بلفظ واحد الرّجّالة: واد بنجد، وقيل:
حرّة راجل بين السرّ ومشارف حوران. وراجل:
واد ينحدر من حرّة راجل حتى يدفع في السرّ.
رجل: الرَّجُل: معروف الذكرُ من نوع الإِنسان خلاف المرأَة، وقيل: إِنما
يكون رَجلاً فوق الغلام، وذلك إِذا احتلم وشَبَّ، وقيل: هو رَجُل ساعة
تَلِدُه أُمُّه إِلى ما بعد ذلك، وتصغيره رُجَيْل ورُوَيْجِل، على غير
قياس؛ حكاه سيبويه. التهذيب: تصغير الرجل رُجَيْل، وعامَّتهم يقولون
رُوَيْجِل صِدْق ورُوَيْجِل سُوء على غير قياس، يرجعون إِلى الــراجل لأَن اشتقاقه
منه، كما أَن العَجِل من العاجل والحَذِر من الحاذِر، والجمع رِجال. وفي
التنزيل العزيز: واسْتَشْهِدوا شَهِيدَين من رِجالكم؛ أَراد من أَهل
مِلَّتكم، ورِجالاتٌ جمع الجمع؛ قال سيبويه: ولم يكسر على بناء من أَبنية
أَدْنى العدد يعني أَنهم لم يقولوا أَرْجال؛ قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ
رَجْلةٍ جعلوه بدلاً من أَرْجال، ونظيره ثلاثة أَشياء جعلوا لَفْعاء بدلاً
من أَفعال، قال: وحكى أَبو زيد في جمعه رَجِلة، وهو أَيضاً اسم الجمع لأَن
فَعِلة ليست من أَبنية الجموع، وذهب أَبو العباس إِلى أَن رَجْلة مخفف
عنه. ابن جني: ويقال لهم المَرْجَل والأُنثى رَجُلة؛ قال:
كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً،
غيرَ جيران بني جَبَله
خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم،
لم يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله
عَنى بجَيْبِها هَنَها وحكى ابن الأَعرابي: أَن أَبا زياد الكلابي قال
في حديث له مع امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يعني نفسه وامرأَته، كأَنه
أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة فغَلَّب المذكر.
وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صارت كالرَّجُل. وفي الحديث: كانت عائشة، رضي
الله عنها، رَجُلة الرأْي؛ قال الجوهري في جمع الرَّجُل أَــراجل؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَهَمَّ بَنِيهِ صَيْفُهُم وشِتاؤهم،
وقالوا: تَعَدَّ واغْزُ وَسْطَ الأَــراجِل
يقول: أَهَمَّهم نفقةُ صيفهم وشتائهم وقالوا لأَبيهم: تعدَّ أَي انصرف
عنا؛ قال ابن بري: الأَــراجل هنا جمع أَرجال، وأَرجال جمع راجل، مثل صاحب
وأَصحاب وأَصاحيب إِلا أَنه حذف الياء من الأَراجيل لضرورة الشعر؛ قال
أَبو المُثَلَّم الهذلي:
يا صَخْرُ ورّاد ماء قد تتابَعَه
سَوْمُ الأَراجِيل، حَتَّى ماؤه طَحِل
وقال آخر:
كأَن رَحْلي على حَقْباء قارِبة
أَحْمى عليها أَبانَيْنِ الأَراجيل
أَبانانِ: جَبَلانِ؛ وقال أَبو الأَسود الدؤلي:
كأَنَّ مَصاماتِ الأُسود ببَطْنه
مَراغٌ، وآثارُ الأَراجِيلِ مَلْعَب
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
تَظَلُّ منه سِباعُ الجَوِّ ضامزةً،
ولا تَمَشَّى بِواديه الأَراجِيلُ
وقال كثير في الأَــراجل:
له، بجَبُوبِ القادِسِيَّة فالشَّبا،
مواطنُ، لا تَمْشي بهنَّ الأَــراجلُ
قال: ويَدُلُّك على أَن الأَــراجل في بيت أَبي ذؤيب جمع أَرجال أَن أَهل
اللغة قالوا في بيت أَبي المثلم الأَراجيل هم الرَّجَّالة وسَوْمُهم
مَرُّهُم، قال: وقد يجمع رَجُل أَيضاً على رَجْلة. ابن سيده: وقد يكون
الرَّجُل صفة يعني بذلك الشدّة والكمال؛ قال: وعلى ذلك أَجاز سيبويه الجر في
قولهم مررت برَجُلٍ رَجُلٍ أَبوه، والأَكثر الرفع؛ وقال في موضع آخر: إِذا
قلت هذا الرَّجُل فقد يجوز أَن تعْني كماله وأَن تريد كل رَجُل تكلَّم
ومشى على رِجْلَيْن، فهو رَجُل، لا تريد غير ذلك المعنى، وذهب سيبويه إِلى
أَن معنى قولك هذا زيد هذا الرَّجُل الذي من شأْنه كذا، ولذلك قال في
موضع آخر حين ذكر ابن الصَّعِق وابن كُرَاع: وليس هذا بمنزلة زيد وعمرو من
قِبَل أَن هذه أَعلام جَمَعَت ما ذكرنا من التطويل فحذفوا، ولذلك قال
الفارسي: إِن التسمية اختصار جُمْلة أَو جُمَل. غيره: وفي معنى تقول هذا رجل
كامل وهذا رجل أَي فوق الغلام، وتقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا
المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلــة؛ وأَنشد:
فإِن يك قولُهمُ صادقاً،
فَسِيقَتْ نسائي إِليكم رِجَالا
أَي رواجلَ. والرُّجْلة، بالضم: مصدر الرَّجُل والــرَّاجِل والأَرْجَل.
يقال: رَجُل جَيِّد الرُّجلة، ورَجُلٌ بيِّن الرُّجولة والرُّجْلة
والرُّجْليَّة والرُّجوليَّة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وهي من المصادر التي
لا أَفعال لها. وهذا أَرْجَل الرَّجُلين أَي أَشدُّهُما، أَو فيه
رُجْلِيَّة ليست في الآخر؛ قال ابن سيده: وأُراه من باب أَحْنَك الشاتين أَي أَنه
لا فعل له وإِنما جاء فعل التعجب من غير فعل. وحكى الفارسي: امرأَة
مُرْجِلٌ تلد الرِّجال، وإِنما المشهور مُذْكِر، وقالوا: ما أَدري أَيُّ ولد
الرجل هو، يعني آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ:
فيه صُوَر كَصُوَر الرجال. وفي الحديث: أَنه لعن المُتَرَجِّلات من
النساء، يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زِيِّهِم وهيآتهم، فأَما في العلم
والرأْي فمحمود، وفي رواية: لَعَنَ الله الرَّجُلة من النساء، بمعنى
المترجِّلة. ويقال: امرأَة رَجُلة إِذا تشبهت بالرجال في الرأْي
والمعرفة.والرِّجْل: قَدَم الإِنسان وغيره؛ قال أَبو إِسحق: والرَّجْل من أَصل
الفخذ إِلى القدم، أُنْثى. وقولهم في المثل: لا تَمْشِ برِجْلِ من أَبى،
كقولهم لا يُرَحِّل رَحْلَك من ليس معك؛ وقوله:
ولا يُدْرِك الحاجاتِ، من حيث تُبْتَغَى
من الناس، إِلا المُصْبِحون على رِجْل
يقول: إِنما يَقْضِيها المُشَمِّرون القِيام، لا المُتَزَمِّلون
النِّيام؛ فأَما قوله:
أَرَتْنيَ حِجْلاً على ساقها،
فَهَشَّ الفؤادُ لذاك الحِجِلْ
فقلت، ولم أُخْفِ عن صاحبي:
أَلابي أَنا أَصلُ تلك الرِّجِلْ
(* قوله «ألابي أنا» هكذا في الأصل، وفي المحكم: ألائي، وعلى الهمزة
فتحة).
فإِنه أَراد الرِّجْل والحِجْل، فأَلقى حركة اللام على الجيم؛ قال: وليس
هذا وضعاً لأَن فِعِلاً لم يأْت إِلا في قولهم إِبِل وإِطِل، وقد تقدم،
والجمع أَرْجُل، قال سيبويه: لا نعلمه كُسِّر على غير ذلك؛ قال ابن جني:
استغنوا فيه بجمع القلة عن جمع الكثرة. وقوله تعالى: ولا يَضْرِبْن
بأَرْجُلِهن ليُعْلَم ما يُخْفِين من زينتهن؛ قال الزجاج: كانت المرأَة ربما
اجتازت وفي رجلها الخَلْخال، وربما كان فيه الجَلاجِل، فإِذا ضَرَبت
برِجْلها عُلِم أَنها ذات خَلْخال وزينة، فنُهِي عنه لما فيه من تحريك الشهوة،
كما أُمِرْن أَن لا يُبْدِين ذلك لأَن إِسماع صوته بمنزلة إِبدائه. ورجل
أَرْجَل: عظيم الرِّجْل، وقد رَجِل، وأَرْكبُ عظيم الرُّكْبة، وأَرْأَس
عظيم الرأْس. ورَجَله يَرْجله رَجْلاً: أَصاب رِجْله، وحكى الفارسي رَجِل
في هذا المعنى. أَبو عمرو: ارْتَجَلْت الرَّجُلَ إِذا أَخذته برِجْله.
والرُّجْلة: أَن يشكو رِجْله. وفي حديث الجلوس في الصلاة: إِنه لجَفاء
بالرَّجُل أَي بالمصلي نفسه، ويروى بكسر الراء وسكون الجيم، يريد جلوسه على
رِجْله في الصلاة.
والرَّجَل، بالتحريك: مصدر قولك رَجِلَ، بالكسر، أَي بقي راجلــاً؛
وأَرْجَله غيره وأَرْجَله أَيضاً: بمعنى أَمهله، وقد يأْتي رَجُلٌ بمعنى راجل؛
قال الزِّبْرِقان بن بدر:
آليت لله حَجًّا حافياً رَجُلاً،
إِن جاوز النَّخْل يمشي، وهو مندفع
ومثله ليحيى بن وائل وأَدرك قَطَريّ
بن الفُجاءة الخارجي أَحد بني مازن حارثي:
أَمَا أُقاتِل عن دِيني على فرس،
ولا كذا رَجُلاً إِلا بأَصحاب
لقد لَقِيت إِذاً شرّاً، وأَدركني
ما كنت أَرْغَم في جسمي من العاب
قال أَبو حاتم: أَما مخفف الميم مفتوح الأَلف، وقوله رجلاً أَي راجلــاً
كما تقول العرب جاءنا فلان حافياً رَجُلاً أَي راجلــاً، كأَنه قال أَما
أُقاتل فارساً ولا راجلــاً إِلا ومعي أَصحابي، لقد لقيت إِذاً شَرًّا إِن لم
أُقاتل وحدي؛ وأَبو زيد مثله وزاد: ولا كذا أُقاتل راجلــاً، فقال: إِنه
خرج يقاتل السلطان فقيل له أَتخرج راجلــاً تقاتل؟ فقال البيت؛ وقال ابن
الأَعرابي: قوله ولا كذا أَي ما ترى رجلاً كذا؛ وقال المفضل: أَما خفيفة
بمنزلة أَلا، وأَلا تنبيه يكون بعدها أَمر أَو نهي أَو إِخبار، فالذي بعد
أَما هنا إِخبار كأَنه قال: أَما أُقاتل فارساً وراجلــاً. وقال أَبو علي في
الحجة بعد أَن حكى عن أَبي زيد ما تقدم: فَرجُلٌ على ما حكاه أَبو زيد
صفة، ومثله نَدُسٌ وفَطُنٌ وحَذْرٌ وأَحرف نحوها، ومعنى البيت كأَنه يقول:
اعلموا أَني أُقاتل عن ديني وعن حَسَبي وليس تحتي فرس ولا معي أَصحاب.
ورَجِلَ الرَّجُلُ رَجَلاً، فهو راجل ورَجُل ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ
ورَجْلان؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ إِذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
عَلَيّ، إِذا لاقيت لَيْلى بخلوة،
أَنَ آزدار بَيْتَ الله رَجْلانَ حافيا
والجمع رِجَالٌ ورَجَّالة ورُجَّال ورُجَالى ورُجَّالى ورَجَالى
ورُجْلان ورَجْلة ورِجْلة ورِجَلة وأَرْجِلة وأَــراجل وأَراجيل؛ وأَنشد لأَبي
ذؤيب:
واغُزُ وَسْط الأَــراجل
قال ابن جني: فيجوز أَن يكون أَــراجل جمع أَرْجِلة، وأَرْجِلة جمع رِجال،
ورجال جمع راجل كما تقدم؛ وقد أَجاز أَبو إِسحق في قوله:
في ليلة من جُمادى ذات أَنديةٍ
أَن يكون كَسَّر نَدًى على نِداء كجَمَل وجِمال، ثم كَسَّر نِداء على
أَندِية كرِداء وأَرْدِية، قال: فكذلك يكون هذا؛ والرَّجْل اسم للجمع عند
سيبويه وجمع عند أَبي الحسن، ورجح الفارسي قول سيبويه وقال: لو كان جمعاً
ثم صُغِّر لرُدَّ إِلى واحده ثم جُمِع ونحن نجده مصغراً على لفظه؛
وأَنشد:بَنَيْتُه بعُصْبةٍ من ماليا،
أَخشى رُكَيْباً ورُجَيْلاً عاديا
وأَنشد:
وأَيْنَ رُكَيْبٌ واضعون رِحالهم
إِلى أَهل بيتٍ من مقامة أَهْوَدا؟
ويروى: من بُيُوت بأَسودا؛ وأَنشد الأَزهري:
وظَهْر تَنُوفةٍ حَدْباء تمشي،
بها، الرُّجَّالُ خائفةً سِراعا
قال: وقد جاء في الشعر الرَّجْلة، وقال تميم بن أَبي
(* قوله «تميم بن
أبي» هكذا في الأصل وفي شرح القاموس. واأنشده الأزهري لأبي مقبل، وفي
التكملة: قال ابن مقبل) :
ورَجْلة يضربون البَيْضَ عن عُرُض
قال أَبو عمرو: الرَّجْلة الرَّجَّالة في هذا البيت، وليس في الكلام
فَعْلة جاء جمعاً غير رَجْلة جمع راجل وكَمْأَة جمع كَمْءٍ؛ وفي التهذيب:
ويجمع رَجاجِيلَ.
والرَّجْلان أَيْضاً: الــراجل، والجمع رَجْلى ورِجال مثل عَجْلان وعَجْلى
وعِجال، قال: ويقال رَجِلٌ ورَجالى مثل عَجِل وعَجالى. وامرأَة رَجْلى:
مثل عَجْلى، ونسوة رِجالٌ: مثل عِجال، ورَجالى مثل عجالى. قال ابن بري:
قال ابن جني راجل ورُجْلان، بضم الراء؛ قال الراجز:
ومَرْكَبٍ يَخْلِطني بالرُّكْبان،
يَقي به اللهُ أَذاةَ الرُّجْلان
ورُجَّال أَيضاً، وقد حكي أَنها قراءة عبد الله في سورة الحج وبالتخفيف
أَيضاً، وقوله تعالى: فإِن خِفْتم فرِجالاً أَو رُكْباناً، أَي فَصَلُّوا
رُكْباناً ورِجالاً، جمع راجل مثل صاحب وصِحاب، أَي إِن لم يمكنكم أَن
تقوموا قانتين أَي عابدين مُوَفِّين الصَّلاةَ حَقَّها لخوف ينالكم
فَصَلُّوا رُكْباناً؛ التهذيب: رِجالٌ أَي رَجَّالة. وقوم رَجْلة أَي رَجَّالة.
وفي حديث صلاة الخوف: فإِن كان خوف هو أَشدّ من ذلك صَلوا رِجالاً
ورُكْباناً؛ الرِّجال: جمع راجل أَي ماش، والــراجل خلاف الفارس. أَبو زيد: يقال
رَجِلْت، بالكسر، رَجَلاً أَي بقيت راجِلــاً، والكسائي مثله، والعرب تقول
في الدعاء على الإِنسان: ما له رَجِلَ أَي عَدِمَ المركوبَ فبقي راجلــاً.
قال ابن سيده: وحكى اللحياني لا تفعل كذا وكذا أُمُّك راجل، ولم يفسره،
إِلا أَنه قال قبل هذا: أُمُّك هابل وثاكل، وقال بعد هذا: أُمُّك عَقْري
وخَمْشى وحَيْرى، فَدَلَّنا ذلك بمجموعة أَنه يريد الحزن والثُّكْل.
والرُّجْلة: المشي راجلــاً. والرَّجْلة والرِّجْلة: شِدَّة المشي؛ خكاهما أَبو
زيد.
وفي الحديث: العَجْماء جَرْحها جُبَار، ويَرْوي بعضم: الرِّجْلُ جُبارٌ؛
فسَّره من ذهب إِليه أَن راكب الدابة إِذا أَصابت وهو راكبها إِنساناً
أَو وطئت شيئاً بيدها فضمانه على راكبها، وإِن أَصابته برِجْلها فهو جُبار
وهذا إِذا أَصابته وهي تسير، فأَمَّا أَن تصيبه وهي واقفة في الطريق
فالراكب ضامن، أَصابت ما أَصابت بيد أَو رجل. وكان الشافعي، رضي الله عنه،
يرى الضمان واجباً على راكبها على كل حال، نَفَحَتْ برِجلها أَو خبطت
بيدها، سائرة كانت أَو واقفة. قال الأَزهري: الحدث الذي رواه الكوفيون أَن
الرِّجل جُبار غير صحيح عند الحفاظ؛ قال ابن الأَثير في قوله في الحديث:
الرِّجل جُبار أَي ما أَصابت الدابة برِجْلها فلا قَوَد على صاحبها، قال:
والفقهاء فيه مختلفون في حالة الركوب عليها وقَوْدها وسَوْقها وما أَصابت
برِجْلها أَو يدها، قال: وهذا الحديث ذكره الطبراني مرفوعاً وجعله
الخطابي من كلام الشعبي.
وحَرَّةٌ رَجْلاءُ: وهي المستوية بالأَرض الكثيرة الحجارة يَصْعُب المشي
فيها، وقال أَبو الهيثم: حَرَّة رَجْلاء، الحَرَّة أَرض حجارتها سُودٌ،
والرَّجْلاء الصُّلْبة الخَشِنة لا تعمل فيها خيل ولا إِبل ولا يسلكها
إِلا راجل. ابن سيده: وحَرَّة رَجْلاء لا يستطاع المشي فيها لخشونتها
وصعوبتها حتى يُتَرَجَّل فيها. وفي حديث رِفاعة الجُذامي ذِكْر رِجْلى، هي
بوزن دِفْلى، حَرَّةُ رِجْلى: في ديار جُذام. وتَرَجَّل الرجلُ: ركب
رِجْليه.والرَّجِيل من الخيل: الذي لا يَحْفى. ورَجُلٌ رَجِيل أي قَوِيٌّ على
المشي؛ قال ابن بري: كذلك امرأَة رَجِيلة للقوية على المشي؛ قال الحرب بن
حِلِّزة:
أَنَّى اهتديتِ، وكُنْتِ غير رَجِيلةٍ،
والقومُ قد قَطَعوا مِتان السِّجْسَج
التهذيب: ارْتَجَل الرجلُ ارتجالاً إِذا ركب رجليه في حاجته ومَضى.
ويقال: ارْتَجِلْ ما ارْتَجَلْتَ أَي اركب ما ركبت من الأُمور. وتَرَجَّل
الزَّنْدَ وارتجله: وضعه تحت رجليه. وتَرَجَّل القومُ إِذا نزلوا عن دوابهم
في الحرب للقتال. ويقال: حَمَلك الله على الرُّجْلة، والرُّجْلة ههنا:
فعل الرَّجُل الذي لا دابة له.
ورَجَلَ الشاةَ وارتجلها: عَقَلها برجليها. ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً
وارتجلها: علَّقها برجلها.
والمُرَجَّل من الزِّقاق: الذي يُسْلَخ من رِجْل واحدة، وقيل: الذي
يُسْلَخ من قِبَل رِجْله. الفراء: الجِلْد المُرَجَّل الذي يسلخ من رِجْل
واحدة، والمَنْجُول الذي يُشَقُّ عُرْقوباه جميعاً كما يسلخ الناسُ اليومَ،
والمُزَقَّق الذي يسلخ من قِبَل رأْسه؛ الأَصمعي وقوله:
أَيام أَلْحَفُ مِئْزَري عَفَرَ الثَّرى،
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيَّان
(* قوله «أَيام ألحف إلخ» تقدم في ترجمة غضض:
أيام أسحب لمتي عفر الملا
ولعلهما روايتان).
أَراد بالمُرَجَّل الزِّقَّ الملآن من الخَمْر، وغَضُّه شُرْبُه. ابن
الأَعرابي: قال المفضل يَصِف شَعْره وحُسْنه، وقوله أَغُضّ أَي أَنْقُص منه
بالمِقْراض ليستوي شَعَثُه. والمُرَجَّل: الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط
مِرْجَل ومِسْرَح. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
الترَجُّل إِلا غِبًّا؛ الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه،
ومعناه أَنه كره كثرة الادِّهان ومَشْطَ الشعر وتسويته كل يوم كأَنه كره
كثرة التَّرفُّه والتنعم.
والرُّجْلة والترجيل: بياض في إِحدى رجلي الدابة لا بياضَ به في موضع
غير ذلك. أَبو زيد: نَعْجة رَجْلاء وهي البيضاء إِحدى الرجلين إِلى الخاصرة
وسائرها أَسود، وقد رَجِلَ رَجَلاً، وهو أَرْجَل. ونعجة رَجْلاء:
ابْيَضَّتْ رَِجْلاها مع الخاصرتين وسائرها أَسود. الجوهري: الأَرجل من الخيل
الذي في إِحدى رجليه بياض، ويُكْرَه إِلا أَن يكون به وَضَحٌ؛ غيره: قال
المُرَقِّش الأَصغر:
أَسِيلٌ نَبِيلٌ ليس فيه مَعابةٌ،
كُمَيْتٌ كَلَوْن الصِّرف أَرْجَل أَقرَح
فمُدِح بالرَّجَل لَمَّا كان أَقرح. قال: وشاة رَجْلاء كذلك. وفرس
أَرْجَل: بَيِّن الرَّجَل والرُّجْلة. ورَجَّلَت المرأَةُ ولدَها
(* قوله
«ورجلت المرأة ولدها» ضبط في القاموس مخففاً، وضبط في نسخ المحكم بالتشديد) :
وضَعَتْه بحيث خَرَجَتْ رِجْلاه قبْل رأْسه عند الولادة، وهذا يقال له
اليَتْن. الأُموي: إِذا وَلَدت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل وَلَّدتُها
الرُّجَيْلاء مثال الغُمَيْصاء، ووَلَّدتها طَبَقة بعد طَبَقة.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْب من صَرِّ الإِبل لا يقدر الفصيل على أَن يَرْضَع
معه ولا يَنْحَلُّ؛ قال الكميت:
صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ في النا
س، على من أَراد فيه الفجورا
رِجْلَ الغراب مصدر لأَنه ضرب من الصَّرِّ فهو من باب رَجَع القَهْقَرى
واشتمل الصَّمَّاء، وتقديره صَرًّا مثل صَرِّ رِجْل الغُراب، ومعناه
اسْتَحْكَم مُلكُك فلا يمكن حَلُّه كما لا يمكن الفَصِيلَ حَلُّ رِجْل
الغراب. وقوله في الحديث: الرُّؤيا لأَوَّلِ عابر وهي على رِجْل طائر أَي أَنها
على رِجْلِ قَدَرٍ جارٍ وقضاء ماضٍ من خير أَو شَرٍّ، وأَن ذلك هو الذي
قَسَمه الله لصاحبها، من قولهم اقتسموا داراً فطار سهمُ فلان في ناحيتها
أَي وَقَعَ سهمُه وخَرج، وكلُّ حَركة من كلمة أَو شيء يَجْري لك فهو
طائر، والمراد أَن الرؤيا هي التي يُعَبِّرها المُعَبِّر الأَول، فكأَنها
كانت على رِجْل طائر فسقطت فوقعتْ حيث عُبِّرت، كما يسقط الذي يكون على
رِجْل الطائر بأَدنى حركة. ورِجْل الطائر: مِيسَمٌ. والرُّجْلة: القُوَّةُ
على المشي. رَجِلَ الرَّجُلُ يَرْجَل رَجَلاً ورُجْلة إِذا كان يمشي في
السفر وحده ولا دابة له يركبها. ورَجُلٌ رُجْليٌّ: للذي يغزو على رِجليه،
منسوب إِلى الرُّجْلة. والرَّجيل: القَوِيُّ على المشي الصبور عله؛
وأَنشد:حَتى أُشِبَّ لها، وطال إِيابُها،
ذو رُجْلة، شَثْنُ البَراثِن جَحْنَبُ
وامرأَة رَجِيلة: صَبُورٌ على المشي، وناقة رَجِيلة. ورَجُل راجل
ورَجِيل: قويٌّ على المشي، وكذلك البعير والحمار، والجمع رَجْلى ورَجالى.
والرَّجِيل أَيضاً من الرجال: الصُّلْبُ. الليث: الرُّجْلة نجابة الرَّجِيل من
الدواب والإِبل وهو الصبور على طول السير، قال: ولم أَسمع منه فِعْلاً
إِلا في النعوت ناقة رَجِيلة وحمار رَجِيل. ورَجُل رَجِيل: مَشَّاء.
التهذيب: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة؛ وأَنشد أَبو بكر:
وإِذا خَلِيلُك لم يَدُمْ لك وَصْلُه،
فاقطع لُبانَته بحَرْفٍ ضامِر،
وَجْناءَ مُجْفَرةِ الضُّلوع رَجِيلةٍ،
وَلْقى الهواجر ذاتِ خَلْقٍ حادر
أَي سريعة الهواجر؛ الرَّجِيلة: القَوية على المشي، وحَرْفٌ: شبهها
بحَرْف السيف في مَضائها. الكسائي: رَجُلٌ بَيِّن الرُّجولة وراجل بيِّن
الرُّجْلة؛ والرَّجِيلُ من الناس: المَشّاء الجيِّد المشي. والرَّجِيل من
الخيل: الذي لا يَعْرَق. وفلان قائم على رِجْلٍ إِذا حَزْبَه أَمْرٌ فقام
له. والرِّجْل: خلاف اليد. ورِجل القوس: سِيَتُها السفْلى، ويدها: سِيَتُها
العليا؛ وقيل: رِجْل القوس ما سَفَل عن كبدها؛ قال أَبو حنيفة: رِجْل
القوس أَتمُّ من يدها. قال: وقال أَبو زياد الكلابي القوّاسون يُسَخِّفون
الشِّقَّ الأَسفل من القوس، وهو الذي تُسميه يَداً، لتَعْنَت القِياسُ
فَيَنْفُق ما عندهم. ابن الأَعرابي: أَرْجُلُ القِسِيِّ إِذا أُوتِرَت
أَعاليها، وأَيديها أَسافلها، قال: وأَرجلها أَشد من أَيديها؛ وأَنشد:
لَيْتَ القِسِيَّ كلَّها من أَرْجُل
قال: وطَرفا القوس ظُفْراها، وحَزَّاها فُرْضتاها، وعِطْفاها سِيَتاها،
وبَعْدَ السِّيَتين الطائفان، وبعد الطائفين الأَبهران، وما بين
الأَبهَرَين كبدُها، وهو ما بين عَقْدَي الحِمالة، وعَقْداها يسميان الكُليتين،
وأَوتارُها التي تُشَدُّ في يدها ورجلها تُسَمَّى الوُقوف وهو المضائغ.
ورِجْلا السَّهم: حَرْفاه. ورِجْلُ البحر: خليجه، عن كراع. وارْتَجل الفرسُ
ارتجالاً: راوح بين العَنَق والهَمْلَجة، وفي التهذيب: إِذا خَلَط
العَنق بالهَمْلجة. وتَرَجَّل أَي مشى راجلــاً. وتَرَجَّل البئرَ تَرَجُّلاً
وتَرَجَّل فيها، كلاهما: نزلها من غير أَن يُدَلَّى.
وارتجالُ الخُطْبة والشِّعْر: ابتداؤه من غير تهيئة. وارْتَجَل الكلامَ
ارْتجالاً إِذا اقتضبه اقتضاباً وتكلم به من غير أَن يهيئه قبل ذلك.
وارْتَجَل برأْيه: انفرد به ولم يشاور أَحداً فيه، والعرب تقول: أَمْرُك ما
ارْتَجَلْتَ، معناه ما استبددت برأْيك فيه؛ قال الجعدي:
وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم
عندي، ولكنَّ أَمْرَ المرء ما ارْتَجلا
وتَرَجَّل النهارُ، وارتجل أَي ارتفع؛ قال الشاعر:
وهاج به، لما تَرَجَّلَتِ الضُّحَى،
عصائبُ شَتى من كلابٍ ونابِل
وفي حديث العُرَنِيّين: فما تَرَجَّل النهارُ حتى أُتيَ بهم أَي ما
ارتفع النهار تشبيهاً بارتفاع الرَّجُل عن الصِّبا.
وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِل ورَجْلٌ: بَيْنَ السُّبوطة والجعودة. وفي صفته، صلى
الله عليه وسلم: كان شعره رَجِلاً أَي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد
السبوطة بل بينهما؛ وقد رَجِل رَجَلاً ورَجَّله هو ترجيلاً، ورَجُلٌ رَجِلُ
الشَّعر ورَجَلُه، وجَمْعهما أَرجال ورَجالى. ابن سيده: قال سيبويه: أَما
رَجْلٌ، بالفتح، فلا يُكَسَّرُ استغنوا عنه بالواو والنون وذلك في
الصفة، وأَما رَجِل، وبالكسر، فإِنه لم ينص عليه وقياسه قياس فَعُل في الصفة،
ولا يحمل على باب أَنجاد وأَنكاد جمع نَجِد ونَكِد لقلة تكسير هذه الصفة
من أَجل قلة بنائها، إِنما الأَعرف في جميع ذلك الجمع بالواو والنون،
لكنه ربما جاء منه الشيء مُكَسَّراً لمطابقة الاسم في البناء، فيكون ما حكاه
اللغويون من رَجالى وأَرجال جمع رَجَل ورَجِل على هذا.
ومكان رَجِيلٌ: صُلْبٌ. ومكان رَجِيل: بعيد الطَّرفين موطوء رَكوب؛ قال
الراعي:
قَعَدوا على أَكوارها فَتَردَّفَتْ
صَخِبَ الصَّدَى، جَذَع الرِّعان رَجِيلاً
وطريق رَجِيلٌ إِذا كان غليظاً وَعْراً في الجَبَل. والرَّجَل: أَن
يُترك الفصيلُ والمُهْرُ والبَهْمة مع أُمِّه يَرْضَعها متى شاء؛ قال
القطاميّ:
فصاف غلامُنا رَجَلاً عليها،
إِرادَة أَن يُفَوِّقها رَضاعا
ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً وأَرجلها: أَرسله معها، وأَرجلها الراعي مع
أُمِّها؛ وأَنشد:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِل حتى فُطِما
ورَجَلَ البَهْمُ أُمَّه يَرْجُلها رَجْلاً: رَضَعها. وبَهْمة رَجَلٌ
ورَجِلٌ وبَهِمٌ أَرجال ورَجَل. وارْتَجِلْ رَجَلك أَي عليك شأْنَك
فالْزَمْه؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال: لي في مالك رِجْل أَي سَهْم. والرِّجْل:
القَدَم. والرِّجْل: الطائفة من الشيء، أُنثى، وخص بعضهم به القطعة العظيمة
من الجراد، والجمع أَرجال، وهو جمع على غير لفظ الواحد، ومثله كثير في
كلامهم كقولهم لجماعة البقر صِوَار، ولجماعة النعام خِيط، ولجماعة
الحَمِير عانة؛ قال أَبو النجم يصف الحُمُر في عَدْوها وتَطايُر الحصى عن
حوافرها:
كأَنما المَعْزاء من نِضالها
رِجْلُ جَرادٍ، طار عن خُذَّالها
وجمع الرِّجْل أَرجال. وفي حديث أَيوب، عليه السلام: أَنه كان يغتسل
عُرياناً فَخَرَّ عليه رِجْلٌ من جَراد ذَهَب؛ الرِّجل، بالكسر: الجراد
الكثير؛ ومنه الحديث: كأَنَّ نَبْلهم رِجْلُ جَراد؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه
دَخَل مكَّة رِجْلٌ من جَراد فَجَعل غِلْمانُ مكة يأْخذون منه، فقال:
أَمَا إِنَّهم لو علموا لم يأْخذوه؛ كَرِه ذلك في الحرم لأَنه صيد.
والمُرْتَجِل: الذي يقع بِرِجْلٍ من جَرَاد فيَشْتَوي منها أَو يطبخُ؛ قال
الراعي:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ، بأَعلى تَلْعة،
غَرْثانَ ضَرَّم عَرْفَجاً مبْلُولا
وقيل: المُرْتَجِل الذي اقتدح النار بزَنْدة جعلها بين رِجْليه وفَتل
الزَّنْدَ في فَرْضِها بيده حتى يُورِي، وقيل: المُرْتَجِل الذي نَصَب
مِرْجَلاً يطبخ فيه طعاماً. وارْتَجَل فلان أَي جَمَع قِطْعَة من الجَرَاد
ليَشْوِيها؛ قال لبيد:
فتنازعا سَبَطاً يطير ظِلالُه،
كدخان مُرتَجِلٍ يُشَبُّ ضِرَامُها
قال ابن بري: يقال للقِطْعة من الجراد رِجْل ورِجْلة. والرِّجْلة
أَيضاً: القطعة من الوحش؛ قال الشاعر:
والعَيْن عَيْن لِياحٍ لَجَلْجَلَتْ وَسَناً،
لرِجْلة من بَنات الوحش أَطفال
وارْتَجَل الرجلُ: جاء من أَرض بعيدة فاقتدح ناراً وأَمسك الزَّنْد
بيديه ورجليه لأَنه وحده؛ وبه فَسَّر بعضهم:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ بأَعلى تَلْعةٍ
والمُرَجَّل من الجَراد: الذي ترى آثار أَجنحته في الأَرض. وجاءت رِجْلُ
دِفاعٍ أَي جيشٌ كثير، شُبّه برِجْل الجَراد. وفي النوادر: الرَّجْل
النَّزْوُ؛ يقال: بات الحِصَان يَرْجُل الخيلَ. وأَرْجَلْت الحِصانَ في
الخيل إِذا أَرسلت فيها فحلاً. والرِّجْل: السراويلُ الطاقُ؛ ومنه الخبر عن
النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه اشترى رِجْلَ سَراوِيل ثم قال للوَزَّان
زِنْ وأَرْجِحْ؛ قال ابن الأَثير: هذا كما يقال اشترى زَوْجَ خُفٍّ
وزوْجَ نَعْل، وإِنما هما زَوْجان يريد رِجْلَيْ سراويل لأَن السراويل من لباس
الرِّجْلين، وبعضهم يُسَمِّي السراويل رِجْلاً. والرِّجْل: الخوف والفزع
من فوت الشيء، يقال: أَنا من أَمري على رِجْلٍ أَي على خوف من فوته.
والرِّجْل، قال أَبو المكارم: تجتمع القُطُر فيقول الجَمَّال: لي الرِّجْل
أَي أَنا أَتقدم. والرِّجْل: الزمان؛ يقال: كان ذلك على رِجْل فلان أَي في
حياته وزمانه وعلى عهده. وفي حديث ابن المسيب: لا أَعلم نَبِيًّا هَلَكَ
على رِجْله من الجبابرة ما هَلَك على رِجْل موسى، عليه الصلاة والسلام،
أَي في زمانه. والرِّجْل: القِرْطاس الخالي. والرِّجْل: البُؤْس والفقر.
والرِّجْل: القاذورة من الرجال. والرِّجْل: الرَّجُل النَّؤوم.
والرِّجْلة: المرأَة النؤوم؛ كل هذا بكسر الراء. والرَّجُل في كلام أَهل اليمن:
الكثيرُ المجامعة، كان الفرزدق يقول ذلك ويزعم أَن من العرب من يسميه
العُصْفُورِيَّ؛ وأَنشد:
رَجُلاً كنتُ في زمان غُروري،
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهودُ
والرِّجْلة: مَنْبِت العَرْفج الكثير في روضة واحدة. والرِّجْلة: مَسِيل
الماء من الحَرَّة إِلى السَّهلة. شمر: الرِّجَل مَسايِلُ الماء،
واحدتها رِجْلة؛ قال لبيد:
يَلْمُج البارضَ لَمْجاً في النَّدَى،
من مَرابيع رِياضٍ ورِجَل
اللَّمْج: الأَكل بأَطراف الفم؛ قال أَبو حنيفة: الرِّجَل تكون في
الغِلَظ واللِّين وهي أَماكن سهلة تَنْصَبُّ إِليها المياه فتُمْسكها. وقال
مرة: الرِّجْلة كالقَرِيِّ وهي واسعة تُحَلُّ، قال: وهي مَسِيل سَهْلة
مِنْبات.
أَبو عمرو: الــراجلــة كَبْش الراعي الذي يَحْمِل عليه متاعَه؛ وأَنشد:
فظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجِلــةٍ،
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِد
أَي يَطْبُخ. والرِّجْلة: ضرب من الحَمْض، وقوم يسمون البَقْلة
الحَمْقاء الرِّجْلة، وإِنما هي الفَرْفَخُ. وقال أَبو حنيفة: ومن كلامهم هو
أَحمق من رِجْلة، يَعْنون هذه البَقْلة، وذلك لأَنها تنبت على طُرُق الناس
فتُدَاس، وفي المَسايل فيَقْلَعها ماء السيل، والجمع رِجَل.
والرِّجْل: نصف الراوية من الخَمْر والزيت؛ عن أَبي حنيفة. وفي حديث
عائشة: أُهدي لنا رِجْل شاة فقسمتها إِلاّ كَتِفَها؛ تريد نصف شاة طُولاً
فسَمَّتْها باسم بعضها. وفي حديث الصعب بن جَثَّامة: أَنه أَهدى إِلى
النبي، صلى الله عليه وسلم، رِجْل حمار وهو مُحْرِمٌ أَي أَحد شقيه، وقيل:
أَراد فَخِذه. والتَّراجِيل: الكَرَفْس، سواديّة، وفي التهذيب بِلُغَة
العجم، وهو اسم سَواديٌّ من بُقول البساتين. والمِرْجَل: القِدْر من الحجارة
والنحاسِ، مُذَكَّر؛ قال:
حتى إِذا ما مِرْجَلُ القومِ أَفَر
وقيل: هو قِدْر النحاس خاصة، وقيل: هي كل ما طبخ فيها من قِدْر وغيرها.
وارْتَجَل الرجلُ: طبخ في المِرْجَل. والمَــراجِل: ضرب من برود اليمن.
المحكم: والمُمَرْجَل ضرب من ثياب الوشي فيه صور المَــراجل، فمُمَرْجَل على
هذا مُمَفْعَل، وأَما سيبويه فجعله رباعيّاً لقوله:
بشِيَةٍ كشِيَةِ المُمَرْجَل
وجعل دليله على ذلك ثبات الميم في المُمَرْجَل، قال: وقد يجوز أَن يكون
من باب تَمَدْرَع وتَمَسْكَن فلا يكون له في ذلك دليل. وثوب مِرْجَلِيٌّ:
من المُمَرْجَل؛ وفي المثل:
حَدِيثاً كان بُرْدُك مِرْجَلِيّا
أَي إِنما كُسيت المَــراجِلَ حديثاً وكنت تلبس العَبَاء؛ كل ذلك عن ابن
الأَعرابي. الأَزهري في ترجمة رحل: وفي الحديث حتى يَبْنَي الناسُ بيوتاً
يُوَشُّونها وَشْيَ المراحِل، ويعني تلك الثياب، قال: ويقال لها المــراجل
بالجيم أَيضاً، ويقال لها الراحُولات، والله أعلم.
مرجل: الليث: المَــراجِل ضرْب من بُرود اليمن؛ وأَنشد:
وأَبْصَرْتُ سَلْمَى بين بُرْدَيْ مَــراجِلٍ،
وأَخْياشِ عصبٍ من مُهَلْهلَة اليَمنْ
وأَنشد ابن بري لشاعر:
يُسائِلْنَ: مَنْ هذا الصَّريعُ الذي نَرَى؟
ويَنْظُرْنَ خَلْساً من خِلال المَــراجِل
وثوب مُمَرْجَل: على صنعة المَــراجِلِ من البُرود. وفي الحديث: وعليها
ثِياب مــراجِل، يروى بالجيم والحاء، فالجيم معناه أَن عليها نُقوشاً تِمْثال
الرجال، والحاء معناه أَن عليها صُوَرَ الرِّحال وهي الإِبل
بأَكْوَارِها. ومنه: ثوبٌ مُرَحَّل، والروايتان معاً من باب الراء، والميم فيهما
زائدة، وهو مذكور أَيضاً في موضعه. وفي الحديث: فبعث معهما بِبُرْد
مَــرَاجِل؛ هو ضرْب من بُرود اليمن، قال: وهذا التفسير
(* قوله «قال وهذا التفسير»
عبارة النهاية: قال الازهري هذا إلخ) يشبه أَن تكون الميم أَصلية.
والمُمَرْجَل: ضرْب من ثياب الوَشْيِ؛ قال العجاج:
بِشِيَةٍ كَشِيَةِ المُمَرْجَلِ
قال الجوهري: قال سيبويه مَــرَاجِل ميمُها من نفس الحرف وهي ثياب
الوَشْيِ.
وفي الحديث: ولِصَدْرِه أَزِيزٌ كأَزِيزِ المِرْجَل؛ هو، بالكسر:
الإِناء الذي يُغْلى فيه الماء، وسواء كان من حديد أَو صُفْر أَو حجارة أَو
خَزَف، والميم زائدة، قيل: لأَنه إِذا نُصِب كأَنه أُقيم على أَرْجُل. قال
ابن بري: والمِرْجَل المُِشط، ميمه زائدة لأَنه يرجَّل به الشعر؛ قال
الشاعر:
مَــرَاجِلُــنا من عَظْمِ فِيلٍ، ولم تكن
مَــرَاجلُ قَومي من جَديد القَماقِم
جرل: الجَرَلُ، بالتحريك: الحِجارة وكذلك الجَرْوَلُ، وقيل: الحِجارة مع
الشَّجَر؛ وأَنشد ابن بري لراجز:
كُلّ وَآةٍ وَوَأًى ضافي الخُصَل
مُعْتَدلات في الرِّقاق والجَرَل
والجَرَل: المَكان الصُّلْب الغَلِيظ الشَّدِيد من ذلك. ومَكانٌ جَرِلٌ
والجمع أَجْرال؛ قال جرير:
مِنْ كُلِّ مُشْتَرِفٍ، وإِن بَعُدَ المَدى،
ضَرِمِ الرِّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وأَرْضٌ جَرِلة: ذات جَراوِلَ وغِلَظٍ وحجارة. قال الجوهري: وقد يكون
جمع جَرَل مثل جَبَل وأَجْبال. قال ابن سيده: فأَما قول أَبي عبيد أَرض
جَرِلَةٌ وجمعها أَجْرال فخطأٌ، إِلا أَن يكون هذا الجمع على حذف الزائد،
والصواب البَيِّن أَن يقول مكان جَرِلٌ، لأَن فَعِلاً مما يُكَسَّر على
أَفعال اسماً وصفة، وقد جَرِلَ المَكانُ جَرَلاً.
والجَرْوَل: الحِجارة، والواو للإِلحاق بجَعْفر، واحدتها جَرْوَلة،
وقيل: هي من الحجارة مِلْءُ كَفِّ الرجل إِلى ما أَطاق أَن يَحْمِل، وقيل:
الجَراولُ الحجارة، واحدتها جَرْوَلة. والجَرْوَل والجُرْوَل: موضع من
الجبل كثيرُ الحجارةُ. التهذيب: الجَرَل الخَشِن من الأَرض الكثيرُ الحجارة.
ومكان جَرِلٌ، قال: ومنه الجَرْوَل وهو من الحَجَر ما يُقِلُّه الرجل
ودونه وفيه صلابة؛ وأَنشد:
هُمْ هَبَطُوه جَرِلاً شَراساً،
لِيَتْرُكُوه دَمِناً دَهاسا
قال ابن شميل: أَما الجَرْوَل فزعم أَبو وَجْزَة أَنه ما سال به الماء
من الحجارة حتى تراه مُدَلَّكاً من سيل الماء به في بَطْن الوادي؛
وأَنشد:مُتَكَفِّت ضَرِم السِّبا
قِ، إِذا تَعَرَّضَتِ الجَراوِل
الكلابي: وَادٍ جَرِلٌ إِذا كان كَثِير الجِرفَة والعَتَب والشجر، قال:
وقال حِتْرِشٌ مَكان جَرِلٌ فيه تَعادٍ واختلافٌ، وقال غيره من أَعراب
قيس: أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفة، وقَدَحٌ جَرِفٌ ورجل جَرِفٌ كذلك. الليث:
والجَرْوَل اسم لبَعض السِّباع. قال الأَزهري: لا أَعرف شيئاً من
السِّباع يُدْعَى جَرْوَلاً. ابن سيده: الجَرْوَل من أَسماء السِّباعِ. وجَرْوَل
بنُ مُجاشِع: رجل من العرب، وهو القائل: مُكْرَهٌ أَخْوكَ
(* قوله «مكره
أَخوك» كذا في الأصل بالواو وكذا أورده الميداني، والمشهور في كتب
النحو: أخاك) لا بَطَل. وجَرْوَلٌ: الحُطَيْئَة العَبْسِيُّ سمِّي الحجر؛ قال
الكميت:
وما ضَرَّها أَنَّ كَعباً نَوى،
وفَوَّزَ من بَعْدِه جَرْوَلُ
والجِرْيال والجِرْيالة: الخَمْرُ الشديدة الحُمْرة، وقيل: هي الحُمْرة؛
قال الأَعْشَى:
وسَبِيئَةٍ مِمَّا تُعَتِّقُ بابلٌ،
كَدَمِ الذَّبِيح سَلَبْتُها جِرْيالَها
وقيل: جِرْيال الخَمْر لَوْنُها. وسئل الأَعشى عن قوله سلبتها جريالها
فقال أَي شربتها حمراء فَبُلْتُها بيضاء. وقال أَبو حنيفة: يعني أَن
حُمْرتها ظهرت في وجهه وخَرَجَت عنه بيضاءَ، وقد كَسَّرَها سيبويه يريد بها
الخَمْر لا الحُمْرة، لأَن هذا الضَّرْب من العَرَض لا يُكَسَّرُ وإِنما هو
جنس كالبياض والسواد. وقال ثعلب: الجِرْيال صَفْوَة الخَمْر؛ وأَنشد:
كأَنَّ الرِّيقَ مِنْ فِيها
سَحِيقٌ بَيْنَ جِرْيال
أَي مِسْك سَحِيق بين قِطَع جِرْيال أَو أَجزاء جِرْيال. وزعم الأَصمعي
أَن الجِرْيال اسم أَعجمي رُوميٌّ عُرِّب كأَن أَصله كِرْيال. قال شمر:
العرب تجعل الجِرْيالَ لونَ الخَمْر نَفْسِها وهي الجِريالة؛ قال ذو
الرمَّة:
كأَنَّني أَخُو جِرْيَالةً بَابِلِيَّةٍ
كُمَيْتٍ، تَمَشَّتْ في العِظامِ شَمُولُها
فجعل الجِرْيالة الخَمْر بعينها، وقيل: هو لونها الأَصفر والأَحمر.
الجوهري: الجِرْيال الخَمْر وهو دون السُّلاف في الجَوْدة. ابن سيده:
والجِرْيال أَيضاً سُلافة العُصْفُر. ابن الأَعرابي: الجِرْيال ما خَلَص من
لَوْن أَحمر وغيره. والجِرْيَال: البَقَّم. وقال أَبو عبيدة: هو
النَّشَاسْتَج. والجِرْيال: صِبْغ أَحمر. وجِرْيَال الذهب: حُمْرته؛ قال
الأَعْشَى:إِذا جُرِّدَتْ يَوْماً، حَسِبْتَ خَمِيصَة
عَلَيْها، وجِرْيَالَ النَّضِيرِ الدُّلامِصا
شَبَّه شعرها بالخَمِيصة في سواده وسُلُوسَته، وجَسَدَها بالنَّضِير وهو
الذهب، والجِرْيال لَوْنُه. والجِرْيَال: فَرَس قَيْس بن زهير.
عرجل: العَرْجَلة: القِطْعة من الخيل، وقيل: الجماعة منها. والعَرْجَلة:
الجماعة من الناس، وقيل: جماعة الرَّجّالة. وخَرَجَ القومُ عَــرَاجِلَــةً
أَي مُشاةً. والعَرْجَلة: الجماعةُ من المَعَز؛ عن كراع. والعَرْجَلةُ من
الخيل: القَطيعُ، وهي بلُغَة تميم الحَرْجَلةُ. والعَرْجَلة: الذين
يَمْشون على أَقدامهم، قال: ولا يقال عَرْجَلة حتى يكونوا جماعةً مُشاةً؛
وأَنشد:
وعَرْجَلةٍ شُعْثِ الرؤوس كأَنهم
بَنُو الجِنِّ، لم تُطْبَخْ بنارٍ قُدورُها
قال ابن بري: الذي وقع في الشعر:
بَنَو الجنِّ لم تُطْبَخْ بقدْرٍ جَزورُها
قال: وأَنشد أَبو عبيدة في جمع العَرْجَلَةِ الرَّجّالةِ أَيضاً:
راحُوا يُماشُونَ القَلُوصَ عَشِيَّةً،
عَــرَاجِلــةً من بَيْنِ حافٍ وناعِل
وأَنشد الأَزهري في ترجمة عرضن:
تَعْدُو العِرْضْنَى خَيلُهم حَــرَاجِلــا
وقال: حَــرَاجِل وعَــرَاجِل جماعات. قال: ويقال للرَّجّالة عَــرَاجِلُ
أَيضاً.
زلم: الزُّلَمُ والزَّلَمُ: القِدْح لا ريش عليه، والجمع أَزْلام.
الجوهري: الزَّلَمُ، بالتحريك، القِدْحُ؛ قال الشاعر:
بات يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ،
ليس بِراعي إبلٍ ولا غَنَمْ
قال: وكذلك الزُّلَمُ، بضم الزاي، والجمع الأَزْلامُ وهي السهام التي
كان أَهل الجاهلية يستقسمون بها.
وزَلَّمَ القِدْحَ: سوَّاه وليَّنه. وزَلَّمَ الرَّحَى: أَدارها وأَخذ
من حروفها؛ قال ذو الرمة:
تَفُضُّ الحَصَى عن مُجْمِراتٍ وَقِيعَةٍ،
كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ
(* قوله «مجمرات وقيعة» هذا هو الصواب في اللفظ والضبط وما تقدم في مادة
رقد تحريف).
شبه خُفِّ البعير بالرَّحَى أَي قد أَخذت المَناقِرُ والمعاوِلُ من
حروفها وسوَّتْها. وزَلَّمْتُ الحجر أَي قطعته وأَصلحته للرَّحَى، قال: وهذا
أَصل قولهم هو العبدُ زُلْمَةً، وقيل: كل ما حُذِقَ وأُخذ من حروفه فقد
زُلِّم. ويقال: قِدْحٌ مُزَلَّمٌ
وقِدْحٌ زَلِيمٌ إذا طُرَّ وأُّجِيدَ قَدُّه وصنعته، وعَصاً
مُزَلَّمَةٌ، وما أَحسن ما زَلَّمَ سهمه.
وفي التنزيل العزيز: وأَن تَسْتَقْسِموا بالأَزلامِ ذلكم فسق؛ قال
الأَزهري، رحمه الله: الاستقسام مذكور في موضعه، والأَزْلامُ كانت لقريش في
الجاهلية مكتوب عليها أَمر ونهي وافْعَلْ ولا تَفْعَلْ، قد زُلّمَتْ
وسُوِّيَتْ ووضعتْ في الكعبة، يقوم بها سَدَنَةُ البيت، فإذا أَراد رجل سفراً
أَو نكاحاً أَتى السادِنَ فقال: أَخْرِج لي زَلَماً، فيخرجه وينظر إليه،
فإذا خرج قِدْحُ الأَمر مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قِدْحُ النهي قعد
عما أَراده، وربما كان مع الرجل زَلَمانِ وضعهما في قِرابِه، فإِذا أَراد
الاستقسام أَخرج أَحدهما؛ قال الحُطَيْئَةُ يمدح أَبا موسى الأَشعري:
لم يَزْجُرِ الطير، إن مَرَّتْ به سُنُحاً،
ولا يُفِيضُ علي قِسْمٍ بأَزْلامِ
وقال طَرَفَةُ:
أَخَذَ الأَزْلامَ مُقْتَسِماً،
فأتى أَغْواهما زَلَمَهْ
ويقال: مرَّ بنا فلان يَزْلِم زَلَماناً
(* قوله «يزلم زلماناً»أي يسرع)
ويَحْذِم حَذَماناً؛ وقال ابن السكيت في قوله:
...كأنَّها * رَبابِيحُ تَنْزُو أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ
قال: الربابيح القُرود العظام، واحدها رُبَّاح.
والمُزَلَّمُ: القصير الذنب. ابن سيده: والمُزَلَّمُ من الرجال القصير
الخفيف الظريف، شبه بالقِدْحِ الصغير. وفرس مُزَلَّمٌ: مُقْتَدِرُ
الخَلْق. ويقال للرجل إذا كان خفيف الهيئة وللمرأة التي ليست بطويلة: رجل
مُزَلَّمٌ وامرأَة مُزَلَّمَة مثل مُقذَّذَةٍ. وزَلَّمَ غِذاءه: أَساءه فصغُر
جِرمه لذلك. وقالوا: هو العبد زُلْماً؛ عن اللحياني، وزُلْمَةً وزُلَمَةً
وزَلْمَةً وزَلَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ العَبد وحَذْوُهُ حَذوُهُ، وقيل:
معناه كأَنه يشبه العبد حتى كأنه هو؛ عن اللحياني، قال: يقال ذلك في
النكرة وكذلك في الأَمة، وفي الصحاح: أَي قُدَّ قَدَّ العبد. يقال: هذا العبد
زُلْماً يا فتى أَي قَدّاً وحَذْواً، وقيل: معنى كل ذلك حَقّاً. وعطاء
مُزَلَّم: قليل. وزَلَّمْتُ عطاءه: قللته. والمُزَلَّم: الرجل القصير. ابن
الأَعرابي: المُزَلَّمُ والمُزَنَّمُ الصغير الجُثَّةِ، والمُزَلَّمُ
السيِّء الغذاء.
والزَّلَمَةُ: هَنَةٌ معلقة في حلق الشاة، فإذا كانت في الأُذن فهي
زَنَمَةٌ، وقد زَنَّمْتُها؛ وأَنشد:
بات يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ
وقال الليث: الزَّلَمَة تكون للمِعْزى في حلوقها متعلقة كالقُرْط ولها
زَلَمتان، وإذا كانت في الأُذن فهي زَنَمَةٌ، بالنون، والنعت أَزْلَمُ
وأَزْنَمُ، والأُنثى زَلْماء وزَنماء، والمُزَنَّمُ: المقطوع طرف الأُذن.
والمزَلَّمُ والمُزَنَّم من الإبل: الذي تقطع أُذنه وتترك له زَلَمَةٌ أَو
زَنَمَةٌ؛ قال أَبو عبيد: وإنما يفعل ذلك بالكِرامِ منها. وشاة زَلْماء:
مثل زَنْماء، والذكر أَزْلَمُ. ابن شميل: ازْدَلَم فلان رأْس فلان أَي
قطعه، وزَلَم الله أَنفه.
وأَزْلامُ البقر: قوائمها، قيل لها أَزْلامٌ
للطافتها، شبهت بأَزْلامِ القِداح. والزَّلَمُ والزُّلَمُ: الظِّلْفُ؛
الأَخيرة عن كراع، والجمع أَزْلامٌ، وخص بعضهم به أَظلاف البقر.
والزَّلَمُ: الزَّمَعُ الذي خلف الأَظلاف، والجمع أَزْلام؛ قال:
تَزِلُّ على الأَرض أَزْلامُهُ،
كما زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ
الآزِحَةُ: الكثيرةُ لحم الأَخْمَص، شبهها بأَزْلامِ القِداحِ، واحدها
زَلَمٌ، وهو القِدْح المَبْرِيّ؛ وقال الأَخْفش: واحد الأَزْلامِ زُلَم
وزَلَم. وفي حديث الهجرة: قال سُراقَة فأَخرجت زُلَماً، وفي رواية:
الأَزْلامَ، وهي القِداح التي كانت في الجاهلية، كان الرجل منهم يضعها في وعاء
له، فإذا أَراد سفراً أَو رَواحاً أَو أَمراً مُهِمّاً أَدخل يده فأَخرج
منها زُلَماً، فإن خرج الأَمرُ مضى لشأْنه، وإن خرج النهي كَفَّ عنه ولم
يفعله. والأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدهر، وقيل: الدهر الشديد، وقيل: الشديد
المرّ، وقيل: هو المتعلق به البَلايا والمَنايا، وقال يعقوب: سمي بذلك لأَن
المنايا مَنُوطة به تابعة له؛ قال الأَخطل:
يا بِشْرُ، لو لم أكُنْ منكم بمَنزلةٍ،
أَلْقَى عليَّ يَدَيْهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ
وهو الأَزْنَمُ الجَذَعُ، فمن قالها بالنون فمعناه أَن المنايا منوطة
به، أخذها من زَنَمَةِ الشاة، ومن قال الأَزْلَم أَراد خفتها؛ قال ابن بري:
وقال عباس بن مرْداسٍ:
إني أَرَى لكَ أَكْلاً لا يَقومُ به،
من الأَكولة، إلاَّ الأَزْلَمُ الجَذَع
قال: وقيل البيت لمالك بن ربيعة العامِرِيّ يقوله لأَبي خُباشة عامر بن
كعب بن عبد الله بن أُبَيّ بن كِلاب، وأَصل الأَزْلَمِ الجَذَعِ
الوَعِلُ.ويقال للوعِلِ: مُزَلَّم؛ وقال:
لو كان حَيٌّ ناجِياً لَنَجَا،
من بومه، المُزَلَّمُ الأَعْصَمُ
وقد ذكر أَن الوُعول والظّباء لا يسقط لها سنّ فهي جُذْعان أَبداً،
وإنما يريدون أَن الدهر على حال واحدة. وقالوا: أَوْدَى به الأَزْلَمُ
الجَذَعُ والأَزْنَمُ الجَذَعُ أي أَهلكه الدهر، يقال ذلك لما ولَّى وفات
ويُئِسَ منه. ويقال: لا آتيه الأَزْلَمَ الجَذَعَ أَي لا آتيه أَبداً، ومعناه
أَن الدهر باقٍ على حاله لا يتغير على طول إناه فهو أَبداً جَذَعٌ
لا يُسِنُّ.
والزَّلْماء: الأُرْوِيَّةُ، وقيل: أُنثى الصُّقور؛ كلاهما عن كراع.
وزَلَمَ الإناء: ملأه؛ هذه عن أَبي حنيفة. وزَلَمْتُ الحوض فهو مَزْلومٌ
إذا ملأته؛ وقال:
حابية كالثَّغَبِ المَزْلوم
أَبو عمرو: الأَزْلامُ الوِبارُ، واحدها زَلَمٌ؛ وقال قُحَيْفٌ:
يبيتُ مع الأَزْلامِ في رأْس حالقٍ،
ويَرْتادُ ما لم تَحْتَرِزْه المَخاوِفُ
وفي حديث سَطِيحٍ:
أَم فاد فازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ
قال ابن الأَثير: فازْلَمَّ أَي ذهب مسرعاً، والأَصل فيه ازْلأَمَّ فحذف
الهمزة تخفياً، وقيل: أَصلها ازْلامَّ كأشْهابَّ، فحذف الأَلف تخفياً،
وقيل: أزلَمَّ قبض، والعَنَنُ: الموت أي عرض له الموت فقبضه.
وزُلَيْم وزَلاَّمٌ: إسمان.
وازْلأَمَّ القومُ ازْلِئْماماً: ارتحلوا؛ قال العجاج:
واحتملوا الأُمور فازْلأَمُّوا
والمُزْلَئِمُّ: الذاهب الماضي، وقيل: هوالمرتفع في سير أَو غيره؛ قال
كُثَيِّر:
تَأَرَّض أَخْفافُ المُناخَةِ منهم
مكان الي قد بُعِّدَتْ فازْلأَمَّت
أَي ذهبت فمضت، وقيل: ارتفعت في سيرها. ويقال للرجل إذا نهض فانتصب: قد
ازْلأَمَّ. وازْلأَمَّ النهار إذا ارتفع. وزْلأَمَّت الضُّحى: انبسطت.
الجوهري: ازْلأَمَّ القومُ إزْلِئماماً أَي ولَّوا سِراعاً. وازْلأَمَّ
الشيءُ: انتصب. وازْلأَمَّ النهار إذا ارتفع ضَحاؤه، وقيل في شَأْوِ
العَنَنِ: إنه اعتراض الموت على الخَلْقِ.
حرجل: الحُرْجُل والحُــرَاجِل: الطويل. وحَرْجَل إِذا طال. والحُرْجُل:
الطويل الرِّجْلَين؛ ذكره أَبو عبيد. والحَرْجَل والحَرْجَلَة: الجماعة من
الخيل، تميمِية؛ وأََنشد الأَزهري في ترجمة عرضن:
تَعْدُو العِرَضْنَى خَيْلُهم حَــرَاجِلــا
وقال: حَــرَاجِل وَعــرَاجِل جماعات. وفي التهذيب: الحَرْجَل قَطِيع من
الخيل. وجاء القوم حَــرَاجِلَــة على خيلهم وعَــرَاجِلَــة أَي مُشَاة.
والحَرْجَلَة: العَرَج. والحَرْجَلة: الجماعة من الناس كالعَرْجَلَة،
ولا يكونون إِلا مُشَاة.
ويقال: حَرْجَل الرجلُ إِذا تَمَّم صَفًّا في صلاة وغيرها، ويقال له:
حَرْجِلْ أَي تَمِّمْ.
والحَرْجَلَة: القطعة من الجراد. والحَرْجَلَة: الحَرَّة من الأَرض؛
حكاها أَبو حنيفة في كتاب النبات ولم يحكها غيره. وحَرْجَل: اسم.
جرد: جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ: قشَره؛ قال:
كأَنَّ فداءَها، إِذْ جَرَّدُوهُ
وطافوا حَوْله، سُلَكٌ يَتِيمُ
ويروى حَرَّدُوهُ، بالحاء المهملة وسيأْتي ذكره. واسمُ ما جُرِدَ منه:
الجُرادَةُ. وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْداً: نزع عنه الشعر، وكذلك
جَرَّدَه؛ قال طَرَفَةُ:
كسِبْتِ اليماني قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ
ويقال: رجل أَجْرَدُ لا شعر عليه.
وثَوْبٌ جَرْدٌ: خَلَقٌ قد سَقَطَ زِئْبِرُهُ، وقيل: هو الذي بين الجديد
والخَلَق؛ قال الشاعر:
أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً؟
هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟
أَي لا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قد خَرَّقته الرماح فأَيُّ...
تُصِلحُ
(* قوله «فأيِّ تصلح» كذا بنسخة الأصل المنسوبة إلى المؤلف ببياض
بين أيّ وتصلح ولعل المراد فأي أمر أو شأن أو شعب أو نحو ذلك.)
بَعْدَهُ. والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب، وأَثْوابٌ جُرُودٌ؛ قال كُثَيِّرُ
عزة:فلا تَبْعَدَنْ تَحْتَ الضَّريحةِ أَعْظُمٌ
رَميمٌ، وأَثوابٌ هُناكَ جُرودُ
وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كذلك؛ قال الهذلي:
وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ، شَفَيْنا أُحاحَهُ
غَدَاتَئِذٍ، في جَرْدَةٍ، مُتَماحِلِ
بَوْشِيٌّ: كثير العيال. متماحِلٌ: طويل: شفينا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه.
والجَرْدَةُ، بالفتح: البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ.
وانْجَرَدَ الثوبُ أَي انسَحَق ولانَ، وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ؛ وفي حديث
أَبي بكر، رضي الله عنه: ليس عندنا من مال المسلمين إِلاَّ جَرْدُ هذه
القَطِيفَةِ أَي التي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ. وفي حديث عائشة، رضوان
الله عليها: قالت لها امرأَة: رأَيتُ أُمي في المنام وفي يدها شَحْمَةٌ
وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ، تصغير جَرْدَة، وهي الخِرْقة البالية.
والجَرَدُ من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ، والجمع الأَجاردُ. والجَرَدُ: فضاءٌ لا
نَبْتَ فيه، وهذا الاسم للفضاء؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار وحش وأَنه يأْتي
الماء ليلاً فيشرب:
يَقْضِي لُبَانَتَهُ بالليلِ، ثم إِذا
أَضْحَى، تَيَمَّمَ حَزْماً حَوْلهُ جَرَدُ
والجُرْدَةُ، بالضم: أَرض مسْتوية متجرِّدة. ومكانٌ جَرْدٌ وأَجْرَدُ
وجَرِدٌ، لا نبات به، وفضاءٌ أَجْرَدُ. وأَرض جَرْداءُ وجَرِدَةٌ، كذلك،
وقد جَرِدَتْ جَرَداً وجَرَّدَها القحطُ تَجْريداً. والسماءُ جَرْداءُ إِذا
لم يكن فيها غَيْم من صَلَع. وفي حديث أَبي موسى: وكانت فيها أَجارِدُ
أَمْسَكَتِ الماءَ أَي مواضعُ منْجَرِدَة من النبات؛ ومنه الحديث:
تُفْتَتحُ الأَريافُ فيخرج إِليها الناسُ، ثم يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم في
أَرض جَرَديَّة؛ قيل: هي منسوبة إِلى الجَرَدِ، بالتحريك، وهي كل أَرض
لا نبات بها. وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ: فرميته على جُرَيداءِ مَتْنِهِ أَي
وسطه، وهو موضع القفا المنْجَرِد عن اللحم تصغيرُ الجَرْداء.
وسنة جارودٌ: مُقْحِطَةٌ شديدة المَحْلِ. ورجلٌ جارُودٌ: مَشْو ومٌ،
منه، كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ. وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْداً: سأَلهم
فمنعوه أَو أَعطَوْه كارهين. والجَرْدُ، مخفف: أَخذُك الشيءَ عن الشيءِ
حَرْقاً وسَحْفاً، ولذلك سمي المشؤوم جاروداً، والجارودُ العَبْدِيُّ: رجلٌ
من الصحابة واسمه بِشْرُ بنُ عمرو من عبد القيس، وسمي الجارودَ لأَنه
فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله من بني شيبان وبإِبله داء، ففشا ذلك الداء في
إِبل أَخواله فأَهلكها؛ وفيه يقول الشاعر:
لقد جَرَدَ الجارودُ بكرَ بنَ وائِلِ
ومعناه: شُئِمَ عليهم، وقيل: استأْصل ما عندهم. وللجارود حديث، وقد صحب
النبي، صلى الله عليه وسلم، وقتل بفارس في عقبة الطين. وأَرض جَرْداءُ:
فضاء واسعة مع قلة نبت. ورجل أَجْرَدُ: لا شعر على جسده. وفي صفته، صلى
الله عليه وسلم: أَنه أَجرَدُ ذو مَسْرَبةٍ؛ قال ابن الأَثير: الأَجرد الذي
ليس على بدنه شعر ولم يكن، صلى الله عليه وسلم، كذلك وإِنما أَراد به
أَن الشعر كان في أَماكن من بدنه كالمسربة والساعدين والساقين، فإِن ضدَّ
الأَجْرَد الأَشعرُ، وهو الذي على جميع بدنه شعر. وفي حديث صفة أَهل
الجنة: جُرْذ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون، وخَدٌّ أَجْرَدُ، كذلك. وفي حديث أَنس:
أَنه أَخرج نعلين جَرْداوَيْن فقال: هاتان نعلا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، أَي لا شعر عليهما. والأَجْرَدُ من الخيلِ والدوابِّ كلِّها: القصيرُ
الشعرِ حتى يقال إِنه لأَجْرَدُ القوائم. وفرس أَجْرَدُ: قصير الشعر،
وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ، وكذلك غيره من الدواب وذلك من علامات العِتْق
والكَرَم؛ وقولهم: أَجردُ القوائم إِنما يريدون أَجردُ شعر القوائم؛
قال:كأَنَّ قتودِي، والقِيانُ هَوَتْ به
من الحَقْبِ، جَردَاءُ اليدين وثيقُ
وقيل: الأَجردُ الذي رقَّ شعره وقصر، وهو مدح. وتَجَرَّد من ثوبه
وانجَرَدَ: تَعرَّى. سيبويه: انجرد ليست للمطاوعة إِنما هي كَفَعَلْتُ كما
أَنَّ افتَقَرَ كضَعُفَ، وقد جَرَّده من ثوبه؛ وحكى الفارسيُّ عن ثعلب:
جَرَّدهُ من ثوبه وجرَّده إِياه. ويقال أَيضاً: فلان حسنُ الجُرْدةِ
والمجرَّدِ والمتجرَّدِ كقولك حَسَنُ العُريةِ والمعَرّى، وهما بمعنى.
والتجريدُ: التعرية من الثياب. وتجريدُ السيف: انتضاؤه. والتجريدُ:
التشذيبُ. والتجرُّدُ: التعرِّي. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَنورَ المتجرِّدِ أَي ما جُرِّدَ عنه الثياب من جسده وكُشِف؛ يريد أَنه كان
مشرق الجسد. وامرأَة بَضَّةُ الجُرْدةِ والمتجرَّدِ والمتجرَّدِ، والفتح
أَكثر، أَي بَضَّةٌ عند التجرُّدِ، فالمتجرَّدِ على هذا مصدر؛ ومثل هذا
فلان رجلُ حرب أَي عند الحرب، ومن قال بضة المتجرِّد، بالكسر، أَراد
الجسمَ. التهذيب: امرأَةٌ بَضَّةُ المتجرَّدِ إِذا كانت بَضَّةَ البَشَرَةِ
إِذا جُرِّدَتْ من ثوبها.
أَبو زيد: يقال للرجل إِذا كان مُسْتَحْيياً ولم يكن بالمنبسِطِ في
الظهور: ما أَنتَ بمنجَرِدِ السِّلْكِ.
والمتجرِّدةُ: اسم امرأَةِ النعمانِ بن المنذِر ملك الحَيرةِ. وفي حديث
الشُّراةِ: فإِذا ظهروا بين النَّهْرَينِ لم يُطاقوا ثم يَقِلُّون حتى
يكون آخرهُم لُصوصاً جرَّادين أَي يُعْرُون الناسَ ثيابهم ويَنْهَبونها؛
ومنه حديث الحجاج؛ قال الأَنس: لأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرِّدُ الضبُّ أَي
لأَسْلُخَنَّك سلخَ الضبِّ، لأَنه إِذا شوي جُرَّدَ من جلده، ويروى:
لأَجْرُدَنَّك، بتخفيف الراء.
والجَرْدُ: أَخذ الشيء عن الشيء عَسْفاً وجَرْفاً؛ ومنه سمي الجارودُ
وهي السنة الشديدة المَحْل كأَنها تهلك الناس؛ ومنه الحديث: وبها سَرْحةٌ
سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً لم تُقْتَلْ ولم تُجَرَّدْ أَي لم تصبها آفة
تهلك ثَمرها ولا ورقها؛ وقيل: هو من قولهم جُرِدَتِ الأَرضُ، فهي مجرودة
إِذا أَكلها الجرادُ.
وجَرَّدَ السيفَ من غِمْدِهِ: سَلَّهُ. وتجرَّدَتِ السنبلة وانجَرَدَتْ:
خرجت من لفائفها، وكذلك النَّورُ عن كِمامِهِ. وانجردت الإِبِلُ من
أَوبارها إِذا سقطت عنها. وجَرَّدَ الكتابَ والمصحفَ: عَرَّاه من الضبط
والزيادات والفواتح؛ ومنه قول عبدالله بن مسعود وقد قرأَ عنده رجل فقال
أَستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال: جَرِّدوا القرآنَ لِيَرْبُوَ فيه
صغيركم ولا يَنْأَى عنه كبيركم، ولا تَلبِسوا به شيئاً ليس منه؛ قال ابن
عيينة: معناه لا تقرنوا به شيئاً من الأَحاديث التي يرويها أَهل الكتاب ليكون
وحده مفرداً، كأَنه حثَّهم على أَن لا يتعلم أَحد منهم شيئاً من كتب الله
غيره، لأَن ما خلا القرآن من كتب الله تعالى إِنما يؤخذ عن اليهود
والنصارى وهم غير مأْمونين عليها؛ وكان إِبراهيم يقول: أَراد بقوله جَرِّدوا
القرآنَ من النَّقْط والإِعراب والتعجيم وما أَشبهها، واللام في ليَرْبُوَ
من صلة جَرِّدوا، والمعنى اجعلوا القرآن لهذا وخُصُّوه به واقْصُروه
عليه، دون النسيان والإِعراض عنه لينشأَ على تعليمه صغاركم ولا يبعد عن
تلاوته وتدبره كباركم.
وتجرَّدَ الحِمارُ: تقدَّمَ الأُتُنَ فخرج عنها. وتجَرَّدَ الفرسُ
وانجرَدَ: تقدَّم الحَلْبَةَ فخرج منها ولذلك قيل: نَضَا الفرسُ الخيلَ إِذا
تقدّمها، كأَنه أَلقاها عن نفسه كما ينضو الإِنسانُ ثوبَه عنه.
والأَجْرَدُ: الذي يسبق الخيلَ ويَنْجَرِدُ عنها لسرعته؛ عن ابن جني. ورجلٌ
مُجْرَد، بتخفيف الراء: أُخْرِجَ من ماله؛ عن ابن الأَعرابي. وتجَرَّدَ العصير:
سكن غَلَيانُه. وخمرٌ جَرداءُ: منجردةٌ من خُثاراتها وأَثفالها؛ عن أَبي
حنيفة؛ وأَنشد للطرماح:
فلما فُتَّ عنها الطينُ فاحَتْ،
وصَرَّح أَجْرَدُ الحَجَراتِ صافي
وتجَرَّدَ للأَمر: جَدَّ فيه، وكذلك تجَرَّد في سيره وانجَرَدَ، ولذلك
قالوا: شَمَّرَ في سيره. وانجرَدَ به السيرُ: امتَدَّ وطال؛ وإِذا جَدَّ
الرجل في سيره فمضى يقال: انجرَدَ فذهب، وإِذا أَجَدَّ في القيام بأَمر
قيل: تجَرَّد لأَمر كذا، وتجَردَّ للعبادة؛ وروي عن عمر: تجرَّدُوا بالحج
وإِن لم تُحرِموا. قال إِسحق بن منصور: قلت لأَحمد ما قوله تجَرَّدوا
بالحج؟ قال: تَشَبَّهوا بالحاج وإِن لم تكونوا حُجَّاجاً، وقال إِسحق بن
إِبراهيم كما قال؛ وقال ابن شميل: جَرَّدَ فُلانٌ الحَجَّ وتجَرَّدَ بالحج
إِذا أَفرده ولم يُقْرِنْ.
والجرادُ: معروف، الواحدةُ جَرادة تقع على الذكر والأُنثى. قال الجوهري:
وليس الجرادُ بذكر للجرادة وإِنما هو اسم للجنس كالبقر والبقرة والتمر
والتمرة والحمام والحمامة وما أَشبه ذلك، فحقُّ مذكره أَن لا يكون مؤنثُه
من لفظه لئلا يلتبس الواحدُ المذكرُ بالجمع؛ قال أَبو عبيد: قيل هو
سِرْوَةٌ ثم دبى ثم غَوْغاءُ ثم خَيْفانٌ ثم كُتْفانُ ثم جَراد، وقيل: الجراد
الذكر والجرادة الأُنثى؛ ومن كلامهم: رأَيت جَراداً على جَرادةٍ كقولهم:
رأَيت نعاماً على نعامة؛ قال الفارسي: وذلك موضوعٌ على ما يحافظون عليه،
ويتركون غيرَه بالغالب إِليه من إِلزام المؤَنث العلامةَ المشعرةَ
بالتأْنيث، وإِن كان أَيضاً غير ذلك من كلامهم واسعاً كثيراً، يعني المؤَنث
الذي لا علامة فيه كالعين والقدْر والعَناق والمذكر الذي فيه علامةُ
التأْنيث كالحمامة والحَيَّة؛ قال أَبو حنيفة: قال الأَصمعي إِذا اصفَرَّت
الذكورُ واسودت الإِناثُ ذهب عنه الأَسماء إِلا الجرادَ يعني أَنه اسم لا
يفارقها؛ وذهب أَبو عبيد في الجراد إِلى أَنه آخر أَسمائه كما تقدم. وقال
أَعرابي: تركت جراداً كأَنه نعامة جاثمة.
وجُردت الأَرضُ، فهي مجرودةٌ إِذا أَكل الجرادُ نَبْتَها. وجَرَدَ
الجرادُ الأَرضَ يَجْرُدُها جَرْداً: احْتَنَكَ ما عليها من النبات فلم يُبق
منه شيئاً؛ وقيل: إِنما سمي جَراداً بذلك؛ قال ابن سيده: فأَما ما حكاه
أَبو عبيد من قولهم أَرضٌ مجرودةٌ، من الجراد، فالوجه عندي أَن يكون
مفعولةً من جَرَدَها الجرادُ كما تقدم، وللآخر أَن يعني بها كثرةَ الجراد، كما
قالوا أَرضٌ موحوشةٌ كثيرةُ الوحش، فيكون على صيغة مفعول من غير فعل إِلا
بحسب التوهم كأَنه جُردت الأَرض أَي حدث فيها الجراد، أَو كأَنها
رُميَتْ بذلك، فأَما الجرادةُ اسم فرس عبدالله بن شُرَحْبيل، فإِنما سميت بواحد
الجراد على التشبيه لها بها، كما سماها بعضهم خَيْفانَةً. وجَرادةُ
العَيَّار: اسم فرس كان في الجاهلية. والجَرَدُ: أَن يَشْرَى جِلْدُ الإِنسان
من أَكْلِ الجَرادِ. وجُردَ الإِنسانُ، بصيغة ما لم يُسَمَّ فاعلهُ،
إِذا أَكل الجرادَ فاشتكى بطنَه، فهو مجرودٌ. وجَرِدَ الرجلُ، بالكسر،
جَرَداً، فهو جَرِدٌ: شَرِيَ جِلْدُه من أَكل الجرادِ. وجُرِدَ الزرعُ: أَصابه
الجرادُ. وما أَدري أَيُّ الجرادِ عارَه أَي أَيُّ الناس ذهب به. وفي
الصحاح: ما أَدري أَيُّ جَرادٍ عارَه.
وجَرادَةُ: اسمُ امرأَةٍ ذكروا أَنها غَنَّتْ رجالاً بعثهم عاد إِلى
البيت يستسقون فأَلهتهم عن ذلك؛ وإِياها عنى ابن مقبل بقوله:
سِحْراً كما سَحَرَتْ جَرادَةُ شَرْبَها،
بِغُرورِ أَيامٍ ولَهْوِ ليالِ
والجَرادَتان: مغنيتان للنعمان؛ وفي قصة أَبي رغال: فغنته الجرادَتان.
التهذيب: وكان بمكة في الجاهلية قينتان يقال هما الجرادتان مشهورتان بحسن
الصوت والغناء.
وخيلٌ جريدة: لا رَجَّالَةَ فيها؛ ويقال: نَدَبَ القائدُ جَريدَةً من
الخيل إِذا لم يُنْهِضْ معهم راجلــاً؛ قال ذو الرمة يصف عَيْراً
وأُتُنَه:يُقَلِّبُ بالصَّمَّانِ قُوداً جَريدةً،
تَرامَى به قِيعانُهُ وأَخاشِبُه
قال الأَصمعي: الجَريدةُ التي قد جَرَدَها من الصِّغار؛ ويقال: تَنَقَّ
إِبلاً جريدة أَي خياراً شداداً. أَبو مالك: الجَريدةُ الجماعة من
الخيل.والجاروديَّةُ: فرقة من الزيدية نسبوا إِلى الجارود زياد بن أَبي
زياد.ويقال: جَريدة من الخيل للجماعة جردت من سائرها لوجه. والجَريدة: سَعفة
طويلة رطبة؛ قال الفارسي: هي رطبةً سفعةٌ ويابسةً جريدةٌ؛ وقيل: الجريدة
للنخلة كالقضيب للشجرة، وذهب بعضهم إِلى اشتقاق الجريدة فقال: هي السعفة
التي تقشر من خوصها كما يقشر القضيب من ورقه، والجمع جَريدٌ وجَرائدُ؛
وقيل: الجريدة السعَفة ما كانت، بلغة أَهل الحجاز؛ وقيل: الجريد اسم واحد
كالقضيب؛ قال ابن سيده: والصحيح أَن الجريد جمع جريدة كشعير وشعيرة، وفي
حديث عمر: ائْتني بجريدة. وفي الحديث: كتب القرآن في جَرائدَ، جمع جريدة؛
الأَصمعي: هو الجَريد عند أَهل الحجاز، واحدته جريدة، وهو الخوص
والجردان. الجوهري: الجريد الذي يُجْرَدُ عنه الخوص ولا يسمى جريداً ما دام عليه
الخوص، وإِنما يسمى سَعَفاً.
وكل شيء قشرته عن شيء، فقد جردته عنه، والمقشور: مجرود، وما قشر عنه:
جُرادة.
وفي الحديث: القلوب أَربعة: قلب أَجرَدُ فيه مثلُ السراج يُزْهِرُ أَي
ليس فيه غِلٌّ ولا غِشٌّ، فهو على أَصل الفطرة فنور الإِيمان فيه يُزهر.
ويومٌ جَريد وأَجْرَدُ: تامّ، وكذلك الشهر؛ عن ثعلب. وعامٌ جَريد أَي
تامّ. وما رأَيته مُذْ أَجْرَدانِ وجَريدانِ ومُذْ أَبيضان: يريدُ يومين
أَو شهرين تامين.
والمُجَرَّدُ والجُردانُ، بالضم: القضيب من ذوات الحافر؛ وقيل: هو الذكر
معموماً به، وقيل هو في الإِنسان أَصل وفيما سواه مستعار؛ قال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِير من سَكَرٍ،
نادَيْنَ: يا أَعظَمَ القِسَّين جُرْدانا
الجمع جَرادين.
والجَرَدُ في الدواب: عيب معروف، وقد حكيت بالذال المعجمة، والفعل منه
جَرِدَ جَرَداً. قال ابن شميل: الجَرَدُ ورم في مؤَخر عرقوب الفرس يعظم
حتى يمنعَه المشيَ والسعيَ؛ قال أَبو منصور: ولم أَسمعه لغيره وهو ثقة
مأْمون.
والإِجْرِدُّ: نبت يدل على الكمأَة، واحدته إِجْرِدَّةٌ؛ قال:
جَنَيْتُها من مُجْتَنىً عَويصِ،
من مَنْبِتِ الإِجْرِدِّ والقَصيصِ
النضر: الإِجْرِدُّ بقل يقال له حب كأَنه الفلفل، قال: ومنهم من يقول
إِجْرِدٌ، بتخفيف الدال، مثل إِثمد، ومن ثقل، فهو مثل الإِكْبِرِّ، يقال:
هو إِكْبِرُّ قومه.
وجُرادُ: اسم رملة في البادية. وجُراد وجَراد وجُرادَى: أَسماء مواضع؛
ومنه قول بعض العرب: تركت جَراداً كأَنها نعامة باركة. والجُراد
والجُرادة: اسم رملة بأَعلى البادية. والجارد وأُجارد، بالضم: موضعان أَيضاً،
ومثله أُباتر. والجُراد: موضع في ديار تميم. يقال: جَرَدُ القَصِيم والجارود
والمجرد وجارود أَسماء رجال. ودَرابُ جِرْد: موضع. فأَما قول سيبويه:
فدراب جرد كدجاجة ودراب جردين كدجاجتين فإِنه لم يرد أَن هنالك دراب
جِرْدين، وإِنما يريد أَن جِرْد بمنزلة الهاء في دجاجة، فكما تجيء بعلم التثنية
بعد الهاء في قولك دجاجتين كذلك تجيء بعلم التثنية بعد جرد، وإِنما هو
تمثيل من سيبويه لا أَن دراب جردين معروف؛ وقول أَبي ذؤيب:
تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ
بِجَرْداءَ، مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو عُرابُها
يعني صخرة ملساء؛ قال ابن بري يصف مشتاراً للعسل تدلى على بيوت النحل.
والسبّ: الحبل. والخيطة: الوتد. والهاء في قوله عليها تعود على النحل.
وقوله: بجرداء يريد به صخرة ملساء كما ذكر. والوكف: النطع شبهها به
لملاستها، ولذلك قال: يكبو غرابها أَي يزلق الغراب إِذا مشى عليها؛ التهذيب: قال
الرياشي أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم:
أَلا لها الوَيْلُ على مُبين،
على مبين جَرَدِ القَصِيم
قال ابن بري: البيت لحنظلة بن مصبح، وأَنشد صدره:
يا رِيَّها اليومَ على مُبين
مبين: اسم بئر، وفي الصحاح: اسم موضع ببلاد تميم.
والقَصِيم: نبت.
والأَجاردة من الأَرض: ما لا يُنْبِتُ؛ وأَنشد في مثل ذلك:
يطعُنُها بخَنْجَرٍ من لحم،
تحت الذُّنابى في مكانٍ سُخْن
وقيل: القَصيم موضع بعينه معروف في الرمال المتصلة بجبال الدعناء. ولبن
أَجْرَدُ: لا رغوة له؛ قال الأَعشى:
ضَمِنَتْ لنا أَعجازَه أَرماحُنا،
مِلءَ المــراجِلِ، والصريحَ الأَجْرَدا
سخن: السُّخْنُ، بالضم: الحارُّ ضدّ البارد، سَخُنَ الشيءُ والماءُ،
بالضم، وسَخَنَ، بالفتح، وسَخِنَ؛ الأَخيرة لغة بني عامر، سُخونة وسَخانةً
وسُخْنة وسُخْناً وسَخَناً وأَسْخَنَه إِسْخاناً وَسخَّنَه وسَخُنَتْ
الأَرض وسَخِنَتْ وسَخُنَت عليه الشمس؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وبنو عامر
يَكْسِرون. وفي حديث معاوية بن قُرّة: شَرُّ الشتاء السَّخينُ أَي الحارّ
الذي لا برد فيه. قال: والذي جاء في غريب الحَرْبيّ: شرُّ الشتاءِ
السُّخَيْخِين، وشرحه أَنه الحارّ الذي لا برد فيه، قال: ولعله من تحريف
النَّقَلة. وفي حديث أَبي الطُّفَيْل: أَقبل رهْطٌ معهم امرأَة فخرجوا وتركوها مع
أَحدهم فشهد عليه رجل منهم فقال: رأَيت سَخينَته تَضْرب اسْتَها يعني
بَيْضَتيه لحرارتهما. وفي حديث واثلة: أَنه، عليه السلام، دَعا بقُرْصٍ
فكسره في صَحْفة ثم صَنَعَ فيها ماءً سُخْناً؛ ماء سُخْن، بضم السين وسكون
الخاء، أَي حارّ. وماء سَخِينٌ ومُسَخَّنٌ وسِخِّين وسُخاخِينٌ: سُخْنٌ،
وكذلك طعام سُخاخِين. ابن الأَعرابي: ماءٌ مُسْخَنٌ وسَخِين مثل مُتْرَص
وتَريصٍ ومُبرَم وبَريمٍ؛ وأَنشد لعمرو ابن كلثوم:
مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فيها،
إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا.
قال: وقول من قال جُدْنا بأَموالنا فليس بشيء؛ قال ابن بري: يعني أَنّ
الماء الحارّ إذا خالطها اصْفَرَّت، قال: وهذا هو الصحيح؛ وكان الأَصمعي
يذهب إلى أَنه من السَّخاء لأَنه يقول بعد هذا البيت:
ترى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ، إذا أُمِرَّتْ
عليه لمالِهِ فيها مُهِينا.
قال: وليس كما ظن لأَن ذلك لقب لها وذا نعت لفعلها، قال: وهو الذي عناه
ابن الأَعرابي بقوله: وقول من قال جُدْنا بأَموالنا ليس بشيء، لأَنه كان
ينكر أَن يكون فعيل بمعنى مُفْعَل، ليبطل به قول ابن الأَعرابي في صفته:
الملدوغ سليم؛ إنه بمعنى مُسْلَم لما به. قال: وقد جاء ذلك كثيراً، أَعني
فعيلاً بمعنى مُفْعَل مثل مُسْخَن وسَخِين ومُتْرَص وتَرِيص، وهي أَلفاظ
كثيرة معدودة. يقال: أََعْقَدْتُ العسلَ فهو مُعْقَدُ وعَقِيد،
وأَحْبَسْته فرساً في سبيل الله فهو مُحْبَسٌ وحَبِيس، وأَسْخَنْتُ الماءَ فهو
مُسْخَنٌ وسَخِين، وأَطْلَقْتُ الأَسيرَ فهو مُطْلَقٌ وطَلِيق، وأَعْتَقْت
العبدَ فهو مُعْتَق وعَتِيق، وأَنْقَعْتُ الشرابَ فهو مُنْقَع ونَقِيع،
وأَحْبَبْتُ الشيءَ فهو مُحَبٌّ وحَبِيبٌ، وأَطْرَدْتُه فهو مُطْرَد
وطَرِيد أَي أَبعدته، وأَوْجَحْتُ الثوبَ إذا أَصْفَقْته فهو مُوجَحٌ
ووَجِيحٌ، وأَتْرَصْتُ الثوبَ أَحْكمته فهو مُترَص وتَرِيص، وأَقْصَيْتُه فهو
مُقْصىً وقَصِيٌّ، وأَهْدَيْت إلى البيت هَدْياً فهو مُهْدَى وهَدِيٌّ،
وأَوصيت له فهو مُوصىً ووَصِيٌّ، وأَجْنَنْتُ الميتَ فهو مُجَنٌ وجَنين،
ويقال لولد الناقة الناقص الخَلْق مُخْدَجٌ وخَديجٌ؛ قال: ذكره الهروي، وكذلك
مُجْهَضٌ وجَهِيض إذا أَلقته من شدّة السير، وأُبْرَمْتُ الأمرَ فهو
مُبْرَمٌ وبَرِيمٌ، وأَبْهَمْتُه فهو مُبْهَم وبَهِيمٌ، وأَيْتَمه الله فهو
مُوتَم ويَتِيم، وأَنْعَمه الله فهو مُنعَمٌ ونَعِيم، وأُسْلِمَ
الملْسُوعُ لما به فهو مُسْلَم وسَلِيم، وأَحْكَمْتُ الشيءَ فهو مُحْكَم وحَكيم؛
ومنه قوله عز وجل: تلك آياتُ الكتابِ الحكيم؛ وأَبْدَعْته فهو مُبْدَع
وبَدِيع، وأَجْمَعْتُ الشيء فهو مُجْمَع وجَمِيع، وأَعْتَدْتُه بمعنى
أَعْدَدْته فهو مُعْتَد وعَتيد؛ قال الله عز وجل: هذا ما لَدَيّ عَتِيد؛ أَي
مُعْتَدٌ مُعَدٌّ؛ يقال: أَعددته وأَعتدته وأَعتدته بمعنى، وأَحْنَقْتُ
الرجل أَغضبه فهو مُحْنَقٌ وحَنِيقٌ؛ قال الشاعر:
تَلاقَيْنا بغِينةِ ذي طُرَيْفٍ،
وبعضُهُم على بعضٍ حَنِيقُ.
وأَفْرَدْته فهو مُفْرَد وفَرِيد، وكذلك مُحْرَدٌ وحَرِيد بمعنى مُفْرد
وفَريد، قال: وأَما فعيل بمعنى مُفْعِل فمُبْدِعٌ وبَدِيع، ومُسْمِع
وسَمِيع، ومُونِقٌ وأَنيق، ومُؤْلِم وأَلِيم، ومُكِلٌّ وكَلِيل؛ قال الهذلي:
حتى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلُ
غيره: وماء سُخَاخِينٌ على فُعاليل، بالضم، وليس في الكلام غيره. أَبو
عمرو: ماء سَخِيم وسَخِين للذي ليس بحارٍّ ولا بارد؛ وأَنشد:
إنّ سَخِيمَ الماءِ لن يَضِيرا.
وتَسْخين الماء وإِسْخانه بمعنى. ويومٌ سُخاخينٌ: مثل سُخْن؛ فأَما ما
أَنشده ابن الأَعرابي من قوله:
أُحِبُّ أُمَّ خالِدٍ وخالِداً،
حُبّاً سُخاخِيناً وحُبّاً باردا.
فإِنه فسر السُّخاخين بأَنه المؤذي المُوجِع، وفسر البارد بأَنه الذي
يَسْكُنُ إليه قلبه، قال كراع: ولا نظير لسُخَاخِين. وقد سَخَنَ يومُنا
وسَخُن يَسْخُن، وبعض يقول يَسْخَنُ، وسَخِنَ سُخْناً وسَخَناً. ويوم سُخْن
وساخِن وسُخْنانٌ وسَخْنانٌ: حارٌّ. وليلة سُخْنه وساخنة وسُخْنانة
وسَخْنانة وسَخَنَانة، وسَخُنَتِ النارُ والقِدْر تَسْخُنُ سُخْناً وسُخُونة،
وإني لأَجِدُ في نفْسي سُخْنة وسِخْنة وسَخْنة وسَخَنَةً، بالتحريك،
وسَخْناءَ، ممدود، وسُخونة أَي حَرّاً أَو حُمَّى، وقيل: هي فَضْلُ حرارة
يجدها من وجع. ويقال: عليك بالأَمر عند سُخْنته أَي في أَوله قبل أَن
يَبْرُد. وضَرْبٌ سِخِّين: حارٌّ مُؤْلِم شديد؛ قال ابن مقبل:
ضَرْباً تَواصَتْ به الأَبْطالُ سِخِّينا
والسَّخينةُ: التي ارتفعت عن الحَسَاء وثَقُلَتْ عن أَن تُحْسَى، وهي
طعام يتخذ من الدقيق دون العصيدة في الرقة وفوقَ الحَساء، وإنما يأْكلون
السَّخِينة والنَّفِيتَة في شدَّة الدَّهْرِ وغَلاءِ السِّعْرِ وعَجَِفِ
المالِ. قال الأَزهري: وهي السَّخُونة أَيضاً. وروي عن أَبي الهَيْثم أَنه
كتب أعرابي قال: السَّخِينة دقيق يُلْقَى على ماءٍ أَو لبن فيطبخ ثم
يؤْكل بتمر أَو يُحسَى، وهو الحَسَاءِ. غيره: السَّخِينة تعمل من دقيق وسمن.
وفي حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها جاءت النبي، صلى الله عليه وسلم،
ببُرْمَةٍ فيها سَخِينة أَي طعام حارّ، وقيل: هي طعام يتخذ من دقيق وسمن،
وقيل: دقيق وتمر أَغلظ من الحَسَاء وأَرق من العصيدة، وكانت قريش تكثر من
أَكلها فعُيِّرَتْ بها حتى سُمُّوا سَخِينَة. وفي الحديث: أَنه دخل على
عمه حمزة فصُنِعَتْ لهم سَخِينَةٌ
فأَكلوا منها. وفي حديث معاوية: أَنه مازَحَ الأََحْنَفَ بنَ قيس فقال:
ما الشيءُ المُلَفَّفُ في البِجَادِ؟ قال: هو السَّخِينة يا
أَمير المؤمنين؛ المُلَفَّفُ في البِجاد: وَطْبُ اللبن يُلَفُّ فيه ليَحْمَى
ويُدْرِكَ، وكانت تميم تُعَيِّرُ به. والسَّخِينة: الحَساءِ المذكور، يؤْكل في
الجَدْب، وكانت قريش تُعَيِّرُ بها، فلما مازحه معاوية بما يعاب به قومه
مازحه الأحْنَفُ بمثله. والسَّخُونُ من المرق: ما يُسَخَّنُ؛ وقال:
يُعْجبُه السَّخُونُ والعَصِيدُ،
والتَّمْرُ حُبّاً ما له مَزِيدُ.
ويروى: حتى ما له مزيد. وسَخِينةُ: لقب قريش لأَنها كانت تُعاب بأَكْل
السَّخينة؛ قال كعب بن مالك
(* قوله «قال كعب بن مالك» زاد الأزهري
الأنصاري، والذي في المحكم: قال حسان).:
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَن سَتَغْلِبُ رَبَّها،
ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ.
والمِسْخَنَةُ من البِرامِ: القِدْرُ التي كأَنها تَوْر؛ ابن شُميل: هي
الصغيرة التي يطبخُ فيها للصبي. وفي الحديث: قال له رجل يا رسول الله، هل
أُنزِل عليك طعامٌ من السماء؟ فقال: نعم أُنزل عليّ طعام في مِسْخَنة؛
قال: هي قِدْر كالتَّوْرِ يُسَخَّن فيها الطعام. وسُخْنَةُ العين: نقيضُ
قُرَّتها، وقد سَخِنَت عينه، بالكسر، تَسْخَنُ سَخَناً وسُخْنَةً
وسُخُوناً وأَسْخَنها وأَسْخَنَ بها؛ قال:
أَوهِ أَدِيمَ عِرْضِه، وأَسْخِنِ
بعَيْنِه بعد هُجوعِ الأَعْيُنِ
(* حرك نون أسخن بالكسر وحقها السكون مراعاة للقافية).
ورجل سَخِينُ العين، وأَسْخَن الله عينَه أَي أَبكاه. وقد سخُنَتْ عينه
سُخْنَة وسُخُوناً، ويقال: سَخِنَتْ وهي نقيض قَرّت، ويقال: سَخِنَت عينه
من حرارة تَسْخَن سُخْنَةً؛ وأَنشد:
إذا الماءُ من حالِبَيْه سَخِنْ
قال: وسَخِنَت الأَرض وسَخُنت، وأَما العين فبالكسر لا غير.
والتَّساخين: المَــراجل، لا واحد لها من لفظها؛ قال ابن دريد: إلا أَنه قد يقال
تِسْخان، قال: ولا أَعرف صحة ذلك. وسَخُنَت الدابة إِذا أُجْرِيَت فسَخُنَ
عِظامُها وخَفَّتْ في حُضْرِها؛ ومنه قول لبيد:
رَفَّعْتُها طَرَدَ النَّعامِ وفوْقَهُ،
حتى إذا سَخُنَتْ وخَفَّ عِظامُها.
ويروى سخنت، بالفتح والضم. والتَّساخِينُ: الخِفافُ، لا واحد لها مثل
التَّعاشِيب. وقال ثعلب: ليس للتَّساخين واحد من لفظها كالنساء لا واحد
لها، وقيل: الواحد تَسْخان وتَسْخَن. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم،
بعث سَرِيَّةً فأَمَرهم أَن يَمْسَحُوا على المَشاوِذ والتَّساخين؛
المَشاوذُ: العمائم، والتَّساخِين: الخِفَاف. قال ابن الأَثير: وقال حمزة
الأَصبهاني في كتاب المُوازنة: التَّسْخان تعريب تَشْكَن، وهو اسم غِطاء من
أَغطية الرأْس، كان العلماءُ والمَوَابِذة يأْخذونه على رؤوسهم خاصة دون
غيرهم، قال: وجاء ذكر التَّساخين في الحديث فقال مَنْ تعاطَى تفسيرَه هو
الخُفُّ حيث لم يعرف فارسيته والتاء فيه زائدة. والسَّخاخِينُ المَساحِي،
واحدها سِخِّينٌ، بلغة عبد القيس، وهي مِسْحاة مُنْعَطِفة.
والسِّخِّينُ: مَرُّ المِحْراث؛ عن ابن الأَعرابي، يعني ما يَقْبِضُ عليه الحَرَّاثُ
منه؛ ابن الأَعرابي: هو المِعْزَق والسِّخُّينُ، ويقال للسِّكِّين
السِّخِّينة والشِّلْقاء، قال: والسَّخاخِين سَكاكين الجَزَّار.
ترس: التُّرْس من السلاح: المُتَوَقَّى بها، معروف، وجمعه أَتْراسٌ
وتِراسٌ وتِرَسَةٌ وتُروسٌ؛ قال:
كأَنَّ شَمْسَاً نازَعَتْ شُموسا
دُروعَنا، والبَيْضَ والتُّروسا
قال يعقوب: ولا تقل أَتْرِسَة. وكل شيء تَتَرَّسْتَ به، فهو مِتْرَسَةٌ
لك. ورجل تارِسٌ: ذو تُرْسٍ. ورجل تَرَّاسٌ: صاحب تُرْسٍ. والتَّتَرُّسُ:
التَّسَتُّرُ بالتُّرْسِ، وكذلك التَتْريس. وتَتَرَّس بالتُّرْسِ:
تَوَقَّى، وحكى سيبويه اتَّرَسَ.
والمَتْروسَةُ: ما تُتُرِّسَ به. والتُّرْسُ: خشبة توضع خلف الباب
يُضَبَّبُ بها السرير، وهي المَتَرْسُ بالفارسية. الجوهري: المَتْرَسُ خشبة
توضع خلف الباب. التهذيب: المَتَّرَسُ الشِّجار الذي يوضع قِبَلَ البابِ
دِعامَةً، وليس بعربي، معناه مَتَرْس أَي لا تَخَفْ.
برك: البَرَكة: النَّماء والزيادة. والتَّبْريك: الدعاء للإنسان أو غيره
بالبركة. يقال: بَرَّكْتُ عليه تَبْريكاً أي قلت له بارك الله عليك.
وبارك الله الشيءَ وبارك فيه وعليه: وضع فيه البَرَكَة. وطعام بَرِيك: كأنه
مُبارك. وقال الفراء في قوله رحمة الله وبركاته عليكم، قال: البركات
السعادة؛ قال أبو منصور: وكذلك قوله في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي، صلى الله عليه
وسلم، فقد نال السعادة المباركة الدائمة. وفي حديث الصلاة على النبي، صلى
الله عليه وسلم: وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد أي أَثْبِتْ له وأدم ما
أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من بَرَكَ البعير إذا أناخ في موضع فلزمه؛
وتطلق البَرَكَةُ أيضاً على الزيادة، والأَصلُ الأَولُ. وفي حديث أم سليم:
فحنَّكه وبَرَّك عليه أي دعا له بالبركة. ويقال: باركَ الله لك وفيك
وعليك وتَبَارك الله أي بارك الله مثل قاتَلَ وتَقاتَلَ، إلا أن فاعلَ يتعدى
وتفاعلَ لا يتعدى. وتَبَرّكْتُ به أي تَيَمَّنْتُ به. وقوله تعالى: أن
بُورِكَ مَنْ في النار ومَنْ حولَها؛ التهذيب: النار نور الرحمن، والنور
هو الله تبارك وتعالى، ومَنْ حولها موسى والملائكة. وروي عن ابن عباس: أن
برك من في النار، قال الله تعالى: ومَنْ حولها الملائكة، الفراء: إنه في
حرف أُبَيٍّ أن بُورِكَت النارُ ومنْ حولها، قال: والعرب تقول باركَكَ
الله وبارَكَ فيك، قال الأَزهري: معنى بَرَكة الله عُلُوُّه على كل شيء؛
وقال أبو طالب بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغريبُ، كما بُو
رك نَضْحُ الرُّمَّان والزيتون
وقال:
بارَك فيك اللهُ من ذي ألِّ
وفي التنزيل العزيز: وبارَكْنا عليه. وقوله: بارَكَ الله لنا في الموت؛
معناه بارك الله لنا فيما يؤدينا إليه الموت؛ وقول أبي فرعون:
رُبَّ عجوزٍ عِرْمس زَبُون،
سَرِيعة الرَّدِّ على المسكين
تحسب أنَّ بُورِكاً يكفيني،
إذا غَدَوتُ باسِطاً يَميني
جعل بُورِك اسماً وأعربه، ونحوٌ منه قولهم: من شُبٍّ إلى دُبٍّ؛ جعله
اسماً كدُرٍّ وبُرٍّ وأعربه. وقوله تعالى يعني القرآن: إنا أنزلناه في ليلة
مُباركةٍ، يعني ليلة القدر نزل فيها جُملةً إلى السماء الدنيا ثم نزل
على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شيئاً بعد شيء. وطعام بَرِيكٌ:
مبارك فيه. وما أبْرَكَهُ: جاء فعلُ التعجب على نية المفعول. وتباركَ
الله: تقدَّس وتنزه وتعالى وتعاظم، لا تكون هذه الصفة لغيره، أي تطَهَّرَ.
والقُدْس: الطهر. وسئل أبو العباس عن تفسير تبارَكَ اللهُ فقال: ارتفع.
والمُتبارِكُ: المرتفع. وقال الزجاج: تبارَكَ تفاعَلَ من البَرَكة، كذلك
يقول أهل اللغة. وروى ابن عباس: ومعنى البَرَكة الكثرة في كل خير، وقال في
موضع آخر: تَبارَكَ تعالى وتعاظم، وقال ابن الأَنباري: تبارَكَ الله أي
يُتَبَرَّكُ باسمه في كل أمر. وقال الليث في تفسير تبارَكَ الله: تمجيد
وتعظيم. وتبارَكَ بالشيء: تَفاءَل به. الزجاج في قوله تعالى: وهذا كتاب
أنزلناهُ مبارك، قال: المبارك ما يأتي من قِبَله الخير الكثير وهو من نعت
كتاب، ومن قال أنزلناه مباركاً جاز في غير القراءة. اللحياني: بارَكْتُ على
التجارة وغيرها أي واظبت عليها، وحكى بعضهم تباركتُ بالثعلب الذي تباركتَ
به.
وبَرَكَ البعير يَبْرُكُ بُروكاً أي استناخ، وأبرَكته أنا فبَرَكَ، وهو
قليل، والأكثر أنَخْتُه فاستناخ. وبَرَكَ: ألقى بَرْكَهُ بالأرض وهو
صدره، وبَرَكَتِ الإبل تَبْرُكُ بُروكاً وبَرَّكْتُ: قال الراعي:
وإن بَرَكَتُ منها عجاساءُ جلَّةٌ،
بمَحِّْنيَةٍ، أجلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
وأبرَكَها هو، وكذلك النعامة إذا جَثَمَتْ على صدرها. والبَرْكُ: الإبل
الكثيرة؛ ومه قول متمم بن نُوَيْرَةَ:
إذا شارفٌ منهنَّ قامَتْ ورجعَّتْ
حَنِيناً، فأبكى شَجْوُها البَرْكَ أجمعا
والجمع البُرُوك، والبَرْكُ جمع باركٍ مثل تَجْرٍ وتاجر، والبَرْكُ:
جماعة الإبل الباركة، وقيل: هي إبل الجِواءِ كلُّها التي تروح عليها، بالغاً
ما بلغَتْ وإن كانت ألوفاً؛ قال أبو ذؤيب:
كأن ثِقالَ المُزنِ بين تُضارِعٍ
وشابَةَ بَرْكٌ، من جُذامَ، لَبِيجُ
لَبيجٌ: ضارب بنفسه؛ وقيل: البَرْك يقع على جميع ما برك من جميع الجِمال
والنُّوقِ على الماء أو الفَلاة من حر الشمس أو الشبع، الواحد بارِكٌ
والأُنثى باركة. التهذيب: الليث البَرْكُ الإبل البُرُوك اسم لجماعتها؛ قال
طرفة:
وبَرْكٍ هُجُودٍ قد أثارَتْ مَخافَتِي
بَوَاديَها، أمشي بعَضْبٍ مُجَرَّد
ويقال: فلان ليس له مَبْرَكُ جَمَلٍ. وكل شيء ثبت وأقام، فقد بَرَكَ.
وفي حديث علقمة: لا تَقْرَبْهم فإن على أبوابهم فِتَناً كَمبارِك الإبل؛ هو
الموضع الذي تبرك فيه، أراد أنها تُعْدِي كما أن الإبل الصحاح إذا أنيخت
في مَبارك الجَرْبَى جَرِبَتْ.
والبِرْكة: أن يَدِرّ لبَنُ الناقة وهي باركة فيقيمَها فيحلبها؛ قال
الكميت:
وحَلَبْتُ بِرْكتها اللَّبُو
ن، لَبون جُودِكَ غير ماضِرْ
ورجل مُبْتَرِكٌ: معتمِد على الشيء مُلِجٌّ؛ قال:
وعامُنا أعْجَبَنا مُقَدَّمُهُ،
يُدْعَى أبا السَّمْح وقِرْضابٌ سِمُهْ،
مُبْتَرِكٌ لكل عَظْمٍ يَلْحُمُهْ
ورجل بُرَكٌ: بارِكٌ على الشيء؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأنشد:
بُرَكٌ على جَنْبِ الإناء مُعَوَّدٌ
أكل البِدَانِ، فلَقْمُه مُتدارِكُ
الليث: البِرْكةُ ما وَلِيَ الأَرض من جلد بطن البعير وما يليه من
الصدر، واشتقاقه من مَبْرَك البعير، والبَرْكُ كَلْكل البعير وصدره الذي
يعدُوك. به الشيء تحته؛ يقال: حَكَّه ودكَّه وداكه بِبَرْكه؛ وأنشد في صفه
الحرب وشدتها:
فأقْعَصَتُهمْ وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأعْطَتِ النّهْبَ هَيَّانَ بن بَيَّانِ
والبَرْك والبِرْكةُ: الصدر، وقيل: هو ما ولي الأرض من جلد صدر البعير
إذا بَرَك، وقيل: البَرْك للإنسان والبِرْكة لِما سوى ذلك، وقيل: البَرْك
الواحد، والبِركة الجمع، ونظيره حَلْي وحِلْية، وقيل: البَرْكُ باطن
الصدر والبِركة ظاهره؛ والبِرْكة من الفرس الصدر؛ قال الأَعشى:
مُسْتَقْدِم البِرْكَة عَبْل الشَّوَى،
كَفْتٌ إذا عَضَّ بفَأسِ اللِّجام
الجوهري: البَرْكُ الصدر، فإذا أدخلت عليه الهاء كسرت وقلت بِرْكة؛ قال
الجعدي:
في مِرْفَقَيْهِ تَقاربٌ، ولَهُ
بِرْكَةُ زَوْرٍ كَجبأة الخَزَمِ
وقال يعقوب: البَرْكُ وسط الصدر؛ قال ابن الزِّبَعْرى:
حين حَكَّتْ بقُباءٍ بَرْكَها،
واسْتَحَرَّ القتل في عَبْدِ الأَشَلّ
وشاهد البِرْكة قول أبي دواد:
جُرْشُعاً أعْظَمُه جَفْرَتُه،
ناتِئُ البِرْكةِ في غير بَدَدْ
وقولهم: ما أحسن بِرْكَة هذه الناقة وهو اسم للبُروك، مثل الرِّكبة
والجِلْسة.
وابْتَرك الرجل أي ألقى بِرْكه. وفي حديث علي بن الحسين: ابْتَرَكَ
الناسُ في عثمان أي شتموه وتنقَّصوه. وفي حديث علي: ألقت السحابُ بَرْكَ
بَوانِيها؛ البَرْكُ الصدر، والبَوانِي أركان البِنْية. وابْتَرَكْتُه إذا
صرَعته وجعلته تحت بَرْكك. وابْتَرَك القوم في القتال: جَثَوْا على
الرُّكَب واقتتلوا ابتِراكاً، وهي البَرُوكاءُ والبُرَاكاءُ.
والبَراكاءُ: الثَّبات في الحرب والجِدّ، وأصله من البُروك؛ قال بشر بن
أبي خازم:
ولا يُنْجي من الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتال، أو الفِرار
والبَراكاءُ: ساحة القتال. ويقال في الحرب: بَراكِ براكِ أي ابْرُكوا.
والبُرَاكِيَّة: ضرب من السفن.
والبُرَكُ والبارُوك: الكابُوس وهو النِّيدِلانُ، وقال الفرّاء:
بَرَّكانِيٌّ، ولا يقال بَرْنَكانيّ.
وبَرْك الشتاء: صدره؛ قال الكميت:
واحْتَلَّ برْكُ الشتاء مَنْزِلَه،
وبات شيخ العِيالِ يَصْطَلِبُ
قال: أراد وقت طلوع العقرب وهو اسم لعدَّة نجوم: منها الزُّبانَى
والإكْلِيلُ والقَلْبُ والشَّوْلة، وهو يطلع في شدة البرد، ويقال لها البُرُوك
والجُثُوم، يعني العقرب، واستعار البَرْكَ للشتاء أي حل صَدر الشتاء
ومعظمه في منزله، يصف شدة الزمان وجَدّبه لأن غالب الجدب إنما يكون في
الشتاء. وبارَكَ على الشيء: واظب. وأبْرَكَ في عَدْوه: أسرع مجتهداً، والاسم
البُروك؛ قال:
وهنَّ يَعْدُون بنا بُروكا
أي نجتهد في عدوها. ويقال: ابْتَرَكَ الرجل في عرض أخيه يُقَصِّبُه إذا
اجتهد في ذمه، وكذلك الابتِراك في العدو والاجتهاد فيه، ابْتَرَكَ أي
أسرع في العَدْو وجدَّ؛ قال زهير:
مَرّاً كِفاتاً، إذا ما الماءُ أسْهَعلَها،
حتى إذا ضُربت بالسوط تَبْتَرِكُ
وابْتِراكُ الفرس: أن يَنْتَحِي على أحد شقيه في عَدْوه. وابْتَرَكَ
الصَّيقَلُ: مال على المِدْوَسِ في أحد شقيه. وابتركت السحابة: اشتدّ
انهلالها. وابْتَرَكت السماء وأبركت: دام مطرها. وابْتَركَ السحابُ إذا ألَحّ
بالمطر. وابْتَرَكَ في عَرْض الحَبل: تَنَقّصه. ابن الأَعرابي: الخَبِيصُ
يقال له البُرُوك ليس الرُّبُوك. وقال رجل من الأَعراب لامرأته: هل لكِ
في البُرُوك؟ فأجابته: إن البُرُوك عمل الملوك؛ والاسم منه البَرِيكة،
وعمله البُرُوك، وأول من عمل الخَبِيص عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وأهداها
إلى أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، وأما الرَّبِيكة فالحَيْس؛ وروى
إبراهيم عن ابن الأَعرابي أنه أنشد لمالك بن الريب:
إنا وجدنا طَرَدَ الهَوَامِلِ،
والمشيَ في البِرْكةِ والمَــراجِلِ
قال: البِرْكةُ جنس من برود اليمن، وكذلك المَــرَاجل. والبُرْكة:
الحَمَالة ورجالها الذين يسعون فيها؛ قال:
لقد كان في لَيْلى عطاء لبُرْكةٍ،
أناخَتْ بكم تَرْجو الرغائب والرِّفْدا
ليلى هنا ثلثمائة من الإبل كما سموا المائة هِنْداً، ويقال للجماعة
يتحملون حَمالةً بُرْكَةٌ وجُمَّة؛ ويقال: أبرَكْتُ الناقة فَبَركَتْ
بُرُوكاً. والتَّبْراك: البُروك؛ قال جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغَانِغُ ركبتيها
من التَّبْراك، ليس من الصَّلاةِ
وتِبْراك، بكسر التاء: موضع بحذاء تِعْشار؛ قال مرار بن مُنْقِذ:
أعَرَفْت الدَّارَ أم أنْكَرْتها،
بين تِبْراكٍ فشَسَّيْ عَبَقُرْ؟
والبِرْكةُ: كالحوض، والجمع البِرَكُ؛ يقال: سميت بذلك لإقامة الماء
فيها. ابن سيده: والبِرْكَةُ مستنقع الماء. والبِرْكةُ: شبه حوض يحفر في
الأَرض لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض، وهو البِرْكُ أيضاً؛ وأنشد:
وأنْتِ التي كَلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأوْردتِنيه، فانْظُرِي، أي مَوْرِدِ
ابن الأعرابي البِرْكةُ تَطْفَحُ مثل الزَّلَف، والزَّلَفُ وجه المرآة.
قال أبو منصور: ورأيت العرب يسمون الصَّهاريج التي سُوِّيت بالآخر
وضُرِّجَتْ بالنُّورة في طريق مكة ومناهلها بِرَكاً، واحدتها بِرْكةٌ، قال:
وربَّ بِرْكةٍ تكون ألف ذراع وأقل وأكثر، وأما الحِياض التي تسوّى لماء
السماء ولا تُطْوَى بالآجر فهي الأَصْناع، واحدها صِنْع، والبِرْكةُ:
الحَلْبة من حَلَب الغداة؛ قال ابن سيده: وهي البَركَةُ، ولا أحقها، ويسمون
الشاة الحَلُوبة: بِرْكةً.
والبَروك من النساء: التي تتزوج ولها ولد كبير بالغ.
والبِراكُ: ضرب من السمك بحري سود المناقير.
والبُركة، بالضم: طائر من طير الماء أبيض، والجمع بُرَك وأبْراك
وبُرْكان، قال: وعندي أن أبْرَاكاً وبُرْكاناً جمع الجمع. والبُرَكُ أيضاً:
الضفادع؛ وقد فسر به بعضهم قول زهير يصف قطاة فَرَّتْ من صَقْر إلى ماء ظاهر
على وجه الأَرض:
حتى استغاثَتْ بماء لا رشاءَ لَهُ
من الأَباطِح، في حافاته البُرَكُ
والبِرْكانُ: ضرب من دِقِّ الشجر، واحدته بِرْكانة؛ قال الراعي:
حتى غدا حَرِضاً طَلَّى فَرائصُه،
يَرعى شقائقَ من عَلْقَى وبِرْكانِ
وقيل: هو ما كان من الحَمْض وسائر الشجر لا يطول ساقه. والبِرْكانُ: من
دِقّ النبت وهو الحمض؛ قال الأَخطل وأنشد بيت الراعي وذكر أن صدره:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فرائصُه
والهطلى: واحده هِطْل، وهو الذي يمشي رُوَيداً. وواحد البِركان
بِرْكانَة، وقيل: البِرْكانُ نيت ينبت قليلاً بنجد في الرمل ظاهراً على الأَرض،
له عروق دِقاقٌ حسن النبات وهو من خير الحمض؛ قال:
بحيث الْتَقَى البِرْكانُ والحَاذُ والغَضَا
بِبِئْشَة، وارْفَضَّتْ تِلاعاً صدورُها
وفي رواية: وارْفَضَّتْ هَراعاً، وقيل: البِرْكانُ ضرب من شجر الرمل؛
وأنشد بيت الراعي:
حتى غدا حَرِضاً هَطْلى فَرائصُه
أبو زيد: البُورَقُ والبُورَكُ الذي يجعل في الطحين.
والبُرَيْكانِ: أخَوان من العرب، قال أبو عبيدة: أحدهما بارِكٌ والآخر
بُرَيْك، فغلب بُرَيْك إما للفظه، وإما لِسنّه، وإما لخفة اللفظ. وذو
بُرْكان: موضع؛ قال بشر بن أبي خازم:
تَرَاها إذا ما الآلُ خَبَّ كأنها
فَرِيد، بذي بُرْكان، طاوٍ مُلَمَّعُ
وبُرَك: من أسماء ذي الحجة؛ قال:
أعُلُّ على الهِنْديّ مَهْلاً وكَرَّةً،
لَدَى بُرَكٍ، حتى تَدُورَ الدوائرُ
وبِرْكٌ، مثال قِرْدٍ: اسم موضع بناحية اليمن؛ قال ابن بري: وبِرْكُ
الغُماد موضع باليمن. ويقال: الغِماد والغُماد، بالكسر والضم، وقيل: إن
الغِمادَ بَرَهُوت الذي جاء في الحديث أن أرواح الكافرين فيه، وحكى ابن
خالويه عن ابن دريد أن بِركَ الغِماد بقعة في جهنم، ويروى أن الأَنصار، رضي
الله عنهم، قالوا للنبي، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا ما نقول لك
مثل ما قال قوم موسى لموسى، اذهَبْ أنت وربك فقاتِلا، بل بآبائنا
نَفْدِيكَ وأمّهاتِنا يارسول الله ولو دعوتنا إلى بَرْكِ الغِماد؛ وأنشد ابن
دريد لنفسه:
وإذا تَنَكَّرَتِ البِلا
ذُ، فأوْلِها كَنَفَ البعاد
واجعَلْ مُقامَك، أو مَقَرْ
رَكَ جانِبَيْ بَرْكِ الغِماد
كلِّ الذَّخائِرِ، غَيْرَ تَقْـ
ـوى ذي الجَلال، إلى نَفاد
وفي حديث الهجرة: لو أمرتها أن تبلغ بها بَرْك الغُماد، بفتح الباء
وكسرها، وتضم الغين وتكسر، وهو اسم موضع باليمن، وقيل: هو موضع وراء مكة بخمس
ليال.
حيا: الحَياةُ: نقيض الموت، كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو
بعد الياء في حَدِّ الجمع، وقيل: على تفخيم الأَلف، وحكى ابن جني عن
قُطْرُب: أَن أَهل اليمن يقولون الحَيَوْةُ، بواو قبلها فتحة، فهذه الواو بدل
من أَلف حياةٍ وليست بلام الفعل من حَيِوْتُ، أَلا ترى أَن لام الفعل
ياء؟ وكذلك يفعل أَهل اليمن بكل أَلف منقلبة عن واو كالصلوة والزكوة.
حَيِيَ حَياةً
(* قوله «حيي حياة إلى قوله خفيفة» هكذا في الأصل والتهذيب).
وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فهو حَيٌّ، وللجميع حَيُّوا، بالتشديد، قال: ولغة
أُخرى حَيَّ وللجميع حَيُوا، خفيفة. وقرأَ أَهل المدينة: ويَحْيا مَنْ
حَيِيَ عن بيِّنة، وغيرهم: مَنْ حَيَّ عن بيِّنة؛ قال الفراء: كتابتُها على
الإدغام بياء واحدة وهي أَكثر قراءات القراء، وقرأَ بعضهم: حَيِيَ عن
بينة، بإظهارها؛ قال: وإنما أَدغموا الياء مع الياء، وكان ينبغي أَن لا
يفعلوا لأَن الياء الأََخيرة لزمها النصب في فِعْلٍ، فأُدغم لمَّا التَقى
حرفان متحركان من جنس واحد، قال: ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة
للياء الأَخيرة فتقول حَيَّا وحَيِيَا، وينبغي للجمع أَن لا يُدْغَم إلا
بياء لأَن ياءها يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي له أَن تسكن فتسقط
بواو الجِماعِ، وربما أَظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادةَ تأْليفِ
الأفَعال وأَن تكون كلها مشددة، فقالوا في حَيِيتُ حَيُّوا، وفي عَيِيتُ
عَيُّوا؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يَحِدْنَ بنا عن كلِّ حَيٍّ، كأَنَّنا
أَخارِيسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالكتب
(* قوله «وبالكتب» كذا بالأصل، والذي في التهذيب: وبالنسب).
قال: وأَجمعت العرب على إدغام التَّحِيَّة لحركة الياء الأَخيرة، كما
استحبوا إدغام حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها، فأَما إذا سكنت الياء
الأَخيرة فلا يجوز الإدغام مثل يُحْيِي ويُعْيِي، وقد جاء في الشعر الإدغام
وليس بالوجه، وأَنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع، ولم يَعْبإ
الزجاج بالبيت الذي احتج به الفراء، وهو قوله:
وكأَنَّها، بينَ النساء، سَبِيكةٌ
تَمْشِي بسُدّةِ بَيْتِها فتُعيِّي
وأَحْياه اللهُ فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً، والإدغام أَكثر لأَن الحركة
لازمة، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كقوله: أَليس ذلك بقادر على أَن
يُحْيِيَ المَوْتَى.
والمَحْيا: مَفْعَلٌ من الحَياة. وتقول: مَحْيايَ ومَماتي، والجمع
المَحايِي. وقوله تعالى: فلنُحْيِيَنَّه حَياةً طَيِّبَةً، قال: نرْزُقُه
حَلالاً، وقيل: الحياة الطيبة الجنة، وروي عن ابن عباس قال: فلنحيينه حياة
طيبة هو الرزق الحلال في الدنيا، ولنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهم بأَحسن ما كانوا
يعملون إذا صاروا إلى الله جَزاهُم أَجرَهُم في الآخرة بأَحسنِ ما
عملوا. والحَيُّ من كل شيء: نقيضُ الميت، والجمع أَحْياء. والحَيُّ: كل متكلم
ناطق. والحيُّ من النبات: ما كان طَرِيّاً يَهْتَزّ. وقوله تعالى: وما
يَسْتوي الأَحْياءُ ولا الأَمْواتُ؛ فسره ثعلب فقال الحَيُّ هو المسلم
والميت هو الكافر. قال الزجاج: الأَحْياءُ المؤمنون والأَموات الكافرون، قال:
ودليل ذلك قوله: أَمواتٌ غيرُ أَحياء وما يَشْعرون، وكذلك قوله:
ليُنْذِرَ من كان حَيّاً؛ أَي من كان مؤمناً وكان يَعْقِلُ ما يُخاطب به، فإن
الكافر كالميت. وقوله عز وجل: ولا تَقُولوا لمن يُقْتَلُ في سبيل الله
أَمواتٌ بل أَحياء؛ أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ أَي لا تقولوا هم أَمواتٌ،
فنهاهم الله أَن يُسَمُّوا من قُتِل في سبيل الله ميتاً وأَمرهم بأَن
يُسَمُّوهم شُهداء فقال: بل أَحياء؛ المعنى: بل هم أَحياء عند ربهم يرزقون،
فأَعْلَمنا أَن من قُتل في سبيله حَيٌّ، فإن قال قائل: فما بالُنا نَرى
جُثَّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة؟ فإن دليلَ ذلك مثلُ ما يراه الإنسانُ في منامه
وجُثَّتُه غيرُ متصرفة على قَدْرِ ما يُرى، والله جَلَّ ثناؤُه قد تَوَفَّى
نفسه في نومه فقال: الله يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها والتي لم
تَمُتْ في مَنامها، ويَنْتَبِهُ النائمُ وقد رَأَى ما اغْتَمَّ به في نومه
فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وهو في بَقِيَّةِ ذلك، فهذا دليل على أَن
أَرْواحَ الشُّهداء جائز أَن تُفارقَ أَجْسامَهم وهم عند الله أَحْياء،
فالأمْرُ فيمن قُتِلَ في سبيل الله لا يُوجِبُ أَن يُقالَ له ميت، ولكن يقال هو
شهيد وهو عند الله حيّ، وقد قيل فيها قول غير هذا، قالوا: معنى أَموات
أَي لا تقولوا هم أَموات في دينهم أَي قُولوا بل هم أَحياء في دينهم، وقال
أَصحاب هذا القول دليلُنا قوله: أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه
وجعَلْنا له نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج
منها؛ فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حين كان على الضَّلالة كان
ميتاً، والقول الأَوَّلُ أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بالتفسير. وحكى
اللحياني: ضُرِبَ ضَرْبةً ليس بِحايٍ منها أَي ليس يَحْيا منها، قال: ولا يقال
ليس بحَيٍّ منها إلا أَن يُخْبِرَ أَنه ليس بحَيٍّ أَي هو ميت، فإن أَردت
أَنه لا يَحْيا قلت ليس بحايٍ، وكذلك أَخوات هذا كقولك عُدْ فُلاناً فإنه
مريض تُريد الحالَ، وتقول: لا تأْكل هذا الطعامَ فإنك مارِضٌ أَي أَنك
تَمْرَضُ إن أَكلته. وأَحْياهُ: جَعَله حَيّاً. وفي التنزيل: أَلَيْسَ ذلك
بقادرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى؛ قرأه بعضهم: على أَن يُحْيِي الموتى،
أَجْرى النصبَ مُجْرى الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة، ومُجْرى الجزم الذي
يلزم فيه الحذف. أَبو عبيدة في قوله: ولكمْ في القِصاص حَياةٌ؛ أَي
مَنْفَعة؛ ومنه قولهم: ليس لفلان حياةٌ أَي ليس عنده نَفْع ولا خَيْر. وقال
الله عز وجل مُخْبِراً عن الكفار لم يُؤمِنُوا بالبَعْثِ والنُّشُور: ما
هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوت ونَحْيا وما نَحْنُ بمبْعُوثِينَ؛ قال
أَبو العباس: اختلف فيه فقالت طائفة هو مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ، ومعناه
نَحْيا ونَمُوتُ ولا نَحْيا بعد ذلك، وقالت طائفة: معناه نحيا ونموت ولا
نحيا أَبداً وتَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا، فجعلوا حياة أَولادهم بعدهم
كحياتهم، ثم قالوا: وتموت أَولادُنا فلا نَحْيا ولا هُمْ. وفي حديث حُنَيْنٍ قال
للأَنصار: المَحْيا مَحياكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ؛ المَحْيا:
مَفْعَلٌ من الحَياة ويقع على المصدر والزمان والمكان. وقوله تعالى: رَبَّنا
أَمَتَّنا اثْنَتَيْن وأَحْيَيْتَنا اثنتين؛ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثم
أَحْيَيْتَنا ثم أَمَتَّنا بعدُ ثم بَعَثْتَنا بعد الموت، قال الزجاج: وقد
جاء في بعض التفسير أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أَن
يَحْيا في القبر ثم يموت، فذلك أَدَلُّ على أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا،
والأَول أَكثر في التفسير. واسْتَحْياه: أَبقاهُ حَيّاً. وقال اللحياني:
استَحْياه استَبقاه ولم يقتله، وبه فسر قوله تعالى: ويَسْتَحْيُون نِساءَكم؛
أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ، وقوله: إن الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ
مثلاً ما بَعُوضَةً؛ أَي لا يسْتَبْقي. التهذيب: ويقال حايَيْتُ النارَ
بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها؛ قال الأَصمعي: أَنشد بعضُ العرب بيتَ ذي
الرمة:فقُلْتُ له: ارْفَعْها إليكَ وحايِهَا
برُوحِكَ، واقْتَتْه لها قِيتَةً قَدْرا
وقال أَبو حنيفة: حَيَّت النار تَحَيُّ حياة، فهي حَيَّة، كما تقول
ماتَتْ، فهي ميتة؛ وقوله:
ونار قُبَيْلَ الصُّبجِ بادَرْتُ قَدْحَها
حَيَا النارِ، قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ
أَراد حياةَ النارِ فحذف الهاء؛ وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه
أَنشده:أَلا حَيَّ لي مِنْ لَيْلَةِ القَبْرِ أَنَّه
مآبٌ، ولَوْ كُلِّفْتُه، أَنَا آيبُهْ
أَراد: أَلا أَحَدَ يُنْجِيني من ليلة القبر، قال: وسمعت العرب تقول إذا
ذكرت ميتاً كُنَّا سنة كذا وكذا بمكان كذا وكذا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا،
يريدون وعمرٌو َمَعَنا حيٌّ بذلك المكان. ويقولون: أَتيت فلاناً وحَيُّ
فلانٍ شاهدٌ وحيُّ فلانَة شاهدةٌ؛ المعنى فلان وفلانة إذ ذاك حَيٌّ؛ وأَنشد
الفراء في مثله:
أَلا قَبَح الإلَهُ بَني زِيادٍ،
وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ
أَي قَبَحَ الله بَني زياد وأَباهُمْ. وقال ابن شميل: أَتانا حَيُّ
فُلانٍ أَي أَتانا في حَياتِهِ. وسَمِعتُ حَيَّ فلان يقول كذا أَي سمعته يقول
في حياته. وقال الكِسائي: يقال لا حَيَّ عنه أَي لا مَنْعَ منه؛ وأَنشد:
ومَنْ يَكُ يَعْيا بالبَيان فإنَّهُ
أَبُو مَعْقِل، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ
قال الفراء: معناه لا يَحُدُّ عنه شيءٌ، ورواه:
فإن تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه
أبو مَعْقِل، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ
ابن بري: وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه؛ وأَنشد أَبو الحسن لأَبي الأَسود
الدؤلي:
أَبو بَحْرٍ أَشَدُّ الناسِ مَنّاً
عَلَيْنَا، بَعدَ حَيِّ أَبي المُغِيرَهْ
أَي بعد أَبي المُغيرَة. ويقال: قاله حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ. وحَيِيَ
القوم في أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا في دَوابِّهِم وماشِيَتِهم. الجوهري:
أَحْيا القومُ حَسُنت حالُ مواشِيهمْ، فإن أَردت أَنفُسَهم قلت حَيُوا.
وأَرضٌ حَيَّة: مُخْصِبة كما قالوا في الجَدْبِ ميّتة. وأَحْيَيْنا الأَرضَ:
وجدناها حيَّة النباتِ غَضَّة. وأحْيا القومُ أَي صاروا في الحَيا، وهو
الخِصْب. وأَتَيْت الأَرضَ فأَحْيَيتها أَي وجدتها خِصْبة. وقال أَبو
حنيفة: أُحْيِيَت الأَرض إذا اسْتُخْرِجَت. وفي الحديث: من أَحْيا مَواتاً
فَهو أَحقُّ به؛ المَوَات: الأَرض التي لم يَجْرِ عليها ملك أَحد،
وإحْياؤُها مباشَرَتها بتأْثير شيء فيها من إحاطة أَو زرع أَو عمارة ونحو ذلك
تشبيهاً بإحياء الميت؛ ومنه حديث عمرو: قيل سلمانَ أَحْيُوا ما بَيْنَ
العِشاءَيْن أَي اشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطِّلوه فتجعلوه كالميت
بعُطْلَته، وقيل: أَراد لا تناموا فيه خوفاً من فوات صلاة العشاء لأَن
النوم موت واليقطة حياة. وإحْياءُ الليل: السهر فيه بالعبادة وترك النوم،
ومرجع الصفة إلى صاحب الليل؛ وهو من باب قوله:
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً
سُهُداً، إذا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ
أَي نام فيه، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء فغلب. وفي الحديث: أَنه
كان يصلي العصر والشمس حَيَّة أَي صافية اللون لم يدخلها التغيير بدُنُوِّ
المَغِيب، كأنه جعل مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تقديم وقتها. وطَريقٌ
حَيٌّ: بَيِّنٌ، والجمع أَحْياء؛ قال الحطيئة:
إذا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه
ويروى: أَحياناً عرضن له. وحَيِيَ الطريقُ: استَبَان، يقال: إذا حَيِيَ
لك الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً. وأَحْيَت الناقة إذا حَيِيَ ولَدُها فهي
مُحْيٍ ومُحْيِيَة لا يكاد يموت لها ولد.
والحِيُّ، بكسر الحاء: جمعُ الحَياةِ. وقال ابن سيده: الحِيُّ الحيَاةُ
زَعَموا؛ قال العجاج:
كأنَّها إذِ الحَياةُ حِيُّ،
وإذْ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُّ
وكذلك الحيوان. وفي التنزيل: وإن الدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحَيَوانُ؛ أَي
دارُ الحياةِ الدائمة. قال الفراء: كسروا أَوَّل حِيٍّ لئلا تتبدل الياء
واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ. قال ابن بري: الحَياةُ والحَيَوان
والحِيِّ مَصادِر، وتكون الحَيَاة صفةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ للسريع. التهذيب:
وفي حديث ابن عمر: إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عن كلِّ شيءٍ حتى عن حَيَّةِ
أَهْلِه؛ قال: معناه عن كلِّ شيءٍ حَيٍّ في منزله مثلِ الهرّ وغيره،
فأَنَّث الحيّ فقال حَيَّة، ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة في تفسير هذا الحديث
قال: وإنما قال حَيَّة لأَنه ذهب إلى كلّ نفس أَو دابة فأَنث لذلك. أَبو
عمرو: العرب تقول كيف أَنت وكيف حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كيف من بَقِيَ منهم
حَيّاً ؛ قال مالك ابن الحرث الكاهلي:
فلا يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ،
مِنَ الحَيَواتِ، لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ
أَي كلّ ما هو حَيٌّ فجمعه حَيَوات، وتُجْمع الحيةُ حَيَواتٍ.
والحيوانُ: اسم يقع على كل شيء حيٍّ، وسمى الله عز وجل الآخرة حَيَواناً فقال:
وإنَّ الدارَ الآخرَة لَهِيَ الحَيَوان؛ قال قتادة: هي الحياة. الأَزهري:
المعنى أَن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّاً فيها لا يموت، فمن أُدخل
الجنة حَيِيَ فيها حياة طيبة، ومن دخل النار فإنه لا يموت فيها ولا
يَحْيَا، كما قال تعالى. وكلُّ ذي رُوح حَيَوان، والجمع والواحد فيه سواء. قال:
والحَيَوان عينٌ في الجَنَّة، وقال: الحَيَوان ماء في الجنة لا يصيب
شيئاً إلا حَيِيَ بإذن الله عز وجل. وفي حديث القيامة: يُصَبُّ عليه ماءُ
الحَيَا؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهور: يُصَبُّ
عليه ماءُ الحَيَاةِ. ابن سيده: والحَيَوان أَيضاً جنس الحَيِّ، وأَصْلُهُ
حَيَيانٌ فقلبت الياء التي هي لام واواً، استكراهاً لتوالي الياءين
لتختلف الحركات؛ هذا مذهب الخليل وسيبويه، وذهب أَبو عثمان إلى أَن الحيوان
غير مبدل الواو، وأَن الواو فيه أَصل وإن لم يكن منه فعل، وشبه هذا بقولهم
فَاظَ المَيْت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وإن لم يَسْتَعْمِلُوا من
فَوْظٍ فِعْلاً، كذلك الحيوان عنده مصدر لم يُشْتَقّ منه فعل. قال أَبو علي:
هذا غير مرضي من أَبي عثمان من قِبَل أَنه لا يمتنع أَن يكون في الكلام
مصدر عينه واو وفاؤه ولامه صحيحان مثل فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت
وأَشباه ذلك، فأَما أَن يوجد في الكلام كلمة عينها ياء ولامها واو فلا،
فحَمْلُه الحيوانَ على فَوْظٍ خطأٌ، لأَنه شبه ما لا يوجد في الكلام بما هو
موجود مطرد؛ قال أَبو علي: وكأَنهم استجازوا قلب الياء واواً لغير علة، وإن
كانت الواو أَثقل من الياء، ليكون ذلك عوضاً للواو من كثرة دخول الياء
وغلبتها عليها.
وحَيْوَة، بسكون الياء: اسمُ رجلٍ، قلبت الياء واواً فيه لضَرْبٍ من
التوَسُّع وكراهة لتضعيف الياء، وإذا كانوا قد كرهوا تضعيف الياء مع الفصل
حتى دعاهم ذلك إلى التغيير في حاحَيْت وهَاهَيْتُ، كان إبدال اللام في
حَيْوةٍ ليختلف الحرفان أَحْرَى، وانضاف إلى ذلك أنَّه عَلَم، والأَعلام قد
يعرض فيها ما لا يوجد في غيرها نحو مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قال
الجوهري: حَيْوَة اسم رجل، وإنما لم يدغم كما أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه
اسم موضوع لا على وجه الفعل. وحَيَوانٌ: اسم، والقول فيه كالقول في
حَيْوَةَ.
والمُحاياةُ: الغِذاء للصبي بما به حَيَاته، وفي المحكم: المُحاياةُ
الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته به.
والحَيُّ: الواحد من أَحْياءِ العَربِ. والحَيُّ: البطن من بطون العرب؛
وقوله:
وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى
فليس الحَيُّ هنا البطنَ من بطون العرب كما ظنه قوم، وإنما أَراد الشخص
الحيّ المسمَّى بكراً أَي بكراً طَعَنَّا، وهو ما تقدم، فحيٌّ هنا
مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حتى كأَنه قال: وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فهذا من باب
إضافة المسمى إلى نفسه؛ ومنه قول ابن أَحمر:
أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ،
وقَبْلَ ذاكَ، وعَيْشاً بَعْدَهُ كَلِبَا
وقولهم: إن حَيَّ ليلى لشاعرة، هو من ذلك، يُريدون ليلى، والجمع
أَحْياءٌ. الأَزهري: الحَيُّ من أَحْياء العَرب يقع على بَني أَبٍ كَثُروا أَم
قَلُّوا، وعلى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ من ذلك قول الشاعر:
قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً،
ما لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ
وقوله:
فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً،
وتُلْقي للإماء مِنَ الوَزِيمِ
يعني بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ.
والحَيَا، مقصور: الخِصْبُ، والجمع أَحْياء. وقال اللحياني: الحَيَا،
مقصورٌ، المَطَر وإذا ثنيت قلت حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الحركة غير
لازمة. وقال اللحياني مرَّةً: حَيَّاهم الله بِحَياً، مقصور، أَي
أَغاثهم، وقد جاء الحَيَا الذي هو المطر والخصب ممدوداً. وحَيَا الربيعِ: ما
تَحْيا به الأَرض من الغَيْث. وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً
مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً؛ الحَيَا، مقصور: المَطَر لإحْيائه الأَرضَ، وقيل:
الخِصْبُ وما تَحْيا به الأَرضُ والناس. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا
آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ ما يَحْيَوْنَ أَي حتى
يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب، ويجوز أَن يكون من الحياة
لأَن الخصب سبب الحياة. وجاء في حديث عن ابن عباس، رحمه الله، أَنه قال:
كان عليٌّ أَميرُ المؤمنين يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ
والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ، أَشْبَهَ من القَمر ضَوْءَهُ
وبَهاءَهُ ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ ومن الفُراتِ جُودَه
وسَخاءَهُ ومن الرَّبيعِ خِصْبَه وحَياءَه. أَبو زيد: تقول أَحْيَا القومُ
إذا مُطِرُوا فأَصابَت دَوابُّهُم العُشْبَ حتى سَمِنَتْ، وإن أَرادوا
أَنفُسَهم قالوا حَيُوا بعدَ الهُزال. وأَحْيا الله الأَرضَ: أَخرج فيها
النبات، وقيل: إنما أَحْياها من الحَياة كأَنها كانت ميتة بالمحْل فأَحْياها
بالغيث.
والتَّحِيَّة: السلام، وقد حَيَّاهُ تحِيَّةً، وحكى اللحياني: حَيَّاك
اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن. والتَّحِيَّة: البقاءُ. والتَّحِيَّة: المُلْك؛
وقول زُهَيْر بن جَنابٍ الكَلْبي:
ولَكُلُّ ما نَال الفتى
قَدْ نِلْتُه إلا التَّحِيَّهْ
قيل: أَراد المُلْك، وقال ابن الأَعرابي: أَراد البَقاءَ لأَنه كان
مَلِكاً في قومه؛ قال بن بري: زهيرٌ هذا هو سيّد كَلْبٍ في زمانه، وكان كثير
الغارات وعُمِّرَ عُمْراً طويلاً، وهو القائل لما حضرته الوفاة:
أبَنِيَّ، إنْ أَهْلِكْ فإنْـ
ـنِي قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ
وتَرَكْتُكُمْ أَولادَ سا
داتٍ، زِنادُكُمُ وَرِيَّهْ
ولَكُلُّ ما نالَ الفَتى
قَدْ نِلْتُه، إلاّ التَّحِيَّهْ
قال: والمعروف بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء لا بمعنى الملك.
قال سيبويه: تَحِيَّة تَفْعِلَة، والهاء لازمة، والمضاعف من الياء قليل
لأَن الياء قد تثقل وحدها لاماً، فإذا كان قبلها ياءٌ كان أَثقل لها. قال
أَبو عبيد: والتَّحِيَّةُ في غير هذا السلامُ. الأَزهري: قال الليث في
قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله، قال: معناه البَقاءُ لله، ويقال: المُلْك
لله، وقيل: أَراد بها السلام. يقال: حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك.
والتَّحِيَّة: تَفْعِلَةٌ من الحياة، وإنما أُدغمت لاجتماع الأَمثال، والهاء
لازمة لها والتاء زائدة. وقولهم: حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ
بالمُلْك، وقيل: أَضْحَكَكَ، وقال الفراء: حَيَّكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ.
وحَيَّك الله أَي مَلَّكك الله. وحَيَّاك الله أَي سلَّم عليك؛ قال: وقولنا
في التشهد التَّحِيَّات لله يُنْوَى بها البَقاءُ لله والسلامُ من الآفاتِ
والمُلْكُ لله ونحوُ ذلك. قال أَبو عمرو: التَّحِيَّة المُلك؛ وأَنشد
قول عمرو بن معد يكرب:
أَسيرُ بِهِ إلى النُّعْمانِ، حتَّى
أُنِيخَ على تَحِيَّتِهِ بجُنْدي
يعني على مُلْكِه؛ قال ابن بري: ويروى أَسِيرُ بها، ويروى: أَؤُمُّ بها؛
وقبل البيت:
وكلّ مُفاضَةٍ بَيْضاءَ زَغْفٍ،
وكل مُعاوِدِ الغاراتِ جَلْدِ
وقال خالد بن يزيد: لو كانت التََّحِيَّة المُلْكَ لما قيل التَّحِيَّات
لله، والمعنى السلامات من الآفات كلها، وجَمَعها لأَنه أَراد السلامة من
كل افة؛ وقال القتيبي: إنما قيل التحيات لله لا على الجَمْع لأَنه كان
في الأَرض ملوك يُحَيَّوْنَ بتَحِيّات مختلفة، يقال لبعضهم: أَبَيْتَ
اللَّعْنَ، ولبعضهم: اسْلَمْ وانْعَمْ وعِشْ أَلْفَ سَنَةٍ، ولبعضهم: انْعِمْ
صَباحاً، فقيل لنا: قُولوا التَّحِيَّاتُ لله أَي الأَلفاظُ التي تدل
على الملك والبقاء ويكنى بها عن الملك فهي لله عز وجل. وروي عن أَبي الهيثم
أَنه يقول: التَّحِيَّةُ في كلام العرب ما يُحَيِّي بعضهم بعضاً إذا
تَلاقَوْا، قال: وتَحِيَّةُ الله التي جعلها في الدنيا والآخرة لمؤمني عباده
إذا تَلاقَوْا ودَعا بعضهم لبعض بأَجْمَع الدعاء أَن يقولوا السلامُ
عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه. قال الله عز وجل: تَحِيَّتُهُمْ يوْمَ
يَلْقَوْنَه سَلامٌ. وقال في تحيَّة الدنيا: وإذا حُيِّيتُم بتَحِيَّةٍ فحَيُّوا
بأَحسَنَ منها أَو رُدُّوها؛ وقيل في قوله:
قد نلته إلاّ التحيَّة
يريد: إلا السلامة من المَنِيَّة والآفات فإن أَحداً لا يسلم من الموت
على طول البقاء، فجعل معنى التحيات لله أَي السلام له من جميع الآفات التي
تلحق العباد من العناء وسائر أَسباب الفناء؛ قال الأَزهري: وهذا الذي
قاله أَبو الهيثم حسن ودلائله واضحة، غير أَن التحية وإن كانت في الأصل
سلاماً، كما قال خالد، فجائز أَن يُسَمَّى المُلك في الدنيا تحيةً كما قال
الفراء وأبَو عمرو، لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ المعروفة
للملوك التي يباينون فيها غيرهم، وكانت تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نحواً من
تحيَّة مُلوك العَرَعب، كان يقال لِمَلِكهم: زِهْ هَزَارْ سَالْ؛ المعنى:
عِشْ سالماً أَلْفَ عام، وجائز أَن يقال للبقاء تحية لأَنَّ من سَلِمَ
من الآفات فهو باقٍ، والباقي في صفة الله عز وجل من هذا لأَنه لا يموت
أَبداً، فمعنى؛ حَيّاك الله أَي أَبقاك الله، صحيحٌ، من الحياة، وهو البقاء.
يقال: أَحياه الله وحَيّاه بمعنى واحد، قال: والعرب تسمي الشيء باسم
غيره إذا كان معه أَو من سببه. وسئل سَلَمة بنُ عاصمٍ عن حَيّاك الله فقال:
هو بمنزلة أَحْياك الله أَي أَبقاك الله مثل كرَّم وأَكرم، قال: وسئل
أَبو عثمان المازني عن حَيَّاك الله فقال عَمَّرك الله. وفي الحديث: أَن
الملائكة قالت لآدم، عليه السلام، حَيَّاك الله وبَيَّاك؛ معنى حَيَّاك
اللهُ أَبقاك من الحياة، وقيل: هو من استقبال المُحَيّا، وهو الوَجْه، وقيل:
ملَّكك وفَرَّحك، وقيل: سلَّم عَليك، وهو من التَّحِيَّة السلام، والرجل
مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة، وكل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءَات فيُنْظَر،
فإن كان غير مبنيٍّ على فِعْلٍ حذفت منه اللام نحو عُطَيٍّ في تصغير
عَطاءٍ وفي تصغير أَحْوَى أَحَيٍّ، وإن كان مبنيّاً على فِعْلٍ ثبتت نحو
مُحَيِّي من حَيَّا يُحَيِّي. وحَيَّا الخَمْسين: دنا منها؛ عن ابن
الأَعرابي. والمُحَيّا: جماعة الوَجْهِ، وقيل: حُرُّهُ، وهو من الفرَس حيث
انفرَقَ تحتَ الناصِية في أَعلى الجَبْهةِ وهناك دائرةُ المُحَيَّا.
والحياءُ: التوبَة والحِشْمَة، وقد حَيِيَ منه حَياءً واستَحْيا
واسْتَحَى، حذفوا الياء الأَخيرة كراهية التقاء الياءَينِ، والأَخيرتان
تَتَعَدَّيانِ بحرف وبغير حرف، يقولون: استَحْيا منك واستَحْياكَ، واسْتَحَى منك
واستحاك؛ قال ابن بري: شاهد الحياء بمعنى الاستحياء قول جرير:
لولا الحَياءُ لَعَادني اسْتِعْبارُ،
ولَزُرْتُ قَبرَكِ، والحبيبُ يُزارُ
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الحَياءُ شُعْبةٌ من
الإيمان؛ قال بعضهم: كيف جعَل الحياءَ وهو غَرِيزةٌ شُعْبةً من الإيمان وهو
اكتساب؟ والجواب في ذلك: أَن المُسْتَحي ينقطع بالحَياء عن المعاصي، وإن
لم تكن له تَقِيَّة، فصار كالإيمان الذي يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين
المؤمن وبينها؛ قال ابن الأَثير: وإنما جعل الحياء بعض الإيمان لأَن الإيمان
ينقسم إلى ائتمار بما أَمر الله به وانتهاء عمَّا نهى الله عنه، فإذا حصل
الانتهاء بالحياء كان بعضَ الإيمان؛ ومنه الحديث: إذا لم تَسْتَحِ
فاصْنَح ما شئتَ؛ المراد أَنه إذا لم يستح صنع ما شاء، لأَنه لا يكون له حياءٌ
يحْجزُه عن المعاصي والفواحش؛ قال ابن الأَثير: وله تأْويلان: أَحدهما
ظاهر وهو المشهور إذا لم تَسْتَح من العَيْب ولم تخش العارَ بما تفعله
فافعل ما تُحَدِّثُك به نفسُك من أَغراضها حسَناً كان أَو قبيحاً، ولفظُه
أَمرٌ ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأَنَّ الذي يردَع الإنسانَ عن
مُواقَعة السُّوء هو الحَياءُ، فإذا انْخَلَعَ منه كان كالمأْمور بارتكاب كل
ضلالة وتعاطي كل سيئة، والثاني أَن يحمل الأَمر على بابه، يقول: إذا كنت
في فعلك آمناً أَن تَسْتَحيَ منه لجَريك فيه على سَنَن الصواب وليس من
الأَفعال التي يُسْتَحَى منها فاصنع منها ما شئت. ابن سيده: قوله، صلى الله
عليه وسلم، إنَّ مما أَدرَك الناسُ من كلام النبوَّة إذا لم تَسْتَحِ
فاصْنَعْ ما شئت
(* قوله «من كلام النبوة إذا لم تستح إلخ» هكذا في الأصل).
أَي من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على جهة الذمِّ لتَرْكِ الحَياء، وليس
يأْمره بذلك ولكنه أَمرٌ بمعنى الخَبَر، ومعنى الحديث أَنه يأْمُرُ
بالحَياء ويَحُثُّ عليه ويَعِيبُ تَرْكَه. ورجل حَيِيٌّ، ذو حَياءٍ، بوزن
فَعِيلٍ، والأُنثى بالهاء، وامرأَة حَيِيَّة، واسْتَحْيا الرجل واسْتَحْيَت
المرأَة؛ وقوله:
وإنِّي لأَسْتَحْيِي أَخي أَنْ أَرى له
عليَّ من الحَقِّ، الذي لا يَرَى لِيَا
معناه: آنَفُ من ذلك. الأَزهري: للعرب في هذا الحرف لغتان: يقال
اسْتَحَى الرجل يَسْتَحي، بياء واحدة، واسْتَحْيا فلان يَسْتَحْيِي، بياءَين،
والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قوله عز وجل: إنَّ الله لا يَسْتَحْيِي
أَن يَضْرِبَ مثلاً. وحَيِيتُ منه أَحْيا: استَحْيَيْت. وتقول في الجمع:
حَيُوا كما تقول خَشُوا. قال سيبويه: ذهبت الياء لالتقاء الساكنين لأَن
الواو ساكنة وحركة الياء قد زالت كما زالت في ضربوا إلى الضم، ولم تحرّك
الياء بالضم لثقله عليها فحذفت وضُمَّت الياء الباقية لأَجل الواو؛ قال
أَبو حُزابة الوليدُ بن حَنيفة:
وكنا حَسِبْناهم فَوارِسَ كَهْمَسٍ
حَيُوا بعدما ماتُوا، من الدهْرِ، أَعْصُرا
قال ابن بري: حَيِيتُ من بنات الثلاثة، وقال بعضهم: حَيُّوا، بالتشديد،
تركه عل ما كان عليه للإدغام؛ قال عبيدُ بنُ الأَبْرص:
عَيُّوا بأَمرِهِمُو، كما
عَيَّتْ ببَيْضَتِها الحَمامَهْ
وقال غيره: اسْتَحْياه واسْتَحْيا منه بمعنًى من الحياء، ويقال:
اسْتَحَيْتُ، بياء واحدة، وأَصله اسْتَحْيَيْتُ فأَعَلُّوا الياء الأُولى
وأَلقَوا حَرَكتها على الحاء فقالوا استَحَيْتُ، كما قالوا اسْتنعت استثقالاً
لَمَّا دَخَلَتْ عليها الزوائدُ؛ قال سيبويه: حذفت الياء لالتقاء الساكنين
لأَن الياء الأُولى تقلب أَلفاً لتحركها، قال: وإنما فعلوا ذلك حيث كثر
في كلامهم. وقال المازنيّ: لم تحذف لالتقاء الساكنين لأَنها لو حذفت لذلك
لردوها إذا قالوا هو يَسْتَحِي، ولقالوا يَسْتَحْيي كما قالوا
يَسْتَنِيعُ؛ قال ابن بري: قول أَبي عثمان موافق لقول سيبويه، والذي حكاه عن
سيبويه ليس هو قوله، وإنما هو قول الخليل لأَن الخليل يرى أَن استحيت أَصله
استحييت، فأُعل إعلال اسْتَنَعْت، وأَصله اسْتَنْيَعْتُ، وذلك بأَن تنقل
حركة الفاء على ما قبلها وتقلب أَلفاً ثمتحذف لالتقاء الساكنين، وأما
سيبويه فيرى أَنها حذفت تخفيفاً لاجتماع الياءين لا لإعلال موجب لحذفها، كما
حذفت السينَ من أَحْسَسْت حين قلتَ أَحَسْتُ، ونقلتَ حركتها على ما قبلها
تخفيفاً. وقال الأَخفش: اسْتَحَى بياء واحدة لغة تميم، وبياءين لغة أَهل
الحجاز، وهو الأَصل، لأَن ما كان موضعُ لامه معتّلاً لم يُعِلُّوا عينه،
أَلا ترى أَنهم قالوا أَحْيَيْتُ وحَوَيْتُ؟ ويقولون قُلْتُ وبِعْتُ
فيُعِلُّون العين لَمَّا لم تَعْتَلَّ اللامُ، وإنما حذفوا الياء لكثرة
استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا لا أَدْرِ في لا أدْرِي. ويقال: فلان أَحْيَى
من الهَدِيِّ، وأَحْيَى من كَعابٍ، وأَحْيَى من مُخَدَّرة ومن
مُخَبَّأَةٍ، وهذا كله من الحَياء، ممدود. وأَما قولهم أَحْيَى من ضَبّ، فمن
الحياةِ. وفي حديث البُراقِ: فدنَوْتُ منه لأَرْكَبَه فأَنْكَرَني فتَحَيَّا
مِنِّي أَي انْقَبَض وانْزَوى، ولا يخلو أَن يكون مأْخوداً من الحياء على
طريق التمثيل، لأَن من شأن الحَيِيِّ أَن ينقبض، أَو يكون أَصله تَحَوّى
أَي تَجَمَّع فقلبت واوه ياء، أَو يكون تَفَيْعَلَ من الحَيِّ وهو الجمع،
كتَحَيَّز من الحَوْز. وأَما قوله: ويَسْتَحْيي نساءَهم، فمعناه
يَسْتَفْعِلُ من الحَياة أَي يتركهنَّ أَحياء وليس فيه إلا لغة واحدة. وقال أَبو
زيد: يقال حَيِيتُ من فِعْلِ كذا وكذا أَحْيا حَياءً أَي اسْتَحْيَيْتُ؛
وأَنشد:
أَلا تَحْيَوْنَ من تَكْثير قَوْمٍ
لعَلاَّتٍ، وأُمُّكُمو رَقُوبُ؟
معناه أَلا تَسْتَحْيُونَ. وجاء في الحديث: اقْتُلُوا شُيُوخ المشركين
واسْتَحْيُوا شَرْخَهم أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم ولا تقتلوهم، وكذلك قوله
تعالى: يُذَبِّحُ أَبناءهم ويَسْتَحْيِي نساءَهم؛ أَي يسْتَبْقيهن للخدمة
فلا يقتلهن. الجوهري: الحَياء، ممدود، الاستحياء. والحَياء أَيضاً:
رَحِمُ الناقة، والجمع أَحْيِيةٌ؛ عن الأَصمعي. الليث: حَيا الناقة يقصر ويمدّ
لغتان. الأَزهري: حَياءُ الناقة والشاة وغيرهما ممدود إلاّ أَن يقصره
شاعر ضرورة، وما جاء عن العرب إلا ممدوداً، وإنما سمي حَياءً باسم الحَياء
من الاسْتحياء لأَنه يُسْتَر من الآدمي ويُكْنى عنه من الحيوان،
ويُسْتَفحش التصريحُ بذكره واسمه الموضوع له ويُسْتَحى من ذلك ويُكْنى عنه. وقال
الليث: يجوز قَصْر الحَياء ومَدُّه، وهو غلط لا يجوز قصره لغير الشاعر
لأَن أَصله الحَياءُ من الاستحياء. وفي الحديث: أَنه كَرِهَ من الشاةِ
سَبْعاً: الدَّمَ والمرارة والحَياءَ والعُقْدَةَ والذَّكَر والأُنْثَيين
والمَثانَة؛ الحَياءُ، ممدود: الفرج من ذوات الخُفِّ والظِّلْف، وجمعها
أَحْييَة. قال ابن بري: وقد جاء الحَياء لرحم الناقة مقصوراً في شعر أَبي
النَّجْم، وهو قوله:
جَعْدٌ حَياها سَبِطٌ لَحْياها
قال ابن بري: قال الجوهري في ترجمة عيي: وسمعنا من العرب من يقول
أَعْيِياءُ وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّنُ. قال ابن بري: في كتاب سيبويه أَحْيِيَة جمع
حَياءٍ لفرج الناقة، وذكر أَن من العرب من يدغمه فيقول أَحِيَّه، قال:
والذي رأَيناه في الصحاح سمعنا من العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَعْيِيَةٌ
فيبين؛ ابن سيده: وخص ابن الأَعرابي به الشاة والبقرة والظبية، والجمع
أَحْياءٌ؛ عن أَبي زيد، وأَحْيِيَةٌ وحَيٌّ وحِيٌّ؛ عن سيبويه، قال: ظهرت
الياء في أَحْيِيَة لظهورها في حَيِيَ، والإدْغامُ أَحسنُ لأَن الحركة
لازمة، فإن أَظهرت فأحْسَنُ ذلك أَن تُخْفي كراهية تَلاقي المثلين، وهي مع
ذلك بزنتها متحرّكة، وحمل ابن جني أَحْياءً على أَنه جمع حَياءٍ ممدوداً؛
قال: كَسَّرُوا فَعالاً على أَفعال حتى كأنهم إنما كسروا فَعَلاً.
الأَزهري: والحَيُّ فرج المرأَة. ورأى أَعرابي جهاز عَرُوسٍ فقال: هذا سَعَفُ
الحَيِّ أَي جِهازُ فرج المرأَة.
والحَيَّةُ: الحَنَشُ المعروف، اشتقاقه من الحَياة في قول بعضهم؛ قال
سيبويه: والدليل على ذلك قول العرب في الإضافة إلى حَيَّةَ بن بَهْدَلة
حَيَوِيٌّ، فلو كان من الواو لكان حَوَوِيّ كقولك في الإضافة إلى لَيَّة
لَوَوِيٌّ. قال بعضهم: فإن قلت فهلاَّ كانت الحَيَّةُ مما عينه واو
استدلالاً بقولهم رجل حَوَّاء لظهور الواو عيناً في حَوَّاء؟ فالجواب أَنَّ أَبا
عليّ ذهب إلى أَن حَيَّة وحَوَّاء كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ ولؤلؤٍ ولأْآلٍ
ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ ودِلاصٍ ودُلامِصٍ، في قول أبي عثمان، وإن هذه الأَلفاظ
اقتربت أُصولها واتفقت معانيها، وكل واحد لفظه غير لفظ صاحبه فكذلك حَيَّةٌ
مما عينه ولامه ياءَان، وحَوَّاء مما عينه واو ولامه ياء، كما أَن
لُؤلُؤاً رُباعِيٌّ ولأْآل ثلاثي، لفظاهما مقتربان ومعنياهما متفقان، ونظير
ذلك قولهم جُبْتُ جَيْبَ القَميص، وإنما جعلوا حَوَّاء مما عينه واو ولامه
ياء، وإن كان يمكن لفظه أَن يكون مما عينه ولامه واوان من قِبَل أَن هذا
هو الأَكثر في كلامهم، ولم يأْت الفاء والعين واللام ياءَات إلاَّ في
قولهم يَيَّيْتُ ياءً حَسَنة، على أَن فيه ضَعْفاً من طريق الرواية، ويجوز
أَن يكون من التّحَوِّي لانْطوائها، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. قال
الجوهري: الحَيَّة تكون للذكر والأُنثى، وإنما دخلته الياء لأَنه واحد من
جنس مثل بَطَّة ودَجاجة، على أَنه قد روي عن العرب: رأَيت حَيّاً على حَيّة
أَي ذكراً على أُنثى، وفلان حَيّةٌ ذكر. والحاوِي: صاحب الحَيَّات، وهو
فاعل. والحَيُّوت: ذَكَر الحَيَّات؛ قال الأَزهري: التاء في الحَيُّوت:
زائدة لأَن أَصله الحَيُّو، وتُجْمع الحَيَّة حَيَواتٍ. وفي الحديث: لا
بأْسَ بقَتْلِ الحَيَواتِ، جمع الحَيَّة. قال: واشتقاقُ الحَيَّةِ من
الحَياة، ويقال: هي في الأَصل حَيْوَة فأُدْغِمَت الياء في الواو وجُعلتا ياءً
شديدة، قال: ومن قال لصاحب الحَيَّاتِ حايٍ فهو فاعل من هذا البناء
وصارت الواو كسرة
(* قوله «وصارت الواو كسرة» هكذا في الأصل الذي بيدنا ولعل
فيه تحريفاً، والأصل: وصارت الواو ياء للكسرة). كواو الغازي والعالي، ومن
قال حَوَّاء فهو على بناء فَعَّال، فإنه يقول اشتقاقُ الحَيَّة من
حَوَيْتُ لأَنها تَتَحَوَّى في الْتِوائِها، وكل ذلك تقوله العرب. قال أَبو
منصور: وإن قيل حاوٍ على فاعل فهو جائز، والفرق بينه وبين غازٍ أن عين
الفعل من حاوٍ واو وعين الفعل من الغازي الزاي فبينهما فرق، وهذا يجوز على
قول من جعل الحَيَّة في أَصل البناء حَوْيَةً. قال الأَزهري: والعرب
تُذَكّر الحَيَّة وتؤنثها، فإذا قالوا الحَيُّوت عَنَوا الحَيَّة الذكَرَ؛
وأَنشد الأَصمعي:
ويأكُلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتَا،
ويَدْمُقُ الأَغْفالَ والتَّابُوتَا،
ويَخْنُقُ العَجُوزَ أَو تَمُوتَا
وأَرض مَحْياة ومَحْواة: كثيرة الحيّات. قال الأَزهري: وللعرب أَمثال
كثيرة في الحَيَّة نَذْكُرُ ما حَضَرَنَا منها، يقولون: هو أَبْصَر من
حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، ويقولون: هو أَظْلَم من حَيَّةٍ؛ لأنها تأْتي
جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، ويقولون: فلان حَيَّةُ
الوادِي إذا كان شديد الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ
الأَرض؛ ومنه قول ذِي الإصْبعِ العَدْواني:
عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوا
نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرض
أَراد أَنهم كانوا ذوي إربٍ وشِدَّةٍ لا يُضَيِّعون ثَأْراً، ويقال
رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إذا كان مُتَوقِّداً شَهْماً عاقلاً. وفلان حَيّةٌ
ذكَرٌ أَي شجاع شديد. ويدعون على الرجل فيقولون: سقاه الله دَمَ الحَيَّاتِ
أَي أَهْلَكَه. ويقال: رأَيت في كتابه حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إذا مَحَلَ
كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إلى سُلْطانٍ ووَشَى به ليُوقِعَه في وَرْطة. ويقال للرجل
إذا طال عُمْره وللمرأَة إذا طال عمرها: ما هُو إلاّ حَيَّةٌ وما هي إلاّ
حَيَّةٌ، وذلك لطول عمر الحَيَّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لطول حياته.
ابن الأَعرابي: فلانٌ حَيَّةُ الوادي وحَيَّة الأرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إذا
كان نِهايةً في الدَّهاء والخبث والعقل؛ وأَنشد الفراء:
كمِثْلِ شَيْطانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ
وروي عن زيد بن كَثْوَة: من أَمثالهم حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صاحبي،
حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يقال ذلك عند المَزْرِيَةِ على الذي يَسْتحق ما
لا يملك مكابره وظلماً، وأَصله أَن امرأَة كانت رافقت رجلاً في سفر وهي
راجلــة وهو على حمار، قال فأَوَى لها وأَفْقَرَها ظَهْرَ حماره ومَشَى
عنها، فبَيْنَما هما في سيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه: حيهٍ حِمَارِي
وحِمَارَ صاحبي، فسمع الرجل مقالتها فقال: حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي ولم
يَحْفِلْ لقولها ولم يُنْغِضْها، فلم يزالا كذلك حتى بَلَغَتِ الناسَ فلما
وَثِقَتْ قالت: حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وهي عليه فنازعها الرجلُ إياه
فاستغاثت عليه، فاجتمع لهما الناسُ والمرأَةُ راكبة على الحمار والرجل راجل،
فقُضِيَ لها عليه بالحمار لما رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلاً. والحَيَّةُ من
سِماتِ الإبل: وَسْمٌ يكون في العُنُقِ والفَخِذ مُلْتَوِياً مثلَ
الحَيَّة؛ عن ابن حبيب من تذكرة أبي عليّ.
وحَيَّةُ بنُ بَهْدَلَةَ: قبيلة، النسب إليها حَيَوِيٌّ؛ حكاه سيبويه عن
الخليل عن العرب، وبذلك استُدِلّ على أَن الإضافة إلى لَيَّةٍ
لَوَوِيٌّ، قال: وأَما أَبو عمرو فكان يقول لَيَيِيٌّ وحَيَيِيٌّ. وبَنُو حِيٍّ:
بطنٌ من العرب، وكذلك بَنُو حَيٍّ. ابن بري: وبَنُو الحَيَا، مقصور، بَطْن
من العرب. ومُحَيَّاةُ: اسم موضع. وقد سَمَّوْا: يَحْيَى وحُيَيّاً
وحَيّاً وحِيّاً وحَيّانَ وحُيَيَّةَ. والحَيَا: اسم امرأَة؛ قال
الراعي:إنَّ الحَيَا وَلَدَتْ أَبي وَعُمُومَتِي،
ونَبَتُّ في سَبِطِ الفُرُوعِ نُضارِ
وأَبو تِحْيَاةَ: كنية رجل من حَيِيتَ تِحْيا وتَحْيا، والتاء ليست
بأَصلية.
ابن سيده: وَحَيَّ على الغَداء والصلاةِ ائتُوهَا، فحَيَّ اسم للفعل
ولذلك عُلّق حرفُ الجرّ الذي هو على به.
وحَيَّهَلْ وحَيَّهَلاً وحَيَّهَلا، مُنَوَّناً وغيرَ منوّن، كلّه: كلمة
يُسْتَحَثُّ بها؛ قال مُزاحم:
بِحَيَّهَلاً يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ
أَمامَ المَطايا، سَيْرُها المُتَقاذِفُ
(* قوله «سيرها المتقاذف» هكذا في الأصل؛ وفي التهذيب: سيرهن تقاذف).
قال بعض النحويين: إذا قلت حَيَّهَلاً فنوّنت قلت حَثّاً، وإذا قلت
حَيَّهَلا فلم تُنون فكأَنَّك قلت الحَثَّ، فصار التنوين علم التنكير وتركه
علم التعريف وكذلك جميع ما هذه حاله من المبنيَّات، إذا اعْتُقِد فيه
التنكير نُوِّن، وإذا اعتُقِد فيه التعريف حذف التنوين. قال أَبو عبيد: سمع
أَبو مَهْدِيَّة رجلاً من العجم يقول لصاحبه زُوذْ زُوذْ، مرتين
بالفارسية، فسأَله أَبو مَهْدِيَّة عنها فقيل له: يقول عَجِّلْ عَجِّلْ، قال أَبو
مَهْدِيَّة: فهَلاَّ قال له حَيَّهَلَكَ، فقيل له: ما كان الله ليجمع لهم
إلى العَجَمِيّة العَرَبِيّة. الجوهري: وقولهم حَيّ على الصلاة معناه
هَلُمَّ وأَقْبِلْ، وفُتِحتالياءُ لسكونها وسكون ما قبلها كما قيل لَيتَ
ولعلَّ، والعرب تقول: حَيَّ على الثَّرِيدِ، وهو اسمٌ لِفعل الأَمر، وذكر
الجوهري حَيَّهَلْ في باب اللام، وحاحَيْتُ في فصل الحاء والأَلف آخرَ
الكتاب. الأَزهري: حَيّ، مثَقَّلة، يُنْدَبُ بها ويُدْعَى بها، يقال: حَيَّ
على الغَداء حَيَّ على الخير، قال: ولم يُشْتَق منه فعل؛ قال ذلك الليث،
وقال غيره: حَيَّ حَثٌّ ودُعاء؛ ومنه حديث الأَذان: حَيَّ على الصلاة
حَيَّ على الفَلاح أَي هَلُمُّوا إليها وأَقبلوا وتَعالَوْا مسرعين، وقيل:
معناهما عَجِّلوا إلى الصلاح وإلى الفلاح؛ قال ابن أَحمر:
أَنشَأْتُ أَسْأَلُه ما بالُ رُفْقَته،
حَيَّ الحُمولَ، فإنَّ الركْبَ قد ذَهَبا
أَي عليك بالحمول فقد ذهبوا؛ قال شمر أَنشد محارب لأَعرابي:
ونحن في مَسْجدٍ يَدْع مُؤَذِّنُه:
حَيَّ تَعالَوْا، وما نَاموا وما غَفَلوا
قال: ذهب به إلى الصوت نحو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وزعم أَبو الخطاب أَن
العرب تقول: حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصلاة، جَعَلَهُما اسمين
فَنصَبَهما. ابن الأَعرابي: حَيَّ هَلْ بفلان وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاً
بفلان أَي اعْجَلْ. وفي حديث ابن مسعود: إذا ذُكِرَ الصَّالِحُون
فَحَيَّ هَلاً بِعُمَرَ أَي ابْدَأ به وعَجِّلْ بذكره، وهما كلمتان جعلتا كلمة
واحدة وفيها لغات. وهَلا: حَثٌّ واستعجال؛ وقال ابن بري: صَوْتان
رُكِّبا، ومعنى حَيَّ أَعْجِلْ؛ وأَنشد بيت ابن أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسْأَلُه عن حَالِ رُفْقَتِهِ،
فقالَ: حَيَّ، فإنَّ الرَّكْبَ قد ذَهَبا
قال: وحَاحَيْتُ من بَناتِ الأَرْبعة؛ قال امرؤ القيس:
قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام، ونِسْـ
وَانٌ قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ
قال ابن بري: ومن هذا الفصل التَّحايِي. قال ابن قتيبةَ: رُبّما عَدَل
القَمَر عن الهَنْعة فنزل بالتَّحابي، وهي ثلاثة كواكب حِذَاءَ الهَنْعَة،
الواحدة منها تِحْيَاة وهي بين المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق، وكان
أَبو زياد الكلابي يقول: التَّحايي هي النهَنْقة، وتهمز فيقال التَّحَائي؛
قال أَبو حنيفة: بِهِنَّ ينزل القمر لا بالهَنْعة نَفْسِها، وواحدتها
تِحْياة؛ قال الشيخ: فهو على هذا تِفْعَلة كتِحْلَبَة من الأَبنية،
ومَنَعْناهُ من فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه و ح ي
تَكَلُّفٌ، لإبدال التاء دون أَن تكون أَصلاً، فلهذا جَعَلناها من الحَيَاء
لأَنهم قالوا لها تَحِيَّة، تسمَّى الهَنْعة التَّحِيّة فهذا من ح ي ي ليس
إلاّ، وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة، وأَيضاً فإنَّ نوءَها كبير الحيا من
أَنواء الجوزاء؛ يدل على ذلك قول النابغة:
سَرَتْ عليه منَ الجَوْزاء ساريةٌ،
تُزْجي الشَّمالُ عَليَه سالِفَ البَرَد
والنَّوْءُ للغارب، وكما أَن طلوع الجوزاء في الحر الشديد كذلك نوؤها في
البرد والمطر والشتاء، وكيف كانت واحدتها أَتِحْيَاةٌ، على ما ذكر أَبو
حنيفة، أَمْ تَحِيَّة على ما قال غيره، فالهمز في جمعها شاذ من جهة
القياس، فإن صح به السماع فهو كمصائبَ ومعائِشَ في قراءة خارجة، شُبِّهَت
تَحِيَّة بفَعِيلة، فكما قيل تَحَوِيٌّ في النسب، وقيل في مَسِيل مُسْلان في
أَحد القولين قيل تَحائي، حتى كأَنه فَعِيلة وفَعائل. وذكر الأَزهري في
هذه الترجمة: الحَيْهَل شجرٌ؛ قال النضر: رأَيت حَيْهَلاً وهذا حَيْهَلٌ
كثير. قال أَبو عمرو: الهَرْمُ من الحَمْضِ يقال له حَيْهَلٌ، الواحدة
حَيْهَلَةٌ، قال: ويسمى به لأَنه إِذا أَصابه المطر نَبَت سريعاً، وإِذا
أَكلته الناقة أَو الإِبل ولم تَبْعَرْ ولم تَسْلَحْ سريعاً ماتت.
ابن الأَعرابي: الحَيُّ الحَقٌّ واللَّيُّ الباطل؛ ومنه قولهم: لا
يَعْرِف الحَيَّ من اللَّيِّ، وكذلك الحَوَّ من اللَّوِّ في الموضعين، وقيل:
لا يَعْرِف الحَوَّ من اللَّوِّ؛ الحَوُّ: نَعَمْ، واللَّوُّ لَوْ، قال:
والحَيُّ الحَوِيّةُ، واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أَي فتله؛ يُضرب هذا
للأَحْمق الذي لا يَعْرف شيئاً.
وأَحْيَا، بفتح الهمزة وسكون الحاء وياءٍ تحتَها نقطتان: ماءٌ بالحجاز
كانت به غَزاة عُبيدَة بن الحرث بن عبد المطلب.
عرضن: الأَزهري في رباعي العين: الليث العِرَضْنة والعِرَضْنى عَدْوٌ في
اشتقاق؛ وأَنشد:
تَعْدُو العِرَضْنى خَيْلُهم حَــراجِلــا.
قال ابن الأَعرابي: العِرَضْنى في اعتراض ونَشاط، وحَــراجِلَ وعَــرَاجِلَ:
جماعاتٍ. أَبو عبيد: العِرَضْنةُ الاعتراضُ في السير من النَّشاطِ، ولا
يقال ناقة عِرَضْنة. وامرأَة عِرَضْنة: ضخمة قد ذهبت عَرْضاً من
سِمَنِها.