وجاريةٌ صَلْــدَحَــةٌ: عَريضةٌ.
وناقَةٌ صَلَنْــدَحَــةٌ، ويضمُّ الصادُ: صُلْبَةٌ، خاصَّةٌ بالإِناثِ.
والصَّلَوْــدَحُ: الصُّلْبُ الشَّديدُ.
رفد: الرِّفْد، بالكسر: العطاء والصلة. والرَّفْد، بالفتح: المصدر.
رَفَدَه يَرْفِدُه رَفْداً: أَعطاه، ورَفَدَه وأَرْفَده: أَعانه، والاسم
منهما الرِّفْد. وترافدوا: أَعان بعضهم بعضاً. والمَرْفَدُ والمُرْفَدُ:
المعونة؛ وفي الحواشي لابن برّي قال دُكين:
خير امرئٍ قد جاء مِن مَعَدِّهْ
مِن قَبْلِهِ، أَو رافِدٍ من بعدِهْ
الرافد: هو الذي يلي المَلِك ويقوم مقامه إِذا غاب.
والرِّفادة: شيء كانت قُرَيش تترافد به في الجاهلية، فيُخْرج كل إِنسان
مالاً بقدر طاقته فيجمعون من ذلك مالاً عظيماً أَيام الموسم، فيشترون به
للحاج الجُزر والطعام والزبيب للنبيذ، فلا يزالون يُطْعِمون الناس حتى
تنقضي أَيام موسم الحج؛ وكانت الرِّفادَة والسِّقاية لبني هاشم، والسِّدانة
واللِّواء لبني عبد الدار، وكان أَوّلَ من قام بالرِّفادة هاشمُ بن عبد
مناف وسمي هاشماً لهَشْمِه الثريد.
وفي الحديث: من اقتراب الساعة أَن يكون الفيءُ رِفْداً أَي صلة وعطية؛
يريد أَن الخراج والفَيء الذي يحْصُل، وهو لجماعة المسلمين أَهلِ الفَيء،
يصير صلات وعطايا، ويُخَص به قوم دون قوم على قدر الهوى لا بالاستحقاق
ولا يوضع مواضعه. والرِّفْدُ: الصلة؛ يقال: رَفَدْتُه رَفْداً، والاسم
الرِّفْد. والإِرْفاد: الإِعطاء والإِعانة. والمرافَدة: المُعاونة.
والتَّرافد: التعاون. والاستِرفاد: الاستعانة. والارتفاد: الكسب.
والتَّرفيدُ: التَّسويدُ. يقال: رُفِّدَ فلان أَي سُوِّدَ وعظم. ورَفَّد
القومُ فلاناً: سَوَّدوه ومَلَّكوه أَمرهم.
والرِّفادة: دِعامة السرج والرحل وغيرهما، وقد رَفَده وعليه يَرْفِده
رَفْداً. وكلُّ ما أَمسك شيئاً: فقد رَفده. أَبو زيد: رَفَدتُ على البعير
أَرْفِدُ رَِفْداً إِذا جعلت له رِفادة؛ قال الأَزهري: هي مثل رفادة
السرج. والرَّوافِدُ خشب السقف؛ وأَنشد الأَحمر:
رَوافِدُه أَكرَمُ الرافِداتِ،
بَخٍ لكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَم
وارتَفَد المالَ: اكتسبه؛ قال الطرماح:
عَجَباً ما عَجِبْتُ من واهِبِ الما
لِ، يُباهي به ويَرْتَفِدُه
ويُضِيعُ الذي قد آوْجَبَه اللَّـ
ـهُ عليه، فليس يَعْتَمِدُه
(* قوله «فليس يعتمده» الذي في الأساس: يعتهده أي يتعهده، وكل صحيح).
والرَّفْد والرِّفْد والمِرْفَد والمَرْفِدُ: العُسُّ الضخم؛ وقيل:
القــدح العظيم الضخم. والعُسُّ: القَــدَح الضخم يروي الثلاثة والأَربعة
والعِدَّة، وهو أَكبر من الغُمَر، والرَّفْدُ أَكبر منه، وعمَّ بعضهم به القــدَح
أَي قَدْرٍ كان.
والرَّفودُ من الإِبل: التي تملَو ه في حلبة واحدة؛ وقيل: هي الدائمة
على مِحْلَبها؛ عن ابن الأَعرابي. وقال مرة: هي التي تُتابِعُ الحَلَب.
وناقة رَفُود: تَمْلأُ مِرْفَدها؛ وفي حديث حفر زمزم:
أَلم نَسْقِ الحَجِيجَ، ونَنْـ
ـحَرِ المِذْلاقَةَ الرُّفُدَا
الرُّفُدُ، بالضم: جمع رَفُود وهي التي تملأُ الرَّفْد في حلبة واحدة.
الصحاح: والمِرْفَدُ الرَّفْد وهو القــدح الضخم الذي يقرى فيه الضيف. وجاء
في الحديث: نعم المِنْحة اللِّقْحَةُ تَرُوحُ بِرِفْدٍ وتَغْدُو
بِرِفْدٍ قال ابن المبارك: الرِّفْد القَــدح تُحتلَب الناقة في قــدح، قال: وليس من
المعونة؛ وقال شمر: قال المُؤَرِّجُ هو الرِّفد للإِناء الذي يحتلب فيه؛
وقال الأَصمعي: الرَّفد، بالفتح؛ وقال شمر: رَفْد ورِفْد القــدح؛ قال:
والكسر أَعرب. ابن الأَعرابي: الرَّفْد أَكبر من العُسِّ. ويقال: ناقة
رَفُود تَدُوم على إِنائها في شتائها لأَنها تُجالِحُ الشجر. وقال الكسائي:
الرَّفْد والمِرْفَد الذي تُحْلَبُ فيه. وقال الليث: الرَّفد المعونة
بالعطاء وسقْي اللبن والقَوْل وكلِّ شيءٍ. وفي حديث الزكاة: أَعْطَى زكاةَ
ماله طَيِّبَةً بها نفسُه رافِدَةً عليه؛ الرَّافدة، فاعلة؛ من الرِّفْد
وهو الإِعانة. يقال: رَفَدْته أَي أَعَنْتُه؛ معناه إِن تُعِينَه نَفْسُه
على أَدائها؛ ومنه حديث عُبادة: أَلا ترون أَن لا أَقُوم إِلاَّ رِفْداً
أَي إِلا أَن أُعان على القيام؛ ويروى رَفْداً، بفتح الراء، وهو المصدر.
وفي حديث ابن عباس: والذين عاقدت أَيمانُكم من النصرة والرِّفادة أَي
الإِعانة. وفي حديث وَفْد مَذْحِج: حَيّ حُشَّد رُفَّد، جمع حاشد ورافد.
والرَّفْد: النصيب. وقال أَبو عبيدة في قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ
المرفود؛ قال: مجازُه مجازُ العون المجاز، يقال: رَفَدْتُه عند الأَمير أَي
أَعنته، قال: وهو مكسور الأَول فإِذا فتحتَ أَوَّله فهو الرَّفد. وقال
الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء أَو استمددت به شيئاً فقد رَفَدْته.
يقال: عَمَدْت الحائط وأَسْنَدْته ورَفَدْته بمعنى واحد. وقال الليث: رفدت
فلاناً مَرْفَداً: قال: ومن هذا أُخذت رِفادَة السرج من تحته حتى يرتفع.
والرِّفْدَة: العُصبة من الناس؛ قال الراعي:
مُسَأْل يَبْتَغِي الأَقْوامُ نائلَه،
من كل قَوْم قَطين، حَوْلَه، رِفَدُ
والمِرْفَد: العُظَّامةُ تَتَعَظَّم بها المرأَة الرَّسْحاء.
والرِّفادة: خرقة يُرْفَدُ بها الجُرْح وغيره.
والتَّرْفِيدُ: العجيزة: اسم كالتَّمْتِين والتَّنْبيت؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
تقول خَوْدٌ سَلِسٌ عُقُودُها،
ذاتُ وِشاحٍ حَسَنٌ تَرْفِيدُها:
مَتى تَرانا قائِمٌ عَمُودُها؟
أَي نقيم فلا نظعن، وإِذا قاموا قامت عمد أَخبيتهم، فكأَنّ هذه الخَوْد
ملت الرحلة لنعمتها فسأَلت: متى تكون الإِقامة والخفض؟ والترفيد: نحو من
الهَمْلَجة؛ وقال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
وإِن غُضَّ من غَرْبِها رَفَّدَتْ
وشيجاً، وأَلْوَتْ بِجَلْسٍ طُوالْ
أَراد بالجَلس أَصل ذنبها.
والمرافيد: الشاءُ لا ينقطع لبنها صيفاً ولا شتاء.
والرَّافدَان: دجلة والفرات؛ قال الفرزدق يعاتب يزيد بن عبد الملك في
تقديم أَبي المثنى عمر بن هبيرة الفزاري على العراق ويهجوه:
بَعَثْتَ إِلى العراقِ ورافِدَيْه
فَزَاريّاً، أَحَذَّ يَدِ القَمِيص
أَراد أَنه خفيف، نسبه إِلى الخيانة.
وبنو أَرْفِدَة الذي في الحديث: جنس من الحبش يرقصون. وفي الحديث أَنه
قال للحبشة: دونكم يا بني أَرْفِدَة؛ قال ابن الأَثير. هو لقب لهم؛ وقيل:
هو اسم أَبيهم الأَقدم يعرفون به، وفاؤه مكسورة وقد تفتح.
ورُفَيدة: أَبو حيّ من العرب يقال لهم الرفيدات، كما يقال لآل هُبَيْرة
الهُبَيْرات.
دبح: دَبَّحَ الرجلُ: حَنَى ظهره؛ عن اللحياني.
والتَّدْبيح: تنكيس الرأْس في المشي. والتَّدْبيح في الصلاة: أَن
يطأْطئ رأْسه ويرفع عجزه؛ وقيل: يبسط ظهره ويطأْطِئُ رأْسه فيكون رأْسه أَشد
انحطاطاً من أَليتيه؛ وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُدَبِّح الرجلُ في
الركوع كما يُدَبِّحُ الحمار؛ قال أَبو عبيد: معناه يطأْطئ رأْسه في الركوع
حتى يكون أَخفض من ظهره؛ ابن الأَعرابي: التَّدْبيح خَفْضُ الرأْس
وتنكيسه؛ وأَنشد أَبو عمرو الشَّيْباني:
لما رَأَى هِراوَةً ذاتَ عُجَرْ،
دَبَّحَ واسْتَخْفى ونادى: يا عُمَرْ
وقال بعضهم: دَبَّح طأْطأَ رأْسه فقط، ولم يذكر هل ذلك في مَشْيٍ أَو مع
رفع عَجُزٍ؛ ودَبَّح: ذلَّ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي. الأَزهري:
دَبَّح الرجل ظهره إِذا ثناه فارتفع وسطه كأَنه سَنام، قال الأَزهري: رواه
الليث بالذال المعجمة، وهو تصحيف، والصحيح بالمهملة. ابن شميل: رملة
مُدَبِّحة أَي حَدْباء، ورمالٌ مَدابِحُ.
ابن الأَعرابي: ما بالدار دِبِّيحٌ ولا دِبِّيجٌ، بالحاء والجيم، والحاء
أَفصحهما؛ ورواه أَبو عبيد: ما بالدار دِبِّيج، بالجيم، قال الأَزهري:
معناه من يَدِبّ؛ وقيل: دِبِّيحٌ معناه ما بها من يُدَبِّح.
وقال أَبو عدنان: التَّدْبيح تَدْبيحُ الصبيان إِذا لعبوا، وهو أَن
يُطَأْمِنَ أَحدُهم ظهره ليجيء الآخر يَعْدُو من بعيد حتى يركبه.
والتَّدْبيحُ: التطأْطؤ؛ يقال: دَبّح لي حتى أَركبك. والتَّدْبيح أَيضاً: تَدْبيحُ
الكَمْأَةِ وهو أَن تنفتح عنها الأَرضُ ولا تَصْلَع أَي لا تظهر.
الغَنَوِيُّ: دَبَّح الحمار إِذا ركب وهو يشتكي ظهره من دَبَرِه،
فَيُرْخِي قوائمَه ويُطَأْمِنُ ظهره وعَجُزَه من الأَلم.
خيب: خابَ يَخِيبُ خَيْبَةً: حُرِم، ولم يَنَلْ ما طَلَب.
وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: مَنْ فازَ بِكُمْ، فقد فازَ بالقِــدْحِ
الأَخْيَبِ أَي بالسَّهْمِ الخائِبِ، الذي لا نَصِيبَ له من قِداحِ الـمَيْسِر، وهي ثلاثة: الـمَنِيحُ، والسَّفِيحُ، والوَغْدُ.
والخَيْبَة: الحِرْمانُ والخُسْران؛ وقد خابَ يَخِيبُ ويَخُوبُ. وفي
الحديث: خَيْبةً لَك ! ويا خَيْبَةَ الدَّهْرِ! وخَيَّبَه اللّه: حَرَمَه. وخَيَّبْتُه أَنا تَخْيِيباً.
وخابَ إِذا خَسِرَ، وخابَ إِذا كَفَر، والخَيْبَة: حِرْمان الجَدِّ.
وفي المثل: الهَيْبَةُ خَيْبَة؛ وسَعْيُه في خَيَّابِ ابن هَيَّابٍ أَي في خَسَارٍ، وبَيَّابِ بن بَيَّابٍ، في مَثلٍ للعرب، ولا يقولون منه
خابَ، ولا هابَ. والخَيَّابُ: القِــدْحُ الذي لا يُورِي؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
اسْكُتْ، ولا تَنْطِقْ، فأَنـْتَ خَيَّابْ، * كُلُّكَ ذُو عَيْبٍ، وأَنـْتَ عَيَّابْ
يجوز أَن يكون فَعَّالاً مِن الخَيْبَةِ، ويجوز أَن يُعْنَى به، أَنه
مثل هذا القِــدْح الذي لا يُورِي. ووَقَع في وَادِي تُخُيِّبَ على
تُفُعِّلَ، بضم التاءِ والفاءِ وكسر العين، غير مصروفٍ، وهو الباطِلُ. وتقول: خَيْبَةً لزَيْدٍ، وخَيْبَةٌ لِزَيْدٍ، فالنَّصْبُ على إِضْمارِ فِعْلٍ، والرَّفْعُ على الابتداءِ.
بيض: البياض: ضد السواد، يكون ذلك في الحيوان والنبات وغير ذلك مما
يقبله غيره. البَيَاضُ: لون الأَبْيَض، وقد قالوا بياض وبَياضة كما قالوا
مَنْزِل ومَنْزِلة، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وجمع الأَبْيَضِ
بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بضم الباء، وإِنما أَبدلوا من الضمة كَسْرَةً
لتصحَّ الياء، وقد أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قوله:
إِن شَكْلي وإِن شكْلَكِ شَتَّى،
فالْزمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي
فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فزاد ضاداً أُخرى ضرورة لإِقامة الوزن؛ قال ابن
بري: وقد قيل إِنما يجيء هذا في الشعر كقول الآخر:
لقد خَشِيتُ أَن أَرَى جَدْبَباَّ
أَراد جَدْباً فضاعف الباء. قال ابن سيده: فأَما ما حكى سيبويه من أَن
بعضهم قال: أَعْطِني أَبْيَضّه يريد أَبْيَضَ وأَلحق الهاء كما أَلحقها في
هُنّه وهو يريد هُنَّ فإِنه ثقل الضاد فلولا أَنه زاد ضاداً
(* قوله
«فلولا أنه زاد ضاداً إلخ» هكذا في الأصل بدون ذكر جواب لولا.) على الضاد
التي هي حرف الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إِذاً الضادُ الأُولى والثانية هي
الزائدة، وليست بحرف الإِعراب الموجود في أَبْيَضَ، فلذلك لحقته بَيانَ
الحركة
(* قوله: بيان الحركة؛ هكذا في الأصل.). قال أَبو علي: وكان ينبغي
أَن لا تُحَرّك فحركتها لذلك ضعيفة في القياس.
وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، من
البَياض: كنت أَشدَّ منه بياضاً. الجوهري: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه
في البياض، ولا تقل يَبُوضه؛ وهذا أَشدُّ بَياضاً من كذا، ولا تقل
أَبْيَضُ منه، وأَهل الكوفة يقولونه ويحتجون بقول الراجز:
جارِية في دِرْعِها الفَضْفاضِ،
أَبْيَضُ من أُخْتِ بني إِباضِ
قال المبرد: ليس البيت الشاذ بحجة على الأَصل المجمع عليه؛ وأَما قول
الآخر:
إِذا الرجالُ شَتَوْا، واشتدَّ أَكْلُهمُ،
فأَنْتَ أَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
فيحتمل أَن لا يكون بمعنى أَفْعَل الذي تصحبه مِنْ للمفاضلة، وإِنما هو
بمنزلة قولك هو أَحْسَنُهم وجهاً وأَكرمُهم أَباً، تريد حسَنهم وجهاً
وكريمهم أَباً، فكأَنه قال: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالاً، فلما أَضافه انتصب
ما بعده على التمييز.
والبِيضَانُ من الناس: خلافُ السُّودانِ.
وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: ولدت البِيضَ، وكذلك الرجل. وفي عينِه
بَياضةٌ أَي بَياضٌ.
وبَيّضَ الشيءَ جعله أَبْيَضَ. وقد بَيَّضْت الشيء فابْيَضَّ ابْيِضاضاً
وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الذي يُبَيِّضُ الثيابَ، على النسب
لا على الفعل، لأَن حكم ذلك إِنما هو مُبَيِّضٌ.
والأَبْيَضُ: عِرْق السرّة، وقيل: عِرْقٌ في الصلب، وقيل: عرق في
الحالب، صفة غالبة، وكل ذلك لمكان البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ.
والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عرقان في البطن لبياضهما؛
قال ذو الرمة:
وأَبْيَض قد كلَّفْته بُعد شُقّة،
تَعَقّدَ منها أَبْيَضاه وحالِبُهْ
والأَبْيَضان: عِرْقان في حالب البعير؛ قال هميان ابن قحافة:
قَرِيبة نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ،
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقَى فائلِه وأُبُضِهْ
(* قوله «عرقا أبيضه» قال الصاغاني: هكذا وقع في الصحاح بالالف والصواب
عرقي بالنصب، وقوله وأبضه هكذا هو مضبوط في نسخ الصحاح بضمتين وضبطه
بعضهم بكسرتين، أفاده شارح القاموس.)
والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وقيل: الخُبْز والماء، وقيل: الماء
واللبنُ؛ قال هذيل الأَشجعي من شعراء الحجازيين:
ولكنّما يَمْضِي ليَ الحَوْلُ كاملاً،
وما ليَ إِلاَّ الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ
من الماءِ أو من دَرِّ وَجْناءَ ثَرّةٍ،
لها حالبٌ لا يَشْتَكي وحِلابُ
ومنه قولهم: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته من الماء أَو
اللبن. ابن الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وكذلك قال أَبو زيد،
وقال أَبو عبيد: الأَبْيَضانِ الشحمُ واللبن. وفي حديث سعد: أَنه سُئِل عن
السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه؛ البَيْضاء الحِنْطة وهي السَّمْراء
أَيضاً، وقد تكرر ذكرها في البيع والزكاة وغيرهما، وإِنما كَرِه ذلك لأَنهما
عنده جنسٌ واحد، وخالفه غيره. وما رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يعني يومين أَو
شهرين، وذلك لبياض الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: ما أَحاط
به، وقيل: بَياضُ القلب من الفرس ما أَطافَ بالعِرْق من أَعلى القلب،
وبياض البطن بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى ونحو ذلك، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم
أَرادوا ذات البياض. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ البياض كقولك المُسَوِّدةُ
والمُحَمِّرةُ لأَصحاب السواد والحمرة. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عليها بَياضُ
الحديد. والبَيْضاء: الشمسُ لبياضها؛ قال الشاعر:
وبَيْضاء لم تَطْبَعْ، ولم تَدْرِ ما الخَنا،
تَرَى أَعيُنَ الفِتْيانِ من دونها خُزْرا
والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قال ذلك أَبو عمرو. قال: ويقال للقِدْر أَيضاً
أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:
وإِذْ ما يُرِيحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ،
يَنُوسُ عليها رَحْلُها ما يُحَوَّلُ
فقلتُ لها: يا أُمَّ بَيْضاءَ، فِتْيةٌ
يَعُودُك منهم مُرْمِلون وعُيَّلُ
قال الكسائي: ما في معنى الذي في إِذ ما يُرِيح، قال: وصرماءُ خبر الذي.
والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وفي
الحديث: كان يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ، وهي الثالثَ عشَرَ
والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سميت ليالِيها بِيضاً لأَن القمر يطلُع فيها من
أَولها إِلى آخرها. قال ابن بري: وأَكثر ما تجيء الرواية الأَيام
البِيض، والصواب أَن يقال أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ من صفة
الليالي. وكلَّمتُه فما ردَّ عليَّ سَوْداءَ ولا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قبيحة ولا
حسنة، على المثل. وكلام أَبْيَضُ: مشروح، على المثل أَيضاً. ويقال:
أَتاني كلُّ أَسْودَ منهم وأَحمر، ولا يقال أَبْيَض. الفراء: العرب لا تقول
حَمِر ولا بَيِض ولا صَفِر، قال: وليس ذلك بشيء إِنما يُنْظَر في هذا إِلى
ما سمع عن العرب. يقال: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قال:
والعرب تقول فلانة مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إِذا ولدت البِيضانَ والسُّودانَ،
قال: وأَكثر ما يقولون مُوضِحة إِذا وَلَدَت البِيضانَ، قال: ولُعْبة لهم
يقولون أَبِيضي حَبالاً وأَسيدي حَبالاً، قال: ولا يقال ما أَبْيَضَ
فلاناً وما أَحْمَر فلاناً من البياض والحمرة؛ وقد جاء ذلك نادراً في شعرهم
كقول طرفة:
أَمّا الملوكُ فأَنْتَ اليومَ ألأَمُهم
لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
ابن السكيت: يقال للأَسْودَ أَبو البَيْضاء، وللأبْيَض أَبو الجَوْن،
واليد البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وهي أَيضاً اليد التي لا تُمَنُّ
والتي عن غير سؤال وذلك لشرفها في أَنواع الحِجاج والعطاء. وأَرض بَيْضاءُ:
مَلْساء لا نبات فيها كأَن النبات كان يُسَوِّدُها، وقيل: هي التي لم
تُوطَأْ، وكذلك البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: ما لا عمارة فيه. وبَياضُ
الجلد: ما لا شعر عليه. التهذيب: إِذا قالت العرب فلان أَبْيَضُ وفلانة
بَيْضاء فالمعنى نَقاء العِرْض من الدنَس والعيوب؛ ومن ذلك قول زهير يمــدح
رجلاً.
أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض يُفَكِّك عن
أَيدي العُناةِ وعن أَعْناقِها الرِّبَقا
وقال:
أُمُّك بَيْضاءُ من قُضاعةَ في الـ
ـبيت الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ
قال: وهذا كثير في شعرهم لا يريدون به بَياضَ اللون ولكنهم يريدون المــدح
بالكرم ونَقاءِ العرْض من العيوب، وإِذا قالوا: فلان أَبْيَض الوجه
وفلانة بَيْضاءُ الوجه أَرادوا نقاءَ اللون من الكَلَفِ والسوادِ الشائن. ابن
الأَعرابي: والبيضاءُ حبالة الصائد؛ وأَنشد:
وبيضاء مِنْ مالِ الفتى إِن أَراحَها
أَفادَ، وإِلا ماله مال مُقْتِر
يقول: إِن نَشِب فيها عَيرٌ فجرّها بقي صاحبُها مُقْتِراً.
والبَيْضة: واحدة البَيْض من الحديد وبَيْضِ الطائر جميعاً، وبَيْضةُ
الحديد معروفة والبَيْضة معروفة، والجمع بَيْض. وفي التنزيل العزيز:
كأَنَّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون، ويجمع البَيْض على بُيوضٍ؛ قال:
على قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها
أَي صارت أَو كانت؛ قال ابن سيده: فأَما قول الشاعر
(* قوله «فأما قول
الشاعر» عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات،
قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إلا في ضرورة الشعر قال: أخو
بيضات إلخ.):
أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب،
رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ
فشاذ لا يعقد عليه باب لأَن مثل هذا لا يحرك ثانيه.
وباضَ الطائرُ والنعامة بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. ودجاجة بَيّاضةٌ
وبَيُوضٌ: كثيرة البَيْضِ، والجمع بُيُضٌ فيمن قال رُسُل مثل حُيُد جمع
حَيُود، وهي التي تَحِيد عنك، وبِيضٌ فيمن قال رُسْل، كسَرُوا الباء
لِتَسْلم الياء ولا تنقلب، وقد قال بُّوضٌ أَبو منصور. يقال: دجاجة بائض بغير
هاء لأَن الدِّيكَ لا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فهي بائضٌ. ورجل بَيّاضٌ:
يَبِيع البَيْضَ، وديك بائِضٌ كما يقال والدٌ، وكذلك الغُراب؛ قال:
بحيث يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قال ابن سيده: وهو عندي على النسب. والبَيْضة: من السلاح، سميت بذلك
لأَنها على شكل بَيْضة النعام. وابْتاضَ الرجل: لَبِسَ البَيْضةَ. وفي
الحديث: لَعَنَ اللّه السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه، يعني
الخُوذةَ؛ قال ابن قتيبة: الوجه في الحديث أَن اللّه لما أَنزل: والسارقُ
والسارقةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهما، قال النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: لَعَنَ
اللّه السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه على ظاهر ما نزل عليه،
يعني بَيْضةَ الدجاجة ونحوها، ثم أَعلمه اللّه بَعْدُ أَن القطع لا يكون
إِلا في رُبْع دِينار فما فوقه، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هذا ليس
موضع تَكثيرٍ لما يأْخذه السارق، إِنما هو موضع تقليل فإِنه لا يقال: قبَّح
اللّه فلاناً عرَّض نفسه للضرب في عِقْد جَوْهر، إِنما يقال: لَعَنه
اللّه تعرَّض لقطع يده في خَلَقٍ رَثٍّ أَو في كُبّةِ شعَرٍ.
وفي الحديث: أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ، فالأَحمرُ
مُلْكُ الشام، والأَبْيَضُ مُلْكُ فارس، وإِنما يقال لفارس الأَبْيَض لبياض
أَلوانهم ولأَن الغالب على أَموالهم الفضة، كما أَن الغالب على أَلوان أَهل
الشام الحمرة وعلى أَموالهم الذهب؛ ومنه حديث ظبيان وذكر حِمْير قال:
وكانت لهم البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصفراء،
أَراد بالبيضاء الخرابَ من الأَرض لأَنه يكون أَبْيَضَ لا غَرْسَ فيه
ولا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ منها لاخْضِرارِها بالشجر والزرع،
وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عليه، وبالجزية الصفراء الذهبَ
كانوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يظهر
الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ؛ الأَبْيَضُ ما يأْتي فَجْأَةً ولم يكن
قبله مرض يُغيِّر لونه، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدم.
والبَيْضةُ: عِنَبٌ بالطائف أَبيض عظيم الحبّ. وبَيْضةُ الخِدْر:
الجاريةُ لأَنها في خِدْرها مكنونة. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ
العُقْر مَثَلٌ يضرب وذلك أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ
فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وتسمى تلك البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قال أَبو منصور: وقيل
بَُْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الديك مرة واحدة ثم لا يعود، يضْرب
مثلاً لمن يصنع الصَّنِيعة ثم لا يعود لها. وبَيْضة البلَدِ: تَرِيكة
النعامة. وبَيْضةُ البلد: السَّيِّدُ؛ عن ابن الأَعرابي، وقد يُذَمُّ
ببَيْضة البلد؛ وأَنشد ثعلب في الذم للراعي يهجو ابن الرِّقاعِ العاملي:
لو كُنتَ من أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ،
يا ابن الرِّقاعِ، ولكن لستَ من أَحَدِ
تَأْبى قُضاعةُ لم تَعْرِفْ لكم نَسَباً
وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ
أَرادَ أَنه لا نسب له ولا عشيرة تَحْمِيه؛ قال: وسئل ابن الأَعرابي عن
ذلك فقال: إِذا مُــدِحَ بها فهي التي فيها الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حينئذ
يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بها فهي التي قد خرج الفَرْخُ منها ورَمى بها
الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وقولهم: هو أَذَلُّ من بَيْضةِ البَلَدِ
أَي من بَيْضَةِ النعام التي يتركها؛ وأَنشد كراع للمتلمس في موضع الذم
وذكره أَبو حاتم في كتاب الأَضداد، وقال ابن بري الشعر لِصِنَّان بن عبَّاد
اليشكري وهو:
لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي له تَرَعٌ
على الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذي لَدَدِ
لو كان حَوْضَ حِمَارٍ ما شَرِبْت به،
إِلاّ بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ
لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه
رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
أَي أَمسى ذليلاً كهذه البَيْضة التي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بها الظليم
فدِيسَت فلا أَذَل منها. قال ابن بري: حِمَار في البيت اسم رجل وهو
علقمة بن النعمان بن قيس بن عمرو بن ثعلبة، وشمطٌ هو شمط ابن قيس بن عمرو بن
ثعلبة اليشكري، وكان أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بن عبَّاد قائل هذا
الشعر فغضب لذلك، وقال المرزوقي: حمار أَخوه وكان في حياته يتعزَّزُ به؛
ومثله قول الآخر يهجو حسان بن ثابت وفي التهذيب انه لحسان:
أَرى الجَلابِيبَ قد عَزُّوا، وقد كَثُروا،
وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ
قال أَبو منصور: هذا مــدح. وابن فُرَيْعة: أَبوه
(* قوله «وابن فريعة
أبوه» كذا بالأصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن
الفريعة كجهينة وهي أُمه.). وأَراد بالجلابيب سَفِلة الناس وغَثْراءَهم؛
قال أَبو منصور: وليس ما قاله أَبو حاتم بجيد، ومعنى قول حسان أَن سَفِلة
الناس عزُّوا وكثروا بعد ذِلَّتِهِم وقلتهم، وابن فُرَيعة الذي كان ذا
ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قد أُخِّرَ عن قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ
بالأَمر دونه فهو بمنزلة بَيْضة البلد التي تَبِيضُها النعامة ثم تتركها
بالفلاة فلا تَحْضُنها، فتبقى تَرِكةً بالفلاة.
وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس: العرب تقول للرجل الكريم: هو بَيْضة
البلد يمــدحــونه، ويقولون للآخر: هو بَيْضة البلد يذُمُّونه، قال: فالممدوحُ
يراد به البَيْضة التي تَصُونها النعامة وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فيها
فَرْخَها فالممدوح من ههنا، فإِذا انْفَلَقت عن فَرْخِها رمى بها الظليمُ
فتقع في البلد القَفْر فمن ههنا ذمّ الآخر. قال أَبو بكر في قولهم فلان
بَيْضةُ البلد: هو من الأَضداد يكون مــدحــاً ويكون ذمّاً، فإِذا مُــدِح الرجل
فقيل هو بَيْضةُ البلد أُرِيدَ به واحدُ البلد الذي يُجْتَمع إِليه
ويُقْبَل قولُه، وقيل فَرْدٌ ليس أَحد مثله في شرفه؛ وأَنشد أَبو العباس
لامرأَة من بني عامر بن لُؤَيّ ترثي عمرو بن عبد وُدٍّ وتذكر قتل عليّ
إِيَّاه:لو كان قاتِلُ عَمرو غيرَ قاتله،
بَكَيْتُه، ما أَقام الرُّوحُ في جَسَدي
لكنَّ قاتلَه مَنْ لا يُعابُ به،
وكان يُدعَى قديماً بَيْضَةَ البَلَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، شُقِّي الجَيْبَ مُعْوِلَةً
على أَبيكِ، فقد أَوْدَى إِلى الأَبَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، بَكِّيهِ ولا تَسِمِي
بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ حَرَّى على ولد
بَيْضةُ البلد: عليُّ بن أَبي طالب، سلام اللّه عليه، أَي أَنه فَرْدٌ
ليس مثله في الشرف كالبَيْضةِ التي هي تَرِيكةٌ وحدها ليس معها غيرُها؛
وإِذا ذُمَّ الرجلُ فقيل هو بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هو منفرد لا ناصر له
بمنزلة بَيْضَةٍ قام عنها الظَّليمُ وتركها لا خير فيها ولا منفعة؛ قالت
امرأَة تَرْثي بَنِينَ لها:
لَهْفِي عليهم لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ
كثيرَة الهَمِّ والأَحزان والكَمَدِ
قد كُنْتُ قبل مَناياهُمْ بمَغبَطَةٍ،
فصِرْتُ مُفْرَدَةً كبَيْضَةِ البلدِ
وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وكلاهما على
المثل. وبَيْضَة القوم: وسَطُهم. وبَيْضة القوم: ساحتهم؛ وقال لَقِيطٌ
الإِيادِي:
يا قَوْمِ، بَيْضتَكُمْ لا تُفْضَحُنَّ بها،
إِنِّي أَخاف عليها الأَزْلَم الجَذَعا
يقول: احفظوا عُقْر داركم. والأَزْلَم الجَذَع: الدهر لأَنه لا يهرم
أَبداً. ويقال منه: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لهم،
وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فعلنا بهم ذلك. وبَيْضَةُ الدار: وسطها
ومعظمها. وبَيْضَةُ الإِسلام: جماعتهم. وبَيْضَةُ القوم: أَصلهم. والبَيْضَةُ:
أَصل القوم ومُجْتَمعُهم. يقال: أَتاهم العدو في بَيْضَتِهِمْ. وقوله في
الحديث: ولا تُسَلِّطْ عليهم عَدُوّاً من غيرهم فيستبيح بَيْضَتَهم؛ يريد
جماعتهم وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وموضع سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دعوتهم،
أَراد عدوّاً يستأْصلهم ويُهْلِكهم جميعهم، قيل: أَراد إِذا أُهْلِكَ أَصلُ
البَيْضة كان هلاك كل ما فيها من طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لم يُهْلَكْ
أَصلُ البَيْضة ربما سلم بعضُ فِراخها، وقيل: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ
فكأَنه شَبَّه مكان اجتماعهم والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ ومنه حديث
الحديبية: ثم جئتَ بهم لبَيْضَتِك تَفُضُّها أَي أَصْلك وعشيرتك. وبَيْضَةُ
كل شيء حَوْزَتُه.
وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. ويقال: ابْتِيضَ القومُ إِذا
أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وقد ابْتِيضَ القوم إِذا
اُخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً.
أَبو زيد: يقال لوسط الدار بَيْضةٌ ولجماعة المسلمين بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ
في ركبة الدابة بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يكون في يد الفرس مثل
النُّفَخ والغُدَد؛ قال الأَصمعي: هو من العيوب الهَيِّنة. يقال: قد باضَتْ يدُ
الفرس تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: معظمه. وبَيْضَة الحرّ:
شدته. وبَيْضَة القَيْظ: شدة حَرِّه؛ وقال الشماخ:
طَوَى ظِمْأَهَا في بَيْضَة القَيْظِ، بعدما
جَرَى في عَنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ
وباضَ الحَرُّ إِذا اشتد. ابن بزرج: قال بعض العرب يكون على الماء
بَيْضَاءُ القَيْظِ، وذلك من طلوع الدَّبَران إِلى طلوع سُهَيْل. قال أَبو
منصور: والذي سمعته يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ القيظ. ابن
شميل: أَفْرَخَ بَيْضَةُ القوم إِذا ظهر مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت
البَيْضَةُ إِذا صار فيها فَرْخٌ.
وباضَ السحابُ إِذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
باضَ النَّعَامُ به فنَفَّرَ أَهلَهُ،
إِلا المُقِيمَ على الدَّوا المُتأَفِّنِ
قال: أَراد مطراً وقع بِنَوْءِ النَّعَائم، يقول: إِذا وقع هذا المطر
هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قال ابن بري: هذا الشاعر وصف وَادِياً
أَصابه المطر فأَعْشَب، والنَّعَامُ ههنا: النعائمُ من النجوم، وإِنما
تُمْطِرُ النَّعَائمُ في القيظ فينبت في أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يقال له
النَّشْر، وهو سُمٌّ إِذا أَكله المال مَوَّت، ومعنى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا
بمعنى الداء، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ به على خَطر أَن يموت،
والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قال: هكذا فسره المُهَلَّبِيّ
في باب المقصور لابن ولاَّد في باب الدال؛ قال ابن بري: ويحتمل عندي أَن
يكون الدَّوا مقصوراً من الدواء، يقول: يَفِرُّ أَهلُ هذا الوادي إِلا
المقيمَ على المُداواة المُنَقِّصة لهذا المرض الذي أَصابَ الإِبلَ من
رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إِذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض:
اصفرت خُضرتُها ونَفَضتِ الثمرة وأَيبست، وقيل: باضَت أَخْرجَتْ ما فيها من
النبات، وقد باضَ: اشتدَّ.
وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. ويقال: بَيَّضْت الإِناءَ إِذا
فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إِذا مَلأْته، وهو من الأَضداد.
والبَيْضاء: اسم جبل. وفي الحديث في صفة أَهل النار: فَخِذُ الكافر في
النار مثْل البَيْضاء؛ قيل: هو اسم جبل. والأَبْيَضُ: السيف، والجمع
البِيضُ.
والمُبَيِّضةُ، بكسر الياء: فرقة من الثَّنَوِيَّة وهم أَصحاب
المُقَنَّع، سُمُّوا بذلك لتَبْيِيضهم ثيابهم خلافاً للمُسَوِّدَة من أَصحاب
الدولة العبّاسية. وفي الحديث: فنظرنا فإِذا برسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، وأَصحابه مُبَيِّضين، بتشديد الياء وكسرها، أَي لابسين ثياباً بيضاً.
يقال: هم المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بالكسر؛ ومنه حديث توبة كعب بن
مالك: فرأَى رجلاً مُبَيِّضاً يزول به السرابُ، قال ابن الأَثير: ويجوز أَن
يكون مُبْيَضّاً، بسكون الباء وتشديد الضاد، من البياض أَيضاً.
وبِيضَة، بكسر الباء: اسم بلدة. وابن بَيْض: رجل، وقيل: ابن بِيضٍ،
وقولهم: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قال الأَصمعي: هو رجل كان في الزمن
الأَول يقال له ابن بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه على ثَنِيَّةٍ فسد بها الطريق ومنع
الناسَ مِن سلوكِها؛ قال عمرو بن الأَسود الطهوي:
سَدَدْنا كما سَدَّ ابنُ بيضٍ طَرِيقَه،
فلم يَجِدوا عند الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا
قال: ومثله قول بَسّامة بن حَزْن:
كثوبِ ابن بيضٍ وقاهُمْ به،
فسَدَّ على السّالِكينَ السَّبِيلا
وحمزة بن بِيضٍ: شاعر معروف، وذكر النضر بن شميل أَنه دخل على المأْمون
وذكر أَنه جَرى بينه وبينه كلام في حديث عن النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، فلما فرغ من الحديث قال: يا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بيت قالته
العرب، فأَنشدته أَبيات حمزة بن بِيضٍ في الحكَم بن أَبي العاص:
تقولُ لي، والعُيونُ هاجِعةٌ:
أَقِمْ عَلَيْنا يَوْماً، فلم أُقِم
أَيَّ الوُجوهِ انْتَجَعْتَ؟ قلتُ لها:
وأَيُّ وَجْهٍ إِلا إِلى الحَكَم
متى يَقُلْ صاحِبا سُرادِقِه:
هذا ابنُ بِيضٍ بالباب، يَبْتَسِمِ
رأَيت في حاشية على كتاب أَمالي ابن بري بخط الفاضل رضي الدين الشاطبي،
رحمه اللّه، قال: حمزة بن بِيضٍ، بكسر الباء لا غير. قال: وأَما قولهم
سدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ فقال الميداني في أَمثاله: ويروى ابن بِيضٍ، بكسر
الباء، قال: وأَبو محمد، رحمه اللّه، حمل الفتح في بائه على فتح الباء
في صاحب المثَل فعطَفَه عليه. قال: وفي شرح أَسماء الشعراء لأَبي عمر
المطرّز حمزة بن بِيض قال الفراء: البِيضُ جمع أَبْيَض وبَيْضاء.
والبُيَيْضَة: اسم ماء. والبِيضَتانِ والبَيْضَتان، بالكسر والفتح: موضع على طريق
الشام من الكوفة؛ قال الأَخطل:
فهْوَ بها سَيِّءٌ ظَنّاً، وليس له،
بالبَيْضَتَينِ ولا بالغَيْضِ، مُدَّخَرُ
ويروى بالبَيْضَتين. وذُو بِيضانَ: موضع؛ قال مزاحم:
كما صاحَ، في أَفْنانِ ضالٍ عَشِيَّةً
بأَسفلِ ذِي بِيضانَ، جُونُ الأَخاطِبِ
وأَما بيت جرير:
قَعِيدَ كما اللّهَ الذي أَنْتُما له،
أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَينِ المُنادِيا؟
فقال ابن حبيب: البِيضَة، بالكسر، بالحَزْن لبني يربوع، والبَيْضَة،
بالفتح، بالصَّمّان لبني دارم. وقال أَبو سعيد: يقال لما بين العُذَيْب
والعقَبة بَيْضة، قال: وبعد البَيْضة البَسِيطةُ. وبَيْضاء بني جَذِيمة: في
حدود الخطّ بالبحرين كانت لعبد القيس وفيها نخيل كثيرة وأَحْساءٌ عَذْبة
وقصورٌ جَمَّة، قال: وقد أَقَمْتُ بها مع القَرامِطة قَيْظة. ابن
الأَعرابي: البَيْضة أَرض بالدَّوّ حفَروا بها حتى أَتتهم الريح من تحتهم فرفعتهم
ولم يصِلُوا إِلى الماء. قال شمر: وقال غيره البَيْضة أَرض بَيْضاء لا
نبات فيها، والسَّوْدة: أَرض بها نخيل؛ وقال رؤبة:
يَنْشَقُّ عن الحَزْنُ والبَرِّيتُ،
والبِيضةُ البَيْضاء والخُبُوتُ
كتبه شمر بكسر الباء ثم حكى ما قاله ابن الأَعرابي.
ملك: الليث: المَلِكُ هو الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك له
المُلْكُ وهو مالك يوم الدين وهو مَلِيكُ الخلق أي ربهم ومالكهم. وفي التنزيل:
مالك يوم الدين؛ قرأ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وابن عامر وحمزة: مَلِك
يوم الدين، بغير أَلف، وقرأَ عاصم والكسائي ويعقوب مالك، بأَلف، وروى عبد
الوارث عن أَبي عمرو: مَلْكِ يوم الدين، ساكنة اللام، وهذا من اختلاس أبي
عَمرو، وروى المنذر عن أَبي العباس أَنه اختار مالك يوم الدين، وقال: كل
من يَمْلِك فهو مالك لأنه بتأْويل الفعل مالك الدراهم، ومال الثوب،
ومالكُ يوم الدين، يَمْلِكُ إقامة يوم الدين؛ ومنه قوله تعالى: مالِكُ
المُلْكِ، قال: وأما مَلِكُ الناس وسيد الناس ورب الناس فإنه أَراد أَفضل من
هؤلاء، ولم يريد أَنه يملك هؤلاء، وقد قال تعالى: مالِكُ المُلْك؛ أَلا ترى
أنه جعل مالكاً لكل شيءٍ فهذا يدل على الفعل؛ ذكر هذا بعقب قول أَبي
عبيد واختاره.
والمُلْكُ: معروف وهو يذكر ويؤنث كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ الله تعالى
ومَلَكُوته: سلطانه وعظمته. ولفلان مَلَكُوتُ العراق أي عزه وسلطانه ومُلْكه؛
عن اللحياني، والمَلَكُوت من المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ من الرَّهْبَةِ،
ويقال للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يقال: له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوةُ العراق
أَيضاً مثال التَّرْقُوَةِ، وهو المُلْكُ والعِزُّ. وفي حديث أَبي سفيان:
هذا مُلْكُ هذه الأُمة قد ظهر، يروى بضم الميم وسكون اللام وبفتحها وكسر
اللام وفي الحديث: هل كان في آبائه مَنْ مَلَكَ؟ يروى بفتح الميمين
واللام وبكسر الميم الأُولى وكسر اللام. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ
والمالِكُ: ذو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مثال فَخْذٍ وفَخِذٍ، كأن المَلْكَ
مخفف من مَلِك والمَلِك مقصور من مالك أو مَلِيك، وجمع المَلْكِ مُلوك،
وجمع المَلِك أَمْلاك، وجمع المَلِيك مُلَكاء، وجمع المالِكِ مُلَّكٌ
ومُلاَّك، والأُمْلُوك اسم للجمع. ورجل مَلِكٌ وثلاثة أَمْلاك إلى العشرة،
والكثير مُلُوكٌ، والاسم المُلْكُ، والموضع مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أي
مَلَكه قهراً. ومَلَّكَ القومُ فلاناً على أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه
مَلِكاً؛ عن اللحياني. ويقال: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فهو مُمَلَّكٌ؛ قال
الفرزدق في خال هشام بن عبد الملك:
وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً،
أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه
يقول: ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملَّك أَبو أُم ذلك المُمَلَّكِ
أَبوه، ونصب مُمَلَّكاً لأنه استثناء مقدّم، وخال هشام هو إبراهيم بن
إسماعيل المخزومي. وقال بعضهم: المَلِكُ والمَلِيكُ لله وغيره، والمَلْكُ
لغير الله. والمَلِكُ من مُلوك الأرض، ويقال له مَلْكٌ، بالتخفيف، والجمع
مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: ما ملكت اليد من مال وخَوَل. والمَلَكة:
مُلْكُكَ، والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك في رعيته. ويقال: طالت مَمْلَكَتُه
وساءت مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مُلِكه وكَثُر مُلِكُه.
أَبو إسحق في قوله عزّ وجل: فسبحان الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؛ مَعناه
تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة، قال: وقوله تعالى ملكوت كل شيء أي القدرة
على كل شيء وإليه ترجعون أي يبعثكم بعد موتكم. ويقال: ما لفلان مَولَى
مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلا الله تعالى. ابن سيده: المَلْكُ
والمُلْكُ والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به، مَلَكه يَمْلِكه
مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأخيرة عن اللحياني، لم يحكها
غيره. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كذلك. وما له مَلْكٌ
ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أي شيء يملكه؛ كل ذلك عن اللحياني، وحكي عن الكسائي:
ارْحَمُوا هذا الشيخ الذي ليس له مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أي ليس له شيء؛ بهذا
فسره اللحياني، وقال ليس له شيء يملكه. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إياه
تَمْليكاً جعله مِلْكاً له يَمْلِكُه. وحكى اللحياني: مَلِّكْ ذا أَمْرٍ
أَمْرَه، كقولك مَلِّك المالَ رَبَّه وإن كان أَحمق، قال هذا نص قوله: ولي
في هذا الوادي مَلْكٌ وملْك ومُلْك ومَلَكٌ يعني مَرْعًى ومَشْرباً
ومالاً وغير ذلك مما تَمْلِكه، وقيل: هي البئر تحفرها وتنفرد بها. وجاء في
التهذيب بصورة النفي: حكي عن ابن الأعرابي قال ما له مَلْكٌ ولا نَفْرٌ،
بالراء غير معجمة، ولا مِلْكٌ ولا مُلْك ولا مَلَكٌ؛ يريد بئراً وماء أي ما
له ماء. ابن بُزُرْج: مياهنا مُلُوكنا. ومات فلانٌ عن مُلُوك كثيرة،
وقالوا: الماء مَلَكُ أَمْرٍ أي إذا كان مع القوم ماء مَلَكُوا أَمْرَهم أي
يقوم به الأمر؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدي:
ولم يكن مَلَكٌ للقوم يُنْزِلُهم،
إلا صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
أي يُقْسَم بينهم بالسوية لا يُؤثَرُ به أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: ومن
أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أي أن الماء مِلاكُ الأشياء، يضرب للشيء الذي
به كمال الأمر. وقال ثعلب: يقال ليس لهم مِلْك ولا مَلْكٌ ولا مُلْكٌ إذا
لم يكن لهم ماء. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا على مَلْكِ
أَمْرِنا. وهذا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أي ما أَملكه؛ قال الجوهري:
والفتح أفصح. وفي الحديث: كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أَيمانكم،
يريد الإحسانَ إلى الرقيق، والتخفيفَ عنهم، وقيل: أَراد حقوق الزكاة
وإخراجها من الأموال التي تملكها الأَيْدي كأَنه علم بما يكون من أَهل الردة،
وإنكارهم وجوب الزكاة وامتناعهم من أَدائها إلى القائم بعده فقطع حجتهم بأن
جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة فعقل أَبو بكر، رضي الله عنه، هذا
المعنى حين قال: لأَقْتُلَنَّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. وأَعطاني
من مَلْكِه ومُلْكِه؛ عن ثعلب، أي مما يقدر عليه. ابن السكيت: المَلْكُ ما
مُلِكَ. يقال: هذا مَلْكُ يدي ومِلْكُ يدي، وما لأَحدٍ في هذا مَلْكٌ
غيري ومِلْكٌ، وقولهم: ما في مِلْكِه شيء ومَلْكِه شيء أي لا يملك شيئاً.
وفيه لغة ثالثة ما في مَلَكَته شيء، بالتحريك؛ عن ابن الأَعرابي. ومَلْكُ
الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إياها ومِلْكُه لها.
والمَمْلُوك: العبد. ويقال: هو عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأخيرة
عن ابن الأعرابي، إذا مُلِكَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. وفي التهذيب: الذي
سُبيَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. ابن سيده: ونحن عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لا قِنٍّ أي
أَننا سُبِينا ولم نُمْلَكْ قبلُ. ويقال: هم عبِيدُ مَمْلُكة، وهو أَن
يُغْلَبَ عليهم ويُستْعبدوا وهم أَحرار. والعَبْدُ القنّ: الذي مُلِك هو
وأَبواه، ويقال: القِنُّ المُشْتَرَى. وفي الحديث: أن الأَشْعَثَ بن
قَيْسٍ خاصم أَهل نَجْرانَ إلى عمر في رِقابهم وكان قد استعبدهم في الجاهلية،
فلما أَسلموا أَبَوْا عليه، فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد
مَمْلُكة ولم نكن عبيدَ قِنٍّ؛ المَمْلُكة، بضم اللام وفتحها، أَن
يَغْلِبَ عليهم فيستعبدَهم وهم في الأصل أَحرار. وطال مَمْلَكَتُهم الناسَ
ومَمْلِكَتُهم إياهم أي مِلْكهم إياهم؛ الأخيرة نادرة لأن مَفْعِلاً
ومَفْعِلَةً قلما يكونان مصدراً. وطال مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عن
اللحياني، أَي رِقُّه. ويقال: إنه حسن المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عنه أَيضاً.
وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أي المِلْكِ. وفي الحديث: لا يدخل الجنةَ
سَيءُ المَلَكَةِ، متحرّك، أي الذي يُسيءُ صُحْبة المماليك. ويقال: فلان
حَسَنُ المَلَكة إذا كان حسن الصُّنْع إلى مماليكه. وفي الحديث: حُسْنُ
المَلَكة نماء، هو من ذلك. ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها التي يزعمون أنها
تقتادها، على التشبيه، واحدها مَلِيكٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها
إلى طَنَفٍ أََعْيَا بِراقٍ ونازِلِ
يريد يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النحل أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة:
سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وقول ابن أَحمر:
بَنَّتْ عليه المُلْكُ أَطْنابها،
كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفًٌ طِمِرّ
قال ابن الأَعرابي: المُلْكُ هنا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، ولذلك
رفع الملك والكأْس معاً بجعل الكأْس بدلاً من الملك؛ وأَنشد غيره:
بنَّتُ عليه المُلْكَ أَطنابَها
فنصب الملك على أنه مصدر موضوع موضع الحال كأَنه قال مُمَلَّكاً وليس
بحال، ولذلك ثبتت فيه الألف واللام، وهذا كقوله: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي
مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، ورواه ثعلب بنت عليه الملك، مخفف
النون، ورواه بعضهم مدَّتْ عليه الملكُ، وكل هذا من المِلْكِ لأَن
المُلْكَ مِلْكٌ، وإنما ضموا الميم تفخيماً له. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ:
صَلَّبَها، وذلك إذا يَبَّسَها في الشمس مع قشرها. وتَمالَكَ عن الشيء: مَلَكَ
نَفْسَه. وفي الحديث: امْلِكْ عليك لسانَك أي لا تُجْرِه إلا بما يكون لك لا
عليك. وليس له مِلاكٌ أي لا يَتَمالك. وما تَمالَك أن قال ذلك أي ما
تَماسَك ولا يَتَماسَك. وما تَمالَكَ فلان أن وقع في كذا إذا لم يستطع أَن
يحبس نفسه؛ قال الشاعر:
فلا تَمَلَك عن أَرضٍ لها عَمَدُوا
ويقال: نفسي لا تُمالِكُني لأن أَفعلَ كذا أَي لا تُطاوعني. وفلان ما له
مَلاكٌ، بالفتح، أي تَماسُكٌ. وفي حديث آدم: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ
أَنه خَلق لا يَتَمالَك أي لا يَتَماسَك. وإذا وصف الإنسان بالخفة
والطَّيْش قيل: إنه لا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأمر ومَلاكُه: قِوامُه الذي
يُمْلَكُ به وصَلاحُه. وفي التهذيب: ومِلاكُ الأمر الذي يُعْتَمَدُ عليه،
ومَلاكُ الأمر ومِلاكُه ما يقوم به. وفي الحديث: مِلاكُ الدين الورع؛ الملاك،
بالكسر والفتح: قِوامُ الشيء ونِظامُه وما يُعْتَمَد عليه فيه، وقالوا:
لأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكاً وإما مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أي إما أن
أَهْلِكَ وإما أن أَمْلِكَ. والإمْلاك: التزويج. ويقال للرجل إذا تزوّج: قد
مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فلان
ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأخيرتان عن اللحياني، أي عقده مع امرأته. وأَمْلكه
إياها حتى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إياها؛
عن اللحياني. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إذا زُوِّج؛ عنه أَيضاً.
وقد أَمْلَكْنا فلاناً فلانَة إذا زَوَّجناه إياها؛ وجئنا من إمْلاكه ولا
تقل من مِلاكِه. وفي الحديث: من شَهِدَ مِلاكَ امرئ مسلم؛ نقل ابن
الأثير: المِلاكُ والإمْلاكُ التزويجُ وعقد النكاح. وقال الجوهري: لا يقال
مِلاك ولا يقال مَلَك بها
(* قوله «ولا يقال ملك بها إلخ» نقل شارح القاموس
عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم
وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على
تصحيح كلام الفقهاء.) ولا أُمْلِك بها. ومَلَكْتُ المرأَة أي تزوّجتها.
وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عن اللحياني، وقيل: جُعِل أَمر طلاقها
بيدها. قال أَبو منصور: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بالتشديد، أكثر من
أُمْلِكَت؛ والقلب مِلاكُ الجسد. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً
وأَمْلَكَه: عجنه فأَنْعَمَ عجنه وأَجاده. وفي حديث عمر: أَمْلِكُوا العجين فإِنه
أَحد الرَّيْعَينِ أَي الزيادتين؛ أَراد أَن خُبْزه يزيد بما يحتمله من
الماء لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عليه.
الجوهري: ومَلَكْتُ العجين أَمْلِكُه مَلْكاً، بالفتح، إِذا شَدَدْتَ عجنه؛
قال قَيْسُ بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ مِنْ دُونها ما وَراءَها
يعني شَدَدْتُ بالطعنة. ويقال: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بلغت
مِلاكَتَهُ وأَجادت عجنه حتى يأْخذ بعضه بعضاً، وقد مَلَكَتْه تَمْلِكُه
مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وقال أَوْسُ بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَلَّك بالليِّطِ التي تَحْتَ قِشْرِها،
كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عَلُ
قال: مَلَّكَ كما تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عجنه أَي ترك من
القشر شيئاً تَتمالك القوسُ
به يَكُنُّها لئلا يبدو قلب القوس فيتشقق، وهو يجعلون عليها عَقَباً
إِذا لم يكن عليها قشر، يدلك على ذلك تمثيله إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛
الفراء عن الدُّبَيْرِيَّة: يقال للعجين إِذا كان متماسكاً متيناً
مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، ويروى فمن لك، والأَول أَجود؛ أَلا ترى إِلى
قول الشماخ يصف نَبْعَةً:
فَمَصَّعَها شهرين ماءَ لِحائها،
وينْظُرُ منها أَيَّها هو غامِزُ
والتَّمْصِيع: أَن يترك عليها قشرها حتى يَجِفَّ عليها لِيطُها وذلك
أَصلب لها؛ قال ابن بري: ويروى فمظَّعَها، وهو أَن يبقي قشرها عليها حتى
يجف. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عن ابن
الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كانت تتبعها؛ عنه أَيضاً. ومَلْكُ
الطريق ومِلْكُه ومُلْكه: وسطه ومعظمه، وقيل حدّه؛ عن اللحياني. ومِلْكُ
الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وسطه وحَدّه؛ عنه أَيضاً. ويقال: خَلِّ عن مِلْكِ
الطريق ومِلْكِ الوادي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه ووسطه. ويقال: الْزَمْ
مَلْكَ الطريق أَي وسطه؛ قال الطِّرمّاح:
إِذا ما انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ
رَتِيمَ الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وفي حديث أَنس: البَصْرةُ إِحْدى المؤتفكات فانْزلْ في ضَواحيها، وإِياك
والمَمْلُكَةَ، قال شمر: أَراد بالمَمُلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ ا لطريق
ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه ووسطه؛ قال الشاعر:
أَقامَتْ على مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه
لها ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ
ومُلُك الدابة، بضم الميم واللام: قوائمه وهاديه؛ قال ابن سيده: وعليه
أُوَجِّه ما حكاه اللحياني عن الكسائي من قول الأَعرابي: ارْحَمُوا هذا
الشيخ الذي ليس له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يدان ولا رجلان ولا بَصَرٌ،
وأَصله من قوائم الدابة فاستعاره الشيخ لنفسه. أَبو عبيد: جاءنا تَقُودُه
مُلُكُه يعني قوائمه وهاديه، وقوام كل دابة مُلُكُه؛ ذكره عن الكسائي في كتاب
الخيل، وقال شمر: لم أَسمعه لغيره، يعني المُلُك بمعنى القوائم.
والمُلَيْكَةُ: الصحيفة.
والأُمْلُوك: قوم من العرب من حِمْيَرَ، وفي التهذيب: مَقاوِلُ من حمير
كتب إِليهم النبي، صلى الله عليه وسلم: إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ،
ورَدْمانُ موضع باليمن. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تكون في الرمل تشبه العَظاءة.
ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ ومالك ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كلها:
أَسماء؛ قال ابن سيده: ورأَيت في بعض الأَشعار مالَكَ الموتِ في مَلَكِ الموت
وهو قوله:
غدا مالَكٌ يبغي نِسائي كأَنما
نسائي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ
قال: وهذا عندي خطأ وقد يجوز أَن يكون من جفاء الأَعراب وجهلهم لأَن
مَلَك الموت مخفف عن مَلأَك، الليث: المَلَكُ واحد الملائكة إِنما هو تخفيف
المَلأَك، واجتمعوا على حذف همزه، وهو مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وقد ذكرناه
في المعتل. والمَلَكُ من الملائكة: واحد وجمع؛ قال الكسائي: أَصله
مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الأَلُوكِ، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل
مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من عبد القَيْس جاهليّ يمــدح بعض الملوك
قيل هو النعمان وقال ابن السيرافي هو لأَبي وَجْزة يمــدح به عبد الله بن
الزبير:
فَلَسْتَ لإِِنْسِيٍّ، ولكن لِمَلأَكٍ
تَنَزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، فلما جمعوه رَدُّوها إِليه
فقالوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه،
سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ
قال ابن بري: صوابه أَجْرَدُ بالدال لأَن القصيدة دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاًّ، فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ
وفيها يقول في صفة الهلال:
لا نَقْصَ فيه، غير أَن خَبِيئَه
قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وفي الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة؛ قال ابن الأَثير:
أَراد الملائكة السَّيَّاحِينَ غير الحفظة والحاضرين عند الموت. وفي
الحديث: لقد حَكَمْت بحكم المَلِكِ؛ يريد الله تعالى، ويروى بفتح اللام،
يعني جبريل، عليه السلام، ونزوله بالوحي. قال ابن بري: مَلأَكٌ مقلوب من
مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وزنه مَفْعَل في الأَصل من الأَلوك، قال: وحقه أَن
يذكر في فصل أَلك لا في فصل ملك.
ومالِكٌ الحَزينُ: اسم طائر من طير الماء.
والمالِكان: مالك بن زيد ومالك بن حنظلة. ابن الأَعرابي: أَبو مالك كنية
الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ به لأَنه مَلَكه وغلبه؛ قال الشاعر:
أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني،
أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دائبا
ويقال للهَرَمِ أَبو مالك؛ وقال آخر:
بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ:
أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ
وأَبو مالك: كنية الجُوعِ؛ قال الشاعر:
أَبو مالكٍ يَعْتادُنا في الظهائرِ،
يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عند عامِرِ
ومِلْكانُ: جبل بالطائف. وحكى ابن الأَنباري عن أَبيه عن شيوخه قال: كل
ما في العرب مِلْكان، بكسر الميم، إِلاَّ مَلْكان بن حزم بن زَبَّانَ
فإِنه بفتحها. ومالك: اسم رمل؛ قال ذو الرمة:
لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك * لَذو عَبْرةٍ، كَلاً تَفِيضُ وتخْنُقُ
قحد: القَحَدَةُ، بالتحريك: أَصل السنام، والجمع قِحادٌ مثل ثَمَرةٍ
وثِمارٍ، وقيل: هي ما بين المَأْنَتَيْنِ من شحْمِ السَّنامِ، وقيل: هي
السنام. وقَحَدَتِ الناقَةُ وأَقْحَدَتْ: صارت مِقْحاداً؛ وقال ابن سيده:
صارت لها قَحَدَة، وقيل: الإِقْحادُ أَن لا يزالَ لها قَحَدَةٌ وإِن
هُزِلَتْ، وقيل: هو أَن تعظم قَحَدَتُها بعد الصغر وكل ذلك قريب بعضه من بعض.
وناقة مِقْحاد: ضَخْمة القَحَدَة؛ قال:
المُطْعِم القومِ الخِفافِ الأَزْواد،
مِن كلِّ كَوْماءَ شَطُوطٍ مِقْحاد
الجوهري: بكرة قَحْدَةٌ وأَصله قَحِدَةٌ فسكنت؛ مثل عَشْرَة وعَشِرة.
وقال الأَزهري في تفسير البيت: المِقْحادُ الناقة العظيمةُ السنام، ويقال
للسنام القَحَدَة. والشَّطُوطُ: العظيمة جَنَبَتَي السنام؛ وفي حديث أَبي
سفيان: فقمت إِلى بَكْرَةٍ قَحِدَةٍ أُريد أَن أُعَرْقِبها؛ القَحِدَةُ:
العَظيمة السنام. ويقال: بكرة قَحِدَة، بكسر الحاء، ثم تسكن تخفيفاً
كفَخِذ وفَخْذ. وذكر ابن الأَعرابي: المَحْفِدُ أَصل السنام، بالفاء؛ وعن
أَبي نصر مثله.
ابن الأَعرابي: المَحْتِدُ والمَحْقِدُ والمَحْفِدُ والمَحْكِدُ كلُّه
الأَصل، قال الأَزهري: وليس في كتاب أَبي تراب المحقد مع المحتد. شمر عن
ابن الأَعرابي: والقَحَّادُ الرجلُ الفَرْدُ الذي لا أَخ له ولا ولد.
يقال: واحد قاحِدٌ وصاخِدٌ وهو الصُّنْبُورُ. قال الأَزهري: روى أَبو عمرو عن
أَبي العباس هذا الحرف بالفاء فقال: واحد فاحد؛ قال: والصواب ما رواه
شمر عن ابن الأَعرابي. قال ابن سيده: وواحدٌ قاحِدٌ إِتباع.
وبنو قُحَادَة: بطن، منهم أُم يزيدَ بنِ القُحادِيَّةِ أَحد فرسان بني
يربوعٍ.
والقَمَحْدُوَةُ، بزيادة الميم: ما خَلْفَ الرأْسِ، والجمع قَماحِدُ.
سهم: السَّهْمُ: واحد السِّهام. والسَّهْمُ: النصيب. المحكم: السَّهْم
الحظُّ، والجمع سُهْمان وسُهْمة؛ الأَخيرة كأُخْوة. وفي هذا الأَمر سُهْمة
أَي نصيب وحظّ من أَثَر كان لي فيه. وفي الحديث: كان للنبي، صلى الله
عليه وسلم، سَهْم من الغنِيمة شَهِد أَو غاب؛ السَّهْم في الأَصل: واحد
السِّهام التي يُضْرَب بها في المَيْسِر وهي القِداح ثم سُمِّيَ به ما يفوز
به الفالِجُ سَهْمُهُ، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سَهْماً، وتجمع على
أَسْهُمٍ وسِهام وسُهمان، ومنه الحديث: ما أَدري ما السُّهْمانُ. وفي حديث عمر:
فلقد رأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانها، وحديث بُرَيْدَةَ: خرج سَهْمُك
أَي بالفَلْجِ والظَّفَرِ. والسَّهْم: القِــدْح الذي يُقارَع به، والجمع
سِهام. واسْتَهَمَ الرجلان: تقارعا. وساهَمَ القومَ فسهَمَهُمْ سَهْماً:
قارعهم فَقَرَعَهُمْ. وساهَمْتُهُ أَي قارعته فَسَهَمْتُهُ أَسْهَمُه ،
بالفتح، وأَسْهَمَ بينهم أَي أَقْرَعَ. واسْتَهَمُوا أَي اقترعوا.
وتَساهَمُوا أَي تقارعوا. وفي التنزيل: فساهَمَ فكان من المُــدْحَــضِين؛ يقول: قارَعَ
أَهْلَ السفينة فَقُرِعَ. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لرجلين
احْتَكما إِليه في مواريث قد دَرَسَت: اذهبا فَتَوخَّيا، ثم اسْتَهِما، ثم
ليأْخذ كلُّ واحد منكما ما تخرجه القسمةُ بالقُرْعةِ، ثم لِيُحْلِلْ كلُّ
واحد منكما صاحبَه فيما أَخَذ وهو لا يَسْتَيْقِنُ أَنه حقه؛ قال ابن
الأَثير: قوله اذهَبا فتَوَخَّيا ثم اسْتَهِما أَي اقْتَرِعا يعني ليظهر
سَهْمُ كلِّ واحدٍ منكما. وفي حديث ابن عمر: وقع في سَهْمِي جاريةٌ، يعني من
المَغْنَم. والسُّهْمَةُ: النصيب. والسَّهْمُ: واحد النَّبْلِ، وهو
مَرْكَبُ النَّصْلِ، والجمع أَسْهُمٌ وسِهامٌ. قال ابن شميل: السَّهْمُ نفس
النَّصْل، وقال: لو التَقَطْت نَصْلاً لقلت ما هذا السَّهْمُ معك، ولو
التقطت قِــدْحــاً لم تقل ما هذا السَّهْمُ معك، والنَّصْلُ السَّهْم العريض
الطويل يكون قريباً من فِتْرٍ والمِشْقَص على النصف من النَّصْل، ولا خير
فيه، يَلْعَبُ به الوِلْدانُ، وهو شر النَّبْلِ وأَحرضه؛ قال: والسَّهْمُ
ذو الغِرارَيْنِ والعَيْرِ، قال: والقُطْبَةُ لا تُعَدُّ سَهْماً،
والمِرِّيخُ الذي على رأْسه العظيمة يرمي بها أَهل البصرة بين الهَدَفَيْنِ،
والنَّضِيُّ متن القِــدْح ما بين الفُوق والنَّصْل. والمُسَهَّمُ: البُرْدُ
المخطط؛ قال ابن بري: ومنه قول أَوْسٍ:
فإِنا رأَينا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً،
إِلى الصَّوْنِ، من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
وفي حديث جابر: أَنه كان يصلي في بُرْدٍ مُسَهَّمٍ أَي مُخَطَّطٍ فيه
وَشْيٌ كالسِّهامِ. وبُرْدٌ مُسَهَّمٌ: مخطط بصور على شكل السِّهام؛ وقال
اللحياني: إِنما ذلك لوَشْيٍ فيه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف داراً:
كأَنَّها بعد أَحْوالٍ مَضَيْنَ لها،
بالأَشْيَمَيْنِ، يَمانٍ فيه تَسْهِيمُ
والسَّهْمُ: القِــدْحُ الذي يُقارَعُ به. والسَّهْمُ: مقدار ست أَذرع في
معاملات الناس ومِساحاتِهم. والسَّهْمُ: حجر يجعل على باب البيت الذي
يبنى للأَسد ليُصاد فيه، فإِذا دخله وقع الحجر على الباب فسدَّه.
والسُّهْمَةُ، بالضم: القرابة؛ قال عَبِيدٌ:
قد يُوصَلُ النازِحُ النَّائي، وقد
يُقْطَعُ ذو السُّهْمَةِ القريبُ
وقال:
بَنى يَثْرَبيٍّ، حَصِّنوا أَيْنُقاتِكُم
وأَفْراسَكُمْ من ضَرْبِ أَحْمَرَ مُسْهَمِ
ولا أُلْفِيَنْ ذا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ،
يُداوِيهِ منْكُمْ بالأَدِيم المُسَلَّمِ
أَراد بقوله أَيْنُقاتِكُمْ وأَفْراسكم نساءهم؛ يقول: لا تُنْكِحُوهُنّ
غير الأَكفاء، وقوله من ضَرْب أَحْمر مُسْهَمِ يعني سِفاد رجل من العجم،
وقوله بالأَديم المُسَلَّمِ أَي يَتَصَحَّحُ بكم. والسُّهام والسَّهامُ:
الضُّمْرُ وتَغَيُّر اللون وذُبولُ الشَّفَتين. سَهَمَ، بالفتح، يَسْهَمُ
سُهاماً وسُهوماً وسَهُمَ أَيضاً، بالضم، يَسْهُمُ سُهوماً فيهما
وسُهِمَ يُسْهَمُ، فهو مَسْهومٌ إِذا ضَمُرَ: قال العجَّاجُ:
فهي كرِعْدِيدِ الكَثِيبِ الأَهْيَمِ
ولم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ
ولا أَبٍ ولا أَخٍ فتَسْهُمِ
وفي الحديث: دخل عليَّ ساهِمَ الوَجْهِ أَي مُتَغَيِّره. يقال: سَهَمَ
لونُهُ يَسْهَمُ إِذا تَغير عن حالهِ لعارض. وفي حديث أُم سلمة: يا رسول
الله، ما لي أَراك ساهِمَ الوَجْهِ؟ وحديث ابن عباس في ذكر الخوارج:
مُسَهَّمةٌ وُجُوهُهُمْ؛ وقول عَنْترَة:
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ، كأَنَّما
يُسْقى فَوارِسُها نَقِيعَ الحَنْظَلِ
فسره ثعلب فقال: إِنما أَراد أَن أَصحاب الخيل تغيرت أَلوانُهم مما بهم
من الشدّة، أَلا تراه قال يُسْقَى فَوارِسُها نَقيعَ الحَنْظَلِ؟ فلو كان
السُّهام للخيل أَنْفُسِها لقال كأَنَّما تُسْقَى نَقيعَ الحَنْظَلِ.
وفرس ساهِمُ الوَجْه: محمول على كريهة الجَرْي، وقد سُهِمَ، وأَنشد بيت
عنترة: والخيل ساهِمَةُ الوجوهِ؛ وكذا الرجل إِذا حُمِلُ على كرِيهةٍ في
الحرب وقد سُهِمَ. وفرس مُسْهَمٌ إِذا كان هجيناً يُعْطَى دون سَهْمِ
العَتِيقِ من الغنيمة.
والسُّهومُ: العُبوس عُبوسُ الوجهِ من الهمِّ؛ قال:
إِن أَكُنْ مُوثَقاً لكِسرَى، أَسيراً
في هُمومٍ وكُرْبَةٍ وسُهومِ
رَهْنَ قَيْدٍ، فما وَجَدْتُ بلاءً
كإِسارِ الكريم عند اللَّئيمِ
والسُّهامُ: داء يأْخذ الإِبل؛ يقال: بعير مَسْهومٌ وبه سُهامٌ، وإِبل
مُسَهَّمَةٌ؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
ولم يَقِظْ في النَّعَمِ المُسَّهَمِ
والسَّهام: وَهَجُ الصَّيْفِ وغَبَراتُهُ؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّا على أَولاد أَحْقَبَ لاحَها،
ورَمْيُ السَّفَا أَنْفاسَها بسَهامِ
وسُهِمَ الرجلُ أَي أَصابه السَّهامُ. والسَّهامُ: لُعاب الشيطان؛ قال
بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ:
وأَرْض تَعْزِفُ الجِنَّانُ فِيها،
فيافِيها يَطِيرُ بها السِّهامُ
ابن الأَعرابي: السُّهُمُ غَزْلُ عَيْنِ الشمس، والسُّهُمُ: الحرارة
الغالبةُ. والسَّهامُ، بالفتح: حَرُّ السَّمُومِ. وقد سُهِمَ الرجلُ، على ما
لم يُسَمَّ فاعلُه، إِذا أَصابته السَّمُومُ. والسَّهامُ: الريح
الحارَّة، واحدها وجمعها سواء؛ قال لبيد:
ورَمَى دَوابِرَها السَّفَا، وتَهَيَّجَتْ
رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُها وسَهامُها
والسَّهُومُ: العُقابُ. وأَسْهَمَ الرجلُ، فهو مُسْهَمٌ، نادر، إِذا كثر
كلامه كأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، والميم بدل من الباء. والسُّهُمُ
والشُّهُمُ، بالسين والشين: الرجال العقلاء الحُكماءُ العُمَّالُ. ورجل مُسْهَمُ
العقلِ والجسمِ: كمُسْهَبٍ، وحكى يعقوب أَن ميمه بدل، وحكى اللحياني:
رجل مُسْهَمُ العقلِ كمُسْهَبٍ، قال: وهو على البدل أَيضاً، وكذلك مُسْهَمُ
الجسمِ إِذا ذهب جسمُه في الحُبِّ.
والساهِمَةُ: الناقة الضامرةُ؛ قال ذو الرُّمَّة:
أَخا تَنائِفَ أَغْفَى عند ساهِمَةٍ
بأَخْلَقِ الدفِّ، في تَصديره جُلَبُ
يقول: زار الخَيالُ أَخا تَنائِفَ نام عند ناقة ضامرة مهزولة بجنبها
قُروحٌ من آثار الحِبال، والأَخْلَقُ: الأَملس. وإِبل سَواهِمُ إِذا غيرها
السفر.
وسَهْمُ البيتِ: جائِزُهُ. وسَهْمٌ: قبيلة في قريش. وسَهْمٌ أَيضاً: في
باهِلَة. وسَهْمٌ وسُهَيمٌ: اسمان. وسَهامٌ: موضع؛ قال أُميَّةُ بن أَبي
عائِذٍ:
تَصَيَّفْتُ نَعْمانَ، واصَّيَفَتْ
جُنُوبَ سَهامٍ إِلى سُرْدَدِ
منح: مَنَحَه الشاةَ والناقَةَ يَمْنَحه ويَمْنِحُه: أَعاره إِياها؛
الفراء: مَنَحْته أَمْنَحُه وأَمْنِحُه في باب يَفْعَلُ ويَفْعِلُ. وقال
اللحياني: مَنَحَه الناقةَ جعل له وَبَرَها ووَلدَها ولبنها، وهي المِنْحة
والمَنِيحة.
قال: ولا تكون المَنِيحةُ إِلاَّ المُعارَةَ للبن خاصة، والمِنْحةُ:
منفعته إِياه بما يَمْنَحْه. ومَنَحَه: أَعطاه. قال الجوهري: والمَنِيحة
مِنْحةُ اللبن كالناقة أَو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردّها عليك. وفي
الحديث: هل من أَحد يَمْنَحُ من إِبله ناقةً أَهلَ بيتٍ لا دَرَّ لهم؟ وفي
الحديث: ويَرْعَى عليهما مِنْحةً من لبن أَي غنم فيها لبن؛ وقد تقع
المِنْحةُ على الهبة مطلقاً لا قَرْضاً ولا عارية. وفي الحديث: أَفضلُ الصدقة
المَنِيحةُ تَغْدُو بعِشاء وتروح بعِشاء. وفي الحديث: من مَنَحه
المشركون أَرضاً فلا أَرض له، لأَن من أَعاره مُشْرِكٌ أَرضاً ليزرعها فإِن
خَراجها على صاحبها المشرك، لا يُسْقِطُ الخَراجَ نه مِنْحَتُه إِياها
المسلمَ ولا يكون على المسلم خَراجُها؛ وقيل: كل شيء تَقْصِد به قَصْدَ شيء فقد
مَنَحْتَه إِياه كما تَمْنَحُ المرأَةُ وجهَها المرأَةَ، كقول سُوَيْدِ
بن كُراع:
تَمْنَحُ المرأَةَ وَجْهاً واضِحاً،
مثلَ قَرْنِ الشمسِ في الصَّحْوِ ارْتَفَعْ
قال ثعلب: معناه تُعطي من حسنها للمرأَة، هكذا عدّاه باللام؛ قال ابن
سيده: والأَحسن أَن يقول تُعْطي من حسنها المرأَةَ.
وأَمْنَحَتِ الناقة دنا نَتاجُها، فهي مُمْنِحٌ، وذكره الأَزهري عن
الكسائي وقال: قال شمر لا أَعرف أَمْنَحَتْ بهذا المعنى؛ قال أَبو منصور: هذا
صحيح بهذا المعنى ولا يضره إِنكار شمر إِياه.
وفي الحديث: من مَنَح مِنْحةَ ورِق أَو مَنَح لَبَناً كان كعتق رقبة؛
وفي النهاية لابن الأَثير: كان له كعَدْلِ رقبة؛ قال أَحمد بن حنبل:
مِنْحةُ الوَرِق القَرْضُ؛ قال أَبو عبيد: المِنْحَةُ عند العرب على معنيين:
أَحدهما أَن يعطي الرجلُ صاحبه المال هبة أَو صلة فيكون له، وأَما
المِنْحةُ الأُخرى فأَن يَمْنَح الرجلُ أَخاه ناقة أَو شاة يَحْلُبها زماناً
وأَياماً ثم يردّها، وهو تأْويل قوله في الحديث الآخر: المِنْحَة مردودة
والعارية مؤداة. والمِنْحة أَيضاً تكون في الأَرض يَمْنَحُ الرجلُ آخر أَرضاً
ليزرعها؛ ومنه حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: من كانت له أَرض
فليزرعْها أَي يَمْنَحْها أَخاه أَو يدفعها إِليه حتى يزرعَها، فإِذا رَفَع
زَرْعَها ردّها إِلى صاحبها.
ورجل مَنَّاح فَيَّاح إِذا كان كثير العطايا.
وفي حديث أُم زرع: وآكُلُ فأَتَمَنَّحُ أَي أَطْعِمُ غيري، وهو تَفَعُّل
من المَنْحِ العطية.
قال: والأَصل في المَنِيحة أَن يجعل الرجلُ لبنَ شاته أَو ناقته لآخر
سنة ثم جعلت كل عطية منيحة. الجوهري: المَنْحُ: العطاء. قال أَبو عبيد:
للعرب أَربعة أَسماء تضعها مواضع العارية: المَنِيحةُ والعَرِيَّةُ
والإِفْقارُ والإِخْبالُ.
واسْتَمْنَحه: طلب مِنْحته أَي اسْتَرْفَدَه.
والمَنِيحُ: القِــدْحُ المستعار، وقيل: هو الثامن من قِداح المَيْسِر،
وقيل: المَنِيحُ منها الذي لا نصيب له، وقال اللحياني: هو الثالث من
القِداح الغُفْل التي ليست لها فُرُضٌ ولا أَنصباء ولا عليها غُرْم، وإِنما
يُثَقَّل بها القِداحُ كراهيةَ التُّهمةِ؛ اللحياني: المَنِيحُ أَحد القِداح
الأَربعة التي ليس لها غُنْم ولا غُرْم: أَوّلها المُصَدَّرُ ثم
المُضَعَّفُ ثم المَنِيح ثم السَّفِيح. قال: والمَنِيح أَيضاً قِــدْحُ من أَقداح
الميسر يُؤْثَرُ بفوزه فيستعار يُتَيَمَّنُ بفوزه. والمَنِيح الأَوّل: من
لَغْوِ القِداح، وهو اسم له، والمَنِيحُ الثاني المستعار؛ وأَما حديث
جابر: كنتُ مَنِيحَ أَصحابي يوم بدر فمعناه أَي لم أَكن ممن يُضْرَبُ له
بسهم مع المجاهدين لصغري فكنت بمنزلة السهم اللغو الذي لا فوز له ولا
خُسْرَ عليه؛ وقد ذكر ابن مُقْبل القِــدْحَ المستعار الذي يتبرك بفوزه:
إِذا امْتَنَحَتْه من مَعَدٍّ عِصابةٌ،
غَدا رَبُّه، قبل المُفِيضِينَ، يَقْــدَحُ
يقول: إِذا استعاروا هذا القِــدْحَ غدا صاحبُه يَقْــدَحُ النارَ لثِقَتِه
بفوزه وهذا هو المَنِيحُ المستعار؛ وأَما قوله:
فمَهْلاً يا قُضاعُ، فلا تكونِي
مَنِيحاً في قِداحِ يَدَيْ مُجِيلِ
فإِنه أَراد بالمنيح الذي لا غُنْمَ له ولا غُرْمَ عليه. قال الجوهري:
والمَنِيحُ سهم من سهام الميسر مما لا نصيب له إِلاَّ أَن يُمْنَحَ صاحبُه
شيئاً.
والمَنُوحُ والمُمانِحُ من النوق مثل المُجالِح: وهي التي تَدِرُّ في
الشتاء بعدما تذهب أَلبانُ الإِبل، بغير هاء؛ وقد مانَحَتْ مِناحاً
ومُمانَحةً، وكذلك مانَحَتِ العينُ إِذا سالتْ دموعُها فلم تنقطع. والمُمانِحُ
من المطر: الذي لا ينقطع؛ قال ابن سيده: والمُمانِحُ من الإِبل التي يبقى
لبنها بعدما تذهب أَلبان الإِبل، وقد سمَّت مانِحاً ومَنَّاحاً
ومَنِيحاً؛ قال عبد الله بن الزبير يَهْجُو طَيِّئاً:
ونحنُ قَتَلْنا بالمَنِيحِ أَخاكُمُ
وَكِيعاً، ولا يُوفي من الفَرَسِ البَغْلُ
أَدخل الأَلف واللام في المنيح وإِن كان علماً لأَن أَصله الصفة؛
والمَنِيحُ هنا: رجل من بني أَسد من بني مالك. والمَنِيحُ: فرس قيس بن مسعود.
والمَنِيحةُ: فرسِ دثار بن فَقْعَس الأَسَدِيّ.