Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جل_جلاله

أُبَّهَة

أُبَّهَة
الجذر: أ ب هـ

مثال: أُبَّهَةُ المُلْكِ
الرأي: مرفوضة
السبب: لشيوع الكلمة على ألسنة العامة.
المعنى: جلاله وعظمته

الصواب والرتبة: -أُبَّهَةُ المُلْكِ [فصيحة]-جَلالُ المُلْكِ [فصيحة]
التعليق: ذُكِرَت الكلمة المرفوضة في المعاجم، وقد قال عَلِيٌّ _ رضِي الله تعالى عنه: «كم مِن ذي أُبَّهَةٍ قد جَعَلْتُه حقيرًا».

الإنسان المثالى

الإنسان المثالى
أجمل الله الإنسانية المثالية وما ينتظرها من الجزاء المادى والروحى في قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (البينة 7، 8). فالإنسان المثالى هو ذلك الذى يؤمن ويعمل صالحا، وقد فصل القرآن في مواضع كثيرة هذا العمل الصالح فمنه ما يرتبط بالله، ومنه ما يرتبط بالناس، ومنه ما يعود إلى الشخص نفسه.
أما ما يرتبط بالله فأن يؤدّى فرائضه في محبة وخشوع، ويصلى ذاكرا جلاله، وعظمته، وإذا أصغى إلى آيات الله سجد لما فيها من عظمة وحكمة قائلا: سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (الإسراء 108)، لا يغيب ذكر الله عنه، مفكرا في خلق السموات والأرض، رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (آل عمران 191 - 194). وفي ذكر الله ورقابته دائما إحياء للضمير الإنسانى، وإقامة هذا الضمير رقيبا على أعمال المرء، فلا يفعل منفردا ما يخجل من فعله مع الجماعة، وإذا حيى الضمير، وقويت شوكته، كان للإنسان منه رقيب على نفسه، فى كل ما يأتى من الأمور وما يدع، وتربية الضمير هو الهدف الرئيسى للتربية، والغرض الأول الذى يرمى إليه المربون.
أما صلته بالناس فصلة رفق وحب وعطف، يفى بالعهد إن عاهد، ويؤدى الأمانة إن اؤتمن، ويربأ بنفسه عن اللغو، فلا يضيع وقته سدى فيه، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (المؤمنون 1 - 8). وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (المعارج 24، 25). ويؤتون: الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ (البقرة 177). يأمرون بالصدقة والمعروف، ويصلحون بين الناس، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء 114). وهو هنا لا يكتفى بأن يكون المرء صالحا في نفسه، بل لا بدّ أن يكون عضوا نافعا في جماعته، وقوة عاملة فيها، فهو يتصدق، ويأمر غيره بالصدقة، ويصلح بين الناس ويأمر غيره بالإصلاح بينهم، ولا يكتفى القرآن بأن يقف المرء موقف الواعظ المرشد فحسب، بل من الواجب أن يأخذ بحظه من الخير الذى يدعو إليه ولهذا وبخ القرآن أولئك الذين يدعون إلى الخير، وينسون أنفسهم فى قوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (البقرة 44).
والإنسان الكامل هو ذلك الذى يبذل جهده في خدمة جماعته، ويعمل على النهوض بها، فلا يعيش كلّا، ولا يقبل أن يرضى غروره، بأن يسمع ثناء على ما لم يفعل، أما هؤلاء الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (آل عمران 188).
ومن أكبر سماته أنه يدفع السيئة بالحسنى، فيؤلف القلوب النافرة، ويستل الخصومة من صدر أعدائه، وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (فصلت 34، 35). وأنت ترى القرآن يعترف بأن هذا الخلق لا يتصف به إلا من كان ذا قدم عظيمة في التفوق في مراتب الكمال، وذا حظ عظيم منه. ويتصل بهذه الصفة كظم الغيظ والعفو عن الناس، وهما مما مجد القرآن إذ قال: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران 133، 134). وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (الشورى 37).
وهو عادل، يقول الحق ولا يحيد عنه، ولا يصرفه عن قوله ذو قرابة أو عداوة، وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى (الأنعام 152). كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (المائدة 8).
قد طهر قلبه، فلا يحمل لأحد غلا ولا موجدة، ويسأل الله السلامة من شر ذلك قائلا: وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (الحشر 10). ولا يسعد إنسان في حياته، إذا كان يحمل في قلبه ضغنا على أحد، أو حسدا أو غلا، فإن ذلك يقلب الحياة شقاء، وينغص على المرء أيامه ولياليه فضلا عن ضياع الوقت، وما أجمل الحياة إذا طهر قلب المرء، وبعد عنه ما يئوده من هموم الحقد والحسد، حينئذ يعمل في طمأنينة، ويجاهد في سكينة.
وحسنت صلته بجاره ذى القربى والجار الجنب، ولذلك أثره في سعادة الحياة، والطمأنينة فيها، ويعامل الناس برفق، فلا يغره منصب يظفر به، ولا مال يحويه، ولا
يدفعه ذلك إلى تعاظم أو كبر، ولا يخرجه ما يظفر به إلى البطر والمرح، وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (لقمان 18، 19).
يرد التحية بأحسن منها، وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (النساء 86). ولا يدخل بيتا غير بيته حتى يستأذن، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (النور 27، 28). ويجلس مع الناس في رفق. فلا يجد غضاضة في أن يفسح لغيره من مجلسه، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (المجادلة 11).
وإذا كانت السخرية بالغير، بأى لون من ألوان السخرية، مدعاة إلى تأصل العداء، وتقطع الصلات، كان الإنسان النبيل هو من يجتنب السخرية من الناس، وعيبهم، ولمزهم بألقاب يكرهونها، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الحجرات 11).
ومن أهم أخلاق الإنسان المثالى الصبر، وقد أثنى به الله كثيرا، وحث عليه كثيرا، وجعله خلة لا يظفر بها إلا الممتازون من الناس، ذوو الحظ الكبير من الرقى الخلقى، قال سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (البقرة 155 - 157). وقال: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ (الحج 34، 35). وقال: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (الزمر 10). ومما يرتبط بالصبر شديد الارتباط مقابلة الأحداث ونوازل الحياة، بل ما تأتى به من سعادة وخير، فى هدوء وطمأنينة، فلا يستفزه فرح، ولا يثيره حزن ولا ألم، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (الحديد 23).
ويسير في إنفاقه سيرا مقتصدا لا تقتير فيه ولا تبذير، وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (الفرقان 67)، وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (الإسراء 26 - 29). وهو لذلك يأكل ويشرب، ويستمتع، فى غير إسراف ولا خيلاء، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف 31)، ويأخذ بحظه من الحياة الدنيا في غير تكالب عليها، ولا جعل الاستمتاع بها الهدف الأساسى في الحياة.
ويكره القرآن للمرء أن يتبجّح بالقول، فيدعى أنه سيفعل ويفعل، ثم تنجلى كثرة القول عن تقصير معيب في العمل، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (الصف 2، 3).
ويحسن أن أوجه النظر هنا إلى أن القرآن لا يبرئ الإنسان من فعل السوء، ولا ينزهه عن الإثم، ولكن الذى يأخذه عليه هو أن يتمادى في العصيان، ويصرّ على ما يفعل، فلا يندم، ولا يتوب، أما أبواب الجنة فمفتحة لأولئك وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (آل عمران 135، 136).
وهذه بعض آيات من القرآن يصف بها أولئك المثاليين، إذ يقول: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (الفرقان 63 - 67).

التّوحيد

التّوحيد:
[في الانكليزية] Union ،monotheism ،unicity
[ في الفرنسية] Union ،monotheisme ،unicite
هو لغة جعل شيء واحدا. وفي عبارة العلماء اعتقاد وحدانيته تعالى. وعند الصوفية معرفة وحدانيته الثابتة له في الأزل والأبد، وذلك بأن لا يحضر في شهوده غير الواحد جلّ جلاله، كذا في مجمع السلوك. قال في شرح القصيدة الفارضية: كلّ المقامات والأحوال بالنسبة إلى التوحيد كالطّرق والأسباب الموصلة إليه وهو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى، وليس وراءه للعباد قربة، وحقيقته جلّت عن أن يحيط بها فهم أو يحوم حولها وهم. وتكلّم كل طائفة فيه بعضهم بلسان العلم والعبارة والبعض بلسان الذوق والإشارة، وما قدّروه حق قدره وما زاد بيانهم غير ستره انتهى. ويؤيده ما قال الإمام الرازي في التفسير الكبير من أن هاهنا حالة عجيبة، فإنّ العقل ما دام يلتفت إلى الوحدة فهو بعد لم يصل إلى عالم الوحدة، فإذا ترك الوحدة فقد وصل الوحدة، وهل يمكن التعبير عن ذلك. فالحق أنه لا يمكن لأنك متى عبّرت عنه فقد أخبرت عنه بأمر آخر، والمخبر عنه غير المخبر به، فليس هناك توحيد. ولو أخبرت عنه فهناك ذات مع السلب الخاص فلا يكون توحيد هناك. فأما إذا نظرت إليه من حيث أنه هو من غير أن يخبر عنه لا بالنفي ولا بالإثبات، فهناك تحقّق الوصول إلى مبادي عالم التوحيد. ثم الالتفات المذكور لا يمكن التعبير عنه إلّا بقوله هو، فلذلك عظم وقع هذه الكلمة عند الخائضين في بحار التوحيد انتهى.

ثم قال شارح القصيدة الفارضية: لكن أرباب الذوق لما كانت إشارتهم عن وجدان وبيانهم عن عيان الاحت إشارتهم لأسرار المحبين لوائح الكشف المبين، كما قيل: التوحيد إسقاط الإضافات أي لا تضيف شيئا من الأشياء إلى غير الحق سبحانه، وقيل تنزيه الله عن الحدث.
وقيل إسقاط الحدث وإثبات القدم. وحاصل الإشارات أنّ التوحيد إفراد القدم عن الحدث.

وللتوحيد مراتب: علم وعين وحق، كما لليقين علمه ما ظهر بالبرهان، وعينه ما ثبت بالوجدان، وحقه ما اختص بالرحمن. أما التوحيد العلمي فتصديقي إن كان دليله نقليا، وهو التوحيد العام، وتحقيقي إن كان عقليا، وهو التوحيد الخاص. والمصدّق وإن علم أن للخلق إلها واحدا لا شريك له لكن قد يعتوره الشبه، والمحقق يشاهده بعقله المقبل على الله تعالى بأنوار الهداية، ويعلم يقينا بالدليل القاطع أنّ الموجود الحقيقي هو الله سبحانه، وكل ما سواه معدوم الأصل، وجوده ظلّ وجود الحق، فيعتقد أن ليس في الوجود فعل وصفة وذات إلّا لله حقيقة، لكنه لا يجد بمجرد هذا العلم عين التوحيد لتعوقه عنه بالتشبّثات الجسمانية والتعلّقات النفسانيّة.
وأمّا التوحيد العيني الوجداني فهو أن يجد صاحبه بطريق الذوق والمشاهدة عين التوحيد، وهو على ثلاث مراتب. الأولى توحيد الأفعال وهو إفراد فعل الحقّ عن فعل غيره بمعنى إثبات الفاعليّة لله تعالى مطلقا ونفيها عن غيره وذلك إذا تجلى الله بأفعاله. والثانية توحيد الصفات وهو إفراد صفته عن صفة غيره بمعنى إثبات الصفة لله تعالى مطلقا ونفيها عن غيره، وذلك إذا تجلّى الله له بصفاته، والثالثة توحيد الذات وهو إفراد الذات القديمة عن الذوات بمعنى إثبات الذات لله تعالى مطلقا ونفيها عن غيره، وذلك إذا تجلّى الله بذاته، فيرى صاحب هذا التوحيد كلّ الذوات والصفات والأفعال متلاشية في أشعة ذاته وصفاته وأفعاله، ويجد نفسه مع جميع المخلوقات كأنها مدبّرة لها وهي أعضاؤها، ولا يلمّ بواحد منها شيء إلّا ويراه مسلّما به، ويرى ذاته الذات الواحدة وصفته صفتها وفعله فعلها لاستهلاكه بالكلية في عين التوحيد، وليس للإنسان وراء هذه الرتبة مقام في التوحيد وهو التوحيد الأخص.
ويرشد فهم هذا المعنى إلى تنزيه عقيدة أهل التوحيد عن الحلول والتشبيه والتعطيل. كما طعن فيهم طائفة من الجامدين العاطلين عن المعرفة والذوق لأنهم إذا لم يثبتوا معه غيره فكيف يعتقدون حلوله فيه أو تشبيهه به، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأمّا التوحيد الرحماني فهو أن يشهد الحق سبحانه على توحيد نفسه بإظهار الوجود، إذ كل موجود مختص بخاصية لا يشاركه فيها غيره، وإلّا لما تعيّن. وهذه الوحدة فيه دليل على وحدانية موجده كما قيل، ففي كلّ شيء له آية تدلّ على أنّه واحد. فإظهار الموجودات على صفة الوحدة صورة شهادة الحق تعالى أنّه واحد لا شريك له، شهادة أزلية أبدية غير مستندة إلى سبب يقلها أو منزّه يحلها، وليس للإنسان في هذا المقام قدم إلّا أن يلمع برق من جانب القدم أضاء به أرجاء سرّه وينطفئ سريعا، وهو الذي اصطفاه الله لنفسه، انتهى كلامه.

وقف البيان

وقف البيان:
* ما يقصد منه بيان معنى لا يظهر إلا بالوقف عليه، ويعرف بـ (وقف التمييز)، ويمثلون له بالوقف على: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، والابتداء بـ: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}.
لأن التسبيح لا يكون إلا لله جل جلاله فلو وصل لأوهم اشتراك الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه، ونحو ذلك من الوقف، وغالب ما مثلوا به لا تساعده اللغة، لذلك لم يعده أكثر العلماء ضمن أنواع الوقف، ففي المثال المذكور قوله تعالى: {وَتُسَبِّحُوهُ} معطوف على ما قبله قد حذفت منه النون للنصب، فكيف يتم الكلام على ما قبله، وذلك يقتضي الوصل من جهة نحوية ومعنوية وبلاغية أيضاًً؛ لأن هذه الآية من قبيل اللف والنشر، كما هو مقرر في فن البديع، فغاية ما يقال في هذا المثال ونحوه: إنه من الوقف الحسن. ومما مثلوا به قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} حيث اعتبر الوقف على (مُؤْمِنٌ) وقف بيان، على معنى أنه ليس من آل فرعون ولكنه يكتم إيمانه من آل فرعون، وفيه نظر، وغايته أنه من الحسن أيضاًً.
* الوقف على رؤوس الآي في السورة بقصد الإعلام بفواصلها.

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: قد ذكرت بعض نكات هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة ونبذا من الاعتراضات الْوَارِدَة عَلَيْهَا مَعَ الْأَجْوِبَة فِي رسالتي سيف المبتدين فِي قتل المغرورين وَيَنْبَغِي أَن أذكر لطائف أُخْرَى فِي هَذِه الحديقة الْعليا وَالرَّوْضَة الرعنا. فَأَقُول إِن الْبَاء الجارة وَإِن لم يكْتب إِلَّا مَقْصُورَة لَكِن لجوار اسْم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حصل لَهَا من الْكَمَال مَا لم يحصل لغَيْرهَا فَصَارَت مُطَوَّلَة. وَقيل إِنَّمَا كتبت مُطَوَّلَة عوضا عَن الْألف المحذوفة. وَالله مُخْتَصّ بِالذَّاتِ الْمُخْتَص المعبود بِالْحَقِّ عز وَجل فِي الْإِسْلَام والجاهلية والإله مُعَرفا بِاللَّامِ اسْم للمعبود بِالْحَقِّ. وَلِهَذَا كَانَ كفار قُرَيْش يطلقون هَذَا اللَّفْظ فِي حق الْأَصْنَام لزعمهم حقيتها ومنكرا للمعبود مُطلقًا حَقًا أَو بَاطِلا والرحمن الرَّحِيم صفتان للْمُبَالَغَة من الرَّحْمَة وَهِي فِي اللُّغَة رقة الْقلب وانعطافه على وَجه يَقْتَضِي التفضل وَالْإِحْسَان. وَأَسْمَاء الله تَعَالَى إِنَّمَا تطلق عَلَيْهِ بِاعْتِبَار الغايات الَّتِي هِيَ أَفعَال لَا بِحَسب المبادئ الَّتِي هِيَ انفعال. ثمَّ الرَّحْمَن والرحيم إِمَّا سيئان فِي الْمَعْنى كَمَا قيل أَو الرَّحْمَن أبلغ من الرَّحِيم وَهُوَ إِمَّا بِحَسب الكمية أَو الْكَيْفِيَّة فعلى الأول يُقَال يَا رَحْمَن الدُّنْيَا وَرَحِيم الْآخِرَة لشمُول الأولى بِالْمُؤمنِ وَالْكَافِر واختصاص الْآخِرَة بِالْمُؤمنِ. وَلِأَن زِيَادَة الْبَيَان تدل على زِيَادَة الْمَعْنى فَإِن فِي الرَّحِيم زِيَادَة وَاحِدَة وَفِي الرَّحْمَن زيادتان وعَلى الثَّانِي يُقَال يَا رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَرَحِيم الدُّنْيَا لِأَن النعم الدُّنْيَوِيَّة جليلة وحقيرة بِخِلَاف النعم الأخروية فَإِنَّهَا كلهَا جسام. ثمَّ مَا هُوَ الْمُقَرّر من تَقْدِيم الْأَدْنَى على الْأَعْلَى للترقي وَإِن كَانَ يَقْتَضِي تَقْدِيم الْمُؤخر وَتَأْخِير الْمُقدم لَكِن اخْتِصَاص الأول بِاللَّه تَعَالَى أوجب تَقْدِيمه عَلَيْهِ. وَقيل الرَّحْمَن هُوَ الَّذِي إِذا سُئِلَ أعْطى والرحيم إِذا لم يسئل غضب فَحِينَئِذٍ الرَّحِيم أبلغ.

وَاعْلَم: أَن الْبَسْمَلَة من الْقُرْآن أنزلت للفصل بَين السُّور لَيست جُزْءا من الْفَاتِحَة وَلَا من كل سُورَة. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله هِيَ من الْفَاتِحَة قولا وَاحِدًا وَكَذَا من غَيرهَا على الصَّحِيح لإجماعهم على كتَابَتهَا فِي الْمَصَاحِف مَعَ الْأَمر بتجريد الْمَصَاحِف وَهُوَ أقوى الْحجَج. وَلنَا مَا رَوَاهُ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ لَا يعرف فصل السُّور حَتَّى نزل عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم. فَإِن قلت فَيَنْبَغِي أَن يجوز الصَّلَاة بهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله قلت عدم الْجَوَاز لاشتباه الْآثَار وَاخْتِلَاف الْعلمَاء فِي كَونهَا آيَة تَامَّة.
أَيهَا الإخوان وأيها الخلان اذكر لكم لطائف ذوقية واكتب لكم دقائق شوقية. وَهِي تَفْسِير الْفَاتِحَة للشَّيْخ شمس الدّين الْجُوَيْنِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ. قَوْله تَعَالَى: {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} إِشَارَة إِلَى الْحَقِيقَة الْكَامِلَة الَّتِي لَا يُحِيط بهَا إِدْرَاك مدرك إِذْ هُوَ فِي الْأَزَل إِلَه وَفِي الْأَبَد إِلَه كَانَ الله وَلم يكن مَعَه شَيْء فَهُوَ فِي الْأَزَل الله. ثمَّ برحمته خلق الْخلق فَهُوَ رَحْمَن أَي لَهُ رَحْمَة يخلق بهَا وَلَا يُقَال لغيره رَحْمَن لِأَن غَيره لَا يخلق شَيْئا. ثمَّ بعد الْخلق يبْقى الْمَخْلُوق بالرزق ورزقه برحمته فَهُوَ رَحِيم أَي لَهُ رَحْمَة بهَا يرْزق. وَلِهَذَا جَازَ أَن يُقَال لغيره رَحِيم لِأَن إِجْرَاء الرزق على يَد غَيره وَجَرت بِهِ عَادَة يَده الْكَرِيمَة وَإِذا كَانَ رحمانا ورحيما خلق ورزق وتمت نعْمَته فَوَجَبَ الشُّكْر لَهُ وَالْحَمْد لَهُ فَقَالَ: {الْحَمد لله رب الْعَالمين} ثمَّ إِنَّه تَعَالَى مرّة أُخْرَى بعد موت الْأَحْيَاء وفوت الْأَشْيَاء يخلق الْمُكَلّفين كَمَا كَانُوا ويرزقهم فِي الْآخِرَة فَهُوَ مرّة أُخْرَى رَحْمَن وَرَحِيم فَقَالَ: {الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَإِذا كَانَ الرَّحْمَن الرَّحِيم مَذْكُورا ثَانِيًا لِلْخلقِ الثَّانِي يَوْم الْمعَاد والرزق معد ليَوْم الْمعَاد فَهُوَ مَالك ذَلِك الْيَوْم فَقَالَ: {مَالك يَوْم الدّين} وَإِذا تبين أَنه الْخَالِق أَولا وَثَانِيا والرازق أَولا وآخرا فَلَا عبَادَة الْإِلَه فَقَالَ: {إياك نعْبد} وَإِذا كَانَت نعْمَته نعما لَا يَفِي بهَا الشُّكْر وعظمته لعظيمة ايليق بهَا عبَادَة الضُّعَفَاء لكَونه فِي الدُّنْيَا رب الْعَالمين وَفِي الْآخِرَة مَالك يَوْم الدّين وَجب فِي إِقَامَة عِبَادَته الِاسْتِعَانَة بِهِ فَقَالَ: {وَإِيَّاك نستعين} ليَكُون الْعِبَادَة كَمَا يرضى بهَا إِذْ لَا يمكننا الْقيام بأنواع الْعِبَادَات اللائقة بجلاله بعقولنا القاصرة وأفعالنا الْيَسِيرَة وَإِذا عَبدنَا وأعاننا يبْقى الْوُصُول إِلَيْهِ والمثول بَين يَدَيْهِ ليحصل بهَا الشّرف الْأَقْصَى وَيقطع الْحجاب مَا بَين التُّرَاب وَرب الأرباب وَلَا يَتَيَسَّر ذَلِك إِلَّا فِي سلوك طَرِيق فيطلب من الطَّرِيق مَا هُوَ القويم فيطلب مِنْهُ ذَلِك فَقَالَ: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} وَمن أَرَادَ الشُّرُوع فِي طَرِيق بعيد فَلَا بُد لَهُ من طلب رَفِيق فَقَالَ: {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} وهم النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء والصالحون وهم أحسن الرفقاء. ثمَّ إِذا وجد الْإِنْسَان الطَّرِيق وَحصل لَهُ الرفيق فخاف من قطاع الطَّرِيق فَقَالَ: {غير المغضوب عَلَيْهِم} يَعْنِي الَّذين يقطعون الطَّرِيق على السالكين وَإِذا أَمن من قَاطع الطَّرِيق بَقِي خوف الضلال فِي الطَّرِيق وَإِن سلك قوم قد يشْتَبه عَلَيْهِم فَقَالَ: {وَلَا الضَّالّين} وَالله اعْلَم. نقلت مِمَّا نقل من خطه الشريف. والمثول الْقَائِم منتصبا.

أَجْمَعِينَ

أَجْمَعِينَ: من أَلْفَاظ التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ يُفِيد شُمُول الحكم لجَمِيع أَفْرَاد الْمُؤَكّد إِن كَانَ ذَا أَفْرَاد أَو لجَمِيع أَجْزَائِهِ إِن كَانَ ذَا أَجزَاء مثل يحْشر النَّاس أَجْمَعُونَ وَجَاءَنِي الْقَوْم أَجْمَعُونَ. وَقَالَ جلال الْعلمَاء الدواني رَحمَه الله فِي الأنموذج الَّذِي جعله تحفة لسلطان مَحْمُود بيكره (سُلْطَان الكجرات) الْمَسْأَلَة السَّادِسَة من التَّفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} . يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ دُخُول جَمِيع الْفَرِيقَيْنِ فِي جَهَنَّم والمعلوم من الْأَخْبَار والْآثَار وَسَائِر الْآيَات خِلَافه. وَأجَاب بعض الْمُفَسّرين عَنهُ بِأَن ذَلِك مثل مَلَأت الْكيس من الدَّرَاهِم أَجْمَعِينَ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي دُخُول جَمِيع الدَّرَاهِم فِي الْكيس وَلَا يخفى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ إِذا نظر إِلَى أَن يُقَال مَلَأت الْكيس من جَمِيع الدَّرَاهِم وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي دُخُول جَمِيع الدَّرَاهِم فِيهِ فَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي المبحث وَالْحق فِي الْجَواب أَن يُقَال المُرَاد بِلَفْظ أَجْمَعِينَ تَعْمِيم الْأَصْنَاف وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي دُخُول جَمِيع الْأَفْرَاد كَمَا إِذا قلت مَلَأت الجراب من جَمِيع أَصْنَاف الطَّعَام وَلَا يَقْتَضِي ذَلِك إِلَّا أَن يكون فِيهِ شَيْء من كل صنف من الْأَصْنَاف لَا أَن يكون فِيهِ جَمِيع أَفْرَاد الطَّعَام وكقولك املأ الْمجْلس من جَمِيع أَصْنَاف النَّاس لَا يَقْتَضِي أَن يكون فِي الْمجْلس جَمِيع أَفْرَاد النَّاس بل أَن يكون فِيهِ من كل صنف فَرد وَذَلِكَ ظَاهر وعَلى هَذَا يظْهر فَائِدَة لفظ أَجْمَعِينَ إِذْ فِيهِ رد على الْيَهُود وَغَيرهم مِمَّن يزْعم أَنهم لَا يدْخلُونَ النَّار انْتهى أَيهَا الْخَلِيل الْجَلِيل أَلا يخْطر بخيالك أَن مَا ذكره الْجلَال رَحمَه الله بعيد بمراحل عَن جَلَاله. أَو لَا يجلو علينا مَا خطر بِبَالِهِ. أَلا تعلم أَن الْجَواب الَّذِي وسمه بِالْحَقِّ يُنَادي نِدَاء يسمعهُ الثَّقَلَان أَنه يدْخل فِي النَّار فَرد من كل صنف من الْجِنّ وَالْإِنْسَان. فَيلْزم أَن يدْخل وَاحِد من الْأَنْبِيَاء والأولياء وَالصبيان. وَالْأَمر على خِلَافه بالدلائل القاطعة وساطع الْبُرْهَان. اللَّهُمَّ احفظنا من خسران اللِّسَان. وَإِن أنْكرت كَون النَّبِي وَالْوَلِيّ وَالصَّبِيّ صنفا من الْإِنْسَان، فلعلك فِي صنف آخر أما سَمِعت أَن النَّوْع الْمُقَيد بالقيد العرضي صنف فَعَلَيْك بَيَان صنفك وَالْجَوَاب النَّاطِق بِالْحَقِّ وَالصَّوَاب أَن المُرَاد بِالْجنَّةِ وَالنَّاس العصاة بل الْكفَّار مِنْهُمَا لَا مُطلقًا باستعانة لَام الْعَهْد لبت شعري لم ترك رَحمَه الله هَذَا الْجَواب مَعَ ظُهُوره وسلامته عَن الْمُنَافَاة والوقوع فِي الْعَذَاب وَلم يتَنَبَّه أَنه فر عَن بلَاء فَوَقع فِي وباء وَلما حررت هَذَا الْجَواب نظرت إِلَى تَفْسِير القَاضِي رَحمَه الله فَإِن فِيهِ إِعَانَة لهَذَا القَاضِي نعم الْجِنْس إِلَى الْجِنْس يمِيل والفاضل الْعَامِل والعارف الْكَامِل الشَّيْخ الْمَشْهُور بِعَبْد الرَّحْمَن الماهمي قدس الله روحه وَنور مرقده فِي التَّفْسِير الْمَشْهُور بالرحماني وصف الْجنَّة وَالنَّاس بالمضلين والضالين فَهَذَا أَيْضا صَرِيح فِي أَن المُرَاد بهما الْكفَّار.

العقل

العقل: بالضم الديةُ أي المال الذي هو بدلُ النفس.
العقل: بالملكة، العلم بالضروريات، واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات.
العقل:
[في الانكليزية] Wind ،reason ،intellect
[ في الفرنسية] Vent ،raison ،intellect
بالفتح وسكون القاف يطلق على معان منها إسقاط الخامس المتحرّك كذا في عنوان الشرف. وفي رسالة قطب الدين السرخسي العقل إسقاط الخامس بعد العصب انتهى، والمآل واحد إلّا أنّ الأول لقلة عمله أولى.
ويقول في منتخب اللغات العقل هو إسقاط التاء من مفاعلتن. وعلى هذا اصطلاح أهل العروض، ومنها الشكل المسمّى بالطريق في علم الرمل ومنها عنصر الهواء. وأهل الرّمل يسمّون الريح عقلا، الريح الأولى يسمّونها العقل الأول، حتى إنهم يسمّون ريح العتبة الداخلة العقل السابع، حسب ترتيب وضع جدول الأنوار في الطالب والمطلوب كما مرّ. وهذا اصطلاح أهل الرّمل. ومنها التعقّل صرّح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشيته لشرح المواقف في تعريف النّظر، وهو إدراك شيء لم يعرضه العوارض الجزئية الملحقة بسبب المادة في الوجود الخارجي من الكم والكيف والأين والوضع وغير ذلك. وحاصله إدراك شيء كلّي أو جزئي مجرّد عن اللواحق الخارجية، وإن كان التجرّد حصل بالتجريد فإنّ المجرّدات كلّية كانت أو جزئية معقولة بلا احتياج إلى الانتزاع والتجريد، والماديات الكلّية أيضا معقولة لكنها محتاجة إلى الانتزاع والتجريد عن العوارض الخارجية المانعة من التعقّل. وأما الماديات الجزئية فلا تتعقّل، بل إن كانت صورا تدرك بالحواس وإن كانت معاني فبالوهم التابع للحسّ الظاهري، هكذا حقّق السّيد السّند في حواشي شرح حكمة العين. ومنها مطلق المدرك نفسا كان أو عقلا أو غيرهما كما يجيء في لفظ العلم. ومنها موجود ممكن ليس جسما ولا حالا فيه ولا جزءا منه، بل هو جوهر مجرّد في ذاته مستغن في فاعليته عن آلات جسمانية.
وبعبارة أخرى هو الجوهر المجرّد في ذاته وفعله أي لا يكون جسما ولا جسمانيا ولا يتوقّف أفعاله على تعلّقه بجسم. وبعبارة أخرى هو جوهر مجرّد غير متعلّق بالجسم تعلّق التدبير والتصرّف، وإن كان متعلّقا بالجسم على سبيل التأثير. فبقيد الجوهر خرج العرض والجسم.
وبقيد المجرّد خرج الهيولى والصورة. وبالقيد الأخير خرج النفس الناطقة. والعقل بهذا المعنى أثبته الحكماء. وقال المتكلّمون لم يثبت وجود المجرّد عندنا بدليل، فجاز أن يكون موجودا وأن لا يكون موجودا، سواء كان ممكنا أو ممتنعا. لكن قال الغزالي والرّاغب في النفس إنّه الجوهر المجرّد عن المادة. ومنهم من جزم امتناع الجوهر المجرّد. وفي العلمي حاشية شرح هداية الحكمة: هذا الجوهر يسمّيه الحكماء عقلا ويسمّيه أهل الشرع ملكا، وفي بعض حواشي شرح الهداية القول بأنّ العقول المجرّدة هي الملائكة تستّر بالإسلام لأنّ الملائكة في الإسلام أجسام لطيفة نورانية قادرة على أفعال شاقّة متشكّلة بأشكال مختلفة ولهم أجنحة وحواس. والعقول عندهم مجرّدة عن المادة، وكأنّ هذا تشبيه، يعني كما أنّ عندكم المؤثّر في العالم أجسام لطيفة فكذلك عندنا المؤثّر فيه عقول مجردة انتهى.
فائدة:

قال الحكماء: الصادر الأول من البارئ تعالى هو العقل الكلّ وله ثلاثة اعتبارات:
وجوده في نفسه ووجوبه بالغير وإمكانه لذاته، فيصدر عنه أي عن العقل الكلّ بكل اعتبار أمر فباعتبار وجوده يصدر عنه عقل ثان، وباعتبار وجوبه بالغير يصدر نفس، وباعتبار إمكانه يصدر جسم، وهو فلك الأفلاك. وإنّما قلنا إنّ صدورها عنه على هذا الوجه استنادا للأشرف إلى الجهة الأشرف والأخسّ إلى الأخسّ، فإنّه أحرى وأخلق. وكذلك يصدر من العقل الثاني عقل ثالث ونفس ثانية وفلك ثان، هكذا إلى العقل العاشر الذي هو في مرتبة التاسع من الأفلاك، أعني فلك القمر، ويسمّى هذا العقل بالعقل الفعّال، ويسمّى في لسان أهل الشرع بجبرئيل عليه السلام كما في شرح هداية الحكمة، وهو المؤثّر في هيولى العالم السّفلي المفيض للصّور والنفوس والأعراض على العناصر والمركّبات بسبب ما يحصل لها من الاستعدادات المسبّبة من الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية وأوضاعها. وفي الملخص إنهم خبطوا فتارة اعتبروا في الأول جهتين:
وجوده وجعلوه علّة التعقّل، وإمكانه وجعلوه علّة الفلك. ومنهم من اعتبر بدلهما تعلّقه بوجوده وإمكانه علّة تعقّل وفلك وتارة اعتبروا فيه كثرة من وجوه ثلاثة كما مرّ، وتارة من أربعة أوجه، فزادوا علمه بذلك الغير وجعلوا إمكانه علّة لهيولى الفلك، وعلمه علّة لصورته. وبالجملة فالحقّ أنّ العقول عاجزة عن درك نظام الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر.
فائدة:
قالوا العقول لها سبعة أحكام. الأول أنّها ليست حادثة لأنّ الحدوث يستدعي مادة.
الثاني ليست كائنة ولا فاسدة، إذ ذاك عبارة عن ترك صورة ولبس صورة أخرى، فلا يتصوّر ذلك إلّا في المركّب المشتمل على جهتي قبول وفعل. الثالث نوع كلّ عقل منحصر في شخصه إذ تشخّصه بماهيته، وإلّا لكان من المادة هذا خلف. الرابع ذاتها جامعة لكمالاتها أي ما يمكن أن يحصل لها فهو حاصل بالفعل دائما وما ليس حاصلا لها فهو غير ممكن. الخامس أنّها عاقلة لذواتها. السادس أنّها تعقل الكليات وكذا كلّ مجرّد فإنّه يعقل الكليات. السابع أنّها لا تعقل الجزئيات من حيث هي جزئية لأنّ تعقّل الجزئيات يحتاج إلى آلات جسمانية. وإن شئت أن يرتسم خبطهم في ذهنك فارجع إلى شرح المواقف.
فائدة:
قال الحكماء أول ما خلق الله تعالى العقل كما ورد به نصّ الحديث. قال بعضهم وجه الجمع بينه وبين الحديثين الآخرين (أول ما خلق الله القلم) و (أول ما خلق الله نوري) أنّ المعلول الأول من حيث إنّه مجرّد يعقل ذاته ومبدأه يسمّى عقلا، ومن حيث إنّه واسطة في صدور سائر الموجودات في نقوش العلوم يسمّى قلما، ومن حيث توسّطه في إفاضة أنوار النّبوّة كان نورا لسيّد الأنبياء عليه وعليهم السلام، كذا في شرح المواقف. قال في كشف اللغات:
العقل الأول في لسان الصوفية هو مرتبة الوحدة. ويقول في لطائف اللغات: العقل هو عبارة عن النّور المحمدي صلّى الله عليه وسلّم.. وفي الإنسان الكامل العقل الأول هو محلّ تشكيل العلم الإلهي في الوجود لأنّه العلم الأعلى ثم ينزل منه العلم إلى اللوح المحفوظ، فهو إجمال اللوح واللوح تفصيله، بل هو تفصيل علم الإجمال الإلهي واللوح محلّ تنزّله. ثم العقل الأول من الأسرار الإلهية ما لا يسعه اللوح كما أنّ اللوح من العلم الإلهي ما لا يكون العقل الأول محلا له، فالعلم الإلهي هو أمّ الكتاب والعقل الأول هو الإمام المبين واللوح هو الكتاب المبين، فاللوح مأموم بالقلم تابع له، والقلم الذي هو العقل الأول حاكم على اللوح مفصّل للقضايا المجملة في دواة العلم الإلهي المعبّر عنها بالنون. والفرق بين العقل الأول والعقل الكلّ وعقل المعاش أنّ العقل الأول بعد علم إلهي ظهر في أول تنزلاته التعيينية الخلقية.
وإن شئت قلت أول تفصيل الإجمال الإلهي.
ولذا قال عليه الصلاة والسلام (أنّ أول ما خلق الله تعالى العقل) فهو أقرب الحقائق الخلقية إلى الحقائق الإلهية، والعقل الكلّ هو القسطاس المستقيم وهو ميزان العدل في قبّة الروح للفصل. وبالجملة فالعقل الكلّ هو العاقلة أي المدركة النورية التي ظهر بها صور العلوم المودعة في العقل الأول. ثم إنّ عقل المعاش هو النور الموزون بالقانون الفكري فهو لا يدرك إلّا بآلة الفكر، ثم إدراكه بوجه من وجوه العقل الكلّ فقط لا طريق له إلى العقل الأوّل، لأنّ العقل الأوّل منزّه عن القيد بالقياس وعن الحصر بالقسطاس، بل هو محلّ صدور الوحي القدسي إلى نوع النفس، والعقل الكلّ هو الميزان العدل للأمر الفصلي، وهو منزّه عن الحصر بقانون دون غيره، بل وزنه للأشياء على معيار وليس لعقل المعاش إلّا معيار واحد وهو الفكر وكفّة واحدة وهي العادة وطرف واحد وهو المعلوم وشوكة واحدة وهو الطبيعة، بخلاف العقل الكلّ فإنّ له كفّتين الحكمة والقدرة، وطرفين الاقتضاءات الإلهية والقوابل الطبعية، وشوكتين الإرادة الإلهية والمقتضيات الخلقية، وله معاير شتّى. ولذا كان العقل الكلّ هو القسطاس المستقيم لأنّه لا يحيف ولا يظلم ولا يفوته شيء بخلاف عقل المعاش فإنّه قد يحيف ويفوته أشياء كثيرة لأنّه على كفة واحدة وطرف واحد.
فنسبة العقل الأول مثلا نسبة الشمس، ونسبة العقل الكلّ نسبة الماء الذي وقع فيه نور الشمس، ونسبة عقل المعاش نسبة شعاع ذلك الماء إذا بلغ على جدار، فالناظر في الماء يأخذ هيئة الشمس على صحته ويعرف نوره على حليته كما لو رأى الشمس لا يكاد يظهر الفرق بينهما، إلّا أنّ الناظر إلى الشمس يرفع رأسه إلى العلو والناظر إلى الماء ينكس رأسه إلى السفل، فكذلك الآخذ علمه من العقل الأول يرفع بنور قلبه إلى العلم الإلهي، والآخذ علمه من العقل الكلّ ينكس بنور قلبه إلى المحلّ الكتاب فيأخذ منه العلوم المتعلّقة بالأكوان وهو الحدّ الذي أودعه الله في اللوح المحفوظ، إمّا يأخذ بقوانين الحكمة وإمّا بمعيار القدرة على قانون وغير قانون، فهذا الاستقراء منه انتكاس لأنّه من اللوازم الخلقية الكلّية لا يكاد يخطئ إلّا فيما استأثر الله به بخلاف العقل الأول فإنّه يتلقّى من الحقّ بنفسه.
اعلم أنّ العقل الكلّ قد يستدرج به أهل الشقاوة فيقبح عليهم أهويتهم فيظفرون على أسرار القدرة من تحت سجف الأكوان كالطبائع والأفلاك والنور والضياء وأمثالها، فيذهبون إلى عبادة هذه الأشياء، وذلك بمكر الله لهم. والنكتة فيه أنّ الله سبحانه يتجلّى لهم في لباس هذه الأشياء فيدركها هؤلاء بالعقل فيقولون بأنّه هي الفعّالة والآلهة، لأنّ العقل الكلّ لا يتعدّى الكون، فلا يعرفون الله به لأنّ العقل لا يعرف إلّا بنور الإيمان، وإلّا فلا يمكن أن يعرفه العقل من نظيره وقياسه سواء كان العقل معاشا أو عقلا كلّا؛ على أنّه قد ذهب أئمتنا إلى أنّ العقل من أسباب المعرفة، وهذا من طريق التوسّع لإقامة الحجّة، وكذلك عقل المعاش فإنّه ليس له إلّا جهة واحدة وهي النظر والفكر. فصاحبه إذا أخذ في معرفة الله به فإنّه يخطئ، ولهذا إذا قلنا بأنّ الله لا يدرك بالعقل أردنا به عقل المعاش. ومتى قلنا إنّه يعرف بالعقل أردنا به عقل المعاش. ومتى قلنا إنّه يعرف بالعقل أردنا به العقل الأول.
اعلم أنّ علم العقول الأوّل والقلم الأعلى نور واحد فبنسبته إلى العبد يسمّى العقل الأول وبنسبته إلى الحق يسمّى القلم الأعلى. ثم إنّ العقل الأول المنسوب إلى محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم خلق الله جبرئيل عليه السلام منه في الأول فكان محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا لجبرئيل وأصلا لجميع العالم. فاعلم إن كنت ممّن يعلم أنّه لهذا وقف عنه جبرئيل في إسرائه وتقدّم وحده، ويسمّى العقل الأول بالروح الأمين لأنّه خزانة علم الله وأمينه، ويسمّى بهذا الاسم جبرئيل من تسمية الفرع بأصله انتهى ما في الإنسان الكامل. ويقول في كشف اللغات:
العقل الأوّل والعقل الكلّي هو جبرائيل عليه السلام. وفي القاموس: إنّهم يسمّون العرش عقلا، وكذلك أصل وحقيقة الإنسان من حيث أنّه فيض وواسطة لظهور النفس الكلّية. وقد أطلقوا عليه أربعة أسماء: الأول: العقل. الثاني القلم الأول. الثالث الروح الأعظم. الرابع أمّ الكتاب.

وعلى وجه الحقيقة: إنّ آدم هو صورة العقل الكلّي وحواء هي صورة النّفس الكلّية، انتهى كلامه. ومنها النفس الناطقة باعتبار مراتبها في استكمالها علما وعملا وإطلاق العقل على النفس بدون هذا الاعتبار أيضا شائع كما في بديع الميزان من أنّ العقل جوهر مجرّد عن المادة لذاته، مقارن لها في فعله، وهو النفس الناطقة التي يشير إليها كلّ واحد بقوله أنا. منها نفس تلك المراتب. ومنها قواها في تلك المراتب. قال الحكماء بيان ذلك أنّ للنفس الناطقة جهتين: جهة إلى عالم الغيب وهي باعتبار هذه الجهة متأثّرة مستفيضة عمّا فوقها من المبادئ العالية وجهة إلى عالم الشهادة وهي باعتبار هذه الجهة مؤثّرة متصرّفة فيما تحتها من الأبدان، ولا بد لها بحسب كلّ جهة قوة ينتظم بها حالها هناك. فالقوة التي بها تتأثّر وتستفيض من المبادئ العالية لتكميل جوهرها من التعقّلات تسمّى قوة نظريّة وعقلا نظريا، والتي بها تؤثّر في البدن وتتصرّف فيه لتكميل جوهره تسمّى قوة عملية وعقلا عمليا، وإن كان ذلك أيضا عائدا إلى تكميل النفس من جهة أنّ البدن آلة لها في تحصيل العلم والعمل. ولكلّ من القوتين أربع مراتب. فمراتب القوة النظرية أولها العقل الهيولاني وهو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوّة محضة خالية عن الفعل كما للأطفال، فإنّ لهم في حال الطفولية وابتداء الخلقة استعدادا محضا وإلّا امتنع اتصاف النفس بالعلوم. وكما يكون النفس في بعض الأوقات خالية عن مبادئ نظري من النظريات فهذه الحالة عقل هيولاني لذلك النفس بالاعتبار إلى هذا النظري، وليس هذا الاستعداد حاصلا لسائر الحيوانات. وإنّما نسب إلى الهيولى لأنّ النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية في حدّ ذاتها عن الصور كلّها وتسمّى النفس وكذا قوة النفس في هذه المرتبة بالعقل الهيولاني أيضا. وعلى هذا فقس سائر المراتب. وفي كون هذه المرتبة من مراتب القوة النظرية نظر لأنّ النفس ليس لها هاهنا تأثّر بل استعداد تأثّر، فينبغي أن تفسّر القوة النظرية بالتي يتأثّر بها النفس أو تستعد بها لذلك، ويمكن أن يقال استعداد الشيء من جملته. فمبنى هذا على المساهلة وإنّما بني على المساهلة تنبيها على أنّ المراد هو الاستعداد القريب من الفعل إذ لو كان مطلق الاستعداد لما انحصرت المراتب في الأربع إذ ليس لها باعتبار الاستعداد البعيد مرتبة أخرى فوق الهيولاني وهي المرتبة الحاصلة لها قبل تعلّق النفس بالبدن. وثانيتها العقل بالملكة وهو العلم بالضروريات واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات منها، وهذا العلم حادث بعد ابتداء الفطرة، فله شرط حادث بالضرورة دفعا للترجيح بلا مرجّح في اختصاصه بزمان معيّن، وما هو إلّا الإحساس بالجزئيات والتنبيه لما بينها من المشاركات والمباينات، فإنّ النفس، إذا أحسّت بجزئيات كثيرة وارتسمت صورها في آلاتها الجسمانية ولاحظت نسبة بعضها إلى بعض استعدّت لأن تفيض عليها من المبدأ صور كلّية وأحكام تصديقية فيما بينها، فهذه علوم ضرورية، ولا نريد بها العلم بجميع الضروريات فإنّ الضروريات قد تفقد إمّا بفقد التصوّر كحسّ البصر للأكمه وقوة المجامعة للعنّين، أو بفقد شرط التصديق، فإنّ فاقد الحسّ فاقد للقضايا المستندة إلى ذلك الحسّ، وبالجملة فالمراد بالضروريات أوائل العلوم وبالنظريات ثوانيها سمّيت به لأنّ المراد بالملكة إمّا ما يقابل الحال، ولا شكّ أنّ استعداد الانتقال إلى المعقولات راسخ في هذه المرتبة، أو ما يقابل العدم كأنّه قد حصل للنفس فيها وجود الانتقال إليها بناء على قربه، كما سمّي العقل بالفعل عقلا بالفعل لأنّ قوته قريبة من الفعل جدا. قال شارح هداية الحكمة: العقل بالملكة إن كان في الغاية بأن يكون حصول كلّ نظري بالحدس من غير حاجة إلى فكر يسمّى قوة قدسية. وثالثتها العقل بالفعل وهو ملكة استنباط النظريات من الضروريات أي صيرورة الشخص بحيث متى شاء استحضر الضروريات ولا حظها واستنتج منها النظريات، وهذه الحالة إنّما تحصل إذا صار طريقة الاستنباط ملكة راسخة فيه. وقيل العقل بالفعل هو حصول النظريات وصيرورتها بعد استنتاجها من الضروريات بحيث استحضرها متى شاء بلا تجشّم كسب جديد، وذلك إنّما يحصل إذا لاحظ النظريات الحاصلة مرة بعد أخرى حتى يحصل له ملكة نفسانية يقوى بها على استحضارها متى أراد من غير فكر، وهذا هو المشهور في أكثر الكتب. وبالجملة العقل بالفعل على القول الأول ملكة الاستنباط والاستحصال وعلى القول الثاني ملكة الاستحضار. ورابعتها العقل المستفاد وهو أن يحصّل النظريات مشاهدة سمّيت به لاستفادتها من العقل الفعّال، وصاحب هداية الحكمة سمّاها عقلا مطلقا وسمّى معقولاتها عقلا مستفادا. وقال شارحها لا يخفى أنّ تسمية معقولات تلك المرتبة بالعقل المستفاد خلاف اصطلاح القوم.
اعلم أنّ العقل الهيولاني والعقل بالملكة استعدادان لاستحصال الكمال ابتداء والعقل بالفعل بالمعنى الثاني المشهور استعداد لاسترجاعه واسترداده فهو متأخّر في الحدوث عن العقل المستفاد لأنّ المدرك ما لم يشاهد مرات كثيرة لا يصير ملكة ومتقدّم عليه في البقاء لأنّ المشاهدة تزول بسرعة وتبقى ملكة الاستحضار مستمرة فيتوصّل بها إلى مشاهدته، فبالنظر إلى الاعتبار الثاني يجوز تقديم العقل بالفعل على العقل المستفاد، وبالنظر إلى الاعتبار الأول يجوز العكس، أمّا العقل بالفعل بالمعنى الأول فالظاهر أنّه مقدّم على العقل المستفاد. واعلم أيضا أنّ هذه المراتب تعتبر بالقياس إلى كلّ نظري على المشهور فيختلف الحال إذ قد تكون النفس بالنسبة إلى بعض النظريات في المرتبة الأولى وبالنسبة إلى بعضها في الثانية وإلى بعضها في الثالثة وإلى بعضها في الرابعة. فما قال صاحب المواقف من أنّ العقل المستفاد هو أن يصير النفس مشاهدة لجميع النظريات التي أدركتها بحيث لا يغيب عنها شيء لزمه أنّ لا يوجد العقل المستفاد لأحد في الدنيا بل في الآخرة. ومنهم من جوّز ذلك لنفوس نبوية لا يشغلها شأن عن شأن، وهم في جلابيب من أبدانهم قد نضوها وانخرطوا في سلك المجرّدات التي تشاهد معقولاتها دائما.
فائدة:
وجه الحصر في الأربع أنّ القوة النظرية إنّما هي لاستكمال الناطقة بالإدراكات إلّا أنّ البديهيات ليست كمالا معتدّا به يشاركه الحيوانات العجم لها فيها بل كمالها المعتدّ به الإدراكات الكسبية، ومراتب النفس في الاستكمال بهذا الكمال منحصرة في نفس الكمال واستعداده لأنّ الخارج عنهما لا يتعلّق بذلك الاستكمال، فالكمال هو العقل المستفاد أعني مشاهدة النظريات، والاستعداد إمّا قريب وهو العقل بالفعل أو بعيد وهو الهيولاني أو متوسّط وهو العقل بالملكة. وأمّا مراتب القوة العملية فأولها تهذيب الظاهر أي كون الشخص بحيث يصير استعمال الشرائع النبوية والاجتناب عما نكره عادة له، ولا يتصوّر منه خلافه عادة.
وثانيتها تهذيب الباطن من الملكات الرديئة ونفض آثار شواغله عن عالم الغيب. وثالثتها ما يحصل بعد الاتّصال بعالم الغيب وهو تجلّي النفس بالصور القدسية، فإنّ النفس إذ هذبت ظاهرها وباطنها عن رذائل الأعمال والأخلاق وقطعت عوائقها عن التوجّه إلى مركزها ومستقرها الأصلي الذي هو عالم الغيب بمقتضى طباعها إذ هي مجرّدة في حدّ ذاتها وعالم الغيب أيضا كذلك، وطبيعة المجرّد تقتضي عالمها كما أنّ طبيعة المادي تقتضي عالم المادّيات الذي هو عالم الشهادة اتصلت بعالم الغيب للجنسية اتصالا معنويا لا صوريا، فينعكس إليها بما ارتسمت فيه من النقوش العلمية، فتتجلّى النفس حينئذ بالصور الإدراكية القدسية، أي الخالصة عن شوائب الشكوك والأوهام، إذ الشكوك والشبهات إنّما تحصل من طرق الحواس، وفي هذه لا يحصل العلم من تلك الطرق. وفي بعض حواشي شرح المطالع بيانه أنّ حقائق الأشياء مسطورة في المبدأ المسمّى في لسان الشرع باللوح المحفوظ فإنّ الله تعالى كتب نسخة العالم من أوله إلى آخره في المبدأ ثم أخرجه إلى الوجود على وفق تلك النسخة، والعالم الذي خرج إلى الوجود بصورته تتأدّى منه صورة أخرى إلى الحواس والخيال ويأخذ منها الواهمة معاني، ثم يتأدّى من الخيال أثر إلى النفس فيحصل فيها حقائق الأشياء التي دخلت في الحسّ والخيال. فالحاصل في النفس موافق للعالم الحاصل في الخيال، وهو موافق للعالم الموجود في نفسه خارجا من خيال الإنسان ونفسه، والعالم الموجود موافق للنسخة الموجودة في المبدأ، فكأنّ للعالم أربع درجات في الوجود، وجود في المبدأ وهو سابق على وجوده الجسماني ويتبعه وجوده الجسماني الحقيقي ويتبع وجوده الحقيقي وجوده الخيالي ويتبع وجوده الخيالي وجوده العقلي، وبعض هذه الوجودات روحانية وبعضها جسمانية، والروحانية بعضها أشدّ روحانية من بعض. إذا عرفت هذا فنقول النفس يتصوّر أن يحصل فيها حقيقة العالم وصورته تارة من الحواس وتارة من المبدأ، فمهما ارتفع حجاب التعلّقات بينها وبين المبدأ حصل لها العلم من المبدأ فاستغنت عن الاقتباس من مداخل الحواس، وهناك لا مدخل للوهم التابع للحواس. ومهما أقبلت على الخيالات الحاصلة من المحسوسات كان ذلك حجابا لها من مطالع المبدأ، فهناك تتصوّر الواهمة وتعرض للنفس من الغلط ما يعرض، فإذا للنفس بابان، باب مفتوح إلى عالم الملكوت وهو اللوح المحفوظ وعالم الملائكة والمجرّدات، وباب مفتوح إلى الحواس الخمس المتمسّكة بعالم الشهادة والملك وهذا الباب مفتوح للمجرّد وغيره. والباب الأول لا يفتح إلّا للمتجرّدين من العلائق والعوائق. ورابعتها ما يتجلّى له عقيب اكتساب ملكة الاتصال والانفصال عن نفسه بالكلّية وهو ملاحظة جمال الله أي صفاته الثبوتية وجلاله أي صفاته السلبية، وقصر النظر على كماله في ذاته وصفاته وأفعاله حتى يرى كلّ قدرة مضمحلّة في جنب قدرته الكاملة وكلّ علم مستغرقا في علمه الشامل، بل يرى أنّ كلّ كمال ووجود إنّما هو فائض من جنابه تعالى شأنه. فان قيل بعد الاتصال بعالم الغيب ينبغي أن يحصل له الملاحظة المذكورة وحينئذ لا تكون مرتبة أخرى غير الثالثة بل هي مندرجة فيها. قلت المراد الملاحظة على وجه الاستغراق وقصر النظر على كماله بحيث لا يلتفت إلى غيره، فعلى هذا الغاية القصوى هي هذه المرتبة كما أنّ الغاية القصوى من مراتب النظري هو الثالثة أي العقل بالفعل.
اعلم أنّ المرتبتين الأخيرتين أثران للأوليين اللتين هما من مراتب العملية قطعا، فصحّ عدّهما من مراتب العملية وإن لم تكونا من قبيل تأثير النفس فيما تحتها. هذا كله هو المستفاد من شرح التجريد وشرح المواقف في مبحث العلم وشرح المطالع وحواشيه في الخطبة.
اعلم أنّ العقل الذي هو مناط التكاليف الشرعية اختلف أهل الشرع في تفسيره. فقال الأشعري هو العلم ببعض الضروريات الذي سمّيناه بالعقل بالملكة. وما قال القاضي هو العلم بوجوب الواجبات العقلية واستحالة المستحيلات وجواز الجائزات ومجاري العادات أي الضروريات التي يحكم بها بجريان العادة من أنّ الجبل لا ينقلب ذهبا، فلا يبعد أن يكون تفسيرا لما قال الأشعري، واحتجّ عليه بأنّ العقل ليس غير العلم وإلّا جاز تصوّر انفكاكهما وهو محال، إذ يمتنع أن يقال عاقل لا علم له أصلا وعالم لا عقل له أصلا، وليس العقل العلم بالنظريات لأنّه مشروط بالنظر والنظر مشروط بكمال العقل، فيكون العلم بالنظريات متأخرا عن العقل بمرتبتين، فلا يكون نفسه، فيكون العقل هو العلم بالضروريات وليس علما بكلها، فإنّ العاقل قد يفقد بعضها لفقد شرطه كما مرّ، فهو العلم ببعضها وهو المطلوب.
وجوابه أنّا لا نسلّم أنّه لو كان غير العقل جاز الانفكاك بينهما لجواز تلازمهما. وقال الإمام الرازي والظاهر أنّ العقل صفة غريزية يلزمها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات وهي الحواس الظاهرة والباطنة. وإنّما اعتبر قيد سلامة الآلات لأنّ النائم لم يزل عقله عنه وإن لم يكن عالما حالة النوم لاختلال وقع في الآلات، وكذا الحال في اليقظان الذي لا يستحضر شيئا من العلوم الضرورية لدهش ورد عليه، فظهر أنّ العقل ليس العلم بالضروريات.
ولا شكّ أنّ العاقل إذا كان سالما عن الآفات المتعلّقة كان مدركا لبعض الضروريات قطعا.
فالعقل صفة غريزية يتبعها تلك العلوم، وهذا معنى ما قيل: قوة للنفس بها تتمكّن من إدراك الحقائق. ومحلّ تلك القوة قيل الرأس، وقيل القلب، وما قيل هو الأثر الفائض على النفس من العقل الفعال. والمعتزلة القائلون بأنّ الحسن والقبح للعقل فسّروه بما يعرف به حسن المستحسنات وقبح المستقبحات، ولا يبعد أن يقرب منه ما قيل هو قوة مميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة. وقيل هو ملكة حاصلة بالتجارب يستنبط بها المصالح والأغراض.
وهذا معنى ما قيل هو ما يحصل به الوقوف على العواقب. وقيل هو هيئة محمودة للإنسان في حركاته وسكناته. وقيل هو نور يضيئ به طريق يبتدأ به من حيث ينتهي إليه درك الحواس، فيبدأ المطلوب للطالب فيدركه القلب بتأمّله وبتوفيق الله تعالى. ومعنى هذا أنّه قوة للنفس بها تنتقل من الضروريات إلى النظريات ويحتمل أن يراد به الأثر الفائض من العقل الفعّال كما ذكره الحكماء من أنّ العقل الفعّال هو الذي يؤثّر في النفس ويعدّها للإدراك، وحال نفوسنا بالنسبة إليه كحال أبصارنا بالنسبة إلى الشمس. فكما أنّ بإفاضة نور الشمس تدرك المحسوسات كذلك بإفاضة نوره تدرك المعقولات. فقوله نور أي قوة شبيهة بالنور في أنها يحصل به الإدراك ويضيئ أي يصير ذا ضوء أي بذلك النور طريق يبتدأ به أي بذلك الطريق، والمراد به أي بالطريق الأفكار وترتيب المبادئ الموصلة إلى المطلوب. ومعنى إضاءتها صيرورتها بحيث يهتدي القلب إليها ويتمكّن من ترتيبها وسلوكها توصلا إلى المطلوب. وقوله من حيث ينتهي إليه متعلّق بقوله يبتدأ، وضمير إليه عائد إلى حيث، أي من محلّ ينتهي إليه إدراك الحواس، فيبدأ أي يظهر المطلوب للقلب أي الروح المسمّى بالقوة العاقلة والنفس الناطقة فيدركه القلب بتأمّله أي التفاته إليه والتوجّه نحوه بتوفيق الله تعالى وإلهامه، لا بتأثير النفس أو توكيدها، فإنّ الأفكار معدات للنفس وفيضان المطلوب إنّما هو بإلهام الله سبحانه. فبداية درك الحواس هو ارتسام المحسوسات في إحدى الحواس الخمس الظاهرة، ونهاية دركها ارتسامها في الحواس الباطنة. ومن هاهنا بداية درك العقل، ونهاية درك العقل ظهور المطلوب كما عرف في الفكر بمعنى الحركتين، هذا كله خلاصة ما في شرح التجريد وشرح المواقف والتلويح.

وفي خلاصة السلوك قال أهل العلم:
العقل جوهر مضيء خلقه الله في الدماغ وجعل نوره في القلب، وقال أهل اللسان: العقل ما ينجّي صاحبه من ملامة الدنيا وندامة العقبى وقال حكيم: العقل حياة الروح والروح حياة الجسد. وقال حكيم ركّب الله في الملائكة العقل بلا شهوة وركّب في البهائم الشهوة بلا عقل، وفي ابن آدم كليهما. فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلب شهوته عقله فهو شرّ من البهائم. وقال أهل المعرفة العاقل من اتّقى ربّه وحاسب نفسه وقيل من يبصر مواضع خطواته قبل أن يضعها. وقيل الذي ذهب دنياه لآخرته. وقيل الذي يتواضع لمن فوقه ولا يحتقر لمن دونه ويمسك الفضل من منطقه ويخالط الناس باختلافهم. وقيل الذي يترك الدنيا قبل أن تتركه ويعمّر القبر قبل أن يدخله وأرضى الله قبل أن يلقاه، وقيل إذا اجتمع للرجل العلم والعمل والأدب يسمّى عاقلا، وإذا علم ولم يعمل أو عمل بغير أدب أو عمل بأدب ولم يعلم لم يكن عاقلا.
العقل: المستفاد، أن يحضر عنده النظريات التي أدركها بحيث لا تغيب عنه.
العقل: بالفعل، أن تصير النظريات مخزونة عند القوة العاقلة بتكرار الاكتساب بحيث يحصل لها ملكة الاستحضار متى شاءت في غير تجشم كسب جديد.
العقل: الهيولاني، الاستعداد المحض لإدراك المعقولات، وهو قوة محضة خالية عن الفعل كما في الأطفال، وإنما نسب إلى الهيولى لأن النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولى الأولى الخالية في حد ذاتها عن الصور كلها.

قنر

قنر


قنورّ A large, long-bodied man. (Az, in TA, voce هِرْدَبَّةٌ.
[قنر] القَنَوَّرُ: بتشديد الواو: الضخم الرأس. يقال: بعيرٌ قَنَوَرٌّ. ويقال: هو الشرِس الصَعب من كلِّ شئ.

قنر


قَنَرَ — قِنَّار
a. [ coll. ], Small onions.

قِنَّارَة
a. Butcher's stall; shambles.

قِنَّوْر
a. Slave.
b. Long; tall.

قَنَوَّر
a. Big-headed.
b. Unmanageable.

قِنْز
a. Small cup.
قنر
القَنَوَّر: الشَدِيدُ الرّأس الضَّخْمُ من كلِّ شَيْءٍ.
والقَنُّوْرُ: مُسْتَقَرُّ الماءِ في البِئْرِ، وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ - على مِثال سَفُّوْدٍ -. والقَنَوَّرُ: المُطِيْقُ للحِمْل القَوِيُّ عليه.
قنر: قنار، واحدته قنارة: صغار البصل (محيط المحيط).
قنارة، والجمع قنانر: كلاب من حديد (شيرب) وانظرها في مادة صنارة.
قنارية (باليونانية قينارا): خرشوف، حرشوف، حرشيف، أرضي شوكي (صوابه الشوك الأرضي). (فوك دومب ص59، بوشر، بربرية)، المستعيني: كنجر، معجم المنصوري: كنك، أبو الوليد ص168، 558، ابن العوام 1، 99) وفي ابن البيطار (2: 402): الكنكر المسمى قنارية وهو الحرشف البستاني.
(ق ن ر)

القنور: الشَّديد الضخم الرَّأْس من كل شَيْء.

والقنور: السَّيئ الْخلق.

والقنور: العَبْد، عَن كرَاع.

والقنور: الدعي، وَلَيْسَ بثبت.

والقنار، والقنارة: الْخَشَبَة يعلق عَلَيْهَا القصاب اللَّحْم، لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب.

وقنور: اسْم مَاء، قَالَ الرَّاعِي:

ورد الْكرَى بِهِ بعور سيوفه ... دنفاً وغادره على قنور
قنر
. القَنَوَّر، كهَبَيَّخ: الشَّدِيدُ الضَّخْمُ الرَأْسِ من كلِّ شيْءٍ، وقِيلَ: القَنَوَّر: الشَّرِسُ الصَّعْبُ من كُلّ شيْءٍ، وأَنشد: حَمّالُ أَثْقَالٍ بهَا قَنَوَّرُ. وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ:
(أَرْسَلَ فِيهَا سَبِطاً لَمْ يَقْفَرِ ... قَنَوَّراً زادَ عَلَى القَنَوَّرِ)
والقِنَّوْرُ، كسِنَّوْر: العَبْدُ، عَن كُراع وابنِ الأَعْرَابيّ، قَالَ: أَنْشَدَني أَبُو المَكَارِم:
(أَضْحَتْ حَلائلُ قِنَّوْرٍ مُجَدَّعَةً ... لِمَصْرَعِ العَبْدِ قِنَّوْرِ بنِ قِنَّوْرِ)
والقِنَّوْرُ: الطَّوِيلُ، نَقله أَبو عُمَرَ عَن أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى ثَعْلَب. والقَنُّورُ، كتَنُّور: مَلاّحَةٌ بالبَادِيَة، مِلْحُها غايَةٌ جَوْدَةً، قَالَ الأَزهريّ: وَقد رأَيتُه بالبادِيَةِ. وَفِي نوادِرِ الأَعْرَابِ: المُقَنِّر كمُحَدِّث والمُقَنْوِرُ، للفَاعِل أَي على صِيغَةِ اسْمِ الفاعِل: الضَّخْمُ السَّمِجُ، وَكَذَلِكَ المُكَنِّر والمُكَنْوِر.
والمُقَنِّر، والمُقَنْوِر، والمُكَنِّر، والمُكَنْوِر: المُعْتَمُّ عِمامَةً جافِيَةً، وَفِي التَكْمِلةِ: عِمَّةً جافِيَةً، وَهُوَ نَصُّ النَّوادِر. والإِمَامُ العَدْلُ عبدُ الرَّحِيمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ كَتَائِب القَنّارِيُّ، كشَدّادِيّ، مُحَدِّثٌ، رَوَى هُوَ وأَبُوهُ عَن الخُشُوعِيّ، وتُوُفِّيَ هُوَ سنة. وممّا يُسْتَدْرِك عَلَيْهِ: القَنَوَّرُ، بتَشْدِيدِ الواوِ: الفَظُّ الغَلِيظُ، والسَّيِّئُ الخُلُق. وبَعِيرٌ قَنَوَّرٌ. والقِنَّوْرٍ، كسِنَّوْرٍ: الدَّعِىُّ. وَلَيْسَ بثَبْتٍ. وقَنُّورٌ، كتَنّور: ماءٌ، قَالَ الأَعْشَى:
(بَعَرَ الكَرِىُّ بِه بُعُورَ سَيُوفَةٍ ... دَنَفاً وغادَرَه على قَنُّورِ)
)
والقِنّارُ، والقِنّارَةُ، بكَسْرِهما: الخَشَبَة يُعَلِّق عَلَيْهَا القَصّابُ اللَّحْمَ، يُقَال: إِنّه لَيْسَ من كَلام العَرَب. والقِنّارِيّ، بالكَسْر والتَّشْدِيد: ضَرْبٌ من الشَّعِير يُشْبِهُ الحِنْطَةَ، رأَيْتُه بصَعِيدِ مِصْرَ، هَكَذَا يُسَمُّونَه. ثمَّ إِيرادُ المصنّفِ هذِه المَادَةَ هُنَا وَهَمُ، والصَّوابُ أَن تُذْكَر بَعْدَ قَنْفَر وهذِه فِي نَظِيرِ مَا واخَذَ بِهِ الجَوْهَرِيّ فِي قمطر، فسبحانَ من لَا يَسْهو، جَلَّ جَلالُه لَا إِلهَ غَيْرُه.

الدَّهْر

(الدَّهْر) مُدَّة الْحَيَاة الدُّنْيَا كلهَا وَالزَّمَان الطَّوِيل وَالزَّمَان قل أَو كثر وَألف سنة وَمِائَة ألف سنة والنازلة والهمة والإرادة والغاية وَيُقَال مَا دهري بِكَذَا وَمَا دهري كَذَا مَا همي وغايتي وَالْعَادَة وَالْغَلَبَة (ج) أدهر ودهور وَيُقَال كَانَ ذَلِك دهر النَّجْم حِين خلق الله النُّجُوم أول الزَّمَان وَفِي الْقَدِيم

(الدَّهْر) الدَّهْر (ج) أدهار
الدَّهْر: وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت سرمد، وَكَون الزَّمَان بكله مَوْجُود فِي الدَّهْر والسرمد من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال مستبعد عِنْد المبتدئين. فلتوضيحه يَكْفِي مَا قَالَه جلال الْعلمَاء والمدققين الدواني رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي شرح رباعياته فِي تَحْقِيق علم الله تَعَالَى وَكَلَامه وَالْإِشَارَة إِلَى حل الإشكالات الَّتِي تتراءى فِي قدمهَا:
(فِي علم الْحق سُبْحَانَهُ وَكَلَامه يَا أهل الْكَمَال ... )
(إِذا أَحْسَنت وامعنت النّظر فَإنَّك لَا تَجِد إشْكَالًا ... )
(هُنَا كل الْمَاضِي والمستقبل وَالْحَال وَهنا حَيْثُ ... )
(جَمِيع الْكَوْن فَكيف يكون الْعَدَم ... )
وَفِي الْعلم الإلهي وَالْكَلَام الرباني فَإِن السالكين المسالك النظرية والشهورية يشتبهون حِين يقررون الشّبَه فِي علم اللدني، معتبرين أَن علمه قديم ومتعلق بالحوادث الْأَمر الَّذِي يُوجب التَّغَيُّر فِي علمه فَإِذا كَانَ زيد قَائِما وَهُوَ عَالم بقيامه وَإِذا تبدل هَذَا الْقيام إِلَى الْقعُود، فَإِذا بَقِي علمه وَاقِفًا على الْقيام يصبح الْعلم الإلهي جهلا، وَإِذا تغير وتحول إِلَى الْعلم بالقعود فَإِن تبدلا قد حدث فِي علم الله، تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَأَيْضًا إِن الله عَالم بالحوادث الآتيه مُنْذُ الْأَزَل. فَإِذا كَانَ الْعلم على هَذَا الْوَجْه إِلَى أَنهم موجودون، فَهَذَا خلاف الْوَاقِع، وَإِذا كَانَ على وَجه أَنهم سيوجدون بعد وجود الْحَادِث فَإِذا بَقِي الْعلم على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ الْجَهْل، وَإِذا ارْتَفع علمه وَأصْبح علمه بِمَا هُوَ مَوْجُود فَإِن هَذَا يَسْتَدْعِي زَوَال علمه الأول وحدوث علمه الثَّانِي وَكِلَاهُمَا محالين لَدَى ذَات الله تَعَالَى. وَبِنَاء على ذَلِك قَالَ بعض الحشوية أَن علم الله تَعَالَى بالحوادث فِي وَقت حُصُولهَا لَا غير، تَعَالَى عَن ذَلِك.
والمتكلمين المتقصين قَالُوا عَن أساس الشّبَه أَن الْعلم الإلهي قديم وَأَن تبدل الْعلم الْحَادِث وتعلقه يَقع فِي متعلقاته وَلَيْسَ فِي نفس الْعلم. وَهَذَا كَلَام واه. فَكيف يعلم أَن لَا يتَعَلَّق بِشَيْء وَلم يعلم هَذَا الشَّيْء، إِذا يجب أَن يكون الله تَعَالَى لَيْسَ عَالم بالحوادث مُنْذُ الْأَزَل وَهَذَا يعيدنا إِلَى كَلَام الحشوية. أما وَجه التَّقَصِّي فِيهِ فَهُوَ أَن الذَّات الإلهية لَيست زمانية وَلكنهَا مُحِيطَة وعالية عَن زمَان علمه تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَيْسَ زمانيا لكنه مُحِيط بِجَمِيعِ الْأَزْمِنَة دفْعَة وَاحِدَة، وكل جُزْء مَفْرُوض من أَجزَاء الزَّمَان والحوادث الْوَاقِعَة فِيهِ وعَلى الْكَيْفِيَّة الْوَاقِعَة فَهِيَ فِي مشاهديه. مثلا فَإِن زمَان بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام على هَذَا الْوَجْه هُوَ مَاض نِسْبَة إِلَى بعثة الْأَنْبِيَاء الْمُتَأَخِّرين عَنهُ وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبل بِالنِّسْبَةِ لبعثة آدم والأنبياء الآخرين الْمُتَقَدِّمين عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضر بِالنِّسْبَةِ للحوادث الْمُقَارنَة لَهُ. وعَلى هَذَا الْوَجْه فَإِن جَمِيع وَسَائِر الْأَزْمِنَة والحوادث لَا تَتَغَيَّر. وَلَا يُمكن أَن تكون بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام خَالِيَة فِي هَذِه الصِّفَات. والماضي والمستقبل فِيهَا نِسْبَة للأمور الْأُخْرَى وَلَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لله تَعَالَى. وأساس هَذَا الْمَعْنى أَن الذَّات الإلهية فالأمور السَّابِقَة أَو الْمُتَقَدّمَة على الزَّمَان الْمُطلق غير محاطة بِالزَّمَانِ لَكِنَّهَا مُحِيطَة بِالزَّمَانِ، إِذا الْمَاضِي والمستقبل لَا يُوجد بِالنِّسْبَةِ لَهُ ولكنهما موجودان بِالنِّسْبَةِ للزمنين المتساوين فِي أقدمية الْحُضُور وعَلى الرغم من أَن ثُبُوت الْمَاضِي والاستقبال حَاصِل من الْعَدَم وَذَلِكَ لِأَن الْمَاضِي والاستقبال هما الزَّمَان، وَالزَّمَان فرع من الْحَرَكَة وَالْحَرَكَة ناشئة من الْقُوَّة وَالْقُوَّة تَسْتَلْزِم الْعَدَم بِالْقُوَّةِ والعدم لَيْسَ لَهُ طَرِيق فِي ساحة الْوُجُود الْحَقِيقِيّ، بل فِي المجردات: والمثال على هَذَا الْوَجْه من الْمَعْنى أَن يعرض شخص مَا على آخر دفْعَة وَاحِدَة، ثمَّ يعمد إِلَى عرض هَذَا الْخط على حَيَوَان ضيق الحدقة بالتدريج بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْإِحَاطَة بهَا كليا.
وَبِمَا أَن هَذَا الْحَيَوَان سيرى أَن اللَّوْن يتبدل بَين لَحْظَة وَأُخْرَى، فَإِنَّهُ يعْتَقد أَن الأول صَار مَعْدُوما وَأَن الثَّانِي إِن وجد وَذَلِكَ بِسَبَب تبدل علمه بالألوان، وَهَذَا بِمَعْنى غياب آحَاد الألوان عَن ناظريه وتعاقب الْحُضُور عِنْده ...
وَمَا ينْقل عَن أساطين الْحِكْمَة السَّابِقين أَن نِسْبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت هُوَ السرمد، وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الدَّهْر، وَنسبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الزَّمَان، وَيَا أَيهَا الذكي الْعَالم بالدقائق إِلَيْك التَّنْبِيه على هَذَا الْمَعْنى. إِذا أزيلت غشاوة الامتراء وسبل الْجِدَال عَن أعين أهل البصيرة وألقوا من يدهم عَصا تَقْلِيد المصطلحات واتجهوا إِلَى وَادي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الْمُقَدّس وينير لَهُم الْهَادِي نور الطَّرِيق فَيجب أَن يعلمُوا أَنه من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد هُوَ مجَال الْعلم الإلهي ودفعة وَاحِدَة. وَلَا يُمكن لأي شَيْء أَن يغيب عَن خطّ شُهُوده مَاضِيا كَانَ أم اسْتِقْبَالًا. وبنظري الْقَاصِر، فَإِن الْعَالم إِمْكَان ممزوج بِثَوْب الْعَدَم، وَلَا طَرِيق لغبار الْعَدَم إِلَى الساحة المقدسة للكمال والوجود الْمَحْض. وَلَا وجود بعْدهَا للماضي والاستقبال، وَقد أورد بعض أَصْحَاب الْحِكْمَة هَذَا الْمَعْنى شعرًا فَقَالَ:
(الْمَاضِي والمستقبل والحاضر فِي علم الله ... للَّذي يعلم أَنه لَا يعلم ذَلِك)
(وهم جَمِيعًا فِي سجن الزَّمَان ... وَمن ضيق الْمقَال اطلق سراحهم)
الدَّهْر: قد يعد من الْأَسْمَاء الْحسنى. وَلذَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الدَّهْر هُوَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الدَّهْر الزَّمَان الطَّوِيل فَمَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تسبوا الدَّهْر. فَإِن خَالق الدَّهْر هُوَ الله. وَقيل الدَّهْر ألف سنة. وَقيل الدَّهْر الْأَبَد. وَقيل الدَّهْر منشأ الْأَزَل وَإِلَّا بَدَلا ابْتِدَاء لَهُ وَلَا انْتِهَاء لَهُ كل ذِي ابْتِدَاء وَذي انْتِهَاء فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي غَيره. وَهَذَا هُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ أساطين الْحُكَمَاء كَمَا سنبين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا أَدْرِي مَا الدَّهْر فَإِنَّهُ رَحمَه الله توقف فِي الدَّهْر كَمَا توقف فِي وَقت الْخِتَان وَفِي أَحْوَال أَطْفَال الْمُشْركين يَوْم الْقِيَامَة. وَيعلم من كتب الْفِقْه أَن الدَّهْر الْمُنكر أَي الْمُجَرّد عَن لَام التَّعْرِيف مُجمل والمعرف بهَا الْعُمر فَلَو قَالَ إِن صمت الدَّهْر فَعَبْدي حر فَهُوَ على الْعُمر. وَفِي تَحْقِيق الزَّمَان والدهر والسرمد كَلَام طَوِيل للحكماء الْمُحَقِّقين. وَهَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة يُرِيد إِيرَاد خُلَاصَة بيانهم. وتبيان زبدة مرامهم. فَأَقُول إِن السرمد وعَاء الدَّهْر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء المتغيرات تدريجية أَولا. وَبَيَان هَذَا أَن الْمَوْجُود إِذا كَانَ لَهُ هوية وَوُجُود اتصافي غير قار الْأَجْزَاء كالحركة كَانَ مُشْتَمِلًا على أَجزَاء بَعْضهَا مُتَقَدم على بعض وَبَعضهَا مُتَأَخّر عَن بعض لَا يَجْتَمِعَانِ فَلذَلِك الْمَوْجُود بِهَذَا الِاعْتِبَار مِقْدَار وامتداد غير قار ينطبق ذَلِك الْمَوْجُود الاتصالي على ذَلِك الْمِقْدَار بِحَيْثُ يكون كل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوُجُود الاتصالي مطابقا بِكُل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْمِقْدَار الْمُقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر وَهَذَا الْمِقْدَار الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار الْمَنْسُوب إِلَيْهِ ذَلِك الْمَوْجُود الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار هُوَ الزَّمَان وَمثل هَذَا الْمَوْجُود يُسمى متغيرا تدريجيا لَا يُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان والمتغيرات الدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ طرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان فالزمان وعَاء المتغيرات وظرفها وَلذَا قَالَ الشَّيْخ الرئيس الْكَوْن فِي الزَّمَان مَتى الْأَشْيَاء المتغيرة انْتهى.
والماضي وَالْحَال والاستقبال إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتغيرات التدريجية أَو الدفعية الَّتِي منطبقة بأجزاء ذَلِك الامتداد الْغَيْر القار الَّذِي هُوَ الزَّمَان. وَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت سَوَاء كَانَ ثُبُوته بِالذَّاتِ كالواجب تَعَالَى شَأْنه أَو بعلته كالجواهر الْمُجَرَّدَة والأفلاك إِلَى الزَّمَان وَلَا يُمكن نسبته إِلَيْهِ إِلَّا بالمعية فِي الْحُصُول والكون يَعْنِي أَنه مَوْجُود مَعَ الزَّمَان كَمَا أَن الزَّمَان مَوْجُود وَلَا يُمكن نسبته إِلَى الزَّمَان بالحصول يَعْنِي كَون الزَّمَان ظرفا لذَلِك الْأَمر الثَّابِت لِأَن كَون الزَّمَان ظرفا لشَيْء مَوْقُوف على كَون ذَلِك الشَّيْء ذِي أَجزَاء وعَلى انطباق تِلْكَ الْأَجْزَاء على أَجزَاء الزَّمَان وَهَذَا الانطباق مَوْقُوف على التَّغَيُّر والتقضي فِي الْأَجْزَاء حَتَّى تنطبق تِلْكَ الْأَجْزَاء الْغَيْر القارة بأجزاء الزَّمَان الْغَيْر القارة حَتَّى يكون الزَّمَان متناه وَلَيْسَ كل مَا يُوجد مَعَ الشَّيْء كَانَ حَاصِلا فِيهِ ومظروفا لَهُ وَذَلِكَ الشَّيْء ظرفا لَهُ.
أَلا ترى أَن الأفلاك مَوْجُودَة مَعَ الخردلة وَلَيْسَت هِيَ فِيهَا فَيكون ذَلِك الْأَمر الثَّابِت فِي حد نَفسه مستغنيا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذَاته يُمكن أَن يكون مَوْجُودا بِلَا زمَان. فَلذَلِك الْأَمر الثَّابِت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان حُصُول صرف وَكَون مَحْض مُجَرّد عَن كَونه فِيهِ ووعاء هَذَا الْكَوْن والحصول هُوَ الدَّهْر. وَقد علم مِمَّا ذكرنَا أَن الْأَمر الثَّابِت نَوْعَانِ ثَابت بِالذَّاتِ وثابت بِالْغَيْر أَي بعلته فَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ إِلَى الثَّابِت بِالْغَيْر بالمعية أَيْضا لما مر يحصل لَهُ حُصُول وَكَون أرفع من الْحُصُول والكون الَّذِي لِلْأَمْرِ الثَّابِت بِالْغَيْر لِأَنَّهُ حِين النّظر فِي ذَات الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ أَي الْوَاجِب تَعَالَى شَأْنه يغرق جَمِيع مَا سواهُ تَعَالَى فِي بَحر الْهَلَاك والبطلان فِي حد نَفسه وَلَا تهب ريح مِنْهَا إِلَى ساحة جنابه الْمُقَدّس وحضرة وجوده الأقدس فِي هَذَا اللحاظ وَالنَّظَر ووعاء هَذَا الْكَوْن إِلَّا رفع وظرفه هُوَ السرمد. قيل الْحق أَن يخص السرمد والوجود السرمدي بالقيوم الْوَاجِب بِالذَّاتِ جلّ جَلَاله انْتهى.
فالسرمد وعَاء الْكَوْن الْكَوْن إِلَّا رفع للْوَاجِب تَعَالَى ووعاء الدَّهْر أَيْضا وللجواهر الْمُجَرَّدَة وَسَائِر الْأُمُور الثَّابِتَة بِالْغَيْر كَون دهري لَا سرمدي لاختصاصه بِالْوَاحِدِ الْأَحَد الصَّمد عز شَأْنه. والكون الدهري فِي نَفسه وباللحاظ إِلَى ذَاته هَالك كَمَا مر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء التغيرات التدريجية والدفعية وَسَائِر الزمانيات الَّتِي يتَعَلَّق تقررها ووجودها بأزمنة وآنات متعينة. فَجَمِيع الأكوان والأزمان وأجزاء الزَّمَان والحوادث الزمانية والآنية حَاضر مَوْجُود دفْعَة فِي الدَّهْر من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال وعروض انْتِقَال وَزَوَال إِذْ جملَة الزَّمَان وإبعاضه وحدوده لَا يخْتَلف انْقِضَاء أَو حصولا بِالْقِيَاسِ إِلَى الثَّابِت الْمَحْض أصلا فَأذن بعض الزَّمَان وَكله يكونَانِ مَعًا بِحَسب الْحُصُول فِي الدَّهْر وَإِلَّا لَكَانَ فِي الدَّهْر انقضاءات وتجددات فَيلْزم فِيهِ امتداد فينقلب الدَّهْر حِينَئِذٍ بِالزَّمَانِ وَهَذَا خلف محَال فحصول حُصُول الأكوان والأزمان كَذَلِك فِي السرمد بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَإِذ قد علمت أَن المتغيرات التدريجية لَا تُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان. والدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ ظرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان وَأما الْأُمُور الثَّابِتَة الَّتِي لَا تغير فِيهَا أصلا لَا تدريجيا وَلَا دفعيا فَهِيَ وَإِن كَانَت مَعَ الزَّمَان إِلَّا أَنَّهَا مستغنية فِي حد أَنْفسهَا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذواتها يُمكن أَن تكون مَوْجُودَة بِلَا زمَان. فَاعْلَم أَنه إِذا نسب متغير إِلَى متغير بالمعية أَو الْقبلية فَلَا بُد هُنَاكَ من زمَان فِي كلا الْجَانِبَيْنِ وَإِذا نسب بهما ثَابت إِلَى متغير فَلَا بُد من الزَّمَان فِي أحد جانبيه دون الآخر. وَإِذا نسب ثَابت إِلَى ثَابت بالمعية كَانَ الجانبان مستغنيين عَن الزَّمَان وَإِن كَانَا مقارنين. والحكماء الْمُحَقِّقُونَ أشاروا إِلَى مَا فصلنا فِي بَيَان الزَّمَان والدهر والسرمد بِمَا قَالُوا. إِن نِسْبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر (زمَان) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر (دهر) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت (سرمد) .
ف (45) :

اله

الهيس: أداة الفدان كلها، بلغة عمان. ويقال في الغارة إذا استبيحت قرية أو قبيلة فاستؤصلت: هيس هيس، معناه ما بقي منهم أحَدٌ. والأهيس من الإبل 110أ: الجريء الذي لا ينقبض عن شيء. وهست تهيس: أي تسير وتطأ. والهيس: السير أي ضرب كان. وفي المثل: " إحدى لياليك فهيسي هيسي " وهو زجر للإبل. والهيس: أخذ الشيء بكثرة. وهاس الرجل ليلته: ثبت على السير.
اله التأله التعبد. والآلهة الأصنام التي تعبد. ويقرأ " ويذرك وإلاهتك " يعني عبادتك. والإله - عز وجل - إنما قيل لأن القلوب تأله عند التفكر في عظمته أي تتحير. واسم الله الأعظم الله. والأصل فيه إلاه - على فعال -. ويقولون لله ما فعلت يريدون والله ما فعلت. ويقولون في الاستغاثة يا لله - بالفتح - ما صنع، وفي التعجب يا لله - بكسر اللام -. ولاه أنت. ولاهم اغفر لي بمعنى اللهم. ولاه ابن عمك. واختلفوا في معنى اللهم فقالوا معناه 112أيا الله أمنا بخير، وقيل يا أللهم. وألهت على فلان اشتد جزعه. والإلاهة عين الشمس، وكذلك الأليهة. والله - منقوص مثل الدم والفم - لغة في المدود.
[اله] نه فيه: إذا وقع في "الهانية" الرب لم يجد أحداً يأخذ بقلبه، هو فعلانيةتهمة بل تقريراً له في النفوس.

اله

1 أَلَهَ, (S, and so in some copies of the K,) with fet-h, (S,) or أَلِهَ, (Mgh, Msb, and so in some copies of the K,) like تَعِبَ, aor. ـَ (Msb,) inf. n. إِلَاهَةٌ (S, Msb, K) and أُلُوهَةٌ and أُلُوهِيَّپٌ, (K,) He served, worshipped, or adored; syn. عَبَدَ. (S, Msb, K.) Hence the reading of I'Ab, [in the Kur vii. 124,] وَيَذَرَكَ وَإِلَاهَتَكَ [And leave thee, and the service, or worship, or adoration, of thee; instead of وَآلِهَتَكَ and thy gods, which is the common reading]; for he used to say that Pharaoh was worshipped, and did not worship: (S:) so, too, says, Th: and IB says that the opinion of I'Ab is strengthened by the sayings of Pharaoh [mentioned in the Kur lxxix. 24 and xxviii. 38], “I am your lord the most high,” and “I did not know any god of yours beside me.” (TA.) A2: أَلِهَ, aor. ـَ (S, K,) inf. n. أَلَهٌ, (S,) He was, or became, confounded, or perplexed, and unable to see his right course; (S, K;) originally وَلِهَ. (S.) b2: أَلِهَ عَلَي فُلَانٍ He was, or became, vehemently impatient, or affected with vehement grief, or he manifested vehement grief and agitation, on account of such a one; (S, K;) like وَلِهَ. (S.) b3: أَلِهَ إِلَيْهِ He betook himself to him by reason of fright or fear, seeking protection; or sought, or asked, aid, or succour, of him: he had recourse, or betook himself, to him for refuge, protection, or preservation. (K.) b4: أَلِهَ بِالمَكَانِ He remained, stayed, abode, or dwelt, in the place. (MF.) A3: أَلَهَهُ, (K,) like مَنَعَهُ, (TA,) [in the CK اَلِهَهُ,] He protected him; granted him refuge; preserved, saved, rescued, or liberated, him; aided, or succoured, him; or delivered him from evil: he rendered him secure, or safe. (K.) 2 تَأْلِيهٌ [inf. n. of أَلَّهَهُ He made him, or took him as, a slave; he enslaved him;] i. q. تَعْبِيدٌ. (S, K.) b2: [The primary signification of أَلَّهَهُ seems to be, He made him to serve, worship, or adore. b3: Accord. to Freytag, besides having the former of the two meanings explained above, it signifies He reckoned him among gods; held him to be a god; made him a god: but he does not mention his authority.]5 تألّه He devoted himself to religious services or exercises; applied himself to acts of devotion. (JK, S, Msb, K.) أُلْهَانِيَّةٌ: see إِلَاهَةٌ.

إِلهٌ, or إِلَاهٌ, [the former of which is the more common mode of writing the word,] is of the measure فعَالٌ (S, Msb, K) in the sense of the measure مَفْعُولٌ, (S, Msb,) like كِتَابٌ in the sense of مَكْتُوبٌ, and بِسَاطٌ in the sense of مَبْسُوطً, (Msb,) meaning ↓ مَأْلْوةٌ [An object of worship or adoration; i. e. a god, a deity]; (S, Msb, K) anything that is taken as an object of worship or adoration, accord. to him who takes it as such: (K:) with the article ال, properly, i. q. اللّٰهُ; [sec this word below;] but applied by the believers in a plurality of gods to what is worshipped by them to the exclusion of اللّٰه: (Msb:) pl. آلِهَةٌ: (Msb, TA:) which signifies idols: (JK, S, TA:) in the K, this meaning is erroneously assigned to إِلَاهَةٌ: (TA:) [not so in the CK; but there, الالِهَةُ is put in a place where we should read الإِلَاهَةُ, or إِلَاهَةُ without the article:] ↓ الإِلَاهَةُ [is the fem. of الإِلَاهُ, and] signifies [the goddess: and particularly] the serpent: [(a meaning erroneously assigned in the CK to الآلِهَةُ; as also other meanings here following:) because it was a special object of the worship of some of the ancient Arabs:] (K:) or the great serpent: (Th:) and the [new moon; or the moon when it is termed]

هِلَال: (Th, K:) and, (S, K,) as also ↓ إِلَاهَةُ, without ال, the former perfectly decl., and the latter imperfectly decl., (S,) and ↓ الأُلَاهَةُ, (IAar, K,) and ↓ أُلَاهَةُ, (IAar, TA,) and ↓ الأَلَاهَةُ, (K,) [and app. ↓ أَلَاهَةُ,] and ↓ الأَلِيهَةُ, (K,) the sun; (S, K;) app. so called because of the honour and worship which they paid to it: (S:) or the hot sun. (Th, TA.) [إِلهٌ is the same as the Hebrew אֱלוֹהַּ and The Chaldee XXX; and is of uncertain derivaTion: accord. To some,] it is originally وِلَاهٌ, like as إِشَاحٌ is originally وِشَاحٌ; meaning that mankind yearn towards him who is thus called, [seeking protection or aid,] in their wants, and humble themselves to him in their afflictions, like as every infant yearns towards its mother. (TA.) [See also the opinions, cited below, on the derivation of اللّٰهُ.]

أَلَهَةُ and الأَلَاهَةُ: see إِلهٌ.

أُلَاهَةُ and الأُلَاهَةُ: see إِلهٌ.

A2: أُلَاهَةٌ: see إِلَاهَةٌ.

إِلَاهَةٌ inf. n. of 1, q. v. (S, Msb, K.) A2: Godship; divinity; (K;) as also ↓ أُلَاهَةٌ (CK [not found by me in any MS. copy of the K) and ↓ أُلْهَانِيَّةٌ. (K.) A3: إِلَاهَةُ and الإِلَاهَةُ: see إِلهٌ.

الأَلِيهَةُ: see إِلهٌ.

إِلهِىٌّ, or إِلَاهِىٌّ, Of, or relating to, God or a god; divine; theological: Hence, العِلْمُ الإِلهِىُّ or الإِلَاهِىٌّ: see what next follows.]

الإِلهِيَّةُ, or الإِلَاهِيَّةُ, Theology; the science of the being and attributes of God, and of the articles of religious belief; also termed عِلْمُ الإِلهِيَّاتِ or الإِلَاهِيَّاتِ, and ↓ العِلْمُ الإِلهِىُّ or الإِلَاهِىُّ.]

اللّٰهُ, [written with the disjunctive alif اَللّٰهُ, meaning God, i. e. the only true god,] accord. to the most correct of the opinions respecting it, which are twenty in number, (K,) or more than thirty, (MF,) is a proper name, (Msb, K,) applied to the Being who exists necessarily, by Himself, comprising all the attributes of perfection; (TA;) a proper name denoting the true god, comprising all the excellent divine names; a unity comprising all the essences of existing things; (Ibn-El- 'Arabee, TA;) the ال being inseparable from it: (Msb:) not derived: (Lth, Msb, K:) or it is originally إِلهٌ, or إِلَاهٌ, (Sb, A Heyth, S, Msb, K,) of the measure فِعَالٌ in the sense of the measure مَفْعُولٌ, meaning مَأْلُوهٌ, (S, K, *) with [the article]

ال prefixed to it, (Sb, A Heyth, S, Msb,) so that it becomes الإِلَاهُ, (Sb, A Heyth, Msb,) then the vowel of the hemzeh is transferred to the ل [before it], (Msb,) and the hemzeh is suppressed, (Sb, A Heyth, S, Msb,) so that there remains اللّٰهُ, or الِلَاهُ, after which the former ل is made quiescent, and incorporated into the other: (Sb, A Heyth, Msb:) the suppression of the hemzeh is for the purpose of rendering the word easy of utterance, on account of the frequency of its occurrence: and the ال is not a substitute for the hemzeh; for were it so, it would not occur therewith in الإِلَاهُ: (S:) so says J; but IB says that this is not a necessary inference, because الإِلَاهُ applies to God (اللّٰهُ) and also to the idol that is worshipped; whereas اللّٰهُ applies only to God; and therefore, in using the vocative form of address, one may say, يَا اَللّٰهُ [O God], with the article ال and with the disjunctive hemzeh; but one may not say, يَا الإِلَاهُ either with the disjunctive or with the conjunctive hemzeh: (TA:) Sb allows that it may be originally لَاهٌ: see art. ليه: (S:) some say that it is from أَلِهَ, either because minds are confounded, or perplexed, by the greatness, or majesty, of God, or because He is the object of recourse for protection, or aid, in every case: or from أَلَهَهُ, meaning “he protected him,” &c., as explained above: see 1, last sentence. (TA.) The ال is pronounced with the disjunctive hemzeh in using the vocative form of address [يَا اَللّٰهُ] because it is inseparably prefixed as an honourable distinction of this name; (S;) or because a pause upon the vocative particle is intended in honour of the name; (S in art. ليه;) and AAF says that it is also thus pronounced in a form of swearing; as in أَفَاَللّٰهِ لَتَفْعَلَنَّ [an elliptical phrase, as will be shown below, meaning Then, by God, wilt thou indeed do such a thing?]; though he denies its being thus pronounced because it is inseparable; regarding it as a substitute for the suppressed hemzeh of الإِلَاهُ: (S in the present art.:) Sb mentions this pronunciation in يَا اَللّٰهُ; and Th mentions the pronunciation of يَا اللّٰهُ also, with the conjunctive hemzeh: Ks, moreover, mentions, as used by the Arabs, the phrase يَلَهْ اَغْفِرْلِى [O God, forgive me], for يَا اللّٰهُ; but this is disapproved. (ISd, TA.) The word is pronounced in the manner termed تَفْخِيم, [i. e., with the broad sound of the lengthened fet-h, and with a full sound of the letter ل,] for the purpose of showing honour to it; but when it is preceded by a kesreh, [as in بِاللّٰهِ By God, and بِسْمِ اللّٰهِ In the name of God,] it is pronounced in the [contr.] manner termed تَرْقِيق: AHát says that some of the vulgar say, لَاوَاللّٰهْ [No, by God], suppressing the alif, which should necessarily be uttered, as in الرَّحْمنُ, which is in like manner written without alif; and he adds that some person has composed a verse in which the alif [in this word] is suppressed, erroneously. (Msb.) You say, اَللّٰهَ اللّٰهَ فِى كَذَا, [a verb being understood,] meaning Fear ye God, fear ye God, with respect to such a thing. (Marginal note in a copy of the Jámi' es-Sagheer. [See another ex. voce كَرَّةٌ.]) And اَللّٰهَ لَأَفْعَلَنَّ and اَللّٰهِ لَأَفْعَلَنَّ [By God, I will assuredly do such a thing]: in the former is understood a verb significant of swearing; and in the latter, [or in both, for a noun is often put in the accus. case because of a particle understood,] a particle [such as بِ or وَ] denoting an oath. (Bd in ii. 1.) and لِلهِ مَا فَعَلْتُ, meaning وَاللّٰهِ مَا فَعَلْتُ [By God, I did not, or have not done, such a thing]. (JK.) And لِلّهِ دَرُّكَ (tropical:) To God be attributed thy deed! (A in art. در:) or the good that hath proceeded from thee! or thy good deed! or thy gift! and what is received from thee! [and thy flow of eloquence! and the like]: a phrase expressive of admiration of anything: (TA in art. در:) [when said to an eloquent speaker or poet, it may be rendered divinely art thou gifted!]. And لِلّهِ دَرُّهُ (tropical:) To God be attributed his deed! [&c.]. (S and K in art. در.) And لِلّهِ القَائِلُ [meaning To God be attributed (the eloquence of) the sayer! or] how good, or beautiful, is the saying of the sayer, or of him who says [such and such words]! or it is like the phrase لِلّهِ دَرُّهُ, meaning (assumed tropical:) To God be attributed his goodness! and his pure action! (Har p. 11.) And لِلّهِ فُلَانٌ [To God be attributed (the excel-lence, or goodness, or deed, &c., of) such a one!] explained by Az as meaning wonder ye at such a one: how perfect is he! (Har ibid.) [And لِلّهِ أَبُوكَ: see art. ابو.] And لَاهِ أَنْتَ, meaning لِلّهِ أَنْتَ [lit. To God be thou attributed! i. e. to God be attributed thine excellence! or thy goodness! or thy deed! &c.]. (JK.) [Similar to لِلّهِ, thus used, is the Hebrew expression לֵאלֹהּים after an epithet signifying “great” or the like.] إِنَّالِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, in the Kur [ii. 151], said on the occasion of an affliction, means Verily to God we belong, as property and servants, He doing with us what He willeth, and verily unto Him we return in the ultimate state of existence, and He will recompense us. (Jel.) Az mentions the phrase الحَمْدُلَاهِ [meaning الحَمْدُلِلّهِ Praise be to God]: but this is not allowable in the Kur-án: it is only related as heard from the Arabs of the desert, and those not knowing the usage of the Kurn. (Az, TA.) b2: ↓ اَللّهُمَّ is an expression used in prayer; as also لَاهُمَّ; (JK, Msb;) meaning يَا اَللّٰهُ [O God]; the م being a substitute for [the suppressed vocative particle] يا; (S in art. ليه, and Bd in iii. 25;) but one says also, يَا اَللّهُمَّ, (JK, and S ibid,) by poetic licence: (S ibid:) or the meaning, accord. to some, is يَا اَللّٰهُ أُمَّنَا بِخَيْرٍ [O God, bring us good]; (JK, and Bd ubi suprà;) and hence the origin of the expression. (Bd.) You say also اَللّهُمَّ إِلَّا [which may be rendered, inversely, Unless, indeed; or unless, possibly]: the former word being thus used to denote that the exception is something very rare. (Mtr in the commencement of his Expos. of the Makámát of El-Hareeree, and Har pp. 52 and 53.) And اَللّهُمَّ نَعَمْ [which may be rendered, inversely, Yes, indeed; or yea, verily]: the former word being used in this case as corroborative of the answer to an interrogation, negative and affirmative. (Har p. 563.) اَللّهُمَّ: see what next precedes.

مَأْلُوهٌ: see إِلهٌ.

كَفَلَ 

(كَفَلَ) الْكَافُ وَالْفَاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَضَمُّنِ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ الْكِفْلُ: كِسَاءٌ يُدَارُ حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ. وَيُقَالُ هُوَ كِسَاءٌ يُعْقَدُ طَرَفَاهُ عَلَى عَجُزِ الْبَعِيرِ لِيَرْكَبَهُ الرَّدِيفُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَشْرَبُوا مِنْ ثُلْمَةِ الْإِنَاءِ فَإِنَّهُ كِفْلُ الشَّيْطَانِ» ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَدُورُ عَلَى السَّنَامِ أَوِ الْعَجُزِ، فَكَأَنَّهُ قَدْ ضُمِّنَهُ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ الْجَبَانِ كِفْلٌ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الْحَرْبِ إِنَّمَا هِمَّتُهُ الْإِحْجَامُ، فَهَذَا إِنَّمَا شَبَّهَ بِالْكِفْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، أَيْ إِنَّهُ مَحْمُولٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَشْيٍ وَلَا حَرَكَةٍ، شَبَّهُوهُ بِالْكِفْلِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الْجَرِّ ... ثُمَّ شَدَدْنَا فَوْقَهُ بِمَرِّ

وَلِلشُّعَرَاءِ فِي هَذَا كَثِيرٌ. وَجَمِيعُ هَذَا الْكِفْلِ أَكْفَالٌ. قَالَ الْأَعْشَى:

وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكْفَالِ

وَمِنَ الْبَابِ - وَهُوَ يُصَحِّحُ الْقِيَاسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ - الْكَفِيلُ، وَهُوَ الضَّامِنُ، تَقُولُ: كَفَلَ بِهِ يَكْفُللَةً. وَالْكَافِلُ: الَّذِي يَكْفُلُ إِنْسَانًا يَعُولُهُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] ، وَأَكْفَلْتُهُ الْمَالَ: ضَمَّنْتُهُ إِيَّاهُ. وَالْكَفَلُ: الْعَجُزُ، سُمِّيَ لِمَا يَجْمَعُ مِنَ اللَّحْمِ. وَالْكِفْلُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: الضِّعْفُ مِنَ الْأَجْرِ، وَأَصْلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، كَأَنَّهُ شَيْءٌ يَحْمِلُهُ حَامِلُهُ عَلَى الْكِفْلِ الَّذِي يَحْمِلُهُ الْبَعِيرُ. وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الْإِثْمِ. فَأَمَّا الْكَافِلُ فَهُوَ الَّذِي لَا يَأْكُلُ، وَيُقَالُ إِنَّهُ الَّذِي يَصِلُ [الصِّيَامَ] ، فَهُوَ بَعِيدٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا أَدْرِي مَا أَصْلُهُ، لَكِنَّهُ صَحِيحٌ فِي الْكَلَامِ. قَالَ الْقُطَامِيُّ:

يَلُذْنَ بِأَعْقَارِ الْحِيَاضِ كَأَنَّهَا ... نِسَاءُ نَصَارَى أَصْبَحَتْ وَهِيَ كُفَّلُ.

رَوَحَ 

(رَوَحَ) الرَّاءُ وَالْوَاوُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ كَبِيرٌ مُطَّرِدٌ، يَدُلُّ عَلَى سَعَةٍ وَفُسْحَةٍ وَاطِّرَادٍ. وَأَصْلُ [ذَلِكَ] كُلِّهِ الرِّيحُ. وَأَصْلُ الْيَاءِ فِي الرِّيحِ الْوَاوُ، وَإِنَّمَا قُلِبَتْ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. فَالرُّوحُ رُوحُ الْإِنْسَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيحِ، وَكَذَلِكَ الْبَابُ كُلُّهُ. وَالرَّوْحُ: نَسِيمُ الرِّيحِ. وَيُقَالُ أَرَاحَ الْإِنْسَانُ، إِذَا تَنَفَّسَ. وَهُوَ فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ. وَيُقَالُ أَرْوَحَ الْمَاءُ وَغَيْرُهُ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ.

وَالرُّوحُ: جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193] . وَالرَّوَاحُ: الْعَشِيُّ; وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِرَوْحِ الرِّيحِ، فَإِنَّهَا فِي الْأَغْلَبِ تَهُبُّ بَعْدَ الزَّوَالِ. وَرَاحُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ مِنْ لَدُنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى اللَّيْلِ. وَأَرَحْنَا إِبِلَنَا: رَدَدْنَاهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ. فَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى:

مَا تَعِيفُ الْيَوْمَ فِي الطَّيْرِ الرَّوَحْ ... مِنْ غُرَابِ الْبَيْنِ أَوْ تَيْسٍ بَرَحْ

فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْمُتَفَرِّقَةُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الرَّائِحَةُ إِلَى أَوْكَارِهَا. وَالْمُرَاوَحَةُ فِي الْعَمَلَيْنِ: أَنْ يَعْمَلَ هَذَا مَرَّةً وَ [هَذَا] مَرَّةً. وَالْأَرْوَحُ: الَّذِي فِي صُدُورِ قَدَمَيْهِ انْبِسَاطٌ. يُقَالُ رَوِحَ يَرْوَحُ رَوْحًا. وَقَصْعَةٌ رَوْحَاءُ: قَرِيبَةُ الْقَعْرِ. وَيُقَالُ الْأَرْوَحُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِي يَتَبَاعَدُ صُدُورُ قَدَمَيْهِ وَيَتَدَانَى عَقِبَاهُ; وَهُوَ بَيِّنُ الرَّوَحِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَرَاحُ لِلْمَعْرُوفِ، إِذَا أَخَذَتْهُ لَهُ أَرْيَحِيَّةٌ. وَقَدْ رِيحَ الْغَدِيرُ: أَصَابَتْهُ الرِّيحُ. وَأَرَاحَ الْقَوْمُ: دَخَلُوا فِي الرِّيحِ. وَيُقَالُ لِلْمَيِّتِ إِذَا قَضَى: قَدْ أَرَاحَ. وَيُقَالُ أَرَاحَ الرَّجُلُ، إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ بَعْدَ الْإِعْيَاءِ. وَأَرْوَحَ الصَّيْدُ، إِذَا وَجَدَ رِيحَ الْإِنْسِيِّ. وَيُقَالُ: أَتَانَا وَمَا فِي وَجْهِهِ رَائِحَةُ دَمٍ. وَيُقَالُ أَرَحْتُ عَلَى الرَّجُلِ حَقَّهُ، إِذَا رَدَدْتَهُ إِلَيْهِ. وَأَفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَرَاحٍ وَرَوَاحٍ، أَيْ فِي سُهُولَةٍ. وَالْمَرَاحُ: حَيْثُ تَأْوِي الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ. وَالدُّهْنُ الْمُرَوَّحُ: الْمُطَيَّبُ. وَقَدْ تَرَوَّحَ الشَّجَرُ، وَرَاحَ يَرَاحُ، مَعْنَاهُمَا أَنْ يَتَفَطَّرَ بِالْوَرَقِ. قَالَ:

رَاحَ الْعِضَاهُ بِهِمْ وَالْعِرْقُ مَدْخُولُ أَبُو زَيْدٍ: أَرْوَحَنِي الصَّيْدُ إِرْوَاحًا، إِذَا وَجَدَ رِيحَكَ. وَأَرْوَحْتُ مِنْ فُلَانٍ طِيبًا. وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: " «لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» " مِنْ أَرَحْتُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ " لَمْ يَرَحْ " مِنْ رَاحَ يَرَاحُ، إِذَا وَجَدَ الرِّيحَ. وَيُقَالُ خَرَجُوا بِرِيَاحٍ مِنَ الْعَشِيِّ وَبِرَوَاحٍ وَإِرْوَاحٍ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: رَاحَتِ الْإِبِلُ تَرَاحُ، وَأَرَحْتُهَا أَنَا، مِنْ قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {حِينَ تُرِيحُونَ} [النحل: 6] . وَرَاحَ الْفَرَسُ يَرَاحُ رَاحَةً، إِذَا تَحَصَّنَ. وَالْمَرْوَحَةُ: الْمَوْضِعُ تُخْتَرَقُ فِيهِ الرِّيحُ. قِيلَ: إِنَّهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقِيلَ بَلْ تَمَثَّلَ بِهِ:

كَأَنَّ رَاكِبَهَا غُصْنٌ بِمَرْوَحَةٍ ... إِذَا تَدَلَّتْ بِهِ أَوْ شَارِبٌ ثَمِلُ

وَالرَّيِّحُ: ذُو الرَّوْحِ; يُقَالُ يَوْمٌ رَيِّحٌ: طَيِّبٌ. وَيَوْمٌ رَاحٌ: ذُو رِيحٍ شَدِيدَةٍ. قَالُوا: بُنِيَ عَلَى قَوْلِهِمْ كَبْشٌ صَافٌ كَثِيرُ الصُّوفِ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي كَبِيرٍ:

وَمَاءٍ وَرَدْتُ عَلَى زَُوْرَةٍ ... كَمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا

فَذَلِكَ وِجْدَانُهُ الرَّوْحَ. وَسُمِّيَتِ التَّرْوِيحَةُ فِي شَهْرِ [رَمَضَانَ] لِاسْتِرَاحَةِ الْقَوْمِ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ. وَالرَّاحُ: جَمَاعَةُ رَاحَةِ الْكَفِّ. قَالَ عُبَيْدٌ: دَانٍ مُسِفٍّ فُوَيْقَ الْأَرْضِ هَيْدَبُهُ ... يَكَادُ يَدْفَعُهُ مَنْ قَامَ بِالرَّاحِ

الرَّاحُ: الْخَمْرُ. قَالَ الْأَعْشَى:

وَقَدْ أَشْرَبُ الرَّاحَ قَدْ تَعْلَمِي ... نَ يَوْمَ الْمُقَامِ وَيَوْمَ الظَّعَنْ

وَتَقُولُ: نَزَلَتْ بِفُلَانٍ بَلِيَّةٌ فَارْتَاحَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ، لَهُ بِرَحْمَةٍ فَأَنْقَذَهُ مِنْهَا. قَالَ الْعَجَّاجُ:

فَارْتَاحَ رَبِّي وَأَرَادَ رَحْمَتِي ... وَنِعْمَتِي أَتَمَّهَا فَتَمَّتِ

قَالَ: وَتَفْسِيرُ ارْتَاحَ: نَظَرَ إِلَيَّ وَرَحِمَنِي. وَقَالَ الْأَعْشَى فِي الْأَرْيَحِيِّ:

أَرْيَحِيٌّ صَلْتٌ يَظَلُّ لَهُ القَوْ ... مُ رُكُودًا قِيَامَهُمْ لِلْهِلَالِ

قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَاسِعٍ أَرْيَحُ، وَمَحْمِلٌ أَرْيَحُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحْمِلٌ أَرْوَحُ. وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ ذَمَّهُ; لِأَنَّ الرَّوَحَ الِانْبِطَاحُ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي الْمَحْمِلِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَرْيَحِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ رَاحَ يَرَاحُ، كَمَا يُقَالُ لِلصَّلْتِ أَصْلَتِيٌّ.

سَهَِرَ 

(سَهَِرَ) السِّينُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ مُعْظَمُ بَابِهِ الْأَرَقُ، وَهُوَ ذَهَابُ النَّوْمِ. يُقَالُ سَهَرَ يَسْهَرُ سَهَرًا. وَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: السَّاهِرَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَمَلَهَا فِي النَّبْتِ دَائِمًا لَيْلًا وَنَهَارًا. وَلِذَلِكَ يُقَالُ: " خَيْرُ الْمَالِ عَيْنٌ خَرَّارَةٌ، فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ، تَسْهَرُ إِذَا نِمْتَ، وَتَشْهَدُ إِذَا غِبْتَ ". وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:

وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ ... وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ

وَقَالَ آخَرُ، وَذَكَرَ حَمِيرَ وَحْشٍ:

يَرْتَدْنَ سَاهِرَةً كَأَنَّ عَمِيمَهَا ... وَجَمِيمَهَا أَسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلِمٍ

ثُمَّ صَارَتِ السَّاهِرَةُ اسْمًا لِكُلِّ أَرْضٍ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 13] وَالْأَسْهَرَانِ: عِرْقَانِ فِي الْأَنْفِ مِنْ بَاطِنٍ، إِذَا اغْتَلَمَ الْحِمَارُ سَالَا مَاءً. قَالَ الشَّمَّاخُ:

تُوَائِلُ مِنْ مِصَكٍّ أَنْصَبَتْهُ ... حَوَالِبُ أَسْهَرَيْهِ بِالذَّنِينِ

وَكَأَنَّمَا سُمِّيَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَسِيلَانِ لَيْلًا كَمَا يَسِيلَانِ نَهَارًا. وَيُرْوَى " أَسْهَرَتْهُ ". وَيُقَالُ رَجَلٌ سُهَرَةٌ: قَلِيلُ النَّوْمِ. وَأَمَّا السَّاهُورُ فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ غُلَافُ الْقَمَرِ ; وَيُقَالُ هُوَ الْقَمَرُ. وَأَيَّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ مِنَ الْبَابِ ; لِأَنَّهُ يَسْبَحُ فِي الْفَلَكِ دَائِبًا، لَيْلًا وَنَهَارًا.

شَعَرَ 

(شَعَرَ) الشِّينُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ مَعْرُوفَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى ثَبَاتٍ، وَالْآخَرُ عَلَى عِلْمٍ وَعَلَمٍ.

فَالْأَوَّلُ الشَّعَْرُ، مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَشْعَارٌ، وَهُوَ جَمْعُ جَمْعٍ، وَالْوَاحِدَةُ شَعَْرَةٌ. وَرَجُلٌ أَشْعَرُ: طَوِيلُ شَعَْرِ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ. وَالشَّعَارُ: الشَّجَرُ، يُقَالُ أَرْضٌ كَثِيرَةُ الشَّعَارِ. وَيُقَالُ لِمَا اسْتَدَارَ بِالْحَافِرِ مِنْ مُنْتَهَى الْجِلْدِ حَيْثُ يَنْبُتُ الشَّعْرُ حَوَالَيِ الْحَافِرِ: أَشْعَرٌ، وَالْجَمْعُ الْأَشَاعِرُ. وَالشَّعْرَاءُ مِنَ الْفَاكِهَةِ: جِنْسٌ مِنَ الْخَوْخِ، وَسُمِّي بِذَلِكَ لِشَيْءٍ يَعْلُوهَا كَالزَّغَبِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ثَمَّ جِنْسًا لَيْسَ عَلَيْهِ زَغَبٌ يُسَمُّونَهُ: الْقَرْعَاءَ. وَالشَّعْرَاءُ: ذُبَابَةٌ كَأَنَّ عَلَى يَدَيْهَا زَغَبًا.

وَمِنَ الْبَابِ: دَاهِيَةٌ شَعْرَاءُ، وَدَاهِيَةٌ وَبْرَاءُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِنْسَانُ بِمَا اسْتُعْظِمَ: " جِئْتُ بِهَا شَعْرَاءَ ذَاتَ وَبَرٍ ". وَرَوْضَةٌ شَعْرَاءُ: كَثِيرَةُ النَّبْتِ. وَرَمَلَةٌ شَعْرَاءُ: تُنْبِتُ النَّصِيَّ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَالشَّعْرَاءُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ.

وَمِمَّا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الشَّعِيرِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، فَأَمَّا الشَّعِيرَةُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ مِسَاكًا لِنَصْلِ السِّكِّينِ إِذَا رُكِّبَ، فَإِنَّمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِحَبَّةِ الشَّعِيرِ. وَالشَّعَارِيرُ: صِغَارُ الْقِثَّاءِ. وَالشِّعَارُ: مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنَ الثِّيَابِ ; لِأَنَّهُ يَمَسُّ الشَّعْرَ الَّذِي عَلَى الْبَشَرَةِ. وَالْبَابُ الْآخَرُ: الشِّعَارُ: الَّذِي يَتَنَادَى بِهِ الْقَوْمُ فِي الْحَرْبِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَالْأَصْلُ قَوْلُهُمْ شَعُرْتُ بِالشَّيْءِ، إِذَا عَلِمْتَهُ وَفَطِنْتَ لَهُ. وَلَيْتَ شِعْرِي، أَيْ لَيْتَنِي عَلِمْتُ. قَالَ قَوْمٌ: أَصْلُهُ مِنَ الشَّعْرَةِ كَالدُّرْبَةِ وَالْفِطْنَةِ، يُقَالُ شَعَرَتْ شَُِعْرَةً. قَالُوا: وَسُمِّي الشَّاعِرُ لِأَنَّهُ يَفْطِنُ لِمَا لَا يَفْطِنُ لَهُ غَيْرُهُ. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ

يَقُولُ: إِنَّ الشُّعَرَاءَ لَمْ يُغَادِرُوا شَيْئًا إِلَّا فَطِنُوا لَهُ. وَمَشَاعِرُ الْحَجِّ: مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَالِمُ الْحَجِّ. وَالشَّعِيرَةُ: وَاحِدَةُ الشَّعَائِرِ، وَهِيَ أَعْلَامُ الْحَجِّ وَأَعْمَالُهُ. قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] . وَيُقَالُ الشُّعَيْرَةُ أَيْضًا: الْبَدَنَةُ تُهْدَى. وَيُقَالُ إِشْعَارُهَا أَنْ يُجَزَّ أَصْلُ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ فَيُعْلَمُ أَنَّهَا هَدْيٌ. وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ لِلْخَلِيفَةِ إِنْ قُتِلَ: قَدْ أُشْعِرَ، يُخْتَصُّ بِهَذَا مِنْ دُونِ كُلِّ قَتِيلٍ. وَالشِّعْرَى: كَوْكَبٌ، وَهِيَ مُشْتَهِرَةٌ. وَيُقَالُ أَشْعَرَ فُلَانٌ فُلَانًا شَرًّا، إِذَا غَشِيَهُ بِهِ.

وَأَشْعَرَهُ الْحُبُّ مَرَضًا، فَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَالْعَلَمِ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ شِعَارًا.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: تَفَرَّقَ الْقَوْمُ شَعَارِيرَ، فَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَالْأَصْلُ شَعَالِيلُ، وَقَدْ مَضَى. 

عُمَانُ

عُمَانُ:
بضم أوله، وتخفيف ثانيه، وآخره نون:
اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند، وعمان في الإقليم الأول، طولها أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها تسع عشرة درجة وخمس وأربعون دقيقة، في شرقي هجر، تشتمل على بلدان كثيرة ذات نخل وزروع إلا أن حرها يضرب به المثل، وأكثر أهلها في أيامنا خوارج إباضية ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارئ غريب وهم لا يخفون ذلك، وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم كلهم روافض سبائيون لا يكتمونه ولا يتحاشون وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريبا، قال الأزهري: يقال أعمن وعمّن إذا أتى عمان، وقال رؤبة:
نوى شآم بان أو معمّن ويقال: أعمن يعمن إذا أتى عمان، قال الممزق واسمه شاس بن نهار:
أحقّا، أبيت اللعن، أن ابن فرتنا ... على غير أجرام بريق مشرّق؟
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل، ... وإلا فأدركني ولما أمزّق
أكلّفتني أدواء قوم تركتهم، ... فإن لا تداركني من البحر أغرق
فان يتهموا أنجد خلافا عليهم، ... وان يعمنوا مستحقبي الحرب أعرق
فلا أنا مولاهم ولا في صحيفة ... كفلت عليهم والكفالة تعتق
وقال ابن الأعرابي: العمن المقيمون في مكان، يقال: رجل عامن وعمون ومنه اشتق عمان، وقيل:
أعمن دام على المقام بعمان، وقصبة عمان: صحار، وعمان تصرف ولا تصرف، فمن جعله بلدا صرفه في حالتي المعرفة والنكرة، ومن جعله بلدة ألحقه بطلحة، وقال الزجاجي: سميت عمان بعمان بن إبراهيم الخليل، وقال ابن الكلبي: سميت بعمان بن سبإ بن يفثان بن إبراهيم خليل الرحمن لأنه بنى مدينة عمان، وفي كتاب ابن أبي شيبة ما يدلّ على أنها المرادة في حديث الحوض لقوله: ما بين بصرى وصنعاء وما بين مكة وأيلة ومن مقامي هذا إلى عمان، وفي مسلم: من المدينة إلى عمان، وفيه ما بين أيلة وصنعاء اليمن، ومثله في البخاري، وفي مسلم: وعرضه من مقامي هذا إلى عمان، وروى الحسن بن عادية قال: لقيت ابن عمر فقال: من أي بلد أنت؟ قلت: من عمان، قال: أفلا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: إني لأعلم أرضا من أرض العرب يقال لها عمان على شاطئ البحر الحجة منها أفضل أو خير من حجتين من غيرها، وعن الحسن: يأتين من كل فجّ عميق، قال: عمان، وعنه، عليه الصلاة والسلام: من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان، وقال القتال الكلابي:
حلفت بحجّ من عمان تحللوا ... ببئرين بالبطحاء ملقى رحالها
يسوقون أنضاء بهنّ عشيّة ... وصهباء مشقوقا عليها جلالها
بها ظعنة من ناسك متعبد ... يمور على متن الحنيف بلالها
لئن جعفر فاءت علينا صدورها ... بخير ولم يردد علينا خيالها
فشئت وشاء الله ذاك لأعنين إلى الله مأوى خلفة ومصالها
وينسب إلى عمان داود بن عفان العماني، روى عن أنس بن مالك ونفر سواه، وأبزون بن مهنبرذ العماني الشاعر، وأبو هارون غطريف العماني، روى عن أبي الشعثاء عن ابن عباس، روى عنه الحكم بن أبان العدني، وأبو بكر قريش بن حيّان العجلي أصله من عمان وسكن البصرة، يروي عن ثابت البناني، روى عنه شعبة والبصريون.

سَبَحَ

سَبَحَ بالنَّهْرِ وفيه، كمَنَعَ، سَبْحاً وسِباحَةً، بالكسر: عامَ، وهو سابحٌ وسَبُوحٌ من سُبَحاءَ، وسَبَّاحٌ من سَبَّاحِينَ.
وقوله تعالى: {والسَّابِحاتِ} هي السُّفُنُ، أو أرواحُ المُؤْمِنينَ، أو النُّجومُ.
وأسْبَحَهُ: عَوَّمَهُ.
والسَّوابحُ: الخَيْلُ لِسَبْحِها بِيَدَيْها في سَيْرِها.
وسُبحانَ اللهِ: تَنْزيهاً لِلّهِ من الصَّاحِبَةِ والوَلَدِ، مَعْرِفَةٌ، ونُصِبَ على المَصْدرِ، أي: أُبَرِّئُ الله من السُّوءِ براءَةً، أو معناهُ: السُّرْعَةُ إليه، والخِفَّةُ في طاعَتِهِ.
وسُبْحانَ مِن كذا: تَعَجُّبٌ منهُ.
وأنْتَ أَعْلَمُ بما في سُبْحانِكَ، أي في نَفْسِكَ. وسُبْحانُ بنُ أحمدَ: من وَلَدِ الرَّشيدِ. وسَبَحَ، كمَنَعَ، سُبْحاناً،
وسَبَّحَ تَسْبيحاً: قالَ: سُبْحانَ اللهِ.
وسُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ويُفْتَحانِ: من صِفاتِه تعالى، لأِنَّهُ يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ.
والسُّبُحاتُ، بضمَّتين: مواضِع السُّجودِ.
وسُبُحاتُ وَجْهِ الله: أنوارُهُ.
والسُّبْحَةُ: خَرَزاتٌ للتَّسْبيحِ تُعَدُّ، والدُّعاءُ، وصَلاَةُ التَّطَوُّعِ، وبالفَتح: الثِّيابُ من جُلودٍ، وفَرَسٌ للنَبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وآخَرُ لِجَعْفَرِ بنِ أبي طالِبٍ، وآخَرُ لآِخَرَ.
وسُبْحَةُ اللهِ: جَلاَلُهُ.
والتَّسْبيحُ: الصلاةُ، ومنه: {كانَ من المُسَبِّحينَ} .
والسَّبْحُ: الفَراغُ، والتَّصَرُّفُ في المعاشِ، والحَفْرُ في الأرضِ، والنَّوْمُ، والسُّكونُ، والتَّقَلُّبُ، والانْتِشارُ في الأرضِ، ضِدٌّ، والإِبْعادُ في السَّيْرِ، والإِكْثارُ من الكَلاَمِ.
وكِساءٌ مُسَبَّحُ، كمُعَظَّم: قَوِيُّ شَديدٌ. وككَتَّانٍ: بَعيرٌ. وكسَحابٍ: أرضٌ عندَ مَعْدِنِ بني سُلَيْمٍ.
والسَّبُوحُ: فَرَسُ رَبيعَةَ بنِ جُشَمَ.
وسَبوحَةُ: مَكَّةُ، أو وادٍ بِعَرَفات. وكمُحَدِّثٍ: اسمٌ. والأَميرُ المُخْتارُ محمدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُسَبِّحِيُّ: له تصانِيفُ. وبَرَكَةُ بنُ عليِّ بنِ السابِحِ الشُّروطِيُّ، وأحمَدُ بن خَلَف السابحُ، وأحمدُ بنُ خَلَفِ بنِ محمدٍ، ومحمدُ بنُ سَعيدٍ، وعَبدُ الرحمنِ بنُ مُسْلمٍ، ومحمدُ بنُ عثمانَ البُخارِيُّ السُّبَحِيُّونَ بالضم وفتح الباءِ: مُحَدِّثونَ.
(سَبَحَ)
قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكرُ «التَّسْبِيح» عَلَى اخْتِلافِ تصرُّف اللَّفظة. وأصلُ التَّسْبِيحُ: التَّنزيهُ وَالتَّقْدِيسُ وَالتَّبْرِئَةُ مِنَ النَّقاَئِص، ثُمَّ استُعْمِل فِي مواضعَ تقْرُب مِنْهُ اتِّسَاعا. يُقال سَبَّحْتُهُ أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحاً وسُبْحَاناً، فَمَعْنَى سُبْحَانَ اللهِ: تَنْزيه اللهِ، وَهُوَ نَصْب عَلَى الْمَصْدَرِ بفِعْل مُضْمر، كَأَنَّهُ قَالَ: أُبَرئُ اللَّهَ مِنَ السُّوء بَراءةً. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: التَّسرُّع إِلَيْهِ والخِفَّة فِي طاعَته. وَقِيلَ مَعْنَاهُ:
السُّرْعة إِلَى هَذِهِ اللَّفْظة. وَقَدْ يُطْلَقُ التَّسْبِيحُ عَلَى غَيره مِنْ أنْواع الذِّكْرِ مَجَازًا، كالتَّحْميد والتَّمْجيد وغَيرِهما. وَقَدْ يُطْلق عَلَى صَلَاةِ التطوُّع والنافلةِ. وَيُقَالُ أَيْضًا للذِّكْر ولصَلاةِ النَّافلة: سُبْحَة. يُقَالُ:
قَضَيت سُبْحَتِي. والسُّبْحَةُ مِنَ التَّسبيح؛ كالسُّخرة مِنَ التَّسْخير. وَإِنَّمَا خُصَّت النافلةُ بالسُّبحة وَإِنْ شاركَتْها الفريضةُ فِي مَعْنَى التَّسبيح لِأَنَّ التَّسْبِيحَاتِ فِي الْفَرَائِضِ نوافلُ، فَقِيلَ لِصَلاة النَّافلة سُبْحَة، لِأَنَّهَا نَافِلَة كالتَّسْبيحات والأذْكار فِي أَنَّهَا غيرُ واجبةٍ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السُّبْحَةِ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا.
(هـ) فَمِنْهَا الْحَدِيثُ «اجْعَلوا صلاتَكم مَعَهُمْ سُبْحَةً» أَيْ نَافِلَةً. وَمِنْهَا الْحَدِيثُ «كُنَّا إِذَا نزلْنا مَنْزِلا لَا نُسَبِّحُ حَتَّى تُحَلّ الرِّحال» أَرَادَ صلاةَ الضّحَى، يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ اهْتمامهم بالصَّلاة لَا يُباشِرُونهَا حَتَّى يَحُطُّوا الرِّحال وَيُرِيُحوا الجِمالَ؛ رِفقاً بِهَا وَإِحْسَانًا.
(س) وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «سُبُّوحٌ قُدُّوس» يُرْوَيَان بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، والفتحُ أقيسُ، وَالضَّمُّ أكثرُ اسْتِعْمالاً، وَهُوَ مِنْ أبْنِية المُبالَغَة. وَالْمُرَادُ بِهِمَا التنزيهُ.
وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ «فأدخَل أصبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنه» السَّبَاحَةُ والْمُسَبِّحَهُ: الإصبعُ الَّتِي تَلى الإبهْام، سُمِّيت بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَار بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ جبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «لِلَّهِ دُون العرْش سبْعون حِجاباً، لو دَنَوْناَ مِنْ أحَدِها لأحْرَقَتْنا سُبُحَاتُ وَجْهِ ربِّنا» .
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «حجابُه النورُ أَوِ النارُ، لَوْ كَشَفَه لأحْرقَت سُبُحَاتُ وجْهه كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» سُبُحَاتُ اللَّهِ: جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ جَمْعُ سُبْحَةٍ. وَقِيلَ أَضْوَاءُ وَجْهِهِ.
وَقِيلَ سُبُحَاتُ الوجْه: محاسِنُه، لِأَنَّكَ إذَا رأَيت الحَسَنَ الوجْهِ. قُلْت: سُبْحَانَ اللَّهِ. وَقِيلَ معناَه تنْزيه لَهُ: أَيْ سُبْحَانَ وَجْهِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ كلامٌ معتَرَضٌ بَيْنَ الْفِعْلِ والمَفْعُول: أَيْ لَوْ كشَفها لأحْرقَت كُلَّ شَيْءٍ أدرَكه بَصَره، فكأَنه قَالَ: لأحْرقت سُبُحات اللَّهِ كُلَّ شَيْءٍ أَبْصَرَهُ، كَمَا تَقُولُ: لَوْ دَخَل المَلكُ البلدَ لَقَتَلَ والعياذُ بِاللَّهِ كُلَّ مَنْ فِيهِ. وأقربُ مِنْ هَذَا كُلّه أَنَّ المعنَى:
لَوِ انْكَشف مِنْ أَنْوَارِ اللَّهِ الَّتِي تَحْجب العِبادَ عَنْهُ شىءٌ لأهْلَكَ كلَّ مَنْ وقَع عَلَيْهِ ذَلِكَ النُّور، كَمَا خَرَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صَعِقاً، وتقطَّع الجبلُ دَكًّا لمَّا تَجلَّى اللهُ سُبْحانه وَتَعَالَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ «أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى فَرَس يُقَالُ لَهُ سَبْحَة» هُوَ مِنْ قَولهم فَرَس سَابِحٌ، إِذَا كَانَ حَسنَ مَدِّ اليَدَين فِي الجَرْى.

الطَّلُّ

الطَّلُّ: المَطَرَ الضعيفُ، أو أخَفُّ المَطَرِ وأضْعفه، أو النَّدَى، أو فَوْقَه ودونَ المَطَرِ
ج: طِلالٌ وطِلَلٌ، كعِنَبٍ، والحَسَنُ، والمُعْجِبُ من لَيْلٍ وشَعَرٍ وماءٍ وغيرِ ذلك، واللَّبَنُ، والرجُلُ الكبيرُ سنًّا، والحَيَّةُ، ويكسرُ،
والمَطْلُ، وقِلَّةُ لَبَنِ الناقةِ، ويضمُّ، وسَوْقُ الإِبِلِ عَنيفاً، وهَدَرُ الدَّمِ، أو أن لا يُثْأرَ به،
وقد طَلَّ هو، وبالضم أكثَرُ،
وطَلَلْتُهُ أنا طَلاًّ وطُلولاً، فهو مَطْلولٌ وطَليلٌ،
وأُطِلَّ، بالضم، وأطَلَّهُ الله تعالى،
وطَلَّ دَمُهُ يَطَلُّ، ط كَيَزِلُّ ويَمَلُّ،
ط وأُطِلَّ، بالضم، فهو مُطَلُّ.
وطَلَّهُ حَقَّهُ، كَمَدَّه: نَقَصَهُ إياهُ وأبْطَلَهُ،
وـ غَريمَهُ: مَطَلَهُ.
وما بالناقةِ طَلٌّ، أي: طِرْقٌ.
وطَلَّ طَلالَةً، كَمَلَّ: أعْجَبَ.
وطُلَّتِ الأرضُ: نَزَلَ عليها الطَّلُّ.
والطُّلاَّءُ كسُلاَّءٍ: الدَّمُ المَطْلولُ، هَمْزَتُهُ مُنْقَلبَة عن ياءٍ مُبْدَلَةٍ من لامٍ.
والطَّلَّةُ: الخَمْرُ اللذيذَةُ، والزَّوْجَةُ، واللذيذَةُ من الروائِحِ، والرَّوْضةُ بَلَّها الطَّلُّ، والعَجوزُ، والبَذِيَّةُ، والنَّعْمَةُ في المَطْعَمِ والمَلْبَسِ، وبالكسر: جمعُ طَليلٍ، للحَصير، وبالضم: العُنُقُ، والشَّرْبَةُ من اللَّبَنِ
ج: كصُرَدٍ.
والطَّلَلُ، محرَّكةً: الشاخِصُ من آثارِ الدارِ، وشَخْصُ كلِّ شيءٍ،
كالطَّلالَةِ، كسحابةٍ فيهما
ج: أطْلالٌ وطُلولٌ،
وـ من الدار: كالدُّكَّانةِ يُجْلَسُ عليها،
وـ من السفينةِ: جِلالُها،
و= الطريءُ من كلِّ شيءٍ.
ومَشَى على طَلَلِ الماءِ: على ظَهْرِه.
والطُّلُّ، بالضم: اللَّبَنُ، أو الدَّمُ. وقولهُ:
لَبَّدَهُ ضَرْبُ الطَّلَلْ.
أراد ضَرْبَ الطَّلِّ، فَفَكَّ المُدْغَمَ، ثم حَرَّكَهُ. ورُوِيَ بكسر الطاءِ، مَقْصوراً من الطِّلالِ، التي هي جمعُ الطَّلِّ.
وتَطالَلْتُ: تَطَاوَلْتُ فَنَظَرْتُ.
وأطَلَّ عليه: أشْرَفَ،
كاسْتَطَلَّ.
والطَّليل، كأَميرٍ: الخَلَق، والحَصيرُ، أو المَنْسوجُ من دَوْمٍ، أو من سَعَفٍ، أو من قُشورِهِ
ج: أطِلَّةٌ وطِلَّةٌ وطُلُلٌ، ككُتُبٍ.
وأطْلالُ: ناقةٌ، أو فرسٌ لبُكَيْرٍ الشَّدَّاخِيِّ، زَعَموا أنها تَكَلَّمَتْ، لَمَّا قال لها فارِسُها يومَ القادِسِيَّةِ ـ وقد انْتَهَى إلى نَهْرٍ ـ: ثِبِي أطْلالُ؛ فقالتِ الفَرَسُ: وثْبٌ وسُورةِ البَقَرَةِ.
والطُّلاطِلَةُ، كعُلابِطَةٍ: الدَّاهيةُ،
كالطُّلَطِلَة، والطُّلَطِلِ، ولَحْمَةٌ في الحَلْقِ، أو على طَرَفِ المُسْتَرَطِ، أَو هي سُقوطُ اللَّهاةِ حتى لا يَسوغَ له طعامٌ ولا شرابٌ، ووالِدُ مالِكٍ أَحَدُ المُسْتَهْزِئِينَ بالنبيِّ، صلى الله عليه وسلم، وداءٌ في أَصْلابِ الحُمُر يَقْطَعُها،
كالطُّلاطِلِ، بالضم والفتح، والمَوْتُ،
كالطُّلاطِلِ.
وذو طِلالٍ، ككِتابٍ: ماءٌ،
أو ع ببلادِ بني مُرَّةَ، وفرسُ أبي سَلْمَى بنِ ربيعةَ.
والطُّلاطِلُ، كعُلابِطٍ: الموت، والداءُ العُضالُ. وكسحابةٍ: الفَرحُ والبَهْجَةُ، والحَالَةُ الحَسَنَةُ، والهيئةُ الجميلَةُ. وكهُدْهُدٍ: المَرَضُ الدائمُ.
وطُلَيْطُلَةُ، بضم الطاءَين: د بالمَغْربِ.
وطَلَّهُ: طلاهُ وفلاناً حَقَّهُ مَنَعَهُ.
وطَلْطَلَهُ: حَرَّكَهُ.
وأمرٌ مُطِلٌّ: ليس بمُسْفِرٍ.

تَكَّ 

(تَكَّ) التَّاءُ وَالْكَافُ لَيْسَ أَصْلًا. وَيُضْعِفُ أَمْرَهُ قِلَّةُ ائْتِلَافِ التَّاءِ وَالْكَافِ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ، وَقَدْ جَاءَ التِّكَّةُ، وَتَكَكْتُ الشَّيْءَ: وَطِئْتُهُ. وَالتَّاكُّ: الْأَحْمَقُ. وَمَا شَاءَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَصِحَّ فَهُوَ صَحِيحٌ.

خَمَلَ

(خَمَلَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ جهَّز فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيل وقِرْبَة وَوِسَادَةِ أدَمٍ» الْخَمِيلُ والخَمِيلَةُ: القَطيفَة، وَهِيَ كُلُّ ثَوْب لَهُ خَمْل مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وقِيل: الخَمِيلُ الأسْوَد مِنَ الثِّيَاب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «إِنَّهُ أدْخَلَني مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ» (س) وَحَدِيثُ فَضَالة «أَنَّهُ مَرَّ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ عَلَى خَمْلَة بَيْن أَشْجَارٍ فَأَصَابَ مِنْهَا» أَرَادَ بالخَمْلَة الثَّوب الَّذِي لَهُ خَمْلٌ. وَقِيلَ الصَّحيح عَلَى خَمِيلَةٍ، وَهِيَ الْأَرْضُ السَّهْلة اللَّيِّنة.
[هـ] وَفِيهِ «اذْكُروا اللَّهَ ذِكْرًا خَامِلًا» أَيْ مُنْخَفِضاً تَوقِيرا لجلاَلِه. يُقَال خَمَلَ صَوْتَه إِذَا وَضَعه وأخْفاه وَلَمْ يَرْفَعه.
خَمَلَ ذِكْرُه وصَوْتُه خُمولاً: خَفِيَ، وأخْمَلَهُ الله تعالى،
فهو خامِلٌ: ساقِطٌ لا نَباهَةَ له، ج: خَمَلٌ، محرَّكةً.
والخَميلَةُ: المُنْهَبَطُ من الأرض، وهي مَكْرَمَةٌ للنَّباتِ، أو رَمْلَةٌ تُنْبِتُ الشجرَ، والقَطيفَةُ،
كالخَمْلَةِ والخِمْلَةِ، والشجرُ الكثيرُ المُلْتَفُّ، والمَوْضِعُ الكثيرُ الشجرِ حيثُ كانَ، وريشُ النَّعامِ،
كالخَمْلِ والخَمالَةِ، بفتحهما.
وخَمَلَ البُسْرَ: وضَعه في الجَرِّ أو نحوِه لِيَلينَ.
والخَمْلُ: هُدْبُ القَطيفةِ ونحوِها،
وأخْمَلَها: جَعَلَها ذاتَ خَمْلٍ،
وـ الطِنْفِسَةُ، وسَمكٌ، أو الصوابُ: بالجيم محرَّكةً، وبالكسر والضم، ط وكغُرابٍ وغُرابيٍّ ط: الحَبيبُ المُصافي.
والخَمْلَةُ: الثَّوب المُخْمَلُ كالكساءِ ونحوِه، ويُكْسَرُ، وبالكسر: بِطانَةُ الرجُلِ وسَريرَتُه.
واسْأَلْ عن خِمْلاتِه، أي: أسْرارِه ومَخازيهِ، (وهو لئيمُ الْخِملَةِ وكَريمها، أو خاصٌ باللُّؤْمِ) . وكغُرابٍ: داءٌ في مَفاصِلِ الإِنسانِ وقَوائِمِ الحَيَوانِ، يَظْلَعُ منه، وقد خُمِلَ، كعُنِيَ.
وبنو خُمالَةَ، كثُمامةٍ: بَطْنٌ. وكأَميرٍ: ما لانَ من الطعامِ، والسحابُ الكَثيفُ، والثيابُ المُخْمَلةُ. وسَمَّوْا: خُمْلاً، بالضم، وكأَميرٍ وسفينةٍ وجُهَيْنَةَ. وكزُبيرٍ: شيخٌ لحَبيبِ بنِ أبي ثابِتٍ الزَّيَّاتِ.
واخْتَمَلَ: رَعَى الخَمائِلَ (بينهم) .

تهافت الفلاسفة

تهافت الفلاسفة
للإمام، حجة الإسلام، أبي حامد: محمد بن محمد الغزالي، الطوسي.
المتوفى: سنة 505، خمس وخمسمائة.
مختصر.
أوله: (نسأل الله تعالى بجلاله، الموفى على كل نهاية 000 الخ).
قال: رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء، بمزيد الفطنة والذكاء، قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات، واستحقروا شعائر الدين من وظائف الصلوات، والتوقي عن المحظورات، واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده، ولم يقفوا عند توفيقاته وقيوده، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين، بفنون من الظنون.
يتبعون فيها رهطاً يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، وهم بالآخرة هم كافرون، ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي، ألفي كتقليد اليهود والنصارى.
إذ جرى على غير دين الإسلام نشؤهم وأولادهم، وعليه درج آباؤهم وأجدادهم، لا عن بحث نظري، بل تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صوب الصواب، والانخداع بالخيالات المزخرفة كلا مع السراب.
كما اتفق لطوائف من النظار في البحث عن العقائد والآراء من أهل البدع والأهواء، وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأمثالهم، وإطناب طوائف من متبعيهم وضلالهم في وصف عقولهم، وحسن أصولهم، ودقة علومهم الهندسية، والمنطقية، والطبيعية، والإلهية، واستبدادهم لفرط الذكاء والفطنة، باستخراج تلك الأمور الخفية.
وحكايتهم عنهم أنهم مع رزانة عقلهم، وغزارة فضلهم، منكرون للشرائع والنحل، وجاحدون لتفاصيل الأديان والملل، ومعتقدون أنها نواميس مؤلفة، وحيل مزخرفة.
فلما قرع ذلك سمعهم، ووافق ما حكى من عقائدهم طبعهم، تجملوا باعتقاد الكفر، تحيزاً إلى غمار الفضلاء بزعمهم، وانخراطاً في سلكهم، وترفعاً عن مساعدة الجماهير والدهماء، واستنكافاً من القناعة بأديان الآباء ظناً بأن إظهار التكايس في النزوع عن تقليد الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم، عن أن الانتقال إلى تقليد عن تقليد خرف وخبال.
فأية رتبة في عالم الله سبحانه وتعالى أخس من رتبة من يتجمل بترك الحق، المعتقد تقليداً بالتسارع إلى قبول الباطل، تصديقاً دون أن يقبله خبراً وتحقيقاً.
فلما رأيت هذا العرق من الحماقة نابضاً على هؤلاء الأغبياء، ابتدأت لتحرير هذا الكتاب، رداً على الفلاسفة القدماء، مبيناً تهافت عقيدتهم، وتناقض كلمتهم، فيما يتعلق بالإلهيات، وكاشفاً عن غوائل مذهبهم، وعوراته التي هي على التحقيق مضاحك العقلاء، وعبرة عند الأذكياء.
أعني: ما اختصوا به عن الجماهير والدهماء، من فنون العقائد والآراء، هذا مع حكاية مذهبهم على وجهه.
ثم صدر الكتاب بمقدمات أربع:
ذكر في الأولى: أن الخوض في حكاية اختلاف الفلاسفة تطويل، فإن خبطهم طويل، ونزاعهم كثير، وأنه يقتصر على إظهار التناقض في الرأي.
مقدمهم الذي هو المعلم الأول، والفيلسوف المطلق، فإنه رتب علومهم وهذبها، وهو: أرسطاطاليس وقد رد على كل من قبله حتى على أستاذه أفلاطون فلا إيقان لمذهبهم، بل يحكمون بظن وتخمين، ويستدلون على صدق علومهم الإلهية، بظهور العلوم الحسابية، والمنطقية، متقنة البراهين، ويستدرجون ضعفاء العقول، ولو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين، لما اختلفوا فيها، كما لم يختلفوا في الحسابية.
ثم المترجمون لكلام أرسطو لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل.
وأقومهم بالنقل من المتفلسفة الإسلامية:
أبو نصر الفارابي، وابن سينا.
وأنه يقتصر على إبطال ما اختاروه، ورأوه الصحيح من مذهب رؤسائهم.
وعلى رد مذاهبهم بحسب نقل هذين الرجلين كيلا ينتشر الكلام.
وذكر في الثانية:
أن الخلاف بينهم وبين غيرهم ثلاثة أقسام:
الأول: يرجع النزاع فيه إلى لفظ مجرد، كتسميتهم صانع العالم جوهراً مع تفسيرهم الجوهر: بأنه الموجود لا في موضوع، ولم يريدوا به الجوهر المتحيز.
قال: ولسنا نخوض في إبطال هذا، لأن معنى القيام بالنفس إذا صار متفقاً عليه، رجع الكلام في التعبير باسم الجوهر عن هذا المعنى إلى البحث عن اللغة.
وإن سوغ إطلاقه، رجع جواز إطلاقه في الشرع إلى المباحث الفقهية.
الثاني: ما لا يصدم مذهبهم فيه أصلاً من أصول الدين، وليس من ضرورة تصديق الأنبياء والرسل منازعتهم فيه، كقولهم: إن كسوف القمر، عبارة عن انمحاء ضوء القمر بتوسط الأرض بينه وبين الشمس، والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب، وإن كسوف الشمس، وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس عند اجتماعهما في العقيدتين على دقيقة واحدة.
قال: وهذا المعنى أيضاً لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض ومن ظن أن المناظرة فيه من الدين فقد جنى على الدين، وضعف أمره، فإن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية، لا تبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها، ويتحقق أدلتها، حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوفين، وقدرهما، ومدة بقائهما، إلى الانجلاء.
إذا قيل له: إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه، وإنما يستريب في الشرع، وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقة، وهو كما قيل: عدو عاقل، خير من صديق جاهل.
وليس في الشرع ما يناقض ما قالوه، ولو كان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية، فكم من ظواهر أولت بالأدلة القطعية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد، وأعظم ما يفرح به الملحدة، أن يصرح ناصر الشرع بأن هذا، وأمثاله على خلاف الشرع، فيسهل عليه طريق إبطال الشرع.
وهذا: لأن البحث في العالم عن كونه حادثاً أو قديماً، ثم إذا ثبت حدوثه فسواء كان كرة، أو بسيطاً، أو مثمناً، وسواء كانت السماوات، وما تحتها ثلاثة عشرة طبقة، كما قالوه، أو أقل، أو أكثر، فالمقصود: كونه من فعل الله سبحانه وتعالى فقط، كيف ما كان.
الثالث: ما يتعلق النزاع فيه بأصل من أصول الدين، كالقول في حدوث العالم، وصفات الصانع، وبيان حشر الأجساد، وقد أنكروا جميع ذلك فينبغي أن يظهر فساد مذهبهم.
وذكر في الثالثة: أن مقصوده تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض ببيان وجوه تهافتهم.
فلذلك لا يدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت.
فيكدر عليهم ما اعتقدوه مقطوعاً بإلزامات مختلفة، وربما ألزمهم بمذاهب الفرق.
وذكر في الرابعة: أن من عظم حيلهم في الاستدراج إذا أورد عليهم إشكال قولهم: أن العلوم الإلهية غامضة، خفية، لا يتوصل إلى معرفة الجواب عن هذه الإشكالات، إلا بتقديم الرياضيات، والمنطقيات.
فيمن يقلدهم إن خطر له إشكال، يحسن الظن بهم، ويقول: إنما يعسر على درك علومهم لأني لم أحصل الرياضيات ولم أحكم المنطقيات.
قال: أما الرياضيات، فلا تعلق للإلهيات بها.
وأما الهندسيات، فلا يحتاج إليها في الإلهيات، نعم قولهم: إن المنطقيات لا بد من إحكامها فهو صحيح، ولكن المنطق ليس مخصوماً بهم، وإنما هو الأصل الذي نسميه: كتاب الجدل، وقد نسميه: مدارك العقول.
فإذا سمع المتكايس اسم المنطق، ظن أنه فن غريب، لا يعرفه المتكلمون، ولا يطلع عليه الفلاسفة.
ثم ذكر بعد المقدمات، المسائل التي أظهر تناقض مذهبهم فيها، وهي عشرون مسألة:
الأولى: في أولية العالم.
الثانية: في أبدية العالم.
الثالثة: في بيان تلبسهم في قولهم: أن الله سبحانه وتعالى صانع العالم، وأن العالم صنعه.
الرابعة: في تعجيزهم عن إثبات الصانع.
الخامسة: في تعجيزهم عن إقامة الدليل على استحالة الهين.
السادسة: في نفي الصفات.
السابعة: في قولهم: إن ذات الأول لا ينقسم بالجنس والفصل.
الثامنة: في قولهم: إن الأول موجود بسيط بلا ماهية.
التاسعة: في تعجيزهم، عن بيان إثبات أن الأول ليس بجسم.
العاشرة: في تعجيزهم، عن إقامة الدليل على أن للعالم صانعاً، وعلة.
الحادية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم غيره.
الثانية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم ذاته.
الثالثة عشرة: في إبطال قولهم: أن الأول لا يعلم الجزئيات.
الرابعة عشرة: في إبطال قولهم: أن السماء حيوان متحرك بالإرادة.
الخامسة عشرة: فيما ذكروه من العرض المحرك للسماء.
السادسة عشرة: في قولهم: أن نفوس السماوات، تعلم جميع الجزئيات الحادثة في هذا العالم.
السابعة عشرة: في قولهم: باستحالة خرق العادات.
الثامنة عشرة: في تعجيزهم عن إقامة البرهان العقلي، على أن النفس الإنساني جوهر روحاني.
التاسعة عشرة: في قولهم: باستحالة الفناء على النفوس البشرية.
العشرون: في إبطال إنكارهم البعث، وحشر الأجساد، مع التلذذ والتألم بالجنة والنار، بالآلام واللذات الجسمانية.
هذا ما ذكره من المسائل، التي تناقض فيها كلامهم، من جملة علومهم، ففصلها، وأبطل مذاهبهم فيها إلى آخر الكتاب.
وهذا معنى التهافت، لخصتها من أول كتابه، لكونها مما يجب معرفته.
وقال في آخر خاتمته: فإن قال قائل: قد فصلتم مذاهب هؤلاء، أفتقطعون القول بكفرهم؟
قلنا: بكفرهم، لا بد منه، لا بد من كفرهم، في ثلاث مسائل:
الأولى: مسألة قدم العالم، وقولهم: إن الجواهر كلها قديمة.
الثانية: قولهم: إن الله سبحانه وتعالى لا يحيط علماً بالجزئيات الحادثة من الأشخاص.
الثالثة: إنكارهم بعث الأجسام، وحشرها.
فهذه لا تلائم الإسلام بوجه، فأما ما عدا هذه الثلاث من تصرفهم في الصفات، والتوحيد، فمذهبهم قريب من مذهب المعتزلة، فهم فيها... كأهل البدع. انتهى ملخصاً.
ثم إن القاضي، أبا الوليد: محمد بن أحمد بن رشد المالكي.
المتوفى: سنة 595.
صنف تهافتا من طرف الحكماء، رداً على تهافت الغزالي، بقوله:
قال أبو حامد: (وأوله: بعد حمد الله الواجب 000 الخ).
ذكر فيه: أن ما ذكره بمعزل عن مرتبة اليقين والبرهان.
وقال في آخره: لا شك أن هذا الرجل أخطأ على الشريعة، كما أخطأ على الحكمة، ولولا ضرورة طلب الحق مع أهله، ما تكلمت في ذلك. انتهى.
ثم إن السلطان: محمد خان العثماني، الفاتح، أمر المولى مصطفى بن يوسف الشهير: بخواجه زاده البرسوي.
المتوفى: سنة 893، ثلاث وتسعين وثمانمائة.
والمولى: علاء الدين الطوسي.
المتوفى: سنة 887، سبع وثمانين وثمانمائة أن يصنفا كتاباً، للمحاكمة بين تهافت الإمام والحكماء.
فكتب المولى: خواجه زاده، في أربعة أشهر.
وكتب المولى الطوسي، في ستة أشهر.
ففضلوا كتاب المولى: خواجه زاده، على كتاب: الطوسي.
وأعطى السلطان: محمد خان لكل منهما عشرة آلاف ردهم.
وزاد لخواجه زاده بغلة نفيسة.
وكان ذلك هو السبب في ذهاب المولى: الطوسي إلى بلاد العجم.
وذكر: أن ابن المؤيد، لما وصل إلى خدمة العلامة الدواني، قال: بأي هدية جئت إلينا؟
قال: بكتاب (التهافت) لخواجه زاده، فطالعه مدة، وقال: - رضي الله تعالى - عن صاحبه، خلصني عن المشقة حيث صنفه، ولو صنفته لبلغ هذه الغاية فحسب وعنك أيضاً حيث أوصلته إلينا، ولو لم يصل إلينا لعزمت على الشروع.
وأول (تهافت) لخواجه زاده: (توجهنا إلى جنابك 000 الخ).
ذكر: أنهم أخطأوا في علومهم الطبيعية يسيراً، والإلهية كثيراً، فأراد أن يحكي ما أورد الإمام من قواعدهم الطبيعية، والإلهية مع بعض آخر، مما لم يورده، بأدلتها المعول عليها عندهم على وجهها، ثم أبطلها.
وهي مشتملة على اثنين وعشرين فصلاً، فزاد فصلين على مباحث الأصل.
وأول تهافت المولى الطوسي: (سبحانك اللهم يا منفرداً بالأزلية، والقدم 000 الخ).
وهو رتب على عشرين مبحثاً، مقتصراً على الأصل، وسماه الذخيرة، وعليه، وعلى تهافت الخواجه زاده، تعليقة للمولى شمس الدين: أحمد بن سليمان بن كمال باشا، المتوفى: سنة 94، أربعين وتسعمائة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.