وانْقَفَشَ العَنْكَبُوتُ وغيرُه: انْجَحَرَ، وضَمَّ جَرامِيزَهُ وقَوائمَه.
وانْقَفَشَ العَنْكَبُوتُ وغيرُه: انْجَحَرَ، وضَمَّ جَرامِيزَهُ وقَوائمَه.
ملذ: مَلَذَه يَمْلُذُه مَلْذاً: أَرضاه بكلام لطيف وأَسمعه ما يسر ولا
فعل له معه؛ قال أَبو إِسحق: الذال فيها بدل من الثاء.
ورجل مَلاَّذٌ ومِلْوذ ومَلَذان ومَلَذانيٌّ: يتصنع كذوب لا يصح ودّه،
وقيل: هو الكذاب الذي لا يصدق أَثره يكذبك من أَين جاء؛ قال الشاعر:
جئتُ فسلّمتُ على مُعاذِ،
تسليمَ مَلاَّذٍ على مَلاَّذِ
والمَلْثُ: مثل المَلْذِ؛ وأَنشد ثعلب:
إِني إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ،
ذو نَخْوَةٍ أَو جَدِلٌ بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ
والمِمْسَحُ: الكذاب؛ وفي حديث عائشة وتمثلت بشعر لبيد:
مُتَحدّثُون قابِلُهُمْ، وإِن لم يَشْعَبِ
المَلاذَةُ: مصدر مَلَذَه مَلْذاً ومَلاذَةً. والمِلْوذُ: الذي لا يصدق
في مودته، وأَصل الملْذ الــسرعة في المجيء والذهاب. الجوهري: المَلاَّذُ
المُطَرْمِذ الكذاب، له كلام وليس له فعال.
ومَلَذَهُ بالرمح مَلْذاً: طعنه. والمَلْذُ في عدو الفرس: مَدٌّ
ضَبُعَيْه؛ قال الكميت يصف حماراً وأُتنه:
إِذا مَلَذَ التَّقْريبَ حاكَينَ مَلْذَهُ،
وإِن هو منه آلَ أُلْنَ إِلى النَّقَلْ
وملذ الفرسُ يَمْلُذُ مَلْذاً، وهو أَن يمدَّ ضَبُعَيْهِ حتى لا يجد
مزيداً للحاق ويحبس رجليه حتى لا يجد مزيداً للحاق في غير اختلاط. وذئب
ملاَّذ: خفيّ خفيف. والمَلَذانُ: الذي يُظهر النصح ويضمر غيره.
ولس: الوَلْس: الخيانة، ومنه قوله: لا يُوالِس ولا يُدالس. وما لي في
هذا الأَمر وَلْسٌ ولا دَلْسٌ أَي ما لي فيه خَديعَة ولا خيانة.
والمُوَالَسَة: الخِداع. يقال: قد تَوالَسُوا عليه وتَرَاقدوا عليه أَي تناصروا
عليه في خِبٍّ وخَديعة. وَوَالَسَه: خادَعه. والمُوالَسَة: شبه المُداهَنَة
في الأَمر. ويقال للذئب ولاَّسٌ.
والوَلْسُ: الــسرعة. وَوَلَسَت الناقة تَلِس وَلَساناً فهي وَلُوسٌ:
أَسرعت، وقيل: أَعْنَقَتْ في سيرها، وقيل: الوَلَسان سير فوق العَنَق والإِبل
يُوالِسُ بعضها بعضاً في السير، وهو ضرب من العَنَق. التهذيب: الوَلُوس
الناقة التي تَلِس في سيرها وَلَساناً، والوَلُوس: السريعة من الإِبل.
سوم: السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ على البيع. الجوهري: السَّوْمُ في
المبايعة يقال منه ساوَمْتُهُ سُواماً، واسْتامَ عليَّ، وتساوَمْنا،
المحكم وغيره: سُمْتُ بالسلْعةِ أَسومُ بها سَوْماً وساوَمْت واسْتَمْتُ بها
وعليها غاليت، واسْتَمْتُه إِياها وعليها غالَيْتُ، واسْتَمْتُهُ إِياها
سأَلته سَوْمَها، وسامَنيها ذَكَرَ لي سَوْمَها. وإِنه لغالي السِّيمَةِ
والسُّومَةِ إِذا كان يُغْلي السَّوْمَ. ويقال: سُمْتُ فلاناً سِلعتي
سَوْماً إِذا قلتَ أَتأْخُذُها بكذا من الثمن؟ ومثل ذلك سُمْتُ بسِلْعتي
سَوْماً. ويقال: اسْتَمْتُ عليه بسِلْعتي استِياماً إِذا كنتَ أَنت تذكر
ثمنها. ويقال: اسْتامَ مني بسِلْعتي اسْتِياماً إِذا كان هو العارض عليك
الثَّمَن. وسامني الرجلُ بسِلْعته سَوْماً: وذلك حين يذكر لك هو ثمنها،
والاسم من جميع ذلك السُّومَةُ والسِّيمَةُ. وفي الحديث: نهى أَن يَسومَ
الرجلُ على سَومِ أَخيه؛ المُساوَمَةُ: المجاذبة بين البائع والمشتري على
السِّلْعةِ وفصلُ ثمنها، والمنهي عنه أَن يَتَساوَمَ المتبايعانِ في
السِّلْعَةِ ويتقارَبَ الانعِقادُ فيجيء رجل آخر يريد أَن يشتري تلك السِّلْعَةَ
ويخرجها من يد المشتري الأَوَّل بزيادة على ما اسْتَقَرَّ الأَمرُ عليه
بين المُتساوِمَيْنِ ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما
فيه من الإِفساد، ومباح في أَوَّل العَرْضِ والمُساوَمَةِ. وفي الحديث
أَيضاً: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن السَّوْم قبل طلوع الشمس؛ قال
أَبو إِسحق: السَّوْمُ أَن يُساوِمَ بسِلْعَتِه، ونهى عن ذلك في ذلك الوقت
لأَنه وقت يذكر الله فيه فلا يشتغل بغيره، قال: ويجوز أَن يكون السَّوْمُ
من رَعْي الإِبل، لأَنها إِذا رَعَت الرِّعْي قبل شروق الشمس عليه وهو
نَدٍ أَصابها منه داء قتلها، وذلك معروف عند أَهل المال من العرب.
وسُمْتُكَ بَعِيرَك سِيمةً حسنة، وإِنه لغالي السِّيمةِ. وسامَ أَي مَرَّ؛ وقال
صخر الهذلي:
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،
إِذا سامَتْ على المَلَقاتِ ساما
وسَوْمُ الرياح: مَرُّها، وسامَتِ الإِبلُ والريحُ سَوْماً: استمرّت؛
وقول ذي الرُّمَّةِ:
ومُسْتامة تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بِصاحاتِ الأَيادي وتُمْسَحُ
يعني أَرضاً تَسُومُ فيها الإِبل، من السَّوْم الذي هو الرَّعْي لا من
السَّوْم الذي هو البيع، وتُباعُ: تَمُدُّ فيها الإِبل باعَها، وتَمْسَحُ:
من المسح الذي هو القطع، من قول الله عز وجل: فطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوقِ
والأَعْناقِ. الأَصمعي: السَّوْمُ سرعة المَرِّ؛ يقال: سامَتِ الناقَةُ
تَسُومُ سَوْماً؛ وأَنشد بيت الراعي:
مَقَّاء مُنْفَتَقِ الإِبطَيْنِ ماهِرَة
بالسَّوْمِ، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
ومنه قول عبد الله ذي النِّجادَيْنِ يخاطب ناقةَ سيدنا رسول الله، صلى
الله عليه وسلم:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ
وقال غيره: السَّوْمُ سرعة المَرِّ مع قصد الصَّوْب في السير.
والسَّوَامُ والسائمةُ بمعنى: وهو المال الراعي. وسامَتِ الراعيةُ
والماشيةُ والغنم تَسُومُ سَوْماً: رعت حيث شاءت، فهي سائِمَةٌ؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
ذاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانةٌ
غَرْبَةُ العَيْنِ، جِهادُ المَسامْ
(* قوله «جهاد المسام» البيت للطرماح كما نسبه إليه في مادة جهد، لكنه
أبدل هناك المسام بالسنام وهو كذلك في نسخة من المحكم)
وفسره فقال: المَسامُ الذي تَسومُهُ أَي تلزمه ولا تَبْرَحُ منه.
والسَّوامُ والسائمةُ: الإِبل الراعية. وأَسامَها هو: أَرعاها، وسَوَّمَها،
أَسَمْتُها أَنا: أَخرجتها إِلى الرَّعْيِ؛ قال الله تعالى: فيه تُسِيمون.
والسَّوَامُ: كل ما رعى من المال في الفَلَواتِ إِذا خُلِّيَ وسَوْمَهُ
يرعى حيث شاء. والسَّائِمُ: الذاهب على وجهه حيث شاء. يقال: سامَتِ
السائمةُ وأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها إِذا رَعًّيْتَها. ثعلب: أَسَمْتُ الإِبلَ
إِذا خَلَّيْتَها ترعى. وقال الأَصمعي: السَّوامُ والسائمة كل إِبل
تُرْسَلُ ترعى ولا تُعْلَفُ في الأصل، وجَمْعُ السَّائم والسائِمة سَوائِمُ.
وفي الحديث: في سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ. وفي الحديث أَيضاً: السائمة
جُبَارٌ، يعني أَن الدابة المُرْسَلَة في مَرْعاها إِذا أَصابت إِنساناً كانت
جنايتُها هَدَراً.
وسامه الأَمرَ سَوْماً: كَلَّفَه إِياه، وقال الزجاج: أَولاه إِياه،
وأَكثر ما يستعمل في العذاب والشر والظلم. وفي التنزيل: يَسُومونكم سُوءَ
العذاب؛ وقال أَبو إِسحق: يسومونكم يُولُونَكم؛ التهذيب: والسَّوْم من قوله
تعالى يسومونكم سوء العذاب؛ قال الليث: السَّوْمُ أَن تُجَشِّمَ
إِنساناً مشقة أَو سوءاً أَو ظلماً، وقال شمر: سامُوهم أَرادوهم به، وقيل:
عَرَضُوا عليهم، والعرب تقول: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ؛ قال الكسائي: وهو
بمعنى قول العامة عَرْضٌ سابِريٌّ؛ قال شمر: يُضْرَبُ هذا مثلاً لمن
يَعْرِضُ عليك ما أَنت عنه غَنيّ، كالرجل يعلم أَنك نزلت دار رجل ضيفاً
فَيَعْرِضُ عليك القِرى. وسُمْتُه خَسْفاً أَي أَوليته إِياه وأَردته عليه.
ويقال: سُمْتُه حاجةً أَي كلفته إِياها وجَشَّمْتُه إِياها، من قوله تعالى:
يَسُومُونكم سُوءَ العذاب؛ أَي يُجَشِّمونَكم أَشَدَّ العذاب. وفي حديث
فاطمة: أَنها أَتت النبي، صلى الله عليه وسلم، بِبُرْمةٍ فيها سَخِينَةٌ
فأَكل وما سامني غَيْرَهُ، وما أَكل قَطُّ إِلاَّ سامني غَيْرَهُ؛ هو من
السَّوْمِ التكليف، وقيل: معناه عَرَضَ عَليَّ، من السَّوْمِ وهو طلب
الشراء. وفي حديث علي، عليه السلام: مَن ترك الجهادَ أَلْبَسَهُ الله
الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْف أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.
والسُّومَةُ والسِّيمةُ والسِّيماء والسِّيمِياءُ: العلامة. وسَوَّمَ
الفرسَ: جعل عليه السِّيمة. وقوله عز وجل: حجارةً من طينٍ مُسَوَّمَةً عند
ربك للمُسْرفين؛ قال الزجاج: روي عن الحسن أَنها مُعَلَّمة ببياض وحمرة،
وقال غيره: مُسَوَّمة بعلامة يعلم بها أَنها ليست من حجارة الدنيا ويعلم
بسيماها أَنها مما عَذَّبَ اللهُ بها؛ الجوهري: مُسَوَّمة أَي عليها
أَمثال الخواتيم. الجوهري: السُّومة، بالضم، العلامة تجعل على الشاة وفي
الحرب أَيضاً، تقول منه: تَسَوَّمَ. قال أَبو بكر: قولهم عليه سِيما حَسَنَةٌ
معناه علامة، وهي مأُخوذة من وَسَمْتُ أَسِمُ، قال: والأَصل في سيما
وِسْمى فحوّلت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا ما
أَطْيَبَهُ وأَيْطَبَه، فصار سِوْمى وجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما
قبلها. وفي التنزيل العزيز: والخيلِ المُسَوَّمَةِ. قال أَبو زيد: الخيل
المُسَوَّمة المُرْسَلة وعليها ركبانها، وهو من قولك: سَوَّمْتُ فلاناً إِذا
خَلَّيته وسَوْمه أَي وما يريد، وقيل: الخيل المُسَوَّمة هي التي عليها
السِّيما والسُّومةُ وهي العلامة. وقال ابن الأَعرابي: السِّيَمُ العلاماتُ
على صُوف الغنم. وقال تعالى: من الملائكة مُسَوَّمين؛ قرئَ بفتح الواو،
أَراد مُعَلَّمين. والخَيْلُ المُسَوَّمة: المَرْعِيَّة،
والمُسَوَّمَةُ: المُعَلَّمةُ. وقوله تعالى: مُسَوّمين، قال الأَخفش: يكون مُعَلَّمين
ويكون مُرْسَلِينَ من قولك سَوَّم فيها الخيلَ أَي أَرسلها؛ ومنه السائمة،
وإِنما جاء بالياء والنون لأَن الخيل سُوِّمَتْ وعليها رُكْبانُها. وفي
الحديث: إِن لله فُرْساناً من أَهل السماء مُسَوَّمِينَ أَي
مُعَلَّمِينَ. وفي الحديث: قال يوم بَدْرٍ سَوِّمُوا فإِن الملائكة قد سَوَّمَتْ أَي
اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً. وفي حديث الخوارج: سِيماهُمُ
التحليق أَي علامتهم، والأَصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين وتمدّ وتقصر،
الليث: سَوَّمَ فلانٌ فرسه إِذا أَعْلَم عليه بحريرة أَو بشيء يعرف به،
قال: والسِّيما ياؤها في الأَصل واو، وهي العلامة يعرف بها الخير والشر. قال
الله تعالى: تَعْرفُهم بسيماهم؛ قال: وفيه لغة أُخرى السِّيماء بالمد؛
قال الراجز:
غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعاً،
له سِيماءُ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
(* قوله سيماء؛ هكذا في الأصل، والوزن مختل، ولعلَّها سيمياء كما سوف
يأتي في الصفحة التالية).
تأْنيث سِيما غيرَ مُجْرىً. الجوهري: السيما مقصور من الواو، قال تعالى:
سِيماهُم في وجوههم؛ قال: وقد يجيء السِّيما والسِّيميَا ممدودين؛
وأَنشد لأُسَيْدِ ابن عَنْقاء الفَزارِيِّ يمدح عُمَيْلَةَ حين قاسمه
مالَه:غُلامٌ رَماه الله بالحُسْنِ يافعاً،
له سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ،
وفي جِيدِه الشِّعْرَى، وفي وجهه القَمَر
له سِيمياء لا تشق على البصر أَي يَفْرَح به من ينظر إِليه. قال ابن
بري: وحكى عليُّ بنُ حَمْزَة أَن أَبا رِياشٍ قال: لا يَرْوي بيتَ ابن عنقاء
الفزاري:
غلام رماه الله بالحسن يافعاً
إِلا أَعمى البصيرة لأَن الحُسْنَ مَوْلود، وإِنما هو:
رماه الله بالخير يافعاً
قال: حكاه أَبو رِياشٍ عن أَبي زيد. الأَصمعي: السِّيماءُ، ممدودة،
السِّيمِياءُ؛ أَنشد شمر في باب السِّيما مقصورةً للجَعْدِي:
ولهُمْ سِيما، إِذا تُبْصِرُهُمْ،
بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ
والسَّامةُ: الحَفْرُ الذي على الرَّكِيَّة، والجمع سِيَمٌ، وقد
أَسامَها، والسَّامَةُ: عِرْقٌ في الجَبل مُخالف لجِبِلَّتِه إِذا أُخذَ من
المُشْرِقِ إِلى المغرب لم يُخْلِف أَن يكون فيه مَعْدِنُ فضَّة، والجمع
سامٌ، وقيل: السَّامُ عُروق الذهب والفضة في الحَجر، وقيل: السَّامُ عُروق
الذهب والفضة، واحدته سامَةٌ، وبه سمي سامَةُ بن لُؤَيِّ بن غالب؛ قال
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ:
لَوَ انَّكَ تُلْقِي حَنْظَلاً فَوْقَ بَيْضِنا،
تَدَحْرَجَ عن ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ
أَي على ذي سامه، وعن فيه بمعنى على، والهاء في سامه ترجع إِلى البيض،
يعني البَيْضَ المُمَوَّهَ به أَي البيض الذي له سامٌ؛ قال ثعلب: معناه
أَنهم تَراصُّوا في الحرب حتى لو وقع حَنْظَلٌ على رؤوسهم على امِّلاسه
واسْتِواءِ أَجزائه لم ينزل إِلى الأَرض، قال: وقال الأَصمعي وابن الأَعرابي
وغيره: السامُ الذهب والفضة؛ قال النابغة الذُّبْيانيُّ:
كأَنَّ فاها، إِذا تُوَسَّنُ، من
طِيبِ رُضابٍ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ
رُكِّبَ في السَّامِ والزبيب أَقا
حِيُّ كَثِيبٍ، يَنْدَى من الرِّهَمِ
قال: فهذا لا يكون إِلا فضة لأَنه إِنما شبه أَسنان الثغر بها في
بياضها، والأَعْرَفُ من كل ذلك أَن السَّامَ الذهبُ دون الفضة. أَبو سعيد: يقال
للفضة بالفارسية سِيمٌ وبالعربية سامٌ. والسامُ: المَوْتُ. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: في الحَبَّةِ السَّوداء شفاءٌ من كل
داء إِلا السَّامَ، قيل: وما السَّامُ؟ قال: المَوْتُ . وفي الحديث: كانت
اليهود إِذا سَلَّموا على النبي، صلى الله عليه وسلم، قالوا السَّامُ
عليكم، ويُظْهرون أَنهم يريدون السلام عليكم، فكان النبي، صلى الله عليه
وسلم، يَرُدُّ عليهم فيقول: وعليكم أَي وعليكم مثلُ ما دَعَوْتم. وفي حديث
عائشة: أَنها سمعت اليهود تقول للنبي، صلى الله عليه وسلم: السَّامُ عليك
يا أَبا القاسم، فقالت: عليكم السامُ والذامُ واللعنةُ، ولهذا قال، عليه
السلام: إِذا سلم عليكم أَهل الكتاب فقولوا وعليكم، يعني الذي يقولون لكم
رُدُّوه عليهم؛ قال الخطابي: عامة المُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هذا الحديث
يقولون وعليكم، بإِثبات واو العطف، قال: وكان ابن عيينة يرويه بغير واو
وهو الصواب لأَنه إِذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً
عليهم خاصة، وإِذا أَثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأن الواو تجمع
بين الشيئين، والله أَعلم. وفي الحديث: لكل داءٍ دواءٌ إِلا السَّامَ
يعني الموت. والسَّامُ: شجر تعمل منه أَدْقالُ السُّفُنِ؛ هذه عن كراع؛
وأَنشد شمر قول العجاج:
ودَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ
صَعْلٌ من السَّامِ ورُبَّانيُّ
أَجْرَدُ يقول الدَّقَلُ لا قِشْر عليه، والصَّعْلُ الدقيق الرأْس، يعني
رأْس الدَّقَل، والسَّام شجر يقول الدَّقَلُ
منه، ورُبَّانيٌّ: رأْس المَلاَّحين.
وسامَ إِذا رَعى، وسامَ إِذا طَلَبَ، وسامَ إِذا باع، وسامَ إِذا
عَذَّبَ. النَّضْرُ: سامَ يَسُوم إِذا مَرَّ. وسامَتِ الناقةُ إِذا مضت، وخلى
لها سَومْها أَي وَجْهها. وقال شجاع: يقال سارَ القومُ وساموا بمعنىً
واحد.ابن الأَعرابي: السَّامَةُ الساقةُ، والسَّامَةُ المَوْتَةُ،
والسَّامَةُ السَّبِيكةُ من الذَّهب، والسَّامةُ السَّبِيكة من الفضة، وأَما قولهم
لا سِيمَّا فإِن تفسيره في موضعه لأَن ما فيها صلة.
وسامَتِ الطيرُ على الشيء تَسُومُ سَوْماً: حامت، وقيل: كل حَومٍ
سَوْمٌ. وخلَّيْتُه وسَوْمَه أَي وما يريد. وسَوَّمَه: خَلاَّه وسَوْمَه أَي
وما يريد. ومن أَمثالهم: عَبْدٌ
وسُوِّمَ أَي وخُلِّيَ وما يريد. وسَوَّمه في مالي: حَكَّمَه.
وسَوَّمْتُ الرجلَ تَسْوِيماً إِذا حَكَّمْتَه في مالك. وسَوَّمْتُ على القوم إِذا
أَغَرْتَ عليهم فعِثْتَ فيهم. وسَوَّمْتُ فلاناً
في مالي إِذا حَكَّمْتَه في مالك. والسَّوْمُ: العَرْضُ؛ عن كراع.
والسُّوامُ: طائر.
وسامٌ: من بني آدم، قال ابن سيده: وقضينا على أَلفه بالواو لأَنِها عين.
الجوهري: سامٌ أَحد بني نوح، عليه السلام، وهو أَبو العرب. وسَيُومُ:
جبل
(* قوله «وسيوم جبل إلخ» كذا بالأصل، والذي قي القاموس والتكملة: يسوم،
بتقديم الياء على السين، ومثلهما في ياقوت). يقولون، والله أَعلم: مَنْ
حَطَّها من رأْسِ سَيُومَ؟ يريدون شاة مسروقة من هذاالجبل.
رزف: رَزَفَ إليه يَرْزِفُ رَزيفاً: دنا . والرَّزْفُ: الإسْراعُ؛ عن
كراع. وأَرْزَفَ الرجلُ: أَسرعَ. وأَرْزَفَ السَّحابُ: صَوّتَ كأَرْزَمَ؛
قال كثير عَزّةَ:
فَذاك سَقى أُّمَّ الحُوَيْرِثِ ماءَه،
بحيثُ انْتَوَتْ واهِي الأَسِرَّةِ مُرْزِف
ورَزَفَتِ الناقةُ: أَسْرَعَتْ، وأَرْزَفْتُها أَنا: أَحْثَثْتُها في
السير، ورواه الصرام عن شمر زَرَفَتْ وأَزْرَفْتُها، الزاي قبل الراء.
هرمع: الهَرَمَّعُ: الــسُّرْعةُ والخِفَّةُ في المَشْي. وقد اهْرَمَّعَ
الرجل أَي أَسْرَعَ في مَشْيَتِه، وكذلك إِذا كان سَرِيعَ البُكاءِ
والدُّمُوعِ، واهْرَمَّعَتِ العين بالدَّمْعِ كذلك. ورجل هَرَمَّعٌ: سَرِيعُ
البُكاء. واهْرَمَّعَ إِليه: تبَاكى إِليه، قال ابن سيده: وأَظن الميم
زائدة. ابن الأَعرابي: نَشَأَتْ سَحابةٌ فاهْرَمَّعَ قَطْرُها إِذا كان
جَوْداً. ابن الأَعرابي، وذكر غيثاً قال: فاهْرَمَّعَ مَطَرُه حتى رأَينا ما
نَرَى عين السماءِ مِن الماء؛ اهْرَمَّعَ أَي سالَ بكثرة ماء؛ وأَنشد:
وقَصَباً رأَيته عُرْهُوما
(* قوله« وقصباً إلخ» كذا بالأصل، وأورده في مادة عفهم وعرهم:
وقصباً عفاهما عرهوما)
وقال الليث: اهْرَمَّعَ الرجلُ في مَنْطِقِه وحَدِيثِه إِذا انهمَل فيه،
والنعت مُهْرَمِّعٌ، قال: والعين تَهْرَمِّعُ إِذا أَذْرَتِ الدَّمْعَ
سَرِيعاً. قال ابن بري: اهْرَمَّعَ بمنزلة احْرَنْجَمَ ووزنه افْعَنْلَلَ
وأَصله اهْرَنْمَعَ، فأُدغمت النون في الميم، وهذا في الأَربعة نظير
امَّحَى من باب الثلاثة الأَصل فيه انْمَحَى، فأُدغمت نونه في الميم، وذلك
لعدم اللبس.
معج: المَعْجُ: سُرعةُ المَرّ. وريح مَعُوجٌ: سريعةُ المَرّ؛ قال أَبو
ذؤَيب:
تُكَرْكِرُه نَجْدِيَّةٌ، وتَمُدّهُ
مُسَفْسِفةٌ، فَوقَ التُّرابِ، مَعُوجُ
ومَعَجَ السَّيْلُ يَمْعَجُ: أَسْرَعَ؛ وقَولُ ساعِدةَ ابن جُؤَيَّةَ:
مُسْتأْرِضاً بَينَ أَعْلى اللِّيثِ أَيْمَنَهُ
إِلى شَمَنْصِيرَ، غَيْثاً مُرْسَلاً مَعِجا
(* قوله «بين أعلى» كذا بالأصل هنا. وفي معجم ياقوت: بين بطن؛ وكذا في
غير موضع من هذا الكتاب.)
إِنما هو على النسب أَي ذو مَعْجٍ.
ومَعَجَ في الجَرْيِ يَمْعَجُ مَعْجاً: تَفَنَّنَ.
وقيل: المَعْجُ أَن يَعْتَمِدَ الفَرَسُ على إِحدى عُضادَتَي العنانِ،
مرة في الشِّقِّ الأَيمَنِ ومرة في الشق الأَيسر. وفرسٌ مِمْعَجٌ: كثير
المَعْجِ.
وحمار مَعَّاجٌ ومَعُوجٌ: يَسْتَنُّ في عَدْوِه يميناً وشمالاً.
ومَعَجَتِ الناقةُ مَعْجاً: سارتْ سَيراً سَهْلاً؛ أَنشد ثعلب:
من المُنْطياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ، بَعْدَما
يُرَى في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ
أَي تسير هذا السير الشديد بعدما تَغُور عيناها من الإِعْياء والتعَب.
ومَعَجَ في سيره إِذا سارَ في كل وجه، وذلك من النَّشاطِ؛ قال العجاج
يصف العير:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِمْعَجا
ومَرَّ يَمْعَجُ أَي مَرَّ مَرًّا سَهْلاً. وفي حديث معاوية: فمَعَجَ
البحرُ مَعْجَةً تَفَرَّقَ لها السُّفُنُ أَي ماجَ واضْطَرَبَ. والمَعْجُ:
هُبُوبُ الرِّيحِ في لينٍ. والرِّيحُ تَمْعَجُ في النبات: تَقْلِبُه
يميناً وشمالاً؛ قال ذو الرمة:
أَو نَفْحة من أَعالي حَنْوةٍ مَعَجَتْ
فيها الصَّبا مَوْهِناً، والرَّوضُ مَرْهُومُ
ومَعَجَ الرجلُ جارِيَتَه يَمْعَجُها إِذا نكحها. ومَعَجَ المُلْمُولَ
في المكْحُلةِ إِذا حَرَّكَه فيها. ومَعَجَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّه
يَمْعَجُه مَعْجاً: لَهَزَه وقلَّبَ فاه في نواحِيهِ لِيَتَمَكَّنَ في
الرَّضاع؛ قال عقبة بن غَزوان: فعَلَ ذلك في مَعْجَةِ شَبابه وعلوة
(* قوله
«وعلوة» كذا في الأصل بمهملة، وفي شرح القاموس بغين معجمة. ونص القاموس في
مادة غلو: والغلواء، بالضم وفتح اللام ويسكن: الغلوّ وأَوّل الشباب وسرعته
كالغلوان بالضم.) شبابه، وعُنْفُوانِه، وقال غيره: في مَوْجةِ شَبابه،
بمعناه.
كهف: الكَهْف: كالمَغارة في الجبل إلا أَنه أَوسع منها، فإذا صغر فهو
غار، وفي الصحاح: الكهف كالبيت المنقور في الجبل، وجمعه كُهوف.
وتكهَّف الجبلُ: صارت فيه كُهوف، وتكهَّفتِ البئر: صار فيها مثل ذلك.
ويقال: فلان كَهْف فلان أَي ملجأ. الأَزهري: يقال فلان كهف أَهل الرِّيَبِ
إذا كانوا يَلُوذون به فيكون وزَراً ومَلْجأ لهم. وأُكَيْهِفٌ: موضع.
وكَهْفةُ: اسم امرأَة، وهي كهفة بنت مَصاد أَحد بني نَبهان.
ملح: المِلْح: ما يطيب به الطعام، يؤنث ويذكر، والتأْنيث فيه أَكثر.
وقد مَلَحَ القِدْرَ
(* قوله «وقد ملح القدر إلخ» بابه منع وضرب وأَما
ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.) يَمْلِحُها ويَمْلَحُها
مَلْحاً وأَملَحَها: جعل فيها مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً:
أَكثر مِلْحها فأَفسدها، والتمليح مثله. وفي الحديث: إِن الله تعالى ضرب
مَطْعَم ابن آدم للدنيا مثلاً وإِن مَلَحه أَي أَلقى فيه المِلْح بقَدْر
الإِصلاح. ابن سيده عن سيبويه: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بمعنىً؛
ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كذلك؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ،
حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ
وقال أَبو ذؤيب:
يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصحراء فائِرُه،
كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
يعني البحر شبّه السَّرابَ به. وتقول: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فهو
مملوح مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ.
والمِلْحُ والمَلِيح خلاف العَذْب من الماء، والجمع مِلْحَةٌ ومِلاح
وأَمْلاح ومِلَح؛ وقد يقال: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وماء مِلْح، ولا
يقال مالح إِلاَّ في لغة رديئة. وقد مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح
يَمْلَح مُلوحاً، بفتح اللام فيهما؛ عن ابن الأَعرابي، فإِن كان الماء عذباً
ثم مَلُحَ قال: أَمْلَحَ؛ وبقلة مالِحة. وحكى ابن الأَعرابي: ماء مالحٌ
كمِلْحٍ، وإِذا وصفت الشيءَ بما فيه من المُلوحة قلت: سمك مالح وبقلة
مالحة. قال ابن سيده: وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح
أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عن أَبي العباس: أَنه سمع ابن الأَعرابي
قال: ماء أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطائر، وهو
الماء المالح؛ قال وأَنشدنا:
بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، ما أَعَقَّهُ
رَبُّك، والمَحْرُومُ من لم يُسْقَهُ
أَراد: ما أَقَعَّه من القُعاع، وهو الماء المِلْحُ فقلَب. ابن شميل:
قال يونس: لم أَسمع أَحداً من العرب يقول ماء مالح، ويقال سَمك مالح،
وأَحسن منهما: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قال الجوهري: ولا يقال مالح، قال: وقال
أَبو الدُّقَيْش: يقال ماء مالِح ومِلْحٌ؛ قال أَبو منصور: هذا وإِن وُجد
في كلام العرب قليلاً لغة لا تنكر؛ قال ابن بري: قد جاء المالِح في
أَشعار الفصحاء كقول الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يصف أُتُناً وحماراً:
تخالُه من كَرْبِهِنَّ كالِحا،
وافْتَرَّ صاباً ونَشُوقاً مالِحا
وقال غَسَّان السَّلِيطيّ:
وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، ولم يكنْ
غِذاهُنَّ نِينانٌ من البحر مالِحُ
أَحَبُّ إِلينا من أُناسٍ بقَرْيةٍ،
يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
ولو تَفلتْ في البحرِ، والبحرُ مالحٌ،
لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ من رِيقها عَذْبا
قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إِلى عمر ابن أَبي ربيعة في شعر
أَبي عُيَيْنَةَ محمد بن أَبي صُفْرة في قصيدة أَوّلها:
تَجَنَّى علينا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا،
وكانوا لنا سِلْماً، فصاروا لنا حَرْبا
وقال أَبو زِياد الكلابي:
صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ،
وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ
وقال جرير:
إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ
أَمْسَوا رَماداً، فلا أَصلٌ ولا طَرَفُ
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بِصَلاً،
ثم اشْتَوَوا كَنْعَداً من مالحٍ جَدَفوا
قال وقال ابن الأَعرابي: يقال شيء مالح كما يقال حامض؛ قال ابن بري:
وقال أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ المالح من الشجر. قال ابن بري: ووجه جواز
هذا من جهة العربية أَن يكون على النسب، مثل قولهم ماء دافق أَي ذو دَفْق،
وكذلك ماء مالح أَي ذو مِلْح، وكما يقال رجل تارِسٌ أَي ذو تُرْس، ودارِع
أَي ذو دِرْع؛ قال: ولا يكون هذا جارياً على الفعل؛ ابن سيده: وسَمك
مالح ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وكره بعضهم مَليحاً ومالحاً، ولم يَرَ بيتَ
عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وهو قوله:
لو شاءَ رَبي لم أَكُنْ كَرِيَّا،
ولم أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا
بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا،
يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا
وقد عارض هذا الشاعرَ رجلٌ من حنيفة فقال:
أَكْرَيْتُ خَرْقاً ماجداً سَرِيَّا،
ذا زوجةٍ كان بها حَفِيَّا،
يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا ماء مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سقاها ماء
مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هي: وردت ماء مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ
المِلْحَ أَو تَجَرَ به؛ قال ابن مقبل يصف سحاباً:
تَرَى كلَّ وادٍ سال فيه، كأَنما
أَناخَ عليه راكبٌ مُتَمَلِّحُ
والمَلاَّحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لمنبت البَقْل.
والمَمْلَحةُ: ما يجعل فيه الملح.
والمَلاَّح: صاحب المِلْح؛ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد:
حتى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ
ما حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلاَّحِ
ويروى الحَجَرات. والمَلاَّحُ: النُّوتيّ؛ وفي التهذيب: صاحب السفينة
لملازمته الماءَ المِلْح، وهو أَيضاً الذي يتعهد فُوهَةَ النهر ليُصْلحه
وأَصله من ذلك، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلاَّحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري
للأَعشى:
تَكافَأَ مَلاَّحُها وَسْطَها،
من الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ
ابن الأَعرابي: المِلاحُ الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي
المَلاَّحُ مَلاَّحاً، وقال غيره: سمي السَّفَّانُ مَلاَّحاً لمعالجته الماءَ
المِلْحَ بإِجراء السفن فيه؛ ويقال للرجل الحديد: مِلْحُه على رُكْبتيه؛ قال
مِسكينٌ الدَّارِميّ:
لا تَلُمْها، إِنها من نِسْوَةٍ
مِلحُها مَوْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ
قال ابن سيده: أَنث فإِما أَن يكون جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يكون
التأْنيث في المِلْح لغة؛ وقال الأَزهري: اختلف الناس في هذا البيت فقال
الأَصمعي: هذه زِنجِيَّة والمِلْح شحمها ههنا وسِمَنُ الزِّنْج في أَفخاذها؛
وقال شمر: الشحم يسمى مِلْحاً؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله:
ملحُها موضوعة فوق الرُّكَبْ
قال: هذه قليلة الوفاء، والمِلْحُ ههنا يعني المِلْحَ. يقال: فلان
مِلْحُه على ركبتيه إِذا كان قليل الوفاء. قال: والعرب تحلف بالمِلْح والماء
تعظيماً لهما. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ
المِلْح، وهو مِلْح وتُراب، والملح أَكثر، وذلك إِذا لم يقدر على الحَمْضِ
فأَطعمها هذا مكانه.
والمُلاَّحَة: عُشبة من الحُمُوضِ ذات قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها
القِفافُ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال، والجمع مُلاَّحٌ. الأَزهري عن الليث:
المُلاَّحُ من الحَمْضِ؛ وأَنشد:
يَخْبِطْنَ مُلاَّحاً كذاوي القَرْمَلِ
قال أَبو منصور: المُلاَّحُ من بقول الرياض، الواحدة مُلاَّحة، وهي بقلة
غَضَّة فيها مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وحكى ابن الأَعرابي عن أَبي
النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ في وصفه روضةً: رأَيتُها تَنْدى من بُهْمَى
وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلاَّحةٍ ونَهْقَةٍ.
والمُلاَّحُ، بالضم والتشديد: من نبات الحَمْضِ؛ وفي حديث ظَبْيانَ:
يأْكلون مُلاَّحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها: المُلاَّح: ضرب من النبات،
والسِّراحُ: جمع سَرْح، وهو الشجرُ؛ وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ
حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب
يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً
للَّوْن لا للطعم؛ وقال مَرَّةً: المُلاَّحُ عُنْقُود الكَباثِ من الأَراك
سمي به لطعمه، كأَن فيه من حرارته مِلْحاً، ويقال: نبتٌ مِلْح ومالح
للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي ماؤه مِلْح؛ قال عنترة يصف جُعَلاً:
كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلاً،
هَدُوجاً بين أَقْلِبةٍ مِلاحِ
والمِلْحُ: الحُسْنُ من المَلاحة. وقد مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً
ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فهو مَليح ومُلاحٌ ومُلاَّح. والمُلاَّحُ
أَمْلَحُ من المَليح؛ قال:
تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلاَّحِ،
أُجِمَّ حتى هَمَّ بالصِّياحِ
يعني فرجها، وهذا المثال لما أَرادوا المبالغة، قالوا: فُعَّال فزادوا
في لفظه لزيادة معناه؛ وجمع المَلِيحِ مِلاحٌ وجمع مُلاحٍ ومُلاَّحٍ
مُلاحُون ومُلاَّحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛
وقيل: جمع المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عن أَبي عمرو، مثل شَرِيف
وأَشْراف.وفي حديث جُوَيرية: وكانت امرأَة مُلاحةً أَي شديدة المَلاحة، وهو من
أَبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري: وكانت امرأَة مُلاحة أَي ذات مَلاحة،
وفُعالٌ مبالغة في فعيل مثل كريم وكُرام وكبير وكُبارٍ، وفُعَّالٌ
مَشدّداً أَبلغ منه. التهذيب: والمُلاَّحُ أَمْلَحُ من المَليح. وقالوا: ما
أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأَنهم قالوا مُلَيْحٌ،
ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أُحَيْسِنَه؛ قال الشاعر:
يا ما أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لنا،
من هؤُلَيَّاءِ، بين الضَّالِ والسَّمُرِ
والمُلْحة والمُلَحةُ: الكلمة المَليحة.
وأَمْلَح: جاء بكلمة مَليحة. الليث: أَمْلَحْتَ يا فلانُ بمعنيين أَي
جئت بكلمة مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لها امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هل
عليَّ جُناحٌ؟ قالت: لا، فلما خرجت قالوا لها: إِنها تعني زوجها، قالت:
رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ في النار اغسلوا عني أَثرها بالماء والسِّدْرِ؛
المُلْحَة: الكلمة المليحة، وقيل: القبيحة. وقولها: اغسلوا عني أَثرها تعني
الكلمة التي أَذِنَتْ لها بها، ردُّوها لأُعلمها أَنه لا يجوز. قال أَبو
منصور: الكلام الجيد مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بالتشديد،
ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بشيء مَلِيح. والمُلْحَةُ، بالضم: واحدة
المُلَحِ من الأَحاديث. قال الأَصمعي: بَلَغْتُ بالعلم ونِلْتُ بالمُلَح؛
والمَلْح: المُلَحُ من الأَخبار، بفتح الميم. والمِلْحُ: العلم. والمِلْحُ:
العلماء.
وأَمْلِحْني بنفسك: زَيِّنِّي؛ التهذيب: سأَل رجل آخر فقال: أُحِبُّ أَن
تُمْلِحَني عند فلان بنفسك أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني.
الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بسواد وبياض. والمُلْحة من الأَلوان:
بياض تشوبه شعرات سود. والصفة أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وكل شعر وصوف
ونحوه كان فيه بياض وسواد: فهو أَمْلح، وكبش أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ
والمَلَح. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ بكبشين
أَمْلَحَينِ فذبحهما؛ وفي التهذيب: ضَحَّى بكبشين أَملحين؛ قال الكسائي
وأَبو زيد وغيرهما: الأَمْلَح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أَكثر.
وقد امْلَحَّ الكبش امْلِحاحاً: صار أَمْلَح؛ وفي الحديث: يُؤْتى بالموت
في صورة كبش أَمْلَح؛ ويقال: كبش أَمْلَحُ إِذا كان شعره خَلِيساً. قال
أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشيوخ إِليَّ الأَقْلَحُ
الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ.
وفي حديث خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لم يكن له إِلاَّ نَمِرةٌ مَلْحاءُ أَي
بُرْدَة فيها خطوط سود وبيض، ومنه حديث عبيد بن خالد
(* قوله «ومنه حديث
عبيد بن خالد إلخ» نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلاً شاباً بالمدينة فخرجت
في بردين وأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خلفي، اما باصبعه واما بقضيب كان
معه، فالتفت إلخ.): خرجت في بردين وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: إِنما هي مَلْحاء، قال: وإِن كانت
مَلْحاء أَما لك فيَّ أُسْوَةٌ؟ والمَلْحاء من النِّعاج: الشَّمطاءُ تكون
سوداء تُنْفِذها شعرةٌ بيضاء. والأَمْلَحُ من الشَّعَرِ نحو الأَصْبَح وجعل
بعضهم الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ البياض وقيل: المُلْحة بياض إِلى الحمرة
ما هو كلون الظبي؛ أَبو عبيدة: هو الأَبيض الذي ليس بخالص فيه عُفْرة.
ورجل أَمْلَحُ اللحية إِذا كان يعلو شعرَ لحيته بياضٌ من خِلْقةٍ، ليس من
شيب، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالمُلحَة؛ أَنشد ثعلب:
لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا،
حتى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا،
أَمْلَح لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا
وقيل: هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت. والمُلْحة
والمَلَحُ: في جميع شعر الجسد من الإِنسان وكلِّ شيء بياضٌ يعلو السواد.
والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حتى يَضْرِب إِلى البياض؛ وقد مَلِح مَلَحاً
وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشتدّت حتى تضرب إِلى
البياض قيل: هو أَمْلَحُ العين، ومنه كتيبة مَلْحاءُ؛ وقال حَسانُ بن ربيعة
الطائي:
وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حتى
تُوَالِّي، والسُّيُوفُ لنا شُهودُ
قال ابن بري: المشهور من الرواية: وأَنا نضرب الملحاء، بفتح الهمزة؛
وقبله:
لقد عَلِمَ القبائلُ أَن قومي
ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ
قال: ومعنى قوله حتى تولي أَي حتى تفرّ مولية يعني كتيبة أَعدائه، وجعل
تفليل السيوف شاهداً على مقارعة الكتائب ويروى: لها شهود، فمن روى لنا
شهود فإِنه جعل فُلولَها شُهوداً لهم بالمقارعة، ومن روى لها أَراد أَن
السيوف شهود على مقارعتها، وذلك تفليلها. ومَِلْحانُ: جُمادَى الآخرة؛ سمي
بذلك لابيضاضه بالثلج؛ قال الكميت:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ جُمْراً جُنُوبُها،
لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ
شَِيبْانُ: جُمادَى الأُولى وقيل: كانون الأَول. ومَِلْحانُ: كانون
الثاني، سمي بذلك لبياض الثلج. الأَزهري: عمرو بن أَبي عمرو: شِيبانُ، بكسر
الشين، ومَِلْحان من الأَيام إِذا ابيضت الأَرض من الجَلِيتِ والصَّقِيعِ.
الجوهري: يقال لبعض شهور الشتاء مَِلْحانُ لبياض ثلجه.
والمُلاَّحِيُّ، بالضم وتشديد اللام: ضرب من العنب أَبيض في حبه طول،
وهو من المُلْحة؛ وقال أَبو قيس ابنُ الأَسْلَت:
وقد لاحَ في الصبحِ الثرَيَّا كما ترى،
كعُنْقودِ مُلاَّحِيَّةٍ، حين نَوَّرا
ابن سيده: عنب مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قال الشاعر:
ومن تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،
يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
قال: وحكى أَبو حنيفة مُلاَّحِيّ، وهي قليلة. وقال مرة: إِنما نسبه إِلى
المُلاَّحِ، وإِنما المُلاَّحُ في الطَّعْم، والمُلاحِيُّ من الأَراك
الذي فيه بياض وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:
فما أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها،
بقُرَّى، مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ
والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صادق الحلاوة ويُزَبَّبُ.
وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بحمرة وصفرة.
وشجرةٌ مَلْحاء: سقط ورقها وبقيت عيدانها خُضْراً. والمَلْحاء من
البعير: الفِقَرُ التي عليها السَّنامُ؛ ويقال: هي ما بين السَّنامِ إِلى
العَجُز؛ وقيل: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ من الكاهل إِلى
العجز؛ قال العجاج:
موصولة المَلْحاءِ في مُسْتَعْظمِ،
وكَفَلٍ من نَحْضِه مُلَكَّمِ
والمَلْحاءُ: ما انْحَدَرَ عن الكاهل إِلى الصلب؛ وقوله:
رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا،
لا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ
يعني بفارس المَلْحاءِ ما على السَّنام من الشحم. التهذيب: والمَلْحاءُ
وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز، وهي من البعير ما تحت السَّنام، قال: وفي
المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ والجمع مَلْحاوات.
الفرّاء: المَلِيحُ الحليم والراسِبُ والمِرَبُّ الحليم.
ابن الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وجاء في الحديث: أَن المختار لما
قتل عمر بن سعد جعل رأْسه في مِلاح وعَلَّقه؛ المِلاحُ: المِخْلاة بلغى
هذيل؛ وقيل: هو سِنانُ الرمح، قال: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرمح.
والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بعد الشَّمال.
ويقال: أَصبنا مُلْحةً من الربيع أَي شيئاً يسيراً منه. وأَصاب المالُ
مُلْحَةً من الربيع: لم يستمكن منه فنال منه شيئاً يسيراً.
والمِلْحُ: السِّمَنُ القليل. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حمل الشحم،
ومُلِح، فهو مَمْلوحٌ إِذا سمن. ويقال: كان ربيعنا مَمْلوحاً، وكذلك إِذا
أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت الناقة، فهي مُمَلَّحٌ: سمنَت قليلاً؛
ومنه قول عروة بن الورد:
أَقَمْنا بها حِيناً، وأَكثرُ زادِنا
بقيةُ لَحْمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ
وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فيها بقية من سمن؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً،
في الرأْسِ منها وفي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ
أَي سِمَنٌ؛ يقول: لا شحم لها إِلا في عينها وسُلاماها؛ كما قال:
ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْن
قال: أَول ما يبدأُ السِّمَنُ في اللسان والكَرِش، وآخر ما يبقى في
السُّلامَى والعين.
وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وقيل: هو مقلوب عن تَحَلَّمَتْ أَي
سمنت، وهو قول ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: ولا أُرى للقلب هنا وجهاً،
قال: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بالتخفيف، لغة في مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت
الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سمنت. ومَلَّحَ القِدْرَ: جعل فيها شيئاً من شحم.
التهذيب عن أَبي عمرو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جعلت فيها
شيئاً من شحم.
وروي عن ابن عباس أَنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الصادقُ
يُعْطى ثلاثَ خصال: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ؛ الملحة، بالضم:
البركة. يقال: كان ربيعنا مَمْلُوحاً فيه أَي مُخْصِباً مباركاً، وهي من
مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظهر فيها السِّمَنُ من الربيع، والمِلْحُ: البركة؛
يقال: لا يُبارِك الله فيه ولا يُمَلِّحُ، قاله ابن الأَنباري. وقال ابن
بُزُزْجٍ: مَلَحَ الله فيه فهو مَمْلوحٌ فيه أَي مبارك له في عيشه وماله؛
قال أَبو منصور: أَراد بالمُلْحة البركة. وإِذا دُعِيَ عليه قيل: لا
مَلَّحَ الله فيه ولا بارك فيه وقال ابن سيده في قوله: الصادق يُعْطى
المُلْحةَ، قال: أُراه من قولهم تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سمنت فكأَنه يريد الفضل
والزياجة. وفي حديث عمرو ابن حُرَيْثٍ
(* قوله «وفي حديث عمرو بن حريث
إلخ» صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت
أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.): عَناقٌ قد أُجيدَ تَمْلِيحُها
وأُحْكِمَ نُضْجُها؛ ابن الأَثير: التمليح ههنا السَّمْطُ، وهو أَخذ شعرها
وصوفها بالماء؛ وقيل: تمليحها تسمينها من الجزور المُمَلَّح وهو السمين؛
ومنه حديث الحسن: ذكرت له التوراة فقال: أَتريدون أَن يكون جلدي كجلد الشاة
المَمْلوحة؟ يقال: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها.
والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قال أَبو الطَّمَحانِ وكانت له إِبل يَسْقِي
قوماً من أَلبانها ثم أَغاروا عليها فأَخذوها:
وإِني لأَرْجُو مِلْحها في بُطُونِكم،
وما بَسَطَتْ من جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا
وذلك أَنه كان نزل عليه قوم فأَخذوا إِبله فقال: أَرجو أَن تَرْعَوْا ما
شَرِبْتُم من أَلبنان هذه الإِبل وما بَسَطتْ من جلود قوم كأَنَّ جلودهم
قد يبست فسمنوا منها؛ قال ابن بري: صوابه أَغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة
الروي وأَوَّلها:
أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟
تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي
قال: يقول إِني لأَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم به،
وكانوا استاقوا له نَعماً كان يسقيهم لبنها؛ ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح
أَن ابن الأَعرابي أَنشد هذا البيت في نوادره:
وما بَسَطتْ من جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ
الجوهري: والمَلْح، بالفتح، مصدر قولك مَلَحْنا لفلان مَلْحاً
أَرْضعناه؛ وقول الشاعر:
لا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبا
دِ والمِلْح ما وَلَدَت خالِدَهْ
يعني بالمِلْح الرَّضاع؛ قال أَبو سعيد: المِلْحُ في قول أَبي
الطَّمَحانِ الحرمة والذِّمامُ. ويقال: بين فلان وفلان مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كان
بينهما حرمة، فقال: أَرجو أَن يأْخذكم الله بحرمة صاحبها وغَدْرِكم بها.
قال أَبو العباس: العرب تُعَظِّمُ أَمر المِلح والنار والرماد. الأَزهري:
وقولهم مِلْح فلان على رُكْبَتيه فيه قولان: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ
لحقِّ الرضاع غير حافظ له فأَدنى شيء يُنْسيه ذِمامَه كما أَن الذي يضع
المِلْح على ركبتيه أَدنى شيء يُبَدِّدُه؛ والقول الآخر أَنه سَيء الخلق يغضب
من أَدنى شيء كما أَنَّ المِلح على الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ من أَدنى
شيء.وروي قوله: والمِلح ما ولدت خالده، بكسر الحاء، عطفه على قوله لا يبعد
الله وجعل الواو واو القسم. ابن الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابن سيده:
مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يقال: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رضع، ومَلَح
الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً.
والمِلاحُ: المُراضَعة؛ الليث: المِلاحُ الرَّضاعُ، وفي حديث وَفْدِ
هَوازِنَ: أَنهم كلموا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سَبْيِ عَشائرهم
فقال خطيبُهم: إِنا لو كنا مَلَحْنا للحرث بن أَبي شَمِر أَو للنعمان بن
المنذِرِ ثم نزل مَنْزِلك هذا منا لحفظ ذلك لنا، وأَنت خير المكفولين
فاحفظ ذلك؛ قال الأَصمعي: في قوله مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لهما، وإِنما قال
الهَوازِنيُّ ذلك لأَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان مُسْتَرضَعاً
فيهم أَرضعته حليمة السعدية.
والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قال ابن بري: قال أَبو القاسم
الزجاجي لا يصح أَن يقال تَمالَحَ الرجلان إِذا رضع كل واحد منهما صاحبه، هذا
مُحال لا يكون، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصبي المرأَةَ وهذا ما لا تصح
فيه المفاعلة، فالمُمَالحة لفظة مولَّدة وليست من كلام العرب، قال: ولا يصح
أَن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأْخوذاً من المِلْح لأَن الطعام لا يخلو
من الملح، ووجه فساد هذا القول أَن المفاعلة إِنما تكون مأْخوذة من مصدر
مثل المُضاربة والمقاتلة، ولا تكون مأْخوذة من الأَسماء غير المصادر،
أَلا ترى أَنه لا يحسن أَن يقال في الاثنين إِذا أَكلا خبزاً بينهما
مُخَابزَة، ولا إِذا أَكلا لحماً بينهما مُلاحَمة؟ وفي الحديث: لا تُحَرِّمُ
المَلْحةُ والمَلْحتان أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بالجيم، فهو
المصَّة وقد تقدمت. والمَِلْح، بالفتح والكسر: الرَّضْعُ.
والمَلَحُ: داء وعيب في رجل الدابة؛ وقد مَلِحَ مَلَحاً، فهو أَمْلَحُ.
والمَلَحُ، بالتحريك. وَرَم في عُرْقوب الفرس دون الجَرَدِ، فإِذا
اشتدَّ، فهو الجَرَدُ.
والمَلْحُ: سرعة
(* قوله «والملح سرعة إلخ» يقال ملح الطائر كمنع كثرت
سرعة خفقانه كما في القاموس.) خَفَقانِ الطائر بجناحيه؛ قال:
مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ
قال أَبو حاتم: قلت للأَصمعي أَتراه مقلوباً من اللَّمْح؟ قال: لا،
إِنما يقال لَمَحَ الكوكَبُ ولا يقال مَلَح، فلو كان مقلوباً لَجَاز أَن يقال
مَلَح.
والأَمْلاحُ: موضع؛ قال طَرَفَةُ بن العَبْد:
عَفا من آلِ لَيْلَى السَّهْـ
ـبُ، فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ
وهذه كلها أَسماء أَماكن. ابن سيده: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ
وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كلها مواضع؛
قال جرير:
كأَنَّ سَلِيطاً في جَواشِنِها الحَصى،
إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها
قوله في جواشِنَها الحضى أَي كأَنَّ أَفْهاراً في صدورهم، وقيل: أَراد
أَنهم غلاظ كأَنَّ في قلوبهم عُجَراً؛ قال الأَخطل:
بمُرْتَجِزٍ داني الرِّبابِ كأَنه،
على ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها
وبنو مُلَيْحٍ: بطن، وبنو مِلْحانَ كذلك. والأُمَيْلِحُ: موضع في بلاد
هُذَيل كانت به وقعة؛ قال المتنخل:
لا يَنْسَأُ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا
يومَ الأُمَيْلِح، لا غابُوا ولا جَرَحوا
يقول: لم يغيبوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، ولا جَرَحوا
أَي ولا قاتلوا إِذ كانوا معنا.
ويقال للنَّدَى الذي يسقط بالليل على البَقْل: أَمْلَحُ، لبياضه؛ وقول
الراعي يصف إِبلاً:
أَقامتْ به حَدَّ الربيعِ، وَجارُها
أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى به الليلُ، أَمْلَحُ
يعني الندى؛ يقول: أَقامت بذلك الموضع أَيام الربيع، فما دام الندى، فهو
في سلوة من العيش، وإِنما قال مَسَّى به لأَنه يسقط بالليل؛ أَراد
بجارها ندى الليل يجيرها من العطش.
والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كتيبتان كانتا لأَهل جَفْنَة؛ قال الجوهري:
والمَلْحاء كتيبة كانت لآل المُنْذِر؛ قال عمرو بن شاسٍ الأَسَدِيّ:
يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَما
تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ في الأَمرِ ذي البَزْلِ
والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشدة. ومُلْحةُ: اسم رجل.
ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شاعر من شعرائهم. ومُلَيْحٌ، مصغراً: حَيّ من خُزاعة
والنسبة إِليهم مُلَحِيٌّ مثال هُذَليٍّ.
التهذيب: والمِلاحُ أَن تشتكي الناقة حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى
عليها دواء ثم تُلْصَقَ على الحياء فيَبرَأَ. وقال أَبو الهيثم: تقول
العرب للذي يَخْلِطُ كذباً بصِدْقٍ: هو يَخْصف حِذاءَه وهو يَرْتَثِئُ إِذا
خَلَط كذباً بحق، ويَمْتَلِحُ مثله، فإِذا قالوا فلان يَمْتَلِح، فهو
الذي لا يُخْلِصُ الصدق، وإِذا قالوا عند فلان كذب قليل، فهو الصَّدُوق الذي
لا يكذب، وإِذا قالوا إِن فلاناً يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.
مرخ: مرَخَه بالدهن يمرُخُه
(* قوله «يمرخه» هو في خط المؤلف، بضم
الراء، وقال في القاموس ومرخ كمنع). مرخاً ومرَّخه تمريخاً: دهنه. وتمرَّخ به:
ادّهن. ورجل مَرَخٌ ومِرِّيخ: كثير الادّهان.
ابن الأَعرابي: المَرْخُ المزاح، وروي عن عائشة، رضي الله عنها: أَن
النبيّ، صلى الله عليه وسلم، كان عندها يوماً وكان متبسطاً فدخل عليه عمر،
رضي الله عنه، فَقَطَّبَ وتَشَزَّن له، فلما انصرف عاد النبي، صلى الله
عليه وسلم، إِلى انبساطه الأَوّل، قالت: فقلت يا رسول الله كنت متبسطاً
فلما جاء عمر انقبضت، قالت فقال لي: يا عائشة إِن عمر ليس ممن يُمْرَخُ معه
أَي يمزح؛ وروي عن جابر بن عبدالله قال: كانت امرأَة تغني عند عائشة
بالدف فلما دخل عمر جعلت الدفّ تحت رجلها، وأَمرت المرأَة فخرجت، فلما دخل
عمر قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هل لك يا ابن الخطاب في ابنة
أَخيك فعلت كذا وكذا؟ فقال عمر: يا عائشة؛ فقال: دع عنك ابنة أَخيك. فلما
خرج عمر قالت عائشة: أَكان اليوم حلالاً فلما دخل عمر كان حراماً؟ فقال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ليس كل الناس مُرَخّاً عليه؛ قال الأَزهري:
هكذا رواه عثمان مرخّاً، بتشديد الخاء، يمرخ معه؛ وقيل: هو من مَرَخْتُ
الرجل بالدهن إِذا دهنت به ثم دلكته. وأَمْرَخْتُ العجين إِذا أَكثرت
ماءه؛ أَراد ليس ممن يستلان جانبه. والمَرْخُ: من شجر النار، معروف.
والمَرْخُ: شجر كثير الوَرْي سريعه. وفي المثل: في كلِّ شَجَرٍ نار،
واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار؛ أَي دهنا بكثرة ذلك
(* قوله «أي دهنا بكثرة دلك»
هكذا في نسخة المؤلف).
واسْتمجَد: استفضل؛ قال أَبو حنيفة: معناه اقتدح على الهوينا فإِن ذلك
مجزئ إِذا كان زنادك مرخاً؛ وقيل: العفار الزند، وهو الأَعلى، والمرخ:
الزندة، وهو الأَسفل؛ قال الشاعر:
إِذا المَرْخُ لم يُورِ تحتَ العَفَارِ،
وضُنَّ بقدْر فلم تُعْقبِ
وقال أَعرابي: شجر مرِّيخ ومَرِخ وقطِف، وهو الرقيق اللين. وقالوا:
أَرْخِ يَدَيْكَ واسْتَرْخْ إِنَّ الزنادَ من مَرْخْ؛ يقال ذلك للرجل الكريم
الذي لا يحتاج أَن تكرّه أَو تلجّ عليه؛ فسره ابن الأَعرابي بذلك؛ وقال
أَبو حنيفة؛ المَرْخ من العضاه وهو ينفرش ويطول في السماء حتى يستظلّ فيه؛
وليس له ورق ولا شوك، وعيدانه سلِبة قضبان دقاق، وينبت في شعب وفي خَشب،
ومنه يكون الزناد الذي يقتدح به، واحدته مرخة؛ وقول أَبي جندب:
فلا تَحْسِبَنْ جاري لَدَى ظلّ مَرْخَةٍ؛
ولا تَحْسِبَنْه نَقْعَ قاعٍ بقَرْقَرِ
خص المرخة لأَنها قليلَة الورق سخيفة الظل. وفي النوادر: عود مِتِّيخٌ
ومِرِّيخٌ طويل ليِّن؛ والمِرِّيخ: السهم الذي يغالى به؛ والمرِّيخ: سهم
طويل له أَربع قذذ يقتدر به الغِلاء؛ قال الشماخ:
أَرِقْتُ له في القَوْم، والصُّبْحُ ساطع،
كما سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَه الغَالي
قال ابن برّي: وصف رفيقاً معه في السفر غلبه النعاس فأَذن له في النوم،
ومعنى شمَّره أَي أَرسَلَه، والغالي الذي يغلو به أَي ينظر كَمْ مَدَى
ذهابه؛ وقال الراجز:
أَو كمرِّيخ على شِرْيانَةٍ
أَي على قوس شريانة؛ وقال أَبو حنيفة، عن أَبي زياد: المِرِّيخ سهم يضعه
آل الخفة وأَكثر ما يُغلُون به لإِجراء الخيل إِذا استبقوا؛ وقول عمرو
ذي الكلب:
يا لَيتَ شعري عنْكَ، والأَمرُ عَمَمْ،
ما فَعَل اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنمْ؟
صَبَّ لها في الرِّيحِ مرِّيخٌ أَشَمْ
إِنما يريد ذئباً فكنى عنه بالمرِّيخ المحدّد، مثله به في سرعته ومضائه؛
أَلا تراه يقول بعد هذا:
فاجْتَالَ منها لَجْبَةً ذاتَ هزَمْ
اجتال: اختار، فدل ذلك على أَنه يريد الذئب لأَنَّ السهم لا يختار.
والمرِّيخ: الرجل الأَحمق، عن بعض الأَعراب. أَبو خيرة: المرِّيخ والمرِّيجُ،
بالخاء والجيم جميعاً، القَرْن ويجمعان أَمْرِخَةً وأَمْرُجة؛ وقال أَبو
تراب: سأَلت أَبا سعيد عن المريخ والمريج فلم يعرفهما، وعرف غيره
المرّيخ والمرّيج: كوكب من الخُنَّس في السماءِ الخامسة وهو بَهرام؛
قال:فعندَ ذاك يطلُعُ المرِّيخُ
بالصُّبْح، يَحكي لَوْنَه زَخِيخُ،
من شُعْلَةٍ ساعَدَها النَّفِيخُ
قال ابن الأَعرابي: ما كان من أَسماء الدراري فيه أَلف ولام، وقد يجيء
بغير أَلف ولام، كقولك مرِّيخ في المرِّيخ، إِلا أَنك تنوي فيه الأَلف
واللام.
وأَمْرَخَ العجينَ إِمْراخاً: أَكثَرَ ماءَه حتى رق. ومَرِخ العَرْفَجُ
مَرَخاً، فهو مَرِخٌ: طاب ورقَّ وطالت عيدانه.
والمَرِخ: العَرْفج الذي تظنه يابساً فإِذا كسرته وجدت جوفه رطباً.
والمُرْخَة: لغة في الرُّمْخَةِ، وهي البَلَحة. والمرِّيخُ:
المرْدَاسَنْجُ.
وذو المَمْرُوخِ: موضع. وفي الحديث ذكر ذي مُراخٍ، هو بضم الميم، موضع
قريب من مزدلفة؛ وقيل: هو جبل بمكة، ويقال بالحاء المهملة.
ومارخَة: اسم امرأَة. وفي أَمثالهم: هذا خِباءُ مارخَةَ
(* قوله «هذا
خباء مارخة» بخاء معجمة مكسورة ثم باء موحدة، وقوله كانت تتفخر بفاء ثم خاء
معجمة كذا في نسخة المؤلف. والذي في القاموس مع الشرح: ومارخة اسم
امرأَة كانت تتخفر ثم وجدوها تنبش قبراً، فقيل هذا حياء مارخة فذهبت مثلاً
إلخ. وتتخفر بتقديم الخاء المعجمة على الفاء من الخفر، وهو الحياء، وقوله
هذا حياء إلخ، بالحاء المهملة ثم المثناة التحتية). قال: مارخة اسم امرأَة
كانت تتفخر ثم عثر عليها وهي تنبش قبراً.
معد: المَعْدُ: الضَّخْم. وشيء مَعْدٌ: غليظ. وتَمَعْدَدَ: غَلُظ
وسَمِن؛ عن اللحياني، قال:
رَبَبْتُه حتى إِذا تمَدَدَا
والمَعِدَةُ والمَِعْدَةُ: موضع الطعام قبل أَن يَنحدر إِلى الأَمعاء؛
وقال الليث: التي تَسْتَوْعِبُ الطعامَ من الإِنسان. ويقال: المَعِدةُ
للإِنسان بمنزلة الكرشة لكل مُجْتَرٍّ؛ وفي المحكم: بمنزلة الكرِش لذوات
الأَظْلافِ والأَخْلافِ، والجمع مَعِدٌ ومِعَدٌ، توهمت فيه فِعَلَة. وأَما
ابن جني فقال في جمع مَعِدَة: مِعَدٌ، قال: وكان القِياس أَن يقولوا
مَعِدٌ كما قالوا في جمع نَبِقة نَبِقٌ، وفي جمع كلِمةٍ كَلِمٌ، فلم يقولوا
ذلك وعدلوا عنه إِلى أَن فتحوا المكسور وكسروا المفتوح. قال: وقد علمنا أَن
من شرط الجمع بخلع الهاءِ أَن لا يغير من صيغة الحروف والحركات شيء ولا
يزاد على طرح الهاء نحو تمرة وتمر ونخلة ونخل، فلولا أَن الكسرة والفتحة
عندهم تجريان كالشيء الواحد لما قالوا مَعِدٌ، ولكنهم فعلوا هذا لقرب
الحالين عليهم ولِيُعْلِموا رأْيهم في ذلك فيؤنسوا به ويوطِّئوا بمكانه لما
وراء.
هومُعِدَ الرجلُ، فهو مَمْعودٌ: ذَرِبت مَعِدَتُه فلم يَسْتَمْرِئْ ما
يأْكله. ومَعَدَه: أَصاب مَعِدتَه. والمَعْدُ: ضَرْب من الرُّطَب.
ورُطَبَة مَعْدَة ومُتَمَعِّدة: طرية؛ عن ابن الأَعرابي. وبسر ثَعْدٌ مَعْدٌ
أَي رخْص؛ وبعضهم يقول: هو إِتباع لا يفرد. والمَعْدُ: الفسادُ.
ومَعَدَ الدَّلْوَ مَعْداً ومَعَدَ بها وامْتَعَدَها: نزعها وأَخرجها من
البئر، وقيل: جدبها. والمَعْدُ: الجَذْبُ؛ مَعَدْتُ الشيء: جَذَبْتُه
بــسرعة.
وذِئْبٌ مِمْعَدٌ وماعِدٌ إِذا كان يَجْذِبُ العَدْو جَذْباً؛ قال ذو
الرمة يذكر صائداً شبهه في سرعته بالذئب:
كأَنَّما أَطْمارُه، إِذا عدا،
جُلِّلْنَ سِرحانَ فَلاةٍ مِمْعَدا
ونَزْعٌ مَعْدٌ: يُمَدُّ فيه بالبكْرة؛ قال أَحمد بن جندل السعدي:
يا سَعْدُ، يا ابنَ عُمَرٍ، يا سعدُ
هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ،
وساقِيانِ: سَبِطٌ وجَعْدُ؟
وقال ابن الأَعرابي: نَزْعٌ مَعْدٌ سَريع، وبعض يقول: شديد، وكأَنه
نَزْعٌ من أَسفل قعر الركية؛ وجعل أَحد الساقيين جَعْداً والآخر سَبطاً لأَن
الجعد منهما أَسودُ زنْجِيٌّ والسبط رُوميّ، وإِذا كانا هكذا لم يشغلا
بالحديث عن ضيعتهما.
وامْتَعَدَ سَيْفَه من غِمْدَه: اسْتَلَّه واخْتَرَطَه. ومَعَدَ الرمْحَ
مَعْداً وامْتَعَدَه: انتزعه من مركزه، وهو من الاجتذاب. وقال اللحياني:
مَرَّ بِرُمْحِهِ وهو مَرْكُوز فامْتَعَدَه ثم حَمَل: اقتلعه. ومَعَدَ
الشيءَ مَعْداً وامْتَعَدَ: اخْتَطَفَه فَذَهَبَ به، وقيل: اختلسه؛ قال:
أَخْشَى عليها طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَباً فَمَعَدَا،
لا يَحْسَبَانِ اللهَ إِلا رَقَدَا
أَي اخْتَلساها واخْتَطفاها. ومَعَدَ في الأَرض يَمْعَدُ مَعْداً
ومُعُوداً إِذا ذَهب؛ الأَخيرة عن اللحياني. والمُتَمَعْدِدُ: البَعِيدُ.
وتَمَعْدَدَ: تباعَد؛ قال مَعْنُ بن أَوس:
قِفا إِنَّها أمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها،
وإِن كانَ مِنْ ذي ودِّنا، قد تَعَمْدَدا
أَي تَباعَدَ. قال شمر: قوله المُتَمَعْدِدُ البعيد لا أَعلمه إِلا من
مَعَدَ في الأَرض إِذا ذهب فيها، ثم صيره تَفَعْلَلَ منه.
وبعير مَعْد أَي سريع؛ قال الزَّفَيانُ:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى،
أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَعْدا
ومَعَدَ بِخُصْيَيه مَعْداً: ذهب بهما، وقيل: مدّهما. وقال اللحياني:
أَخذ فلان بِخُصْيَيْ فلان فمعدهما ومعد بهما أَي مدّهما واجتبذهما.
والمَعَدّ، بتشديد الدال: اللحم الذي تحت الكتف أَو أَسفل منها قليلاً،
وهو من أَطيب لحم الجنب؛ قال الأَزهري: وتقول العرب في مثل يضربونه: قَدْ
يَأْكُلُ المَعَدِّيُّ أَكلَ السُّوءِ؛ قال: هو في الاشتقاق يخرج على
مَفْعَل ويخرج على فَعَلٍّ على مثال عَلَدٍّ، ولم يشتقُّ منه فِعْل.
والمَعَدّان: الجنبان من الإِنسان وغيره، وقيل: هما موضع رِجْلَي الراكب من
الفرس؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْه عَبَاءَةٌ،
كَسَاها مَعَدَّيْهِ مُقَاتَلة الدَّهْرِ
أَخبر أَنه يقاتل الدهر من لؤْمه؛ هذا قول ابن الأَعرابي. وقال
اللحياني: المعدّ الجنب فأَفرده. والمَعَدّان من الفرس: ما بين رو وس كتفيه إِلى
مؤَخر متنه؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
فإِمَّا زالَ سَرْجِي عن مَعَدٍّ،
وأَجْدِرْ بالحَوادث أَن تَكُونا
يقول: إِن زال عنك سرجي فبنت بطلاق أَو بموت فلا تتزوجي هذا المطروق؛
وهو قوله:
فلا تَصِلِي بِمَطْروُق، إِذا ما
سَرَى في القَوْمِ أَصبَحَ مُسْتَكِينا
وقال ابن الأَعرابي: معناه إِن عُرِّي فرسي من سرجي ومت:
فَبَكِّي، يا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ،
مِنَ الفِتْيانِ، لا يُمْسي بَطِينا
وقيل: المَعَدَّان من الفرس ما بين أَسفل الكتف إِلى منقطع الأَضلاع
وهما اللحم الغليظ المجتمع خلف كتفيه، ويستحب نُتُوءُهُما لأَن ذلك الموضع
إِذا ضاق ضغطَ القلب فَغَمَّه. والمَعَدُّ: موضع عقب الفارس. وقال
اللحياني: هو موضع رجل الفارس من الدابة، فلم يخص عقباً من غيرها، ومن الرَّجُل
مثله؛ وأَنشد شمر في المعدّ من الإِنسان:
وكأَنَّما تَحْتَ المَعَدِّ ضَئِيلةٌ،
يَنْفِي رُقادَك سَمُّها وسمَاعُها
يعني الحية. والمَعْدُ والمَغْدُ، بالعين والغين: النتف. والمَعَدُّ:
عرق في مَنْسِجِ الفرس. والمَعَدُّ: البطن؛ عن أَبي علي، وأَنشد:
أَبْرأْت مِنِّي بَرَصاً بِجِلْدِي،
مِنْ بَعْدِ ما طَعَنْتَ في مَعَدِّي
ومَعَدٌّ: حيّ سمي بأَحد هذه الأَشياء وغلب عليه التذكير، وهو مما لا
يقال فيه من بني فلان، وما كان على هذه السورة فالتذكير فيه أَغلبَ، وقد
يكون اسماً للقبيلة؛ أَنشد سيبويه:
ولَسْنا إِذا عُدِّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ،
وإِنَّ مَعَدَّ اليومَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
والنسب إِليه مَعَدِّيٌّ. فأَما قولهم في المثل: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي
لا أَن تراه؛ فمخفف عن القياس اللازم في هذا الضرب؛ ولهذا النادر في حدّ
التحقير ذكرت الإِضافة
(* قوله «ذكرت الاضافة إلخ» كذا بالأصل.) إِليه
مكبراً وإِلا فَمَعَدِّي على القياس؛ وقيل فيه: أَن تَسْمَعَ بالمُعَيْدي
خير من أَن تراه، وقيل فيه: تسمع بالمعيدي خير من أَن تراه، وقيل: المختار
الأَول. قال: وإِن شئت قلت: لأَنْ تسمعَ بالمعيدي خير من أَن تراه؛ وكان
الكسائي يرى التشديد في الدال فيقول: بالمُعَيدِّيِّ، ويقول إِنما هو
تصغير رجل منسوب إِلى معدّ؛ يضرب مثلاً لمن خَبَرُه خير من مَرْآتِه؛ وكان
غير الكسائي يخفف الدال ويشدد ياء النسبة، وقال ابن السكيت: هو تصغير
معدّي إِلا أَنه إِذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خفت ياء
النسبة؛ وقال الشاعر:
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ
سَنُّ المُعَيديِّ في رَعْيٍ وتَعْزِيبِ.
يضرب للرجل الذي له صيت وذكر، فإذا رأَيته ازدريت مَرْآتَه، وكان
تأْويلُه تأْويلَ آمر كأَنه قال: اسمع به ولا تره.
والتَّمَعْدُدُ: الصبر على عيش معدّ، وقيل: التمعدد التشَظُّف،
مُرْتَجَل غير مشتق. وتَمَعْدَدَ: صار في مَعَدّ. وفي حديث عمر: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْدَدُوا؛ هكذا روي من كلام عمر، وقد رفعه الطبراني في المعجم عن أَبي
حدرد الأَسلمي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان،
يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ: قد تمعدد؛ قال
الراجز:رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا
ويقال: تمعددوا تشبهوا بعيش مَعَدّ بن عدنان وكانوا أَهل قَشَف وغِلَظ
في المَعاش؛ يقول: فكونوا مثلهم ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العجم؛ وهكذا
هو في حديث الآخر: عليكم باللِّبْسةِ المَعَدِّية أَي خُشُونةِ
اللِّباس. وقال الليث: التمعدد الصبر على عيش مَعَدّ في الحضر والسفر. قال: وإِذا
ذكرت أَن قوماً تحولوا عن معدٍّ إِلى اليمن ثم رجعوا قلت: تَمَعْدَدُوا.
ومَعْدِيٌّ ومَعْدانُ: اسمان. ومَعْديكَرِبَ: اسم مركب؛ من العرب من
يجعل إِعرابه في آخره ومنهم من يضيف مَعْدِي إِلى كَرِبَ؛ قال ابن جني:
معديكرب فيمن ركبه ولم يضف صدره إِلى عجزه يكتب متصلاً، فإِذا كان، يكتب كذلك
مع كونه اسماً، ومن حكم الأَسماء أَنْ تُفْرَد ولا توصل بغيرها لقوتها
وتمكنها في الوضع، فالفِعْلُ في قَلَّما وطالما لاتصاله في كثير من
المواضع بما بعده نحو ضربت وضربنا ولتُبلَوُنَّ، وهما يقومان وهم يقعدون وأَنتِ
تذهبين ونحو ذلك مما يدل على شدة اتصال الفعل بفاعله، أَحْجَى بجواز
خلطه بما وُصِلَ به في طالما وقلما؛ قال الأَزهري في آخر هذه الترجمة:
المَدْعِيُّ المُتَّهَمُ في نسبه، قال كأَنه جعله من الدِّعْوة في النسب،
وليست الميم بأَصلية.