Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=94920#defaee
الــتخليص
انظر: فك الحروف.
انظر: فك الحروف.
حلج: الحَلْجُ: حَلْجُ القُطْنِ بالمِحْلاجِ على المِحْلَجِ. حَلَجَ
القُطْنَ يَحْلِجُهُ ويَحْلُجُهُ حَلْجاً: نَدَفَهُ. والمِحْلاجُ: الذي
يُحْلَجُ به.
والمِحْلَجُ والمِحْلَجَة: الذي يُحْلَجُ عليه وهي الخشبة أَو الحجَرُ،
والجمع محالِجُ ومَحالِيجُ. قال ابن سيده: قال سيبويه: ولم يجمع بالأَلف
والتاء استغناء بالتكسير، ورُبَّ شيء هكذا.
وقُطْنٌ حَلِيجٌ: مَنْدوفٌ مُسْتَخْرَجُ الحَبِّ، وصانع ذلك:
الحَلاَّجُ، وحرفته الحِلاجَةُ؛ فأَما قول ابن مقبل:
كأَنَّ أَصْواتَها إِذا سَمِعْتَ بها،
جَذْبُ المَحابِضِ يَحْلُجْنَ المحارِينا
ويروى صوت المحابض، فقد روي، بالحاء والخاء، يَحْلُجْنَ ويَخْلُجْنَ،
فمن رواه يَحْلُجْنَ فإِنه عنى بالمَحارين حبات القطن. ويحلجن: يَنْدِفْنَ.
والمَحابِضُ: أَوتار النَّدّافِينَ؛ ومن رواه يخلجن فإِنه عنى بالمحارين
قِطَعَ الشَّهْدِ. ويَخْلِجْنَ: يَجْبِذْنَ ويَسْتَخْرِجْنَ.
والمَحابِضُ: المَشاوِرُ. والقطن حَلِيجٌ ومَحْلوجٌ. وحَلَجَ الخُبْزَةَ:
دَوَّرَها.والمِحْلاجُ: الخشبة التي يُدَوَّرُ بها.
والحَلِيجَةُ: السَّمْنُ على المَخْضِ، والزُّبْدُ يُلْقى في المَخْضِ
فَيُشْخِتُه المَخْضُ؛ وقيل: الحَلِيجَةُ عُصارة نِحْيٍ، أَو لَبَنٌ
يُنْقَعُ فيه تمر، وهي حُلْوَةٌ؛ وقيل: الحَلِيجَةُ عُصارَة الحِنَّاءِ.
والحُلُجُ: عُصاراتُ الحنَّاء. قال ابن سيده: والحَلِيجُ، بغير هاء، عن كراع:
أَن يُحْلَبَ اللبنُ على التمر ثم يُماثَ. الأَزهري: الحُلُجُ هي
التُّمُورُ بالأَلْبانِ. والحُلُجُ أَيضاً: الكثيرُو الأَكْلِ.
وحَلَجَ في العَدْوِ يَحْلِجُ حَلْجاً: باعَدَ بين خُطاه. والحَلْجُ في
السَّيْر. وبينهم حَلْجَةٌ صالحةٌ وحَلجَةٌ بعيدة وبينهم حَلْجَةٌ بعيدة
أَو قريبة أَي عُقْبَةُ سيْرٍ. قال الأَزهري: الذي سمعته من العرب
الخَلْجُ في السَّيْر، يقال: بيننا وبينهم خَلْجَةٌ بعيدةٌ، قال: ولا أَنكر
الحاء بهذا المعنى، غير أَن الخَلْجَ، بالخاء، أَكثر وأَفشى من الحَلْجِ.
وحَلَجَ القومُ لَيْلَتَهُمْ أَي ساروها. يقال: بيننا وبينهم حَلْجَةٌ
بعيدةٌ. والحَلْجُ: المَرُّ السريعُ. وفي حديث المغيرة: حتى تَرَوْه يَحْلِجُ
في قومه أَي يُسرعُ في حُبِّ قومه، ويروى بالخاء. الأَزهري: حَلَجَ إِذا
مشى قليلاً قليلاً. وحَلَجَ المرأَةَ حَلْجاً: نكحها، والخاء أَعلى.
وحَلَجَ الديكُ يَحْلُجُ ويَحْلِجُ حَلْجاً إِذا نشر جناحيه ومشى إِلى
أُنثاه لِيَسْفَدَها. وحَلَجَ السحابُ حَلْجاً: أَمطر؛ قال ساعدةُ بن
جُؤَيَّةَ الهُذلي:
أَخِيلُ بَرْقاً مَتى حابٍ له زَجَلٌ،
إِذا تَفَتَّرَ من تَوْماضِهِ حَلَجا
ويروى خَلَجا. متى، ههنا: بمعنى مِن أَو بمعنى وسط أَو بمعنى في.
وما تَحَلَّجَ ذلك في صدري أَي ما تردّد فأَشكُّ فيه. وقال الليث: دَعْ
ما تَحَلَّجَ في صدرك وما تَخَلَّج، بالحاء والخاء؛ قال شمر: وهما قريبان
من السَّواءِ؛ وقال الأَصمعي: تَحَلَّجَ في صدري وتَخَلَّجَ أَي شككت
فيه. وفي حديث عَدِيِّ بن زيد، قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: لا
يَتَحَلَّجَنَّ في صدرك طعامٌ ضارَعْتَ فيه النَّصْرانيَة. قال شمر: معنى لا
يتحلَّجن لا يَدْخُلَنَّ قلبَك منه شيءٌ، يعني أَنه نظيف. قال ابن
الأَثير: وأَصله من الحَلْجِ، وهو الحركة والاضطراب، ويروى بالخاء، وهو
بمعناه.ابن الأَعرابي: ويقال للحمار الخفيف: مِحْلَجٌ ومِحْلاجٌ، وجمعه
المَحالِيجُ؛ وقال في موضع آخر: المَحالِيجُ الحُمُرُ الطِّوالُ. الأَزهري: في
نوادر الأَعراب: حَجَنْتُ إِلى كذا حُجوناً وحاجَنْتُ وأَحْجَنْتُ
وأَحْلَجْتُ وحالَجْتُ ولاحَجْتُ ولحَجْتُ لحُوجاً؛ وتفسيرهُ: لُصُوقُكَ بالشيء
ودخُولُكَ في أَضْعافِه.
خلص: خَلَص الشيء، بالفتح، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كان قد
نَشِبَ ثم نَجا وسَلِم. وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص للّه دِينَه: أَمْحَضَه.
وأَخْلَصَ الشيءَ: اختاره، وقرئ: إِلاَّ عبادَك منهم المُخْلِصين،
والمُخْلَصِين؛ قال ثعلب: يعني بالمُخْلِصين الذين أَخْلَصوا العبادة للّه
تعالى، وبالمُخْلَصِين الذين أَخْلَصهم اللّهُ عزّ وجلّ. الزجاج: وقوله:
واذْكُرْ في الكتاب موسى إِنه كان مُخْلَصاً، وقرئ مُخْلِصاً، والمُخْلَص:
الذي أَخْلَصه اللّهُ جعله مُختاراً خالصاً من الدنس، والمُخْلِص: الذي
وحّد اللّه تعالى خالصاً ولذلك قيل لسورة: قل هو اللّه أَحد، سورة
الإِخلاص؛ قال ابن الأَثير: سميت بذلك لأَنها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس،
أَو لأَن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيدَ للّه عزّ وجلّ، وكلمة الإِخلاص
كلمة التوحيد، وقوله تعالى: من عبادنا المُخْلَصِين، وقرئ المُخْلِصين،
فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون.
والــتخليص: التَّنْجِيَة من كل مَنْشَبٍ، تقول: خَلَّصْته من كذا
تَخْلِيصــاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فتخلّص، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كما يُتخلّصُ
الغَزْلُ إِذا الْتَبَس. والإِخْلاصُ في الطاعة: تَرْكُ الرِّياءِ، وقد
أَخْلَصْت للّه الدِّينَ. واسْتَخْلَصَ الشيء: كأَخْلَصَه. والخالِصةُ:
الإِخْلاصُ. وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ. وخَلَصَ الشيءُ، بالفتح، يَخْلُصُ
خُلوصاً أَي صار خالِصاً. وخَلَصَ الشيء خَلاصاً، والخَلاصُ يكون مصدراً
للشيء الخالِص. وفي حديث الإِسراء: فلما خَلَصْت بمُسْتَوىً من الأَرض
أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يقال: خَلَصَ فلان إِلى فلان أَي وصل إِليه،
وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ ومنه حديث هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه. وفي حديث
عليّ، رضي اللّه عنه: أَنه قَضَى في حكومة بالخَلاصِ أَي الرجوعِ بالثَّمن
على البائع إِذا كانت العينُ مُسْتَحِقَّةً وقد قَبَضَ ثمَنَها أَي قضى
بما يُتَخَلّص به من الخصومة. وخلَص فلانٌ إِلى فلان أَي وَصَل إِليه.
ويقال: هذا الشيء خالِصةٌ لك أَي خالِصٌ لك خاصّة. وقوله عزّ وجلّ: وقالوا
ما في بُطونِ هذه الأَنْعامِ خالصةٌ لذكورنا؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جعل
معنى ما التأْنيثَ لأَنها في معنى الجماعة كأَنهم قالوا: جماعةُ ما في
بطون هذه الأَنعامِ خالصةٌ لذكورنا. وقوله: ومُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ على لفظ
ما، ويجوز أَن يكون أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، والذي في بطون
الأَنعام ليس بمنزلة بعض الشيء لأَن قولك سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ
الأَصابِع أُصبعٌ، وهي واحدة منها، وما في بطن كل واحدة من الأَنعام هو غيرها،
ومن قال يجوز على أَن الجملة أَنعام فكأَنه قال وقالوا: الأَنعامُ التي في
بطون الأَنعام خالصةٌ لذكورنا، قال ابن سيده: والقولُ الأَول أَبْبَنُ
لقوله ومُحَرَّمٌ، لأَنه دليل على الحَمْلِ على المعنى في ما، وقرأَ بعضهم
خالصةً لذكورنا يعني ما خلَص حَيّاً، وأَما قوله عزّ وجلّ: قل هي للذين
آمَنُوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، قُرئَ خالصةٌ وخالصةً،
المعنى أَنها حَلال للمؤمنين وقد يَشْرَكُهم فيها الكافرون، فإِذا كان يومُ
القيامة خَلَصت للمؤمنين في الآخرة ولا يَشْرَكُهم فيها كافر، وأَما
إِعْراب خالصةٌ يوم القيامة فهو على أَنه خبر بعد خبر كما تقول زيدٌ عاقلٌ
لبيبٌ، المعنى قل هي ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا في تأْويل الحال،
كأَنك قلت قل هي ثابتة مستقرة في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة.
وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَخْلَصْناهم بِخالِصةٍ ذِكْرى الدار؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدار على إِضافة خالصة إِلى ذِكْرى، فمن قرأَ بالتنوين جعل
ذِكْرى الدار بَدَلاً من خالصة، ويكون المعنى إِنا أَخْلَصْناهم بذكرى
الدار، ومعنى الدار ههنا دارُ الآخرة، ومعنى أَخلصناهم جعلناهم لها خالصين
بأَن جعلناهم يُذَكِّرون بدار الآخرة ويُزَهِّدون فيها الدُّنْيا، وذلك
شأْن الأَنبياء، ويجوز أَن يكون يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة والرُّجوعِ إِلى
اللّه، وأَما قوله خلَصُوا نَجِيّاً فمعناه تَميّزوا عن الناس
يَتَناجَوْن فيما أَهَمَّهم. وفي الحديث: أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فقالوا: وما يومُ
الخَلاصِ؟ قال: يوم يَخْرج إِلى الدجّال من أَهل المدينة كلُّ مُنافِقٍ
ومُنافقة فيتميَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بعضُهم من بعض. وفي حديث
الاستسقاء: فَلْيَخْلُصْ هو وولدُه أَي ليتميّزْ من الناس.
وخالَصَهُ في العِشْرة أَي صافاه. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ
وأَخْلَصه له وهم يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ من
الأَلوان: ما صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني.
والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ من تمر.
والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى في السَّمْن،
وأَخْلَصَه: فَعَل به ذلك. والخِلاصُ: ما خَلَصَ من السَّمْن إِذا طُبِخَ.
والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ من الثُّفْل.
والخُلوصُ: الثُّفْلُ الذي يكون أَسفل اللبَنِ. ويقول الرجل لصاحبةِ
السَّمْنِ: أَخْلِصي لنا، لم يفسره أَبو حنيفة، قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غيره: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السمن ما
خَلَصَ منه لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فيه
شيئاً من سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ من
الثُّفْل فذلك السمنُ هو الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بكسر الخاء، وهو
الإِثْر، والثُّفْلُ الذي يَبْقى أَسفلَ هو الخُلوصُ والقِلْدَةُ
والقِشْدَةُ والكُدادةُ، والمصدر منه الإِخْلاصُ، وقد أَخْلَصْت السَّمْنَ.
أَبو زيد: الزُّبْدُ حين يجعل في البُرْمةِ لِيُطبخ سمناً فهو الإِذْوابُ
والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ من الثُّفْل فذلك اللبن الإِثْرُ
والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الذي يكون أَسفلَ هو الخُلوصُ. قال الأَزهري:
سمعت العرب تقول لما يُخْلَصُ به السمنُ في البُرْمة من اللبن والماء
والثُّفْل: الخِلاصُ، وذلك إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ
فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فيه ليَخْلُصَ السمنُ من بَقيّة
اللبن المختلط به، وذلك الذي يَخْلُص هو الخِلاص، بكسر الخاء، وأَما
الخِلاصة والخُلاصة فهو ما بقي في أَسفل البُرْمة من الخِلاص وغيرِه من
ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدقيش: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي منه
يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قال: مَرَّ الفرزدق برجل من
باهلة يقال له حُمامٌ ومعه نِحْيٌ من سَمْنٍ، فقال له الفرزدق: أَتَشْتري
أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بهذا النِّحْي؟ فقال: أَللّهِ عليك
لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فقال: أَللّهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بين
يديه وخرج يَعْدُوة فأَخذه الفرزدق وقال:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه،
عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ
من السَّمْنِ رِبْعيٌّ يكون خِلاصُه،
بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ
فأَصْبَحْتُ عن أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ،
أَهَلَّ بِحَجٍّ في أَصَمَّ حَرامِ
الفراء: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا
أَعطى الخَلاص، وهو مِثْل الشيء؛ ومنه حديث شريح: أَنه قضى في قَوْس
كسَرَها رجل بالخَلاصِ أَي بمثلها. والخِلاص، بالكسر: ما أَخْلَصَته النارُ
من الذهب والفضة وغيره، وكذلك الخِلاصة والخُلاصة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه
كاتَبَ أَهلَه على كذا وكذا وعلى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص. والخِلاصة
والخُلاصة: كالخِلاص، قال: حكاه الهروي في الغريبين.
واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وهو خالِصَتي وخُلْصاني.
وفلان خِلْصي كما تقول خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت
مَوَدّتُهما، وهم خُلْصاني، يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء
خُلْصاني وخُلَصائي، وقال أَبو حنيفة: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ
البعيرُ سَمِن، وكذلك الناقة؛ قال:
وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا
والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الريح له وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قال
أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شجر ينبت نبات الكَرْم يتعلق
بالشجر فيعْلق، وله ورق أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وله وَرْدةٌ
كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وهو طيّبُ الريح، وله حبّ كحبّ عِنَبِ
الثَّعْلبِ يجتمع الثلاثُ والأَربعُ معاً، وهو أَحمر كغَرز العقيق لا
يؤكل ولكنه يُرْعَى؛ ابن السكيت في قوله:
بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
الأَصمعي: هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ
المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه.
ويقال لكل شيء أَبيضَ: خالِصٌ؛ قال العجاج:
مِنْ خالِص الماء وما قد طَحْلَبا
يريد خَلَص من الطُّحْلُب فابْيَضَّ. الليث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كان
قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد:
مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما
والخالصُ: الأَبْيَضُ من الأَلوان. ثوب خالصٌ: أَبْيَضُ. وماءٌ خالص:
أَبيض. وإِذا تَشَظَّى العظامُ في اللحم، فذلك الخَلَصُ. قال: وذلك في
قَصَب العظام في اليد والرجل. يقال: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا
بَرَأَ وفي خَلَلِه شيءٌ من اللحم.
والخَلْصاءُ: ماءٌ بالبادية، وقيل موضع، وقيل موضع فيه عين ماء؛ قال
الشاعر:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها،
وهُنَّ أَحْسَنُ من صِيرانِها صِوَرَا
وقيل: هو الموضع بالدهناء معروف. وذو الخَلَصة: موضع يقال إِنه بيت
لِخَثْعَم كان يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وكان فيه صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ
فَهُدِم. وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ على
ذي الخَلَصة؛ هو بيتٌ كان فيه صنم لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم،
وقيل: ذو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ التي كانت باليمن فأَنْفَذَ إِليها
رسول اللّه، صلَى اللّه عليه وسلّم، جَرِيرَ بنَ عبد اللّه يُخَرِّبُها،
وقيل: ذو الخَلَصة الصنم نفسه، قال ابن الأَثير: وفيه نظر
(* قوله «وفيه
نظر» أَي في قول من زعم انه بيت كان فيه صنم يسمى الخلصة لأن ذو لا تضاف
الا إلخ، كذا بهامش النهاية.) لأَن ذو لا تُضاف إِلاَّ إِلى أَسماء
الأَجناس، والمعنى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جاهليّتهم في عبادة
الأَوثان فتسعى نساءُ بني دَوْسٍ طائفاتٍ حول ذي الخَلَصة فتَرْتَجُّ
أَعجازُهن. وخالصةُ: اسم امرأَة، واللّه أَعلم.
سرح: السَّرْحُ: المالُ السائم. الليث: السَّرْحُ المالُ يُسامُ في
المرعى من الأَنعام.
سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً: سامتْ. وسَرَحها هو:
أَسامَها، يَتَعَدَّى ولا يتعدى؛ قال أَبو ذؤَيب:
وكانَ مِثْلَيْنِ: أَن لا يَسْرَحُوا نَعَماً،
حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم، وتَسْرِيحُ
تقول: أَرَحْتُ الماشيةَ وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها
وسَرَحْتُها سَرْحاً، هذه وحدها بلا أَلف. وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى:
حين تُرِيحُونَ وحين تَسْرَحُونَ؛ قال: يقال سَرَحْتُ الماشيةَ أَي
أَخرجتها بالغَداةِ إلى المرعى. وسَرَحَ المالُ نَفْسُهُ إِذا رَعَى بالغَداةِ
إِلى الضحى.
والسَّرْحُ: المالُ السارحُ، ولا يسمى من المال سَرْحاً إِلاَّ ما
يُغْدَى به ويُراحُ؛ وقيل: السَّرْحُ من المال ما سَرَحَ عليك.
يقال: سَرَحَتْ بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ، ويقال: سَرَحْتُ أَنا
أَسْرَحُ سُرُوحاً أَي غَدَوْتُ؛ وأَنشد لجرير:
وإِذا غَدَوْتُ فَصَبَّحَتْك تحِيَّةٌ،
سَبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجاتِ الحُجَّلِ
قال: والسَّرْحُ المال الراعي. وقول أَبي المُجِيبِ ووصف أَرضاً
جَدْبَةً: وقُضِمَ شَجرُها والتَقى سَرْحاها؛ يقول: انقطع مَرْعاها حتى التقيا
في مكان واحد، والجمع من كل ذلك سُرُوحٌ.
والمَسْرَحُ، بفتح الميم: مَرْعَى السَّرْح، وجمعه المَسارِحُ؛ ومنه
قوله:
إِذا عاد المَسارِحُ كالسِّباحِ
وفي حديث أُم زرع: له إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ؛ هو جمع مَسْرَح، وهو
الموضع الذي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قيل: تصفه بكثرة
الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ
ولا تَسْرَحُ في المراعي البعيدة، ولكنها باركة بفِنائه ليُقَرِّب
للضِّيفان من لبنها ولحمها، خوفاً من أَن ينزل به ضيفٌ، وهي بعيدة عازبة؛ وقيل:
معناه أَن إَبله كثيرة في حال بروكها، فإِذا سَرَحت كانت قليلة لكثرة ما
نُحِرَ منها في مَباركها للأَضياف؛ ومنه حديث جرير: لا يَعْزُب سارِحُها
أَي لا يَبْعُدُ ما يَسْرَحُ منها إِذا غَدَت للمرعى. والسارحُ: يكون
اسماً للراعي الذي يَسْرَحُ الإِبل، ويكون اسماً للقوم الذين لهم السَّرْحُ
كالحاضِرِ والسَّامِر وهما جميعٌ. وما له سارحةٌ ولا رائحة أَي ما له
شيءٌ يَرُوحُ ولا يَسْرَحُ؛ قال اللحياني: وقد يكون في معنى ما له قومٌ.
وفي كتاب كتبه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِر دُومةِ
الجَنْدَلِ: لا تُعْدَلُ سارِحَتُم ولا تُعَدُّ فارِدَتُكم. قال أَبو عبيد: أَراد
أَن ماشيتهم لا تُصْرَفُ عن مَرْعًى تريده. يقال عَدَلْتُه أَي صرفته،
فَعَدَلَ أَي انصرف. والسارحة: هي الماشية التي تَسْرَحُ بالغداة إِلى
مراعيها.
وفي الحديث الآخر: ولا يُمْنَعُ سَرْحُكم؛ السَّرْحُ والسارحُ والسارحة
سواء: الماشية؛ قال خالد بن جَنْبَةَ: السارحة الإِبل والغنم. قال:
والسارحة الدابة الواحدة، قال: وهي أَيضاً الجماعة. والسَّرْحُ: انفجار البول
بعد احتباسه.
وسَرَّحَ عنه فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضاق شيءٌ
فَفَرَّجْتَ عنه، قلت: سَرَّحْتُ عنه تسريحاً؛ قال العجاج:
وسَرَّحَتْ عنه، إِذا تَحَوَّبا،
رَواجِبُ الجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا
ووَلَدَتْه سُرُحاً أَي في سُهولة. وفي الدعاء: اللهم اجعَلْه سهلاً
سُرُحاً. وفي حديث الفارعة: أَنها رأَت إِبليس ساجداً تسيل دموعه كسُرُحِ
الجَنِينِ؛ السُّرُحُ: السهل. وإِذا سَهُلت ولادة المرأَة، قيل: وَلَدَتْ
سُرُحاً. والسُّرُحُ والسَّرِيحُ: إِدْرارُ البول بعد احتباسه؛ ومنه حديث
الحسن: يا لها نِعْمَةً، يعني الشَّرْبة من الماء، تُشْرَبُ لذةً وتخرج
سُرُحاً أَي سهلاً سريعاً.
والتسريحُ: التسهيل. وشيءٌ سريح: سهل.
وافْعَل ذلك في سَراحٍ وَرواحٍ أَي في سهولة.
ولا يكون ذلك إِلاَّ في سَريح أَي في عَجَلة. وأَمرٌ سَرِيحٌ: مُعَجَّلٌ
والاسم منه السَّراحُ، والعرب تقول: إِن خَيْرَك لفي سَرِيح، وإِن
خَيْرَك لَسَريحٌ؛ وهو ضد البطيء.
ويقال: تَسَرَّحَ فلانٌ من هذا الكان إِذا ذهب وخرج. وسَرَحْتُ ما في
صدري سَرْحاً أَي أَخرجته. وسمي السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسَْحُ فيخرُجُ؛
وأَنشد:
وسَرَحْنا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ
والتسريحُ: إِرسالك رسولاً في حاجة سَراحاً. وسَرَّحْتُ فلاناً إِلى
موضع كذا إِذا أَرْسلته. وتَسْرِيحُ المرأَة: تطليقُها. والاسم السِّراحُ،
مثل التبليغ والبلاغ. وتَسْرِيحُ دَمِ العِرْقِ المفصود: إِرساله بعدما
يسيل منه حين يُفْصَد مرة ثانية. وسمى الله، عز وجل، الطلاق سَراحاً، فقال:
وسَرِّحُوهنّ سَراحاً جميلاً؛ كما سماه طلاقاً من طَلَّقَ المرأَة،
وسماه الفِرَاقَ، فهذه ثلاثة أَلفاظ تجمع صريح الطلاق الذي لا يُدَيَّنُ فيها
المُطَلِّقُ بها إِذا أَنكر أَن يكون عنى بها طلاقاً، وأَما الكنايات
عنها بغيرها مثل البائنة والبتَّةِ والحرام وما أَشبهها، فإِنه يُصَدَّق
فيها مع اليمين أَنه لم يرد بها طلاقاً. وفي المثل: السَّراحُ من النَّجاح؛
إِذا لم تَقْدِرْ على قضاء حاجة الرجل فأَيِّسْه فإِن ذلك عنده بمنزلة
الإِسعاف. وتَسْرِيحُ الشَّعر: إِرساله قبل المَشْطِ؛ قال الأَزهري:
تَسْرِيحُ الشعر ترجيله وتخليص بعضه من بعض بالمشط؛ والمشط يقال له: المِرجل
والمِسرح، بكسر الميم. والمَسْرَحُ، بفتح الميم: المرعى الذي تَسْرَحُ فيه
الدواب للرّعي. وفرسٌ سَريح أَي عُرْيٌ، وخيل سُرُحٌ وناقةٌ سُرُحٌ
ومُنْسَرِحة في سيرها أَي سريعة؛ قال الأَعشى:
بجُلالةٍ سُرُحٍ، كأَنَّ بغَرْزِها
هِرّاً، إِذا انتَعَل المَطِيُّ ظِلالَها
ومِشْيَةٌ سُرُحُ مثل سُجُح أَي سهلة.
وانْسَرَحَ الرجلُ إِذا استلقى وفَرَّجَ بين رجليه: وأَما قول حُمَيْد
بن ثور:
أَبى اللهُ إِلاَّ أَنَّ سَرْحَةَ مالكٍ،
على كلِّ أَفْنانِ العِضاهِ، تَرُوقُ
فإِنما كنى بها عن امرأَة. قال الأَزهري: العرب تكني عن المرأَة
بالسَّرْحةِ النابتة على الماء؛ ومنه قوله:
يا سَرْحةَ الماءِ قد سُدَّتْ موارِدُه،
أَما إِليكِ طريقٌ غيرُ مسْدُودِ
لحائمٍ حامَ حتى لا حَراكَ به،
مُحَّلإٍ عن طريقِ الوِرْدِ، مَرْدودِ
كنى بالسَّرْحةِ النابتة على الماء عن المرأَة لأَنها حينئذٍ أَحسن ما
تكن؛ وسَرْحةٌ في قول لبيد:
لمن طَلَلٌ تَضَّمَنهُ أُثالُ،
فَسَرْحةُ فالمَرانَةُ فالخَيالُ؟
هو اسم موضع
(* قوله «هو اسم موضع» مثله في الجوهري وياقوت. وقال المجد:
الصواب شرجة، بالشين والجيم المعجمتين. والحِمال، بكسر الحاء المهملة
والباء الموحدة.).
والسَّرُوحُ والسُّرُحُ من الإِبل: السريعةُ المشي.
ورجل مُنْسَرِحٌ: متجرِّد؛ وقيل: قليل الثياب خفيف فيها، وهو الخارج من
ثيابه؛ قال رؤبة:
مُنْسَرِحٌ إِلاَّ ذَعاليب الخِرَقْ
والمُنْسَرِحُ: الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه. والمُنْسَرِحُ: ضربٌ من
الشِّعْر لخفته، وهو جنس من العروض تفعيله: مستفعلن مفعولات مستفعلن ست
مرات. ومِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ: مُنْسَرِحٌ للذهاب والمجيء؛ يعني بالملاط
الكَتِفَ، وفي التهذيب: العَضُد؛ وقال كراع: هو الطين؛ قال ابن سيده: ولا
أَدري ما هذا. ابن شميل: ابنا مِلاطَي البعير هما العَضُدانِ، قال:
والملاطان ما عن يمين الكِرْكِرَةِ وشمالها.
والمِسْرَحةُ: ما يُسَرَّحُ به الشعَر والكَتَّان ونحوهما. وكل قطعة من
خرقة متمزقة أَو دم سائل مستطيل يابس، فهو ما أَشبهه سَرِيحة، والجمع
سَرِيحٌ وسَرائِحُ. والسَّريحة: الطريقة من الدم إِذا كانت مستطيلة؛ وقال
لبيد:
بلَبَّته سَرائِحُ كالعَصيمِ
قال: والسَّريحُ السيرُ الذي تُشَدُّ به الخَدَمَةُ فوق الرُّسْغ.
والسَّرائح والسُّرُح: نِعالُ الإِبل؛ وقيل: سِيُورُ نِعالها، كلُّ سَيرٍ منها
سَريحة؛ وقيل: السيور التي يُخْصَفُ بها، واحدتها سَرِيحة، والخِدامُ
سُيُورٌ تُشَدُّ في الأَرْساغ، والسَّرائِحُ: تُشَدُّ إِلى الخَدَم.
والسَّرْحُ: فِناءُ الباب. والسَّرْحُ: كل شجر لا شوك فيه، والواحدة سَرْحة؛
وقيل: السَّرْحُ كلُّ شجر طال.
وقال أَبو حنيفة: السَّرْحةُ دَوْحة مِحْلالٌ واسِعةٌ يَحُلُّ تحتها
الناسُ في الصيف، ويَبْتَنُون تحتها البيوت، وظلها صالح؛ قال الشاعر:
فيا سَرْحةَ الرُّكْبانِ، ظِلُّك بارِدٌ،
وماؤُكِ عَذْب، لا يَحِلُّ لوارِدِ
(* قوله «لا يحل لوارد» هكذا في الأَصل بهذا الضبط وشرح القاموس وانظره
فلعله لا يمل لوارد.)
والسَّرْحُ: شجر كبار عظام طِوالٌ لا يُرْعَى وإِنما يستظل فيه. وينبت
بنَجدٍ في السَّهْل والغَلْظ، ولا ينبت في رمل ولا جبل، ولا يأْكله المالُ
إِلاَّ قليلاً، له ثمر أَصفر، واحدته سَرْحة، ويقال: هو الآءُ، على وزن
العاعِ، يشبه الزيتون، والآءُ ثمرةُ السَّرْح؛ قال: وأَخبرني أَعرابي
قال: في السَّرْحة غُبْرَةٌ وهي دون الأَثْلِ في الطول، ووَرَقُها صغار، وهي
سَبْطَة الأَفْنان. قال: وهي مائلة النِّبتة أَبداً ومَيلُها من بين
جميع الشجر في شِقّ اليمين، قال: ولم أَبْلُ على هذا الأَعرابي كذباً.
الأَزهري عن الليث: السَّرْحُ شجر له حَمْل وهي الأَلاءَة، والواحدة سرحة؛ قال
الأَزهري: هذا غلط ليس السرح من الأَلاءَة في شيء. قال أَبو عبيد:
السَّرْحة ضرب من الشجر، معروفة؛ وأَنشد قول عنترة:
بَطَلٌ، كأَنَّ ثِيابَه في سَرْحةٍ،
يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، ليس بتَؤْأَمِ
يصفه بطول القامة، فقد بيَّن لك أَن السَّرْحَة من كبار الشجر، أَلا ترى
أَنه شبه به الرجل لطوله، والأَلاء لا ساق له ولا طول؟ وفي حديث ابن عمر
أَنه قال: إِنَّ بمكان كذا وكذا سَرْحةً لم تُجْرَدْ ولم تُعْبَلْ،
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً؛ وهذا يدل على أَن السَّرْحةَ من عظام الشجر؛ ورواه
ابن الأَثير: لم تُجْرَدْ ولم تُسْرَحْ، قال: ولم تُسْرَحْ لم يصبها
السَّرْحُ فيأْكل أَغصانها وورقها، قال: وقيل هو مأْخوذ من لفظ السَّرْحة،
أَراد: لم يؤْخذ منها شيء، كما يقال: شَجَرْتُ الشجرةَ إِذا أَخذتُ
بعضَها. وفي حديث ظَبْيانَ: يأْكلون مُلاَّحها ويَرْعَوْنَ سِراحَها. ابن
الأَعرابي: السَّرْحُ كِبارُ الذَّكْوانِ، والذَّكْوانُ شجرٌ حَسَنُ
العَساليح. أَبو سعيد: سَرَحَ السيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إِذا جرى جرياً
سهلاً، فهو سيلٌ سارحٌ؛ وأَنشد:
ورُبَّ كلِّ شَوْذَبِيٍّ مُنْسَرِحْ،
من اللباسِ، غيرَ جَرْدٍ ما نُصِحْ
(* قوله «وأَنشد ورب كل إلخ» حق هذا البيت أَن ينشد عند قوله فيما مر
ورجل منسرح متجرد كما استشهد به في الأَساس على ذلك وهو واضح.)
والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب. وما نُصِحَ أَي ما خيط.
والسَّرِيحةُ من الأَرض: الطريقة الظاهرة المستوية في الأَرض ضَيِّقةً؛
قال الأَزهري: وهي أَكثر نبْتاً وشجراً مما حولها وهي مُشرفة على ما
حولها، والجمع السَّرائح، فتراها مستطيلة شَجِيرة وما حولها قليل الشجر،
وربما كانت عَقَبة. وسَرائحُ السهم: العَقَبُ الذي عُقِبَ به؛ وقال أَبو
حنيفة: هي العَقَبُ الذي يُدْرَجُ على اللِّيطِ، واحدته سَرِيحة. والسَّرائحُ
أَيضاً: آثار فيه كآثار النار.
وسُرُحٌ: ماءٌ لبني عَجْلاَنَ ذكره ابن مقبل فقال:
قالت سُلَيْمَى ببَطْن القاعِ من سُرُحٍ
وسَرَحَه اللهُ وسَرَّحه أَي وَفَّقه الله؛ قال الأَزهري: هذا حرف غريب
سمعته بالحاء في المؤلف عن الإِيادي. والمَسْرَحانِ: خشبتانِ تُشَدَّانِ
في عُنُق الثور الذي يحرث به؛ عن أَبي حنيفة.
وسَرْحٌ: اسمٌ؛ قال الراعي:
فلو أَنَّ حَقَّ اليوم منكم أَقامَه،
وإِن كان سَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَرَّعا
ومَسْرُوحٌ: قبيلة. والمَسْرُوحُ: الشرابُ، حكي عن ثعلب وليس منه على
ثقة.
وسِرْحانُ الحَوْضِ: وَسَطُه. والسِّرْحانُ: الذِّئبُ، والجمع سَراحٍ
(*
قوله «والجمع سراح» كثمان فيعرب منقوصاً كأنهم حذفوا آخره.) وسَراحِينُ
وسَراحِي، بغير نونٍ، كما يقالُ: ثَعَالِبٌ وثَعَالِي. قال الأَزهري:
وأَما السِّراحُ في جمع السِّرْحان فغير محفوظ عندي. وسِرْحانٌ: مُجْرًى من
أَسماء الذئب؛ ومنه قوله:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
والأُنثى بالهاء والجمع كالجمع، وقد تجمع هذه بالأَلف والتاء.
والسِّرْحانُ والسِّيدُ الأَسدُ بلغة هذيل؛ قال أَبو المُثَلَّمِ يَرْثي صَخْر
الغَيّ:
هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ، حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ،
شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ، سِرْحانُ فِتْيانِ
والجمع كالجمع؛ وأَنشد أَبو الهيثم لطُفَيْلٍ:
وخَيْلٍ كأَمْثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ،
ذَخائِرَ ما أَبقى الغُرابُ ومُذْهَبُ
قال أَبو منصور: وقد جاء في شعر مالك بن الحرث الكاهلي:
ويوماً نَقْتُلُ الآثارَ شَفْعاً،
فنَتْرُكُهمْ تَنُوبُهمُ السِّراحُ
شَفْعاً أَي ضِعف ما قتلوا وقِيسَ على ضِبْعانٍ وضِباعٍ؛ قال الأَزهري:
ولا أَعرف لهما نظيراً. والسِّرْحانُ: فِعْلانٌ من سَرَحَ يَسْرَحُ؛ وفي
حديث الفجر الأَول: كأَنه ذَنَبُ السِّرْحانِ؛ وهو الذئب، وقيل: الأَسد.
وفي المثل: سَقَط العَشاءُ
(* قوله «وفي المثل سقط العشاء إلخ» قال أَبو
عبيد أصله أن رجلاً خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله اهـ. من
الميداني.) به على سِرْحانٍ؛ قال سيبويه: النون زائدة، وهو فِعْلانٌ والجمع
سَراحينُ؛ قال الكسائي: الأُنثى سِرْحانة. والسِّرْحالُ: السِّرْحانُ، على
البدل عند يعقوب؛ وأَنشد:
تَرَى رَذايا الكُومُ فوقَ الخالِ
عِيداً لكلِّ شَيْهمٍ طِمْلالِ،
والأَعْوَرِ العينِ مع السِّرحالِ
وفرس سِرْياحٌ: سريع: قال ابن مُقْبل يصف الخيل:
من كلِّ أَهْوَجَ سِرْياحٍ ومُقْرَبةٍ،
نفات يوم لكال الورْدِ في الغُمَرِ
(* يحرر هذا الشطر والبيت الذي بعده فلم نقف عليهما.)
قالوا: وإِنما خص الغُمَرَ وسَقْيَها فيه لأَنه وصفها بالعِتْق وسُبُوطة
الخَدِّ ولطافة الأَفواه، كما قال:
وتَشْرَبُ في القَعْب الصغير، وإِن فُقِدْ،
لمِشْفَرِها يوماً إِلى الماء تنقد
(* هكذا في الأصل ولعله: وان تُقد بمشفرها تَنقد.)
والسِّرْياحُ من الرجال: الطويلُ. والسِّرياح: الجرادُ. وأُم سِرْياحٍ:
امرأَةٌ، مشتق منه؛ قال بعض أُمراء مكة، وقيل هو لدرَّاج بن زُرْعة:
إِذا أُمُّ سِرياحٍ غَدَتْ في ظَعائِنٍ
جَوَالِسَ نَجْداً، فاضتِ العينُ تَدْمَعُ
قال ابن بري: وذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم سِرْياح في غير هذا الموضع
كنية الجرادة. والسِّرياحُ: اسم الجراد. والجالسُ: الآتي نَجْداً.
فكك: الليث: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم
تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما. وفَكَكْتُ الشيء:
خَلَّصْته. وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما، وكذلك التَّفْكِيك. ابن
سيده: فَكَّ الشيءَ يفُكُّه فَكّاً فانْفَكَّ فصله. وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّه
فَكّاً وافْتَكَّه: بمعنى خَلَّصه. وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه، بالكسر: ما
فُكَّ به. الأَصمعي: الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة. وفَكَّ
يدَه فَكّاً إذا أزال المَفْصِلَ، يقال: أَصابه فَكَكٌ؛ قال رؤبة:
هاجَكَ من أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ
وفَكُّ الرقبة: تخليصُــها من إسار الرِّق. وفَكُّ الرهن وفَكاكُه: تخليصــه
من غَلَق الرهن. ويقال: هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك. وكل شيء
أَطلقته فقد فَكَكْتَه. وفلان يسعى في فِكاكِ رَقبته، وانْفَكَّت رقبته من
الرق، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّها فَكّاً: أَعتقها، وهو من ذلك لأَنها فصلت من
الرق. وفي الحديث: أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرقبة، تفسيره في الحديث:
أَن عتق النسمة أَن ينفرد بعتقها، وفَكّ الرقبةِ: أَن يُعِينَ في عتقها،
وأَصل الفَك الفصلُ بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض. وفَكَّ الأَسيرَ
فَكّاً وفَكاكَةً: فصله من الأَسْر. والفِكاكُ والفَكاكُ: ما فُكَّ به. وفي
الحديث: عُودُوا المريض وفُكُّوا العانيَ أَي أَطْلقُوا الأَسير، ويجوز
أَن يريد به العتق. وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً، وفَكَّ يدَه: فتحها عما فيها.
والفَكُّ في اليد: دون الكسر. وسقط فلان فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه
إذا انفرجت وزالت. والفَكَكُ: انفساخ القَدَم، وأَنشد قول رؤبة: كمنهاض
الفكك؛ قال الأَصمعي: إنما هو الفَكُّ من قولك فَكه يَفُكُّه فَكّاً،
فأَظهر التضعيف ضرورة. وفي الحديث: أَنه ركب فرساً فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ
فانْفَكَّتْ قَدَمُه؛ الانْفِكاكُ: ضرب من الوَهْنِ والخَلْع، وهو أَن
يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عن بعض. والفَكَكُ، وفي المحكم: والفَكُّ انفراجُ
المَنْكِب عن مفصله استرخاء وضعفاً؛ وأَنشد الليث:
أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِّ
ويقال: في فلان فَكَّة أَي استرخاء في رأيه؛ قال أَبو قَيْسِ بنُ
الأَسْلَتِ:
الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الـ
إشْفاقِ والفَكَّةِ والهاعِ
ورجل أَفَكُّ المَنْكِب وفيه فَكَّة أَي استرخاء وضعف في رأيه.
والأَفَكُّ: الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفاً واسترخاء، تقول منه: ما كنتَ
أَفَكَّ ولقد فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً. والفَكَّة أيضاً: الحُمْق مع استرخاء.
ورجل فاكٌّ: أَحمق بالغ الحُمْق، ويُتْبَع فيقال: فاكٌّ تاكٌّ، والجمع
فِكَكَة وفِكاكٌ؛ عن ابن الأعَرابي. وقد فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وقد حَمُقْتَ
وفَكُكْتَ، وبعضهم يقول فَكِكْتَ، ويقال: ما كنت فاكّاً ولقد فَكِكْتَ،
بالكسر، تَفَكُّ فَكَّةً. وفلان يتَفَكَّكُ إذا لم يكن به تماسك من
حُمْقٍ.وقال النضر: الفاكُّ المُعْيي هُزالاً. ناقة فاكَّة وجمل فاكّ،
والفاكُّ: الهَرِمُ من الإبل والناس، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً. وشيخ فاكّ
إذا انفرج لَحْياه من الهَرَم. ويقال للشيخ الكبير: قد فَكَّ وفَرَّجَ،
يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ، وذلك في الكبر إذا هَرِم. وفكَكْتُ الصبيَّ:
جعلت الدواء في فيه. وحكى يعقوب: شيخ فاكٌّ وتاكّ، جعله بدلاً ولم يجعله
إتباعاً؛ قال: وقال الحُصَيْني: أَحمق فاكُّ وهاكّ، وهو الذ ي يتكلم بما
يَدْري وخطؤه أكثر من صوابه، وهو فَكَّاكٌ هَكَّاك. والفَكُّ: اللَّحْيُ.
والفَكَّان: اللِّحْيانِ، وقيل: مجتمع اللحيين عند الصُّدغ من أَعلى وأَسفل
يكون من الإنسان والدابة. قال أَكْثَمُ بن صَيْفِيّ: مَقْتَلُ الرجل بين
فَكَّيْهِ، يعني لسانه. وفي التهذيب: الفَكَّان ملتقى الشِّدْقين من
الجانبين. والفَكُّ: مجتمع الخَطْم. والأَفَكُّ: هو مَجْمع الخَطْم، وهو
مَجْمع الفَكَّيْنِ على تقدير أَفعل. وفي النوادر: أَفَكَّ الظبيُ من
الحبالة إذا وقع فيها تم انفلت، ومثله: أَفْسَحَ الظبيُ من الحبالة. والفَكَكُ:
انكسار الفَكِّ أَو زواله. ورجل أَفَكُّ: مكسور الفَكِّ، وانكسر أَحدُ
فَكّيْهِ أي لَحْييه؛ وأَنشد:
كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ
فَأرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ في سُكِّ
والفَكَّةُ: نجوم مستديرة بحِيال بنات نَعْش خلف السماك الرَّامِح
تسميها الصبيان قصعة المساكين، وسميت قَصْعة المساكين لأَن في جانبها
ثُلْمَةً، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء. ويقال: ناقة
مُتَفَكِّكةٌ إذا أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها ودنا نِتاجها، شبهت
بالشيء يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وينفرج، وكذلك ناقة مُفِكَّة قد
أَفَكَّتْ، وناقة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِةٌ بمعناها، قال: وذهب بعضهم
بتَفَكُّكِ الناقة إلى شدة ضَبعَتها؛ وروى الأَصمعي:
أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنـ
ـيا، وقامَتْ تَتَفَكَّكْ
انفِشاحَ النَّابِ للسَّقـ
ـب، متى ما يَدْنُ تحْشِك
أَبو عبيد: المُتَفَكِّكةُ من الخيل الوَدِيقُ التي لا تمتنع عن الفحل.
وما انْفَكَّ فلان قائماً أَي ما زال قائماً. وقوله عز وجل: لم يَكُنِ
الذين كفروا من أَهل الكتاب والمشركين مُنْفَكِّينَ حتى تأتيهم البيِّنةُ؛
قال الزجاج: المشركين في موضع نسق على أَهل الكتاب، المعنى لم يكن الذين
كفروا من أَهل الكتاب ومن المشركين، وقوله مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة
أَي لم يكونوا مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا
مُنْفَكِّينَ من كفرهم أَي منتهين عن كفرهم، وهو قول مجاهد، وقال الأَخفش:
مُنْفَكِّينَ زائلين عن كفرهم، وقال مجاهد: لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبيَّن لهم
الحقُّ، وقال أَبو عبد الله نفطويه: معنى قوله مُنْفَكِّين يقول لم يكونوا
مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أُبِينَتْ لهم في التوارة من صفة
محمد، صلى الله عليه وسلم، ونبوّته؛ وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه
الماضي، وأَكد ذلك فقال تعالى: وما تَفَرَّق الذين أُوتوا الكتاب إلا من بعد ما
جاءتهم البينة، ومعناه أَن فِرَقَ أَهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا
مُقرِّين قبل مَبْعَث محمد، صلى الله عليه وسلم، أَنه مَبعوث، وكانوا
مجتمعين على ذلك، فلما بُعث تفرقوا فِرْقتين كل فرقة تنكره، وقيل: معنى وما
تفرّق الذين أُوتُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أَنه لم يكن
بينهم اختلاف في أمده، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحَرَّفُوا في
أَمره، فلما بُعثَ آمن به بعضهم وجَحَد الباقون وحَرَّفُوا وبَدَّلوا ما
في كتابهم من صفته ونبوّته؛ قال الفراء: قد يكون الانْفِكاكُ على جهة
يَزالُ، ويكون على الانْفِكاكُ الذي نعرفه، فإذا كان على جهة يَزالُ فلا بدَّ
لها من فِعْلٍ وأَن يكون معناها جَحْداً، فتقول ما انْفَكَكْتُ أَذكركَ،
تريد ما زِلْتُ أَذكرك، وإذا كانت على غير جهة يَزالُ قلت قد
انْفَكَكْتُ منك وانْفَكَّ الشيءُّ من الشيء، فتكون بلا جَحْدٍ وبلا فِعْل؛ قال ذو
الرمة:
قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلا مُناخَةً
على الخَسْفِ، أَو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا
فلم يدخل فيها إلاّ: إلاّ، وهو ينوي به التمام، وخلافَ يَزال لأَنك لا
تقول ما زِلْت إلا قائماً. وأَنشد الجوهري هذا البيت حَرَاجِيج ما
تَنْفكُّ؛ وقال: يريد ما تَنْفكّ مناخه فزاد إلا، قال ابن بري: الصواب أَن يكون
خبر تَنْفَكُّ قوله على الخَسْف، وتكون إلا مُناخةً نصباً على الحال،
تقديره ما تَنْفَكُّ على الخسف والإِهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح؛
قال الأَزهري: وقول الله تعالى مُنْفَكِّين ليس من باب ما انْفَكَّ وما
زَالَ، إنما هو من انْفِكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه، كما
فسره ابن عرفة، والله أَعلم. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: فُكَّ
فلانٌأَي خُلّص وأُريح من الشيء، ومنه قوله مُنْفَكِّين، قال: معناه لم
يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما
جاءهم ما عَرَفوا كفروا به.
غلق: غَلَقَ الباب وأَغْلَقه وغَلَّقه؛ الأُولى عن ابن دريد عزاها إلى
أَبي زيد وهي نادرة، فهو مُغْلَق، وفي التنزيل: وغَلَّقَت الأبواب؛ قال
سيبويه: غَلَّقت الأبواب للتكثير، وقد يقال أَغْلَقت يراد بها التكثير،
قال: وهو عربيّ جيد. وباب غُلُق: مُغْلَقٌ، وهو فُعُل بمعنى مَفْعول مثل
قارُورَة، وباب فُتُح أَي واسع ضخم وجِذْع قُطُل، والاسم الغَلْقُ؛ ومنه قول
الشاعر:
وباب إذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِف
ويقال: هذا من غَلَقْتُ الباب غَلْقاً، وهي لغة رديئة متروكة؛ قال أَبو
الأسود الدؤلي:
ولا أَقولُ لقِدْرِ القوم قد غَلِيَتْ،
ولا أَقولُ لباب الدَّار مَغْلوقُ
وقال الفرزدق:
ما زِلْتُ أَفتح أَبواباً وأُغْلِقها،
حتى أَتَيْتُ أَبا عَمْرو بنَ عَمَّارِ
قال أَبو حاتم السجستاني: يريد أَبا عمرو بن العلاء. وغَلِقَ البابُ
وانْغَلقَ واسْتَغْلق إذا عسر فتحه. والمِغْلاقُ: المِرْتاجُ. والغَلَقُ:
المِغْلاقُ، بالتحريك، وهو ما يُغْلَقُ به الباب ويفتح، والجمع أَغْلاق؛
قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء؛ واستعاره الفرزدق فقال:
فبِتْنَ بجانِبَيَّ مُصَرَّعاتٍ،
وبِتُّ أَفُضّ أَغْلاقََ الخِتامِ
قال الفارسي: أَراد خِتام الأَغْلاقِ فقَلَب. وفي حديث قتل أَبي رافع:
ثم عَلَّقَ الأَغالِيقَ على وَدٍّ؛ هي المفاتيح، واحدها إغْلِيقٌ،
والغَلاقُ والمِغْلاق والمُغْلوق: كالغَلَق. واسْتَغْلَقَ عليه الكلام أَي
ارْتُتِجَ عليه. وكلام غَلِقٌ أي مشكل. وفي الحديث: لا طلاق ولا عَتاق في
إغْلاقٍ أَي في إكراه، ومعنى الإغْلاقِ الإكراه، لأن المُغْلَق مكرَهٌ عليه
في أَمره ومضيَّق عليه في تصرفه كأَنه يُغْلَقُ عليه الباب ويحبس ويضيّق
عليه حتى يطلِّق. وإغْلاقُ القاتل: إسلامه إلى وليّ المقتول فيَحْكم في
دمه ما شاء. يقال: أُغْلِق فلان بجَرِيرِتِه؛ وقال الفرزدق:
أَسارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بدِمائها
والاسم منه الغَلاقُ؛ وقال عدي بن زيد:
وتقول العُداةُ: أَوْدَى عَدِيٌّ،
وبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالغَلاقِ
ابن الأعرابي: أَغْلَقَ زيدٌ عمراً على شيء يفعله إذا أَكرهه عليه.
والمِغْلَقُ والمِغْلاق: السهم السابع من قِداح المَيْسِر. والمَغالِقُ:
الأَزْلام، وكل سهم في الميسِر مِغْلَق؛ قال لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دَعَوْتُ، لحتْفِها،
بمَغالِقٍ متشابِهٍ أَجْرامُها
(* في معلقة لبيد: أجسامها بدل أجرامها: وفي رواية التبريزي: أعلامها أي
علاماتها).
والمَغالقُ: قِداح الميْسر؛ قال الأسود بن يَعْفُر:
إذا قحطت والزَّاجِرِين المَغالِقَا
الليث: المِغْلَقُ السهم السابع في مُضَعَّفِ المَيْسِر، وسمي مِغْلَقاً
لأنه يَسْتَغْلِقُ ما يبقى من آخر الميَسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وأنشد
بيت لبيد:
وجَزُور أَيْسارٍ دعوت لحتفها
قال أَبو منصور: غلط الليث في تفسير قوله بمَغالق، والمَغالقُ من نُعُوت
قِداح المَيْسر التي يكون لها الفوز، وليست المَغالِقُ من أَسمائها، وهي
التي تُغْلِقُ الخَطَر فتوجبه للقامر الفائز كما يُغْلَقُ الرهنُ
لمستحقه؛ ومنه قول عمرو بن قَمِيئة:
بأَيديهمُ مَقْرُومةٌ ومَغالِق،
يعود بأَرْزاقِ العيالِ مَنِيحُها
ورجل غَلِقٌ: سيء الخلق. قال الليث: يقال احْتَدَّ فلان فَغَلِقَ في
حِدَّتِهِ أي نشب؛ وروى أَبو العباس أن ابن الأَعرابي أَنشده:
وقد جَعَلَ الرِّكُّ الضعيفُ يُسِيلُني
إليك، ويُشْريك القليلُ فتَغْلَقُ
قال: الرِّكُّ المطر الضعيف؛ يقول: إذا أَتاك عني شيء قليل غضبت وأنا
كذلك فمتى نَتَّفق؟ ومنه قوله: أنت تَئِق وأنا مَئِق فكيف نتفق؟ قال أَبو
منصور: معنى قوله يُسِيلني إليك أي يُغضبني فيغريني بك، ويُشْرِيكَ أي
يغضبك فتَغْلق أي تغضب وتحتدّ عليّ. ويقال: أُغْلِقَ فلان فَغَلِقَ غَلَقاً
إذا أُغضب فغضب واحتدّ. قال أبو بكر: الغَلِقُ الكثير الغضب؛ قال عمرو بن
شأْس:
فأَغْلَقُ مِنْ دونِ امْرِئٍ، إن أَجَرْتُهُ،
فلا تُبْتَغَى عوراتهُ غَلَقَ البَعْلِ
أي أَغضب غضباً شديداً. قال: والغَلِقُ الضيّق الخُلُق العسر الرضا.
وغَلِقَ في حِدَّته غَلَقاً: نشب، وكذلك الغِلِقُ في غير الأَناسي.
والغَلَقُ في الرهن: ضد الفك، فإذا فَكَّ الراهنُ الرهنَ فقد أَطلقه من وثاقه عند
مُرْتَهنه. وقد أَغْلَقْتُ الرهن فَغَلِقَ أي أوجبته فوجب للمرتهن؛ ومنه
الحديث: ورجل ارتبط فرساً ليُغالِقَ عليها أي ليراهن، وكأنه كره
الرِّهان في الخيل إذ كان على رسم الجاهلية. قال سيبويه: وغَلِقَ الرَّهْنُ في
يد المرتهن يَغْلق غَلَقاً وغُلُوقاً، فهو غَلِقٌ، استحقه المرتهن، وذلك
إذا لم يُفْتَكّ في الوقت المشروط. وفي الحديث: لا يغْلَق الرهن بما فيه؛
قال زهير يذكر امرأَة:
وفارَقَتْكَ برَهْنٍ لا فكاكَ لَهُ،
يوم الوَدَاع، فأَمْسَى الرَّهْنُ قد غَلِقا
يعني أنها ارتهنت قلبه ورهنت به؛ وأَنشد شمر:
هل من نَجازٍ لمَوْعودٍ بَخِلْت به؟
أو للرَّهين الذي اسْتَغْلَقْت من فادي؟
وأنشد ابن الأعرابي لأوس بن حجر:
على العُمْرِ، واصطادَتْ فؤاداً كأنه
أَبو غَلِقٍ، في ليلتين، مؤجَّل
وفسره فقال: أَبو غَلِقٍ أي صاحب رهن غَلِقَ، أَجله ليلتان أن يُفَكّ،
وغَلِقَ أي ذهب. ويقال: غَلِقَ الرهنُّ يَغْلَقُ غُلُوقاً إذا لم يوجد له
تخلص وبقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصــه، والمعنى أنه لا
يستحقه المرتهن إذا لم يَسْتَفِكَّه صاحبُه. وكان هذا من فعل الجاهلية أن
الراهن إذا لم يُؤدِّ ما عليه في الوقت المعين مَلَكَ المرتهنُ الرَّهْنَ،
فأَبطله الإسلام. وقوم مَغَاليقُ: يَغْلَقُ الرهن على أَيديهم. وقال ابن
الأَعرابي في حديث داحسٍ والغبراء: إن قيساً أتى حذيفة بن بدرٍ فقال له
حذيفة: ما غَدَا بك؟ قال: غَدَوْتُ لأواضِعَك الرِّهانَ؛ أراد بالواضعة
إبطال الرِّهان أي أَضعه وتَضعه، فقال حذيفة: بل غدوتَ لتُغْلِقَهُ أي لتوجبه
وتؤكده. وأَغْلَقْتُ الرهن أي أَوجبته فَغَلِقَ للمرتهن أي وجب له. وقال
أبو عبيد: غَلِقَ الرهنُ إذا استحقه المرتهن غَلَقاً. وروي عن النبي،
صلى الله عليه وسلم: لا يغْلَقُ الرهن أي لا يستحقه المرتهن إذا لم يَرُدَّ
الراهن ما رهنه فيه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأَبطله النبي، صلى الله
عليه وسلم، بقوله: لا يغْلَقُ الرهنُ. أَبو عمرو: الغَلَقُ الضَّجَر.
ومكان غَلِقٌ وضَجِرٌ أي ضيق، والضَّجْرُ الاسم، والضَّجَرُ المصدر.
والغَلَقُ: الهلاك؛ ومعنى لا يَغْلَق الرهنُ أي لا يهلك. وفي كتاب عمر إلى أبي
موسى: إياك والغَلَقَ؛ قال المبرد: الغلق ضيق الصدر وقلة الصبر. وأَغْلَقَ
عليه الأمرُ إذا لم يَنْفسح. وغَلِقَ الأسيرُ والجاني، فهو غَلِقٌ: لم
يُفْدَ؛ قال أَبو دَهْبَلٍ:
ما زِلْتَ في الغَفْرِ للذنوب وإطْـ
لاقٍ لِعَانٍ، بجُرْمِه، غَلِق
شمر: يقال لكل شيء نَشِبَ في شيء فلزمه قد غَلِقَ، غَلِقَ في الباطل،
وغَلِقَ في البيع، وغَلَق بيعه فاسْتَغْلَقَ
(* قوله «وغلق بيعه فاستغلق»
هكذا هو بهذا الضبط في الأصل).
واسْتَغْلَق الرجلُ إذا أُرْتِجَ عليه فلم يتكلم. وقال ابن شميل:
اسْتَغْلَقَني فلان في بَيْعي إذا لم يجعل لي خياراً في ردِّه، قال:
واسْتَغْلَقتُ على بيعته؛ وأَنشد شمر للفرزدق:
وعَرَّد عن بَنِيهِ الكَسْبَ منه،
ولو كانوا أُولي غَلَقٍ سِغَابا
أُولي غَلَقٍ أي قد غَلِقُوا في الفقر والجوع. جمل غَلْق وغَلْقَةٌ إذا
هزل وكبر. النوادر: شيْخٌ غَلْقٌ وجمل غَلْقٌ، وهو الكبير الأعْجَفُ.
وغَلِقَ ظهرُ البعير غَلَقاً، فهو غَلِقٌ: انتقض دَبَرهُ تحت الأَدَاةِ
وكثُر غَلَقاً لا يبرأُ. ويقال: إن بعيرك لغَلِقُ الظهر، وقد غَلِقَ ظهرهُ
غَلَقاً، وهو أَن ترى ظهره أَجْمَعَ جُلُْبَتَين آثار دبَرٍ قد برأَت فأَنت
تنظر إلى صفحتيه تَبْرُقان. ابن شميل: الغَلَقُ شرُّ دَبَر البعير لا
يقدر أن تُعادَى الأَداةُ عنه أي ترفع عنه حتى يكون مرتفعاً، وقد عادَيْت
عنه الأَداةَ: وهو أن تجوب عنه القَتَب والحِلْس. وفي حديث جابر: شفاعة
النبي، صلى الله عليه وسلم، لمن أوثَقَ نفسَه وأَغْلَقَ ظهرَه. وغَلِقَ
ظهرُ البعير إذا دَبِرَ، وأَغْلَقَهُ صاحبه إذا أَثقل حمله حتى يَدْبَرَ؛
شبه الذنوب التي أَثقلت ظهر الإنسان بذلك. وغَلِقَت النخلة غَلَقاً، فهي
غَلِقةٌ: دوَّدَتْ أُصول سَعَفها وانقطع حَمْلُها.
والغِلْقةُ والغَلْقةُ: شجرة يَعْطِنُ بها أَهلُ الطائف وقال أَبو
حنيفة: الغَلْقة شجرة لا تطاق حِدَّة يَتَوَقَّعُ جانيها علي عينيه من بخارها
أو مائها، وهي التي تُمَرَّطُ بها الجلود فلا تترك عليها شعرة ولا لحمة
إلاَّ حلقته؛ قال المرار:
جَرِبْنَ فلا يُهْنَأْنَ إلاَّ بِغَلْقَةٍ
عَطِينٍ، وأَبوالِ النِّساءِ القَواعِدِ
وأورد الأزهري هذا البيت ونسبه لمزَزَّدّ. ابن السكيت: إهَابٌ مَغْلُوق
إذا جعلت فيه الغَلْقَة حين يُعْطَنُ، وهي شجرة تَعْطِنُ بها أهل الطائف،
وقال مرة: هي عشبة تجفَّف وتطحن ثم تُضْرَبُ بالماء وتنقع فيها الجلود
فتمرّط، وربما خلطت بها شجرة تسمى الشَّرْجَبان، يقال منه أَديم مَغْلوق.
وقال مرة: الغَلْقةُ، بالفتح، عن البكري وغيره، والغِلْقَةُ، بالكسر، عن
أَعرابي من ربيعة، كلاهما: شجرة تشبه العِظْلِمَ مُرَّة جدّاً ولا
يأْكلها شيء، والحبشة يطبخونها ثم يطلون بمائها السلاح فلا يصيب شيئاً إلا
قتله.وغَلاَّق: اسم رجل من بني تميم. وغَلاَّق: قبيلة أَو حيّ؛ أنشد ابن
الأَعرابي:
إذا تَجَلَّيْتَ غَلاَّقاً لِتَعْرِقَها،
لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْناقها الكُتبُ
إنِّي وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ لِيَقْرِيَني،
كغابط الكلب يَبْغي النِّقْيَ في الذَّنَبِ
ويروى: يبغي الطِّرْقَ، ويروى: يرجو الطِّرْق.
لخص: التَّلْخِيصُ: التبيين والشرح، يقال: لَخّصْت الشيء ولَحّصْته،
بالخاء والحاء، إِذا استقصيت في بيانه وشرحه وتَحْبِيره، يقال: لَخِّصْ لي
خبرك أَي بيِّنْه لي شيئاً بعد شيء. وفي حديث عليّ، رضوان اللّه عليه:
أَنه قعد لِتَلْخِيص ما الْتَبَس على غيره؛ والتَّلْخِيصُ: التقريب
والاختصار، يقال: لَخّصْت القول أَي اقتصرت فيه واختصرت منه ما يُحْتَاج
إِليه.واللَّخَصةُ: شَحْمة العين من أَعلى وأَسفل. وعين لَخْصاءُ إِذ كثر
شحمها. واللَّخَصُ: غِلَظُ الأَجفان وكثرةُ لحمها خلقة، وقال ثعلب: هو سُقوطُ
باطن الحِجاج على جفن العين، والفعل من كل ذلك لَخِصَ لَخَصاً فهو
أَلْخَصُ. وقال الليث: اللَّخَصُ أَن يكون الجفنُ الأَعْلى لَحِيماً، والنعت
اللَّخِصُ. وضرْعٌ لَخِصٌ، بكسر الخاء، بَيِّنُ اللَّخَصِ أَي كثيرُ اللحم
لا يكاد اللبن يخرج منه إِلا بشدة. واللَّخصتانِ من الفرس: الشحْمتان
اللتان في جوف وَقْبَي عينيه، وقيل: الشحمة التي في جوف الهَزْمةِ التي فوق
عينه، والجمع لِخَاصٌ.
ولَخَصَ البعيرَ يَلْخَصُه لَخْصاً: شقَّ جفْنَه لينظر هل به شَحْمٌ أَم
لا، ولا يكون إِلا منحوراً، ولا يقال اللَّخْصُ إِلا في المنحور، وذلك
المكان لَخَصةُ العينِ فمثل قَصَبةٍ، وقد أُلْخِصَ البعيرُ إِذا فُعِل به
هذا فظهر نِقْيُه. ابن السكيت: قال رجل من العرب لقومه في سَنَةٍ
أَصابتهم: انظروا ما لَخِصَ من إِبلي فانحَرُوه وما لم يَلْخَصْ فارْكَبُوه أَي
ما كان له شحم في عينيه. ويقال: آخرُ ما يبقى من النِّقْي في السُّلامَى
والعينِ، وأَوّل ما يَبْدو في اللسان والكرش.
نقذ: نَقَذَ نَقْذاً: نجا؛ وأَنْقَذَه هو وتنقَّذه واستنقذه.
والنَّقَذُ، بالتحريك، والنقيذ والنقيذة: ما استُنْقذ وهو فَعَل بمعنى مفعول مثل
نَفَضٍ وقَبَضٍ. الجوهري: أَنقَذَه من فلان واستنقذه منه وتَنَقَّذه بمعنى
أَي نجّاه وخلَّصه.
وفرس نَقَذٌ إِذا أُخِذَ من قوم آخرين. وخيل نقائذ: تُنُقِّذَتْ من
أَيدي الناس أَو العدوّ، واحدها نَقِيذٌ، بغير هاء؛ عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وزُفَّتْ لِقَوْمٍ آخرينَ كَأَنَّها
نَقِيذٌ حَوَاها الرُّمحُ من تحتِ مُقْصِدِ
قال لُقَيْمُ بن أَوْسٍ الشَّيْباني:
أَو كان شُكرك أَن زعَمْت نفاسةً
نَقْذِيكَ أَمسِ، وليتني لم أَشْهَدِ
نَقْذِيك: من الإِنقاذ كما تقول ضَرْبِيكَ. قال الأَزهري: تقول
نَقَذْتُه وأَنقذته واستنقذته وتنقَّذته أَي خلصته ونجّيته. وواحد الخيل النقائذ:
نَقِيذ، بغير هاء. والنقائذ من الخيل: ما أَنقذته من العدوِّ وأَخذته
منهم، وقيل: واحدها نقيذة. قال الأَزهري: وقرأْت بخط شمر: النقيذة الدِّرْع
المُسْتَنْقَذة من عدوّ؛ قال يزيد بن الصعق:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ نَقِيذَةٍ
أُنُفٍ كلائِحَة المُضِلِّ جَرُور
أُنُف: لم يلبسها غيره. كلائحة المُضِلِّ: يعني السراب. وقال المفضل:
النقيذة الدرع لأَن صاحبها إِذا لبسها أَنقذته من السيوف. والأُنف الطويلة
جعلها تبرق كالسَّراب لحدَّتها.
ورجل نَقَذٌ: مُسْتَنْقَذ.
ومُنْقِذٌ: من أَسمائهم. ونَقَذَة: موضع.
محص: مَحَصَ الظبيُ في عَدْوِه يَمْحَصُ مَحْصاً: أَسْرَعَ وعَدا
عَدْواً شديداً؛ قال أَبو ذؤيب:
وعاديّة تُلْقي الثِّيابَ كَأَنَّها
تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصُها وانتِبارُها
وكذلك امْتَحَصَ؛ قال:
وهُنَّ يَمْحَصْن امْتِحاصَ الأَظْبِ
جاء بالمصدر على غير الفعل لأَن مَحَصَ وامْتَحَصَ واحد. ومَحَصَ في
الأَرض مَحْصاً: ذهب. ومحَصَ بها مَحْصاً: ضَرطَ. والمَحْصُ: شدة الخلق.
والمَمْحُوصُ والمَحْص والمَحِيصُ والمُمَحَّصُ: الشديدُ الخلق، وقيل: هو
الشديد من الإِبل. وفرس مَحْصٌ بيَّن المَحْصِ: قليلُ لحمِ القوائم؛ قال
الشماخ يصف حمارَ وحش:
مَحْصُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، خاظِي المَطا،
سَحْلٌ يُرَجِّع خَلفَها التَّنْهاقا
ويستحب من الفرس أَن تُمْحَصَ قوائمُه أَي تخلُصَ من الرَّهَل، يقال
منه: فرس مَمْحُوصُ القوائمِ إِذا خَلَصَ من الرَّهَل. وقال أَبو عبيدة: في
صفات الخيل المُمَحَّصُ والمَحْصُ، فأَما المُمَحَّصُ فالشديد الخلق،
والأُنثى مُمَحَّصةٌ؛ وأَنشد:
ممَحَّصُ الخَلْق وَأًى فُرافِصَهْ
كلٌّ شَدِيدٌ أَسْرهُ مُصامِصَهْ
قال: والمُمَحَّصُ والفُرافِصةُ سواءٌ. قال: والمَحْصُ بمنزلة
المَمَحَّصِ، والجمع مِحاصٌ ومِحاصاتٌ؛ وأَنشد:
مَحْص الشَّوى مَعْصوبة قَوائِمُه
قال: ومعنى مَحْص الشَّوى قليل اللحم إِذا قلت مَحَص كذا
(* قوله «إِذا
قلت محص كذا» هو كذلك في الأصل.) ؛ وأَنشد:
مَحْصُ المُعَذَّرِ أَسْرَفت حَجَباتُه،
يَنْضُو السوابِقَ زاهِقٌ قَرِدُ
وقال غيره: المَمْحُوص السنانِ المجْلوُّ؛ وقال أُسامة الهذلي:
أَشْفَوْا بمَمْحوصِ القِطاعِ فُؤادَه
والقِطاعُ: النِّصالُ، يصف عَيْراً رُمِي بالنِّصال حتى رق فؤادُه من
الفزع.
وحبل مَحِصٌ ومَحِيصٌ: أَمْلَس أَجْرَدُ ليس له زِئْبِرٌ. ومَحِصَ
الحبلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إِذا ذهب وبرُه حتى يَمّلِص. وحبل مَحِصٌ ومَلِصٌ
بمعنى واحد. ويقال للزمام الجيِّد الفَتْل: مَحِصٌ ومَحْصٌ في الشِّعْر؛
وأَنشد:
ومَحْص كساق السَّوْذَقانِيّ نازَعَتْ
بِكَفِّيَ جَشَّاء البُغامِ خَفُوق
(* قوله «ومحص كساق السوذقاني البيت» هو هكذا في الأَصل.)
أَراد مَحِص فخفّفه وهو الزمام الشديد الفتل. قال: والخفوق التي يَخْفِق
مِشْفراها إِذا عَدَت. والمَحِيصُ: الشديد الفَتْل؛ قال امرؤ القيس يصف
حماراً:
وأَصْدَرَها بادِي النَّواجِذ قارِحٌ،
أَقَبُّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِيصُ
وأَورد ابن بري هذا البيت مستشهداً به على المَحِيص المفتول الجسم.
أَبو منصور: مَحّصْت العَقَبَ من الشحم إِذا نَقَّيْتَه منه لتَفْتلَه
وَتَراً. ومَحَصَ به الأَرضَ مَحْصاً: ضَرَبَ. والمَحْصُ: خُلُوصُ الشيء.
ومَحَصَ الشيءَ يَمْحَصُه مَحْصاً ومَحَّصَه: خَلَّصَه، زاد الأَزهري: من
كل عيب؛ وقال رؤبة يصف فرساً:
شدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحوصُ الشَّوى
كالكَرِّ، لا شَخْتٌ ولا فيه لَوى
أَراد باللَّوى العِوَجَ. وفي التنزيل: وليُمَحِّصَ ما في قُلوبِكم،
وفيه: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا؛ أَي يُخَلِّصهم، وقال الفراء: يعني
يُمحِّص الذنوبَ عن الذين آمنوا، قال الأَزهري: لم يزد الفراء على هذا،
وقال أَبو إِسحق: جعل اللّه الأَيامَ دُوَلاً بين الناس لِيُمَحِّصَ
المؤمنين بما يقع عليهم من قَتْلٍ أَو أَلَمٍ أَو ذهاب مال، قال: ويَمْحَق
الكافرين؛ أَي يَسْتأْصِلُهم. والمَحْصُ في اللغة: الــتَّخْليصُ والتنقية. وفي
حديث الكسوف: فَرَغَ من الصلاة وقد أَمْحَصَت الشمسُ أَي ظهرت من الكسوف
وانجلَت، ويروى: امّحصَت، على المطاوعة وهو قليل في الرباعي، وأَصل
المَحْص الــتخليصُ. ومَحَصْت الذهَبَ بالنار إِذا خَلَّصْته مما يَشُوبه. وفي
حديث عليّ: وذَكَرَ فتْنةً فقال: يُمْحَصُ الناسُ فيها كما يُمْحَصُ ذهبُ
المعدن أَي يُخَلَّصون بعضُهم من بعض كما يُخَلَّص ذهبُ المعدن من
التراب، وقيل: يُخْتَبرُون كما يُخْتَبر الذهب لتُعْرَفَ جَوْدته من رَداءتِه.
والمُمَحَّصُ: الذي مُحِّصَت عنه ذنوبُه؛ عن كراع، قال ابن سيده: ولا
أَدري كيف ذلك إِنما المَمَحَّصُ الذَّنْبُ. وتمحِيصُ الذنوب: تطهيرُها
أَيضاً. وتأْويل قول الناس مَحِّصْ عنا ذنوبَنا أَي أَذْهِب ما تعلق بنا من
الذنوب. قال فمعنى قوله: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يخَلِّصهم من
الذنوب. وقال ابن عرفة: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يَبْتَليهم،
قال: ومعنى التَّمْحِيص النَّقْص. يقال: مَحَّصَ اللّه عنك ذنوبَك أَي
نقصها فسمى اللّه ما أَصابَ المسلمين من بَلاءٍ تَمْحِيصاً لأَنه يَنْقُص
به ذنوبَهم، وسَمّاه اللّه من الكافرين محْقاً.
والأَمْحَصُ: الذي يقْبَل اعتذارَ الصادق والكاذب.
ومُحِصَت عن الرجل يدُه أَو غيرُها إِذا كان بها ورَمٌ فأَخَذ في
النقصان والذهاب؛ قال ابن سيده: هذه عن أَبي زيد وإِنما المعروف من هذا حَمَصَ
الجرْحُ.
والتَّمْحِيص: الاختبار والابتلاء؛ وأَنشد ابن بري:
رأَيت فُضَيْلاً كان شيئاً مُلَفَّقاً،
فكشَّفَه التَّمْحِيصُ حتى بَدا لِيَا
ومَحَص اللّهُ ما بِك ومَحَّصَه: أَذْهَبَه. الجوهري: مَحَصَ المذبوحُ
برِجْلِه مثل دَحَص.
رهن: الرَّهْنُ: معروف. قال ابن سيده: الرَّهْنُ ما وضع عند الإنسان مما
ينوب مناب ما أُخذ منه. يقال: رَهَنْتُ فلاناً داراً رَهْناً وارْتَهنه
إذا أَخذه رَهْناً، والجمع رُهون ورِهان ورُهُنٌ، بضم الهاء؛ قال: وليس
رُهُن جمعَ رِهان لأَن رِهاناً جمع، وليس كل جمع يجمع إلا أَن ينص عليه
بعد أَن لا يحتمل غيرذلك كأَكْلُب وأَكالِب وأَيْدٍ وأَيادٍ وأَسْقِية
وأَساقٍ، وحكى ابن جني في جمعه رَهين كعَبْدٍ وعَبيدٍ، قال الأَخفش في جمعه
على رُهُنٍ قال: وهي قبيحة لأَنه لا يجمع فَعْل على فُعُل إلا قليلاً
شاذّاً، قال: وذكر أَنهم يقولون سَقْفٌ وسُقُفٌ، قال: وقد يكون رُهُنٌ جمعاً
للرهان كأَنه يجمع رَهْن على رِهان، ثم يجمع رِهان على رُهُن مثل فِراشٍ
وفُرُش. والرَّهينة: واحدة الرَّهائن. وفي الحديث: كل غلام رَهينة
بعقيقته؛ الرَّهينة: الرَّهْنُ، والهاء للمبالغة كالشَّتيمة والشَّتْم، ثم
استعملا في معنى المَرْهون فقيل: هو رَهْن بكذا ورَهِينة بكذا، ومعنى قوله
رهينة بعقيقته أَن العقيقة لازمة له لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم
انفكاكه منها بالرَّهْن في يد المُرْتَهِن. قال الخطابي: تكلم الناس في
هذا وأَجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أَحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة،
يريد أَنه إذا لم يُعَقَّ عنه فمات طفلاً
لم يَشْفَعْ في والديه، وقيل: معناه أَنه مرهون بأَذى شَعْره، واستدلوا
بقوله: فأَمِيطُوا عنه الأَذى، وهو ما عَلِقَ به من دم الرحم. ورَهَنَه
الشيءَ يَرْهَنَه رَهْناً ورَهَنَه عنده، كلاهما: جعله عنده رَهْناً. قال
الأَصمعي: ولا يقال أَرْهَنتُه. ورَهَنَه عنه: جعله رَهْناً بدلاً منه؛
قال:
ارْهَنْ بنيك عنهمُ أَرْهَنْ بَني
أَراد أَرْهَن أَنا بني كما فعلت أَنت، وزعم ابن جني أَن هذا الشعر
جاهليّ. وأَرْهَنته الشيء: لغة؛ قال هَمَّام بن مرة، وهو في الصحاح لعبد الله
بن همام السَّلُولي:
فلما خَشِيتُ أَظافيرَهُمْ،
نَجَوْتُ وأَرْهَنْتُهم مالكا
غَريباً مُقِيماً بدار الهَوا
نِ، أَهْونْ علَيَّ به هالِكا
وأَحْضَرتُ عُذْرِي عليه الشُّهُو
دَ، إنْ عاذراً لي، وإن تاركا
وقد شَهِدَ الناسُ، عند الإِما
مِ، أَني عَدُوٌّ لأَعْدَائكا
وأَنكر بعضهم أَرهنته، وروي هذا البيت: وأَرْهَنُهُم مالكا، كما تقول:
قمت وأَصُكُّ عينه؛ قال ثعلب: الرُّواة كلهم على أَرْهَنْتُهم، على أَنه
يجوز رَهَنْتُه وأَرْهَنْته، إلاَّ الأَصمعي فإنه رواه وأَرْهَنُهم مالكا
على أَنه عطف بفعل مستقبل على فعل ماض، وشبهه بقولهم قمتُ وأَصُكُّ
وجهَه، وهو مذهب حسن لأَن الواو واو حال، فيجعل أَصُك حالاً للفعل الأَول على
معنى قمت صاكّاً وجهه أَي تركته مقيماً عندهم، ليس من طرق الرَّهْنِ،
لأَنه لا يقال أَرْهَنْتُ الشيء، وإنما يقال رَهَنْتُه، قال: ومن روى
وأَرهنتهم مالكاً فقد أَخطأَ؛ قال ابن بري: وشاهد رَهَنْته الشيءَ بيت أُحَيْحة
بن الجُلاح:
يُراهِنُني فيَرْهَنُني بنيه،
وأَرْهَنُه بَنِيَّ بما أَقُولُ.
ومثله للأَعشى:
آلَيْتُ لا أُعطيه من أَبنائنا
رُهُناً فيُفْسِدُهم كمن قد أَفْسَدا
حتى يُفِيدَك من بنيه رَهِينةً
نَعْشٌ، ويَرْهَنك السِّماك الفَرْقدا.
وفي هذا البيت شاهد على جمع رَهْنٍ على رُهُنٍ. وأَرْهَنْتُه الثوبَ:
دفعته إليه ليَرْهَنه. قال ابن الأَعرابي: رَهَنْتُه لساني لا غير، وأَما
الثوب فرَهَنْتُه وأَرْهَنْتُه معروفتان. وكل شيء يُحْتَبَس به شيء فهو
رَهِينه ومُرْتَهَنه. وارْتَهَن منه رَهْناً: أَخذه. والرِّهانُ
والمُراهَنة: المُخاطرة، وقد راهَنه وهم يَتَراهنُون، وأَرْهَنُوا بينهم خَطَراً:
بَدَلُوا منه ما يَرْضى به القوم بالغاً ما بلغ، فيكون لهم سَبَقاً.
وراهَنْتُ فلاناً على كذا مُراهنة: خاطرته. التهذيب: وأَرْهَنْتُ ولَدي
إرهاناً أَخطرتهم خَطَراً. وفي التنزيل العزيز: فرِهانٌ مقبوضة؛ قرأَ نافع
وعاصم وأَبو جعفر وشَيْبةُ: فرِهان مقبوضة، وقرأَ أَبو عمرو وابن كثير:
فرُهُنٌ مقبوضة، وكان أَبو عمرو يقول: الرِّهانُ في الخيل؛ قال قَعْنَب:
بانت سُعادُ، وأَمْسَى دُونها عَدَنُ،
وغَلِقَتْ عندَها من قَبْلِكَ الرُّهُنُ. وقال الفراء: من قرأَ فَرُهُن
فهي جمع رِهانٍ مثل ثُمُرٍ جمع ثِمارٍ، والرُّهُنُ في الرَّهْنِ أَكثر،
والرِّهانُ في الخيل أَكثر، وقيل في قوله تعالى: فرِهانٌ مقبوضة؛ قال ابن
عرفة: الرَّهْنُ في كلام العرب هو الشيء الملزم. يقال: هذا راهِنُ لك أَي
دائم محبوس عليك. وقوله تعالى: كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهِينَة وكل
امرئٍ بما كَسَبَ رَهِين؛ أَي مُحْتَبَس بعمله، ورَهِينة محبوسة بكسبها.
وقال الفراء: الرَّهْن يجمع رِهاناً مثل نَعْلٍ ونِعال؛ ثم الرِّهانُ يجمع
رُهُناً. وكل شيء ثبت ودام فقد رَهَنَ. والمُراهَنَةُ والرهانُ:
المسابقة على الخيل وغير ذلك. وأَنا لك رَهْنٌ بالرِّيّ وغيره أَي كَفيل؛ قال:
إني ودَلْوَيَّ لها وصاحبِي،
وحَوْضَها الأَفْيَحَ ذا النصائبِ،
رَهْنٌ لها بالرِّيّ غير الكاذِبِ
وأَنشد الأَزهري:
إن كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضا.
أَي أَنا كفيل لك. ويدي لك رَهْنٌ: يريدون به الكفالة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
والمَرْءُ مَرْهُونٌ، فمن لا يُخْتَرَمْ
بعاجِلِ الحَتْفِ، يُعاجَلْ بالهَرَمْ
قال: أَرْهَنَ أَدامَ لهم. أَرْهَنْتُ لهم طعامي وأَرْهَيْته أَي أَدمته
لهم. وأَرْهَى لك الأَمر أَي أَمْكنك، وكذلك أَوْهَب. قال: والمَهْوُ
والرَّهْوُ والرخَفُ واحد، وهو اللِّينُ. وقد رَهَنَ في البيع والقرض، بغير
أَلف، وأَرْهَنَ بالسلْعة وفيها: غالَى بها وبذل فيها ماله حتى أَدركها؛
قال: وهو من الغلاء خاصة: قال:
يَطْوي ابنُ سَلْمَى بها من راكبٍ بُعُداً
عِيديَّةً أُرْهِنَتْ فيه الدَّنانيرُ
(* قوله «من راكب» كذا في الأصل، والذي في المحكم: في راكب، وفي
التهذيب: عن).
ويروى صدر البيت:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجيةٌ.
والعِيديّة: إبل منسوبة إلى العيد، والعيدُ: قبيلة من مَهْرة، وإِبلُ
مَهْرة موصوفة بالنجابة؛ وأَورد الأَزهري هذا البيت مستشهداً على قوله
أَرْهَنَ في كذا وكذا يُرْهِنُ إِرْهاناً إذا أَسلف فيه. ويقال: أَرْهَنت في
السلعة بمعنى أَسلفت. والمُرْتَهِنُ: الذي يأْخذ الرَّهْنَ، والشيءِ
مَرْهُونٌ ورهِين، والأُنثى رَهِينة. والراهِنُ: الثابت. وأَرْهَنه للموت:
أَسلمه؛ عن ابن الأَعرابي. وأَرْهَنَ الميتَ قبراً: ضَمَّنه إياه، وإنه
لرَهِينُ قبرٍ وبِلىً، والأُنثى رَهِينة. وكل أَمر يُحْتبس به شيء فهو
رَهِينة ومُرْتَهَنه، كما أَن الإنسان رَهِينُ عمله. ورَهَنَ لك الشيءُ: أَقام
ودام. وطعام راهِنٌ: مقيم؛ قال:
الخُبْزُ واللَّحْمُ لهم راهِنٌ،
وقَهْوَةٌ راوُوقُها ساكِبُ.
وأَرْهَنه لهم ورَهَنه: أَدامه، والأَول أَعلى. التهذيب: أَرْهَنْتُ لهم
الطعام والشرابَ إرهاناً أَي أَدمته. وهو طعام راهِنٌ أَي دائم؛ قاله
أَبو عمرو؛ وأَنشد للأََعشى يصف قوماً يشربون خمراً لا تنقطع:
لا يَسْتَفِيقُونَ منها، وهي راهِنَةٌ،
إلاّ بهاتِ، وإن عَلُّوا وإن نَهِلُوا.
ورَهَنَ الشيءُ رَهْناً: دام وثبت. وراهِنةٌ في البيت: دائمة ثابتة.
وأَرْهَنَ له الشرَّ: أَدامه وأَثبته له حتى كف عنه. وأَرْهَنَ لهم ماله:
أَدامه لهم. وهذا راهنٌ لك أَي مُعَدٌّ. والراهِنُ: المهزول المُعْيي من
الناس والإِبل وجميع الدواب، رَهَنَ يَرْهَنُ رُهُوناً؛ وأَنشد الأُمَوِيّ:
إما تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ
هَزْلاً، وما مَجْدُ الرِّجالِ في السِّمَنْ.
ابن شميل: الرَّاهِنُ الأَعْجَفُ من ركوب أَو مرض أَو حَدَث؛ يقال: ركب
حتى رَهَنَ. الأَزهري: رأَيت بخط أَبي بكر الإيادي: جارية أُرْهُونٌ أَي
حائض؛ قال: ولم أَره لغيره. والرَّاهنة من الفرس: السُّرَّة وما حولها.
والرَّاهُونُ: اسم جبل بالهند، وهو الذي هبط عليه آدم، عليه السلام.
ورُهْنانُ: موضع. ورُهَيْنٌ والرَّهِينُ: اسمان؛ قال أَبو ذؤيب:
عَرَفْتُ الدِّيارَ لأُمِّ الرَّهِيـ
ـنِ بَيْنَ الظُّباءِ فَوادِي عُشَرْ.
فدي: فَدَيْتُه فِدًى وفِداء وافْتَدَيْتُه؛ قال الشاعر:
فلَوْ كانَ مَيْتٌ يُفْتَدَى، لَفَدَيْتُه
بما لم تَكُنْ عَنْهُ النُّفُوسُ تَطِيبُ
وإِنه لَحَسَنُ الفِدْيةِ. والمُفاداةُ: أَن تدفع رجلاً وتأْخذ رجلاً.
والفِداء: أَن تَشتريه، فَدَيْته بمالي فِداء وفَدَيْتُه بِنَفْسي. وفي
التنزيل العزيز: وإن يأْتُوكم أُسارى تَفْدُوهم؛ قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو
وابن عامر أُسارى بأَلف، تَفْدُوهم بغير أَلف، وقرأَ نافع وعاصم والكسائي
ويعقوب الحضرمي أُسارى تُفادُوهم، بأَلف فيهما، وقرأَ حمزة أَسْرى
تَفْدُوهم، بغير أَلف فيهما؛ قال أَبو معاذ: من قرأَ تَفدوهم فمعناه تَشتَرُوهم
من العَدُوِّ وتُنْقِذوهم، وأَما تُفادُوهم فيكون معناه تُماكِسُون مَن
هم في أَيديهم في الثمن ويُماكِسُونكم. قال ابن بري: قال الوزير ابن المعري
فَدَى إِذا أَعطى مالاً وأَخذ رجلاً، وأَفدى إِذا أَعطى رجلاً وأَخذ
مالاً، وفادى إِذا أَعطى رجلاً وأَخذ رجلاً، وقد تكرر في الحديث ذكر الفِداء؛
الفِداء، بالكسر والمد والفتح مع القصر: فَكاكُ الأَسير؛ يقال: فَداه
يَفْدِيه فِداءً وفَدًى وفاداهُ يُفاديه مُفاداة إِذا أَعطى فِداءه
وأَنقذه. فَداه بنفسه وفدَّاه إِذا قاله له: جُعلت فَداك. والفِدْيةُ: الفِداء.
وروى الأَزهري عن نُصَير قال: يقال فادَيت الأَسِير وفادَيت
الأُسارى،قال: هكذا تقوله العرب، ويقولون: فَدَيْتُه بأَبي وأُمي وفَدَيتُه بمالي
كأَنه اشتريته وخَلَّصتُه به إِذا لم يكن أَسيراً، وإِذا كان أَسيراً
مملوكاً قلت فادَيْته، وكان أَخي أَسيراً ففادَيته؛ كذا تقوله العرب؛ وقال
نُصَيب:
ولَكِنَّني فادَيْتُ أُمِّي، بَعْدَما
عَلا الرأْسَ منها كَبْرةٌ ومَشِيبُ
قال: وإِذا قلت فَدَيت الأَسير فهو أَيضاً جائز بمعنى فديته مما كان فيه
أَي خلصته منه، وفاديت أَحسن في هذا المعنى. وقوله عز وجل: وفَدَيناه
بذِبْح عظِيم أَي جعلنا الذِّبح فِداء له وخَلَّصناه به من الذَّبح.الجوهري:
الفِداء إِذا كسر أَوله يمدّ ويقصر، وإِذا فتح فهو مقصور؛ قال ابن بري:
شاهد القصر قول الشاعر:
فِدًى لك عَمِّي، إِنْ زَلِجْتَ، وخالي
يقال: قُمْ: فِدًى لك أَبي، ومن العرب من يكسر فِداءٍ، بالتنوين، إِذا
جاور لام الجر خاصة فيقول فِداءٍ لك لأَنه نكرة، يريدون به معنى الدعاءِ؛
وأَنشد الأَصمعي للنابغة:
مَهْلاً فداءٍ لك الأَقْوامُ كُلُّهُمُ،
وما أُثَمِّرُ من مال ومن وَلَدِ
ويقال: فَداه وفاداه إِذا أَعطى فِداءَه فأَنْقَذه، وفَداه بنفسه
وفَدّاهُ يُفَدِّيه إِذا قال له جُعِلت فَداك. وتَفادَوا أَي فَدى بعضهم
بعْضاً. وافْتَدَى منه بكذا وتَفادى فلان من كذا إِذا تَحاماه وانزَوى عنه؛
وقال ذو الرمة:
مُرِمّين مِنْ لَيْثٍ عَليْه مَهابةٌ،
تَفادى اللُّيُوثُ الغُلْبُ منه تَفادِيا
(* قوله« مرمين» هو من أرمّ القوم أَي سكتوا.)
والفِدْية والفَدَى والفِداءُ كله بمعنى. قال الفراء: العرب تَقْصُرُ
الفِداء وتمده، يقال: هذا فِداؤك وفداك، وربما فتحوا الفاء إِذا قصروا
فقالوا فَداك،وقال في موضع آخر: من العرب من يقول فَدًى لك، فيفتح الفاء،
وأَكثر الكلام كسر أَولها ومدّها؛ وقال النابغة وعَنَى بالرَّبِّ النعمان بن
المنذر:
فَدًى لَكَ مِنْ رَبٍّ طَريفِي وتالِدِي
قال ابن الأَنباري: فِداء إِذا كُسرت فاؤُه مُدَّ، وإِذا فُتِحَت قصر؛
قال الشاعر:
مَهْلاً فِداءً لك يا فَضالَهْ،
أَجِرَّه الرُّمْحَ ولا تُهالَهْ
وأَنشد الأَصمعي:
فِدًى لك والِدِي وفَدَتْكَ نَفْسِي
ومالي، إِنه مِنكُم أَتاني
فكسر وقصر؛ قال ابن الأَثير: وقول الشاعر:
فاغْفِرْ فِداءً لك ما اقْتَفَيْنا
قال: إِطلاق هذا اللفظ مع الله تعالى محمول على المجاز والاستعارة،
لأَنه إِنما يُفْدَى من المَكارِه مَن تلحقه، فيكون المراد بالفداء التعظيم
والإِكبار لأَن الإِنسان لا يُفَدِّي إِلا من يعظمه فَيَبْذُل نفسه له،
ويروى فداءٌ، بالرفع على الابتداء، والنصب على المصدر؛ وقول الشاعر أَنشده
ابن الأَعرابي:
يَلْقَمُ لَقْماً ويُفَدِّي زادَه،
يَرْمِي بأَمْثال القَطا فُؤادَه
قال: يبقي زاده ويأْكل من مال غيره؛ قال ومثله:
جَدْح جُوَيْنٍ مِنْ سَوِيقٍ ليس لَه
وقوله تعالى: فمن كان منكم مَريضاً أَو به أَذًى من رأْسه ففِدْية مِن
صيام أَو صدَقة أَو نُسك؛ إِنما أَراد فمن كان منكم مريضاً أَو به أَذًى
من رأْسه فحلَق فعليه فدية، فحذف الجملة من الفعل والفاعل والمفعول
للدلالة عليه. وأَفْداه الأَسيرَ: قَبِلَ منه فِدْيَته؛ ومنه قوله، صلى الله
عليه وسلم، لقريش حين أُسِرَ عثمان بن عبدالله ،الحَكَم بن كَيْسان: لا
نُفْدِيكموهما حتى يَقْدَمَ صاحبانا، يعني سعْد بن أَبي وقَّاص وعُتْبةَ بن
غَزْوان.
والفَداء، ممدود بالفتح: الأَنبار، وهو جماعة الطعام من الشعير والتمر
والبُر ونحوه. والفَداء: الكُدْس من البُر، وقيل: هو مَسْطَحُ التمر بلغة
عبد القيس؛ وأَنشد يصف قرية بقلَّة الميرة:
كأَنَّ فَداءها، إِذ جَرَّدُوه
وطافُوا حَوْلَه، سُلَكٌ يَتِيمُ
(* قوله«فداءها» هو بالفتح، وأَما ضبطه في حرد بالكسر فخطأ.)
شبه طعام هذه القرية حين جُمع بعد الحَصاد بسُلَك قد ماتت أُمه فهو
يتيم، يريد أَنه قليل حقير، ويروى سُلَفٌ يتيم، والسُّلَفُ: ولد الحَجل، وقال
ابن خالويه في جمعه الأَفْداء، وقال في تفسيره: التمر المجموع. قال شمر:
الفَداء والجُوخانُ واحد، وهو موضع التمر الذي يُيَبَّس فيه، قال: وقال
بعض بني مُجاشِع الفَداء التمر ما لم يُكْنَز؛ وأَنشد:
مَنَحْتَني، مِنْ أَخْبَثِ الفَداءِ،
عُجْرَ النَّوَى قَليلَةَ اللِّحاءِ
ابن الأَعرابي: أَفْدَى الرجلُ إِذا باعَ، وأَفْدَى إِذا عظُم بدنُه.
وفَداء كل شيء حَجْمه، وأَلفه ياء لوجود ف د ي وعدم ف د و. الأَزهري: قال
أَبو زيد في كتاب الهاء والفاء إِذا تعاقبا: يقال للرجل إِذا حدَّث بحديث
فعدَل عنه قبل أَن يَفْرُغ إِلى غيره خُذ على هِدْيَتِك أَي خُذ فيما كنت
فيه ولا تَعْدِل عنه؛ هكذا رواه أَبو بكر عن شمر وقيده في كتابه بالقاف،
وقِدْيَتُك، بالقاف، هو الصواب.
خير: الخَيْرُ: ضد الشر، وجمعه خُيور؛ قال النمر ابن تولب:
ولاقَيْتُ الخُيُورَ، وأَخْطَأَتْني
خُطوبٌ جَمَّةٌ، وعَلَوْتُ قِرْني
تقول منه: خِرْتَ يا رجل، فأَنتَ خائِرٌ، وخارَ اللهُ لك؛ قال الشاعر:
فما كِنانَةُ في خَيْرٍ بِخَائِرَةٍ،
ولا كِنانَةُ في شَرٍّ بَِأَشْرارِ
وهو خَيْرٌ منك وأَخْيَرُ. وقوله عز وجل: تَجِدُوه عند اللهِ هو
خَيْراً؛ أَي تجدوه خيراً لكم من متاع الدنيا. وفلانة الخَيْرَةُ من المرأَتين،
وهي الخَيْرَةُ والخِيَرَةُ والخُوْرَى والخِيرى.
وخارَهُ على صاحبه خَيْراً وخِيَرَةً وخَيَّرَهُ: فَضَّله؛ ورجل خَيْرٌ
وخَيِّرٌ، مشدد ومخفف، وامرأَة خَيْرَةٌ وخَيِّرَةٌ، والجمع أَخْيارٌ
وخِيَارٌ. وقال تعالى: أُولئك لهم الخَيْراتُ؛ جمع خَيْرَةٍ، وهي الفاضلة من
كل شيء. وقال الله تعالى: فيهن خَيْرَاتٌ حِسَان؛ قال الأَخفش: إِنه لما
وصف به؛ وقيل: فلان خَيْرٌ، أَشبه الصفات فأَدخلوا فيه الهاء للمؤنث ولم
يريدوا به أَفعل؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من بني عَدِيّ تَيْمِ تَمِيمٍ
جاهليّ:
ولقد طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلاَتِ،
رَبَلاَتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ
فإِن أَردت معنى التفضيل قلت: فلانة خَيْرُ الناسِ ولم تقل خَيْرَةُ،
وفلانٌ خَيْرُ الناس ولم تقل أَخْيَرُ، لا يثنى ولا يجمع لأَنه في معنى
أَفعل. وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: فيهنّ خَيرات حِسان؛ قال: المعنى
أَنهن خيرات الأَخلاق حسان الخَلْقِ، قال: وقرئ بتشديد الياء. قال الليث:
رجل خَيِّر وامرأَة خَيِّرَةٌ فاضلة في صلاحها، وامرأَة خَيْرَةٌ في جمالها
ومِيسَمِها، ففرق بين الخَيِّرة والخَيْرَةِ واحتج بالآية؛ قال أَبو
منصور: ولا فرق بين الخَيِّرَة والخَيْرَة عند أَهل اللغة، وقال: يقال هي
خَيْرَة النساء وشَرَّةُ النساء؛ واستشهد بما أَنشده أَبو عبيدة:
ربلات هند خيرة الربلات
وقال خالد بن جَنَبَةَ: الخَيْرَةُ من النساء الكريمة النَّسَبِ الشريفة
الحَسَبِ الحَسَنَةُ الوجه الحَسَنَةُ الخُلُقِ الكثيرة المال التي إِذا
وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ وقوله في الحديث: خَيْرُ الناس خَيْرُهم لنفسه؛
معناه إِذا جامَلَ الناسَ جاملوه وإِذا أَحسن إِليهم كافأُوه بمثله. وفي
حديث آخر: خَيْرُكم خَيْرُكم لأَهله؛ هو إِشارة إِلى صلة الرحم والحث عليها.
ابن سيده: وقد يكون الخِيارُ للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث.
والخِيارُ: الاسم من الاخْتَِيارِ. وخايَرَهُ فَخَارَهُ خَيْراً: كان
خَيْراً منه، وما أَخْيَرَه وما خَيْرَه؛ الأَخيرة نادرة. ويقال: ما
أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه، وهذا خَيْرٌ منه وأَخْيَرُ منه. ابن
بُزُرج: قالوا هم الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ من الشَّرَارَة والخَيَارَةِ، وهو
أَخْير منك وأَشر منك في الخَيَارَة والشَّرَارَة، بإِثبات الأَلف.
وقالوا في الخَيْر والشَّرِّ: هو خَيْرٌ منك وشَرٌّ منك، وشُرَيْرٌ منك
وخُيَيْرٌ منك، وهو شُرَيْرُ أَهلهِ وخُيَيْرُ أَهله. وخارَ خَيْراً: صار ذا
خَيْر؛ وإِنَّكَ ما وخَيْراً أَي إِنك مع خير؛ معناه: ستصيب خيراً، وهو
مَثَلٌ. وقوله عز وجل: فكاتبوهم إِن علمتم فيهم خيراً؛ معناه إِن علمتم
أَنهم يكسبون ما يؤدونه. وقوله تعالى: إِن ترك خيراً؛ أَي مالاً. وقالوا:
لَعَمْرُ أَبيك الخيرِ أَي الأَفضل أَو ذي الخَيْرِ. وروى ابن الأَعرابي:
لعمر أَبيك الخيرُ برفع الخير على الصفة للعَمْرِ، قال: والوجه الجر،
وكذلك جاء في الشَّرِّ. وخار الشيءَ واختاره: انتقاه؛ قال أَبو زبيد
الطائي:إِنَّ الكِرامَ، على ما كانَ منْ خُلُقٍ،
رَهْطُ امْرِئ، خارَه للدِّينِ مُخْتارُ
وقال: خاره مختار لأَن خار في قوّة اختار؛ وقال الفرزدق:
ومِنَّا الذي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَماحَةً
وجُوداً، إِذا هَبَّ الرياحُ الزَّعازِعُ
أَراد: من الرجال لأَن اختار مما يتعدى إِلى مفعولين بحذف حرف الجر،
تقول: اخترته من الرجال واخترته الرجالَ. وفي التنزيل العزيز: واختار موسى
قومَه سبعين رجلاً لميقاتنا؛ وليس هذا بمطرد. قال الفراء: التفسير أَنَّه
اختار منهم سبعين رجلاً، وإِنما استجازوا وقوع الفعل عليهم إِذا طرحت من
لأَنه مأْخوذ من قولك هؤلاء خير القوم وخير من القوم، فلما جازت الإِضافة
مكان من ولم يتغير المعنى استجازوا أَن يقولوا: اخْتَرْتُكم رَجُلاً
واخترت منكم رجلاً؛ وأَنشد:
تَحْتَ التي اختار له اللهُ الشجرْ
يريد: اختار له الله من الشجر؛ وقال أَبو العباس: إِنما جاز هذا لأَن
الاختيار يدل على التبعيض ولذلك حذفت من. قال أَعرابي: قلت لِخَلَفٍ
الأَحْمَرِ: ما خَيْرَ اللَّبَنَ
(* قوله: «ما خير اللبن إلخ» أي بنصب الراء
والنون، فهو تعجب كما في القاموس). للمريض بمحضر من أَبي زيد، فقال له
خلف: ما أَحسنها من كلمة لو لم تُدَنِّسْها بإِسْماعِها للناس، وكان
ضَنِيناً، فرجع أَبو زيد إِلى أَصحابه فقال لهم: إِذا أَقبل خلف الأَحمر فقولوا
بأَجمعكم: ما خَيْرَ اللَّبَنَ للمريض؟ ففعلوا ذلك عند إِقباله فعلم أَنه
من فعل أَبي زيد. وفي الحديث: رأَيت الجنة والنار فلم أَر مثلَ الخَيْرِ
والشَّرِّ؛ قال شمر: معناه، والله أَعلم، لم أَر مثل الخير والشر، لا
يميز بينهما فيبالغ في طلب الجنة والهرب من النار. الأَصمعي: يقال في
مَثَلٍ للقادم من سفر: خَيْرَ ما رُدَّ في أَهل ومال قال: أَي جعلَ الله ما
جئت خَيْرَ ما رجع به الغائبُ. قال أَبو عبيد: ومن دعائهم في النكاح: على
يَدَي الخَيْرِ واليُمْنِ قال: وقد روينا هذا الكلام في حديث عن
عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ الليثي في حديث أَبي ذر أَن أَخاه أُنَيْساً نافَرَ رجلاً
عن صِرْمَةٍ له وعن مثلها فَخُيِّرَ أُنَيْسٌ فَأَخذ الصرمة؛ معنى
خُيِّرَ أَي نُفِّرَ؛ قال ابن الأَثير: أَي فُضِّل وغُلِّبَ. يقال: نافَرْتُه
فَنَفَرْتُه أَي غلبته، وخايَرْتُه فَخِرْتُه أَي غلبته، وفاخَرْتُه
فَفَخَرْتُه بمعنى واحد، وناجَبْتُه؛ قال الأَعشى:
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنافِرِ
وقوله عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُق ما يشاء ويَخْتارُ ما كان لهم
الخِيَرَةُ؛ قال الزجاج: المعنى ربك يخلق ما يشاء وربك يختار وليس لهم الخيرة وما
كانت لهم الخيرة أَي ليس لهم أَن يختاروا على الله؛ قال: ويجوز أَن
يكون ما في معنى الذي فيكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة، وهو ما
تَعَبَّدَهم به، أَي ويختار فيما يدعوهم إِليه من عبادته ما لهم فيه
الخِيَرَةُ. واخْتَرْتُ فلاناً على فلان: عُدِّيَ بعلى لأَنه في معنى
فَضَّلْتُ؛ وقول قَيْسِ بن ذريحٍ:
لَعَمْرِي لَمَنْ أَمْسَى وأَنتِ ضَجِيعُه،
من الناسِ، ما اخْتِيرَتْ عليه المَضاجِعُ
معناه: ما اختيرت على مَضْجَعِه المضاجعُ، وقيل: ما اختيرت دونه، وتصغير
مختار مُخَيِّر، حذفت منه التاء لأَنها زائدة، فأُبدلت من الياء لأَنها
أُبدلت منها في حال التكبير.
وخَيَّرْتُه بين الشيئين أَي فَوَّضْتُ إِليه الخِيارَ. وفي الحديث:
تَخَيَّرُوا لنُطَفِكُمْ، أَي اطلبوا ما هو خير المناكح وأَزكاها وأَبعد من
الخُبْثِ والفجور. وفي حديث عامر بن الطُّفَيْلِ: أَنه خَيَّر في ثلاث
أَي جَعَلَ له أَن يختار منها واحدة، قال: وهو بفتح الخاء. وفي حديث
بَرِيرة: أَنها خُيِّرَتْ في زوجها، بالضم. فأَما قوله: خَيَّرَ بين دور
الأَنصار فيريد فَضَّلَ بعضها على بعض.
وتَخَيَّر الشيءَ: اختاره، والاسم الخِيرَة والخِيَرَة كالعنبة،
والأَخيرة أَعرف، وهي الاسم من قولك: اختاره الله تعالى. وفي الحديث: محمدٌ، صلى
الله عليه وسلم، خِيَرَةُ الله من خلقه وخِيَرَةُ الله من خلقه؛
والخِيَرَة: الاسم من ذلك. ويقال: هذا وهذه وهؤلاء خِيرَتي، وهو ما يختاره عليه.
وقال الليث: الخِيرةُ، خفيفة، مصدر اخْتارَ خِيرة مثل ارْتابَ رِيبَةً،
قال: وكل مصدر يكون لأَفعل فاسم مصدره فَعَال مثل أَفاق يُفِيقُ
فَوَاقاً، وأَصابل يُصيب صَوَاباً، وأَجاب يُجيب جَواباً، أُقيم الاسم مكان
المصدر، وكذلك عَذَّبَ عَذاباً. قال أَبو منصور: وقرأَ القراء: أَن تكون لهم
الخِيَرَةُ، بفتح الياء، ومثله سَبْيٌ طِيَبَةٌ؛ قال الزجاج: الخِيَرَة
التخيير. وتقول: إِياك والطِّيَرَةَ، وسَبْيٌ طِيَبَةٌ. وقال الفراء في
قوله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيَرَةُ؛ أَي ليس لهم
أَن يختاروا على الله. يقال: الخِيرَةُ والخِيَرَةُ كا ذلك لما تختاره من
رجل أَو بهيمة يصلح إِحدى
(* قوله: «يصلح إحدى إلخ» كذا بالأصل وإن لم
يكن فيه سقط فلعل الثالث لفظ ما تختاره) هؤلاء الثلاثة.
والاختيار: الاصطفاء وكذلك التَّخَيُّرُ.
ولك خِيرَةُ هذه الإِبل والغنم وخِيارُها، الواحد والجمع في ذلك سواء،
وقيل: الخيار من الناس والمال وغير ذلك النُّضَارُ. وجمل خِيَار وناقة
خيار: كريمة فارهة؛ وجاء في الحديث المرفوع: أَعطوه جملاً رَباعِياً
خِيَاراً؛ جمل خيار وناقة خيار أَي مختار ومختار. ابن الأَعرابي: نحر خِيرَةَ
إِبله وخُورَةَ إِبله، وأَنت بالخِيارِ وبالمُخْتارِ سواءٌ، أَي اختر ما
شئت.
والاسْتِخارَةُ: طلَبُ الخِيرَة في الشيء، وهو استفعال منه. وفي الحديث:
كان رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يعلمنا الاستخارة في كل شيء. وخارَ
اللهُ لك أَي أَعطاك ما هو خير لك، والخِيْرَةُ، بسكون الياء: الاسم من
ذلك؛ ومنه دعاء الاستخارة: اللهم خِرْ لي أَي اخْتَرْ لي أَصْلَحَ
الأَمرين واجعل لي الخِيْرَة فيه. واستخار اللهَ: طلب منه الخِيَرَةَ. وخار لك
في ذلك: جعل لك فيه الخِيَرَة؛ والخِيْرَةُ الاسم من قولك: خار الله لك
في هذا الأَمر. والاختيار: الاصطفاء، وكذلك التَّخَيُّرُ. ويقال:
اسْتَخِرِِ الله يَخِرْ لك، والله يَخِير للعبد إِذا اسْتَخارَهُ.
والخِيرُ، بالكسر: الكَرَمُ. والخِيرُ: الشَّرَفُ؛ عن ابن الأَعرابي.
والخِيرُ: الهيئة. والخِيرُ: الأَصل؛ عن اللحياني. وفلان خَيْرِيَّ من
الناس أَي صَفِيِّي. واسْتَخَارَ المنزلَ: استنظفه؛ قال الكميت:
ولَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،
بِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبَا المُعْوِلُ
واستخارَ الرجلَ: استعطفه ودعاه إِليه؛ قال خالد بن زهير الهذلي:
لَعَلَّك، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ
سِواكَ خَلِيلاً، شاتِمي تَسْتَخِيرُها
قال السكري: أَي تستعطفها بشتمك إِياي. الأَزهري: اسْتَخَرْتُ فلاناً
أَي استعطفته فما خار لي أَي ما عطف؛ والأَصل في هذا أَن الصائد يأْتي
الموضع الذي يظن فيه ولد الظبية أَو البقرة فَيَخُورُ خُوارَ الغزال فتسمع
الأُم، فإِن كان لها ولد ظنت أَن الصوت صوت ولدها فتتبع الصوت فيعلم الصائد
حينئذٍ أَن لها ولداً فتطلب موضعه، فيقال: اسْتَخَارَها أَي خار
لِتَخُورَ، ثم قيل لكل من استعطف: اسْتَخَارَ، وقد تقدّم في خور لأَن ابن سيده
قال: إِن عينه واو. وفي الحديث: البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لم
يَتَفَرَّقَا؛ الخيارُ: الاسم من الاختيار، وهو طلب خَيْرِ الأَمرين: إِما إِمضاء
البيع أَو فسحه، وهو على ثلاثة أَضرب: خيار المجلس وخيار الشرط وخيار
النقيصة، أَما خيار المجلس فالأَصل فيه قوله: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا
إِلاَّ بَيْعَ الخِيارِ أَي إِلا بيعاً شُرط فيه الخيار فلم يلزم
بالتفرق، وقيل: معناه إِلا بيعاً شرط فيه نفي خيار المجلس فلزم بنفسه عند قوم،
وأَما خيار الشرط فلا تزيد مدّته على ثلاثة أَيام عند الشافعي أَوَّلها من
حال العقد أَو من حال التفرق، وأَما خيار النقيصة فأَن يظهر بالمبيع عيب
يوجب الرد أَو يلتزم البائع فيه شرطاً لم يكن فيه ونحو ذلك. واسْتَخار
الضَّبُعَ واليَرْبُوعَ: جعل خشبة في موضع النافقاء فخرج من القاصِعاء.
قال أَبو منصور: وجعل الليث الاستخارة للضبع واليربوع وهو باطل.
والخِيارُ: نبات يشبه القِثَّاءَ، وقيل هو القثاء، وليس بعربي. وخِيار
شَنْبَر: ضرب من الخَرُّوبِ شجره مثل كبار شجر الخَوْخِ. وبنو الخيار:
قبيلة؛ وأَما قول الشاعر:
أَلا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ:
بِعَمْرِو بن مَسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
فإِنما ثناه لأَنه أَراد خَيِّرَيْ فخففه، مثل مَيّتٍ ومَيْتٍ وهَيِّنٍ
وهَيْنٍ؛ قال ابن بري: هذا الشعر لسَبْرَةَ بن عمرو الأَسدي يرثي عمرو بن
مسعود وخالدَ بن نَضْلَةَ وكان النعمان قتلهما، ويروى بِخَيْرِ بَني
أَسَد على الإِفراد، قال: وهو أَجود؛ قال: ومثل هذا البيت في التثنية قول
الفرزدق:
وقد ماتَ خَيْرَاهُمْ فلم يُخْزَ رَهْطُهُ،
عَشِيَّةَ بانَا، رَهْطُ كَعْبٍ وحاتم
والخَيْرِيُّ معرَّب.