صورة كتابية صوتية من حَنَّة: رقة القلب، وحَنَّة الرجل: زوجته.
صورة كتابية صوتية من حَنَّة: رقة القلب، وحَنَّة الرجل: زوجته.
حنن: الــحَنّانُ: من أَسماء الله عز وجل. قال ابن الأَعرابي: الــحَنّانُ،
بتشديد النون، بمعنى الرحيم، قال ابن الأَثير: الــحَنَّانُ الرحيم
بعبادِه، فعّالٌ من الرحمة للمبالغة؛ الأَزهري: هو بتشديد النون صحيح، قال: وكان
بعضُ مشايِخنا أَنكر التشديد فيه لأَنه ذهَب به إلى الحَنين، فاسْتَوحش
أَن يكون الحَنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الــحَنّان الرحيم من
الــحَنان، وهو الرحمة؛ومنه قوله تعالى: وحنَاناً مِنْ لَدُنَّا؛ أَي رَحْمة
منْ لَدُنّا؛ قال أَبو إسحق: الــحَنَّانُ في صفة الله، هو بالتشديد، ذو
الرَّحمة والتعطُّفِ. وفي حديث بلال: أَنه مَرَّ عليه ورقةُ ابن نوْفَل وهو
يُعَذَّب فقال: والله لئن قَتَلْتُموه لأَتَّخِذَنَّه حَناناً؛ الــحَنانُ:
الرحمةُ والعطفُ، والــحَنَانُ: الرِّزْقُ والبركةُ، أَراد لأَجْعَلَنَّ
قَبْرَه موضعَ حَنانٍ أَي مَظِنَّةً منْ رحمة الله تعالى فأَتَمَسَّحُ به
متبرّكاً، كما يُتمسَّح بقبور الصالحين الذين قُتلوا في سبيل الله من
الأُمَمِ الماضية، فيرجع ذلك عاراً عليكم وسُبَّةً عند الناس، وكان ورقةُ
على دين عيسى، عليه السلام، وهلك قُبَيْل مَبْعَثِ النبي، صلى الله عليه
وسلم، لأَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، إِن يُدْرِكْنِي يَوْمُك
لأَنْصُرَنَّكَ نَصْراً مُؤَزَّراً؛ قال ابن الأَثير. وفي هذا نظرٌ فإن بلالاً
ما عُذِّب إلا بعد أَن أَسْلَمَ. وفي الحديث: أَنه دخل على أُمِّ سَلَمة
وعندها غلامٌ يُسَمَّى الوليدَ، فقال: اتَّخَذْتُمْ الوليدَ حَناناً
غَيِّرُوا اسمَه أَي تَتَعَطَّفُون على هذا الاسم فَتُحِبُّونه، وفي رواية:
أَنه من أَسماء الفَراعِنة، فكَرِه أَن يُسَمَّى به. والــحَنانُ،
بالتخفيف: الرحمة. تقول: حَنَّ عليه يَحِنُّ حَناناً؛ قال أَبو إسحق في قوله
تعالى: وآتَيْناه الحُكْمَ صَبِيّاً وحَناناً مِنْ لدُنَّا؛ أَي وآتَيْناه
حَناناً؛ قال: الــحَنانُ العَطْفُ والرحمة؛ وأَنشد سيبويه:
فقالت: حَنانٌ ما أَتى بك هَهُنا؟
أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بالحَيِّ عارِفُ؟
أَي أَمْرِي حَنانٌ أَو ما يُصيبُنا حَنانٌ أَي عَطْفٌ ورحمة، والذي
يُرْفَع عليه غير مستعمَل إظهارُه. وقال الفَراء في قوله سبحانه: وحَناناً
مِنْ لَدُنَّا الرحمةُ؛ أَي وفعلنا ذلك رَحْمةً
لأَبَوَيْك. وذكر عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية أَنه قال: ما أَدْري
ما الــحَنانُ. والحَنينُ: الشديدُ من البُكاءِ والطَّرَبِ، وقيل: هو صوتُ
الطَّرَبِ كان ذلك عن حُزْنٍ أَو فَرَحٍ. والحَنِينُ: الشَّوْقُ وتَوَقانُ
النَّفس، والمَعْنَيان متقاربان، حَنَّ إليه يَحِنُّ حَنِيناً فهو
حانٌّ. والاسْتِــحْنانُ: الاسْتِطْرابُ. واسْتَحَنَّ: اسْتَطْرَبَ: وحَنَّت
الإِبلُ: نَزَعَتْ إلى أَوْطانِها أَو أَوْلادِها، والناقةُ تَحِنُّ في
إِثْرِ ولَدِها حَنِيناً تَطْرَبَ مع صَوْت، وقيل: حَنِينُها نِزَاعُها بصوتٍ
وبغير يصوتٍ والأَكثر أَن الحَنين بالصَّوْتِ. وتَحَنَّنَت النَّاقةُ
على ولدِها: تَعَطَّفَت، وكذلك الشاة؛ عن اللحياني. الأَزهري عن الليث:
حنينُ الناقة على معنيين: حَنِينُها صوْتُها إذا اشتاقت إلى وَلَدِها،
وحَنينُها نِزَاعُها إلى ولدها من غير صوت؛ قال رؤبة:
حَنَّت قَلُوصِي أَمْسِ بالأُرْدُنِّ،
حِنِّي فما ظُلِّمْتِ أَن تَحِنِّي.
يقال: حَنَّ قَلْبي إليه فهذا نِزاعٌ واشْتِياق من غير صوت، وحَنَّت
النّاقةُ إلى أُلاَّفِها فهذا صوتٌ مع نِزاعٍ، وكذلك حَنَّتْ إلى ولدها؛ قال
الشاعر:
يُعارِضْنَ مِلْواحاً كأَنَّ حَنِينَها،
قُبَيْلَ انْفِتاقِ الصُّبْحِ، تَرْجِيعُ زامِرِ.
ويقال: حَنَّ عليه أَي عَطَف. وحَنَّ إليه أَي نزَعَ إليه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي في أَصل أُسْطُوانةِ جِذْعٍ في
مسجده، ثم تحوَّلَ إلى أَصلِ أُخرى، فحنَّتْ إليه الأُولى ومالت نحوَه
حتى رجَع إليها فاحْتَضَنها فسكنت. وفي حديث آخر: أَنه كان يصلِّي إلى
جذْعٍ في مسجده، فلما عُمِلَ له المِنْبَرُ صَعِدَ عليه فحَنَّ الجِذْعُ إليه
أَي نَزَع واشتاق، قال: وأَصلُ الحَنِينِ ترجيعُ الناقة صوْتَها إثْرَ
ولدها. وتحانَّت: كحنَّتْ؛ قال ابن سيده: حكاه يعقوبُ في بعض شروحه، وكذلك
الحَمامَةُ والرجلُ؛ وسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، بِلالاً يُنشِد:
أَلا لَيْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بوادٍ وحَوْلي إِذْخِرٌ وجَليلُ؟
فقال له: حَنَنْتْ يا ابنَ السَّوْداء. والــحَنَّانُ: الذي يَحِنُّ إلى
الشيء. والحِنَّةُ، بالكسر: رقَّةُ القلبِ؛ عن كراع. وفي حديث زيد بن
عَمْرو بن نُفَيل: حَنانَيْكَ يَا رَبِّ أَي ارْحَمْني رحمة بعد رحمة، وهو من
المصادر المُثنَّاة التي لا يَظْهر فعْلُها كلَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ،
وقالوا: حَنانَك وحَنانَيْك أَي تَحَنُّناً عليَّ بعد تَحَنُّن، فمعنى
حَنانَيْك تَحَنَّنْ عليَّ مرَّة بعد أُخرى وحَنانٍ بعد حَناناٍ؛ قال ابن
سيده: يقول كلَّما كنْتُ في رحمةٍ منك وخيرٍ فلا يَنْقَطِعنَّ، ولْيَكُنْ
موصولاً بآخرَ من رحمتِك، هذا معنى التثنية عند سيبويه في هذا الضرب؛ قال
طرفة:
أَبا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا،
حَنانَيْكَ، بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بعضِ.
قال سيبويه: ولا يُسْتَعْمل مُثَنّىً إلا في حَدِّ الإضافة. وحكى
الأَزهري عن الليث: حَنانَيْكَ يا فلان افْعَلْ كذا ولا تفعل كذا، يذكِّرُه
الرَّحمةَ والبِرَّ، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن سيده: وقد قالوا حَناناً
فصَلُوه من الإضافة في حَدِّ الإِفْراد، وكلُّ ذلك بدلٌ من اللفظ بالفعل،
والذي ينتصب عليه غيرُ مستعمَلٍ إظهارُه، كما أَنَّ الذي يرتفع عليه كذلك،
والعرب تقول: حَنانَك يا رَبِّ وحَنانَيْك بمعنى واحد أَي رحمتَك، وقالوا:
سبحانَ الله وَــحَنانَيْه أَي واسْتِرْحامَه، كما قالوا: سبحانَ الله
ورَيْحانَه أَي اسْتِرْزاقَه؛ وقول امرئ القيس:
ويَمْنَعُها بَنُو شَمَجَى بنِ جَرْم
مَعِيزَهُمُ، حَنانَك ذا الــحَنانِ.
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه رَحمتَك يا رحمنُ فأَغْنِني عنهم، ورواه
الأَصمعي: ويَمْنَحُها أَي يُعْطِيها، وفسَّر حَنانَك برحمتك أَيضاً أَي
أَنْزِلْ عليهم رحمتَك ورزقك، فروايةُ ابن الأَعرابي تَسَخُّطٌ وذمٌّ،
وكذلك تفسيره، وروايةُ الأَصمعي تَشكُّرٌ وحمدٌ ودعاءٌ لهم، وكذلك تفسيره،
والفعل من كل ذلك تَحَنَّنَ عليه، وهو التحنُّنُ. وتَحَنَّنْ عليه:
ترحَّمْ؛ وأَنشد ابن بري للحُطَيْئة:
تَحَنَّنْ عليَّ، هَداك المَلِيك،
فإِن لكلِّ مقامٍ مقالا.
والــحَنانُ: الرحمةُ، والــحَنانُ: الرِّزق. والــحَنانُ: البركة. والــحَنانُ:
الهَيْبَةُ. والــحَنانُ: الوَقار. الأُمَوِيُّ: ما نرى له حَناناً أَي
هيبةً. والتَّحنُّنُ: كالــحَنانِ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لما قال
الوليد بن عُقْبةَ بنِ أَبي مُعَيْطٍ: أُقْتَلُ من بَيْنِ قُرَيش، فقال عمر:
حَنَّ قِدْحٌ ليس منها؛ هو مَثَلٌ يضرب للرجل يَنْتَمي إلى نسبٍ ليس منه
أَو يَدَّعي ما ليس منه في شيء، والقِدْحُ، بالكسر: أَحدُ سِهام
المَيْسِر، فإِذا كان من غير جوهر أَخَواتِه ثم حرَّكها المُفيض بها خرج له صوتٌ
يخالِف أَصواتَها فعُرِفَ به؛ ومنه كتاب عليٍّ، رضوان الله عليه، إلى
معاوية: وأَما قولك كَيْتَ وكَيْتَ فقد حَنَّ قِدْحٌ ليس منها. والحَنُونُ
من الرياح: التي لها حَنِينٌ كحَنِين الإِبِل أَي صَوْتٌ يُشْبِه صَوْتَها
عند الحَنِين؛ قال النابغة:
غَشِيتُ لها مَنازِلَ مُقْفِراتٍ،
تُذَعْذِعُها مُذَعْذعَةٌ حَنُونٌ
وقد حَنَّتْ واسْتَحَنَّتْ؛ أَنشد سيبويه لأَبي زُبَيد:
مُسْتَحِنٌّ بها الرِّياحُ، فمَا يَجْــ
ـتابُها في الظَّلامِ كلُّ هَجُودِ.
وسحابٌ حَنَّانٌ كذلك؛ وقوله: فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنَّانْ.
جعل الــحَنَّان للخِمْس، وإنما هو في الحقيقة للناقة، لكن لما بَعُد عليه
أَمدُ الوِرْد فحنَّت نسَب ذلك إلى الخِمْسِ حيث كان من أَجْلِه.
وخِمْسٌ حَنَّانٌ أَي بائصٌ؛ الأَصمعي: أَي له حَنِينٌ مِن سُرْعَتِه.
وامْرأَةٌ حَنَّانةٌ: تَحِنُّ إلى زوجها الأَول وتعطِفُ عليه، وقيل: هي التي
تَحِنُّ على ولدها الذي من زوجها المُفارِقِها. والحَنونُ من النساء: التي
تَتَزوَّج رِقَّةً على وَلَدِها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمرهم،
وفي بعض الأَخْبار: أَنَّ رَجُلاً أَوْصى ابنه فقال: لا تَتَزَوَّجَنَّ
حَنَّانةً ولا مَنَّانة. وقال رجل لابنه: يا بُنيَّ إِيَّاكَ والرَّقُوبَ
الغَضُوبَ الأَنَّانةَ الــحَنَّانَةَ المنَّانةَ؛ الــحَنَّانةُ التي كان لها
زوجٌ قبله فهي تَذْكُره بالتَّحَزُّنِ والأَنينِ والحَنينِ إليه.
الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الحَنونُ من النساءِ التي تَتَزَوَّج رِقَّةً على
ولدها إذا كانوا صغاراً ليقومَ الزوجُ بأَمْرِهم. وحَنَّةُ الرَّجل:
امرأَتُه؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ:
ولَيْلة ذات دُجىً سَرَيْتُ،
ولم يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيْتُ،
ولم تَضِرْني حَنَّةٌ وبَيْتُ.
وهي طَلَّتُه وكَنِينتُه ونَهضَتُه وحاصِنته وحاضِنتُه. وما لَهُ
حانَّةٌ ولا آنَّةٌ أَي ناقة ولا شاةٌ؛ والحَانَّةُ: الناقةُ، والآنَّةُ:
الشاةُ، وقيل: هي الأَمَةُ لأَنها تَئِنُّ من التَّعَب. الأَزهري: الحَنِينُ
للناقة والأَنينُ للشاةِ. يقال: ما له حانَّةٌ ولا آنَّةٌ
أَي ما لَه شاةٌ ولا بَعِيرٌ. أَبو زيد: يقال ما له حانَّة ولا جارَّة،
فالحانَّةُ: الإِبلُ التي تَحِنُّ، والجارَّةُ: الحَمُولةُ تَحْمِلُ
المتاعَ والطعامَ. وحَنَّةُ البعيرِ: رُغاؤُه. قال الجوهري: وما له حانَّةٌ
ولا آنَّةٌ أَي ناقةٌ ولا شاةٌ، قال: والمُسْتَحِنُّ مِثْله؛ قال الأَعشى:
تَرَى الشَّيخَ منها يُحِبُّ الإِيا
بَ، يَرْجُفُ كالشارِفَ المُستَحِنّ.
قال ابن بري: الضميرُ في منها يعود على غزوة في بيت متقدم؛ وهو:
وفي كلِّ عامٍ له غزْوةٌ تَحُتُّ الدَّوابِرَ حَتَّ السَّفَنْ.
قال: والمُسْتَحِنُّ الذي اسْتَحَنَّه الشوقُ إلى وَطَنِه؛ قال: ومثلُه
ليزيدَ بنِ النُّعمانِ الأَشعري:
لقد تَرَكَتْ فُؤَادَك، مُسْتَــحِناً،
مُطَوَّقَةٌ على غُصْنٍ تَغَنَّى.
وقالوا: لا أَفْعلُ ذلك حتى يَحِنَّ الضبُّ في إثْرِ الإِبلِ الصَّادرة،
وليس للضبِّ حَنِينٌ إنما هُوَ مَثَلٌ، وذلك لأَنَّ الضبَّ لا يَرِدُ
أَبداً. والطَّسْتُ تَحِنُّ إذا نُقِرَت، على التشبيه. وحَنَّت القوسُ
حَنيناً: صَوَّتَت، وأَحَنَّها صاحِبُها. وقوسٌ حَنَّانة: تَحِنُّ عند
الإِنْباضِ؛ وقال:
وفي مَنْكِبَيْ حَنَّانةٍ عُودُ نَبْعَةٍ،
تَخَيَّرَها لِي، سُوقَ مَكَّةَ، بائعُ.
أَي في سوق مكة؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تأْلَبِ.
قال أَبو حنيفة: ولذلك سميت القوس حَنَّانةً اسم لها علم؛ قال: هذا قول
أَبي حنيفة وَحْدَه، ونحن لا نعلم أَنَّ القوس تُسَمَّى حَنَّانةً، إنما
هو صفة تَغْلِب عليها غَلَبة الاسم، فإِن كان أَبو حنيفة أَراد هذا،
وإلاَّ فقد أَساءَ التعبيرَ. وعُودٌ حَنَّانٌ: مُطَرِّب. والــحَنَّانُ من
السهام: الذي إذا أُديرَ بالأَناملِ على الأَباهِيم حَنّ لِعِتْقِ عُودِه
والْتئامِهِ. قال أَبو الهيثم: يقال للسهم الذي يُصَوِّت إذا نَفَّزْته بين
إصْبعيك حَنَّان؛ وأَنشد قول الكميت يَصِف السَّهم:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله،
عند الإدامةِ حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ.
إدامتُه: تَْنفِيزُه، يُعَلِّلُه: يُغَنِّيه بصوته حتى يَرْنُوَ له
الطَّرِب يستمع إليه وينظر متعجِّباً من حُسْنِه. وطريقٌ حَنَّانٌ: بَيِّنٌ
واضح مُنْبَسِط. وطريق يَحِنُّ فيه العَوْدُ: يَنْبَسِط. الأَزهري: الليث
الحَنَّةُ خِرْقَةٌ تلبسها المرأَةَ فَتُغَطِّي رأْسها؛ قال الأَزهري:
هذا حاقُّ التصحيف، والذي أَراد الخْبَّة، بالخاء والباء، وقد ذكرناه في
موضعه، وأَما الحَنَّةُ، بالحاء والنون، فلا أَصل له في باب الثِّياب.
والحَنِينُ والحَنَّةُ: الشَّبَهُ. وفي المثل: لا تَعْدَمُ ناقةٌ من أُمِّها
حَنِيناً وحَنَّةً أَي شَبَهاً. وفي التهذيب: لا تَعْدَمُ أَدْماءُ من
أُمِّها حنَّةً؛ يضرب مثلاً للرجُل يُشْبِهُ الرجل، ويقال ذلك لكل مَنْ
أَشْبَه أَباه وأُمَّه؛ قال الأَزهري: والحَنَّةُ في هذا المَثَلِ
العَطْفَةُ والشَّفَقةُ والحِيطةُ. وحَنَّ عليه يَحُنُّ، بالضم، أَي صَدَّ. وما
تَحُنُّني شيئاً من شَرِّكَ أَي ما تَرُدُّه وما تَصْرِفه عني. وما حَنَّنَ
عني أَي ما انثنى ولا قَصَّرَ؛ حكاه ابن الأَعرابي، قال شمر: ولم أَسمع
تَحنُنُّي بهذا المعنى لغير الأَصمعي. ويقال: حُنَّ عَنَّا شَرَّكَ أَي
اصْرِفْه. ويقال: حَمَلَ فَحَنَّنَ كقولك حَمَلَ فَهَلَّلَ إذا جَبُنَ.
وأَثَرٌ لا يُحِنُّ عن الجِلْدِ أَي لا يزول؛ وأَنشد:
وإِنَّ لها قَتْلَى فَعَلَّكَ مِنْهُمُ،
وإِلاَّ فجُرْحٌ لا يُحِنُّ عن العَظْمِ
وقال ثعلب: إنما هو يَحِنُّ، وهكذا أَنشد البيت ولم يفسره. والمَحْنُون
من الحقِّ: المنقوصُ. يقال: ما حَنَنْتُك شيئاً من حقِّك أَي ما
نَقَصْتُكَ. والحَنُّونُ: نَوْرُ كلِّ شجرة ونَبْتٍ، واحدتُه حَنُّونةٌ. وحَنَّنَ
الشجرُ والعُشْبُ: أَخرج ذلك. والــحِنَّانُ: لغة في الحِنَّآء؛ عن ثعلب.
وزيت حَنِينٌ: متغير الريح، وجَوْزٌ حَنِينٌ كذلك؛ قال عَبِيدُ بن
الأَبرَصِ:
كأَنَّها لِقْوَةٌ طَلُوبُ،
تَحِنُّ في وَكْرِهَا القُلُوبُ.
وبنو حُنٍّ: حيٌّ؛ قال ابن دُرَيْد: هم بطنٌ من بني عُذْرَةَ؛ وقال
النابغة:
تَجَنَّبْ بني حُنٍّ، فإِن لقاءَهُمْ
كَرِيهٌ، وإن لم تَلْقَ إلاَّ بِصابِرِ.
والحِنُّ، بالكسر: حيٌّ من الجن، يقال: منهم الكلابُ السود البُهْمُ،
يقال: كلب حِنِّيٌّ، وقيل: الحِنُّ ضرب من الجن؛ وأَنشد:
يَلْعَبْنَ أَحْواليَ مِنْ حِنٍّ وجِنٌّ.
والحِنُّ: سَفِلَةُ الجِنِّ أَيضاً وضُعَفاؤُهم؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد لمُهاصِرِ بنِ المُحِلِّ:
أَبيتُ أَهْوِي في شيَاطين تُرِنّ،
مُخْتلفٍ نَجْواهُمُ جِنٍّ وحِنّ.
قال ابن سيده: وليس في هذا ما يدل على أَن الحِنَّ سَفِلَةُ الجِنِّ،
ولا على أَنهم حَيٌّ من الجن، إنما يدل على أَن الحِنَّ نوعٌ آخر غير
الجنّ. ويقال: الحِنُّ خَلْقٌ بَيْنَ الجن والإنس. الفراء: الحِنُّ كِلابُ
الجِنِّ. وفي حديث عليّ: إنَّ هذه الكلاب التي لها أَربعُ أَعْيُنٍ من
الحِنِّ؛ فُسِّرَ هذا الحديث الحِنُّ حيٌّ من الجِنِّ. ويقال: مَجْنونٌ
مَحْنونٌ، ورجلٌ مَحْنونٌ
أَي مجنون، وبه حِنَّةٌ أَي جِنَّةٌ. أَبو عمرو: المَحْنون الذي يُصْرعُ
ثم يُفيق زماناً. وقال ابن السكيت الحِنُّ الكلابُ السُّود المُعَيَّنة.
وفي حديث ابن عباس: الكِلابُ من الحِنِّ، وهي ضَعَفَةُ الجِنِّ، فإذا
غَشِيَتْكُم عند طَعامِكم فأَلْقُوا لَهُنَّ، فإِنَّ لَهُنَّ أَنْفُساً؛
جمعُ نَفْسٍ أَي أَنها تُصِيبُ بأَعْيُنِها. وحَنَّةُ وحَنُّونةُ: اسمُ
امرأَة، قال الليث: بلغنا أَن أُمَّ مريم كانت تسمى حَنَّةَ. وحُنَيْنٌ:
اسمُ وادٍ بين مكة والطائف. قال الأَزهري: حُنَيْنٌ اسمُ وادٍ به كانت
وَقْعَةُ أَوْطاسٍ، ذكره الله تعالى في كتابه فقال: ويومَ حُنَيْنٍ إذْ
أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم؛ قال الجوهري: حُنَيْنٌ موضع يذكر ويؤنث، فإذا
قَصَدْتَ به الموضع والبلَد ذكَّرْتَه وصَرفْتَه كقوله تعالى: ويومَ حُنَيْنٍ،
وإن قصدْتَ به البلدةَ والبُقْعةَ أَنَّثْته ولم تصرفه كما قال حَسَّان
بن ثابت:
نَصَرُوا نَبِيَّهُم وشَدُّوا أَزْرَه
بِحُنَيْنَ، يومَ تَواكُلِ الأَبْطال.
وحُنَيْنٌ: اسمُ رجل. وقولُهم للرجل إذا رُدَّ عن حاجتِه ورجَعَ
بالخَيْبةِ: رجع بخُفَّيْ حُنَيْنٍ؛ أَصله أَن حُنَيْناً كان رجلاً شريفاً
ادَّعَى إلى أَسدِ بنِ هاشمِ ابن عبدِ منافٍ، فأَتى إلى عبدِ المُطَّلب وعليه
خُفَّانِ أَحْمرانِ فقال: يا عَمِّ أَنا ابنُ أَسدِ بن هاشمٍ، فقال له
عبدُ المطلب: لا وثيابِ هاشمٍ ما أَعْرِفُ شمائلَ هاشم فيك فارْجِعْ
راشداً، فانْصَرَف خائباً فقالوا: رجعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّية، فصار مثلاً؛ وقال
الجوهري: هو اسم إِسْكافٍ من أَهل الحيرةِ، ساوَمه أَعْرابيٌّ بخُفَّيْن
فلم يَشتَرِهما، فغاظَه ذلك وعلَّقَ أَحَدَ الخُفَّيْنِ في طريقه،
وتقدَّم وطرَحَ الآخَرَ وكَمَن له، وجاءَ الأَعرابيُّ فرأَى أَحَدَ الخُفَّيْن
فقال: ما أَشْبَه هذا بِخُفِّ حُنَيْنٍ لو كان معه آخرُ اشْتَرَيْتُه
فتقدَّم ورأَى الخُفَّ الآخرَ مطروحاً في الطريق، فنزلَ وعَقَلَ بعيرَه
ورجع إلى الأوّل، فذهب الإسكافُ براحِلتِه، وجاءَ إلى الحَيِّ بِخُفَّيْ
حُنَيْنٍ. والــحَنَّانُ: موضعٌ ينسب إليه أَبْرَقُ الــحَنَّانِ. الجوهري:
وأَبْرَقُ الــحَنَّانِ موضعٌ. قال ابن الأَثير: الــحَنَّانُ رمْلٌ بين مكة
والمدينة له ذِكْرٌ في مَسِير النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بَدْرٍ؛
وحَنَانةُ: اسمُ راعٍ في قول طرفة:
نَعاني حَنَانةُ طُوبالةً،
تسفُّ يَبِيساً من العِشرِقِ.
قال ابن بري: رواه ابن القطاع بَغاني حَنَانةُ، بالباء والغين المعجمة،
والصحيح بالنون والعين غير معجمة كما وقع في الأُصول، بدليل قوله بعد هذا
البيت:
فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلُومَ ولا تَبْرَقِ.
والــحَنَّانُ: اسمُ فحْلٍ من خُيولِ العرب معروف. وحُنٌّ، بالضم: اسم
رجل. وحَنِينٌ والحَنِينُ
(* قوله «وحنين والحنين إلخ» بوزن أمير وسكيت
فيهما كما في القاموس). جميعاً: جُمادَى الأُولى اسمٌ له كالعَلَم؛ وقال:
وذو النَّحْبِ نُؤْمِنْه فيَقْضي نُذورَه،
لَدَى البِيضِ من نِصْفِ الحَنِين المُقَدَّرِ
وجمعُه أَحِنَّةٌ وحُنُونٌ وحَنَائِنُ. وفي التهذيب عن الفراء والمفضل
أَنهما قالا: كانت العرب تقول لِجُمادَى الآخِرة حَنِينٌ، وصُرِفَ لأَنه
عُني به الشهر.
صبح: الصُّبْحُ: أَوّل النهار. والصُّبْحُ: الفجر. والصَّباحُ: نقيص
المَساء، والجمع أَصْباحٌ، وهو الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ
والمُصْبَحُ؛ قال الله عز وجل: فالِقُ الإِصْباحِ؛ قال الفراء: إِذا قيل
الأَمْسَاء والأَصْباح، فهو جمع المَساء والصُّبْح، قال: ومثله الإِبْكارُ
والأَبْكارُ؛ وقال الشاعر:
أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ،
تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يريد به المَساء والصُّبْحَ. وحكى اللحياني: تقول العربُ إِذا
تَطَيَّرُوا من الإِنسان وغيره: صباحُ الله لا صَباحُك قال: وإِن شئت
نصبتَ.وأَصْبَحَ القومُ: دخلوا في الصَّباح، كما يقال: أَمْسَوْا دخلوا في
المساء؛ وفي الحديث: أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر أَي صلوها عند
طلوع الصُّبْح؛ يقال: أَصْبَحَ الرجل إِذا دخل في الصُّبْح؛ وفي
التنزيل: وإِنكم لَتَمُرُّون عليهم مُصْبِحِينَ وبالليل؛ وقال سيبويه:
أَصْبَــحْنا وأَمْسَينا أَي صرنا في حين ذاك، وأَما صَبَّــحْنا ومَسَّيْنا فمعناه
أَتيناه صَباحاً ومساء؛ وقال أَبو عدنان: الفرق بين صَبَــحْنا وصَبَّــحْنا
أَنه يقال صَبَّــحْنا بلد كذا وكذا، وصَبَّــحْنا فلاناً، فهذه مُشَدَّدة،
وصَبَــحْنا أَهلَها خيراً أَو شرّاً؛ وقال النابغة:
وصَبَّحَه فَلْجاً فلا زال كَعْبُه،
عل كلِّ من عادى من الناسِ، عاليا
ويقال: صَبَّحَه بكذا ومسَّاه بكذا؛ كل ذلك جائز؛ ويقال للرجل يُنَبَّه
من سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وما
يُصْلِحُك؛ وقال رؤبة:
أَصْبِحْ فما من بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ. وقول الله، عز من قائل: فأَخذتهم الصَّيْحةُ
مُصْبِحِين أَي أَخذتهم الهَلَكة وقت دخولهم في الصباح. وأَصْبَحَ فلان عالماً
أَي صار. وصَبَّحك الله بخير: دُعاء له.
وصَبَّحْته أَي قلت له: عِمْ صَباحاً؛ وقال الجوهري: ولا يُرادُ
بالتشديد ههنا التكثير. وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ
خامِسةٍ كما تقول لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خامسة، بالكسر، أَي لِصَباحِ خمسة
أَيام.
وحكى سيبويه: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ من العرب من يبنيه كخمسة عشر، ومنهم
من يضيفه إِلا في حَدِّ الحال أَو الظرف، وأَتيته صَباحاً وذا صَباحٍ؛
قال سيبويه: لا يستعمل إِلاَّ ظرفاً، وهو ظرف غير متمكن، قال: وقد جاء في
لغة لِخَثْعَم اسماً؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ على إِقامةِ ذي صباحٍ،
لأَمْرٍ ما يُسَوَّدُ ما يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كل يوم وأُمْسِيَّةَ كلِّ يوم. قال الأَزهري:
صَبَحْتُ فلاناً أَتيته صباحاً؛ وأَما قول بُجَيْر بن زُهير المزنيِّ، وكان
أَسلم:
صَبَــحْناهمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ،
وسَبْعٍ من بني عُثمانَ وافى
فمعناه أَتيناهم صَباحاً بأَلف رجل من سُليم؛ وقال الراجز:
نحْنُ صَبَــحْنا عامراً في دارِها
جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يريد أَتيناها صباحاً بخيل جُرْد؛ وقول الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،
وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قال الأَزهري: يسأَل السائل عن هذا البيت فيقول: الإِدلاج سير الليل،
فكيف يقول: أَصبح القوم، وهو يأْمر بالإِدلاج؟ والجواب فيه: أَن العرب إِذا
قربت من المكان تريده، تقول: قد بلغناه، وإِذا قربت للساري طلوعَ الصبح
وإِن كان غير طالع، تقول: أَصْبَــحْنا، وأَراد بقوله أَصبح القومُ: دنا
وقتُ دخولهم في الصباح؛ قال: وإِنما فسرته لأَن بعض الناس فسره على غير ما
هو عليه.
والصُّبْحة والصَّبْحة: نوم الغداة. والتَّصَبُّحُ: النوم بالغداة، وقد
كرهه بعضهم؛ وفي الحديث: أَنه نهى عن الصُّبْحة وهي النوم أَوّل النهار
لأَنه وقت الذِّكر، ثم وقت طلب الكسب. وفلان ينام الصُّبْحة والصَّبْحة
أَي ينام حين يُصْبح، تقول منه: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وفي حديث أُم زرع أَنها
قالت: وعنده أَقول فلا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ؛ أَرادت أَنها
مَكفِيَّة، فهي تنام الصُّبْحة. والصُّبْحة: ما تَعَلَّلْتَ به
غُدْوَةً.والمِصْباحُ من الإِبل: الذي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلا يَنْهَض حتى
يُصبح وإِن أُثير، وقيل: المِصْبَحُ والمِصْباحُ من الإِبل التي تُصْبِحُ في
مَبْرَكها لا تَرْعَى حتى يرتفع النهار؛ وهو مما يستحب من الإستبل وذلك
لقوَّتها وسمنها؛ قال مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ له بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً،
فشُبَّتْ عليها النارُ، فهي عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كل ما أُكل أَو شرب غُدْوَةً، وهو خلاف الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: ما أَصْبَحَ عندهم من شرابهم فشربوه، وحكى الأَزهري عن الليث:
الصَّبُوحُ الخمر؛ وأَنشد:
ولقد غَدَوْتُ على الصَّبُوحِ، مَعِي
شَرْبٌ كِرامُ من بني رُهْمِ
والصَّبُوحُ من اللبن: ما حُلب بالغداة. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ:
الناقة المحلوبة بالغداة؛ عن اللحياني. حكي عن العرب: هذه صَبُوحِي
وصَبُوحَتي. والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً من لبن. والصَّبُوح: ما شرب
بالغداة فما دون القائلة وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وقال أَبو الهيثم: الصَّبُوح
اللبن يُصْطَبَحُ، والناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت: صَبُوح أَيضاً؛
يقال: هذه الناقة صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قال: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى
الأَعرابي:ما لِيَ لا أَسْقِي حُبيْباتي
صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة.
واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحاً، وصَبَّحَه: سقاه صَبُوحاً، فهو مُصْطَبحٌ؛
وقال قُرْطُ بن التُّؤْم اليَشكُري:
كان ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه
من هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشون: يطعمه عشاء. والهَجْمة: القطعة من الإِبل. ودُرَّار: من صفتها.
وفي الحديث: وما لنا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ أَي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه
الصبي بُكْرَة من الجَدْب والقحط فضلاً عن الكثير، ويقال: صَبَحْتُ
فلاناً أَي ناولته صَبُوحاً من لبن أَو خمر؛ ومنه قول طرفة:
متى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْساً رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْساً؛ وقيل: الصَّبُوحُ ما اصْطُبِحَ بالغداة حارًّا.
ومن أَمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم: أَكْذَبُ من الآخِذِ
الصَّبْحانِ؛ قال شمر: هكذا قال ابن الأَعرابي، قال: وهو الحُوَارُ الذي قد شرب
فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ به أُمه لم يشرب لِرِيِّه
دِرَّتها، قال: ويقال أَيضاً: أَكذب من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قال أَبو عدنان:
الأَخِيذُ الأَسيرُ. والصَّبْحانُ: الذي قد اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قال ابن
الأَعرابي: هو رجل كان عند قوم فصَبَحُوه حتى نَهَض عنهم شاخصاً، فأَخذه
قوم وقالوا: دُلَّنا على حيث كنت، فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم
كذلك إِذ قعد يبول، فعلموا أَنه بات قريباً عند قوم، فاستدلوا به عليهم
واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بالتحريك.
وفي المثل: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا
يُصَرِّح، وقد يضرب أَيضاً لمن يُوَرِّي عن الخَطْب العظيم بكناية عنه،
ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه؛ وأَصله أَن رجلاً من العرب نزل برجل
من العرب عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فلما رَويَ عَلِقَ يحدّث أُمَّ
مَثْواه بحديث يُرَقِّقه، وقال في خِلال كلامه: إِذا كان غداً اصطحبنا وفعلنا
كذا، فَفَطِنَ له المنزولُ عليه وقال: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وروي عن
الشَّعْبيِّ أَنَّ رجلاً سأَله عن رجل قَبَّل أُم امرأَته، فقال له الشعبي:
أَعن صبوح ترقق؟ حرمت عليه امرأَته؛ ظن الشعبي أَنه كنى بتقبيله إِياها
عن جماعها؛ وقد ذكر أَيضاً في رقق.
ورجل صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شربا الصَّبُوحَ مثل سكران وسَكْرَى.
وفي الحديث أَنه سئل: متى تحلُّ لنا الميتة؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا
أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلاً فشأْنكم بها؛ قال أَبو عبيج:
معناه إِنما لكم منها الصَّبُوحُ وهو الغداء، والغَبُوقُ وهو العَشاء؛
يقول: فليس لكم أَن تجمعوهما من الميتة؛ قال: ومنه قول سَمُرة لبنيه: يَجْزي
من الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قال الأَزهري وقال غير أَبي عبيد:
معناه لما سئل: متى تحل لنا الميتة؟ أَجابهم فقال: إِذا لم تجدوا من
اللبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ به ولا غَبُوقاً تَجْتزِئون به، ولم تجدوا مع
عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم
حلَّت لكم الميتة حينئذ، وكذلك إِذا وجد الرجل غداء أَو عشاء من الطعام لم
تحلَّ له الميتة؛ قال: وهذا التفسير واضح بَيِّنٌ، والله الموفق. وصَبُوحُ
الناقة وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً.
ولقيته ذاتَ صَبْحة وذا صبُوحٍ أَي حين أَصْبَحَ وحين شرب الصَّبُوحَ؛
ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وذات الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً
وعَشِيَّةً؛ وذا صَباح وذا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي
مذ ثلاثة أَزمان وأَعوام.
وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحاً: جاءَهم به صَباحاً.
وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحاً. وفي الحديث: أَنه صَبَّح
خَيْبَر أَي أَتاها صباحاً؛ وفي حديث أَبي بكر:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أَهله،
والموتُ أَدْنى من شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بالموت صباحاً لكونه فيهم وقتئذ. ويوم الصَّباح: يوم
الغارة؛ قال الأَعشى:
به تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ
غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثارا
يقول: بهذا الفرس يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ من الخيل يوم الغارة.
والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تَفْجَؤُهم صَباحاً: يا
صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي. وفي الحديث: لما نزلت.
وأَنْذِرْ عشيرتك الأَقربين؛ صَعَّدَ على الصفا، وقال: يا صباحاه هذه
كلمة تقولها العرب إِذا صاحوا للغارة، لأَنهم أَكثر ما يُغِيرون عند
الصباح، ويُسَمُّونَ يومَ الغارة يوم الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يا صباحاه
يقول: قد غَشِيَنا العدوُّ؛ وقيل: إِن المتقاتلين كانوا إِذا جاءَ الليل
يرجعون عن القتال فإِذا عاد النهار عادوا، فكأَنه يريد بقوله يا صباحاه: قد
جاءَ وقتُ الصباح فتأَهَّبوا للقتال. وفي حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: لما
أُخِذَتْ لِقاحُ رسول اًّ، صلى الله عليه وسلم، نادَى: يا صَباحاه
وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سقاها غُدْوَةً. وصَبَّحَ القومَ الماءَ:
وَرَده بهم صباحاً.
والصَّابِحُ: الذي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يسقيها صباحاً؛ ومنه قول
أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء
وتلك السَّقْية تسميها العرب الصُّبْحَةَ، وليست بناجعة عند العرب،
ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مع الضَّحاء الأَكبر. وفي حديث جرير: ولا يَحْسِرُ
صابِحُها أَي لا يَكِلُّ ولا يَعْيا، وهو الذي يسقيها صباحاً لأَنه
يوردها ماء ظاهراً على وجه الأَرض.
قال الأَزهري: والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ
إِذا سَرَيْتَ بهم حتى توردهم الماءَ صباحاً؛ ومنه قوله:
وصَبَّحْتُهم ماءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ،
وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فاستوى
أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماء؛ وتقول: صَبَّحْتُ
القوم تصبيحاً إُذا أَتيتهم مع الصباح؛ ومنه قول عنترة يصف خيلاً:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صباحاً؛ يعني خيلاً عليها فُرْسانها؛ ويقال
صَبَّحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يقال: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وفي حديث
المبعث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَتِيماً في حجْر أَبي طالب، وكان
يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فيختلسون ويَكُفّ أَي يُقَرَّبُ
إِليهم غداؤهم؛ وهو اسم بُني على تَفْعِيل مثل التَرْعِيب للسَّنام
المُقَطَّع، والتنبيت اسم لما نَبَتَ من الغِراس، والتنوير اسم لنَوْر
الشجر.والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما في الشرب ثم استعملا
في الأَكل.
وفي الحديث: من تَصَبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من
صَبَحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ. وصَبَّحْتُ، بالتشديد، لغة
فيه.والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى
الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى
صَبْحاء، تقول: رجل أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح. والأَصْبَحُ من
الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْبَحُ قريب من
الأَصْهَب. وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة. ورجل
أَصْبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ
لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا
وقال شمر: الأَصْبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة:
إِن جاءَت به أَصْبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه
صُبْحُ النهار مشتق من الأَصْبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصادق
يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.
والصَّبَحُ: بَريقُ الحديد وغيره.
والمِصْباحُ: السراج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنديل وغيره،
والقِراطُ لغة، وهو قول الله، عز وجل: المِصْباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأَنها
كوكبٌ دُرِّيٌّ. والمِصْبَحُ: المِسْرَجة. واسْتَصْبَح به: اسْتَسْرَجَ.
وفي الحديث: فأَصْبِحي سِراجَك أَي أَصْلِحيها. وفي حديث جابر في شُحوم
الميتة: ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ أَي يُشْعِلونَ بها سُرُجَهم. وفي حديث
يحيى بن زكريا، عليهما السلام: كان يَخْدُم بيتَ المقدِس نهاراً
ويُصْبِحُ فيه ليلاً أَي يُسْرِجُ السِّراح. والمَصْبَح، بالفتح: موضع الإِصْباحِ
ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قال الشاعر:
بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مبني على أَصل الفعل قبل أَن يزاد فيه، ولو بُني على أَصْبَح لقيل
مُصْبَح، بضم الميم؛ قال الأَزهري: المُصْبَحُ الموضع الذي يُصْبَحُ فيه،
والمُمْسى المكان الذي يُمْسَى فيه؛ ومنه قوله:
قريبةُ المُصْبَحِ من مُمْساها
والمُصْبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يقال: أَصْبَــحْنا إِصباحاً ومُصْبَحاً؛
وقول النمر بن تَوْلَبٍ:
فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسمْتَحْكِمٌ،
وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْراً طَما
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَصْبَحْتُ من المِصْباحِ؛ وقال غيره: شبه
البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذلك قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟
كأَنه، في عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فيقول النمر بن تولب: شِمْتُ هذا البرق والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ
البرقَ مِصْباح إِذ المصابيح إِنما توقد في الظُّلَم، وأَحسن من هذا أَن
يكون البرقُ فَرَّج له الظُّلْمةَ حتى كأَنه صُبْح، فيكون أَصبحت حينئذ من
الصَّباح؛ قال ثعلب: معناه أَصْبَحْتُ فلم أَشْعُر بالصُّبح من شدّة
الغيم؛ والشَّمَعُ مما يُصْطَبَحُ به أَي يُسْرَجُ به. والمِصْبَحُ
والمِصْباحُ: قَدَحٌ كبير؛ عن أَبي حنيفة. والمَصابيح: الأَقْداح التي يُصْطبح
بها؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النجوم: أَعلام الكواكب، واحدها مِصْباح. والمِصْباح:
السِّنانُ العريضُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، كذلك؛ قال ابن سيده: لا أَدري
إِلامَ نُسِبَ.
والصَّباحةُ: الجَمال؛ وقد صَبُحَ، بالضم، يَصْبُح صَباحة. وأَما من
الصَّبَح فيقال صَبِحَ
(* قوله «فيقال صبح إلخ» أي من باب فرح، كما في
القاموس.) يَصْبَحُ صَبَحاً، فهو أَصْبَحُ الشعر.
ورجل صَبِيحٌ وصُباحٌ، بالضم: جميل، والجمع صِباحٌ؛ وافق الذين يقولون
فُعال الذين يقولون فَعِيل لاعتِقابهما كثيراً، والأُنثى فيهما، بالهاء،
والجمع صِباحٌ، وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية؛ وقد صَبُحَ
صَباحة؛ وقال الليث: الصَّبِيح الوَضِيءُ الوجه. وذو أَصْبَحَ: مَلِكٌ من
ملوك حِمْيَر
(* قوله «ملك من ملوك حمير» من أَجداد الإمام مالك بن أنس.)
وإِليه تنسب السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة. والأَصْبَحِيُّ: السوط.
وصَباحٌ: حيّ من العرب، وقد سَمَّتْ صُبْحاً وصَباحاً وصُبَيْحاً
وصَّبَّاحاً وصَبِيحاً ومَضْبَحاً. وبنو صُباح: بطون، بطن في ضَبَّة وبطن في
عبد القَيْس وبطن في غَنِيٍّ. وصُباحُ: حيّ من عُذْرَة ومن عبد القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بطن من مُراد.
حنأ: حَنَأَتِ الأَرضُ تَحْنَأُ: اخْضَرَّت والتفَّ نَبْتُها. وأَخْضَر
ناضِرٌ وباقِلٌ وحانِئٌ: شديد الخُضْرة.
والــحِنّاءُ، بالمد والتشديد: معروف، والــحِنّاءة: أَخصُّ منه، والجمع حِنّانٌ، عن أَبي حنيفة، وأَنشد:
ولقد أَرُوحُ بِلِمّةٍ فَيْنانةٍ، * سَوْداءَ، لم تُخْضَبْ من الــحِنّانِ
وحَنَّأَ لِحْيتَه وحَنَّأَ رأْسَه تَحْنِيئاً وتَحْنِئةً: خَضَبه
بالــحِنّاء.
وابن حِنَّاءة: رجل. والــحِنّاءَتان: رَمْلتان في ديار تميم؛ الأَزهري: ورأَيت في ديارهم رَكِيَّة تُدعَى الــحِنّاءة، وقد وردتها، وماؤُها في صفرة.
حلن: الحُلاّنُ: الجدْي، وقيل: هو الجَدْيُ الذي يُشَقُّ عليه بطن أُمه
فيخرج؛ قال الجوهري: هو فُعّالٌ مبدل من حُلاَّم، وهما بمعنى؛ قال ابن
أَحمر:
فِداكَ كلُّ ضَئِيلِ الجِسْمِ مُخْتَشِع
وَسْطَ المَقامةِ، يَرْعى الضَّأْنَ أَحياناً
تُهْدَى إليه ذِراعُ الجَدْي تَكْرِمةً،
إمّا ذبيحاً، وإمّا كان حُلاّنا.
يريد: أَن الذراع لا تُهْدَى إلا لِمَهينٍ ساقطٍ لقلَّتها وحقارتها،
وروي:
إمّا ذكيّاً، وإمّا كان حُلاّنا.
والذَّبيحُ: الكبير الذي قد أَدرك أَن يُضَحَّى به وصلح أَن يُذْبح
للنُّسك. والحُلاَّن: الجدْيُ الصغير ولا يصلح للنُّسُك ولا للذَّبْح، وقيل:
الذَّكيُّ الذي ماتَ، وإنما جاز أكله بعد موته لأَنه لما وُلِد جُعِل في
أُذنه حَزٌّ، على ما نشرحه؛ قال الجوهري: وإن جعلته من الحلال فهو
فُعْلان، والميم مبدلة منه؛ وقال الأَصمعي: الحُلاَّمُ والحُلاَّن، بالميم
والنون، صِغار الغنم. وقال اللحياني: الحُلاَّن الحَمَل الصغير يعني الخروف،
وقيل: الحُلاَّن لغة في الحُلاّم كأَنَّ أَحَدَ الحرفين بدلٌ من صاحبه،
قال: فإِن كان ذلك فهو ثلاثيٌّ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه قَضى في
فِداءِ الأَرنب، إذا قتلَه المُحْرِم، بِحُلاَّن، هو الحُلاَّم، وقد
فُسِّر في الحديث أَنه الحَمَل. الأَصمعي: وَلد المعزى حُلاَّمٌ وحُلاَّن.
ابن الأَعرابي: الحُلاَّم والحُلاَّن واحد، وهما ما يُولد من الغنم
صغيراً، وهو الذي يَخُطُّون على أُذنه إذا وُلِدَ خَطّاً فيقولون ذَكَّيْناه،
فإن مات أَكَلوه. وقال أَبو سعيد: ذكر أَن أَهل الجاهلية كانوا إذا
وَلَّدوا شاة عَمَدوا إلى السخلة فشَرَطوا أُذنَها وقالوا وهم يَشْرِطون:
حُلاَّن حُلاَّن أَي حَلالٌ بهذا الشَّرْط أَن تؤكل، فإن ماتت كان ذكاتُها
عندهم ذلك الشرْط الذي تقدَّم، وهو معنى قول ابن أَحمر، قال: وسُمّي
حُلاّناًإذا حُلَّ من الرّبْق فأَقبَل وأَدْبر، ونونه زائدة، ووزنه فُعْلان لا
فُعّال. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: أَنه قضى في أُم حُبَينٍ يقتُلها
المُحْرِم بحُلاَّن، والحديث الآخر: ذُبِح عثمانُ كما يُذْبَح الحُلاَّنُ
أَي أَن دمه أُبْطِل كما يُبْطَل دمُ الحلاَّن. الجوهري: ويقال في الضبّ
حُلاَّنٌ، وفي اليَرْبُوع جَفْرة. وقال أَبو عبيدة في الحُلاَّن: إن أَهل
الجاهلية كان أَحدهم إذا وُلِد له جَدْيٌ حَزَّ في أُذنه حَزّاً وقال:
اللهم إن عاش فقَنيٌّ، وإن مات فذَكِيٌّ، فإن عاش فهو الذي أَراد، وإن مات
قال قد ذكيَّْتُه بالحُزِّ فاستجاز أَكله بذلك؛ وقال مُهَلْهِل:
كلُّ قَتيلٍ في كُلَيبٍ حُلاَّنْ،
حتى يَنالَ القَتْلُ آلَ شَيْبانْ.
ويروى: حُلاَّم وآلَ هَمَّام، ومعنى حُلاَّن هَدَرٌ وفِرْغٌ. وحُلْوان
الكاهن: من الحَلاوة، نذكره في حلا.
عطف: عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ. ورجل عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي
المُنْهَزِمين. وعطَف عليه يَعْطِفُ عَطفاً: رجع عليه بما يكره أَو له بما
يريد. وتعطَّف عليه: وصَلَه وبرَّه. وتعطَّف على رَحِمه: رَقَّ لها.
والعاطِفةُ: الرَّحِم، صفة غالبة. ورجل عاطِف وعَطُوف: عائد بفضله حَسَنُ
الخُلُق. قال الليث: العطَّاف الرجل الحسَن الخُلُق العطوف على الناس بفضله؛
وقول مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابن الأَعرابي:
وجْدِي به وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه
بنَخَلةَ، لم تَعْطِفْ عليه العواطِفُ
لم يفسر العواطف، وعندي أَنه يريد الأَقْدار العَواطِفَ على الإنسان بما
يُحِبُّ. وعَطَفْت عليه: أَشْفَقْت. يقال: ما يَثْنيني عليك عاطِفةٌ من
رَحِم ولا قَرابة. وتعطَّف عليه: أَشْفَقَ. وتعاطَفُوا أَي عطَف بعضهم
على بعض. واسْتَعطَفَه فعطَف. وعَطف الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً
فانعطَفَ وعطَّفه فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة. ويقال: عطفْت
رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى. وعطفْت أَي مِلْت.
والعَطائف: القِسِيُّ، واحدتها عَطِيفةٌ كما سَمَّوْها حَنِيّة. وجمعها
حَنيٌّ. وقوس عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إحدى السِّيَتَين على
الأُخرى. والعطيفةُ والعِطافةُ: القوس؛ قال ذو الرمة في العَطائف:
وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه،
على البِيضِ في أَغمادِها والعَطائِفِ
يعني بُرْداً يُظَلَّل به، والبيضُ: السُّيوف، وقد عَطَفَها يَعْطِفُها.
وقوس عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قال أُسامةُ الهذلي:
فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه،
وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِمدُ
(* قوله «مرير إلخ» أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده
هناك بالجر والصواب رفعهما.)
وكل ذلك لتَعَطُّفِها وانــحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة ولفاح مُعطَّفة،
وربما عَطَفُوا عِدَّة ذود على فصيل واحد فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن على ذلك
ليَدْرِرْن. قال الجوهري: والقوس المعْطوفة هي هذه العربية.
ومُنْعَطَفُ الوادي: مُنْعَرَجُه ومُنْــحَناه؛ وقول ساعدة بن جؤية:
من كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ
مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب
يعني بعِطافة هنا مُنْحَنًى، يصف صخرة طويلة فيها نحْل. وشاة عاطفة
بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لغير علة. وفي حديث الزكاة: ليس فيها
عَطْفاء أَي مُلْتَوِيةُ القرن وهي نحو العَقْصاء. وظَبْية عاطِفٌ:
تَعْطِفُ عنقها إذا رَبَضَت، وكذلك الحاقِفُ من الظِّباء. وتعاطَف في مَشْيه:
تَثنَّى. يقال: فلان يتَعاطفُ في مِشْيته بمنزلة يتَهادى ويَتمايلُ من
الخُيلاء والتبَخْتُر.
والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عن كراع، والغين المعجمة أَعلى. وفي حديث
أُمّ مَعْبَد: وفي أَشفاره عَطَفٌ أَي طول كأَنه طال وانعطَف، وروي
الحديث أَيضاً بالغين المعجمة. وعطَف الناقةَ على الحُوار والبوّ: ظأَرَها.
وناقة عطوفٌ: عاطِفةٌ، والجمع عُطُفٌ. قال الأَزهري: ناقة عَطُوف إذا
عُطِفَت على بَوٍّ فرَئمَتْه. والعَطُوف: المُحِبَّة لزوجها. وامرأَة
عَطِيفٌ: هَيِّنة ليّنة ذَلول مِطْواع لا كِبر لها، وإذا قلت امرأَة عَطُوف، فهي
الحانيةُ على ولدها، وكذلك رجل عَطوف. ويقال: عَطَفَ فلان إلى ناحية كذا
يَعْطِفُ عَطْفاً إذا مال إليه وانعطف نحوه. وعَطف رأْسَ بعيره إليه إذا
عاجَه عَطْفاً. وعَطفَ اللّه تعالى بقلب السلطان على رَعِيّته إذا جعله
عاطفاً رَحِيماً. وعطَف الرجل وِساده إذا ثناه ليرْتَفِقَ عليه
ويَتّكِئ؛ قال لبيد:
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرَى،
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
والعَطُوفُ والعاطُوفُ وبعض يقول العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فيها خشبة
مَعطوفة الرأْس، سميت بذلك لانعطاف خشبتها. والعَطْفةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بها
النساء الرجالَ، وأَرى اللحياني حكى العِطْفة، بالكسر. والعِطْفُ:
المَنْكِب. قال الأَزهري: مَنكِب الرجل عِطْفه، وإبْطُه عِطْفُه. والعُطوف:
الآباطُ. وعِطْفا الرجل والدابة: جانباه عن يمين وشمال وشِقَّاه من لَدُنْ
رأْسه وَرِكه، والجمع أَعْطاف وعِطاف وعُطُوف. وعِطْفا كل شيء: جانباه.
وعطَف عليه أَي كَرَّ؛ وأَنشد الجوهري لأَبي وجزة:
العاطِفُون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُطْعِمُون، زَمان أََيْنَ المُطْعِمُ؟
قال ابن بري: ترتيب إنشاد هذا الشعر:
العاطفون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُنْعِمُون يداً، إذا ما أَنْعَمُوا
واللاَّحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى،
والمُطْعِمُون، زمان أَينَ المُطعِمُ؟
وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثاني عِطْفِه أَي رَخيَّ البالِ. وفي
التنزيل: ثاني عِطْفِه ليُضِلَّ عن سبيل اللّه؛ قال الأَزهري: جاء في التفسير
أَن معناه لاوِياً عُنقَه، وهذا يوصف به المتكبِّر، فالمعنى ومِن الناس
من يُجادِل في اللّه بغير علم ثانياً عِطفَه أَي متكبراً، ونَصْبُ ثانيَ
عطفه على الحال، ومعناه التنوين كقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الكعْبةِ؛
أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وقال أَبو سهم الهذلي يصف حِماراً:
يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه
حَريقٌ، أُّشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ
أَراد أُشِيعَ في الأَباءة فحذف الحرف وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصُِدُ
الأَباءة بإِحْراقه إياها. ومرَّ ينظُر في عِطفَيْه إذا مرَّ مُعجَباً.
والعِطافُ: الإزار. والعِطافُ: الرِّداء، والجمع عُطُفٌ وأَعْطِفة،
وكذلك المِعْطَفُ وهو مثل مئْزر وإزار وملِحَف ولِحاف ومِسْرَد وسِرادٍ،
وكذلك مِعْطف وعِطافٌ، وقيل: المَعاطِفُ الأَرْدِيةُ لا واحد لها، واعْتَطَفَ
بها وتعطَّف: ارْتدى. وسمي الرِّداء عِطافاً لوقُوعه على عِطْفَي
الرّجل، وهما ناحيتا عنقه. وفي الحديث: سُبحان مَن تعطَّف بالعِزِّ وقال به،
ومعناه سبحان من تَرَدَّى بالعز؛ والتعطُّف في حقِّ اللّه مَجازٌ يُراد به
الاتّصاف كأَنَّ العز شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هذا قول ابن الأَثير، ولا
يعجبني قوله كأَنّ العز شَمله شمولَ الرِّداء، واللّه تعالى يشمل كل شيء؛
وقال الأَزهري: المراد به عز اللّه وجَماله وجَلاله، والعرب تضع
الرِّداء موضع البَهْجة والحُسن وتَضَعُه موضع النَّعْمة والبهاء. والعُطوفُ:
الأَرْدِيةُ. وفي حديث الاستسقاء: حَوَّل رِداءه وجعل عِطافَه الأَيمنَ على
عاتقه الأَيسر؛ قال ابن الأَثير: إنما أَضاف العِطاف إلى الرِّداء لأنه
أَراد أَحد شِقّي العِطاف، فالهاء ضمير الرداء، ويجوز أَن يكون للرجل،
ويريد بالعِطافِ جانبَ ردائه الأَيمن؛ ومنه حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما:
خرج مُتَلَفِّعاً بعِطاف. وفي حديث عائشة: فناولتها عِطافاً كان عليَّ
فرأَت فيه تَصْلِيباً فقالت: نَحِّيه عنّي. والعِطاف: السيف لأَن العرب
تسميه رداء؛ قال:
ولا مالَ لي إلا عِطافٌ ومِدْرَعٌ،
لكم طَرَفٌ منه حَديدٌ، ولي طَرَفْ
الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الذي يُضرب به، والطرَف الثاني: مَقْبِضُه؛
وقال آخر:
لا مالَ إلا العِطافُ، تُؤْزِرهُ
أُمُّ ثلاثين وابنةُ الجَبَلِ
لا يَرْتَقي النَّزُّ في ذَلاذِلِه،
ولا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ
عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها
لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ
أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ،
إن لم يُرِعْها بالماء لم تُنَلِ
قال ثعلب: هذا وصَف صُعْلوكاً فقال لا مالَ له إلا العِطافُ، وهو السيف،
وأُم ثلاثين: كنانة فيها ثلاثون سهماً، وابنةُ الجبل: قَوسُ نَبْعةٍ في
جبل وهو أَصْلَبُ لعُودها ولا يناله نزٌّ لأَنه يأْوي الجبال، والعُصرة:
المَلْجأُ، والنُّطفة: الماء، واللِّصْب: شَقُّ الجبل، والوَجْبة:
الأَكْلة في اليوم، والأَشْكَلة: شجرة. واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ والقوس؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَن يَعْتَطِفْه على مِئْزرِ،
فنِعْم الرِّداء على المئْزرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء،
وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء
إنما عنى به رداء الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابن شميل: العِطاف
تَرَدِّيك بالثوب على مَنكِبيك كالذي يفعل الناس في الحرِّ، وقد تعطَّف
بردائه. والعِطافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وكل ثوب تعَطَّفَه أَي تَردَّى
به، فهو عِطاف.
والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل من الظِّهارة على البطانة.
والعَطَّاف: في صفة قِداح المَيْسِر، ويقال العَطوف، وهو الذي يَعْطِفُ
على القداح فيخرج فائزاً؛ قال الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ في جَمِّه،
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
وقال القُتيبي في كتاب المَيْسِر: العَطوف القِدْح الذي لا غُرْم فيه
ولا غُنْم له، وهو واحد الأَغْفال الثلاثة في قِداح الميسر، سمي عَطُوفاً
لأنه في كل رِبابة يُضرب بها، قال: وقوله قِدحاً واحد في معنى جميع؛ ومنه
قَوله:
حتى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كما
خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ
السَّبِيخُ: ما نَسَل من ريش الطير التي ترد الماء، والقَمِيرُ:
المَقْمُور، والطامِعُ: الذي يطمع أَن يَعُود إليه ما قُمِر. ويقال: إنه ليس
يكون أَحد أَطمع من مَقْمُور، وخَصِلٌ: كثر خِصال قَمْرِه؛ وأَما قول ابن
مقبل:
وأَصْفَرَ عطَّافٍ إذا راحَ رَبُّه،
غدا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ
فإنه أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عن مآخِذِ القِداح وينفرد، وروي
عن المؤرّج أَنه قال في حَلْبة الخيل إذا سُوبق بينها، وفي أَساميها: هو
السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي والتالي والعاطِفُ
والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قال أَبو عبيد: لا يُعرف
منها إلا السابق والمصلِّي ثم الثالث والرابع إلى العاشر، وآخرها السكِّيت
والفُِسْكل؛ قال الأَزهري: ولم أَجد الرواية ثابتة عن المؤرّج من جهة من
يوثق به، قال: فإن صحت الرواية عنه فهو ثقة.
والعِطْفة: شجرة يقال لها العَصْبةُ وقد ذكرت؛ قال الشاعر:
تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ
وقال مرة: العَطَف، بفتح العين والطاء، نبت يَتَلَوَّى على الشجر لا ورق
له ولا أَفنان، ترعاه البقر خاصة، وهو مُضِرّ بها، ويزعمون أَن بعض
عروقه يؤخذ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح على المرأَة الفارك فتُِحب زوجها. قال
ابن بري: العَطَفةُ اللبلاب، سمي بذلك لتلويه على الشجر. قال الأَزهري:
العِطْفَةُ والعَطْفَة هي التي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بها من الشجر، وأَنشد
البيت المذكور وقال: قال النضر إنما هي عَطَفةٌ فخففها ليستقيم له الشعر.
أَبو عمرو: من غريب شجر البر العَطَف، واحدتها عَطَفة.
ابن الأَعرابي: يقال تَنَحَّ عن عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه
ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه:
وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسمان، والأَعرف غُطَيْف، بالغين المعجمة؛ عن ابن
سيده.
حنتم: الحَنْتَم: جِرارٌ خُضْرٌ تَضرب إِلى الحمرة؛ قال طُفَيْلٌ يصف
سحاباً:
لَه هَيْدبٌ دانٍ كأَن فُروجَه،
فُوَيْقَ الحَصى والأَرْضِ، أَرفاضُ حَنْتَمِ
قال ابن بري: ومنه قول عَمرو بن شَأْس:
رَجَعْتُ إِلى صَدْرٍ كجَرَّةِ حَنْتَمٍ،
إِذا قُرِعَتْ صِفْراً من الماء صَلَّتِ
وقال النعمان بن عَدِيٍّ:
مَنْ مُبْلِغُ الــحَْناء أَنَّ حَليلَها،
بمَيْسانَ، يُسْقى من رُخامٍ وحَنْتَمِ؟
والحَنْتَمُ: سحاب، وقيل: سحاب سود. والــحَناتم: سَحائب سود لأَن السواد
عندهم خضرة؛ قال أَبو ذؤيب:
سَقى أُمَّ عمروٍ، كلَّ آخرِ ليلةٍ،
حناتمُ سُحْمٌ ماؤُهنَّ ثَجيجُ
والواحدة حَنتمةٌ، وأَصل الحَنْتَمِ
الخضرة، والخضرة قريبة من السواد. وحَنتَمٌ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
كأَنكَ بالصحْراءِ من فَوقِ حَنْتَم
تُناغِيكَ، من تحت الخُدُورِ، الجَآذر
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن الدُّبَّاءِ
والحَنْتَم؛ قال أَبو عبيد: هي جِرارٌ حُمْرٌ كانت تُحْمَلُ إِلى المدينة فيها
الخمرُ؛ قال الأَزهري: وقيل للسحاب حَنْتَم وحَناتم لامتلائها من الماء،
شُبِّهَتْ بــحَناتم الجِرار المملوءة، وفي النهاية: الحَنْتَمُ جرار مدهونة
خضر كانت تُحْمَلُ الخمرُ فيها إلى المدينة، ثم اتُّسِعَ فيها فقيل
للخَزَف كلِّه حَنْتم، واحدتها حَنْتَمةٌ، وإِنما نهى عن الانتباذ فيها
لأَنها تُسْرِعُ الشدةُ فيها لأَجل دهنها، وقيل: لأَنها كانت تُعْمل من طين
يعجن بالدم والشعر، فنهى عنها ليُمْتنَع من عملها، والأَول الوجه. وفي
حديث ابن العاص: أَن ابن حَنْتَمَةَ بعَجَتْ له الدنيا مِعاها؛ حَنْتَمَةُ:
أُم عمر بن الخطاب،رضي الله عنه، وهي بنت هاشم بن المغيرة.