لمحمد بن علي بن غالب الجزري.
المتوفى: حدود سنة 640.
ألفه: في رده، لما سئل عن الفرق بين طلقتك إن دخلت الدار، وبين إن دخلت الدار طلقتك؟ ووهم فيما كتبه جوابا عنه، فبينه.
شطط: الشَّطاطُ: الطُّولُ واعْتِدالُ القامةِ، وقيل: حُسن القَوام.
جاريةٌ شَطّةٌ وشاطّةٌ بينةُ الشَّطاطِ والشِّطاطِ، بالكسر: وهما الاعتدال في
القامة؛ قال الهذلي:
وإِذْ أَنا في المَخيلةِ والشَّطاطِ
والشَّطاطُ: البُعْدُ. شَطَّتْ دارُه تَشُطُّ وتَشِطُّ شَطّاً وشُطوطاً:
بَعُدت. وكل بَعِيدٍ شاطٌّ؛ ومنه: أَعوذ بك من الضِّبْنةِ في السفَر
وكآبةِ الشِّطّةِ؛ الشِّطَّةُ، بالكسر: بُعْد المسافةِ من شَطَّتِ الدارُ
إِذا بَعُدت.
والشَّطَطُ: مُجاوَزةُ القَدْرِ في بيع أَو طلَب أَو احتكام أَو غير ذلك
من كل شيءٍ، مشتق منه؛ قال عنترة:
شَطَّتْ مَزارَ العاشِقينَ، فأَصْبَحَت
عَسِراً عليَّ طِلابُها ابْنةُ مَخْرَمِ
(* هكذا رُوي هنا، وهو في معلقة عنترة:
حَلَّتْ بأَرضِ الزَّائرين، فأَصبحت * عِسِراً عليَّ
طِلابُكِ، ابنةَ مخْرَمِ)
أَي جاوَزَتْ مَزارَ العاشقين، فعدَّاه حملاً على معنى جاوزت، ويجوز أَن
يكون منصوباً بإِسقاط الباء تقديره بَعُدت بموضع مَزارِهم، وهو قول
عثمان بن جني إِلاَّ أَنه جعل الخافض الساقط عن، أَي شَطَّت عن مزارِ
العاشقين. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: لها مَهْرُ مِثلها لا وكْسَ ولا
شَطَطَ أَي لا نُقْصان ولا زِيادةَ. وفي التنزيل العزيز: وانه كان يقول
سَفِيهُنا على اللّهِ شَطَطاً؛ قال الراجز:
يَحْمُونَ أَلفاً أَن يُسامُوا شَطَطا
وشَطّ في سِلْعَتِه وأَشطَّ: جاوَزَ القَدْرَ وتباعدَ عن الحق. وشَطَّ
عليه في حُكْمِه يَشِطُّ شَطَطاً واشْتَطَّ وأَشَطَّ: جارَ في قضيَّتِه.
وفي التنزيل: ولا تُشْطِطْ، وقرئَ: ولا تَشْطُطْ ولا تُشَطِّطْ، ويجوز في
العربية ولا تَشْطِطْ، ومعناها كلّها لا تَبْعُدْ عن الحقّ؛ وأَنشد:
تَشُِطُّ غَداً دارُ جِيرانِنا،
ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبْعَدُ
أَبو عبيد: شَطَطْتُ أَشُطُّ، بضم الشين، وأَشْطَطْتُ: جُرْت: قال ابن
بري: أَشَطَّ بمعنى أَبْعَدَ، وشَطَّ بمعنى بعُدَ؛ وشاهد أََشَطَّ بمعنى
أَبعدَ قول الأَحوص:
أَلا يا لَقَوْمِي، قد أَشَطَّتْ عَواذِلي،
ويَزْعُمْنَ أَن أَوْدَى بحَقِّيَ باطِلي
وفي حديث تَميم الدَّارِيّ: أَنَّ رجلاً كلمه في كثرة العبادة فقال:
أَرأَيتَ إِن كنتُ أَنا مُؤْمِناً ضَعِيفاً وأَنت مُؤْمن قوي؟ إِنك لشاطِّي
حتى أَحْمِلَ قوَّتَك على ضَعْفِي فلا أَسْتَطِيعَ فأَنْبَتَّ؛ قال أَبو
عبيد: هو من الشَّطَطِ وهو الجَوْرُ في الحُكْم، يقول: إِذا كَلَّفْتَني
مثل عملك وأَنتَ قويّ وأَنا ضعِيفٌ فهو جَوْرٌ منك عليَّ؛ قال الأَزهري:
جعل قوله شاطِّي بمعنى ظالِمِي وهو معتدٍّ؛ قال أَبو زيد وأَبو مالك:
شَطَّني فلان فهو يَشِطُّني شَطّاً وشُطوطاً إِذا شَقَّ عليك؛ قال الأَزهري:
أَراد تميم بقوله شاطِّي هذا المعنى الذي قاله أَبو زيد أَي جائر عليَّ
في الحكم، وقيل: قولُه لشاطِّي أَي لظالِمٌ لي من الشَّطَط وهو الجورُ
والظلم والبُعْدُ عن الحق، وقيل: هو من قولهم شَطَّني فلان يَشِطُّني
شَطّاً إِذا شَقَّ عليك وظلمك. وقوله عزّ وجلّ: لقد قلنا إِذاً شططاً؛ قال
أَبو إِسحق: يقول لقد قلنا إِذاً جَوْراً وشَطَطاً، وهو منصوب على المصدر،
المعنى لقد قلنا إِذاً قَولاً شطَطاً. والشطَطُ: مجاوزةُ القدْرِ في كل
شيء. يقال: أَعطيته ثمناً لا شَطَطاً ولا وَكْساً.
واشتطَّ الرجل فيما يَطْلُبُ أَو فيما يحكم إِذا لم يَقْتَصِد. وأَشَطَّ
في طلبه: أَمْعَنَ. ويقال: أَشَطَّ القومُ في طَلبِنا إِشْطاطاً إِذا
طلبوهم رُكْباناً ومُشاةً. وأَشَطَّ في المَفازةِ: ذهب.
والشَّطُّ: شاطِئُ النهر وجانبه، والجمع شُطوطٌ وشُطَّانٌ؛ قال:
وتَصَوَّحَ الوَسْمِيُّ من شُطَّانِه،
بَقْلٌ بظاهِرِهِ وبَقْلُ مِتانِه
ويروى: من شُطْآنِه جمع شاطِئٍ. وقال أَبو حنيفة: شَطُّ الوادِي
سَنَدُه الذي يَلي بطنَه. والشَّطُّ: جانبُ السَّنامِ، وقيل شِقُّه، وقيل
نِصْفُه، ولكل سَنام شَطَّانِ، والجمع شُطوط.
وناقة شَطُوطٌ وشَطَوْطَى: عظيمة جنبي السَّنامِ، قال الأَصمعي: هي
الضخْمةُ السنامِ؛ قال الراجز يصف إِبلاً وراعِيَها:
قد طَلَّحَتْه جِلَّةٌ شَطائطُ،
فهْو لهُنَّ حابِلٌ وفارِطُ
والشَّطُّ: جانبُ النهرِ والوادي والسَّنامِ، وكلُّ جانبٍ من السنام
شَطٌّ، قال أَبو النجم:
عُلِّقْتُ خَوْداً من بَناتِ الزُّطِّ،
ذاتَ جَهازٍ مَضْغَطٍ ملَطِّ،
كأَنَّ تحتَ دِرْعِها المُنْعَطِّ
شَطّاً رَمَيْت فَوْقَه بشَطِّ،
لم يَنْزُ في الرَّفعِ ولم يَنْحَطِّ
والشُّطَّانُ: موضع؛ قال كثيِّر عزَّة:
وباقي رُسُومٍ ما تزالُ كأَنَّها،
بأَصْعِدةِ الشُّطَّانِ، رَيْطٌ مُضَلَّعُ
وغَدِيرُ الأَشْطاطِ: موضعٌ بمُلْتَقَى الطريقين من عُسْفانَ للحاجّ
إِلى مكة، صانها اللّه عزّ وجلّ؛ ومنه قول رسول اللّه، ثلّى اللّه عليه
وسلّم، لبُرَيْدةَ الأَسلمي: أَين تركت أَهلَك بغَدِير الأَشْطاطِ؟
والشَّطْشاطُ: طائر.
شعر: شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً
ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عن
اللحياني، كله: عَلِمَ. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَرْتُ
بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، وحكي عن الكسائي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما
عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام
العرب.
ولَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك أَي
ليتني شَعَرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة
للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذَرَتِها وهو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء
مع الأَب خاصة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْرِي لفلان ما
صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان ما صنع، وليتَ شِعْرِي فلاناً ما صنع؛
وأَنشد:يا ليتَ شِعْرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ،
وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،
وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْـ
ـرٍو، ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وفي الحديث: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ أَي ليت علمي حاضر أَو محيط
بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير في كلامهم.
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه. وفي التنزيل: وما
يُشْعِرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم. وأَشْعَرْتُه
فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ به: عَقَلَه. وحكى اللحياني:
أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَرَ
لكذا إِذا فَطِنَ له، وشَعِرَ إِذا ملك
(* قوله: «وشعر إِذا ملك إِلخ»
بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس). عبيداً.
وتقول للرجل: اسْتَشْعِرْ خشية الله أَي اجعله شِعارَ قلبك.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره.
وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به. ويقال: أَشْعَرَه الحُبُّ مرضاً.
والشِّعْرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل
عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ،
والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد
شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على
تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من
الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض. وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ
المــحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ
ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم. وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً
وشَعُرَ، وقيل: شَعَرَ قال الشعر، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ ورجل شاعر،
والجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه
بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم
وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون
أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه. ويقال: شَعَرْتُ لفلان
أَي قلت له شِعْراً؛ وأَنشد:
شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ
على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ
ويقال: شَعَرَ فلان وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وهو الاسم، وسمي
شاعِراً لفِطْنَتِه. وما كان شاعراً، ولقد شَعُر، بالضم، وهو يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر. وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه،
بالفتح، أَي كان أَشْعر منه وغلبه. وشِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه:
أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول
سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من
المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ
من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب
أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس
قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ
بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن
صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً
من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم
لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب
شِعْر، وقال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد
قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من
قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا،
اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَشْعَرُ
منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ
البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه. وفي الحديث: قال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ
عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف ولا وَبَرٍ
للإِنسان وغيره، وجمعه أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الواحدة من
الشَّعْرِ، وقد يكنى بالشَّعْرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛ يقال
رأَى
(* قوله: «يقال رأى إلخ» هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله
ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والاساس). فلان الشَّعْرَة
إِذا رأَى الشيب في رأْسه. ورجل أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كثير شعر
الرأْس والجسد طويلُه، وقوم شُعْرٌ. ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار،
وأَعْنَقُ: طويل العُنق. وسأَلت أَبا زيد عن تصغير الشُّعُور فقال: أُشَيْعار،
رجع إِلى أَشْعارٍ، وهكذا جاء في الحديث: على أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.
ويقال للرجل الشديد: فلان أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد وإِن لم يكن
ثمّ شَعَرٌ؛ وكان زياد ابن أَبيه يقال له أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير
شعر الصدر؛ وفي الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَشْعَرُ بَرْكاً.
وفي حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر أَي الذي لم يحلق شعره
ولم يُرَجّلْهُ. وفي الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَشْعَرُ: أَي كثير الشعر
طويله. وشَعِرَ التيس وغيره من ذي الشعر شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وتيس
شَعِرٌ وأَشْعَرُ وعنز شَعْراءُ، وقد شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كلما
كثر شعره.
والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بالكسر: الشَّعَرُ النابت على عانة الرجل
ورَكَبِ المرأَة وعلى ما وراءها؛ وفي الصحاح: والشِّعْرَةُ، بالكسر، شَعَرُ
الرَّكَبِ للنساء خاصة. والشِّعْرَةُ: منبت الشِّعرِ تحت السُّرَّة،
وقيل: الشِّعْرَةُ العانة نفسها. وفي حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من
هذه إِلى هذه، أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قال: الشِّعْرَةُ،
بالكسر، العانة؛ وأَما قول الشاعر:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلاً كَرِيتاً،
على شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بالشعراء خُصْيَةً كثيرة الشعر النابت عليها؛ وقوله
تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت
النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها. وأَشْعَرَ الجنينُ في بطن أُمه وشَعَّرَ
واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عليه الشعر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ وأَنشد
ابن السكيت في ذلك:
كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ في الغِرْسِ
وكذلك تَشَعَّرَ. وفي الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ،
وهذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته. وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت
جنينها وعليه شَعَرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ وقال ابن هانئ في قوله:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيـ
ـطَ في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا
أَراد: كأَن السليط، وهو الزيت، في شهر هذا الفرس لصفائه. والشِّعارُ:
جمع شَعَرٍ، كما يقال جَبَل وجبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعر الفرس وهو
كأَنه مدهون بالسليط. والمُوَارِي في الحقيقة: الشِّعارُ. والمُوارَى: هو
الأَديم لأَن الشعر يواريه فقلب، وفيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت
من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم
الشعر لأَن الشعر ينبت من اللحم، وهو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛
يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم وينبت منه الشعر، وإِذا
كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن
كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله. وداهية شَعْراءُ
وداهية وَبْراءُ؛ ويقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها
شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أَشبههما وشَعَّرَه
وشَعَرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌّ مُشْعَرٌ
ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ. وأَشْعَرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالشَّعر،
وكذلك إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والشَّعِرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الشعر فَيَدْمَيانِ،
وقيل: هي التي تجد أُكالاً في رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها. والشَّعْرَاءُ:
الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الشعر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب.
والشَّعارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو
مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا
يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها ولزم مَدْرَجَ السيل؛ وقيل:
الشَّعار ما كان من شجر في لين ووَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ
وما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء ويستظلون به في القيظ. يقال: أَرض
ذات شَعارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعار، بكسر الشين،
قال: وكذا روي عن الأَصمعي مثل شِعار المرأَة؛ وأَما ابن السكيت فرواه
شَعار، بفتح الشين، في الشجر. وقال الرِّياشِيُّ: الشعار كله مكسور إِلا
شَعار الشجر. والشَّعارُ: مكان ذو شجر. والشَّعارُ: كثرة الشجر؛ وقال
الأَزهري: فيه لغتان شِعار وشَعار في كثرة الشجر. ورَوْضَة شَعْراء: كثيرة
الشجر. ورملة شَعْراء: تنبت النَّصِيَّ. والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ،
وقيل: هو مثل المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ وأَشْجار؛ قال ذو
الرمة يصف ثور وحش:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه،
إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: وإِن جعلت المَشْعَر
الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والشَّعْراء:
الشجر الكثير. والشَّعْراءُ: الأَرض ذات الشجر، وقيل: هي الكثيرة الشجر.
قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء الروضة يغم رأْسها الشجر وجمعها شُعُرٌ،
يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ.
والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والشَّعَرُ: النبات والشجر، على التشبيه
بالشَّعَر.
وشَعْرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها
شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء وأَدخل الأَلف واللام، كما قال زهير:
حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ
أَي حُجْنٌ مخالبُه. وفي حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ:
حتى أَضاء لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ؛ هو اسم جبل لهم.
وشَعْرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ من أَكْنافِ شَعْرٍ،
ولم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا
وقيل: هو شِعِرٌ. والأَشْعَرُ: جبل بالحجاز.
والشِّعارُ: ما ولي شَعَرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، والجمع
أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ. وفي المثل: هم الشَّعارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم
بالمودّة والقرب. وفي حديث الأَنصار: أَنتم الشَّعارُ والناس الدِّثارُ أَي
أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. والدثار: الثوب
الذي فوق الشعار. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في
شُعُرِنا؛ هي جمع الشِّعار مثل كتاب وكُتُب، وإِنما خصتها بالذكر لأَنها
أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ ومنه الحديث
الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُرِنا ولا في لُحُفِنا؛ إِنما امتنع من
الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شيء من دم الحيض، وطهارةُ الثوب شرطٌ في
صحة الصلاة بخلاف النوم فيها. وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم،
لَغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَشْعِرْنَها إِياه؛ فإِن أَبا
عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعرها،
وجمع الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والشِّعارُ: ما استشعرتْ به من
الثياب تحتها.
والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من
الإِنسان. وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لبسه؛ قال
طفيل:وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَبِ
وقال بعض الفصحاء: أَشْعَرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرَه وتَقَبُّلَ
طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،
يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والشِّعارُ: جُلُّ الفرس. وأَشْعَرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق
الشِّعارِ من الثياب بالجسد؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك. وكل ما أَلزقه
بشيء، فقد أَشْعَرَه به. وأَشْعَرَه سِناناً: خالطه به، وهو منه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا
من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع
يريد أَشعرت الذئب بالسهم؛ وسمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعاراً فقال:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عنها،
مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعارُ
ويقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد وشِعارٍ واحد، فكنت لها
شعاراً وكانت لك شعاراً. ويقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه:
ناوَمَتْهُ في شِعارٍ واحد. والشِّعارُ: العلامة في الحرب وغيرها.
وشِعارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه.
وفي الحديث: إِن شِعارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في
الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ وهو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر
بالإِماتة. واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ وقال
النابغة:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد آلْفَوْا، في دِيارهِمُ،
دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بشعارهم. وشِعارُ القوم:
علامتهم في السفر. وأَشْعَرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعاراً.
وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم؛ كلاهما عن اللحياني. والإِشْعارُ:
الإِعلام. والشّعارُ: العلامة. قالالأَزهري: ولا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلاَّ
من هذا لأَنها علامات له. وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وهو أَن يشق
جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه،
وقيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم ويعرف أَنها هَدْيٌ، وهو الذي
كان أَو حنيفة يكرهه وزعم أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَحق بالاتباع. وفي حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً رمى
الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُشْعِرَ أَميرُ
المؤمنين، ونادى رجلٌ آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ:
ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة. ولهب: قبيلة من اليمن فيهم
عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وتشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُشْعر أَمير
المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة
كما يشعر الهدي إِذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب
كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وتقول لِسُوقَةِ الناسِ:
قُتِلُوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المُشْعَرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية
الملوك؛ فلما قال الرجل: أُشْعِرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلاً
فيما توجه له من علم العيافة، وإِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما
يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه،
لما صَدَرَ من الحج قُتل. وفي حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَشْعَرَ
عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُشعر فلا سلب له، أَي طعنه حتى يدخل
السِّنانُ جوفه؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بحديدة؛
وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،
وقد أَشْعَرَاها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَشعراها: أَدمياها وطعناها؛ وقال الآخر:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ:
لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه
فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ به؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلاً فَجِيلاً، تَراهُمُ
شَعائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ
وفي حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَشعره. وفي حديث مَعْبَدٍ
الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَشْعَرْتَ ابني في
الناس أَي جعلته علامة فيهم وشَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في
البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ. والشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك
لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر. وشِعارُ الحج: مناسكه وعلاماته
وآثاره وأَعماله، جمع شَعيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز وجل
كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَن جبريل
أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم
بالتلبية فإِنها من شعائر الحج.
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ
(* قوله: «والشعارة» كذا بالأصل مضبوطاً
بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها). والمَشْعَرُ:
كالشِّعارِ. وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة. وقوله تعالى:
فاذكروا الله عند المَشْعَرِ الحرام؛ هو مُزْدَلِفَةُ، وهي جمعٌ تسمى
بهما جميعاً. والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي
المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو
المَشْعَرُ الحرام والمِشْعَرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام. وفي
التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا لا تُحِلُّوا شَعائرَ الله؛ قال الفرّاء:
كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما
فأَنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ وقيل:
شعائر الله مناسك الحج. وقال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات
الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف
أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم
شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر.
والمشاعر: مواضع المناسك. والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قال:
وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ
الغادية: السحابة التي تجيء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد. والأَشْعَرُ:
ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الشُّعَيْرات حَوالَي الحافر.
وأَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعر أَرساغه، والجمع أَشاعِرُ
لأَنه اسم. وأَشْعَرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ
الحافرِ مِثْلُه. وأَشْعَرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الشعر. وأَشاعِرُ الناقة:
جوانب حيائها. والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وقيل: هما ما يلي
الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، ولطرفيهما: الشُّفْرانِ،
وللذي بينهما: الأَشْعَرانِ. والأَشْعَرُ: شيء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ
كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني. والأَشْعَرُ: اللحم
تحت الظفر.
والشَّعِيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِيرَةٌ، وبائعه
شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مما بني على فاعِل ولا فَعَّال كما يغلب في هذا
النحو. وأَما قول بعضهم شِعِير وبِعِير ورِغيف وما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من
الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق.
والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الشَّعيرة تُدْخَلُ
في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين والنصل، وقد أَشْعَرَ
السكين: جعل لها شَعِيرة. والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الشعير على
هيئة الشعيرة. وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَارِيرَ
الذهب في رقبتها؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الشعير.
والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، وقيل: الشَّعْراء ذباب
يلسع الحمار فيدور، وقيل: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب
الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراءُ نوعان: للكلب شعراء معروفة، وللإِبل
شعراء؛ فأَما شعراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ ولا تمس
شيئاً غير الكلب، وأَما شَعْراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، وهي أَضخم
من شعراء الكلب، ولها أَجنحة، وهي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: وربما
كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يجتلبوا بالنهار ولا أَن
يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، وهي تلسع الإِبل في
مَراقِّ الضلوع وما حولها وما تحت الذنب والبطن والإِبطين، وليس يتقونها بشيء
إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، وهي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها
دَوِيّاً، قال الشماخ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ
مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
والجمع من كل ذلك شَعارٍ. وفي الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن
خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الشُّعْرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه؛
الشُّعْر، بضم الشين وسكن العين: جمع شَعْراءَ، وهي ذِبَّانٌ أَحمر، وقيل
أَزرق، يقع على الإِبل ويؤذيها أَذى شديداً، وقيل: هو ذباب كثير الشعر. وفي
الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها
انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الشَّعارِيرِ؛ هي بمعنى الشُّعْرِ، وقياس واحدها
شُعْرورٌ، وقيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ
تطايرتْ عنها.
والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، وجمعه كواحده. قال أَبو
حنيفة: الشَّعْراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق ولها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها
الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً. والشَّعْراءُ: فاكهة، جمعه
وواحده سواء.
والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، وقيل: ضرب من الحَمْضِ
أَخضر أَغبر.
والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، وقيل: هو نبت.
والشَّعارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْرُور. وفي الحديث: أَنه
أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعاريرُ؛ هي صغار القثاء. وذهبوا
شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْرُور،
وكذلك ذهبوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعارِيرَ
بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقَِدْحَرَّةَ
وقَِذْحَرَّةَ؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت
القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ
والأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد. والشَّعارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛
يقال: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وهذا لَعِبُ الشَّعاريرِ.
وقوله تعالى: وأنه هو رَبُّ الشِّعْرَى؛ الشعرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له
المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، وطلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب:
إِذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى. وهما الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ التي
في الجوزاء، والغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا
سُهَيْلٍ، وطلوع الشعرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ. وعبد الشِّعْرَى
العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ ويقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً
ولم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وأَنه هو رب الشعرى؛
أَي رب الشعرى التي تعبدونها، وسميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت
في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ.
والذي ورد في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً وما لي غير شَعْرَةٍ واحدة ثم
أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم
أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ.
وأَشْعَرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَشْعَرِيُّ، ويجمعون
الأَشعري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري:
والأَشْعَرُ أَبو قبيلة من اليمن، وهو أَشْعَرُ بن سَبَأ ابن يَشْجُبَ بن
يَعْرُبَ بن قَحْطانَ. وتقول العرب: جاء بك الأَشْعَرُونَ، بحذف ياءي
النسب.وبنو الشُّعَيْراءِ: قبيلة معروفة.
والشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ،
وهو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، والمُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة
مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك امرؤ القيس، وكان قد طلب منه أَن يبيعه
فرساً فأَبى فقال فيه:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي
عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن
معاوية بن الحرب بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ وقال
الشويعر مخاطباً لامرئ القيس:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،
وقد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما
بأَنَّ امْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَثيباً،
على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ
لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُهُ،
وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
والشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو
العباس ثعلب له:
وإِنَّ الذي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ،
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فسمي الشويعر بهذا البيت.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حمص: حَمَصَ القَذاةَ: رَفَقَ بإِخراجها مسْحاً مَسْحاً. قال الليث:
إِذا وقَعَت قذاةٌ في العين فرَفَقْتَ بإِخراجها مَسْحاً رُوَيْداً قلت:
حَمَصْتُها بيدي. وحَمَصَ الغُلامُ حَمْصاً: تَرَجَّح من غير أَن يُرَجَّحَ.
والحَمْصُ: أَنْ يُضَمَّ الفرسُ فيُجْعَلَ إِلى المكان الكَنِين
وتُلْقَى عليه الأَجِلّةُ حتى يَعْرَقَ لِيَجْرِيَ. وحَمَصَ الجُرْحُ: سكَنَ
وَرَمُه. وحَمَصَ الجُرْحُ يَحْمُصُ حُموصاً، وهو حَمِيصٌ، وانْحَمَصَ
انْحِماصاً، كلاهما: سكن ورمه. وحَمَّصَه الدواءُ، وقيل: حَمَزه الدواء
وحَمَصَه. وفي حديث ذي الثُّديّةِ المقتول بالنَّهْرَوان: أَنه كانت له
ثُدَيّةٌ مثل ثَدْي المرأَة إِذا مُدَّت امْتَدَّت وإِذا تُرِكَت تحَمّصَت؛ قال
الأَزهري: تحَمّصَت أَي تقَبّضَتْ واجْتَمعت؛ ومنه قيل للورَمِ إِذا
انْفَشّ: قد حَمَصَ، وقد حَمّصَه الدواءُ.
والحِمَّصُ والحِمِّصُ: حَبُّ القدر
(* قوله: حب القدر؛ هكذا في الأصل.)،
قال أَبو حنيفة: وهو من القَطَانِيّ، واحدتُه حِمَّصةٌ وحِمِّصة، ولم
يعرف ابنُ الأَعرابي كَسْرَ الميم في الحِمِّص ولا حكى سيبويه فيه إِلا
الكسر فهما مختلفان؛ وقال أَبو حنيفة: الحِمَّصُ عربي وما أَقلَّ ما في
الكلام على بنائه من الأَسماء. الفراء: لم يأْت على فِعَّل، بفتح العين وكسر
الفاء، إِلا قِنَّفٌ وقِلَّفٌ، وهو الطين المتشقق إِذا نَضَبَ عنه الماء،
وحِمَّصٌ وقِنَّبٌ، ورجلٌ خِنّبٌ وخِنّاب: طويلٌ؛ وقال المبرد: جاء على
فِعِّل جِلِّقٌ وحِمِّصٌ وحِلِّز، وهو القصير، قال: وأَهل البصرة اختاروا
حِمِّصاً، وأَهل الكوفة اختاروا حِمَّصاً، وقال الجوهري: الاختيار فتح
الميم، وقال المبرد بكسرها.
والحَمَصِيصُ: بَقْلةٌ دون الحُمَّاضِ في الحُموضة طيّبةُ الطعم تنبُت
في رَمْل عالج وهي من أَحْرار البُقول، واحدته حَمَصيصةٌ. وقال أَبو
حنيفة: بقْلةُ الحَمَصِيص حامضةٌ تُجْعَلُ في الأَقِطِ تأْكلُه الناسُ والإِبل
والغنم؛ وأَنشد:
في رَبْرَبٍ خِماصِ،
يأْكُلْنَ من قُرَّاصِ،
وحَمَصِيصٍ واصِ
قال الأَزهري: رأَيت الحَمَصِيصَ في جبال الدَّهْناء وما يَلِيها وهي
بَقْلة جَعْدة الورَق حامضةٌ، ولها ثمرة كثمرة الحُمَّاضِ وطعمُها كطعْمةِ
وسمعتهم يُشَدِّدون الميم من الحَمصِيص، وكنَّا نأْكله إِذا أَجَمْنا
التمر وحلاوتَه نَتَحَمّضُ به ونَسْتَطيبُه.
قال الأَزهري: وقرأْت في كتب الأَطِبّاءِ حبٌّ مُحَمَّصٌ يريد به
المَقْلُوَّ؛ قال الأَزهري: كأَنه مأْخوذ من الحَمْصِ، بالفتح، وهو الترجُّح.
وقال الليث: الحَمْصُ أَن يترجَّحَ الغلامُ على الأُرْجُوحةِ من غير أَن
يُرَجِّحَه أَحدٌ. يقال: حَمَصَ حَمْصاً، قال: ولم أَسمع هذا الحرف لغير
الليث.
والأَحْمَصُ: اللِّصُّ الذي يَسْرِقُ الحَمائِصَ، واحِدَتُها حَمِيصةٌ،
وهي الشاة المسروقةُ وهي المَحْمُوصةُ والحَريسةُ. الفراء: حَمَّص الرجلُ
إِذا اصطادَ الظباءَ نِصْفَ النهار. والمِحْماصُ من النساء: اللِّصَّةُ
الحاذقة. وحَمَصَت الأُرْجُوحةُ: سكنَتْ فَوْرَتُها.
وحِمْصُ: كُورةٌ من كُوَرِ الشام أَهلُها يمانُون، قال سيبويه: هي
أَعجمية، ولذلك لم تَنْصَرِف، قال الجوهري: حِمْص يذكر ويؤَنث.
حير: حار بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً وحَيْراً وحَيَراناً وتَحيَّر إِذا
نظر إِلى الشيء فَعَشيَ بَصَرُهُ. وتَحَيَّرَ واسْتَحَارَ وحارَ: لم يهتد
لسبيله. وحارَ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً أَي تَحَيَّرَ في أَمره؛
وحَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ. ورجل حائِرٌ بائِرٌ إِذا لم يتجه لشيء. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر أَي متحير في أَمره لا
يدري كيف يهتدي فيه. وهو حائِرٌ وحَيْرانُ: تائهٌ من قوم حَيَارَى،
والأُنثى حَيْرى. وحكى اللحياني: لا تفعل ذلك أُمُّكَ حَيْرَى أَي
مُتَحَيِّرة، كقولك أُمُّكَ ثَكْلَى وكذلك الجمع؛ يقال: لا تفعلوا ذلك أُمَّهاتُكُمْ
حَيْرَى؛ وقول الطرماح:
يَطْوِي البَعِيدَ كَطَيِّ الثَّوْبِ هِزَّتُهُ،
كما تَرَدَّدَ بالدَّيْمُومَةِ الحَارُ
أَراد الحائر كما قال أَبو ذؤيب: وهي أَدْماءُ سارُها؛ يريد سائرها. وقد
حَيَّرَهُ الأَمر. والحَيَرُ: التَّحَيُّرُ؛ قال:
حَيْرانُ لا يُبْرِئُه من الحَيَرْ
وحارَ الماءُ، فهو حائر. وتَحَيَّرَ: تَرَدَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
فَهُنَّ يَروَيْنَ بِظِمْءٍ قاصِرِ،
في رَبَبِ الطِّينِ، بماءٍ حائِرِ
وتَحَيَّر الماءُ: اجْتَمع ودار. والحائِرُ: مُجْتَمَعُ الماء؛ وأَنشد:
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
قال: والحاجر نحو منه، وجمعه حُجْرانٌ. والحائِرُ: حَوْضٌ يُسَبَّبُ
إِليه مَسِيلُ الماء من الأَمطار، يسمى هذا الاسم بالماء. وتَحَيَّر الرجلُ
إِذا ضَلَّ فلم يهتد لسبيله وتَحَيَّر في أَمره. وبالبصرة حائِرُ
الحَجَّاجِ معروف: يابس لا ماء فيه، وأَكثر الناس يسميه الحَيْرَ كما يقولون
لعائشة عَيْشَةُ، يستحسنون التخفيف وطرح الأَلف؛ وقيل: الحائر المكان
المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه؛ قال:
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائِر،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال أَبو حنيفة: من مطمئنات الأَرض الحائِرُ، وهو المكان المطمئن
الوَسَطِ المرتفعُ الحروفِ، وجمعه حِيرانٌ وحُورانٌ، ولا يقال حَيْرٌ إِلا أَن
أَبا عبيد قال في تفسير قول رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حِيرانُ الدَّرَقْ
الحِيران جمع حَيْرٍ، لم يقلها أَحد غيره ولا قالها هو إِلا في تفسير
هذا البيت. قال ابن سيده: وليس كذلك أَيضاً في كل نسخة؛ واستعمل حسان بن
ثابت الحائر في البحر فقال:
ولأَنتِ أَحْسَنُ إِذْ بَرَزْت لَنا،
يومَ الخُروجِ، بِسَاحَة العَقْرِ
من دُرَّةٍ أَغْلَى بها مَلِكٌ،
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
والجمع حِيرَانٌ وحُورَانٌ. وقالوا: لهذه الدار حائِرٌ واسعٌ، والعامّة
تقول: حَيْرٌ، وهو خطأٌ. والحائِرُ: كَرْبَلاءُ، سُميت بأَحدِ هذه
الأَشياء. واسْتحارَ المكان بالماء وتَحَيَّر: تَمَلأَ. وتَحَيَّر فيه الماء:
اجتمعَ. وتَحَيَّرَ الماءُ في الغيم: اجتمع، وإِنما سمي مُجْتَمَعُ الماء
حائراً لأَنه يَتَحَيَّرُ الماء فيه يرجع أَقصاه إِلى أَدناه؛ وقال
العجاج:
سَقَاهُ رِيّاً حائِرٌ رَوِيُّ
وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ بالماء إِذا امتلأَتْ. وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ
بالماء لكثرته؛ قال لبيد:
حتى تَحَيَّرَتِ الدَّبارُ كأَنَّها
زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يقول: امتلأَت ماء. والديار: المَشَارات
(* قوله: «المشارات» أي مجاري
الماء في المزرعة كما في شرح القاموس).
والزَّلَفُ: المَصانِعُ.
واسْتَحار شَبَابَ المرأَة وتَحَيَّرَ: امتلأَ وبلغ الغابة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وقد طُفْتُ من أَحْوالِهَا وأَرَدْتُها
لِوَصْلٍ، فأَخْشَى بَعْلَها وأَهَابُها
ثلاثةَ أَعْوَامٍ، فلما تَجَرَّمَتْ
تَقَضَّى شَبابِي، واسْتَحارَ شبابُها
قال ابن بري: تجرّمت تكملت السنون. واستحار شبابها: جرى فيها ماء
الشباب؛ قال الأَصمعي: استحار شبابها اجتمع وتردّد فيها كما يتحير الماء؛ وقال
النابغة الذبياني وذكر فرج المرأَة:
وإِذا لَمَسْتَ، لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً
مُتَحَيِّراً بِمكانِه، مِلْءَ اليَدِ
(* في ديوان النابغة: متحيِّزاً).
والحَيْرُ: الغيم ينشأُ مع المطر فيتحير في السماء. وتَحَيَّر السحابُ:
لم يتجه جِهَةً. الأَزهري: قال شمر والعرب تقول لكل شيء ثابت دائم لا
يكاد ينقطع: مُسْتَحِيرٌ ومُتَحَيِّرٌ؛ وقال جرير:
يا رُبَّما قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ
فَخْمِ الكَتائِبِ، مُسْتَحِيرِ الكَوْكَبِ
قال ابن الأَعرابي: المستحير الدائم الذي لا ينقطع. قال: وكوكب الحديد
بريقه. والمُتَحيِّرُ من السحاب: الدائمُ الذي لا يبرح مكانه يصب الماء
صبّاً ولا تسوقه الريح؛ وأَنشد:
كَأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّر وَابِلُهْ
وقال الطرماح:
في مُسْتَحِيرِ رَدَى المَنُو
نِ، ومُلْتَقَى الأَسَل النَّواهِل
قال أَبو عمرو: يريد يتحير الردى فلا يبرح. والحائر: الوَدَكُ:
ومَرَقَةٌ مُتَحَيَّرَةٌ: كثيرة الإِهالَةِ والدَّسَمِ. وتَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ:
امتلأَت طعاماً ودسماً؛ فأَما ما أَنشده الفارسي لبعض الهذليين:
إِمَّا صَرَمْتِ جَدِيدَ الحِبا
لِ مِنِّي، وغَيَّرَكِ الأَشْيَبُ
فيا رُبَّ حَيْرَى جَمادِيَّةٍ،
تَحَدَّرَ فيها النَّدَى السَّاكِبُ
فإِنه عنى روضة متحيرة بالماء.
والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ، وجمعها مَحارٌ؛ قال ذو الرمة
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحَارَا
أَراد: ما في المحار. وفي حديث ابن سيرين في غسل الميت: يؤخذ شيء من
سِدْرٍ فيجعل في مَحارَةٍ أَو سُكُرُّجَةٍ؛ قال ابن الأَثير: المَحارَةُ
والحائر الذي يجتمع فيه الماء، وأَصل المَحْارَةِ الصدفة، والميم زائدة.
ومَحارَةُ الأُذن: صدفتها، وقيل: هي ما أَحاط بِسُمُومِ الأُذُنِ من قَعْرِ
صَحْنَيْها، وقيل: مَحارَةُ الأُذن جوفها الظاهر المُتَقَعِّرُ؛ والمحارة
أَيضاً: ما تحت الإِطارِ، وقيل: المحارة جوف الأُذن، وهو ما حول
الصِّماخ المُتَّسِعِ. والمَحارَةُ: الحَنَكُ وما خَلْفَ الفَراشَةِ من أَعلى
الفم. والمحارة: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخياشيم. والمَحارَةُ:
النُّقْرَةُ التي في كُعْبُرَةِ الكَتِف. والمَحارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ.
والمَحارَتانِ: رأْسا الورك المستديران اللذان يدور فيهما رؤوس الفخذين.
والمَحارُ، بغير هاء، من الإِنسان: الحَنَكُ، ومن الداية حيث يُحَنِّكُ
البَيْطارُ. ابن الأَعرابي: مَحارَةُ الفرس أَعلى فمه من باطن.
وطريق مُسْتَحِيرٌ: يأْخذ في عُرْضِ مَسَافَةٍ لا يُدرى أَين مَنْفَذُه؛
قال:
ضاحِي الأَخادِيدِ ومُسْتَحِيرِهِ،
في لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضِيفَيْ نِيرِهِ
واستحار الرجل بمكان كذا ومكان كذا: نزله أَياماً.
والحِيَرُ والحَيَرُ: الكثير من المال والأَهل؛ قال:
أَعُوذُ بالرَّحْمَنِ من مالٍ حِيَرْ،
يُصْلِينِيَ اللهُ به حَرَّ سَقَرْ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا من رَأَى النُّعْمان كانَ حِيَرَا
قال ثعلب: أَي كان ذا مال كثير وخَوَلٍ وأَهل؛ قال أَبو عمرو بن العلاء:
سمعت امرأَة من حِمْيَر تُرَقِّصُ ابنها وتقول:
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَن يَكْبَرَا،
فَهَبْ له أَهْلاً ومالاً حِيَرَا
وفي رواية: فَسُقْ إِليه رَبِّ مالاً حِيَرَا. والحَيَرُ: الكثير من
أَهل ومال؛ وحكى ابن خالويه عن ابن الأَعرابي وحده: مال حِيَرٌ، بكسر الحاء؛
وأَنشد أَبو عمرو عن ثعلب تصديقاً لقول ابن الأَعرابي:
حتى إِذا ما رَبا صَغِيرُهُمُ،
وأَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا
صَدَّ جُوَيْنٌ فما يُكَلِّمُنا،
كأَنَّ في خَدِّه لنا صَعَرا
ويقال: هذه أَنعام حِيراتٌ أَي مُتَحَيِّرَة كثيرة، وكذلك الناس إِذا
كثروا.
والحَارَة: كل مَحَلَّةٍ دنت مَنازِلُهم فهم أَهل حارَةٍ. والحِيرةُ،
بالكسر: بلد بجنب الكوفة ينزلها نصارى العِبَاد، والنسبة إِليها حِيرِيٌّ
وحاريٌّ، على غير قياس؛ قال ابن سيده: وهو من نادر معدول النسب قلبت الياء
فيه أَلفاً، وهو قلب شاذ غير مقيس عليه غيره؛ وفي التهذيب: النسبة
إِليها حارِيٌّ كما نسبوا إِلى التَّمْرِ تَمْرِيٌّ فأَراد أَن يقول
حَيْرِيٌّ، فسكن الياء فصارت أَلفاً ساكنة، وتكرر ذكرها في الحديث؛ قال ابن
الأَثير: هي البلد القديم بظهر الكوفة ومَحَلَّةٌ معروفة بنيسابور. والسيوف
الحارِيَّةُ: المعمولة بالحِيرَةِ؛ قال:
فلمَّا دخلناهُ أَضَفْنا ظُهُورَنا
إِلى كُلِّ حارِيٍّ فَشِيبٍ مُشَطَّبِ
يقول: إِنهم احْتَبَوْا بالسيوف، وكذلك الرجال الحارِيَّاتُ؛ قال
الشماخ:يَسْرِي إِذا نام بنو السَّريَّاتِ،
يَنامُ بين شُعَبِ الحارِيَّاتِ
والحارِيُّ: أَنْماطُ نُطُوعٍ تُعمل بالحِيرَةِ تُزَيَّنُ بها
الرِّحالُ؛ أَنشد يعقوب:
عَقْماً ورَقْماً وحارِيّاً نُضاعِفُهُ
على قَلائِصَ أَمثالِ الهَجانِيعِ
والمُسْتَحِيرَة: موضع؛ قال مالك بن خالد الخُناعِيُّ:
ويمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ، إِنِّني،
بأَن يَتَلاحَوْا آخِرَ اليومِ، آرِبُ
ولا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ وحَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي أَمَدَ الدَّهْرِ.
وحَيْرِيَ دَهْرٍ: مخففة من حَيْرِيّ، كما قال الفرزدق:
تأَمَّلْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُمَا،
عَلَيَّ مِنَ الغَيْثَ، اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهْ
وقد يجوز أَن يكون وزنه فَعْلِيَ؛ فإِن قيل: كيف ذلك والهاء لازمة لهذا
البناء فيما زعم سيبويه؟ فإِن كان هذا فيكون نادراً من باب إِنْقَحْلٍ.
وحكى ابن الأَعرابي: لا آتيك حِيْرِيَّ الدهر أَي طول الدهر، وحِيَرَ
الدهر؛ قال: وهو جمع حِيْرِيّ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا؛ قال
الأَزهري: وروى شمر بإِسناده عن الرَّبِيع بن قُرَيْعٍ قال: سمعت ابن عمر يقول:
أَسْلِفُوا ذاكم الذي يوجبُ الله أَجْرَهُ ويرُدُّ إِليه مالَهُ، ولم
يُعْطَ الرجلُ شيئاً أَفضلَ من الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ على الفحل أَو على
الفرس فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدهر، فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟
قال: لا يُحْسَبُ، فقال الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ ولا في سبيل الله، فقال: أَو
ليس في سبيل الله؟ هكذا رواه حَيْرِيَّ الدهر، بفتح الحاء وتشديد الياء
الثانية وفتحها؛ قال ابن الأَثير: ويروى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بياء ساكنة،
وحَيْرِيَ دَهْرٍ، بياء مخففة، والكل من تَحَيُّرِ الدهر وبقائه، ومعناه
مُدَّةَ الدهر ودوامه أَي ما أَقام الدهرُ. قال: وقد جاء في تمام الحديث:
فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟ فقال: لا يُحْسَبُ؛ أَي لا يُعْرَفُ
حسابه لكثرته؛ يريد أَن أَجر ذلك دائم أَبداً لموضع دوام النسل؛ قال: وقال
سيبويه العرب تقول: لا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. وزعموا أَن
بعضهم ينصب الياء في حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ وقال أَبو الحسن: سمعت من يقول لا
أَفعل ذلك حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قال: والحِيْرِيُّ الدهر كله؛
وقال شمر: قوله حِيْرِيَّ دَهْرٍ يريد أَبداً؛ قال ابن شميل: يقال ذهب
ذاك حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً. ويَبْقَى حارِيَّ دهر
أَي أَبداً. ويبقى حارِيَّ الدهر وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً؛ قال:
وسمعت ابن الأَعرابي يقول: حِيْرِيَّ الدهر، بكسر الحاء، مثل قول سيبويه
والأَخفش؛ قال شمر: والذي فسره ابن عمر ليس بمخالف لهذا إِنما أَراد لا
يُحْسَبُ أَي لا يمكن أَن يعرف قدره وحسابه لكثرته ودوامه على وجه الدهر؛ وروى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: لا آتيه حَيْرِيْ دهر وحِيْرِيَّ دهر
وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ يريد: ما تحير من الدهر. وحِيَرُ الدهرِ: جماعةُ
حِيْرِيَّ؛ وأَنشد ابن بري للأَغلب العجلي شاهداً على مآلِ حَيَر، بفتح الحاء،
أَي كثير:
يا من رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا،
من كُلِّ شيءٍ صالحٍ قد أَكْثَرَا
واسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا،
للماءِ في أَجْوافِها خَرِيرَا
والمُسْتَحِيرُ: سحاب ثقيل متردّد ليس له ريح تَسُوقُهُ؛ قال الشاعر
يمدح رجلاً:
كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ،
من مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ
ابن شميل: يقول الرجل لصاحبه: والله ما تَحُورُ ولا تَحُولُ أَي ما
تزداد خيراً. ثعلب عن ابن الأَعرابي: والله ما تَحُور ولا تَحُول أَي ما
تزداد خيراً. ابن الأَعرابي: يقال لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ ولباطن
جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ.
أَبو زيد: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مع المطر فَيَتَحَيَّرُ في
السماء.
والحَيْرُ، بالفتح: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، ومنه الحَيْرُ
بِكَرْبَلاء.
والحِيَارانِ: موضع؛ قال الحرثُ بنُ حِلَّزَةَ:
وهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلَى يو
م الحِيارَيْنِ، والبلاءُ بَلاءُ
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
حظر: الحَطْرُ: الحَجْرُ، وهو خلاف الإِباحَةِ. والمَحْظُورُ:
المُحَرَّمُ. حَظَرَ الشيءَ يَحْظُرُه حَظْراً وحِظاراً وحَظَرَ عليه: منعه، وكلُّ
ما حال بينك وبين شيء، فقد حَظَرَهُ عليك. وفي التنزيل العزيز: وما كان
عَطاءُ رَبّكَ مَحْظُوراً. وقول العرب: لا حِظارَ على الأَسماء يعني أَنه
لا يمنع أَحد أَن يسمي بما شاء أَو يتسمى به. وحَظَرَ عليه حَظْراً:
حَجَرَ ومَنَعَ.
والحَظِيرَة: جَرِينُ التمر، نَجْدِيَّة، لأَنه يَحْظُرُه ويَحْصُرُه.
والحَظِيرَةُ: ما أَحاط بالشيء، وهي تكون من قَصَبٍ وخَشب؛ قال المَرَّارُ
بن مُنْقِذٍ العَدَوِيُّ:
فإِنَّ لنا حَظائِرَ ناعِماتٍ،
عَطاء اللهِ رَبِّ العالمينا
فاستعاره للنخل. والحِظَارُ: حائطها وصاحبها مُحْتَظِرٌ إِذا اتخذها
لنفسه، فإِذا لم تَخُصَّهُ بها فهو مُحْظِرٌ. وكل ما حال بينك وبين شيء، فهو
حِظار وحَظَارٌ. وكل شيء حَجَرَ بين شيئين، فهو حِظارٌ وحِجارٌ.
والحِظارُ: الحَظِيرَةُ تعمل للإِبل من شجر لتقيها البَرْد والريحَ؛ وفي
التهذيب: الحَظارُ، بفتح الحاء. وقال الأَزهري: وجدته بخط شمر الحِظار، بكسر
الحاء. والمُحْتَظِرُ: الذي يعمل الحَظِيرَةَ، وقرئ: كَهَشِيمِ
المُحْتَظِر؛ فمن كسره جعله الفاعل، ومن فتحه جعله المفعول به. واحْتَظَرَ القومُ
وحَظَرُوا: اتخذوا حَظِيرَةً. وحَظَرُوا أَموالهم: حَبَسُوها في الحظائر من
تضييق. والحَظِرُ: الشيءُ المُحْتَظَرُ به. ويقال للرجل القليل الخير:
إِنه لَنكِدُ الحَظِيرَةِ؛ قال أَبو عبيد: أُراه سمى أَمواله حَظِيرَةً
لأَنه حَظَرَها عنده ومنعها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة.
والحَظِرُ: الشجر المُحْتَظَرُ به، وقيل الشوك الرَّطْبُ؛ ووقع في
الحَظِرِ الرَّطْبِ إِذا وقع فيما لا طاقة له به، وأَصله أَن العرب تجمع الشوك
الرَّطْبَ فَتُحَظِّرُ به فربما وقع فيه الرجل فَنَشِب فيه فشبهوه بهذا.
وجاء بالحَظِرِ الرَّطْبِ أَي بكثرة من المال والناس، وقيل بالكذب
المُسْتَشْنَعِ. وأَوْقَدَ في الحَظِرِ الرطْبِ: نَمَّ. الأَزهري: سمعت العرب
تقول للجدار من الشجر يوضع بعضه على بعض ليكون ذَرًى للمال يَرُدُّ عنه
بَرْدَ الشَّمالِ في الشتاء: حَظارٌ، بفتح الحاء؛ وقد حَظَرَ فلانٌ على
نَعَمِهِ. قال الله تعالى: إِنا أَرسلنا عليهم صَيْحَةً واحدةً فكانوا
كهَشِيم المُحْتَظِر؛ وقرئ: المحتظَر؛ أَراد كالهشيم الذي جمعه صاحب
الحظيرة؛ ومن قرأَ المحتظَر، بالفتح، فالمحتظَر اسم للحظيرة، المعنى كهشيم
المكان الذي يحتظر فيه الهشيم، والهشيم: ما يَبِسَ من المُحْتَظَرَاتِ
فارْفَتَّ وتَكَسَّر؛ المعنى أَنهم بادوا وهلكوا فصاروا كَيَبيس الشجر إِذا
تَحَطَّمَ؛ وقال الفرّاء: معنى قوله كهشيم المحتظر أَي كهشيم الذي يحظر على
هشيمه، أَراد أَنه حَظَرَ حِظاراً رَطْباً على حِظارٍ قديم قد يَبِسَ.
ويقال للحَطَبِ الرَّطْبِ الذي يُحْظَرُ به: الحَظِرُ؛ ومنه قول الشاعر:
ولم يَمْشِ بين الحَيِّ بالحَظِرِ الرَّطْبِ
أَي لم يمش بالنميمة.
والحَظْرُ: المنعُ، ومنه قوله تعالى: وما كان عطاءٌ ربك مَحْظُوراً؛
وكثيراً ما يرد في القرآن ذكر المَحْظُور ويراد به الحرام. وقد حَظَرْتُ
الشيءَ إِذا حَرَّمْتَهُ، وهو راجع إِلى المنع. وفي حديث أُكَيْدِرِ
دُوْمَةَ: لا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ؛ يقول: لا تُمْنَعُونَ من الزراعةِ حيث
شئتم، ويجوز أَن يكون معناه لا يُحْمَى عليكم المَرْتَعُ. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا حِمَى في الأَراكِ، فقال له رجل:
أَرَاكَةٌ في حِظارِي، فقال: لا حِمَى في الأَراك؛ رواه شمر وقيده بخطه في
حِظاري، بكسر الحاء، وقال: أَراد الأَرض التي فيها الزعر المُحاطُ عليها
كالحَظِيرَةِ، وتفتح الحاء وتكسر، وكانت تلك الأَراكة التي ذكرها في الأَرض
التي أَحياها قبل أَن يحييها فلم يملكها بالإِحياء وملك الأَرض دونها أَو
كانت مَرْعَى السَّارِحَةِ. والمِحْظارُ: ذُبابٌ أَخْضَرُ يَلْسَعُ كذباب
الآجام. وحَظِيرَةُ القُدْسِ: الجَنَّةُ. وفي الحديث: لا يَلِجُ
حَظِيرَةَ القُدْسِ مُدْمِنُ خَمْرٍ؛ أَراد بحظيرة القدس الجنة، وهي في الأَصل
الموضع الذي يُحاطُ عليه لتأْوي إِليه الغنم والإِبل يقيها البرد
والريح.وفي الحديث: أَتته امرأَة فقالت: يا نَبِيَّ الله، ادْعُ اللهَ لي فلقد
دَفَنْتُ ثلاثة، فقال: لقد احْتَظَرْت بِحِظارٍ شديد من النار؛
والاحْتِظارُ: فِعْلُ الحِظارِ، أَراد لقد احْتَمَيْتِ بِحِمًى عظيم من النار يقيك
حرها ويؤمنك دُخولَها. وفي حديث مالك بن أَنس: يَشْتَرِطُ صاحبُ الأَرض
على المُساقِي سَدَّ الحِظارِ يريد به حائط البستان.
حرر: الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، والجمع حُرُورٌ وأَحارِرُ على غير قياس
من وجهين: أَحدهما بناؤه، والآخر إِظهار تضعيفه؛ قال ابن دريد: لا أَعرف
ما صحته. والحارُّ: نقيض البارد. والحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو
عبيدة: السَّمُومُ الريح الحارة بالنهار وقد تكون بالليل، والحَرُورُ:
الريح الحارَّة بالليل وقد تكون بالنهار؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ
سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
الجوهري: الحَرُورُ الريح الحارَّة، وهي بالليل كالسَّمُوم بالنهار؛
وأَنشد ابن سيده لجرير:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا
لَدَى فَرَسٍ مْسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صائم
مستن الحرور: مشتدّ حرها أَي الموضع الذي اشتدّ فيه؛ يقول: نزلنا هنالك
فبنينا خِباءً عالياً ترفعه الريح من جوانبه فكأَنه فرس صائم أَي واقف
يذب عن نفسه الذباب والبعوض بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شبه رَفْرَفَ الفُسْطاطِ
عند تحركه لهبوب الريح بسَبِيبِ هذا الفرس. والحَرُورُ: حر الشمس،
وقيل:الحَرُورُ استيقاد الحرّ ولَفْحُه، وهو يكون بالنهار والليل، والسَّمُوم لا
يكون إِلا بالنهار. وفي التنزيل: ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ؛ قال ثعلب:
الظل ههنا الجنة والحرور النار؛ قال ابن سيده: والذي عندي أَن الظل هو
الظل بعينه، والحرور الحرّ بعينه؛ وقال الزجاج: معناه لا يستوي أَصحاب الحق
الذين هم في ظل من الحق، وأَصحاب الباطل الذين هم في حَرُورٍ أَي حَرٍّ
دائم ليلاً ونهاراً، وجمع الحَرُور حَرائِرُ؛ قال مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قد صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها،
وفاضَتْ عليها شَمْسُهُ وحَرائِرُهْ
وتقول
(* قوله: «وتقول إِلخ» حاصله أنه من باب ضرب وقعد وعلم كما في
القاموس والمصباح وغيرهما، وقد انفرد المؤلف بواحدة وهي كسر العين في الماضي
والمضارع): حَرَّ النهارُ وهو يَحِرُّ حَرّاً وقد حَرَرْتَ يا يوم
تَحُرُّ، وحَرِرْتَ تَحِرُّ، بالكسر، وتَحَرُّ؛ الأَخيرة عن اللحياني، حَرّاً
وحَرَّةً وحَرارَةً وحُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ وقد تكون الحَرارَةُ
للاسم، وجمعها حينئذ حَراراتٌ؛ قال الشاعر:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ،
على الخَدَّيْنِ، ذي هَيْدَبْ
وقد تكون الحَراراتُ هنا جمع حَرَارَةٍ الذي هو المصدر إِلا أَن
الأَوَّل أَقرب.
قال الجوهري: وأَحَرَّ النهارُ لغة سمعها الكسائي. الكسائي: شيء حارٌّ
يارٌّ جارٌّ وهو حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. وقال اللحياني: حَرِرْت يا
رجل تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً؛ قال ابن سيده: أُراه إِنما يعني الحَرَّ
لا الحُرِّيَّةَ. وقال الكسائي: حَرِرْتَ تَحَرُّ من الحُرِّيَّةِ لا غير.
وقال ابن الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ
حُرِّيَّةً من حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛
قال الجوهري: فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل.
وفي حديث الحجاج: أَنه باع مُعْتَقاً في حَرارِه؛ الحرار، بالفتح: مصدر من
حَرَّ يَحَرُّ إِذا صار حُرّاً، والاسم الحُرِّيَّةُ. وحَرَّ يَحِرُّ
إِذا سَخُنَ ماء أَو غيره. ابن سيده: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي
حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وقيل: شدته. قال
الجوهري: ومنه قولهم أَشَدُّ العطش حِرَّةٌ على قِرَّةٍ إِذا عطش في يوم بارد،
ويقال: إِنما كسروا الحرّة لمكان القرَّة.
ورجل حَرَّانُ: عَطْشَانُ من قوم حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان
عن اللحياني؛ وامرأَة حَرَّى من نسوة حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى. وفي
الحديث: في كل كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ؛ الحَرَّى، فَعْلَى، من الحَرِّ وهي
تأْنيث حَرَّان وهما للمبالغة يريد أَنها لشدة حَرِّها قد عَطِشَتْ
ويَبِسَتْ من العَطَشِ، قال ابن الأَثير: والمعنى أَن في سَقْي كل ذي كبد حَرَّى
أَجراً، وقيل: أَراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأَنه إِنما تكون كبده حرى
إِذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، ويشهد له ما جاء
في الحديث الآخر: في كل كبد حارّة أَجر، والحديث الآخر: ما دخل جَوْفي ما
يدخل جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ، وما جاء في حديث ابن عباس: أَنه نهى
مضارِبه أَن يشتري بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ، وفي حديث آخر: في كل كبد حرى رطبة
أَجر؛ قال: وفي هذه الرواية ضعف، فأَما معنى رطبة فقيل: إِن الكبد إِذا
ظمئت ترطبت، وكذا إِذا أُلقيت على النار، وقيل: كنى بالرطوبة عن الحياة
فإِن الميت يابس الكبد، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه.
ابن سيده: حَرَّتْ كبده وصدره وهي تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛
قال:
وحَرَّ صَدْرُ الشيخ حتى صَلاَّ
أَي التهبتِ الحَرَارَةُ في صدره حتى سمع لها صَليلٌ، واسْتَحَرَّتْ،
كلاهما: يبست كبده من عطش أَو حزن، ومصدره الحَرَرُ. وفي حديث عيينة بن
حِصْنٍ: حتى أُذِيقَ نَسَاهُ من الحَرِّ مِثْلَ ما أَذَاقَ نَسايَ؛ يعني
حُرْقَةَ القلب من الوجع والغيظ والمشقة؛ ومنه حديث أُم المهاجر: لما نُعِيَ
عُمَرُ قالت: واحَرَّاه فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ،
وأَحَرَّها اللهُ.
والعرب تقول في دعائها على الإِنسان: ما له أَحَرَّ اللهُ صَدْرَه أَي
أَعطشه وقيل: معناه أَعْطَشَ الله هامَتَه. وأَحَرَّ الرجلُ، فهو مُحِرٌّ
أَي صارت إِبله حِرَاراً أَي عِطاشاً. ورجل مُحِرٌّ: عطشت إِبله. وفي
الدعاء: سلط الله عليه الحِرَّةَ تحت القِرَّةِ يريد العطش مع البرد؛
وأَورده ابن سيده منكراً فقال: ومن كلامهم حِرَّةٌ تحت قِرَّةٍ أَي عطشٌ في
يوم بارد؛ وقال اللحياني: هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد. وقال
ابن دريد: الحِرَّةُ حرارة العطش والتهابه. قال: ومن دعائهم: رماه الله
بالحِرَّةِ والقِرَّةِ أَي بالعطش والبرد.
ويقال: إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوَةً في فمي أَي حَرارةً ولَذْعاً.
والحَرارَةُ: حُرْقَة في الفم من طعم الشيء، وفي القلب من التوجع،
والأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، وسيأْتي ذكره.
وقال ابن شميل: الفُلْفُلُ له حَرارَة وحَراوَةٌ، بالراء والواو.
والحَرَّة: حرارة في الحلق، فإِن زادت فهي الحَرْوَةُ ثم الثَّحْثَحَة
ثم الجَأْزُ ثم الشَّرَقُ ثم الْفُؤُقُ ثم الحَرَضُ ثم العَسْفُ، وهو عند
خروج الروح.
وامرأَة حَرِيرَةٌ: حزينة مُحْرَقَةُ الكبد؛ قال الفرزدق يصف نساء
سُبِينَ فضربت عليهن المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وهي القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً،
ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ
وفي التهذيب: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ وحَرِيراتٌ أَي محرورات يَجِدْنَ
حَرارَة في صدورهن، وحَرِيرَة في معنى مَحْرُورَة، وإِنما دخلتها الهاء
لما كانت في معنى حزينة، كما أُدخلت في حَمِيدَةٍ لأَنها في معنى
رَشِيدَة. قال: والمِجْلَدُ قطعة من جلد تَلْتَدِمُ بها المرأَة عند المصيبة.
والمُكَتَّبَةُ: السهام التي أُجِيلَتْ عليهن حين اقتسمن واستهم عليهن.
واسْتَحَرَّ القتلُ وحَرَّ بمعنى اشتدَّ. وفي حديث عمر وجَمْع القرآن:
إِن القتل قد اسْتَحَرَّ يوم اليمامة بِقُرَّاءِ القرآن؛ أَي اشتدَّ وكثر،
وهو استفعل من الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ ومنه حديث عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى
واسْتَحَرَّ الموتُ. وأَما ما ورد في حديث علي، عليه السلام: أَنه قال
لفاطمة: لو أَتَيْتِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَلته خادماً يَقِيكَ
حَرَّ ما أَنتِ فيه من العمل، وفي رواية: حارَّ ما أَنت فيه، يعني التعب
والمشقة من خدمة البيت لأَن الحَرارَةَ مقرونة بهما، كما أَن البرد مقرون
بالراحة والسكون. والحارُّ: الشاق المُتْعِبُ: ومنه حديث الحسن بن علي قال
لأَبيه لما أَمره بجلد الوليد بن عقبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى
قارَّها أَي وَلِّ الجَلْدَ من يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه ويعنيه شأْنُه،
والقارّ: ضد الحارّ.
والحَرِيرُ: المَحْرُورُ الذي تداخلته حَرارَةُ الغيظ وغيره.
والحَرَّةُ: أَرض ذات حجارة سود نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بالنار.
والحَرَّةُ من الأَرضين: الصُّلبة الغليظة التي أَلبستها حجارة سود نخرة كأَنها
مطرت، والجمع حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قال سيبويه: وزعم يونس أَنهم يقولون
حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جمعوه بالواو والنون، يشبهونه بقولهم أَرض وأَرَضُونَ
لأَنها مؤنثة مثلها؛ قال: وزعم يونس أَيضاً أَنهم يقولون حَرَّةٌ
وإِحَرُّونَ يعني الحِرارَ كأَنه جمع إِحَرَّةٍ ولكن لا يتكلم بها؛ أَنشد ثعلب
لزيد بن عَتاهِيَةَ التميمي، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصِفِّين قد
انهزم ولحق بالكوفة، وكان عليّ، رضي الله عنه، قد أَعطى أَصحابه يوم الجمل
خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة، فلما قدم زيد على أَهله قالت له
ابنته: أَين خمس المائة؟ فقال:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ،
لما رأَى عَكّاً والاشْعَرِيين،
وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين،
وابنَ نُمَيرٍ في سراةِ الكِنْدِين،
وذا الكَلاعِ سَيِّدَ اليمانين،
وحابساً يَسْتَنُّ في الطائيين،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟
لا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
والخَمْسُ قد جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين،
جَمْزاً إِلى الكُوفةِ من قِنِّسْرِينْ
ويروى: قد تُجْشِمُكِ وقد يُجْشِمْنَكِ. وقال ابن سيده: معنى لا خمس ما
ورد في حديث صفين أَن معاوية زاد أَصحابه يوم صفين خمسمائة فلما
التَقَوْا بعد ذلك قال أَصحاب علي، رضوان الله عليه:
لا خمس إِلا جندل الإِحرِّين
أَرادوا: لا خمسمائة؛ والذي ذكره الخطابي أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قال:
شهدنا مع عليّ يوم الجَمَلِ فقسم ما في العسكر بيننا فأَصاب كل رجل منا
خمسمائة خمسمائة، فقال بعضهم يوم صفين الأَبيات. قال ابن الأَثير: ورواه
بعضهم لا خِمس، بكسر الخاء، من وِردِ الإِبل. قال: والفتح أَشبه بالحديث،
ومعناه ليس لك اليوم إِلا الحجارة والخيبة، والإِحَرِّينَ: جمع الحَرَّةِ.
قال بعض النحويين: إِن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حَرَّةٍ
وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يفعل ذلك في المحذوف نحو ظُبَةٍ وثُبة،
وليست حَرَّة ولا إِحَرَّة مما حذف منه شيء من أُصوله، ولا هو بمنزلة أَرض
في أَنه مؤَنث بغير هاء؟ فالجواب: إِن الأَصل في إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ،
وهي إِفْعَلَة، ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد، فأَسكنوا
الأَوَّل منهما ونقلوا حركته إِلى ما قبله وأَدغموه في الذي بعده، فلما
دخل على الكلمة هذا الإِعلال والتوهين، عوّضوها منه أَن جمعوها بالواو
والنون فقالوا: إِحَرُّونَ، ولما فعلوا ذلك في إِحَرَّة أَجروا عليها
حَرَّة، فقالوا: حَرُّونَ، وإِن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأَنها أُخت
إِحَرَّة من لفظها ومعناها، وإِن شئت قلت: إِنهم قد أَدغموا عين حَرَّة في
لامها، وذلك ضرب من الإِعلال لحقها؛ وقال ثعلب: إِنما هو الأَحَرِّينَ، قال:
جاء به على أَحَرَّ كأَنه أَراد هذا الموضع الأَحَرَّ أَي الذي هو
أَحَرُّ من غيره فصيره كالأَكرمين والأَرحمين. والحَرَّةُ: أَرض بظاهر المدينة
بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة. وفي حديث جابر: فكانت زيادة رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، معي لا تفارقني حتى ذهبتْ مني يوم الحَرَّةِ؛
قال ابن الأَثير: قد تكرر ذكر الحرّة ويومها في الحديث وهو مشهور في
الإِسلام أَيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أَهل الشام الذين
ندبهم لقتال أَهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأَمَّر عليهم مسلم بن
عقبة المرّي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها هلك يزيد. وفي التهذيب:
الحَرَّة أَرض ذات حجارة سود نخرة كأَنما أُحرقت بالنار. وقال ابن شميل:
الحَرَّة الأَرض مسيرة ليلتين سريعتين أَو ثلاث فيها حجارة أَمثال الإِبل
البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بالنار، وما تحتها أَرض غليظة من قاع ليس
بأَسود، وإِنما سوَّدها كثرة حجارتها وتدانيها. وقال ابن الأَعرابي: الحرّة
الرجلاء الصلبة الشديدة؛ وقال غيره: هي التي أَعلاها سود وأَسفلها بيض.
وقال أَبو عمرو: تكون الحرّة مستديرة فإِذا كان منها شيء مستطيلاً ليس بواسع
فذلك الكُرَاعُ. وأَرض حَرِّيَّة: رملية لينة. وبعير حَرِّيٌّ: يرعى في
الحَرَّةِ، وللعرب حِرارٌ معروفة ذوات عدد، حَرَّةُ النار لبني سُليم،
وهي تسمى أُم صَبَّار، وحَرَّة ليلَى وحرة راجِل وحرة واقِم بالمدينة وحرة
النار لبني عَبْس وحرة غَلاَّس؛ قال الشاعر:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حتى استغاث شَريدُهُمْ،
بِحَرَّةِ غَلاَّسٍ وشِلْوٍ مُمزَّقِ
والحُرُّ، بالضم: نقيض العبد، والجمع أَحْرَارٌ وحِرارٌ؛ الأَخيرة عن
ابن جني. والحُرَّة: نقيض الأَمة، والجمع حَرائِرُ، شاذ؛ ومنه حديث عمر قال
للنساء اللاتي كنَّ يخرجن إِلى المسجد: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ أَي
لأُلزمنكنّ البيوت فلا تخرجن إِلى المسجد لأَن الحجاب إِنما ضرب على
الحرائر دون الإِماء.
وحَرَّرَهُ: أَعتقه. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا فله عَِدْلِ
مُحَرَّرٍ؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الذي جُعل من العبيد حرّاً فأُعتق. يقال:
حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بالفتح، أَي صار حُرّاً؛ ومنه حديث أَبي
هريرة: فأَنا أَبو هريرة المُحَرَّرُ أَي المُعْتَقُ، وحديث أَبي
الدرداء: شراركم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم أَي أَنهم إِذا أَعتقوه استخدموه
فإِذا أَراد فراقهم ادَّعَوْا رِقَّهُ
(* قوله: «ادّعوا رقه» فهو محرر
في معنى مسترق. وقيل إِن العرب كانوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه
ووهبوه وتناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً، * فليس له حتى الممات خلاص
كذا بهامش النهاية). وفي حديث أَبي بكر: فمنكم عَوْفٌ الذي يقال فيه لا
حُرَّ بوادي عوف؛ قال: هو عوف بنُ مُحَلِّمِ بن ذُهْلٍ الشَّيْباني، كان
يقال له ذلك لشرفه وعزه، وإِن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد
والخَوَل، وسنذكر قصته في ترجمة عوف، وأَما ما ورد في حديث ابن عمر أَنه قال
لمعاوية: حاجتي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، إِذا جاءه شيء لم يبدأْ بأَوّل منهم؛ أَراد بالمحرّرين الموالي وذلك
أَنهم قوم لا ديوان لهم وإِنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إِنما
كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإِيمان، وكان
هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر وتشفع في تقديم إِعطائهم لما علم من
ضعفهم وحاجتهم وتأَلفاً لهم على الإِسلام.
وتَحْرِيرُ الولد: أَن يفرده لطاعة الله عز وجل وخدمة المسجد. وقوله
تعالى: إِني نذرت لك ما في بطني مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ منِّي؛ قال الزجاج:
هذا قول امرأَة عمران ومعناه جعلته خادماً يخدم في مُتَعَبَّداتك، وكان
ذلك جائزاً لهم، وكان على أَولادهم فرضاً أَن يطيعوهم في نذرهم، فكان
الرجل ينذر في ولده أَن يكون خادماً يخدمهم في متعبدهم ولعُبَّادِهم، ولم يكن
ذلك النذر في النساء إِنما كان في الذكور، فلما ولدت امرأَة عمران مريم
قالت: رب إِني وضعتها أُنثى، وليست الأُنثى مما تصلح للنذر، فجعل الله من
الآيات في مريم لما أَراده من أَمر عيسى، عليه السلام، أَن جعلها
متقبَّلة في النذر فقال تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ.
والمُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. والمُحَرَّرُ: النذيرة، وكان يفعل ذلك بنو
إِسرائيل، كان أَحدهم ربما ولد له ولد فربما حَرَّرَه أَي جعله نذيرة في
خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه. وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ
الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بفتح الحاء؛
قال:فلو أَنْكِ في يوم الرَّخاء سأَلْتِني
فراقَكِ، لم أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيقُ
فما رُدَّ تزوِيجٌ عليه شَهادَةٌ،
ولا رُدَّ من بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ
والكاف في أَنك في موضع نصب لأَنه أَراد تثقيل أَن فخففها؛ قال شمر:
سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أَن أَحداً جاء به؛ وقال ثعلب: قال
أَعرابيّ ليس لها أَعْراقٌ في حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها في الإِماء.
والحُرُّ من الناس: أَخيارهم وأَفاضلهم. وحُرِّيَّةُ العرب: أَشرافهم؛ وقال ذو
الرمة:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ
على حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى
أَي على أَشرافهم. قال: والهزالَى مثل السُّكارى، وقيل: أَراد الهزال
بغير إِمالة؛ ويقال: هو من حُرِّيَةِ قومه أَي من خالصهم. والحُرُّ من كل
شيء: أَعْتَقُه. وفرس حُرٌّ: عَتِيقٌ. وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها.
والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والحُرُّ: كلُّ شيء فاخِرٍ من شِعْرٍ أَو غيره.
وحُرُّ كل أَرض: وسَطُها وأَطيبها. والحُرَّةُ والحُرُّ: الطين الطَّيِّبُ؛
قال طرفة:
وتَبْسِمُ عن أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً،
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ له نَدُّ
وحُرُّ الرمل وحُرُّ الدار: وسطها وخيرها؛ قال طرفة أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ ورِحْلَتِي،
أَلا رُبَّ يومٍ لي سِوَى حُرّ دارِك
وطينٌ حُرٌّ: لا رمل فيه. ورملة حُرَّة: لا طين فيها، والجمع حَرائِرُ.
والحُرُّ: الفعل الحسن. يقال: ما هذا منك بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ ولا جميل؛
قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ
أَي بفعل حسن. والحُرَّةُ: الكريمة من النساء؛ قال الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبْـ
ـبُ سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ
قال الأَزهري: وأَما قول امرئ القيس:
لَعَمْرُكَ ما قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ،
ولا مُقْصِرٍ، يوماً، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ
إِلى أَهله أَي صاحبه. بحرّ: بكريم لأَنه لا يصبر ولا يكف عن هواه؛
والمعنى أَن قلبه يَنْبُو عن أَهله ويَصْبُو إِلى غير أَهله فليس هو بكريم في
فعله؛ ويقال لأَوّل ليلة من الشهر: ليلةُ حُرَّةٍ، وليلةٌ حُرَّةٌ،
ولآخر ليلة: شَيْباءُ. وباتت فلانة بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لم تُقْتَضَّ ليلة
زفافها ولم يقدر بعلها على اقْتِضاضِها؛ قال النابغة يصف نساء:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
الأَزهري: الليث: يقال لليلة التي تزف فيها المرأَة إِلى زوجها فلا يقدر
فيها على اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يقال: باتت فلانةُ بليلة حُرَّةٍ؛
وقال غير الليث: فإِن اقْتَضَّها زوجها في الليلة التي زفت إِليه فهي
بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يصفها بكثرة المطر. الجوهري:
الحُرَّةُ الكريمة؛ يقال: ناقة حُرَّةٌ وسحابة حُرَّة أَي كثيرة المطر؛
قال عنترة:
جادَتْ عليها كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ،
فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ
أَراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة. وحُرُّ البَقْلِ والفاكهة والطين:
جَيِّدُها. وفي الحديث: ما رأَيت أَشْبَهَ برسولِ الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحُسن إِلا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان أَحَرَّ حُسْناً
منه؛ يعني أَرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْنٍ.
وأَحْرارُ البُقُول: ما أُكل غير مطبوخ، واحدها حُرٌّ؛ وقيل: هو ما
خَشُنَ منها، وهي ثلاثة: النَّفَلُ والحُرْبُثُ والقَفْعَاءُ؛ وقال أَبو
الهيثم: أَحْرَارُ البُقُول ما رَقَّ منها ورَطُبَ، وذُكُورُها ما غَلُظَ
منها وخَشُنَ؛ وقيل: الحُرُّ نبات من نجيل السِّباخِ.
وحُرُّ الوجه: ما أَقبل عليك منه؛ قال:
جَلا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ،
وكان عليها هَبْوَةٌ لا تَبَلَّجُ
وقيل: حُرُّ الوجه مسايل أَربعة مدامع العينين من مقدّمهما ومؤخرهما؛
وقيل: حُرُّ الوجه الخَدُّ؛ ومنه يقال: لَطَمَ حُرَّ وجهه. وفي الحديث: أَن
رجلاً لطم وجه جارية فقال له: أَعَجَزَ عليك إِلاَّ حُرُّ وَجْهِها؟
والحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. وحُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. والحُرَّتانِ:
الأُذُنانِ؛ قال كعب بن زهير:
قَنْواءُ في حُرَّتَيْها، للبَصِير بها
عِتْقٌ مُبينٌ، وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
وحُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ منها؛ وأَنشد:
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يعني حُرَّةَ الذِّفْرَى، وقيل: حُرَّةَ الذِّفْرَى صفة أَي أَنها حسنة
الذفرى أَسيلتها، يكون ذلك للمرأَة والناقة. والحُرُّ: سواد في ظاهر أُذن
الفرس؛ قال:
بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِراحٍ سَبُوقُ
والحُرَّانِ: السَّودان في أَعلى الأُذنين. وفي قصيد كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها
البيت؛ أَراد بالحرّتين الأُذنين كأَنه نسبها إِلى الحُرِّيَّةِ وكرم
الأَصل.
والحُرُّ: حَيَّة دقيقة مثل الجانِّ أَبيضُ، والجانُّ في هذه الصفة؛
وقيل: هو ولد الحية اللطيفة؛ قال الطرماح:
مُنْطَوٍ في جَوْفِ نامُوسِهِ،
كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
وزعموا أَنه الأَبيض من الحيات، وأَنكر ابن الأَعرابي اين يكون الحُرُّ
في هذا البيت الحية، وقال: الحرّ ههنا الصَّقْر؛ قال الأَزهري: وسأَلت
عنه أَعرابيّاً فصيحاً فقال مثل قول ابن الأَعرابي؛ وقيل: الحرّ الجانُّ من
الحيات، وعم بعضهم به الحية. والحُرُّ: طائر صغير؛ الأَزهري عن شمر:
يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأَصْغَرِ ما يكونُ
جُمَيِّلُ حُرٍّ. والحُرُّ: الصقر، وقيل: هو طائر نحوه، وليس به، أَنْمَرُ
أَصْقَعُ قصير الذنب عظيم المنكبين والرأْس؛ وقيل: إِنه يضرب إِلى الخضرة وهو
يصيد. والحُرُّ: فرخ الحمام؛ وقيل: الذكر منها. وساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ من
القَمَارِيِّ؛ قال حميد بن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حَمامَةٌ،
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّما
وقيل: الساق الحمام، وحُرٌّ فرخها؛ ويقال: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛
ورواه أَبو عدنان: ساق حَرّ، بفتح الحاء، وهو طائر تسميه العرب ساق حرّ،
بفتح الحاء، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حرّ، وبناه صَخْرُ
الغَيّ فجعل الاسمين اسماً واحداً فقال:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، وظَلْتُ أَبْكي،
تَلِيدٌ ما أَبِينُ لها كلاما
وقيل: إِنما سمي ذكر القَماري ساقَ حُرٍّ لصوته كأَنه يقول: ساق حرّ ساق
حرّ، وهذا هو الذي جَرَّأَ صخر الغيّ على بنائه كما قال ابن سيده، وعلله
فقال: لأَن الأَصوات مبنية إِذ بنوا من الأَسماء ما ضارعها. وقال
الأَصمعي: ظن أَن ساق حر ولدها وإِنما هو صوتها؛ قال ابن جني: يشهد عندي بصحة
قول الأَصمعي أَنه لم يعرب ولو أَعرب لصرف ساق حر، فقال: سَاقَ حُرٍّ إِن
كان مضافاً، أَو ساقَ حُرّاً إِن كان مركباً فيصرفه لأَنه نكرة، فتركه
إِعرابه يدل على أَنه حكى الصوت بعينه وهو صياحه ساق حر ساق حر؛ وأَما قول
حميد بن ثور:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ وتَرَنُّما
البيت؛ فلا يدل إِعرابه على أَنه ليس بصوت، ولكن الصوت قد يضاف أَوّله
إِلى آخره، وكذلك قولهم خازِ بازِ، وذلك أَنه في اللفظ أَشْبه بابَ دارٍ؛
قال والرواية الصحيحة في شعر حميد:
وما هاج هذا الشوقَ إِلا حمامةٌ،
دعت ساق حر في حمام تَرَنَّما
وقال أَبو عدنان: يعنون بساق حر لحن الحمامة. أَبو عمرو: الحَرَّةُ
البَثْرَةُ الصغيرة؛ والحُرُّ: ولد الظبي في بيت طرفة:
بين أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى
مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ
والحَرِيرَةُ بالنصب
(* قوله: «بالنصب» أراد به فتح الحاء): واحدة
الحرير من الثياب.
والحَرِيرُ: ثياب من إِبْرَيْسَمٍ.
والحَرِيرَةُ: الحَسَا من الدَّسَمِ والدقيق، وقيل: هو الدقيق الذي يطبخ
بلبن، وقال شمر: الحَرِيرة من الدقيق، والخَزِيرَةُ من النُّخَال؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي العَصِيدَة ثم النَّخِيرَةُ ثم الحَرِيرَة ثم
الحَسْوُ. وفي حديث عمر: ذُرِّي وأَنا أَحَرُّ لك؛ يقول ذرِّي الدقيق لأَتخذ لك
منه حَرِيرَةً.
وحَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. والمِحَرُّ: شَبَحَةٌ فيها
أَسنان وفي طرفها نَقْرانِ يكون فيهما حبلان، وفي أَعلى الشبحة نقران
فيهما عُود معطوف، وفي وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين فتغرز الأَسنان
في الأَرض حتى تحمل ما أُثير من التراب إِلى أَن يأْتيا به المكان
المنخفض.
وتحرير الكتابة: إِقامة حروفها وإِصلاح السَّقَطِ. وتَحْرِيرُ الحساب:
إِثباته مستوياً لا غَلَثَ فيه ولا سَقَطَ ولا مَحْوَ. وتَحْرِيرُ الرقبة:
عتقها.
ابن الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الكثيرة، والحَرَّةُ: العذاب الموجع.
والحُرَّانِ: نجمان عن يمين الناظر إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انتصب
الفرقدان اعترضا، فإِذا اعترض الفرقدان انتصبا. والحُرَّانِ: الحُرُّ وأَخوه
أُبَيٌّ، قال: هما أَخوان وإِذا كان أَخوان أَو صاحبان وكان أَحدهما
أَشهر من الآخر سميا جميعاً باسم الأَشهر؛ قال المنخّل اليشكري:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني
مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بها أُبَيَّا
فإِن لم تَثْأَرَا لي مِنْ عِكَبٍّ،
فلا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ،
ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
قال: وسبب هذا الشعر أَن المتجرّدة امرأَة النعمان كانت تَهْوى المنخل
اليشكري، وكان يأْتيها إِذا ركب النعمان، فلاعبته يوماً بقيد جعلته في
رجله ورجلها، فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال، فأَخذ المنخل ودفعه
إِلى عِكَبٍّ اللَّخْمِيّ صاحب سجنه، فتسلمه فجعل يطعن في قفاه
بالصُّمُلَّةِ، وهي حربة كانت في يده.
وحَرَّانُ: بلد معروف. قال الجوهري: حرَّان بلد بالجزيرة، هذا إِذا كان
فَعْلاناً فهو من هذا الباب، وإِن كان فَعَّالاً فهو من باب النون.
وحَرُوراءُ: موضع بظاهر الكوفة تنسب إِليه الحَرُورِيَّةُ من الخوارج
لأَنه كان أَوَّل اجتماعهم بها وتحكيمهم حين خالفوا عليّاً، وهو من نادر
معدول النسب، إِنما قياسه حَرُوراوِيٌّ؛ قال الجوهري: حَرُوراءُ اسم قرية،
يمد ويقصر، ويقال: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. ومنه حديث عائشة
وسُئِلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ هم
الحَرُورِيَّةُ من الخوارج الذين قاتلهم عَلِيٌّ، وكان عندهم من التشديد في الدين
ما هو معروف، فلما رأَت عائشة هذه المرأَة تشدّد في أَمر الحيض شبهتها
بالحرورية، وتشدّدهم في أَمرهم وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها؛ وقيل: أَرادت
أَنها خالفت السنَّة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. قال
الأَزهري: ورأَيت بالدَّهْناءِ رملة وَعْثَةً يقال لها رملةُ حَرُوراءَ.
وحَرِّيٌّ: اسم؛ ونَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ. والحُرَّانُ: موضع؛ قال:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا،
فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ
وحُرَّيَات: موضع؛ قال مليح:
فَراقَبْتُه حتى تَيامَنَ، واحْتَوَتْ
مطَِافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ
والحَرِيرُ: فحل من فحول الخيل معروف؛ قال رؤبة:
عَرَفْتُ من ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا
فيه، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا
الحَرِيرُ: جد هذا الفرس، وضَرْبُه: نَسْلُه.
وحَرِّ: زجْرٌ للمعز؛ قال:
شَمْطاءُ جاءت من بلادِ البَرِّ،
قد تَرَكَتْ حَيَّهْ، وقالت: حَرِّ
ثم أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ،
عَمْداً، على جانِبِها الأَيْسَرِّ
قال: وحَيَّهْ زجر للضأْن، وفي المحكَم: وحَرِّ زجر للحمار، وأَنشد
الرجز.
وأَما الذي في أَشراط الساعة يُسْتَحَلُّ: الحِرُ والحَرِيرُ: قال ابن
الأَثير: هكذا ذكره أَبو موسى في حرف الحاء والراء وقال: الحِرُ، بتخفيف
الراء، الفرج وأَصله حِرْحٌ، بكسر الحاء وسكون الراء، ومنهم من يشدد
الراء، وليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر، قال: والمشهور في
رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلُّون الخَزَّ، بالخاء والزاي، وهو ضرب
من ثياب الإِبريسم معروف، وكذا جاء في كتاب البخاري وأَبي داود، ولعله
حديث آخر كما ذكره أَبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح فلا يتهم.