ورجلٌ هَذَّاءٌ وهَذَّاءَةٌ: كثيرُهُ.
وأهْذَيْتُ اللَّحْمَ: أْنضَجْتُه حتى لا يَتَمَاسَكُ.
ومس: الوَمْس: احْتِكاك الشيء بالشيء حتى يَنْجَرد؛ قال الشاعر:
وقد جَرّد الأَكْتافَ وَمْسُ الحَوارِكِ
قال: ولم أَسمع الوَمْس لغيره، والرواية مَوْر المَوارِكِ. وأَوْمَسَ
العِنَب: لانَ للنُّضْجِ. وامرأَةٌ مُومِسٌ ومُومِسَةٌ: فاجرة زانية تميل
لمُرِيدِها كما سميت خَرِيعاً من التَخَرُّع وهو اللين والضعف، وربما سميت
إِماءُ الخِدْمَة مُومِسات، والمُومِسات: الفواجر مجاهرة. وفي حديث
جريج: حتى يَنْظُرَ في وجوه المُومِسات، ويجمع على مَيامِس أَيضاً ومَوامِيس،
وأَصحاب الحديث يقولون: ميامِيس ولا يصح إِلا على إِشباع الكسرة ليصير
ياء كمُطْفِل ومَطافِل ومَطافِيل. وفي حديث أَبي وائل: أَكْثر أَتْباع
الدَّجَّال أَولاد المَيامِس، وفي رواية: أَولاد المَوامِس؛ قال ابن
الأَثير: وقد اختلف في أَصل هذه اللفظة فبعضهم يجعله من الهمزة وبعضهم يجعله من
الواو، كلٌّ منهما تكلَّف له اشتقاقاً فيه بُعْدٌ، وذكرها هو في حرف
الميم لظاهر لفظها ولاختلافهم في لفظها.
جمر: الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو
فَحْمٌ.والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ وقد
اجْتَمَرَ بها. وفي التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، وهي التي تُدَخَّنْ
بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، ومن ذكَّره عنى به
الموضع؛ وأَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ
مُطَرًّى. وقال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. واسْتَجْمَرَ
بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال:
أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: وينشد هذا
البيت بالوجهين مُجْمِراً ومِجْمَراً وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة
ملازمة للطيب:
لا تَصْطَلي النَّارَ إلاَّ مُجْمِراً أَرِجاً،
قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
واليلنجوج: العود. والوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. وفي الحديث: إِذا
أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. ويقال: ثوب
مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب،
والذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ ومنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي
كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم، والمَجَامِر: جمع
مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور، وبالضم الذي
يتبخر به وأُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه
بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وهو العود.
وثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، والجامِرُ الذي يلي ذلك،
من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكيِّهِ جَامِرُهْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا
(* قوله: «وفي حديث عمر لا
تجمروا» عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في
الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره.
والجَمْرَةُ: القبيلة لا تتضم إِلى أَحد؛ وقيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ
قَبائلَ، وقيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها.
والجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وكل قبيل انضموا فصاروا يداً
واحدة ولم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم
يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً ولا ينضمون إِلى أَحد، تكون
القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. وفي
الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس
فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا
نَسْتَجْمِرُ ولا نحالف أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم.
والجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ ومن
هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ
حَصًى منها جَمْرَةٌ وهي ثلاث جَمَراتٍ. وقال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال
لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛
كِرامٌ، وقد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،
وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
(* قوله: «يتقى نفيانها» النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من
التراب ونحوه، ويشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح).
وجَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب وبنو نُمير ابن عامر وبنو عبس؛ وكان
أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، ويزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، وكان
يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان وبقيت
واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، وطفئت بنو عبس لانتقالهم
إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، وقيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ
وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب
ثلاث: بنو ضبة بن أُد وبنو الحرث بن كعب وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم
جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، وطفئت بن الحرث لأَنها حالفت
مَذْحِجَ، وبقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم تُخالِفْ. ويقال: الجمرات عبس
والحرث وضبة، وهم إِخوة لأُم، وذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام
أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له
الحرث بن كعب ابن عبد المدان وهم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ ابن
رَيْثٍ فولدت له عَبْساً وهم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة،
فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن. وفي حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم
بِجَمْرَتهِم أَي بجماعتهم التي هم منها.
وأَجْمَرُوا على الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا.
وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وفي حديث
أَبي إِدريس: دخلت المسجد والناسُ أَجْمَرُ ما كانوا أَي أَجمع ما
كانوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها وأَجْمَرَتْهُ: جمعته وعقدته في قفاها ولم
ترسله. وفي التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وهي
الضفائر والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه.
والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: وفي الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ
والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه وهو محرم
يجب عليه حلقه، ورواه الزمخشري بالتشديد وقال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ
ويَعْقِدُهُ في قفاه. وفي حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً أَي
جمعته وضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، والذؤابَةُ:
الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ
العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في
أَرض العدوّ ولا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي
تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي وغيره: جَمَّرَ الأَميرُ
الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر ولم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم،
وهو التَّجْمِيرُ؛ وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،
ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم؛
تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ ومنه
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ. وجاء القومُ
جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ وقال: الجَمَارُ
المجتمعون؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلاً قَوْمَنَا،
وأَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.
الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا وصاروا أَلْباً واحداً. وبنو
فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ وشدّة. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا
تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ: صُلْبٌ شديد مجتمع، وقيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة
وصَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ:
المُقَبَّبُ من الحوافر، وهو محمود.
والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها
جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس
الهُذَليُّ:لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ
سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وسئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه
ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك وهي ثلاث
جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الحصاة. والتَّجْمِيرُ:
رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي
بالجِمارِ، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي
اجتماع القبيلة على من ناوأَها، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا
أَسرع؛ ومنه الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
والاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا استجمرت فأَوْتِرْ؛ أَبو
زيد: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إِذا
تمسح بالجمار، وهي الأَحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى
بها.
ويقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها.
والجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ.
وجُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم
تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وهي
رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، والكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ
السَّعَفَتَيْنِ وهي الكُفُِرَّى، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ:
كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ؛ الجُمَّارَةُ: قلب
النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ وفي حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ؛ هُوَ جمعُ
جُمَّارة.
والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وقيل: لظُلمة
ليلة
(* قوله: «لظلمة ليلة إلخ» هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما
يعلم مما يأتي). في الشهر. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ
فيهما القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. وابْنُ
جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
وإِنْ أَطافَ، ولم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ
في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فقَطِيمَةً.
والفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. وحكي عن ثعلب:
ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ
جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وقيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه
إِلى جَمِير، والعرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن
اللحياني. وفي التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وما أَسْمَرَ
ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: وابنا جمير الليل والنهار، سميا بذلك للاجتماع كما
سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: والجَمِيرُ الليل
المظلم، وابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ وأَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ،
وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
ويروىي:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها ولا في
أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة من الشهر؛ وقال:
وكأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ
في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. والأُسامة: الأَسد. وقال
ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر
ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه.
وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وعدا، ولا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال
لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها وجمعناها.
وبنو جَمْرَةَ: حَيُّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ
وبَلْعَدَوِيَّة وهو من بني يربوع بن حنظلة. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ
السفينة: معروف. والجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما
تسميه بذلك العامة.
وفلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. ويقال: كان ذلك عند سقوط
الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: موضع، وقيل: اسم جبل، وقول ابن الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،
قد عَلاَها نَجَدُ فيه اجْمِرار
قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب،
ورواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها وتجمعه. الأَصمعي:
عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،
إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
والنظائر: أَن تعد مثنى مثنى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن
ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،
مَعائِرَ فيهمُ رَجُلاً جَمَارا
فَقِيرَ اللْيلِ تَلْقاه غنِيّاً،
إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا
هذا مقدّم أُريد به
(* هكذا في الأَصل). وفلان غني الليل إِذا كانت له
إِبل سود ترعى بالليل.
رطأ: رَطَأَ المرأَةَ يَرْطَؤُها رَطْأً: نكَحها.
والرَّطَأُ: الحُمْقُ. والرَّطِيءُ، على فَعِيل: الأَحْمق، مِنَ الرِّطاءِ، والأَنثى رَطِيئةٌ. واسْتَرْطَأَ: صار رَطِيئاً.
وفي حديث رَبِيعة: أَدْرَكْتُ أَبْناءَ أَصحابِ النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، يَدَّهِنُون بالرِّطاءِ، وفسره فقال: هو التَّدَهُّن الكثير، أَو
قال: الدَّهْنُ الكثير. وقيل: هو الدَّهْن بالماءِ من قولهم رَطَأْتُ القومَ إِذا رَكِبْتَهم بما لا يُحِبُّونَ لأَنَّ الماءَ يَعْلُوه الدُّهْنُ.
<ص:87> @رفأ: رَفَأَ السفينةَ يَرْفَؤُها رَفْأً: أَدْناها مِن الشَّطِّ.
وأَرْفَأْتُها إِذا قَرَّبتها إِلى الجَدِّ من الأَرض. وفي الصحاح: أَرْفَأْتُها
إِرْفاءً: قَرَّبْتها من الشط، وهو المَرْفَأُ. ومَرْفَأُ السفِينةِ: حيث
تَقْرُب مِن الشَّطِّ.
وأَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا أَدْنَيْتها الجِدَّةَ، والجِدَّةُ وَجْهُ الأَرضِ. وأَرْفَأَتِ السَّفِينةُ نَفْسُها إِذا ما دَنَتْ للجِدَّة. والجَدُّ ما قَرُبَ مِن الأَرض. وقيل: الجَدُّ شاطِئُ النهر. وفي حديث تَمِيمٍ الدَّارِي: أَنَّهُم رَكِبُوا البحر ثم أَرْفَؤُوا إِلى جزيرة. قال :أَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا قَرَّبْتها من الشَّطِّ. وبعضهم يقول: أَرْفَيْتُ بالياء. قال: والأَصل الهمز. وفي حديث موسى عليه السلام: حتى أَرْفَأَ به عند فُرْضَةِ الماءِ. وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في القِيامة: فتكونُ الأَرضُ كالسَّفِينةِ الـمُرْفَأَةِ في البحر تَضْرِبها الأَمـْواجُ.
ورفَأَ الثوبَ، مهموز، يَرْفَؤُه رَفْأً: لأَمَ خَرْقَه وضمَّ بعضَه إِلى
بَعْضٍ وأَصْلَح ما وَهَى منه، مشتق من رَفْءِ السَّفينة، وربما لم
يُهمز. وقال في باب تحويل الهَمزة: رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً، تحوَّل الهمزة واواً كما ترى.
ورجلٌ رَفَّاءٌ: صَنْعَتُه الرَّفْءُ. قال غَيْلان الرَّبَعِيُّ:
فَهُنَّ يْعْبِطْنَ جَدِيدَ البَيْداءْ * ما لا يُسَوَّى عَبْطُه بالرَّفَّاءْ
أَراد برَفْءِ الرَّفَّاءِ. ويقال: من اغتابَ خَرَقَ، ومَن اسْتَغْفر
اللّهَ رَفَأَ، أَي خَرَقَ دِينَه بالاغتِيابِ ورَفَأَه بالاسْتِغْفار، وكلُّ ذلك على الـمَثَل. والرَّفاءُ بالمدّ: الالتِئامُ والاتِّفاقُ.
وَرَفأَ الرجلَ يَرْفَؤُه رَفْأً: سكنَّه. وفي الــدعاءِ لِلمُمْلِكِ
بالرَّفاءِ والبَنِينَ أَي بالالتئام والاتِّفاقِ وحُسْنِ الاجْتماع. قال ابن
السكيت: وإِن شئت كان معناه بالسكون والهُدُوِّ والطُّمَأْنينةِ، فيكون أَصله غير الهمز من قولهم رَفَوْتُ الرجلَ إِذا سَكَّنْته. ومن الأَوَّل يقال:
أُخِذَ رَفْءُ الثَوبِ لأَنه يُرْفَأُ فيُضَمُّ بعضُه إِلى بعض ويُلأَم
بينه. ومن الثاني قول أَبي خِراش الهُذَلِيِّ:
رَفَوْنِي، وقالوا: يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ! * فقلتُ، وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ: هُمُ هُمُ
يقول: سكَّنُوني. وقال ابن هانئٍ: يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة. قال: والهمزة لا تُلْقَى إِلاَّ في الشعر، وقد أَلقاها في هذا البيت. قال: ومعناه أَنِّي فَزِعْتُ فطار قلبي فضَمُّوا بعضي إِلى بعض. ومنه بالرِّفاءِ والبَنِينَ. ورَفَّأَهُ تَرفِئةً وتَرْفِيئاً: دعا له، قال له: بالرِّفاءِ والبنين. وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: أَنه نَهى أَن يقال بالرِّفاءِ والبنين.
الرَّفاءُ: الالتئامُ والاتِّفاقُ والبَرَكةُ والنَّماءُ، وإِنما نهى عنه
كراهِيةً لأَنه كان من عادتهم، ولهذا سُنَّ فيه غيرُه. وفي حديث شريح: قال له رجل: قد تَزَوَّجْتُ هذه المرأَةَ. قال: بالرِّفاءِ والبنين. وفي حديث بعضهم: أَنه كان إِذا رَفَّأَ رجلاً قال: بارك اللّهُ عليكَ وبارك فيكِ، وجمع بينكما في خير. ويهمز الفعل ولا يهمز.
قال ابن هانئٍ: رَفَّأَ أَي تزوَّج، وأَصل الرَّفْءِ: الاجتماع
والتَّلاؤُم. ابن السكيت فيما لا يهمز، فيكون له معنى، فإِذا هُمِز كان له معنى آخر: رَفَأْتُ الثوبَ أَرْفَؤُه رَفْأً. قال: وقولهم بالرِّفاءِ
والبَنِينَ أَي بالتِئامٍ واجتماعٍ، وأَصله الهمز، وإِن شئت كان معناه السكونَ
<ص 88>
والطُّمَأْنِينةَ، فيكون أَصله غير الهمز من رَفَوْت الرجلَ إِذا سَكَّنْته.
وفي حديث أُمِّ زرع: كنتُ لكِ كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زرعٍ في الأُلْفةِ
والرِّفاءِ.
وفي الحديث: قال لقُرَيْش: جئْتُكُم بالذَّبْح. فأَخَذَتْهُم كلمتُه، حتى إِنَّ أَشَدَّهم فيه وَصاءةً ليَرْفَؤُه بأَحسنِ ما يَجِدُ من القَوْلِ أَي يُسَكِّنُه ويَرْفُقُ به ويَدْعُو له.
وفي الحديث: أَنَّ رجُلاً شَكا إِليه التَعَزُّبَ فقال له: عَفِّ شعَرَك. فَفَعَلَ، فَارْفَأَنَّ أَي سَكَنَ ما كان به، والـمُرْفَئِنُّ: الساكِنُ.
ورَفَأَ الرجلَ: حاباه. وأَرْفَأَه: داراه، هذه عن ابن الأَعرابي. ورافَأَنِي الرجلُ في البيعِ مُرافأَةً إِذا حاباكَ فيه. ورافأْتُه في البيع:
حابَيْتُه.
وتَرافَأْنا على الأَمْر تَرافُؤاً نحو التَّمالُؤِ إِذا كان كَيْدُهم وأَمْرُهم واحداً. وتَرافَأْنا على الأَمْر: تَواطَأْنا وتَوافَقْنا. وَرَفَأَ بينهم: أَصْلَح، وسنذكره في رَقَأَ أَيضاً. وأَرْفَأَ إِليه: لَجَأَ. الفرَّاء: أَرْفَأْتُ وأَرْفَيْتُ إِليه :لغتان بمعنى جَنَحْتُ.
واليَرْفَئِيُّ: الـمُنْتَزَعُ القلب فَزَعاً. واليَرْفَئِيُّ: راعِي الغنمِ. واليَرْفَئِيُّ: الظَّلِيمُ. قال الشاعر:
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي * على يَرْفَئِيٍّ، ذِي زَوائدَ، نِقْنِقِ
واليَرْفَئِيُّ: القفُوزُ الـمُوَلِّي هَرَباً. واليَرْفَئِيُّ: الظَّبيُ لنَشاطِه وتَدارُكِ عَدْوِه.
فرغ: الفَراغُ: الخَلاءُ، فَرَغَ يَفْرَغُ ويَفْرُغُ فَراغاً وفُروغاً
وفَرِغَ يَفْرَغُ. وفي التنزيل: وأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغاً، أَي
خالياً من الصبر، وقرئ فُرُغاً أَي مُفَرَّغاً. وفَرَّغَ المكانَ:
أَخلاه، وقد قرئ: حتى إِذا فُرِّغَ عن قلوبِهم، وفسر: فَرَّغَ قلوبَهم من
الفَزَعِ. وتَفْرِيغُ الظُّرُوفِ: إِخْلاؤها. وفَرَغْتُ من الشُّغُلِ
أَفْرُغُ فُروغاً وفَراغاً وتَفَرَّغْتُ لكذا واستَفْرَغْتُ مَجْهُودِي في
كذا أَي بذلتُه. يقال: اسْتَفْرَغَ فلان مَجْهُودَه إِذا لم يُبْق من
جُهْدِه وطاقتِه شيئاً. وفَرَغَ الرجلُ: ماتَ مثل قَضَى، على المثَل، لأَن
جسمه خَلا من رُوحِه.
وإِناءٌ فُرُغٌ: مُفَرَّغٌ. قال ابن الأَعرابي: قال أَعرابي تَبَصَّرُوا
الشَّيِّفانَ، فإِنه يَصُوكُ على شَعَفةِ المَصادِ كأَنه قِرْشامٌ على
فَرْغِ صَقْرٍ؛ يَصُوك أَي يَلْزَمُ، والمَصادُ الجبل، والقِرْشامُ
القُرادُ، والفَرْغُ الإِناء الذي يكون فيه الصَّقْرُ، وهو الدُّوشابُ.
وقَوْسٌ فُرُغٌ وفِراغٌ: بغير وَتَرٍ، وقيل: بغير سَهْمٍ. وناقة فِراغٌ:
بغير سِمةٍ. والفِراغُ من الإِبل: الصَّفِيُّ الغَزِيرةُ الواسِعةُ
جِرابِ الضَّرْعِ. والفَرْغُ: السَّعةُ والسَّيَلانُ. الأَصمعي: الفِراغُ
حَوْضٌ من أَدَمٍ واسِعٌ ضَخْمٌ؛ قال أَبو النجم:
طافَ به جَنْبَيْ فِراغٍ عَثْجَل
ويقال: عنى بالفِراغِ ضَرْعها أَنه قد جَفَّ ما فيه من اللَّبَن
فَتَغَضَّنَ؛ وقال امرؤُ القيس:
ونَحَتْ له عن أَرزِ تالئة
فِلْقٍ فِراغٍ مَعابِلٍ طُحْل
أَراد بالفِراغِ ههنا نِصالاً عَرِضةً، وأَراد بالأَرْزِ القَوْسَ
نفسَها، شبَّهها بالشجرة التي يقال لها الأَرْزةُ، والمِعْبَلةُ: العَرِيضُ من
النِّصالِ.
وطَعْنةٌ فَرْغاءُ وذاتُ فَرْغٍ: واسِعةٌ يَسِيلُ دَمُها، وكذلك ضَرْبة
فرِيغةٌ وفَرِيغٌ. والطعنةُ الفَرْغاءُ: ذات الفَرْغ وهو السَّعةُ.
وطرِيقٌ فرِيغٌ: واسِعٌ، وقيل: هو الذي قد أُثِّرَ فيه لكثرة ما وُطِئَ؛
قال أَبو كبير:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَه
نَهْجاً ، أَبانَ بِذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ
والفَرِيغُ: العرِيضُ؛ قال الطرمّاح يصف سِهاماً:
فِراغٌ عَوارِي اللِّيطِ ، تُكْسَى ظُباتُها
سَبائِبَ ، منها جاسِدٌ ونَجِيعُ
وقوله تعالى: سَنَفْرُغُ لكم أَيُّها الثَّقَلانِ؛ قال ابن الأَعرابي:
أَي سَنَعْمِد، واحتج بقول جرير:
ولَمَّا اتَّقَى القَيْنُ العَراقيَ بِاسْتِه،
فَرَغْتُ إلى العَبْدِ المُقَيَّدِ في الحِجْلِ
قال: معنى فَرَغْتُ أَي عَمَدْتُ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه:
افْرُغْ إلى أَضْيافِك أَي اعْمِدْ واقْصِدْ، ويجوز أَن يكون بمعنى التخَلّي
والفَراغِ لتَتَوَفَّرَ على قِراهم والاشتِغالِ بهم. وسَهْمٌ فَرِيغٌ:
حَدِيدٌ؛ قال النَّمِر بن تَوْلَبٍ:
فَرِيغَ الغِرارِ على قدره ،
فَشَكَّ نَواهِقَه والفَما
وسِكِّينٌ فَرِيغٌ كذلك، وكذلك رجل فَرِيغٌ: حديد اللِّسانِ. وفرس
فَرِيغٌ: واسِعُ المَشْي، وقيل: جَوادٌ بِعِيدٌ الشَّحْوةِ؛ قال:
ويَكادُ يَهْلِكُ في تَنُوفَتِه
شأْوُ الفَرِيغِ، وعَقْبُ ذي العَقْبِ
وقد فَرُغَ الفرسُ فَراغَةً. وهِمْلاجٌ فَرِيغٌ: سريع أَيضاً؛ عن كراع،
والمَعْنَيانِ مُقْتَرِبانِ. وفرس فَرِيغُ المَشْي: هِمْلاجٌ وَساعٌ.
وفرس مُسْتَفْرِغٌ: لا يَدَّخِرُ من حُضْرِه شيئاً.
ورجل فِراغٌ: سريع المشي واسعُ الخِطاءِ، ودابّة فِراغُ السَّيْرِ كذلك.
وفي الحديث: أَن رجلاً من الأَنصار قال: حَمَلْنا رسولَ اللهِ، صلى الله
عليه وسلم، على حِمارٍ لنا قَطُوفٍ فنزل عنه فإِذا هو فِراغٌ لا
يُسايَرُ أَي سَرِيعُ المَشْي واسعُ الخَطْوةِ
(* قوله «الخطوة» كذا بالأَصل
وشرح القاموس، والذي في النهاية: سريع الخطو.). والإِفراغُ: الصَّبُّ.
وفَرَغَ عليه الماءَ وأَفْرَغَه: صَبَّه؛ حكى الأَوَّل ثعلب؛ وأَنشد:
فَرَغْنَ الهَوى في القَلْبِ ، ثم سَقَيْنَه
صُباباتِ ماءِ الحُزْنِ بالأَعْيُنِ النُّجْلِ
وفي التنزيل: رَبَّنا أَفْرِغْ علينا صَبْراً؛ أَي اصْبُبْ، وقيل: أَي
أَنْزِلْ علينا صبراً يشتمل علينا، وهو على المثل.
وافْتَرَغَ: أَفْرَغَ على نفسه الماء وصَبَّه عليه. وفَرِغَ الماءُ،
بالكسر، يَفْرَغُ فَراغاً مثال سَمِعَ يَسْمَعُ سَماعاً أَي انْصَبَّ،
وأَفرغته أَنا. وفي حديث الغسل: كان يُفْرِغُ على رأْسِه ثلاث إفراغاتٍ، وهي
المرة الواحدة من الإِفراغِ. يقال: أَفْرَغْتُ الإِناءَ إِفرْاغاً
وفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً إِذا قَلَبْتَ ما فيه. وأَفْرَغْتُ الدِّماءَ:
أَرَقتُها. وُفَرَّغْتُه تَفْرِيغاً أَي صببته.
ويقال: ذَهَب دمُه فَرْغاً وفِرْغاً أَي باطِلاً هَدَراً لم يُطْلَبْ
به؛ وأَنشد:
فإنْ تَكُ أَذْوادٌ أُخِذْنَ ونِسْوةٌ ،
فَلَنْ تَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ
والفُراغة: ماء الرجل وهو النُّطْفةُ. وأَفْرَغَ عند الجماع: صَبَّ
ماءَه. وأَفْرَغَ الذهبَ والفِضَّةَ وغيرهما من الجواهر الذائبة: صَبَّها في
قالَبٍ. وحَلْقة مُفْرَغةٌ: مُصْمَتةُ الجَوانِب غيرُ مَقْطُوعةٍ.
ودِرْهم مُفْرَغٌ: مَصْبُوب في قالب ليس بمضروب. والفَرْغُ: مَفْرَغُ الدَّلْو
وهو خَرْقُه الذي يأْخذ الماء. ومَفْرَغُ الدلوِ: ما يلي مُقَدَّم
الحَوْضِ. والمَفْرَغُ والفَرْغُ والثَّرْغُ: مَخْرَجُ الماء من بين عَراقي
الدلو، والجمع فُرُوغٌ وثُرُوغٌ. وفِراغُ الدلو: ناحِيَتها التي يُصَبُّ
منها الماء؛ وأَنشد:
تسْقي به ذات فِراغٍ عَثْجَلا
وقال:
كأَنَّ شِدْقَيْه ، إذا تَهَكَّما،
فَرْغانِ مِنْ غَرْبَيْن قَدْ تخَرَّما
قال: وفَرْغُه سَعةُ خَرْقِه، ومن ذلك سمي الفَرْغانِ. والفَرْغُ: نجم
من مَنازِلِ القمر، وهما فَرْغانِ مَنزِلان في بُرْج الدلو: فَرْغُ الدلو
المُقَدَّمُ، وفرغ الدلو المُؤَخَّرُ، وكل واحد منهما كَوْكَبانِ
نَيّرانِ، بين كل كوكبين قدر خمس أَذرع في رأْي العين. والفِراغُ: الإِناء
بعينه؛ عن ابن الأَعرابي. التهذيب: وأَما الفِراغُ فكل إناءِ عند العرب
فِراغٌ. والفَرْغانُ: الإِناءُ الواسِعُ. والفِراغُ: الأَوْدِية؛ عن ابن
الأَعرابي ولم يذكر لها واحداً ولا اشْتَقَّها. قال ابن بري: الفَرْغُ الأَرض
المُجْدِبةُ؛ قال مالك العليمي:
أُنْجُ نجاءً من غَرِيمٍ مَكْبُولْ،
يُلْقى عليه النَّيْدُلانُ والغُولْ
واتَّقِ أَجْساداً بِفَرْغٍ مَجْهُولْ
ويَزِيدُ بن مُفَرِّغ، بكسر الراء: شاعرٌ من حِمْيَر.
جبه: الجَبْهة للإِنسان وغيره، والجَبْهَةُ: موضع السجود، وقيل: هي
مُسْتَوَى ما بين الحاجبين إلى الناصية. قال ابن سيده: ووجدت بخط علي بن حمزة
في المُصَنَّف فإِذا انْحَسَر الشعرُ عن حاجبي جَبْهَتِه، ولا أَدري كيف
هذا إِلا أَن يريد الجانبين. وجَبْهة الفرس: ما تحت أُذنيه وفوق عينيه،
وجمعها جِباهٌ. والجَبَهُ: مصدرُ الأَجْبَهِ، وهو العريض الجَبْهةِ،
وامرأَة جَبْهاء؛ قال الجوهري: وبتصغيره سمي جُبَيْهاءُ الأَشْجَعِيُّ. قال
ابن سيده: رجل أَجْبَهُ بيِّنُ الجَبَهِ
واسع الجَبْهَةِ حَسَنُها، والاسم الجَبَهُ، وقيل: الجَبَهُ شُخوص
الجَبْهة. وفرس أَجْبَهُ: شاخصُ الجَبْهة مرتفعها عن قَصَبة الأَنف.
وجَبَهَهُ: صَكَّ جَبْهته. والجابِهُ: الذي يلقاك بوجهه أَو بجَبْهَتِه
من الطير والوحش، وهو يُتَشاءَم به؛ واستعار بعضُ
الأَغْفال الجَبْهَةَ للقمر، فقال أَنشده الأَصمعي:
من لَدُ ما ظُهْرٍ إِلى سُحَيْرِ،
حتى بَدَتْ لي جَبْهةُ القُمَيْرِ
وجَبْهةُ
القوم: سيدُهم، على المَثل. والجَبْهةُ من الناس: الجماعةُ. وجاءتنا
جَبْهة من الناس أَي جماعة. وجَبَهَ الرجلَ يَجْبَهُه جَبْهاٍ: رَدَّه عن
حاجته واستقبله بما يكره. وجَبَهْتُ فلاناً إِذا استقبلته بكلام فيه
غِلْظة. وجَبَهْتُه بالمكروه إِذا استقبلته به. وفي حديث حدّ الزنا: أَنه سأَل
اليهودَ عنه فقالوا عليه التَّجْبِيهُ، قال: ما التَّجْبِيهُ؟ قالوا: أَن
تُحَمَّم وُجُوهُ الزانيين ويُحْمَلا على بعير أَو حمار ويُخالَف بين
وجوههما؛ أَصل التَّجْبِيهِ: أَن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أَحدهما
إِلى قفا الآخر، والقياس أَن يُقابَلَ بين وجوههما لأَنه مأْخوذ من
الجَبْهَة. والتَّجْبِيهُ أَيضاً: أَن يُنَكِّسَ رأْسَه، فيحتمل أَن يكون
المحمول على الدابة إِذا فُعِلَ به ذلك نَكَّسَ رأْسَه، فسمي ذلك الفعل
تَجْبِيهاً، ويحتمل أَن يكون من الجَبْهِ وهو الاستقبال بالمكروه، وأَصله من
إِصابة الجَبْهةِ، من جَبَهْتُه إِذا أَصبت جَبْهَتَه.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: فإِن الله قد أَراحكم
(* قوله «فإن الله قد
أراحكم إلخ» المعنى قد، أنعم الله عليكم بالتخلص من مذلة الجاهلية وضيقها
وأعزكم بالإسلام ووسع لكم الرزق وأفاء عليكم الاموال فلا تفرطوا في أداء
الزكاة وإذا قلنا هي الاصنام فالمعنى تصدقوا شكراً على ما رزقكم الله من
الإسلام وخلع الانداد: هكذا بهامش النهاية). من الجَبْهَةِ والسَّجَّةِ
والبَجَّةِ؛ قيل في تفسيره: الجَبْهةُ المَذَلَّة؛ قال ابن سيده: وأُراه
من هذا، لأَن من استُقْبِلَ بما يكره أَدركته مذلة، قال: حكاه الهروي في
الغريبين، والاسم الجَبيهَةُ، وقيل: هو صنم كان يعبد في الجاهلية، قال:
والسَّجَّة السَّجاجُ وهو المَذيقُ
من اللبن، والبَجَّةُ الفَصِيدُ الذي كانت العرب تأْكله من الدم
يَفْصِدُونه، يعني أَراحكم من هذه الضَّيْقَةِ ونقلكم إِلى السَّعة. ووَرَدْنا
ماءً له جَبِيهةٌ إِما كان مِلْحاً فلم يَنْضَحْ مالَهم الشُّرْبُ، وإِما
كان آجِناً، وإِما كان بَعِيدَ القَعْر غليظاً سَقْيُه شديداً أَمْرُه.
ابن الأَعرابي عن بعض الأَعراب قال: لكل جابه جَوْزَة ثم يؤَذَّن أَي
لكل من وَرَدَ علينا سَقْيةٌ ثم يمنع من الماء. يقال: أَجَزْتُ الرجل إِذا
سقيت إِبله، وأَذَّنْتُ الرجلَ إِذا رَدَدْتَهُ. وفي النوادر: اجْتبَهْت
ماء كذا اجْتِباهاً إِذا أَنكرته ولم تَسْتَمْرئْه. ابن سيده: جَبَهَ
الماءَ وَرَدَه وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ للاستقاء.
والجَبْهَةُ: الخيل، لا يفرد لها واحد. وفي حديث الزكاة: ليس في
الجَبْهَةِ ولا في النُّخَّة صدقةٌ؛ قال الليث: الجَبْهة اسم يقع على الخيل لا
يُفْرَدُ. قال أَبو سعيد: الجَبْهة الرجال الذين يَسْعَون في حَمالةٍ أَو
مَغْرَم أَو جَبْر فقير فلا يأْتون أَحداً إِلا استحيا من رَدّهم، وقيل:
لا يكاد أَحدٌ يَرُدُّهم، فتقول العرب في الرجل الذي يُعْطِي في مثل هذه
الحقوق: رحم الله فلاناً فقد كان يُعْطي في الجَبْهة، قال: وتفسير قوله
ليس في الجَبْهَة صدقة، أَن المُصَدِّقَ إِن وَجَدَ في أَيْدي هذه
الجَبْهةِ من الإِبل ما تجب فيه الصدقة لم يأْخذ منها الصدقة، لأَنهم جمعوها
لمَغْرم أَو حَمالة. وقال: سمعت أَبا عمرو الشَّيْباني يحكيها عن العرب،
قال: وهي الجَمَّةُ والبُرْكة. قال ابن الأَثير: قال أَبو سعيد قولاً فيه
بُعْدٌ وتَعَسُّفٌ. والجَبْهةُ: اسم منزلة من منازل القمر. الأَزهري:
الجَبْهَةُ النجم الذي يقال له جَبْهة الأَسد وهي أَربعة أَنجم ينزلها القمر؛
قال الشاعر:
إِذا رأَيتَ أَنْجُماً من الأَسَدْ،
جَبْهَتَه أَو الخَراتَ والكَتَدْ،
بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخ ففَسَدْ
ابن سيده: الجَبْهة صنم كان يُعبد من دون الله عز وجل. ورجل جُبَّهٌ
كجُبَّإٍ: جَبانٌ. وجَبْهاء وجُبَيْهاءُ: اسم رجل. يقال: جَبْهاء
الأَشْجَعِيُّ وجُبَيْهاء الأَشجعيُّ، وهكذا قال ابن دريد جَبْهاءُ الأَشْجعيُّ على
لفظ التكبير.
سجل: السَّجْلُ: الدَّلْو الضَّخْمَة المملوءةُ ماءً، مُذَكَّر، وقيل:
هو مِلْؤُها، وقيل: إِذا كان فيه ماء قَلَّ أَو كَثُر، والجمع سِجالٌ
وسُجُول، ولا يقال لها فارغةً سَجْلٌ ولكن دَلْو؛ وفي التهذيب: ولا يقال له
وهو فارغ سَجْلٌ ولا ذَنُوب؛ قال الشاعر:
السَّجْلُ والنُّطْفَة والذَّنُوب،
حَتَّى تَرَى مَرْكُوَّها يَثُوب
قال: وأَنشد ابن الأَعرابي:
أُرَجِّي نائلاً من سَيْبِ رَبٍّ،
له نُعْمَى وذَمَّتُه سِجَالُ
قال: والذَّمَّة البئر القليلة الماء. والسَّجْل: الدَّلْو المَلأى،
والمعنى قَلِيله كثير؛ ورواه الأَصمعي: وذِمَّتُه سِجَالٌ أَي عَهْده
مُحْكَم من قولك سَجَّل القاضي لفلان بماله أَي اسْتَوْثق له به. قال ابن بري:
السَّجْل اسمها مَلأى ماءً، والذَّنُوب إِنما يكون فيها مِثْلُ نصفها
ماءً. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً بال في المسجد فأَمَرَ بسَجْلٍ فصُبَّ على
بوله؛ قال: السَّجْل أَعظم ما يكون من الدِّلاء، وجمعه سِجَال؛ وقال
لبيد:
يُحِيلون السِّجَال على السِّجَال
وأَسْجَله: أَعطاه سَجْلاً أَو سَجْلَين، وقالوا: الحروب سِجَالٌ أَي
سَجْلٌ منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء، والمُسَاجلة مأْخوذة من السِّجْل.
وفي حديث أَبي سفيان: أَن هِرَقْلَ سأَله عن الحرب بينه وبين النبي، صلى
الله عليه وسلم، فقال له: الحَرْب بيننا سِجَالٌ؛ معناه إِنا نُدَالُ عليه
مَرَّة ويُدَالُ علينا أُخرى، قال: وأَصله أَن المُسْتَقِيَين بسَجْلَين
من البئر يكون لكل واحد منهما سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأى ماء. وفي حديث ابن
مسعود: افتتح سورة النساء فسَجَلَها أَي قَرأَها قراءة متصلة، من
السَّجْل الصَّبِّ. يقال: سَجَلْت الماءَ سَجْلاً إِذا صببته صَبًّا متَّصلاً.
ودَلْوٌ سَجِيلٌ وسَجِيلة: ضَخْمة؛ قال:
خُذْها، وأَعْطِ عَمَّك السَّجِيله،
إِن لم يَكُنْ عَمُّك ذا حَلِيله
وخُصْيَةٌ سَجِيلة بَيِّنَة السَّجَالة: مُسْترخِيَة الصَّفَن واسعةٌ.
والسَّجِيل من الضُّروع: الطَّوِيل. وضَرْعٌ سَجِيلٌ: طويل مُتَدَلٍّ.
وناقة سَجْلاء: عَظيمة الضَّرْع. ابن شميل: ضَرْع أَسْجَل وهو الواسع
الرِّخو المضطرب الذي يضرب رجليها من خَلْفها ولا يكون إِلا في ضروع
الشاء.وساجَلَ الرَّجُلَ: باراه، وأَصله في الاستقاء، وهما يَتَساجَلان.
والمُساجَلة: المُفاخَرة بأَن يَصْنَع مثلَ صَنِيعه في جَرْيٍ أَو سقي؛ قال
الفضل بن عباس بن عبتة بن أَبي لهب:
مَنْ يُساجِلْني يُسَاجِلْ ماجِداً،
يَمْلأُ الدَّلْوَ إِلى عَقْدِ الكَرَب
قال ابن بري: أَصل المُسَاجَلة أَن يَسْتَقِيَ ساقيان فيُخْرج كُلُّ
واحد منهما في سَجْله مثل ما يُخْرج الآخر، فأَيُّهما نَكَل فقد غُلِبَ،
فضربته العرب مثلاً للمُفاخَرة، فإِذا قيل فلان يُساجِل فلاناً، فمعناه أَنه
يُخْرِج من الشَّرَف مثل ما يُخرِجه الآخرُ، فأَيهما نَكَل فقد غُلِب.
وتَساجَلوا أَي تَفاخَروا؛ ومنه قولهم: الحَرْبُ سِجالٌ. وانسَجل الماءُ
انسجالاً إِذا انْصَبَّ؛ قال ذو الرمة:
وأَرْدَفَتِ الذِّراعَ لها بعَيْنٍ
سَجُومِ الماء، فانْسَجَل انسِجالا
وسَجَلْت الماءَ فانْسَجَل أَي صَبَبْته فانْصَبَّ. وأَسْجلْت الحوض:
مَلأْته؛ قال:
وغادَر الأُخْذَ والأَوْجادَ مُتْرَعَةً
تطْفُو، وأَسْجَلَ أَنْهاءً وغُدْرانا
ورجل سَجْلٌ: جَواد؛ عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي. وأَسْجَل الرجلُ:
كثُر خيرُه. وسَجَّل: أَنْعَظَ. وأَسْجَلَ الناسَ: ترَكَهم، وأَسْجَلَ لهم
الأَمرَ: أَطلقه لهم؛ ومنه قول محمد بن الحنفية، رحمة الله عليه، في
قوله عز وجل: هل جَزاءُ الإِحسانِ إِلا الإِحسانُ، قال: هي مُسْجَلة للبَرِّ
والفاجر، يعني مُرْسلة مُطْلَقة في الإِحسان إِلى كل أَحد، لم يُشْترَط
فيها بَرٌّ دون فاجر. والمُسْجَل: المبذول المباح الذي لا يُمْنَع من
أَحد؛ وأَنشد الضبيُّ:
أَنَخْتُ قَلوصِي بالمُرَيْر، ورَحْلُها،
لِما نابه من طارِق اللَّيْل، مُسْجَلُ
أَراد بالرَّحْل المنزل. وفي الحديث: ولا تُسْجِلوا أَنعامَكم أَي لا
تُطْلِقوها في زُروع الناس. وأَسْجَلْت الكلامَ أَي أَرْسَلْته. وفَعَلْنا
ذلك والدهر مُسْجَلٌ أَي لا يخاف أَحد أَحداً.
والسَّجِلُّ: كتاب العَهْد ونحوِه، والجمع سِجِلاّتٌ، وهو أَحد الأَسماء
المُذَكَّرة المجموعة بالتاء، ولها نظائر، ولا يُكَسِّر السِّجِلُّ،
وقيل: السَّجِلُّ الكاتب، وقد سَجَّل له. وفي التنزيل العزيز: كطَيِّ
السِّجِلّ للكتب، وقرئ: السِّجْل، وجاء في التفسير: أَن السِّجِلَّ الصحيفة
التي فيها الكتاب؛ وحكي عن أَبي زيد: أَنه روى عن بعضهم أَنه قرأَها بسكون
الجيم، قال: وقرأَ بعض الأَعراب السَّجْل بفتح السين. وقيل السِّجِلُّ
مَلَكٌ، وقيل السِّجِلُّ بلغة الحبش الرَّجُل، وعن أَبي الجوزاء أَن
السِّجِلَّ كاتب كان للنبي، صلى الله عليه وسلم، وتمام الكلام للكتاب. وفي حديث
الحساب يوم القيامة: فتُوضَع السِّجِلاَّت في كِفَّة؛ وهو جمع سِجِلٍّ،
بالكسر والتشديد، وهو الكتاب الكبير.
والسَّجِيل: النَّصيب؛ قال ابن الأَعرابي: هو فَعِيلٌ من السَّجْل الذي
هو الدَّلو الملأَى، قال: ولا يُعْجِبني. والسِّجِلُّ: الصَّكُّ، وقد
سَجَّلَ الحاكمُ تَسجيلاً. والسَّجِيلُ: الصُّلْب الشديد.
والسِّجِّيل: حجارة كالمَدَر. وفي التنزيل العزيز: ترْمِيهم بحِجارة من
سِجِّيل؛ وقيل: هو حجر من طين، مُعَرَّب دَخِيل، وهو سَنْكِ رَكِل
(*
قوله «وهو سنك وكل» قال القسطلاني: سنك، بفتح السين المهملة وبعد النون
الساكنة كاف مكسورة. وكل، بكسر الكاف وبعدها لام) أَي حجارة وطين؛ قال أَبو
إِسحق: للناس في السِّجِّيل أَقوال، وفي التفسير أَنها من جِلٍّ وطين،
وقيل من جِلٍّ وحجارة، وقال أَهل اللغة: هذا فارسيٌّ والعرب لا تعرف هذا؛
قال الأَزهري: والذي عندنا، والله أَعلم، أَنه إِذا كان التفسير صحيحاً فهو
فارسي أُعْرِب لأَن الله تعالى قد ذكر هذه الحجارة في قصة قوم لوط فقال:
لنُرْسِل عليهم حجارةً من طين؛ فقد بَيَّن للعرب ما عَنى بسِجِّيل. ومن
كلام الفُرْس ما لا يُحْصى مما قد أَعْرَبَتْه العربُ نحو جاموس ودِيباج،
فلا أُنْكِر أَن يكون هذا مما أُعْرِب؛ قال أَبو عبيدة: من سِجِّيل،
تأْويله كثيرة شديدة؛ وقال: إِن مثل ذلك قول ابن مقبل:
ورَجْلةٍ يَضْرِبون البَيْضَ عن عُرُضٍ،
ضَرْباً تَوَاصَتْ به الأَبْطالُ سِجِّينا
قال: وسِجِّينٌ وسِجِّيلٌ بمعنى واحد، وقال بعضهم: سِجِّيل من
أَسْجَلْته أَي أَرسلته فكأَنها مُرْسَلة عليهم؛ قال أَبو إِسحق: وقال بعضهم
سِجِّيل من أَسْجَلْت إِذا أَعطيت، وجعله من السِّجْل؛ وأَنشد بيت
اللَّهَبي:مَنْ يُساجِلْني يُساجِلْ ماجدا
وقيل مِنْ سِجِّيلٍ: كقولك مِن سِجِلٍّ أَي ما كُتِب لهم، قال: وهذا
القول إِذا فُسِّر فهو أَبْيَنُها لأَن من كتاب الله تعالى دليلاً عليه، قال
الله تعالى: كَلاَّ إِن كتاب الفُجَّار لَفِي سِجِّينٍ وما أَدراك ما
سِجِّينٌ كتابٌ مَرْقومٌ؛ وسِجِّيل في معنى سِجِّين، المعنى أَنها حجارة
مما كَتَب اللهُ تعالى أَنه يُعَذِّبهم بها؛ قال: وهذا أَحسن ما مَرَّ فيها
عندي. الجوهري: وقوله عز وجل: حجارة من سِجِّيل؛ قالوا: حجارة من طين
طُبِخَتْ بنار جهنم مكتوب فيها أَسماء القوم لقوله عز وجل: لنُرْسِل عليهم
حجارة من طين. وسَجَّله بالشيء: رَماه به من فوق.
والسَّاجُول والسَّوْجَلُ والسَّوْجَلة: غِلاف القارورة؛ عن كراع.
والسَّجَنْجَلُ: المرآة. والسَّجَنْجل أَيضاً: قِطَع الفِضَّة
وسَبائِكُها، ويقال هو الذهب، ويقال الزَّعْفران، ويقال إِنه رُومِيٌّ مُعَرَّب،
وذكره الأَزهري في الخماسي قال: وقال بعضهم زَجَنْجَلٌ، وقيل هي رُومِيَّة
دَخَلَت في كلام العرب؛ قال امرؤ القيس:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاء غَيْر مُفاضَةٍ،
تَرائِبُها مَصْقولةٌ كالسِّجَنْجَل
زوج: الزَّوْجُ: خلاف الفَرْدِ. يقال: زَوْجٌ أَو فَرْدٌ، كما يقال:
خَساً أَو زَكاً، أَو شَفْعٌ أَو وِتْرٌ؛ قال أَبو وَجْزَة
السَّعْدِيُّ:ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ، وَهْناً، كلَّ صادِقَةٍ،
باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً غير أَزْوَاجِ
لأَن بَيْضَ القَطَا لا يكون إِلاَّ وِتْراً. وقال تعالى: وأَنبتنا فيها
من كل زوجٍ بَهيج؛ وكل واحد منهما أَيضاً يسمى زَوْجاً، ويقال: هما
زَوْجان للاثنين وهما زَوْجٌ، كما يقال: هما سِيَّانِ وهما سَواءٌ؛ ابن سيده:
الزَّوْجُ الفَرْدُ الذي له قَرِينٌ. والزوج: الاثنان. وعنده زَوْجَا
نِعالٍ وزوجا حمام؛ يعني ذكرين أَو أُنثيين، وقيل: يعني ذكراً وأُنثى. ولا
يقال: زوج حمام لأَن الزوج هنا هو الفرد، وقد أُولعت به العامة. قال أَبو
بكر: العامة تخطئ فتظن أَن الزوج اثنان، وليس ذلك من مذاهب العرب، إِذ
كانوا لا يتكلمون بالزَّوْجِ مُوَحَّداً في مثل قولهم زَوْجُ حَمامٍ،
ولكنهم يثنونه فيقولون: عندي زوجان من الحمام، يعنون ذكراً وأُنثى، وعندي
زوجان من الخفاف يعنون اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين
المختلفين نحو الأَسود والأَبيض والحلو والحامض. قال ابن سيده: ويدل على أَن
الزوجين في كلام العرب اثنان قول الله عز وجل: وأَنه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ والأُنثى؛ فكل واحد منهما كما ترى زوج، ذكراً كان أَو أُنثى.
وقال الله تعالى: فاسْلُكْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْن اثنين. وكان الحسن يقول
في قوله عز وجل: ومن كل شيء خلقنا زوجين؛ قال: السماء زَوْج، والأَرض
زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، ويجمع الزوج
أَزْوَاجاً وأَزَاوِيجَ؛ وقد ازْدَوَجَتِ الطير: افْتِعالٌ منه؛ وقوله تعالى:
ثمانيةَ أَزْوَاجٍ؛ أَراد ثمانية أَفراد، دل على ذلك؛ قال: ولا تقول
للواحد من الطير زَوْجٌ، كما تقول للاثنين زوجان، بل يقولون للذكر فرد
وللأُنثى فَرْدَةٌ؛ قال الطرماح:
خَرَجْنَ اثْنَتَيْنِ واثْنَتَيْنِ وفَرْدَةً،
ينادُونَ تَغْلِيساً سِمالَ المَدَاهِنِ
وتسمي العرب، في غير هذا، الاثنين زَكاً، والواحدَ خَساً؛ والافتعال من
هذا الباب: ازْدَوَجَ الطيرُ ازْدواجاً، فهي مُزْدوِجَةٌ. وفي حديث أَبي
ذر: أَنه سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: من أَنفق زَوْجَيْنِ
من ماله في سبيل الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَة الجنة؛ قلت: وما زوجان من
ماله؟ قال: عبدان أَو فرَسان أَو بعيران من إِبله، وكان الحسن يقول: دينارين
ودرهمين وعبدين واثنين من كل شيءٍ. وقال ابن شميل: الزوج اثنان، كلُّ
اثنين زَوْجٌ؛ قال: واشتريت زَوْجَين من خفاف أَي أَربعة؛ قال الأَزهري:
وأَنكر النحويون ما قال، والزَّوجُ الفَرْدُ عندهم. ويقال للرجل والمرأَة:
الزوجان. قال الله تعالى: ثمانية أَزواج؛ يريد ثمانية أَفراد؛ وقال:
احْمِلْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ؛ قال: وهذا هو الصواب. يقال
للمرأَة: إِنها لكثيرة الأَزْواج والزَّوَجَةِ؛ والأَصل في الزَّوْجِ
الصِّنْفُ والنَّوْعُ من كل شيء. وكل شيئين مقترنين، شكلين كانا أَو نقيضين، فهما
زوجان؛ وكلُّ واحد منهما زوج. يريد في الحديث: من أَنفق صنفين من ماله
في سبيل الله، وجعله الزمخشري من حديث أَبي ذر قال: وهو من كلام النبي،
صلى الله عليه وسلم، وروى مثله أَبو هريرة عنه.
وزوج المرأَة: بعلها. وزوج الرجل: امرأَته؛ ابن سيده: والرجل زوج
المرأَة، وهي زوجه وزوجته، وأَباها الأَصمعي بالهاء. وزعم الكسائي عن القاسم بن
مَعْنٍ أَنه سمع من أَزْدِشَنُوءَةَ بغير هاء، والكلام بالهاء، أَلا ترى
أَن القرآن جاء بالتذكير: اسكن أَنت وزوجك الجنة؟ هذا كلُّه قول
اللحياني. قال بعض النحويين: أَما الزوج فأَهل الحجاز يضعونه للمذكر والمؤَنث
وضعاً واحداً، تقول المرأَة: هذا زوجي، ويقول الرجل: هذه زوجي. قال الله عز
وجل: اسْكُنْ أَنتَ وزَوْجُك الجنةَ وأَمْسِكْ عليك زَوْجَكَ؛ وقال:
وإِن أَردتم استبدال زوجٍ مكان زوج؛ أَي امرأَة مكان امرأَة. ويقال أَيضاً:
هي زوجته؛ قال الشاعر:
يا صاحِ، بَلِّغ ذَوِي الزَّوْجاتِ كُلَّهُمُ:
أَنْ ليس وصْلٌ، إِذا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ
وبنو تميم يقولون: هي زوجته، وأَبى الأَصمعي فقال: زوج لا غير، واحتج
بقول الله عز وجل: اسكن أنت وزوجك الجنة؛ فقيل له: نعم، كذلك قال الله
تعالى، فهل قال عز وجل: لا يقال زوجة؟ وكانت من الأَصمعي في هذا شدَّة وعسر.
وزعم بعضهم أَنه إِنما ترك تفسير القرآن لأَن أَبا عبيدة سبقه بالمجاز
إِليه، وتظاهر أَيضاً بترك تفسير الحديث وذكر الأَنواء؛ وقال الفرزدق:
وإِنَّ الذي يَسعَى يُحَرِّشُ زَوْجَتِي،
كَسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
وقال الجوهري أَيضاً: هي زوجته، واحتاج ببيت الفرزدق. وسئل ابن مسعود،
رضي الله عنه، عن الجمل من قوله تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ
الخِياطِ؛ فقال: هو زوج الناقة؛ وجمع الزوج أَزواج وزِوَجَةٌ، قال الله
تعالى: يا أَيها النبي قل لأَزواجك. وقد تَزَوَّج امرأَة وزَوَّجَهُ إِياها
وبها، وأَبى بعضهم تعديتها بالباء. وفي التهذيب: وتقول العرب: زوَّجته
امرأَة. وتزوّجت امرأَة. وليس من كلامهم: تزوَّجت بامرأَة، ولا زوَّجْتُ منه
امرأَةً. قال: وقال الله تعالى: وزوَّجناهم بحور عين، أَي قرنَّاهم بهن،
من قوله تعالى: احْشُرُوا الذين ظلموا وأَزواجَهم، أَي وقُرَناءهم. وقال
الفراء: تَزوجت بامرأَة، لغة في أَزد شنوءة. وتَزَوَّجَ في بني فلان:
نَكَحَ فيهم.
وتَزَاوجَ القومُ وازْدَوَجُوا: تَزَوَّجَ بعضهم بعضاً؛ صحت في
ازْدَوَجُوا لكونها في معنى تَزاوجُوا.
وامرأَة مِزْوَاجٌ: كثيرة التزوّج والتزاوُج؛ قال: والمُزاوَجَةُ
والازْدِواجُ، بمعنى. وازْدَوَجَ الكلامُ وتَزَاوَجَ: أَشبه بعضه بعضاً في
السجع أَو الوزن، أَو كان لإِحدى القضيتين تعلق بالأُخرى. وزَوَّج الشيءَ
بالشيء، وزَوَّجه إِليه: قَرَنَهُ. وفي التنزيل: وزوّجناهم بحور عين؛ أَي
قرناهم؛ وأَنشد ثعلب:
ولا يَلْبَثُ الفِتْيانُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا،
إِذا لم يُزَوَّجْ رُوحُ شَكْلٍ إِلى شَكْلِ
وقال الزجاج في قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأَزواجهم؛ معناه:
ونظراءهم وضرباءهم. تقول: عندي من هذا أَزواج أَي أَمْثال؛ وكذلك زوجان من
الخفاف أَي كل واحد نظير صاحبه؛ وكذلك الزوج المرأَة، والزوج المرء، قد
تناسبا بعقد النكاح.وقوله تعالى: أَو يُزَوِّجُهم ذُكْرَاناً وإِناثاً؛ أَي
يَقْرُنُهم. وكل شيئين اقترن أَحدهما بالآخر: فهما زوجان. قال الفراء:
يجعل بعضهم بنين وبعضهم بنات، فذلك التزويج. قال أَبو منصور: أَراد بالتزويج
التصنيف؛ والزَّوْجُ: الصِّنْفُ. والذكر صنف، والأُنثى صنف. وكان
الأَصمعي لا يجيز أَن يقال لفرخين من الحمام وغيره: زوج، ولا للنعلين زوج،
ويقال في ذلك كله: زوجان لكل اثنين. التهذيب: وقول الشاعر:
عَجِبْتُ مِنَ امْرَاةٍ حَصَانٍ رَأَيْتُها،
لَها ولَدٌ من زَوْجِها، وَهْيَ عَاقِرُ
فَقُلْتُ لَها: بُجْراً، فقَالتْ مُجِيبَتِي:
أَتَعْجَبُ مِنْ هذا، ولي زَوْجٌ آخَرُ؟
أَرادت من زوج حمام لها، وهي عاقر؛ يعني للمرأَة زوج حمام آخر. وقال
أَبو حنيفة: هاج المُكَّاءُ للزَّواج؛ يَعني به السِّفادَ. والزَّوْجُ:
الصنف من كل شيء. وفي التنزيل: وأَنبتتْ من كل زوج بهيج؛ قيل: من كل لون أَو
ضرب حَسَنٍ من النبات. التهذيب: والزَّوْجُ اللَّوْنُ؛ قال الأَعشى:
وكلُّ زَوْجٍ من الدِّيباجِ، يَلْبَسُهُ
أَبو قُدَامَةَ، مَحْبُوًّا بذاكَ مَعَا
وقوله تعالى: وآخَرُ من شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ؛ قال: معناه أَلوان وأَنواع
من العذاب، ووضفه بالأَزواج، لأَنه عنى به الأَنواع من العذاب والأصناف
منه. والزَّوْجُ: النَمَطُ، وقيل: الديباج. وقال لبيد:
من كلِّ مَحْفُوفٍ، يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
قال: وقال بعضهم: الزوج هنا النمط يطرح على الهودج؛ ويشبه أَن يكون
سمِّي بذلك لاشتماله على ما تحته اشتمال الرجل على المرأَة، وهذا ليس
بقوي.والزَّاجُ: معروف؛ الليث: الزاج، يقال له: الشَّبُّ اليماني، وهو من
الأَدوية، وهو من أَخلاط الحِبْرِ، فارسي معرَّب.
ف: الفاء من الحروف الـمَهْمُوسةِ ومن الحروف الشَّفَوِية.
جثا: جَثَا يَجْثُو ويَجْثِي جُثُوّاً وجُثِيّاً، على فعول فيهما: جلس
على ركبتيه للخصومة ونحوها. ويقال: جَثَا فلان على ركبتيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
إنَّا أُناسٌ مَعَدِّيُّونَ عادَتُنا،
عنْدَ الصِّياحِ، جُثِيُّ المَوْتِ للرُّكَبِ
قال: أَراد جُثِيُّ
الرُّكَب للموت فقلب. وأَجْثاه غيرُه. وقوْمٌ جُثِيٌّ وقومٌ جُثىً
أَيضاً: مثل جلس جلوساً وقوم جُلوسٌ؛ ومنه قوله تعالى: ونذر الظالمين فيها
جُثِيّاً، وجِثِيّاً أَيضاً، بكسر الجيم، لما بعدها من الكسر. وجاثَيْتُ
ركبتي إلى ركبته وتَجاثَوْا على الرُّكَب. وفي حديث ابن عمر: إن الناس
يصيرون يوم القيامة جُثىً كلُّ أُمَّةٍ تَتْبع نبيَّها أَي جماعة، وتروى هذه
اللفظة جُثِيٌّ، بتشديد الياء، جمع جاثٍ وهو الذي يجلس على ركبتيه؛ ومنه
حديث علي، رصوان الله عليه: أَنا أَوّلُ من يَجْثُو للخُصومة بين يدي الله
عز وجل. ابن سيده: وقد تَجاثَوْا في الخصومة مُجاثاةً وجِثاءً، وهما من
المصادر الآتية على غير أَفعالها. وقد جَثَا جَثْواً وجُثُوّاً، كجَذَا
جَذْواً وجُذُوّاً، إذا قام على أَطراف أَصابعه، وعدَّه أَبو عبيدة في
البدل، وأَما ابن جني فقال: ليس أَحد الحرفين بدلاً من صاحبه بل هما لغتان.
والجاثي: القاعد. وفي التنزيل العزيز: وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً؛ قال
مجاهد: مُستوفِزينَ على الرُّكَب. قال أَبو معاذ: المُسْتَوْفِزُ الذي رفع
أَلْيَتَيه ووضع ركبتيه؛ وقال عديّ يمدح النعمان:
عَالِمٌ بالذي يكونُ، نَقِيُّ الصـ
ـدر، عَفٌّ على جُثاه نَحُور
قيل: أَراد ينحر النسك على جُثَى آبائِهِ أَي على قبورهم، وقيل: الجُثَى
صَنَم كان يُذْبح له.
والجُثْوة والجَثْوَة والجِثْوَة، ثلاث لغات: حجارة من تراب متجمع
كالقبر، وقيل: هي الحجارة المجموعة. والجثْوة: القبر سمي بذلك، وقيل: هي
الرِّبْوة الصغيرة، وقيل: هي الكُومةُ من التراب. التهذيب: الجُثَى أَتْربة
مجموعة، واحدته جُثْوة. وفي حديث عامر: رأَيت قبور الشهداء جُثىً يعني
أَتْربة مجموعة. وفي الحديث الآخر: فإذا لم نَجِدْ حجراً جمعنا جُثْوَةً من
تراب، ويجمع الجميع جُثىً، بالضم والكسر. وجِثَى الحَرَم: ما اجتمع فيه من
حجارة الجِمار
(* قوله «ما اجتمع فيه من حجارة الجمار» هذه عبارة
الجوهري، وقال الصاغاني في التكملة: الصواب من الحجارة التي توضع على حدود
الحرم أو الانصاب التي تذبح عليها الذبائح). وفي الحديث: ما دَعا دُعاءَ
الجاهلية فهو من جُثَى جهنم. وفي الحديث: من دَعا يا لَفُلانٍ فإنما يدعو إلى
جُثَى النار؛ هي جمع جُثْوة، بالضم، وهي الشيء المجموع. وفي حديث إتيان
المرأَة مُجَبِّيةً رواه بعضهم مُجثَّاة، كأَنه أَراد قد جُثِّيَت فهي
مُجَثَّاة أَي حُمِلت على أَن تَجْثُوَ على ركبتيها. وفي الحديث: فلان من
جُثَى جهنم؛ قال أَبو عبيد: له معنيان أَحدهما أَنه ممن يَجْثُو على الركب
فيها، والآخر أَنه من جماعات أَهل جهنم على رواية من روى جُثىً،
بالتخفيف، ومن رواه من جُثِيِّ جهنم، بتشديد الياء، فهو جمع الجاثي. قال الله
تعالى: ثم لنحضرنهم حول جهنم جُثِيّاً؛ وقال طرفة في جمع الجُثْوة يصف قبري
أَخوين غني وفقير:
تَرَى جُثْوَتَيْن من تُرابٍ، عَلَيهما
صَفَائِحُ صُمٌّ من صفيحٍ مُصَمَّدِ
مُوَصَّد. وجُثْوة كلّ إنسان: جسده: والجُثْوة: البدن والوسط؛ عن ابن
الأَعرابي؛ ومنه قول دغْفَل الذُّهْلي: والعَنْبَرُ جُثْوَتُها، يعني
بَدَنَ عمرو بن تمِيم ووَسَطَها. ابن شميل: يقال للرجل إنه لعظيمُ الجُثْوةِ
والجُثَّةِ. وجُثْوَة الرجل: جسدُه، والجمع الجُثَى؛ وأَنشد:
يَومَ تَرَى جُثْوَتَه في الأَقْبُرِ
قال: والقبر جُثْوَة، وما ارتفع من الأَرض نحو ارتفاع القبر جُثْوَة.
والجُثْوة: التراب المجتمع. والجَثْوَة والجِثْوَة والجُثْوَة: لغة في
الجَذْوة والجِذْوة والجُذْوة. الفراء: جَذْوة من النار وجَثْوة، وزعم يعقوب
أَن الثاء هنا بدل من الذال. وسورة الجاثية: التي تلي الدخان.