حفأل: ابن سيده: حُفَائل موضع، وقد ذكر في حفل لأَن همزته تحتمل أَن
تكون زائدة وأَصلاً، فمثال ما هي فيه زائدة حُطائط وجُرَائض، ومثال ما هي
فيه أَصل عتائل وبُرَائل، قال: وهذا كله قول سيبويه، وقد تقدم ذكره في
حفل.
حفأل: ابن سيده: حُفَائل موضع، وقد ذكر في حفل لأَن همزته تحتمل أَن
تكون زائدة وأَصلاً، فمثال ما هي فيه زائدة حُطائط وجُرَائض، ومثال ما هي
فيه أَصل عتائل وبُرَائل، قال: وهذا كله قول سيبويه، وقد تقدم ذكره في
حفل.
حمم: قوله تعالى: حم؛ الأزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال
آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: وعليه العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ:
السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال: قال حاميم
اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال
الزجاج: والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود: آل
حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ
السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،
نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال الجوهري: وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو
عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد:
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم
لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قال: وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد
بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وفي حديث الجهاد: إذا
بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير: قيل معناه اللهم لا
يُنْصَرُون، قال: ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا
يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل: إن السُّوَر التي
أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ
به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين
قال قولوا حاميم، قيل: ماذا يكون إذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أبو
حاتم: قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال: والصواب ذَواتُ طس
وذَواتُ حم وذواتُ أَلم.
وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ. وحُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما
أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي
وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني
فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيده: والتقدير عندي للِقائي
فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي. وحَمَّ
اللهُ له كذا وأَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ
أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري
لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ
وقال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي
قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً،
وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ
أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه: ما قُدِّرَ وقُضِيَ. يقال:
عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق،
والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومَ حَمٌّ لميعادها
أي قَدَرٌ، ويروى: هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له. ونزل به
حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَّمَ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر
يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ
وقال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: ويقال حَمَمْتُ ارتحال
البعير أي عجلته. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دنا وحضر؛ قال
زهير:وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو
معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم: وأَجَمَّتْ. وقال الأَصمعي:
أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير:
وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء: أَحَمَّتْ
في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ
الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه
كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من
حاجة. وقال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا
الكسائي: أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت
للبَيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ،
أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وقال: وكلهم يرويه بالحاء. وقال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال:
ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً،
وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال
الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ
فهو قُدِّرَ. وفي حديث أبي بكر: أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إنا
جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال
ابن الأثير: وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا
قرب دنا.
والحَمِيمُ: القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد
والجمع والمؤنث بلفظ واحد. والمْحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني.
واحْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له
كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،
كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ
ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها
يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً،
وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام. واحْتَمَّتْ عيني:
أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك،
وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن
ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ
أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا
الأمر أي ثابت عليه. واحْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. وهو من حُمَّةِ نفسي أي من
حُبَّتها، وقيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري: فلان حُمَّةُ نفسي
وحُبَّة نفسي.
والحامَّةُ: العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده. يقال:
كيف الحامَّةُ والعامة؟ قال الليث: والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه
ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال: هؤلاء
حامَّتُه أي أَقرِباؤه. وفي الحديث: اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي
أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان: خاصتُه ومن يقرب
منه؛ ومنه الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وقال الفراء في قوله
تعالى: ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم
يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك
الذي تهتم لأمره.
وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشيء: معظمه. وفي حديث عمر: إذا التقى الزَّــحْفانِ وعند حُمَّةِ
النَّهْضات أي شدتها ومعظمها. وحُمَّةُ كل شيء: معظمه؛ قال ابن الأَثير:
وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّة ِ السِّنان.، وهي حِدَّتُه.
وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا،
حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ
الأزهري: ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود
بمعنى واحد. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. وشربتُ البارحة
حَميمةً أي ماء سخناً.
والمِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. ويقال: اشربْ
على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء
حارّ. والحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا.
وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ
إذا سُخِّنَ. وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. وكل ما سُخِّنَ فقد
حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما
فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما
يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا
يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء
الحارُّ، قال: والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده:
وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ
الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف. وفي الحديث
أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ.
الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري
لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا
بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى
بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا
تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف
حَمّاماً وهو قوله:
فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،
لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ
قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه
العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ
والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً
حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن
الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ
فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري: فالحَميم عند ابن الأعرابي من
الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت
المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ
ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم
وحكى شمر عن ابن الأعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان
جمراً تتبخر به.
والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن
دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ
والمَرْضَى. وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ
ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي
أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون. وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ
زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام. واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء
الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار. والاستِحْمامُ: الاغتسال
بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء
كان. وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي
يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو
كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه
الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله
عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف
الإبل:فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،
وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها
فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده.
والحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال
الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم
رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ
وقال ابن سيده: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ.
والحَمِيمُ: القَيْظ. والحميم: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ،
وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم
قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ،
إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به
الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا
دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يطيب عرقُه.
الأزهري: يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب
عَرَقُك.والحُمَّى والحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما
حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ: أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله
وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن
سيده: ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من
أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ
جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم
الحُمَّى؛ قال ابن سيده: وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى
والرُّجْعَى.والمَحَمَّةُ: أرض ذات حُمَّى. وأرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، وقيل:
ذات حُمَّى. وفي حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات
حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب. قال ابن سيده:
وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من
القياس أَن يقال، وقد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه
الآكلُ، وقيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا
كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات
حُمِّى كثيرة.
والحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه
الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة.
الأزهري عن ابن شميل: الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما
الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع
الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد
تقدم في بابه. ويقال: أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ
الناس.والحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛
قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ
وقيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء،
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء
الأصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ،
واحدتها حَمَّة، قال: وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال
الأزهري: والصحيح ما قال الأصمعي، قال: وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام
البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من
الألية بعد الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أذبتها. وحَمَّ الشحمةَ
يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها
يقول: تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. ويقال: خُذْ أَخاك
بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام.
والحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء،
والاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ
وقال الأَعشى:
فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ
فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ
وقال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ
أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأصمعي: وفي الكُمْتة لونان: يكون الفرس
كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً
وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده: والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة
والكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل
شيء. وفي حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل: الأَحَمّ
الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى
وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال
أبو كبير الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم
(* قوله «كحناء ظهر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: كجآء).
وقال حسان بن ثابت:
وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له،
من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
والاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ،
في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ
عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من
السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها.
والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري:
الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ.
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ،
بالكسر، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ:
الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من
النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل
حُمَمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِن رجلاً أَوصى
بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا
صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال
طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. ويقال أَيضاً:
حَمَّ الماءُ
أَي صار حارّاً. وحَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ.
وفي حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ
بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ.
وفي حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ
لَونه. وجارية حُمَمَةٌ: سوداء. واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛
أَنشد سيبويه:
وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو
الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قال ابن سيده: اليَحْمومُ الدخانُ. وقوله تعالى: وظِلٍّ من يَحْمومٍ،
عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول
قوله عز وجل: لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه
موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل: اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار،
قال الليث: واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان
للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ
وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد:
والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ،
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود من كل شيء. قال ابن سيده: وتسميته بالَيحْمومِ
تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون
من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس
أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ. والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة
حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. ونبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. وحَمَّمَ الفرخُ:
طلَع ريشُه، وقيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده: وحَمَّمَ
الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ
رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى
أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات
ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره
بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر
سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته.
وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشيء بعد الطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما
هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما
هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ
حِفاظاً، وأَصحابُ الــحِفاظِ قليل
وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً،
وكان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري: قال
سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة.
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته
فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق،
وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في
معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل.
وثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ
المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ
وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام. ابن سيده: الحَمام من الطير البَرّيُّ
الذي لا يأْلَف البيوت، قال: وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال
الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: وأَما الحمام فكلُّ ما كان
ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع
على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال
للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا
فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول
العَجَّاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،
والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا
الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما
الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس
واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت،
وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. وروى
الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها
القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة،
آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما
عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية
والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم
يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. والهَدير: صوت الحمام كله، وجمعُ
الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول
الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا
وقال جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قال الجوهري: والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت
والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند
العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ
الهلالي:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة ههنا: قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة:
واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
(* وفي رواية أخرى: سِراعٍ)
هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قال: والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما
اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي،
وكان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛
قال ابن الأَثير: وفي حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ
والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛
قال: وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره.
وحُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري: وسنذكره
في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ،
وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً. والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛
قال:إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها
والحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:
يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ،
من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري
للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ
والحَمامة: خِيار المال. والحَمامة: سَعْدانة البعير. والحَمامة: ساحة
القصر النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة
الجميلة. والحمامة: حَلْقة الباب. والحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ.
والحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر
بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده: وهو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ
حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. وحَمَّةُ
وحُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض
الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة،
والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال،
وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً
كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير. وحَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو
طَريفَ بن عمرو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام
السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال
الشاعر:أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فقال:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء. وحِمَّانُ: حَيٌّ من
تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: وحَمَّانُ،
بالفتح، اسم رجل
(* قوله «وحمان بالفتح اسم رجل» قال في التكملة:؛ المشهور فيه
كسر الحاء). وحَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن
الأَعرابي، قال: وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد،
وليس بشيء. وقالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه: مالك
بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر.
والحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير
(* قوله «عند الشعير» أي عند
طلبه، أفاده شارح القاموس). وقد حَمْحَمَ، وقيل: الحَمْحَمة
والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث:
الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ
الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ
حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى
صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. وفي الحديث: لا يجيء أَحدُكم يوم
القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ. الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا
نَبَّ وأَراد السِّفادَ.
والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم
والخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء
المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قال ابن بري: وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه
حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. وقال مرة:
الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم. وقال مرة:
الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع.
والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع
أَعرابّياً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا:
حَمْحامِ.
واليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. واليَحاميمُ: الجبال السود.
حبا: حَبَا الشيءُ: دَنا؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وأَحْوَى، كأَيْمِ الضَّالِ أَطْرَقَ بعدَما
حَبَا تَحْتَ فَيْنانٍ، من الظِّلِّ، وارفِ
وحَبَوْتُ للخَمْسِين: دَنَوْتُ لها. قال ابن سيده: دنوتُ منها. قال ابن
الأَعرابي: حباها وحَبَا لَها أَي دَنا لَها. ويقال: إِنه لَحابِي
الشَّراسِيف أَي مُشْرِفُ الجَنْبَيْنِ. وحَبَتِ الشَّراسِيفُ حَبْواً: طالتْ
وتَدانَتْ. وحَبَتِ الأَضْلاعُ إِلى الصُّلْب: اتَّصَلَتْ ودَنَتْ.
وحَبَا المَسِيلُ: دنا بَعْضُه إلى بعض. الأَزهري: يقال حَبَتِ
الأَضْلاعُ وهو اتِّصالُها؛ قال العجاج:
حَابِي الحُيودِ فارِضُ الحُنْجُورِ
يعني اتصالَ رؤوس الأَضلاع بعضها ببعض؛ وقال أَيضاً:
حابِي حُيُودِ الزَّوْرِ دَوْسَرِيُّ
ويقال للمَسايِل إِذا اتَّصلَ بعضُها إِلى بعض: حَبَا بعضُها إِلى بعض؛
وأَنشد:
تَحْبُو إِلى أَصْلابه أَمْعاؤُه
قال أَبو الدُّقَيْش: تَحْبُو ههنا تَتَّصل، قال: والمِعَى كُلُّ
مِذْنَبٍ بقَرار الحَضيض؛ وأَنشد:
كأَنَّ، بَيْنَ المِرْطِ والشُّفُوفِ،
رَمْلاً حَبا من عَقَدِ العَزِيفِ
والعَزيف: من رمال بني سعد. وحَبَا الرملُ يَحْبُو حَبْواً أَي أَشَرَفَ
مُعْتَرِضاً، فهو حابٍ. والحَبْوُ: اتِّساعُ الرَّمْل. ورجل حَابِي
المَنْكِبَيْن: مُرْتَفعُهما إِلى العُنُق، وكذلك البعير.
وقد احْتَبَى بثوبه احْتِباءً، والاحْتِباءُ بالثوب: الاشتمالُ، والاسم
الحِبْوَةُ
(* قوله «والاسم الحبوة إلخ» ضبطت الاولى في الأصل كالصحاح
بكسر الحاء، وفي القاموس بفتحها كما هو مقتضى اطلاقه). والحُبْوَةُ
والحِبْيَةُ؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
أَرْيُ الجَوارِسِ في ذُؤابةِ مُشْرِفٍ،
فيه النُّسُورُ كما تَحَبَّى المَوْكِبُ
يقول: استدارت النُّسورُ فيه كأَنهم رَكْبٌ مُحْتَبُونَ. والحِبْوة
والحُبْوة: الثوبُ الذي يُحْتَبَى به، وجمعها حِبىً، مكسور الأَول؛ عن يعقوب؛
قال ابن بري: وحُبىً أَيضاً عن يعقوب ذكرهما معاً في إِصلاحه؛ قال:
ويُرْوَى بيتُ الفرزدق وهو:
وما حُلَّ مِنْ جَهْلٍ حُبَى حُلَمائنا،
ولا قائلُ المعروفِ فينا يُعَنَّفُ
بالوجهين جميعاً، فمن كَسَر كان مثل سِدْرة وسِدَرٍ ومن ضم فمثل
غُرْفَةٍ وغُرَف. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن الاحْتِباء في ثوب واحد؛ ابن
الأَثير: هو أَن يَضُمَّ الإِنسانُ رجليه إِلى بطنه بقوب يجمعهما به مع ظهره
ويَشُدُّه عليها، قال: وقد يكون ا لاحْتباء باليدين عِوَضَ الثوب، وإِنما
نهى عنه لأَنه إِذا لم يكن عليه إِلا ثوب واحد ربما تحرّك أَو زال الثوب
فتبدو عورته؛ ومنه الحديث: الاحْتِباءُ حِيطَانُ العَرب أَي ليس في
البراري حِيطانٌ، فإِذا أَرادوا أَن يستندوا احْتَبَوْا لأَن الاحتِباء يمنعهم
من السُّقوط ويصير لهم كالجدار. وفي الحديث: نُهِيَ عن الحَبْوةِ يومَ
الجمعة والإِمامُ يخطب لأَن الاحْتِباءَ يَجْلُب النومَ ولا يَسْمَعُ
الخُطْبَةَ ويُعَرِّضُ طهارتَه للانتقاض. وفي حديث سَعْدٍ: نَبَطِيٌّ في
حِبْوَتِه؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم، وقد تقدم.
والعرب تقول: الحِبَا حِيطَانُ العرب، وهو ما تقدم، وقد احْتَبَى بيده
احْتِباءً. الجوهري: احْتَبَى الرجلُ
إِذا جَمَع ظهره وساقيه بعمامته، وقد يَحْتَبِي بيديه. يقال: حَلَّ
حِبْوَته وحُبْوَتَه. وفي حديث الأَحْنف: وقيل له في الحرب أَين الحِلْمُ؟
فقال: عند الحُبَى؛ أَراد أَن الحلم يَحْسُن في السِّلْم لا في الحرب.
والحَابِيةُ: رملة مرتفعة مُشْرِفة مُنْبتة. والحَابِي: نَبْتٌ سمي به
لِحُبُوّه وعُلُوِّه.
وحَبَا حُبُوّاً: مشى على يديه وبطنه. وحَبا الصَّبِيُّ حَبْواً: مشى
على اسْتِه وأَشرف بصدره، وقال الجوهري: هو إِذا زَحَفَ؛ قال عمرو بن
شَقِيقٍ:
لولا السِّفَارُ وبُعْدُه من مَهْمَهٍ،
لَتَركْتُها تَحْبو على العُرْقُوبِ
قال ابن بري: رواه ابن القطاع: وبُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَهٍ، وبُعْدُه من
مَهْمَهٍ. الليث: الصبي يَحْبُو قبل أَن يقوم، والبعير المَعْقُول يَحْبُو
فَيَزْحَفُ حَبْواً. وفي الحديث: لو يعلمون ما في العَتَمةِ والفجر
لأَتوهما ولو حَبْواً؛ الحَبْوُ: أَن يمشي على يديه وركبتيه أَو استه. وحَبَا
البعيرُ إِذا بَرَك وزَحَفَ من الإِعْياء.
والحَبِيُّ: السحابُ الذي يُشرِفُ من الأُفُق على الأَرض، فَعِيل، وقيل:
هو السحاب الذي بعضه فوق بعض؛ قال:
يُضِيءُ حَبِيّاً في شَمارخ بيضِ
قيل له حَبِيٌّ من حَبَا كما يقال له سَحاب من سَحَب أَهدابه، وقد جاء
بكليهما شعرُ العرب؛ قالت امرأَة:
وأَقْبلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَبِير،
سِياقَ الرِّعاءِ البِطَاء العِشَارَا
وقال أَوسٌ:
دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه،
يَكادُ يدفعه مَنْ قامَ بالرَّاحِ
وقالت صبية منهم لأَبيها فتجاوزت ذلك:
أَناخَ بذِي بَقَرٍ بَرْكَهُ،
كأَنَّ على عَضُدَيْه كِتافا
قال الجوهري: والحَبِيُّ من السَّحاب الذي يَعْترِض اعتراضَ الجبل قبل
أَن يُطَبِّقَ السماءَ؛ قال امرؤ القيس:
أَصاحِ، تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَه،
كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
قال: والحَبَا مثل العَصا مثْلُه، ويقال: سمي لدنُوِّه من الأَرض. قال
ابن بري: يعني مثل الحَبِيِّ؛ ومنه قول الشاعر يصف جَعبة السهام:
هي ابْنةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسعين آزَرَتْ
أَخاً ثِقةً يَمْرِي حَباها ذَوائِبُه
والحَبِيُّ: سحاب فوق سحاب. والحَبْوُ: امتلاء السحاب بالماء. وكلُّ
دانٍ فهو حابٍ. وفي الحديث حديث وهب: كأَنه الجبلُ الحابِي، يعني الثقيلَ
المُشْرِفَ. والحَبِيُّ من السحاب: المُتَراكِمُ. وحَبا البعيرُ حَبْواً:
كُلِّفَ تَسَنُّمَ صَعْبِ الرَّمْلِ فأَشرَف بصدره ثم زحَف؛ قال رؤبة:
أَوْدَيْتَ إِن لم تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك
وما جاء إِلاَّ حَبْواً أَي زَــحْفاً. ويقال ما نَجا فلان إِلا حَبْواً.
والحابي من السِّهام: الذي يَزْحَف إِلى الهَدَف إِذا رُمِيَ به.
الجوهري: حَبَا السهمُ إِذا زَلََّ على الأَرض ثم أَصاب الهَدَف. ويقال: رَمَى
فأَحْبَى أَي وقع سهمُه دون الغرَض ثم تَقافَزَ
حتى يصيب الغرض. وفي حديث عبد الرحمن: إِنَّ حابِياً خيرٌ
من زاهِقٍ. قال القتيبي: الحابي من السهام هو الذي يقع دون الهَدَف ثم
يَزْحَفُ إِليه على الأَرض، يقال: حَبَا يَحْبُو، وإِن أَصاب الرُّقْعة
فهو خازِقٌ وخاسِق، فإِن جاوز الهدَف ووقع خلْفه فهو زاهِقٌ؛ أَراد أَن
الحابِيَ، وإِن كان ضعيفاً
وقد أَصاب الهدَف، خير من الزاهق الذي جازَه بشدَّة مَرِّه وقوّته ولم
يصب الهدَف؛ ضرَب السَّهْمَيْنِ مثلاً لِوالِيَيْن أَحدهما ينال الحق أَو
بعضَه وهو ضعيف ، والآخر يجوز الحقَّ ويَبْعد، عنه وهو. قويٌّ. وحَبَا
المالُ
حَبْواً: رَزَمَ فلم يَتَحَرَّك هُزالاً. وحَبَت السفينةُ: جَرَتْ.
وحَبَا له الشيءُ، فهو حابٍ وحَبيٌّ: اعترض؛ قال العجاج يصف قُرْقُوراً:
فَهْوَ إِذا حَبا لَهُ حَبِيُّ
فمعنى إِذا حَبا له حَبِيٌّ: اعترضَ له مَوْجٌ.
والحِباءُ: ما يَحْبُو به الرجلُ صاحَبه ويكرمه به. والحِباءُ: من
الاحْتباءِ؛ ويقال فيه الحُباءُ، بضم الحاء، حكاهما الكسائي، جاء بهما في باب
الممدود. وحَبَا الرجلَ حَبْوةً أَي أَعطاه. ابن سيده: وحَبَا الرجُلَ
حَبْواً أَعطاهُ، والاسم الحَبْوَة والحِبُوَة والحِباءُ، وجعل اللحياني
جميع ذلك مصادر؛ وقيل: الحِباءُ العَطاء بلا مَنٍّ ولا جَزاءٍ، وقيل:
حَبَاه أَعطاه ومَنَعَه؛ عن ابن الأَعرابي لم يحكه غيره. وتقول: حَبَوْته
أَحْبُوه حِباءً، ومنه اشتُقّت المُحاباة، وحابَيته في البيع مُحاباة،
والحِباءُ: العطاء؛ قال الفرزدق:
خالِي الذَّي اغْتَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهُم،
وإِلَيْه كان حِباءُ جَفْنَةَ يُنْقَلُ
وفي حديث صلاة التسبيح: أَلا أَمْنَحُكَ أَلا أَحْبُوكَ؟ حَبَاه كذا
إِذا أَعطاه. ابن سيده: حَبَا ما حَوْله يَحْبُوه حَماهُ ومنعه؛ قال ابن
أَحمر:
ورَاحَتِ الشَّوْلُ ولَمْ يَحْبُها
فَحْلٌ، ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِر
(* قوله «ولم يعتس فيها مدر» أي لم يطف فيها حالب يحلبها اه تهذيب).
وقال أَبو حنيفة: لم يَحْبُها لم يتلفت إِلهيا أَي أَنَّهُ شُغِل بنفسه،
ولولا شغله بنفسه لحازَها ولم يفارقها؛ قال الجوهري: وكذلك حَبَّى ما
حَوْله تَحْبية.
وحابَى الرجلَ حِباءً: نصره واخْتَصَّه ومالَ إِليه؛ قال:
اصْبِرْ يزيدُ، فقدْ فارَقْتَ ذا ثِقَةٍ،
واشْكُر حِباءَ الذي بالمُلْكِ حاباكا
وجعل المُهَلْهِلُ مَهْرَ المرأَةِ حِباءً فقال:
أَنكَحَها فقدُها الأَراقِمَ في
جَنْبٍ، وكان الحِباءُ منْ أَدَمِ
أَراد أَنهم لم يكونوا أَرباب نَعَمٍ فيُمْهِروها الإِبِلَ وجعلهم
دَبَّاغِين للأَدَمِ.
ورجل أَحْبَى: ضَبِسٌ شِرِّيرٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
والدَّهْرُ أَحْبَى لا يَزالُ أَلَمُهْ
تَدُقُّ أَرْكانَ الجِبال ثُلَمُهْ
وحَبا جُعَيْرانَ: نبات. وحُبَيٌّ والحُبَيَّا: موضعان؛ قال الراعي:
جَعلْنا حُبَيّاً باليَمِينِ، ونَكَّبَتْ
كُبَيْساً لوِرْدٍ من ضَئِيدَةَ باكِرِ
وقال القطامي:
مِنْ عَنْ يَمينِ الحُبَيّا نَظْرةٌ قبَلُ
وكذلك حُبَيّات؛ قال عُمر بن أَبي ربيعة:
أَلمْ تَسل الأَطْلالَ والمُتَرَبَّعا،
ببَطْنِ حُبَيّاتٍ، دَوارِسَ بَلْقَعا
الأَزهري: قال أَبو العباس فلان يَحْبُو قَصَاهُم ويَحُوطُ قَصاهُمْ
بمعنىً؛ وأَنشد:
أَفْرِغْ لِجُوفٍ وِرْدُها أَفْرادُ
عَباهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ
يَحْبُو قَصاها مُخْدَِرٌ سِنادُ،
أَحْمَرُ من ضِئْضِئِها مَيّادُ
سِنادٌ: مُشْرف، ومَيَّاد: يجيء ويذهب.
حوا: الحُوَّةُ: سواد إِلى الخُضْرة، وقيل: حُمْرةٌ تَضْرب إِلى
السَّواد، وقد حَوِيَ حَوىً واحْوَاوَى واحْوَوَّى، مشدّد، واحْوَوى فهو
أَحْوَى، والنسب إِليه أَحْوِيٌّ؛ قال ابن سيده: قال سيبويه إِنما ثبتت الواو في
احْوَوَيْت واحْوَاوَيْت حيث كانتا وسطاً، كما أَنَّ التضعيف وسطاً
أَقوى نحو اقْتَتل فيكون على الأَصل، وإِذا كان مثل هذا طرفاً اعتلّ، وتقول
في تصغير يَحْيَى يُحَيٌّّ، وكل اسم اجتمعت فيه ثلاث ياءَات أَولهن ياء
التصغير فإِنك تحذف منهن واحدة، فإِن لم يكن أَولهن ياء التصغير
أَثْبَتَّهُنَّ ثَلاثَتَهُنَّ، تقول في تصغير حَيَّة حُيَيَّة، وفي تصغير أَيُّوب
أُيَيِّيبٌ بأَربع ياءَات، واحْتَملَت ذلك لأَنها في وسط الاسم ولو كانت
طرفاً لم يجمع بينهن، قال ابن سيده: ومن قال احْواوَيْت فالمصدر
احْوِيَّاءٌ لأَن الياء تقلبها كما قَلَبت واوَ أيَّام، ومن قال احْوَوَيْت
فالمصدر احْوِوَاء لأَنه ليس هنالك ما يقلبها كما كان ذلك في احْوِيَّاء، ومن
قال قِتَّال قال حِوَّاء، وقالوا حَوَيْت فصَحَّت الواو بسكون الياء
بعدها. الجوهري: الحُوَّة لون يخالطه الكُمْتَة مثل صَدَإ الحديد، والحُوَّة
سُمْرة الشفة. يقال: رجل أَحْوَى وامرأَة حَوَّاءُ وقد حَوِيَتْ. ابن
سيده: شَفَة حَوَّاءُ حَمْراء تَضْرِب إلى السواد، وكثر في كلامهم حتى
سَمَّوْا كل أَسود أَحْوَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كما رَكَدَتْ حَوَّاءُ، أُعْطي حُكْمَه
بها القَيْنُ، من عُودٍ تَعَلَّلَ جاذِبُهْ
يعني بالحَوَّاءِ بكَرَة صنعت من عود أََحْوَى أَي أَسود، ورَكَدَتْ:
دارت، ويكون وقفت، والقين: الصانع. التهذيب: والحُوَّةُ في الشِّفاهِ شَبيه
باللَّعَسِ واللَّمَى؛ قال ذو الرمة:
لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ،
وفي اللِّثاتِ وفي أَنيابِها شَنَبُ
وفي حديث أَبي عمرو النخعي: ولَدَتْ جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى أَي أَسود
ليس بشديد السواد. واحْواوَتِ الأَرض: اخْضَرَّت. قال ابن جني: وتقديره
افْعالَت كاحْمارَتْ، والكوفيون يُصَحِّحون ويُدغمون ولا يُعِلُّون
فيقولون احْوَاوَّت الأَرض واحْوَوَّت؛ قال ابن سيده: والدليل على فساد مذهبهم
قول العرب احْوَوَى على مثال ارْعَوَى ولم يقولوا احْوَوَّ. وجَمِيمٌ
أَحْوَى: يضرب إلى السواد من شدة خُضْرته، وهو أَنعم ما يكون من النبات.
قال ابن الأَعرابي: هو مما يبالغون به. الفراء في قوله تعالى: والذي أَخْرج
المَرْععى فجعله غُثاءً أَحْوى، قال: إذا صار النبت يبيساً فهو غُثاءٌ،
والأَحْوَى الذي قد اسودَّ من القِدَمِ والعِتْقِ، وقد يكون معناه أَيضاً
أخرج المَرْعَى أَحْوى أَي أَخضر فجعله غُثاءً بعد خُضْرته فيكون مؤخراً
معناه التقديم. والأَحْوَى: الأَسود من الخُضْرة، كما قال:
مُدْهامَّتانِ. النضر: الأَحْوى من الخيل هو الأَحْمر السَّرَاة. وفي الحديث: خَيْرُ
الخَيْلِ الحُوُّ؛ جمع أَحْوَى وهو الكُمَيت الذي يعلوه سواد. والحُوَّة:
الكُمْتة. أَبو عبيدة: الأَحْوَى هو أَصْفَى من الأَحَمِّ، وهما
يَتَدانَيانِ حتى يكون الأَحْوَى مُحْلِفاً يُحْلَفُ عليه أَنه أَحَمُّ. ويقال:
احْواوَى يَحْواوي احْوِيواءً. الجوهري: احْوَوى الفرس يَحْوَوِي
احْوِوَاءً، قال: وبعض العرب يقول حَوِيَ يَحْوَى حُوَّة؛ حكاه عن الأَصمعي في
كتاب الفرس. قال ابن بري في بعض النسخ: احْوَوَّى، بالتشديد، وهو غلط،
قال: وقد أَجمعوا على أَنه لم يجئ في كلامهم فِعْل في آخره ثلاثة أَحرف من
جنس واحد إلا حرف واحد وهو ابْيَضَضَّ؛ وأَنشدوا:
فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
أَبو خيرة: الحُوُّ من النَّمْلِ نَمْلٌ حُمْرٌ يقال لها نَمْلُ سليمان.
والأَحْوى: فرس قُتَيْبَة بنِ ضِرار.
والحُوَّاء: نَبْتٌ يشبه لون الذِّئبِ، واحدته حُوَّاءَةٌ. وقال أَبو
حنيفة: الحُوَّاءَةُ بقلة لازقة بالأَرض، وهي سُهْلِيَّة ويسمو من وسطها
قضيب عليه ورق أَدق من ورق الأَصل، وفي رأْسه بُرْعُومة طويلة فيها بزرها.
والحُوَّاءة: الرجل اللازم بيته، شبّه بهذه النبتة. ابن شميل: هما
حُوَّاءانِ أَحدهما حُوَّاء الذَّعاليق وهو حُوَّاءُ البَقَر وهو من أَحْرار
البقول، والآخر حُوَّاء الكلاب وهو من الذكور ينبت في الرِّمْثِ خَشِناً؛
وقال:
كما تَبَسَّم للحُوَّاءةِ الجَمَل
وذلك لأَنه لا يقدر على قَلْعها حتى يَكْشِرَ عن أَنيابه للزوقها
بالأَرض. الجوهري: وبعير أَحْوَى إذا خالط خُضْرتَه سوادٌ وصفرة. قال: وتصغير
أَحْوَى أُحَيْوٍ في لغة من قال أُسَيْود، واختلفوا في لغة من أَدغم فقال
عيسى بن عمر أُحَيِّيٌ فصَرَف، وقال سيبويه: هذا خطأٌ، ولو جاز هذا لصرف
أَصَمُّ لأَنه أَخف من أَحْوى ولقالوا أُصَيْمٌ فصرفوا، وقال أَبو عمرو
بن العلاء فيه أحَيْوٍ؛ قال سيبويه: ولو جاز هذا لقلت في عَطَاءٍ عُطَيٌّ،
وقيل: أُحَيٌّ وهو القياس والصواب. وحُوّة الوادي: جانبه.
وحَوَّاءُ: زوج آدم، عليهما السلام، والحَوَّاء: اسم فرس علقمة بن شهاب.
وحُوْ: زجر للمعز، وقد حَوْحَى بها. والحَوُّ والحَيُّ: الحق. واللَّوُّ
واللَّيُّ: الباطل. ولا يعرف الحَوَّ منَ اللَّوِّ أَي لا يعرف الكلام
البَيِّن من الخَفِيِّ، وقيل: لا يعرف الحق من الباطل. أَبو عمرو: الحَوّة
الكلمة من الحق.
والحُوَّة: موضع ببلاد كلب؛ قال ابن الرقاع:
أَوْ ظَبْية من ظِباءِ الحُوَّةِ ابْتَقَلَتْ
مَذانِباً، فَجَرَتْ نَبْتآً وحُجْرَانا
قال ابن بري: الذي في شعر ابن الرقاع فُجِرَتْ، والحُجْران جمع حاجر مثل
حائِر وحُوران، وهو مثل الغدير يمسك الماء. والحُوَّاء، مثل المُكَّاء:
نبت يشبه لون الذئب، الواحِدة حُوّاءَةٌ؛ قال ابن بري شاهده قوله
الشاعر:وكأنَّما شَجَر الأَراك لِمَهْرَةٍ
حُوَّاءَةٌ نَبَتَتْ بِدارِ قَرارِ
وحُوَيُّ خَبْتٍ: طائر؛ وأَنشد:
حُوَيَّ خَبْتٍ أَينَ بِتَّ اللَّيلَهْ؟
بِتُّ قَرِيباً أَحْتَذِي نُعَيْلَهْ
وقال آخر:
كأنَّك في الرجال حُوَيُّ خَبْتٍ
يُزَقّي في حُوَيّاتٍ بِقَاعِ
وحَوَى الشيءَ يحوِيه حَيّاً وحَوَايَةً واحْتَواه واحْتَوى عليه:
جمَعَه وأَحرزه. واحْتَوَى على الشيء: أَلْمَأَ عليه. وفي الحديث: أَن امرأَة
قالت إنَّ ابْنِي هذا كان بَطْني لَهُ حِواءً؛ الحِوَاءُ: اسم المكان
الذي يَحْوِي الشيء أَي يجمعه ويضمه. وفي الحديث: أَن رجلاً قال يا رسول
الله هل عَلَيَّ في مالي شيءٌ إذا أَدّيْت زَكاتَه؟ قال: فأَينَ ما تَحَاوتْ
عليكَ الفُضُول؟ هي تفاعَلَت من حَوَيْت الشيء إذا جمعته؛ يقول: لا تَدَ
ع المُواساة من فضل مالك، والفُضُول جمع فَضْل المالِ عن الحوائج.،
ويروى: تَحَاوَأتْ، بالهمز، وهو شاذ مثل لَبَّأتُ بالحَجِّ.
والحَيَّة: من الهوامّ معروفة، تكون للذكر والأُنثى بلفظ واحد، وسنذكرها
في ترجمة حَيَا، وهو رأْي الفارسي؛ قال ابن سيده: وذكرتها هنا لأَن أَبا
حاتم ذهب إلى أَنها من حَوَى قال لتَحَويِّها في لِوَائِها. ورجل
حَوَّاءٌ وحاوٍ: يجمع الحَيَّات، قال: وهذا يعضد قول أَبي حاتم أَيضاً. وحَوى
الحَيَّةِ: انطواؤها؛ وأَنشد ابن بري لأبَي عنقاء الفزاري:
طَوَى نفْسَه طَيَّ الحَرير، كأَنه
حَوَى حَيَّةٍ في رَبْوَةٍ، فهْو هاجِعُ
وأَرضٌ مَحْواة: كثيرة الحَيَّاتِ. قال الأَزهري: اجتمعوا على ذلك.
والحَوِيَّةُ: كساء يُحَوَّى حَوْلَ سنامِ البعير ثم يركب. الجوهري:
الحَوِيّة كساء مَحْشُوٌّ حول سنام البعير وهي السَّويَّة. قال عمير بن وهب
الجُمَحِي يم بدر وحُنَينٍ لما نظر إلى أَصحاب النبي، صلى الله عليه
وسلم، وحَزَرَهُم وأَخْبر عنهم: رأَيت الحَوايا عليها المَنايا نَواضِحُ
يثربَ تَحْمِل الموتَ النَّاقِعَ. والحَوِيَّةُ لا تكون إلا للجِمال،
والسَّوِيَّة قد تكون لغيرها، وهي الحَوايا. ابن الأَعرابي: العرب تَقول
المَنايا على الحَوايا أَي قد تأْتي المنيةُ الشجاعَ وهو على سَرْجه. وفي حديث
صَفيَّة: كانت تُحْوِّي وراءَه بعباءة أَو كساء؛ التَّحْوِيةُ: أَن تُدير
كساءً حولَ سَنام البعير ثم تَرْكَبَه، والاسم الحَوِيّةُ. والحَوِيّةُ:
مَرْكَبٌ يُهَيَّأ للمرأَة لتركبه، وحَوَّى حَوِيَّة عَمِلَها.
والحَوِيَّةُ: اسْتدارة كل شيء. وتَحَوَّى الشيءُ: استدارَ. الأَزهري: الحَوِيُّ
استدارة كل شيء كَحَوِيِّ الحَيَّة وكَحَوِيِّ بعض النجوم إذا رأَيتها على
نَسَقٍ واحدٍ مُستديرة. ابن الأَعرابي: الحَوِيُّ المالك بعد استحقاق،
والحَوِيُّ العَلِيلُ، والدَّوِيُّ الأَحمق، مشددات كلها. الأَزهري:
والحَوِيُّ أَيضاً الحوض الصغير يُسَوِّيه الرجلُ لبعيره يسقيه فيه، وهو
المَرْكُوُّ
(* قوله «وهو المركوّ» هكذا في التهذيب والتكملة، وفي القاموس
وغيره ان المركوّ الحوض الكبير). يقال: قد احتَوَيْتُ حَوِّياً. والحَوايا:
التي تكون في القِيعانِ فهي حفائر مُلْتوية يَمْلَؤها ماءُ السماء فيقى
فيها دهراً طويلاً، لأَن طين أَسفلها عَلِكٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الماءَ،
واحدتها حَوِيَّة، وتسميها العرب الأَمْعاء تشبيهاً بحَوايا البطن
يَسْتَنْقِعُ فيها الماء. وقال أَبو عمرو: الحَوايا المَساطِحُ، وهو أَن يَعْمِدوا
إلى الصَّفا فيحوون له تراباً وحجارة تَحْبِسُ عليهم الماءَ، واحدتها
حَوِيَّة. قال ابن بري: الحَوايا آبار تحفر ببلاد كَلْب في أَرض صُلْبة
يُحْبس فيها ماء السيول يشربونه طُولَ سنتهم؛ عن ابن خالويه. قال ابن سيده:
والحَوِيَّة صفاة يُحاط عليها بالحجارة أَو التراب فيجتمع فيها الماء.
والحَوِيَّة والحاوِيَةُ والحاوِيَاء: ما تَحَوَّى من الأَمعاء، وهي بَناتُ
اللَّبَن، وقيل: هي الدُّوَّارة منها، والجمع حَوايا، تكون فَعَائل إن
كانت جمع حَويَّة، وفَواعل إن كانت جمع حاوِيَةٍ أَو حاوِياءَ. الفراء في
قوله تعالى: أَو الحَوايا أَو ما اخْتَلَط بعَظْم؛ هي المَباعِرُ وبناتُ
اللبن. ابن الأَعرابي: الحَوِيَّة والحاوِيَةُ واحد، وهي الدُّوَّارة التي
في بطن الشاة. ابن السكيت: الحاوِياتُ بَنات اللبن، يقال حاوِيَةٌ
وحاوِياتٌ وحاوِيَاء، ممدود. أَبو الهيثم: حاوِيَةٌ وحَوايا مثل زاوية
وزَوايا، ومنهم من يقول حَوِيَّة وحَوايا مثل الحَوِيَّة التي توضع على ظهر
البعير ويركب فوقها، ومنهم من يقول لواحدتها حاوِياءُ، وجمعها حَوايا؛ قال
جرير:
تَضْغُو الخَنانِيصُ، والغُولُ التي أَكَلَتْ
في حاوِياءَ دَرُومِ الليلِ مِجْعار
الجوهري: حَوِيَّة البطن وحاوِية البَطْنِ وحاوِياءُ البطن كله بمعنى؛
قال جرير:
كأنَّ نَقيقَ الحَبِّ في حاوِيائِه
نقِيقُ الأَفاعي، أَو نقِيقُ العَقارِبِ
وأَنشد ابن بري لعليّ، كرم الله وجهه:
أضْرِبُهم ولا أَرى مُعاويَهْ
الجاحِظَ العَينِ، العَظيمَ الحاوِيَهْ
وقال آخر:
ومِلْحُ الوَشِيقَةِ في الحاويَهْ
يعني اللبن. وجمع الحَويَّةِ حَوايا وهي الأَمعاء، وجمع الحاوِياءِ
حَوَاوٍ على فَوَاعِلَ، وكذلك جمع الحاوِية؛ قال ابن بري: حَوَاوٍ لا يجوز
عند سيبويه لأَنه يجب قلب الواو التي بعد أَلف الجمع همزة، لكون الأَلف قد
اكتنفها واوان، وعلى هذا قالوا في جمع شاوِيَة شَوَايا ولم يقولوا
شَوَاوٍ، والصحيح أَن يقال في جمع حاوِية وحاوِياءَ حَوَايا، ويكون وزنها
فَواعِلَ، ومن قال في الواحدة حَوِيَّة فوزن حَوَايا فَعائِل كصَفِيّة
وصَفايا، والله أَعلم.
الليث: الحِواءُ أَخْبِيَةٌ يُدَانَى بعضُها من بعض، تقول: هم أَهل
حِوَاءٍ واحد، والعرب تقول المُجتمَعِ بيوت الحَيِّ مُحْتَوًى ومَحْوًى
وحِوَاء، والجمع أَحْوِيَةٌ ومَحاوٍ؛ وقال:
ودَهْماء تستَوْفي الجَزُورَ كأَنَّها،
بأَفْنِيَةِ المَحوَى، حِصانٌ مُقَيَّد
ابن سيده: والحِوَاءُ والمُحَوَّى كلاهما جماعة بيوت الناس إذا تدانت،
والجمع الأَحوية، وهي من الوَبَر. وفي حديث قَيْلَة: فوَأَلْنا إلى
حِوَاءٍ ضَخْمٍ، الحِوَاءُ: بيوت مجتمعة من الناس على ماءٍ، ووَأَلْنا أَي
لَجَأْنا؛ ومنه الحديث الآخر: ويُطلَبُ في الحِواء العظيمِ الكاتِبُ فما
يُوجَدُ.
والتَّحْوِيَة: الانْقِباض؛ قال ابن سيده: هذه عبارة اللحياني، قال:
وقيل للكلبة ما تَصْنَعِينَ معَ الليلةِ المَطِيرَة؟ فقالت: أُحَوِّي نفسي
وأَجْعَلُ نفَسي عِندَ اسْتي. قال: وعندي أَنَّ التَّحَوِّيَ الانقباضُ،
والتَّحْوِيَةُ القَبْض.
والحَوِيَّةُ: طائر صغير؛ عن كراع.
وتَحَوَّى أَي تَجَمَّع واستدارَ. يقال: تَحَوَّت الحَيَّة.
والحَواةُ: الصوتُ كالخَوَاةِ، والخاء أَعلى.
وحُوَيٌّ: اسمٌ؛ أَنشد ثعلب لبعض اللصوص:
تقولُ، وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها:
أَتَفْعَلُ هذا يا حُوَيُّ على عَمْدِ؟
وفي حديث أنَس: شفاعتي لأَهلِ الكَبائِر من أُمَّتي حتى حَكَمٍ وحاءٍ؛
هما حيان من اليمن من وراء رمْل يَبْرينَ؛ قال أَبو موسى: يجوز أن يكون حا
من الحُوَّة، وقد حُذِفت لامُه، ويجوز أَن يكون من حَوَى يَحْوي، ويجوز
أَن يكون مقصوراً لا ممدوداً. قال ابن سيده: والحاءُ حرف هجاء، قال: وحكى
صاحب العين حَيَّيْتُ حاءً، فإذا كان هذا فهو من باب عييت، قال: وهذا
عندي من صاحب العين صنعة لا عربية، قال: وإنما قضيت على الألف أنها واو
لأَن هذه الحروف وإن كانت صوتاً في موضوعاتها فقد لَحِقَتْ مَلْحَقَ
الأَسماء وصارت كمالٍ، وإبدال الأَلف من الواو عيناً أَكثر من إبدالها من الياء،
قال: هذا مذهب سيويه، وإذا كانت العين واواً كانت الهمزة ياء لأَن باب
لوَيْتُ أَكثر من باب قُوَّة، أَعني أَنه أَن تكون الكلمة من حروف مختلفة
أَوْلى من أَن تكون من حروف مثفقه، لأَن باب ضَرَب أَكثر من باب
رَدَدْتُ، قال: ولم أَقض أَنها همزة لأَن حا وهمزةً على النسق معدوم. وحكى ثعلب
عن معاذٍ الهَرَّاء أَنه سمع العرب تقول: هذه قصيدة حاوِيَّة أَي على
الحاء، ومنهم من يقول حائيّة، فهذا يقوّي أن الألف الأَخيرة همزة وَضْعَّية،
وقد قدَّمنا عدم حا وهمزةٍ على نَسَقٍ.
وحم، قال ثعلب: معناه لا يُنْصَرون، قال: والمعنى يا مَنْصور اقْصِدْ
بهذا لهم أو يا الله. قال سيبويه: حم لا ينصرف، جعلته اسماً للسورة أَو
أَضَفْتَ إليه، لأَنهم أَنزلوه بمنزلة اسم أَعجمي نحو هابيل وقابيل؛
وأنشد:وجَدْنا لكم، في آلِ حميمَ، آيةً
تأوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده سيبويه، ولم يجعل هنا حا مع ميم كاسمين ضم
أَحدهما إلى صاحبه، إذ لو جعلهما كذلك لمدّ حا، فقال حاءْ ميم ليصيرَ
كحَضْرَمَوْتَ.
وحَيْوَةُ: اسم رجل، قال ابن سيده: وإنما ذكرتها ههنا لأَنه ليس في
الكلام ح ي و، وإنما هي عندي مقلوبة من ح و ي، إما مصدر حَوَيْتُ حَيَّةً
مقلوب، وإما مقلوب عن الحَيَّة التي هي الهامّة فيمن جعل الحَيّة من ح و ي،
وإنما صحت الواو لنقلها إلى العلمية، وسَهَّل لهم ذلك القلبُ، إذ لو
أَعَلُّوا بعد القلب والقلبُ علة لَتَوالَى إعلالان، وقد تكون فَيْعلة من
حَوَى يَحْوي ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث ياءات، فحذفت الأَخيرة
فبقي حية، ثم أُخرجت على الأَصل فقيل حَيْوة.
بعث: بَعَثَهُ يَبْعَثُه بَعْثاً: أَرْسَلَهُ وَحْدَه، وبَعَثَ به:
أَرسله مع غيره. وابْتَعَثَه أَيضاً أَي أَرسله فانْبعَثَ.
وفي حديث عليّ يصف النبي، صلى الله عليه وسلم، شَهِيدُك يومَ الدين،
وبَعِيثُك نعْمة؛ أَي مَبْعُوثك الذي بَعَثْته إِلى الخَلْق أَي أَرسلته،
فعيل بمعنى مفعول.
وفي حديث ابن زَمْعَة: انْبَعَثَ أَشْقاها؛ يقال: انْبَعَثَ فلانٌ
لشأْنه إِذا ثار ومَضَى ذاهباً لقضاء حاجَته.
والبَعْثُ: الرسولُ، والجمع بُعْثانٌ، والبَعْثُ: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى
الغَزْو.
والبَعَثُ: القومُ المَبْعُوثُونَ المُشْخَصُونَ، ويقال: هم البَعْثُ
بسكون العين.
وفي النوادر: يقال ابْتَعَثْنا الشامَ عِيراً إِذا أَرسَلوا إِليها
رُكَّاباً للميرة. وفي حديث القيامة: يا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النار؛ أَي
المَبْعُوث إِليها من أَهلها، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر. وبَعَثَ
الجُنْدَ يَبْعَثُهم بَعْثاً: وجَّهَهُمْ، وهو من ذلك، وهو البَعْثُ
والبَعِيثُ، وجمع البَعْثِ: بُعُوث؛ قال:
ولكنَّ البُعُوثَ جَرَتْ علينا،
فَصِرْنا بينَ تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وجمع البَعِيثِ: بُعُثٌ.
والبَعْثُ: يكون بَعْثاً للقوم يُبْعَثُون إِلى وَجْهٍ من الوجوه، مثل
السَّفْر والرَّكْب. وقولهم: كنتُ في بَعْثِ فلانٍ أَي في جيشه الذي
بُعِثَ معه. والبُعُوثُ: الجُيوش.
وبَعَثَه على الشيء: حمله على فِعْله. وبَعَثَ عليهم البَلاء: أَحَلَّه.
وفي التنزيل العزيز: بَعَثْنا عليكم عِباداً لنا أُولي بأْس شديد. وفي
الخبر: أَنَّ عبد المَلِك خَطَبَ فقال: بَعَثْنا عليكم مُسلِمَ بن عُقْبة،
فَقَتلَكم يوم الحَرَّة.
وانْبَعَثَ الشيءُ وتَبَعَّثَ: انْدَفَع.
وبَعَثَه من نَوْمه بَعَثاً، فانْبَعَثَ: أَيْقَظَه وأَهَبَّه.
وفي الحديث: أَتاني الليلةَ آتِيانِ فابْتَعَثَاني أَي أَيقَظاني من
نومي. وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ ما كان يَحْبِسُه عن التَّصَرُّف
والانْبِعاثِ.
وانْبَعَثَ في السَّيْر أَي أَسْرَع.
ورجلٌ بَعِثٌ: كثير الانْبِعاثِ من نومه. ورجل بَعْثٌ وبَعِثٌ وبَعَثٌ:
لا تزال هُمُومه تؤَرِّقُه، وتَبْعَثُه من نومه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْر:
تَعْدُو بأَشْعَثَ، قد وَهَى سِرْبالُه،
بَعْثٍ تُؤَرِّقُه الهُمُوم، فيَسْهَرُ
والجمع: أَبْعاث: وفي التنزيل: قالوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا من
مَرْقَدِنا؟ هذا وَقْفُ التَّمام، وهو قول المشركين يوم النُّشور. وقولُه عز
وجل: هذا ما وَعَدَ الرحمنُ وصَدَقَ المُرْسَلون؛ قَوْلُ المؤْمِنين؛
وهذا رَفْعٌ بالابتداء، والخَبَرُ ما وَعَدَ الرحمنُ؛ وقرئ: يا وَيْلَنا
مَنْ بَعَثَنا مِن مَرْقَدِنا؟ أَي مِن بَعْثِ الله إِيَّانا من
مَرْقَدِنا. والبَعْثُ في كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِرْسال، كقوله تعالى:
ثم بَعَثْنا من بعدهم موسى؛ معناه أَرسلنا. والبَعْثُ: إِثارةُ باركٍ أَو
قاعدٍ، تقول: بَعَثْتُ البعير فانبَعَثَ أَي أَثَرْتُه فَثار. والبَعْثُ
أَيضاً: الإِحْياء منالله للمَوْتى؛ ومنه قوله تعالى: ثم بَعَثْناكم من
بَعْدِ موتِكم: أَي أَحييناكم. وبَعَثَ اللمَوْتى: نَشَرَهم ليوم
البَعْثِ. وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُم بَعْثاً: نَشَرَهم؛ من ذلك. وفتح
العين في البعث كله لغة. ومن أَسمائه عز وجل: الباعِثُ، هو الذي يَبْعَثُ
الخَلْقَ أَي يُحْييهم بعد الموت يوم القيامة.
وبَعَثَ البعيرَ فانْبَعَثَ: حَلَّ عِقالَه فأَرسله، أَو كان باركاً
فَهاجَهُ.
وفي حديث حذيفة: إِنَّ للفِتْنةِ بَعَثاتٍ ووَقَفاتٍ، فمن اسْتَطاعَ أَن
يَمُوتَ في وَقَفاتِها فَلْيَفعل. قوله: بَعَثات أَي إِثارات
وتَهْييجات، جمع بَعْثَةٍ. وكلُّ شيء أَثَرْته فقد بَعَثْته؛ ومنه حديث عائشة، رضي
الله عنها: فبَعَثْنا البَعيرَ، فإِذا العِقْدُ تحته.
والتَّبْعاثُ تَفْعال، مِن ذلك: أَنشد ابن الأَعرابيّ:
أَصْدَرها، عن كَثْرَةِ الدَّآثِ،
صاحبُ لَيْلٍ، حَرِشُ التَّبْعاثِ
وتَبَعَّثَ مني الشِّعْرُ أَي انْبَعَثَ، كأَنه سالَ.
ويومُ بُعاثٍ، بضم الباء: يوم معروف، كان فيه حرب بين الأَوْسِ
والخَزْرج في الجَاهلية، ذكره الواقدي ومحمد بن إِسحق في كتابيهما؛ قال الأَزهري:
وذكَرَ ابن المُظَفَّر هذا في كتاب العين، فجعلَه يومَ بُغَاث
وصَحَّفَه، وما كان الخليلُ، رحمه الله، لِيَخفَى عليه يومُ بُعاثٍ، لأَنه من
مشاهير أَيام العرب، وإِنما صحَّفه الليثُ وعزاه إِلى الخَليل نفسِه، وهو
لسانُه، والله أَعلم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندها جاريتان
تُغَنِّيانِ بما قِيل يومَ بُعَاثٍ؛ هو هذا اليوم. وبُعاثٌ: اسم حِصن للأَوْس.
وباعِثٌ وبَعِيثٌ: اسمان.
والبَعِيثُ: اسم شاعر معروف من بني تميم، اسمه خِدَاشُ بن بَشيرٍ،
وكنيته أَبو مالك، سمي بذلك قوله:
تَبَعَّثَ مني ما تَبَعَّثَ، بعدما اسْـ
ـتَمرَّ فؤَادي، واسْتَمَرَّ مَرِيري
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا البيت على ما رواه ابن قُتَيْبة وعيره:
واستَمَرَّ عَزِيمي، قال: وهو الصحيح؛ ومعنى هذا البيت: أَنه قال الشعر
بعدما أَسَنَّ وكَبِرَ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لما صالَحَ نصارَى الشام، كتبوا له؛ إِنَّا
لا نُحْدِثُ كنيسةً ولا قَلِيَّة، ولا نُخْرِج سَعانِينَ، ولا باعوثاً؛
الباعوثُ للنَّصارى: كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سرياني؛ وقيل: هو
بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان.
وباعِيثا: موضع معروف.
بخص: البَخْصُ: مصدر بَخَصَ عينَه يَبْخَصُها بَخْصاً أَغارها؛ قال
اللحياني: هذا كلام العرب، والسين لغة. والبَخَصُ: سُقوطُ باطنِ الحجَاجِ على
العين. والبَخَصة: شَحْمةُ العَيْنِ من أَعلى وأَسفل. التهذيب:
والبَخَصُ في العَيْن لحمٌ عند الجفن الأَسفل كاللَّخَصِ عند الجَفْن الأَعْلى.
وفي حديث القُرَظِيِّ في قوله عز وجل: قل هو اللّه أَحد اللّه الصمد، لو
سُكِتَ عنها لتَبَخَّص لها رجالٌ فقالوا: ما صَمَدٌ؟ البَخَصُ، بتحريك
الخاء: لحمٌ تحت الجفن الأَسفل يظهر عند تَحْدِيق الناظر إِذا أَنكر شيئاً
وتعجَّب منه، يعني لولا أَن البيان اقْتَرَنَ في السُّورة بهذا الاسم
لتَحَيَّروا فيه حتى تَنْقَلِب أَبصارُهم. غيره: البَخَصُ لحمٌ ناتئٌ فوق
العينين أَو تحتهما كهيئة النَّفْخة، تقول منه: بَخِص الرجلُ، بالكسر، فهو
أَبْخَصُ إِذا نَتَأَ ذلك منه. وبَخَصْتُ عَيْنَه أَبْخَصُها بَخْصاً
إِذا قَلَعتها مع شَحْمَتِها. قال يعقوب: ولا تقل بَخَسْتُ. وروى الأَصمعي:
بَخَصَ عَيْنَه وبَخَزَها وبَخَسَها، كله بمعنى فَقَأَها. والبَخَصُ،
بالتحريك: لحمُ القَدَمِ ولحمُ فِرْسِن البعير ولحمُ أُصولِ الأَصابعِ مما
يَلي الراحةَ، الواحدةُ بَخَصةٌ. قال أَبو زيد: الوَجَى في عظْم الساقين
وبَخَصِ الفَراسِنِ؛ والوَجى قِيل الــحَفا. وفي صفته، صلّى اللّه عليه
وسلّم: أَنه كان مَبْخُوصَ العَقِبَيْن أَي قليلَ لحمِهِما. قال الهروي: وإِن
روي بالنون والحاء والضاد، فهو من النَّحْضِ اللحم. يقال: نَحَضْتُ
العظْمَ إِذا أَخذتَ عنه لحمَهُ. ابن سيده: والبَخَصةُ لحمُ الكفِّ والقدمِ،
وقيل: هي لحمُ باطنِ القدم، وقيل: هي ما وَليَ الأَرضَ من تحتِ أَصابعِ
الرجلين وتحت مناسمِ البعير والنِّعام، والجمع بَخَصات وبَخَصٌ؛ قال:
وربما أَصابَ الناقةَ داءٌ في بَخَصِها، فهي مَبْخوصة تَظْلَعُ من ذلك.
والبَخَصُ: لحمُ الذراعين. وناقة مبْخُوصَة: تَشْتكِي بَخَصَتَها. وبَخَصُ
اليدِ: لحمُ أُصول الأَصابع مما يلي الراحة. والبَخَصةُ: لحمُ أَسفلِ خُفِّ
البعير، والأَظَلُّ: ما تحتَ المناسم. المبرّد: البَخَصُ اللحم الذي
يَرْكبُ القدم، قال: وهو قول الأَصمعي، وقال غيره: هو لحمٌ يُخالطُه بياضٌ من
فسادٍ يَحُلّ فيه؛ ومما يدل على أَنه اللحم خالَطَهُ الفسادُ قولُ أَبي
شُراعةَ من بني قيس بن ثعلبة:
يا قَدَمَيّ، ما أَرى لي مَخْلَصا
ممّا أَرَاه، أَو تَعُودا بَخَصَا
بسق: بسَقَ الشيء يَبْسُق بُسوقاً: تمّ طوله. وفي التنزيل: والنخلَ
باسِقاتٍ لها طَلْع نَضِيد؛ الفرّاء: باسقاتٍ طولاً؛ يقال: بَسَق طولاً فهنّ
طِوال النخلِ. وبَسق النخلُ بُسوقاً أي طال. وفي حديث قُطْبةَ ابن مالك:
صلّى بنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قرأَ والنخلَ باسِقاتٍ؛
الباسِقُ: المرتفع في عُلُوّه. وفي الحديث في صفة السحابة: كيف تَرَوْن
بواسِقَها؟ أي ما استطال من فُروعها؛ ومنه حديث قُسٍّ: من بواسِقِ
أُقْحُوان، وحديث ابن الزُّبير: وارْجَحَنّ بعد تبَسُّق أي ثَقُل ومالَ بعدما
ارتفع ذكره دونهم. وبسق على قومه: عَلاهم في الفضل؛ وأنشد ابن بري لأَبي
نوفل:يا ابن الذين بفَضْلِهم
بسَقَت على قَيْسٍ فَزاره
وفي حديث ابن الحَنَفِيّةِ: كيف بسَق أبو بكر أصحابَ رسول الله، صلى
الله عليه وسلم؛ أي كيف ارتفع ذكره دونهم. والبُسوقُ: عُلوُّ ذِكر الرجل في
الفَضل. وبَسق بَسْقاً: لغة في بصَق.
وبُساقة القمر: حجر أبيض صاف يتلأْلأ، وهو مذكور في الصاد أيضاً.
التهذيب: بصَق وبسَق وبزَق واحد. الجوهري: البُساق البُصاق. وفي حديث
الحُديْبِية: فقعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جَبا الرَّكِيّة
فإما دَعا وإما بَسق فيها؛ لغة في بَصَق. وبَواسِقُ السحاب: أوائله؛ عن أبي
حنيفة.
وأبْسقت الناقةُ والشاةُ، وهي مُبْسِق ومِبْساق وبَسُوق؛ الأَخيرة على
طرح الزائد: وقَع اللِّبَأُ في ضرعها قبل النِّتاج، ونُوق مَباسِيق، وكذلك
الجارية البِكر إذا جرى اللبن في ثديها. وفي التهذيب: أبْسَقت الناقة
إذا أنزلت اللبن قبل الولادة بشهر أو أكثر فتُحلَب، قال: وربما أبسقت وليست
بحامل فأَنزلت اللبن، قال: وسمعت أن الجارية تُبْسِق وهي بكر، يصير في
ثديها لبن. اليزيدي: أَبْسقت الناقة وأَبْرقت إذا أَنزلت اللبن. الأَصمعي:
إذا أشرق ضَرْع الناقة ووقع فيه اللبن فهي مُضْرع، فإذا وقع فيه اللبأُ
قبل النتاج فهي مُبسِق.
والبَسْقةُ: الحَرّةُ، وجمعها بِساقٌ؛ قال كُثيّر عَزّةَ:
قَضَيْتُ لُبانَتي وصَرَمْتُ أَمْرِي،
وعَدَّيْتُ المَطِيّةَ في بِساقِ
وبُساق: بَلد. وقال الليث: بساق جبل بالحجاز مما يَلي الغَوْر.
بقق: البَقُّ: البَعُوض، واحدته بَقَّة. وأَنشد ابن بري لعبد الرحمن بن
الحَكَم، وقيل لزُفَر بن الحرث:
أَلا إنَّما قَيْسُ بن عَيْلانَ بَقّةٌ،
إذا وَجَدَتْ رِيحَ العصيرِ تَغَنَّتِ
وقيل: هي عِظامُ البعُوض؛ قال جرير:
أَغَرّ من البُلْقِ العِتاقِ يَشُقُّه
أَذى البَقِّ، إلا ما احْتَوَى بالقَوائِم
وقال رؤبة:
يَمْصَعْنَ بالأَذْناب من لَوحٍ وبَقّْ
وأَنشد ابن بري لبعض الأَعراب يهجو قوماً قصَّروا في ضِيافتِه:
يا حاضِرِي الماءِ، لا مَعْروفَ عندكمُ،
لكن أَذاكمْ علينا رائحٌ غادِي
بِتْنا عُذُوباً، وبات البَقُّ يَـلْسَبُنا،
نَشْوِي القَراحَ كأَن لا حَيَّ بالوادِي
إنِّي لَمِثْلُكُمُ في مِثلِ فِعْلِكُمُ،
إنْ جِئْتُكمْ، أبَداً، إلاّ مَعِي زادي
ومعنى نَشْوِي القراح أَي نسخِّن الماءَ البارد بالنار لأَن البارد
مُضِرّ على الجُوع، ويقال: البقُّ الدَّارِجُ في حِيطان البيوت، وقيل: هي
دُوَيْبَة مثل القملة حمراء منتنة الريح تكون في السُّرُر والجُدُر، وهي
التي يقال لها بنات الحصير إذا قتلتها شمَمت لها رائحة اللَّوْز المُرّ؛
قال:إلى بَلَدٍ لا بَقَّ فيه ولا أذًى،
ولا نبَطِيَّاتٍ يُفَجِّرْنَ جَعْفَرا
وبَقَّ المكانُ وأبقَّ: كثر بقُّه. وأَرضٌ مُبِقَّةٌ: كثيرة البقّ.
وبَقَّ النَّبْتُ بُقوقاً، وذلك حين يَطلُع. وأَبقَّ الوادي إِذا أَخرج
نباته؛ قال الراعي:
رَعَتْ من خُفافٍ حين بَقَّ عِيابَه،
وحَلَّ الرَّوايا كلُّ أسْحَمَ ماطِرِ
وقال بعضهم: بقَّ عِيابَه أي نشرها. وبقَّ الرجلُ يَبِقُّ ويَبُقُّ
بَقّاً وبَقَقاً وبَقِيقاً وأبَقَّ وبَقْبَقَ: كثُرَ كلامُه. وبقَّ علينا
كلامَه: أَكثره، وبقَّ كلاماً وبقَّ به. ورجل مِبَقٌّ وبَقاقٌ وبَقْباقٌ:
كثير الكلام، أَخطأ أَو أَصاب، وقيل: كثير الكلام مُخلِّط. ويقال: بَقْبَقَ
علينا الكلام أي فرَّقه. وبقَّت المرأَة وأبقَّت: كثُر ولدُها. قال
سيبويه: بقَّت ولداً وبقَّت كلاماً كقولك نثَرتْ ولداً ونثَرتْ كلاماً.
وامرأَة مُبَقَّةٌ: مِفْعَلةٌ من ذلك؛ قال:
إنَّ لنا لَكَنَّهْ
مِبَقَّةً مِفَنَّهْ،
مِنْتِيجةً مِعَنَّهْ،
سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ
كالذئب وَسْطَ القُنَّهْ،
إلاَّ تَرَهْ تَظُنَّهْ
(* قوله «كالذئب وسط القنة» هو في الأصل هنا وشرح القاموس بالقاف، وقدمه
المؤلف في مادة سمع بالعين، والعنة؛ بالضم، الحظيرة من الخشب كما في
القاموس).
وأَبقَّ ولدُ فلان إبْقاقاً إذا كثروا. ورجل بَقاقٌ وبَقاقةٌ أَي كثير
الكلام، والهاء للمبالغة، وكذلك بَقْباق وبقْباقةٌ وفَقْفاق وفَقْفاقةٌ
وذَقْذاقٌ وذَقْذاقةٌ وثَرْثارٌ وثَرْثارةٌ وبَرْبارٌ وبَرْبارةٌ، كل ذلك
الكثير الكلام. ورجل بَقْباقٌ: هَذِرٌ؛ قال:
وقد أَقُودُ بالدَّوَى المُزَمَّلِ،
أَخْرَسَ في السَّفْرِ بَقاقَ المَنْزِلِ
وكذلك البَقْباقُ؛ يقول: إِذا سافر فلا بَيان له، وإِذا أَقام بالمنزل
كثُر كلامه، والدَّوَى: الرجل الأَحمق، والمُزَمَّل: المُدَثَّر، والمفعول
محذوف تقديره أَقود البعير بالدَّوى، وأَخرسَ حال من الدَّوى، وكذلك
بقاق، يصفه بكثرة كلامه في بيته وعِيِّه في المجالس. وبقَّت السماءُ بَقّاً
وأبقَّت: كثر مطرها وتتابع وجاءَت بمطر شديد. وبقَّ يَبُقُّ بَقّاً: أوسع
من العطيَّة. وبَقَّ لنا العَطاءَ: أَوسَعه؛ قال:
وبَسطَ الخيْرَ لنا وبَقَّه،
فالخلقُ طُرّاً يأْكلون رِزقَه
وبقَّ فلان مالَه أي فرَّقه؛ قال الراجز:
أَم كتَم الفَضْلَ الذي قد بقَّه،
في المسلِمين، جِلَّه ودِقَّه
والبَقُّ: الواسعُ العريض: قال الأَخطل:
تَجِدْ أثَراً بَقّاً وعِزّاً خُنابِسا
وبقَّ الشيءَ يبُقُّه: أَخرج ما فيه؛ وأَنشد بيت الراعي:
رعت بخفاف حين بقَّ عيابه،
وحلَّ الروايا كل أَسحمَ هاطِلِ
والبَقاقُ: أَسقاط ما في البيت من المَتاع. قال صاحب العين: بلغنا أنَّ
عالماً من علماءِ بني إسرائيل وضع للناس سبعين كتاباً من الأَحكام وصُنوف
العلم، فأَوحى الله إلى نبي من أَنبيائهم أن قل لفلان إنك قد ملأْت
الأَرض بَقاقاً، وإِن الله لم يَقبل من بَقاقِك شيئاً؛ قال الأَزهري: البَقاق
كثرة الكلام، ومعنى الحديث أَن الله تعالى لم يقبل مما أَكثرت شيئاً.
وفي الحديث: أَنه، عليه الصلاة والسلام، قال لأَبي ذر، رضي الله عنه: ما لي
أَراك لَقّاً بقّاً؟ كيف بك إِذا أَخرجوك من المدينة؟ يقال: رجل لَقاقٌ
بقَاقٌ أَي كثير الكلام، ويروى لَقاً بَقاً، بوزن عَصا، وهو تبع للقا
المَرْمِيّ المَطْرُوح. ويقال للكثير الكلام: بَقْباقٌ. ابن الأَعرابي:
البَقَقةُ الثَّرْثارُون. وبَقَّ الخبرَ بَقّاً: نَشَره وأرسله.
والبَقْبَقةُ: حكاية صوت كما يُبَقْبِق الكوزُ في الماء. يقال: بَقْبَقَ
الكوزُ بالماءِ أَي صوَّت. وبَقْبَقَتِ القِدر: غَلَت.
وبَقَّةُ: موضع بالعراق قريب من الحِيرة كان به جَذِيمة الأَبرش قيل
إِنه على شاطئ الفُرات؛ قال عَديّ بن زيد:
دَعا بالبَقَّةِ الأُمراءَ يَوْماً
جَذِيمةُ، يَسْتَشِير النَّاصِحِينا
ومنه المثل: خلَّفْتَ الرأْيَ ببقَّةَ، وهذا قول قَصِير بن سَعْد
اللَّخْمِيّ لجَذِيمة الأَبْرشِ حين أَشار عليه أَن لا يَسِير إلى الزَّبَّاء،
فلما نَدِم على سيره قال قصير ذلك. وبَقًة: اسم امرأة؛ وأنشد الأَحمر:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أفْضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومِي
أَراد بقوله احلقي وقومي في الشدَّة. ورقَّصَت امرأَة طِفْلها فقالت:
حُزُّقُّةٌ حُزُّقَّه تَرَقَّ عيْنَ بَقَّه؛ قيل: بقَّة اسم حِصْن، أَرادت
اصعَد عينَ بقَّة أَي اعلُها، وقيل: إِنها شبَّهت طِفْلَها بالبَقَّة
لصِغر جُثَّته؛ وقوله:
أَلم تَسْمَعا بالبَقَّتَيْنِ المُنادِيا
أَراد بقَّةَ الحِصْن ومكاناً آخر معها كما قال:
ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنْ
قَطَعْتُه بالسَّمْتِ لا بالسَّمْتَيْنْ
بهم: البَهِيمةُ كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ والماء،
والجمع بَهائم. والبَهْمةُ: الصغيرُ من أَولاد الغَنَم الضأْن والمَعَز
والبَقَر من الوحش وغيرها، الذكَرُ والأُنْثى في ذلك سواء، وقل: هو بَهْمةٌ
إذا شبَّ، والجمع بَهْمٌ وبَهَمٌ وبِهامٌ، وبِهاماتٌ
جمع الجمعِ. وقال ثعلب في نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ وبه فسِّر
قول الشاعر:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي
عَجايا كلُّها إلا قليلا
أَبو عبيد: يقال لأَوْلاد الغنَم ساعة تَضَعها من الضأْن والمَعَز
جميعاً، ذكراً كان أَو أُنثى، سَخْلة، وجمعها سِخال، ثم هي البَهْمَة الذكَرُ
والأُنْثى. ابن السكيت: يقال هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إذا حَرَمُوه عن
أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، وإذا اجتَمَعَت البِهامُ والسِّخالُ قلت لها
جميعاً بِهامٌ، قال: وبَهِيمٌ
هي الإبْهامُ للإصْبَع. قال: ولا يقال البِهامُ، والأبْهم كالأَعْجم.
واسْتُبْهِم عليه: اسْتُعْجِم فلم يَقْدِرْ على الكلام. وقال نفطويه:
البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام أَي مُنْغَلِق ذلك عنها. وقال الزجاج في
قوله عز وجل: أُحِلَّتْ لكم بَهِيمة الأَنْعامِ؛ وإنما قيل لها بَهِيمةُ
الأَنْعامِ لأَنَّ كلَّ حَيٍّ لا يَميِّز، فهو بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عن
أَن يميِّز. ويقال: أُبْهِم عن الكلام.
وطريقٌ مُبْهَمٌ إذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين. ويقال: ضرَبه فوقع
مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عليه لا يَنْطِق ولا يميِّز. ووقع في بُهْمةٍ لا
يتَّجه لها أَي خُطَّة شديدة. واستَبْهَم عليهم الأَمرُ: لم يدْرُوا كيف
يأْتون له. واسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق، وتَبَهَّم أَيضاً إذا
أُرْتِجَ عليه؛ وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
أَعْيَيْتَني كلَّ العَيا
ءِ، فلا أَغَرَّ ولا بَهِيم
قال: يُضْرَب مثلاً للأَمر إذا أَشكل لم تَتَّضِحْ جِهتَه واستقامَتُه
ومعرِفته؛ وأَنشد في مثله:
تَفَرَّقَتِ المَخاضُ على يسارٍ،
فما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ
وأَمرٌ مُبْهَمِ: لا مَأْتَى له. واسْتَبْهَم الأَمْرُ إذا اسْتَغْلَق،
فهو مُسْتَبْهِم. وفي حديث عليّ: كان إذا نَزَل به إحْدى المُبْهَمات
كَشَفَها؛ يُريدُ مسألةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها
أُبْهِمت عن البيان فلم يُجْعل عليها دليل، ومنه قيل لِما لا يَنْطِق
بَهِيمة.
وفي حديث قُسٍّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ
(* قوله «تجلو دجنات» هكذا في الأصل
والنهاية بالتاء، وفي مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء).
الدَّياجي والبُهَم؛ البُهَم: جمع بُهْمَة، بالضم، وهي مُشكلات الأُمور. وكلام
مُبْهَم: لا يعرَف له وَجْه يؤتى منه، مأخوذ من قولهم حائط مُبْهَم إذا لم
يكن فيه بابٌ. ابن السكيت: أَبْهَمَ عليّ الأَمْرَ إذا لم يَجعل له
وجهاً أَعرِفُه. وإبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فلا يعرَف وجهُه، وقد
أَبْهَمه. وحائط مُبْهَم: لا باب فيه. وبابٌ مُبْهَم: مُغلَق لا يُهْتَدى لفتحِه
إذا أُغْلِق. وأبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته وسَدَدْته. وليلٌ بَهيم: لا
ضَوء فيه إلى الصَّباح. وروي عن عبد الله بن مسعود في قوله عز وجل: إن
المُنافِقين في الدَّرْك الأسْفَل من النار، قال: في تَوابيت من حديدٍ
مُبْهَمةٍ عليهم؛ قال ابن الأَنباري: المُبْهَة التي لا أَقْفالَ عليها. يقال:
أَمرٌ مُبْهَم إذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه ولا بابه.
غيره: البَهْمُ جمع بَهْمَةٍ وهي أَولادُ الضأْن. والبَهْمة: اسم
للمذكّر والمؤنث، والسِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فإذا اجتمع البهامُ والسِّخالُ
قلت لهما جميعاً بهامٌ وبَهْمٌ أَيضاً؛ وأَنشد الأَصمعي:
لو أَنَّني كنتُ، من عادٍ ومِن إرَمٍ،
غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وذا جَدَنِ
لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قال ابن بري: قول الجوهري لأَن الغَذِيَّ
السَّخْلة وَهَم، قال: وإِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كان
يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قال وعليه قول سلمى بن ربيعة الضبّيّ:
أَهلَك طَسْماً، وبَعْدَهم
غَذِيَّ بَهْمٍ وذا جَدَنِ
قال: ويدل على ذلك أَنه عطف لُقْماناً على غَذِيَّ بَهْمٍ، وكذلك في بيت
سلمى الضبيّ، قال: والبيت الذي أَنشده الأَصمعي لأفْنون التغلبي؛ وبعده:
لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم من مُهَوّلةٍ
أَخا السُّكون، ولا جاروا عن السَّنَنِ
وقد جَعل لَبيد أَولادَ البقر بِهاماً بقوله:
والعينُ ساكنةٌ على أَطلائِها
عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها
ويقال: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إذا أَفرَدُوه عن أُمَّهاته
فَرَعَوْه وحْدَه.
الأَخفش: البُهْمَى لا تُصْرَف. وكلُّ ذي أَربع من دوابِّ البحر والبرّ
يسمَّى بَهِيمة.
وفي حديث الإيمان والقَدَر: وترى الــحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل
والبَهْم يَتطاوَلون في البُنْيان؛ قال الخطابي: أَراد بِرِعاءِ الإبِل
والبَهْم الأَعْرابَ وأَصحابَ البَوادي الذين يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث ولا
تَسْتَقِرُّ بهم الدار، يعني أن البلاد تفتَح فيسكنونها ويَتطاوَلون في
البُنْيان، وجاء في رواية: رُعاة الإبل البُهُم، بضم الباء والهاء، على نعت
الرُّعاة وهم السُّودُ؛ قال الخطابي: البُهُم، بالضم، جمع البَهِيم وهو
المجهول الذي لا يُعْرَف. وفي حديث الصلاة: أَنَّ بَهْمَةً مرّت بين يديه
وهو يصلِّي، والحديث الآخر: أَنه قال للراعي ما ولَّدت؟ قال: بَهْمة،
قال: اذْبَحْ مكانَها شاةً؛ قا ابن الأَثير: فهذا يدل على أَن البَهْمة اسم
للأُنثى لأَنه إنما سأله ليعلَم أذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، وإلاَّ فقد
كان يَعْلم أَنه إنما ولَّد أَحدَهما.
والمُبْهَم والأبْهَمُ: المُصْمَت؛ قال:
فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم
أَي الذي لا صَدْع فيه؛ وأَما قوله:
لكافرٍ تاهَ ضَلالاً أَبْهَمُه
فقيل في تفسيره: أَبْهَمُه قلبُه، قال: وأَراه أَراد أَنَّ قلب الكافر
مُصْمَت لا يَتَخَلَّله وعْظ ولا إنْذار. والبُهْمةُ، بالضم الشجاع،
وقيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شدَّة بأْسِه، والجمع
بُهَم؛ وفي التهذيب: لا يَدْرِي مُقاتِله من أَين يَدخل عليه، وقيل: هم
جماعة الفُرْسان، ويقال للجيش بُهْمةٌ، ومنه قولهم فلان فارِس بُهْمةٍ
وليثُ غابةٍ؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرة:
وللِشرْب فابْكِي مالِكاً، ولِبُهْةٍ
شديدٍ نَواحِيها على مَن تَشَجَّعا
وهُم الكُماة، قيل لهم بُهْمةٌ لأَنه لا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ وقال غيره:
البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، وفي نوادر الأَعراب: رجل بُهْمَةٌ إذا كان لا
يُثْنَى عن شيء أَراده؛ قال ابن جني: البُهْمةُ في الأَصل مصدر وُصف به،
يدل على ذلك قولهم: هو فارسُ بُهْمةٍ كما قال تعالى: وأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ منكم، فجاء على الأَصل ثم وصف به فقيل رجل عَدْل، ولا فِعْل له،
ولا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ.
والبَهِيمُ: ما كان لَوناً واحداً لا يُخالِطه غيره سَواداً كان أَو
بياضاً، ويقال للَّيالي الثلاث التي لا يَطْلُع فيها القمر بُهَمٌ، وهي جمع
بُهْمةٍ. والمُبْهَم من المُحرَّمات: ما لا يحلُّ بوجْهٍ ولا سبب كتحريم
الأُمِّ والأُخْت وما أَشبَهه. وسئل ابن عباس عن قوله عز وجل: وحَلائلُ
أَبنائِكم الذين من أَصلابِكم، ولم يُبَيّن أَدَخَل بها الإبنُ أَمْ لا،
فقال ابن عباس: أَبْهِموا ما أَبْهَمَ الله؛ قال الأَزهري: رأَيت كثيراً
من أَهل العلم يذهَبون بهذا إلى إبهام الأَمر واستِبهامِه، وهو إشْكالُه
وهو غلَطٌ. قال: وكثير من ذَوي المعرفة لا يميِّزون بين المُبْهَم وغير
المُبْهَم تمييزاً مُقْنِعاً، قال: وأَنا أُبيّنه بعَوْن الله عز وجل،
فقوله عز وجل: حُرِّمت عليكم أُمَّهاتُكم وبنَاتُكم وأَخواتُكم وعَمّاتُم
وخالاتُكم وبَناتُ الأخِ وبناتُ الأُخْتِ، هذا كله يُسمَّى التحريمَ
المُبْهَم لأَنه لا يحلُّ بوجه من الوجوه ولا سبب من الأَسباب، كالبَهِيم من
أَلوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالِف مُعْظم لونِه، قال: ولمَّا سئل ابن
عباس عن قوله وأُمهاتُ نِسائِكم ولم يُبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ أَجاب
فقال: هذا من مُبْهَم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء
دَخَلْتم بالنساء أَو لم تَدْخُلوا بهن، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عليكم من
جميع الجهات، وأَما قوله: ورَبائبُكم اللاتي في حُجوركم من نِسائكم
اللاتي دََخَلْتم بهنّ، فالرَّبائبُ ههنا لسْنَ من المُبْهمات لأَنَّ وجهين
مُبيَّنَين أُحْلِلْن في أَحدِهما وحُرِّمْن في الآخر، فإذا دُخِل
بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، وإن لم يُدخل بأُمَّهات الربائب لم
يَحْرُمن، فهذا تفسيرُ المُبْهَم الذي أَراد ابنُ عباس، فافهمه؛ قال ابن
الأَثير: وهذا التفسير من الأَزهري إنما هو للرَّبائب والأُمَّهات لا
للحَلائل، وهو في أَول الحديث إنما جَعل سؤال ابنِ عباس عن الحَلائل لا عن
الرّبائب. ولَونٌ بهيم: لا يُخالطه غيرُه. وفي الحديث: في خيل دهْمٍ بُهْمٍ؛
وقيل: البَهِيمُ الأَسودُ. والبَهِيمُ من الخيل: الذي لا شِيةَ فيه، الذكَر
والأُنثى في ذلك سواء، والجمع بُهُم مثل رغِيفٍ ورُغُف. ويقال: هذا فرس
جواد وبَهِيمٌ
وهذه فرس جواد وبَهِيمٌ، بغير هاء، وهو الذي لا يُخالط لونَه شيء سِوى
مُعْظَم لونِه. الجوهري: وهذا فرس بَهِيمٌ
أَي مُصْمَتٌ. وفي حديث عياش ابن أَبي ربيعة: والأسود البَهيمُ كأَنه من
ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ
(* قوله «كأنه المصمت» الذي في النهاية: أي
المصمت). الذي لا يُخالِطُ لونَه لون غيرُه. والبَهيمُ من النِّعاج:
السَّوداءُ التي لا بياض فيها، والجمع من ذلك بُهْمٌ وبُهُمٌ فأما قوله في
الحديث: يُحْشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلاً بُهْماً أَي ليس
معهم شيء، ويقال: أَصِحَّاءَ؛ قال أَبو عمرو البُهْمُ واحدها بَهيم وهو
الذي لا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه من سَوادٍ كان أَو غيره؛ قال أَبو عبيد:
فمعناه عندي أَنه أَراد بقوله بُهْماً يقولُ: ليس فيهم شيءٌ من الأَعراض
والعاهات التي تكون في الدنيا من العَمى والعَوَر والعَرَج والجُذام
والبَرَص وغير ذلك من صُنوف الأَمراض والبَلاءِ، ولكنها أَجسادٌ مُبْهَمَة
مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، وقال غيره: لِخُلود الأَبَدِ في الجنة أَو
النار، ذكره ابن الأثير في النهاية؛ قال محمد بن المكرم: الذي ذكره الأَزهري
وغيره أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، وقول ابن الأَثير في الجنة أَو
في النار فيه نَظَر، وذلك أَن الخلود في الجنة إنما هو للنَّعيم المحْضِ،
فصحَّة أَجْْسادِهم من أَجل التَّنَعُّم، وأَما الخلود في النار فإنما هو
للعذاب والتأسُّف والحَسرة، وزيادةُ عذابِهم بعاهات الأَجسام أَتمُّ في
عُقوبتهم، نسأَل الله العافية من ذلك بكرمه. وقال بعضهم: رُوي في تمام
الحديث: قيل وما البُهْم؟ قال: ليس معهم شيء من أَعراض الدنيا ولا من
متاعِها، قال: وهذا يخالف الأَول من حيث المعنى. وصَوْتٌ بَهِيم: لا تَرْجيع
فيه.
والإبْهامُ من الأَصابع: العُظْمى، معروفة مؤنثة؛ قال ابن سيده: وقد
تكون في اليَدِ والقدَم، وحكى اللحياني أنها تذكَّر وتؤنَّثُ؛ قال:
إذا رأَوْني، أَطال الله غَيْظَهُمُ،
عَضُّوا من الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ
وأَما قول الفرزدق:
فقد شَهدَت قَيْسٌ فما كان نَصْرُها
قُتَيبةَ، إلاَّ عَضَّها بالأَباهِمِ
فإنما أَراد الأَباهِيم غير أَنه حذف لأَنَّ القصِيدةَ ليست مُرْدَفَة،
وهي قصيدة معروفة. قال الأَزهري: وقيل للإصْبَع إِبْهامٌ
لأَنها تُبْهِم الكفّ أَي تُطْبِقُ عليها. قال: وبَهِيم هي الإبْهام
للإصبع، قال: ولا يقال البِهامُ. وقال في موضع آخر: الإبْهام الإصْبَع
الكُبْرى التي تلي المُسَبِّحةَ، والجمع الأَباهِيم، ولها مَفْصِلان.
الجوهري: وبُهْمى نَبْت، وفي المحكم: والبُهْمى نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:
هي خير أَحْرار البُقُولِ رَطْباً ويابساً وهي تَنْبُت أَوَّل شيء
بارِضاً، وحين تخرج من الأَرض تَنْبت كما يَنْبُت الحَبُّ، ثم يبلُغ بها
النَّبْت إلى أَن تصير مثل الحَبّ، ويخرج لها إذا يَبِسَتْ شَوْك مثل شوك
السُّنْبُل، وإذا وَقَع في أُنوف الغَنَم والإِبل أَنِفَت عنه حتى يَنْزِعه
الناسُ
من أَفواهها وأُنوفِها، فإذا عَظُمَت البُهْمى ويَبِسَتْ كانت كَلأً
يَرْعاه الناس حتى يُصِيبه المطَر من عامٍ مُقْبِل، ويَنْبت من تحتِه حبُّه
الذي سقَط من سُنْبُله؛ وقال الليث: البُهْى نَبْت تَجِد به الغنَم
وَجْداً شديداً ما دام أَخضر، فإذا يَبِس هَرّ شَوْكُه وامتَنَع، ويقولون
للواحد بُهْمى، والجمع بُهْمى؛ قال سيبويه: البُهْمى تكون واحدة وجمعاً
وأَلفها للتأنيث؛ وقال قومٌ: أَلفها للإلْحاق، والواحدة بُهْماةٌ؛ وقال
المبرد: هذا لا يعرف ولا تكون أَلف فُعْلى، بالضم، لغير التأنيث؛ وأَنشد ابن
السكيت:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً وبُسْرةً،
وصَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها
والعرب تقول: البُهْمى عُقْر الدارِ وعُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه من
خِيار المَرْتَع في جَناب الدَّار؛ وقال بعض الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نحو
الشِّبْر ونَباتُها أَلْطَف من نَبات البُرِّ، وهي أَنْجَعُ المَرْعَى
في الحافرِ ما لم تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قال ابن سيده: هذا قولُ أَهل
اللغة، وعندي أَنّ مَن قالُ بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة له بِجُخْدَب، فإذا
نزع الهاء أَحال إعْتِقاده الأَول عما كان عليه، وجعل الأَلف للتأنيث
فيما بعد فيجعلها للإلْحاق مع تاء التأنيث ويجعلها للتأنيث إذا فقد
الهاء.وأَبْهَمَتِ الأَرض، فهي مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى وكثُر بُهْماها،
قال: كذلك حكاه أَبو حنيفة وهذا على النسب. وبَهَّم فلان بموضع كذا إذا
أَقام به ولم يَبْرَحْهُ.
والبهائم: إسم أَرض، وفي التهذيب: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى على لَون
واحد؛ قال الراعي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذا مَعارِكٍ
أَتى دونه، والهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم
والأَسماءُ المُبْهَمة عند النحويين: أَسماء الإشارات نحو قولك هذا
وهؤلاء وذاك وأُولئك، قال الأَزهري:
الحُروف المُبْهَمة التي لا اشتقاقَ لها ولا يُعْرف لها أُصول مثل الذي
والذين وما ومَن وعن
(* قوله «ومن وعن» كذا في الأصل والتهذيب ونسخة من
شرح القاموس غير المطبوع، وفي شرح القاموس المطبوع: ومن نحن). وما
أَشبهها، والله أَعلم.
درأ: الدَّرْءُ: الدَّفْع. دَرَأَهُ يَدْرَؤُهُ دَرْءاً ودَرْأَةً: دَفَعَهُ.
وتَدارَأَ القومُ: تَدافَعوا في الخُصومة ونحوها واخْتَلَفوا.
ودارأْتُ، بالهمز: دافَعْتُ. وكلُّ مَن دَفَعْتَه عنك فقد دَرَأْتَه. قال أَبو زبيد:
كانَ عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ، بَعْدَ * اللّهِ، شَغْبَ الـمُسْتَصْعِبِ، المِرِّيد
يعني كان دَفْعُكَ.
وفي التنزيل العزيز: «فادّارَأْتُم فيها». وتقول: تَدارأْتم، أَي
اخْتَلَفْتُم وتَدَافَعْتُم.
وكذلك ادّارَأْتُمْ، وأَصله تَدارَأْتُمْ، فأُدْغِمت التاءُ في الدال
واجتُلِبت الأَلف ليصح الابتداءُ بها؛ وفي الحديث: إِذا تَدارَأْتُمْ في
الطَّرِيق أَي تَدافَعْتم واخْتَلَفْتُمْ.
والـمُدارَأَةُ: الـمُخالفةُ والـمُدافَعَةُ. يقال: فلان لا يُدارِئُ
ولا يُمارِي؛ وفي الحديث: كان لا يُدارِي ولا يُمارِي أَي لا يُشاغِبُ ولا يُخالِفُ، وهو مهموز، وروي في الحديث غير مهموز ليُزاوِجَ يُمارِي.
وأَما الـمُدارأَة في حُسْنِ الخُلُق والـمُعاشَرة فإِن ابن الأَحمر يقول
فيه: انه يهمز ولا يهمز. يقال: دارَأْتُه مدارأَةً ودارَيْتُه إِذا
اتَّقيتَه ولايَنْتَه. قال أَبو منصور: من همز، فمعناه الاتّقاءُ لشَرِّه، ومن لم يهمز جعله من دَرَيْتُ بمعنى خَتَلْتُ؛ وفي حديث قيس بن السائب قال: كان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، شَرِيكي، فكانَ خَيْرَ شَرِيكٍ لا يُدارِئُ ولا يُمارِي.
قال أَبو عبيد: الـمُدارأَةُ ههنا مهموزة من دارَأْتُ، وهي الـمُشاغَبةُ والـمُخالَفةُ على صاحبك ومنه قوله تعالى: فادَّارَأْتُم فيها، يعني اختلافَهم في القَتِيل؛ وقال الزجاج: معنى فادَّارَأْتُم: فتَدارأْتُم، أَي تَدافَعْتُم، أَي أَلقَى بعضُكم إِلى بعضٍ، يقال: دارَأْتُ فلاناً أَي دافَعْتُه.
ومن ذلك حديث الشعبي في المختلعةِ إِذا كان الدَّرْءُ من قِبَلِها، فلا بأْس أَن يأْخذ منها؛ يعني بالدَّرْءِ النُّشوزَ والاعْوِجاجَ
والاختِلافَ.وقال بعض الحكماء: لا تَتعلَّموا العِلْم لثلاث ولا تَتْرُكوه لِثلاثٍ: لا تَتعلَّموه للتَّدارِي ولا للتَّمارِي ولا للتَّباهِي، ولا تَدَعُوه رَغبْةً عنه ولا رِضاً بالجَهْلِ، ولا اسْتِحْياءً من الفِعل له.
ودارَأْتُ الرَّجُل: إِذا دافَعْته، بالهمز.
والأَصل في التَّدارِي التَّدارُؤُ، فتُرِكَ الهَمز ونُقِلَ الحرف إِلى
التشبيه بالتَّقاضِي والتَّداعِي.
<ص:72> وإِنه لَذُو تُدْرَإِ أَي حِفاظٍ ومَنَعةٍ وقُوَّةٍ على أَعـْدائه ومُدافَعةٍ، يكون ذلك في الحَرْب والخُصومة، وهو اسم موضوع للدَّفْع، تاؤهُ زائدة، لأَنه من دَرَأْتُ ولأَنه ليس في الكلام مثل جُعْفَرٍ.
ودرأْتُ عنه الحَدَّ وغيرَه، أَدْرَؤُهُ دَرْءاً إِذا أَخَّرْته عنه.
ودَرَأْتُه عني أَدْرَؤُه دَرْءاً: دَفَعْته. وتقول: اللهم إِني أَدْرأُ بك
في نَحْرِ عَدُوِّي لِتَكْفِيَنِي شَرَّه. وفي الحديث: ادْرَؤُوا
الحُدود بالشُّبُهاتِ أَي ادْفَعُوا؛ وفي الحديث: اللهم إِني أَدْرَأُ بِك في نُحورهم أَي أَدْفَع بك لتَكْفِيَنِي أَمرَهم، وانما خصَّ النُّحور لأَنه أَسْرَعُ وأَقْوَى في الدَّفْع والتمكُّنِ من المدفوعِ.
وفي الحديث: أَنّ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُصَلِّي فجاءَت بَهْمةٌ تَمُرُّ بين يديه فما زال يُدارِئُها أَي يُدافِعُها؛ ورُوِي
بغير همز من الـمُداراة؛ قال الخطابي: وليس منها.
وقولهم: السُّلطان ذُو تُدْرَإِ، بضم التاءِ أَي ذُو عُدّةٍ وقُوّةٍ
على دَفْعِ أَعْدائه عن نفسه، وهو اسم موضوع للدفع، والتاء زائدة كما زيدت في تَرْتُبٍ وتَنْضُبٍ وتَتْفُلٍ؛ قال ابن الأَثير: ذُو تُدْرَإِ أَي ذُو هُجومٍ لا يَتَوَقَّى ولا يَهابُ، ففيه قوَّةٌ على دَفْع أَعدائه؛ ومنه حديث العباس بن مِرْداس، رضي اللّه عنه:
وقد كنتُ، في القَوْم ذا تُدْرَإِ، * فلَمْ أُعْطَ شيئاً، ولَمْ أُمْنَعِ
وانْدَرَأْتُ عليه انْدِراءً، والعامة تقول انْدَرَيْتُ. ويقال: دَرَأَ
علينا فلان دُرُوءاً إِذا خرج مُفاجَأَةً. وجاءَ السيل دَرْءاً: ظَهْراً.
ودَرَأَ فلان علينا، وطَرَأَ إِذا طَلَعَ من حيث لا نَدْرِي.
غيرُه: وانْدَرَأَ علينا بِشَرٍّ وتَدَرَّأَ: انْدَفَع. ودَرَأَ السَّيْلُ وانْدَرَأَ: انْدَفَع. وجاءَ السيلُ دَرءاً وَدُرْءاً إِذا انْدَرَأَ من مكان لا يُعْلَمُ به فيه؛ وقيل: جاءَ الوادِي دُرْءاً، بالضم، إِذا سالَ بمطر وادٍ آخر؛ وقيل: جاءَ دَرْءاً أَي من بلد بعيد، فان سالَ بمطَر نَفْسِه قيل: سال ظَهْراً، حكاه ابن الأَعرابي؛ واستعار بعض الرُّجَّازِ الدَّرْءَ لسيلان الماءِ من أَفْواهِ الإِبل في أَجْوافِها لأَن الماءَ انما
يَسِيل هنالك غريباً أَيضاً إِذْ أَجْوافُ الإِبِل ليست من مَنابِعِ الماءِ،
ولا من مَناقِعه، فقال:
جابَ لَها لُقْمانُ، في قِلاتِها، * ماءً نَقُوعاً لِصَدى هاماتِها
تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلاتِها، * يَسِيلُ دُرْءاً بَيْنَ جانِحاتِها
فاستعار للإِبل جَحافِلَ، وانما هي لذوات الحوافِر، وسنذكره في موضعه.
ودَرَأَ الوادِي بالسَّيْلِ: دَفَعَ؛ وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: صادَفَ دَرْءُ السَّيْلِ دَرْءاً يَدْفَعُه يقال للسيل إِذا أَتاك من حيث لا تَحْتَسِبه: سيلٌ دَرْءٌ أَي يَدْفَع هذا ذاكَ وذاكَ هذا.
وقولُ العَلاءِ بن مِنْهالٍ الغَنَوِيِّ في شَرِيك بن عبداللّه النَّخَعِي:
ليتَ أَبا شَرِيكٍ كان حَيّاً، * فَيُقْصِرَ حين يُبْصِرُه شَرِيكْ
ويَتْرُكَ مِن تَدَرِّيهِ عَلَيْنا، * إِذا قُلْنا له: هذا أَبُوكْ
قال ابن سيده: إِنما اراد من تَدَرُّئِه، فأَبدل الهمزة <ص:73>
إِبدالاً صحيحاً حتى جعلها كأَن موضوعها الياء وكسر الراءَ لمجاورة هذه الياءِ المبدلة كما كان يكسرها لو أَنها في مَوْضُوعِها حرفُ عِلة كقولك تَقَضِّيها وتَخَلِّيها، ولو قال من تَدَرُّئِه لكان صحيحاً، لأَن قوله تَدَرُّئه مُفاعَلتن؛ قال: ولا أَدري لِمَ فعل العَلاءُ هذا مع تمام الوزن وخلوص تَدَرُّئِه
من هذا البدل الذي لا يجوز مثلُه الا في الشعر، اللهم الا أَن يكون العَلاءُ هذا لغته البدل.
ودَرَأَ الرجلُ يَدْرَأُ دَرْءاً ودُرُوءاً: مثل طَرَأَ. وهم
الدُّرَّاءُ والدُّرَآءُ. ودَرَأَ عليهم دَرْءاً ودُرُوءاً: خرج، وقيل خَرج
فَجْأَةً، وأَنشد ابن الأَعرابي:
أُحَسُّ لِيَرْبُوعٍ، وأَحْمِي ذِمارَها، * وأَدْفَعُ عنها مِنْ دُرُوءِ القَبائِل
أَي من خُروجِها وحَمْلِها. وكذلك انْدَرَأَ وتَدَرَّأَ.
ابن الأَعرابي: الدَّارِئُ: العدوُّ الـمُبادِئُ؛ والدَّارِئُ: الغريبُ. يقال: نحنُ فُقَراءُ دُرَآءُ.
والدَّرْءُ: الـمَيْلُ.
وانْدَرَأَ الحَرِيقُ: انْتَشَرَ.
وكَوْكَبٌ دُرّيءٌ على فُعِّيلٍ: مُندفعٌ في مُضِيِّهِ مَن الـمَشْرِق
إِلى الـمَغْرِب من ذلك، والجمع دَرارِيءُ على وزن دَرارِيعَ. وقد دَرَأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً. قال أَبو عمرو بن العلاءِ: سأَلت رجلاً مِن سعْد بن بَكر من أَهل ذاتِ عِرْقٍ فقلت: هذا الكوكبُ الضَّخْمُ ما تُسمُّونه؟ قال: الدِّرِّيءُ، وكان من أَفصح الناس. قال أَبو عبيد: إِن ضَمَمْتَ الدَّال، فقلت دُرِّيٌّ، يكون منسوباً إِلى الدُّرِّ، على فُعْلِيٍّ، ولم تهمزه، لأَنه ليس في كلام العرب فُعِّيلٌ. قال الشيخ أَبو محمد ابن بري: في هذا المكان قد حكى سيبويه أَنه يدخل في الكلام فُعِّيلٌ، وهو قولهم للعُصْفُر: مُرِّيقٌ، وكَوْكبٌ دُرِّيءٌ، ومن همزه من القُرّاء، فانما أَراد فُعُّولاً مثل سُبُّوحٍ، فاستثقل الضمّ، فرَدَّ بعضَه إِلى الكسر.
وحكى الأَخفش عن بعضهم: دَرِّيءٌ، من دَرَأْتُه، وهمزها وجعلها على فَعِّيل مَفتوحةَ الأَوَّل؛ قال: وذلك من تَلأْلُئِه. قال الفرّاءُ: والعرب تسمي الكواكِبَ العِظامَ التي لا تُعرف أَسْماؤُها: الدَّرارِيَّ.
التهذيب: وقوله تعالى: كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، روي عن عاصم أَنه
قرأَها دُرِّيٌّ، فضم الدال، وأَنكره النحويون أَجمعون، وقالوا: دِرِّيءٌ، بالكسر والهمز، جيِّد، على بناء فِعِّيلٍ، يكون من النجوم الدَّرَارِئِ التي تَدْرَأُ أَي تَنحَطُّ وتَسِير؛ قال الفرّاءُ: الدِّرِّيءُ من
الكَواكِب: الناصِعة؛ وهو من قولك: دَرَأَ الكَوْكَبُ كأَنه رُجِمَ به الشيطانُ فَدَفَعَه. قال ابن الأَعرابي: دَرَأَ فلان علينا أَي هَجَم.
قال والدِّرِّيءُ: الكَوْكَبُ الـمُنْقَضُّ يُدْرَأُ على الشيطان، وأَنشد
لأَوْس بن حَجَر يصف ثَوْراً وحْشِيّاً:
فانْقَضَّ، كالدِّرِّيءِ، يَتْبَعُه * نَقْعٌ يَثُوبُ، تخالُه طُنُبَا
قوله: تَخالُه طُنُبا: يريد تَخاله فُسْطاطاً مضروباً.
وقال شمر: يقال دَرأَتِ النارُ إِذا أَضاءَت. وروى المنذري عن خالد بن يزيد قال: يقال دَرَأَ علينا فلان وطَرأَ إِذا طَلَعَ فَجْأَة. ودَرأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً، من ذلك. قال، وقال نصر الرازي: دُرُوءُ الكَوْكب: طُلُوعُه. يقال: دَرَأَ علينا.
وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه صَلَّى الـمَغْرِبَ، <ص:74>
فلما انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعةً من حَصَى المسجد، وأَلْقَى عَلَيْها رَِداءَهُ، واسْتَلْقَى أَي سَوَّاها بيدِه وبَسَطَها؛ ومنه قولهم: يا جارِيةُ ادْرَئِي إِلَيَّ الوِسادَةَ أَي ابْسُطِي.
وتقولُ: تَدَرَّأَ علينا فلان أَي تَطَاول. قال عَوفُ ابن الأَحْوصِ:
لَقِينا، مِنْ تَدَرُّئِكم عَلَيْنا * وقَتْلِ سَراتِنا، ذاتَ العَراقِي
أَراد بقوله ذات العَراقِي أَي ذاتَ الدَّواهِي، مأْخوذ من عَراقِي
الإِكام، وهي التي لا تُرْتَقَى إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ.
والدَّرِيئة: الحَلْقةُ التي يَتَعَلَّم الرَّامي الطَّعْنَ والرَّمْيَ عليها. قال عمرو بن معديكرب:
ظَلِلْتُ كأَنِّي للرِّماح دَرِيئةٌ، * أُقاتِلُ عَنْ أَبْناءِ جَرْمٍ، وفَرَّتِ
قال الأَصمعي: هو مهموز.
وفي حديث دُرَيْد بن الصِّمة في غَزْوة حُنَيْن: دَرِيئَةٌ أَمامَ
الخَيْلِ. الدَّرِيئةُ: حَلْقةٌ يُتَعَلَّم عَليْها الطَّعْنُ؛ وقال أَبو زيد:
الدَّرِيئةُ، مهموز: البَعِير أَو غيرُه الذي يَسْتَتِرُ به الصائد من
الوَحْشِ، يَخْتِل حتَّى إِذا أَمْكَنَ رَمْيُه رَمَى؛ وأَنشد بيت عَمْرو
أَيضاً، وأَنشد غيره في همزه أَيضاً:
إِذا ادَّرَؤُوا منْهُمْ بِقِرْدٍ رَمَيْتُه * بَمُوهِيةٍ، تُوهِي عِظامَ الحَواجِب
غيره: الدَّرِيئَةُ: كُّل ما اسْتُتِرُ به من الصِّيْد ليُخْتَلَ من
بَعِير أَو غيره هو مهموز لأَنها تُدْرَأُ نحو الصَّيْدِ أَي تُدْفَع، والجمع الدَّرايا والدَّرائِئُ، بهمزتين، كلاهما نادر.
ودَرَأَ الدَّرِيئَةَ للصيد يَدرَؤُها دَرْءاً: ساقَها واسْتَتَرَ بها،
فإِذا أَمْكَنه الصيدُ رَمَى.
وتَدَرَّأَ القومُ: اسْتَتَرُوا عن الشيءِ ليَخْتِلُوه.
وادَّرَأْتُ للصيْدِ، على افْتَعَلْتُ: إِذا اتَّخَذْت له دَرِيئةً.
قال ابن الأَثير: الدّريَّة، بغير همز: حيوان يَسْتَتِر به الصائدُ،
فَيَتْرُكُه يَرْعَى مع الوَحْش، حتى إِذا أَنِسَتْ به وأَمكَنَتْ من
طالِبها، رَماها. وقيل على العَكْسِ منهما في الهمز وتَرْكِه.
الأَصمعي: إِذا كان مع الغُدّة، وهي طاعونُ الإِبل، ورَمٌ في ضَرْعها فهو دارِئٌ. ابن الأَعرابي: إِذا دَرَأَ البعيرُ من غُدَّته رَجَوْا أَن يَسْلَم؛ قال: ودَرَأَ إِذا وَرِمَ نَحْرُه. ودَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ
دُرُوءاً فهو دارِئٌ: أَغَدَّ ووَرِمَ ظَهْرُه، فهو دارِئٌ، وكذلك الأُنثى
دارئٌ، بغير هاءٍ. قال ابن السكيت: ناقةٌ دارِيٌ إِذا أَخَذَتْها
الغُدَّةُ من مراقِها، واسْتَبانَ حَجْمُها. قال: ويسمى الحَجْمُ دَرْءاً
بالفتح؛ وحَجْمُها نُتوؤُها، والـمَراقُ بتخفيف القاف: مَجرى الماءِ من حَلْقِها، واستعاره رؤْبة للـمُنْتَفِخِ الـمُتَغَضِّب، فقال:
يا أَيـُّها الدّارِئُ كَالمنْكُوفِ، * والـمُتَشَكِّي مَغْلةَ الـمَحْجُوفِ
جعل حِقْده الذي نفخه بمنزلة الورم الذي في ظهر البعير، والـمَنْكُوفُ: الذي يَشْتَكي نَكَفَتَه، وهي أَصل اللِّهْزِمة.
وأَدْرَأَتِ الناقةُ بضَرْعِها، وهي مُدْرِئ إِذا اسْتَرْخَى ضَرْعُها؛
وقيل: هو إِذا أَنزلت اللبن عندَالنِّتاجِ.
والدَّرْءُ، بالفتح: العَوَجُ في القناة والعَصا ونحوها مـما تَصْلُبُ
وتَصْعُبُ إِقامتُه، والجمع: دُروءٌ. قال الشاعر:
إِنَّ قَناتي من صَلِيباتِ القَنا، * على العِداةِ أَن يُقِيموا دَرْأَنا
وفي الصحاح: الدَّرْءُ، بالفتح: العَوَجُ، فأَطْلَق. يقال: أَقمتُ
دَرْءَ فلان أَي اعْوِجاجَه وشَعْبَه؛ قال المتلمس:
وكُنَّا، إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ، * أَقَمْنا لَه مِن دَرْئِهِ، فَتَقَوَّما
ومن الناس مَن يظن هذا البيت للفرزدق، وليس له، وبيت الفرزدق هو:
وكنَّا، إِذا الجبَّار صعَّر خدَّه، * ضَرَبْناه تَحْتَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
وكنى بالأُنثيين عن الأُذُنَينِ. ومنه قولهم: بِئر ذاتُ دَرْءٍ، وهو
الحَيْدُ.
ودُرُوءُ الطريقِ: كُسُورُه وأَخاقِيقُه، وطرِيقٌ ذُو دُروءٍ، على
فُعُولٍ: أَي ذُو كُسورٍ وحَدَبٍ وجِرفَةٍ.
والدَّرْءُ: نادِرٌ. يَنْدُرُ من الجبلِ، وجمعه دُروءٌ.
ودرأَ الشيءَ بالشيءِ(1)
(1 قوله «ودرأ الشيء بالشيء إلخ» سهو من وجهين
الأول: أَن قوله وأَردأَه اعانه ليس من هذه المادة. الثاني: ان قوله ودرأَ الشيء إلخ صوابه وردأَ كما هو نص المحكم وسيأتي في ردأَ ولمجاورة ردأَ لدرأ. فيه سبقة النظر إليه وكتبه المؤلف هنا سهواً.): جعله له رِدْءاً.
وأَرْدَأَهُ: أَعانه.
ويقال: دَرَأْتُ له وِسادَةً إِذا بَسَطْتَها. ودَرَأْتُ وضِينَ البعيرِ
إِذا بَسَطْتَه على الأَرضِ ثم أَبْرَكْته عليه لِتَشُدَّه به، وقد
دَرَأْتُ فلاناً الوَضينَ(2)
(2 وقوله «وقد درأت فلاناً الوضين» كذا في النسخ
والتهذيب.) على البعير ودارَيْتُه، ومنه قول الـمُثَقِّبِ العَبْدِي:
تقُول، إِذا دَرأْتُ لها وَضِينِي: * أَهذا دِينُه أَبَداً ودِيني؟
قال شمر: دَرَأْتُ عن البعير الحَقَبَ: دَفَعْتُه أَي أَخَّرْته عنه؛
قال أَبو منصور: والصواب فيه ما ذكرناه من بَسَطْتُه على الأَرض وأَنَخْتُها عليه. وتَدَرَّأَ القومُ: تعاوَنُوا(3)
(3 قوله «وتدرأ القوم إلخ» الذي في المحكم في مادة ردأَ ترادأَ القوم تعاونوا وردأَ الحائط ببناء أَلزقه به وردأَه بحجر رماه كرداه فطغا قلمه لمجاورة ردأَ لدرأ فسبحان من لا يسهو ولا يغتر بمن قلد اللسان.).
ودَرَأَ الحائطَ ببناءٍ: أَلزَقَه به. ودَرَأَه بججر: رماه، كرَدَأَه؛
وقول الهذلي:
وبالتَّرْك قَدْ دَمَّها نَيُّها، * وذاتُ الـمُدارَأَةِ العائطُ
الـمَدْمُومةُ: الـمَطْلِيّةُ، كأَنها طُلِيَتْ بشَحْمٍ. وذاتُ الـمُدارَأَةِ: هي الشَّدِيدةُ النفس، فهي تَدْرَأُ. ويروى: وذاتُ الـمُداراةِ والعائطُ
قال: وهذا يدل على أَن الهمز وترك الهمز جائز.
دجج: دَجَّ القَوْمُ يَدِجُّونَ دَجّاً ودَجِيجاً ودَجَجاناً: مَشَوْا
مَشْياً رُوَيْداً في تَقارُبِ خَطْوٍ؛ وقيل: هو أَن يقبلوا ويدبروا؛
وقيل: هو الدبيب بعينه. ودَجَّ يَدِجُّ إِذا أَسرع، ودَجَّ يَدِجُّ ودَبَّ
يَدِبُّ، بمعنى: قال ابن مقبل:
إِذا سَدَّ بالمَحْلِ آفاقَها
جَهامٌ، يَدِجُّ دَجِيجَ الظُّعُنْ
قال ابن السكيت: لا يقال يَدِجُّون حتى يكونوا جماعة، ولا يقال ذلك
للواحد، وهم الدَّاجَّةُ. وفي الحديث: قال لرجلٍ أَين نزلت؟ قال: بالشق
الأَيسر من منة، قال: ذاك منزل الداجِّ فلا تنزله. ودَجَّ البيتُ إِذا
وَكَفَ.وأَقبل الحاجُّ والدَّاجُّ: الذين يحجون، والداجُّ: الذين معهم من
الأُجراء والمُكارينَ والأَعوان ونحوهم، لأَنهم يَدِجُّونَ على الأَرض أَي
يَدِبُّونَ ويَسْعَوْنَ في السفر، وهذان اللفظان وإِن كانا مفردين فالمراد
بهما الجمع، كقوله تعالى: مستكبرين به سامِراً تَهْجُرُونَ. وقيل: هم
الذين يدبون في آثارهم من التجار وغيرهم. وفي حديث ابن عمر: رأَى قوماً في
الحجِّ لهم هيئة أَنكرها، فقال: هؤلاء الداجُّ وليسوا بالحاجِّ.
الجوهري: وأَما الحديث: ما تركت من حاجَةٍ ولا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ،
فهو مخفف، إِتباع للحاجة. قال ابن بري: ذِكْرُ الجوهري هذا في فصل دجج
وَهَمٌ منه، لأَن الداجة أَصلها دوجة، كما أَن حاجة أَصلها حوجة، وحكمها
حكمها، وإِنما ذكر الجوهري الداجة في فصل دجج لأَنه توهمها من الداجَّةِ
الجماعةِ الذين يَدِجُّونَ على الأَرض أَي يَدِبُّون في السير، وليست هذه
اللفظة من معنى الحاجة في شيء. ابن الأَثير: وفي الحديث، قال لرجل: ما تركت
حاجَّة ولا داجَّة. قال؛ وهكذا جاء في رواية، بالتشديد. قال الخطابي:
الحاجَّةُ القاصدون البيت، والدَّاجَّةُ الراجعون، والمشهور هو بالتخفيف،
وأَراد بالحاجة الصغيرى، وبالداجة الكبيرة، وهو مذكور في موضعه. وفي كلام
بعضهم: أَمَا وَحَواجِّ بيت الله ودَواجِّه لأَفْعَلَنَّ كذا وكذا. وقال
أَبو عبيد: في حديث ابن عمر هؤلاء الداجُّ وليسوا بالحاجِّ، قال: هم الذي
يكونون مع الحاج مثل الأُجراء والجمَّالين والخدم وما أَشبههم؛ وقيل:
إِنما قيل لهم داجّ لأَنهم يدجون على الأَرض. والدَّجَجانُ: هو الدَّبِيبُ
في السير؛ وأَنشد:
باتَتْ تُداعي قَرَباً أَفايِجا،
تَدْعُو بذاك الدَّجَجانَ الدَّارِجَا
قال أَبو عبيد: فأَراد ابن عمر أَن هؤلاء لا حج لهم، وليس عندهم شيء
إِلاَّ أَنهم يسيرون ويَدِجُّونَ، ولا حج لهم. أَبو زيد: الداجُّ
التُّبَّاعُ والجَمَّالُون، والحاجُّ أَصحاب النيَّات، والزَّاجُّ المراؤُون.
والدِّجاجة والدِّجاجةُ: معروفة، سميت بذلك لإقبالها وإِدبارها، تقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس، مثل حمامة
وبطة؛ أَلا ترى إِلى قول جرير:
لَمَّا تَذَكَّرْتُ بالدَّيْرَيْنِ، أَرَّقَني
صَوْتُ الدَّجاجِ، وضَرْبٌ بالنَّواقيس
إِنما يعني زُقَاءَ الدُّيوك؟ والجمع دَجَاجٌ ودِجَاجٌ ودَجائج، وفتح
الدال أَفصح، فأَما دجائج فجمع ظاهر الأَمر، وأَما دِجاجٌ فقد يكون جمع
دجاجَةٍ كَسِدْرَةٍ وسِدَرٍ، في أَنه ليس بينه وبين واحدة إِلا الهاء، وقد
يكون تكسير دجاجة على أَن تكون الكسرة في الجمع غير الكسرة التي كانت في
الواحد، والأَلف غير الأَلف لكنها كسرة الجمع وأَلفه، فتكون الكسرة في
الواحد ككسرة عين عِمامة، وفي الجمع ككسرة قاف قِصاع وجيم حِفان. وقد يكون
جمع دجاجة على طرح الزائد، كقولك صَحْفَة وصِحاف فكأَنه حينئذ جمع
دَجَّةٍ. وأَما دَجاجٌ فمن الجمع الذي ليس بينه وبين واحده إِلا الهاء كحمامة
وحمام ويمامة ويمام. قال سيبويه: وقالوا دَجاجةٌ ودَجاجٌ ودَجاجاتٌ، قال:
وبعضهم يقول دِجاج ودَجاج ودَجاجات ودِجاجات؛ وقول جرير:
صوتُ الدَّجاج وقَرْعٌ بالنَّواقِيسِ
قال: أَراد أَرَّقني انتظار صوت الدجاج أَي الديوك، وذلك أَنه كان
مُزمِعاً سَفَراً فأَرِقَ ينتظره.
ودِجْ دِجْ: دعاؤك بالدَّجاجة. ودَجْدَجَ بالدُّجاجة: صاح بها فقال:
دِجْ دِجْ. ودَجْدَجْتُ بها وكَرْكَرْتُ أَي صِحْتُ. ودَجْدَجَتِ الدَّجاجةُ
في مشيها: عَدَتْ. والدُّجُّ: الفَرُّوج؛ قال:
والدِّيكُ والدُّجُّ مع الدَّجاج
وقيل: الدُّجُّ مولَّد؛ وقيل في قول لبيد:
باكَرْتُ حاجَتَها الدَّجاجَ بِسُحْرَةٍ
انه أَراد الديك وصَقِيعَه في سُحْرَةٍ. التهذيب: وجمع الدَّجاج دُجُجٌ.
والدَّجاجُ: الكُبَّةُ من الغَزْلِ، وقيل: الحِفْشُ منه، وجَمْعُها
دَجاجٌ؛ وأَنشد قول أَبي المقدام الخزاعي في أُحْجِيَّتِه:
وعَجُوزاً رأَيتُ باعَتْ دَجاجاً،
لمْ يُفَرِّخْنَ، قد رأَيتُ عُضالا
ثُمَّ عادَ الدَّجاجُ مِنْ عَجَبِ الدَّهـ
ـرِ فَراريجَ، صِبْيَةً أَبْذالا
والدِّجاجُ هذا جمع دَجاجةٍ لكُبَّةِ الغَزْلِ. والفَراريجُ: جمع
فَرُّوج للدُّرَّاعة والقَباءِ. والأَبْذالُ: التي تبتذل في اللباس.
والدَّجاجةُ: ما نَتَأَ من صَدْرِ الفَرَسِ؛ قال:
بانتْ دَجاجَتُه عن الصَّدْرِ
وهما دَجاجتان عن يمين الزَّوْرِ وشماله؛ قال ابن بُراقة الهَمْداني:
يَفْتَرُّ عن زَوْرِ دَجاجَتَيْنِ
والدُّجَّةُ، بالضم: شدّة الظلمة.
وقد تَدَجْدَجَ الليلُ؛ وليلٌ دَجوجٌ ودَجوجيٌّ ودُجاجي ودَيْجُوجٌ:
مظلم. وليلة دَيْجُوجٌ: كظلمة. ودَجْدَجَ الليلُ: أَظلم. وجمع الدَّيْجُوجِ
دَياجِيجٌ ودَياجٍ، وأَصله دَياجِيجٌ، فخففوه بحذف الجيم الأَخيرة؛ قال
ابن سيده: التعليل لابن جني.
وشَعَرٌ دَجوجِيٌّ ودَجِيجٌ: أَسود؛ وقيل: الدَّجِيجُ والدَّجْداجُ:
الأَسود من كل شيء. وليلة دَجْداجَةٌ: شديدة الظلمة.
ودَجَّجَتِ السماءُ تَدْجِيجاً: غَيَّمَت. وتَدَجَّجَ في سلاحه: دخل.
والمُدَجِّجُ والمُدَجَّجُ: المُتَدَجِّجُ في سلاحه. أَبو عبيد:
المُدَجْدِجُ اللابس السلاح التام؛ وقال شمر: ويقال مُدَجِّجٌ أَيضاً. الليث:
المُدَجِّجُ الفارس الذي قد تَدَجَّجَ في شِكَّتِه أَي شاكُّ السِّلاحِ،
قال أَي دخل في سلاحه كأَنه تغطى به. وفي حديث وهب: خرج داودُ مُدَججاً في
السلاح، روي بكسر الجيم وفتحها، أَي عليه سلاح تام، سُمي به لأَنَه
يَدِجُّ أَي يمشي رُوَيْداً لثقله؛ وقيل: لأَنه يتغطى به، من دجَّجَتِ السماءُ
إِذا تَغَيَّمَت.
والمُدَجَّجُ الدُّلْدُلُ من القنافذ. ابن سيده: والمُدَجَّجُ القنفذ،
قال: أُراه لدخوله في شوكه؛ وإِياه عنى الشاعر بقوله:
ومُدَجَّجٍ يَسْعَى بِشِكَّتِه،
مُحْمَرَّةٍ عَيْناه كالكَلْبِ
الأَصمعي: دَجَجْتُ السِّتْرَ دَجّاً إِذا أَرخيته، فهو مَدْجُوجٌ. ابن
الأَعرابي: الدُّجُجُ الجبال السود، والدُّجُجُ أَيضاً: تراكم الظلام.
والدُّجَّةُ: شدة الظلمة، ومنه اشتقاق الدَّيْجُوج بمعنى الظلام. وليل
دَجُوجِيٌّ وشعر دَجُوجِيٌّ وسواد دَجُوجِيٌّ، وتَدَجْدَجَ الليلُ، فهي
دَجْداجَةٌ؛ وأَنشد:
إِذا رِداءُ ليلةٍ تَدَجْدَجا
وبَعِير دَجُوجِيٌّ وناقة دَجُوجِيَّة أَي شديدة السواد. وناقة
دَجَوْجاةٌ: منبسطة على الأَرض.
والدِّجَّةُ: جلدة قدر أُصبعين توضع في طرف السَّيْر الذي تعلق به
القوس، وفيه حلقة فيها طرف السير. ودِجاجَةُ: اسم امرأَة
(* قوله «ودجاجة اسم
امرأة» قال الوزير أَبو القاسم المغربي في أنسابه: فأما الأسماء فكلها
دجاجة بكسر الدال، فمن ذلك دجاجة بنت صفوان شاعرة اهـ. من شرح القاموس
باختصار.).
ودَجُوجٌ: موضع؛ قال أَبو ذؤَيب:
فإِنَّكَ عَمْري، أَيَّ نَظْرَةِ عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دُونَنا ودَجُوجُ
ودَجُوجٌ: اسم بلد في بلاد قيس.
دجر: الدَّجَرُ: الحَيْرَةُ، وفي التهذيب: شبه الحيرة، وهو أَيضاً
المَرَجُ. دَجِرَ، بالكسر، دَجَراً، فهو دَجِرٌ ودَجْرانُ فيهما أَي خَيْران
في أَمره؛ قال رؤبة:
دَجْرَان لم يَشْرَبْ هُناك الخَمْرَا
وقال العجاج:
دَجْرَان لا يَشْعُرُ من حَيْثُ أَتَى
وجمعهما دَجَارَى. ورجل دَجِرٌ ودَجْرانُ: وهو النشيط الذي فيه مع نشاطه
أَثر. أَبو زيد: دَجِرَ الرجلُ دَجَراً، وهو الأَحمق الذي يذهب لغير
وجهه. والدِّجْرُ، بكسر الدال: اللُّوبياء، هذه اللغة الفصحى، وحكى أَبو
حنيفة الدَّجْرَ والدَّجْرَ بكسر الدال وفتحها؛ قال ابن سيده: ولم يحكها
غيره إِلاَّ بالكسر، وحكي هو وكراع فيه الدُّجْر، بضم الدال، قال: وكذلك
قرئ بخط شمر؛ قال أَبو حنيفة: هو ضربان أَبيض وأَحمر.
والدَّجر والدُّجْرُ والدُّجُورُ: الخشبة التي تشد عليها حديدة الفدّان،
ومنهم من يجعلها دُجْرَيْنِ كأَنهما أُذنان، والحديدة اسمها السُّنْبَة،
والفدان اسم لجميع أَدواته، والخشبة التي على عنق الثور هي النِّيرُ،
والسَّمِيقَانِ: خشبتان قد شدّتا في العنق والخشبة التي في وسطه يشد بها
عِنانُ الوَيْجِ، وهو القُنَّاحَةُ، والوَيْجُ والمَيْسُ، باليمانية: اسم
الخشبة الطويلة بين الثورين، والخشبة التي يمسكها الحرّاث هي المِقْوَمُ،
قال: والمِمْلَقَةُ والعِرْصافُ الخشبة التي في رأْس المَيْسِ يعلق بها
القيد؛ قال الأَزهري: وهذه حروف صحيحة ذكرها ابن شميل وذكر بعضها ابن
الأَعرابي. وفي حديث عمر قال: اشتر لنا بالنَّوَى دَجْراً؛ الدجر، بالفتح
والضم: اللُّوبياء، وقيل: هو بالفتح والكسر، وأَما بالضم فهو خشبة يشد عليها
حديدة الفدان. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَكل الدُّجْرَ ثم غسل يده
بالثِّفَالِ.
وحَبْلٌ مُنْدَجِرٌ: رِخْوٌ، عن أَبي حنيفة. وقال: وَتَرٌ مُنْدَجِرٌ
رخو.
والدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، ووصفوا به فقالوا: ليل دَيْجُورٌ وليلة
دَيْجُورٌ ودَيُجُوجٌ مظلمة. ودِيمَةٌ دَيْجُورٌ: مظلمة بما تحمله من الماء؛
أَنشد أَبو حنيفة:
كأَنَّ هَتْفَ القِطُْقِطِ المَنْثُورِ،
بعد رِذاذِ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ
على قَراهُ، فِلَقُ الشُّذُورِ
وفي كلام عليّ، عليه السلام: تَغْرِيدُ ذواتِ المَنْطِقِ في ديَاجِيرِ
الأَوْكارِ؛ الدياجيرُ: جمعُ دَيْجُور، وهو الظلام؛ قال ابن الأَثير:
والواو والياء زائدتان، قال: والدَّيْجُور الكثير المتراكم من اليَبِيس. شمر:
الدَّيْجُورُ التراب نفسه، والجمع الدَّياجِيرُ. ويقال: تراب دَيْجُورٌ
أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلى السواد كلون الرماد، وإِذا كثر يبيس النبات فهو
الدَّيْجُور لسواده. ابن شميل: الدَّيْجُور الكثير من الكلإِ.
والدِّجْرَانُ، بكسر الدال: الخَشَبُ المنصوب للتعريش، الواحدة
دِجْرَانَةٌ.
دفف: الدَّفُّ والدَّفَّةُ: الجَنْبُ من كل شيء، بالفتح لا غير؛ وأَنشد
الليث في الدفّة:
ووانِية زَجَرْتُ، عل وَجاها،
قَريح الدَّفَّتَيْنِ مِنَ البِطانِ
وقيل: الدَّفُّ صَفْحةُ الجنب؛ أَنشد ثعلب في صفة إنسان:
يَحُكُّ كُدوحَ القَمْلِ تَحْتَ لَبانِه
ودَفَّيهِ منها دامِياتٌ وحالِبُ
وأَنشد أَيضاً في صفة ناقة:
تَرى ظِلَّها عند الرَّواحِ كأَنه،
إلى دَفِّها، رَأْلٌ يَخُبُّ خَبِيبُ
ورواية ابن العلاء: يَحُكُّ جَنِيب، يريد أَن ظلها من سرْعتها يضطرب
اضطراب الرأْل وذلك عند الرَّواح، يقول إنها وقت كلال الإبل نَشِيطَةٌ
منْبَسِطةٌ؛ وقول ذي الرمة:
أَخو تَنائِفَ أَغْفَى عندَ ساهِمةٍ،
بأَخْلَقِ الدَّفِّ من تَصْديرها جُلَبُ
وروى بعضهم: أَخا تنائف، فهو على هذا
(* قوله «فهو على هذا إلخ» كذا
بالأصل، وعبارة الصحاح في مادة سهم: والساهمة الناقة الضامرة. قال ذو الرمة:
أخا تنائف البيت؛ يقول: زار الخيال أخا تنائف نام عند ناقة ضامرة مهزولة
بجنبها قروح من آثار الحبال. والاخلق: الأملس.) مضمر لأَن قبله زار
الخيال؛ فأَما قول عنترة:
وكأَنما تَنْأَى بِجانِبِ دَفِّها الـ
ـوحْشيِّ من هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ
فإنما هو من إضافة الشيء إلى نفسه، والجمع دُفوف. ودفَّتا الرَّحْل
والسرج والمُصْحَف: جانباه وضمامتاه
(* قوله «وضمامتاه» كذا في الأصل بضاد
معجمة، وفي القاموس بمهملة. وعبارة الاساس: ضماماه بالاعجام والتذكير.
والضمام، بالكسر، كما في الصحاح: ما تضم به شيئاً إلى شيء.) من جانبيه. وفي
الحديث: لعله يكون أَوْقَرَ دَفَّ رَحْلِهِ ذهباً ووَرِقاً؛ دَفُّ
الرحْلِ: جانِبُ كُورِ البعير وهو سَرْجُه. ودفَّتا الطبلِ: الذي على رأْسه.
ودَفّا البعير: جَنْباه. وسَنامٌ مُدَفِّفٌ إذا سَقَطَ على دَفَّي
البعير.ودَفَّ الطائرُ يَدُفُّ دَفّاً ودَفِيفاً وأَدَفَّ: ضَرَب جَنْبَيْه
بجناحيه، وقيل: هو الذي إذا حرّك جناحيه ورجلاه في الأَرض. وفي بعض
التَّنْزيه: ويسمع حركَةَ الطير صافِّها ودافِّها؛ الصافُّ: الباسِطُ جناحيه لا
يحركهما. ودَفِيفُ الطائِر: مَرُّه فُوَيْقَ الأَرض. والدَّفِيفُ أَن
يَدُفَّ الطائرُ على وجه الأَرض يحرّك جَناحيه ورجلاه بالأَرض وهو يطير ثم
يستقل. وفي الحديث: كلْ ما دَفَّ ولا تأْكلْ ما صَفَّ أَي كلْ ما حرَّك
جَناحَيْهِ في الطيران كالحمام ونحوه، ولا تأْكل ما صَفَّ جناحيه كالنُّسور
والصُّقُور. ودَفَّ العُقابُ يَدُفُّ إذا دنا من الأَرض في طيَرانِه.
وعُقابٌ دَفُوفٌ: للذي يَدْنُو من الأَرض في طيرانه إذا انْقَضَّ؛ قال امرؤ
القيس يصف فرساً ويشبهها بالعُقاب:
كأَني بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ
دَفُوفٍ من العِقْبانِ طأْطأْتُ شِمْلالي
وقوله شِمْلالي أَي شِمالي، ويروى شِمْلال دون ياء، وهي الناقة الخفيفة؛
وأَنشد ابن سيده لأَبي ذؤيب:
فَبَيْنا يَمْشِيان جَرَتْ عُقابٌ،
من العِقْبانِ، خائِتة دَفُوفُ
وأَما قول الراجز:
والنَّسْرُ قد يَنْهَضُ وهو دافي
فعلى محوّل التضعيف فَخَفَّفَ، وإنما أَراد وهو دافِفٌ، فقَلب الفاء
الأَخيرة ياء كراهيةَ التضعيف، وكَسَره على كَسْرة دافِفٍ، وحذف إحدى
الفاءين.
ودُفُوفُ الأَرض: أَسْنادُها وهي دَفادِفُها، الواحدة دَفْدَفَةٌ.
والدَّفِيفُ: العَدْوُ. الصحاح: الدَّفِيفُ الدَّبيبُ وهو السَّير
اللَّيِّن؛ واستعاره ذو الرمة في الدَّبَران فقال يصف الثُرَيَّا:
يَدِفُّ على آثارِها دَبَرانُها،
فلا هو مَسْبُوقٌ ولا هو يَلْحَقُ
ودَفَّ الماشي: خَفَّ على وجهِ الأَرض؛ وقوله:
إلَيْك أَشْكُو مَشْيَها تَدافِيا،
مَشْيَ العَجُوزِ تَنْقُلُ الأَثافِيا
إنما أراد تَدافُفاً فقلَبَ كما قدَّمْنا.
والدَّافَّةُ والدفَّافةُ: القوم يُجْدِبُون فيُمْطَرُون، دَفُّوا
يَدِفُّونَ. وقال: دَفَّتْ دافّةٌ أَي أَتى قَوْمٌ من أَهلِ البادِيةِ قد
أُقْحِمُوا. وقال ابن دريد: هي الجَماعةُ من الناس تُقْبِلُ من بلد إلى بلد.
ويقال: دَفَّتْ علينا من بني فلان دافَّةٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه،
أَنه قال لمالك بن أَوْس: يا مالِ، إنه دَفَّتْ علينا من قومك دافَّةٌ
وقد أَمَرْنا لهم برَضْخٍ فاقْسِمْه فيهم؛ قال أَبو عمرو: الدافَّةُ القوم
يسيرون جماعةً، ليس بالشّديد
(* أراد: سيراً ليس بالشديد.). وفي حديث
لُحُومِ الأَضاحي: إنما نَهَيْتُكم عنها من أَجلِ الدَّافَّةِ؛ هم قوم
يَسِيرون جماعةً سَيْراً ليس بالشَّديد. يقال: هم قوم يَدِفُّونَ دَفِيفاً.
والدافَّةُ: قوم من الأَعْراب يريدون المِصْر؛ يريد أَنهم قَدِمُوا
المدينة عند الأَضحى فنهاهم عن ادِّخارِ لُحُوم اللأَضاحي ليُفَرِّقُوها
ويَتَصَدَّقُوا بها فيَنْتَفعَ أُولئك القادِمون بها. وفي حديث سالم: أَنه كان
يَلي صَدَقةَ عمر، رضي اللّه عنه، فإذا دَفَتْ دافَّةٌ من الأَعْراب
وجَّهَها فيهم. وفي حديث الأحنف قال لمعاوِيةَ: لولا عَزْمةُ أَمِيرِ
المؤمنين لأَخبرته أَن دافّةً دفَّتْ. وفي الحديث أَن أَعرابيّاً قال: يا رسولَ
اللّه، هل في الجنة إبل؟ فقال: نعم، إنَّ فيها النجائِبَ تَدِفُّ
برُكْبانها أَي تسير بهم سَيْراً لَيِّناً، وفي الحديث الآخر: طَفِقَ القومُ
يَدِفُّونَ حَوْلَه. والدَّافَّةُ: الجيش يَدِفُّون نحو العدوِّ أَي
يَدِبُّون. وتَدافَّ القومُ إذا ركِبَ بعضهُم بعضاً.
ودَفَّفَ على الجَريح كَذَفَّفَ: أَجْهَزَ عليه، وكذلك دافَّه مُدافَّةً
ودِفافاً ودافاه؛ الأَخيرة جُهَنِيَّةٌ. وفي حديث ابن مسعود: أَنه دافَّ
أَبا جهل يوم بَدْرٍ أَي أَجْهَزَ عليه وحَرَّرَ قَتْلَه. يقال:
دافَفْتُ عليه ودافَيْتُه ودَفَّفْت عليه تَدْفِيفاً، وفي رواية: أَقْعَصَ ابنا
عفراء أَبا جهل ودفَّف عليه ابن مسعود، ويروى بالذال المعجمة بمعناه. وفي
حديث خالد: أَنه أَسَرَ من بني جَذيمة قوماً فلما كان الليلُ نادى
مناديه: أَلا من كان معه أَسير فليدافِّه، معناه ليجهزْ عليه. يقال: دافَفْتُ
الرجل دِفافاً ومُدافَّة وهو إجْهازُك عليه؛ قال رؤْبة:
لما رآني أُرْعِشَتْ أَطْرافي،
كان مع الشَّيْبِ منَ الدِّفافِ
قال أَبو عبيد: وفيه لغة أُخرى: فَلْيُدافِه، بتخفيف الفاء، من
دافَيْتُه، وهي لغة لجُهَينة؛ ومنه الحديث المرفوع: أَنه أُتِيَ بأَسيرٍ فقال:
أَدْفُوه؛ يريد الدِّفْءَ من البَرْد، فقتلوه، فَوَداه رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم؛ قال أَبو عبيد: وفيه لغة ثالثة: فَلْيُذافِّه، بالذال
المعجمة. يقال: ذَفَّفْتُ عليه تذْفيفاً إِذا أَجْهَزْتَ عليه. وذافَفْتُ
الرَّجُلَ مُذافَّةً: أَجْهَزْتُ عليه. وفي الحديث: أَنَّ خُبَيباً قال وهو
أَسيرٌ بمكة: ابْغُوني حَديدةً أَسْتَطِيبُ بها، فأُعْطِيَ مُوسَى
فاسْتَدَفَّ بها أَي حلَق عانته واسْتَأْصَلَ حَلْقها، وهو من دَفَّفْتُ على
الأَسير. ودافَفْتُه ودافَيْتُه، على التحويل: دافَعْتُه.
ودفَّ الأَمْرُ يَدِفُّ واسْتَدَفَّ: تَهَيّأَ وأَمكن. يقال: خذ ما دفَّ
لك واسْتَدَفَّ أَي خذ ما تهيّأَ وأَمكن وتَسَهَّلَ مثل اسْتَطفَّ،
والدال مبدلة من الطاء. واسْتَدَفَّ أَمْرُهم أَي اسْتَتَبّ واستقام؛ وحكى
ابن بري عن ابن القطَّاع قال: يقال استدف واستذف، بالدال والذال
المعجمة.والدَّفُّ والدُّفُّ، بالضم: الذي يَضرب به النساء، وفي المحكم: الذي
يُضْرَب به، والجمع دُفُوفٌ، والدفَّافُ صاحبُها، والمُدَفِّفُ صانِعُها،
والمُدفدِفُ ضارِبُها. وفي الحديث: فَصْلُ ما بين الحرام والحلال الصوتُ
والدفُّ؛ المراد به إعلان النِّكاح، والدفْدفةُ استعجال ضربها. وفي حديث
الحسن: وإن دَفْدَفتْ بهم الهَماليجُ أَي أَسْرَعَتْ، وهو من الدَّفيف
السير اللَّيِّن بتكرار الفاء.
دفن: الدَّفْن: السَّتْر والمُواراة، دَفَنِه يَدْفِنُه دَفْناً
وادَّفَنه فاندَفَن وتَدَفَّن فهو مَدْفون ودَفِين. والدِّفْن والدَّفينُ:
المدفون، والجمع أَدفان ودُفَناء. وقال اللحياني: امرأَة دَفين ودَفينة من
نِسوة دَفْنى ودَفائِن. وركيَّةٌ دَفين: مُنْدفِنة، وكذلك مِدْفان، كأَنَّ
الدَّفْن من فعْلها. وركية دَفين ودِفان إِذا اندفن بعضُها، وركايا دُفُن؛
قال لبيد:
سُدُماً، قليلاً عَهْدُه بأَنِيسه،
من بَيْن أَصفَرَ ناصِعٍ ودِفان.
والمِدْفان والدِّفْن: الرَّكِيّة أَو الحوض أَو المَنْهل يندفن، والجمع
دِفان ودُفُن. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: واجْتَهَرَ
دُفُن الرَّواءِ؛ الدُّفُن: جمع دَفين وهو الشيء المدفون. وأَرض دَفْنٌ:
مَدْفونة، والجمع أَيضاً دُفُن، وماء دِفان كذلك. والدَّفْن والدِّفْنُ:
بئر أَو حوض أَو مَنهل سَفَت الريح فيه التراب حتى ادَّفَن؛ وأَنشد:
دَفْن وَطامٍ ماؤه كالجِرْيال.
وادَّفن الشيءُ، على افتعل، واندفن بمعنىً. وداء دَفين: لا يُعْلم به.
وفي حديث علي، عليه السلام: قم عن الشمس فإِنها تُظهِر الداءَ الدفين؛ قال
ابن الأَثير: هو الداء المستَتر الذي قهَرته الطبيعةُ، يقول: الشمس
تُعينُه على الطبيعة وتُظهِره بحرِّها، ودَفَن الميِّتَ واراه، هذا الأَصل،
ثم قالوا: دَفَن سِرَّه أَي كتمه. والدَّفينة: الشيء تَدْفِنه؛ حكاها
ثعلب. والمِدْفن: السِّقاء الخَلَق. والمِدْفان: السقاء البالي والمنهل
الدفين أَيضاً، وهو مِدْفان: بمنزلة المَدْفون. والمِدْفان والدَّفون من
الإِبل والناس: الذاهبُ على وجهه في غير حاجة كالآبق، وقيل: الدَّفون من
الإِبل التي تكون وسَطهن إِذا وردَت، وقد دَفَنَتْ تَدْفِن دَفْناً. ابن شميل:
ناقة دَفون إذا كانت تغيب عن الإِبل وتركب رأْسها وحدها، وقد ادَّفَنت
ناقتكم. وقال أَبو زيد: حَسَب دَفونٌ إذا لم يكن مشهوراً، ورجل دَفون.
الجوهري: ناقة دَفون إذا كان من عادتها أَن تكون في وسط الإِبل، والتَّدافن:
التَّكاتُم. يقال في الحديث: لو تكاشَفْتم ما تَدافَنْتم أَي لو تكَشَّف
عيبُ بعضكم لبعض. وبقرة دافِنة الجِذْم: وهي التي انسحَقت أَضراسُها من
الهرم. الأَصمعي: رجل دَفين المروءة، ودَفْنُ المروءة إذا لم يكن له
مروءة؛ قال لبيد:
يُباري الرِّيحَ ليس بِجانِبِيٍّ،
ولا دَفْنٌ مُروءَتُه لَئيم.
والادِّفانُ: إباقُ العَبد. وادَّفن العَبْدُ: أَبَق قبل أَن ينتهي به
إلى المصر الذي يُباع فيه، فإِن أَبَق من المصر فهو الإِباقُ، وقيل:
الادِّفانُ أَن يَرُوغَ من مَوالِيه اليوم واليومين، وقيل: هو أَن لا يغيب من
المصر في غيبته، وعبد دَفون: فَعُول لذلك. وفي حديث شُريح: أَنه كان لا
يَرُدّ العبدَ من الادِّفان ويردّه من الإِباق الباتِّ، وفسره أَبو زيد
وأَبو عبيدة بما قدّمناه قبل الحديث، وقال أَبو عبيد: روى يزيد بن هرون
بسنده عن محمد بن شريح قال يزيد: الادِّفانُ أَن يأْبَق العبد قبل أَن
يُنتهى به إلى المصر الذي يباع فيه، فإِن أَبق من المصر فهو الإباق الذي يردّ
منه في الحُكم، وإن لم يَغِب عن المصر؛ قال أَبو منصور: والقولُ ما قاله
أَبو زيد وأَبو عبيدة والحكم على ذلك، لأَنه إذا غاب عن مواليه في المصر
اليومَ واليومين فليس بإِباقٍ باتٍّ، قال: ولست أَدري ما أَوْحَشَ أَبا
عبيد من هذا، وهو الصواب؛ وقال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الإدِّفانُ
هو أَن يَخْتفي العبدُ عن مواليه اليومَ واليومَيْن ولا يَغيبَ عن المصر،
وهو افتعال من الدَّفْن لأَنه يَدْفِن نفْسه في البلد أَي يكتُمُها،
والإِباقُ هو أَن يَهْرُب من المِصْر، والباتّ القاطع الذي لا شُبْهة فيه.
والداء الدَّفِين: الذي يظْهَر بعد الخفاء ويفشو منه شَرّ وعَرٌّ. وحكى ابن
الأَعرابي: داء دَفِن، وهو نادر؛ قال ابن سيده: وأُراه على النسب كرجل
نَهِر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمُهاصر بن المحل ووقف على عيسى بن موسى
بالكوفة وهو يكتب الزَّمْنى:
إن يَكْتبوا الزَّمْنى، فإِنِّي لَطَمِنْ
من ظاهِر الدَّاء، وداءٍ مُسْتَكِنْ
ولا يَكادُ يَبْرَأُ الدَّاءُ الدَّفِنْ.
والدَّاءِ الدَّفين: الذي لا يُعلم به حتى يظهر منه شَرّ وعَرّ.
والدفائن: الكنوز، واحدتها دَفِينة. والدَّفَنِيُّ: ضرب من الثياب، وقيل من
الثياب المُخَطَّطة؛ وأَنشد ابن بري للأَعشى:
الواطِئينَ على صُدورِ نعالهم،
يمشون في الدَّفَنِيِّ والأَبْرادِ.
والدَّفِينُ: موضع؛ قال الحَذْلَميّ:
إلى نُقاوى أَمْعَزِ الدَّفِين.
والدَّفِينة والدَّثِينةُ: منزل لبني سليم. والدَّفافين: خشب السفينة،
واحدها دُفَّان؛ عن أَبي عمرو. ودَوْفَن: اسم؛ قال ابن سيده: ولا أَدْري
أَرجل أَم موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعَلِمتُ أَني قد مُنِيتُ بِنئْطِلٍ،
إذ قيل كان منَ الِ دَوْفَنَ قُمَّسُ.
قال: فإِن كان رجلاً فعسى أَن يكون أَعجَمياً فلم يَصْرفْه، أَو لعل
الشاعر احتاج إلى ترك صَرفه فلم يَصْرِفه، فإِنه رأْيٌ لبعض النَّحويين، وإن
كان عنى قبيلة أَو امرأَة أَو بُقْعة فحكمه أَن لا ينصرف وهذا بيّن
واضح.
غنا: في أَسْماء الله عز وجل: الغَنِيُّ. ابن الأثير: هو الذي لا
يَحْتاجُ إلى أَحدٍ في شيءٍ وكلُّ أَحَدٍ مُحْتاجٌ إليه، وهذا هو الغِنى
المُطْلَق ولا يُشارِك الله تعالى فيه غيرُهُ. ومن أَسمائه المُغْني، سبحانه
وتعالى، وهو الذي يُغني من يشاءُ من عِباده. ابن سيده: الغنى، مقصورٌ، ضدُّ
الفَقْر، فإذا فُتِح مُدَّ؛ فأَما قوله:
سَيُغْنِيني الذي أَغْناكَ عني،
فلا فَقْرٌ يدوُمُ ولا غِناءٌ
فإنه: يُروى بالفتح والكسر، فمن رواه بالكسر أَراد مصدَرَ غانَيْت، ومن
رواه بالفتح أَراد الغِنى نَفْسه؛ قال أَبو اسحق: إنما وَجْهُه ولا
غَناء لأَن الغَناء غيرُ خارجٍ عن معنى الغِنى؛ قال: وكذلك أَنشده من يُوثَقُ
بعِلْمِه. وفي الحديث: خيرُ الصَّدَقَةِ ما أَبْقَتْ غِنًى، وفي رواية:
ما كان عن ظَهْرِ غِنًى أَي ما فَضَل عن قُوت العيال وكِفايتِهِمْ، فإذا
أَعْطَيْتَها غَيْرَك أَبْقَيْتَ بعدَها لكَ ولهُم غِنًى، وكانت عن
اسْتِغْناءٍ منكَ ،ومِنْهُم عَنْها، وقيل: خيرُ الصَّدَقَة ما أَغْنَيْتَ به
مَن أَعْطَيْته عن المسأَلة؛ قال: ظاهر هذا الكلامِ أَنه ما أَغْنى عن
المَسْأَلة في وقْتِه أَو يَوْمِه، وأَما أَخْذُه على الإطلاق ففيه مَشقَّة
للعَجْزِ عن ذلك. وفي حديث الخيل: رجلٌ رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفًا
أَي اسْتَغْناءً بها عن الطَّلب من الناس.
وفي حديث الجُمعة: مَن اسْتَغْنى بلَهْوٍ أَو تِجارةٍ اسْتَغْنى الله
عنه، واللهُ غَنِيٌّ حَمِيد، أَي اطَّرَحَه اللهُ ورَمَى به من عَيْنه
فِعْلَ من اسْتَغْنى عن الشيء فلم يَلْتَفِتْ إليه، وقيل: جَزاهُ جَزاءَ
اسْتِغْنائه عنها كقوله تعالى: نَسُوا الله فنَسِيَهُم. وقد غَنِيَ به عنه
غُنْية وأَغْناه الله. وقد غَنِيَ غِنىً واسْتَغْنى واغْتَنى وتَغَانَى
وتَغَنَّى فهو غَنِيٌّ. وفي الحديث: ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ؛
قال أَبو عبيد: كان سفيانُ بنُ عُيَيْنة يقول ليسَ مِنَّا مَنْ لم
يَسْتَغنِ بالقرآن عن غيرِه ولم يَذْهَبْ به إلى الصوت؛ قال أَبو عبيد: وهذا
جائزٌ فاش في كلام العرب، ويقول: تَغَنَّيْت تَغَنِّياً بمعنى
اسْتَغْنَيْت وتَغانَيْتُ تَغانِياً أَيضاً؛ قال الأعشى:
وكُنْتُ امْرَأً زَمَناً بالعِراق،
عَفِيفَ المُناخِ طَويلَ التَّغَنْ
يريد الاسْتِغْناءَ، وقيل: أَرادَ مَنْ لم يَجْهَر بالقراءة. قال
الأزهري: وأَما الحديث الآخر ما أُذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنَبيٍّ يَتَغَنَّى
بالقرآنِ يَجْهَرُ به، قال: فإنَّ عبدَ الملِك أَخْبرني عن الربيع عن
الشافعي أَنه قال معناه تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها، قال: ومما
يُحَقّقُ ذلك الحديثُ الآخرُ زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم، قال: ونحوَ ذلك قال
أبو عبيد؛ وقال أَبو العباس: الذي حَصَّلْناه من حُفَّاظ اللغة في قوله،
صلى الله عليه وسلم: كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ، أَنه على
مَعْنَيَيْنِ: على الاستغناء، وعلى التَّطْرِيبِ؛ قال الأزهري: فمن ذهَب به
إلى الاستغناء فهو من الغِنى، مقصورٌ، ومن ذهَب به إلى التَّطْرِيبِ فهو
من الغِناء الصَّوْتِ، ممدودٌ. الأصمعي في المقصور والممدود: الغِنى من
المال مقصورٌ، ومن السِّماعِ ممدود، وكلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ
فصَوْتُه عند العرب غِناءٌ. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغِناء، بالكسر:
من السَّماع. والغِنَى، مقصورٌ: اليَسارُ. قال ابن الأعرابي: كانت العرب
تتَغَنَّى بالرُّكْبانيِّ،
(*قوله «الركباني» في هامش نسخة من النهاية:
هو نشيد بالمد والتمطيط يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الركباني في
اللهج به والطرب عليه.)
إذا رَكِبَت الإبلَ، وإذا جَلَست في الأفْنِية وعلى أَكثر أَحوالها،
فلمَّا نَزَلَ القرآنُ أَحبَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يكون
هِجِّيرَاهُم بالقرآن مكانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ، وأَوْلُ مَن قرَأَ
بالأَلحانِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي بَكْرة، فَوَرِثَه عنه عَبَيْدُ الله بنُ
عُمر، ولذلك يقال قرأْتُ العُمَرِيَّ، وأَخَذ ذلك عنه سعيدٌ العَلاَّفُ
الإباضيُّ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندي جارِيتان تُغَنِّيانِ
بغِناءِ بُعاثَ أَي تُنْشِدانِ الأشعارَ التي قيلَتْ يومَ بُعاث، وهو
حربٌ كانت بين الأنصار، ولم تُرِدِ الغِناء المعروفَ بين أَهلِ اللَّهْوِ
واللَّعِبِ، وقد رَخَّصَ عمر، رضي الله عنه، في غناءِ الأعرابِ وهو صوتٌ
كالحُداءِ.
واسْتَغْنَى اللهَ: سأَله أَن يُغْنِيهَ؛ عن الهَجَري، قال: وفي الدعاء
اللهمَّ إني أَسْتَغْنِيكَ عن كلِّ حازِمٍ، وأَسْتَعِينُك على كلِّ
ظالِمٍ. وأَغْناهُ اللهُ وغَنَّاه، وقيل: غَنَّاه في الدعاء وأَغْناه في
الخبر، والاسم من الاستغناء عن الشيء الغُنْيَة والغُنْوة والغِنْية
والغُنْيانُ.
وتَغانُوا أَي استغنى بعضهم عن بعض؛ قال المُغيرة ابن حَبْناء
التَّميمي.كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيه حَياتَه،
ونَحْنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانِيَا
واستغنى الرجلُ: أَصابَ غِنًى. أَبو عبيد: أَغْنَى اللهُ الرجلَ حتى
غَنِيَ غِنًى أَي صار له مالٌ، وأًقناه اللهُ حتى قَنِيَ قِنًى وهو أَن
يَصيرَ له قِنيةٌ من المال. قال الله عز وجل: وأَنّهُ هو أَغْنَى وأَقْنى.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنَّ غُلاماً لأَناسٍ فُقِراء قَطَع أُذُنَ
غُلامٍ لأَغْنِياءَ، فأَتَى أَهلُه النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم
يَجْعَلْ عليه شيئاً. قال ابن الأثير: قال الخطَّابي كانَ الغلامُ الجاني
حُرًّا وكانت جِنايتُه خَطَأَ وكانت عاقِلَتُه فقراءَ فلا شيء عليهم
لفَقْرِهم. قال: ويُشْبِه أَن يكون الغلامُ المَجْنيّ عليه حُرًّا أَيضاً، لأنه
لو كان عبداً لم يكن لاعتذارِ أَهلِ الجاني بالفَقْرِ معنًى، لأن العاقلة
لا تَحْمِلُ عبداً كما لا تحْمِلُ عَمْداً ولا اعترافاً، فأمّا المَمْلوك
إذا جنَى على عَبْدٍ أو حُرٍّ فجنايَتُه في رَقَبَتِه، وللفُقهاء في
اسْتِيفائها منه خلافٌ؛ وقول أبي المُثَلّم:
لَعَمْرُكَ والمَنايا غالِياتٌ، * وما تُغْني التَّمِيماتُ الحِمامَا
(* قوله «غاليات» هو هكذا في المحكم بالمثناة.)
أراد من الحِمامِ، فحذَفَ وعَدَّى. قال ابن سيده: فأَما ما أُثِرَ من
أَنه قيلَ لابْنةِ الخُسِّ ما مِائةٌ من الضأْنِ فقالت غِني، فرُوِي أَن
بعضَهم قال: الغِنَى اسمُ المِائةِ من الغَنمِ، قال: وهذا غيرُ معروفٍ في
موضوعِ اللغةِ، وإنما أَرادَتْ أَن ذلك العدَدَ غِنًى لمالِكِه كما قيل
لها عند ذلك وما مِائةٌ من الإبلِ فقالت مُنى، فقيل لها: وما مِائة من
الخيل؟ فقالت: لا تُرَى؛ فمُنى ولا تُرَى ليسا باسمَين للمائة من الإبلِ
والمِائةِ من الخَيْلِ، وكتَسْمِية أبي النَّجْم في بعضِ شعْره الحِرْباء
بالشقِيِّ، وليس الشَّقِيُّ باسمٍ للحِرْباء، وإنما سمَّاه به
لمكابَدَتِه للشمسِ واستِقبالِه لها، وهذا النحوُ كثيرٌ. والغَنِيُّ والغاني: ذُو
الوَفْرِ؛ أَنشد ابن الأعرابي لعَقِيل بن عُلَّفة قال:
أَرى المالَ يَغْشَى ذا الوُصُومِ فلا تُرى،
ويُدْعى من الأشرافِ مَن كان غانِيا
وقال طرفة:
وإن كنتَ عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
ورجل غانٍ عن كذا أَي مُسْتَغْنٍ، وقد غَنِيَ عنه. وما لَك عنه غِنًى
ولا غُنْيَةٌ ولا غُنْيانٌ ولا مَغْنًى أَي ما لك عنهُ بُدٌّ. ويقال: ما
يُغْني عنك هذا أي
ما يُجْزِئُ عنك وما يَنْفَعُك. وقال في معتل الألف: عنه غُنْوَةٌ أَي
غِنًى؛ حكاه اللحياني عن الكسائي، والمعروف غُنية. والغانيَةُ من
النساء: التي غَنِيَتْ بالزَّوْج؛ وقال جميل:
أُحبُّ الأيامى: إذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ،
وأَحْبَبْتُ لمَّا أَن غَنِيتِ الغَوانيا
وغَنِيَت المرأةُ بزَوْجِها غُنْياناً أَي اسْتَغْنَتْ، قال قَيْسُ بنُ
الخَطيم:
أَجَدَّ بعَمْرة غُنْيانُها،
فتَهْجُرَ أَمْ شانُنا شانُها؟
والغانِيَةُ من النساء: الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوانٍ؛ وأَنشد
ابن بري لنُصَيْب:
فهَل تَعُودَنْ لَيالينا بذي سَلمٍ،
كما بَدَأْنَ، وأَيّامي بها الأُوَلُ
أَيّامُ لَيلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ،
وأَنتَ أَمْرَدُ معروفٌ لَك الغَزَلُ
والغانية: التي غَنِيَتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، وقيل: هي التي
تُطْلَب ولا تَطْلُب، وقيل: هي التي غَنِيَتْ ببَيْتِ أَبَويْها ولم
يَقَعْ عليها سِباءٌ. قال ابن سيده: وهذه أَعْزَبُها؛ وهي عن ابن جني، وقيل:
هي الشابَّة العَفيفة، كان لها زَوْجٌ أَو لم يكُنْ. الفراء: الأَغْناءُ
إملاكاتُ العَرائسِ. وقال ابن الأعرابي: الغِنى التَّزْويجُ، والعَرَبُ
تقول: الغِنى حِصْنُ العَزَب أَي التَّزْويجُ. أَبو عبيدة: الغَواني
ذواتُ الأزْواج؛ وأَنشد:
أَزْمانُ ليلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ
وقال ابن السكيت عن عمارة: الغَواني الشَّوابُّ اللَّواتي يُعْجِبْنَ
الرجالَ ويُعْجِبُهُنَّ الشُّبَّانُ. وقال غيره: الغانية الجاريَةُ
الحَسْناءُ، ذاتَ زوْج كانت أَو غيرَ ذاتِ زَوْج، سميِّتْ غانِيَة لأنها
غَنِيَتْ بحُسْنِها عن الزينَة. وقال ابن شميل: كلُّ امْرأَة غانِيَةٌ، وجمعها
الغَواني؛ وأَما قول ابنِ قيس الرُّقَيَّات:
لا بارَكَ اللهُ في الغَوانِي، هَلْ
يُصْبِحْنَ إلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَب؟
فإنما حرَّك الياءَ بالكَسْرة للضَّرُُورة ورَدَّه إلى أَصْله، وجائزٌ
في الشعر أَن يُرَدَّ الشيءُ إلى أَصْله
وأَخُو الغَوَانِ متى يَشأْ يَصْرِمْنَهُ،
ويَعُدْنَ أَعْداءً بُعَيْدَ ودادِ
إنما أَراد الغَواني، فحذَف الياء تشبيهاً لِلام المَعْرفة بالتنوين من
حيث كانت هذه الأشياءُ من خَواصِّ الأَسماء، فحذَفَ الياءَ لأَجل اللام
كما تحذِفها لأجل التنوين؛ وقول المثَقّب العَبْدي:
هَلْ عندَ غانٍ لفُؤادٍ صَدِ،
مِنْ نَهْلَةٍ في اليَوْمِ أَوْ في غَدِ؟
إنما أَراد غانِيَةِ فذَكّرَ على إرادة الشخص، وقد غَنِيَتْ غِنًى.
وأَغْنى عنه غَناء فلانٍ ومَغْناه ومَغْناتَه ومُغْناهُ ومُغْناتَه:
نابَ عنه وأَجْزَأَ عنه مُجْزَأَه. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ.
والغَناءُ، بفتح الغين ممدودٌ: الإجْزاءُ والكفايَة. يقال: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي
مُجْزئٌ كافٍ؛ قال ابن بري: الغَناءُ مصدرُ أَغْنى عنْكَ أَي كَفاكَ على
حَذْفِ الزّوائد مثل قوله:
وبعْدَ عَطائِك المائَةَ الرِّتاعا
وفي حديث عثمان: أَنّ عَلِيًّا ، رضي الله عنهُما، بَعث إليه بصَحيفة
فقال للرّسول أَغْنِها عَنَّا أَي اصْرفْها وكُفَّها، كقوله تعالى: لكلِّ
امْرِئٍ منهم يومئذ شأْنٌ يُغْنِيه؛ أَي يَكُفُّه ويَكْفِيه. يقال:
أَغْنِ عَني شَرَّكَ أَي اصْرِفْه وكُفَّهُ؛ ومنه قوله تعالى: لَنْ يُغْنُوا
عَنْكَ من الله شيئاً؛ وحديث ابن مسعود: وأَنا لا أُغْني لو كانت
مَنَعَة أَي لو كان مَعِي مَنْ يَمْنَعُني لكَفَيْت شَرَّهم وصَرَفْتُهم. وما
فيه غَناءُ ذلك أَي إقامَتُه والاضْطلاعُ به .
حسف: الحُسافُ: بَقِيّةُ كلِّ شيء أُكل فلم يبق منه إلا قليل. وحُسافةُ
التمرِ: بقية قُشُوره وأَقْماعُه وكِسَرُه؛ هذه عن اللحياني. قال الليث:
الحُسافة حُسافة التمر، وهي قُشوره ورَدِيئه. وحُسافُ المائدةِ: ما
يَنْتَثِرُ فيؤكل فيُرْجى فيه الثوابُ. وحُسافُ الصِّلِّيانِ ونحوه: يَبِيسُه،
والجمع أَحْسافٌ. والحُسافةُ: ما سَقَطَ من التمر، وقيل: الحسافة في
التمر خاصّة ما سقط من أَقماعه وقشوره وكِسَره. الجوهري: الحسافة ما تناثر
من التمر الفاسد.
وحَسَفَ التمرَ يَحْسِفُه حَسْفاً وحَسَّفَه: نَقَّاه من الحُسافةِ. ابن
الأَعرابي: الحُسوفُ اسْتِقْصاء الشيء وتَنْقِيَتُه. وفي الحديث: أَنَّ
أَسْلَم كان يأَْتي عمر بالصاعِ من التمر فيقول: يا أَسْلَمُ حُتَّ عنه
قِشْره، قال: فأَحْسِفُه ثم يأْكله؛ الحَسْفُ كالحتّ وهو إزالة القِشْر.
ومنه حديث سعد بن أَبي وقاص قال عن مصعب بن عمير: لقد رأَيت جِلْدَه
يَتَحَسَّفُ تَحَسُّفَ جِلدِ الحَيّةِ أَي يَتَقَشر. وهو من حُسافتهم أَي من
خُشارَتِهمْ. وحُسافةُ الناسِ: رُذالُهم. وانْحَسَفَ الشيءُ في يَدِي:
انفَتَّ. وحَسَفَ القَرْحة: قَشَرَها. وتَحَسَّفَ الجِلْدُ: تقشّر؛ عن ابن
الأَعرابي. وتَحَسَّفَتْ أَوْبارُ الإبلِ وتوَسَّفَتْ إذا تَمَعَّطَتْ
وتَطايَرَتْ.
والحَسِيفةُ: الضَّغِينةُ؛ قال الأَعشى:
فَماتَ ولم تَذْهَبْ حَسِيفةُ صَدْرِه،
يُخَبِّرُ عنه ذاك أَهْلُ الـمَقابِرِ
وفي صدره عليَّ حَسِيفةٌ وحُسافةٌ أَي غَيْظٌ وعداوةٌ. أَبو عبيد: في
قلبه عليه كَتِيفةٌ وحَسِيفةٌ وحَسيكةٌ وسخِيمةٌ بمعنًى واحد. ورجع فلان
بحَسيفة نَفْسِه إذا رجَعَ ولم يَقْضِ حاجةُ نفسِه؛ وأَنشد:
إذا سُئِلُوا الـمَعْرُوفَ لم يَبْخَلُوا به،
ولم يَرْجِعُوا طُلاَّبَه بالحَسائِفِ
قال الفراء: حُسِفَ فلان أَي رُذلَ وأُسْقِطَ. وحكى الأَزهري عن بعض
الأَعراب قال: يقال لجَرْسِ الحَيّاتِ حَسْفٌ وحَسِيفٌ وحفيفٌ؛ وأَنشد:
أَباتوني بِشَرِّ مَبيتِ ضَيْفٍ،
به حَسْفُ الأَفاعي والبُرُوصِ
شمر: الحُسافةُ الماء القليل؛ قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي لكثيِّر:
إذا النَّبْلُ في نَحْرِ الكُمَيْتِ، كأَنها
شَوارِعُ دَبْرٍ في حُسافةِ مُدْهُنِ
شمر: وهو الحُشافةُ، بالشين أَيضاً، الـمُدْهُن: صخْرة يَسْتَنْقِعُ
فيها الماءُ.
غضض: الغَضُّ والغَضِيضُ: الطَّرِيُّ. وفي الحديث: مَنْ سَرَّه أَن
يَقرأَ القرآن غَضّاً كما أُنْزِلَ فَلْيَسْمَعْه من ابنِ أُمّ عَبْدٍ؛
الغَضُّ الطريّ الذي لم يتغير، أَراد طريقه في القِراءة وهيأَته فيها، وقيل:
أَراد الآيات التي سمعها منه من أَول سورة النساء إِلى قوله: فكيف إِذا
جئنا من كل أُمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً. ومنه حديث عليّ: هل
يَنْتَظِرُ أَهلُ غَضاضةِ الشباب أَي نَضارَتِه وطَراوَتِه. وفي حديث ابن عبد
العزيز أَن رجلاً قال: إِن تزوّجت فلانة حتى أَكل الغَضِيض فهي طالق؛
الغَضِيضُ: الطريّ، والمراد به الطَّلْعُ، وقيل: الثَّمَرُ أَوَّلَ ما
يخرج. ويقال: شيء غَضٌّ بَضٌّ وغاضٌّ باضٌّ، والأُنثى غَضّةٌ وغَضِيضةٌ. وقال
اللحياني: الغضّةُ من النساءِ الرَّقيقةُ الجلدِ الظاهرةُ الدمِ، وقد
غَضَّتْ تَغِضُّ
(* قوله «تغض» بكسر الغين على انه من باب ضرب كما في
المصباح وبفتحها على أَنه من باب سمع كما في القاموس.) وتَغَضُّ غَضاضةً
وغُضُوضةً. ونبت غَضٌّ: ناعِمٌ؛ وقوله:
فَصَبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ ما زَحَلْ
أَي أَنه لم تُدْرِكه الشمسُ فهو غَضٌّ كما أَن النبت إِذا لم تدركه
الشمس كان كذلك. وتقول منه: غَضِضْتَ وغَضَضْتَ غَضاضةً وغُضوضةً. وكل ناضِر
غَضٌّ نحو الشّاب وغيره. قال ابن بري: أَنكر عليّ بن حمزة غَضاضةً وقال:
غَضٌّ بيِّن الغُضوضةِ لا غير، قال: وإِنما يقال ذلك فيما يُغْتَضُّ منه
ويُؤْنَفُ، والفعل منه غَضَّ واغْتَضَّ أَي وضَع ونَقَضَ. قال ابن بري:
وقد قالوا بَضٌّ بيِّن البَضاضةِ والبُضُوضةِ، قال: وهذا يقوّي قول
الجوهري في الغَضاضة. التهذيب: واختلف في فعلت من غَضّ، فقال بعضهم: غَضِضْتَ
تَغَضُّ، وقال بعضهم: غَضَضْتَ تَغَضُّ. والغضُّ: الحِبْنُ من حين
يَعْقِدُ إِلى أَن يَسْوَدّ ويَبْيَضَّ، وقيل: هو بعد أَن يَحْدِرَ إِلى أَن
يَنْضَج. والغَضِيضُ الطلْعُ حين يَبْدُو. والغَضُّ من أَولاد البقر:
الحديث النتاج، والجمع الغِضاضُ؛ قال أَبو حية النميري:
خَبَأْنَ بها الغُنَّ الغِضاضَ فأَصْبَحَتْ
لَهُنَّ مَراداً، والسِّخالُ مَخابِئا
الأَصمعي: إِذا بدا الطَّلعُ فهو الغَضِيضُ، فإِذا اخْضَرَّ قيل: خَضَبَ
النخلُ، ثم هو البلح. ابن الأَعرابي: يقال للطَّلْعِ الغِيضُ والغَضِيضُ
والإِغْرِيضُ، ويقال غَضَّضَ إِذا أَكل الغَضَّ.
والغَضاضةُ: الفُتُورُ في الطرف؛ يقال: غَضَّ وأَغْضى إِذا دانى بين
جفنيه ولم يُلاقِ؛ وأَنشد:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ،
تَمَرَّسَ بي مِنْ حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
قال الأَزهري: عليه غَضاضةٌ أَي ذُلّ. ورجل غَضِيضٌ: ذَلِيلٌ بَيِّنُ
الغَضاضةِ من قوم أَغِضّاءَ وأَغِضّةٍ، وهم الأَذِلاّءُ. وغَضَّ طَرْفَه
وبَصره يَغُضُّه غَضّاً وغَضاضاً وغِضاضاً وغَضاضةً، فهو مَغْضُوضٌ
وغَضِيضٌ: كفَّه وخَفَضَه وكسره، وقيل: هو إِذا دانى بين جفونه ونظر، وقيل:
الغَضِيضُ الطرْفِ المُسْتَرْخي الأَجفانِ. وفي الحديث: كان إِذا فَرِحَ
غَضَّ طرْفَه أَي كسَره وأَطرَق ولم يفتح عينه، وإِنما كان يفعل ذلك ليكون
أَبعد من الأَشَرِ والمَرَحِ. وفي حديث أُم سلمة: حُمادَياتُ النساءِ غَضُّ
الأَطرافِ، في قول القتيبي؛ ومنه قصيد كعب:
وما سُعادُ، غَداةَ البين إِذ رَحَلُوا،
إِلا أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ، مَكْحُولُ
هو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعول، وذلك إِنما يكون من الحَياءِ والخَفَرِ،
وغَضَّ من صوته، وكلُّ شيء كَفَفْته، فقد غَضَضْتَه، والأَمر منه في لغة أَهل
الحجاز: اغْضُضْ. وفي التنزيل: واغضُض من صوتك، أَي اخْفِضِ الصوت. وفي
حديث العُطاسِ: إِذا عَطَسَ غَضَّ صوتَه أَي خَفَضَه ولم يرفعه؛ وأَهل
نجد يقولون: غُضَّ طرْفَك، بالإدْغامِ؛ قال جرير:
فَغُضَّ الطرْف، إِنَّكَ من نُمَيْرٍ،
فلا كَعْباً بَلَغْتَ، ولا كِلابا
معناه: غُضَّ طَرْفَكَ ذُلاًّ ومَهانَة. وغَضَّ الطرْفَ أَي كَفَّ
البَصَرَ. ابن الأَعرابي: بضَّضَ الرجلُ إِذا تَنَعَّمَ، وغَضَّضَ صار غَضّاً
مُتَنَعِّماً، وهي الغَضُوضةُ. وغَضَّضَ إِذا أَصابته غَضاضةٌ.
وانْغِضاضُ الطرْفِ. انْغِماضُه. وظبي غَضِيضُ الطرْفِ أَي فاتِرُه. وغَضُّ
الطرْفِ: احتمالُ المكروه؛ وأَنشد أَبو الغوث:
وما كانَ غَضُّ الطرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً،
ولَكِنَّنا في مَذْحِجٍ غُرُبان
ويقال: غُضَّ من بصرك وغُضَّ من صوتك. ويقال: إِنك لَغَضِيضُ الطرْفِ
نَقِيُّ الظَّرْفِ؛ قال: والظَّرْفُ وِعاؤه، يقول: لسْتَ بخائن. ويقال:
غُضَّ من لجام فرَسك أَي صَوِّبْه وانْقُص من غَرْبِه وحِدّتِه. وغَضَّ منه
يَغُضُّ أَي وَضَعَ ونَقَصَ من قدره. وغَضَّه يَغُضُّه غَضّاً: نَقَصَه.
ولا أَغُضُّكَ دِرْهَماً أَي لا أَنْقُصُكَ. وفي حديث ابن عباس: لَوْ
غَضَّ الناسُ في الوصِيَّة من الثلُث أَي نَقَصُوا وحَطُّوا؛ وقوله:
أَيّامَ أَسْحَبُ لِمَّتي عَفَرَ المَلا،
وأَغُضُّ كلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
قيل: يعني به الشَّعَر، فالمُرَجَّلُ على هذا المَمْشُوطُ، والرّيانُ
المُرْتَوِي بالدهن، وأَغُضُّ: أَكُفُّ منه، وقيل: إِنما يعني به الزِّقّ،
فالمُرَجَّلُ على هذا الذي يُسْلَخُ من رجل واحدة، والرّيّانُ المَلآنُ.
وما عليك بهذا غَضاضةٌ أَي نَقْصٌ ولا انْكسارٌ ولا ذُلٌّ. ويقال: ما
أَرَدْت بذا غَضيضةً فلان ولا مَغَضَّتَه كقولك: ما أَردت نقيصته
ومَنْقَصَته. ويقال: ما غَضَضْتك شيئاً أَي ما نَقَصْتُك شيئاً.
والغَضْغَضةُ: النقص. وتَغَضْغَضَ الماءُ: نقَص. الليث: الغَضُّ وَزْعُ
العَذْلِ؛ وأَنشد:
غُضّ المَلامةَ إِنِّي عَنْك مَشْغُولُ
(* قوله «غض الملامة» كذا هو في الأصل بضاد بدون ياء وفي شرح القاموس
بالياء خطاباً لمؤنث.)
وغَضْغَضَ الماءَ والشيءَ فَغَضْغَضَ وتَغَضْغَضَ: نقَصه فنَقَصَ. وبحر
لا يُغَضْغَضُ ولا يُغَضْغِضُ أَي لا يُنْزَحُ. يقال: فلان بحر لا
يُغَضْغَضُ؛ وفي الخبر: إِن أَحد الشعراء الذين اسْتَعانَتْ بهم سَلِيطٌ على
جرير لما سمع جريراً ينشد:
يَتْرُكُ أَصْفانَ الخُصى جَلاجِلا
قال: علمت أَنه بحر لا يُغَضْغَضُ أَو يُغَضْغِضُ؛ قال الأَحوص:
سَأَطْلُبُ بالشامِ الوَلِيدَ، فإِنَّه
هوَ البَحْرُ ذو التَّيّارِ، لا يَتَغَضْغَضُ
ومطر لا يُغَضْغِضُ أَي لا ينقطع. والغَضْغَضَةُ: أَن يَتَكَلَّمَ
الرجلُ فلا يُبِين.
والغَضاضُ والغُضاضُ: ما بين العِرْنينِ وقُصاصِ الشعَر، وقيل ما بين
أَسفل رَوْثَةِ الأَنف إِلى أَعْلاه، وقيل هي الرَّوْثةُ نفسها؛ قال:
لَمَّا رَأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَــحِفّا
لِلشَّرِّ لا يُعْطِي الرِّجالَ النِّصْفا،
أَعْدَمْتُه غُضاضَه والكَفّا
ورواه يعقوب في الأَلفاظ عُضاضَه، وقد تقدّم، وقيل: هو مقدم الرأْس وما
يليه من الوجه، ويقال للراكب إِذا سأَلته أَن يُعَرّج عليك قليلاً: غُضّ
ساعة؛ وقال الجعدي:
خَلِيلَيَّ غُضَّا ساعةً وتَهَجَّرا
أَي غُضّا من سَيرِكما وعَرّجا قليلاً ثم روحا متهجرين. ولما مات عبد
الرحمن بن عوف قال عمرو بن العاص: هَنِيئاً لك يا ابن عوف خَرَجْتَ من
الدنيا بِبِطْنَتِكَ ولم يَتَغَضْغَضْ منها شيء؛ قال الأَزهري: ضَرَبَ
البِطْنةَ مثلاً لوفور أَجره الذي اسْتَوْجَبَهُ بِهِجْرَته وجِهادِه مع
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَنه لم يتلبس بشيء من وِلايةٍ ولا عَمَل
يَنْقُصُ أُجُورَه التي وجَبَت له.
وروى ابن الفرج عن بعضهم: غَضَضْتُ الغُصْنَ وغَضَفْتُه إِذا كسرْته فلم
تُنْعِم كَسْرَه. وقال أَبو عبيد في باب موت البَخِيلِ: ومالُه وافرٌ لم
يُعْطِ منه شيئاً؛ من أَمثالهم في هذا: مات فلان ببطنه لم يَتَغَضْغَضْ
منها شيء، زاد غيره: كما يقال مات وهو عَرِيضُ البطان أَي سمين من كثرة
المال.
غيض: غاضَ الماءُ يَغِيضُ غَيْضاً ومَغِيضاً ومَغاضاً وانْغاضَ: نقَص
أَو غارَ فذهبَ، وفي الصحاح: قَلَّ فنضَب. وفي حديث سَطيح: وغاضَت
بُحَيْرةُ ساوَةَ أَي غارَ ماؤها وذهَب. وفي حديث خُزيمة في ذكر السَّنة: وغاضَت
لها الدِّرّة أَي نقصَ اللَّبنُ. وفي حديث عائشة تَصِف أَباها، رضي اللّه
عنهما: وغاضَ نَبْعَ الرِّدَّةِ أَي أَذْهَب ما نَبَع منها وظَهر.
وغاضَه هو وغَيَّضَه وأَغاضَه، يتعدّى ولا يتعدّى، وقال بعضهم: غاضَه نقَصه
وفَجَّرَه إِلى مَغيض. والمَغِيضُ: المكان الذي يَغِيضُ فيه الماء.
وأَغاضَه وغَيَّضَه وغِيضَ ماءُ البحر، فهو مَغِيضٌ، مفعول به. الجوهري: وغِيضَ
الماءُ فُعِلَ به ذلك. وغاضَه اللّه يتعدّى ولا يتعدّى، وأَغاضَه اللّه
أَيضاً؛ فأَما قوله:
إِلى اللّه أَشْكُو من خليل أَوَدُّه
ثلاثَ خِلال، كلُّها ليَ غائِضُ
قال بعضهم: أَراد غائظ، بالظاء، فأَبدل الظاء ضاداً؛ هذا قول ابن جني،
قال ابن سيده: ويجوز عندي أَن يكون غائِض غير بَدَل ولكنه من غاضَه أَي
نَقصه، ويكون معناه حينئذ أَنه يَنْقُصُني ويَتَهَضَّمُني. وقوله تعالى:
وما تَغِيض الأَرحام وما تَزْدادُ؛ قال الزجاج: معناه ما نقَص الحَمْل عن
تسعة أَشهر وما زاد على التسعة، وقيل: ما نقَص عن أَن يتم حتى يَموت وما
زاد حتى يتمَّ الحمْل. وغَيَّضْت الدَّمع: نَقَصْته وحَبَسْته.
والتغْيِيضُ: أَن يأْخذ العَبْرة من عَيْنه ويَقْذِف بها؛ حكاه ثعلب؛
وأَنشد:غَيَّضْنَ من عَبَراتِهِنَّ وقُلْنَ لي:
ماذا لَقِيتَ من الهَوَى ولَقِينا؟
معناه أَنهنّ سَيَّلْنَ دموعهنّ حتى نَزَفْنَها. قال ابن سيده: من ههنا
للتبعيض، وتكون زائدة على قول أَبي الحسن لأَنه يرى زيادة من في
الواجِبِ. وحكي قد كان مِنْ مَطَرٍ أَي قد كان مطَر.
وأَعطاه غَيْضاً من فيض أَي قليلاً من كثير؛ قال أَبو سعيد في قولهم
فلان يُعْطِي غَيْضاً من فَيْضٍ: معناه أَنه قد فاض ماله ومَيْسَرَتُه فهو
إِنّما يُعْطِي من قُلّه أَعظم أَجراً
(* كذا بالأضل.). وفي حديث عثمان بن
أَبي العاصي: لَدِرْهمٌ يُنْفِقُه أَحدكم من جَهْدِه خيرٌ من عشرة آلاف
ينفقُها أَحَدُنا غَيْضاً من فَيْضٍ أَي قليلُ أَحدكم مع فَقْرِه خير من
كثيرِنا مع غنانا. وغاضَ ثَمنُ السِّلْعة يَغِيضُ: نقَص، وغاضَه
وغَيَّضَه. الكسائي: غاضَ ثمنُ السِّلْعة وغِضْتُه أَنا في باب فعَلَ الشيءُ
وفعَلْته؛ قال الراجز:
لا تأْويَا للحَوْضِ أَن يَفِيضَا،
أَن تَغْرِضا خيرٌ من أَن تَغِيضا
يقول أَنَ تَمْلآه خير من أَن تَنْقُصاه؛ وقول الأَسود بن يعفر:
أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضَني
ما نِيل من بَصَرِي، ومن أَجْلادِي؟
معناه نَقَصَني بعد تمامي؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي رحمه اللّه
تعالى:ولو قد عَضَّ مَعْطِسَه جَرِيرِي،
لقدْ لانَتْ عَرِيكَتُه وغاضا
فسَّره فقال: غاضَ أَثَّرَ في أَنفه حتى يَذِلَّ. ويقال: غاضَ الكِرامُ
أَي قَلُّوا، وفاضَ اللِّئام أَي كَثُرُوا. وفي الحديث: إِذا كان
الشِّتاء قَيْظاً وغاضَت الكِرام غَيْضاً أَي فَنُوا وبادُوا.
والغَيْضَةُ: الأَجَمةُ. وغَيَّضَ الأَسَدُ: أَلِفَ الغَيْضَة.
والغَيْضَة: مَغِيضُ ماءٍ يجتمع فيَنْبت فيه الشجر، وجمعها غِياضٌ وأَغْياضٌ،
الأَخيرة على طرْح الزائد، ولا يكون جَمْعَ جمعٍ لأَن جمع الجمع مُطَّرح ما
وُجِدَت عنه مَنْدوحة، ولذلك أَقَرَّ أَبو عليّ قوله فَرُهُنٌ مقبُوضة
على أَنه جمع رَهْن كما حكى أَهل اللغة، لا على أَنه جمع رِهان الذي هو جمع
رَهْن، فافهم. وفي حديث عمر: لا تُنْزِلُوا المسلمين الغِياض؛ الغِياضُ
جمع غَيْضة وهي الشجر المُلْتَفّ لأَنهم إِذا نزَلُوها تفرّقوا فيها
فتمكَّن منهم العدوّ. والغَيْضُ: ما كثُرَ من الأَغْلاثِ أَي الطَّرْفاء
والأَثْل والحاجِ والعِكْرِش واليَنْبُوت. وفي الحديث: كان مِنْبَر رسول
اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من أَثْلِ الغابة؛ قال ابن الأَثير: الغابة
غَيْضة ذات شجر كثير وهي على تسعة أَميال من المدينة. والغِيضُ: الطَّلْع،
وكذلك الغَضِيضُ والإِغْرِيض، واللّه أَعلم.
غدف: الغُداف: الغُراب، وخص بعضهم به غُراب القيظ الضخْمَ الوافِرَ
الجناحين، والجمع غُدْفانٌ، وربما سُمّي النَّسْرُ الكثيرُ الريشِ غُدافاً،
وكذلك الشعر الأَسود الطويل والجناح الأَسود. وشعرٌ غُداف: أَسود وافر؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرجال بفاحِم
غُدافٍ، وتَصْطادين عُثّاً وجُدْجُدا
(* قوله «عثاً» بالثاء المثلثة كما في مادة عثت فما وقع في هذا البيت في
مادة جدد عشاً بالشين المعجمة تبعاً للاصل خطأ.)
وقال رؤبة:
رُكِّب في جناحِك الغُدافي
من القُدامى ومن الخَوافي
وجَناح غُداف: أَسود طويل؛ قال الكميت يصف الظَّليمَ وبَيْضَه:
يَكْسُوه وحْفاً غُدافاً من قَطيفته
ذاتِ الفُضُولِ مع الإشفاق والحَدَب
ويقال: أَسود غُدافيٌّ إذا كان شديد السواد نُسبَ إلى الغُداف، وقيل: كل
أَسْودَ حالِكٍ غُدافٌ.
واغدَوْدَفَ الليلُ وأَغْدَفَ: أَقْبَل وأَرخى سُدُولَه. وأَغْدَفَ
الليلُ ستوره إذا أَرسل ستور ظُلَمه؛ وأَنشد:
حتى إذا الليلُ البَهِيمُ أَغْدَفا
وأَغْدَفَتِ المرأَة قِناعها: أَرسلته. وأَغْدَف قِناعَه: أَرسله على
وجهه؛ قال عنترة:
إنْ تُغْدِفي دوني القِناعَ، فإنني
طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وأَغْدَفَ عليه سِتْراً: أَرْسله. وفي الحديث: أَنه أَغْدَفَ على عليّ
وفاطِمة، عليهما السلام، سِتراً أَي أَرسله؛ روي أَنه حين قيل له هذا عليّ
وفاطمة قائمينِ بالسُّدَّة فأَذِنَ لهما فدخلا، فأَغْدَفَ عليهما
خَمِيصةً سوداء أَي أَرسلها. وأَغدف بالطائر وأَغدف عليه: أَرسل عليه الشبكة.
وفي الحديث: إنَّ قلْب المؤمن أَشَدُّ اضْطِراباً من الخَطيئة يُصيبُها من
الطائر حين يُغْدَفُ به؛ أَراد حين تُطْبَقُ الشِّباكُ عليه فيضطرب
ليُفْلَتَ؛ وأَغدفَ الصيادُ الشبكة على الصيد.
والغِدْفَةُ: لِباسُ المَلِك. والغِدفةُ والغَدَفَةُ: لباس الفول
(*
قوله «والغدفة لباس الفول» كذا ضبط في الأصل.) والدَّجْر ونحوهما.
وعَيْش مُغْدِف: مُلْبس واسع. والقومُ في غِدافٍ من عيشتهم أَي في
نَعْمة وخصْب وسعَة. وأَغْدَفَ في خِتان الصبيّ: استأْصَله؛ عن اللحياني، قال
ابن سيده: وعندي أَن أَغْدَف ترك منه وأَسْحَتَ استأْصله. وقال اللحياني:
أَغْدَف في خِتان الصبي إذا لم يُسْحِت، وأَسْحَت إذا استأْصل. ويقال:
إذا خَتَنْت فلا تُسحت، ومعنى لم يُغْدف أَي لم يُبْق شيئاً كبيراً من
الجلد، ولم يَطْحر: لم يَسْتأْصل. وأَغْدَف البحر اعْتَكرَت أَمْواجه.
والغادِفُ: المَلاَّح، يمانية. والغادِفُ والمِغدَفةُ والغادوف
والمِغْدَفُ: المِجْدافُ، يمانية.
واغْتَدفَ فلان من فلان اغْتِدافاً إذا أَخذ منه شيئاً كثيراً.
غرل: العُرْلة: القُلْفة. وفي حديث أَبي بكر: لأَنْ أَحْمِل عليه
غُلاماً ركب الخيل على غُرْلَتِه أَحِبُّ إِليَّ من أَن أَحْمِلك عليه؛ يريد
ركبها في صغره واعتادها قبل أَن يُخْتَن. وفي حديث طلحة: كان يَشُورُ
نَفْسَه على غُرْلَتِه أَي يسعى ويَخِفُّ، وهو صبيّ. وفي حديث الزِّبْرِقان:
أَحَبُّ صِبْيانِنا إِلينا الطويلُ الغُرْلة؛ إِنما أَعجبه طولها لتمام
خلقه. والغُرْلُ: القُلْفُ. والأَغْزَلُ: الأَقْلف. الأَحمر: رجل أَرْغَلُ
وأَغْزَلُ وهو الأَقلف. وفي الحديث: يُحْشَرُ الناس يوم القيامةُ عُراةً
حُفاة غُرْلاً بُهْماً أَي قُلْفاً؛ والغُرْلُ: جمع الأَغْرَل. وعامٌ
أَغْرَلُ: خَصِيب. وعيش أَغْرَلُ أَي واسع. ورجل غَرِلٌ: مسترخي الخَلْقِ؛
قال العجاج:
لا غَرِل الخَلْقِ ولا قصير
ورمح غَرِلٌ: سيّء الطول مُفْرِطه، وأَنشد بيت العجاج أَيضاً.
وقال ثعلب: الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ ما يبقى من الماء في الحوض، والغديرُ
الذي تبقى فيه الدَّعامِيصُ لا يقدر على شربه، وكذلك ما يبقى في أَسفل
القارورة من الثُّفْل، وقيل: هو ثُفْل ما صبغ به؛ وقال الأَصمعي:
الغِرْيَلُ أَن يجيء السيل فيثبت على الأَرض ثم يَنْضُبَ، فإِذا جفّ رأَيت الطين
رقيقاً قد جفّ على وجه الأَرض قد تشقّق؛ وقال أَبو زيد في كتاب المطر: هو
الطين يحمله السيل فيبقى على وجه الأَرض، رطباً كان أَو يابساً، وقيل:
الغِرْيَلُ الطين الذي يبقى في الحوض.