلا يَنْزِلُ. ويقال: اطْوِ هذا الحديثَ أَي اكْتُمْه. وطَوَى
فلانٌ كَشْحَه عَني أَي أَعْرَضَ عَنِّي مُهاجِراً. وطَوَى كَشْحَهُ على
أَمْرٍ إذا أَخْفاه؛ قال زهير:
وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ،
فَلا هُوَ أَبْداها ولم يَتَقَدَّم
أَرادَ بالمُسْتَكِنَّةِ عَداوَةً أَكَنَّها في ضَميره. وطوَى البِلادَ
طَيّاً: قَطَعَها بلَداً عَنْ بَلَدٍ. وطوَى الله لنا البُعْدَ أَي
قرّبَه. وفلانٌ يَطْوِي البلادَ أَي يَقْطَعُها بَلداً عن بَلَدٍ. وطَوَى
المَكانَ إِلى المَكانِ: جاوَزه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
عليها ابنُ عَلاَّتٍ إِذا اجْتَسَّ مَنْزِلاً،
طَوَتْهُ نُجُومُ اللَّيْلِ، وَهْي بَلاقِعُ
أَي أَنه لا يُقِيمُ بالمَنْزِل، لا يُجاوِزُه النَّجْمُ إِلا وهو قَفْر
منه، قال: وهي بلاقِعُ لأَنه عَنَى بالمَنْزل المنازِلَ أَي إِذا
اجْتَسَّ مَنازِلَ؛ وأَنشد:
بهَا الوَجْناءُ ما تَطْوِي بماءٍ
إِلى ماءٍ، ويُمْتَلُّ السَّلِيلُ
يقول: وإِن بَقِيَتْ فإِنها لا تَبْلغُ الماءَ ومَعَها حِين بُلوغِها
فَضْلَةٌ من الماءِ الأَوَّلِ. وطَوَيْت طِيَّةً بَعُدَتْ؛ هذه عن
اللحياني؛ فأَما قول الأَعشى:
أَجَدَّ بِتَيَّا هَجْرُها وشَتاتُها،
وحُبَّ بها لو تُسْتَطاعُ طِياتُها
إِنما أَراد طِيَّاتُها فحَذَف الياء الثانية. والطِّيَّة: الناحية.
والطِّيَّةُ: الحاجة والَوطَر، والطِّيَّةُ تكونُ مَنْزِلاً وتكونُ
مُنْتَوًى. ومضى لِطيَّتِه أَي لوجهِه الذي يريدُه ولِنِيَّتِه التي انْتَواها.
وفي الحديث: لَمَّا عَرَضَ نفسَه على قَبائلِ العرب قالوا له يا محمد
اعْمِدْ لِطِيَّتِكَ أَي امْضِ لِوَجْهِكَ وقَصْدِك. ويقال: الْحَقْ
بطِيَّتِك وبنِيَّتِك أَي بحاجتِك. وطِيَّةٌ بعيدةٌ أَي شاسِعــةٌ.
والطَّوِيَّة: الضَّمِيرُ.
والطِّيَّة: الوَطَنُ والمَنْزِلُ والنِّيَّة. وبَعُدَتْ عَنَّا
طِيَّتُه: وهو المَنْزِلُ الذي انْتَواهُ، والجمع طِيَّاتٌ، وقد يُخَفَّفُ في
الشِّعْرِ؛ قال الطرمّاح:
أَصَمّ القلبِ حُوشِيّ الطِّيَاتِ
والطَّواءُ: أَن يَنْطَوِي ثَدْيا المرأَةِ فلا يَكْسِرهما الحَبَل؛
وأَنشد:
وثَدْيانِ لم يَكْسِرْ طَواءَهُما الحَبَلْ
قال أَبو حنيفة: والأَطْواءُ الأَثْناءُ في ذَنَب الجَرادة وهي
كالعُقْدَةِ، واحِدُها طِوًى.
والطَّوَى: الجُوعُ. وفي حديث فاطمة: قال لها لا أُخْدِمُكِ وأَتْرُكَ
أَهلَ الصُّفَّة تَطْوَى بطونُهم. والطَّيَّانُ: الجائعُ. ورجلٌ طَيَّانُ:
لم يأْكل شيئاً، والأُنثى طَيَّا، وجمعها طِوَاءٌ. وقد طَوِيَ يَطْوَى،
بالكسر، طَوًى وطِوًى؛ عن سيبويه: خَمُصَ من الجوعِ، فإذا تَعَمَّدَ ذلك
قيل طَوَى يَطْوِي، بالفتح، طَيّاً. الليث: الطَّيَّانُ الطاوي البطن،
والمرأَةُ طَيَّا وطاوِيةٌ. وقال: طَوَى نهارَه جائعاً يَطْوِي طَوًى، فهو
طاوٍ وطَوًى أَي خالي البَطنِ جائع لم يأْكل. وفي الحديث: يَبِيتُ
شَبْعانَ وجارُهُ طاوٍ. وفي الحديث: أَنه كان يَطْوِي بَطنَه عن جارِه أَي
يُجِيعُ نفسَه ويؤثِرُ جارَه بطعامِه. وفي الحديث: أَنه كان يَطْوِي يومين
أَي لا يأْكل فيهما ولا يَشْرَب.
وأَتيته بعد طُوًى من الليل أَي بعد ساعة منه.
ابن الأَعرابي: طَوَى إِذا أَتى، وطَوَى إِذا جاز، وقال في موضع آخر:
الطَّيُّ الإِتيانُ والطَّيُّ الجوازُ؛ يقال: مَرَّ بنا فَطَوانا أَي
جَلَسَ عندنا، ومَرَّ بنا فطَوانا أَي جازَنا.
وقال الجوهري: طُوًى اسم موضِعٍ بالشأْم، تُكْسَرُ طاؤُه وتُضَمُّ
ويُصْرَفُ ولا يُصْرَف، فمن صَرَفَه جَعلَه اسمَ وادٍ ومكانٍ وجَعَله نكرَةً،
ومن لم يَصْرِفْه جَعَلَه اسم بَلْدة وبُقْعَة وجَعَله معرفة؛ قال ابن
بري: إِذا كان طُوًى اسْماً للوادي فهو عَلم له، وإِذا كان اسماً عَلَماً
فليس يَصِحُّ تَنْكيرُه لتَبايُنِهما، فمن صَرَفه جعله اسماً للمكان، ومن
لم يَصْرفه جعله اسماً للبُقْعة، قال: وإذا كان طُوًى وطِوًى، وهو الشيء
المَطْوِيّ مرتين، فهو صفة بمنزلة ثُنًى وثِنًى، وليس بعَلَمٍ لشيءٍ، وهو
مَصْروفٌ لا غيرُ كما قال الشاعر:
أَفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً؟
لعَمْري لقد كانت مَلامَتُها ثِنَى
وقال عديّ بن زيد:
أَعاذِل، إِنَّ اللَّوْمَ في غيرِ كُنْهِه،
عليَّ طُِوىً من غَيِّك المُتَرَدِّد
ورأَيت في حاشية نسخة من أَمالي ابن بري: إِن الذي في شعر عَدِيّ:
عَليَّ ثِنًى من غَيِّك. ابن سيده: وطُوًى وطِوًى جَبَلٌ بالشام، وقيل: هو
وادٍ في أَصلِ الطُّورِ. وفي التنزيل العزيز: إنك بالوادِي المُقَدَّسِ
طُوًى؛ قال أَبو إِسحق: طُوًى اسمُ الوادي، ويجوز فيه أَربعة أَوجه: طُوَى،
بضم الطاء بغير تنوين وبتنوين، فمن نَوَّنه فهو اسم للوادي أَو الجَبَل،
وهو مذكَّر سمي بمذكَّرٍ على فُعَلٍ نحو حُطَمٍ وصُرَدٍ، ومن لم
يُنَوِّنْه تركَ صَرْفَه من جهتين: إِحداهما أَن يكون مَعْدُولاً عن طاوٍ فيصير
مثلَ عُمَرَ المعدولِ عن عامرٍ فلا ينصرف كما لا ينصرف عُمَر، والجهة
الأُخرى أَن يكون اسماً للبُقْعة كما قال في البُقْعة المُبارَكَةِ من
الشَّجَرة، وإذا كُسر فَنُوِّن فهو طِوًى مثلُ مِعىً وضِلَعٍ، مصروفٌ، ومن لم
يُنَوِّن جعلَه اسماً للبُقْعة، قال: ومن قرأَ طِوًى، بالكسر، فعلى معنى
المُقَدَّسة مرة بعد مرة كما قال طرفة، وأَنشد بيت عدي بن زيد المذكور
آنِفاً، وقال: أَرادَ اللَّوْمَ المكَرَّرَ عليَّ. وسُئل المُبَرِّد عن وادٍ
يقال له طُوًى: أَتَصْرِفُه؟ قال: نعم لأَن إِحدى العِلَّتين قد
انْخَرَمت عنه. وقرأَ ابن كُثيرٍ ونافعٌ وأَبو عمرو ويعقوب الحَضْرَميّ: طُوَى
وأَنا وطُوَى اذْهَبْ، غيرَ مُجْرًى، وقرأَ الكسائيُّ وعاصمٌ وحمزة وابنُ
عامر: طُوًى، مُنَوَّناً في السورتين. وقال بعضهم طُوًى مثل طِوًى، وهو
الشيء المَثْنِيُّ. وقالوا في قوله تعالى: بالوادي المُقَدَّسِ طُوًى؛ أَي
طُوِيَ مرتين أَي قُدِّسَ، وقال الحسن: ثُنِيَتْ فيه البَرَكة
والتَّقْدِيسُ مرتين. وذو طُوًى، مقصور: وادٍ بمكة، وكان في كتاب أَبي زيد ممدوداً،
والمعروف أَن ذا طُوًى مقصور وادٍ بمكة. وذو طُواءٍ، ممدود: موضع بطريق
الطائفِ، وقيل: وادٍ. قال ابن الأَثير: وذو طُوًى، بضم الطاء وفتح الواو
المخففة، موضع عند باب مكة يُسْتحب لمن دخل مكة أَن يَغْتَسِلَ به. وما
بالدار طُوئيٌّ بوزن طُوعِيٍّ وطُؤوِيٌّ بوزن طُعْوِيٍّ أَي ما بها
أَحَدٌ، وهو مذكورٌ في الهَمْزة. والطَّوُّ: موضِعٌ.
وطَيِّءٌ: قَبيلة، بوزن فَيْعِلٍ، والهمزة فيها أَصلية، والنسبة إِليها
طائيٌّ لأَنه نُسِبَ إِلى فعل فصارت الياء أَلِفاً وكذلك نسبوا إِلى
الحيرة حارِيّ لأَن النسبة إِلى فعل فعليّ كما قالوا في رجل من النَّمِر
نَمَرِيٌّ
(*
قوله« من النمر نمري» تقدم لنا في مادة حير كما نسبوا إلى التمر تمري
بالتاء المثناة والصواب ما هنا.)، قال: وتأْليفُ طَيِّءٍ من همزة وطاء وياء،
وليست من طَوَيْت فهو مَيِّتُ التَّصْرِيف. وقال بعض النسَّابِينَ:
سُمِّيت طَيِّءٌ طَيّئاً لأَنه أَوّلُ من طَوَى المَناهِلَ أَي جازَ
مَنْهَلاً إِلى منهل آخر ولم يَنْزِلْ.
والطاءُ: حرفُ هِجاءٍ من حُرُوفِ المُعْجَمِ، وهو حَرْفٌ مَجْهُورٌ
مُسْتَعْلٍ، يكون أَصلاً وبَدَلاً، وأَلفُها تَرْجِع إِلى الياء، إِذا
هَجَّيْتَه جَزَمْتَه ولم تُعْرِبْهُ كما تقول طَ دَ مُرْسَلَةَ اللَّفْظِ بلا
إِعْرابٍ، فإِذا وَصَفْتَه وصَيَّرْتَه اسْماً أَعْرَبْتَه كما تُعْرِبُ
الاسم، فتقولُ: هذه طاءٌ طَويلَةٌ، لمَّا وَصَفْتَه أَعْرَبْتَه. وشُعرٌ
طاوِيٌّ: قافِيَتُه الطاء.
حصد: الحَصْدُ: جزك البر ونحوه من النبات.
حَصَدَ الزرع وغيره من النبات يَحْصِدُه ويَحْصُدُه حَصْداً وحَصاداً
وحِصاداً؛ عن اللحياني: قطعه بالمِنْجَلِ؛ وحَصَده واحتصده بمعنى واحد.
والزرع محصود وحَصِيدٌ وحَصِيدَةٌ وحَصَدٌ، بالتحريك؛ ورجل حاصد من قوم
حَصَدةٍ وحُصَّاد.
والحَصَاد والحِصاد: أَوانُ الحَصْد. والحَِصَادُ والحَصِيدُ والحَصَد:
الزرع والبر المحصود بعدما يحصد؛ وأَنشد:
إِلى مُقْعَدات تَطْرَحُ الريحُ بالضحى،
عليهنَّ رَفْضاً من حَصَادِ القُلاقل
وحَصاد كل شجرة: ثمرتها. وحَصاد البقول البرية: ما تناثر من حبتها عند
هَيْجها. والقلاقل: بقلة برية يشبه حبها حب السمسم ولها أَكمام كأَكمامها؛
وأَراد بحصاد القلاقل ما تناثر منه بعد هيجه. وفي حديث ظبيانَ: يأْكلون
حَصِيدَها؛ الحصيد المحصود فعيل بمعنى مفعول. وأَحْصَدَ البر والزرع: حان
له أَن يُحصد؛ واسْتَحْصَد: دعا إِلى ذلك من نفسه. وقال ابن الأَعرابي:
أَحصد الزرع واستحصد سواء.
والحَصِيد: أَسافل الزرع التي تبقى لا يتمكن منها المِنْجل. والحَصِيد:
المَزْرَعَة لأَنها تُحْصَد؛ الأَزهري: الحصيدة المزرعة إِذا حصدت كلها،
والجمع الحصائد. والحصيدُ: الذي حَصَدَتْه الأَيدي؛ قاله أَبو حنيفة،
وقيل هو الذي انتزعته الرياح فطارت به.
والمُحْصدُ: الذي قد جف وهو قائم.
والحَصَدُ: ما أَحصَدَ من النبات وجف؛ قال النابغة:
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ،
فيه رُكام من اليَنْبوتِ والحَصَدِ
(* في ديوان النابغة: والخَضَد).
وقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حَصاده؛ يريد، والله أَعلم، يوم حَصْده
وجزازه.
يقال: حِصاد وحَصاد وجِزاز وجَزاز وجِداد وجَداد وقِطاف وقَطاف، وهذان
من الحِصاد والحَصاد.
وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن حَِصاد الليل وعن جداده؛
الحَِصاد، بالفتح والكسر: قَطْعُ الزرع؛ قال أَبو عبيد: إِنما نهى عن ذلك
ليلاً من أَجل المساكين لأَنهم كانوا يحضرونه فيتصدق عليهم؛ ومنه قوله
تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً فهو فرار من الصدقة؛
ويقال: بل نهى عن ذلك لأَجل الهوام أَن تصيب الناس إِذا حَصَدوا ليلاً. قال
أَبو عبيد: والقول الأَول أَحبُّ إِليّ.
وقول الله تعالى: وحَبَّ الحصيد؛ قال الفراء: هذا مما أُضيف إِلى نفسه
وهو مثل قوله تعالى: إِن هذا لهو حق اليقين؛ ومثله قوله تعالى: ونحن أَقرب
إِليه من حبل الوريد؛ والحبل: هو الوريد فأُضيف إِلى نفسه لاختلاف لفظ
الاسمين. وقال الزجاج: نصب قوله وحبَّ الحصيد أَي وأَنبتنا فيها حب الحصيد
فجمع بذلك جميع ما يقتات من حب الحنطة والشعير وكل ما حصد، كأَنه قال:
وحب النبت الحصيد؛ وقال الليث: أَراد حب البر المحصود، قال الأَزهري: وقول
الزجاج أَصح لأَنه أَعم.
والمِحْصَدُ، بالكسر: المنجل. وحَصَدَهم يَحْصَِدُهم حَصْداً: قتلهم؛
قال الأَعشى:
قالوا البَقِيَّةَ، والهنْدِيُّ يَحْصُدُهم،
ولا بَقِيَّةَ إِلاَّ الثَّارُ، وانكَشَفوا
وقيل للناس: حَصَدٌ، وقوله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين، مِن هذا؛
هؤلاء قوم قتلوا نبيّاً بعث إِليهم فعاقبهم الله وقتلهم ملك من ملوك
الأَعاجم فقال الله تعالى: حتى جعلناهم حصيداً خامدين؛ أَي كالزرع المحصود.
وفي حديث الفتح: فإِذا لقيتموهم غداً أَن تحْصُدوهم حَصْداً أَي تقتلوهم
وتبالغوا في قتلهم واستئصالهم، مأْخوذ من حَصْدِ الزرع؛ وكذلك قوله:
يزرعها اللَّهُ من جَنْبٍ ويَحْصُدُها،
فلا تقوم لما يأْتي به الصُّرَمُ
كأَنه يخلقها ويميتها، وحَصَدَ الرجلُ حَصْداً؛ حكاه اللحياني عن أَبي
طيبة وقال: هي لغتنا، قال: وإِنما قال هذا لأَن لغة الأَكثر إِنما هو
عَصَدَ.
والحَصَدُ: اشتداد الفتل واستحكام الصناعة في الأَوتار والحبال والدروع؛
حبل أَحْصَدُ وحَصِدٌ ومُحْصَدٌ ومُسْتَحْصِدٌ؛ وقال الليث: الحَصَدُ
مصدرُ الشيء الأَحْصَدِ، وهو المحكم فتله وصنعته من الحبال والأَوتار
والدروع. وحبل مُحْصَدٌ أَي محكم مفتول. وحَصِد، بكسر الصاد، وأَحصدت الحبل:
فتلته. ورجل مُحْصَدُ الرأْي: محكمه سديده، على التشبيه بذلك، ورأْي
مُسْتَحْصَدٌ: محكم؛ قال لبيد:
وخَصْمٍ كنادي الجنِّ، أَسقطت شَأْوَهم
بمُسْتَحْصَدٍ ذي مِرَّة وضُروع
أَي برأْي محكم وثيق. والصُّروع والضُّروع: الضُّروب والقُوَى. واستحصد
أَمر القوم واستحصف إِذا استحكم. واستَحْصَل الحبل أَي استحكم. ويقال
للخَلْقِ الشديد: أَحْصَدُ مُحْصَدٌ حَصِدٌ مُسْتَحْصِد؛ وكذلك وتَرٌ أَحصد:
شديد الفتل؛ قال الجعدي:
مِنْ نَزِعٍ أَحْصَدَ مُسْتأْرِب
أَي شديد محكم؛ وقال آخر:
خُلِقْتَ مشروراً مُمَرّاً مُحْصَدا
واسْتَحْصَدَ حَبْله: اشتدّ غضبه. ودرع حَصداء: صلبة شديدة محكمة.
واستحصد القوم أَي اجتمعوا وتضافروا.
والحَصَادُ: نبات ينبت في البَرَّاق على نِبْتَة الخافورِ يُخْبَطُ
للغَنَم. وقال أَبو حنيفة: الحَصادُ يشبه السَّبَطَ؛ قال ذو الرمة في وصف ثور
وحشي:
قاظَ الحَصادَ والنَّصِيَّ الأَغْيَدا
والحَصَدُ: نبات أَو شجر؛ قال الأَخطل:
تَظَلُّ فيه بناتُ الماءِ أَنْجِيَةً،
وفي جَوانبه اليَنْبوتُ والحَصَدُ
الأَزهري: وحَصاد البَرْوَق حبة سوداء؛ ومنه قول ابن فَسْوَة:
كأَنَّ حَصادَ البَرْوَق الجَعْدِ حائلٌ
بِذِفْرَى عِفِرْناةٍ، خلافَ المُعَذَّرِ
شبه ما يقطر من ذفراها إِذا عرقت بحب البروَق الذي جعله حصاده، لأَن ذلك
العرق يتحبب فيقطر أَسود. وروي عن الأَصمعي: الحصاد نبت له قصب ينبسط في
الأَرض وُرَيْقُه على طَرَف قَصَبه؛ وأَنشد بيت ذي الرمة في وصف ثور
الوحش. وقال شمر: الحَصَدُ شجر؛ وأَنشد:
فيه حُطام من اليَنْبُوت والحَصَد
ويروى: والخَضَد وهو ما تثنى وتكسر وخُضِدَ.
الجوهري: الحَصادُ والحَصَدُ نبتان، فالحصاد كالنَّصِيِّ والحصد شجر،
واحدته حَصَدَةٌ. وحصائد الأَلسنة التي في الحديث: هو ما قيل في الناس
باللسان وقطع به عليهم. قال الأَزهري: وفي الحديث: وهل يكبّ الناس على
مناخرهم في النار إِلاَّ حصائد أَلسنتهم؟ أَي ما قالته الأَلسنة وهو ما
يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حَصيدَةٌ تشبيهاً بما يُحْصَدُ من
الزرع إِذا جذ، وتشبيهاً للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد
به.
وحكى ابن جني عن أَحمد بن يحيى: حاصود وحواصيد ولم يفسره، قال ابن سيده:
ولا أَدري ما هو.
حوط: حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً وحِيطةً وحِياطةً: حَفِظَه وتعَهَّده؛ وقول
الهذلي:
وأَحْفَظُ مَنْصِبي وأَحُوطُ عِرْضِي،
وبعضُ القومِ ليسَ بذِي حِياطِ
أَراد حِياطة، وحذف الهاء كقول اللّه تعالى: وإِقامِ الصلاة، يريد
الإِقامة، وكذلك حَوَّطه؛ قال ساعدة ابن جُؤَيّةَ:
عليَّ وكانُوا أَهلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ
ومَجْدٍ، إِذا ما حُوِّطَ المَجْدُ نائل
(* قوله «حوط المجد» وقوله «ويروى حوص» كذا في الأصل مضبوطاً.)
ويروى: حُوِّصَ، وهو مذكور في موضعه. وتَحَوَّطَه: كَحَوَّطَه.
واحْتاطَ الرجلُ: أَخذ في أُموره بالأَحْزَم. واحْتاط الرجل لنفسه أَي
أَخذ بالثِّقة. والحَوْطةُ والحَيْطةُ: الاحْتِياطُ. وحاطَه اللّه حَوْطاً
وحِياطةً، والاسم الحَيْطةُ والحِيطة: صانه وكَلأَه ورَعاه. وفي حديث
العباس: قلت يا رسول اللّه ما أَغْنَيْتَ عن عمك، يعني أَبا طالب، فإِنه
كان يَحُوطُك؟ حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً إِذا حفظه وصانه وذبَّ عنه وتَوفَّرَ
على مصالحِهِ. وفي الحديث: وتُحِيطُ دَعْوَتُه من وَرائهم أَي تُحْدِقُ
بهم من جميع نَواحِيهم. وحاطَه وأَحاط به، والعَيْرُ يَحُوطُ عانَتَه:
يجمعها.
والحائطُ: الجِدار لأَنه يَحُوطُ ما فيه، والجمع حِيطانٌ، قال سيبويه:
وكان قِياسُه حُوطاناً، وحكى ابن الأَعرابي في جمعه حِياطٌ كقائمٍ وقِامٍ،
إِلا أَن حائطاً قد غلب عليه الاسم فحكمه أَن يكسّر على ما يكسر عليه
فاعل إِذا كان اسماً؛ قال الجوهري: صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ قال
ابن جني: الحائط اسم بمنزلة السَّقْف والرُّكْنن وإن كان فيه معنى
الحَوْط. وحَوْطَ حائطاً: عمله. وقال أَبو زيد: حُطْتُ قومي وأَحَطْتُ الحائطَ؛
وحَوَّطَ حائطاً: عمله. وحَوَّطَ كَرْمَه تحْويطاً أَي بنَى حوْلَه
حائطاً، فهو كرم مُحَوَّط، ومنه قولهم: أَنا أُحَوِّطُ حول ذلك الأَمر أَي
أدُورُ.
والحُوَّاطُ: حَظِيرة تتخذ للطّعام لأَنها تَحُوطُه. والحُوَّاطُ: حظيرة
تتخذ للطعام أَو الشيء يُقْلَعُ عنه سريعاً؛ وأَنشد:
إِنّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنّاطِ
مَذْمُومةً لَئِيمةَ الحُوّاطِ
والحُواطةُ: حظيرة تتخَذ للطعام، والحِيطةُ، بالكسر: الحِياطةُ، وهما من
الواو. ومع فلان حِيطةٌ لك ولا تقل عليك أَي تَحَنُّنٌ وتعَطُّفٌ.
والمَحاطُ: المكان الذي يكون خلف المالِ والقومِ يَسْتَدِير بهم ويَحُوطُهم؛
قال العجاج:
حتى رأَى من خَمَرِ المَحاطِ
وقيل: الأَرض المَحاط التي علَيها حائطٌ وحَديقةٌ، فإِذا لم يُحَيَّطْ
عليها فهي ضاحيةٌ. وفي حديث أَبي طلحة: فإِذا هو في الحائط وعليه خَميصةٌ؛
الحائطُ ههنا البُسْتانُ من النخيل إِذا كان عليه حائط، وهو الجِدارُ،
وتكرَّر في الحديث، وجمعه الحوائطُ. وفي الحديث: على أَهلِ الحَوائطِ
حِفْظُها بالنهار، يعني البَساتِينَ، وهو عامٌّ فيها.
وحُوَّاطُ الأَمرِ: قِوامُه. وكلُّ من بلغ أَقْصَى شيء وأَحْصَى
عِلْمَه، فقد أَحاطَ به. وأَحاطَتْ به الخيلُ وحاطَتْ واحْتاطَتْ: أَحْدَقَتْ،
واحتاطت بفلان وأَحاطت إِذا أَحدقت به. وكلُّ من أَحْرَز شيئاً كلَّه
وبلَغ عِلْمُه أَقْصاه، فقد أَحاطَ به. يقال: هذا الأَمْر ما أَحَطْتُ به
عِلماً. وقوله تعالى: واللّه مُحِيطٌ بالكافرين؛ أَي جامعهم يوم القيامة.
وأَحاطَ بالأَمر إِذا أَحْدَقَ به من جَوانِبِه كلِّه. وقوله تعالى: واللّه
من ورائهم مُحِيطٌ؛ أَي لا يُعْجِزُه أَحَدٌ قدرته مشتملة عليهم.
وحاطَهم قَصاهُم وبِقَصاهُم: قاتَلَ عنهم. وقوله تعالى: أَحَطْتُ بما لم تُحِطْ
به؛ أَي علمته من جميع جهاتِه. وأَحاطَ به: عَلِمَه وأَحاطَ به عِلْماً.
وفي الحديث: أَحَطْت به عِلماً أَي أَحْدَقَ عِلْمِي به من جميع جهاته
وعَرفَه.
ابن بزرج: يقولون للدَّراهم إِذا نقَصت في الفرائض أَو غيرها هَلُمَّ
حِوَطَها، قال: والحِوَطُ ما تُتَمِّمُ به الدَّراهم.
وحاوَطْتُ فلاناً مُحاوَطةً إِذا داورْتَه في أَمر تُريدُه منه وهو
يأْباه كأَنك تَحُوطُه ويَحُوطُك؛ قال ابن مقبل:
وحاوَطْتُه حتى ثَنَيْتُ عِنانَه،
على مُدْبِرِ العِلْباء رَيَّانَ كاهِلُهْ
وأُحِيطَ بفلان إِذا دَنا هلاكُه، فهو مُحاطٌ به. قال اللّه عزّ وجلّ:
وأُحِيطَ بثمره فأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كفَّيه على ما أَنفَق فيها؛ أَي
أَصابَه ما أَهْلَكَه وأَفْسده. وقوله تعالى: إِلا أَن يُحاطَ بكم؛ أَي
تؤْخَذُوا من جَوانِبِكم، والحائط من هذا. وأَحاطَتْ به خَطِيئته أَي مات على
شِرْكِه، نعوذ باللّه من خاتمةِ السُّوء.
ابن الأَعرابي: الحَوْطُ خَيْطٌ مفْتول من لَوْنين: أَحمر وأَسود، يقال
له البَرِيمُ، تشدُّه المرأَة على وسَطها لئلا تُصيبها العين، فيه
خَرَزات وهِلالٌ من فضَّة، يسمى ذلك الهِلالُ الحَوْطَ ويسمَّى الخَيْطُ به.
ابن الأَعرابي: حُطْ حُطْ إِذا أَمرته أَن يُحَلِّيَ صِبْيةً بالحَوْط، وهو
هِلالٌ من فضَّة، وحُطْ حُطْ إِذا أَمرته بصلة الرحم.
وحَوْطُ الحَظائر: رجل من النَّمِر بن قاسط وهو أَخو المُنْذِر بن امرئ
القيس لأُمه جدّ النعمان بن المنذر. وتَحُوطُ وتَحِيطُ وتُحِيطُ
والتَّحُوطُ والتَّحِيطُ، كله: اسم للسنة الشديدة.
حقل: الحَقْل: قَرَاح طَيّب، وقيل: قَرَاح طيب يُزْرَع فيه، وحكى بعضهم
فيه الحَقْلة. أَبو عمرو: الحَقْل الموضع الجادِس وهو الموضع البِكْرُ
الذي لم يُزْرَع فيه قط. وقال أَبو عبيد: الحَقْل القَرَاح من الأَرض. ومن
أَمثالهم: لا يُنْبِت البَقْلة إِلا الحَقْلة، وليست الحَقْلة بمعروفة.
قال ابن سيده: وأُراهم أَنَّثُوا الحَقْلة في هذا المثل لتأْنيث البَقْلة
أَو عَنَوا بها الطائفة منه، وهو يضرب مثلاً للكلمة الخسيسة تخرج من
الرجل الخسيس. والحَقْل: الزرع إِذا اسْتَجْمَع خروجُ نباته، وقيل: هو إِذا
ظهر ورقه واخْضَرَّ؛ وقيل: هو إِذا كثر ورقه، وقيل: هو الزرع ما دام
أَخضر، وقد أَحْقَل الزرعُ، وقيل: الحَقْل الزَّرع إِذا تَشَعَّب ورقُه من قبل
أَن تَغْلُظ سوقه، ويقال منها كُلِّها: أَحْقَل الزرعُ وأَحْقَلَت
الأَرضُ؛ قال ابن بري: شاهده قول الأَخطل:
يَخْطُر بالمِنْجَل وَسْطَ الحَقْلِ،
يَوْم الحَصَاد، خَطَرَانَ الفَحْلِ
وفي الحديث: ما تصنعون بمحَاقِلِكم أَي مَزَارعكم، واحدتها مَحْقَلة من
الحَقْل الزرعِ، كالمَبْقَلة من البَقْل. قال ابن الأَثير: ومنه الحديث
كانت فينا امرأَة تَحْقِل على أَرْبعاءَ لها سِلْقاً، وقال: هكذا رواه بعض
المتأخرين وصوّبه أَي تَزْرع، قال: والرواية تَزْرَع وتَحْقِل؛ وقال
شمر: قال خالد بن جَنْبَة الحَقْل المَزْرَعة التي يُزْرَع فيها البُرُّ؛
وأَنشد:
لَمُنْداحٌ من الدَّهْنَا خَصِيبٌ،
لِتَنْفَاح الجَنوبِ به نَسيم
أَحَبُّ إِليَّ من قُرْيان حِسْمَى،
ومن حَقْلَيْن بينهما تُخُوم
وقال شمر: الحَقْلُ الروضة، وقالوا: موضع الزرْع. والحاقِلُ: الأَكَّار.
والمَحاقِل: المَزَارع.
والمُحاقَلة: بيع الزرع قبل بدوّ صلاحه، وقيل: بيع الزرع في سُنْبُله
بالحِنْطة، وقيل: المزارعة على نصيب معلوم بالثلث والربع أَو أَقل من ذلك
أَو أَكثر وهو مثل المُخابَرة، وقيل: المُحاقلة اكتراء الأَرض بالحِنْطة
وهو الذي يسميه الزَّرّاعون المُجارَبة؛ ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم،
عن المُحاقَلة وهو بيع الزرع في سنبله بالبُرّ مأْخوذ من الحقل القَراحِ.
وروي عن ابن جريج قال: قلت لعطاء ما المُحاقَلة؟ قال: المُحاقَلة بيع
الزرع بالقَمْح؛ قال الأَزهري: فإِن كان مأْخوذاً من إِحْقال الزرع إِذا
تَشَعَّب فهو بيع الزرع قبل صلاحه، وهو غَرَر، وإِن كان مأْخوذاً من
الحَقْل وهو القَرَاح وباع زرعاً في سنبله نابتاً في قَراح بالبُرّ، فهو بيع
بُرٍّ مجهول بِبُرٍّ معلوم، ويدخله الربا لأَنه لا يؤمن التفاضل، ويدخله
الغَرَر لأَنه مُغَيَّب في أَكمامه. وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي
قال: الحَقْل بالحَقْل أَن يبيع زرعاً في قَرَاح بزرع في قَراح؛ قال ابن
الأَثير: وإِنما نهى عن المُحَاقَلة لأَنهما من المَكِيل ولا يجوز فيه إِذا
كانا من جنس واحد إِلا مِثْلاً بمثل، ويداً بيد، وهذا مجهول لا يدري
أَيهما أَكثر، وفيه النسيئة. والمُحَاقَلة، مُفَاعلة من الحَقْل: وهو الزرع
الذي يزرع إِذا تَشَعَّب قبل أَن تَغْلُظ سُوقُه، وقيل: هو من الحَقْل وهي
الأَرض التي تُزْرَع، وتسميه أَهل العراق القَرَاح.
والحَقْلة والحِقْلة؛ الكسر عن اللحياني: ما يبقى من الماء الصافي في
الحوض ولا ترى أَرضه من ورائه. والحَقْلة: من أَدواء الإِبل؛ قال ابن سيده:
ولا أَدري أَيّ داء هو، وقد حَقِلَت تَحْقَل حَقْلة وحَقَلاً؛ قال رؤبة
يمدح بلالاً ونسبه الجوهري للعجاج:
يَبْرُق بَرْق العارِضِ النَّغَّاص
ذَاكَ، وتَشْفي حَقْلة الأَمْراض
وقال رؤبة:
في بطنه أَحْقاله وبَشَمُه
وهو أَن يشرب الماء مع التراب فيَبْشمَ. وقال أَبو عبيد: مِنْ أَكلِ
التراب مع البَقْل، وقد حَقِلَت الإِبِلُ حَقْلة مثل رَحِمَ رَحْمة، والجمع
أَحْقال. قال ابن بري: يقال الحَقْلة والحُقال، قال: ودواؤه أَن يوضع على
الدابة عدة أَكسية حتى تَعْرَق، وحَقِل الفرسُ حَقَلاً: أَصابه وَجَع في
بطنه من أَكل التراب وهي الحَقْلة. والحِقْل: داء يكون في البطن.
والحِقْل والحُقال والحَقِيلة: ماء الرُّطْب في الأَمعاء، والجمع حقائل؛
قال:إِذا العَرُوض اضْطَمَّت الحَقائلا
وربما صيره الشاعر حقلاً؛ قال الأَزهري: أَراد بالرُّطْب البقول
الرَّطْبة من العُشْب الأَخضر قبل هَيْج الأَرض، ويَجْزَأُ المالُ حينئذ
بالرُّطْب عن الماء، وذلك الماء الذي تَجْزَأُ به النَّعَم من البُقول يقال له
الحَقْل والحَقِيلة، وهذا يدل على أَن الحَقْل من الزرع ما كان رَطْباً
غَضًّا. والحَقِيلة: حُشافة التَّمْر وما بَقِيَ من نُفاياته؛ قال
الأَزهري: لا أَعرف هذا الحرف وهو مُريب.
والحَقِيل: نبْتٌ؛ حكاه ابن دريد وقال: لا أَعرف صحته. وحَقِيل: موضع
بالبادية؛ أَنشد سيبويه:
لها بحَقِيلٍ فالنُّمَيْرةِ مَنْزِلٌ،
تَرَى الوَحْشَ عُوذاتٍ به ومَتالِيا
وحَقْل: واد بالحجاز. والحَقْل، بالأَلف واللام: موضع؛ قال ابن سيده:
ولا أَدري أَين هو.
والحَوْقَلة: سرعة المَشْي ومقارَبةُ الخَطْو، وقال اللحياني: هو
الإِعْياء والضعف؛ وفي الصحاح: حَوْقَلَ حَوْقَلة وحِيقالاً إِذا كَبِر وفَتَر
عن الجماع. وحَوْقَل الرجلُ إِذا مشى فأَعْيا وضَعُف. وقال أَبو زيد:
رَجُل حَوْقَل مُعْيٍ، وحَوْقَل إِذا أَعْيا؛ وأَنشد:
مُحَوْقِلٌ وما به من باس
إِلاَّ بَقايا غَيْطَل النُّعَاس
وفي النوادر: أَحْقَل الرجلُ في الركوب إِذا لزِم ظهر الراحلة. وحَوْقَل
الرجلُ: أَدْبَر، وحَوْقَل: نام، وحَوْقَل الرجلُ: عَجَز عن امرأَته عند
العُرْس. والحَوْقَل: الشيخ إِذا فَتَر عن النكاح، وقيل: هو الشيخ
المُسِنُّ من غير أَن يُخَصَّ به الفاتر عن النكاح. وقال أَبو الهيثم:
الحَوْقَل الذي لا يقدر على مجامعة النساء من الكِبَر والضعف؛ وأَنشد:
أَقولُ: قَطْباً ونِعِمًّا، إِنْ سَلَق
لِحَوْقَلٍ، ذِراعُه قد امَّلَق
(* قوله «اقول قطباً إلخ» أورده الجوهري:
وحوقل ذراعه قد املق * يقول قطباً ونعماً ان سلق)
والحَوْقَل: ذَكَر الرَّجُل. الليث: الحَوْقَلة الغُرْمول اللَّيِّن،
وهو الدَّوْقَلة أَيضاً. قال الأَزهري: هذا غَلَطٌ غَلِطَ فيه الليث في
لفظه وتفسيره: والصواب الحَوْفَلة، بالفاء، وهي الكَمَرة الضَّخْمة مأْخوذة
من الحَقْل، وهو الاجتماع والامتلاء، وقال: قال أَبو عمرو وابن الأَعرابي
قال: والحَوْقَلة: بالقاف، بهذا المعنى خطأٌ. الجوهري: الحَوْقَلة
الغُرْمول اللَّيِّن، وفي المتأَخرين من يقوله بالفاء، ويزعم أَنه الكَمَرة
الضَّخْمة ويجعله مأْخوذاً من الحَفْل وما أَظنه مسموعاً، قال: وقلت لأَبي
الغوث ما الحَوْقَلة؟ قال: هَنُ الشيخ المُحَوْقِل. وحَوْقَل الشيخُ:
اعتمد بيديه على خَصْرَيْه؛ قال:
يا قومِ، قد حَوْقَلْتُ أَو دَنَوْتُ
وبَعْدَ حِيقالِ الرِّجالِ المَوْتُ
ويروى: وبَعْدَ حَوْقال، وأَراد المصدر فلما استوحش من أَن تصير الواو
ياء فَتَحه. وحَوْقَله: دَفَعَه. والحَوْقَلة: القارورة الطويلة العُنُق
تكون مع السَّقَّاء.
والحَيْقَل: الذي لا خير فيه، وقيل: هو اسم؛ وأَما قول الراعي:
وأَفَضْنَ بعد كُظومِهِنَّ بحَرّة،
من ذي الأَبارق، إِذ رَعَيْن حَقِيلا
فهو اسم موضع؛ قال ابن بري: كُظومهن إِمساكهن عن الحَرَّة، وقيل:
حَقِيلاً نَبْتٌ، وقيل: إِنه جَبَل من ذي الأَبارق كما تقول خرج من بغداد
فتزوّد من المُخَرِّم، والمُخَرِّم من بغداد، ومثله ما أَنشده سيبويه في باب
جمع الجمع:
لها بحَقِيل فالنُّمَيرة منزِلٌ،
ترى الوَحْشَ عُوذاتٍ به ومتاليا
وقد تقدم.
ويقال: احْقلْ لي من الشراب، وذلك من الحِقْلة والحُقْلة، وهو ما دون
مِلْءِ القَدَح. وقال أَبو عبيد: الحِقْلة الماء القليل. وقال أَبو زيد:
الحِقْلة البَقِيَّة من اللبن وليست بالقَلِيلة.
حتم: الحَتْمُ: القضاء؛ قال ابن سيده: الحَتْمُ إِيجاب القَضاء. وفي
التنزيل العزيز. كان على ربك حَتْماً مَقْضِيّاً؛ وجمعه حُتُومٌ؛ قال
أُمَيَّةُ بن أَبي الصَّلْتِ:
حَنَانَيْ رَبِّنا، وله عَنَوْنَا،
بكَفَّيْهِ المَنايا والحُتُومُ
وفي الصحاح:
عِبادُك يُخْطِئونَ، وأَنتَ رَبٌّ
بكَفَّيْكَ المَنايا والحُتومُ
وحَتَمْتُ عليك الشيءَ: أَوْجَبْتُ. وفي حديث الوِتْر: الوِتْرُ ليس
بحَتْمٍ كصلاة المَكْتوبة؛ الحَتْمُ:؛ اللازم الواجب الذي لا بد من
فعله.وحَتَمَ اللهُ الأَمرَ يَحْتِمُه: قضاه. والحاتِمُ: القاضي، وكانت في
العرب امرأَة مُفَوَّهَةٌ يقال لها صَدُوفُ، قالت: لا أَتَزَوَّج إِلا مَنْ
يَرُدُّ عليّ جَوابي، فجاء خاطب فوقف ببابها فقالت: مَنْ أَنتَ؟ فقال:
بَشَرٌ وُلِدَ صغيراً ونشأَ كبيراً، قالت: أَين منزلك؟ قال: على بِساطٍ
واسع وبلد شاسِعٍ، قريبُهُ بعيدٌ وبعيدُهُ قريبٌ، فقالت: ما اسْمُكَ؟ قال:
مَنْ شاء أَحْدَثَ اسْماً، ولم يكن ذلك عليه حَتْماً، قالت: كأَنه لا
حاجة لك، قال: لو لم تكن حاجةٌ لم آتِكِ، ولم أَقِفْ ببابِكِ، وأَصِلْ
بأَسبابك، قالت: أَسِرٌّ حاجتك أَمْ جَهْرٌ؟ قال: سِرٌّ وسَتُعْلَنُ قالت:
فأَنتَ خاطب؟ قال: هو ذاك، قالت: قُضِيَتْ، فتزوَّجها. والحَتْمُ: إِحْكام
الأَمرِ.
والحاتِمُ: الغُراب الأَسود؛ وأَنشد لمُرَقِّش السَّدوسي، وقيل هو
لخُزَرِ بن لَوْذان:
لا يَمْنَعَنَّكَ، من بِغا
ءِ الخَيْرِ، تَعْقادُ التَّمائِمْ
ولقد غَدَوْتُ، وكنتُ لا
أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيا
مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ
وكذاكَ لا خَيْرٌ، ولا
شَرٌّ على أَحدٍ بدائِمْ
قد خُطَّ ذلك في الزُّبو
رِ الأَوَّليَّاتِ القَدائِمْ
قال: والحاتِمُ المَشْؤوم. والحاتِمُ: الأَسْود من كل شيء. وفي حديث
الملاعنة: إِن جاءتْ به أَسْحَمَ أَحْتَمَ أَي أَسود. والحَتَمَةُ، بفتح
الحاء
(* قوله «والحتمة بفتح الحاء إلخ» كذا في النهاية والمحكم مضبوطاً
بهذا الضبط أيضاً، والذي في القاموس والتكملة: والحتمة، بالضم، السواد اه.
وجعلهما الشارح لغتين فيها) والتاء: السواد، وقيل: سُمِّي الغراب الأَسود
حاتِماً لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق إِذا نَعَبَ أَي يَحْكم.
والحاتِمُ: الحاكِم الموجِبُ للحُكْم. ابن سيده: الحاتِمُ غراب البَيْن لأَنه
يَحْتِمُ
بالفِراق، وهو أَحمر المِنْقار والرجلين؛ وقال اللحياني: هو الذي
يُولَعُ بنتف ريشه وهو يُتشاءم به؛ قال خُثَيْمُ بن عَدِيٍّ، وقيل الرقَّاص
الكَلْبُّي، يمدح مسعود بن بَحْرٍ، قال ابن بري وهو الصحيح:
وليس بَهَيَّابٍ، إِذا شدَّ رَحْلَهُ
يقولُ: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
وأَنشده الجوهري: ولسْتُ بَهيَّابٍ؛ قال ابن بري: والصحيح وليس
بَهَيَّابٍ لأَن قبله:
وجَدْتُ أَباكَ الحُرَّ بحْراً بنجْدَةٍ،
بَناها له مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ
(* قوله «الحر» سيأتي في مادة خثرم بدله الخير).
وليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رحلَه
يقول: عَداني اليومَ واقٍ وحاتِمُ
ولكنه يَمْضي على ذاكَ مُقْدِماً،
إِذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ
وقيل: الحاتِمُ الغراب الأَسود لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق؛ قال
النابغة:
زَعَمَ البَوارِحُ أَن رِحْلَتَنا غَداً،
وبِذاكَ تَنْعابُ الغرابِ الأَسودِ
قول مُلَيْحٍ الهُذلي:
وصَدَّقَ طُوَّافٌ تَنادَوْا بِرَدِّهِمْ
لَهامِيمَ غُلْباً، والسَّوامُ المُسَرَّحُ
حُتوم ظِباءٍ واجَهَتْنا مَرُوعَة،
تَكادُ مَطايانا عليهِنَّ تَطْمَحُ
يكون حُتومٌ جمعَ حاتِمٍ كشاهِدٍ وشُهود، ويكون مصدر حَتَمَ. وتَحَتَّم:
جعَل الشيء عليه حَتْماً؛ قال لَبيد:
ويَوْمَ أَتانا حَيُّ عُرْوَةَ وابنِهِ
إِلى فاتِكٍ ذي جُرْأَةٍ قد تَحَتَّما
والحُتامةُ: ما بقي على المائدة من الطعام أَو ما سقط منه إِذا أُكِلَ،
وقيل: الحُتامةُ
(* قوله «وقيل الحتامة إلخ» هكذا بالأصل) ما فضل من
الطعام على الطَّبَق الذي يؤكل عليه.
والتَّحَتُّم: أَكل الحُتامة وهي فُتات الخبز. وفي الحديث: من أَكل
وتَحَتَّم دخل الجنة؛ التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة، وهي فُتات الخبز الساقطُ
على الخِوَان. وتَحَتَّم الرجلُ إِذا أَكل شيئاً هَشّاً في فيه. الليث:
التَّحَتُّم الشيء إِذا أَكلته فكان في فَمِك هَشّاً. والحَتَمَةُ: السواد.
والأَحْتَمُ: الأَسود. والتَّحتُّم: الهَشاشةُ. يقال: هو ذو تَحَتُّمٍ،
وهو غَضُّ المُتَحَتَّم. والتَّحَتُّم: تَفَتُّتُ الثُّؤْلول إِذا جَفَّ.
والتَّحتم: تَكسُّر الزجاج بعضه على بعضٍ.
والحَتَمَةُ: القارورة المُفَتَّتةُ.
وفي نوادر الأَعراب: يقال تَحَتَّمْتُ له بخير أَي تمنيتُ له خيراً
وتَفاءلت له. ويقال: هو الأَخ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ؛ وقال أَبو
خِراشٍ يرثي رجلاً
(* قوله «رجلاً» في التكملة: يرثي خالد بن زهير):
فواللهِ لا أَنساكَ، ما عِشْتُ، لَيْلَةً،
صَفيِّي من الإِخْوانِ والولدِ الحَتْمِ
وحاتِمٌ الطائيُّ: يُضْرَب به المَثَلُ في الجُود، وهو حاتِمُ بنُ عبد
الله بن سَعْد بن الحَشْرَجِ؛ قال الفرزدق:
على حالةٍ لو أَنَّ في القومِ حاتِماً،
على جودِهِ، ما جادَ بالمالِ، حاتِمِ
(* قوله «على جوده إلخ» كذا في الأصل، والمشهور:
على جوده لضنّ بالماء حاتم).
وإِنما خفضه على البدل من الهاء في جودِه؛ وقول الشاعر:
وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
وهو اسم ينصرف، وإِنما تَرَكَ التنوين وجعل بدل كسرة النون لالتقاء
الساكنين، حذفَ النون للضرورة؛ قال ابن بري: وهذا الشعر لامرأَة من بني عقيل
تَفْخَرُ بأَخوالها من اليمن، وذكر أَبو زيد أَنه للعامِرِيّة؛ وقبله:
حَيْدَةُ خالي ولَقِيطٌ وعَلِي،
وحاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي
ولم يَكُنْ كخالك العَبْدِ الدَّعِي
يأْكل أَزْمانَ الهزالِ والسِّنِي
هَيَّاب عَيْرٍ مَيْتةٍ غيرِ ذَكِي
وتَحْتَمُ: موضع؛ قال السُّلَيْك بن السُّلَكة:
بِحَمْدِ الإِلَه وامْرِئٍ هُوَ دَلَّنِي،
حَوَيْتُ النِّهابَ من قَضِيبٍ وتَحْتَما
كنف: الكَنَفُ والكَنَفةُ: ناحية الشيء، وناحِيتا كلِّشيء كنَفاه،
والجمع أَكناف. وبنو فلان يَكْنُفون بني فلان أَي هم نُزول في ناحيتهم. وكنَفُ
الرَّجل: حِضْنه يعني العَضُدين والصدْرَ. وأَكناف الجبل والوادي:
نواحِيه حيث تنضم إليه، الواحد كنَفٌ. والكَنَفُ: الجانب والناحية، بالتحريك.
وفي حديث جرير، رضي اللّه عنه: قال له أَين منزلك؟ قال: بأَكْنافِ بِيشةَ
أَي نواحيها. وفي حديث الإفك: ما كشَفْتُ من كَنَفِ أُنثى؛ يجوز أَن
يكون بالكسر من الكِنْفِ، وبالفتح من الكَنَف. وكنَفا الإنسان: جانِباه،
وكنَفاه ناحِيتاه عن يمينه وشماله، وهما حِضْناه. وكنَفُ اللّه: رحمته.
واذْهَبْ في كنَف اللّه وحِفظه أَي في كَلاءته وحِرْزه وحِفظه، يَكْنُفه
بالكَلاءة وحُسن الوِلاية. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما، في النْجوى:
يُدْنى المؤمنُ من ربّه يوم القيامة حتى يضَع عليه كنَفه؛ قال ابن
المبارك: يعني يستره، وقيل: يرحمه ويَلْطُف به، وقال ابن شميل: يضَعُ اللّه عليه
كنَفه أَي رحمته وبِرّه وهو تمثيل لجعله تحت ظلّ رحمته يوم القيامة. وفي
حديث أَبي وائل، رضي اللّه عنه: نشَر اللّه كنَفه على المسلم يوم
القيامة هكذا، وتعطَّفَ بيده وكُمه. وكنَفَه عن الشيء: حَجَزه عنه. وكنَف
الرجلَ يكْنُفه وتَكَنَّفَه واكْتَنَفه: جعله في كنَفِه. وتكَنَّفوه
واكْتَنَفُوه: أَحاطوا به، والتكْنِيفُ مثله. يقال: صِلاء مكَنَّف أَي أُحيط به من
جَوانِبه . وفي حديث الدعاء: مَضَوْا على شاكلتهم مُكانِفين أَي يكنُف
بعضُهم بعضاً. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ: فاكتنَفْته أنا وصاحبي أي
أَحطْنا به من جانِبَيْه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: فتكنَّفَه الناس.
وكنَفَه يَكنُفه كنْفاً وأَكنَفه: حَفِظه وأَعانه؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وقال ابن الأَعرابي: كنَفه ضمّه إليه وجعله في عِياله. وفلان يَعِيش في كنف
فلان أي في ظِلِّه. وأَكنَفْت الرجل إذا أَعَنْتَه، فهو مُكْنَف.
الجوهري: كنَفْت الرَّجل أَكنُفه أَي حُطْتُه وصُنْتُه، وكنفت بالرجل إذا قمت به
وجعلته في كنَفك. والمُكانفة: المعاونة. وفي حديث أَبي ذر، رضي اللّه
عنه: قال له رجل أَلا أَكون لك صاحباً أَكنُف راعِيَكَ وأَقْتَبِس منك؟ أَي
أُعِينُه وأَكون إلى جانبه وأجعله في كنَف. وأَكنَفَه: أَتاه في حاجة
فقام له بها وأَعانه عليها. وكَنَفا الطائر: جناحاه. وأَكنَفَه الصيدَ
والطير: أَعانه على تصيّدها، وهو من ذلك.
ويُدْعى على الإنسان فيقال: لاتكنُفُه من اللّه كانفة أي لا تحفظه.
الليث: يقال للإنسان المخذول لا تكنفه من اللّه كانفة أَي لا تحْجُزه.
وانهزموا فما كانت لهم كانفة دون المنزل أَو العسكر أَي موضع يلجَؤُون إليه،
ولم يفسره ابن الأَعرابي، وفي التهذيب: فما كان لهم كانفة دون العسكر أَي
حاجز يحجُز عنهم العدوَّ.
وتكنَّف الشيء واكْتَنَفه: صار حواليه. وتكنَّفُوه من كل جاني أي
احْتَوَشُوه.
وناقة كنوف: وهي التي إذا أَصابها البرد اكتنفت في أَكناف الإبل تستتر
بها من البرد. قال ابن سيده: والكَنوف من النوق التي تبرُك في كنَفة الإبل
لتقي نفسها من الريح والبرد، وقد اكتنفت، وقيل: الكَنوف التي تبرك ناحية
من الإبل تستقبل الريح لصحتها: واطْلُب ناقتك في كنَف الإبل أَي في
ناحيتها. وكنَفةُ الإبل: ناحيتها. قال أَبو عبيدة: يقال ناقة كَنوف تبرك في
كنَفة الإبل مثل القَذُور إلا أَنها لا تَسْتبعد كما تستبعد القَذور. وحكى
أَبو زيد: شاة كَنْفاء أَي حَدْباء. وحكى ابن بري: ناقة كنوف تبيت في
كنف الإبل أَي ناحيتها؛ وأَنشد:
إذا اسْتَثارَ كنُوفاً خِلْت ما بَرَكَت
عليه يُنْدَفُ، في حافاتِه، العُطُبُ
والمُكانِفُ: التي تبرُك من وراء الإبل؛ كلاهما عن ابن الأعرابي.
والكَنَفانِ: الجَناحانِ؛ قال:
سِقْطانِ من كَنَفَيْ نَعامٍ جافِلِ
وكلُّ ما سُتر، فقد كُنف.
والكَنِيفُ: التُّرْس لسَتْره، ويوصف به فيقال: تُرْس كَنِيف، ومنه قيل
للمَذْهب كَنِيف، وكل ساتر كَنيف؛ قال لبيد:
حَريماً حين لم يَمْنَعْ حَريماً
سُيوفُهمُ، ولا الحَجَفُ الكَنِيفُ
والكنيفُ: الساتر. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: ولا يكن للمسلمين
كانفةٌ أَي ساترة، والهاء للمبالغة. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: شَقَقْن
أَكنَفَ مُروطِهنّ فاخْتَمَرْن به أَي أَسْتَرَها وأَصْفَقَها، ويروى
بالثاء المثلثة، وقد تقدم. والكنيفُ: حَظيرة من خشَب أو شجر تتخذ للإبل،
زاد الأَزهري: وللغنم؛ تقول منه: كنَفْت الإبل أَكنُف وأَكنِفُ. واكْتَنَفَ
القومُ إذا اتخذوا كَنيفاً لإبلهم. وفي حديث النخعي: لا تؤخذ في الصدقة
كَنوف، قال: هي الشاة القاصية التي لا تمشي مع الغنم، ولعله أَراد
لإتْعابها المصدِّق باعتزالها عن الغنم، فهي كالمُشَيِّعةِ المنهي عنها في
الأَضاحي، وقيل: ناقة كَنوف إذا أَصابها البرد فهي تستتر بالإبل. ابن سيده:
والكَنيف حَظيرة من خشب أَو شجر تتخذ للإبل لتقِيَها الريح والبرد، سمي
بذلك لأَنه يكنِفُها أي يسترها ويقيها؛ قال الراجز:
تَبِيتُ بين الزَّرْبِ والكَنِيفِ
والجمع كُنُفٌ؛ قال:
لَمّا تَآزَيْنا إلى دِفْء الكُنُفْ
وكنَف الكَنِيفَ يكنُفه كَنْفاً وكُنوفاً: عمله. وكنَفْت الدار
أَكنُفها: اتخذت لها كنيفاً. وكَنف الإبل والغنم يكْنُفها كَنْفاً: عمل لها
كَنيفاً.وكنَف لإبله كَنِيفاً: اتخذه لها؛ عن اللحياني. وكَنف الكَيّالُ
يكنُفُ كَنْفاً حَسناً: وهو أَن يجعل يديه على رأْس القَفِيز يُمْسِك بهما
الطعام، يقال: كِلْه كَيْلاً غير مَكْنُوف. وتكنَّف القومُ بالغِثاث: وذلك
أَن تموت غنمهم هُزالاً فيَحْظُروا بالتي ماتت حول الأَحْياء التي بَقِين
فتسْتُرها من الرِّياح. واكتَنف كَنِيفاً: اتخذه. وكنَف القومُ: حبَسوا
أَموالهم من أَزْلِ وتَضْييق عليهم. والكَنيف: الكُنّة تُشْرَع فوق باب
الدار. وكنَف الدارَ يكْنُفها كَنْفاً: اتخذ لها كَنِيفاً. والكَنِيف:
الخَلاء وكله راجع إلى السَّتر، وأَهل العراق يسمون ما أَشرعوا من أَعالي
دُورهم كَنِيفاً، واشتقاق اسم الكَنِيف كأَنه كُنِفَ في أَستر النواحي،
والحظيرةُ تسمى كَنِيفاً لأَنها تكنف الإبل أَي تسترها من البرد، فعيل بمعنى
فاعل. وفي حديث أَبي بكر حين استخلف عمر، رضي اللّه عنهما: أَنه أَشرف من
كَنِيف فكلَّمهم أَي من سُتْرة؛ وكلُّ ما سَتر من بناء أَو حظيرة، فهو
كنيف؛ وفي حديث ابن مالك والأَكوع:
تبيت بين الزرب والكنيف
أَي الموضع الذي يكنفها ويسترها.
والكِنْفُ: الزَّنْفَلِيجة يكون فيها أَداة الراعي ومَتاعه، وهو أَيضاً
وِعاء طويل يكون فيه مَتاع التِّجار وأَسْقاطهم؛ ومنه قول عمر في عبد
اللّه بن مسعود، رضي اللّه عنهما: كُنَيْفٌ مُلِئ عِلْماً أَي أَنه وعاء
للعلم بمنزلة الوعاء الذي يضع الرجل فيه أَداته، وتصغيره على جهة المدح له،
وهو تصغير تعظيم لكِنْف كقول حُباب بن المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها
المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجّب؛ شبّه عمر قلب ابن مسعود بِكِنْف الرّاعي
لأَن فيه مِبْراتَه ومِقَصَّه وشَفْرته ففيه كلُّ ما يريد؛ هكذا قلبُ ابن
مسعود قد جُمع فيه كلُّ ما يحتاج إليه الناس من العلوم، وقيل: الكِنْف
وعاء يجعل فيه الصائغ أَدواته، وقيل: الكِنْف الوعاء الذي يكْنُف ما جُعل
فيه أَي يحفظه. والكِنْفُ أَيضاً: مثل العَيْبة؛ عن اللحياني. يقال: جاء
فلان بكنِف فيه متاع، وهو مثل العيبة. وفي الحديث: أَنه توضَّأَ فأدخل يده
في الإناء فكَنَفَها وضرب بالماء وجهه أَي جَمَعها وجعلها كالكِنْف وهو
الوعاء. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أَعطى عياضاً كنف الرَّاعي أَي
وعاءه الذي يجعل فيه آلته. وفي حديث ابن عمرو وزوجته، رضي اللّه عنهم:
لم يُفَتِّش لنا كِنْفاً؛ قال ابن الأَثير: لم يدخل يده معها كما يدخل
الرجل يده مع زوجته في دواخل أَمرها؛ قال: وأَكثر ما يروى بفتح الكاف والنون
من الكَنَف، وهو الجانب، يعني أَنه لم يَقْرَبها. وكَنَف الرجلُ عن
الشيء: عدل؛ قال القطامي:
فَصالوا وصُلْنا، واتَّقَونا بماكِرٍ،
ليُعْلَمَ ما فِينا عن البيْع كانِفُ
قال الأَصمعي: ويروى كاتف؛ قال: أَظن ذلك ظنّاً؛ قال ابن بري: والذي في
شعره:
ليُعلَمَ هل مِنّا عن البيع كانف
قال: ويعني بالماكر الحمار أَي له مَكر وخَديعة.
وكَنيف وكانِف ومُكنِف، بضم الميم وكسر النون: أَسماء. ومُكنِف بن زَيد
الخيل كان له غَناء في الرِّدّة مع خالد بن الوليد، وهو الذي فتَح
الرَّيَّ، وأَبو حمّاد الراوية من سَبْيه.
بين: البَيْنُ في كلام العرب جاء على وجْهَين: يكون البَينُ الفُرْقةَ،
ويكون الوَصْلَ، بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً، وهو من الأَضداد؛
وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر:
لقد فَرَّقَ الواشِينَ بيني وبينَها،
فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها
وقال قيسُ بن ذَريح:
لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى،
ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ
فالبَينُ هنا الوَصْلُ؛ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر:
كأَنَّ رِماحَنا أَشْطانُ بئْرٍ
بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ
وأَنشد أَيضاً:
ويُشْرِقُ بَيْنُ اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل
قال ابن سيده: ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً. وفي التنزيل
العزيز: لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون؛ قرئَ بينكم
بالرفع والنصب، فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم، والنصبُ على الحذف،
يريدُ ما بينكم، قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً، وقرأَ ابن
كَثير وأَبو عَمْروٍ وابنُ
عامر وحمزة بينُكم رفعاً، وقال أَبو عمرو: لقد تقطَّع بينُكم أَي
وَصْلُكم، ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال:
معناه تقطَّع الذي كانَ بينَكم؛ وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى: لقد
تقطَّع ما كنتم فيه من الشَّركة بينَكم، ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد
تقطَّع ما بينَكم، واعتمد الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود
لِمَنْ قرأَ بينَكم، وكان أَبو حاتم يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول: من قرأَ
بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما بينَكم، قال: ولا يجوز حذفُ
الموصول وبقاء الصلةِ، لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ بمعنى إنّ الذي قام
زيدٌ، قال أَبو منصور: وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ، لأَن الله جَلّ ثناؤه
خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال: ولقد جئتمونا فُرادَى كما
خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم
شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم؛ أَراد لقد
تقطع الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم، فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر
الشُّركاء، فافهمه؛ قال ابن سيده: مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين:
أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو
الودُّ بينََكم، والآخرُ ما كان يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم، وإن
كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله، غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ
الظرف، وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم إياه ظرفاً، إلا أَن
استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من استعمالِها فاعِلةً،
لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في الفاعل،
أَلا ترى إلى قولهم: تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ أَي سماعُك
به خيرٌ من رؤْيتك إياه. وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً؛ وأَنشد
ثعلب:فهاجَ جوىً في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى
بَبَيْنُونةٍ، يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ
والمُبايَنة: المُفارَقَة. وتَبايَنَ القومُ: تَهاجَرُوا. وغُرابُ
البَين: هو الأَبْقَع؛ قال عنترة:
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ،
وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ
حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه
جَلَمانِ، بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ
وقال أَبو الغَوث: غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ،
فأَما الأَسْود فإِنه الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق. وتقول: ضربَه
فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه، فهو مُبِينٌ. وفي حديث الشُّرْب: أَبِنِ
القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ
من الرِّيق، وهو من البَينِ البُعْد والفِراق. وفي الحديث في صفته، صلى
الله عليه وسلم: ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً الذي بَعُدَ عن
قَدِّ الرجال الطِّوال، وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً. وحكى الفارسيُّ
عن أَبي زيد: طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ، وذلك إذا طَلَب إليهما أَن
يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ، ولا تكونُ البائنةُ إلا من
الأَبوين أَو أَحدِهما، ولا تكونُ من غيرهما، وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى
بانَ هو بذلك يَبينُ بُيُوناً. وفي حديث الشَّعْبي قال: سمعتُ النُّعْمانَ
بن بَشيرٍ يقول: سمعتُ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، وطَلَبَتْ
عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي
إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيُشْهدَه فقال: هل لك معه ولدٌ غيرُه؟
قال: نعم، قال: فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي أَبَنتَ هذا؟
فقال: لا، قال: فإني لا أَشهَدُ على هذا، هذا جَورٌ، أَشهِدْ على هذا غيري،
أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في
البرِّ واللُّطف؛ قوله: هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ
واحدٍ مالاً تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه، والاسم البائنةُ. وفي حديث
الصديق: قال لعائشة، رضي الله عنهما: إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ.
وحكى الفارسي عن أَبي زيد: بانَ وبانَه؛ وأَنشد:
كأَنَّ عَيْنَيَّ، وقد بانُوني،
غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ
وتبَايَنَ الرجُلانِ: بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه، وكذلك في الشركة
إذا انفصلا. وبانَت المرأَةُ عن الرجل، وهي بائنٌ: انفصلت عنه بطلاق.
وتَطْليقةٌ بائنة، بالهاء لا غير، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، أَي تَطْليقةٌ
(*
قوله «وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ» هكذا بالأصل، ولعل فيه
سقطاً). ذاتُ بَيْنونةٍ، ومثله: عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً. وفي حديث ابن
مسعود فيمن طَلق امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ: فقيل له إنها قد بانَتْ
منك، فقال: صدَقُوا؛ بانَتِ المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها
طلاقُه. والطَّلاقُ البائِنُ: هو الذي لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ
المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ، وقد تكرر ذكرها في الحديث. ويقال: بانَتْ
يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً، وبانَ الخلِيطُ يَبينُ بَيْناً
وبَيْنونةً؛ قال الطرماح:
أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة
ابن شميل: يقال للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت، وهُنّ قد بِنَّ
إذا تزوَّجْنَ. وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى
زوجها، وبانَت هي إذا تزوجت، وكأَنه من البئر البعيدة أَي بَعُدَتْ عن
بيت أَبيها. وفي الحديث: مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ؛
يَبِنَّ، بفتح الياء، أَي يتزوَّجْنَ. وفي الحديث الآخر: حتى بانُوا أَو
ماتوا. وبئرٌ بَيُونٌ: واسعةُ ما بين الجالَيْنِ؛ وقال أَبو مالك: هي
التي لا يُصيبُها رِشاؤُها، وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم، وقيل:
البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ الضَّيِّقَة الأَسْفَل؛ وأَنشد أَبو علي
الفارسي:
إِنَّك لو دَعَوْتَني، ودُوني
زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ،
لقُلْتُ: لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني
فجعلها زَوْراءَ، وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ، والمَنْزَعُ: الموضعُ
الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا نُزِع من البئر، فذلك الهواء هو
المَنْزَعُ. وقال بعضهم: بئرٌ بَيُونٌ وهي التي يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في
جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها؛ قال جرير يصف خيلاً وصَهِيلَها:
يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد، كأَنما
إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ
أَراد كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ
فيها إرنانها ذوات
(* قوله «ارنانها ذوات إلخ» كذا بالأصل. وفي التكملة:
والبيت للفرزدق يهجو جريراً، والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار
بوائن لسعة أجوافها إلخ. وقول الصاغاني: والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة
وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية الجوهري فإنها أذنابها، وقد عزا
الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه الصاغاني من وجهين).
الأَذنِ والنَّشاطِ منها، أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل
في بئرٍ دَحُول، وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها. قال ابن بري، رحمه الله:
البيت للفرزدق لا لجرير، قال: والذي في شعره يَصْهَلْنَ. والبائنةُ: البئرُ
البعيدةُ القعر الواسعة، والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن
جرابِها كثيراً. وأَبانَ الدَّلوَ عن طَيِّ البئر: حادَ بها عنه لئلا
يُصيبَها فتنخرق؛ قال:
دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنينُها،
لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها
وتقول: هو بَيْني وبَيْنَه، ولا يُعْطَفُ عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون
إلا من اثنين، وقالوا: بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا؛ قال أَنشده
سيبويه:
فبَيْنا نحن نَرْقُبُه، أَتانا
مُعَلّق وَفْضةٍ، وزِناد راعِ
إنما أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا، فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ
بعدها أَلفٌ، فإِن قيل: فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن، وقد علمنا أَن
هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما
عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف العطف نحو المالُ بينَ القومِ
والمالُ بين زيدٍ وعمرو، وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ، والجملة لا يُذْهَب لها
بَعْدَ هذا الظرفِ؟ فالجواب: أَن ههنا واسطة محذوفةٌ وتقدير الكلام بينَ
أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا إياه،
والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ،
وأَوانَ الخليفةُ عبدُ
المَلِك، ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف الذي كان
مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى:
واسأَل القرية؛ أَي أَهلَ القرية، وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا
إذا صلَح في موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر:
بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه،
يوماً، أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ
وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على الابتداء والخبر، والذي
يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها
(* قوله: «والذي ينشد إلى وبخفضها؛ هكذا
في الأصل، ولعل في الكلام سقطاً). قال ابن بري: ومثلُه في جواز الرفع
والخفض بعدها قولُ الآخر:
كُنْ كيفَ شِئْتَ، فقَصْرُك الموتُ،
لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ
بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ،
زالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُ
قال ابن بري: وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد الأَرقط:
بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه،
إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه
وقال آخر:
بيْنا كذلك، إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ
تَسْبي وتَقْتُل، حتى يَسْأَمَ الناسُ
وقال القطامي:
فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي
عُبادةَ، إذْ واجَهْت أَصحَم ذا خَتْر
قال ابن بري: وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا
تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما، وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى؛ ومما يدل
على فساد هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن
هَرْمة في باب النَّسيبِ من الحَماسةِ:
بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا
عِ سِراعاً، والعِيسُ تَهْوي هُوِيّا
خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذكـ
ـراكِ وهْناً، فما استَطَعتُ مُضِيّاً
ومثله قول الأَعشى:
بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْـ
ـبَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ،
رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ، حتى
عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ
ومثله قول أَبي دواد:
بَيْنما المرءُ آمِنٌ، راعَهُ را
ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ
وفي الحديث: بَيْنا نحن عند رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه
رجلٌ؛ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ، فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً، ويقال بَيْنا
وبَيْنما، وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة، ويُضافان إلى جملة من فعلٍ
وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر، ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى، قال:
والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه إذا وإذا، وقد جاءا في الجواب كثيراً،
تقول: بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو، وإذ دخَل عليه، وإذا دخل عليه؛ ومنه
قول الحُرَقة بنت النُّعمان:
بَيْنا نَسوسُ الناسَ، والأَمرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
وأَما قوله تعالى: وجعلنا بينهم مَوْبِقاً؛ فإنّ الزجاج قال: معناه
جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي يُهْلِكهم؛ وقال الفراء: معناه
جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم القيامة أَي هُلْكاً،
وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال. الجوهري: وبَيْن بمعنى وسْط، تقول:
جلستُ بينَ القوم، كما تقول: وسْطَ القوم، بالتخفيف، وهو ظرفٌ، وإن جعلته
اسماً أَعرَبْتَه؛ تقول: لقد تقطَّع بينُكم، برفع النون، كما قال أَبو
خِراش الهُذلي يصف عُقاباً:
فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ،
فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا
الجبُوب: وجه الأَرض. الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة: روي عن أَبي
الهيثم أَنه قال الكواكب البَبانيات
(* وردت في مادة بين «البابانيات» تبعاً
للأصل، والصواب ما هنا). هي التي لا يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما
يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر، وهي شامية، ومَهَبُّ الشَّمالِ منها، أَوَّلها
القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول، والجدْي والفَرْقَدان، وهو بَيْنَ القُطب،
وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى، وقال أَبو عمرو: سمعت المبرَّد يقول إذا كان
الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء، وإن كان اسماً
مصدريّاً خفضْتَه، ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ، قال: فسأَلت
أَحمد بن يحيى عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال: هذا الدرُّ، إلا أَنَّ من
الفصحاء من يرفع الاسم الذي بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم
الحقيقي؛ وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد:
بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه،
ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ
وجائز: وبهْجَتُه، قال: وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ، وكذلك
المصدر. ابن سيده: وبَيْنا وبينما من حروف الابتداء، وليست الأَلف في
بَيْنا بصلةٍ، وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ فصارت أَلفاً، وبينما بَين
زِيدت عليه ما، والمعنى واحد، وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي بَيْنَ الجيِّد
والرَّديء، وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح، والهمزة المخفَّفة
تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ؛ وقالوا: بَين بَين، يريدون التَّوَسُّط كما قال
عَبيد بن الأَبرص:
نَحْمي حَقيقَتَنا، وبعـ
ـض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا
وكما يقولون: همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف
اللين، وهو الحرف الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة، فهي بين الهمزة
والأَلف مثل سأَل، وإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ، وإن كانت
مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل لَؤُم، إلا أَنها ليس لها تمكينُ
الهمزة المحققة، ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً أَوَّلاً
لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن، إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن
ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة،
فالمفتوحة نحو قولك في سأَل سأَلَ، والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ،
والمضمومة نحو قولك في لؤُم لؤُم، ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها
ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها، قال
الجوهري: وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها؛ وأَنشد بيت عبيد بن الأَبرص:
وبعض القومِ يسقط بين بينا
أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به؛ قال ابن بري: قال السيرافي كأَنه قال
بَينَ هؤلاء وهؤلاء، كأَنه رجلٌ يدخل بينَ فريقين في أَمرٍ من الأُمور
فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه؛ قال الشيخ: ويجوز عندي أَن يريد بينَ الدخول في
الحرب والتأَخر عنها، كما يقال: فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر أُخرى.
ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم
أَتيته؛ وقوله:
وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى
بِقانِئِه، إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ
أَي بائن. والبَيانُ: ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها. وبانَ
الشيءُ بَياناً: اتَّضَح، فهو بَيِّنٌ، والجمع أَبْيِناءُ، مثل هَيِّنٍ
وأَهْيِناء، وكذلك أَبانَ الشيءُ فهو مُبينٌ؛ قال الشاعر:
لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها،
لأَبانَ من آثارِهِنَّ حُدورُ
قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن وأَهْيِناء،
قال: صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ. وأَبَنْتُه أَي
أَوْضَحْتُه. واستَبانَ الشيءُ: ظهَر. واستَبَنْتُه أَنا: عرَفتُه. وتَبَيَّنَ
الشيءُ: ظَهَر، وتَبيَّنْتهُ أَنا، تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى.
وقالوا: بانَ الشيءُ واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد؛
ومنه قوله تعالى: آياتٍ مُبَيِّناتٍ، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى
مُتبيِّنات، ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء فالمعنى أَن الله بَيَّنَها. وفي
المثل: قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن؛ وقال ابن ذَريح:
وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى
شُحوباً، وتَعْرى من يَدَيه الأَشاحم
(* قوله «الأشاحم» هكذا في الأصل). قال ابن سيده: هكذا أَنشده ثعلب،
ويروى: تُبَيِّن بالفتى شُحوب. والتَّبْيينُ: الإيضاح. والتَّبْيين أَيضاً:
الوُضوحُ؛ قال النابغة:
إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة الجلَد
يعني أَتَبيَّنُها. والتِّبْيان: مصدرٌ، وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما
تجيء على التَّفْعال، بفتح التاء، مثال التَّذْكار والتَّكْرار
والتَّوْكاف، ولم يجيءْ بالكسر إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء. ومنه حديث آدم
وموسى، على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام: أَعطاكَ اللهُ التوراةَ
فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه وإيضاحُه، وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ
أَمثاله بالفتح. وقوله عز وجل: وهو في الخِصام غيرُ مُبين؛ يريد النساء
أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ، وقيل في التفسير: إن
المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها، وقد قيل: إنه يعني به
الأَصنام، والأَوّل أَجود. وقوله عز وجل: لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا
يَخْرُجْنَ إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة؛ أَي ظاهرة مُتَبيِّنة. قال
ثعلب: يقول إذا طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته، ولا أَن
يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام عليها، ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه
حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت، وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه
وبَيَّنْتُه؛ وروي بيت ذي الرمة:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً،
كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا
أَي تُبَيِّنُها، ورواه عليّ
بن حمزة: تُبيِّن نِسبةُ، بالرفع، على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي
عَينين. ويقال: بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً، فهو بائنٌ، وأَبانَ يُبينُ إبانة،
فهو مُبينٌ، بمعناه. ومنه قوله تعالى: حم والكتاب المُبين؛ أَي والكتاب
البَيِّن، وقيل: معنى المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة
وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه الأُمّة؛ وقال الزجاج: بانَ الشيءُ وأَبانَ
بمعنى واحد. ويقال: بانَ الشيءُ وأَبَنتُه، فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه
وبرَكَته، أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من الحرام، ومُبينٌ أَن
نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ، ومُبين قِصَصَ
الأَنبياء. قال أَبو منصور: ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين. قال أَبو
منصور: والاسْتِبانةُ يكون واقعاً. يقال: اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه
حتى تَبيَّن لك. قال الله عز وجل: وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ
المجرمين؛ المعنى ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ
استِبانة، وإذا بانَ سبيلُ المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين، وأَكثرُ القراء
قرؤُوا: ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين؛ والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع.
ويقال: تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته وتوسَّمْتُه، وقد تبيَّنَ الأَمرُ
يكون لازِماً وواقِعاً، وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن أَي تَبَيَّن، لازمٌ
ومتعدّ. وقوله عز وجل: وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ
شيءٍ؛ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر
الدِّين، وهذا من اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ، والعرب تقول: بَيَّنْت
الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً، بكسر التاء، وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون
اسماً، فأَما المصدر فإِنه يجيء على تَفْعال بفتح التاء، مثل التَّكْذاب
والتَّصْداق وما أَشبهه، وفي المصادر حرفان نادران: وهما تِلْقاء الشيء
والتِّبْيان، قال: ولا يقاس عليهما. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أَلا
إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا؛ قال أَبو عبيد:
قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه،
وقرئ قوله عز وجل: إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا، وقرئ: فتثبَّتوا،
والمعنيان متقاربان. وقوله عز وجل: إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا،
وفتَثبَّتُوا؛ قرئ بالوجهين جميعاً. وقال سيبويه في قوله: الكتاب المُبين،
قال: وهو التِّبيان، وليس على الفعل إنما هو بناءٌ على حدة، ولو كان
مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة من أَغَرْت. وقال
كراع: التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء، وهو مذكور في موضعه.
وبينهما بَينٌ أَي بُعْد، لغة في بَوْنٍ، والواو أَعلى، وقد بانَه
بَيْناً. والبَيانُ: الفصاحة واللَّسَن، وكلامٌ بيِّن فَصيح. والبَيان: الإفصاح
مع ذكاء. والبَيِّن من الرجال: الفصيح. ابن شميل: البَيِّن من الرجال
السَّمْح اللسان الفصيح الظريف العالي الكلام القليل الرتَج. وفلانٌ
أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح كلاماً. ورجل بَيِّنٌ: فصيح، والجمع
أَبْيِناء، صحَّت الياء لسكون ما قبلها؛ وأَنشد شمر:
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ، ويَلْتَئي
على البَيِّنِ السَّفّاكِ، وهو خَطيبُ
قوله يَلتئي أَي يُبْطئ، من اللأْي وهو الإبطاء. وحكى اللحياني في جمعه
أَبْيان وبُيَناء، فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات، قال سيبويه: شَبَّهوا
فَيْعِلاً بفاعل حين قالوا شاهد وأَشهاد، قال: ومثله، يعني ميِّتاً
وأَمواتاً، قيِّل وأَقيال وكَيِّس وأَكياس، وأَما بُيِّناء فنادر، والأَقيَس
في ذلك جمعُه بالواو، وهو قول سيبويه. روى ابنُ عباس عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من الشِّعر لحِكَماً؛
قال: البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ، وهو من الفَهْم وذكاءِ القلْب
مع اللَّسَن، وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ، وقيل: معناه إن الرجُلَ يكونُ
عليه الحقُّ، وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه، فيَقْلِبُ الحقَّ
بِبَيانِه إلى نَفْسِه، لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ
وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ، وقيل: معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة
أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه
وحُبِّه، ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ،
فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك، وهو وَجْهُ قوله: إن من البيانِ لسِحْراً. وفي
الحديث عن أَبي أُمامة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الحياءُ
والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ، والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق؛
أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق، أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ
فظاهر، وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق
والتفاصُحَ وإظهارَ التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ،
ولذلك قال في رواية أُخْرى: البَذاءُ وبعضُ البيان، لأَنه ليس كلُّ
البيانِ مذموماً. وقال الزجاج في قوله تعالى: خَلَق الإنْسان علَّمَه
البيانَ؛ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، علَّمَه
البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء، وقيل: الإنسانُ هنا آدمُ،
عليه السلام، ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس
جميعاً، ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ
ببيَانِه وتمييزه من جميع الحيوان. ويقال: بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ
وبَوْنٌ بعيد؛ قال أَبو مالك: البَيْنُ الفصلُ
(* قوله «البين الفصل إلخ»
كذا بالأصل). بين الشيئين، يكون إمّا حَزْناً أَو بقْرْبه رَمْلٌ،
وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ. والبَوْنُ: الفضلُ والمزيّةُ. يقال: بانه
يَبونُه ويَبينُه، والواوُ أَفصحُ، فأَما في البُعْد فيقال: إن بينهما
لَبَيْناً لا غير. وقوله في الحديث: أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه
أَي يُعْرب ويَشهد عليه. ونخلةٌ بائنةٌ: فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت
عراجِينُها وطالت؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لحَبيب القُشَيْري:
من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها
عنها، وحاضنةٍ لها مِيقارِ
قوله: تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها. والبائنُ
والبائنةُ من القِسِيِّ: التي بانتْ من وتَرِها، وهي ضد البانِية، إلا أَنها
عيب، والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية. الجوهري: البائنةُ القوسُ التي بانت
عن وَتَرِها كثيراً، وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق
به فهي البانيةُ، بتقديم النون؛ قال: وكلاهما عيب. والباناةُ: النَّبْلُ
الصِّغارُ؛ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي الخطاب. وللناقة حالِبانِ:
أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن، والآخرُ يحلُب من الجانب
الأَيْسر، والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي، والذي يُمْسِك يسمَّى
البائنَ. والبَيْنُ: الفراق. التهذيب: ومن أَمثال العرب: اسْتُ البائنِ
أَعْرَفُ، وقيل: أَعلمُ، أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به
ممن لم يُمارِسْه، قال: والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها،
والجمع البُيَّنُ، وقيل: البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان
يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ، والآخر مُحْلِب، والمُعينُ هو المُحْلِب،
والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ، والمُسْتَعْلي الذي عن
شِمالها، وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه؛ قال الكميت:
يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ،
من الحالبَيْنِ، بأَن لا غِرارا
قال الجوهري: والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها،
والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل يمينها. والبِينُ، بالكسر: القطعةُ من الأَرض قدر
مَدِّ البصر من الطريق، وقيل: هو ارتفاعٌ في غِلَظٍ، وقيل: هو الفصل بين
الأَرْضَيْن. والبِينُ أَيضاً: الناحيةُ، قال الباهلي: المِيلُ قدرُ ما
يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ، وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن يقال له بِينٌ،
قال: وهي التُّخومُ، والجمعُ بُيونٌ؛ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ:
لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها،
من أَهلِ رَيْمانَ، إلا حاجةً فينا
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به،
أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا
(* قوله «بسرو» قال الصاغاني، والرواية: من سرو حمير لا غير). ومَن كسَر
التاءَ والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال، قال:
والتذكير أَصْوَبُ. ويقال: سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ، وهو البِينُ.
وبِينٌ: موضعٌ قريب من الحيرة. ومُبِينٌ: موضع أَيضاً، وقيل: اسمُ ماءٍ؛
قال حَنْظلةُ بن مصبح:
يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ،
على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ
التارك المَخاضَ كالأُرومِ،
وفَحْلَها أَسود كالظَّليمِ
جمع بين النون والميم، وهذا هو الإكْفاء؛ قال الجوهري: وهو جائز
للمطْبوع على قُبْحِه، يقول: يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء، فأَخرَجَ الكلامَ
مُخْرَجَ النداء وهو تعجُّب. وبَيْنونةُ: موضع؛ قال:
يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا،
جئْتِ بأَلوانِ المُصَفَّرِينا
(* قوله «بألوان» في ياقوت: بأرواح).وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ
القُصْوَى وبَينونة الدُّنيا، وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ
ويَبْرِين. التهذيب: بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ. وعَدَنُ
أَبْيَنَ وإِبْيَن: موضعٌ، وحكى السيرافي: عَدَن أَبْيَن، وقال: أَبْيَن
موضع، ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ، وقيل: عَدَن أَبْيَن اسمُ
قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن. الجوهري: أَبْيَنُ اسمُ رجلٍ ينسب
إليه عَدَن، يقال: عَدَنُ أَبْيَنَ. والبانُ: شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في
اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل، وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل، وليس
لخَشَبه صلابةٌ، واحدتُه بانةٌ؛ قال أَبو زياد: من العِضاه البانُ، وله
هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ الخُضْرة، وينبت في الهِضَبِ، وثمرتُه تُشبه قُرونَ
اللُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها شديدةٌ، ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج
دُهْنُ البانِ. التهذيب: البانةُ شجرةٌ لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه
الطيِّب، ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً، وجمعها البانُ، ولاسْتِواءِ نباتِها
ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ
الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل: كأَنها بانةٌ، وكأَنها غُصْنُ بانٍ؛ قال قيس
بن الخَطيم:
حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها،
كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ
ابن سيده: قَضَينا على أَلف البانِ بالياء، وإن كانت عيناً لغلبةِ (ب ي
ن) على (ب و ن).
طرف: الطَّرْفُ: طرْفُ العين. والطرْفُ: إطْباقُ الجَفْنِ على الجفْن.
ابن سيده: طَرَفَ يَطْرِفُ طَرْفاً: لَحَظَ، وقيل: حَرَّكَ شُفْره
ونَظَرَ. والطرْفُ: تحريك الجُفُون في النظر. يقال: شَخَصَ بصرُه فما يَطْرِفُ.
وطرفَ البصرُ نفسُه يَطْرِفُ وطَرَفَه يَطرِفُه وطَرَّفه كلاهما إذا
أَصاب طرْفَه، والاسم الطُّرْفةُ. وعين طَريفٌ: مَطْروفة. التهذيب وغيره:
الطَّرْفُ اسم جامع للبصر، لا يثنى ولا يُجمع لأَنه في الأَصل مصدر فيكون
واحداً ويكون جماعة. وقال تعالى: لا يَرْتدّ إليهم طَرْفُهُم. والطرْفُ:
إصابَتُك عَيناً بثوب أَو غيره. يقال: طُرِفَتْ عينُه وأَصابَتْها طُرْفةٌ
وطَرَفَها الحزنُ بالبكاء. وقال الأَصمعي: طُرِفَتْ عينُه فهي تُطْرَفُ
طَرْفاً إذا حُرِّكَتْ جُفونُها بالنظر. ويقال: هو بمكان لا تراه
الطَّوارِفُ، يعني العيون. وطَرَف بصَره يَطْرِفُ طرْفاً إذا أطْبَقَ أَحدَ
جَفْنيهِ على الآخر، الواحدة من ذلك طَرْفَةٌ. يقال: أَسْرَعُ من طرْفةِ عين.
وفي حديث أُم سَلَمة: قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: حُمادَياتُ النساء
غَضُّ الأَطْرافِ؛ أَرادتْ بغَضِّ الأَطْرافِ قَبْضَ اليدِ والرِّجْلِ عن
الحَركةِ والسيْر، تعني تسكين الأَطْرافِ وهي الأَعْضاء؛ وقال القُتيبي:
هي جمع طرْف العين، أَرادت غضّ البصر. وقال الزمخشري: الطرف لا يثنى ولا
يجمع لأَنه مصدر، ولو جمع لم يسمع في جمعه أَطْرافٌ، قال: ولا أَكاد
أَشُكُّ في أَنه تصحيف، والصواب غَضُّ الإطْراق أَي يَغْضُضْن من أَبْصارِهن
مُطْرِقاتٍ رامِياتٍ بأَبصارهن إلى الأَرض.
وجاء من المال بطارِفةِ عين كما يقال بعائرةِ عين. الجوهري: وقولهم جاء
فلان بطارفة عين أَي جاء بمال كثير.
والطِّرْف، بالكسر، من الخيل: الكريمُ العَتِيقُ، وقيل: هو الطويل
القوائم والعُنُق المُطَرَّفُ الأُذنينِ، وقيل: هو الذي ليس من نِتاجكو والجمع
أَطرافٌ وطُرُوفٌ، والأَُنثى بالهاء. يقال: فرس طِرْفٌ من خيل طُرُوفٍ،
قال أَبو زيد: وهو نعت للذكور خاصّة. وقال الكسائي: فرس طِرْفةٌ، بالهاء
للأُنثى، وصارمةٌ وهي الشديدة. وقال الليث: الطِّرْفُ الفَرَسُ الكريمُ
الأَطرافِ يعني الآباء والأُمّهات. ويقال: هو المُسْتَطْرِفُ ليس من نتاج
صاحِبه، والأَنثى طِرْفةٌ؛ وأَنشد:
وطِرفة شَدَّتْ دِخالاً مُدْمَجا
والطِّرْفُ والطَّرْفُ: الخِرْقُ الكريم من الفِتْيان والرّجال، وجمعهما
أَطْراف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لابن أَحمر:
عليهنَّ أَطرافٌ من القوْمِ لم يكن
طَعامُهُمُ حَبّاً، بِزُغْمَةَ، أَسْمَرا
يعني العَدَس لأَن لونه السُّمْرَةُ. وزُغْمَةُ: موضع وهو مذكور في
موضعه؛ وقال الشاعر:
أَبْيَض من غَسّانَ في الأَطْرافِ
الأَزهري: جعل أَبو ذؤيب الطِّرْفَ الكريم من الناس فقال:
وإنَّ غلاماً نِيلَ في عَهْدِ كاهلٍ
لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمهَرِيِّ صريحُ
(* قوله «صريح» هو بالصاد المهملة هنا، وأَنشده في مادة قرح بالقاف،
وفسره هناك، والقريح والصريح واحد.)
وأَطْرَفَ الرجلَ: أَعْطاه ما لم يُعْطِه أَحداً قبله. وأَطْرفت فلاناً
شيئاً أَي أَعطيته شيئاً لم يَمْلِك مثله فأَعجبه، والاسم الطُّرفةُ؛ قال
بعض اللُّصوص بعد أَن تابَ:
قُلْ للُّصُوص بَني اللَّخْناء يَحْتَسِبُوا
بُرَّ العِراق، ويَنْسَوْا طُرْفةَ اليَمنِ
وشيء طَريفٌ: طَيِّب غريب يكون؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقال خالد بن
صفوان خيرُ الكلامِ ما طَرُفَتْ معانيه، وشَرُفَت مَبانِيه، والتَذّه آذانُ
سامعِيه. وأَطْرَفَ فلان إذا جاء بطُرْفةٍ.
واسْتَطرَف الشيءَ أَي عَدَّه طَريفاً. واسْتَطْرَفْت الشيءَ: استحدثته.
وقولهم: فعلت ذلك في مُسْتطرَفِ الأَيام أَي في مُسْتَأْنَف الأَيام.
واسْتَطْرَفَ الشيءَ وتَطَرَّفه واطَّرَفَه: اسْتفادَه.
والطَّرِيفُ والطارِفُ من المال: المُسْتَحْدثُ، وهو خِلافُ التَّالِد
والتَّلِيدِ، والاسم الطُّرْفةُ، وقد طَرُفَ، بالضم، وفي المحكم:
والطِّرْفُ والطَّرِيفُ والطارفُ المال المُسْتَفاد؛ وقول الطرماح:
فِدًى لِفَوارِسِ الحَيَّيْنِ غَوْثٍ
وزِمَّانَ التِّلادُ مع الطِّرافِ
يجوز أَن يكون جمع طَريف كظَريفٍ وظِرافٍ، أَو جمع طارِفٍ كصاحِبٍ
وصِحابٍ، ويجوز أَن يكون لغة في الطَّريف، وهو أَقيس لاقترانه بالتلاد، والعرب
تقول: ما له طارِفٌ ولا تالدٌ ولا طرِيفٌ ولا تليدٌ؛ فالطارفُ والطريفُ:
ما اسْتَحْدَثْت من المالِ واسْتَطْرفته، والتِّلادُ والتلِيدُ ما
ورِئْتَه عن الآباء قديماً. وقد طَرُفَ طَرافةً وأَطْرَفَه: أَفاده ذلك؛ أَنشد
ابن الأعرابي:
تَئِطُّ وتَأْدُوها الإفال مُرِبَّةً
بأَوْطانِها من مُطرَفاتِ الحَمائِل
(* قوله «تئط» هو في الأصل هنا بهمز ثانيه مضارع أط، وسيأتي تفسيره في
أدي.)
مُطْرَفاتٌ: أَطْرِفُوها غنيمةً من غيرهم.
ورجل طِرْفٌ ومُتَطَرِّفٌ ومُسْتَطْرِفٌ: لا يثبت على أَمْرٍ. وامرأَة
مَطْرُوفةٌ بالرجال إذا كانت لا خير فيها، تَطْمَحُ عَيْنُها إلى الرجال
وتَصْرف بَصَرَها عن بعلها إلى سواه. وفي حديث زياد في خُطبته: إنَّ
الدنيا قد طَرَفَتْ أَعْيُنكم أَي طَمَحتْ بأَبصاركم إليها وإلى زُخْرُفِها
وزينتها. وامرأَة مَطْروفَةٌ: تَطْرِفُ الرجالَ أَي لا تَثْبُت على واحد،
وُضِع المفعول فيه موضع الفاعل؛ قال الحُطيئة:
وما كنتُ مِثْلَ الهالِكِيِّ وعِرْسِه،
بَغَى الودَّ من مَطْرُوفةِ العينِ طامِح
وفي الصحاح: من مطروفة الودّ طامح؛ قال أَبو منصور: وهذا التفسير مخالف
لأَصل الكلمة. والمطروفة من النساء: التي قد طَرفها حبُّ الرِّجال أَي
أَصاب طَرْفَها، فهي تَطْمَحُ وتُشْرِفُ لكل من أَشْرَفَ لها ولا تَغُضُّ
طَرْفَها، كأَنما أَصابَ طرْفَها طُرفةٌ أَو عُود، ولذلك سميت مطروفة؛
الجوهري: ورجل طَرْفٌ
(* قوله «ورجل طرف» أورده في القاموس فيما هو بالكسر،
وفي الأصل ونسخ الصحاح ككتف، قال في شرح القاموس: وهو القياس.) لا
يَثبتُ على امرأَة ولا صاحب؛ وأَنشد الأَصمعي:
ومَطْروفةِ العَيْنَينِ خَفَّاقةِ الحَشَى،
مُنَعَّمةٍ كالرِّيمِ طابتْ فَطُلَّتِ
وقال طَرَفة يذكر جارية مُغَنِّية:
إذا نحنُ قلنا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لنا
على رِسْلِها مَطْروفةً لم تَشَدَّدِ
(* قوله «مطروفة» تقدم انشاده في مادة شدد: مطروقة بالقاف تبعاً للاصل.)
قال ابن الأَعرابي: المَطروفةُ التي أَصابتها طُرفة، فهي مطروفة، فأَراد
كأَنَّ في عينيها قَذًى من اسْتِرْخائها. وقال ابن الأعرابي: مَطْروفة
منكسرة العين كأَنها طُرِفَتْ عن كل شيء تنظر إليه.
وطَرَفْتُ عينه إذا أَصَبْتها بشيء فَدَمِعَتْ، وقد طُرِفَتْ عينه، فهي
مطروفة. والطَّرْفةُ أَيضاً: نقطة حمراء من الدم تحدُث في العين من ضربة
وغيرها. وفي حديث فُضَيْلٍ: كان محمد بن عبد الرحمن أَصْلع فَطُرِفَ له
طرْفة؛ أَصل الطَّرْفِ: الضرب على طرَف العين ثم نقل إلى الضرب على
الرأْس. ابن السكيت: يقال طَرَفْتُ فلاناً أَطرِفه إذا صَرَفْتَه عن شيء،
وطَرفه عنه أَي صَرفه وردّه؛ وأَنشد لعمر ابن أَبي ربيعة:
إنك، واللّهِ، لَذُو مَلَّةٍ،
يَطْرِفُك الأَدنى عن الأَبْعَدِ
أَي يَصْرِفك؛ الجوهري: يقول يَصْرِفُ بصرَك عنه أَي تَسْتَطرِفُ
الجَديد وتَنْسى القديم؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده:
يَطْرِفك الأَدنى عن الأَقْدَمِ
قال: وبعده:
قلتُ لها: بل أَنت مُعْتَلّةٌ
في الوَصْلِ، يا هِند، لكي تَصْرِمي
وفي حديث نظر الفجأَة: وقال اطْرِفْ بصرك أَي اصْرِفْه عما وقع عليه
وامْتَدَّ إليه، ويروى بالقاف، وسيأْتي ذكره. ورجل طَرِفٌ وامرأَة طَرِفةٌ
إذا كانا لا يثبتان على عهد، وكلُّ واحد منهما يُحِبُّ أَن يَسْتَطْرِفَ
آخر غير صاحبه ويَطَّرِفَ غير ما في يده أَي يَسْتَحْدِثَ.
واطَّرَفْت الشيء أَي اشتريته حديثاً، وهو افْتَعَلْت. وبعير مُطَّرَفٌ:
قد اشترى حديثاً؛ قال ذو الرّمّة:
كأَنَّني من هَوى خَرْقاء مُطَّرَفٌ،
دامي الأَظلِّ بعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ
أَراد أَنه من هَواها كالبعير الذي اشتُري حديثاً فلا يزال يَحِنُّ إلى
أُلاَّفِه. قال ابن بري: المُطَّرف الذي اشتري من بلد آخر فهو يَنْزِعُ
إلى وطنه، والسَّأْوُ: الهِمّة، ومَهْيُومٌ: به هُيامٌ. ويقال: هائم
القلب. وطَرَفه عنا شُغل: حبسه وصَرَفه. ورجل مَطْروف: لا يثبت على واحدة
كالمَطْروفةِ من النساء؛ حكاه ابن الأعرابي:
وفي الحَيِّ مَطْروفٌ يُلاحظُ ظِلّه،
خَبُوطٌ لأَيْدي اللاَّمِساتِ، رَكُوضُ
والطِّرْفُ من الرجال: الرَّغِيبُ العين الذي لا يرى شيئاً إلا أَحَبَّ
أَن يكون له. أَبو عمرو: فلان مَطْروف العين بفلان إذا كان لا ينظر إلا
إليه. واسْتَطْرَفَتِ الإبلُ المَرْتَع: اختارتْه، وقيل: اسْتأْنَفَتْه.
وناقة طَرِفةٌ ومِطْرافٌ: لا تَكاد تَرْعى حتى تَسْتَطْرِفَ. الأَصمعي:
المِطْرافُ التي لا تَرْعى مَرْعًى حتى تَسْتَطْرِفَ غيرَه. الأَصمعي:
ناقة طَرِفةٌ إذا كانت تُطْرِفُ الرِّياضَ رَوْضةً بعد رَوْضةٍ؛ وأَنشد:
إذا طَرِفَتْ في مَرْتَعٍ بَكَراتُها،
أَو اسْتَأْخَرَتْ عنها الثِّقالُ القَناعِسُ
ويروى: إذا أَطْرَفَتْ. والطرَفُ: مصدر قولك طَرِفَتِ الناقة، بالكسر،
إذا تَطَرَّفت أَي رَعَتْ أَطرافَ المرعى ولم تَخْتَلِطْ بالنوق. وناقة
طَرِفة: لا تثبت على مرعى واحد. وسِباعٌ طوارِفُ: سوالِبُ. والطريفُ في
النسب: الكثير الآباء إلى الجدّ الأَكبر. ابن سيده: رجل طَرِفٌ وطَريف كثير
الآباء إلى الجدّ الأَكبر ليس بذي قُعْدُدٍ، وفي الصحاح: نَقِيضُ
القُعدد، وقيل: هو الكثير الآباء في الشرف، والجمع طُرُفٌ وطُرَفٌ وطُرّافٌ؛
الأَخيران شاذان؛ وأَنشد ابن الأعرابي في الكثير الآباء في الشرَف
للأَعشى:أَمِرُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
طَرِفُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وقد طَرُفَ، بالضم، طَرافةً. قال الجوهري: وقد يُمْدَحُ به. والإطْرافُ:
كثرة الآباء. وقال اللحياني: هو أَطْرَفُهم أَي أَبْعَدُهم من الجد
الأَكبر. قال ابن بري: والطُّرْفى في النسب مأْخوذ من الطرف، وهو البُعْدُ،
والقُعْدى أَقرب نسباً إلى الجد من الطُّرفى، قال: وصحَّفه ابن ولاَّد
فقال: الطُّرْقى، بالقاف. والطرَفُ، بالتحريك: الناحية من النواحي والطائفة
من الشي، والجمع أَطراف. وفي حديث عذاب القبر: كان لا يَتَطَرَّفُ من
البَوْلِ أَي لا يَتباعَدُ؛ من الطرَف: الناحية. وقوله عز وجل: أَقِمِ
الصلاةَ طَرَفي النهارِ وزُلَفاً من الليل؛ يعني الصلوات الخمس فأَحدُ طَرَفي
النهار صلاة الصبح والطرَفُ الآخر فيه صلاتا العَشِيِّ، وهما الظهر
والعصر، وقوله وزُلَفاً من الليل يعني صلاة المغرب والعشاء. وقوله عز وجل: ومن
الليل فسَبِّحْ وأَطْراف النهارِ؛ أَراد وسبح أَطراف النهار؛ قال
الزجاج: أَطْرافُ النهار الظهر والعصر، وقال ابن الكلبي: أَطراف النهار ساعاته.
وقال أَبو العباس: أَراد طرفيه فجمع.
ويقال: طَرَّفَ الرجل حول العسكر وحول القوم، يقال: طرَّف فلان إذا قاتل
حول العسكر لأنه يحمل على طَرَف منهم فيردُّهم إلى الجُمْهور. ابن سيده:
وطرَّف حول القوم قاتَل على أَقصاهم وناحيتهم، وبه سمي الرجل
مُطَرِّفاً. وتطرَّفَ عليهم: أَغار، وقيل: المُطَرِّف الذي يأْتي أَوائل الخيل
فيردُّها على آخرها، ويقال: هو الذي يُقاتِل أَطراف الناس؛ وقال ساعِدةُ
الهذلي:
مُطَرِّف وَسْطَ أُولى الخَيْلِ مُعْتَكِر،
كالفَحْلِ قَرْقَرَ وَسْطَ الهَجْمةِ القَطِم
وقال المفضَّل: التطريفُ أَن يردّ الرجل عن أُخْريات أَصحابه. ويقال:
طرَّفَ عنا هذا الفارسُ؛ وقال متمم:
وقد عَلِمَتْ أُولى المغِيرة أَنَّنا
نُطَرِّفُ خَلْفَ المُوقصاتِ السَّوابقا
وقال شمر: أَعْرِفُ طَرَفَه إذا طَرَدَه. ابن سيده: وطَرَفُ كل شي
مُنتهاه، والجمع كالجمع، والطائفة منه طَرَفٌ أَيضاً. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى اللّه عليه وسلم، قال: عليكم بالتَّلْبِينةِ، وكان إذا اشْتكى
أَحدُهم لم تُنْزَلِ البُرمة حتى يأْتي على أَحد طَرَفَيْه أَي حتى يُفِيق من
عِلَّتِه أَو يموت، وإنما جَعَل هذين طرفيه لأَنهما منتهى أَمر العليل في
علته فهما طرَفاه أَي جانباه. وفي حديث أَسماء بنت أَبي بكر: قالت لابنها
عبداللّه: ما بي عَجَلة إلى الموت حتى آخُذَ على أحد طَرَفَيْكَ: إما
أَن تُسْتَخْلَفَ فتَقَرَّ عيني، وإمَّا أَن تُقْتَل فأَحْتَسِبَك.
وتَطَرَّف الشيءُ: صار طرَفاً.
وشاةٌ مُطرَّفةٌ: بيضاء أَطرافِ الأُذنين وسائرها أَسود، أَو سَوْداؤها
وسائرها أَبيض. وفرس مُطرَّف: خالَفَ لونُ رأْسِه وذنبه سائر لَونه. وقال
أَبو عبيدة: من الخيل أَبْلَقُ مُطرَّف، وهو الذي رأْسه أَبيض، وكذلك إن
كان ذنبه ورأْسه أَبيضين، فهو أَبلق مطرَّف، وقيل: تَطْريفُ الأُذنين
تأْلِيلُهما، وهي دِقّة أَطْرافهما. الجوهري: المُطَرَّف من الخيل، بفتح
الراء، هو الأَبيض الرأْس والذنب وسائره يخالف ذلك، قال: وكذلك إذا كان
أَسود الرأْس والذنب، قال ويقال للشاة إذا اسْوَدَّ طرفُ ذَنبها وسائرها
أَبيض مُطرَّفة. والطَّرَفُ: الشَّواةُ، والجمع أَطْراف. والأَطْرافُ:
الأَصابع، وفي التهذيب: اسم الأَصابع، وكلاهما من ذلك، قال: ولا تفرد
الأَطْرافُ إلا بالإضافة كقولك أَشارت بَطرَفِ إصبَعِها ؛ وأَنشد
الفراء:يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمَهْ
قال الأزهري: جعل الأَطراف بمعنى الطرَف الواحد ولذلك قال عَنَمَه.
ويقال: طَرَّفَت الجارية بَنانَها إذا خضَبت أَطْراف أَصابعها بالحِنَّاء،
وهي مُطَرَّفة، وفي الحديث: أَنَّ إبراهيم الخليل، عليه السلام، جُعل في
سَرَبٍ وهو طِفْل وجُعِل رِزْقه في أَطْرافه أَي كان يَمَصُّ أَصابعه فيجد
فيها ما يُغَذِّيه. وأَطرافُ العَذارَى: عِنب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط
يشبَّه بأَصابع العذارى المُخَضَّبة لطوله، وعُنقودُه نحو الذراع، وقيل:
هو ضرب من عنب الطائف أَبيض طوال دقاق. وطَرَّفَ الشيءَ وتَطَرَّفه:
اخْتاره؛ قال سويد بن كراع العُكلِيُّ:
أُطَرِّفُ أَبكاراً كأَنَّ وُجوهَها
وجُوهُ عَذارى، حُسِّرَتْ أَن تُقَنَّعا
وطرَفُ القومِ: رئيسهم، والجمعُ كالجمع. وقوله عز وجل: أَوَلم يَرَوْا
أَنَّا نأْتي الأَرضَ نَنْقُصها من أَطرافها؛ قال: معناه موتُ علمائها،
وقيل: موت أَهلها ونقصُ ثمارها، وقيل: معناه أَوَلم يروا أَنَّا فتحنا على
المسلمين من الأَرض ما قد تبيَّن لهم، كما قال: أَوَلم يروا أَنَّا نأْتي
الأَرض ننقصها من أَطرافها أَفَهُم الغالبون؛ الأَزهري: أَطرافُ الأَرض
نواحِيها، الواحد طَرَف وننقصها من أَطرافها أَي من نواحِيها ناحيةً
ناحيةً، وعلى هذا من فسّر نقْصَها من أَطرافها فُتوح الأَرضين، وأَما من جعل
نقصها من أَطرافها موت علمائها، فهو من غير هذا، قال: والتفسير على القول
الأَوَّل. وأَطراف الرجال: أَشرافُهم، وإلى هذا ذهب بالتفسير الآخر؛ قال
ابن أَحمر:
عليهنَّ أَطرافٌ من القومِ لم يكنْ
طَعامهُمُ حَبّاً، بِزغْبةَ أَغْبَرَا
وقال الفرزدق:
واسْأَلْ بنا وبكم، إذا ورَدَتْ مِنًى،
أَطرافَ كلِّ قَبِيلةٍ مَنْ يُمْنَعُ
يريد أَشْراف كل قبيلة. قال الأَزهري: الأَطراف بمعنى الأَشراف جمع
الطرَفِ أَيضاً؛ ومنه قول الأَعشى:
هم الطُّرُفُ البادُو العدوِّ، وأَنتُمُ
بقُصْوَى ثلاثٍ تأْكلون الرَّقائِصا
قال ابن الأَعرابي: الطُّرُفُ في هذا البيت بيت الأَعشى جمع طَرِيفٍ،
وهو المُنْحَدِر في النسب، قال: وهو عندهم أَشرف من القُعْدُد. وقال
الأَصمعي: يقال فلان طَريفُ النسب والطَّرافة فيه بَيِّنة وذلك إذا كان كثير
الآباء إلى الجدّ الأَكبر، وفي الحديث: فمال طَرَفٌ من المشركين على رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي قِطعة منهم وجانب؛ ومنه قوله تعالى:
ليقطع طَرَفاً من الذين كفروا. وكلُّ مختار طَرَف، والجمع أَطراف؛ قال:
ولمَّا قَضَيْنا مِنْ مِنًى كلَّ حاجةٍ،
ومَسَّحَ بالأَرْكانِ منْ هو ماسِحُ
أَخَذْنا بأَطْرافِ الأَحاديثِ بَينَنا،
وسالتْ بأَعْناقِ المَطِيِّ الأباطِحُ
قال ابن سيده: عنَى بأَطراف الأَحاديث مُختارها، وهو ما يتعاطاه المحبون
ويتَفاوَضُه ذوو الصبابة المُتَيَّمون من التعريض والتَّلْوِيحِ
والإيماء دون التصريح، وذلك أَحْلى وأَخفُّ وأَغْزَل وأَنسبُ من أَن يكونَ
مشافَهة وكشْفاً ومُصارَحة وجهراً. وطَرائفُ الحديث: مُختاره أَيضاً كأَطرافه؛
قال:
أَذْكُرُ مِن جارَتي ومَجْلِسِها
طَرائفاً من حديثها الحَسَنِ
ومن حديثٍ يَزِيدُني مِقَةً،
ما لِحَدِيثِ المَوْموقِ من ثَمَنِ
أَراد يَزِيدُني مِقة لها. والطَّرَفُ: اللحمُ. والطرَفُ: الطائفةُ من
الناس. تقول: أَصَبْتُ طَرَفاً من الشيء؛ ومنه قوله تعالى: ليَقْطَعَ
طرَفاً من الذين كفروا؛ أي طائفة. وأَطرافُ الرجلِ: أَخوالُه وأَعمامه وكلُّ
قَرِيبٍ له مَحْرَمٍ. والعرب تقول: لا يُدْرَى أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ،
ومعناه لا يُدْرى أَيُّ والدَيْه أَشرف؛ قال: هكذا قاله الفراء. ويقال: لا
يُدرى أَنَسَبُ أَبيه أَفضل أَم نسَبُ أُمّه. وقال أَبو الهيثم: يقال
للرجل ما يَدرِي فلان أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ أَي أَيُّ نصفَيه أَطول،
أَلطَّرَفُ الأَسفل من الطَّرَف الأَعلى، فالنصف الأَسفلُ طَرَف، والأَعْلى
طرَف، والخَصْرُ ما بين مُنْقَطع الضُّلُوع إلى أَطراف الوَرِكَيْنِ وذلك
نصف البدن، والسّوْءةُ بينهما، كأَنه جاهل لا يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْ
نفسِه أَطولُ. ابن سيده: ما يَدْرِي أَي طرفيه أَطول يعني بذلك نسَبه من
قِبَل أَبيه وأُمه، وقيل: طرَفاه لِسانُه وفَرجُه، وقيل: اسْتُه وفمُه لا
يَدرِي أَيُّهما أَعفُّ؛ ويُقَوِّيه قول الراجز:
لو لم يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ،
في صَدْرِه، مَثْلُ قَفا الكَبْشُ الأَجَمّ
يقول: لولا أَنه سَلَحَ وقاء لقامَ في صَدْرِه من الطعام الذي أَكل ما
هو أَغْلظُ وأَضْخَمُ من قَفا الكَبْشِ الأَجَمِّ . وفي حديث طاووسٍ:
أَنَّ رجلاً واقَعَ الشرابَ الشدِيد فَسُقِي فَضَريَ فلقد رأْيتُه في
النِّطَع وما أَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْه أَسْرَعُ؛ أَراد حَلْقَه ودُبرَه أَي
أَصابه القَيْء والإسْهال فلم أَدرِ أَيهما أَسرع خروجاً من كثرته. وفي حديث
قَبِيصةَ ابن جابر: ما رأَيتُ أَقْطَعَ طرَفاً من عمرو بن العاص؛ يريد
أَمْضَى لساناً منه. وطرَفا الإنسان: لسانه وذَكرُه؛ ومنه قولهم: لا يُدرى
أَيُّ طرفيه أَطول. وفلان كريم الطرَفين إذا كان كريم الأَبوَيْن، يراد
به نسَبُ أَبيه ونسب أُّمه؛ وأَنشد أَبو زيد لعَوْن ابن عبداللّه بن
عُتْبة بن مسعود:
فكيفَ بأَطرافي، إذا ما شَتَمْتَني،
وما بعدَ شَتْمِ الوالِدِينَ صُلُوحُ
(* قوله «فكيف بأطرافي إلخ» تقدم في صلح كتابته باطراقي بالقاف والصواب
ما هنا.)
جمعهما أَطرافاً لأَنه أَراد أَبويه ومن اتصل بهما من ذويهما، وقال أَبو
زيد في قوله بأَطرافي قال: أَطْرافُه أَبواه وإخوته وأَعمامه وكل قريب
له محرم؛ الأَزهري: ويقال في غير هذا فلان فاسد الطرَفين إذا كان خَبيثَ
اللسان والفرج، وقد يكون طرَفا الدابة مُقدّمَها ومؤخّرها؛ قال حُمَيد بن
ثور يصف ذئباً وسُرعته:
تَرى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما،
كما اهْتَزَّ عُودُ الساسَمِ المتتايِعُ
أَبو عبيد: ويقال فلان لا يَملِك طرَفيه، يعنون اسْته وفمه، إذا شَرِب
دواءً أَو خمراً فقاء وسَكِر وسَلَحَ. والأَسودُ ذو الطَّرَفين: حَيّة له
إبرتان إحداهما في أَنفه والأُخرى في ذنبه، يقال إنه يضرب بهما فلا
يُطْني الأَرض.
ابن سيده: والطرَفانِ في المَديد حذف أَلف فاعلاتن ونونِها؛ هذا قول
الخليل وإنما حكمه أَن يقول: التَّطْريفُ حذف أَلف فاعلاتن ونونها، أَو يقول
الطرَفانِ الأَلف والنون المحذوفتان من فاعلاتن.
وتَطَرَّفَتِ الشمسُ: دَنَت للغروب؛ قال:
دَنا وقَرْنُ الشمس قد تَطَرَّفا
والطِّرافُ: بَيْت من أَدَم ليس له كِفاء وهو من بيوت الأَعراب؛ ومنه
الحديث: كان عَمرو لمعاوية كالطِّراف المَمدود.
والطوارفُ من الخِباء: ما رَفَعْت من نواحيه لتنظر إلى خارج، وقيل: هي
حِلَقٌ مركبة في الرُّفوف وفيها حِبال تُشدُّ بها إلى الأَوتاد.
والمِطْرَفُ والمُطْرَفُ: واحد المَطارِفِ وهي أَرْدِية من خز مُرَبَّعة
لها أَعْلام، وقيل: ثوب مربع من خزّ له أَعلام. الفراء: المِطْرَفُ من
الثياب ما جعل في طَرَفَيْه عَلمانِ، والأَصل مُطرَف، بالضم، فكسروا الميم
ليكون أَخف كما قالوا مِغْزَل وأَصله مُغْزَل من أُغْزِلَ أَي أُدير،
وكذلك المِصْحَفُ والمِجْسَد؛ وقال الفراء: أَصله الضم لأَنه في المعنى
مأْخوذ من أُطرِفَ أَي جُعل في طرَفه العَلَمان، ولكنهم اسْتَثْقَلوا الضمة
فكسروه. وفي الحديث: رأَيت على أبي هريرة، رضي اللّه عنه، مِطْرَفَ خزٍّ؛
هو بكسر الميم وفتحها وضمها، الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة.
الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لآخر قَدِمَ من سفَر: هل وراءك طَريفةُ
خَبَرٍ تُطْرِفُناه؟ يعني خبراً جديداً، ومُغَرِبَّةُ خبَرٍ مثله.
والطُّرْفةُ: كل شيء استحدَثْته فأَعجبك وهو الطريفُ وما كان طَريفاً، ولقد
طَرُفَ يَطْرُفُ. والطَّريفةُ: ضَرب من الكلإِ، وقيل: هو النَّصِيُّ إذا
يَبِسَ وابْيَضَّ، وقيل: الطَّريفةُ الصِّلِّيانُ وجميع أَنواعهما إذا
اعْتَمَّا وتَمَّا، وقيل: الطريفة من النبات أَوَّل شيء يَسْتَطرِفه المالُ
فيرعاه، كائناً ما كان، وسميت طريفة لأَن المالَ يَطَّرِفُه إذا لم يجد
بقلاً. وقيل: سميت بذلك لكرمها وطَرافَتِها واسْتطراف المال إياها.
وأُطْرِفَتِ الأَرضُ: كثرت طريفتها. وأَرض مطروفة: كثيرة الطريفة. وإبل طَرِفَةٌ:
تَحاتَّتْ مَقادِمُ أَفواهِها من الكِبَر، ورجل طريفٌ بَيِّنُ
الطَّرافة: ماضٍ هَشٌّ. والطَّرَفُ: اسم يُجْمع الطَّرْفاء وقلما يستعمل في الكلام
إلا في الشعر، والواحدة طَرَفةٌ، وقياسه قَصَبة وقصَب وقَصْباء وشجرة
وشجر وشَجْراء.
ابن سيده: والطرَفةُ شجرة وهي الطَّرَفُ، والطرفاء جماعةُ الطرَفةِ
شجرٌ، وبها سمي طَرَفَةُ بن العَبْد، وقال سيبويه: الطرْفاء واحد وجمع،
والطرفاء اسم للجمع، وقيل: واحدتها طرفاءة. وقال ابن جني: من قال طرفاء
فالهمزة عنده للتأنيث، ومن قال طرفاءة فالتاء عنده للتأْنيث، وأَما الهمزة على
قوله فزائدة لغير التأْنيث قال: وأَقوى القولين فيها أَن تكون همزة
مُرْتَجَلَةً غير منقلبة، لأنها إذا كانت منقلبة في هذا المثال فإنها تنقلب عن
أَلف التأْنيث لا غير نحو صَحْراء وصَلْفاء وخَبْراء والخِرْشاء، وقد
يجوز أَن تكون عن حرف علة لغير الإلحاق فتكون في الألف لا في الإلحاق كأَلف
عِلباء وحِرْباء، قال: وهذا مما يؤكِّد عندك حالَ الهاء، أَلا ترى أَنها
إذا أَلحَقت اعتَقَدت فيما قبلها حُكماً ما فإذا لم تُلْحِقْ جاز الحكم
إلى غيره؟ والطَّرْفاء أَيضاً: مَنْبِتُها، وقال أَبو حنيفة: الطرْفاء من
العضاه وهُدْبُه مثل هدب الأَثْلِ، وليس له خشب وإنما يُخرج عِصِيّاً
سَمْحة في السماء، وقد تتحمض بها الإبل إذا لم تجد حَمْضاً غيره؛ قال: وقال
أَبو عمرو الطرفاء من الحَمْض، قال وبها سمي الرجل طَرَفة.
والطَّرْفُ من مَنازِل القمر: كوكبان يَقْدُمانِ الجَبهةَ وهما عَينا
الأَسد ينزلهما القمر.
وبنو طَرَفٍ: قوم من اليمن. وطارِفٌ وطَريفٌ وطُرَيْفٌ وطَرَفةُ
ومُطَرِّفٌ: أَسماء. وطُرَيْف: موضع، وكذلك الطُّرَيْفاتُ؛ قال:
رَعَتْ سُميراء إلى إرْمامِها،
إلى الطُّرَيْفات، إلى أَهْضامِها
وكان يقال لبني عَدِيّ بن حاتم الطَّرَفاتُ قُتِلوا بِصِفِّينَ،
أَسماؤهم: طَريفٌ وطَرَفةُ ومُطَرِّفٌ.
تره: التُّرُّهات والتُّرَّهات: الأَباطيل، واحدتها تُرٍَّهة، وهي
التُّرَّهُ، بضم التاء وفتح الراء المشدّدة، وهي في الأَصل الطُّرُق الصغار
المُتَشَعِّبة عن الطريق الأَعظم، والجمع التَّرَارِه، وقيل: التُّرَّهُ
والتُّرَّهة واحد، وهو الباطل. الأَزهري: التُّرَّهات البواطل من الأُمور؛
وأَنشد لرؤبة:
وحَقَّةٍ ليستْ بقْوْلِ التُّرَّهِ
هي واحدة التُّرَّهات. قال ابن بري في قول رؤبة ليست بقول التُّرَِِّه،
قال: ويقال في جمع تُرَّهَةٍ للباطل تُرَّهُ، قال: ويقال هو احد.
الجوهري: التُّرَّهات الطُّرُق الصِّغار غير الجادَّة تَتَشعَّب عنها، الواحدة
تُرَّهة، فارسي معرّب؛ وأَنشد ابن بري:
ذاكَ الذي، وأَبيكَ، يَعْرِفُ مالكٌ،
والحقُ يَدْفعُ تُرَّهاتِ الباطلِ
واستُعير في الباطل فقيل: التُّرَّهاتُ البَسَابِسُ، والتُّرَّهاتُ
الصَّحاصِحُ، وهو من أَسماء الباطل، وربما جاء مضافاً، وقوم يقولون تُرّهٌ،
والجمع تَراريه؛ وأَنشدوا:
رُدُّوا بَني الأَعْرجِ إِبْلِي مِنْ كَثَبْ
قَبْلَ التَّراريه، وبُعْدِ المُطَّلَبْ
رمي: الليث: رَمى يَرْمي رَمْياً فهو رامٍ. وفي التنزيل العزيز: وما
رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى؛ قال أَبو إسحق: ليس هذا نَفْيَ
رَمْيِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن العرب خُوطِبَت بما تَعْقِل. وروي
أَنّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأَبي بكر، رضي الله عنه: ناوِلْني
كَفّاً من تُرابِ بَطْحاءِ مكةَ، فناولَهُ كفّاً فرَمى به فلم يَبقَ منهم
أَحدٌ من العدُوّ إلا شُغِلَ بعَيْنهِ، فأَعْلَمَ الله عز وجل أَن
كَفّاً من تُرابٍ أَوحَصًى لا يَمْلأُ به عُيونَ ذلك الجيش الكثير بَشَرٌ،
وأَنه سبحانه وتعالى توَلَّى إيصالَ ذلك إلى أَبصارهم فقال: وما رَمَيْتَ
إذْ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى؛ أَي لم يُصِبْ رَمْيُك ذلك ويبْلُغ ذلك
المَبْلَغ، بل إنما الله عز وجل تولى ذلك، فهذا مَجازُ وما رَمَيْتَ إذْ
رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى، وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس أَنه قال:
معناه وما رَمَيْتَ الرُّعْبَ والفَزَعَ في قلوبهم إذْ رَمَيْتَ بالحَصى
ولكنّ الله رَمى؛ وقال المبرد: معناه ما رميت بقوتك إذ رميت ولكن بقوة
الله رميت. ورَمى اللهُ لفلان: نَصَره وصنَع له؛ عن أَبي علي، قال: وهو
معنى قوله تعالى وما رميت إذْ رميت ولكنّ الله رمى، قال: وهذا كله من
الرَّمْيِ لأَنه إذا نصره رَمى عدُوَّه.
ويقال: طَعَنه فأَرْماه عن فَرسه أَي أَلقاه عن ظهر دابته كما يقال
أَذْراه. وأَرْمَيْتُ الحجَرَ من يدي أَي أَلقيت. ابن سيده: رَمى الشيءَ
رَمْياً ورَمى به ورَمى عن القوْس ورَمى عليها، ولا يقال رَمى بها في هذا
المعنى؛ قال الراجز:
أَرْمي عليها فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهي ثلاثُ أَذْرُعٍ وإصْبَعُ
قال ابن بري: إنما جاز رَمَيْتُ عليها لأَنه إذا رَمى عنها جعَلَ
السهمَ عليها. ورَمى القَنَصَ رَمْىاً لا غير. وخرجتُ أَرْتَمِي وخرج
يَرْتَمي إذا خرج يَرْمي القنَصَ؛ وقال الشماخ:
خَلَتْ غيرَ آثارِ الأَراجِيلِ تَرْتَمِي،
تَقَعْقَع في الآباطِ منها وِفاضُها
قال: ترْتمي أَي تَرْمي الصَّيدَ، والأَراجِيلُ رجالةٌ لُصوصٌ. أَبو
عبيدة: ومن أَمثالهم في الأَمر يُتقدَّم فيه قَبْلَ فِعْلِه: قبل الرِّماءِ
تُمْلأُ الكَنائنُ.
والرِّماءُ: المُراماةُ بالنَّبْلِ. والتِّرْماءُ: مثل الرِّماءِ
والمُراماةِ.
وخرجْت أَتَرَمَّى وخرجَ يتَرَمَّى إذا خرج يَرْمي في الأَغْراضِ
وأُصُول الشجر. وفي حديث الكسوف: خرجتُ أَرْتَمي بأَسْهُمي، وفي رواية:
أَتَرامى. يقال رَمَيْت بالسَّهْمِ رَمْىاً وارْتَمَيْت وترامَيْت تَرامِىاً
ورامَيْت مُراماةً إذا رَمَيْت بالسهام عن القِسِيّ، وقيل: خرجتُ أَرْتَمِي
إذا رَمَيْت القَنَصَ، وأَترَمَّى إذا خرجت تَرْمي في الأَهْدافِ
ونحوِها. وفلان مُرْتَمىً للقوم
(* قوله «وفلان مرتمى للقوم إلخ» كذا بالأصل
والتهذيب بهذا الضبط، والذي في القاموس والتكملة: مرتم، بكسر الميم
الثانية وحذف الياء). ومُرْتَبىً أي طليعة. وقوله في الحديث: ليس وراءَ اللهِ
مَرْمىً أَي مَقْصِدٌ تُرْمى إليه الآمالُ ويوجَّه نحوهَ
الرَّجاءُ.والمَرْمى: موضع الرَّمْيِ تشبيهاً بالهَدَف الذي تُرْمى إليه السهام. وفي
حديث زيد بن حارثة: أنه سُبِيَ في الجاهلية فتَرامى به الأَمرُ إلى أَن
صار إلى خديجة، رضي الله عنها، فوَهَبَتْه للنبي، صلى الله عليه وسلم،
فأَعْتَقَه؛ تَرامَى به الأَمرُ إلى كذا أَي صار وأَفْضى إليه، وكأَنه
تَفاعَل من الرَّمْي أَي رَمَتْه الأَقدارُ إليه.
وتَيْسٌ رَمِيٌّ: مَرْمِيٌّ، وكذلك الأُنثى وجمعها رَمايا، إذا لم
يعرفوا ذكراً من أُنثى فهي بالهاء فيهما. وقال اللحياني: عَنْزٌ رَمِيٌّ
ورَمِيَّة، والأَول أَعلى.وفي الحديث الذي جاء في الخوارج: يَمْرُقون من
الدين كما يَمْرُق السهم من الرَّمِيَّة؛ الرَّمِيَّة: هي الطريدة التي
يَرْميها الصائد، وهي كلُّ دابةٍ مَرْمِيَّةٍ، وأُنِّثَتْ لأَنها جُعِلَت
اسماً لا نعتاً،يقال بالهاء للذكر والأُنثى: قال ابن الأَثير:
الرَّمِيَّة الصيد الذي تَرْميه فتَقْصِدهُ ويَنْفُذُ فيه سَهْمُك، وقيل: هي كلُّ
دابة مَرْمِيَّة. الجوهري: الرَّمِيَّة الصيد يُرْمى. قال سيبويه:
وقالوا بئس الرَّميَّةُ الأَرْنَبُ؛ يريدون بئس الشيءُ مما يُرْمى، يذهب إلى
أن الهاء في غالب الأَمر إنما تكون للإشعار بأَن الفعل لم يقع بعدُ
بالمفعول، وكذلك يقولون: هذه ذبيحتك، للشاة التي لم تُذْبَح بعدُ كالضَّحية،
فإذا وقع بها الفعل فيه ذبيحٌ. قالالجوهري في قولهم بئس الرَّمِيَّة
الأَرنب: أَي بئس الشيءُ مما يُرْمى به الأَرنب،قال: وإنما جاءت بالهاء
لأَنها صارت في عداد الأَسماء، وليس هو على رُمِيَتْ فهي مَرْمِيَّة، وعُدِلَ
به إلى فعيل، وإنما هو بئسَ الشيءُ في نفسه مما يُرْمى الأَرْنَبُ.
وبينهم رَمِّيَّا أَي رَمْيٌ. ويقال: كانت بين القومِ رِمِّيَّا ثم
حَجَزَتْ بينهم حِجِّيزى، أَي كان بين القوم تَرامٍ بالحجارة ثم توسَّطَهم
من حجزَ بينهم وكفَّ بعضَهم عن بعض.
والرِّمى: صوت الحجر الذي يَرْمي به الصبي.
والمِرْماةُ: سهمٌ صغير ضعيف؛ قال: وقال أَبو زياد مثلٌ للعرب إذا
رأَوْا كثرةَ المَرَامي في جَفِير الرجل قالوا:
ونَبْلُ العبدِ أَكثرُها المَرامي
قيل: معناه أَن الحُرَّ يغالي بالسهام فيشتري المِعْبَلة والنِّصْل
لأَنه صاحب حربٍ وصيدٍ، والعبد إنما يكون راعياً فتُقْنِعُه المَرامي لأَنها
أَرخصُ أَثماناً إن اشتراها، وإن اسْتَوهَبها لم يَجُدْ له أَحد إلا
بمرْماة. والمِرْماة: سهمُ الأَهداف؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم:
يَدَعُ أَحدُهم الصلاةَ وهو يُدْعى إليها فلا يُجيبُ، ولو دُعِيَ إلى
مِرْماتَيْنِ لأَجابَ، وفي رواية: لو أَن أَحدهم دُعِيَ إلى مِرْماتَيْن
لأَجابَ وهو لا يُجيب إلى الصلاة، فيقال المِرْماةُ الظِّلْفُ ظِلْفُ
الشاةِ. قال أَبو عبيدة: يقال إن المرماتَينِ ما بين ظِلْفَي الشاةِ،
وتُكْسَر ميمُه وتُفتح. قال: وفي بعض الحديث لو أَن رجلاً دَعا الناس إلى
مِرْماتَيْنِ أَو عَرْقٍ أَجابوه، قال: وفيها لغة أُخرى مَرْماة، وقيل:
المِرْماةُ، بالكسر، السَّهمُ الصغير الذي يُتَعلَّمُ فيه الرَّمْيُ وهو
أَحْقَرُ السهام وأَرْذَلُها، أَي لو دُعِي إلى أَن يُعْطى سهمين من هذه
السهام لأَسْرَعَ الإجابة؛ قال الزمخشري: وهذا ليس بوجيه، ويدفعه قوله في
الرواية الأُخرى لو دُعِيَ إلى مِرْماتَين أَو عَرْقٍ.
قال أَبو عبيد: وهذا حرف لا أَدري ما وجهه إلا أَنه هكذا يُفَسَّر بما
بين ظِلْفَي الشاةِ يريد به حقارَته قال ابن بري: قال ابن القَطاع
المِرْماة ما في جَوْفِ ظِلْف الشاة من كُراعِها، وروي عن ابن الأَعرابي
أَنه قال: المِرْماةُ، بالكسر، السَّهْمُ الذي يُرْمى به، في هذا الحديث.
قال ابن شميل: والمَرامي مثل المَسالِّ دقيقةٌ فيها شيءٌ من طول لا
حُروفَ لها ، قال: والقِدْحُ بالحديد مِرْماةٌ، والحديدة وحدها مِرْماةٌ،
قال: وهي للصيد لأَنها أَخَفّ وأَدَقُّ، قال: والمِرْماةُ قِدْح عليه
رِيشٌ وفي أَسْفَلهِ نَصْلٌ مثلُ الإصْبع؛ قال أَبو سعيد: المِرْماتانِ، في
الحديث، سهمان يَرْمي بهما الرجلُ فيُحْرِزُ سَبَقَه فيقول سابَق إلى
إحْرازِ الدنيا وسَبَقِها ويَدَع سَبَق الآخرة. الجوهري: المِرماة مثل
السِّرْوةِ وهو نَصْل مدَوَّرٌ للسَّهْم. ابن سيده: المِرْماة والمَرْماة
هَنَة بين ظِلْفَي الشَّاةِ.
ويقال: أَرْمى الفرسُ براكِبه إذا أَلقاه. ويقال: أَرْمَيْت الحِمْل عن
ظَهْرِ البَعِير فارْتَمى عنه إذا طاح وسَقَط إلى الأَرض؛ ومنه قوله:
وسَوْقاً بالأَماعِزِ يَرْتَمِينا
أَراد يَطِحْن ويَخْرِرْنَ. ورَمَيْت بالسَّهْم رَمْىاً ورِمايَةً
ورامَيْتُه مُراماةً ورِماءً وارْتَمَيْنا وتَرامَيْنا وكانت بينهم
رِمِّىَّا ثم صاروا إلى حِجِّيزى. ويقال للمرأَة. أَنتِ تَرْمِين وأَنْتُنَّ
تَرْمِين، الواحدة والجماعة سواء. وفي الحديث: من قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ في
رِمِّيَّا تكون بينهم بالحجارة؛ الرِّمِّيَّا، بوزن الهِِجِّيرى
والخِصِّيصى: من الرَّمْي، وهو مصدرٌ يُراد به المبالغة. ويقال: تَرامَى القوم
بالسهام وارْتَمَوْا إذا رَمَى بعضُهم بعضاً. الجوهري: رَمَيْت الشيءَ من
يَدي أَي أَلْقَيْته فارْتَمى. ابن سيده: وأَرْمى الشيءَ من يدهِ أَلقاه.
ورَمى الله في يدِه وأَنْفِه وغير ذلك من أَعضائهِ رَمْىاً إذا دُعِي
عليه؛ قال النابغة:
قُعوداً لدى أَبْياتِهم يَثْمِدُونَها،
رَمى اللهُ في تلك الأُنوفِ الكَوانِعِ
والرَّمِيُّ: قِطَعٌ صغار من السحاب، زاد التهذيب: قدرُ الكَفِّ وأَعظمُ
شيئاً، وقيل: هي سحابة عظيمةُ القَطرِ شديدة الوقْعِ، والجمع أَرْماءٌ
وأَرْمِيَةٌ ورَمايا؛ ومنه قول أَبي ذؤَيب يصف عسلاً:
يَمانِيَةٍ أَجْبى لها مَظَّ مائِدٍ،
وآلِ قُراسٍ صوبُ أَرْميَةٍ كُحْلِ
ويروى: صوبُ أَسْقِية. الجوهري: الرَّميّ السّقيُّ وهي السحابة العظيمة
القطرِ. الأَصمعي: الرَّمِيّ والسَّقِيُّ، على وزن فعيل، هما سحابتان
عظيمتا القطر شديدتا الوقع من سحائب الحميم والخريف؛ قال الأَزهري: والقول
ما قاله الأَصمعي؛ وقال مُلَيح الهُذَلي في الرَّميّ السحاب:
حَنِين اليَماني هاجَه، بعْدَ سَلْوةٍ،
ومِيضُ رَميٍّ، آخرَ اللَّيلِ، مُعْرِقِ
وقال أَبو جندب الهذلي وجمعه أَرْمِيةً:
هنالك لو دَعَوْت، أَتاكَ منْهمُ
رجالٌ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الحَميم
والحَميم: مطرُ الصيف، ويكون عظيمَ القطر شديدَ الوَقْع. والسحابُ
يَتَرامى أَي يَنْضم بعضهُ إلى بعض، وكذلك يَرْمي؛ قال المُتَنَخِّل
الهذلي:أَنْشَأَ في العَيْقةِ يَرْمِي لَهُ
جُوفُ رَبابٍ وَرِهٍ مُثْقَلِ
ورَمَى بالقوم من بلد إلى بلد: أَخْرَجهم منه، وقد ارْتَمَت به البلادُ
وترَامَتْ به؛ قال الأَخطل:
ولكن قَذاها زائرٌ لا تُحِبُّهُ،
تَرامَتْ به الغِيطانُ من حيثُ لا يَدْرِي
ابن الأَعرابي: ورَمَى الرَّجلُ إذا سافر. قال أَبو منصور: وسمعت
أَعرابيّاً يقول لآخر أَيْنَ تَرْمِي؟ فقال: أُرِيدُ بلَدَ كذا وكذا؛ أَراد
بقوله أَيْنَ تَرْمِي أَيَّ جهةٍ تَنْوِي. ابن الأَعرابي: ورَمَى فلان
فلاناً بأَمرٍ قبيحٍ أَي قذفه؛ ومنه قول الله عز وجل: والذين يَرْمُون
المُحْصَنات، والذين يَرْمُون أَزواجَهم؛ معناه القَذْف. ورَمَى فلان يَرْمِي
إذا ظَنَّ ظَنّاً غيرَ مُصيب؛ قال أَبو منصور: هو مثل قوله رَجْماً
بالغيب؛ قال طُفَيْل يصف الخيل:
إذا قيلَ: نَهْنِهْها وقد جَدَّ جِدُّها،
تَرامَتْ كخُذْرُوفِ الوَلِيد المُثَقَّفِ
تَرامَتْ: تَتابَعَت وازْدادَتْ. يقال: ما زال الشرُّ يَتَرامَى بينهم
أَي يَتَتابَع. وتَرامَى الجُرْحُ والحَبْنُ إلى فَسادٍ أَي تَراخَى وصار
عَفِناً فاسداً. ويقال: تَرامَى أَمرُ فلانٍ إلى الظَّفَرِ أَو
الخِذْلانِ أَي صار إليه. والرَّمْي: الزيادة في العُمْرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
وعَلَّمَنا الصَّبْرَ آباؤُنا،
وخُطَّ لَنا الرَّمْيُ في الوافِرَهْ
الوافرة: الدنيا. وقال ثعلب: الرَّمْي أَن يُرْمَى بالقومِ إلى بَلَدٍ.
ورَمَى على الخمسين رَمْىاً وأَرْمَى: زاد. وكلُّ ما زاد على شيء فَقَدْ
أَرْمَى عليه؛ وقول أَبي ذؤيب:
فَلَمَّا تَراماهُ الشَّباب وغَيُّه،
وفي النَّفْسِ منِهُ فِتْنَةٌ وفُجورُها
قال السُّكّري: تَراماهُ الشَّباب أَي تَمَّ. والرَّماء، بالمَدَّ:
الرِّبا؛ قال اللحياني: هو على البَدَل. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا
تَبيعُوا الذهب بالفِضَّة إلاَّ يَداً بِيَدٍ هاءَ وهاء إني أَخافُ عليكم
الرَّمَاء؛ قال الكسائي: هو بالفَتْح والمدّ. قال أَبو عبيد: أَراد
بالرَّماء الزيادة بمعنى الرِّبَا، يقول: هو زيادة على ما يَحِلُّ. يقال:
أَرْمَى على الشيءِ إرْماءً إذا زاد عليه كما يقال أَرْبى؛ ومنه قيل: أَرْمَيْت
على الخَمْسين أَي زدت عليها إرْماءً، ورواه بعضهم: إني أَخاف عليكم
الإرْماءَ، فجاءَ بالمصدر؛ وأَنشد لحاتم طيّء:
وأَسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعوبَهُ
نَوَى القَسْبِ قَدْ أَرْمَى ذِراعاً على العَشْرِ
أَي قد زَادَ عليها، وأَرْمَى وأَرْبى لغتان. وأَرْمَى فلانٌ أَي
أَرْبَى. ويقال: سابَّهُ فأَرْمَى عليه إذا زادَ، وحديث عَدِيٍّ الجُذَامِي:
قال يا رسول الله كانَ لي امْرَأَتانِ فاقْتَتَلَتا فَرَمَيْتُ إحْداهما
فرُمِيَ في جنَازَتِها أَي ماتَتْ فقال: اعْقِلْها ولا تَرِتْهَا؛ قال ابن
الأثير: يقال رُمِيَ في جنازةِ فلان إذا مات لأنَّ الجِنازَة تَصيرُ
مَرْميّاً فيها، والمراد بالرَّمْيِ الحَمْلُ والوَضْعُ، والفِعلُ فاعِلهُ
الذي أُسْنِدَ إليه هو الظَّرْفُ بعينه كقولك سِيرَ بِزَيْدٍ، ولذلك لم
يُؤَنَّث الفعل، وقد جاء في رواية فرُمِيَتْ في جِنازَتها، بإظهار
التاء.ورُمَيٌّ ورِمِّيانُ: موضعان. وأَرْميَا: اسمُ نَبِيٍّ؛ قال ابن دريد:
أَحْسبه مُعَرَّباً. قال ابن بري: ورَمَى اسم وادٍ، يصرف ولا يصرف؛ قال
ابن مُقْبِل:
أَحَقّاً أَتاني أَنَّ عَوْفَ بنَ مالِكٍ
ببَطْنِ رَمَى يُهْدِي إلَيَّ القَوافِيَا؟
(* قوله «ببطن رمى» في ياقوت: بين رمى، وقال: بِين رمى، بكسر الباء،
موضع إلخ).
سعع: السَّعِيعُ: الزُؤَانُ أَو نحوه مما يخرج من الطعام فيرمى به،
واحدته سَعِيعةٌ. والسَّعِيعُ: الشَّيْلَمُ. والسَّعِيعُ أَيضاً: أَرْدَأُ
الطعام، وقيل: هو الرَّدِيءُ من الطعام وغيره. وطعام مَسْعُوعٌ: من
السَّعيعِ، وهو الذي أَصابَه السَّهامُ، قال: والسَّهامُ اليَرقانُ.
وتَسَعْسَعَ الرجل إِذا كَبِرَ وهَرِمَ واضطَرَبَ وأَسَنَّ، ولا يكون
التَّسَعْسُعُ إِلاَّ باضْطرابٍ مع الكِبَرِ، وقد تَسَعْسَعَ عُمُره؛ قال
عمرو بن شاس:
ما زال يُزْجِي حُبَّ لَيْلى أَمامَه
ولِيدَيْنِ، حتى عُمْرُنا قد تَسَعْسَعا
وسَعْسَعَ الشيخُ وغيره وتَسَعْسَع: قارَبَ الخَطْوَ واضطَرَبَ من
الكِبَرِ أَو الهَرَمِ؛ قال رؤْبة يذكر امرأَة تخاطب صاحبة لها:
قالَتْ، ولم تَأْلُ به أَن يَسْمَعَا:
يا هِنْدُ، ما أَسْرعَ ما تَسَعْسَعا،
مِنْ بَعْدِ ما كانَ فَتًى سَرَعْرَعا
أَخبرت صاحبتها عنه أَنه قد أَدْبَرَ وفَنِيَ إِلاَّ أَقَلَّه.
والسَّعْسَعةُ: الفَناءُ ونحو ذلك؛ ومنه قولهم: تسعسع الشهر إِذا ذهب أَكثره.
واستعمل عمر، رضي الله عنه، السَّعْسَعةَ في الزمان وذلك أَنه سافر في
عَقِبُ شهر رمضان فقال: إِنَّ الشهر قد تَسَعْسَعَ فلو صُمْنا بَقِيَّتَه، وهو
مذكور في الشين أَيضاً. وتَسَعْسَعَ أَي أَدْبَرَ وفَنِيَ إِلاَّ
أَقَلَّه، وكذلك يقال للإِنسان إِذا كَبِرَ وهَرِمَ تَسَعْسَع. وسَعْسَعَ
شَعْره وسَغْسَغَه إِذا رَوَّاه بالدُّهْنِ. وتَسَعْسَعَت حالُ فلان إِذا
انْحَطَّت. وتَسَعْسَعَ فمه إِذا انْحَسَرَت شفته عن أَسنانه. وكل شيء بَليَ
وتغير إِلى الفساد، فقد تسعسع.
والسُّعْسُعُ: الذئب؛ حكاه يعقوب وأَنشد:
والسُّعْسُعُ الأَطْلَسُ، في حَلْقِه
عِكْرِشةٌ تَنْئِقُ في اللِّهْزِمِ
أَراد تَنْعِقُ فأَبْدَلَ. وسَعْ سَعْ: زَجْر للمَعَزِ. والسَّعْسَعةُ:
زَجْر المِعْزَى إِذا قال: سَعْ سَعْ، وسَعْسَعْتُ بها من ذلك.
سهل: السَّهْلُ: نَقيضُ الحَزْن، والنسبة إِليه سُهْلِيٌّ. ونَهَرٌ
سَهِلٌ: ذو سِهْلَةٍ. والسُّهولة: ضد الحُزُونة، وقد سَهُل الموضعُ، بالضم.
ابن سيده: السَّهْلُ كل شيء إِلى اللِّين وقِلة الخشونة، والنسب إِليه
سُهْلِيٌّ، بالضم، على غير قياس. والسَّهِلُ: كالسَّهْل؛ قال الجعدي يصف
سحاباً:
حتى إِذا هَبَط الأَفْلاحَ وانْقَطَعَتْ
عنه الجَنوبُ، وحَلَّ الغائطَ السَّهِلا
وقد سَهُلَ سُهولةً. وسَهَّله: صَيَّره سَهْلاً. وفي الدعاء: سَهَّل
اللهُ عليك الأَمرَ ولك أَي حَمَل مؤنَته عنك وخَفَّفَ عليك. والسَّهْل من
الأَرض: نقيض الحَزن، وهو من الأَسماء التي أُجريت مُجْرى الظروف، والجمع
سُهول. وأَرض سَهْلة، وقد سَهُلَتْ سُهولةً، جاؤوا به على بناء ضده، وهو
قولهم حَزُنَتْ حُزُونةً. وأَسْهَلَ القومُ: صاروا في السَّهْل.
وأَسْهَلَ القومُ إِذا نزلوا السَّهْل بعدما كانوا نازلين بالحَزْن. وفي حديث رمي
الجمار: ثم يأْخذ ذاتَ الشِّمال فيُسْهِل فيقوم مُسْتقبلَ القبلة؛
أَسْهَلَ يُسْهِل إِذا صار إِلى السَّهْل من الأَرض، وهو ضد الحَزْن، أَراد
أَنه صار إِلى بطن الوادي. وأَسْهَلوا إِذا استعملوا السُّهولة مع الناس،
وأَحْزَنوا إِذا استعملوا الحُزونة؛ قال لبيد:
فإِن يُسْهِلوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتي،
وإِن يُحْزِنوا أَرْكَبْ بهم كُلَّ مَرْكَب
وقول غَيْلان الرَّبَعي يَصف حَلْبة:
وأَسْهَلوهُنَّ دُقاقَ البَطْحا
إِنما أَراد أَسْهَلوا بهنَّ في دُقاق البطحاء فحذف الحرف وأَوْصَل.
وبعيرٌ سُهْليٌّ: يَرْعى في السُّهولة.
والتسهيل: التيسير. والتَّساهُل: التسامُح. واسْتَسْهَلَ الشيءَ: عَدَّه
سَهْلاً. وفي الحديث: من كَذَبَ عليّ مُتَعَمِّداً فقد اسْتَهَلَ مكانَه
من جهنم أَي تَبَوَّأَ واتخذ مكاناً سَهْلاً من جهنَّم، وهو افْتَعَل من
السَّهْل، وليس في جهنم سَهْلٌ أَعاذنا الله منها برحمته.
ورَجُلٌ سَهْلُ الوجه؛ عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه
يُعْنى بذلك قلة لحمه وهو ما يُسْتَحْسَن. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين،
ورَجُلٌ سَهْلُ الخُلُق.
والسِّهْلة والسِّهْل: تراب كالرمل يجيء به الماء. وأَرض سَهِلةٌ: كثيرة
السِّهْلة، فإِذا قلت سَهْلة فهي نقيض حَزْنة. قال أَبو منصور: لم أَسمع
سَهِلة لغير الليث. ابن الأَعرابي: يقال لرَمْل البحر السِّهْلة؛ هكذا
قاله بكسر السين. أَبو عمرو بن العلاء: ينسب إِلى الأَرض السَّهْلة
سُهْلِيٌّ، بضم السين. الجوهري: السِّهْلة، بكسر السين، رَمْلٌ ليس بالدُّقاق.
وفي حديث أُم سلمة في مَقْتَل الحسين، عليه السلام: أَن جبريل، عليه
السلام، أَتاه بسِهْلة أَو تراب أَحمر؛ السِّهْلة: رمل خَشِن ليس بالدّقاق
الناعم.
وإِسْهالُ البَطْن: كالخِلْفَة، وقد أُسْهِل الرَّجُلُ وأُسْهِل بطنُه،
وأَسْهَله الدَّواءُ، وإِسْهالُ البطن: أَن يُسْهِله دَواءٌ، وأَسْهَل
الدواءُ طبيعتَه. والسَّهْل: الغُرابُ.
وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسمان. وسُهَيْلٌ: كوكبٌ يَمانٍ. الأَزهري: سُهَيْلٌ
كوكب لا يُرى بخُراسان ويُرى بالعراق؛ قال الليث: بَلَغَنا أَن
سُهَيْلاً كان عَشَّاراً على طريق اليمن ظَلوماً فمسَخَه الله كوكباً. وقال ابن
كُناسة: سُهَيْلٌ يُرى بالحجاز وفي جميع أَرض العرب ولا يُرى بأَرض
أَرمِينِيَة، وبين رُؤية أَهل الحجاز سُهَيْلاً ورؤية أَهل العراق إِيَّاه
عشرون يوماً؛ قال الشاعر:
إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ،
فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ، والحِقُّ جَذَعْ
ويقال: إِنه يَطْلُع عند نَتاج الإِبل، فإِذا حالَتِ السَّنَةُ
تَحَوَّلَت أَسنانُ الإِبل.
طغي: الأَزهري: الليث الطُّغْيانُ والطُّغْوانُ لغةٌ فيه، والطَّغْوَى
بالفتح مثلُه، والفِعْل طَغَوْت وطَغَيْت، والاسم الطَّغْوَى. ابن سيده:
طَغَى يَطْغى طَغْياً ويَطْغُو طُغْياناً جاوَزَ القَدْرَ وارتفع وغَلا في
الكُفْرِ. وفي حديث وَهْبٍ: إِنَّ لِلْعِلْم طُغْياناً كطُغْيانِ
المَالِ أَي يَحْمِل صاحِبَه على التَّرَخُّص بما اشْتَبَه منه إِلى ما لا
يَحِلُّ له، ويَتَرَفَّع به على مَنْ دُونَه، ولا يُعْطي حَقَّه بالعَمَلِ به
كما يَفْعَلُ رَبُّ المالِ. وكلُّ مجاوز حدَّه في العِصْيانِ طَاغٍ.
ابنَ سيده: طَغَوْتُ أَطْغُو وأَطْغَى طُغُوّاً كَطَغَيْت، وطَغْوَى فَعْلى
منهما. وقال الفراء منهما في قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمودُ بطَغْواها،
قال: أَراد بطُغْيانِها، وهما مصدَران إِلاَّ أَنَّ الطَّغْوَى أَشكل
برُؤُوس الآيات فاخْتير لذلك أَلا تراه قال: وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحَمْدُ
للهِف معناهُ وآخِرُ دُعائِهِمْ. وقال الزَّجَّاج: أَصل طَغْواها
طَغْياهَا، وفَعْلى إِذا كانت من ذواتِ الياءِ أُبْدِلَتْ في الاسم واواً
ليُفْصَل بين الاسم والصِّفَةِ، تقول هي التَّقْوَى، وإِنما هي من تَقَيْتُ، وهي
البَقْوَى من بَقيت. وقالوا: امرأَةٌ خَزْيا لأَنه صِفَة. وفي التنزيل
العزيز: ونَذَرُهُمْ في طُغْيانِهِم يَعْمَهُون.وطَغِيَ يَطْغَى مِثْلُه.
وأَطّغاهُ المالُ أَي جَعَلَه طاغِياً. وقوله عز وجل: فأَمَّا ثَمُودُ
فأُهْلِكُوا بالطَّغيةِ؛ قال الزجاجُ: الطَّاغِيَةُ طُغْيانُهُم اسم
كالعاقِبَةِ والعافِيَة. وقال قَتادة: بَعَثَ اللهُ عليهم صيحةً، وقيل:
أُهْلِكُوا بالطاغيةِ أَي بصيحة العذابِ، وقيل أُهْلِكوا بالطاغية أَي
بطُغْيانهم. وقال أَبو بكر: الطغْيا البغي والكُفْرُ؛ وأَنشد:
وإِنْ رَكِبوا طَغْياهُمُ وضلالَهُم،
فليس عذابُ اللهِ عنهم بِلابِثِ
وقال تعالى: ويَمُدُّهم في طُغْيانِهِم يَعْمَهُونَ.
وطَغَى الماءُ والبحر: ارتَفَع وعلا على كلِّ شيءٍ فاخْتَرَقَه. وفي
التنزيل العزيز: إِنَّا لَمَّا طَغَى الماءُ حَمَلْناكم في الجاريةِ. وطَغَى
البحرُ: هاجَتْ أمواجُه. وطَغَى الدم: تَبَيَّغَ. وطَغَى السَّيْلُ إِذا
جاءَ بماءٍ كثيرٍ. وكلُّ شيءٍ جاوز القَدْرَ فقد طَغَى كما طَغَى الماءُ
على قومِ نوحٍ، وكما طَغَتِ الصيحةُ على ثمودَ.
وتقول: سمعتُ طَغْيَ فلانٍ أَي صَوْتَه، هُذَلِيَّة، وفي النوادِرِ:
سمعتُ طَغْيَ القومِ وطَهْيَهم ووَغْيَهم أَي صَوْتَهم. وطَغَتِ البقرةُ
تَطْغَى: صاحَتْ. ابن الأَعرابي: يقالُ للبقرة الخائرَةُ والطَّغْيَا، وقال
المُفَضَّل: طُغْيَا، وفتَحَ الأَصْمَعِيُّ طاء طَغْيَا. وقال ابن
الأَنْبارِي: قال أَبو العباس طَغْيَا، مقصورٌ غير مصروفة، وهي بقرةُ الوَحْشِ
الصغيرةُ. ويحكى عن الأَصْمعي أَنه قال: طُغْيَا، فَضَمَّ. وطَغْيَا:
اسمٌ لبَقَرةِ الوحشِ، وقيل للصَّغيرِ من بقرِ الوحشِ من ذلك جاء شاذّاً؛
قال أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائذٍ الهُذَلي:
وإِلاَّ النَّعامَ وحَفَّانَهُ،
وطَغْيَا مع اللَّهَقِ الناشِطِ
قال الأَصمعي: طُغْيا بالضم، وقال ثعلب: طَغْيا بالفتح، وهو الصغيرُ من
بقر الوحشِ؛ قال ابن بري: قول الأَصمعي هو الصحيح، وقول ثعلب غلط لأَن
فَعْلى إِذا كانت اسماً يجبُ قلب يائها واواً نحو شَرْوَى وتَقْوَى، وهما
من شَرَيْتُ وتَقَيْت، فكذلك يجب في طَغْيا أَن يكون طَغْوَى، قال: ولا
يلزم ذلك في قول الأَصمعي لأَن فُعْلى إِذا كانت من الواو وَجَب قلب الواو
فيها ياءً نحو الدنيا والعُلْيا، وهُما من دَنَوْتُ وعَلَوْت.
والطاغِية: الصاعِقةُ.
والطَّغْيةُ: المُسْتَصْعَبُ العالي من الجبل، وقيل: أَعْلى الجبل، قال
ساعِدة بن جُؤيَّة:
صَبَّ اللَّهِيفُ لها السُّبُوبَ بطَغْيةٍ
تُنبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
قوله: تُنْبي أَي تَدْفَع لأَنه لا يَثْبُت عليها مَخالِبُها
لمَلاسَتِها، وكلُّ مكانٍ مُرتَفع طَغْوةٌ، وقيل: الطَّغْيَةُ الصَّفاةُ
المَلْساءُ؛ وقال أَبو زيد: الطَّغْيةُ من كلِّ شيء نُبْذَةٌ منه،
وأَنشد بيتَ سَاعدةَ أَيضًا يصف مُشْتارَ العسل؛ قال ابن بري: واللَّهِيفُ
المكروبُ، والسُّبُوبُ جمع سِبٍّ الحَبْل، والطَّغْيةُ الناحية من الجبلِ،
ويُلَطُّ يُكَبُّ، والمِجْنَبُ التُّرْس أَي هذه الطَّغْية كأَنها تُرْسٌ
مَكْبُوبٌ. وقال ابن الأَعرابي: قيل لابْنَةِ الخُسِّ ما مائةٌ من
الخَيْل؟ قالت: طَغْيٌ عند مَنْ كانت ولا توجدُ؛ فإِما أَن تكون أَرادت
الطُّغْيانَ أَي أَنها تُطْغي صاحبَها، وإِما أَن تكون عَنَتِ الكَثْرَةَ، ولم
يُفَسِّره ابنُ الأَعْرابي.
والطاغوتُ، يقعُ على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث: وزْنُه فَعَلُوتٌ
إنما هو طَغَيُوتٌ، قُدِّمتِ الياءُ قبل الغَيْن، وهي مفتوحة وقبلها
فَتْحَةٌ فَقُلِبَتْ أَلِفاً. وطاغُوتٌ، وإِن جاء على وزن لاهُوتٍ فهو
مَقْلُوبٌ لأَنه من طَغَى، ولاهُوت غير مَقْلوبٍ لأَنه من لاه بمَنْزِلة
الرَّغَبُوت والرَّهَبُوتِ، وأَصل وَزْن طاغُوتٍ طَغَيُوت على فَعَلُوتٍ، ثم
قُدِّمَتِ الياءُ قبل الغينِ مُحافَظَة على بَقائِها فَصار طَيَغُوت،
ووَزْنُه فَلَعُوت، ثم قُلِبت الياء أَلفاً لتَحَرُّكها وانفتاح ما قبلها فصار
طاغُوت. وقوله تعالى: يُؤْمنُون بالجِبْتِ والطَّاغُوت؛ قال الليث:
الطاغُوت تاؤها زائدةٌ وهي مُشْتَقَّةٌ من طَغَى، وقال أَبو إِسحق: كلُّ
معبودٍ من دون الله عز وجلّ جِبْتٌ وطاغُوتٌ، وقيل: الجِبْتُ والطَّاغُوتُ
الكَهَنَةُ والشَّياطينُ، وقيل في بعض التفسير: الجِبْتُ والطَّاغُوت
حُيَيُّ بن أَخْطَبَ وكعبُ بنُ الأَشْرفِ اليَهودِيّانِ؛ قال الأَزهري: وهذا
غيرُ خارج عَمَّا قال أَهل اللغة لأَنهم إِذا اتَّبَعُوا أَمرَهما فقد
أَطاعُوهما من دون الله. وقال الشَّعبيُّ وعطاءٌ ومجاهدٌ: الجِبْتُ السِّحرُ،
والطاغوتُ: الشيطان: والكاهِنُ وكلُّ رأْسٍ في الضَّلال، قد يكون
واحداً؛ قال تعالى: يُريدون أَن يَتحاكَمُوا إِلى الطاغوت وقد أُمِرُوا أَن
يَكْفُروا به؛ وقد يكون جَمْعاً؛ قال تعالى: والذين كفَروا أَوْ لِياؤهم
الطاغوتُ يُخْرِجُونهم؛ فَجَمَع؛ قال الليث: إِنما أَخبر عن الطاغُوت
بجَمْعٍ لأَنه جنسٌ على حدّ قوله تعالى: أَو الطِّفْلِ الذينَ لم يَظْهَرُوا
على عَوْراتِ النساء؛ وقال الكسائي: الطاغوتُ واحدٌ وجِماعٌ؛ وقال ابن
السكيت: هو مثل الفُلْكِ يُذَكَّرُ ويؤنَّث؛ قال تعالى: والذين اجْتَنَبُوا
الطاغوتَ أَن يَعْبُدوها؛ وقال الأَخفش: الطاغوتُ يكونُ للأَصْنامِ،
والطاغوتُ يكون من الجِنِّ والإِنس، وقال شمر: الطاغوت يكون من الأَصنام ويكون
من الشياطين؛ ابن الأَعرابي: الجِبْتُ رَئيس اليَهود والطاغوتُ رئيس
النصارَى؛ وقال ابن عباس: الطاغوتُ كعبُ ابنُ الأَشْرفِ، والجِبْتُ حُيَيُّ
بن أَخْطَبَ، وجمعُ الطاغوتِ طَواغِيتُ. وفي الحديث: لا تَحْلِفُوا
بآبائكُمْ ولا بالطَّواغِي، وفي الآخر: ولا بالطَّواغِيتِ، فالطَّوَاغِي جمع
طاغيَةٍ، وهي ما كانوا يَعْبُدونه من الأَصْنامِ وغَيْرِها؛ ومنه: هذه
طَاغِيَةُ دَوْسٍ وخَثْعَمَ أَي صَنَمُهم ومَعْبودُهم، قال: ويجوز أَن يكون
أَراد بالطَّواغِي من طَغَى في الكُفرِ وجاوَزَ الحَدَّ، وهم عُظَماؤهم
وكُبَراؤهم، قال: وأَما الطَّواغِيتُ فجمع طاغوت وهو الشيطانُ أَو ما
يُزَيّن لهم أَن يَعْبُدوا من الأَصْنامِ. ويقال: للصَّنَم: طاغوتٌ.
والطاغِيةُ: مَلِكُ الرُّومِ. الليث: الطاغِيةُ الجَبَّارُ العَنيدُ. ابن شميل:
الطاغِيةُ الأَحْمَقُ المسْتَكْبِرُ الظالِمُ. وقال شمر: الطَّاغِيَة الذي
لا يُبالي ما أَتى يأْكلُ الناسَ ويَقْهَرُهم، لا يَثْنِيه تَحَرُّجٌ
ولا فَرَقٌ.