في شرقي مصر منسوبة إلى الأصبغ بن عبد العزيز بن مــروان أخي عمر بن عبد العزيز ابن مــروان.
في شرقي مصر منسوبة إلى الأصبغ بن عبد العزيز بن مــروان أخي عمر بن عبد العزيز ابن مــروان.
عرا: عَرَاهُ عَرْواً واعْتَراه، كلاهما: غَشِيَه طالباً معروفه، وحكى
ثعلب: أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول إِذا أَتيْت رجُلاً تَطْلُب منه حاجة
قلتَ عَرَوْتُه وعَرَرْتُه واعْتَرَيْتُه واعْتَرَرْتُه؛ قال الجوهري:
عَرَوْتُه أَعْرُوه إِذا أَلْمَمْتَ به وأَتيتَه طالباً، فهو مَعْرُوٌّ. وفي
حديث أَبي ذرّ: ما لَك لا تَعْتَريهمْ وتُصِيبُ منهم؟ هو من قَصْدِهم
وطَلَبِ رِفْدِهم وصِلَتِهِم. وفلان تَعْرُوه الأَضْيافُ وتَعْتَرِيهِ أَي
تَغْشاهُ؛ ومنه قول النابغة:
أَتيتُكَ عارِياً خَلَقاً ثِيابي،
على خَوْفٍ، تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ
وقوله عز وجل: إِنْ نقولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بعض ألِهَتِنا بسُوءٍ؛ قال
الفراء: كانوا كَذَّبوه يعني هُوداً، ثم جعَلوه مُخْتَلِطاً وادَّعَوْا
أَنَّ آلهَتَهم هي التي خَبَّلَتْه لعَيبِه إِيَّاها، فهُنالِكَ قال: إِني
أُشْهِدُ اللهَ واشْهَدُوا أَني بريء مما تُشْرِكون؛ قال الفراء: معناه
ما نقول إِلا مَسَّكَ بعضُ أَصْنامِنا بجُنون لسَبِّكَ إِيّاها. وعَراني
الأَمْرُ يَعْرُوني عَرْواً واعْتَراني: غَشِيَني وأَصابَني؛ قال ابن بري:
ومنه قول الراعي:
قالَتْ خُلَيْدةُ: ما عَراكَ؟ ولمْ تكنْ
بَعْدَ الرُّقادِ عن الشُّؤُونِ سَؤُولا
وفي الحديث: كانت فَدَكُ لِحُقوقِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي
تَعْرُوه أَي تغشاه وتَنْتابُه. وأَعْرَى القومُ صاحِبَهُم: تركوه في
مكانه وذَهَبُوا عنه.
والأَعْراءُ: القوم الذين لا يُهِمُّهم ما يُهِمُّ أَصحابَهم.ويقال:
أعْراه صَدِيقُه إِذا تباعد عنه ولم يَنْصُرْه. وقال شمر: يقال لكلِّ شيء
أَهْمَلْتَه وخَلَّيْتَه قد عَرَّيْته؛ وأَنشد:
أَيْجَعُ ظَهْري وأُلَوِّي أَبْهَرِي،
ليس الصحيحُ ظَهْرُه كالأَدْبَرِ،
ولا المُعَرَّى حِقْبةً كالمُوقَرِ
والمُعَرَّى: الجَمَل الذي يرسَلُ سُدًى ولا يُحْمَل عليه؛ ومنه قول
لبيد يصف ناقة:
فكَلَّفْتُها ما عُرِّيَتْ وتأَبَّدَتْ،
وكانت تُسامي بالعَزيبِ الجَمَائِلا
قال: عُرِّيت أُلْقي عنها الرحْل وتُرِكت من الحَمْل عليها وأُرْسِلَتْ
تَرْعى. والعُرَواءُ: الرِّعْدَة، مثل الغُلَواء. وقد عَرَتْه الحُمَّى،
وهي قِرَّة الحُمَّى ومَسُّها في أَوَّلِ ما تأْخُذُ بالرِّعْدة؛ قال ابن
بري ومنه قول الشاعر:
أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ من عُرَوائِه،
بمَدَافِعِ الرَّجَّازِأَو بِعُيُون
الرَّجَّازُ: واد، وعُيُونٌ: موضعٌ، وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمل فيه صيغة
ما لم يُسَمَّ فاعِلُه. ويقال: عَراه البَرْدُ وعَرَتْه الحُمَّى، وهي
تَعْرُوه إِذا جاءَته بنافضٍ، وأَخَذَتْه الحُمَّى بعُرَوائِها، واعْتراهُ
الهمُّ، عامٌّ في كل شيء. قال الأَصمعي: إِذا أَخَذَتِ المحمومَ قِرَّةٌ
ووَجَدَ مسَّ الحُمَّى فتلك العُرَواء، وقد عُرِيَ الرجلُ، على ما لم
يُسَمَّ فاعله،فهو مَعْرُوٌّ، وإِن كانت نافضاً قيل نَفَضَتْه، فهو
مَنْفُوضٌ، وإِن عَرِقَ منها فهي الرُّحَضاء. وقال ابن شميل: العُرَواء قِلٌّ
يأْخذ الإِنسانَ من الحُمَّى ورِعدَة. وفي حديث البراء بن مالك: أَنه كان
تُصيبُه العُرَواءُ، وهي في الأَصْل بَرْدُ الحُمَّى. وأَخَذَتْه الحُمَّى
بنافضٍ أَي برِعْدة وبَرْد. وأَعْرى إِذا حُمَّ العُرَواء. ويقال: حُمَّ
عُرَواء وحُمَّ العُرَواء وحُمَّ عُرْواً
(* قوله« وحم عرواً» هكذا في
الأصل.) . والعَراة: شدة البرْد. وفي حديث أَبي سلمة: كنتُ أَرى الرُّؤْيا
أُعْرَى منها أَي يُصيبُني البَرْدُ والرِّعْدَة من الخَوْف. والعُرَواء:
ما بينَ اصْفِرارِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ إِذا اشْتَدَّ البَرْدُ
وهاجَتْ رِيحٌ باردةٌ. ورِيحٌ عَرِيٌّ وعَرِيَّةٌ: بارِدَة، وخص الأَزهري بها
الشِّمالَ فقال: شَمال عَرِيَّةٌ باردة، وليلة عَريَّةٌ باردة؛ قال ابن
بري: ومنه قول أَبي دُواد:
وكُهولٍ، عند الحِفاظ، مَراجِيـ
ـح يُبارُونَ كلَّ ريح عَرِيَّة
وأَعْرَيْنا: أَصابنا ذلك وبلغنا بردَ العشيّ. ومن كلامِهم: أَهْلَكَ
فقَدْ أَعْرَيْتَ أَي غابت الشمس وبَرَدَتْ. قال أَبو عمرو: العَرَى
البَرْد، وعَرِيَت لَيْلَتُنا عَرىً؛ وقال ابن مقبل:
وكأَنَّما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ
بِعَرًى، تنازعُه الرياحُ زُلال
قال: العَرَى مكان بارد.
وعُرْوَةُ الدَّلْوِ والكوزِ ونحوهِ: مَقْبِضُهُ.
وعُرَى المَزادة: آذانُها. وعُرْوَةُ القَمِيص: مَدْخَلُ زِرِّه.
وعَرَّى القَمِيص وأَعْراه: جَعَلَ له عُرًى. وفي الحديث: لا تُشَدُّ العُرى
إلا إِلى ثلاثة مَساجِدَ؛ هي جمعُ عُرْوَةٍ، يريدُ عُرَى الأَحْمالِ
والرَّواحِلِ. وعَرَّى الشَّيْءَ: اتَّخَذَ له عُرْوةً. وقوله تعالى: فقَدِ
اسْتَمْسَكَ بالعُرْوةِ الوُثْقَى لا انْفِصامَ لها؛ شُبِّه بالعُرْوَة التي
يُتَمسَّك بها. قال الزجاج: العُرْوة الوُثْقَى قولُ لا إِلهَ إلا الله،
وقيل: معناه فقد عَقَدَ لنَفْسِه من الدِّين عَقْداً وثيقاً لا تَحُلُّه
حُجَّة. وعُرْوَتا الفَرْجِ: لحْمٌ ظاهِرٌ يَدِقُّ فيَأْخُذُ يَمْنَةً
ويَسْرةً مع أَسْفَلِ البَطْنِ، وفَرْجٌ مُعَرىً إذا كان كذلك. وعُرَى
المَرْجان: قلائدُ المَرْجان. ويقال لطَوْق القِلادة: عُرْوةٌ. وفي النوادر:
أَرضٌ عُرْوَةٌ وذِرْوَة وعِصْمة إِذا كانت خَصيبة خصباً يَبْقَى.
والعُرْوة من النِّباتِ: ما بَقِي له خضْرة في الشتاء تَتعلَّق به الإبلُ حتى
تُدرِكَ الرَّبيع، وقيل: العُروة الجماعة من العِضاهِ خاصَّةً يرعاها
الناسُ إذا أَجْدَبوا، وقيل: العُرْوةُ بقية العِضاهِ والحَمْضِ في
الجَدْبِ، ولا يقال لشيء من الشجر عُرْوةٌ إلا لها، غيرَ أَنه قد يُشْتَقُّ لكل
ما بَقِيَ من الشجر في الصيف. قال الأَزهري: والعُرْوة من دِقِّ الشجر ما
له أَصلٌ باقٍ في الأَرض مثل العَرْفَج والنَّصِيِّ وأَجناسِ الخُلَّةِ
والحَمْضِ، فأذا أَمْحَلَ الناسُ عَصَمت العُرْوةُ الماشيةَ فتبلَّغَت
بها، ضربها اللهُ مثلاً لما يُعْتَصَم به من الدِّين في قوله تعالى: فقد
اسْتمْسَك بالعُرْوة الوُثْقى؛ وأَنشد ابن السكيت:
ما كان جُرِّبَ، عندَ مَدِّ حِبالِكُمْ،
ضَعْفٌ يُخافُ، ولا انْفِصامٌ في العُرى
قوله: انفصام في العُرى أَي ضَعْف فيما يَعْتَصِم به الناس. الأَزهري:
العُرى ساداتُ الناس الذين يَعْتَصِم بهم الضُّعفاء ويَعيشون بعُرْفِهم،
شبِّهوا بعُرَى الشَّجَر العاصمة الماشيةَ في الجَدْب. قال ابن سيده:
والعُروة أَيضاً الشجر المُلْتَفُّ الذي تَشْتُو فيه الإبل فتأْكلُ منه،
وقيل: العُروة الشيءُ من الشجرِ الذي لا يَزالُ باقياً في الأرض ولا يَذْهَب،
ويُشَبَّه به البُنْكُ من الناس، وقيل: العُروة من الشجر ما يَكْفِي
المالَ سَنَته، وهو من الشجر ما لا يَسْقُط وَرَقُه في الشِّتاء مثل
الأَراكِ والسِّدْرِ الذي يُعَوِّلُ الناسُ عليه إِذا انقطع الكلأ، ولهذا قال
أَبو عبيدة إنه الشجر الذي يَلجأُ إليه المالُ في السنة المُجْدبة
فيَعْصِمُه من الجَدْبِ، والجمعُ عُرًى؛ قال مُهَلْهِل:
خَلَع المُلوكَ وسارَ تحت لِوائِه
شجرُ العُرَى، وعُراعِرُ الأَقوامِ
يعني قوماً يُنتَفَع بهم تشبيهاً بذلك الشجر. قال ابن بري: ويروى البيت
لشُرَحْبِيل بنِ مالكٍ يمدَحُ معديكرب بن عكب. قال: وهو الصحيح؛ ويروى
عُراعِر وْضراعِر، فمن ضَمَّ فهو واحد، ومن فتَح جعله جمعاً، ومثلُه
جُوالِق وجَوالِق وقُماقِم وقَماقِم وعُجاهِن وعَجاهِن، قال: والعُراعِرُ هنا
السيِّد؛ وقول الشاعر:
ولمْ أَجِدْ عُرْوةَ الخلائقِ إلا
الدِّينَ، لمَّا اعْتَبَرْتُ، والحَسبَا
أَي عِمادَه. ورَعَيْنا عُرْوة مكَّةَ لِما حولَها. والعُروة: النفيسُ
من المالِ كالفَرَسِ الكريم ونحوه.والعُرْيُ: خلافُ اللُّبْسِ. عَرِيَ من
ثَوْبه يَعْرَى عُرْياً وعُرْيَةً فهو عارٍ، وتَعَرَّى هو عُرْوة شديدة
أَيضاً وأعراهُ وعرَّاه، وأَعراهُ من الشيءِ وأَعراه إِياهُ؛ قال ابن
مُقْبلٍ في صفة قِدْحٍ:
به قَرَبٌ أَبْدَى الحَصَى عن مُتونِه،
سَفاسقُ أَعراها اللِّحاءَ المُشَبِّحُ
ورَجلٌ عُريانٌ، والجمع عُرْيانون، ولا يُكسَّر، ورجل عارٍ من قومٍ
عُراةٍ وامرأَة عُرْيانةٌ وعارٍ وعاريةٌ. قال الجوهري: وما كان على فُعْلانٍ
فَمُؤَنَّثُه بالهاء. وجاريةٌ حسَنة العُرْيةِ والمُعَرَّى والمُعَرَّاةِ
أي المُجَرَّدِ أَي حَسَنَة عندَ تَجْريدِها من ثيابها، والجمع
المَعاري، والمَحاسِرُ من المرأةِ مِثْلُ المَعاري، وعَريَ البَدَن من اللَّحْم
كذلك؛ قال قيس بنُ ذَريح:
وللحُبِّ آيات تُبَيّنُ بالفَتى
شُحوباً، وتَعْرَى من يَدَيْه الأَشاجعُ
ويروى: تَبَيَّنُ شُحُوبٌ. وفي الحديث في صفته، صلى الله عليه وسلم:
عارِي الثَّدْيَيْن، ويروى: الثَّنْدُوَتَيْن؛ أَراد أَنه لم يكن عليهما
شعر، وقيل: أَرادَ لم يكن عليهما لحم، فإنه قد جاء في صفته، صلى الله عليه
وسلم ، أَشْعَر الذراعَيْن والمَنْكِبَين وأَعْلى الصَّدرِ. الفراء:
العُرْيانُ من النَّبْتِ الذي قد عَرِيَ عُرْياً إذا اسْتَبانَ لك. والمَعاري:
مبادي العِظامِ حيثُ تُرى من اللَّحْمِ، وقيل: هي الوَجْهُ واليَدَانِ
والرِّجْلانِ لأَنها باديةٌ أَبداً؛ قال أَبو كبِيرٍ الهُذَليّ يصف قوماً
ضُرِبُوا فسَقَطوا على أَيْديهم وأَرْجُلِهمْ:
مُتَكَوِّرِينَ على المَعاري، بَيْنَهُم
ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
ويروى: الأَنْجَلِ، ومُتَكَوِّرينَ أَي بعضُهم على بَعْضٍ. قال
الأَزهري: ومَعاري رؤوس العظام حيث يُعَرَّى اللحمُ عن العَظْم. ومَعاري المرأة:
ما لا بُدَّ لها من إظْهاره، واحدُها مَعْرًى. ويقال: ما أَحْسَنَ
مَعارِيَ هذه المرأَة، وهي يَدَاها ورِجْلاها ووجهُها، وأَورد بيت أَبي كبير
الهذلي. وفي الحديث: لا يَنْظُر الرجل إلى عِرْيَة المرأَةِ؛ قال ابن
الأَثير: كذا جاء في بعض روايات مسلم، يريد ما يَعْرَى منها ويَنْكَشِفُ،
والمشهور في الرواية لا يَنْظُر إلى عَوْرَة المرأَةِ؛ وقول الراعي:
فإنْ تَكُ ساقٌ من مُزَيْنَة قَلَّصَتْ
لِقَيْسٍ بحَرْبٍ لا تُجِنُّ المَعَارِيا
قيل في تفسيره: أَراد العورةَ والفَرْجَ؛ وأَما قول الشاعر الهُذَلي:
أَبِيتُ على مَعارِيَ واضِحَاتٍ،
بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
فإنما نَصَبَ الياءَ لأنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصحيح في ضَرُورةِ
الشِّعْرِ، ولم يُنَوّن لأنه لا يَنْصرِف، ولو قال مَعارٍ لم ينكَسر
البيتُ ولكنه فرَّ من الزحاف. قال ابن سيده: والمَعَارِي الفُرُش، وقيل: إنَّ
الشاعر عَناها، وقيل: عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ على
مَعَارٍ لأنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ، ولو قال معارٍ لمَا كُسر الوزن لأنه
إنما كان يصير من مُفاعَلَتُن إلى مَفاعِيلن، وهو العَصْب؛ ومثله قول
الفرزدق:
فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولىً هَجَوْتُه،
ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِياَ
قال ابن بري: هو للمُتَنَخّل الهذلي. قال: ويقال عَرِيَ زيدٌ ثوبَه
وكسِي زيدٌ ثَوْباً فيُعَدِّيه إلى مفعول؛ قال ضَمْرة بنُ ضمرة:
أَرَأَيْتَ إنْ صَرَخَتْ بلَيلٍ هامَتي،
وخَرَجْتُ مِنْها عارياً أَثْوابي؟
وقال المحدث:
أَمَّا الثِّيابُ فتعرْى من مَحاسِنِه،
إذا نَضاها ،ويُكْسَى الحُسْنَ عُرْيانا
قال: وإذا نَقَلْتَ أَعرَيْت، بالهمز، قُلْتَ أَعْرَيْتُه أَثْوَابَه،
قال: وأَما كَسِيَ فتُعَدِّيه من فَعِل فتقول كسوته ثوباً، قال
الجوهري:وأَعْرَيْته أَنا وعَرَّيْتُه تَعْرية فتَعَرَّى. أَبو الهيثم: دابة عُرْيٌ
وخَيْلٌ أَعْرَاءٌ ورَجلٌ عُرْيان وامرأَةٌ عُرْيانةٌ إذا عَرِيا من
أَثوابهما، ولا يقال رجلٌ عُرْيٌ. ورجلٌ عارٍ إذا أَخْلَقَت أَثوابُه؛
وأَنشد الأزهري هنا بيت التابغة:
أَتَيْتُك عارِياً خَلَقاً ثِيابي
وقد تقدم.
والعُرْيانُ من الرَّمْل: نقاً أَو عَقِدٌ ليس عليه شجر. وفَرَسٌ
عُرْيٌ: لا سَرْجَ عليه، والجمع أَعْراءٌ. قال الأزهري: يقال: هو عِرْوٌ من هذا
الأَمر كما يقال هو خِلْوٌ منه. والعِرْوُ: الخِلْو، تقول أَنا عِرْوٌ
منه، بالكسر، أي خِلْو. قال ابن سيده: ورجلٌ عِرْوٌ من الأَمْرِ لا
يَهْتَمُّ به، قال: وأُرَى عِرْواً من العُرْيِ على قولهم جَبَيْتُ جِباوَةً
وأَشاوَى في جمع أَشْياء، فإن كان كذلك فبابُه الياءُ، والجمعُ أَعْراءٌ؛
وقول لبيد:
والنِّيبُ إنْ تُعْرَ منِّي رِمَّةً خَلَقاً،
بَعْدَ المَماتِ، فإني كُنتُ أَتَّئِرُ
ويروى: تَعْرُ مِنِّي أَي تَطْلُب لأنها ربما قَضِمت العظامَ؛ قال ابن
بري: تُعْرَ منِّي من أَعْرَيْتُه النخلةَ إذا أَعطيته ثمرتها، وتَعْرُ
مني تَطْلُب، من عَرَوْتُه، ويروى: تَعْرُمَنِّي، بفتح الميم، من عَرَمْتُ
العظمَ إذا عَرَقْت ما عليه من اللحم. وفي الحديث: أنه أُتيَ بفرس
مُعْرَوْرٍ؛ قال ابن الأَثير: أَى لا سَرْجٍ عليه ولا غيره. واعْرَوْرَى فرسَه:
رَكبه عُرْياً، فهو لازم ومتعدّ، أَو يكون أُُتي بفرس مُعْرَوْرىً على
المفعول. قال ابن سيده: واعْرَوْرَى الفرسُ صارَ عُرْياً. واعْرَوْرَاه:
رَكبَه عُرْياً، ولا يُسْتَعْمل إلا مزيداً، وكذلك اعْرَوْرى البعير؛ ومنه
قوله:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَرْكُضُه
أُمُّ الفوارس بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وهو افعَوْعَل؛ واسْتَعارَه تأَبَّطَ شرّاً للمَهْلَكة فقال:
يَظَلُّ بمَوْماةٍ ويُمْسِي بغيرِها
جَحِيشاً، ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المَهالكِ
ويقال: نحن نُعاري أَي نَرْكَبُ الخيل أَعْرَاءً، وذلك أَخفُّ في الحرب.
وفي حديث أَنس: أَن أَهل المدينة فَزِعوا ليلاً، فركب النبي، صلى الله
عليه وسلم، فرساً لأبي طلحة عُرْياً. واعْرَوْرَى مِنِّي أَمراً قبيحاً:
رَكِبَه، ولم يَجِئ في الكلامِ افْعَوْعَل مُجاوِزاً غير اعْرَ وْرَيْت،
واحْلَوْلَيْت المكانَ إذا اسْتَحْلَيْته.
ابن السكيت في قولهم أَنا النَّذير العُريان: هو رجل من خَثْعَم، حَمَل
عليه يومَ ذي الخَلَصة عوفُ بنُ عامر بن أبي عَوْف بن عُوَيْف بن مالك بن
ذُبيان ابن ثعلبة بن عمرو بن يَشْكُر فقَطع يدَه ويد امرأَته، وكانت من
بني عُتْوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم ، قال إنما مَثَلي ومَثَلُكم كمثل رجل
أَنْذَر قومَه جَيْشاً فقال: أَنا النَّذير العُرْيان أُنْذِركم جَيْشاً؛ خص
العُرْيان لأنه أَبْيَنُ للعين وأَغرب وأَشنع عند المُبْصِر، وذلك أَن
رَبيئة القوم وعَيْنَهم يكون على مكان عالٍ، فإذا رأى العَدُوَّ وقد أَقبل
نَزَع ثوبه وأَلاحَ به ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقى عُرْياناً. ويقال: فلان
عُرْيان النَّجِيِّ إذا كان يُناجي امرأَتَه ويُشاوِرها ويصَدُرُ عن
رَأْيها؛ ومنه قوله:
أَصاخَ لِعُرْيانِ النَّجِيِّ، وإنَّه
لأزْوَرُ عن بَعْض المَقالةِ جانِبُهْ
أَي اسْتَمع إلى امرأته وأَهانني. وأَعْرَيتُ المَكانَ: ترَكْتُ حضُوره؛
قال ذو الرمة:
ومَنْهَل أَعْرى حَياه الحضر
والمُعَرَّى من الأسماء: ما لمْ يدخُلْ عَلَيه عاملٌ كالمُبْتَدإ.
والمُعَرَّى من الشِّعْر: ما سَلِمَ من الترْفِيلِ والإذالةِ والإسْباغِ.
وعَرَّاهُ من الأمرِ: خَلَّصَه وجَرَّده. ويقال: ما تَعَرَّى فلان من هذا
الأَمر أَي ما تخلَّص. والمَعاري: المواضع التي لا تُنْبِتُ. وروى الأزهري
عن ابن الأعرابي: العَرَا الفِناء، مقصور، يكتب بالألف لأن أُنْثاه
عَرْوَة؛ قال: وقال غيره العَرَا الساحةُ والفِناء، سمي عَراً لأَنه عَرِيَ من
الأنبية والخِيام. ويقال: نزل بِعَراء وعَرْوَتِه وعَقْوَتِه أَي نزَل
بساحَتهِ وفنائه، وكذلك نَزَل بِحَراه، وأَما العَراء، ممدوداً، فهو ما
اتَّسَع من فضاء الأرض؛ وقال ابن سيده: هو المكانُ الفَضاءُ لا يَسْتَتِرُ
فيه شيءٌ، وقيل: هي الأرضُ الواسعة. وفي التنزيل: فنَبَذْناه بالعَراءِ
وهو سَقيمٌ، وجَمْعُه أَعْراءٌ؛ قال ابن جني: كَسَّروا فَعالاً على
أَفْعالٍ حتى كأنهم إنما كسَّروا فَعَلاً، ومثله جَوادٌ وأَجوادٌ وعَياءٌ
وأَعْياءٌ، وأَعْرَى: سارَ فِيها
(* قوله: سار فيها أي سار في الأرض العراء.)؛
وقال أَبو عبيدة: إنما قيل له عَراءٌ لأنه لا شجر فيه ولا شيء يُغَطِّيه،
وقيل: إن العَراء وَجْه الأَرض الخالي؛ وأَنشد:
وَرَفَعْتُ رِجلاً لا أَخافُ عِثارَها،
ونَبَذْتُ بالبَلَدِ العَراء ِثيابي
وقال الزجاج: العَراء على وجْهين: مقصور، وممدود، فالمقصور الناحية،
والممدود المكان الخالي. والعَراء: ما اسْتَوَى من ظَهْر الأَرض وجَهَر.
والعَراء: الجَهراء، مؤنثة غير مصروفة. والعَراء: مُذكَّر مصروف، وهُما
الأَرض المستوية المُصْحرة وليس بها شجر ولا جبالٌ ولا آكامٌ ولا رِمال، وهما
فَضاء الأرض، والجماعة الأعْراء. يقال: وَطِئْنا عَراءَ الأرض
والأَعْراية. وقال ابن شميل: العَرَا مثل العَقْوَة، يقال: ما بِعَرانا أَحَدٌ
أَي مابعَقْوَتنا أَحدٌ. وفي الحديث: فكَرِهَ أَن يُعْرُوا المدينة، وفي
رواية: أَن تَعْرَى أَي تخلو وتصير عَرَاءً، وهو الفضاء، فتصير دُورهُم في
العَراء. والعَراء: كلُّ شيءٍ أُعْرِيَ من سُتْرَتِه. وتقول: اسُتُرْه عن
العَراء. وأَعْراءُ الأَرض: ما ظَهَر من مُتُونِها وظُهورِها، واحدُها
عَرًى؛ وأَنشد:
وبَلَدٍ عارِيةٍ أَعْراؤه
والعَرَى: الحائطُ، وقبلَ كلُّ ما سَتَرَ من شيءٍ عَرًى. والعِرْو:
الناحيةُ، والجمع أَعْراءٌ. والعَرى والعَراةُ: الجنابُ والناحِية والفِناء
والساحة. ونزَل في عَراه أَي في ناحِيَتِه؛ وقوله أَنشده ابن جني:
أو مُجْزَ عنه عُرِيَتْ أَعْراؤُه
(* قوله «أو مجز عنه» هكذا في الأصل، وفي المحكم: أو مجن عنه.)
فإنه يكونُ جمعَ عَرىً من قولك نَزَل بِعَراهُ، ويجوز أَن يكون جَمْعَ
عَراءٍ وأَن يكون جَمع عُرْيٍ.
واعْرَوْرَى: سار في الأرضِ وَحْدَه
وأَعْراه النخلة: وَهَبَ له ثَمرَة عامِها. والعَرِيَّة: النخلة
المُعْراةُ؛ قال سُوَيدُ بن الصامت الأنصاري:
ليست بسَنْهاء ولا رُجَّبِيَّة،
ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائحِ
يقول: إنَّا نُعْرِيها الناسَ. والعَرِيَّةُ أَيضاً: التي تُعْزَلُ عن
المُساومةِ عند بيع النخلِ، وقيل: العَرِيَّة النخلة التي قد أكِل ما
عليها. وروي عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَفِّفوا في الخَرْصِ
فإنّ في المال العَرِيَّة والوَصِيَّة، وفي حديث آخر: أنه رَخَّص في
العَريَّة والعرايا؛ قال أَبو عبيد: العَرايا واحدتها عَرِيَّة، وهي النخلة
يُعْرِيها صاحبُها رجلاً محتاجاً، والإعراءُ: أن يجعلَ له ثَمرَة عامِها.
وقال ابن الأعرابي: قال بعض العرب مِنَّا مَنْ يُعْرِي، قال: وهو أَن يشتري
الرجل النخلَ ثم يستثني نخلة أَو نخلتين. وقال الشافعي: العرايا ثلاثة
أَنواع، واحدتها أَن يجيء الرجل إلى صاحب الحائط فيقول له: بِعْني من
حائطك ثَمَرَ نَخلاَت بأَعيانها بِخرْصِها من التَّمْر، فيبيعه إياها ويقبض
التَّمر ويُسَلِّم إليه النخَلات يأْكلها ويبيعها ويُتَمِّرها ويفعل بها
ما يشاء، قال: وجِماعُ العرايا كلُّ ما أُفْرِد ليؤكل خاصَّة ولم يكن في
جملة المبيع من ثَمَر الحائط إذا بيعَتْ جُمْلتُها من واحد، والصنف الثاني
أَن يَحْضُر رَبَّ الحائط القومُ فيعطي الرجلَ النخلة والنخلتين وأَكثر
عرِيَّةً يأْكلها، وهذه في معنى المِنْحة، قال: وللمُعْرَى أَن يبيع
ثَمرَها ويُتَمِّره ويصنع به ما يصنع في ماله لأنه قد مَلَكه، والصنف الثالث
من العرايا أَن يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخلةَ وأَكثر من حائطه ليأْكل
ثمرها ويُهْدِيه ويُتَمِّره ويفعل فيه ما أَحبَّ ويبيع ما بقي من ثمر
حائطه منه، فتكون هذه مُفْرَدة من المبيع منه جملة؛ وقال غيره: العَرايا أَن
يقول الغنيُّ للفقير ثَمَرُ هذه النخلة أَو النَّخلات لك وأَصلُها لي،
وأَما تفسير قوله، صلى الله عليه وسلم، إنه رخَّص في العَرايا، فإن
الترخيص فيها كان بعد نهي النبي، صلى الله عليه وسلم عن المُزابَنة، وهي بيع
الثمر في رؤوس النخل بالتمر، ورخَّصَ من جملة المزابنة في العرايا فيما دون
خمسة أَوسُق، وذلك للرجل يَفْضُل من قوت سَنَته التَّمْرُ فيُدْرِك
الرُّطَب ولا نَقْدَ بيده يشتري به الرُّطَب، ولا نخل له يأْكل من رُطَبه،
فيجيء إلى صاحب الحائط فيقول له بِعْنِي ثمر نخلة أَو نخلتين أَو ثلاث
بِخِرْصِها من التَّمْر، فيعطيه التمر بثَمَر تلك النَّخلات ليُصيب من
رُطَبها مع الناس، فرَخَّص النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، من جملة ما حَرَّم من
المُزابَنة فيما دون خمسة أَوْسُق، وهو أَقلُّ مما تجب فيه الزكاة، فهذا
معنى ترخيص النبي،صلى الله عليه وسلم، في العَرايا لأن بيع الرُّطَب
بالتَّمْر محرَّم في الأصل، فأَخرج هذا المقدار من الجملة المُحَرَّمة لحاجة
الناس إليه؛ قال الأزهري: ويجوز أَن تكون العَرِيَّة مأْخوذة من عَرِيَ
يَعْرَى كأَنها عَرِيَتْ من جملة التحريم أَي حَلَّتْ وخَرَجَتْ منها، فهي
عَرِيَّة، فعيلة بمعنى فاعلة، وهي بمنزلة المستثناةِ من الجملة. قال
الأزهري: وأَعْرَى فلان فلاناً ثمر نخلةٍ إذا أَعطاه إياها يأْكل رُطَبها،
وليس في هذا بيعٌ، وإنما هو فضل ومعروف. وروى شَمِرٌ عن صالح بن أَحمد عن
أَبيه قال: العَرايا أَن يُعْرِي الرجلُ من نخله ذا قرابته أَو جارَه ما
لا تجب فيه الصدقة أَي يَهبَها له، فأُرْخص للمُعْرِي في بيع ثمر نخلة في
رأسها بِخِرْصِها من التمر، قال: والعَرِيَّة مستثناةٌ من جملة ما نُهِي
عن بيعه من المُزابنَة، وقيل: يبيعها المُعْرَى ممن أَعراه إيَّها، وقيل:
له أَن يبيعها من غيره. وقال الأزهري: النخلة العَرِيَّة التي إذا
عَرَضْتَ النخيلَ على بَيْع ثَمَرها عَرَّيْت منها نخلة أَي عَزَلْتها عن
المساومة. والجمع العَرايا، والفعل منه الإعراء، وهو أَن تجعل ثمرتها
لِمُحْتاج أَو لغير محتاج عامَها ذلك. قال الجوهري: عَرِيَّة فعيلة بمعنى
مفعولة، وإنما أُدخلت فيها الهاء لأنها أُفردت فصارت في عداد الأسماء مثل
النَّطِيحة والأكيلة، ولو جئت بها مع النخلة قلت نخلة عرِيٌّ؛ وقال: إن
ترخيصه في بيع العَرايا بعد نهيه عن المُزابنة لأنه ربَّما تأَذَّى بدخوله
عليه فيحتاج إلى أَن يشتريها منه بتمر فرُخِّص له في ذلك. واسْتعْرَى الناسُ
في كلِّ وجهٍ، وهو من العَرِيَّة: أَكلوا الرُّطَبَ من ذلك، أَخَذَه من
العَرايا. قال أبو عدنان: قال الباهلي العَرِية من النخل الفارِدَةُ التي
لا تُمْسِك حَمْلَها يَتَناثر عنها؛ وأَنشدني لنفسه:
فلما بَدَتْ تُكْنَى تُضِيعُ مَوَدَّتي،
وتَخْلِطُ بي قوماً لِئاماً جُدُودُها
رَدَدْتُ على تُكْنَى بقية وَصْلِها
رَمِيماً، فأمْسَتْ وَهيَ رثٌّ جديدُها
كما اعْتكرَتْ للاَّقِطِين عَرِيَّةٌ
من النَّخْلِ، يُوطَى كلِّ يومٍ جَريدُها
قال: اعْتِكارُها كثرةُ حَتِّها، فلا يأْتي أَصلَها دابَّةٌ إلا وَجَدَ
تحتها لُقاطاً من حَمْلِها، ولا يأتي حَوافيها إلا وَجَد فيها سُقاطاً من
أَي ما شاءَ. وفي الحديث: شَكا رجلٌ إلى جعفر بن محمد، رضي الله عنه،
وَجَعاً في بطنه فقال: كُلْ على الريق سَبْعَ تَمَرات من نَخْلٍ غير
مُعَرّىً؛ قال ثعلب: المُعرَّى المُسَمَّد، وأَصله المُعَرَّر من العُرَّة، وقد
ذكر في موضعه في عرر.
والعُرْيان من الخيل: الفَرَس المُقَلِّص الطويل القوائم. قال ابن سيده:
وبها أَعراءٌ من الناسِ أَي جماعةٌ، واحدُهُم عِرْوٌ. وقال أَبو زيد:
أَتَتْنا أَعْراؤُهم أَي أَفخاذهم. وقال الأصمعي: الأعراء الذين ينزلون
بالقبائل من غيرهم، واحدهم عُرْيٌ؛ قال الجعدي:
وأَمْهَلْت أَهْلَ الدار حتى تَظاهَرُوا
عَليَّ، وقال العُرْيُ مِنْهُمْ فأَهْجَرَا
وعُرِيَ إلى الشيء عَرْواً: باعه ثم اسْتَوْحَش إليه. قال الأزهري: يقال
عُريتُ إلى مالٍ لي أَشدَّ العُرَواء إذا بِعْته ثم تَبِعَتْه نفسُكَ.
وعُرِيَ هَواه إلى كذا أَي حَنَّ إليه؛ وقال أَبو وَجْزة:
يُعْرَى هَواكَ إلى أَسْماءَ، واحْتَظَرَتْ
بالنأْيِ والبُخْل فيما كان قَد سَلَفا
والعُرْوة: الأَسَدُ، وبِه سُمِّي الرجل عُروَة.
والعُرْيان: اسم رجل. وأَبو عُرْوَةَ: رجلٌ زَعَموا كان يصيح بالسَّبُعِ
فيَموت، ويَزْجُرُ الذِّئْبَ والسَّمْعَ فيَموتُ مكانَه، فيُشَقُّ
بَطْنُه فيوجَدُ قَلْبُه قد زالَ عن مَوْضِعِهِ وخرَجَ من غِشائه؛ قال النابغة
الجعدي:
وأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ، إذا اغْـ
ـتابَك، زَجْراً مِنِّي على وَضَمِ
زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ، إذا
أَشْفَقَ أَنْ يَلْتَبِسْنَ بالغَنَمِ
وعُرْوَةُ: اسمٌ. وعَرْوَى وعَــرْوانُ: موضعان؛ قال ساعِدَة بن جُؤيَّة:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها
دُفاقٌ ، فعَــرْوانُ الكَراثِ، فَضِيمُها؟
وقال الأَزهري: عَرْوَى اسم جبل، وكذلك عَــرْوانُ، قال ابن بري: وعَرْوَى
اسم أَكَمة، وقيل: موضع؛ قال الجعدي:
كَطاوٍ بعَرْوَى أَلْجَأَتْهُ عَشِيَّةٌ،
لها سَبَلٌ فيه قِطارٌ وحاصِبُ
وأَنشد لآخر:
عُرَيَّةُ ليسَ لها ناصرٌ،
وعَرْوَى التي هَدَمَ الثَّعْلَبُ
قال: وقال عليّ بن حَمزة وعَرْوَى اسم أَرْضٍ؛ قال الشاعر:
يا وَيْحَ ناقتي، التي كَلَّفْتُها
عَرْوَي ، تَصِرُّ وبِارُها وتُنَجِّم
أَي تَحْفِرُ عن النَّجْمِ، وهو ما نَجَم من النَّبْت.
قال: وأَنْشَدَه المُهَلَّبي في المَقصور ملَّفْتها عَرَّى، بتشديد
الراءِ، وهو غلط، وإنما عَرَّى وادٍ. وعَرْوى: هَضْبَة. وابنُ عَــرْوانَ:
جبَل؛ قال ابن هَرْمة:
حِلْمُه وازِنٌ بَناتِ شَمامٍ،
وابنَ عَــرْوانَ مُكْفَهِرَّ الجَبينِ
والأُعْــرُوانُ: نَبْتٌ، مثَّل به سيبويه وفسَّره السيرافي. وفي حديث
عروةٍ بن مسعود قال: والله ما كلَّمتُ مسعودَ بنَ عَمْروٍ منذ عَشْرِ سِنين
والليلةَ أُكَلِّمُه، فخرج فناداه فقال: مَنْ هذا؟ قال: عُرْوَة،
فأَقْبَل مسعودٌ وهو يقول:
أَطَرَقَتْ عَراهِيَهْ،
أَمْ طَرَقَتْ بِداهِيهْ؟
حكى ابن الأَثير عن الخطابي قال: هذا حرفٌ مُشْكِل، وقد كَتَبْتُ فيه
إلى الأَزهري، وكان من جوابه أَنه لم يَجِدْه في كلام العرب، والصوابُ
عِنْده عَتاهِيَهْ، وهي الغَفْلة والدَّهَش أَي أَطَرَقْت غَفْلَةً بلا
روِيَّة أَو دَهَشاً؛ قال الخطابي: وقد لاح في هذا شيءٌ، وهو أَنْ تكون
الكَلِمة مُركَّبةً من اسْمَيْن: ظاهرٍ، ومكْنِيٍّ، وأَبْدَل فيهما حَرْفاً،
وأَصْلُها إماَّ من العَراءِ وهو وجه الأَرض، وإِما منَ العَرا مقصورٌ،
وهو الناحيَِة، كأَنه قال أَطَرَقْتَ عَرائي أَي فِنائي زائراً وضَيْفاً
أَم أَصابتك داهِيَةٌ فجئْتَ مُسْتَغِيثاً، فالهاءُ الأُولى من عَراهِيَهْ
مُبدلَة من الهمزة، والثانية هاءُ السَّكْت زيدت لبيان الحركة؛ وقال
الزمخشري: يحتمِل أَن يكونَ بالزاي، مصدرٌ من عَزِه يَعْزَهُ فهو عَزِةٌ إذا
لم يكن له أَرِبٌ في الطَّرَب، فيكون .معناه أَطَرَقْت بلا أَرَبٍ وحاجةٍ
أَم أَصابَتْك داهية أَحوجَتْك إلى الاستغاثة؟ وذكر ابن الأثير في ترجمة
عَرَا حديث المَخْزومية التي تَسْتَعِيرُ المَتاع وتَجْحَدُه، وليس هذا
مكانَه في ترتيبِنا نحن فذكرناه في ترجمة عَوَر.
أشن: الأُشْنةُ: شيءٌ من الطيب أَبيضُ كأَنه مقشورٌ. قال ابن بري:
الأُشْنُ شيء من العطر أبيضُ دقيق كأَنه مقشورٌ من عِرْقٍ؛ قال أَبو منصور: ما
أُراه عربيّاً. والأُشنانُ والإشْنانُ من الحمض: معروف الذي يُغْسَل به
الأَيْدِي، والضم أَعلى. والأَوْشَنُ: الذي يُزيّن الرجلَ ويقعد معه على
مائدته يأْكل طعامَه، والله أَعلم.
حسن: الحُسْنُ: ضدُّ القُبْح ونقيضه. الأَزهري: الحُسْن نَعْت لما
حَسُن؛ حَسُنَ وحَسَن يَحْسُن حُسْناً فيهما، فهو حاسِنٌ
وحَسَن؛ قال الجوهري: والجمع مَحاسِن، على غير قياس، كأَنه جمع مَحْسَن.
وحكى اللحياني: احْسُنْ إن كنتَ حاسِناً، فهذا في المستقبل، وإنه
لَحَسَن، يريد فِعْل الحال، وجمع الحَسَن حِسان. الجوهري: تقول قد حَسُن
الشيءُ، وإن شئت خَفَّفْت الضمة فقلت: حَسْنَ الشيءُ، ولا يجوز أَن تنقُل الضمة
إلى الحاء لأَنه خبَرٌ، وإنما يجوز النقْل إذا كان بمعنى المدح أَو
الذَّم لأَنه يُشَّبه في جواز النَّقْل بنِعْم وبِئْس، وذلك أَن الأَصل فيهما
نَعِم وبَئِس، فسُكِّن ثانيهما ونقِلتْ حركته إلى ما قبله، فكذلك كلُّ
ما كان في معناهما؛ قال سهم بن حنظلة الغَنَوي:
لم يَمْنَعِ الناسُ مِنِّي ما أَردتُ، وما
أُعْطِيهمُ ما أَرادوا، حُسْنَ ذا أَدَبا.
أَراد: حَسُن هذا أَدَباً، فخفَّف ونقَل. ورجل حَسَنٌ بَسَن: إتباع له،
وامرأَة حَسَنة، وقالوا: امرأَة حَسْناء ولم يقولوا رجل أَحْسَن، قال
ثعلب: وكان ينبغي أَن يقال لأَنَّ القياس يوجب ذلك، وهو اسم أُنِّث من غير
تَذْكير، كما قالوا غلام أَمرَد ولم يقولوا جارية مَرْداء، فهو تذكير من
غير تأْنيث. والحُسّان، بالضم: أَحسَن من الحَسَن. قال ابن سيده: ورجل
حُسَان، مخفَّف، كحَسَن، وحُسّان، والجمع حُسّانونَ؛ قال سيبويه: ولا
يُكَسَّر، استغْنَوْا عنه بالواو والنون، والأُنثى حَسَنة، والجمع حِسان
كالمذكر وحُسّانة؛ قال الشماخ:
دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقول لها:
يا ظَبْيةً عُطُلاً حُسّانةَ الجِيدِ.
والجمع حُسّانات، قال سيبويه: إنما نصب دارَ بإضمار أَعني، ويروى
بالرفع. قال ابن بري: حَسِين وحُسَان وحُسّان مثل كَبير وكُبَار وكُبَّار
وعَجيب وعُجاب وعُجَّاب وظريف وظُراف وظُرَّاف؛ وقال ذو الإصبع:
كأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إِنْــ
ـنَما نَقْتُل إيّانا
قِياماً بينهم كلُّ
فَتًى أَبْيَضَ حُسّانا.
وأَصل قولهم شيء حَسَن حَسِين لأَنه من حَسُن يَحْسُن كما قالوا عَظُم
فهو عَظِيم، وكَرُم فهو كريم، كذلك حَسُن فهو حَسِين، إلا أَنه جاء
نادراً، ثم قلب الفَعِيل فُعالاً ثم فُعّالاً إذا بُولِغَ في نَعْته فقالوا
حَسَنٌ وحُسَان وحُسّان، وكذلك كريم وكُرام وكُرّام، وجمع الحَسْناء من
النساء حِسانٌ ولا نظير لها إلا عَجْفاء وعِجاف، ولا يقال للذكر أَحْسَن،
إنما تقول هو الأَحْسن على إرادة التفضيل، والجمع الأَحاسِن. وأَحاسِنُ
القوم: حِسانهم. وفي الحديث: أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُون أَكنافاً،
وهي الحُسْنَى. والحاسِنُ: القَمَر. وحسَّنْتُ الشيءَ تحْسيناً:
زَيَّنتُه، وأَحسَنْتُ إليه وبه، وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في قوله
تعالى في قصة يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وقد أَحسَنَ بي إذ
أَخرَجَني من السِّجن؛ أَي قد أَحسن إلي. والعرب تقول: أَحسَنْتُ بفلانٍ
وأَسأْتُ بفلانٍ أَي أَحسنت إليه وأَسأْت إليه. وتقول: أَحْسِنْ بنا أَي
أَحسِنْ إلينا ولا تُسِئْ بنا؛ قال كُثيِّر:
أَسِيئي بنا أَو أَحْسِنِي، لا مَلومةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ.
وقوله تعالى: وصَدَّقَ بالحُسْنى؛ قيل أَراد الجنّة، وكذلك قوله تعالى:
للذين أَحْسَنوا الحُسْنى وزيادة؛ فالحُسْنى هي الجنّة، والزِّيادة النظر
إلى وجه الله تعالى. ابن سيده: والحُسْنى هنا الجنّة، وعندي أَنها
المُجازاة الحُسْنى. والحُسْنى: ضدُّ السُّوأَى. وقوله تعالى: وقولوا للناس
حُسْناً. قال أَبو حاتم: قرأَ الأَخفش وقولوا للناس حُسْنى، فقلت: هذا لا
يجوز، لأَن حُسْنى مثل فُعْلى، وهذا لا يجوز إلا بالأَلف واللام؛ قال ابن
سيده: هذا نصُّ لفظه، وقال قال ابن جني: هذا عندي غيرُ لازم لأَبي الحسن،
لأَن حُسْنى هنا غير صفة، وإنما هو مصدرٌ بمنزلة الحُسْن كقراءة غيره:
وقولوا للناس حُسْناً، ومثله في الفِعْل والفِعْلى: الذِّكْرُ والذِّكْرى،
وكلاهما مصدر، ومن الأَول البُؤسُ والبُؤسى والنُّعْم والنُّعْمى، ولا
يُسْتَوْحَش مِنْ تشبيه حُسْنى بذِكرى لاختلاف الحركات، فسيبويه قد عَمل
مثلَ هذا فقال: ومثلُ النَّضْرِ الحَسَن إلاَّ أَن هذا مُسَكَّن
الأَوْسَط، يعني النَّضْرَ، والجمع الحُسْنَيات
(* قوله «والجمع الحسنيات» عبارة
ابن سيده بعد أن ساق جميع ما تقدم: وقيل الحسنى العاقبة والجمع إلخ فهو
راجع لقوله وصدق بالحسنى). والحُسَنُ، لا يسقط منهما الأَلف واللام لأَنها
مُعاقبة، فأَما قراءة من قرأَ: وقولوا للناس حُسْنى، فزعم الفارسي أَنه
اسم المصدر، ومعنى قوله: وقولوا للناس حُسْناً، أَي قولاً ذا حُسْنٍ
والخِطاب لليهود أَي اصْدُقوا في صفة محمد، صلى الله عليه وسلم. وروى الأَزهري
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال: قال بعض أَصحابنا اخْترْنا حَسَناً لأَنه
يريد قولاً حَسَناً، قال: والأُخرى مصدر حَسُنَ يَحسُن حُسْناً، قال: ونحن
نذهب إلى أَن الحَسَن شيءٌ من الحُسْن، والحُسْن شيءٌ من الكل، ويجوز هذا
وهذا، قال: واخْتار أَبو حاتم حُسْناً، وقال الزجاج: من قرأَ حُسْناً
بالتنوين ففيه قولان أَحدهما وقولوا للناس قولاً ذا حُسْنٍ، قال: وزعم
الأَخفش أَنه يجوز أَن يكون حُسْناً في معنى حَسَناً، قال: ومن قرأَ حُسْنى
فهو خطأ لا يجوز أَن يقرأَ به، وقوله تعالى: قل هل ترَبَّصون بنا إلا إحدى
الحُسْنَيَيْن؛ فسره ثعلب فقال: الحُسْنَيان الموتُ أَو الغَلَبة، يعني
الظفَر أَو الشهادة، وأَنَّثَهُما لأَنه أَراد الخَصْلتَين، وقوله تعالى:
والذين اتَّبَعوهم بإحسان؛ أَي باستقامة وسُلوك الطريق الذي درَج
السابقون عليه، وقوله تعالى: وآتَيْناه في الدنيا حَسَنةً؛ يعني إبراهيم، صلوات
الله على نبينا وعليه، آتَيناه لِسانَ صِدْقٍ، وقوله تعالى: إنَّ
الحَسَنات يُذْهِبْنَ السيِّئاتِ؛ الصلواتُ الخمس تكفِّر ما بينها. والحَسَنةُ:
ضدُّ السيِّئة. وفي التنزيل العزيز: مَنْ جاء بالحَسَنة فله عَشْرُ
أَمثالها؛ والجمع حَسَنات ولا يُكسَّر. والمَحاسنُ في الأَعمال: ضدُّ
المَساوي. وقوله تعالى: إنا نراكَ من المُحسِنين؛ الذين يُحْسِنون التأْويلَ.
ويقال: إنه كان يَنْصر الضعيف ويُعين المظلوم ويَعُود المريض، فذلك
إحْسانه. وقوله تعالى: ويَدْرَؤُون بالحَسَنة السيِّئةَ؛ أَي يدفعون بالكلام
الحَسَن ما وردَ عليهم من سَيِّءِ غيرهم. وقال أَبو إسحق في قوله عز وجل: ثم
آتينا موسى الكتابَ تماماً على الذي أَحْسَنَ؛ قال: يكون تماماً على
المُحْسِن، المعنى تماماً من الله على المُحْسِنين، ويكون تماماً على الذي
أَحْسَن على الذي أَحْسَنه موسى من طاعة الله واتِّباع أَمره، وقال:
يُجْعل الذي في معنى ما يريد تماماً
على ما أَحْسَنَ موسى. وقوله تعالى: ولا تَقْرَبوا مالَ اليتيم إلا
بالتي هي أَحْسَن؛ قيل: هو أَن يأْخذَ من ماله ما سَتَرَ عَوْرَتَه وسَدَّ
جَوعَتَه. وقوله عز وجل: ومن يُسْلِمْ وجهَه إلى الله وَهْو مُحْسِن؛ فسره
ثعلب فقال: هو الذي يَتَّبع الرسول. وقوله عز وجل: أَحْسَنَ كُلَّ شيءٍ
خَلْقَه؛ أَحْسَنَ يعني حَسَّنَ، يقول حَسَّنَ خَلْقَ كلِّ شيءٍ، نصب
خلقََه على البدل، ومن قرأَ خَلَقه فهو فِعْلٌ. وقوله تعالى: ولله الأَسماء
الحُسنى، تأْنيث الأَحسن. يقال: الاسم الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى؛ ولو
قيل في غير القرآن الحُسْن لَجاز؛ ومثله قوله تعالى: لِنُريك من آياتنا
الكبرى؛ لأَن الجماعة مؤَنثة. وقوله تعالى: ووَصَّيْنا الإنسانَ بوالِدَيه
حُسْناً؛ أَي يفعل بهما ما يَحْسُنُ حُسْناً. وقوله تعالى: اتَّبِعُوا
أَحسَنَ ما أُنزِلَ إليكم؛ أَي اتَّبعوا القرآن، ودليله قوله: نزَّل
أَحسنَ الحديث، وقوله تعالى: رَبَّنا آتنا في الدنيا حسَنةً؛ أَي نِعْمةً،
ويقال حُظوظاً
حسَنة. وقوله تعالى: وإن تُصِبْهم حسنةٌ، أَي نِعْمة، وقوله: إن
تَمْسَسْكم حسَنةٌ تَسُؤْهمْ، أَي غَنيمة وخِصب، وإن تُصِبْكم سيِّئة، أَي
مَحْلٌ. وقوله تعالى: وأْمُرْ قوْمَك يأْخُذوا بأَحسَنِها؛ أَي يعملوا
بحَسَنِها، ويجوز أَن يكون نحو ما أَمَرنا به من الانتصار بعد الظلم، والصبرُ
أَحسَنُ من القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ. والمَحاسِنُ: المواضع الحسَنة من
البَدن. يقال: فلانة كثيرة المَحاسِن؛ قال الأَزهري: لا تكاد العرب توحِّد
المَحاسِن، وقال بعضهم: واحدها مَحْسَن؛ قال ابن سيده: وليس هذا بالقويِّ
ولا بذلك المعروف، إنما المَحاسِنُ عند النحويين وجمهور اللغويين جمعٌ
لا واحد له، ولذلك قال سيبويه: إذا نسبْتَ إلى محاسن قلت مَحاسِنيّ، فلو
كان له واحد لرَدَّه إليه في النسب، وإنما يقال إن واحدَه حَسَن على
المسامحة، ومثله المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح والليالي. ووجه مُحَسَّن:
حَسَنٌ، وحسَّنه الله، ليس من باب مُدَرْهَم ومفؤود كما ذهب إليه بعضهم
فيما ذُكِر. وطَعامٌ مَحْسَنةٌ للجسم، بالفتح: يَحْسُن به. والإحْسانُ: ضدُّ
الإساءة. ورجل مُحْسِن ومِحسان؛ الأَخيرة عن سيبويه، قال: ولا يقال ما
أَحسَنَه؛ أَبو الحسن: يعني منْ هذه، لأَن هذه الصيغة قد اقتضت عنده
التكثير فأَغْنَتْ عن صيغة التعجب. ويقال: أَحْسِنْ يا هذا فإِنك مِحْسانٌ أَي
لا تزال مُحْسِناً. وفسر النبي، صلى الله عليه وسلم، الإحسانَ حين سأَله
جبريلٍ، صلوات الله عليهما وسلامه، فقال: هو أَن تَعْبُدَ الله كأَنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإِنه يَراك، وهو تأْويلُ قوله تعالى: إن الله
يأُْمُر بالعدل والإحسان؛ وأَراد بالإحسان الإخْلاص، وهو شرطٌ في صحة الإيمان
والإسلام معاً، وذلك أَن من تلفَّظ بالكلمة وجاء بالعمل من غير إخْلاص لم
يكن مُحْسِناً، وإن كان إيمانُه صحيحاً، وقيل: أَراد بالإحسان الإشارةَ
إلى المُراقبة وحُسْن الطاعة، فإن مَنْ راقَبَ اللهَ أَحسَن عمَله، وقد
أَشار إليه في الحديث بقوله: فإن لم تكن تراه فإِنه يراك، وقوله عز وجل:
هل جزاءُ الإحسان إلا الإحسان؛ أَي ما جزاءُ مَنْ أَحْسَن في الدُّنيا إلا
أَن يُحْسَنَ إليه في الآخرة. وأَحسَنَ به الظنَّ: نقيضُ أَساءَه،
والفرق بين الإحسان والإنعام أَن الإحسانَ يكون لنفسِ الإنسان ولغيره، تقول:
أَحْسَنْتُ إلى نفسي، والإنعامُ لا يكون إلا لغيره. وكتابُ التَّحاسين:
خلاف المَشْق، ونحوُ هذا يُجْعَل مصدراً في المصدر كالتَّكاذِيب
والتَّكاليف، وليس الجمعُ في المصدر بفاشٍ، ولكنهم يُجْرُون بعضه مُجْرى الأَسماء
ثم يجمعونه. والتَّحاسينُ: جمعُ التَّحْسِين، اسم بُنِيَ على تَفْعيل،
ومثلُه تَكاليفُ الأُمور، وتَقاصيبُ الشَّعَرِ ما جَعُدَ مِنْ ذَوائِبه. وهو
يُحْسِنُ الشيءَ أَي يَعْمَلَه، ويَسْتَحْسِنُ الشيءَ أَي يَعُدُّه
حَسَناً. ويقال: إني أُحاسِنُ بك الناسَ. وفي النوادر: حُسَيْناؤُه أن يفعل
كذا، وحُسَيْناه مِثْلُه، وكذلك غُنَيْماؤه وحُمَيْداؤه أَي جُهْدُه
وغايتُه. وحَسَّان: اسم رجل، إن جعلته فعَّالاً من الحُسْنِ أَجْرَيْتَه، وإن
جَعَلْتَه فَعْلاَنَ من الحَسِّ وهو القَتْل أَو الحِسِّ بالشيء لم
تُجْرِه؛ قال ابن سيده: وقد ذكرنا أَنه من الحِسِّ أَو من الحَسِّ، وقال: ذكر
بعض النحويين أَنه فَعَّالٌ من الحُسْنِ، قال: وليس بشيء. قال الجوهري:
وتصغيرُ فعَّالٍ حُسَيْسِين، وتصغيرُ فَعْلانَ حُسَيْسان. قال ابن سيده:
وحَسَنٌ وحُسَيْن يقالانِ باللام في التسمية على إرادة الصفة، وقال قال
سيبويه: أَما الذين قالوا الحَسَن، في اسم الرجل، فإنما أَرادوا أَن يجعلوا
الرجلَ هو الشيءَ بعينه ولم يَجْعلوه سُمِّيَ بذلك، ولكنهم جعلوه كأَنه
وصفٌ
له غَلَب عليه، ومن قال حَسَن فلم يُدْخِل فيه الأَلفَ واللامَ فهو
يُجْريه مُجْرَى زيدٍ. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: كنا عند النبي،
صلى الله عليه وسلم، في ليلةٍ ظَلْماءَ حِنْدِسٍ وعندَه الحَسَنُ
والحُسَيْنُ، رضي الله عنهما، فسَمِعَ تَوَلْوُلَ فاطمةَ، رضوانُ الله عليها، وهي
تُنادِيهما: يا حَسَنانِ يا حُسَيْنانِ فقال: الْحَقا بأُمّكما؛
غَلَّبَت أَحدَ الإسمين على الآخر كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، رضي الله
عنهما، والقَمَران للشمس والقمر؛ قال أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون
كقولهم الجَلَمانُ للجَلَم، والقَلَمانُ للمِقْلامِ، وهو المِقْراضُ، وقال:
هكذا روى سلمة عن الفراء، بضم النون فيهما جميعاً، كأَنه جعل الاسمين اسماً
واحداً فأَعطاهما حظ الاسم الواحد من الإعراب. وذكر الكلبي أَن في طيِّء
بَطْنَيْن يقال لهما الحسَن والحُسَيْن. والحَسَنُ: اسمُ رملة لبني
سَعْد؛ وقال الأَزهري: الحَسَنُ نَقاً في ديار بني تميم معروف، وجاء في الشعر
الحَسَنانُ، يريد الحَسَنَ وهو هذا الرملُ بعينه؛ قال الجوهري: قُتِل
بهذه الرملة أَبو الصَّهْباء بِسْطامُ بنُ قيْس بنِ خالدٍ الشَّيْبانيِّ،
يَوْمَ النَّقَا، قتَله عاصِمُ بن خَلِيفةَ الضَّبِّي، قال: وهما جَبَلانِ
أَو نَقَوانِ، يقال لأَحد هذين الجَبَلَيْن الحَسَن؛ قال عبد الله بن
عَنَمة الضَّبّيّ في الحَسَن يَرْثِي بِسْطَامَ بنَ قَيْس:
لأُمِّ الأَرضِ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ،
بحيثُ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ.
وفي حديث أَبي رَجاء العُطارِدِيِّ: وقيل له ما تَذْكُر؟ فقال: أَذْكُرُ
مَقْتَلَ بِسْطام بنِ قَيْسٍ على الحَسَنِ؛ هو بفتحتين: جَبَل معروف من
رمل، وكان أَبو رجاء قد عُمِّر مائةً وثمانِياً وعشرين سَنَةً، وإذا
ثنّيت قلت الحَسَنانِ؛ وأَنشد ابن سيده في الحَسَنين لشَمْعَلة بن الأَخْضَر
الضَّبِّيّ:
ويوْمَ شَقيقةِ الحَسَنَيْنِ لاقَتْ
بَنُو شَيْبان آجالاً قِصارا
شَكَكْنا بالأَسِنَّة، وهْيَ زُورٌ،
صِماخَيْ كَبْشِهم حتى اسْتَدارا
فَخَرَّ على الأَلاءةِ لم يُوَسَّدْ،
وقد كان الدِّماءُ له خِمارا
قوله: وهي زُورٌ يعني الخيلَ، وأَنشد فيه ابنُ بري لجرير:
أَبَتْ عيْناكِ بالحَسَنِ الرُّقادا،
وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ والبِلادا
وأَنشد الجوهري في حُسَيْن جبل:
تَركْنَا، بالنَّواصِف من حُسَيْنٍ،
نساءَ الحيِّ يَلْقُطْنَ الجُمانا.
فحُسَيْنٌ ههنا: جبلٌ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْسَنَ الرجلُ إذا جلس على
الحَسَنِ، وهو الكثيبُ النَّقِيّ العالي، قال: وبه سمي الغلام حَسَناً.
والحُسَيْنُ: الجبَلُ العالي، وبه سمي الغلام حُسَيْناً. والحَسَنانِ:
جبلانِ، أَحدُهما بإِزاء الآخر. وحَسْنَى: موضع. قال ابن الأَعرابي: إذا
ذكَر كُثيِّر غَيْقةَ فمعها حَسْنَى، وقال ثعلب: إنما هو حِسْيٌ، وإذا لم
يذكر غيْقةَ فحِسْمَى. وحكى الأَزهري عن علي ابن حمزة: الحَسَنُ شجر
الآَلاءُ مُصْطفّاً بكَثيب رمْلٍ، فالحسَنُ هو الشجرُ، سمي بذلك لِحُسْنِه
ونُسِبَ الكثيبُ إليه فقيل نَقا الحَسَنِ، وقيل: الحَسَنةُ جبلٌ أَمْلَسُ
شاهقٌ ليس به صَدْعٌ، والحَسَنُ جمعُه؛ قال أَبو صعْتَرة البَوْلانِيُّ:
فما نُطْفةٌ من حَبِّ مُزْنٍ تَقاذَفَتْ
به حَسَنُ الجُودِيّ، والليلُ دامِسُ.
ويروى: به جَنْبَتا الجُودِيِّ، والجودِيُّ وادٍ، وأَعلاه بأَجَأَ في
شواهِقها، وأَسفلُه أَباطحُ سهلةٌ، ويُسَمِّي الحَسَنةَ أَهلُ الحجاز
المَلقَة.
خضر: الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان
والنبات وغيرهما مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وقد
اخْضَرَّ، وهو أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛
واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ ومنه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ وخُضِرَ.
أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: ومن
الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، وهو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى
الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ وبطنه
وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قال: وليس بين الأَخضر الأَحمّ وبين الأَحوى إِلاَّ خضرة منخريه
وشاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: ومن
الخيل أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يقال
لها: الخُضْرُ.
واخْضَرَّ الشيء اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ
خَضِرٌ؛ وفي التنزيل: فأَخرجنا منه خَضِراً نُخْرِجُ منه حَبّاً
مُتَراكباً؛ قال: خَضِراً ههنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ
وخَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور وعَوِرٌ؛ وقال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول
العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وقال الليث: الخَضِرُ ههنا
الزرع الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُْ: خَضِرَةٌ غضة. وأَرض خَضِرَةٌ
ويَخْضُورٌ: كثيرة الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير
الخُضْرَةِ، وهي النَّعْمَةُ. وفي نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست
له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدُّهْن
المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ.
وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ وقرئ: فتُصْبِحُ
الأَرضُ مَخْضَرَةً. وفي حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال:
اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا
ويأْكل خَضِرَتَها، يعني غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وفي حديث القبر:
يُملأُ عليه خَضِراً؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا
جَزَزْتَهُ وهو أَخْضَرُ؛ ومنه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد
اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ والإِشراق. وقوله تعالى: مُدْهامَّتَان؛
قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، وسميت
قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها. وقولهم: أَباد اللهُ
خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وقال: إِنما
يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ
الشيءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. وفي بعض
الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أَولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا
أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ
شباباً؛ ومعنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذلك
في النبات الغض يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. ويقال:
اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ:
أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وساقه. وماء أَخْضَرُ:
يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه.
وخُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى،
تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم
البحر. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ وعلى هذا
قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وقد قيل إِنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما
يؤكل الجسم القابل لها.
والبقول يقال لها الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف واللام؛ وقد ذكر
طرفة الخَضِرَ فقال:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وفي فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ
في الخريف إِذا برد الليل وتروّحت الدابة، وهي الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ،
والعرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ ومنه الحديث: تَجَنَّبُوا
من خَضْرائكم ذَواتِ الريح؛ يعني الثوم والبصل والكراث وما أَشبههما.
والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، والجمع خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جمع
الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. ويقال للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قبيلة من
العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عنى الشماخ بقوله:
وحَلاَّها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،
أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
والخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفْني؟
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت
قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، وقيل:
أَراد أَنه من خالص العرب وصميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب
الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، وهو الفضل بن العباس بن
عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، وأَراد بالخصرة سمرة لونه، وإِنما يريد بذلك خلوص
نسبه وأَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد وتصف أَلوان العجم
بالحمرة. وفي الحديث: بُعثت إِلى الحُمرة والأَسود؛ وهذا المعنى بعينه
هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،
لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
ومثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، وكان ينسب إِلى أَخْضَرَ، ولم يكن
أَباه بل كان زوج أُمه، وإِنما هو معبد
بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ
أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
وهل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،
فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وقد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِـ
ـيِّ، وقد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن أَصْـ
لِكَ من عَمٍّ وخالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى
زَمَناً ثم بَدَا لي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،
عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ
بِسَوادِي وهُزالي
والخَصِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها وهو أَخضر؛ ومنه حديث
اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ؛ المِخضارُ: أَن ينتثر
البسر أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلاً حتى
تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،
فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ.
والخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، ويقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها
سواد الحديد. وفي حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
كتيبته الخضراء؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده
بالخُضْرَةِ، والعرب تطلق الخضرة على السواد. وفي حديث الحرث بن الحَكَمِ:
أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها أَي سوداء. وفي حديث الفتح:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش؛ أَي دهماؤهم وسوادُهم؛ ومنه الحديث الآخر:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ. والخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ
الأَسماء. وفي الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ
أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ؛ الخَضْراءُ: السماء، والغبراء: الأَرض.
التهذيب: والعرب تجعل الحديد أَخضر والسماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ
القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. ويقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه
يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. ويقال للذي يأْكل البصل والكراث: أَخْضَرُ
النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم.
وفي الحديث: من خُضِّرَ له في شيء فَلْيَلْزَمْه؛ أَي بورك له فيه ورزق
منه، وحقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ ومنه الحديث: إِذا أَراد الله بعبد
شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ والطين حتى يبني. والخَضْرَاءُ من
الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وإن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة.
التهذيب: والعرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، وإِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا
الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: ومن الحمام ما يكون أَخضر
مُصْمَتاً، ومنه ما يكون أَحمر مصمتاً، ومنه ما يكون أَبيض مصمتاً، وضُروبٌ من
ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها
دون الخُضْرِ في الهداية والمعرفة. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان والبقول
ثم قالوا لليل أَخضر، وأَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي
هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ
الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. وخَضْرَاءُ كل شيء: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قطعه
من أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. وقال ابن الأَعرابي:
اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. ولم يقل من أَصلها.
الأَصمعي: أَبادَ اللهُ
(*
قوله: «الأَصمعي أَباد الله إلخ» هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه
قولهم أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم، وأنكره الأَصمعي وقال:
إنما يقال أَباد الله غضراءهم أَي خيرهم وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَباد
الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أي
دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذهب الله نعيمهم وخصبهم).
خَضْراءَهُم أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. وقال ابن سيده: أَباد الله
خَضْرَاءَهُم، قال: وأَنكرها الأَصمعي وقال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد
الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ واحتج بقوله:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ وقيل: معناه أَذهب الله نعيمهم
وخِصْبَهم؛ قال: ومنه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، من يعرفني؟
أَخضر الجلدة في بيت العرب
قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة. وقال ابن الأَعرابي: أَباد الله
خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم. والخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،
وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد
قطع عنهم الحياة.
والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، وإِذا طال الثُّمامُ عن
الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. والخَضِرَةُ:
بُقَيْلَةٌ، والجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،
يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ وكذلك ثمرتها،
وترتفع ذراعاً، وهي تملأُ فم البعير. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من زَهْرَةِ
الدنيا، وإِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ
آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها
اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت ثم رَتَعَتْ، وإِنما هذا المالُ
خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين واليتيم
وابن السبيل؛ وتفسيره مذكور في موضعه، قال: والخَضِرُ في هذا الموضع
ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل
غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ
البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى
شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط،
بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وقد تقدم في الحاء؛
ويُلِمُّ: يَقْرُبُ ويدنو من الهلاك، والخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس
من أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه
سهلاً رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع
الدنيا والمنع من حقها، والآخر للمقصد في أَخذها والنفع بها، فقوله إِن
مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ
الدنيا بغير حقها، وذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق
أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير
حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا
بأَذى الناس له وحسدهم إِياه وغير ذلك من أَنواع الأَذى؛ وأَما قوله إِلا
آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول
وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، ولكنه من
البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حيث لا تجد
سواها، وتسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها ولا
تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلاً لمن يقتصر في أَخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها
كما نجت آكلة الخضر، أَلا تراه قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت؟ أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت
مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ
فقد زال عنها الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها
ولا تَثْلِطُ ولا تبول تنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ
فَتَهْلِكُ، وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأَرض نماءَها وما تخرج
من نباتها.
والخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، وكذلك في الإِبل؛
يقال: فرس أَخْضَرُ، وهو الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طير خُضْرُ يقال
لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ
بها؛ وحكي ابن سيده عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. والخُضَّارُ:
طائر معروف، والخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على
ظهر بعير، وهو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، وهو أَعظم من القَطا.
وَوَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِياكم
وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: وما ذاك يا رسولُ الله؟ فقال: المرأَة الحسناء
في مَنْبِتِ السَّوْءِ؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ،
وأَكلُها داءٌ، وكل ما ينبت في الدِّمْنَةِ وإِن كان ناضراً، لا يكون
ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ،
وأَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها،
فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر وأَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول
النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها
فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،
وتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
ضربه مثلاً للذي تظهر مودته، وقلبه نَغِلٌ بالعداوة، وضَرَبَ الشجرةَ
التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجيء خَضِرَةً ناضرةً، ومَنْبِتُها خبيث قذر،
مثلاَ للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب.
والخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ
وخُبَّازَى وكذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ
الأَزهري، ويقال زُبَّادٌ أَيضاً.
وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ وهي خُضْرٌ لم
يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً
أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو
صلاحها، وهي خُضْرٌ بَعْدُ، ونهى عنه، ويدخل فيه بيع الرِّطابِ
والبُقُولِ وأَشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه وأَخْذِهِ.
ويقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقارَى. والمخاضرة:
أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها.
والخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ
من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال
الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة ماله حتى غَلَبَ بياضَ لون
اللبن.
ويقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، وهو داء يأْخذ العين. وذهب
دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلاً
هَدَراً، وهو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، وخَضْراً لك ومَضْراً أَي
سقياً لك ورَعْياً؛ وقيل: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. والدنيا
خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، وقيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ.
وفي الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك
له فيها؛ ومنه حديث ابن عمر: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ أَي طريُّ
محبوبٌ لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم.
والخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن
حَقِينِهِ وحليبه، ومن حميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة،
وقيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وقد
سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً.
والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار. ابن عباس: الخَضِرُ
نبيّ من بني إِسرائيل، وهو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا وعليه، الذي
التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ. ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من
عباد الله تعالى. أَهَلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء وكسر الضاد؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي
تهتز خضراء، وقيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام وتحته روضة
تهتز؛ وعن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، وقيل: ما تحته،
وقيل: سمي خضراً لحسنه وإِشراق وجهه تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض؛ قال:
ويجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ وكِبْدٌ، قال الجوهري: وهو
أَفصح.
وقيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شيء فليلزمه؛ معناه من بورك له في
صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. ويقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها
زماناً طويلاً حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلاَطاه بخَضْراءَ فَرِي،
وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
والعرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ
بيننا، وقال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه
أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،
ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قال الفراء: وسمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل وجريده الأَخْضَرِ:
الخَضَرُ؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد إلخ» هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه
مالكاً كما في الصحاح).
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،
وهي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
ويقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً
واخْتَضَرِهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. ويقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ
وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة؛ يعني به الفاكهة
الرَّطْبَةَ والبقول، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع
هذا الجمع، وإِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء
وخْنْفُسَاءَ، وإِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول
العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ وقال ابن سيده: جمعه جمع
الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة
غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. وفي الحديث: أُتَي بِقْدر فيه خَضِرَاتٌ؛ بكسر
الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر.
والإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
المدينة وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من
تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عند مسيره إِليها.
جلل: اللهُ الجَليلُ سبحانه ذو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال الله،
وجَلالُ الله: عظمتُه، ولا يقال الجَلال إِلا لله. والجَلِيل: من صفات الله
تقدس وتعالى، وقد يوصف به الأَمر العظيم، والرجل ذو القدر الخَطِير. وفي
الحديث: أَلِظُّوا بيا ذا الجَلال والإِكرام؛ قيل: أَراد عَظِّمُوه،
وجاء تفسيره في بعض اللغات: أَسْلِمُو؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالحاء
المهملة وهو من كلام أَبي الدرداء في الأَكثر؛ وهو سبحانه وتعالى الجَلِيلُ
الموصوف بنعوت الجَلال، والحاوي جميعَها، هو الجَلِيلُ المُطْلَق وهو راجع
إِلى كمال الصفات، كما أَن الكبير راجع إِلى كمال الذات، والعظيم راجع
إِلى كمال الذات والصفات. وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالاً وجَلالةً وهو
جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، والأُنثى جَلِيلة وجُلالة. وأَجَلَّه:
عَظَّمه، يقال جَلَّ فلان في عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلاً
نَبيلاً، وأَجْلَلته في المرتبة، وأَجْللته أَي عَظَّمته. وجَلَّ فلان
يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالة أَي عَظُم قَدْرُه فهو جَلِيل؛ وقول لبيد:
غَيْرَ أَن لا تَكْذِبَنْها في التقَى،
واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلّ
يعني الأَعظم؛ وقول أَبي النجم:
الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلل،
أَعْطى فلم يَبْخَل ولم يُبَخَّل
يريد الأَجَلَّ فأَظهر التضعيف ضرورة. والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسم
كالتَّدْوِرَة والتَّنِهيَة؛ قال بعض الأَغْفال:
ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه،
تَرى عليهم للندى أَدِلَّه
وأَنشد ابن بري لليلى الأَخْيَلية:
يُشَبَّهون مُلوكاً في تَجِلَّتِهم،
وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم
وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: معظمه. وتَجَلَّل الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
ويقال: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها. وتَجَالَلْت الشيء
تَجَالاً وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وتداققته إِذا أَخذت دُقاقه؛ وقول ابن
أَحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ
يعني ما أَجَلَّ ما بَعُدت. والتَّجالُّ: التعاظم. يقال: فلان يَتَجالُّ
عن ذلك أَي يترفع عنه. وفي حديث جابر: تزوّجت امرأَة قد تَجالَّتْ؛
تجالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ. وفي حديث أُم صِبْيَة: كنا نكون في المسجد
نِسْوةً قد تَجالَلن أَي كَبِرْنَ. يقال: جَلَّتْ فهي جَلِيلة، وتَجالَّتْ
فهي مُتَجالَّة، وتَجالَّ عن ذلك تَعاظم. والجُلَّى: الأَمر العظيم؛ قال
طَرَفة:
وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها،
وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد
ومنه قول بَشامة بن حَزْن النَّهْشَلي:
وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة،
يوماً، كِراماً من الأَقْوامِ، فادْعِينا
قال ابن الأَنباري: من ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، ومن فتح الجيم مدّه،
فقال الجَلاَّء الخصلة العظيمة؛ وأَنشد:
كَمِيش الإِزارِ خارج نِصْفُ ساقِه،
صَبُور على الجَلاّءِ طَلاَّع أَنْجُد،
وقوم جِلَّة: ذوو أَخطار؛ عن ابن دريد. ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ،
والواحد منهم جَلِيل. وجَلَّ الرجل جَلالاً، فهو جَلِيل: أَسَنَّ
واحْتُنِك؛ وأنشد ابن بري:
يا مَنْ لِقَلْبٍ عند جُمْلٍ مُخْتَبَلْ
عُلِّق جُمْلاً، بعدما جَلَّت وجَلٌّ
وفي الحديث: فجاء إِبليس في صورة شيخ جَلِيل أَي مُسنٍّ، والجمع جِلَّة،
والأُنثى جَلِيلة. وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وهو جمع جَلِيل مثل
صَبيٍّ وصِبْية؛ قال النمر:
أَزْمانَ لم تأْخذ إِليَّ سِلاحَها
إِبِلي بجِلَّتِها، ولا أَبْكارِها
وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت. وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد أَي صغرت.
وفي حديث الضحاك بن سفيان: أَخذت جِلَّة أَموالهم أَي العِظام الكِبار من
الإِبل، وقيل المَسانُّ منها، وقيل هو ما بين الثَّنِيِّ إِلى البازل؛
وجُلُّ كل شيء، بالضم: مُعْظَمه، فيجوز أَن يكون أَراد أَخذت معظم
أَموالهم. قال ابن الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ من الإِبل، يكون واحداً وجمعاً
ويقع على الذكر والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وناقة جِلَّة، وقيل الجِلَّة
الناقة الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وقيل الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وهذه ناقة قد جَلَّت أَي أَسَنَّت. وناقة جُلالة: ضَخْمة. وبَعِير جُلال:
مخرج من جليل. وما له دقيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاة ولا ناقة. وجُلُّ
كل شيء: عُظْمه. ويقال: ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ أَي لا دقيق ولا جَلِيل.
وأَتيته فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي لم يعطني جَلِيلة ولا حاشية وهي
الصغيرة من الإِبل. وفي المثل: غَلَبَتْ جِلَّتَها حواشيها؛ قال الجوهري:
الجَلِيلة التي نُتِجَتْ بطناً واحداً، والحَواشي صغار الإِبل. ويقال: ما
أَجَلَّني ولا أَدَقَّني أَي ما أَعطاني كثيراً ولا قليلاً؛ وقول
الشاعر:بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّت
أي أَتت بقليل البكاء وكثيره. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي
كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أَي صغيره وكبيره.
والجَلَل: الشيء العظيم والصغير الهَيِّن، وهو من الأَضداد في كلام
العرب، ويقال للكبير والصغير جَلَل؛ وقال امرؤ القيس لما قُتل أَبوه:
بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم،
أَلا كُلُّ شيء سواه جَلَل
أَي يسيرٌ هين؛ ومثله للبيد:
كُلُّ شيءٍ، ما خلا افيفي َ، جَلَل
والفتى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل
وقال المثقب العبدي:
كُلُّ يومٍ كان عَنَّا جَلَلاً،
غيرَ يومِ الحِنْو من يقطع قَطَر
وأَنشد ابن دريد:
إِن يُسْرِ عَنْكَ افيفي رُونَتَها،
فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ
والرُّونة: الشدّة؛ قال: وقال زويهر بن الحرث الضبي:
وكان عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا،
فكلُّ الذي لاقَيْت من بعدِه جَلَل
وفي حديث العباس: قال يوم بدر القَتْلى جَلَلٌ ما عدا محمداً أَي
هَيِّنٌ يسير. والجَلَل: من الأَضداد يكون للحقير وللعظيم؛ وأَنشد أَبو زيد
لأَبي الأَخوض الرياحي:
لو أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي
بِذِي نَجَبٍ، وما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ
أَي دَخَلت في الجَلَل وهو الأَمر الصغير. قال الأَصمعي: يقال هذا
الأَمر جَلَل في جَنْب هذا الأَمر أَي صغير يسير. والجَلَل: الأَمر العظيم؛
قال الحرث ابن وعلة
(* قوله «قال الحرث بن وعلة» هكذا في الأصل، والذي في
الصحاح: وعلة بن الحرث) بن المجالد بن يثربي بن الرباب بن الحرث بن مالك
بن سنان بن ذهل بن ثعلبة:
قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي،
فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي
فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً، ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وأَما الجَليل فلا يكون إِلا للعظيم. والجُلَّى: الأَمر العظيم، وجمعها
جُلَل مثل كُبْرى وكُبَر. وفي الحديث: يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة
الرَّحْل في مِثْلِ جُلَّة السَّوْط أَي في مثل غِلْظِه. وفي حديث أُبيّ
بن خَلَف: إِن عندي فرساً أُجِلُّها كل يوم فَرَقاً من ذرة أَقْتُلك
عليها، فقال: عليه السلام: بل أَنا أَقْتُلك عليها، إِن شاء افيفي ؛ قال ابن
الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فوضع الإِجْلال موضع الإِعطاء وأَصله من الشيء
الجَلِيل؛ وقول أَوس يَرْثي فضالة:
وعَزَّ الجَلُّ والغالي
فسره ابن الأَعرابي بأَن الجلَّ الأَمر الجَلِيل، وقوله والغالي أَي أَن
موته غالٍ علينا من قولك غَلا الأَمر زاد وعَظُم؛ قال ابن سيده: ولم
نسمع الجَلَّ في معنى الجَلِيل إِلاَّ في هذا البيت.
والجُلْجُل: الأَمر العظيم كالجَلَل. والجِلُّ: نقيض الدِّقِّ.
والجُلال: نقيض الدُّقاق. والجُلال، بالضم: العظيم. والجُلالة: الناقة العظيمة.
وكل شيء يَدِقُّ فجُلاله خلاف دُقاقه. ويقال: جِلَّة جَريمة للعِظام
الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تجليلاً أَي عَمَّ. والمُجَلِّل: السحاب الذي يُجَلِّل
الأَرض بالمطر أَي يعم. وفي حديث الاستسقاء: وابِلاً مُجَلِّلاً أَي
يُجَلِّل الأَرض بمائه أَو بنباته، ويروى بفتح اللام على المفعول.
والجِلُّ من المتاع: القُطُف والأَكسية والبُسُط ونحوه؛ عن أَبي علي.
والجَلُّ والجِلُّ، بالكسر: قَصَب الزرع وسُوقه إِذا حُصِد عنه السُّنبل.
والجُلَّة: وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيها، عربية معروفة؛
قال الراجز:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ له،
فوق قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه
يعني جَمَلاً عليه جُلَّة فهو بها مُوقَر، والجمع جِلال وجُلَل؛ قال:
باتوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جارهم،
وعندهُمُ البَرْنيُّ في جُلَل دُسْم
وقال:
يَنْضَح بالبول، والغُبار على
فَخْذَيه، نَضْحَ العِيديَّة الجُلَلا
وجُلُّ الدابة وجَلُّها: الذي تُلْبَسه لتُصان به؛ الفتح عن ابن دريد،
قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جِلال وأَجلال؛ قال كثيِّر:
وترى البرق عارضاً مُسْتَطِيراً،
مَرَحَ البُلْق جُلْنَ في الأَجْلال
وجمع الجِلال أَجِلَّة. وجِلال كل شيء: غِطاؤه نحو الحَجَلة وما
أَشبهها. وتجليل الفرس: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّله أَي عَلاه. وفي
الحديث: أَنه جَلَّل فرساً له سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً أَي جعل البُرْد له
جُلاًّ. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ. وفي حديث
علي: اللهم جَلِّل قَتلة عثمان خِزْياً أَي غَطِّهم به وأَلْبِسْهم إِياه
كما يتجلل الرجل بالثوب. وتجَلَّل الفحل الناقة والفرس الحِجْر: علاها.
وتجَلَّل فلان بعيره إِذا علا ظهره.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن
دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة.
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها.
والجَلاَّلة: البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن
أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من
الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة. والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع
موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة
وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر. ويقال: جَلَّت الدابة
الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها. وفي الحديث: فإِنما
قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى. وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من
أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة
وسَوامّ. وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا
تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال
إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها
العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها
وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلاًّ: جَمعه والتقطعه بيده. واجتلَّ
اجتلالاً: التقط الجِلَّة للوقود، ومنه سميت الدابة التي تأْكل العذرة
الجَلاَّلة، واجتللت البعر. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلاًّ إِذا التقط البعر
واجْتَلَّه مثله؛ قال ابن لجَإٍ يصف إِبلاً يَكْفي بعرُها من وَقود يُسْتَوقد
به من أَغصان الضَّمْران:
يحسب مُجْتَلّ الإِماءِ الحرم،
من هَدَب الضَّمْران، لم يُحَطَّم
(* قوله «يحسب إلخ» كذا في الأصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح
الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق
ايضاً في المادة المذكورة لم يحزم.)
ويقال: خرجت الإِماء يَجْتَلِلْن أي يلتقطن البعر. ويقال: جَلَّ الرجلُ
عن وطنه يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولاً
(* قوله «يجل جلولاً» قال شارح
القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك
وغيره وهو الصواب) وجلا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى
موطنِه. وجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّون، بالضم، جُلولاً أَي جَلَوا
وخرجوا إِلى بلد آخر، فهم جالَّة. ابن سيده: وجَلَّ القومُ عن منازلهم
يَجُلُّون جُلولاً جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج:
كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ،
عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
ومنه يقال: اسْتُعْمِل فلان على الجالِيَة والجالَّة، وهم أَهل الذمة،
وإِنما لزمهم هذا الاسم لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَجْلى بعض
اليهود من المدينة وأَمر بإِجلاء من بقي منهم بجزيرة العرب، فأَجْلاهم عمر بن
الخطاب فسُمُّوا جالِية للزوم الاسم لهم، وإِن كانوا مقيمين بالبلاد التي
أَوْطَنوها. وهذه ناقة تَجِلُّ عن الكلال: معناه هي أَجَلُّ من أَن
تَكِلّ لصلابتها. وفعلت ذلك من جَرَّاك ومن جُلِّك؛ ابن سيده: فعله من جُلّك
وجَلَلك وجلالك وتَجِلَّتك وإِجلالك ومن أَجْل إِجْلالك أَي من أَجلك؛
قال جميل:
رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله،
كِدْتُ أَقْضي الغَداة من جَلَله
أَي من أَجله؛ ويقال: من عِظَمه في عيني؛ قال ابن بري وأَنشده ابن
السكيت:
كدت أَقضي الحياة من جَلَله
قال ابن سيده: أَراد ربَّ رسم دار فأَضمر رب وأَعملها فيما بعدها مضمرة،
وقيل: من جَلَلك أَي من عَظَمتك. التهذيب: يقال فعلت ذلك من جَلل كذا
وكذا أَي من عِظَمه في صدري؛ وأَنشد الكسائي على قولهم فعلته من جَلالك أَي
من أَجلك قول الشاعر:
حَيائيَ من أَسْماءَ، والخَرْقُ بيننا،
وإِكْرامِيَ القومَ العِدى من جَلالها
وأَنت جَلَلْت هذا على نفسك تجُلُّه أَي جَرَرْته يعني جَنَيته؛ هذه عن
اللحياني.
والمَجَلَّة: صحيفة يكتب فيها. ابن سيده: والمَجَلَّة. الصحيفة فيها
الحكمة؛ كذلك روي بيت النابغة بالجيم:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِيُنهم
قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب
يريد الصحيفة لأَنهم كانوا نصارى فَعَنى الإِنْجيل، ومن روى مَحَلَّتهم
أَراد الأَرض المقدّسة وناحية الشام والبيت المقدَّس، وهناك كان بنو
جَفْنة؛ وقال الجوهري: معناه أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مواضع مقدسة؛ قال
أَبو عبيد: كل كتاب عند العرب مَجَلَّة. وفي حديث سويد بن
الصامت: قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي
معي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لقمان؛ كل كتاب عند العرب مَجَلَّة،
يريد كتاباً فيه حكمة لقمان. ومنه حديث أَنس: أُلقي إِلينا مَجالٌ؛ هي
جمع مَجَلَّة يعني صُحُفاً قيل إِنها معرَّبة من العبرانية، وقيل: هي
عربية، وقيل: مَفْعَلة من الجلال كالمذلة من الذل.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وهو نبت ضعيف يحشى به خَصاص البيوت،
واحدته جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حنيفة لبلال:
أَلا ليت شعري هل أَبيتَنَّ ليلة
بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيل؟
وقيل: هو الثُّمام إِذا عظم وجَلَّ، والجمع جَلائل؛ قال الشاعر:
يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل
وذو الجَلِيل: واد لبني تميم يُنبت الجَلِيل وهو الثمام. والجَلُّ،
بالفتح: شراع السفينة، وجمعه جُلول، قال القطامي:
في ذي جُلول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه،
إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارتَسما
قال ابن بري: وقد جمع على أَجْلال؛ قال جرير:
رَفَعَ المَطِيّ بها وشِمْت مجاشعاً
والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذو الأَجْلال
(* قوله «والزنبري إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في
ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالاجلال).
وقال شمر في قول العجاج:
ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ،
جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُّ
يعني مَدَّ هذا القُرْقورَ أَي زاد في جَرْيه جَلٌّ، وهو الشِّراع،
يقول: مَدَّ في جريه، والصُّرَّاء: جمع صارٍ وهو مَلاَّح مثل غازٍ وغُزَّاء.
وقال شمر: رواه أَبو عدنان الملاح جُلُّ وهو الكساء يُلْبَس السفينة،
قال: ورواه الأَصمعي جَلُّ، وهو لغة بني سعد بفتح الجيم. والجُلُّ:
الياسمين، وقيل: هو الورد أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فمنه جَبَليّ ومنه قَرَويّ،
واحدته جُلَّة؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وهو كلام فارسي، وقد دخل في العربية؛
والجُلُّ الذي في شعر الأَعشى في قوله:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسميـ
ن والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
هو الورد، فارسي معرّب؛ وقُصَّابها: جمع قاصب وهو الزامر، ويروى
بأَقصابها جمع قُصْب. وجَلُولاء، بالمد: قرية بناحية فارس والنسبة إِليها
جَلُوليٌّ، على غير قياس مثل حَرُورِي في السنة إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلاَّن: حَيَّان من العرب؛ وأَنشد ابن بري:
إِنا وجدنا بني جَلاَّن كُلَّهمُ،
كساعد الضب لا طُول ولا قِصَر
أَي لا كذي طول ولا قِصَر، على البدل من ساعد؛ قال: كذلك أَنشده أَبو
علي بالخفض. وجَلٌّ: اسم؛ قال:
لقد أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ،
لأَهل حُباحبٍ، حَبْلاً طويلا
وجَلُّ بن عَدِيّ: رجل من العرب رَهْط ذي الرمة العَدَوي. وقوله في
الحديث: قال له رجل التقطت شبكة على ظَهْر جَلاَّل؛ قال: هو اسم لطريق نجد
إِلى مكة، شرفها الله تعالى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ في الأَرض أَو الحركة والجوَلان. وتَجَلْجَل
في الأَرض أَي ساخ فيها ودخل. يقال: تَجَلْجَلَت قواعدُ البيت أَي تضعضعت.
وفي الحديث: أَن قارون خرج على قومه يتبختر في حُلَّة له فأَمر الله
الأَرض فأَخذته فهو يتجلجل فيها إِلى يوم القيامة. وفي حديث آخر: بينا رجل
يَجُرُّ إزاره من الخُيَلاء خُسِفَ به فهو يتَجَلْجل إلى يوم القيامة؛ قال
ابن شميل: يتجلجل يتحرك فيها أَي يغوص في الأَرض حين يُخسف به.
والجَلْجَلة: الحركة مع الصوت أَي يَسُوخ فيها حين يُخْسف به. وقد
تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلاً، والجَلجلة: شدة الصوت وحِدَّته، وقد جَلْجَله؛
قال:
يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه،
بغَيْفَة لَمّا جَلْجَل الصوتَ، جالب
والجَلْجَلة: صوت الرعد وما أَشبهه. والمُجَلْجِل من السحاب: الذي فيه
صوت الرعد. وسحابٌ مُجَلْجِل: لرعده صوت. وغيث جِلْجال: شديد الصوت، وقد
جَلْجَلَ وجَلْجَلَه: حرّكه. ابن شميل: جَلْجَلْت الشيء جَلْجَلَة إِذا
حركته بيدك حتى يكون لحركته صوت، وكل شيء تحرَّك فقد تَجَلْجَلَ. وسمعنا
جَلْجَلة السَّبُع: وهي حركته. وتَجَلْجَل القومُ للسفر إِذا تحرَّكوا له.
وخَمِيسٌ جَلْجال: شديد. شمر: المُجَلْجَل المنخول المغربل؛ قال أَبو
النجم:
حتى أَجالته حَصىً مُجَلْجَلا
أَي لم تترك فيه إِلا الحصى المُجَلْجَل. وجَلْجَل الفرسُ: صفا صَهِيله
ولم يَرِقَّ وهو أَحسن ما يكون، وقيل: صفا صوته ورَقَّ، وهو أَحسن له.
وحمار جُلاجِل، بالضم: صافي النَّهيق. ورجل مُجَلْجَل: لا يَعْدِله أَحد في
الظَّرْف. التهذيب: المُجَلْجِل السيد القوي وإِن لم يكن له حسب ولا شرف
وهو الجريء الشديد الدافع
(* ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس:
والجريء الدفاع المنطيق) . . . واللسان، وقال شمز: هو السيد البعيد الصوت؛
وأَنشد ابن شميل:
جلجل سِنَّك خير الأَسنان،
لا ضَرَع السنّ ولا قَحْمٌ فان
قال أَبو الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل الجريء إِنه ليُعَلِّق
الجُلْجُل؛ قال أَبو النجم:
إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل
يريد الجريء يخاطر بنفسه؛ التهذيب: وقوله:
يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل،
إِلاَّ امرأً يَعْقِدُ خيط الجُلْجُل
يعني راعيه الذي قام عليه ورباه وهو صغير يعرفه فلا يؤذيه؛ قال
الأَصمعي: هذا مثل، يقول: فلا يتقدم عليه إِلاَّ شجاع لا يباليه، وهو صعب مشهور،
كما يقال من يُعَلِّق الجُلْجُل في عنقه. ابن الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ
إِذا ذهب وجاء. وغلام جُلْجُل وجُلاجِل: خفيف الروح نَشِيط في عمله.
والمُجَلجَل: الخالص النسب. والجُلْجُل: الجَرَس الصغير، وصوته الجَلْجَلة.
وفي حديث السفر: لا تصحب الملائكةُ رفقة فيها جُلْجُل؛ هو الجرس الصغير
الذي يعلق في أَعناق الدواب وغيرها. والجَلْجَلة: تحريك الجُلْجُل. وإِبل
مُجَلْجَلة: تعلق عليها الأَجراس؛ قال خالد بن قيس التميمي:
أَيا ضَيَاع المائة المُجَلْجَله
والجُلْجُل: الأَمر الصغير والعظيم مثل الجَلَل؛ قال:
وكنت، إِذا ما جُلْجُل القوم لم يَقُم
به أَحد، أَسْمو له وأَسُور
والجُلْجُلان: ثمرة الكُزْبُرة، وقيل حَبُّ السِّمسم. وقال أَبو الغوث:
الجُلْجُلان هو السمسم في قشره قبل أَن يحصد. وفي حديث ابن جريج: وذكر
الصدقة في الجُلْجُلان هو السمسم، وقيل: حب كالكُزْبُرة، وفي حديث ابن عمر:
أَنه كان يَدَّهِن عند إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان. ابن الأَعرابي: يقال
لما في جوف التين من الحب الجُلْجُلان؛ وأَنشد غيره لوَضّاح:
ضحِك الناس وقالوا:
شِعْر وضّاح الكباني،
إِنما شِعْرِيَ مِلْح
قد خُلِطْ بجُلْجُلانِ
وجُلْجُلان القلب: حَبَّته ومُنَّته. وعَلِمَ ذلك جُلْجُلان قلبه أَي
عِلْمَ ذلك قلبه. ويقال: أَصبت حبَّة قلبه وجُلْجُلان قلبه وحَمَاطة قلبه.
وجَلْجَل الشيءَ: خلطه.
وجَلاجِل وجُلاجِل ودارة جُلْجُل، كلها: مواضع، وجَلاجل، بالفتح: موضع،
وقيل جبل من جبال الدَّهناء؛ ومنه قول ذي الرمة:
أَيا ظبية الوَعْساء، بين جَلاجِل
وبين النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سالم؟
ويروى بالحاء المضمومة؛ قال ابن بري: روت الرواة هذا البيت في كتاب
سيبويه جُلاجل، بضم الجيم لا غير، والله أَعلم.