الجذر: ج م هـ ر
مثال: جَمْهوريــة مصر العربية
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لأنها لم ترد بهذا الضبط في المعاجم.
الصواب والرتبة: -جُمْهوريــة مصر العربية [فصيحة]
التعليق: «جُمهوريــة» بضم الجيم لا فتحها، وهي منسوبة إلى «جُمْهور».
جمهر: جَمْهَرَ له الخبرَ: أَخْبَرَهُ بطَرَفٍ له على غير وجهه وترك
الذي يريد. الكسائي: إِذا أَخبرت الرجل بطرف من الخبر وكتمته الذي تريد قلت:
جَمْهَرْتُ عليه الخبرَ.
الليث: الجُمْهُورُ الرمل الكثير المتراكم الواسع؛ وقال الأَصمعي: هي
الرملة المشرفة على ما حولها المجتمعة. والجُمْهُورُ والجُمْهُورَةُ من
الرمل: ما تعقَّد وانقاد، وقيل: هو ما أَشرف منه. والجُمْهُور: الأَرض
المشرفة على ما حولها. والجُمْهُورَة: حَرَّةٌ لبني سعد بن بكر. ابن
الأَعرابي: ناقة مُجَمْهَرَةٌ. إِذا كانت مُداخَلَة الخَلْقِ كأَنها جُمهور الرمل.
وجُمهورُ كل شيء: معظمُه، وقد جَمْهَرَهُ. وجُمهورُ الناس: جُلُّهُم.
وجَماهير القوم: أَشرافهم. وفي حديث ابن الزبير قال لمعاوية: إِنا لا ندَعْ
مَروانَ يَرمي جَماهيرَ قريش بمَشَاقِصِه أَي جماعاتها، واحدُها
جُمْهُورٌ. وجَمْهَرْتُ القومَ إِذا جمعتهم، وجَمْهَرْتُ الشيء إِذا جمعته؛ ومنه
حديث النخعي: أَنه أُهْدِيَ له بُخْتَجٌ، قال: هو الــجُمْهُورِيُّ وهو
العصير المطبوخ الحلالُ، وقيل له الــجمهوري لأَن جُمْهُورَ الناس يستعملونه
أَي أَكثرهم. وعددٌ مُجَمْهَرٌ: مُكَثَّرٌ. والجَمْهَرَةُ: المجتمع.
والــجُمْهُورِيُّ: شراب مُحْدَثٌ، رواه أَبو حنيفة؛ قال: وأَصله أَن يعاد
على البُخْتَجِ الماءُ الذي ذهب منه ثم يطبخ ويودع في الأَوعية فيأْخذ
أَخذاً شديداً. أَبو عبيد: الــجُمْهُوريُّ اسم شراب يسكر.
والجُماهِرُ: الضخم. وفلان يَتَجَمْهَرُ علينا أَي يستطيل ويُحَقِّرُنا.
وجَمْهَرَ القَبْرَ: جمع عليه التراب ولم يطينه. وفي حديث موسى بن طلحة:
أَنه شهد دفن رجل فقال: جَمْهِروا قبره جَمْهَرَةً أَي اجمعوا عليه
التراب جمعاً ولا تُطَيِّنوه ولا تُسوُّوهُ. وفي التهذيب: جَمْهَرَ الترابَ
إِذا جمع بعضه فوق بعض ولم يُخَصِّصْ به القبرَ.
رسم: الرَّسْمُ: الأَثَرُ، وقيل: بَقِيَّةُ الأَثَر، وقيل: هو ما ليس له
شخص من الآثار، وقيل: هو ما لَصِقَ بالأَرض منها. ورَسْمُ الدار: ما كان
من آثارها لاصقاً بالأرض، والجمع أَرْسُمٌ ورُسومٌ. ورَسَمَ الغيث
الدار: عَفّاها وأَبقى فيها أثراً لاصقاً بالأرض؛ قال الحُطَيئَةُ:
أَمِنْ رَسْم دارٍ مُرْبِعٌ ومُصِيفُ،
لعَينيك من ماءِ الشُّؤُون وكِيفُ؟
رفع مُرْبِعاً بالمصدر الذي هو رَسْمٌ، أراد: أمن أن رَسَمَ مُرْبِعٌ
ومُصيفٌ داراً.
وتَرَسَّمَ الرَّسْمَ: نظر إليه. وتَرَسَّمْتُ أي نظرت إلى رُسُوم
الدار. وتَرَسَّمْتُ المنزل: تأملت رَسْمَهُ وتَفَرَّسْتُهُ؛ قال ذو
الرمة:أَأَنْ تَرَسَّمْتَ من خَرْقاء مَنْزِلَةً
ماءُ الصَّبابةِ، من عَيْنَيْك، مَسْجُومُ؟
وكذلك إذا نظرت وتفرسْت أين تحفر أو تبني؛ وقال:
الله أَسْقاك بآل الجَبّار
تَرَسُّم الشيخ وضَرْب المِنْقار
والرَّوْسَمُ: كالرَّسْمِ؛ وأنشد ابن بري للأَخْطل:
أَتَعْرِفُ من أَسْماءَ بالجُدِّ رَوْسَما
مُحِيلاً، ونُؤْياً دارِساً مُتَهَدِّما؟
والرَّوْسَمُ: خشبة فيها كتاب منقوش يُخْتَمُ بها الطعامُ، وهو بالشين
المعجمة أَيضاً. ويقال: الرَّوْسَمُ شيء تجلى به الدنانير؛ قال كثيِّر:
من النَّفَرِ البِيضِ الذين وُجُوهُهُمْ
دَنانيرُ شِيفَتْ، من هِرَقْلٍ، برَوْسَمِ
ابن سيده: الرَّوْسَمْ الطابَعُ، والشين لغة، قال: وخص بعضهم به
الطابَعَ الذي يُطْبَعُ به رأَس الخابية، وقد جاء في الشعر: قُرْحة برَوْسَمِ أي
بوجه الفرس. وإن عليه لرَوْسَماً أي علامة حسنٍ أو قُبح؛ قاله خالد بن
جبلة، والجمع الرَّواسِمُ والرَّواسِيمُ؛ قال أبو تراب: سمعت عَرَّاماً
يقول هو الرَّسْمُ والرَّشْمُ للأَثر. ورَسَمَ على كذا ورَشَمَ إذا كتب.
وقال أبو عمرو: يقال للذي يطبع به رَوْسَمٌ ورَوْشَمٌ وراسُوم وراشُوم مثل
رَوْسَمِ الأَكْداسِ ورَوْسَم الأَمير؛ قال ذو الرمة:
ودِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها،
كأنها بالهِدَمْلاتِ الرَّواسِيمُ
والرَّواسيم: كُتب كانت في الجاهلية، والهِدَمْلاتُ: رِمال معروفة
بناحية الدَّهناء؛ وناقة رَسُومٌ.
وثوب مُرَسَّمٌ، بالتشديد: مخطَّط؛ وفي حديث زَمْزَمَ: فرُسِّمَتْ
بالقَباطِيّ والمَطارِف حتى نزحوها أي حشوها حشواً بالغاً، كأَنه مأْخوذ من
الثياب المُرَسَّمَةِ، وهي المخططة خطوطاً خَفِيَّة.
ورَسَمَ في الأرض: غاب. والرَّاسِمُ: الماء الجاري. وناقة رَسُومٌ: تؤثر
في الأرض من شدة الوطء. ورَسَمَتِ الناقة تَرْسِمُ رَسِيماً: أَثَّرَتْ
في الأرض من شدة وطئها، وأَرْسَمْتها أنا؛ فأما قول الهذلي:
والمُرْسِمون إلى عبد العَزيز بها
مَعاً وشَتَّى، ومن شَفْعٍ وفُرَّادِ
إنما أراد المُرْسموها فزاد الباء وفصل بها بين الفعل ومفعوله.
والرَّسْمُ: الركِيّةُ تدفنها الأرض، والجمع رِسامٌ.
وارْتَسَم الرجل: كَبَّرَ ودعا. والارْتِسامُ: التكبير والتَّعَوُّذ؛
قال القطامي:
في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحبُهُ،
إذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارْتَسَما
وقال الأعشى:
وقابَلَها الريحُ في دَنِّها،
وصَلَّى على دَنِّها وارْتَسَمْ
قال أبو حنيفة: ارْتَسَمَ ختم إناءَها الرَّوْسَمِ، قال: وليس بقوي.
والرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الداهية. والرَّسِيمُ من سير الإبل: فوق
الذَّميل، وقد رَسَمَ يَرْسِمُ، بالكسر، رَسِيماً، ولا يقال أَرْسَمَ؛ وقول
حُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:
أَجَدَّتْ برِجْلَيْها النَّجاءَ وكَلَّفَتْ
بعيرَيْ غلامَيَّ الرَّسِيمَ، فأَرْسَما
وفي رواية
(* قوله «وفي رواية كلفت إلخ» كذا هو بالأصل ولعله غلامي
بعيري).
. . . . كَلَّفَتْ
غلامي الرَّسِيم فأَرسما
قال أبو حاتم: إنما أراد أَرسم الغلامان بعيريهما ولم يرد أَرْسَمَ
البعيرُ.
والرَّسُومُ: الذي يبقى على السير يوماً وليلة. وفي الحديث: لما بلغ
كُراع الغَمِيم إذا الناسُ يَرْسِمُونَ نحوه أي يذهبون إليه سراعاً،
والرَّسِيمُ: ضرب من السير سريع مؤثر في الأرض. والرَّسَمُ: حُسْن المشي.
ورَسَمْتُ له كذا فارْتَسَمَه إذا امتَثله. وراسِمٌ: اسم.
دوج: الدُّوَّاجُ: ضربٌ من الثياب؛ قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً
صحيحاً، ولم يفسره.
وقالوا الحاجةُ والدَّاجَةُ، حكاه الزجاجي قال: فقيل: الداجةُ الحاجة
نفسها، وكرر لاختلاف اللفظين؛ وقيل: الدَّاجَةُ أَخف شأْناً من الحاجة؛
وقيل: الداجة إِتباع للحاجة؛ قال ابن سيده: وإِنما حكمنا أَن أَلفها واو
لأَنه لا أَصل لها في اللغة يعرف به أَلفه فحمْله على الواو أَولى، لأَن ذلك
أَكثر على ما وصَّانا به سيبويه. وجاءَ رجل إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، فقال: ما تَرَكْتُ مِنْ حاجَةٍ ولا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ؛ أَراد
أَنه لم يدع شيئاً دعته إِليه نفسه من الشهوات إِلا أَتاها. ويقال: داجة
إِتباع لحاجة كما يقال: حَسَنٌ بَسَنٌ. ويقال: الدَّاجَة ما صَغُرَ من
الحوائج، والحاجة: ما عَظُمَ منها، ويروى بتشديد الجيم وقد تقدم.
ابن الأَعرابي: داجَ الرجلُ يَدُوج دَوْجاً إِذا خَدَمَ.
حكم: الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له
الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات
الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله
أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في
أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي،
فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو
فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة
عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق
الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل
قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من
العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛
قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه؛ قال الله
تعالى: وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن
زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله:
الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ
وفي الحديث: إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع
من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي
ينتفع الناس بها. والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر
حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى: إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه
الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ
لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ
وزيد بن ثابت وغيرهم. قال الليث: بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ
حكِيماً
(* قوله «أن يسمى الرجل حكيماً» كذا بالأصل، والذي في عبارة الليث التي
في التهذيب: حكماً بالتحريك)، قال الأزهري: وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً
وحَكَماً، قال: وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأثير:
وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال
له النبي، صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي
شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى
القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،
قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟
وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم
وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى
مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. وفي حديث ابن عباس:
قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد
المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل: هو ما لم يكن متشابهاً
لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول: حَكَمْتُ
وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين
الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. وروى المنذري عن أَبي طالب
أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل
عن الظلم، قال: ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ ومنه
قول لبيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ
والجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي
فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ
مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ. قال ابن سيده: الحُكْمُ
القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر
يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك. والحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ
بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه. الأزهري: الحُكْمُ القضاء
بالعدل؛ قال النابغة:
واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ
إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ
(* قوله «حمام سراع» كذا هو في التهذيب بالسين المهملة وكذلك في نسخة
قديمة من الصحاح، وقال شارح الديوان: ويروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أي
مجتمعة).
وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت:
كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ
نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال: ويَدُلُّكَ
على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:
إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما
يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء
في شيء. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ.
وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ: دعاه. وفي الحديث: وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ
الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من
نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ.
وحَكَّمُوهُ بينهم: أمروه أن يَحكمَ. ويقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما
بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه
حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم
الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال:
ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الـ
ـدَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى
حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ
المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال: هو كلام
مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال: حَكَّمْتُه في مالي إذا
جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. واحْتَكَمَ فلانٌ في مال
فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: المخاصمة إلى الحاكِمِ.
واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى. وقولهم في المثل: في بيته
يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ وأَنشد ابن بري:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،
وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: القضاة. والحَكَمَةُ: المستهزئون. ويقال: حَكَّمْتُ فلاناً
أي أطلقت يده فيما شاء. وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ
الله. والمُحَكَّمُ: الشاري. والمُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال
الجوهري: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر
الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لا حُكْم إلا لله. قال ابن سيده: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ
قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ
لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:
فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
(* قوله «وما أزين» كذا في الأصل، والذي في المحكم: مما أزين).
وقيل: إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ. والحَكَمان:
أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص. وفي الحديث: إن الجنة
للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو
فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من
أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر،
فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال: وأما الكسر فهو المُنْصِفُ
من نفسه؛ قال ابن الأَثير: والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب:
إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو
شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه. ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن
الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف
(* قوله «والمحكم بفتح
الكاف إلخ» كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أنه بكسر
الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب
فانه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم
بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط)، الذي في شعر
طَرَفَةَ إذ يقول:
ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما
تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا
(* قوله «ليت المحكم إلخ» في التكملة ما نصه: يقول ليت أني والذي يأمرني
بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأنه
أراد عاذليّ كفّا صوتكما).
هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: العدل. ورجل
حَكِيمٌ: عدل حكيم. وأَحْكَمَ الأَمر: أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على
المَثَل، وهو من ذلك. ويقال للرجل إذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه
التجارِبُ. والحكيم: المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال:
المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً.
الأزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه
مدحاً لازماً؛ وقال مرقش:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا
تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ
أي بلغ النهاية في معناه.
أبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛
قال ذو الرمة:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ
من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا
وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأمرُ
واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وقوله تعالى: كتاب أُحْكِمَتْ آياته
فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياته بالأمر
والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال: والمعنى، والله
أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على
توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول
الله عز وجل: ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى:
الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله
عز وجل: الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري: وهذا إن شاء الله كما
قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأَن
حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم. وحَكَمَ
الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد. قال الأزهري: وروينا عن إبراهيم
النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد
وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد
حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال: ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى
لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير
أنه قال في قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه
حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون
حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري: وقول أبي سعيد الضرير ليس
بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع،
وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،
إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن
الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه
فنَقَص، قال: وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: وهو
الثقة المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: منعه مما يريد.
وفي حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى
تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي
مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع
الظالم، وقيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا
قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على
يده؛ ومنه قول جرير:
أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح: بالحَنَك،
وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك،
وجمعه حَكَمٌ. وفي الحديث: وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه. وفي الحديث:
ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ
إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛
والحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة
راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس
جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. وحَكَمَ الفرسَ
حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب
تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:
القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،
قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف
الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا
على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى
قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين. الأزهري: وفرس مَحْكومةٌ في
رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا
وقد رواه غيره: قد أُحْكِمَتْ، قال: وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس
وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم
الفرس. وحَكََمَةُ الإنسان: مقدم وجهه. ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه.
وفي حديث عمر: إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره
ومنزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل:
الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها
كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضائنة:
ذَقَنُها.
الأزهري: وفي الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في
أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أن يُجْرَحَ الإنسانُ في
موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم
أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ
بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه
تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ
دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي
يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه.
وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان.
وحَكَمٌ: أبو حَيٍّ من اليمن. وفي الحديث: شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى
حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.
حرس: حَرَسَ الشيء يَحْرُسُه ويَحْرِسُه حَرْساً: حفظه؛ وهم الحُرَّاسُ
والحَرَسُ والأَحْراسُ. واحْتَرس منه: تَحَرَّزَ. وتَحَرَّسْتُ من فلان
واحْتَرَسْتُ منه بمعنى أَي تحفظت منه. وفي المثل: مُحْتَرِسٌ من مثله وهو
حارِسٌ؛ يقال ذلك للرجل الذي يُؤْتَمَنُ على حفظ شيء لا يؤمن أَن يخون
فيه. قال الأَزهري: الفعل اللازم يَحْتَرِسُ كأَنه يحترز، قال: ويقال
حارسٌ وحَرَسٌ للجميع كما يقال خادِمٌ وخَدَمٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ. والحَرَسُ:
حَرَسُ السلطان، وهم الحُرَّاسُ، الواحد حَرَسِيٌّ، لأَنه قد صار اسم جنس
فنسب إِليه، ولا تقل حارِسٌ إِلا أَن تذهب به إِلى معنى الحِراسَة دون
الجنس. وفي حديث معاوية، رضي اللَّه عنه: أَنه تناول قُصَّة شعر كانت في يد
حَرَسِيٍّ؛ الحرسي، بفتح الراءِ: واحد الحُرَّاس. والحَرَس وهم خَدَمُ
السلطان المرتبون لحفظه وحِراسَتِه.
والبناء الأَحْرَسُ: هو القديم العادِيُّ الذي أَتى عليه الحَرْس، وهو
الدهر. قال ابن سيده: وبناء أَحْرَسُ أَصم.
وحَرَسَ الإِبل والغنم يَحْرُِسها واحْتَرَسَها: سرقها ليلاً فأَكلها،
وهي الحَرائِس. وفي الحديث: أَن غِلْمَةً لحاطب بن أَبي بَلْتَعَةَ
احْتَرَسُوا ناقة لرجل فانتحروها. وقال شمر: الاحْتِراسُ أَن يؤْخذ الشيء من
المرعى، ويقال للذي يسرق الغنم: مُحْتَرِس، ويقال للشاة التي تُسْرَق:
حَرِيسَة. الجوهري: الحَريسَة الشاة تسرق ليلاً. والحَريسة: السرقة.
والحَريسَة أَيضاً: ما احْتُرِس منها. وفي الحديث: حَريسَة الجبل ليس فيها قَطْع؛
أَي ليس فيما يُحْرَس بالجبل إِذا سُرِق قطع لأَنه ليس بحرز.
والحَريسَة، فعيلة بمعنى مفعولة أَي أَن لها من يَحْرُسها ويحفظها، ومنهم من يجعل
الحَريسَة السرقة نفسها. يقال: حَرَس يَحْرِس حَرْساً إِذا سرق، فهو حارس
ومُحْتَرِس، أَي ليس فيما يُسْرَق من الجبل قطع. وفي الحديث الآخر: أَنه
سئل عن حريسة الجبل فقال: فيها غُرْم مثلها وجَلَداتٌ نكالاً فإِذا آواها
المُراح ففيها القطع. ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أَن تصل إِلى
مُراحِها: حَرِيسة. وفي حديث أَبي هريرة: ثمن الحَريسَة حرام لعينها أَي
أَكل المسروقة وبيعها وأَخذ ثمنها حرام كله. وفلان يأْكل الحِراساتِ إِذا
تَسَرَّق غَنَمَ الناس فأَكلها. والاحتراس أَن يُسْرَق الشيء من المرعى.
والحَرْسُ: وقت من الجهر دون الحُقْب.
والحَرْسُ: الدهر؛ قال الراجز:
في نِعْمَةٍ عِشْنا بذاك حَرْسا
والجمع أَحْرُس؛ قال:
وقَفْتُ بعَرَّافٍ على غيرِ مَوْقِف،
على رَسْمِ دارٍ قد عَفَتْ مُنذُ أَحْرُسِ
وقال امرؤ القيس:
لِمَنْ طَلَلٌ دائِرٌ آيُهُ،
تَقادَمَ في سالِف الأَحْرُسِ؟
والمُسْنَدُ: الدهر. وأَحْرَسَ بالمكان: أَقام به حَرْساً؛ قال رؤبة:
وإِرَمٌ أَحْرَسُ فوقَ عَنْزِ
العَنْز: الأَكَمَة الصغيرة. والإِرَمُ: شبه عَلَمٍ يُبْنى فوق القارَة
يستدل به على الطريق. قال الأَزهري: والعَنْزُ قارة سوداء، ويروى:
وإِرَمٌ أَعْيَسُ فوق عنز
والمِحْراسُ: سهم عظيم القدر. والحَرُوسُ: موضع. والحَرْسانِ:
الجَبَلانِ يقال لأَحدهما حَرْسُ قَسا؛ وقال:
هُمُ ضَرَبُوا عن قَرْحِها بِكَتِيبَةٍ،
كبَيْضاءِ حَرْسٍ في طَرائِفِها الرَّجْلُ
(* قوله «عن قرحها» الذي في ياقوت: عن وجهها.)
البيضاء: هَضْبَةٌ في الجَبَلِ.
شيخ: الشيْخُ: الذي استبانتْ فيه السن وظهر عليه الشيبُ؛ وقيل: هو
شَيْخٌ من خمسين إِلى آخره؛ وقيل: هو من إِحدى وخمسين إِلى آخر عمره؛ وقيل:
هو من الخمسين إِلى الثمانين، والجمع أَشياخ وشِيخانٌ وشُيوخٌ وشِيَخَة
وشِيخةٌ ومَشْيَخٍة ومَِشِيخة ومَشْيُوخاء ومَشايِخُ، وأَنكره ابن دريد.
وفي الحديث ذكر شِيخانِ قريش، جمع شَيْخ كضَيْف وضِيفانٍ، والأُنثى
شَيْخَة؛ قال عَبِيدُ بنُ الأَبرَص:
كأَنها لِقْوَةٌ طَلُوبُ،
تَيْبَسُ في وَكْرِها القُلُوبُ
باتتْ على أُرَّمٍ عَذُوباً،
كأَنها شَيْخةٌ رَقُوبُ
قال ابن بري: والضمير في باتت يعود على اللِّقْوَة وهي العُقاب، شبه بها
فرسه إِذا انقضت للصيد. وعَذُوبٌ: لم تأْكل شيئاً. والرَّقُوبُ: التي
تَرْقُبُ وَلَدَها خوفاً أَن يموت.
وقد شاخَ يَشِيخُ شَيَخاً، بالتحريك، وشُيُوخة وشُِيِوُخِيَّةً؛ عن
اللحياني، وشَيْخُوخة وشَيْخوخِيَّة، فهو شَيْخ.
وشَيَّخَ تَشْيِيخاً أَي شاخَ، وأَصل الياءِ في شيخوخة متحرّكة فسكنت
لأَنه ليس في الكلام فَعْلُولٌ، وما جاءَ على هذا من الواو مثل كَيْنُونة
وقَيْدودة وهَيْعُوعة فأَصله كَيَّنُونة، بالتشديد، فخفف ولولا ذلك لقالوا
كَوْنُونة وقَوْدُودة ولا يجب ذلك في ذوات الياءِ مثل الحَيْدُودة
والطَّيْرورة والشَّيْخوخة. وشَيَّخْته: دَعَوْتُه شَيْخاً للتبجيل؛ وتصغير
الشَّيخ شُيَيْخٌ وشُيَيْخٌ أَيضاً، بكسر الشين، ولا تقل شُوَيْخ. أَبو
زيد: شَيَّخْتُ الرجل تَشْييخاً وسَمَّعت به تَسْميعاً ونَدَّدت به
تَنْديداً إِذا فضحته. وشَيَّخَ عليه: شنَّع؛ أَبو العباس: شَيْخٌ بَيّن
التَّشَيُّخ والتشييخ والشَّيْخُوخة.
وأَشياخُ النجوم: هي الدراريُّ؛ قال ابن الأَعرابي: أَشياخُ النجوم هي
التي لا تنزل في منازل القمر المسماة بنجوم الأَخْذِ؛ قال ابن سيده: أُرى
أَنه عنى بالنجوم الكواكب الثابتة؛ وقال ثعلب: إِنما هي أَسْناخُ النجوم
وهي أُصولها التي عليها مدار الكواكب وسِرُّها؛ وقوله أَنشده ثعلب عن ابن
الأَعرابي:
يَحْسَبُه الجاهلُ، ما لم يَعْلَما،
شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمَّما
لو أَنه أَبانَ أَو تَكَلَّما،
لكان إِيَّاه، ولكن أَعْجَما
وفسره فقال يصف وَطْبَ لبن شبهه برجل مُلَفَّفٍ بكسائه وقال: ما لم
يعلم، فلما أَطلق الميم رَدَّها إِلى اللام، وأَما سيبويه فقال: هو على
الضرورة وإِنما أَراد يعلمنْ؛ قال: ونظيره في الضرورة قول جَذيمَة
الأَبْرَص:ربما أَوفَيْتُ في عَلَمٍ
تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمالاتُ
وقول الشاعر:
مَتى مَتى تُطَّلَعُ المَثابا؟
لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابا
قال: عني بالشيخ الوَعِلَ.
والشِّيخَةُ: نَبْتَةٌ لبياضها، كما قالوا في ضرب من الحَمْضِ الهَرْمُ.
والشاخةُ: المعتدِلُ؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَن أَلف شاخة ياء
لعدم «ش و خ» وإِلا فقد كان حقها الواو لكونها عيناً. قال أَبو زيد: ومن
الأَشجار الشَّيْخُ وهي شجرة يقال لها شجرة الشُّيُوخِ، وثمرتها جِرْوٌ
كجِرْوِ الخِرِّيعِ، قال: وهي شجرة العُصْفُر مَنْبِتُها الرِّياضُ
والقُرْيانُ.
وفي حديث أُحُدٍ ذكر شَيْخانِ
(* قوله «ذكر شيخان» قال ابن الأثير: بفتح
الشين وكسر النون. وقال ياقوت شيخان بلفظ تثنية شيخ، ثم قال: وشيخة رملة
بيضاء في بلاد أسد وحنظلة على الصحيح).بفتح الشين: هو موضع بالمدينة
عَسْكَرَ به سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة خَرَجَ إِلى أُحُدٍ
وبه عَرَضَ الناسَ، والله أَعلم.
مصر: مَصَرَ الشاةَ والناقَةَ يَمْصُرُها مَصْراً وتَمَصَّرها: حَلَبها
بأَطراف الثلاث، وقيل: هو أَن تأْخذ الضَّرْعَ بكفك وتُصَيِّرَ إِبهامَك
فوق أَصابِعِك، وقيل: هو الحَلْبُ بالإِبهامِ والسَّبابةِ فقط. الليث:
المَصْرُ حَلْب بأَطراف الأَصابع والسبابة والوسطى والإِبهام ونحو ذلك. وفي
حديث عبد الملك قال لحالب ناقَتِه: كيف تَحْلُبها مَصْراً أَم فَطْراً؟
وناقة مَصُور إِذا كان لَبَنُها بطيء الخروج لا يُحْلَبُ إِلا مَصْراً.
والتَّمَصُّرُ: حَلْبُ بقايا اللَّبَن في الضَّرْع بعد الدرِّ، وصار
مستعملاً في تَتَبُّعِ القِلَّة، يقولون: يَمْتَصِرونها. الجوهري قال ابن
السكيت: المَصْرُ حَلْبُ كل ما في الضَّرْعِ. وفي حديث عليّ، عليه السلام:
ولا يُمْصَرُ لبنُها فَيَضُرَّ ذلك بولدها؛ يريد لا يُكْثَرُ من أَخذ
لبنها. وفي حديث الحسن، عليه السلام: ما لم تَمْصُرْ أَي تَحْلُب، أَراد أَن
تسرق اللبن.
وناقة ماصِرٌ ومَصُورٌ: بطيئة اللبن، وكذلك الشاة والبقرة، وخص بعضهم به
المِعْزى، وجمعها مِصارٌ مثل قِلاصٍ، ومَصائِرُ مثل قَلائِصَ.
والمَصْرُ: قِلة اللبن. الأَصمعي: ناقة مَصُورٌ وهي التي يُتَمَصَّرُ لبنها أَي
يُحْلَب قليلاً قليلاً لأَن لبنها بَطِيءُ الخروج. الجوهري: أَبو زيد
المَصُورُ من المَعزِ خاصَّة دون الضأْن وهي التي قد غَرَزَتْ إِلا قليلاً،
قال: ومثلها من الضأْن الجَدُودُ. ويقال: مَصَّرَتِ العَنْزُ تَمْصِيراً
أَي صارت مَصُوراً. ويقال: نعجة ماصِرٌ ولَجْبَةٌ وجَدُودٌ وغَرُوزٌ أَي
قليلة اللبن. وفي حديث زياد: إِنّ الرجلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة لا يقطع
بها ذَنَبَ عَنْزٍ مَصُورٍ لو بلغت إِمامَه سَفَكَ دَمَه. حكى ابن الأَثير:
المصور من المعز خاصة وهي التي انقطع لبنها.
والتَّمَصُّر: القليل من كل شيء؛ قال ابن سيده: هذا تعبير أَهل اللغة
والصحيح التَّمَصُّر القِلَّةُ. ومَصَّر عليه العَطاءَ تَمْصِيراً: قَلَّله
وفَرَّقَه قليلاً قليلاً. ومَصَّرَ الرجلُ عَطِيَّتَه: قَطَّعَها قليلاً
قليلاً، مشتق من ذلك.
ومُصِرَ الفَرسُ: اسْتُخْرِجَ جَرْيهُ. والمُصارَةُ: الموضع الذي
تُمْصَرُ فيه الخيل، قال: حكاه صاحب العين. والتمصر: التتبع، وجاءت الإِبل إِلى
الحوض مُتَمَصِّرة ومُمْصِرَة أَي متفرقة. وغرة مُتَمَصِّرة: ضاقت من
موضع واتسعت من آخر.
والمَصْرُ: تَقَطُّعُ الغزْلِ وتَمَسُّخُه. وقَدِ امَّصَرَ الغزْلُ إِذا
تَمَسَّخَ. والمُمَصَّرَةُ: كُبَّةُ الغزْلِ، وهي المُسَفَّرَةُ.
والمِصْرُ: الحاجِزُ والحَدُّ بين الشيئين؛ قال أُمية يذكر حِكْمة الخالق تبارك
وتعالى:
وجَعَلَ الشمسَ مِصْراً لا خَفاءَ به،
بين النهارِ وبين الليلِ قد فَصَلا
قال ابن بري: البيت لعدي بن زيد العبادي وهذا البيت أَورده الجوهري:
وجاعل الشمس مصراً، والذي في شعره وجعل الشمس كما أَوردناه عن ابن سيده
وغيره؛ وقبله:
والأَرضَ سَوّى بِساطاً ثم قَدّرَها،
تحتَ السماءِ، سَواءً مثل ما ثَقَلا
قال: ومعنى ثَقَلَ تَرَفَّعَ أَي جعل الشمس حَدًّا وعَلامةً بين الليلِ
والنهارِ؛ قال ابن سيده: وقيل هو الحدُّ بين الأَرضين، والجمع مُصُور.
ويقال: اشترى الدارَ بِمُصُورِها أَي بحدودها. وأَهلُ مِصْرَ يكتبون في
شروطهم: اشترى فلان الدارَ بِمُصُورِها أَي بحدودها، وكذلك يَكْتُبُ أَهلُ
هَجَرَ. والمِصْرُ: الحدّ في كل شيء، وقيل: المصر الحَدُّ في الأَرض
خاصة.الجوهري: مِصْر هي المدينة المعروفة، تذكر وتؤنث؛ عن ابن السراج.
والمِصْر: واحد الأَمْصار. والمِصْر: الكُورَةُ، والجمع أَمصار. ومَصَّروا
الموضع: جعلوه مِصْراً. وتَمَصَّرَ المكانُ: صار مِصْراً. ومِصْرُ: مدينة
بعينها، سميت بذلك لتَمَصُّرِها، وقد زعموا أَن الذي بناها إِنما هو
المِصْرُ بن نوح، عليه السلام؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذاك، وهي تُصْرفُ
ولا تُصْرَفُ. قال سيبويه في قوله تعالى: اهْبِطُوا مِصْراً؛ قال: بلغنا
أَنه يريد مِصْرَ بعينها. التهذيب في قوله: اهبطوا مصراً، قال أَبو إِسحق:
الأَكثر في القراءَة إِثبات الأَلف، قال: وفيه وجهان جائزان، يراد بها
مصرٌ من الأَمصار لأَنهم كانوا في تيه، قال: وجائز أَن يكون أَراد مِصْرَ
بعينها فجعَلَ مِصْراً اسماً للبلد فَصَرفَ لأَنه مذكر، ومن قرأَ مصر بغير
أَلف أَراد مصر بعينها كما قال: ادخلوا مصر إِن شاء الله، ولم يصرف لأَنه
اسم المدينة، فهو مذكر سمي به مؤنث. وقال الليث: المِصْر في كلام العرب
كل كُورة تقام فيها الحُدود ويقسم فيها الفيءُ والصدَقاتُ من غير مؤامرة
للخليفة. وكان عمر، رضي الله عنه، مَصَّر الأَمصارَ منها البصرة والكوفة.
الجوهري: فلان مَصَّرَ الأَمْصارَ كما يقال مَدّن المُدُنَ، وحُمُرٌ
مَصارٍ. ومَصارِيُّ: جمع مَصْرِيٍّ؛ عن كراع؛ وقوله:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ،
من صِيرِ مِصْرِينَ أَو البُحَيْرِ
أَراه إِنما عنى مصر هذه المشهورة فاضطر إِليها فجمعها على حدّ سنين؛
قال ابن سيده: وإِنما قلت إِنه أَراد مصر لأَن هذا الصِّيرَ قلما يوجد إِلا
بها وليس من مآكل العرب؛ قال: وقد يجوز أَن يكون هذا الشاعر غَلِطَ بمصر
فقال مِصْرينَ، وذلك لأَنه كان بعيداً من الأَرياف كمصر وغيرها، وغلطُ
العربِ الأَقْحاح الجُفاةِ في مثل هذا كثير، وقد رواه بعضهم من صِيرِ
مِصْرَيْن كأَنه أَراد المِصْرَيْنِ فحذف اللام. والمِصْران: الكوفةُ
والبصْرةُ؛ قال ابن الأَعرابي: قيل لهما المصران لأَن عمر، رضي الله عنه، قال: لا
تجعلوا البحر فيما بيني وبينكم، مَصِّروها أَي صيروها مِصْراً بين البحر
وبيني أَي حدّاً. والمصر: الحاجز بين الشيئين. وفي حديث مواقيت الحج:
لمَّا قُتِحَ هذان المِصْرانِ؛ المِصْر: البَلَد، ويريد بهما الكوفةَ
والبَصْرَةَ. والمِصْرُ: الطِّينُ الأَحْمَرُ. وثوب مُمَصَّرٌ: مصبوغ بالطين
الأَحمر أَو بحُمْرة خفيفة. وفي التهذيب: ثَوْب مُمَصَّرٌ مصبوغ
بالعِشْرِقِ، وهو نبات أَحْمَرُ طيِّبُ الرائِحَةِ تستعمله العرائس؛
وأَنشد:مُخْتلِطاً عِشْرِقُه وكُرْكُمُهْ
أَبو عبيد: الثياب المُمَصَّرَةُ التي فيها شيء من صفرة ليست بالكثيرة.
وقال شمر: المُمَصَّرُ من الثياب ما كان مصبوغاً فغسل. وقال أَبو سعيد:
التَّمْصِيرُ في الصَّبْغِ أَن يخرج المَصْبُوغُ مُبَقَّعاً لم
يُسْتَحْكْم صَبْغُه. والتمصير في الثياب: أَن تَتَمَشَّقَ تَخَرُّقاً من غيرِ بلى.
وفي حديث عيسى، عليه السلام: ينزل بين مُمَصَّرَتَيْن؛ المُمَصَّرَةُ من
الثياب: التي فيها صُفْرة خفيفة؛ ومنه الحديث: أَتى عليٌّ طَلْحَةَ، رضي
الله عنهما، وعليه ثَوْبانِ مُمَصَّرانِ.
والمَصِيرُ: المِعى، وهو فَعِيلٌ، وخص بعضُهم به الطيرَ وذواتِ الخُفِّ
والظِّلْف، والجمع أَمْصِرَة ومُصْرانٌ مثل رَغِيفٍ ورُغْفانٍ،
ومَصارِينُ جمع الجمع عند سيبويه. وقال الليث: المَصارِينُ خطأٌ؛ قال الأَزهري:
المصارين جمع المُصْران، جمعته العرب كذلك على توهُّم النونِ أَنها أَصلية.
وقال بعضهم: مَصِير إِنما هو مَفْعِلٌ من صار إِليه الطعام، وإِنما
قالوا مُصران كما قالوا في جمع مَسِيل الماء مُسْلان، شبهوا مَفْعِلاً
بفَعِيل، وكذلك قالوا قَعود وقِعْدانٌ، ثم قَعادِينُ جمع الجمع، وكذلك توهموا
الميم في المصير أَنها أَصلية فجمعوها على مُصْران كما قالوا لجماعة
مَصادِ الجَبَل مُصْدانٌ.
والمِصْرُ: الوعاء؛ عن كراع. ومِصْرٌ: أَحدُ أَولاد نوح، عليه السلام؛
قال ابن سيده: ولست منه على ثقة. التهذيب: والماصِرُ في كلامهم الحَبْل
يلقى في الماءِ لِيَمْنَعَ السفُنَ عن السير حتى يُؤدِّيَ صاحبُها ما عليه
من حق السلطان، هذا في دجلة والفرات. ومُصْرانُ الفارةِ: ضرب من رديءِ
التمر.
بختج: في حديث النخعي: أُهْدِيَ إِليه بُخْتُجٌ، فكان بشربه مع
العَكَرِ. البُخْتُجُ: العصير المطبوخ، وأَصله بالفارسية مِيبُخْتَه أَي عصير
مطبوخ، وإِنما شربه مع العَكَرِ خيفةَ أَن يصفيه فيَشْتَدَّ ويُسْكِرَ.
ضمم: الضَّمُّ: ضَمُّكَ الشيءَ إلى الشيء، وقيل: قَبْضُ الشيء إلى
الشيء، وضَمَّه إليه يَضُمُّه ضَمّاً فانضمَّ وتَضامَّ. تقول: ضَمَمْتُ هذا
إلى هذا، فأَنا ضامُّ وهو مَضْموم. الجوهري: ضمَمْتُ الشيءَ إلى الشيء
فانْضَمَّ إليه وضامَّهُ. وفي حديث عمر: يا هُنَيُّ ضُمَّ جَناحَك عن الناس
أَي أَلِنْ جانِبَك لهم وارْفُقْ بهم. وفي حديث زُبَيْبٍ العَنْبَرِيّ:
أَعْدِني على رجُلٍ من جُنْدِك ضَمَّ مني ما حَرَّمَ اللهُ ورسولهُ أي
أَخذَ من مالي وضَمَّه إلى مالِه. وضامَّ الشيءُ الشيءَ: انْضَمَّ معه.
وتَضامَّ القومُ إذا انضَمَّ بعضُهم إلى بعض. وفي حديث الرؤية: لا تَضامُّون
في رؤيته، يعني رؤية الله عز وجل، أَي يَنْضَمُّ بعضُكم إلى بعضٍ، فيقول
واحدٌ لآخر أَرِنِيه كما تَفعلون عند النظر إلى الهلال، ويروى: لا
تُضامُّونَ، على صيغة ما لم يسم فاعله. قال ابن سيده: ولم أرَ ضامّ متعدياً
إلاّ فيه، ويروى: تُضامُونَ، من الضَّيْم، وهو مذكور في موضعه؛ قال ابن
الأَثير: يروى هذا الحديث بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه لا يَنْضَمُّ
بعضكم إلى بعض وتَزْدحمون وقتَ النظر إليه، قال: ويجوز ضم التاء وفتحها على
تُفاعَلون وتَفاعَلون، ومعنى التخفيف لا يَنالكم ضَيمٌ في رؤْيته فيراه
بعضُكم دون بعض. والضَّيْمُ: الظُّلْم؛ فأما قول أبي ذؤيب:
فألْفَى القومَ قد شَرِبُوا، فَضَمُّوا،
أمامَ القَوْمِ مَنْطِقُهُمْ نَسِيفُ
أَراد أنهم اجتمعوا وضَمُّوا إليهم دوابهَّم ورِحالَهُم، فحذف المفعول
وحَذْفُه كثير.
واضْطَمَمْتُ الشيءَ: ضَمَمْتُه إلى نفسي، واضْطَمَّ فلانٌ شيئاً إلى
نفسه، وقال الأَزهري في آخر الضاد والطاء والميم: وأما الاضْطِمام فهو
افْتِعالٌ من الضّمِّ. وفي الحديث: كان نبي الله، صلى الله عليه وسلم، إذا
اضْطَمَّ عليه الناس أَعْنَقَ أي ازْدحموا، وهو افْتَعَلَ من الضم، فقلبت
التاء طاء ولأجل لفظة الضاد. وفي حديث أبي هريرة: فدنا الناس واضْطَمَّ
بعضهم إلى بعض. واضْطَمَّتْ عليه الضُّلُوعُ أي اشْتَملت.
والضُّمامُ: كلُّ ما ضُمَّ به شيءٌ إلى شيء وأَصْبَحَ مُنْضَمّاً أَي
ضامِراً كأَنه ضُمَّ بعضُه إلى بعض.
وضامَمْتُ الرجلَ: أقمت معه في أَمر واحد مُنْضَمّاً إليه.
والإضْمامَةُ: جماعةٌ من الناس ليس أَصلهم واحداً ولكنهم لَفيفٌ، والجمع
الأَضامِيمُ؛ وأَنشد:
حَيٌّ أَضامِيمُ وأَكْوارُ نَعَمْ
ويقال للفرس: سَبَّاقُ الأَضامِيمِ أَي الجماعات؛ قال ابن بري: ومنه قول
ذي الرمة:
والحُقْبُ تَرْفَضُّ مِنْهنَّ الأَضامِيمُ
وفي كتابه لوائل بن حُجْرٍ: ومن زنى من ثَيِّبٍ فضَرِّجُوه بالأَضاميم؛
يريد الرَّجْمَ، والأَضامِيمُ: الحجارةُ، واحدتها إضْمامةٌ. قال: وقد
يُشَبَّه بها الجماعاتُ المختلفةُ من الناس. وفي حديث يحيى بن خالد: لنا
أَضاميمُ من ههنا وههنا أَي جماعاتٌ ليس أَصلهم واحداً كأَنَّ بعضَهم ضُمَّ
إلى بعض. والإضْمامة من الكُتب: ما ضمَّ بعضُه إلى بعض. الجوهري:
الإضْمامَةُ من الكُتُب الإضْبارة، والجمع الأَضامِيمُ. يقال: جاء فلان
بإضمامَةٍ من كُتُبٍ. وفي حديث أَبي اليَسَرِ: ضِمامةٌ من صُحُفٍ أَي حُزْمَةٌ،
وهي لغة في الإضمامة.
والضِّمُّ والضِّمامُ: الداهية الشديدة. قال أَبو منصور: العرب تقول
للداهية صَمِّي صَمامِ، بالصاد، قال: وأَحسب الليثَ رآه في بعض الصُّحُفِ
فصحَّفه وغيَّر بناءه، والضَّمْضَمُ مثله. وقال أَبو حنيفة: إذا سَلَكَ
الوادي بين أكمتين طويلتين سمي ذلك الموضعُ الموضِعَ المَضْمومَ.
والضُّماضِمُ: من أَسماء الأَسد. وأَسَدٌ ضُماضِمٌ: يضُمُّ كلَّ شيء،
وضَمْضَمَتُه: صَوْتُه، وضَمْضَمٌ: من أَسمائه. وضَمْضَمٌ: اسم رجل. ورجل
ضُمَضِمٌ وضُماضِمٌ: جريءٌ ماضٍ. وضَمْضَمَ الرجلُ إذا شَجَّعَ قَلْبَه.
والضُّماضِمُ: الأَكُولُ النَّهِمُ المُسْتأْثِرُ، وقيل: الكثير الأَكل
الذي لا يشبع. وضَمَّ على المال وضَمْضَمَ: أَخَذَه كُلَّه. الأُمَوِيُّ:
يقال للرجل البخيل الضِّرزُّ، بتشديد الزاي، والضُّماضِمُ والعَضَمَّرُ
كُلُّه من صفة البخيل، قال: وهو الصُّوَتِنُ على فُعَلِنٍ أَيضاً. ابن
الأعرابي: الضَّمْضَمُ الجَسيمُ الشُّجاعُ، بالضاد، والصَّمْصَمُ البخيل
النهاية في البُخْل، بالصاد. وروي عن الحسن أنه قال: خَباثِ كلَّ عِيدانِكِ
قد مَضِضْنا فوَجَدْنا عاقبته مُرّاً؛ يخاطب الدنيا. والضُّمَضِمُ:
الغَضْبانُ، والله أَعلم.
نظم: النَّظْمُ: التأْليفُ، نَظَمَه يَنْظِمُه نَظْماً ونِظاماً
ونَظَّمه فانْتَظَم وتَنَظَّم. ونظَمْتُ اللؤْلؤَ أي جمعته في السِّلْك،
والتنظيمُ مثله، ومنه نَظَمْتُ الشِّعر ونَظَّمْته، ونَظَمَ الأَمرَ على المثَل.
وكلُّ شيء قَرَنْتَه بآخر أو ضَمَمْتَ بعضَه إلى بعض، فقد نَظَمَتْه.
والنَّظْمُ: المَنْظومُ، وصف بالمصدر. والنَّظْمُ: ما نظَمْته من لؤلؤٍ
وخرزٍ وغيرهما، واحدته نَظْمه. ونَظْم الحَنْظل: حبُّه في صِيصائه.
والنِّظامُ: ما نَظَمْتَ فيه الشيء من خيط وغيره، وكلُّ شعبةٍ منه
وأَصْلٍ نِظامٌ . ونِظامُ كل أَمر: مِلاكُه، والجمع أَنْظِمة وأَناظيمُ
ونُظُمٌ. الليث: النَّظْمُ نَظمُك الخرزَ بعضَه إلى بعض في نِظامٍ واحد، كذلك
هو في كل شيء حتى يقال: ليس لأمره نِظامٌ أي لا تستقيم طريقتُه.
والنِّظامُ: الخيطُ الذي يُنْظمُ به اللؤلؤُ، وكلُّ خيطٍ يُنْظَم به لؤلؤ أو غيرهُ
فهو نِظامٌ، وجمعه نُظُمٌ؛ وقال:
مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجري متى النُّظُم
وفعلُك النَّظْمُ والتَّنْظِيمُ. ونَظْمٌ من لؤلؤٍ، قال: وهو في الأصل
مصدر، والانْتِظام: الاتِّساق. وفي حديث أَشراط الساعة: وآيات تَتابعُ
كنِظامٍ بالٍ قُطِعَ سِلْكُه؛ النِّظام: العِقْدُ من الجوهر والخرز ونحوهما،
وسِلْكُه خَيْطُه. والنِّظامُ: الهَديَةُ والسِّيرة. وليس لأمرهم نِظامٌ
أي ليس له هَدْيٌ ولا مُتَعَلَّق ولا استقامة. وما زالَ على نِظامٍ واحد
أي عادةٍ.
وتَناظَمتِ الصُّخورُ: تلاصَقَت.
والنِّظامان من الضبِّ: كُشْيَتان مَنْظومتانِ من جانبي كُلْيَتَيْه
طويلتان. ونظاما الضبَّةِ وإنظاماها: كُشْيَتاها، وهما خيْطانِ مُنْتَظِمانِ
بَيْضاً، يَبْتَدَّان جانبيها من ذَنَبها إلى أُذُنها. ويقال: في بطنها
إنْظامان من بَيْضٍ، وكذلك إنظاما السمكة. وحكي عن أَبي زيد: أُنْظومتا
الضبِّ والسمكةِ، وقد نَظَمَت ونَظَّمَت وأَنْظَمَت، وهي ناظمٌ ومُنَظِّمٌ
ومُنْظِم، وذلك حين تمتلئ من أَصل ذنبها إلى أُذنِها بَيْضاً. ويقال:
نَظَّمَت الضبَّةُ بيضها تَنْظِيماً في بطنها، ونَظَمَها نظْماً، وكذلك
الدجاجة أَنْظَمَت إذا صار في بطنها بَيْضٌ. والأَنْظامُ: نفس البيض
المُنَظَّم كأَنه منظوم في سلك. والإنْظامُ من الخرز:
(* قوله «والانظام من
الخرز» ضبط في الأصل والتكملة بالكسر، وفي القاموس بالفتح) خيطٌ قد نُظِمَ
خَرزاً، وكذلك أَناظِيمُ مَكْنِ الضبَّة. ويقال: جاءنا نَظْمٌ من جرادٍ،
وهو الكثير. ونِظامُ الرمل وأَنْظامتُه: ضَفِرتُه، وهي ما تعقَّد منه.
ونَظَمَ الحبْلَ: شَكّه وعَقَدَه. ونظَمَ الخَوّاصُ المُقْلَ يَنْظِمُه:
شَكّه وضَفَرَه. والنَّظائِمُ: شَكائِكُ الحَبْلِ وخَلَلُه. وطعَنَه
بالرُّمح فانْتَظمه أَي اخْتَلَّه. وانْتَظَم ساقيه وجانبيه كما قالوا
اخْتَلَّ فؤادَه أي ضمها بالسِّنان؛ وقد روي:
لما انْتَظَمْتُ فُؤادَه بالمِطْرِد
والرواية المشهورة: اخْتَلَلْتُ فُؤادَه؛ قال أَبو زيد: الانْتِظامُ
للجانِبَين والاخْتلالُ للفؤاد والكبد. وقال الحسن في بعض مواعظه: يا اينَ
آدم عليكَ بنَصيبك من الآخرة، فإنه يأْتي بك على نصيبك من الدنيا
فيَنْتَظِمُهُ لك انْتِظاماً ثم يزولُ معك حيثما زُلْتَ. وانتَظَمَ الصيدَ إذا
طعنه أو رماه حتى يُنْفِذَه، وقيل: لا يقال انْتَظَمَه حتى يَجْمَعَ
رَمْيَتَين بسهم أو رمح. والنَّظْمُ: الثُّريّا، على التشبيه بالنظْمِ من
اللؤلؤ؛ قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْن، والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئ الـ
ـضُّرَباء فوق النظْمِ، لا يَتَتَلَّع
ورواه بعضهم: فوق النجم، وهما الثريا معاً. والنَّظْمُ أَيضاً:
الدّبَرانُ الذي يلي الثُّريا. ابن الأَعرابي: النَّظْمةُ كواكبُ الثُّريا.
الجوهري: يقال لثلاثة كواكبَ من الجَوْزاء نَظْمٌ.
ونَظْم: موضعٌ. والنظْمُ: ماءٌ بنجد. والنَّظيمُ: موضعٌ؛ قال ابن
هَرْمة:فإنَّ الغَيْثَ قد وَهِيَتْ كُلاهُ
ببَطْحاء السَّيالة، فالنَّظيمِ
ابن شميل: النَّظيمُ شِعْبٌ فيه غُدُرٌ أو قِلاتٌ مُتواصلة بعضها قريب
من بعض، فالشِّعْبُ حينئذ نَظيمٌ لأَنه نَظَم ذلك الماء، والجماعةُ
النُّظُمُ. وقال غيره: النَّظيمُ من الرُّكِيِّ ما تناسق فُقُرُهُ على نسق
واحد.
ملك: الليث: المَلِكُ هو الله، تعالى ونقدّس، مَلِكُ المُلُوك له
المُلْكُ وهو مالك يوم الدين وهو مَلِيكُ الخلق أي ربهم ومالكهم. وفي التنزيل:
مالك يوم الدين؛ قرأ ابن كثير ونافع وأَبو عمرو وابن عامر وحمزة: مَلِك
يوم الدين، بغير أَلف، وقرأَ عاصم والكسائي ويعقوب مالك، بأَلف، وروى عبد
الوارث عن أَبي عمرو: مَلْكِ يوم الدين، ساكنة اللام، وهذا من اختلاس أبي
عَمرو، وروى المنذر عن أَبي العباس أَنه اختار مالك يوم الدين، وقال: كل
من يَمْلِك فهو مالك لأنه بتأْويل الفعل مالك الدراهم، ومال الثوب،
ومالكُ يوم الدين، يَمْلِكُ إقامة يوم الدين؛ ومنه قوله تعالى: مالِكُ
المُلْكِ، قال: وأما مَلِكُ الناس وسيد الناس ورب الناس فإنه أَراد أَفضل من
هؤلاء، ولم يريد أَنه يملك هؤلاء، وقد قال تعالى: مالِكُ المُلْك؛ أَلا ترى
أنه جعل مالكاً لكل شيءٍ فهذا يدل على الفعل؛ ذكر هذا بعقب قول أَبي
عبيد واختاره.
والمُلْكُ: معروف وهو يذكر ويؤنث كالسُّلْطان؛ ومُلْكُ الله تعالى
ومَلَكُوته: سلطانه وعظمته. ولفلان مَلَكُوتُ العراق أي عزه وسلطانه ومُلْكه؛
عن اللحياني، والمَلَكُوت من المُلْكِ كالرَّهَبُوتِ من الرَّهْبَةِ،
ويقال للمَلَكُوت مَلْكُوَةٌ، يقال: له مَلَكُوت العراق ومَلْكُوةُ العراق
أَيضاً مثال التَّرْقُوَةِ، وهو المُلْكُ والعِزُّ. وفي حديث أَبي سفيان:
هذا مُلْكُ هذه الأُمة قد ظهر، يروى بضم الميم وسكون اللام وبفتحها وكسر
اللام وفي الحديث: هل كان في آبائه مَنْ مَلَكَ؟ يروى بفتح الميمين
واللام وبكسر الميم الأُولى وكسر اللام. والْمَلْكُ والمَلِكُ والمَلِيكُ
والمالِكُ: ذو المُلْكِ. ومَلْك ومَلِكٌ، مثال فَخْذٍ وفَخِذٍ، كأن المَلْكَ
مخفف من مَلِك والمَلِك مقصور من مالك أو مَلِيك، وجمع المَلْكِ مُلوك،
وجمع المَلِك أَمْلاك، وجمع المَلِيك مُلَكاء، وجمع المالِكِ مُلَّكٌ
ومُلاَّك، والأُمْلُوك اسم للجمع. ورجل مَلِكٌ وثلاثة أَمْلاك إلى العشرة،
والكثير مُلُوكٌ، والاسم المُلْكُ، والموضع مَمْلَكَةٌ. وتَمَلَّكه أي
مَلَكه قهراً. ومَلَّكَ القومُ فلاناً على أَنفسهم وأَمْلَكُوه: صَيَّروه
مَلِكاً؛ عن اللحياني. ويقال: مَلَّكَه المالَ والمُلْك، فهو مُمَلَّكٌ؛ قال
الفرزدق في خال هشام بن عبد الملك:
وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً،
أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوه يُقارِبُه
يقول: ما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملَّك أَبو أُم ذلك المُمَلَّكِ
أَبوه، ونصب مُمَلَّكاً لأنه استثناء مقدّم، وخال هشام هو إبراهيم بن
إسماعيل المخزومي. وقال بعضهم: المَلِكُ والمَلِيكُ لله وغيره، والمَلْكُ
لغير الله. والمَلِكُ من مُلوك الأرض، ويقال له مَلْكٌ، بالتخفيف، والجمع
مُلُوك وأَمْلاك، والمَلْكُ: ما ملكت اليد من مال وخَوَل. والمَلَكة:
مُلْكُكَ، والمَمْلَكة: سلطانُ المَلِك في رعيته. ويقال: طالت مَمْلَكَتُه
وساءت مَمْلَكَتُه وحَسُنَت مَمْلَكَتُه وعَظُم مُلِكه وكَثُر مُلِكُه.
أَبو إسحق في قوله عزّ وجل: فسبحان الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؛ مَعناه
تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة، قال: وقوله تعالى ملكوت كل شيء أي القدرة
على كل شيء وإليه ترجعون أي يبعثكم بعد موتكم. ويقال: ما لفلان مَولَى
مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلا الله تعالى. ابن سيده: المَلْكُ
والمُلْكُ والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به، مَلَكه يَمْلِكه
مَلْكاً ومِلْكاً ومُلْكاً وتَمَلُّكاً؛ الأخيرة عن اللحياني، لم يحكها
غيره. ومَلَكَةً ومَمْلَكَة ومَمْلُكة ومَمْلِكة: كذلك. وما له مَلْكٌ
ومِلْكٌ ومُلْكٌ ومُلُكٌ أي شيء يملكه؛ كل ذلك عن اللحياني، وحكي عن الكسائي:
ارْحَمُوا هذا الشيخ الذي ليس له مُلْكٌ ولا بَصَرٌ أي ليس له شيء؛ بهذا
فسره اللحياني، وقال ليس له شيء يملكه. وأَمْلَكه الشيءَ ومَلَّكه إياه
تَمْليكاً جعله مِلْكاً له يَمْلِكُه. وحكى اللحياني: مَلِّكْ ذا أَمْرٍ
أَمْرَه، كقولك مَلِّك المالَ رَبَّه وإن كان أَحمق، قال هذا نص قوله: ولي
في هذا الوادي مَلْكٌ وملْك ومُلْك ومَلَكٌ يعني مَرْعًى ومَشْرباً
ومالاً وغير ذلك مما تَمْلِكه، وقيل: هي البئر تحفرها وتنفرد بها. وجاء في
التهذيب بصورة النفي: حكي عن ابن الأعرابي قال ما له مَلْكٌ ولا نَفْرٌ،
بالراء غير معجمة، ولا مِلْكٌ ولا مُلْك ولا مَلَكٌ؛ يريد بئراً وماء أي ما
له ماء. ابن بُزُرْج: مياهنا مُلُوكنا. ومات فلانٌ عن مُلُوك كثيرة،
وقالوا: الماء مَلَكُ أَمْرٍ أي إذا كان مع القوم ماء مَلَكُوا أَمْرَهم أي
يقوم به الأمر؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدي:
ولم يكن مَلَكٌ للقوم يُنْزِلُهم،
إلا صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
أي يُقْسَم بينهم بالسوية لا يُؤثَرُ به أَحدٌ. الأُمَوِيُّ: ومن
أَمثالهم: الماءُ مَلَكُ أَمْرِه أي أن الماء مِلاكُ الأشياء، يضرب للشيء الذي
به كمال الأمر. وقال ثعلب: يقال ليس لهم مِلْك ولا مَلْكٌ ولا مُلْكٌ إذا
لم يكن لهم ماء. ومَلَكَنا الماءُ: أرْوانا فقَوِينا على مَلْكِ
أَمْرِنا. وهذا مِلْك يَميني ومَلْكُها ومُلْكُها أي ما أَملكه؛ قال الجوهري:
والفتح أفصح. وفي الحديث: كان آخر كلامه الصلاة وما مَلَكَتْ أَيمانكم،
يريد الإحسانَ إلى الرقيق، والتخفيفَ عنهم، وقيل: أَراد حقوق الزكاة
وإخراجها من الأموال التي تملكها الأَيْدي كأَنه علم بما يكون من أَهل الردة،
وإنكارهم وجوب الزكاة وامتناعهم من أَدائها إلى القائم بعده فقطع حجتهم بأن
جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة فعقل أَبو بكر، رضي الله عنه، هذا
المعنى حين قال: لأَقْتُلَنَّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. وأَعطاني
من مَلْكِه ومُلْكِه؛ عن ثعلب، أي مما يقدر عليه. ابن السكيت: المَلْكُ ما
مُلِكَ. يقال: هذا مَلْكُ يدي ومِلْكُ يدي، وما لأَحدٍ في هذا مَلْكٌ
غيري ومِلْكٌ، وقولهم: ما في مِلْكِه شيء ومَلْكِه شيء أي لا يملك شيئاً.
وفيه لغة ثالثة ما في مَلَكَته شيء، بالتحريك؛ عن ابن الأَعرابي. ومَلْكُ
الوَليِّ المرأَةَ ومِلْكُه ومُلْكه: حَظْرُه إياها ومِلْكُه لها.
والمَمْلُوك: العبد. ويقال: هو عَبْدُ مَمْلَكَةٍ ومَمْلُكة ومَمْلِكة؛ الأخيرة
عن ابن الأعرابي، إذا مُلِكَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. وفي التهذيب: الذي
سُبيَ ولم يُمْلَكْ أَبواه. ابن سيده: ونحن عَبِيدُ مَمْلَكَةٍ لا قِنٍّ أي
أَننا سُبِينا ولم نُمْلَكْ قبلُ. ويقال: هم عبِيدُ مَمْلُكة، وهو أَن
يُغْلَبَ عليهم ويُستْعبدوا وهم أَحرار. والعَبْدُ القنّ: الذي مُلِك هو
وأَبواه، ويقال: القِنُّ المُشْتَرَى. وفي الحديث: أن الأَشْعَثَ بن
قَيْسٍ خاصم أَهل نَجْرانَ إلى عمر في رِقابهم وكان قد استعبدهم في الجاهلية،
فلما أَسلموا أَبَوْا عليه، فقالوا: يا أَمير المؤمنين إنا إنما كنا عبيد
مَمْلُكة ولم نكن عبيدَ قِنٍّ؛ المَمْلُكة، بضم اللام وفتحها، أَن
يَغْلِبَ عليهم فيستعبدَهم وهم في الأصل أَحرار. وطال مَمْلَكَتُهم الناسَ
ومَمْلِكَتُهم إياهم أي مِلْكهم إياهم؛ الأخيرة نادرة لأن مَفْعِلاً
ومَفْعِلَةً قلما يكونان مصدراً. وطال مِلْكُه ومُلْكه ومَلْكه ومَلَكَتُه؛ عن
اللحياني، أَي رِقُّه. ويقال: إنه حسن المِلْكَةِ والمِلْكِ؛ عنه أَيضاً.
وأَقرّ بالمَلَكَةِ والمُلُوكةِ أي المِلْكِ. وفي الحديث: لا يدخل الجنةَ
سَيءُ المَلَكَةِ، متحرّك، أي الذي يُسيءُ صُحْبة المماليك. ويقال: فلان
حَسَنُ المَلَكة إذا كان حسن الصُّنْع إلى مماليكه. وفي الحديث: حُسْنُ
المَلَكة نماء، هو من ذلك. ومُلُوك النحْل: يَعاسيبها التي يزعمون أنها
تقتادها، على التشبيه، واحدها مَلِيكٌ؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوي مَلِيكُها
إلى طَنَفٍ أََعْيَا بِراقٍ ونازِلِ
يريد يَعْسُوبَها، ويَعْسُوبُ النحل أَميره. والمَمْلَكة والمُمْلُكة:
سلطانُ المَلِكِ وعَبيدُه؛ وقول ابن أَحمر:
بَنَّتْ عليه المُلْكُ أَطْنابها،
كأْسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفًٌ طِمِرّ
قال ابن الأَعرابي: المُلْكُ هنا الكأْس، والطِّرْف الطِّمِرُّ، ولذلك
رفع الملك والكأْس معاً بجعل الكأْس بدلاً من الملك؛ وأَنشد غيره:
بنَّتُ عليه المُلْكَ أَطنابَها
فنصب الملك على أنه مصدر موضوع موضع الحال كأَنه قال مُمَلَّكاً وليس
بحال، ولذلك ثبتت فيه الألف واللام، وهذا كقوله: فأَرْسَلَها العِرَاكَ أي
مُعْتَرِكةً وكأْسٌ حينئذ رفع ببنَّت، ورواه ثعلب بنت عليه الملك، مخفف
النون، ورواه بعضهم مدَّتْ عليه الملكُ، وكل هذا من المِلْكِ لأَن
المُلْكَ مِلْكٌ، وإنما ضموا الميم تفخيماً له. ومَلَّكَ النَّبْعَةَ:
صَلَّبَها، وذلك إذا يَبَّسَها في الشمس مع قشرها. وتَمالَكَ عن الشيء: مَلَكَ
نَفْسَه. وفي الحديث: امْلِكْ عليك لسانَك أي لا تُجْرِه إلا بما يكون لك لا
عليك. وليس له مِلاكٌ أي لا يَتَمالك. وما تَمالَك أن قال ذلك أي ما
تَماسَك ولا يَتَماسَك. وما تَمالَكَ فلان أن وقع في كذا إذا لم يستطع أَن
يحبس نفسه؛ قال الشاعر:
فلا تَمَلَك عن أَرضٍ لها عَمَدُوا
ويقال: نفسي لا تُمالِكُني لأن أَفعلَ كذا أَي لا تُطاوعني. وفلان ما له
مَلاكٌ، بالفتح، أي تَماسُكٌ. وفي حديث آدم: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ
أَنه خَلق لا يَتَمالَك أي لا يَتَماسَك. وإذا وصف الإنسان بالخفة
والطَّيْش قيل: إنه لا يَتَمالَكُ. ومِلاكُ الأمر ومَلاكُه: قِوامُه الذي
يُمْلَكُ به وصَلاحُه. وفي التهذيب: ومِلاكُ الأمر الذي يُعْتَمَدُ عليه،
ومَلاكُ الأمر ومِلاكُه ما يقوم به. وفي الحديث: مِلاكُ الدين الورع؛ الملاك،
بالكسر والفتح: قِوامُ الشيء ونِظامُه وما يُعْتَمَد عليه فيه، وقالوا:
لأَذْهَبَنَّ فإما هُلْكاً وإما مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً أي إما أن
أَهْلِكَ وإما أن أَمْلِكَ. والإمْلاك: التزويج. ويقال للرجل إذا تزوّج: قد
مَلَكَ فلانٌ يَمْلِكُ مَلْكاً ومُلْكاً ومِلْكاً. وشَهِدْنا إمْلاك فلان
ومِلاكَه ومَلاكه؛ الأخيرتان عن اللحياني، أي عقده مع امرأته. وأَمْلكه
إياها حتى مَلَكَها يَمْلِكها مُلْكاً ومَلْكاً ومِلْكاً: زوَّجه إياها؛
عن اللحياني. وأُمْلِكَ فلانُ يُمْلَكُ إمْلاكاً إذا زُوِّج؛ عنه أَيضاً.
وقد أَمْلَكْنا فلاناً فلانَة إذا زَوَّجناه إياها؛ وجئنا من إمْلاكه ولا
تقل من مِلاكِه. وفي الحديث: من شَهِدَ مِلاكَ امرئ مسلم؛ نقل ابن
الأثير: المِلاكُ والإمْلاكُ التزويجُ وعقد النكاح. وقال الجوهري: لا يقال
مِلاك ولا يقال مَلَك بها
(* قوله «ولا يقال ملك بها إلخ» نقل شارح القاموس
عن شيخه ابن الطيب أن عليه أكثر أهل اللغة حتى كاد أن يكون اجماعاً منهم
وجعلوه من اللحن القبيح ولكن جوزه صاحب المصباح والنووي محافظة على
تصحيح كلام الفقهاء.) ولا أُمْلِك بها. ومَلَكْتُ المرأَة أي تزوّجتها.
وأُمْلِكَتْ فلانةُ أَمرها: طُلّقَتْ؛ عن اللحياني، وقيل: جُعِل أَمر طلاقها
بيدها. قال أَبو منصور: مُلِّكَتْ فلانةُ أَمرها، بالتشديد، أكثر من
أُمْلِكَت؛ والقلب مِلاكُ الجسد. ومَلَك العجينَ يَمْلِكُه مَلْكاً
وأَمْلَكَه: عجنه فأَنْعَمَ عجنه وأَجاده. وفي حديث عمر: أَمْلِكُوا العجين فإِنه
أَحد الرَّيْعَينِ أَي الزيادتين؛ أَراد أَن خُبْزه يزيد بما يحتمله من
الماء لجَوْدة العجْن. ومَلَكَ العجينَ يَمْلِكه مَلْكاً: قَوِيَ عليه.
الجوهري: ومَلَكْتُ العجين أَمْلِكُه مَلْكاً، بالفتح، إِذا شَدَدْتَ عجنه؛
قال قَيْسُ بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي، فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ مِنْ دُونها ما وَراءَها
يعني شَدَدْتُ بالطعنة. ويقال: عجَنَت المرأَة فأَمْلَكَتْ إِذا بلغت
مِلاكَتَهُ وأَجادت عجنه حتى يأْخذ بعضه بعضاً، وقد مَلَكَتْه تَمْلِكُه
مَلْكاً إِذا أَنعمت عَجنه؛ وقال أَوْسُ بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَلَّك بالليِّطِ التي تَحْتَ قِشْرِها،
كغِرْقِئ بيضٍ كَنَّهُ القَيْضُ من عَلُ
قال: مَلَّكَ كما تُمَلِّكُ المرأَةُ العجينَ تَشُدُّ عجنه أَي ترك من
القشر شيئاً تَتمالك القوسُ
به يَكُنُّها لئلا يبدو قلب القوس فيتشقق، وهو يجعلون عليها عَقَباً
إِذا لم يكن عليها قشر، يدلك على ذلك تمثيله إِياه بالقَيْض للغِرْقِئ؛
الفراء عن الدُّبَيْرِيَّة: يقال للعجين إِذا كان متماسكاً متيناً
مَمْلُوكٌ ومُمْلَكٌ ومُمَلَّكٌ، ويروى فمن لك، والأَول أَجود؛ أَلا ترى إِلى
قول الشماخ يصف نَبْعَةً:
فَمَصَّعَها شهرين ماءَ لِحائها،
وينْظُرُ منها أَيَّها هو غامِزُ
والتَّمْصِيع: أَن يترك عليها قشرها حتى يَجِفَّ عليها لِيطُها وذلك
أَصلب لها؛ قال ابن بري: ويروى فمظَّعَها، وهو أَن يبقي قشرها عليها حتى
يجف. ومَلَكَ الخِشْفُ أُمَّه إِذا قَوِيَ وقدَر أَن يَتْبَعها؛ عن ابن
الأَعرابي. وناقةٌ مِلاكُ الإِبل إِذا كانت تتبعها؛ عنه أَيضاً. ومَلْكُ
الطريق ومِلْكُه ومُلْكه: وسطه ومعظمه، وقيل حدّه؛ عن اللحياني. ومِلْكُ
الوادي ومَلْكه ومُلْكه: وسطه وحَدّه؛ عنه أَيضاً. ويقال: خَلِّ عن مِلْكِ
الطريق ومِلْكِ الوادي ومَلْكِه ومُلْكه أَي حَدِّه ووسطه. ويقال: الْزَمْ
مَلْكَ الطريق أَي وسطه؛ قال الطِّرمّاح:
إِذا ما انْتَحتْ أُمَّ الطريقِ، توَسَّمَتْ
رَتِيمَ الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وفي حديث أَنس: البَصْرةُ إِحْدى المؤتفكات فانْزلْ في ضَواحيها، وإِياك
والمَمْلُكَةَ، قال شمر: أَراد بالمَمُلُكة وَسَطَها. ومَلْكُ ا لطريق
ومَمْلُكَتُه: مُعْظمه ووسطه؛ قال الشاعر:
أَقامَتْ على مَلْكِ الطريقِ، فمَلْكُه
لها ولِمَنْكُوبِ المَطايا جَوانِبُهْ
ومُلُك الدابة، بضم الميم واللام: قوائمه وهاديه؛ قال ابن سيده: وعليه
أُوَجِّه ما حكاه اللحياني عن الكسائي من قول الأَعرابي: ارْحَمُوا هذا
الشيخ الذي ليس له مُلُكٌ ولا بَصَرٌ أَي يدان ولا رجلان ولا بَصَرٌ،
وأَصله من قوائم الدابة فاستعاره الشيخ لنفسه. أَبو عبيد: جاءنا تَقُودُه
مُلُكُه يعني قوائمه وهاديه، وقوام كل دابة مُلُكُه؛ ذكره عن الكسائي في كتاب
الخيل، وقال شمر: لم أَسمعه لغيره، يعني المُلُك بمعنى القوائم.
والمُلَيْكَةُ: الصحيفة.
والأُمْلُوك: قوم من العرب من حِمْيَرَ، وفي التهذيب: مَقاوِلُ من حمير
كتب إِليهم النبي، صلى الله عليه وسلم: إِلى أُمْلُوك رَدْمانَ،
ورَدْمانُ موضع باليمن. والأُمْلُوك: دُوَيبَّة تكون في الرمل تشبه العَظاءة.
ومُلَيْكٌ ومُلَيْكَةُ ومالك ومُوَيْلِك ومُمَلَّكٌ ومِلْكانُ، كلها:
أَسماء؛ قال ابن سيده: ورأَيت في بعض الأَشعار مالَكَ الموتِ في مَلَكِ الموت
وهو قوله:
غدا مالَكٌ يبغي نِسائي كأَنما
نسائي، لسَهْمَيْ مالَكٍ، غرَضانِ
قال: وهذا عندي خطأ وقد يجوز أَن يكون من جفاء الأَعراب وجهلهم لأَن
مَلَك الموت مخفف عن مَلأَك، الليث: المَلَكُ واحد الملائكة إِنما هو تخفيف
المَلأَك، واجتمعوا على حذف همزه، وهو مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وقد ذكرناه
في المعتل. والمَلَكُ من الملائكة: واحد وجمع؛ قال الكسائي: أَصله
مَأْلَكٌ بتقديم الهمزة من الأَلُوكِ، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل
مَلأَكٌ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من عبد القَيْس جاهليّ يمدح بعض الملوك
قيل هو النعمان وقال ابن السيرافي هو لأَبي وَجْزة يمدح به عبد الله بن
الزبير:
فَلَسْتَ لإِِنْسِيٍّ، ولكن لِمَلأَكٍ
تَنَزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل مَلَكٌ، فلما جمعوه رَدُّوها إِليه
فقالوا مَلائكة ومَلائك أَيضاً؛ قال أُمية بن أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَه،
سَدِرٌ تَواكَلَهُ القوائمُ أَجْرَبُ
قال ابن بري: صوابه أَجْرَدُ بالدال لأَن القصيدة دالية؛ وقبله:
فأَتَمَّ سِتّاًّ، فاسْتَوَتْ أَطباقُها،
وأَتى بِسابعةٍ فأَنَّى تُورَدُ
وفيها يقول في صفة الهلال:
لا نَقْصَ فيه، غير أَن خَبِيئَه
قَمَرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وفي الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة؛ قال ابن الأَثير:
أَراد الملائكة السَّيَّاحِينَ غير الحفظة والحاضرين عند الموت. وفي
الحديث: لقد حَكَمْت بحكم المَلِكِ؛ يريد الله تعالى، ويروى بفتح اللام،
يعني جبريل، عليه السلام، ونزوله بالوحي. قال ابن بري: مَلأَكٌ مقلوب من
مَأْلَكٍ، ومَأْلَكٌ وزنه مَفْعَل في الأَصل من الأَلوك، قال: وحقه أَن
يذكر في فصل أَلك لا في فصل ملك.
ومالِكٌ الحَزينُ: اسم طائر من طير الماء.
والمالِكان: مالك بن زيد ومالك بن حنظلة. ابن الأَعرابي: أَبو مالك كنية
الكِبَر والسِّنّ كُنِيَ به لأَنه مَلَكه وغلبه؛ قال الشاعر:
أَبا مالِكٍ إِنَّ الغَواني هَجَرْنَني،
أَبا مالِك إِني أَظُنُّكَ دائبا
ويقال للهَرَمِ أَبو مالك؛ وقال آخر:
بئسَ قرينُ اليَفَنِ الهالِكِ:
أُمُّ عُبَيْدٍ وأَبو مالِكِ
وأَبو مالك: كنية الجُوعِ؛ قال الشاعر:
أَبو مالكٍ يَعْتادُنا في الظهائرِ،
يَجيءُ فيُلْقِي رَحْلَه عند عامِرِ
ومِلْكانُ: جبل بالطائف. وحكى ابن الأَنباري عن أَبيه عن شيوخه قال: كل
ما في العرب مِلْكان، بكسر الميم، إِلاَّ مَلْكان بن حزم بن زَبَّانَ
فإِنه بفتحها. ومالك: اسم رمل؛ قال ذو الرمة:
لعَمْرُك إِني يومَ جَرْعاءِ مالِك * لَذو عَبْرةٍ، كَلاً تَفِيضُ وتخْنُقُ
أمر: الأَمْرُ: معروف، نقيض النَّهْيِ. أَمَرَه به وأَمَرَهُ؛ الأَخيرة
عن كراع؛ وأَمره إِياه، على حذف الحرف، يَأْمُرُه أَمْراً وإِماراً
فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه؛ وقوله:
ورَبْرَبٍ خِماصِ
يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ
إِنما أَراد أَنهنَّ يشوّقن من رآهن إِلى تصيدها واقتناصها، وإِلا فليس
لهنَّ أَمر. وقوله عز وجل: وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين؛ العرب
تقول: أَمَرْتُك أَن تفْعَل ولِتَفْعَلَ وبأَن تفْعَل، فمن قال: أَمرتك
بأَن تفعل فالباء للإِلصاق والمعنى وقع الأَمر بهذا الفعل، ومن قال
أَمرتُك أَن تفعل فعلى حذف الباء، ومن قال أَمرتك لتفعل فقد أَخبرنا بالعلة
التي لها وقع الأَمرُ، والمعنى أُمِرْنا للإِسلام. وقوله عز وجل: أَتى
أَمْرُ اللهِ فلا تَسْتَعْجِلوه؛ قال الزجاج: أَمْرُ اللهِ ما وعَدهم به من
المجازاة على كفرهم من أَصناف العذاب، والدليل على ذلك قوله تعالى: حتى
إِذا جاء أَمرُنا وفارَ التَّنُّور؛ أَي جاء ما وعدناهم به؛ وكذلك قوله
تعالى: أَتاها أَمرُنا ليلاً أَو نهاراً فجعلناها حصِيداً؛ وذلك أَنهم
استعجلوا العذاب واستبطؤوا أَمْرَ الساعة، فأَعلم الله أَن ذلك في قربه بمنزلة
ما قد أَتى كما قال عز وجل: اقْتَرَبَتِ الساعةُ وانشقَّ القمر؛ وكما
قال تعالى: وما أَمرُ الساعة إِلا كلَمْحِ البَصَرِ. وأَمرتُه بكذا أَمراً،
والجمع الأَوامِرُ.
والأَمِيرُ: ذو الأَمْر. والأَميرُ: الآمِر؛ قال:
والناسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ، إِذا هُمُ
خَطِئُوا الصوابَ، ولا يُلامُ المُرْشِدُ
وإِذا أَمَرْتَ مِنْ أَمَر قُلْتَ: مُرْ، وأَصله أُؤْمُرْ، فلما اجتمعت
همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن
الهمزة الزائدة، وقد جاءَ على الأَصل. وفي التنزيل العزيز: وأْمُرْ
أَهْلَكَ بالصلاة؛ وفيه: خذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ.
والأَمْرُ: واحدُ الأُمُور؛ يقال: أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ وأُمُورُهُ
مستقيمةٌ. والأَمْرُ: الحادثة، والجمع أُمورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك. وفي
التنزيل العزيز: أَلا إِلى الله تصير الأُمورُ. وقوله عز وجل: وأَوْحَى
في كل سماءٍ أَمْرَها؛ قيل: ما يُصلحها، وقيل: ملائكتَهَا؛ كل هذا عن
الزجاج. والآمِرَةُ: الأَمرُ، وهو أَحد المصادر التي جاءت على فاعِلَة
كالعَافِيَةِ والعاقِبَةِ والجازيَةِ والخاتمة.
وقالوا في الأَمر: أُومُرْ ومُرْ، ونظيره كُلْ وخُذْ؛ قال ابن سيده؛
وليس بمطرد عند سيبويه. التهذيب: قال الليث: ولا يقال أُومُرْ، ولا أُوخُذْ
منه شيئاً، ولا أُوكُلْ، إِنما يقال مُرْ وكُلْ وخُذْ في الابتداء
بالأَمر استثقالاً للضمتين، فإِذا تقدَّم قبل الكلام واوٌ أَو فاءٌ قلت:
وأْمُرْ فأْمُرْ كما قال عز وجل: وأْمُرْ أَهلك بالصلاة؛ فأَما كُلْ من أَكَلَ
يَأْكُلُ فلا يكاد يُدْخِلُون فيه الهمزةَ مع الفاء والواو، ويقولون:
وكُلا وخُذَا وارْفَعاه فَكُلاه ولا يقولون فَأْكُلاهُ؛ قال: وهذه أَحْرُفٌ
جاءت عن العرب نوادِرُ، وذلك أَن أَكثر كلامها في كل فعل أَوله همزة مثل
أَبَلَ يَأْبِلُ وأَسَرَ يَأْسِرُ أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ منه، وكذلك
أَبَقَ يَأْبِقُ، فإِذا كان الفعل الذي أَوله همزة ويَفْعِلُ منه مكسوراً
مردوداً إِلى الأَمْرِ قيل: إِيسِرْ يا فلانُ، إِيْبِقْ يا غلامُ،
وكأَنَّ أَصله إِأْسِرْ بهمزتين فكرهوا جمعاً بين همزتين فحوّلوا إِحداهما ياء
إِذ كان ما قبلها مكسوراً، قال: وكان حق الأَمر من أَمَرَ يَأْمُرُ أَن
يقال أُؤْمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلْ بهمزتين، فتركت الهمزة الثانية وحوِّلت
واواً للضمة فاجتمع في الحرف ضمتان بينهما واو والضمة من جنس الواو،
فاستثقلت العرب جمعاً بين ضمتين وواو فطرحوا همزة الواو لأَنه بقي بعد طَرْحها
حرفان فقالوا: مُرْ فلاناً بكذا وكذا، وخُذْ من فلان وكُلْ، ولم يقولوا
أُكُلْ ولاأُمُرْ ولا أُخُذْ، إِلا أَنهم قالوا في أَمَرَ يَأْمُرُ إِذا
تقدّم قبل أَلِفِ أَمْرِه وواو أَو فاء أَو كلام يتصل به الأَمْرُ من
أَمَرَ يَأْمُرُ فقالوا: الْقَ فلاناً وأَمُرْهُ، فردوه إِلى أَصله، وإِنما
فعلوا ذلك لأَن أَلف الأَمر إِذا اتصلت بكلام قبلها سقطت الأَلفُ في
اللفظ، ولم يفعلوا ذلك في كُلْ وخُذْ إِذا اتصل الأَمْرُ بهما بكلام قبله
فقالوا: الْقَ فلاناً وخُذْ منه كذا، ولم نسْمَعْ وأُوخُذْ كما سمعنا
وأْمُرْ. قال الله تعالى: وكُلا منها رَغْداً؛ ولم يقل: وأْكُلا؛ قال: فإِن قيل
لِمَ رَدُّوا مُرْ إِلى أَصلها ولم يَرُدُّوا وكُلا ولا أُوخُذْ؟ قيل:
لِسَعَة كلام العرب ربما ردُّوا الشيء إلى أَصله، وربما بنوه على ما سبق،
وربما كتبوا الحرف مهموزاً، وربما تركوه على ترك الهمزة، وربما كتبوه على
الإِدغام، وكل ذلك جائز واسع؛ وقال الله عز وجل: وإِذا أَرَدْنا أَنْ
نُهْلِكَ قريةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فيها؛ قرأَ أَكثر القراء:
أَمرْنا، وروى خارجة عن نافع آمَرْنا، بالمدّ، وسائر أَصحاب نافع
رَوَوْهُ عنه مقصوراً، وروي عن أَبي عمرو: أَمَّرْنا، بالتشديد، وسائر أَصحابه
رَوَوْهُ بتخفيف الميم وبالقصر، وروى هُدْبَةُ عن حماد بن سَلَمَةَ عن ابن
كثير: أَمَّرْنا، وسائر الناس رَوَوْهُ عنه مخففاً، وروى سلمة عن الفراء
مَن قَرأَ: أَمَرْنا، خفيفةً، فسَّرها بعضهم أَمَرْنا مترفيها بالطاعة
ففسقوا فيها، إِن المُتْرَفَ إِذا أُمر بالطاعة خالَفَ إِلى الفسق. قال
الفراء: وقرأَ الحسن: آمَرْنا، وروي عنه أَمَرْنا، قال: وروي عنه أَنه
بمعنى أَكْثَرنا، قال: ولا نرى أَنها حُفِظَتْ عنه لأَنا لا نعرف معناها
ههنا، ومعنى آمَرْنا، بالمد، أَكْثَرْنا؛ قال: وقرأَ أَبو العالية: أَمَّرْنا
مترفيها، وهو موافق لتفسير ابن عباس وذلك أَنه قال: سَلَّطْنا
رُؤَساءَها ففسقوا. وقال أَبو إِسحق نَحْواً مما قال الفراء، قال: من قرأَ
أَمَرْنا، بالتخفيف، فالمعنى أَمرناهم بالطاعة ففسقوا. فإِن قال قائل: أَلست
تقول أَمَرتُ زيداً فضرب عمراً؟ والمعنى أَنك أَمَرْتَه أَن يضرب عمراً
فضربه فهذا اللفظ لا يدل على غير الضرب؛ ومثله قوله: أَمرنا مترفيها ففسقوا
فيها، أَمَرْتُكَ فعصيتَني، فقد علم أَن المعصيةَ محالَفَةُ الأَمْرِ،
وذلك الفسقُ مخالفةُ أَمْرِ الله. وقرأَ الحسن: أَمِرْنا مترفيها على مثال
عَلِمْنَا؛ قال ابن سيده: وعسى أَن تكون هذه لغةً ثالثةً؛ قال الجوهري:
معناه أَمَرْناهم بالطاعة فَعَصَوْا؛ قال: وقد تكون من الإِمارَةِ؛ قال:
وقد قيل إِن معنى أَمِرْنا مترفيها كَثَّرْنا مُتْرَفيها؛ قال: والدليل على
هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم؛ خير المال سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَو
مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ؛ أَي مُكَثِّرَةٌ. والعرب تقول: أَمِرَ بنو فلان
أَي كَثُرُوا.
مُهَاجِرٌ عن عليّ بن عاصم: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَي نَتُوجٌ وَلُود؛
وقال لبيد:
إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أَمِرُوا،
يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
وقال أَبو عبيد في قوله: مُهْرَةٌ مَأْمورة: إِنها الكثيرة النِّتاج
والنَّسْلِ؛ قال: وفيها لغتان: قال أَمَرَها اللهُ فهي مَأْمُورَةٌ،
وآمَرَها الله فهي مُؤْمَرَة؛ وقال غيره: إِنما هو مُهرة مَأْمُورة للازدواج
لأَنهم أَتْبَعُوها مأْبورة، فلما ازْدَوَجَ اللفظان جاؤُوا بمأْمورة على
وزن مَأْبُورَة كما قالت العرب: إِني آتيه بالغدايا والعشايا، وإِنما
تُجْمَعُ الغَدَاةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بالغدايا على لفظ العشايا تزويجاً
للفظين، ولها نظائر. قال الجوهري: والأَصل فيها مُؤْمَرَةٌ على مُفْعَلَةٍ،
كما قال، صلى الله عليه وسلم: ارْجِعْنَ مَأْزُورات غير مَأْجورات؛ وإِنما
هو مَوْزُورات من الوِزْرِ فقيل مأْزورات على لفظ مأْجورات
لِيَزْدَوِجا. وقال أَبو زيد: مُهْرَةٌ مأْمورة التي كثر نسلها؛ يقولون: أَمَرَ اللهُ
المُهْرَةَ أَي كثَّرَ وَلَدَها. وأَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قال
الأَعشى:
طَرِفُونَ ولاَّدُون كلَّ مُبَارَكٍ،
أَمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
ويقال: أَمَرَهم الله فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، وفيه لغتان: أَمَرَها فهي
مأْمُورَة، وآمَرَها فهي مُؤْمَرَةٌ؛ ومنه حديث أَبي سفيان: لقد أَمِرَ
أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ وارْتَفَعَ شَأْنُه؛ يعني النبيَّ، صلى الله
عليه وسلم؛ ومنه الحديث: أن رجلاً قال له: ما لي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟
فقال: والله لَيَأْمَرَنَّ أَي يزيد على ما ترى؛ ومنه حديث ابن مسعود: كنا
نقول في الجاهلية قد أَمِرَ بنو فلان أَي كثروا. وأَمِرَ الرجلُ، فهو
أَمِرٌ: كثرت ماشيته. وآمَره الله: كَثَّرَ نَسْلَه وماشيتَه، ولا يقال
أَمَرَه؛ فأَما قوله: ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فعلى ما قد أُنِسَ به من
الإِتباع، ومثله كثير، وقيل: آمَرَه وأَمَرَه لغتان. قال أَبو عبيدة: آمرته،
بالمد، وأَمَرْتُه لغتان بمعنى كَثَّرْتُه. وأَمِرَ هو أَي كَثُرَ
فَخُرِّجَ على تقدير قولهم علم فلان وأَعلمته أَنا ذلك؛ قال يعقوب: ولم يقله أَحد
غيره. قال أَبو الحسن: أَمِرَ مالُه، بالكسر، أَي كثر. وأَمِرَ بنو فلان
إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. ورجل أَمُورٌ بالمعروف، وقد ائتُمِرَ
بخير: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ به فَقَبِلَه.
وتأَمَّروا على الأَمْرِ وائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم.
وفي التنزيل: إِن المَلأَ يَأْتِمرونَ بك ليقتلوك؛ قال أَبو عبيدة: أَي
يتشاورون عليك ليقتلوك؛ واحتج بقول النمر بن تولب:
أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتَمِرْ
قال غيره: وهذا الشعر لامرئ القيس. والخَمِرُ: الذي قد خالطه داءٌ أَو
حُبٌّ. ويعدو على المرء ما يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ
رَشَدٍ عَدَا عليه فأَهلكه. قال القتيبي: هذا غلط، كيف يعدو على المرء ما
شاور فيه والمشاورة بركة، وإِنما أَراد يعدو على المرء ما يَهُمُّ به من
الشر. قال وقوله: إِن المَلأَ يأْتمرون بك؛ أَي يَهُمون بك؛ وأَنشد:
إِعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ
مُخْطِئٌ في الرَّأْي، أَحْيَانَا
قال: يقول من ركب أَمْراً بغير مَشُورة أَخْطأَ أَحياناً. قال وقوله:
وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف؛ أَي هُمُّوا به واعْتَزِمُوا عليه؛ قال: ولو كان
كما قال أَبو عبيدة لقال: يَتَأَمَّرُونَ بك. وقال الزجاج: معنى قوله:
يَأْتِمرُونَ بك؛ يَأْمُرُ بعضهم بعضاً بقتلك. قال أَبو منصور: ائْتَمَر
القومُ وتآمَرُوا إِذا أَمَرَ بعضهم بعضاً، كما يقال اقتتل القوم وتقاتلوا
واختصموا وتخاصموا، ومعنى يَأْتَمِرُونَ بك أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً
بقتلك وفي قتلك؛ قال: وجائز أَن يقال ائْتَمَرَ فلان رَأْيَهُ إِذا شاور
عقله في الصواب الذي يأْتيه، وقد يصيب الذي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة
ويخطئُ أُخرى. قال: فمعنى قوله يَأْتَمِرُونَ بك أَي يُؤَامِرُ بعضهم بعضاً
فيك أَي في قتلك أَحسن من قول القتيبي إِنه بمعنى يهمون بك. قال: وأَما
قوله: وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف؛ فمعناه، والله أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم
بعضاً بمعروف؛ قال وقوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر
معناه أَن من ائْتَمَرَ رَأَيَه في كل ما يَنُوبُهُ يخطئُ أَحياناً؛
وقال العجاج:
لَمّا رَأَى تَلْبِيسَ أَمْرٍ مُؤْتَمِرْ
تلبيس أَمر أَي تخليط أَمر. مؤتمر أَي اتَّخَذَ أَمراً.
يقال: بئسما ائْتَمَرْتَ لنفسك. وقال شمر في تفسير حديث عمر، رضي الله
عنه: الرجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَهُ؛ قال
شمر: معناه ارْتَأَى وشاور نفسه قبل أَن يواقع ما يريد؛ قال وقوله:
اعلمن أَنْ كل مؤتمر
أَي كل من عمل برأْيه فلا بد أَن يخطئ الأَحيان. قال وقوله: ولا
يأْتَمِرُ لِمُرْشِدٍ أَي لا يشاوره. ويقال ائْتَمَرْتُ فلاناً في ذلك الأَمر،
وائْتَمَرَ القومُ إِذا تشاوروا؛ وقال الأَعشى:
فَعادَا لَهُنَّ وَزَادَا لَهُنَّ،
واشْتَرَكَا عَمَلاً وأْتمارا
قال: ومنه قوله:
لا يَدَّري المَكْذُوبُ كَيْفَ يَأْتَمِرْ
أَي كيف يَرْتَئِي رَأْياً ويشاور نفسه ويَعْقِدُ عليه؛
وقال أَبو عبيد في قوله:
ويَعْدُو على المَرءِ يَأْتَمِرْ
معناه الرجل يعمل الشيء بغير روية ولا تثبُّت ولا نظر في العاقبة فيندَم
عليه. الجوهري: وائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امتثله؛ قال امرؤٌ القيس:
ويعدو على المرءِ ما يأْتمر
أَي ما تأْمره به نفسه فيرى أَنه رشد فربما كان هلاكه في ذلك. ويقال:
ائْتَمَرُوا به إِذا هَمُّوا به وتشاوروا فيه.
والائْتِمارُ والاسْتِئْمارُ: المشاوَرَةُ، وكذلك التَّآمُرُ، على وزن
التَّفاعُل.
والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه، وقيل: هو الذي يَسْبِقُ إِلى
القول؛ قال امرؤٌ القيس في رواية بعضهم؛
أَحارُ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المرْءِ ما يَأْتَمِرْ
ويقال: بل أَراد أَن المرء يَأْتَمِرُ لغيره بسوء فيرجع وبالُ ذلك عليه.
وآمَرَهُ في أَمْرِهِ ووامَرَهُ واسْتَأْمَرَهُ: شاوره. وقال غيره:
آمَرْتُه في أَمْري مُؤامَرَةً إِذا شاورته، والعامة تقول: وأَمَرْتُه. وفي
الحديث: أَمِيري من الملائكة جبريلُ أَي صاحبُ أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ
من فَزَعْتَ إِلى مشاورته ومُؤَامَرَته، فهو أَمِيرُكَ؛ ومنه حديث عمر؛
الرجال ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نزل به أَمْرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَه أَي شاور نفسه
وارْتأَى فيه قبل مُواقَعَة الأَمر، وقيل: المُؤْتَمِرُ الذي يَهُمُّ
بأَمْرٍ يَفْعَلُه؛ ومنه الحديث الآخر: لا يأْتَمِرُ رَشَداً أَي لا يأْتي
برشد من ذات نفسه. ويقال لكل من فعل فعلاً من غير مشاورة: ائْتَمَرَ،
كَأَنَّ نَفْسَه أَمرته بشيءِ فأْتَمَرَ أَي أَطاعها؛ ومن المُؤَامَرَةِ
المشاورةُ، في الحديث: آمِرُوا النساءَ في أَنْفُسِهِنَّ أَي شاوروهن في
تزويجهن قال: ويقال فيه وأَمَرْتُه، وليس بفصيح. قال: وهذا أَمْرُ نَدْبٍ وليس
بواجب مثل قوله: البِكر تُسْتَأْذَنُ، ويجوز أَن يكون أَراد به
الثَّيِّبَ دون البكر، فإِنه لا بد من إِذنهن في النكاح، فإِن في ذلك بقاءً لصحبة
الزوج إِذا كان بإِذنها. ومنه حديث عمر: آمِرُوا النساءَ في بناتهنَّ،
هو من جهة استطابة أَنفسهن وهو أَدعى للأُلفة، وخوفاً من وقوع الوحشة
بينهما، إِذا لم يكن برضا الأُم إِذ البنات إِلى الأُمَّهات أَميل وفي سماع
قولهنَّ أَرغب، ولأَن المرأَة ربما علمت من حال بنتها الخافي عن أَبيها
أَمراً لا يصلح معه النكاح، من علة تكون بها أَو سبب يمنع من وفاء حقوق
النكاح، وعلى نحو من هذا يتأَول قوله: لا تُزَوَّجُ البكر إِلا بإِذنها،
وإِذْنُها سُكوتُها لأَنها قد تستحي أَن تُفْصِح بالإِذن وتُظهر الرغبة في
النكاح، فيستدل بسكوتها على رضاها وسلامتها من الآفة. وقوله في حديث آخر:
البكر تُسْتَأْذَنُ والثيب تُسْتَأْمَرُ، لأَن الإِذن يعرف بالسكوت
والأَمر لا يعرف إِلا بالنطق. وفي حديث المتعة: فآمَرَتْ نَفْسَها أَي شاورتها
واستأْمرتها.
ورجل إِمَّرٌ وإِمَّرَة
(* قوله «إمر وإمرة» هما بكسر الأول وفتحه كما
في القاموس). وأَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد في أَمره.
والأَميرُ: الملِكُ لنَفاذِ أَمْرِه بَيِّنُ الإِمارة والأَمارة،
والجمعُ أُمَراءُ. وأَمَرَ علينا يَأْمُرُ أَمْراً وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَليَ؛
قال: قد أَمِرَ المُهَلَّبُ، فكَرْنِبوا ودَوْلِبُوا وحيثُ شِئْتُم
فاذْهَبوا.
وأَمَرَ الرجلُ يأْمُرُ إِمارةً إِذا صار عليهم أَميراً. وأَمَّرَ
أَمارَةً إِذا صَيَّرَ عَلَماً. ويقال: ما لك في الإِمْرَة والإِمارَة خيرٌ،
بالكسر. وأُمِّرَ فلانٌ إِذا صُيِّرَ أَميراً. وقد أَمِرَ فلان وأَمُرَ،
بالضم، أَي صارَ أَميراً، والأُنثى بالهاء؛ قال عبدالله بن همام
السلولي:ولو جاؤُوا برَمْلةَ أَو بهنْدٍ،
لبايَعْنا أَميرةَ مُؤْمنينا
والمصدر الإِمْرَةُ والإِمارة، بالكسر. وحكى ثعلب عن الفراء: كان ذلك
إِذ أَمَرَ علينا الحجاجُ، بفتح الميم، وهي الإِمْرَة. وفي حديث علي، رضي
الله عنه: أَما إن له إمْرَة كلَعْقَةِ الكلب لبنه؛ الإِمْرَة، بالكسر:
الإِمارة؛ ومنه حديث طلحة: لعلك ساءَتْكَ إِمْرَةُ ابن عمك.
وقالوا: عليك أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ، ففتحوا. التهذيب: ويقال: لك عليَّ
أَمْرَةٌ مطاعة، بالفتح لا غير، ومعناه لك عليَّ أَمْرَةٌ أُطيعك فيها، وهي
المرة الواحدة من الأُمور، ولا تقل: إِمْرَةٌ، بالكسر، إِنما الإِمرة من
الولاية.
والتَّأْميرُ: تَوْلية الإِمارة. وأَميرٌ مُؤَمَّرٌ: مُمَلَّكٌ. وأَمير
الأَعمى: قائده لأَنه يملك أَمْرَه؛ ومنه قول الأَعشى:
إِذا كان هادي الفتى في البلا
دِ صدرَ القَناةِ أَطاعَ الأَميرا
وأُولوا الأَمْرِ: الرُّؤَساءُ وأَهل العلم. وأَمِرَ الشيءُ أَمَراً
وأَمَرَةً، فهو أَمِرٌ: كَثُرَ وتَمَّ؛ قال:
أُمُّ عِيالٍ ضَنؤُها غيرُ أَمِرْ
والاسم: الإِمْرُ. وزرعٌ أَمِرٌ: كثير؛ عن اللحياني. ورجل أَمِرٌ:
مباركٌ يقبل عليه المالُ. وامرأَة أَمِرَةٌ: مباركة على بعلها، وكلُّه من
الكَثرة. وقالوا: في وجه مالِكَ تعرفُ أَمَرَتَه؛ وهو الذي تعرف فيه الخير من
كل شيء. وأَمَرَتُه: زيادته وكثرته. وما أَحسن أَمارَتَهم أَي ما يكثرون
ويكثر أَوْلادُهم وعددهم. الفراء: تقول العرب: في وجه المال الأَمِر
تعرف أَمَرَتَه أَي زيادته ونماءه ونفقته. تقول: في إِقبال الأَمْرِ
تَعْرِفُ صَلاحَه. والأَمَرَةُ: الزيادة والنماءُ والبركة. ويقال: لا جعل الله
فيه أَمَرَةً أَي بركة؛ من قولك: أَمِرَ المالُ إِذا كثر. قال: ووجه
الأَمر أَول ما تراه، وبعضهم يقول: تعرف أَمْرَتَهُ من أَمِرَ المالُ إِذا
كَثُرَ. وقال أَبو الهيثم: تقول العرب: في وجه المال تعرف أَمَرَتَه أَي
نقصانه؛ قال أَبو منصور: والصواب ما قال الفراء في الأَمَرِ أَنه الزِّيادة.
قال ابن بزرج: قالوا في وجه مالك تعرف أَمَرَتَه أَي يُمنَه،
وأَمارَتَهُ مثله وأَمْرَتَه. ورجل أَمِرٌ وامرأَة أَمِرَةٌ إِذا كانا
ميمونين.والإِمَّرُ: الصغيرُ من الحُمْلان أَوْلادِ الضأْنِ، والأُنثى
إِمَّرَةٌ، وقيل: هما الصغيران من أَولادِ المعز. والعرب تقول للرجل إِذا وصفوه
بالإِعدامِ: ما له إِمَّرٌ ولا إِمَّرَةٌ أَي ما له خروف ولا رِخْلٌ، وقيل:
ما له شيء. والإِمَّرُ: الخروف. والإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، والخروف ذكر،
والرِّخْلُ أُنثى. قال الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فلا
تَغْدُونَّ إِمَّرَةً ولا إِمَّراً. ورجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: أَحمق ضعيف
لا رأْي له، وفي التهذيب: لا عقل له إِلا ما أَمرتَه به لحُمْقِهِ، مثال
إِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ؛ قال امرؤُ القيس:
وليس بذي رَيْثَةٍ إِمَّرٍ،
إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبا
ويقال: رجل إِمَّرٌ لا رأْي له فهو يأْتَمِرُ لكل آمر ويطيعه. وأَنشد
شمر: إِذا طلعت الشعرى سفراً فلا ترسل فيها إِمَّرَةً ولا إِمَّراً؛ قال:
معناه لا تُرْسِلْ في الإِبل رجلاً لا عقل له يُدَبِّرُها. وفي حديث آدم،
عليه السلام: من يُطِعْ إِمَّرَةً لا يأْكُلْ ثَمَرَةً. الإِمَّرَةُ،
بكسر الهمزة وتشديد الميم: تأْنيث الإِمَّرِ، وهو الأَحمق الضعيف الرأْي
الذي يقول لغيره: مُرْني بأَمرك، أَي من يطع امرأَة حمقاء يُحْرَمِ الخير.
قال: وقد تطلق الإِمَّرَة على الرجل، والهاء للمبالغة. يقال: رجل
إِمَّعَةٌ. والإِمَّرَةُ أَيضاً: النعجة وكني بها عن المرأَة كما كني عنها
بالشاة. وقال ثعلب في قوله: رجل إِمَّرٌّ. قال: يُشَبَّه بالجَدْي.
والأَمَرُ: الحجارة، واحدتُها أَمَرَةٌ؛ قال أَبو زبيد من قصيدة يرثي
فيها عثمان بن عفان، رضي الله عنه:
يا لَهْفَ نَفْسيَ إِن كان الذي زَعَمُوا
حقّاً وماذا يردُّ اليومَ تَلْهِيفي؟
إِن كان عثمانُ أَمْسَى فوقه أَمَرٌ،
كراقِب العُونِ فوقَ القُبَّةِ المُوفي
والعُونُ: جمع عانة، وهي حُمُرُ الوحش، ونظيرها من الجمع قارَةٌ وقورٌ،
وساحة وسُوحٌ. وجواب إِن الشرطية أَغنى عنه ما تقدم في البيت الذي قبله؛
وشبَّه الأَمَرَ بالفحل يَرقُبُ عُونَ أُتُنِه. والأَمَرُ، بالتحريك: جمع
أَمَرَّةٍ، وهي العَلَمُ الصغير من أَعلام المفاوز من حجارة، وهو بفتح
الهمزة والميم. وقال الفراء: يقال ما بها أَمَرٌ أَي عَلَمٌ. وقال أَبو
عمرو: الأَمَرَاتُ الأَعلام، واحدتها أَمَرَةٌ.
وقال غيره: وأَمارةٌ مثل أَمَرَةٍ؛ وقال حميد:
بسَواءٍ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ أَمارّةً
مِنْها، إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطُرُ
وكلُّ علامَةٍ تُعَدُّ، فهي أَمارةٌ. وتقول: هي أَمارةُ ما بيني وبينك
أَي علامة؛ وأَنشد:
إِذا طلَعَتْ شمس النهار، فإِنها
أَمارةُ تسليمي عليكِ، فسَلِّمي
ابن سيده: والأَمَرَةُ العلامة، والجمع كالجمع، والأَمارُ: الوقت
والعلامة؛ قال العجاجُ:
إِذّ رَدَّها بكيده فارْتَدَّتِ
إِلى أَمارٍ، وأَمارٍ مُدَّتي
قال ابن بري: وصواب إِنشاده وأَمارِ مدتي بالإِضافة، والضمير المرتفع في
ردِّها يعود على الله تعالى، والهاء في ردّها أَيضاً ضمير نفس العجاج؛
يقول: إِذ ردَّ الله نفسي بكيده وقوّته إِلى وقت انتهاء مدني. وفي حديث
ابن مسعود: ابْعَثوا بالهَدْيِ واجْعَلوا بينكم وبينه يَوْمَ أَمارٍ؛
الأَمارُ والأَمارةُ: العلامة، وقيل: الأَمارُ جمع الأَمارَة؛ ومنه الحديث
الآخر: فهل للسَّفَر أَمارة؟
والأَمَرَةُ: الرابية، والجمع أَمَرٌ. والأَمارة والأَمارُ: المَوْعِدُ
والوقت المحدود؛ وهو أَمارٌ لكذا أَي عَلَمٌ. وعَمَّ ابنُ الأَعرابي
بالأَمارَة الوقتَ فقال: الأَمارةُ الوقت، ولم يعين أَمحدود أَم غير محدود؟
ابن شميل: الأَمَرةُ مثل المنارة، فوق الجبل، عريض مثل البيت وأَعظم،
وطوله في السماء أَربعون قامة، صنعت على عهد عاد وإِرَمَ، وربما كان أَصل
إِحداهن مثل الدار، وإِنما هي حجارة مكوَّمة بعضها فوق بعض، قد أُلزقَ ما
بينها بالطين وأَنت تراها كأَنها خِلْقَةٌ. الأَخفش: يقال أَمِرَ يأْمَرُ
أَمْراً أَي اشتدّ، والاسم الإِمْرُ، بكسر الهمزة؛ قال الراجز:
قد لَقفيَ الأَقْرانُ مِنِّي نُكْرا،
داهِيَةً دَهْياءَ إِدّاً إِمْرا
ويقال: عَجَباً. وأَمْرٌ إِمْرٌ: عَجَبٌ مُنْكَرٌ. وفي التنزيل العزيز:
لقد جِئْتَ شيئاً إِمْراً؛ قال أَبو إِسحق: أَي جئت شيئاً عظيماً من
المنكر، وقيل: الإمْرُ، بالكسر، والأَمْرُ العظيم الشنيع، وقيل: العجيب، قال:
ونُكْراً أَقلُّ من قوله إِمْراً، لأَن تغريق من في السفينة أَنكرُ من
قتل نفس واحدة؛ قال ابن سيده: وذهب الكسائي إِلى أَن معنى إِمْراً شيئاً
داهياً مُنْكَراً عَجَباً، واشتقه من قولهم أَمِرَ القوم إِذا كثُروا.
وأَمَّرَ القناةَ: جعل فيها سِناناً. والمُؤَمَّرُ: المُحَدَّدُ، وقيل:
الموسوم. وسِنانٌ مُؤَمَّرٌ أَي محدَّدٌ؛ قال ابن مقبل:
وقد كان فينا من يَحُوطُ ذِمارَنا،
ويَحْذي الكَمِيَّ الزَّاعِبيَّ المُؤَمَّرا
والمُؤَمَّرُ أَيضاً: المُسَلَّطُ. وتَأَمَّرَ عليهم أَيَّ تَسَلَّطَ.
وقال خالد في تفسير الزاعبي المؤَمر، قال: هو المسلط. والعرب تقول: أمِّرْ
قَنَاتَكَ أَي اجعل فيها سِناناً. والزاعبي: الرمح الذي إِذا هُزَّ
تدافع كُلُّه كأَنَّ مؤَخّرِه يجري في مُقدَّمه؛ ومنه قيل: مَرَّ يَزْعَبُ
بحِملِه إِذا كان يتدافع؛ حكاه عن الأَصمعي.ويقال: فلانٌ أُمِّرَ وأُمِّرَ
عليه إِذا كان الياً وقد كان سُوقَةً أَي أَنه مجرَّب. ومتا بها أَمَرٌ
أَي ما بها أَحدٌ.
وأَنت أَعلم بتامورك؛ تامورهُ: وعاؤُه، يريد أَنت أَعلم بما عندك
وبنفسك. وقيل: التَّامورُ النَّفْس وحياتها، وقيل العقل. والتَّامورُ أَيضاً:
دمُ القلب وحَبَّتُه وحياته، وقيل: هو القلب نفسه، وربما جُعِلَ خَمْراً،
وربما جُعِلَ صِبغاً على التشبيه. والتامور: الولدُ. والتّامور: وزير
الملك. والتّامور: ناموس الراهب. والتَّامورَةُ: عِرِّيسَة الأَسَدِ، وقيل:
أَصل هذه الكلمة سريانية، والتَّامورة: الإِبريق؛ قال الأَعشى:
وإِذا لها تامُورَة مرفوعةٌ
لشرابها . . . . . . . . . .
والتَّامورة: الحُقَّة. والتَّاموريُّ والتأْمُرِيُّ والتُّؤْمُريُّ:
الإِنسان؛ وما رأَيتُ تامُرِيّاً أَحسن من هذه المرأَة. وما بالدار تأْمور
أَي ما بها أَحد. وما بالركية تامورٌ، يعني الماءَ؛ قال أَبو عبيد: وهو
قياس على الأَوَّل؛ قال ابن سيده: وقضينا عليه أَن التاء زائدة في هذا كله
لعدم فَعْلول في كلام العرب. والتَّامور: من دواب البحر، وقيل: هي
دوَيبةٌ. والتَّامور: جنس من الأَوعال أَو شبيه بها له قرنٌ واحدٌ مُتَشَعِّبٌ
في وسَطِ رأْسه. وآمِرٌ: السادس من أَيام العجوز، ومؤُتَمِرٌ: السابع
منها؛ قال أَبو شِبل الأَعرابي:
كُسِعَ الشتاءُ بسبعةٍ غُبْرِ:
بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ
وبآمِرٍ وأَخيه مؤُتَمِرٍ،
ومُعَلِّلٍ وبمُطْفَئٍ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَول منهما يأْمرُ الناس بالحذر، والآخر يشاورهم في الظَّعَن
أَو المقام، وأَسماء أَيام العجوز مجموعة في موضعها. قال الأَزهري: قال
البُستْي: سُمي أَحد أَيام العجوز آمِراً لأَنه يأْمر الناس بالحذر منه،
وسمي الآخر مؤتمراً. قال الأَزهري: وهذا خطأٌ وإِنما سمي آمراً لأَن الناس
يُؤامِر فيه بعضُهم بعضاً للظعن أَو المقام فجعل المؤتمر نعتاً لليوم؛
والمعنى أَنه يؤْتَمرُ فيه كما يقال ليلٌ نائم يُنام فيه، ويوم عاصف
تَعْصِف فيه الريحُ، ونهار صائم إِذا كان يصوم فيه، ومثله في كلامهم ولم يقل
أَحد ولا سمع من عربي ائتْمَرْتُه أَي آذنتْهُ فهو باطل. ومُؤْتَمِرٌ
والمُؤْتَمِرُ: المُحَرَّمُ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَحْنُ أَجَرْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ،
في الحَجِّ من قَبْلِ دَآدي المُؤْتَمِرْ
أَنشده ثعلب وقال: القَمِرُ المتكبر. والجمع مآمر ومآمير. قال ابن
الكلبي: كانت عاد تسمِّي المحرَّم مُؤتَمِراً، وصَفَرَ ناجِراً، وربيعاً
الأَول خُوَّاناً، وربيعاً الآخر بُصاناً، وجمادى الأُولى رُبَّى، وجمادى
الآخرة حنيناً، ورَجَبَ الأَصمَّ، وشعبان عاذِلاً، ورمضان ناتِقاً، وشوّالاً
وعِلاً، وذا القَعْدَةِ وَرْنَةَ، وذا الحجة بُرَكَ.
وإِمَّرَةُ: بلد، قال عُرْوَةَ بْنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بين إِمَّرَةٍ وكِيرِ
ووادي الأُمَيِّرِ: موضع؛ قال الراعي:
وافْزَعْنَ في وادي الأُمَيِّرِ بَعْدَما
كَسا البيدَ سافي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
ويومُ المَأْمور: يوم لبني الحرث بن كعب على بني دارم؛ وإِياه عنى
الفرزدق بقوله:
هَلْ تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يَوْمَ الصَّفا،
أَو تَذْكُرونَ فَوارِسَ المَأْمورِ؟
وفي الحديث ذكرُِ أَمَرَ، وهو بفتحِ الهمزة والميم، موضع من ديار
غَطَفان خرج إِليه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لجمع محارب.
قلل: القِلَّةُ: خِلاف الكثرة. والقُلُّ: خلاف الكُثْر، وقد قَلَّ
يَقِلُّ قِلَّة وقُلاًّ، فهو قَليل وقُلال وقَلال، بالفتح؛ عن ابن جني.
وقَلَّله وأقَلَّه: جعله قليلاً، وقيل: قَلَّله جعله قَليلاً. وأَقَلَّ: أَتى
بقَلِيل. وأَقَلَّ منه: كقَلَّله؛ عن ابن جني. وقَلَّله في عينه أَي أَراه
قَليلاً. وأَقَلَّ الشيء: صادَفه قَليلاً. واستقلَّه: رآه قَليلاً.
يقال: تَقَلَّل الشيءَ واستقلَّه وتَقالَّه إِذا رآه قَليلاً. وفي حديث أَنس:
أَن نَفَراً سأَلوه عن عِبادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما
أُخُبِروا كأَنهم تَقالُّوها أَي استقلُّوها، وهو تَفاعُل من القِلَّة. وفي
الحديث: أَنه كان يُقِلُّ اللَّغْوَ أَي لا يَلْغُو أَصلاً؛ قال ابن الأَثير:
وهذا اللفظ يستعمَل في نفي أَصل الشيء كقوله تعالى: فَقَلِيلاً ما
يؤمنون، قال: ويجوز أَن يريد باللَّغْو الهزْلَ والدُّعاية، وأَن ذلك كان منه
قَليلاً.
والقُلُّ: القِلَّة مثل الذُّلِّ والذِّلَّة. يقال: الحمدلله على القُلّ
والكُثْر، والقِلِّ والكِثْرِ، وما له قُلٌّ ولا كُثْرٌ. وفي حديث ابن
مسعود: الرِّبا، وإِن كَثُر، فهو إِلى قُلٍّ؛ معناه إِلى قِلَّة أَي أَنه
وإِن كان زيادة في المال عاجلاً فإِنه يَؤُول إِلى النقص، كقوله: يمحَق
الله الرِّبا ويُرْبي الصَّدَقات؛ قاله أَبو عبيد وأَنشد قول لبيد:
كلُّ بَني حُرَّةٍ مَصِيرُهُمْ
قُلٌّ، وإِن أَكثرتْ من العَدَدْ
وأَنشد الأَصمعي لخالد بن عَلْقمَة الدَّارمي:
ويْلُ آمّ لَذَّات الشباب مَعِيشه
مع الكُثْرِ يُعْطاه الفَتى المُتْلِف النَّدي
قد يَقْصُر القُلُّ الفَتى دُونَ هَمِّه،
وقد كان، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ
وأَنشد ابن بري لآخر:
فأَرْضَوْهُ إِنْ أَعْطَوْه مِنِّي ظُلامَةً،
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
وقولهم: لم يترُك قَليلاً ولا كثيراً؛ قال أَبو عبيد: فإِنَّهم
يَبْدَؤون بالأَدْوَن كقولهم القَمَران، ورَبِيعة ومُضَر، وسُلَيم
وعامر.والقُلال، بالضم: القَلِيل. وشيء قليل، وجمعه قُلُل: مثل سَرِير وسُرُر.
وشيء قُلٌّ: قَليل. وقُلُّ الشيء: أَقَلُّه. والقَلِيل من الرجال:
القصير الدَّقِيق الجُثَّة، وامرأَة قَلِيلة كذلك. ورجل قُلٌّ: قصير الجُثَّة.
والقُلُّ من الرجال: الخسيس الدِّين؛ ومنه قول الأَعشى:
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
ووصفَ أَبو حنيفة العَرْض بالقِلَّة فقال: المِعْوَل نَصْل طويلٌ قَلِيل
العَرْض، وقومٌ قَلِيلون وأَقِلاَّءُ وقُلُلٌ وقُلُلون: يكون ذلك في
قِلَّة العَدَد ودِقَّة الجُثَّة، وقومٌ قَلِيل أَيضاً. قال الله تعالى:
واذكروا إِذ كنتم قَليلاً فكثَّركم.
وقالوا: قَلَّما يقوم زيد؛ هَيَّأَتْ ما قَلَّ ليقَعَ بعدها الفعلُ؛ قال
بعض النحويين: قَلَّ من قولك قَلَّما فِعْلٌ لا فاعل له، لأَن ما
أَزالته عن حُكْمه في تقاضيه الفاعل، وأَصارته إِلى حكم الحرف المتقاضِي للفعل
لا الاسم نحو لولا وهلاَّ جميعاً، وذلك في التَّحْضيض، وإِن في الشرط
وحرف الاستفهام؛ ولذلك ذهب سيبويه في قول الشاعر:
صَدَدْت فأَطولت الصُّدودَ، وقَلَّما
وِصالٌ على طُول الصُّدود يَدُومُ
إِلى أَن وِصالٌ يرتفِع بفعل مضمر يدلُّ عليه يَدُوم، حتى كأَنه قال:
وقَلَّما يدوم وِصالٌ، فلما أَضمر يَدُوم فسره بقوله فيما بعدُ يَدومُ،
فجرى ذلك في ارتفاعه بالفعل المضمر لا بالابتداء مجرى قولك: أَوِصالٌ يَدومُ
أَو هَلاَّ وِصال يَدُوم؟ ونظير ذلك حرف الجر في نحو قول الله عز وجل:
رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا؛ فما أَصلحتْ رُبَّ لوقوع الفعل بعدها
ومنعتْها وقوعَ الاسم الذي هو لها في الأَصل بعدها، فكما فارقت رُبَّ بتركيبها
مع ما حكمَها قبل أَن تركَّب معها، فكذلك فارقتْ طالَ وقَلَّ بالتركيب
الحادث فيهما ما كانتا عليه من طلبهما الأَسماء، أَلا ترى أَنْ لو قلتَ
طالما زيد عندنا أَو قَلَّما محمد في الدار لم يجز؟ وبعد فإِنَّ التركيب
يُحْدِث في المركَّبَين معنًى لم يكن قبل فيهما، وذلك نحو إِنَّ مفردة
فإِنها للتحقيق، فإِذا دخلتْها ما كافَّة صارت للتحقير كقولك: إِنَّما أَنا
عبدُك، وإِنما أَنا رسول ونحو ذلك، وقالوا: أَقَلُّ امرأَتين تَقُولان ذلك؛
قال ابن جني: لما ضارع المبتدأ حرفَ النفي بَقَّوُا المبتدأ بلا خبر.
وأَقَلَّ: افتقَرَ. والإِقْلالُ: قِلَّة الجِدَةِ، وقَلَّ مالُه. ورجل
مُقِلٌّ وأَقَلُّ: فقير. يقال: فعل ذلك من بين أَثْرَى وأَقَلَّ أَي من
بين الناس كلهم.
وقالَلْتُ له الماءَ إِذا خفتَ العطش فأَردت أَن تستقِلَّ ماءَك. أَبو
زيد: قالَلْت لفلان، وذلك إِذا قلَّلْت ما أَعطيتَه. وتَقالَلْت ما
أَعطاني أَي استقلَلْته، وتكاثَرْته أَي استكثرته.
وهو قُلُّ بنُ قُلٍّ وضُلُّ بنُ ضُلٍّ: لا يُعرف هو ولا أَبوه، قال
سيبويه: وقالوا قُلُّ رجل يقول ذلك إِلا زيد. وقدم علينا قُلُلٌ من الناس
إِذا كانوا من قَبائل شتَّى متفرِّقين، فإِذا اجتمعوا جمعاً فهم قُلَلٌ.
والقُلَّة: الحُبُّ العظيم، وقيل: الجَرَّة العظيمة، وقيل: الجَرَّة
عامة، وقيل: الكُوز الصغير، والجمع قُلَل وقِلال، وقيل: هو إِناءٌ للعرب
كالجَرَّة الكبيرة؛ وقال جميل بن معمر:
فظَلِلْنا بنِعمة واتَّكَأْنا،
وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ
وقِلال هَجَر: شبيهة بالحِبَاب؛ قالَ حسان:
وأَقْفَر من حُضَّارِه وِرْدُ أَهْلِهِ،
وقد كان يُسقَى في قِلالٍ وحَنْتَم
وقال الأَخطل:
يَمْشُون حَولَ مُكَدَّمٍ، قد كَدَّحَتْ
مَتْنَيه حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلال
وفي الحديث: إِذا بلَغ الماءُ قُلَّتين لم يحمِل نَجَساً، وفي رواية: لم
يحمِل خَبَثاً؛ قال أَبو عبيد في قوله قُلَّتين: يعني هذه الحِبَاب
العِظام، واحدتها قُلَّة، وهي معروفة بالحجاز وقد تكون بالشام. وفي الحديث في
ذكر الجنة وصفة سِدْرة المُنْتَهَى: ونَبِقُها مثل قِلال هَجَر، وهَجَر:
قرية قريبة من المدينة وليست هَجَر البحرين، وكانت تعمل بها القِلال.
وروى شمر عن ابن جريج قال: أَخبرني من رأَى قِلال هجر تسع القُلَّة منها
الفَرَق؛ قال عبد الرزاق: الفَرَق أَربعة أَصْوُع بصاع سيدنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، وروي عن عيسى بن يونس قال: القُلَّة يؤتى بها من ناحية
اليمن تسع فيها خمس جِرار أَو سِتّاً؛ قال أَحمد بن حنبل: قدر كل كل
قُلَّة قِرْبتان، قال: وأَخشى على القُلَّتين من البَوْل، فأَما غير البَوْل
فلا ينجسه شيء، وقال إِسحق: البول وغيره سواء إِذا بلغ الماء قُلَّتين
لم ينجسه شيء، وهو نحو أَربعين دَلْواً أكثر ما قيل في القُلَّتين، قال
الأَزهري. وقِلال هَجر والأَحْساء ونواحيها معروفة تأْخذ القُلَّة منها
مَزادة كبيرة من الماء، وتملأُ الرواية قُلَّتين، وكانوا يسمونها الخُرُوس،
واحدها خَرْس، ويسمونها القلال، واحدتها قُلَّة، قال: وأَراها سميت
قِلالاً لأَنها تُقَلُّ أَي ترفَع إِذا ملئت وتحمَل.
وفي حديث العباس: فحَثَا في ثوبه ثم ذهب يُقِلُّه فلم يستطِع؛ يقال:
أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه إِذا رفعه وحمله. وأَقَلَّ
الجَرَّة: أَطاق حملها. وأَقَلَّ الشيء واستقبلَّه: حمله ورفعه.
وقُلَّة كل شيء: رأْسه. والقُلَّة: أَعلى الجبل. وقُلَّة كل شيء:
أَعلاه، والجمع كالجمع، وخص بعضهم به أَعلى الرأْس والسنام والجبل. وقِلالة
الجبل: كقُلَّته؛ قال ابن أَحمر:
ما أُمُّ غَفْرٍ في القِلالة، لم
يَمْسَسْ حَشاها، قبله، غَفْر
ورأْس الإِنسان قُلَّة؛ وأَنشد سيبويه:
عَجائب تُبْدِي الشَّيْبَ في قُلَّة الطِّفْل
والجمع قُلَل؛ ومنه قول ذي الرمة يصف فِراخ النعامة ويشبه رؤوسها
بالبنادق:
أَشْداقُها كصُدُوع النَّبْع في قُلَلٍ،
مثل الدَّحارِيج لم يَنْبُت لها زَغَبُ
وقُلَّة السيف: قَبِيعَتُه. وسيف مُقَلَّل إِذا كانت له قَبِيعة؛ قال
بعض الهذليين:
وكُنَّا، إِذا ما الحربُ ضُرِّس نابُها،
نُقَوِّمُها بالمَشْرَفِيِّ المُقَلَّل
واستقلَّ الطائر في طيرانه: نَهض للطيران وارتفع في الهواء. واستقلَّ
النبات: أَنافَ. واستقلَّ القوم: ذهبوا واحتملوا سارِين وارتحلوا؛ قال الله
عز وجل: حتى إِذا أَقَلَّتْ سحاباً ثِقالاً؛ أَي حَمَلت. واستقلَّت
السماء: ارتفعت. وفي الحديث: حتى تَقالَّت الشمس أَي استقلَّت في السماء
وارتفعت وتعالَتْ. وفي حديث عمرو بن عَنْبسة: قال له إِذا ارتفعت الشمس
فالصلاة مَحْظُورة حتى يستقلَّ الرُّمْحُ بالظِّل أَي حتى يبلُغ ظل الرمح
المغروس في الأَرض أَدنى غاية القِلَّة والنقص، لأَن ظل كل شخص في أَوَّل
النهار يكون طويلاً ثم لا يزال ينقص حتى يبلُغ أَقصره، وذلك عند انتِصاف
النهار، فإِذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخُل وقت الظهر وتجوز
الصلاة ويذهب وقت الكراهة، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي يسمَّى ظل
الزوال أَي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء وهو موجود قبل الزيادة،
فقوله يستقِلُّ الرمحُ بالظل، هو من القِلَّة لا من الإِقْلال والاسْتقلالِ
الذي بمعنى الارتفاع والاسْتبداد.
والقِلَّة والقِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة، وقيل: هي الرِّعْدة من الغضب
والطمَع ونحوه يأْخذ الإِنسان، وقد أَقَلَّته الرِّعْدة واستقلَّته؛ قال
الشاعر:
وأَدْنَيْتِني حتى إِذا ما جَعَلْتِني
على الخَصْرِ أَو أَدْنَى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
يقال: أَخذه قِلُّ من الغضب إِذا أُرْعِد ويقال للرجل إِذا غضب: قد
استقلَّ.
الفراء: القَلَّة النَّهْضة من عِلَّة أَو فقر، بفتح القاف. وفي حديث
عمر: قال لأَخيه زيد لمَّا ودَّعه وهو يريد اليمامة: ما هذا القِلُّ الذي
أَراه بك؟ القِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة.
والقِلالُ: الخُشُب المنصوبة للتَّعريش؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
من خَمر عانَةَ، ساقِطاً أَفنانُها،
رفَع النَّبيطُ كُرُومَها بقِلال
أَراد بالقِلال أَعْمِدة ترفَع بها الكُروم من الأَرض، ويروى بظلال.
وارتحل القوم بقِلِّيَّتِهم أَي لم يَدَعوا وراءهم شيئاً. وأَكل
الضَّبَّ بقِلِّيَّتِه أَي بعظامه وجلده. أَبو زيد: يقال ما كان من ذلك قلِيلةٌ
ولا كَثِيرةٌ وما أَخذت منه قليلةً ولا كثيرة بمعنى لم آخُذ منه شيئاً،
وإِنما تدخل الهاء في النفي. ابن الأَعرابي: قَلَّ إِذا رفَع، وقَلَّ إِذا
علا.
وبنو قُلٍّ: بطن.
وقَلْقَل الشيءَ قَلْقَلَةً وقِلْقالاً وقَلْقالاً فَتَقَلْقَل
وقُلْقالاً؛ عن كراع وهي نادرة أَي حرَّكه فتحرَّك واضطرب، فإِذا كسرته فهو مصدر،
وإِذا فتحته فهو اسم مثل الزِّلْزال والزَّلْزال، والاسم القُلْقال؛
وقال اللحياني: قَلْقَل في الأَرض قَلْقَلةً وقِلْقالاً ضرَب فيها، والاسم
القَلْقالُ. وتَقَلْقل: كقَلْقَل. والقُلْقُل والقُلاقِلُ: الخفيف في
السفَر المِعْوان السريع التَّقَلْقُل. ورجل قَلْقال: صاحبُ أَسفار.
وتَقَلْقَل في البلاد إِذا تقلَّب فيها. وفرس قُلْقُل وقُلاقِل: جواد سريع.
وقَلْقَل أَي صوَّت،. وهو حكاية. قال أَبو الهيثم: رجل قُلْقُل بُلْبُل إِذا
كان خفيفاً ظريفاً، والجمع قَلاقِل وبَلابِل. وفي حديث عليّ: قال أَبو عبد
الرحمن السلمي خرج علينا عليٌّ وهو يَتَقَلْقَل؛ التَّقَلْقُل: الخفَّة
والإِسراع، من الفَرَسِ القُلْقُلِ، بالضم، ويروى بالفاء، وقد تقدم. وفي
الحديث: ونَفْسه تَقَلْقَل في صدره أَي تتحرك بصوت شديد وأَصله الحركة
والاضطراب. والقَلْقَلة: شدّة الصياح. وذهب أَبو إِسحق في قَلْقَل وصَلْصَل
وبابُه أَنه فَعْفَل. الليث: القَلْقَلة والتَّقَلْقُل قِلَّة الثبوت في
المكان. والمِسْمارُ السَّلِسُ يَتَقلْقَل في مكانه إِذا قَلِق.
والقَلْقَلة: شدّة اضطراب الشيء وتحركه، وهو يَتَقَلْقَل ويَتَلقْلَق. أَبو
عبيد: قَلْقَلْت الشيء ولَقْلَقْتُه بمعنى واحد.
والقِلْقِل: شجر أَو نبت له حبٌّ أَسود؛ قال أَبو النجم:
وآضَتِ البُهْمَى كنَبْلِ الصَّيْقَلِ،
وحازَتِ الرِّيحُ يَبِيس القِلْقِل
وفي المثل:
دَقَّك بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِل
والعامة تقول حب الفُلْفُل؛ قال الأَصمعي: وهو تصحيف، إِنما هو بالقاف،
وهو أَصلب ما يكون من الحبوب، حكاه أَبو عبيد. قال ابن بري: الذي ذكره
سيبويه ورواه حب الفُلْفُل، بالفاء، قال: وكذا رواه عليّ بن حمزة؛
وأَنشد:وقد أَراني في الزمانِ الأَوَّلِ
أَدُقُّ في جارِ اسْتِها بمِعْوَلِ،
دَقَّك بالمِنْحازِ حبَّ الفُلْفُلِ
وقيل: القِلْقِل نبت ينبت في الجَلَد وغَلْظ السَّهْل ولا يكاد ينبُت في
الجبال، وله سِنْف أُفَيْطِحُ ينبُت في حبات كأَنهنّ العدَس، فإِذا
يَبِس فانتفَخ وهبَّت به الريحُ سمعْت تَقلقُلَه كأَنه جَرَس، وله ورَق أَغبر
أَطْلس كأَنه ورَق القَصَب. والقُلاقِل والقُلْقُلان: نَبْتان. وقال
أَبو حنيفة: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلان كله شيء واحد نَبْت، قال:
وذكر الأَعراب القُدُم أَنه شجر أَخضر ينهَض على ساقٍ، ومَنابتُه الآكام
دون الرياض وله حب كحبِّ اللُّوبِياء يؤكَل والسائمةُ حريصة عليه؛
وأَنشد:كأَنّ صوتَ حَلْيِها، إِذا انْجَفَلْ،
هَزُّ رِياحٍ قُلْقُلاناً قد ذَبَلْ
والقُلاقِلُ: بَقْلة بَرِّيَّة يُشْبِه حبُّها حبَّ السِّمْسِم ولها
أَكمام كأَكمامها. الليث: القِلْقِل شجر له حبٌّ عِظام ويؤْكل؛ وأَنشد:
أَبْعارُها بالصَّيْفِ حَبُّ القِلقِل
وحب القِلقِل مُهَيِّج على البِضاع يأْكله الناس لذلك؛ قال الراجز
وأَنشده أَبو عمرو لليلى:
أَنْعَتُ أَعْياراً بأَعلى قُنَّهْ
أَكَلْنَ حَبَّ قِلْقِلٍ، فَهُنَّهْ
لهنّ من حُبّ السِّفادِ رِنَّهْ
وقال الدينَوَري: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلانُ كله واحد له حب
كحَب السِّمْسِم وهو مهيّج للباهِ؛ وقال ذو الرمة في القِلقِل ووصف
الهَيْف:وساقَتْ حَصادَ القُلْقُلان، كأَنما
هو الخَشْلُ أَعْرافُ الرِّياحِ الزَّعازِع
والقُلْقُلانِيُّ: طائر كالفاخِتة.
وحُروف القَلْقلة: الجيمُ والطاءُ والدالُ والقاف والباء؛ حكاها سيبويه،
قال: وإِنما سميت بذلك للصوت الذي يحدث عنها عند الوقف لأَنك لا تستطيع
أَن تقِف عنده إِلا معه لشدة ضَغْط الحرف.
قرد: القَرَدُ، بالتحريك: ما تَمَعَّطَ من الوَبَرِ والصوفِ وتَلَبَّدَ،
وقيل: هو نُفايَةُ الصوف خاصَّةً ثم استعمل فيما سواه من الوبر والشعر
والكَتَّان، قال الفرزدق:
أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نَهاراً،
من المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ
يعني بالأُسَيِّدِ هنا سُوَيْداءَ، وقال من المُتَلَقِّطي قَرَدَ
القُمامِ لِيثْبِتَ أَنها امرأَة لأَنه لا يَتَتَبَّعُ قَرَدَ القُمامِ إِلا
النساء، وهذا البيتُ مُضَمَّنٌ لأَن قوله أُسَيِّدٌ فاعل بما قبله، أَلا
ترى أَن قبله:
سَيَأَتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي،
ويُدْخِلُ رأْسَهُ تحتَ القِرامِ
أُسَيِّدُ . . . . . . . . .
قال ابن سيده: وذلك أَنه لو قال أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نهاراً ولم
يتبعه ما بعده لظن رجلاً فكان ذلك عاراً بالفرزدق وبالنساء، أَعني أَن
يُدْخِلَ رأْسَه تحتَ القِرامِ أَسودُ فانتفى من هذا وبَرّأَ النساء منه بأَن
قال من المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ، واحدته قَرَدَة. وفي المثل:
عَكَرَتْ على الغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فلم تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً؛ وأَصله أَن
تترك المرأَة الغزل وهي تجد ما تَغْزِلُ من قطن أَو كتان أَو غيرهما حتى
إِذا فاتها تتبعت القَرَدَ في القُماماتِ مُلْتَقِطَةً، وعَكَرَتْ أَي
عَطَفَتْ.
وقَرِدَ الشعرُ والصوف، بالكسر، يَقْرَدُ قَرَداً فهو قَرِدٌ،
وتَقَرَّدَ: تَجَعَّدَ وانعَقَدَتْ أَطرافُه. وتَقَرَّدَ الشعرُ: تَجَمَّعَ.
وقَرِدَ الأَدِيمُ: حَلِمَ. والقَرِدُ من السحاب: الذي تراه في وجهِهِ شِبْهُ
انعقادٍ في الوهمِ يُشَبَّه بالشَّعَرِ القَرِدِ الذي انعَقَدَتْ
أَطرافه. ابن سيده: والقَرِدُ من السحاب المتَعَقِّدُ المُتَلَبِّدُ بعضُه على
بعض شبه بالوبَرِ القَرِدِ. قال أَبو حنيفة: إِذا رأَيتَ السحابَ
مُلتَبِداً ولم يَملاسَّ فهو القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ. وسحابٌ قَرِدٌ: وهو
المتقطع في أَقطار السماء يركب بعضه بعضاً.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ذُرِّي الدَّقيقَ وأَنا أُحَرِّكُ لكِ لئلا
يَتَقَرَّد أَي لئلا يَرْكَبَ بَعضُهُ بعضاً؛ وفيه: أَنه صلى إِلى
بعِيرٍ من المَغْنَمِ فلما انفتل تناول قَرَدَةً من وبرِ البعير أَي قِطْعَةً
مما يُنْسَلُ منه. والمُتَقَرِّدُ: هَناتٌ صغارٌ تكون دون السحاب لم
تلتئم بعد. وفرس قَرِدُ الخَصِيلِ إِذا لم يكن مُسْتَرْخِياً، وأَنشد:
قَرِد الخَصِيلِ وفي العِظامِ بَقِيَّةٌ
والقُرادُ: معروف واحد القِرْدانِ. والقُرادُ: دُوَيبَّةٌ تَعَضُّ
الإِبل؛ قال:
لقدْ تَعَلَّلْتُ على أَيانِقِ
صُهْبٍ، قَلِيلاتِ القُرادِ اللاَّزِقِ
عنى بالقُراد ههنا الجنس فلذلك أَفرد نعتها وذكَّرَه. ومعنى قَلِيلات:
أَنَّ جُلودَها مُلْسٌ لا يَثْبُتُ عليها قُرادٌ إِلا زَلِقَ لأَنها
سِمانٌ ممتلئة، والجمع أَقْردَة وقِرْدانٌ كثيرة؛ وقول جرير:
وأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرَزْدَقِ ناخِساً،
وفُرْدُ اسْتِها بَعْدَ المنامِ يُثِيرُها
قُرْد فيه: مخفف من قُرُدٍ؛ جَمَعَ قُراداً جَمْعَ مِثالٍ وقَذالٍ
لاستواء بنائه مع بنائهما. وبعيرٌ قَرِدٌ: كثير القِرْدانِ؛ فأَما قول مبشر بن
هذيل ابن زافر
(* قوله «زافر» كذا في الأَصل بدون هاء تأنيث.) الفزاري:
أَرسَلْتُ فيها قَرِداً لُكالِكَا
قال ابن سيده: عندي أَن القَرِدَ ههنا الكثيرُ القِرْدانِ. قال: وأَما
ثعلب فقال: هو المتجمع الشعر، والقولان متقاربان لأَنه إِذا تجمع وبره
كثرت فيه القِرْدانُ. وقَرَّده: انتزع قِرْدانَه وهذا فيه معنى السلب، وتقول
منه: قَرِّدْ بعيركَ أَي انْزِعْ منه القِرْدان. وقَرَّده: ذلَّله وهو
من ذلك لأَنه إِذا قُرِّدَ سكَنَ لذلك وذَلَّ، والتقريدُ: الخِداعُ مشتق
من ذلك لأَن الرجل إِذا أَراد أَن يأْخذ البعير الصعب قَرَّده أَولاً
كأَنه يَنْزعُ قِرْدانه؛ قال الحصين بن القعقاع:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ فِيهِمُ،
وهم يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا
قال ابن الأَعرابي: يقول لا يَسْتَنْبِذُ إِليهم
(* قوله «لا يستنبذ
اليهم» كذا بالأصل بدون ضبط ولعل الاظهر لا يستذلهم) أَحد؛ وقال
الحطيئة:لَعَمْرُكَ ما قُرادُ بَني كُلَيْبٍ،
إِذا نُزِعَ القُرادُ، بِمُسْتَطاع
ونسبه الأَزهري للأَخطل.
والقَرُودُ من الإِبل: الذي لا يَنْفِرُ عند التَّقْرِيد. وقُرادا
الثَّدْيَيْنِ: حَلَمتاهما؛ قال عدي بن الرقاع يمدح عمر بن هبيرة وقيل هو
لِمِلْحَةَ الجَرْمي:
كأَنَّ قُرادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُما،
بِطِينٍ منَ الجَوْلانِ، كُتَّابُ أَعْجَمِ
إِذا شِئتَ أَن تَلْقى فَتى الباسِ والنَّدى،
وذا الحَسَبِ الزاكي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ
فَكُنْ عُمَراً تَأْتي، ولا تَعْدوَنَّه
إِلى غيرِه، واسْتَخْبرِ الناسَ وافْهَمِ
وأُم القِرْدانِ: الموضع بلين الثُّنَّة والحافر وأَنشد بيت مِلْحَةَ
الجرمي أَيضاً وقال: عنى به حَلَمَتي الثَّدْيِ. ويقال للرجل: إِنه لحسن
قُرادَيِ الصدرِ، وأَنشد الأَزهري هذا البيت ونسبه لابن ميادة يمدح بعض
الخلفاء وقال في آخره: كتاب أَعجما؛ قال أَبو الهيثم: القرادان من الرجل
أَسفل الثُّنْدُوَة. يقال: إِنهما منه لطيفان كأَنهما في صدره أَثر طين خاتم
ختمه بعض كتَّاب العجم، وخصهم لأَنهم كانوا أَهل دَواوِينَ وكتابة.
وأُمُّ القِرْدانِ في فِرْسِن البعير: بين السُّلاميَاتِ؛ وقيل في تفسير
قُرادِ الزَّوْرِ الحَلَمةُ وما حولها من الجلد المخالف للون الحَلَمة.
وقُرادا الفرس: حلمتان عن جانِبَيْ إِحْلِيلِه.
ويقال: فلان يُقَرِّدُ فلاناً إِذا خادعه متلطفاً؛ وأَصله الرجل يجيء
إِلى الإِبل ليلاً ليركب منها بعيراً فيخاف أَن يرغو فَيَنْزِعُ منه
القُراد حتى يستأْنس إِليه ثم يَخْطِمُه، وإِنما قيل لمن يَذِلُّ قد أُقْرِدَ
لأَنه شبه بالبعير يُقَرَّدُ أَي ينزع منه القراد فَيَقْرَدُ لخاطمه ولا
يستصعب عليه.
وفي حديث ابن عباس: لم ير بِتَقْريدِ المحرمِ البعيرَ بَأْساً؛ التقريدُ
نزع القِرْدانِ من البعير، وهو الطَّبُّوعُ الذي يَلْصَقُ بجسمه. وفي
حديثه الآخر: قال لعكرمة، وهو محرم: قم فَقَرِّدْ هذا البعير، فقال: إِني
محرم، فقال: قم فانحره فنحره، فقال: كم نراك الآن قتلت من قُرادٍ
وحَمْنانة؟ ابن الأَعرابي: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذَلاًّ وأَخْرَدَ إِذا سكت
حياء. وفي الحديث: إِيَّاكُمْ والإِقْرادَ، قالوا: يا رسول الله، وما
الإِقرادُ؟ قال: الرجل يكون منكم أَميراً أَو عاملاً فيأْتيه المِسْكينُ
والأَرملة فيقول لهم: مكانَكم، ويأْتيه
(* قوله «مكانكم ويأتيه» كذا بالأصل
وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه...) الشريفُ والغني
فيدنيه ويقول: عجلوا قضاء حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُقْرِدين. يقال:
أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سكت ذلاًّ، وأَصله أَن يقع الغُرابُ على البعير
فَيَلْتَقِطَ القِرْدانَ فَيَقِرَّ ويسكن لما يجده من الراحة. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها: كان لنا وحْشٌ فإِذا خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَقرَدَ أَي سكَنَ وذَلَّ.
وأَقْرَدَ الرجلُ وقَرِدَ: ذَلَّ وخَضَع، وقيل: سكت عن عِيٍّ. وأَقرَدَ أَي
سَكَنَ وتمَاوَت؛ وأَنشد الأَحمر:
تقولُ إِذا اقْلَوْلى عليها وأَقْرَدَتْ
أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟
قال ابن بري: البيت للفرزدق يذكر امرأَة إِذا علاها الفحل أَقرَدَتْ
وسكنت وطلبت منه أَن يكون فعله دائماً متصلاً. والقَرَدُ: لَجْلَجَة في
اللسان؛ عن الهَجَريّ، وحكي: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لولا قَرَدٌ في لسانك،
وهو من هذا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يسكت عن بعض ما يُريدُ الكلامَ
به. أَبو سعيد: القِرْديدَةُ صُلْبُ الكلام. وحكي عن أَعرابي أَنه قال:
اسْتَوْقَحَ الكلامُ فلم يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً منه فركِبْتُه ولم أَزُغْ
عنه يميناً ولا شمالاً. وقرِدَت أَسنانُه قَرَداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ
بالدُّرْدُر. وقَرِدَ العِلْكُ قَرَداً: فَسَد طعمُه.
والقِرْد: معروف. والجمع أَقرادٌ وأَقْرُد وقُرودٌ وقِرَدَةٌ كثيرة. قال
ابن جني في قوله عز وجل: كونوا قِرَدَةً خاسئين: ينبغي أَن يكون خاسئين
خبراً آخر لكونوا والأَوَّلُ قِرَدَةً، فهو كقولك هذا حُلْو حامض، وإِن
جعلته وصفاً لقِرَدَة صَغُرَ معناه، أَلا ترى أَن القِرْد لذُّلِّه
وصَغارِه خاسئ أَبداً، فيكون إِذاً صفة غير مُفيدَة، وإِذا جعلت خاسئين خبراً
ثانياً حسن وأَفاد حتى كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين، أَلا ترى أَن
لأَحد الاسمين من الاختصاص بالخبرية ما لصاحبه وليست كذلك الصفة بعد
الموصوف، إِنما اختصاص العامل بالموصوف ثم الصفةُ بعد تابعة له. قال: ولست
أَعني بقولي كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين أَن العامل في خاسئين عامل
ثان غير الأَوّل، معاذ الله أَن أُريد ذلك إِنما هذا شيء يُقَدَّر مع
البدل، فأَما في الخبرين فإِن العامل فيهما جميعاً واحد. ولو كان هناك
عامل لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد. ولو كان هناك عامل لما كانا خبرين
لمخبر عنه واحد، وإِنما مفاد الخبر من مجموعهما؛ قال: ولهذا كان عند أَبي علي
أَن العائد على المبتدإِ من مجموعهما وإِنما أُريد أَنك متى شئت باشرت
كونوا أَي الاسمين آثَرْتَ وليس كذلك الصفة، ويُو نِسُ لذلك أَنه لو كانت
خاسئين صفة لقردة لكان الأَخلقُ أَن يكون قردة خاسئة، فأَنْ لم يُقْرأْ
بذلك البتةَ دلالةٌ على أَنه ليس بوصف وإِن كان قد يجوز أَن يكون خاسئين
صفة لقردة على المعنى، إِذ كان المعنى إِنما هي هم في المعنى إِلا أَن هذا
إِنما هو جائز، وليس بالوجه بل الوجه أَن يكون وصفاً لو كان على اللفظ
فكيف وقد سبق ضعف الصفة هنا؟ والأُنثى قِرْدَة والجمع قِرَدٌ مثل قِرْبَةٍ
وقِرَبٍ.
والقَرَّادُ: سائِسُ القُرُودِ. وفي المثل: إِنه لأَزْنى من قِرْدٍ؛ قال
أَبو عبيد: هو رجل من هذيل يقال له قِرْدُ بن معاوية.
وقَرَدَ لعياله قَرْداً: جَمَعَ وكسَبَ. وقَرَدْتُ السَّمْنَ، بالفتح،
في السِّقاءِ أَقْرِدُه قَرْداً: جمعته. وقَرَدَ في السقاءِ قَرْداً:
جَمَعَ السمْنَ فيه أَو اللَّبن كَقَلَدَ؛ وقال شمر: لا أَعرفه ولم أَسمعه
إِلا لأَبي عبيد. وسمع ابن الأَعرابي: قَلَدْتُ في السقاء وقَرَيْتُ فيه؛
والقَلْدُ: جَمْعُك الشيء على الشيء من لبَن وغيره. ويقال: جاء بالحديث
على قَرْدَدِه وعلى قَنَنِهِ وعلى سَمْتِهِ إِذا جاء به على وجهه.
والتِّقْرِدُ الكَرَوْيا، وقيل: هي جمع الأَبزار، واحدتها تِقْرِدَة.
والقَرْدَدُ من الأَرض: قُرْنَةٌ إِلى جنب وَهْدة؛ وأَنشد:
متى ما تَزُرْنا، آخِرَ الدَّهْرِ، تَلْقَنا
بِقَرْقَرَةٍ مَلْساءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ
الأَصمعي: القَرْدَدُ نحو القُفِّ. ابن شميل القُرْدودة ما أَشرَف منها
وغلُظَ وقلما تكون القراديدُ إِلا في بسطة من الأَرض وفيما اتسع منها،
فتَرى لها متناً مشرفاً عليها غليظاً لا يُنْبِتُ إِلا قليلاً؛ قال: ويكون
ظهرها سعته دعوة
(* قوله «سعته دعوة» كذا بالأصل ولعله غلوة.) وبُعْدُها
في الأَرض عُقْبَتَيْن وأَكثر وأَقل، وكل شيء منها حدَبٌ ظهرُها
وأَسنادها. وقال شمر: القُرْدُودة طريقة منقادة كقُرْدُودةِ الظهر.
والقَرْدَدُ: ما ارتفع من الأَرض، وقيل: وغلُظَ، قال سيبويه داله
مُلْحِقة له بجعفر وليس كَمَعدّ لأَن ذلك مبني على فَعَلّ من أَول وهلة، ولو
كان قَرْدَدٌ كَمَعدّ لم يظهر فيه المثلان لأَن ما أَصله الإِدغام لا
يُخَرَّجُ على الأَصل إِلاَّ في ضرورة شعر، قال: وجمع القَرْدَدِ قرادِدُ ظهرت
في الجمع كظهورها في الواحد. قال: وقد قالوا: قَراديدُ فأَدخلوا الياء
كراهية التضعيف. والقُرْدُودُ: ما ارتفع من الأَرض وغلظ مثل القَرْدَدِ؛
قال ابن سيده: فعلى هذا لا معنى لقول سيبويه إِن القَراديدَ جمع قَرْدَد.
قال الجوهري: القَرْدَد المكان الغليظ المرتفع وإِنما أُظْهِرَ التضعيف
لأَنه مُلْحَقِ بفَعْلَل والمُلْحَق لا يُدْغم، والجمع قَرادِدُ. قال: وقد
قالوا قراديد كراهية الدالين. وفي الحديث: لَجَؤوا إِلى قَرْدَدٍ؛ وهو
الموضع المرتفع من الأَرض كأَنهم تحصنوا به. ويقال للأَرض المستوية
أَيضاً: قَرْدد؛ ومنه حديث قس الجارود.
(* قوله «قس الجارود» كذا بالأصل وفي شرح
القاموس قيس بن الجارود، بياء بعد القاف مع لفظ ابن وفي نسخة من النهاية
قس والجارود).
قطَعْتُ قَرْدَداً.
وقُرْدُودَةُ الثَّبَجِ: ما أَشرَفَ منه. وقُرْدُودَةُ الظهر: ما
ارتَفَعَ من ثبَجِه. الأَصمعي: السِّيساءُ قُرْدودَةُ الظَّهْرِ. أَبو عمرو:
السَّيساءُ من الفرَسِ الحارِكُ ومن الحمارِ الظَّهْرُ. أَبو زيد:
القِرْديدَةُ الخط الذي وسَطَ الظهر، وقال أَبو مالك: القُرْدودَةُ هي الفقارة
نفسها. وقال: تمضي قُرْدُودَةُ الشتاءِ عَنَّا، وهي جَدْبَتُه وشِدَّتُه.
وقُرْدودَةُ الظَّهْرِ: أَعلاهُ من كل دابة. وأَخذه بِقَرْدَةِ عُنُقِه؛
عن ابن الأَعرابي، كقولك بِصُوفِه، قال: وهي فارسية؛ ابن بري: قال
الراجز:يَرْكَبْنَ ثِنْيَ لاحِبٍ مَدْعُوقِ،
نابي القَرادِيدِ مِنَ البُؤوقِ
القَراديدُ: جمع قُرْدُودَةٍ، وهي الموضع الناتئُ في وسطه.
التهذيب: القَرْدُ لغة في الكَرْدِ، وهو العنق، وهو مَجْثَمُ الهامةِ
على سالفةِ العُنُق؛ وأَنشد:
فَجَلَّلَه عَضْبَ الضَّريبةِ صارِماً،
فَطَبَّقَ ما بَيْنَ الضَّريبةِ والقَرْدِ
التهذيب: وأَنشد شمر في القَرْدِ القصِير:
أَو هِقْلَةِ من نَعامِ الجوِّ عارَضَها
قَرْدُ العِفاءِ، وفي يافُوخِه صَقَعُ
قال: الصقَعُ القَرَعُ. والعِفاءُ: الرِّيشُ. والقَرْدُ: القصيرُ.
وبنو قَرَدٍ: قوم من هذيل منهم أَبو ذؤيب.
وذُو قَرَدٍ: موضع؛ وفي الحديث ذكر ذي قَرَد؛ هو بفتح القاف والراء: ماء
على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر؛ ومنه غَزْوَةُ ذي قَرَدٍ ويقال
ذو القَرَد.