دخص: الليث: الدَّــخُوصُ الجارية التارّة، قال الأَزهري: لم أَسمع هذا
الحرف لغير الليث. ابن بري: دخَصَت الجاريةُ دُــخُوصــاً امْتلأَتْ
لَحْماً.
دخص: الليث: الدَّــخُوصُ الجارية التارّة، قال الأَزهري: لم أَسمع هذا
الحرف لغير الليث. ابن بري: دخَصَت الجاريةُ دُــخُوصــاً امْتلأَتْ
لَحْماً.
حمل: حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل،
واحْتَمَله؛ وقول النابغة:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل
البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول
الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول
أَبي ذؤيب:
ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره،
عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا
تراه قال بعد هذا:
بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا
وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح
على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم
مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس
مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن
من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها
إِنما تُصْبح فيرزقها الله. والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله
على الدابة يَحْمِله حَمْلاً. والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في
الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل. وحَمَلْت
الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم
القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على
الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال
سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا
أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً
مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل. وفي حديث عبد الملك في هَدْم
الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما
تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا
الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن
منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها،
والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في
التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن
حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه
عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً
أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات
والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد
حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى:
ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى
حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ
المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا
الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن
أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً
جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين
والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه
الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه
خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر:
إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة،
وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك
قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا
تُؤَدِّيها. وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره
ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن
يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع. وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم
بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل
فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل
الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه
شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا
قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها
شيئاً. وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث
أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه
(*
قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب
لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى
أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم
يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا
كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم
يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول
قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ
القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع
النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو
القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل. وحَمَلَ
فلاناً وتَحَمَّل به وعليه
(* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت
بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل
مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به
إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ. وتَحامل عليه:
كَلَّفَه ما لا يُطِيق. واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال
زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه،
ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم
وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق
فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به. وتَحامَلْت
الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة. وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت
الشيءَ على مشقة. وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل
لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل. وفي حديث
الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على
الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور
الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وشهر مُسْتَحْمِل:
يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال:
والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً
(* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة
الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً. وما عليه مَحْمِل أَي
موضع لتحميل الحوائج. وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بالفتح: ما
يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال. وفي
التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن. وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ
تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت. وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال
ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ
المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي:
حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً
كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل
وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز
حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة
الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل
وحامِلة إِذا كانت حُبْلى. وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو
بن حسان ويروى لخالد بن حقّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم
أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام
فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال
حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها
أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما
لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما
هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم
يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل
عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة
مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض
وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف
مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة
أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في
أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده. والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه
لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما
بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل
الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس
شجرة، وجمعه أَحمال. والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال:
وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو
حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن
سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال. وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال
لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال،
بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في
الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن
يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة
الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان. وشجرة حامِلَة:
ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله. وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر
فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه
أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً
بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل
حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله،
فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً
كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع
أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته
الحِمالة. وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل،
يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن. وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من
الغُثاء والطين. وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار:
فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل
السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا
اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم
وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار
لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة،
كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل
الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل
مَحْمول فهو حَمِيل. والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم
يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح:
الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً
من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه
محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي
ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده:
والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا
يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين
بنسبهم:
عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر،
ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل
المِرْجَل، قال:
على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه
(* قوله: سمَّاه؛
هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر
فقال:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما
يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل
والجمع الحَمائِل. وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها
وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل
مَحامل؛ قال الشاعر:
دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل
وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب
في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج
(* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج»
ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه
علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان
مقود. وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها،
وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلاً وآجلا).
قال الراجز:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا
والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل
شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحاملة:
الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. والحَمُولة، بالفتح:
الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من
بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول
تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به. وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية،
قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من
الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة. وفي حديث
قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة. وفي
التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما
فوقه. والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال
(* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه
الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح)
بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال. والحَمُولة: ما أَطاق العَمل
والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي
تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء:
الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما
الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث
أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها
حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة
والحُمُول واحد؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي
تُحْمَل عليها الأَثقال. والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ،
حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وقال أَيضاً:
تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا
قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن:
الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها
الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب:
يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً،
كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة
في الأَحمال وجعلها كالحُمُول:
ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وقال المتنخل:
ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ
أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ،
جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر:
أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ،
مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وقال آخر:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم،
ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء
وقول أَوس:
وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة
فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك. وأَحْمَله
الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به. ويجيء الرجلُ إِلى الرجل
إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني
ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي
على حَمْل ما أَحْمِله. وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد
تطرح منها الهاء. وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي:
الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛
قال الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال
ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس.
الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل
أَي الكَفِيل ضامن. وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم
بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث:
لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛
هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن
تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها
عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك
لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها
حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر
الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر،
ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن
يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره. وحَمَل به حمالة:
كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه
واضْطَغَنَه. ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال
الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل. ويقال للذي يَحْلُم عمن
يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مسه،
وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل
(* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط).
أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون
بمعنى حَلُم. وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله
واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر:
أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ،
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك،
والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد
أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع
حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم. والحَمَل:
السحاب الكثير الماء. والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج
أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم
الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى
حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا
أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه.
المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً،
تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك
جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت
تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه. والحَمَل:
النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء
الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء:
السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر
الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه،
واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها
سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي
به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه
بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء
إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر
لأَن الحَشَف نوع منه. وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة
مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ
بينهم. وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه. وحَمَّلْته
الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وفي حديث
تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه
يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم:
ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ
عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو
الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر
لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم
الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في
المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي
تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير:
أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا،
أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن
الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق
(* قوله «وقفيرة جدّة
الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن
عِقَال. وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول
الراجز:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان،
ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان
قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن
أَبي عائذ الهذلي:
من الطَّاويات، خِلال الغَضَا،
بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وقول امريء القيس:
بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضرورة. وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل،
يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة
أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا
تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وقد سَمَّتْ حَمَلاً
وحُمَيلاً. وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم:
ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن
خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها:
عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها
مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً،
ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال
قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي
لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن
مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد
أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
دخل: الدُّخُول: نقيض الخروج، دَخَل يَدْخُل دُخُولاً وتَدَخَّل ودَخَل
به؛ وقوله:
تَرَى مَرَادَ نِسْعه المُدْخَلِّ،
بين رَحَى الحَيْزُوم والمَرْحَلِّ،
مثل الزَّحاليف بنَعْفِ التَّلِّ
إِنما أَراد المُدْخَلَ والمَرْحَل فشدَّد للوقف، ثم احتاج فأَجرى الوصل
مُجْرَى الوقف. وادَّخَل، على افْتَعَل: مثل دَخَل؛ وقد جاء في الشعر
انْدَخَل وليس بالفصيح؛ قال الكميت:
لا خَطْوتي تَتَعاطى غَيْرَ موضعها،
ولا يَدي في حَمِيت السَّكْن تَنْدَخِل
وتَدَخَّل الشيءُ أَي دَخَل قليلاً قليلاً، وقد تَدَاخَلَني منه شيء.
ويقال: دَخَلْتُ البيت، والصحيح فيه أَن تريد دَخَلْت إِلى البيت وحذفت حرف
الجر فانتصب انتصاب المفعول به، لأَن الأَمكنة على ضربين: مبهم ومحدود،
فالمبهم نحو جهات الجسم السِّتِّ خَلف وقُدَّام ويَمِين وشِمال وفوق
وتحت، وما جرى مجرى ذلك من أَسماء الجهات نحو أَمام ووراء وأَعلى وأَسفل وعند
ولَدُنْ ووَسَط بمعنى بين وقُبَالة، فهذا وما أَشبهه من الأَمكنة يكون
ظرفاً لأَنه غير محدود، أَلا ترى أَن خَلْفك قد يكون قُدَّاماً لغيرك؟
فأَما المحدود الذي له خِلْقة وشخص وأَقطار تَحُوزه نحو الجَبَل والوادي
والسوق والمسجد والدار فلا يكون ظرفاً لأَنك لا تقول قعدت الدار، ولا صليت
المسجد، ولا نِمْت الجبل، ولا قمت الوادي، وما جاء من ذلك فإِنما هو بحذف
حرف الجر نحو دخلت البيت وصَعَّدت الجَبَل ونزلت الوادي.
والمَدْخَل، بالفتح: الدُّخول وموضع الدُّخول أَيضاً، تقول دَخَلْتُ
مَدْخَلاً حسناً ودَخَلْتُ مَدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدْخَل، بضم الميم:
الإِدْخال والمفعول من أَدْخَله، تقول أَدْخَلْته مُدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدَّخَل:
شبه الغار يُدْخَل فيه، وهو مُفْتَعَل من الدُّخول. قال شمر: ويقال
فلانَ حسَن المَدْخَل والمَخْرَج أَي حَسَن الطريقة محمودُها، وكذلك هو حَسَن
المَذْهَب. وفي حديث الحسن قال: كان يقال إِن من النفاق اختلافَ
المَدْخَل والمَخْرَج واختلافَ السِّرِّ والعلانية؛ قال: أَراد باختلاف
المَدْخَل والمَخْرَج سُوءَ الطريقة وسُوءَ السِّيرة.
ودَاخِلَةُ الإِزار: طَرَفُه الداخل الذي يلي جسده ويلي الجانب الأَيمن
من الرَّجُل إِذا ائتزر، لأَن المُؤْتَزِر إِنما يبدأُ بجانبه الأَيمن
فذلك الطَّرَف يباشر جسده وهو الذي يُغْسَل. وفي حديث الزهري في العائن:
ويغسل دَاخِلَة إِزاره؛ قال ابن الأَثير: أَراد يغسل الإِزار، وقيل: أَراد
يَغْسِل العائنُ موضعَ داخِلة إِزاره من جَسَده لا إِزارَه، وقيل:
داخِلَةُ الإِزار الوَرِك، وقيل: أَراد به مذاكيره فكَنَى بالداخلة عنها كما
كُنِي عن الفَرْج بالسراويل. وفي الحديث: إِذا أَراد أَحدكم أَن يضطجع على
فراشه فليَنْزِع داخلة إِزاره وليَنْفُض بها فراشه فإِنه لا يدري ما
خَلَفه عليه؛ أَراد بها طَرَف إِزاره الذي يلي جَسدَه؛ قال ابن الأَثير:
داخِلَةُ الإِزار طَرَفُه وحاشيته من داخل، وإِنما أَمره بداخِلَتِه دون
خارِجَتِه، لأَن المُؤْتَزِر يأْخذ إِزارَه بيمينه وشِماله فيُلْزِق ما
بشِماله على جَسَده وهي داخِلة إِزاره، ثم يضع ما بيمينه فوق داخِلته، فمتى
عاجَلَه أَمرٌ وخَشِي سقوط إِزاره أَمسكه بشماله ودَفَع عن نفسه بيمينه،
فإِذا صار إِلى فراشه فحَلَّ إِزاره فإِنما يَحُلُّ بيمينه خارجة الإِزار،
وتبقى الداخلة مُعَلَّقة، وبها يقع النَّقْض لأَنها غير مشغولة باليد.
وداخِلُ كلِّ شيء: باطنُه الداخل؛ قال سيبويه: وهو من الظروف التي لا
تُسْتَعْمَل إِلاّ بالحرف يعني أَنه لا يكون إِلاّ اسماً لأَنه مختص كاليد
والرجل. وأَما دَاخِلة الأَرض فخَمَرُها وغامِضُها. يقال: ما في أَرضهم
داخلةٌ من خَمَرٍ، وجمعها الدَّواخِل؛ وقال ابن الرِّقَاع:
فرَمَى به أَدبارَهُنَّ غلامُنا،
لما اسْتَتَبَّ بها ولم يَتَدَخَّل
يقول: لم يَدْخُل الخَمَرَ فيَخْتِلَ الصيد ولكنه جاهرها كما قال:
مَتَى نَرَهُ فإِنَّنا لا نُخاتِلُه
وداخِلَةُ الرجلِ: باطِنُ أَمره، وكذلك الدُّخْلة، بالضم. ويقال: هو
عالم بدُخْلَته. ابن سيده: ودَخْلة الرجل ودِخْلته ودَخِيلته ودَخِيله
ودُخْلُله ودُخْلَلُه ودُخَيْلاؤه نيَّتُه ومَذْهَبُه وخَلَدُه وبِطانَتُه،
لأَن ذلك كلَّه يداخِله. وقال اللحياني: عرفت داخِلته ودَخْلته ودِخْلته
ودُخْلته ودَخيله ودَخِيلته أَي باطنته الدَّاخِلة، وقد يضاف كل ذلك إِلى
الأَمر كقولك دُخْلة أَمره ودِخْلة أَمره، ومعنى كل ذلك عَرَفْت جميع
أَمره. التهذيب: والدُّخْلة بطانة الأَمر، تقول: إِنه لعَفِيف الدُّخْلة
وإِنه لخَبيث الدُّخْلة أَي باطن أَمره.
ودَخيلُ الرجل: الذي يداخله في أُموره كلها، فهو له دَخِيل ودُخْلُل.
ابن السكيت: فلان دُخْلُل فلان ودُخْلَلُه إِذا كان بِطانتَه وصاحبَ
سِرِّه، وفي الصحاح: دَخِيلُ الرّجُل ودُخْلُلُه الذي يُدَاخِله في أُموره
ويختص به. والدوخلة: البطنة. والدخِيل والدُّخْلُل والدُّخْلَل، كله:
المُداخِل المباطن. وقال اللحياني: بينهما دُخْلُلٌ ودِخْلَلٌ أَي خاص
يُدَاخِلُهم؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا. وداخِلُ الحُبِّ ودُخْلَلُه، بفتح
اللام: صفاء داخله. ودُخْلَة أَمره ودَخِيلته وداخِلَته: بِطانتُه الداخلة.
ويقال: إِنه عالم بدُخْلة أَمره وبدَخِيل أَمرهم. وقال أَبو عبيدة: بينهم
دُخْلُل ودُخْلَل أَي دَخَلٌ، وهو من الأَضداد؛ وقال امرؤ القيس:
ضَيَّعَه الدُّخْلُلون إِذ غَدَروا
قال: والدُّخْلُلون الخاصَّة ههنا. وإِذا ائْتُكِلَ الطعام سُمِّي
مدخولاً ومسروفاً.
والدَّخَل: ما داخَل الإِنسانَ من فساد في عقل أَو جسم، وقد دَخِلَ
دَخَلاً ودُخِلَ دَخْلاً، فهو مَدْخول أَي في عقله دَخَلٌ. وفي حديث قتادة بن
النعمان: وكنت أَرى إِسْلامه مَدْخولاً؛ الدَّخَل، بالتحريك: العيب
والغِشُّ والفَساد، يعني أَن إِيمانه كان فيه نِفَاق. وفي حديث أَبي هريرة:
إِذا بَلَغ بنو العاص ثلاثين كان دِينُ الله دَخَلاً؛ قال ابن الأَثير:
وحقيقته أَن يُدْخِلوا في دين الله أُموراً لم تَجْرِ بها السُّنَّة.
وداءٌ دَخِيل: داخل، وكذلك حُبٌّ دَخِيل؛ أَنشد ثعلب:
فتُشْفَى حزازاتٌ وتَقْنَع أَنْفُسٌ،
ويُشْفَى هَوًى، بين الضلوعِ، دَخِيلُ
ودَخِلَ أَمرُه دَخَلاً: فسَدَ داخلُه؛ وقوله:
غَيْبِي له وشهادتي أَبداً
كالشمس، لا دَخِنٌ ولا دَخْل
يجوز أَن يريد ولا دَخِل أَي ولا فاسد فخفف لأَن الضرب من هذه القصيدة
فَعْلن بسكون العين، ويجوز أَن يريد ولا ذُو دَخْل، فأَقام المضاف إِليه
مُقام المضاف. ونَخْلة مَدْخُولة أَي عَفِنة الجَوْف. والدَّخْل: العيب
والرِّيبة؛ ومن كلامهم:
تَرَى الفِتْيانَ كالنَّخْل،
وما يُدْريك بالدَّخْل
وكذلك الدَّخَل، بالتحريك؛ قال ابن بري: أَي ترى أَجساماً تامة حَسَنة
ولا تدري ما باطنُهم. ويقال: هذا الأَمر فيه دَخَل ودَغَلٌ بمعنًى. وقوله
تعالى: ولا تتخذوا أَيمانكم دَخَلاً بينكم أَن تكون أُمَّة هي أَرْبَى من
أُمَّة؛ قال الفراء: يعني دَغَلاً وخَدِيعةً ومَكْراً، قال: ومعناه لا
تَغْدِروا بقوم لقِلَّتهم وكثرتكم أَو كثرتهم وقِلَّتِكم وقد غَرَرْتُموهم
بالأَيْمان فسَكَنوا إِليها؛ وقال الزجاج: تَتَّخِذون أَيمانكم دَخَلاً
بينكم أَي غِشّاً بينكم وغِلاًّ، قال: ودَخَلاً منصوب لأَنه مفعول له؛
وكل ما دَخَله عيب، فهو مدخول وفيه دَخَلٌ؛ وقال القتيبي: أَن تكون أُمَّة
هي أَرْبى من أُمَّة أَي لأَن تكون أُمَّة هي أَغْنى من قوم وأَشرف من
قوم تَقْتَطعون بأَيمانكم حقوقاً لهؤلاء فتجعلونها لهؤلاء. والدَّخَل
والدَّخْل: العيب الداخل في الحَسَب. والمَدْخول: المهزول والداخل في جوفه
الهُزال، بعير مدخول وفيه دَخَلٌ بَيِّن من الهُزال، ورجل مدخول إِذا كان في
عقله دَخَلٌ أَو في حَسَبه، ورجل مدخول الحَسَب، وفلان دَخِيل في بني
فلان إِذا كان من غيرهم فتَدخَّل فيهم، والأُنثى دَخِيل. وكلمة دَخِيل:
أُدْخِلت في كلام العرب وليست منه، استعملها ابن دريد كثيراً في الجمهرة؛
والدَّخِيل: الحرف الذي بين حرف الرَّوِيّ وأَلف التأْسيس كالصاد من
قوله:كِلِيني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمة، ناصب
سُمِّي بذلك لأَنه كأَنه دَخِيل في القافية، أَلا تراه يجيء مختلفاً بعد
الحرف الذي لا يجوز اختلافه أَعني أَلف التأْسيس؟
والمُدْخَل: الدَّعِيُّ لأَنه أُدْخِل في القوم؛ قال:
فلئِن كَفرْتَ بلاءهم وجَحَدْتَهم،
وجَهِلْتَ منهم نِعْمةً لم تُجْهَل
لَكذاك يَلْقى مَنْ تكَثَّر، ظالماً،
بالمُدْخَلين من اللئيم المُدْخَل
والدَّخْل: خلاف الخَرْج. وهم في بني فلان دَخَلٌ إِذا انتسبوا معهم في
نسبهم وليس أَصله منهم؛ قال ابن سيده: وأُرى الدَّخَل ههنا اسماً للجمع
كالرَّوَح والخَوَل. والدَّخِيل: الضيف لدخوله على المَضيف. وفي حديث معاذ
وذكرِ الحُور العِين: لا تُؤذِيه فإِنما هو دَخِيلٌ عندكِ؛ الدَّخِيل:
الضيف والنَّزيل؛ ومنه حديث عديٍّ: وكان لنا جاراً أَو دَخِيلاً.
والدَّخْل: ما دَخَل على الإِنسان من ضَيْعته خلاف الخَرْج. ورجل مُتَداخل
ودُخَّل، كلاهما: غليظ، دَخَل بعضُه في بعض. وناقة متداخلة الخلق إِذا تَلاحكت
واكْتَنَزَت واشتدَّ أَسْرُها.
ودُخَّلُ اللحم: ما عاذ بالعظم وهو أَطيب اللحم. والدُّخَّل من اللحم:
ما دَخَل العَصَب من الخصائل. والدُّخَّل: ما دخل من الكَلإِ في أُصول
أَغصان الشجر ومَنَعه التفافُه عن أَن يُرْعى وهو العُوَّذ؛ قال الشاعر:
تَباشير أَحوى دُخَّل وجَمِيم
والدُّخَّل من الريش. ما دخل بين الظُّهْران والبُطْنان؛ حكاه أَبو
حنيفة قال: وهو أَجوده لأَنه لا تصيبه الشمس ولا الأَرض؛ قال الشاعر:
رُكِّب حَوْلَ فُوقِه المُؤَلَّل
جوانحٌ سُوِّين غير مُيَّل،
من مستطيلات الجناح الدُّخَّل
والدُّخَّل: طائر صغير أَغبر يسقط على رؤوس الشجر والنخل فيدخل بينها،
واحدتها دُخَّلة، والجمع الدَّخاخِيل، ثبتت فيه الياء على غير القياس.
والدُّخَّل والدُّخلُل والدُّخلَل: طائر مُتدخِّل أَصغر من العصفور يكون
بالحجاز؛ الأَخيرة عن كراع. وفي التهذيب: الدُّخَّل صغار الطير أَمثال
العصافير يأْوِي الغِيرانَ والشجَر الملتفَّ، وقيل للعصفور الصغير دُخَّل
لأَنه يعوذ بكل ثَقْب ضَيِّق من الجوارح، والجمع الدَّخاخيل.
وقوله في الحديث: دَخَلَت العُمْرةُ في الحج؛ قال ابن الأَثير: معناه
سقط فرضها بوجوب الحج ودخلت فيه، قال: هذا تأْويل من لم يرها واجبة، فأَما
من أَوجبها فقال: إِن معناه أَن عمل العمرة قد دَخَل في عمل الحج، فلا
يرى على القارن أَكثر من إِحرام واحد وطواف وسعي، وقيل: معناه أَنها
دَخَلَت في وقت الحج وشهوره لأَنهم كانوا لا يعتمرون في أَشهر الحج فأَبطل
الإِسلام ذلك وأَجازه.
وقول عمر في حديثه: من دُخْلة الرَّحِم؛ يريد الخاصة والقرابة، وتضم
الدال وتكسر.
ابن الأَعرابي: الداخل والدَّخَّال والدُّخْلُل كله دَخَّال الأُذن، وهو
الهِرْنِصان.
والدِّخال في الوِرْد: أَن يشرب البعير ثم يردّ من العطن إِلى الحوض
ويُدْخَل بين بعيرين عطشانين ليشرب منه ما عساه لم يكن شرب؛ ومنه قول أُمية
بن أَبي عائذ:
وتلقى البَلاعِيم في برده،
وتوفي الدفوف بشرب دِخال
قال الأَصمعي. إِذا ورَدَت الإِبل أَرسالاً فشرب منها رَسَل ثم ورَدَ
رَسَل آخرُ الحوضَ فأُدْخِل بعيرٌ قد شرب بين بعيرين لم يشربا فذلك
الدِّخال، وإِنما يُفْعَل ذلك في قلة الماء؛ وأَنشد غيره بيت لبيد:
فأَوردها العِراك ولم يَذُدْها،
ولم يُشْفِق على نَغَص الدِّخال
وقال الليث: الدِّخال في وِرْد الإِبل إِذا سُقِيت قَطِيعاً قَطِيعاً
حتى إِذا ما شربت جميعاً حُمِلت على الحوض ثانية لتستوفي شربها، فذلك
الدِّخال. قال أَبو منصور: والدِّخال ما وصفه الأَصمعي لا ما قاله الليث. ابن
سيده: الدِّخال أَن تدخل بعيراً قد شرب بين بعيرين لم يشربا؛ قال كعب بن
زهير:
ويَشْرَبْن من بارد قد عَلِمْن
بأَن لا دِخال، وأَن لا عُطُونا
وقيل: هو أَن تحملها على الحوض بمَرَّة عِراكاً. وتَداخُلُ المفاصل
ودِخالُها: دخولُ بعضها في بعض. الليث: الدِّخال مُداخَلة المَفاصل بعضها في
بعض؛ وأَنشد:
وطِرْفة شُدَّت دِخالاً مُدْمَجا
وتَداخُلُ الأُمور: تَشابُهها والتباسُها ودخولُ بعضها في بعض.
والدِّخْلة في اللون: تخليط أَلوان في لون؛ وقول الراعي:
كأَنَّ مَناط العِقْد، حيث عَقَدْنه،
لَبانُ دَخِيلِيٍّ أَسِيل المُقَلَّد
قال: الدَّخِيليُّ الظبْي الرَّبيب يُعَلَّق في عنقه الوَدَع فشَبَّه
الوَدَع في الرَّحْل بالودع في عُنُق الظَّبْي، يقول: جعلن الوَدَع في مقدم
الرحل، قال: والظبي الدَّخِيليُّ والأَهِيليُّ والرَّبيب واحد؛ ذكر ذلك
كله عن ابن الأَعرابي. وقال أَبو نصر: الدَّخِيلِيُّ في بيت الراعي
الفَرَسُ يُخَصُّ بالعَلَف؛ قال: وأَما قوله:
هَمَّانِ باتا جَنْبَةً ودَخِيلا
فإِن ابن الأَعرابي قال: أَراد هَمّاً داخل القلب وآخر قريباً من ذلك
كالضيف إِذا حَلَّ بالقوم فأَدخلوه فهو دَخِيل، وإِن حَلَّ بِفِنائهم فهو
جَنْبة؛ وأَنشد:
وَلَّوْا ظُهورهم الأَسِنَّة، بعدما
كان الزبير مُجاوِراً ودَخِيلا
والدِّخال والدُّخال: ذوائب الفرس لتداخلها.
والدَّوْخَلَّة، مشدّدة اللام: سَفِيفة من خوص يوضع فيها التمر
والرُّطَب وهي الدَّوْخَلَة، بالتخفيف؛ عن كراع. وفي حديث صِلَة بن أَشْيَم:
فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّة رُطَب فأَكلت منها؛ هي سَفِيفة من خُوص
كالزِّنْبِيل والقَوْصَرَّة يترك فيها الرُّطَب، والواو زائدة. والدَّخُول:
موضع.
ضمد: ضَمَدْتُ الجرح وغيره أَضْمِدُه ضَمْداً، بالإِسكان: شَدَدْتُه
بالضِّمادِ والضَّمادَة، وهي العِصابَةُ، وعَصَّبْتُه وكذلك الرأْس إِذا
مَسَحْت عليه بِدُهْن أَو ماء ثم لففت عليه خِرْقَة، واسم ما يلزق بهما
الضماد؛ وقد تَضَمَّد. الليث: ضَمَّدْت رأْسه بالضِّماد، وهي خرقة تُلَفُّ
على الرأْس عند الاذدّهانِ والغَسْل ونحو ذلك، وقد يوضع الضِّمادُ على
الرأْس للصُّداع يُضَمَّد به، والمِضَدُّ لغة يمانية. وضَمَّدَ فلان رأْسَه
تَضْمِيداً أَي شَدَّه بعصابة أَو ثوب ما خلا العمامة، وقد ضُمِّدَ به
فَتَضَمَّد. وفي حديث طلحة: أَنه ضَمَّدَ عَيْنَيْه بالصَّبِرِ وهو مُحْرم
أَي جعله عليهما وداواهما به. وأَ صل الضَّمْد الشَّدُّ مِنْ ضَمَدَ
رأْسَه وجُرْحَه إِذا شدّه بالضِّماد، وهي خرقة يُشَدّ بها العُضْو المَؤُوفُ،
ثم قيل لِوَضْع الدواءِ على الجُرح وغيره، وإِنْ لم يُشدّ. ويقال:
ضَمَّدْت الجرح إِذا جعلت عليه الدواء. قال: وضَمَّدْتُه بالزَّعْفَران
والصَّبِرِ أَي لَطَخْتُه. وضَمَّدت رأْسه إِذا لفَفْته بخرقة. وقال ابن هانئ:
هذا ضِماد، وهو الدواء الذي يُضَمَّدُ به الجرحُ، وجمعه ضَمائِدُ.
ويقال: ضَمِدَ الدّمُ عليه أَي يبس وَقَرَتَ؛ وقول النابغة أَنشده ابن
الأَعرابي:
وما هُريقَ على غَرِيِّكَ الضَّمَدُ
فقد فسره فقال: الضَّمَدُ الذي ضُمِّدَ بالدم؛ وقال الهروي: يقال ضَمدَ
الدمُ على حلق الشاة إِذا ذُبحت فسالَ الدمُ ويَبِس على جِلْدها. ويقال:
رأَيت على الدابة ضَمَداً من الدَّم، وهو الذي قَرَتَ عليه وجَفَّ، ولا
يقال الضَّمَدُ إِلا على الدابة لأَنه يجيء منه فَيَجْمُد عليه. قال:
والغَرِيُّ في بيت النابغة مُشَبَّه بالدابة. أَبو مالك: اضْمُِدْ عليك
ثيابَك أَي شُدَّها. وأَجِدْ ضَمْدَ هذا العِدْلِ. وضَمَدْتُ رأْسَه بالعصا:
ضربته وعَمَّمْتُه بالسيف.
والضَّمْدُ: الظُّلْم. والضَّمَدُ، بالتحريك: الحِقْدُ اللازِقُ بالقلب،
وقيل: هو الحِقْدُ ما كان. وقد ضَمِدَ عليه، بالكسر، ضَمَداً أَي أَحِنَ
عليه؛ قال النابغة:
ومَنْ عَصاكَ فَعاقِبْهُ مُعاقَبَةً
تَنْهى الظَّلومَ، ولا تَقْعُدْ على الضَّمَد
وأَنشده الجوهري: ولا تَقْعُدْ على ضَمَد، بغير تعريف. وفي حديث علي،
رضي الله عنه، وقيل له: أَنت أَمَرْتَ بقتلِ عثمان، رضي الله عنه، فَضَمِدَ
أَي اغتاظ. يقال: ضَمِدَ يَضْمَدُ ضَمَداً، بالتحريك، إِذا اشتدّ
غَيْظُه وغضبه. وفَرَق قوم بين الضَّمَد والغَيْظِ فقالوا: الضَّمَد أَن يغتاظ
على مَنْ يَقْدِر عليه، والغيظُ أَن يَغتاط على مَنْ يَقْدِرُ عليه ومن
لا يقدِرُ. يقال: ضَمِدَ عليه إِذا غَضِبَ عليه؛ وقيل: الضَّمَدُ شدّة
الغيظ. وأَنا على ضِمادَةٍ من الأَمْر أَي أَشْرَفْتُ عليه.
والضَّمْدُ: المُداجاةُ. والضَّمْدُ: رَطْبُ الشجر ويابسُه قَديمُه
وحَديثُه؛ وقيل: الضَّمْدُ رطب النبت ويابسه إِذا اختلطا. يقال: الإِبل تأْكل
من ضَمْدِ الوادي أَي من رَطْبِه ويابسهِ إِذا اخْتَلَطا. وفي صفة مكة،
شرفها الله تعالى: من خُوضٍ وضَمْدٍ؛ الضَّمدُ، بالسكون، رَطْبُ الشجر
ويابسُه. وقال رجل لآخر: فِيمَ تَرَكْتَ أَرْضَكَ؟ قال: تَرَكْتُهمْ في
أَرض قد شَبِعَتْ غَنَمُها من سَوادِ نَبْتها، وشبِعت إِبلُها من ضَمْدها
ولَقِحَ نَعَمُها؛ قوله ضَمْدها قال: ليس فيها عُود إِلاَّ وقد ثَقَبَه
النبْت أَي أَوْرَق. وأَضْمَدَ العَرْفَجُ: تَجَوَّفَتْه الــخُوصَــةُ ولم
تَبْدُرْ منه أَي كانت في جوفه ولم تظهر. والضَّمْدُ: خِيارُ الغَنمِ
ورُذَلْها. وأُعطيكَ مِنْ ضَمْدِ هذه الغنم أي من صَغيرَتِها وكبيرتِها
وصالِحَتها وطالِحَتَها ودَقِيقها وجَلِيلها. والضَّمْدُ: أَنْ يُخالَّ الرجلُ
المرأَة ومعها زوج؛ وقد ضَمَدَتْه تَضْمِدُه وتَضْمُده. والضَّمْد أَيضاً:
أَن يُخالَّها خَلِيلانِ، والفِعْل كالفِعل؛ قال أَبو ذؤيب:
تُريدينَ كَيْما تَضْمُديني وخالداً،
وهل يُجْمَعُ السَّيْفانِ ويْحَكِ في غِمْدِ؟
والضِّمادُ كالضَّمْد. قال: والضَّمْد أَن تُخالَّ المرأَةُ ذاتُ الزوج
رجلاً غير زوجها أَو رجلين؛ عن أَبي عمرو؛ قال مدرك:
لا يُخْلِصُ، الدَّهْرَ، خَلِيلٌ عَشْرَا
ذاتَ الضِّماد أَو يَزُورَ القَبْرا،
إِني رَأَيْتُ الضَّمْدَ شيئاً نُكْرا
قال: لا يَدومُ رجل على امرأَته ولا أَمرأَةٌ على زوجها إِلا قَدْرَ
عَشْرَ ليال للعُذْر في الناس في هذا العام، فوصف ما رأَى لأَنه رأَى الناس
كذلك في ذلك العام؛ وأَنشد:
أَرَدْتِ لِكَيْما تَضْمُديني وصاحِبي،
أَلا لا، أَحِبَّي صاحِبي ودَعِيني
الفراء: الضِّمادُ أَن تُصادِقَ المرأَةُ اثنين أَو ثلاثة في القحط
لتأْكل عند هذا وهذا لتشبع. قال أَبو يوسف: سمعت منتجعاً الكلابّي وأَبا
مَهْدِيّ يقولان: الضَّمَدُ الغابر الباقي من الحق؛ تقول: لنا عند بني فلان
ضَمَد أَي غابِرٌ من حقٍّ من مَعْقُلَةٍ أَو دَيْن.
والمِضْمَدَةُ: خَشَبَة تجعل على أَعْناقِ الثَّوْرَيْنِ في طَرَفِها
ثَقبانِ، في كل واحدة منها ثُقْبَة بينهما فرض في ظهرها ثم يجعل في الثقبين
خيط يُخْرج طرفاه من باطن المِضْمَدَة، ويُوثَقُ في طَرفِ كلِّ خَيْطٍ
عُودٌ يُجْعَلُ عُنُقُ الثَّوْرِ بَيْنَ العُودَيْنِ.
والضَّامِدُ: اللازم؛ عن أَبي حنيفة.
وعَبْدٌ ضَمَدَة: ضَخْمٌ غلِيظٌ؛ عن الهَجَريِّ.
وفي الحديث: أَن رجلاً سأَل رَسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، عن
البَداوَة، فقال: اتَّقِ اللهَ ولا يَضُرُّك أَن تَكُونَ بجانِب ضَمَدٍ؛ هو
بفتح الضاد والميم: موضع باليمن.
رتك: الأَصمعي: الراتِكةُ من النوق التي تمشي وكأن برجليها قَيْداً
وتضرب بيديها. ورَتَكانُ البعير: مقاربة خطوه في رَمَلانِهِ، لا يقال إلا
للبعير. وقد رَتَك يَرْتُك رتْكاً ورَتَكاً ورَتَكاناً. ورَتَكَت الإبل
ترْتِك رَتْكاً ورَتَكاناً: وهي مشية فيها اهتزاز، وقد يستعمل في غير الإبل،
وهي في الإبل أكثر. ورَتَكَ البعيرُ وأَرْتَكْتُه أَنا إرْتاكاً إذا
حملته على السير السريع. وفي حديث قَيْلة: يُرْتِكان بعيريهما أي يحملانها
على السير السريع. ويقال: أَرْتَكْتُ الضِحِكَ وأَرْتَأْتُه إِذا ضحِكتَ
ضَحِكاً في فُتور.
ذرع: الذِّراعُ: ما بين طرَف المِرْفق إِلى طرَفِ الإِصْبَع الوُسْطى،
أُنثى وقد تذكَّر. وقال سيبويه: سأَلت الخليل عن ذراع فقال: ذِراع كثير في
تسميتهم به المذكر ويُمَكَّن في المذكَّر فصار من أَسمائه خاصّة عندهم،
ومع هذا فإِنهم يَصِفون به المذكر فتقول: هذا ثوب ذراع، فقد يُمَكَّنُ
هذا الاسم في المذكر، ولهذا إِذا سمي الرجل بذراع صُرف في المعرفة والنكرة
لأَنه مذكر سمي به مذكر، ولم يعرف الأَصمعي التذكير في الذراع، والجمع
أَذْرُعٌ؛ وقال يصف قوساً عَربية:
أَرْمِي عليها، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
قال سيبويه: كسّروه على هذا البناء حين كان مؤنثاً يعني أَن فَعالاً
وفِعالاً وفَعِيلاً من المؤنث حُكْمُه أَن يُكسَّر على أَفْعُل ولم
يُكسِّروا ذِراعاً على غير أَفْعُل كما فَعَلوا ذلك في الأَكُفِّ؛ قال ابن بري:
الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير؛ وأَنشد لمِرْداس ابن حُصَين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ إِذ تَجَِهْنا،
وما دانَتْ بِشِدَّتِها ذِراعي
وفي حديث عائشةَ وزَينبَ: قالت زينبُ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم:
حَسْبُك إِذ قَلبَتْ لك ابنة أَبي قُحافةَ ذُرَيِّعَتَيْها؛ الذُّرَيِّعةُ
تصغير الذراع ولُحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة، ثم ثَنَّتْها مصغرة
وأَرادت به ساعدَيْها. وقولهم: الثوب سبع في ثمانية، إِنما قالوا سبع لأَن
الذراع مؤنثة، وجمعها أَذرع لا غير، وتقول: هذه ذراع، وإِنما قالوا ثمانية
لأَن الأَشبار مذكرة. والذِّراع من يَدَيِ البعير: فوق الوظيفِ، وكذلك من
الخيل والبغال والحمير. والذِّراعُ من أَيدي البقر والغنم فوق الكُراع.
قال الليث: الذراع اسم جامع في كل ما يسمى يداً من الرُّوحانِيين ذوي
الأَبدان، والذِّراعُ والساعد واحد. وذَرَّع الرجلُ: رَفَعَ ذِراعَيْه
مُنذراً أَو مبشراً؛ قال:
تُؤَمِّل أَنفالَ الخمِيس وقد رَأتْ
سَوابِقَ خَيْلٍ، لم يُذَرِّعْ بَشيرُها
يقال للبشير إِذا أَوْمَأَ بيده: قد ذَرَّع البَشيرُ.
وأَذْرَع في الكلام وتذَرَّع: أَكثر وأَفْرَط. والإِذْراعُ: كثرةُ
الكلامِ والإِفْراطُ فيه، وكذلك التَّذَرُّع. قال ابن سيده: وأَرى أَصله من
مدّ الذِّراع لأَن المُكْثِر قد يفعل ذلك. وثور مُذَرَّع: في أَكارِعه
لُمَع سُود. وحمار مُذَرَّع: لمكان الرَّقْمةِ في ذِراعه. والمُذَرَّعُ: الذي
أُمه عربية وأَبوه غير عربي؛ قال:
إِذا باهليٌّ عنده حَنْظَلِيَّةٌ،
لها وَلَدٌ منه، فذاك المُذَرَّعُ
وقيل: المُذَرَّع من الناس، بفتح الراء، الذي أُمه أَشرف من أَبيه،
والهجين الذي أَبوه عربيّ وأُمه أَمة؛ قال ابن قيس العدوي:
إِنَّ المُذَرَّعَ لا تُعْنَى خُؤُولَتُه،
كالبَغْلِ يَعْجِزُ عن شَوْطِ المَحاضِير
وقال آخر يهجو قوماً:
قَوْمٌ تَوارَثَ بيتَ اللُّؤْمِ أَوَّلُهم،
كما تَوارَثَ رَقْمَ الأَذْرُعِ الحُمُرُ
وإِنما سمي مُذَرَّعاً تشبيهاً بالبغل لأَنَّ في ذراعيه رَقْمتين
كرَقْمتي ذراع الحِمار نَزَع بهما إِلى الحِمار في الشبه، وأُمّ البغل أَكرم من
أَبيه.
والمُذَرَّعة: الضبع لتخطيط ذِراعَيْها، صفة غالبة؛ قال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذَرَّعةٌ أُمَيْم، لها فَلِيلُ
والضبع مّذَرَّعة بسواد في أَذْرعها، وأَسد مُذَرَّع: على ذِراعَيْه
دَمُ فَرائِسه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد يَهْلِكُ الأَرْقَمُ والفاعُوسُ،
والأَسَدُ المُذَرَّعُ المَنْهُوسُ
والتذْرِيع: فضل حبل القَيد يُوثَق بالذراع، اسم كالتَّنْبيت لا مصدر
كالتَّصْويت. وذُرِّعَ البعيرُ وذُرِّعَ له: قُيِّدَ في ذراعَيْه جميعاً.
يقال: ذَرَّعَ فلان لبعيره إِذا قَيَّدَه بفضل خِطامه في ذراعه، والعرب
تسميه تَذْريعاً.
وثوب مُوَشَّى الذِّراع أَي الكُمِّ، وموشَّى المَذارِع كذلك، جمع على
غير واحده كمَلامحَ ومَحاسِنَ.
والذِّراعُ: ما يُذْرَعُ به. ذَرَع الثوب وغيره يَذْرَعُه ذَرْعاً:
قدَّره بالذِّراع، فهو ذارِعٌ، وهو مَذْرُوع، وذَرْعُ كلّ شيء: قَدْرُه من
ذلك.
والتذَرُّع أَيضاً: تَقْدِير الشيء بذِراع اليد؛ قال قَيْس بن الخَطِيم:
ترى قَِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى، كأَنَّها
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وقال الأَصمعي: تَذَرَّعَ فلان الجَرِيدَ إِذا وضَعه في ذِراعِه
فشَطَبه؛ ومنه قول قَيْس بن الخَطِيم هذا البيت، قال: والخِرْصانُ أَصلها
القُضْبان من الجَرِيد، والشَّواطِبُ جمع الشاطِبة، وهي المرأَة التي تَقْشُر
العَسِيب ثم تُلْقِيه إِلى المُنَقِّية فتأْخذ كل ما عليه بسِكِّينها حتى
تتركه رقيقاً، ثم تُلْقِيه المنقِّيةُ إِلى الشاطِبة ثانية فتَشْطُبه على
ذِراعها وتَتَذَرَّعُه، وكل قَضِيب من شجرة خِرْصٌ. وقال أَبو عبيدة:
التَّذَرُّع قدر ذِراع يَنكسر فيسقط، والتذَرُّع والقِصَدُ واحد غيره، قال:
والخِرْصان أَطراف الرماح التي تلي الأَسنَّة، الواحد خُرْص وخِرْص
وخَرْص. قال الأَزهري: وقول الأَصمعي أَشبههما بالصواب. وتَذَرَّعتِ المرأَة:
شقَّت الــخُوص لتعمَل منه حَصِيراً. ابن الأَعرابي: انْذَرَع وانْذَرَأَ
ورَعَفَ واسْتَرْعَفَ إِذا تقدَّم.
والذَّرِعُ: الطويلُ اللسان بالشَّرِّ، وهو السيّار الليلَ والنهارَ.
وذَرَع البعيرَ يَذرَعُه ذَرْعاً: وَطِئه على ذِراعه ليرْكب صاحبُه.
وذَرَّعَ الرجلُ في سباحتِه تَذْرِيعاً: اتَّسَع ومدَّ ذِراعَيْه.
والتَّذْرِيعُ في المشي: تحريك الذِّراعين. وذَرَّع بيديه تَذْرِيعاً:
حرَّكهما في السعْي واستعان بهما عليه. وقيل في صفته، صلى الله عليه وسلم: إِنه
كان ذَرِيعَ المشْي أَي سريعَ المشْي واسعَ الخَطْوة؛ ومنه الحديث:
فأَكَل أَكْلاً ذَريعاً أَي سريعاً كثيراً. وذَرَع البعيرُ يَده إِذا مَدَّها
في السير. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَذْرَعَ
ذِراعَيْه من أَسفلِ الجُبّةِ إِذْراعاً؛ أَذْرَع ذِراعَيْه أَي أَخرَجهما من تحت
الجُبَّة ومدَّهما؛ ومنه الحديث الآخر: وعليه جَمَّازةٌّ فأَذْرَع منها
يده أَي أَخرجها. وتَذَرَّعَت الإِبل الماءَ: خاضَتْه بأَذْرُعِها.
ومَذارِيعُ الدابة ومَذارِعُها: قوائمها؛ قال الأَخطل:
وبالهدايا إِذا احْمَرَّت مَذارِعُها،
في يوم ذَبْح وتَشْرِيقٍ وتَنْحارِ
وقوائم ذَرِعاتٌ أَي سَريعاتٌ. وذَرِعاتُ الدابة: قوائمها؛ ومنه قول ابن
حذاق العبدي:
فأَمْستْ كَنَيْسِ الرَّمْلِ، يَغْدُو إِذا غَدَتْ،
على ذَرِعاتٍ يَعْتَلِين خُنُوسَا
أَي على قوائم يَعْتَلين من جاراهُنَّ وهنَّ يَخْنِسْنَ بَعْضَ جَرْيِهن
أَي يُبْقين منه؛ يقول لم يَبْذُلْن جميع ما عندهن من السير. ومِذْراعُ
الدابة: قائمتها تَذْرَعُ بها الأَرض، ومِذْرَعُها: ما بين ركبتها إِلى
إِبْطها، وثَور مُوَشَّى المَذارِع.
وفرس ذَروعٌ وذَرِيعٌ: سَريعٌ بَعِيدُ الخُطى بيِّن الذَّراعة. وفرس
مُذَرَّع إِذا كان سابقاً وأَصله الفرس يلحق الوَحْشيّ وفارِسُه عليه
يَطْعَنُه طَعْنة تَفُور بالدم فيُلَطِّخ ذِراعَي الفرس بذلك الدم فيكون علامة
لسَبْقِه؛ ومنه قول تميم:
خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ مِنها مُذَرَّع
ويقال: هذه ناقة تُذارِعُ بُعْد الطريق أَي تَمُدّ باعَها وذِراعها
لتَقْطعَه، وهي تُذارِع الفلاة وتَذْرَعُها إِذا أَسْرعت فيها كأَنها
تَقِيسُها؛ قال الشاعر يصف الإِبل:
وهُنَّ يَذْرَعْن الرِّقاقَ السَّمْلَقا،
ذَرْعَ النّواطِي السُّحُل المُرَقَّقا
والنواطِي: النَّواسِجُ، الواحدة ناطيةٌ، وبعير ذَرُوعٌ. وذَارَع
صاحِبَه فذَرَعه: غَلَبه في الخَطْو. وذَرعه القَيْءُ إِذا غَلبه وسَبق إِلى
فيه. وقد أَذْرَعه الرجلُ إِذا أَخرجه. وفي الحديث: مَن ذَرَعه القَيْء فلا
قضاء عليه أَي سبَقه وغَلبه في الخُروج. والذَّرْعُ: البَدَنُ،
وأَبْطَرَني ذَرْعِي: أَبْلى بَدنِي وقطَع مَعاشي. وأَبطَرْت فلاناً ذَرْعَه أَي
كَلَّفْته أَكثر من طَوْقه. ورجل واسعُ الذَّرْع والذِّراع أَي الخُلُق،
على المثل، والذَّرْعُ: الطاقةُ. وضاقَ بالأَمر ذَرْعُه وذِراعُه أَي
ضعُقت طاقتُه ولم يجد من المكروه فيه مَخْلَصاً ولم يُطِقه ولم يَقْو عليه،
وأَصل الذرْع إِنما هو بَسْط اليد فكأَنك تريد مَدَدْت يدي إِليه فلم
تَنَلْه؛ قال حميد بن ثور يصف ذئباً:
وإِن باتَ وَحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها
ذِراعاً، ولم يُصْبحْ لها وهو خاشِعُ
وضاق به ذَرْعاً: مثل ضاق به ذِراعاً، ونَصْبَ ذرْعاً لأَنه خرج
مفسِّراً مُحَوِّلاً لأَنه كان في الأَصل ضاق ذَرْعي به، فلما حُوّل الفعل خرج
قوله ذرعاً مفسراً، ومثله طِبْت به نفساً وقَرَرْت به عَيناً، والذَّرْعُ
يوضع موضع الطاقة، والأَصل فيه أَن يَذْرَع البعير بيديه في سيره ذَرْعاً
على قدر سَعة خَطْوه، فإِذا حملته على أَكثر من طَوْقه قلت: قد
أَبْطَرْت بعيرك ذَرْعه أَي حَمَلْته من السير على أَكثر من طاقته حتى يَبْطَر
ويَمُدّ عنقه ضَعْفاً عما حُمِل عليه. ويقال: ما لي به ذَرْع ولا ذِراع أَي
ما لي به طاقة. وفي حديث ابن عوف: قَلّدوا أَمْركم رَحْب الذِّراع أَي
واسِعَ القوة والقدرة والبطش. والذرْعُ: الوُسْع والطاقة؛ ومنه الحديث:
فكَبُر في ذَرْعي أَي عظُم وقْعُه وجلَّ عندي، والحديث الآخر: فكسَر ذلك من
ذَرْعي أَي ثَبَّطَني عما أَردته؛ ومنه حديث إِبراهيم، عليه الصلاة
والسلام: أَوحى الله إِليه أَنِ ابنِ لي بَيْتاً فضاق بذلك ذَرْعاً، وجهُ
التمثيل أَن القصير الذِّراع لا ينالُ ما ينالهُ الطويل الذراع ولا يُطيق
طاقتَه، فضرب مثلاً للذي سقطت قوَّته دون بلوغ الأَمر والاقتدار عليه.
وذراعُ القَناة: صدرُها لتقدُّمه كتقدُّم الذراع. ويقال لصدر الفتاة: ذراع
العامل. ومن أَمثال العرب السائرة: هو لك على حَبْلِ الذِّراع أَي
أُعَجِّله لك نقداً، وقيل: هو مُعَدٌّ حاضر، والحبْلُ عِرْق في الذراع.
ورجل ذَرِعٌ: حَسَن العِشْرةِ والمخالَطةِ؛ ومنه قول الخَنْساء:
جَلْد جَمِيل مَخِيل بارِع ذَرِع،
وفي الحُروبِ، إِذا لاقَيْتَ، مِسْعارُ
ويقال: ذارعْتُه مذارعةً إِذا خالطته.
والذِّراع: نَجم من نُجوم الجَوْزاء على شكل الذراع؛ قال غَيْلانُ
الربعي:
غَيَّرها بَعْدِيَ مَرُّ الأَنْواءْ:
نَوءِ الذِّراعِ أَو ذِراعِ الجَوْزاءْ
وقيل: الذراعُ ذِراع الأََسد، وهما كوكبانِ نَيِّران ينزلُهما القمر.
والذِّراع: سِمةٌ في موضع الذِّراع، وهي لبني ثعلبة من أَهل اليمن وناسٍ من
بني مالك بن سعد من أَهل الرِّمال.
وذَرَّع الرجلَ تذْريعاً وذَرَّعَ له: جعل عُنقه بين ذراعه وعُنُقه
وعضُده فخنَقَه ثم استعمل في غير ذلك ما يُخْنَق به. وذَرَّعَه: قتله. وأَمْر
ذَريع: واسع. وذَرَّع بالشيء: أَقَرَّ به؛ وبه سمي المُذَرِّعُ أَحدُ
بني خَفاجةَ بن عُقَيْل، وكان قتل رجلاً من بني عَجْلان ثم أَقرَّ به
فأُقيدَ به فسمي المُذَرِّعَ.
والذَّرَعُ: ولد البقرة الوحْشِيَّة، وقيل: إِنما يكون ذَرَعاً إِذا
قَوِيَ على المشي؛ عن ابن الأَعرابي، وجمعه ذِرْعانٌ، تقول: أَذْرَعتِ
البقرةُ، فهي مُذْرِعٌ ذات ذَرَعٍ. وقال الليث: هنَّ المُذْرِعات أَي ذوات
ذِرْعانٍ.
والمَذارِعُ: النخل القريبة من البيوت. والمَذارِعُ: ما دانى المِصْر من
القرى الصِّغار. والمَذارِعُ: المَزالِفُ، وهي البلاد التي بين الريف
والبرّ كالقادِسية والأَنْبار، الواحد مِذْراعٌ. وفي حديث الحسن: كانوا
بمذراع اليمن، قال: هي القريبة من الأَمصار. ومَذارِعُ الأَرض: نَواحيها.
ومَذارِعُ الوادي: أَضْواجُه ونواحيه.
والذَّرِيعة: الوسيلة. وقد تَذَرَّع فلان بذَريعةٍ أَي توسَّل، والجمع
الذرائعُ. والذريعةُ، مثل الدَّريئة: جمل يُخْتَل به الصيْد يَمْشي
الصيَّاد إِلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيدَ إِذا أَمكنه، وذلك الجمل يُسَيَّب
أَوَّلاً مع الوحش حتى تأْلَفَه. والذريعةُ: السبَبُ إِلى الشيء وأَصله من
ذلك الجمل. يقال: فلان ذَرِيعتي إِليك أَي سَبَبي ووُصْلَتي الذي أَتسبب
به إِليك؛ وقال أَبو وجْزةَ يصف امرأَة:
طافَت بها ذاتُ أَلْوانٍ مُشَبَّهة،
ذَرِيعةُ الجِنِّ لا تُعْطِي ولا تَدَعُ
أَراد كأَنها جنية لا يَطْمَع فيها ولا يَعْلمها في نفسها. قال ابن
الأَعرابي: سمي هذا البعير الدَّرِيئة والذَّريعة ثم جعلت الذريعةُ مثلاً لكل
شيء أَدْنى من شيء وقَرَّب منه؛ وأَنشد:
وللمَنِيَّةِ أَسْبابٌ تُقَرِّبها،
كما تُقَرِّب للوَحْشِيَّة الذُّرُع
وفي نوادر الأَعراب: أَنت ذَرَّعْت بيننا هذا وأَنت سَجَلْته؛ يريد
سَبَّبْتَه. والذَّريعةُ: حَلْقة يُتَعلَّم عليها الرَّمْي.
والذريعُ:السريعُ. وموت ذريعٌ: سريع فاشٍ لا يكاد الناس يَتدافَنُون،
وقيل: ذَريع أَي سريع. ويقال: قتلوهم أَذْرَع قتل. ورجل ذَرِيعٌ بالكتابة
أَي سريع.
والذِّراعُ والذَّراعُ، بالفتح: المرأَة الخفيفةُ اليدين بالغَزل، وقيل:
الكثيرة الغزل القويَّةُ عليه. وما أَذْرَعَها وهو من باب أَحْنَكِ
الشاتَيْن، في أَن التعجب من غير فِعل. وفي الحديث: خَيْرُكنَّ أَذْرَعُكن
للمِغْزَل أَي أَخَفُّكُنَّ به، وقيل: أَقْدَركنَّ عليه.
وزِقٌّ ذارِعٌ: كثير الأَخذ من الماء ونحوه؛ قال ثعلبة بن صُعَيْر
المازنيّ:
باكَرتُهُم بسِباء جَوْنٍ ذارِعٍ،
قَبْل الصَّباحِ، وقَبْلَ لَغْو الطائرِ
وقال عبد بن الحسحاس:
سُلافة دارٍ، لاسُلافة ذارِعٍ،
إِذا صُبَّ منه في الزُّجاجةِ أَزْبدا
والذارِعُ والمِذْرَعُ: الزِّقُّ الصغير يُسْلَخ من قِبَلِ الذِّراع،
والجمع ذَوارِعُ وهي للشراب؛ قال الأَعشى:
والشارِبُونَ، إِذا الذَّوارعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِصالِ بطارِفٍ وتِلادِ
وابنُ ذارِعٍ: الكلْب. وأَذْرُعٌ وأَذْرِعات، بكسر الراء: بلد ينسب
إِليه الخمر؛ قال الشاعر:
تَنوَّرْتُها من أَذْرِعاتِ، وأَهلُها
بيَثْرِبَ أَدْنى دارِها نَظَرٌ عالي
ينشد بالكسر بغير تنوين من أَذرعاتِ، وأَما الفتح فخطأ لأَن نصب تاء
الجمع وفتحه كسر، قال: والذي أَجاز الكسر بلا صرف فلأَنه اسم لفظُه لفظُ
جماعة لواحد، والقول الجيِّد عند جميع النحويين الصرف، وهو مثل عَرفات،
والقرّاء كلهم في قوله تعالى من عَرَفاتٍ على الكسر والتنوين، وهو اسم لمكان
واحد ولفظه لفظ جمع، وقيل أَذرعات مَوضِعانِ ينسب إِليهما الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحِيقٌ سَبَتْها التِّجا
رُ من أَذْرِعاتٍ، فَوادِي جَدَرْ
وفي الصحاح: أَذْرِعات، بكسر الراء، موضع بالشام تنسب إِليه الخمر، وهي
معروفة مصروفة مثل عرفات؛ قال سيبويه: ومن العرب من لا ينون أَذرعات،
يقول: هذه أَذرعاتُ ورأَيت أَذرعاتِ، برفع التاء وكسرها بغير تنوين. قال ابن
سيده: والنسبة إِلى أَذْرِعات أَذْرَعِيٌّ، وقال سيبويه: أَذرعات بالصرف
وغير الصرف، شبهوا التاء بهاء التأْنيث، ولم يَحْفَلوا بالحاجز لأَنه
ساكن، والساكن ليس بحاجز حَصين، إِن سأَل سائل فقال: ما تقول فيمن قال هذه
أَذرعاتُ ومسلماتُ وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم يُنَوِّن للتعريف
والتأْنيث، فكيف يقول إِذا نكَّر أَيُنوّن أَم لا؟ فالجواب أَن التنوين مع
التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف، فأَقْصى أَحوال أَذْرِعات
إِذا نكرتها فيمن لم يصرف أَن تكون كحمزةَ إِذا نكرتها، فكما تقول هذا حمزةُ
وحمزةٌ آخر فتصرف النكرة لا غير، فكذلك تقول عندي مسلماتُ ونظرت إِلى
مسلماتٍ أُخرى فتنوّن مسلماتٍ لا محالة. وقال يعقوب: أَذْرِعات ويَذْرِعات
موضع بالشام حكاه في المبدل؛ وأَما قول الشاعر:
إِلى مَشْرَبٍ بين الذِّراعَيْن بارِد
فهما هَضْبتان. وقولهم: اقْصِدْ بذَرْعِك أَي ارْبَعْ على نَفْسك ولا
يَعْدُ بك قَدْرُك.
والذَّرَعُ، بالتحريك: الطمَعُ؛ ومنه قول الراجز:
وقد يَقُودُ الذرَعُ الوَحْشِيَّا
والمُذَرِّعُ، بكسر الراء مشددة: المطر الذي يَرْسَخ في الأَرض قدرَ
ذِراع.
طفا: طَفَا الشيءُ فَوْقَ الماء يَطْفُو طَفْواً وطُفُوّاً: ظَهَرَ
وعَلا ولمْ يَرْسُبْ. وفي الحديث: أَنه ذكرَ الدَّجَّالَ فقال كأَنَّ عَيْنَه
عِنَبَةٌ طافِيةٌ؛ وسئل أَبو العباس عن تفسيره فقال: الطَّافِيَة من
العِنَبِ الحَبَّةُ التي قد خرجت عن حدّ نِبْتَةِ أَخَواتِها من الحَبِّ
فَنَتَأَتْ وظَهَرَتْ وارْتَفَعَتْ، وقيل: أَراد به الحَبَّةَ الطافيةَ على
وجهِ الماءِ، شبَّه عينه بها، ومنه الطافي من السَّمَك لأَنه يَعْلُو
ويَظْهَرُ على رأْسِ الماءِ. وطَفَا الثَّورُ الوَحْشِيُّ على الأكَمِ
والرِّمالِ؛ قال العَجَّاج:
إِذا تَلَقَّتْهُ الدِّهاسُ خَطْرَفا،
وإنْ تَلَقَّتْه العَقَاقِيلُ طَفَا
ومَرَّ الظَّبْيُ يَطْفُو إِذا خَفَّ على الأَرض واشْتَدَّ عَدْوُه.
والطُّفاوة: ما طَفا من زَبَد القِدْر ودَسَمها. والطُّفاوة، بالضم:
دارَةُ الشمسِ والقمرِ. الفراء: الطُّفَاوِيُّ مأْخوذٌ من الطُّفاوَةِ، وهي
الدَّارَةُ حولَ الشمسِ؛ وقال أَبو حاتم: الطُّفاوَة الدَّارَةُ التي
حولَ القمرِ، وكذلك طُفتاوَةُ القِدْرِ ما طَفا عليها من الدَّسَمِ؛ قال
العجاج:
طُفاوَةُ الأُثْرِ كَحَمِّ الجُمَّلِ
والجُمَّل: الذينَ يُذِيبُون الشَّحْمَ:
والطَّفْوَةُ: النَّبْتُ الرقيقُ.
ويقال: أَصَبْنَا طُفاوةً من الرَّبِيعِ أَي شيئاً منه.
والطُّفاوةُ: حَيٌّ من قَيْسِ عَيْلانَ. والطافي: فرسُ عَمْرو بنِ
شَيْبانَ. والطُّفْيَةُ: خُوصَــةُ المُقْلِ، والجَمْع طُفْيٌ؛ قال أَبو
ذؤيب:لِمَنْ طَلَلٌ بالمنْتَضى غَيرُ حائِلِ،
عَفَا بَعْدَ عَهْدٍ من قِطارٍ وَوابِلِ؟
عَفَا غَيْرَ نُؤْيِ الدارِ ما إِنْ تُبِينُهُ،
وأَقْطاعِ طُفْيٍ قَدْ عَفَتْ في المَعاقِلِ
المَناقِلُ: جَمْعُ مَنْقَلٍ وهو الطَّريقُ في الجَبَل، ويروى: في
المَنازِل، ويروى في المَعاقِلِ، وهو كذا في شعره.
وذو الطُّفْيَتَيْنِ: حَيَّة لها خَطَّان أَسْوادان يُشَبَّهانِ
بالــخُوصَــتَيْن، وقد أَمر النبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بقَتْلِها. وفي الحديث:
اقْتُلُوا ذا الطُّفْيَتَيْن والأَبْتَرَ، وقيل: ذو الطُّفْيَتَيْن الذي
له خَطَّانِ أَسْوَدان على ظَهرِه. والطُّفْيَةُ: حَيَّةٌ لَيِّنَة
خَبيثَة قَصِيرة الذَّنَب يقال لها الأَبْتَرُ. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم: اقْتُلُوا الجانَّ ذا الطُّفْيَتَيْن والأَبْتَرَ؛ قال الأَصمعي:
أَُُراه شَبَّه الخَطَّيْن اللَّذَيْنِ على ظَهْرِهِ بــخُوصَــتَيْن من
خُوصِ المُقْلِ، وهما الطُّفْيَتَانِ، ورُبَّما قيل لِهَذِه الحَيَّةِ
طُفْيَةٌ على معنى ذات طُفْيَة؛ قال الشاعر:
وهُمْ يُذِلُّونَها من بَعْدِ عِزَّتِها،
كما تَذِلُّ الطُّفَى مِنْ رُقْيَةِ الراقي
أَي ذَواتُ الطُّفَى، وقد يُسَمَّى الشيُّ باسم ما يُجاوِرُه. وحكى ابن
بري: أَن أَبا عُبَيدة قال خَطَّانِ أَسْودَانِ، وأَنّ ابن حَمْزَة قال
أَصْفَرانِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
عَبْدٌ إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ طَفَا
قال: طَفَا أَي نزَا بِجَهْلِهِ إِذا تَرَزَّنَ الحَلِيمُ.
حصر: الحَصَرُ: ضربٌ من العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مثل تَعِبَ
تَعَباً، فهو حَصِرٌ: عَيِيَ في منطقه؛ وقيل: حَصِرَ لم يقدر على الكلام.
وحَصِرَ صدرُه: ضاق. والحَصَرُ: ضيق الصدر. وإِذا ضاق المرء عن أَمر قيل:
حَصِرَ صدر المرء عن أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قال الله عز وجل: إِلاَّ
الذين يَصِلُون إِلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أَو جاؤوكم حَصِرَتْ صُدورُهُم
أَن يقاتلوكم؛ معناه ضاقت صدورهم عن قتالكم وقتال قومهم؛ قال ابن سيده:
وقيل تقديره وقد حَصِرَتْ صدورهم؛ وقيل: تقديره أَو جاؤوكم رجالاً أَو
قوماً فَحَصِرَتْ صدورهم الآن، في موضع نصب لأَنه صفة حلت محل موصوف منصوب
على الحال، وفيه بعض صَنْعَةٍ لإِقامتك الصفة مقام الموصوف وها مما
(* كذا
بياض بالأَصل). وموضع الإِضطرار أَولى به من النثر
(* قوله النثر: هكذا
في الأَصل). وحال الاختيار. وكل من بَعِلَ بشيءٍ أَو ضاق صدره بأَمر، فقد
حَصِرَ؛ ومنه قول لبيد يصف نخلة طالت، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثمرها حين نظر
إِلى أَعاليها، وضاق صدره أَن رَقِيَ إِليها لطولها:
أَعْرَضْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ
جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها
أَي تضيق صدورهم بطول هذه النخلة؛ وقال الفراء في قوله تعالى: أَو
جاؤوكم حَصِرَتْ صدورهم؛ العرب تقول: أَتاني فلان ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يريدون قد
ذهب عقله؛ قال: وسمع الكسائي رجلاً يقول فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذات
التنانير؛ وقال الزجاج: جعل الفراء قوله حَصِرَتْ حالاً ولا يكون حالاً إِلاَّ
بقد؛ قال: وقال بعضهم حَصِرَتْ صدورهم خبر بعد خبر كأَنه قال أَو جاؤوكم
ثم أَخبر بعدُ، قال: حَصِرَتْ صدورهم أَن يقاتلوكم؛ وقال أَحمد بن يحيى:
إِذا أَضمرت قد قرّبت من الحال وصارت كالاسم، وبها قرأَ من قرأَ حَصِرَةً
صُدورُهُمْ؛ قال أَبو زيد: ولا يكون جاءني القوم ضاقت صدورهم إِلاَّ أَن
تصله بواو أَو بقد، كأَنك قلت: جاءني القوم وضاقت صدورهم أَو قد ضاقت
صدورهم؛ قال الجوهري: وأَما قوله أَو جاؤوكم حصرت صدورهم، فأَجاز الأَخفش
والكوفيون أَن يكون الماضي حالاً، ولم يجزه سيبويه إِلاَّ مع قد، وجعل
حَصِرَتْ صدورهم على جهة الدعاء عليهم. وفي حديث زواج فاطمة، رضوان الله
عليه: فلما رأَت عليّاً جالساً إِلى جنب النبي، صلى الله عليه وسلم، حَصِرَتْ
وبكت؛ أَي استحت وانقطعت كأَن الأَمر ضاق بها كما يضيق الحبس على
المحبوس.
والحَصُورُ من الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، وقد حَصَرَتْ، بالفتح،
وأَحْصَرَتْ؛ ويقال للناقة: إِنها لِحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛
والحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ في العروق من خبث النفس وكراهة
الدَّرَّةِ، وحَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فهو مَحْصُورٌ وحَصِيرٌ، وأَحْصَرَهُ.
كلاهما: حبسه عن السفر. وأَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أَو من حاجة
يريدها؛ قال الله عز وجل: فإِن أُحْصِرْتُمْ. وأَحْصَرَني بَوْلي وأَحْصَرني
مرضي أَي جعلني أَحْصُرُ نفسي؛ وقيل: حَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني أَي
حبسني. وحَصَرَهُ يَحصُِرهُ حَصْراً: ضيق عليه وأَحاط به. والحَصِيرُ:
الملِكُ، سمي بذلك لأَنه مَحصُورٌ أَي محجوب؛ قال لبيد:
وقَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُمْ
جِنُّ، على باب الحَصِير، قِيامُ
الجوهري: ويروى ومَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ على أَن يكون غُلْبُ الرقاب
بدلاً من مَقامَةٍ كأَنه قال ورُبَّ غُلْبِ الرقاب، وروي لَدى طَرَفِ
الحصير قيام. والحَصِيرُ: المَحْبِسُ. وفي التنزيل: وجعلنا جهنم للكافرين
حَصِيراً؛ وقال القتيبي: هو من حَصَرْته أَي حبسته، فهو محصور. وهذا حَصِيرُه
أَي مَحْبِسُه، وحَصَرَهُ المرض: حبسه، على المثل. وحَصِيرَةُ التمر:
الموضع الذي يُحْصَرُ فيه وهو الجَرِينُ، وذكره الأَزهري بالضاد المعجمة،
وسيأْتي ذكره. والحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ. والحُصْرُ والحُصُرُ:
احتباس البطن. وقد حُصِرَ غائطه، على ما لم يسمَّ فاعله، وأُحْصِرَ.
الأَصمعي واليزيدي: الحُصْرُ من الغائط، والأُسْرُ من البول. الكسائي: حُصِرَ
بغائطه وأُحْصِرَ، بضم الأَلف. ابن بُزُرج: يقال للذي به الحُصْرُ: محصور:
وقد حُصِرَ عليه بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ وقد أَخذه
الحُصْرُ وأَخذه الأُسْرُ شيء واحد، وهو أَن يمسك ببوله يَحْصُرُ حَصْراً فلا
يبول؛ قال: ويقولون حُصِرَ عليه بولُه وخلاؤُه.
ورجل حَصِرٌ: كَتُومٌ للسر حابس له لا يبوح به؛ قال جرير:
ولقد تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا
حَصِراً بِسرِّكِ، يا أُمَيْم، ضَنِينا
وهم ممن يفضلون الحَصُورَ الذي يكتم السر في نفسه، وهو الحَصِرُ.
والحَصِيرُ والحَصورُ: المُمْسِكُ البخيل الضيق؛ ورجل حَصِرٌ بالعطاء؛
وروي بيت الأَخطل باللغتين جميعاً:
وشارب مُرْبِحٍ بالكاس نادَمَنيِ،
لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسَوَّارِ
وحَصِرَ: بمعنى بخل. والحَصُور: الذي لا ينفق على النَّدامَى. وفي حديث
ابن عباس: ما رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ من معاوية، كان الناس
يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، ليس مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ؛ يعني ابن
الزبير. الحَصِرُ: البخيل، والعَقِصُ: الملتوي الصَّعْبُ الأَخلاق. ويقال:
شرب القوم فَحَصِرَ عليهم فلان أَي بخل. وكل من امتنع من شيء لم يقدر
عليه، فقد حَصِرَ عنه؛ ولهذا قيل: حَصِرَ في القراءة وحَصِر عن أَهله.
والحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عن الشيء، وعلى هذا فسر بعضهم بيت
الأَخطل: وشارب مربح. والحَصُور أَيضاً: الذي لا إِرْبَةَ له في النساء،
وكلاهما من ذلك أَي من الإِمساك والمنع. وفي التنزيل: وسَيِّداً وحَصُوراً؛
قال ابن الأَعرابي: هو الذي لا يشتهي النساء ولا يقربهنّ. الأَزهري: رجل
حَصُورٌ إِذا حُصِرَ عن النساء فلا يستطيعهنّ والحَصُورُ: الذي لا يأْتي
النساء. وامرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء. وفي حديث القِبْطِيِّ الذي أَمر
النبي ، صلى الله عليه وسلم، عليّاً بقتله، قال: فرفعت الريحُ ثوبَهُ
فإِذا هو حَصُورٌ؛ هو الذي لا يأْتي النساء لأَنه حبس عن النكاح ومنع، وهو
فَعُول بمعنى مَفْعُول، وهو في هذا الحديث المحبوب الذكر والانثيين، وذلك
أَبلغ في الحَصَرِ لعدم آلة النكاح، وأَما العاقر فهو الذي يأْتيهنّ ولا
يولد له، وكله من الحَبْسِ والاحتباس. ويقال: قوم مُحَصْرُون إِذا
حُوصِرُوا في حِصْنٍ، وكذلك هم مُحْصَرُون في الحج. قال الله عز وجل: فإِن
أُحْصِرْتم.
والحِصارُ: الموضع الذي يُحْصَرُ فيه الإِنسان؛ تقول: حَصَرُوه حَصْراً
وحاصَرُوه؛ وكذلك قول رؤبة:
مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا
قال يعني بالمحصور المحبوس. والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الحاج عن بلوغ
المناسك بمرض أَو نحوه. وفي حديث الحج: المُحْصَرُ بمرض لا يُحِلُّ حتى يطوف
بالبيت؛ هو ذلك الإِحْصارُ المنع والحبس. قال الفرّاء: العرب تقول للذي
يمنعه خوف أَو مرض من الوصول إِلى تمام حجه أَو عمرته، وكل ما لم يكن
مقهوراً كالحبس والسحر وأَشباه ذلك، يقال في المرض: قد أُحْصِرَ، وفي الحبس
إِذا حبسه سلطان أَو قاهر مانع: حُصِرَ، فهذا فرق بينهما؛ ولو نويت بقهر
السلطان أَنها علة مانعة ولم تذهب إِلى فعل الفاعل جاز لك أَن تقول قد
أُحْصِرَ الرجل، ولو قلت في أُحْصِرَ من الوجع والمرض إِن المرض خَصَره أَو
الخوف جاز أَن تقول حُصِرَ. قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً: يقال: إِنه
المُحْصَرُ عن النساء لأَنها علة قيس بمحبوس فعلى هذا فابْنِ، وقيل: سمي
حصوراً لأَنه حبس عما يكون من الرجال.
وحَصَرَني الشيء وأَحْصَرَني: حبسني؛ وأَنشد لابن ميادة:
وما هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ
عليكَ، ولا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
في باب فَعَلَ وأَفْعَلَ. وروى الأَزهري عن يونس أَنه قال: إِذا رُدَّ
الرجل عن وجه يريده فقد أُحْصِرَ، وإِذا حبس فقد حُصِرَ. أَبو عبيدة:
حُصِرَ الرجل في الحبس وأُحْصِرَ في السفر من مرض أَو انقطاع به. قال ابن
السكيت: يقال أَحصره المرض إِذا منعه من السفر أَو من حاجة يريدها وأَحصره
العدوّ إِذا ضيق عليه فَحصِرَ أَي ضاق صدره. الجوهري: وحَصَرَهُ العدوّ
يَحْصُرُونه إِذا ضيقوا عليه وأَحاطوا به وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً.
وقال أَبو إِسحق: النحوي: الروية عن أَهل اللغة أَن يقال للذي يمنعه الخوف
والمرض أُحْصِرَ، قال: ويقال للمحبوس حُصِرَ؛ وإِنما كان ذلك كذلك لأَن
الرجل إِذا امتنع من التصرف فقد حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ المرض أَحبسه
أَي جعله يحبس نفسه، وقولك حَصَرْتُه حبسته لا أَنه أَحبس نفسه فلا يجوز
فيه أَحصر؛ قال الأَزهري: وقد صحت الرواية عن ابن عباس أَنه قال: لا حَصْرَ
إِلاَّ حَصْرُ العدوّ، فجعله بغير أَلف جائزاً بمعنى قول الله عز وجل:
فإِن أُحْصِرْتُمْ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ؛ قال: وقال الله عز وجل:
وجعلنا جهنم للكافرين حَصِيراً؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصَِراً. ويقا:
حَصَرْتُ القومَ في مدينة، بغير أَلف، وقد أَحْصَرَه المرض أَي منعه من السفر.
وأَصلُ الخَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ. وحُصِرَ في
الحبس: أَقوى من أُحْصِرَ لأَن القرآن جاء بها.
والحَصِيرُ: الطريق، والجمع حُصُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
لما رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قد وضَحَتْ،
ولاحَ من نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ
نُجْدٌ: جمع نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ. وعادية: قديمة. وحَصَرَ الشيءَ
يَحْصُرُه حَصْراً: استوعبه. والحَصِيرُ: وجه الأَرض، والجمع أَحْصِرَةٌ
وحُصُر. والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع من بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثم تفرش، سمي بذلك
لأَنه يلي وجه الأَرض، وقيل: الحَصِيرُ المنسوجُ، سمي حَصِيراً لأَنه
حُصِرَتْ طاقته بعضها مع بعض. والحَصِيرُ أَفضلُ الجهاد وأَكملُه حجُّ
مَبْرُورٌ ثم لزومُ الحَصِيرِ؛ وفي رواية أَنه قال لأَزواجه هذه ثم قال لزومُ
الحُصُرِ أَي أَنكنَّ لا تَعُدْنَ تخرجن من بيوتكنّ وتلزمن الحُصُرَ؛ وهو
جمع حَصِير الذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً؛ وقول أَبي
ذؤيب يصف ماء مزج به خمر:
تَحَدَّرَ عن شاهِقِ كالحَصِيـ
ـرِ ، مُسْتَقْبِلَ الريحِ، والفَيْءُ قَرّ
يقول: تَنَزَّلَ الماءُ من جبل شاهق له طرائق كشُطَب الحصير.
والحَصِيرُ: البِساطُ الصغير من النبات. والحَصِيرُ: الجَنْبُ، والحَصِيرانِ:
الجَنْبانِ . الأَزهري: الجَنْبُّ يقال له الحَصِيرُ لأَن بعض الأَضلاع
مَحْصُورٌ مع بعض؛ وقيل: الحَصِيرُ ما بين العِرْقِ الذي يظهر في جنب البعير
والفرس معترضاً فما فوقه إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ. والحَصِيرُ: لحمُ ما
بين الكتف إِلى الخاصرة؛ وأَما قول الهذلي:
وقالوا: تركنا القومَ قد حَصَرُوا به،
ولا غَرْوَ أَنْ قد كانَ ثَمَّ لَحيمُ
قالوا: معنى حصروا به أَي أَحاطوا به. وحَصِيرا السيف: جانباه.
وحَصِيرُه: فِرِنْدُه الذي تراه كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قال زهير:
بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّـ
ياقِلُ منه عن حَصِيرٍ ورَوْنَقِ
وأَرض مَحْصُورة ومنصورة ومضبوطة أَي ممطورة. والحَِصارُ والمِحْصَرَةُ:
حَقيبَةٌ؛ وقال الجوهري:
وسادَةٌ تلقى على البعير ويرفع مؤخرها فتجعل كآخِرَةِ الرجل ويحشى
مقدّمها، فيكون كقادِمَةِ الرحل، وقيل: هو مَرْكَبٌ به الرَّاضَةُ؛ وقيل: هو
كساء يطرح على ظهره يُكْتَفَلُ به.
وأَحْصَرْتُ الجملَ وحَصَرْتُه: جعلت له حِصاراً، وهو كساء يجعل حول
سَنامِهِ. وحَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه ويحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَهُ:
شَدَّه بالحِصار.
والمِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صغير يُحْصَرَ به البعير ويلقى غليه أَداة
الراكب. وفي حديث أَبي بكر: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قال: رأَيته بالخَذَواتِ
وقد حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً في مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ؛ هو من ذلك.
وفي حديث حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحصير أَي تحيط
بالقلوب؛ يقال: حَصَرَ به القومُ أَي أَطافوا؛ وقيل: هو عِرْقٌ يمتدّ
معترِضاً على جنب الدابة إِلى ناحية بطنها فشبه الفتن بذلك؛ وقيل: هو ثوب مزخرف
منقوش إِذا نشر أَخذ القلوب بحسن صنعته، وكذلك الفتنة تزين وتزخرف
للناس، وعاقبة ذلك إِلى غرور.
حول: الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛
حكاها سيبويه. وحالَ عليه الحَوْلُ حَوْلاً وحُؤُولاً: أَتَى. وأَحال
الشيءُ واحْتالَ: أَتَى عليه حَوْلٌ كامل؛ قال رؤبة:
أَوْرَقَ مُحْتالاً دَبيحاً حِمْحِمُه
وأَحالت الدارُ وأَحْوَلَتْ وحالَتْ وحِيلَ بها: أَتَى عليها أَحْوَالٌ؛
قال:
حالَتْ وحِيلَ بها، وغَيَّرَ آيَها
صَرْفُ البِلى تَجْري به الرِّيحانِ
وقال الكميت:
أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَنْزِلُ؟
وما أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
الجوهري: حالَتِ الدارُ وحالَ الغلامُ أَتَى عليه حَوْلٌ. وأَحالَ عليه
الحَوْلُ أَي حالَ. ودار مُحيلة: غاب عنها أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وكذلك
دار مُحِيلة إِذا أَتت عليها أَحوال. وأَحالَ اللهُ عليه الحَوْلَ
إِحالة، وأَحْوَلْتُ أَنا بالمكان وأَحَلْت: أَقمت حَوْلاً. وأَحال الرجلُ
بالمكان وأَحْوَل أَي أَقام به حَوْلاً. وأَحْوَل الصبيُّ، فهو مُحوِل: أَتَى
عليه حَوْلٌ من مَوْلِده؛ قال امرؤ القيس:
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِمَ مُحْوِل
وقيل: مُحْوِل صغير من غير أَن يُحَدَّ بحَوْل؛ عن ابن كيسان. وأَحْوَلَ
بالمكان الحَوْل: بَلَغه؛ وأَنشد ابن الاعرابي:
أَزائدَ، لا أَحَلْتَ الحَوْل، حتى
كأَنَّ عَجُوزَكم سُقِيَتْ سِمَاما
يُحَلِّئُ ذو الزوائد لِقْحتيه،
ومنْ يَغْلِب فإِنَّ له طعاما
أَي أَماتك الله قبل الحَوْل حتى تصير عجوزكم من الحُزن عليك كأَنها
سُقِيَت سِمَاماً، وجعل لبنهما طعاماً أَي غَلَبَ على لِقْحَتيه فلم يَسْقِ
أَحداً منهما. ونَبْتٌ حَوْلِيٌّ: أَتى عليه حَوْلٌ كما قالوا فيه
عامِيٌّ، وجَمَل حَوْلِيٌّ كذلك. أَبو زيد: سمعت أَعرابيّاً يقول جَمَلٌ
حَوْلِيٌّ إِذا أَتى عليه حَوْل. وجِمال حَوَالِيُّ، بغير تنوين، وحَوَالِيَّة،
ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْلِيّات: أَتى عليها حَوْل، وكل ذي حافر
أَوّلَ سنة حَوْلِيٌّ، والأُنثى حَوْلِيّة، والجمع حَوْلِيّات. وأَرض
مُسْتَحالة: تُرِكت حَوْلاً وأَحوالاً عن الزراعة.
وقَوْس مُسْتَحالة: في قابِها أَو سِيتَها اعوجاج، وقد حالَتْ حَوْلاً
أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت عليها وحصل في قابها اعوجاج؛ قال أَبو
ذؤيب:
وحالَتْ كحَوْل القَوْسُ طُلَّتْ وعُطِّلَت
ثَلاثاً، فأَعْيا عَجْسُها وظُهَارُها
يقول: تَغَيَّرت هذه المرأَة كالقوس التي أَصابها الطَّلُّ فندِيَتْ
ونُزِعَ عنها الوَتر ثلاث سنين فَزاغَ عَجْسُها واعْوَجَّ، وقال أَبو حنيفة:
حالَ وتَرُ القوس زال عند الرمي، وقد حالَتِ القوسُ وَتَرَها؛ هكذا حكاه
حالت. ورجل مُسْتَحال: في طَرَفي ساقه اعوجاج، وقيل: كل شيء تغير عن
الاستواء إِلى العِوَج فقد حالَ واسْتَحال، وهو مُسْتَحِيل. وفي المثل: ذاك
أَحْوَل من بَوْلِ الجَمَل؛ وذلك أَن بوله لا يخرج مستقيماً يذهب في
إِحدى الناحيتين. التهذيب: ورِجْلٌ مُسْتَحالة إِذا كان طرفا الساقين منها
مُعْوَجَّيْن. وفي حديث مجاهد في التَّوَرُّك في الأَرض المُسْتَحيلة أَي
المُعْوَجَّة لاستحالتها إِلى العِوَج؛ قال: الأَرض المستحيلة هي التي
ليست بمستوية لأَنها استحالت عن الاستواء إِلى العِوَج، وكذلك القوس.
والحَوْل: الحِيلة والقُوَّة أَيضاً. قال ابن سيده: الحَوْل والحَيْل والحِوَل
والحِيلة والحَوِيل والمَحالة والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل، كل
ذلك: الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف. والحِيَلُ
والحِوَل: جمع حِيلة. ورجل حُوَلٌ وحُوَلة، مثل هُمَزَة، وحُولة وحُوَّل
وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحوَلْوَل: مُحْتال شديد الاحتيال؛ قال:
يا زيد، أَبْشِر بأَخيك قد فَعَل
حَوَلْوَلٌ، إِذا وَنَى القَومُ نزَل
ورجلُ حَوَلْوَل: مُنْكَر كَمِيش، وهو من ذلك. ابن الأَعرابي: الحُوَل
والحُوَّل الدَّواهي، وهي جمع حُولة. الأَصمعي: يقال جاء بأَمر حُولة من
الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عجيب. ويقال للرَّجُل الداهية: إِنَّه لَحُوله
من الحُوَل أَي داهِية من الدواهي، وتسمى الداهية نفسها حُولة؛ وأَنشد:
ومِنْ حُولة الأَيام، يا أُمَّ خالد،
لنا غَنَم مَرْعِيَّةٌ ولنا بَقَر
ورجل حُوَّل: ذو حِيَل، وامرأَة حُوَّلة. ويقال هو أَحْوَل منك أَي
أَكثر حِيلة، وما أَحْوَله، ورجل حُوَّل، بتشديد الواو، أَي بَصِير بتحويل
الأُمور، وهو حُوَّلُ قُلَّب؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وما غَرَّهم، لا بارك اللهُ فيهم
به، وهو فيه قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل
ويقال: رجل حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذي الحِيلة؛ قال ابن أَحمر، ويقال
للمَرَّار بن مُنْقِذ العَدَوي:
أَو تَنْسَأَنْ يومي إِلى غيره،
إِني حَواليٌّ وإِني حَذِر
وفي حديث معاوية: لما احْتُضِر قال لابنتيه: قَلِّباني فإِنكما
لتُقَلِّبان حُوَّلاً قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النار؛ الحُوَّل: ذو التصرّف
والاحتيال في الأُمور، ويروى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نجا من عذاب
الله، بياء النسبة للمبالغة. وفي حديث الرجلين اللذيْن ادَّعى أَحدُهما على
الآخر: فكان حُوَّلاً قُلَّباً. واحْتَال: من الحِيلة، وما أَحْوَله
وأَحْيَله من الحِيلة، وهو أَحْوَل منك وأَحْيَل معاقبة، وإِنه لذو حِيلة.
والمَحالة: الحِيلة نفسها. ويقال: تَحَوَّل الرجلُ واحْتال إِذا طلب
الحِيلة. ومن أَمثالهم: من كان ذا حِيلة تَحَوَّل. ويقال: هو أَحْوَل من ذِئْب،
ومن الحِيلة. وهو أَحْوَل من أَبي بَراقش: وهو طائر يَتَلَوَّن أَلواناً،
وأَحْوَل من أَبي قَلَمون: ثوب يتلوَّن أَلواناً. الكسائي: سمعتهم
يفولون هو رجل لا حُولة له، يريدون لا حِيلة له؛ وأَنشد:
له حُولَةٌ في كل أَمر أَراغَه،
يُقَضِّي بها الأَمر الذي كاد صاحبه
والمَحالة: الحِيلة. يقال: المرء يَعْجِزُ لا المَحالة؛ وأَنشد ابن بري
لأَبي دُواد يعاتب امرأَته في سَماحته بماله:
حاوَلْت حين صَرَمْتِني،
والمَرْءُ يَعْجِز لا المَحاله
والدَّهْر يَلْعَب بالفتى،
والدَّهْر أَرْوَغُ من ثُعاله
والمَرْءُ يَكْسِب مالَه
بالشُّحِّ، يُورِثُه الكَلاله
وقولهم: لا مَحالة من ذلك أَي لا بُدَّ، ولا مَحالة أَي لا بُدَّ؛ يقال:
الموت آت لا مَحالة. التهذيب: ويقولون في موضع لا بُدَّ لا مَحالة؛ قال
النابغة:
وأَنت بأَمْرٍ لا مَحالة واقع
والمُحال من الكلام: ما عُدِل به عن وجهه. وحَوَّله: جَعَله مُحالاً.
وأَحال: أَتى بمُحال. ورجل مِحْوال: كثيرُ مُحال الكلام. وكلام مُسْتَحيل:
مُحال. ويقال: أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إِذا أَفسدته. وروى ابن
شميل عن الخليل بن
أَحمد أَنه قال: المُحال الكلام لغير شيء، والمستقيم كلامٌ لشيء،
والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه، واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك، والكذب كلام
لشيء تَغُرُّ به. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به.
وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه، بكسر
اللام. التهذيب: والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في
الأَصل حوالى، كقولك ذو مال وأُولو مال. قال الأَزهري: يقال رأَيت الناس
حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه،
وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه؛ قال الراجز:
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه،
هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قولهم: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قال ابن
بري: وشاهد حَوالَهُ قول الراجز:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لا أَبا لكا
وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وفي حديث الاستسقاء: اللهم حَوالَيْنا ولا علينا؛ يريد اللهم أَنْزِل
الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية، من قولهم رأَيت الناس
حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه؛ وأَما قول امريء القيس:
أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي
فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً، ذَهَب إِلى
المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار،
فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه. واحْتَوَله القومُ: احْتَوَشُوا
حَوالَيْه. وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً: رامه؛ قال رؤبة:
حِوالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ والمؤتَجِر
والاحْتِيالُ والمُحاولَة: مطالبتك الشيءَ بالحِيَل. وكل من رام أَمراً
بالحِيَل فقد حاوَله؛ قال لبيد:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ ماذا يُحاوِلُ:
أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟
الليث: الحِوال المُحاوَلة. حاوَلته حِوالاً ومُحاولة أَي طالبته
بالحِيلة. والحِوال: كلُّ شيء حال بين اثنين، يقال هذا حِوال بينهما أَي حائل
بينهما كالحاجز والحِجاز. أَبو زيد: حُلْتُ بينه وبين الشَّرِّ أَحُول
أَشَدَّ الحول والمَحالة. قال الليث: يقال حالَ الشيءُ بين الشيئين يَحُول
حَوْلاً وتَحْوِيلاً أَي حَجَز. ويقال: حُلْتَ بينه وبين ما يريد حَوْلاً
وحُؤولاً. ابن سيده: وكل ما حَجَز بين اثنين فقد حال بينهما حَوْلاً،
واسم ذلك الشيء الحِوال، والحَوَل كالحِوال. وحَوالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه
وصَرْفُه؛ قال مَعْقِل بن
خويلد الهذلي:
أَلا مِنْ حَوالِ الدهر أَصبحتُ ثاوياً،
أُسامُ النِّكاحَ في خِزانةِ مَرْثَد
التهذيب: ويقال إِن هذا لمن حُولة الدهر وحُوَلاء الدهر وحَوَلانِ الدهر
وحِوَل الدهر؛ وأَنشد:
ومن حِوَل الأَيَّام والدهر أَنه
حَصِين، يُحَيَّا بالسلام ويُحْجَب
وروى الأَزهري بإِسناده عن الفرّاء قال: سمعت أَعرابيّاً من بني سليم
ينشد:
فإِنَّها حِيَلُ الشيطان يَحْتَئِل
قال: وغيره من بني سليم يقول يَحْتال، بلا همز؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يا دارَ ميّ، بِدكادِيكِ البُرَق،
سَقْياً وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق
قال: وغيره يقول المُشْتاق. وتَحَوَّل عن الشيء: زال عنه إِلى غيره.
أَبو زيد: حالَ الرجلُ يَحُول مثل تَحَوَّل من موضع إِلى موضع. الجوهري: حال
إِلى مكان آخر أَي تَحَوَّل. وحال الشيءُ نفسُه يَحُول حَوْلاً بمعنيين:
يكون تَغَيُّراً، ويكون تَحَوُّلاً؛ وقال النابغة:
ولا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد
أَي لا يَحُول عَطاءُ اليوم دُونَ عطاء غَد. وحالَ فلان عن العَهْد
يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال؛ وقول النابغة الجعدي أَنشده ابن سيده:
أَكَظَّكَ آبائي فَحَوَّلْتَ عنهم،
وقلت له: با ابْنَ الحيالى تحوَّلا
(* «الحيالى» هكذا رسم في الأصل، وفي شرح القاموس: الحيا و لا).
قال: يجوز أَن يستعمل فيه حَوَّلْت مكان تَحَوَّلت، ويجوز أَن يريد
حَوَّلْت رَحْلَك فحذف المفعول، قال: وهذا كثير. وحَوَّله إِليه: أَزاله،
والاسم الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللحياني:
أُخِذَت حَمُولُته فأَصْبَح ثاوِياً،
لا يستطيع عن الدِّيار حَوِيلا
التهذيب: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يقال: حوّلُوا عنها
تَحْويلاً وحِوَلاً. قال الأَزهري: والتحويل مصدر حقيقي من حَوَّلْت، والحِوَل
اسم يقوم مقام المصدر؛ قال الله عز وجل: لا يَبْغُون عنها حِوَلاً؛ أَي
تَحْوِيلاً، وقال الزجاج: لا يريدون عنها تَحَوُّلاً. يقال: قد حال من
مكانه حِوَلاً، وكما قالوا في المصادر صَغُر صِغْراً، وعادَني حُبُّها
عِوَداً. قال: وقد قيل إِن الحِوَل الحِيلة، فيكون على هذا المعنى لا
يَحْتالون مَنْزِلاً غيرها، قال: وقرئ قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً، ولم يقل
قِوَماً مثل قوله لا يَبْغُون عنها حِوَلاً، لأَن قِيَماً من قولك قام
قِيَماً، كأَنه بني على قَوَم أَو قَوُم، فلما اعْتَلَّ فصار قام اعتل قِيَم،
وأَما حِوَل فكأَنه هو على أَنه جارٍ على غير فعل.
وحالَ الشيءُ حَوْلاً وحُؤولاً وأَحال؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
كلاهما: تَحَوَّل. وفي الحديث: من أَحالَ دخل الجنة؛ يريد من أَسلم لأَنه
تَحَوَّل من الكفر عما كان يعبد إِلى الإِسلام. الأَزهري: حالَ الشخصُ
يَحُول إِذا تَحَوَّل، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله. وفي حديث خيبر: فَحالوا
إِلى الحِصْن أَي تَحَوَّلوا، ويروى أَحالوا أَي أَقبلوا عليه هاربين، وهو
من التَّحَوُّل. وفي الحديث: إِذا ثُوِّب بالصلاة أَحال الشيطانُ له
ضُراط أَي تَحَوَّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ
لفعله. وفي الحديث: فاحْتالَتْهم الشياطين أَي نَقَلَتْهم من حال إِلى حال؛
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم وقد تقدم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فاسْتَحالَتْ غَرْباً أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً
عظيمة.والحَوالة: تحويل ماء من نهر إِلى نهر، والحائل: المتغير اللون. يقال:
رماد حائل ونَبات حائل. ورَجُل حائل اللون إِذا كان أَسود متغيراً. وفي
حديث ابن أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصلاة ثلاثة أَحْوال أَي غُيِّرت ثلاث
تغييرات أَو حُوِّلَت ثلاث تحويلات. وفي حديث قَباث بن
أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلاً أَي متغيراً. ومنه الحديث:
نهى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائلٍ أَي متغير قد غَيَّره البِلى، وكلُّ
متغير حائلٌ، فإِذا أَتت عليه السَّنَةُ فهو مُحِيل، كأَنه مأْخوذ من
الحَوْل السَّنَةِ. وتَحوَّل كساءَه. جَعَل فيه شيئاً ثم حَمَله على ظهره،
والاسم الحالُ. والحالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرجل على ظهره، ما كان وقد
تَحَوَّل حالاً: حَمَلها. والحالُ: الكارَةُ التي يَحْمِلها الرجل على
ظهره، يقال منه: تَحَوَّلْت حالاً؛ ويقال: تَحَوَّل الرجلُ إِذا حَمَل
الكارَة على ظَهْره. يقال: تَحَوَّلْت حالاً على ظهري إِذا حَمَلْت كارَة من
ثياب وغيرها. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال من الحيلة. وتَحَوَّل: تنقل من
موضع إِلى موضع آخر. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل من موضع إِلى موضع،
والاسم الحِوَل؛ ومنه قوله تعالى: خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلاً. والحال:
الدَّرَّاجة التي يُدَرَّج عليها الصَّبيُّ إِذا مشَى وهي العَجَلة التي
يَدِبُّ عليها الصبي؛ قال عبد الرحمن بن حَسَّان الأَنصاري:
ما زال يَنْمِي جَدُّه صاعِداً،
مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَالُ
يريد: ما زال يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحائل: كُلُّ شيء
تَحَرَّك في مكانه. وقد حالَ يَحُول.
واسْتحال الشَّخْصَ: نظر إِليه هل يَتَحرَّك، وكذلك النَّخْل. واسْتحال
واستحام لَمَّا أَحالَه أَي صار مُحالاً. وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحِيل
الجَهام أَي ننظر إِليه هل يتحرك أَم لا، وهو نَسْتَفْعِل من حالَ يَحُول
إِذا تَحَرَّك، وقيل: معناه نَطْلُب حال مَطَره، وقيل بالجيم، وقد تقدم.
الأَزهري: سمعت المنذري يقول: سمعت أَبا الهيثم يقول عن تفسير قوله لا
حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله قال: الحَوْل الحَركة، تقول: حالَ الشخصُ
إِذا تحرّك، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله، فكأَنَّ القائل إِذا قال لا
حَوْلَ ولا قُوَّة إِلاَّ بالله يقول: لا حَركة ولا استطاعة إِلا بمشيئة الله.
الكسائي: يقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة
إِلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حَوْلَ ولا قوة إِلا بالله، وفُسِّر
بذلك المعنى: لا حركة ولا قُوَّة إِلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحَوْل
الحِيلة، قال ابن الأَثير: والأَول أَشبه؛ ومنه الحديث: اللهم بك أَصُول
وبك أَحُول أَي أَتحرك، وقيل أَحتال، وقيل أَدفع وأَمنع، من حالَ بين
الشيئين إِذا منع أَحدهما من الآخر. وفي حديث آخر: بك أُصاوِل وبك أُحاوِل، هو
من المُفاعلة، وقيل: المُحاولة طلب الشيء بحِيلة.
وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تَلْقَح، وقيل: هي الناقة التي لم تَحْمِل
سنة أَو سنتين أَو سَنَوات، وكذلك كل حامل يَنْقَطِع عنها الحَمْل سنة
أَو سنوات حتى تَحْمِل، والجمع حِيال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع. وحائلُ حُولٍ وأَحْوال وحُولَلٍ أَي حائل أَعوام؛ وقيل: هو على
المبالغة كقولك رَجُلُ رِجالٍ، وقيل: إِذا حُمِل عليها سنة فلم تَلقَح
فهي حائل، فإِن لم تَحمِل سنتين فهي حائلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ على
حُولٍ وحُولَلٍ، وقد حالَتْ حُؤُولاً وحِيالاً وأَحالت وحَوَّلَت وهي
مُحَوِّل، وقيل: المُحَوِّل التي تُنْتَج سنة سَقْباً وسنة قَلوصاً. وامرأَة
مُحِيل وناقة مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إِذا ولدت غلاماً على أَثر
جارية أَو جارية على أَثر غلام، قال: ويقال لهذه العَكوم أَيضاً إِذا حَمَلت
عاماً ذكراً وعاماً أُنثى، والحائل: الأُنثى من أَولاد الإِبل ساعةَ
تُوضَع، وشاة حائل ونخْلة حائل، وحالت النخلةُ: حَمَلَتْ عاماً ولم تَحْمِل
آخر. الجوهري: الحائل الأُنثى من ولد الناقة لأَنه إِذا نُتِج ووقع عليه
اسم تذكير وتأْنيث فإِن الذكر سَقْب والأُنثى حائل، يقال: نُتِجت الناقةُ
حائلاً حسنة؛ ويقال: لا أَفعل ذلك ما أَرْزَمَت أُمُّ حائل، ويقال لولد
الناقة ساعةَ تُلْقيه من بطنها إِذا كانت أُنثى حائل، وأُمُّها أُمُّ
حائل؛ قال:
فتلك التي لا يبرَحُ القلبَ حُبُّها
ولا ذِكْرُها، ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حائل
والجمع حُوَّل وحَوائل. وأَحال الرجلُ إِذا حالت إِبلُه فلم تَحْمِل.
وأَحال فلانٌ إِبلَه العامَ إِذا لم يُصِبْها الفَحْل. والناس مُحِيلون
إِذا حالت إِبِلُهم. قال أَبو عبيدة: لكل ذي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان
يقطعهما قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ منها عاماً، وتَحُول القِطْعَةُ
الأُخرى فيُراوح بينهما في النَّتاج، فإِذا كان العام المقبل نَتَج
القِطْعةَ التي حالت، فكُلُّ قطعة نتَجها فهي كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن
نَتَجها كل عام. وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ
إِذا لم تَحْمِل؛ وناقة حائل ونوق حَوائل وحُولٌ وحُولَلٌ. وفي الحديث:
أَعوذ بك من شر كل مُلْقِح ومُحِيل؛ المُحِيل: الذي لا يولد له، من قولهم
حالت الناقةُ وأَحالت إِذا حَمَلْت عليها عاماً ولم تحْمِل عاماً. وأَحال
الرجلُ إِبِلَه العام إِذا لم يُضْرِبها الفَحْلَ؛ ومنه حديث أُم
مَعْبَد: والشاء عازب حِيال أَي غير حَواملَ. والحُول، بالضم: الحِيَال؛ قال
الشاعر:
لَقِحْن على حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً
من العَيْش، حتى كلُّهُنَّ مُمَتَّع
ويروى مُمَنَّع، بالنون. الأَصمعي: حالت الناقةُ فهي تَحُول حِيالاً
إِذا ضَرَبها الفحلُ ولم تَحْمِل؛ وناقة حائلة ونوق حِيال وحُول وقد حالَت
حَوالاً وحُؤُولاً
(* قوله «وقد حالت حوالاً» هكذا في الأصل مضبوطاً
كسحاب، والذي في القاموس: حؤولاً كقعود وحيالاً وحيالة بكسرهما) .
والحالُ: كِينَةُ الإنسان وهو ما كان عليه من خير أَو شر، يُذَكَّر
ويُؤَنَّث، والجمع أَحوال وأَحْوِلة؛ الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده:
وهي شاذة لأَن وزن حال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يُكَسَّر على أَفْعِلة.
اللحياني: يقال حالُ فلان حسَنة وحسَنٌ، والواحدة حالةٌ، يقال: هو بحالة سوءٍ،
فمن ذَكَّر الحال جمعه أَحوالاً، ومن أَنَّثَها جَمعَه حالات. الجوهري:
الحالة واحدة حالِ الإِنسان وأَحْوالِه. وتحَوَّله بالنصيحة والوَصِيَّة
والموعظة: توَخَّى الحالَ التي يَنْشَط فيها لقبول ذلك منه، وكذلك روى أَبو
عمرو الحديث: وكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، يَتَحَوَّلُنا
بالموعظة، بالحاء غير معجمة، قال: وهو الصواب وفسره بما تقدم وهي الحالة أَيضاً.
وحالاتُ الدهر وأَحْوالُه: صُروفُه. والحالُ: الوقت الذي أَنت فيه.
وأَحالَ الغَريمَ: زَجَّاه عنه إِلى غريم آخر، والاسم الحَوالة. اللحياني:
يقال للرجل إِذا تحَوَّل من مكان إِلى مكان أَو تحَوَّل على رجل بدراهم:
حالَ، وهو يَحُول حَوْلاً. ويقال: أَحَلْت فلاناً على فلان بدراهم أُحِيلُه
إِحالةً وإِحالاً، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرجل قلت حالَ يَحُول حَوْلاً.
واحْتال احْتِيالاً إِذا تَحَوَّل هو من ذات نَفْسِه. الليث: الحَوالة
إِحالَتُك غريماً وتحَوُّل ماءٍ من نهر إِلى نهر. قال أَبو منصور: يقال
أَحَلْت فلاناً بما لهُ عليَّ، وهو كذا درهماً، على رجل آخر لي عليه كذا
درهماً أُحِيلُه إِحالةً، فاحْتال بها عليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: وإِذا أُحِيل أَحدكم على آخر فَلْيَحْتَلْ. قال أَبو سعيد: يقال
للذي يُحال عليه بالحق حَيِّلٌ، والذي يَقْبَل الحَوالةَ حَيِّل، وهما
الحَيِّلانِ كما يقال البَيِّعان، وأَحالَ عليه بدَيْنِه والاسم
الحَوالة.والحال: التراب اللَّيِّن الذي يقال له السَّهْلة. والحالُ: الطينُ
الأَسود والحَمْأَةُ. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، قال لما قال فرعون
آمنت أَنه لا إِله إِلا الذي آمنت به بنو إِسرائيل: أَخَذْتُ من حال
البحر فضَرَبْتُ به وجهه، وفي رواية: فحشَوْت به فمه. وفي التهذيب: أَن
جبريل، عليه السلام، لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلاَّ الذي آمنت به
بنو إِسرائيل، أَخَذَ من حالِ البحر وطِينِه فأَلْقَمَه فاه؛ وقال
الشاعر:وكُنَّا إِذا ما الضيفُ حَلَّ بأَرضِنا،
سَفَكْنا دِماءَ البُدْن في تُرْبَة الحال
وفي حديث الكوثر: حالُه المِسْكُ أَي طِينُه، وخَصَّ بعضهم بالحال
الحَمْأَة دون سائر الطين الأَسود. والحالُ: اللَّبَنُ؛ عن كراع. والحال:
الرَّماد الحارُّ. والحالُ: ورق السَّمُر يُخْبَط في ثوب ويُنْفَض، يقال:
حالٌ من وَرَقٍ ونُفاض من ورق. وحالُ الرجلِ: امرأَته؛ قال الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حالَكَ غير عَصْر،
وأَفسد صُنْعَها فيك الوَجِيف
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غير وقت ذكرها؛ وأَنشد الأَزهري:
يا رُبَّ حالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع،
تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِناع
والمَحالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عليها، والجمع مَحالٌ ومَحاوِل.
والمَحالة والمَحال: واسِطُ الظَّهْر، وقيل المَحال الفَقار، واحدته مَحالة،
ويجوز أَن يكون فَعالة.
والحَوَلُ في العين: أَن يظهر البياض في مُؤْخِرها ويكون السواد من
قِبَل الماقِ، وقيل: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة على الأَنف، وقيل: هو ذَهاب
حدقتها قِبَلَ مُؤْخِرها، وقيل: الحَوَل أَن تكون العين كأَنها تنظر إِلى
الحِجاج، وقيل: هو أَن تميل الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وقد حَوِلَت وحالَت
تَحال واحْوَلَّت؛ وقول أَبي خراش:
إِذا ما كان كُسُّ القَوْمِ رُوقاً،
وحالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير
(* قوله «إذا ما كان» تقدم في ترجمة كسس: إذا ما حال، وفسره بتحوّل).
قيل: معناه انقلبت، وقال محمد بن حبيب: صار أَحْوَل، قال ابن جني: يجب
من هذا تصحيح العين وأَن يقال حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هذه الأَفعال
في معنى ما لا يخرج إِلا على الصحة، وهو احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ،
فعلى قول محمد ينبغي أَن يكون حالَت شاذّاً كما شذ اجْتارُوا في معنى
اجْتَوَرُوا. الليث: لغة تميم حالَت عَيْنُه تَحُول
(* قوله «لغة تميم حالت
عينه تحول» هكذا في الأصل، والذي في القاموس وشرحه: وحالت تحال، وهذه لغة
تميم كما قاله الليث).
حولاً، وغيرهم يقول: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلاً. واحْوَلَّت
أَيضاً، بتشديد اللام، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عن الكسائي. وجَمْع الأَحول
حُولان. ويقال: ما أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وقد حَوِلَ حَوَلاً قبيحاً، مصدر
الأَحْوَلِ. ورجل أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جاء على الأَصل لسلامة فعله،
ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها، فكأَن
فَعِلاَ فَعِيل، فكما يصح نَحْوُ طَوِيل كذلك يصح حَوِلٌ من حيث شبهت
فتحة العين بالأَلف من بعدها. وأَحالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها
حَوْلاء، وإِذا كان الحَوَل يَحْدُث ويذهب قيل: احْوَلَّت عينُه احْوِلالاً
واحْوالَّت احْوِيلالاً. والحُولة: العَجَب؛ قال:
ومن حُولِة الأَيَّام والدهر أَنَّنا
لنا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر
ويوصف به فيقال: جاء بأَمرٍ حُولة.
والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ من الناقة: كالمَشِيمة للمرأَة، وهي جِلْدةٌ
ماؤها أَخضر تَخْرج مع الولد وفيها أَغراس وعروق وخطوط خُضْر وحُمْر، وقيل:
تأْتي بعد الولد في السَّلى الأَول، وذلك أَول شيء يخرج منه، وقد تستعمل
للمرأَة، وقيل: الحِوَلاء الماء الذي يخرج على رأْس الولد إِذا وُلِد،
وقال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بالكسر ممدوداً إِلا حِوَلاء وعِنَباء
وسِيَراء، وحكى ابن القُوطِيَّة خِيَلاء، لغة في خُيَلاء؛ حكاه ابن بري؛
وقيل: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دلو عظيمة مملوءة ماء
وتَتَفَقَّأُ حين تقع إِلى الأَرض، ثم يخْرُج السَّلى فيه القُرْنتان، ثم
يخرج بعد ذلك بيوم أَو يومين الصَّآة، ولا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً ما كان في
الرحم شيء من الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء:
الماء الذي في السَّلى. وقال ابن السكيت في الحُولاء: الجلدة التي تخرج على
رأْس الولد، قال: سميت حُوَلاءَ لأَنها مشتملة على الولد؛ قال الشاعر:
على حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فيها،
فَراها الشَّيْذُمانُ عن الجَنِين
ابن شميل: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لما يخرج من جَوْف الولد وهو فيها، وهي
أَعْقاؤه، الواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أُمه بعضه
أَسود وبعضه أَصفر وبعضه أَخضر. وقد عَقى الحُوارُ يَعْقي إِذا نَتَجَتْه
أُمُّه فما خَرَج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشجر. ونَزَلُوا في مثل
حُوَلاء الناقة وفي مثل حُوَلاء السَّلى: يريدون بذلك الخِصْب والماء لأَن
الحُوَلاء مَلأَى ماءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مثل الحُوَلاء إِذا اخضرَّت
وأَظلمت خُضْرةً، وذلك حين يَتَفَقَّأُ بعضها وبعض لم يتفقأُ؛ قال:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زان جَنابَه
نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد
واحْوالَّت الأَرضُ إِذا اخضرَّت واستوى نباتها. وفي حديث الأَحنف: إِن
إِخواننا من أَهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلاء الناقة من ثِمارٍ
مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة أَي نزلوا في الخِصْب، تقول العرب: تركت أَرض
بني فلان كحُوَلاء الناقة إِذا بالغت في وصفها أَنها مُخْصِبة، وهي من
الجُلَيْدة الرقيقة التي تخرج مع الولد كما تقدم.
والحِوَل: الأُخدود الذي تُغْرَس فيه النخل على صَفٍّ.
وأَحال عليه: اسْتَضْعَفه. وأَحال عليه بالسوط يضربه أَي أَقبل.
وأَحَلْتُ عليه بالكلام: أَقبلت عليه. وأَحال الذِّئبُ على الدم: أَقبل عليه؛
قال الفرزدق:
فكان كذِئْب السُّوءِ، لما رأَى دماً
بصاحبه يوماً، أَحالَ على الدم
أَي أَقبل عليه؛ وقال أَيضاً:
فَتًى ليس لابن العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى
بصاحبه، يَوْماً، دَماً فهو آكلُه
وفي حديث الحجاج: مما أَحال على الوادي أَي ما أَقبل عليه، وفي حديث
آخر: فجعلوا يضحكون ويُحِيل بعضهُم على بعض أَي يُقْبل عليه ويَمِيل إِليه.
وأَحَلْت الماء في الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قال لبيد:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبا سُناةٍ،
يُحِيلون السِّجال على السِّجال
وأَحالَ عليه الماء: أُفْرَغَه؛ قال:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه،
حَبْوَ الجَواري، تَرى في مائه نُطُقا
أَبو الهيثم فيما أَكْتَبَ ابْنَه: يقال للقوم إِذا أَمْحَلوا فَقَلَّ
لبنُهم: حالَ صَبُوحهُم على غَبُوقِهم أَي صار صَبُوحهم وغَبُوقُهم
واحداً. وحال: بمعنى انْصَبَّ. وحال الماءُ على الأَرض يَحُول عليها حوْلاً
وأَحَلْتُه أَنا عليها أُحِيله إِحالة أَي صَبَبْتُه. وأَحال الماءَ من
الدلو أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
وأَحال الليلُ: انْصَبَّ على الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة
نخل:
لا تَرْهَبُ الذِّئبَ على أَطْلائها،
وإِن أَحالَ الليلُ مِنْ وَرائها
يعني أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، والذئاب لا تأْكل الفَسِيل
فهي لا تَرْهَبها عليها، وإِن انْصَبَّ الليل من ورائها وأَقبل. والحالُ:
موضع اللِّبْد من ظَهْر الفرس، وقيل: هي طَرِيقة المَتْن؛ قال:
كأَنَّ غلامي، إِذ عَلا حالَ مَتْنِه
على ظَهْرِ بازٍ في السماء، مُحَلِّق
وقال امرؤ القيس:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه
ابن الأَعرابي: الحالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ التي
يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الذي يُعْقَد للأُمراء، وفيه ثلاث لغات:
الخال، بالخاء المعجمة، وهو أَعْرَقُها، والحال والجَالُ. والحَالُ: لحم
باطن فخذ حمار الوحش. والحال: حال الإِنسان. والحال: الثقل. والحال:
مَرْأَة الرَّجُل. والحال: العَجَلة التي يُعَلَّم عليها الصبي المشي؛ قال
ابن بري: وهذه أَبيات تجمع معاني الحال:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هل أُكْسَى شِعارَ تُقًى،
والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالاً بَعْدَما حال
أَي شيئاً بعد شيء.
فكلما ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى
نفسي تميل، فَنَفْسِي بالهوى حالي
حالٍ: من الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
ليست تَسُودُ غَداً سُودُ النفوس، فكَمْ
أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحال
الحال هنا: التراب.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بالنفس تَنْقُلُها
عن حالها، كصَبيٍّ راكبِ الحال
الحالُ هنا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يوم الحَشْرِ من جَدَثٍ
بما جَنى، وعلى ما فات من حال
الحال هنا: مَذْهَب خير أَو شر.
لو كنتُ أَعْقِلُ حالي عَقْلَ ذي نَظَر،
لكنت مشتغلاً بالوقت والحال
الحال هنا: الساعة التي أَنت فيها.
لكِنَّني بلذيذ العيش مُغْتَبِطٌ،
كأَنما هو شَهْدٌ شِيب بالحال
الحال هنا: اللَّبَن؛ حكاه كراع فيما حكاه ابن سيده
ماذا المُحالُ الذي ما زِلْتُ أَعْشَقُه،
ضَيَّعْت عَقْلي فلم أُصْلِح به حالي
حال الرجل: امرأَته وهي عبارة عن النفس هنا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً ما له طَرَفٌ،
فيا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِّء الحال
حالُ الفَرَس: طرائق ظَهْره، وقيل مَتْنُه.
يا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذنب أَجْمَعَه،
حَتَّى يَجِزَّ من الآراب كالحال
الحال هنا: وَرَق الشجر يَسْقُط. الأَصمعي: يقال ما أَحْسَنَ حالَ
مَتْنِ الفَرَس وهو موضع اللِّبْد، والحال: لَحْمة المَتْن.
الأَصمعي: حُلْت في مَتْن الفرس أَحُول حُؤُولاً إِذا رَكِبْتَه، وفي
الصحاح: حال في مَتْنِ فرسه حُؤولاً إِذا وَثَبَ ورَكِب. وحال عن ظَهْر
دابته يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال ومال. ابن سيده وغيره: حال في ظهر
دابته حَوْلاً وأَحالَ وَثَب واستوى على ظَهْرها، وكلام العرب حالَ على
ظهره وأَحال في ظهره. ويقال: حالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وهو الظَّهْر
بعينه. الجوهري: أَحال في مَتْن فرسه مثل حال أَي وَثَب؛ وفي المثل:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحال يَعْدُو
أَي تَرَكَ الخِصْبَ واختار عليه الشَّقاء. ويقال: إِنه لَيَحُول أَي
يجيء ويذهب وهو الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صارت شدّة الحَرّ في
وسط السماء؛ قال ذو الرمة:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الفلا في رؤوسه،
إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النجوم الشَّوابك
قال أَبو منصور: وحَوَّلت بمعنى تَحَوَّلت، ومثله وَلَّى بمعنى تَولَّى.
وأَرض مُحْتالة إِذا لم يصبها المطر.
وما أَحْسَن حَوِيلَه، قال الأَصمعي: أَي ما أَحسن مذهبه الذي يريد.
ويقال: ما أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته
والحِيال: خيط يُشدُّ من بِطان البعير إِلى حَقَبه لئلا يقع الحَقَب على
ثِيلِه. وهذا حِيالَ كلمتك أَي مقابلَةَ كلمتك؛ عن ابن الأَعرابي ينصبه
على الظرف، ولو رفعه على المبتدإِ والخبر لجاز، ولكن كذا رواه عن العرب؛
حكاه ابن سيده. وقعد حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الواو.
والحَوِيل: الشاهد. والحَوِيل: الكفِيل، والاسم الحَوَالة. واحْتال عليه
بالدَّين: من الحَوَالة. وحَاوَلْت الشيء أَي أَردته، والاسم الحَوِيل؛
قال الكميت:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى
تُحَمَّق، وهي كَيِّسة الحَوِيل
قال: يعني الرَّخَمَة. وحَوَّله فَتَحَوَّل وحَوَّل أَيضاً بنفسه،
يتعدّى ولا يتعدّى؛ قال ذو الرمة يصف الحرباء:
يَظَلُّ بها الحِرْباء للشمس مائلاً
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّر
إِذا حَوَّل الظِّلُّ، العَشِيَّ، رأَيته
حَنِيفاً، وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر
يعني تَحَوَّل، هذا إِذا رفعت الظل على أَنه الفاعل، وفتحت العشي على
الظرف، ويروى: الظِّلَّ العَشِيُّ على أَن يكون العَشِيّ هو الفاعل والظل
مفعول به؛ قال ابن بري: يقول إِذا حَوَّل الظل العشيّ وذلك عند ميل الشمس
إِلى جهة المغرب صار الحرباء متوجهاً للقبلة، فهو حَنِيف، فإِذا كان في
أَوَّل النهار فهو متوجه للشرق لأَن الشمس تكون في جهة المشرق فيصير
مُتَنَصِّراً، لأَن النصارى تتوجه في صلاتها جهة المشرق. واحْتال المنزلُ:
مَرَّت عليه أَحوال؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ من دار تَحَمَّل أَهلُها
أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وطال احْتِيالُها
واحتال أَيضاً: تغير؛ قال النمر:
مَيْثاء جاد عليها وابلٌ هَطِلٌ،
فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام
وحاوَلْت له بصري إِذا حَدَّدته نحوه ورميته به؛ عن اللحياني. وحالَ
لونُه أَي تغير واسْوَدَّ. وأَحالت الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عليها حَوْلٌ،
وكذلك الطعام وغيره، فهو مُحِيل؛ قال الكميت:
أَلَم تُلْمِم على الطَّلَل المُحِيل
بفَيْدَ، وما بُكاؤك بالطُّلول؟
والمُحِيل: الذي أَتت عليه أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نفسه على الوقوف
والبكاء في دار قد ارتحل عنها أَهلها متذكراً أَيَّامهم مع كونه أَشْيَبَ
غير شابٍّ ؛ وذلك في البيت بعده وهو:
أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دار
تُسائل ما أَصَمَّ عن السَّؤُول؟
أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل ما أَصَمَّ أَي تُسائل ما
لا يجيب فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي النجم:
يا صاحِبَيَّ عَرِّجا قليلا،
حتى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا
وأَنشد ابن بري لعمر بن لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ على الطَّلَل المُحِيل،
بغَرْبِيِّ الأَبارق من حَقِيل؟
قال ابن بري: وشاهد المُحْوِل قول عمر بن أَبي ربيعة:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِلا،
والرَّسْمَ من أَسماءَ والمَنْزِلا،
بجانب البَوْباةِ لم يَعْفُه
تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا
قال: تقديره قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، من أَهَله
الله؛ وقال الأَــخوص:
أَلْمِمْ على طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ
وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطَّرْف لو دَبَّ مُحْوِلٌ،
من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها، لأَثّرا
أَبو زيد: فلان على حَوْل فلان إِذا كان مثله في السِّن أَو وُلِد على
أَثره. وحالت القوسُ واستحالت، بمعنى، أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت
عليها وحَصَل في قابِها اعوجاج.
وحَوَال: اسم موضع؛ قال خِراش بن زهير:
فإِني دليل، غير مُعْط إِتاوَةً
على نَعَمٍ تَرْعى حَوالاً وأَجْرَبا
الأَزهري في الخماسي: الحَوَلْولة الكَيِّسة، وهو ثلاثي الأَصل أُلحق
بالخماسي لتكرير بعض حروفها. وبنو حَوالة: بطن. وبنو مُحَوَّلة: هم بنو
عبدالله بن غَطَفان وكان اسمه عبد العُزَّى فسماه سيدنا رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، عبدالله فسُمُّوا بني مُحَوَّلة لذلك. وحَوِيل: اسم موضع؛
قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونها
حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب
أذن: أَذِنَ بالشيء إذْناً وأَذَناً وأَذانةً: عَلِم. وفي التنزيل
العزيز: فأْذَنوا بحَرْبٍ من الله ورسوله؛ أَي كونوا على عِلْمٍ. وآذَنَه
الأَمرَ وآذَنه به: أَعْلَمَه، وقد قُرئ: فآذِنوا بحربٍ من الله؛ معناه أَي
أَعْلِمُوا كلَّ مَن لم يترك الرِّبا بأَنه حربٌ من الله ورسوله. ويقال:
قد آذَنْتُه بكذا وكذا، أُوذِنُه إيذاناً وإذْناً إذا أَعْلَمْته، ومن
قرأَ فأْذَنُوا أَي فانْصِتُوا. ويقال: أَذِنْتُ لفلانٍ في أَمر كذا وكذا
آذَنُ له إِذْناً، بكسر الهمزة وجزمِ الذال، واسْتَأْذَنْتُ فلاناً
اسْتِئْذاناً. وأَذَّنْتُ: أَكْثرْتُ الإعْلامَ بالشيء. والأَذانُ: الإعْلامُ.
وآذَنْتُكَ بالشيء: أَعْلمتُكه. وآذَنْتُه: أَعْلَمتُه. قال الله عز وجل:
فقل آذَنْتُكم على سواءٍ؛ قال الشاعر:
آذَنَتْنا ببَيْنِها أَسْماءُ
وأَذِنَ به إِذْناً: عَلِمَ به. وحكى أَبو عبيد عن الأَصمعي: كونوا على
إِذْنِهِ أَي على عِلْمٍ به. ويقال: أَذِنَ فلانٌ يأْذَنُ به إِذْناً إذا
عَلِمَ. وقوله عز وجل: وأَذانٌ من الله ورسولِهِ إلى الناسِ؛ أَي
إعْلامٌ. والأَذانُ: اسمٌ يقوم مقامَ الإيذانِ، وهو المصدر الحقيقي. وقوله عز
وجل: وإِذ تأَذَّنَ ربُّكم لئن شَكرتُم لأَزيدنَّكم؛ معناه وإِذ عَلِمَ
ربُّكم، وقوله عز وجل: وما هُمْ بِضارِّينَ به من أَحدٍ إلاَّ بإِذْنِ
الله؛ معناه بِعلْمِ الله، والإذْنُ ههنا لا يكون إلاَّ من الله، لأَن الله
تعالى وتقدَّس لا يأْمر بالفحشاء من السحْرِ وما شاكَلَه. ويقال: فَعلْتُ
كذا وكذا بإِذْنِه أَي فعلْتُ بعِلْمِه، ويكون بإِذْنِه بأَمره. وقال
قومٌ: الأَذينُ المكانُ يأْتيه الأَذانُ من كلِّ ناحيةٍ؛ وأَنشدوا:
طَهُورُ الحَصَى كانت أَذيناً، ولم تكُنْ
بها رِيبةٌ، مما يُخافُ، تَريبُ
قال ابن بري: الأَذِينُ في البيت بمعنى المُؤْذَنِ، مثل عَقِيدٍ بمعنى
مُعْقَدٍ، قال: وأَنشده أَبو الجَرّاح شاهداً
على الأَذِينِ بمعنى الأَذانِ؛ قال ابن سيده: وبيت امرئ القيس:
وإني أَذِينٌ، إنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكاً،
بسَيْرٍ ترَى فيه الفُرانِقَ أَزْوَارَا
(* في رواية أخرى: وإني زعيمٌ). أَذينٌ فيه: بمعنى مُؤْذِنٍ، كما قالوا
أَليم ووَجيع بمعنى مُؤْلِم ومُوجِع. والأَذِين: الكفيل. وروى أَبو عبيدة
بيت امرئ القيس هذا وقال: أَذِينٌ
أَي زَعيم. وفَعَلَه بإِذْني وأَذَني أَي بِعلْمي. وأَذِنَ له في الشيءِ
إِذْناً: أَباحَهُ له. واسْتَأْذَنَه: طَلَب منه الإذْنَ. وأَذِنَ له
عليه: أَخَذَ له منه الإذْنَ. يقال: ائْذَنْ لي على الأمير؛ وقال الأَغَرّ
بن عبد الله بن الحرث: وإني إذا ضَنَّ الأَمِيرُ بإِذْنِه
على الإذْنِ من نفْسي، إذا شئتُ، قادِرُ
وقول الشاعر:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها
تِيذَنْ، فإني حَمْؤُها وجارُها.
قال أَبو جعفر: أَراد لِتأْذَنْ، وجائز في الشِّعر حذفُ اللام وكسرُ
التاء على لغة مَن يقولُ أَنتَ تِعْلَم، وقرئ: فبذلك فَلْتِفْرَحوا.
والآذِنُ: الحاجِبُ؛ وقال: تَبَدَّلْ بآذِنِكَ المُرْتَضَى
وأَذِنَ له أَذَناً: اسْتَمَعَ؛ قال قَعْنَبُ بنُ أُمّ صاحِبٍ:
إن يَسْمَعُوا رِيبةً طارُوا بها فَرَحاً
منّي، وما سَمعوا من صالِحٍ دَفَنُوا
صُمٌّ إذا سمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به،
وإنْ ذُكِرْتُ بشَرٍّ عنْدَهم أَذِنوا
قال ابن سيده: وأَذِنَ إليه أَذَناً استمع. وفي الحديث: ما أَذِنَ اللهُ
لشيءٍ كأَذَنِهِ لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآن؛ قال أَبو عبيد: يعني ما
استمَعَ اللهُ لشيء كاستِماعِهِ لِنَبيٍّ يتغنَّى بالقرآن أَي يتْلوه
يَجْهَرُ به. يقال: أَذِنْتُ للشيء آذَنُ له أَذَناً
إذا استمَعْتَ له؛ قال عديّ:
أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ،
إنَّ همِّي في سماعٍ وأَذَنْ
وقوله عز وجل: وأَذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ؛ أَي اسْتَمعَتْ. وأَذِنَ
إليهِ أَذَناً: استمع إليه مُعْجباً؛ وأَنشد ابن بري لعمرو بن الأَهْيَم:
فلَمَّا أَنْ تسَايَرْنا قَليلاً،
أَذِنَّ إلى الحديثِ، فهُنَّ صُورُ
وقال عديّ:
في سَماعٍ يَأْذَنُ الشَّيخُ له،
وحديثٍ مثْل ماذِيٍّ مُشار
وآذَنَني الشيءُ: أَعْجَبَنِي فاستَمعْتُ له؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلا وأَبيك خَيْر منْك، إني
لَيُؤْذِنُني التَّحَمْحُمُ والصَّهِيلُ
وأَذِنَ للَّهوْ: اسْتَمع ومالَ. والأُذْنُ والأُذُنُ، يخفَّف
ويُثَقَّل: من الحواسّ أُنثى، والذي حكاه سيبويه أُذْن، بالضم، والجمع آذانٌ لا
يُكسَّر على غير ذلك، وتصغيرها أُذَيْنة، ولو سَمَّيْت بها رجلاً ثم
صغَّرْته قلت أُذَيْن، فلم تؤَنِّث لزوالِ التأْنيث عنه بالنقل إلى المذكر،
فأَما قولهم أُذَيْنة في الاسم العلم فإنما سمي به مصغَّراً. ورجل أُذْنٌ
وأُذُنٌ: مُسْتَمِع لما يُقال له قابلٌ له؛ وصَفُو به كما قال:
مِئْبَرة العُرْقُوبِ أَشْفَى المِرْفَق
فوصف به لأَن في مِئْبَرةٍ وأَشْفى معنى الحِدَّة. قال أَبو علي: قال
أَبو زيد رجل أُذُنٌ ورجال أُذُنٌ، فأُذُنٌ
للواحد والجمع في ذلك سواء إذا كان يسمع مقالَ كلّ أَحد. قال ابن بري:
ويقال رجل أُذُنٌ وامرأَة أُذُنٌ، ولا يثنى ولا يجمع، قال: وإنما سمَّوه
باسم العُضْو تَهْويلاً وتشنيعاً كما قالوا للمرأَة: ما أَنتِ إلا بُطَين.
وفي التنزيل العزيز: ويقولون هو أُذُنٌ قل أُذُنٌ خيرٍ لكم؛ أَكثرُ
القرّاء يقرؤون قل أُذُنٌ خير لكم، ومعناه وتفْسيرُه أَن في المُنافِقينَ من
كان يَعيب النبي، صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن بَلَغَه عني شيء حَلَفْت
له وقَبِلَ مني لأَنه أُذُنٌ، فأَعْلَمه الله تعالى أَنه أُذُنُ خيرٍ لا
أُذُنُ شرٍّ. وقوله تعالى: أُذُنُ خيرٍ لكم، أي مُسْتَمِعُ خيرٍ لكم، ثم
بيّن ممن يَقْبَل فقال تعالى: يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين؛ أََي يسمع
ما أَنزَلَ الله عليه فيصدِّق به ويصدِّق المؤمنين فيما يخبرونه به. وقوله
في حديث زيد بن أَرْقَم: هذا الذي أَوْفَى الله بأُذُنِه أَي أَظهرَ
صِدْقَه في إِخْبارِه عما سمعَتْ أُذُنه. ورجل أُذانِيّ وآذَنُ: عظيمُ
الأُذُنَيْنِ طويلُهما، وكذلك هو من الإبلِ والغنم، ونَعْجةٌ أَذْناءُ وكَبْشٌ
آذَنُ. وفي حديث أَنس: أَنه قال له يا ذا الأُذُنَيْنِ؛ قالَ ابن
الأَثير: قيل معناه الحضُّ على حُسْنِ الاستِماعِ والوَعْي لأَن السَّمْعَ
بحاسَّة الأُذُنِ، ومَنْ خلَق الله له أُذُنَيْنِ فأََغْفَلَ الاستِماع ولم
يُحْسِن الوَعْيَ لم يُعْذَرْ، وقيل: إن هذا القول من جملة مَزْحه، صلى
الله عليه وسلم، ولَطيف أَخلاقه كما قال للمرأَة عن زوجها: أَذاك الذي في
عينِه بياضٌ؟ وأَذَنَه أَذْناً، فهو مأْذونٌ: أَصاب أُذُنَه، على ما
يَطَّرِد في الأَعضاء. وأَذَّنَه: كأَذَنَه أَي ضرَب أُذُنَه، ومن كلامهم: لكل
جابهٍ جَوْزةٌ ثم يُؤَذَّنُ؛ الجابهُ: الواردُ، وقيل: هو الذي يَرِدُ
الماء وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ، والجَوْزةُ: السَّقْية من الماء،
يَعْنُون أَن الواردَ إذا ورَدَهم فسأَلهم أَن يَسْقوه ماءً لأَهله وماشيتِه
سَقَوْه سقْيةً واحدة، ثم ضربوا أُذُنَه إعْلاماً أَنه ليس عندهم أَكثرُ
من ذلك. وأُذِنَ: شكا أُذُنَه؛ وأُذُنُ القلبِ والسهمِ والنَّصْلِ كلُّه
على التشبيه، ولذلك قال بعض المُحاجِين: ما ذُو ثلاث آذان يَسْبِقُ
الخَيْل بالرَّدَيان؟ يعني السَّهمَ. وقال أَبو حنيفة: إذا رُكِّبت القُذَذُ
على السهم فهي آذانُه. وأُذُنُ كلّ شيء مَقْبِضُه، كأُذُنِ الكوز والدَّلْو
على التشبيه، وكلُّه مؤنث. وأُذُنُ العَرفج والثُّمام: ما يُخَدُّ منه
فيَنْدُرُ إذا أَــخْوَصَ، وذلك لكونه على شكل الأُذُنِ. وآذانُ الكيزانِ:
عُراها، واحدَتها أُذُنٌ. وأُذَيْنةُ: اسم رَجُلٍ، ليست مُحَقَّرة على
أُذُن في التسمية، إذ لو كان كذلك لم تلحق الهاء وإنما سُمّيَ بها مُحَقَّرة
من العُضْو، وقيل: أُذَيْنة اسمُ ملِك من ملوك اليمن. وبنو أُذُنٍ: بطنٌ
من هوازن. وأُذُن النَّعْل: ما أَطافَ منها بالقِبال. وأَذَّنْتُها:
جعلتُ لها أُذُناً. وأَذَّنْتُ الصبيَّ: عرَكْتُ أُذُنَه. وأُذُنُ الحمارِ:
نبتٌ له ورق عَرْضُه مثل الشِّبْر، وله أَصل يؤكل أَعظم من الجَزرة مثل
الساعد، وفيه حلاوة؛ عن أَبي حنيفة. والأَذانُ والأَذِينُ والتَّأْذِينُ:
النّداءُ إلى الصلاة، وهو الإعْلام بها وبوقتها. قال سيبويه: وقالوا
أَذَّنْت وآذَنْتُ، فمن العرب من يجعلهما بمعنىً، ومنهم من يقول أَذَّنْت
للتصويت بإعْلانٍ، وآذَنْتُ أََعلمْت. وقوله عز وجل: وأَذِّنْ في الناس
بالحجّ؛ روي أَنَّ أَذان إبراهيم، عليه السلام، بالحج أَن وقَف بالمَقام
فنادى: أَيّها الناس، أَجيبُوا الله، يا عباد الله، أَطيعوا الله، يا عباد
الله، اتقوا الله، فوَقَرَتْ في قلب كل مؤمن ومؤمنة وأَسْمَعَ ما بين
السماء والأَرض، فأَجابه مَن في الأَصْلاب ممّن كُتِب له الحج، فكلّ من حجّ
فهو ممن أَجاب إبراهيم، عليه السلام. وروي أَن أَذانه بالحجّ كان: يا أَيها
الناس كتب عليكم الحجّ. والأَذِينُ: المُؤذِّنُ؛ قال الحُصَينُ بن
بُكَيْر الرَّبْعيّ يصف حمارَ وحش:
شَدَّ على أَمر الورُودِ مِئْزَرَهْ
سَحْقاً، وما نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ السَّحْقُ: الطَّرْدُ.
والمِئْذنةُ: موضعُ الأَذانِ للصلاة. وقال اللحياني: هي المنارةُ، يعني
الصَّومعةَ. أَبو زيد: يقال للمنارة المِئْذَنة والمُؤْذَنة؛ قال الشاعر:
سَمِعْتُ للأَذانِ في المِئْذَنَهْ وأَذانُ الصلاة: معروف، والأَذِينُ
مثله؛ قال الراجز:
حتى إذا نُودِيَ بالأَذِين
وقد أذَّنَ أَذاناً وأَذَّنَ المُؤذِّن تأْذيناً؛ وقال جرير يهجو
الأَخطل:
إنّ الذي حَرَمَ الخِلافَةَ تَغْلِباً،
جعلَ الخِلافةَ والنُّبوَّةَ فينا
مُضَرٌ أَبي وأَبو الملوكِ، فهل لكم،
يا خُزْرَ تَغْلِبَ، من أَبٍ كأَبِينا؟
هذا ابنُ عمِّي في دِمَشْقَ خليفةٌ،
لو شِئْتُ ساقَكمُ إليّ قَطينا
إنّ الفَرَزْدَقَ، إذ تَحَنَّفَ كارِهاً،
أَضْحَى لِتَغْلِبَ والصَّلِيبِ خَدِينا
ولقد جَزِعْتُ على النَّصارى، بعدما
لَقِيَ الصَّليبُ من العذاب معِينا
هل تَشْهدون من المَشاعر مَشْعراً،
أَو تسْمَعون من الأَذانِ أََذِينا؟
ويروى هذا البيت: هل تَمْلِكون من المشاعِرِ مشعراً، أَو تَشْهدون مع
الأَذان أذينا؟ ابن بري: والأَذِينُ ههنا بمعنى الأَذانِ أَيضاً. قال: وقيل
الأَذينُ هنا المُؤَذِّن، قال: والأَذينُ أيضاً المُؤذّن للصلاة؛ وأَنشد
رجز الحُصَين بن بُكَير الرَّبعي:
سَحْقاً، وما نادَى أَذينُ المَدَرَهْ
والأَذانُ: اسمُ التأْذين، كالعذاب اسم التّعذيب. قال ابن الأَثير: وقد
ورد في الحديث ذكر الأَذان، وهو الإعلام بالشيء؛ يقال منه: آذَنَ يُؤْذِن
إيذاناً، وأَذّنَ يُؤذّن تأْذِيناً، والمشدّدُ مخصوصٌ في الاستعمال
بإعلام وقت الصلاة. والأَذانُ: الإقامةُ. ويقال: أَذَّنْتُ فلاناً تأْذيناً
أَي رَدَدْتُه، قال: وهذا حرفٌ غريب؛ قال ابن بري: شاهدُ الأَذانِ قولُ
الفرزدق:
وحتى علا في سُور كلِّ مدينةٍ
مُنادٍ يُنادِي، فَوْقَها، بأَذان
وفي الحديث: أَنّ قوماً أَكلوا من شجرةٍ فحمَدوا فقال، عليه السلام:
قرِّسُوا الماء في الشِّنانِ وصُبُّوه عليهم فيما بين الأَذانَيْن؛ أَراد
بهما أَذانَ الفجر والإقامَة؛ التَّقْريسُ: التَّبْريدُ، والشِّنان:
القِرَبْ الخُلْقانُ. وفي الحديث: بين كلّ أَذانَيْن صلاةٌ؛ يريد بها السُّنَن
الرواتبَ التي تُصلَّى بين الأَذانِ والإقامةِ قبل الفرض. وأَذَّنَ
الرجلَ: ردَّه ولم يَسْقِه؛ أَنشد ابن الأَعرابي: أَذَّنَنا شُرابِثٌ رأْس
الدَّبَرْ
أَي رَدَّنا فلم يَسْقِنا؛ قال ابن سيده: وهذا هو المعروف، وقيل:
أَذَّنه نَقَر أُذُنَه، وهو مذكور في موضعه. وتَأَذَّنَ لَيَفعَلنَّ أَي
أَقسَم. وتَأَذَّنْ أَي أعْلم كما تقول تَعَلَّم أَي اعْلَم؛ قال:
فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّ للصَّيْد غرّةً،
وإلاّ تُضَيِّعْها فإنك قاتِلُهْ
وقوله عز وجل: وإذ تأَذَّنَ ربُّك؛ قيل: تَأَذَّن تأَلَّى، وقيل:
تأَذَّنَ أَعْلَم؛ هذا قول الزجاج. الليث: تأَذَّنْتُ لأَفعلنَّ كذا وكذا يراد
به إيجابُ الفعل، وقد آذَنَ وتأَذَّنَ بمعنًى، كما يقال: أَيْقَن
وتَيَقَّنَ. ويقال: تأَذَّنَ الأَميرُ في الناس إذا نادى فيهم، يكون في التهديد
والنَّهيْ، أَي تقدَّم وأَعْلمَ. والمُؤْذِنُ: مثل الذاوي، وهو العودُ
الذي جَفَّ وفيه رطوبةٌ. وآذَنَ العُشْبُ إذا بَدَأَ يجِفّ، فتَرى بعضَه
رطْباً وبعضه قد جَفّ؛ قال الراعي:
وحارَبَتِ الهَيْفُ الشَّمالَ وآذَنَتْ
مَذانِبُ، منها اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ
التهذيب: والأذَنُ التِّبْنُ، واحدته أَذَنةٌ. وقال ابن شُميل: يقال هذه
بقلةٌ تجِدُ بها الإبلُ أَذَنةً شديدة أَي شَهْوةً شديدة. والأََذَنَةُ:
خوصــةُ الثُّمامِ، يقال: أَذَن الثُّمامُ إذا خرجت أَذَنَتُه. ابن شميل:
أَذِنْتُ لحديث فلان أَي اشتهيته، وأَذِنْتُ لرائحة الطعام أَي اشتهيته،
وهذا طعامٌ لا أَذَنة له أَي لا شهوة لريحه، وأَذَّن بإرسالِ إبلِه أَي
تكلمّ به، وأَذَّنُوا عنِّي أَوَّلها أَي أَرسلوا أَوَّلها، وجاء فلانٌ
ناشراً أُذُنَيْه أَي طامعاً، ووجدت فلاناً لابساً أُذُنَيْه أَي
مُتغافلاً. ابن سيده: وإِذَنْ جوابٌ وجزاءٌ، وتأْويلها إن كان الأَمر كما ذكرت أَو
كما جرى، وقالوا: ذَنْ لا أَفعلَ، فحذفوا همزة إذَنْ، وإذا وقفت على
إذَنْ أَبْدَلْتَ من نونه أَلفاً، وإنما أُبْدِلَتْ الأَلفُ من نون إِذَنْ
هذه في الوقف ومن نون التوكيد لأن حالَهما في ذلك حالُ النون التي هي
علَمُ الصرف، وإن كانت نونُ إذنْ أصلاً وتانِك النونانِ زائدتين، فإنْ قلت:
فإذا كانت النون في إذَنْ أَصلاً وقد أُبدلت منها الأَلف فهل تُجيز في نحو
حَسَن ورَسَن ونحو ذلك مما نونه أَصل فيقال فيه حسا ورسَا؟ فالجواب: إن
ذلك لا يجوز في غير إذَنْ مما نونه أَصلٌ، وإن كان ذلك قد جاء في إِذَنْ
من قِبَل أَنّ إذنْ حرفٌ، فالنون فيها بعضُ حرفٍ، فجاز ذلك في نون إذَنْ
لمضارَعةِ إذَنْ كلِّها نونَ التأْكيد ونون الصرف، وأَما النونُ في حَسَن
ورَسَن ونحوهما فهي أَصلٌ من اسم متمكن يجري عليه الإعرابُ، فالنون في
ذلك كالدال من زيدٍ والراء من نكيرٍ، ونونُ إذَنْ ساكنةٌ كما أَن نُونَ
التأْكيد ونونَ الصرف ساكنتان، فهي لهذا ولِما قدمناه من أَن كل واحدةٍ
منهما حرفٌ كما أَن النون من إذَنْ بعضُ حرف أَشْبَهُ بنون الإسم المتمكن.
الجوهري: إذنْ حرفُ مُكافأَة وجوابٍ، إن قدَّمْتَها على الفعل المستقبل
نَصَبْتَ بها لا غير؛ وأَنشد ابن بري هنا لسَلْمى بن عونة الضبِّيّ، قال:
وقيل هو لعبد الله ابن غَنَمة الضبِّيّ:
ارْدُدْ حِمارَكَ لا يَنْزِعْ سوِيَّتَه،
إذَنْ يُرَدَّ وقيدُ العَيْرِ مَكْروبُ
قال الجوهري: إذا قال لك قائلٌ الليلةَ أَزورُكَ، قلتَ: إذَنْ أُكْرمَك،
وإن أَخَّرْتها أَلْغَيْتَ قلتَ: أُكْرِمُكَ إذنْ، فإن كان الفعلُ الذي
بعدها فعلَ الحال لم تعمل، لأَن الحال لا تعمل فيه العواملُ الناصبة،
وإذا وقفتَ على إذَنْ قلت إذا، كما تقول زيدَا، وإن وسَّطتها وجعلتَ الفعل
بعدها معتمداً على ما قبلها أَلْغَيْتَ أَيضاً، كقولك: أَنا إذَنْ
أُكْرِمُكَ لأَنها في عوامل الأَفعال مُشبَّهةٌ بالظنّ في عوامل الأَسماء، وإن
أَدخلت عليها حرفَ عطفٍ كالواو والفاء فأَنتَ بالخيارِ، إن شئت أَلغَيْتَ
وإن شئت أَعملْتَ.