و (التَّحْلِيل النفساني) فرع من علم النَّفس الحَدِيث يبْحَث فِي الْعقل الْبَاطِن وَمَا فِيهِ من عقد ورغبات تمهيدا لعلاجها
و (التَّحْلِيل النفساني) فرع من علم النَّفس الحَدِيث يبْحَث فِي الْعقل الْبَاطِن وَمَا فِيهِ من عقد ورغبات تمهيدا لعلاجها
حلل: حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلولاً ومَحَلاًّ وحَلاًّ وحَلَلاً، بفك
التضعيف نادر: وذلك نزول القوم بمَحَلَّة وهو نقيض الارتحال؛ قال الأَسود
بن يعفر:
كَمْ فاتَني من كَريمٍ كان ذا ثِقَة،
يُذْكي الوَقُود بجُمْدٍ لَيْلة الحَلَل
وحَلَّه واحْتَلَّ به واحْتَلَّه: نزل به. الليث: الحَلُّ الحُلول
والنزول؛ قال الأَزهري: حَلَّ يَحُلُّ حَلاًّ؛ قال المُثَقَّب العَبْدي:
أَكُلَّ الدهر حَلٌّ وارتحال،
أَما تُبْقِي عليّ ولا تَقِيني؟
ويقال للرجل إِذا لم يكن عنده غَنَاء: لا حُلِّي ولا سِيرِي، قال ابن
سيده: كأَن هذا إِنما قيل أَوَّل وَهْلَة لمؤنث فخوطب بعلامة التأْنيث، ثم
قيل ذلك للمذكر والاثنين والاثنتين والجماعة مَحْكِيًّا بلفظ المؤنث،
وكذلك حَلَّ بالقوم وحَلَّهُم واحْتَلَّ بهم، واحْتَلَّهم، فإِما أَن تكونا
لغتين كلتاهما وُضِع، وإِمَّا أَن يكون الأَصل حَلَّ بهم، ثم حذفت الباء
وأُوصل الفعل إِلى ما بعده فقيل حَلَّه؛ ورَجُل حَالٌّ من قوم حُلُول
وحُلاَّلٍ وحُلَّل. وأَحَلَّه المكانَ وأَحَلَّه به وحَلَّله به وحَلَّ به:
جَعَله يَحُلُّ، عاقَبَت الباء الهمزة؛ قال قيس بن الخَطِيم:
دِيَار التي كانت ونحن على مِنًى
تَحُلُّ بنا، لولا نَجَاءُ الرَّكائب
أَي تَجْعلُنا نَحُلُّ. وحَالَّه: حَلَّ معه. والمَحَلُّ: نقيض
المُرْتَحَل؛ وأَنشد:
إِنَّ مَحَلاًّ وإِن مُرْتَحَلا،
وإِنَّ في السَّفْر ما مَضَى مَهَلا
قال الليث: قلت للخليل: أَلست تزعم أَن العرب العاربة لا تقول إِن رجلاً
في الدار لا تبدأْ بالنكرة ولكنها تقول إِن في الدار رجلاً؟ قال: ليس
هذا على قياس ما تقول، هذا حكاية سمعها رجل من رجل: إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ
مُرْتَحَلا؛ ويصف بعد حيث يقول:
هل تَذْكُرُ العَهْد في تقمّص، إِذ
تَضْرِب لي قاعداً بها مَثَلا؛
إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا
المَحَلُّ: الآخرة والمُرْتَحَل؛ . . .
(* هكذا ترك بياض في الأصل)
وأَراد بالسَّفْر الذين ماتوا فصاروا في البَرْزَخ، والمَهَل البقاء
والانتظار؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من قول الخليل، فإِذا قال الليث قلت للخليل
أَو قال سمعت الخليل، فهو الخليل بن أَحمد لأَنه ليس فيه شك، وإِذا قال
قال الخليل ففيه نظر، وقد قَدَّم الأَزهري في خطبة كتابه التهذيب أَنه في
قول الليث قال الخليل إِنما يَعْني نَفْسَه أَو أَنه سَمَّى لِسانَه
الخَليل؛ قال: ويكون المَحَلُّ الموضع الذي يُحَلُّ فيه ويكون مصدراً، وكلاهما
بفتح الحاء لأَنهما من حَلِّ يَحُلُّ أَي نزل، وإِذا قلت المَحِلّ، بكسر
الحاء، فهو من حَلَّ يَحِلُّ أَي وَجَب يَجِب. قال الله عز وجل: حتى
يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه؛ أَي الموضع الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُه، والمصدر من
هذا بالفتح أَيضاً، والمكان بالكسر، وجمع المَحَلِّ مَحَالُّ، ويقال
مَحَلٌّ ومَحَلَّة بالهاء كما يقال مَنْزِل ومنزِلة. وفي حديث الهَدْي: لا
يُنْحَر حتى يبلغ مَحِلَّه أَي الموضع أَو الوقت اللذين يَحِلُّ فيهما
نَحْرُه؛ قال ابن الأَثير: وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان؛ ومنه حديث
عائشة: قال لها هل عندكم شيء؟ قالت: لا، إِلا شيء بَعَثَتْ به إِلينا
نُسَيْبَة من الشاة التي بَعَثْتَ إِليها من الصدقة، فقال: هاتي فقد
بَلَغَتْ مَحِلَّها أَي وصلت إِلى الموضع الذي تَحِلُّ فيه وقُضِيَ الواجبُ فيها
من التَّصَدّق بها، وصارت مِلْكاً لن تُصُدِّق بها عليه، يصح له التصرف
فيها ويصح قبول ما أُهدي منها وأَكله، وإِنما قال ذلك لأَنه كان يحرم
عليه أَكل الصدقة. وفي الحديث: أَنه كره التَّبَرُّج بالزينة لغير
مَحِلِّها؛ يجوز أَن تكون الحاء مكسورة من الحِلِّ ومفتوحة من الحُلُول، أَراد به
الذين ذكرهم الله في كتابه: ولا يبدين زينتهن إِلا لبُعُولتهن، الآية،
والتَّبَرُّج: إِظهار الزينة. أَبو زيد: حَلَلْت بالرجل وحَلَلْته ونَزَلْت
به ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بهم بمعنًى. ويقال: أَحَلَّ فلان
أَهله بمكان كذا وكذا إِذا أَنزلهم. ويقال: هو في حِلَّة صِدْق أَي
بمَحَلَّة صِدْق. والمَحَلَّة: مَنْزِل القوم.
وحَلِيلة الرجل: امرأَته، وهو حَلِيلُها، لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبه، وهو أَمثل من قول من قال إِنما هو من الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لها
وتَحِلُّ له، وذلك لأَنه ليس باسم شرعي وإِنما هو من قديم الأَسماء.
والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قال عنترة:
وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً،
تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم
وقيل: حَلِيلَته جارَتُه، وهو من ذلك لأَنهما يَحُلاَّن بموضع واحد،
والجمع الحَلائل؛ وقال أَبو عبيد: سُمِّيا بذلك لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبَه. وفي الحديث: أَن تُزَاني حَلِيلة جارك، قال: وكل من نَازَلَكَ
وجَاوَرَك فهو حَليلك أَيضاً. يقال: هذا حَليله وهذه حَليلته لمن
تُحَالُّه في دار واحدة؛ وأَنشد:
ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي
حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ
قال: لم يرد بالحَلِيلة هنا امرأَته إِنما أَراد جارته لأَنها تُحَالُّه
في المنزل. ويقال: إِنما سميت الزوجة حَلِيلة لأَن كل واحد منهما
مَحَلُّ إِزار صاحبه. وحكي عن أَبي زيد: أَن الحَلِيل يكون للمؤنث بغير
هاء.والحِلَّة: القوم النزول، اسم للجمع، وفي التهذيب: قوم نزول؛ وقال
الأَعشى:
لقد كان في شَيْبان، لو كُنْتَ عالماً،
قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل
وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وفيهم كثرة؛ هذا البيت استشهد به الجوهري،
وقال فيه:
وحَوْلي حِلَّة ودَراهم
(* قوله «وحولي» هكذا في الأصل، والذي في نسخة الصحاح التي بايدينا:
وحيّ).
قال ابن بري: وصوابه وقبائل لأَن القصيدة لاميَّة؛ وأَولها:
أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قيس بن خالدٍ،
وأَنتَ امْرُؤ يرجو شَبَابَك وائل
قال: وللأَعشى قصيدة أُخرى ميمية أَولها:
هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لام لائم
يقول فيها:
طَعَام العراق المُسْتفيضُ الذي ترى،
وفي كل عام حُلَّة وَدَارهِم
قال: وحُلَّة هنا مضمومة الحاء، وكذلك حَيٌّ حِلال؛ قال زهير:
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أَمْرُهُم،
إِذا طَرَقَت إِحْدى اللَّيَالي بمُعْظَم
والحِلَّة: هَيئة الحُلُول. والحِلَّة: جماعة بيوت الناس لأَنها
تُحَلُّ؛ قال كراع: هي مائة بيت، والجمع حِلال؛ قال الأَزهري: الحِلال جمع بيوت
الناس، واحدتها حِلَّة؛ قال: وحَيٌّ حِلال أَي كثير؛ وأَنشد شمر:
حَيٌّ حِلالٌ يَزْرَعون القُنْبُلا
قال ابن بري: وأَنشد الأَصمعي:
أَقَوْمٌ يبعثون العِيرَ نَجْداً
أَحَبُّ إِليك، أَم حَيٌّ حِلال؟
وفي حديث عبد المطلب:
لا هُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْـ
ـنَعُ رَحْلَه، فامْنَعْ حِلالَك
الحِلال، بالكسر: القومُ المقيمون المتجاورون يريد بهم سُكَّان الحَرَم.
وفي الحديث: أَنهم وَجَدوا ناساً أَحِلَّة، كأَنه جمع حِلال كعِماد
وأَعْمِدَة وإِنما هو جمع فَعال، بالفتح؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال بعضهم
وليس أَفْعِلة في جمع فِعال، بالكسر، أَولى منها في جمع فَعال، بالفتح،
كفَدَان وأَفْدِنة. والحِلَّة: مجلس القوم لأَنهم يَحُلُّونه. والحِلَّة:
مُجْتَمَع القوم؛ هذه عن اللحياني. والمَحَلَّة: منزل القوم.
ورَوْضة مِحْلال إِذا أَكثر الناسُ الحُلول بها. قال ابن سيده: وعندي
أَنها تُحِلُّ الناس كثيراً، لأَن مِفْعالاً إِنما هي في معنى فاعل لا في
معنى مفعول، وكذلك أَرض مِحْلال. ابن شميل: أَرض مِحْلال وهي السَّهْلة
اللَّيِّنة، ورَحَبة مِحْلال أَي جَيِّدة لمحَلّ الناس؛ وقال ابن الأَعرابي
في قول الأَخطل:
وشَرِبْتها بأَرِيضَة مِحْلال
قال: الأَرِيضَة المُخْصِبة، قال: والمِحْلال المُخْتارة للحِلَّة
والنُّزول وهي العَذاة الطَّيِّبة؛ قال الأَزهري: لا يقال لها مِحْلال حتى
تُمْرِع وتُخْصِب ويكون نباتها ناجعاً للمال؛ وقال ذو الرمة:
بأَجْرَعَ مِحْلالٍ مِرَبٍّ مُحَلَّل
والمُحِلَّتانِ: القِدْر والرَّحى، فإِذا قلت المُحِلاَّت فهي القِدْر
والرَّحى والدَّلْو والقِرْبة والجَفْنَة والسِّكِّين والفَأْس والزَّنْد،
لأَن من كانت هذه معه حَلَّ حيث شاء، وإِلا فلا بُدَّ له من أَن يجاور
الناس يستعير منهم بعض هذه الأَشياء؛ قال:
لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم
نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّت
الأَتاويُّون: الغُرَباء أَي لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون أَحداً بأَصحاب
المُحِلاَّت؛ قال أَبو علي الفارسي: هذا على حذف المفعول كما قال تعالى:
يوم تُبَدَّل الأَرضُ غيرَ الأَرض والسمواتُ؛ أَي والسمواتُ غيرَ
السمواتِ، ويروى: لا يُعْدَلَنَّ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي لا ينبغي أَن
يُعْدل فعلى هذا لا حذف فيه.
وتَلْعة مُحِلَّة: تَضُمُّ بيتاً أَو بيتين. قال أَعرابي: أَصابنا
مُطَيْر كسَيْل شعاب السَّخْبَرِ رَوَّى التَّلْعة المُحِلَّة، ويروى: سَيَّل
شِعابَ السَّخْبَر، وإِنما شَبَّه بشِعاب السَّخْبَر، وهي مَنابِته، لأَن
عَرْضَها ضَيِّق وطولها قدر رَمْية حَجَر.
وحَلَّ المُحْرِمُ من إِحرامه يَحِلُّ حِلاًّ وحَلالاً إِذا خَرج من
حِرْمه. وأَحَلَّ: خَرَج، وهو حَلال، ولا يقال حالٌّ على أَنه القياس. قال
ابن الأَثير: وأَحَلَّ يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا حَلَّ له ما حَرُم عليه من
مَحْظورات الحَجِّ؛ قال الأَزهري: وأَحَلَّ لغة وكَرِهها الأَصمَعي وقال:
أَحَلَّ إِذا خَرج من الشُّهُور الحُرُم أَو من عَهْد كان عليه. ويقال
للمرأَة تَخْرُج من عِدَّتها: حَلَّتْ. ورجل حِلٌّ من الإِحرام أَي حَلال.
والحَلال: ضد الحرام. رَجُل حَلال أَي غير مُحْرِم ولا متلبس بأَسباب
الحج، وأَحَلَّ الرجلُ إِذا خرج إِلى الحِلِّ عن الحَرَم، وأَحَلَّ إِذا
دخل في شهور الحِلِّ، وأَحْرَمْنا أَي دخلنا في الشهور الحُرُم. الأَزهري:
ويقال رجل حِلٌّ وحَلال ورجل حِرْم وحَرام أَي مُحْرِم؛ وأَما قول زهير:
جَعَلْن القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَه،
وكم بالقَنان من مُحِلّ ومُحْرِم
فإِن بعضهم فسره وقال: أَراد كَمْ بالقَنان من عَدُوٍّ يرمي دَماً
حَلالاً ومن مُحْرم أَي يراه حَراماً. ويقال: المُحِلُّ الذي يَحِلُّ لنا
قِتالُه، والمُحْرِم الذي يَحْرُم علينا قتاله. ويقال: المُحِلُّ الذي لا
عَهْد له ولا حُرْمة، وقال الجوهري: من له ذمة ومن لا ذمة له. والمُحْرِم:
الذي له حُرْمة. ويقال للذي هو في الأَشهر الحُرُم: مُحْرِم، وللذي خرج
منها: مُحِلٌّ. ويقال للنازل في الحَرَم: مُحْرِم، والخارج منه: مُحِلّ،
وذلك أَنه ما دام في الحَرَم يحرم عليه الصيد والقتال، وإِذا خرج منه حَلَّ
له ذلك. وفي حديث النخعي: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك؛ قال الليث: معناه من
ترك الإِحرام وأَحَلَّ بك فقاتَلَك فأَحْلِل أَنت أَيضاً به فقائِلُه
وإِن كنت مُحْرماً، وفيه قول آخر وهو: أَن المؤمنين حَرُم عليهم أَن يقتل
بعضهم بعضاً ويأْخذ بعضهم مال بعضهم، فكل واحد منهم مُحْرِم عن صاحبه،
يقول: فإِذا أَحَلَّ رجل ما حَرُم عليه منك فادفعه عن نفسك بما تَهَيَّأَ لك
دفعُه به من سلاح وغيره وإِن أَتى الدفع بالسلاح عليه، وإَحْلال البادئ
ظُلْم وإِحْلال الدافع مباح؛ قال الأَزهري: هذا تفسير الفقهاء وهو غير
مخالف لظاهر الخبر. وفي حديث آخر: من حَلَّ بك فاحْلِلْ به أَي من صار
بسببك حَلالاً فَصِرْ أَنت به أَيضاً حَلالاً؛ هكذا ذكره الهروي وغيره، والذي
جاء في كتاب أَبي عبيد عن النخعي في المُحْرِم يَعْدو عليه السَّبُع أَو
اللِّصُّ: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك. وفي حديث دُرَيد بن الصِّمَّة: قال
لمالك بن عوف أَنت مُحِلٌّ بقومك أَي أَنك قد أَبَحْت حَرِيمهم وعَرَّضتهم
للهلاك، شَبَّههم بالمُحْرِم إِذا أَحَلَّ كأَنهم كانوا ممنوعين
بالمُقام في بيوتهم فحَلُّوا بالخروج منها. وفعل ذلك في حُلِّه وحُرْمه وحِلِّه
وحِرْمه أَي في وقت إحْلاله وإِحرامه. والحِلُّ: الرجل الحَلال الذي خرج
من إِحرامه أَو لم يُحْرِم أَو كان أَحرم فحَلَّ من إِحرامه. وفي حديث
عائشة: قالت طَيَّبْت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّه وحِرْمه؛ وفي
حديث آخر: لحِرْمِه حين أَحْرَم ولحِلِّه حين حَلَّ من إِحرامه، وفي
النهاية لابن الأَثير: لإِحْلاله حين أَحَلَّ.
والحِلَّة: مصدر قولك حَلَّ الهَدْيُ. وقوله تعالى: حتى يَبْلغ الهَدْيُ
مَحِلَّه؛ قيل مَحِلُّ من كان حاجّاً يوم النَّحر، ومَحِلُّ من كان
معتمراً يوم يدخل مكة؛ الأَزهري: مَحِلُّ الهدي يوم النحر بمِنًى، وقال:
مَحِلُّ هَدْي المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الحج بمكة إِذا قَدِمها وطاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة. ومَحِلُّ هَدْيِ القارن: يوم النحر بمنًى،
ومَحِلُّ الدَّيْن: أَجَلُه، وكانت العرب إِذا نظرت إِلى الهلال قالت: لا
مَرْحَباً بمُحِلِّ الدَّيْن مُقَرِّب الأَجَل. وفي حديث مكة: وإِنما
أُحِلَّت لي ساعة من نهار، يعني مَكَّة يوم الفتح حيث دخلها عَنْوَة غير
مُحْرِم. وفي حديث العُمْرة: حَلَّت العُمْرة لمن اعْتَمَرَ أَي صارت لكم
حَلالاً جائزة، وذلك أَنهم كانوا لا يعتمرون في الأَشهر الحُرُم، فذلك معنى
قولهم إِذا دَخَل صَفَر حَلَّت العُمْرَةُ لمن اعْتَمَر.
والحِلُّ والحَلال والحِلال والحَلِيل: نَقِيض الحرام، حَلَّ يَحِلُّ
حِلاًّ وأَحَلَّه الله وحَلَّله. وقوله تعالى: يُحِلُّونه عاماً
ويُحَرِّمونه عاماً؛ فسره ثعلب فقال: هذا هو النسِيء، كانوا في الجاهلية يجمعون
أَياماً حتى تصير شهراً، فلما حَجَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الآنَ
اسْتَدارَ الزمانُ كهيئته. وهذا لك حِلٌّ أَي حَلال. يقال: هو حِلٌّ
وبِلٌّ أَي طَلْق، وكذلك الأُنثى. ومن كلام عبد المطلب: لا أُحِلُّها لمغتسل
وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وقيل: البِلُّ مباح،
حِمْيَرِيَّة. الأَزهري: روى سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس
يقول: هي حِلٌّ وبِلٌّ يعني زمزم، فسُئِل سفيان: ما حِلٌّ وبِلٌّ؟ فقال:
حِلٌّ مُحَلَّل. ويقال: هذا لك حِلٌّ وحَلال كما يقال لضدّه حِرْم وحَرام
أَي مُحَرَّم. وأَحْلَلت له الشيءَ. جعلته له حَلالاً. واسْتَحَلَّ
الشيءَ: عَدَّه حَلالاً. ويقال: أَحْلَلت المرأَةَ لزوجها. وفي الحديث: لعن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المُحَلِّل والمُحَلَّل له، وفي رواية:
المُحِلَّ والمُحَلَّ له، وهو أَن يطلق الرجل امرأَته ثلاثاً فيتزوجها رجل
آخر بشرط أَن يطلقها بعد مُوَاقَعته إِياها لتَحِلَّ للزوج الأَول. وكل شيء
أَباحه الله فهو حَلال، وما حَرَّمه فهو حَرَام. وفي حديث بعض الصحابة:
ولا أُوتي بحَالٍّ ولا مُحَلَّل إِلا رَجَمْتُهما؛ جعل الزمخشري هذا
القول حديثاً لا أَثراً؛ قال ابن الأَثير: وفي هذه اللفظة ثلاث لغات حَلَّلْت
وأَحْلَلت وحَلَلْت، فعلى الأَول جاء الحديث الأَول، يقال حَلَّل فهو
مُحَلِّل ومُحَلَّل، وعلى الثانية جاء الثاني تقول أَحَلَّ فهو مُحِلٌّ
ومُحَلٌّ له، وعلى الثالثة جاء الثالث تقول حَلَلْت فأَنا حَالٌّ وهو
مَحْلول له؛ وقيل: أَراد بقوله لا أُوتَى بحالٍّ أَي بذي إِحْلال مثل قولهم
رِيحٌ لاقِح أَي ذات إِلْقاح، وقيل: سُمِّي مُحَلِّلاً بقصده إِلى التحليل
كما يسمى مشترياً إِذا قصد الشراء. وفي حديث مسروق في الرجل تكون تحته
الأَمة فيُطَلِّقها طلقتين ثم يشتريها قال: لا تَحِلُّ له إِلا من حيث
حَرُمت عليه أَي أَنها لا تَحِلُّ له وإِن اشتراها حتى تنكح زوجاً غيره، يعني
أَنها حَرُمت عليه بالتطليقتين، فلا تَحِلُّ له حتى يطلقها الزوج الثاني
تطليقتين، فتَحِلّ له بهما كما حَرُمت عليه بهما. واسْتَحَلَّ الشيءَ:
اتخذه حَلالاً أَو سأَله أَن يُحِلَّه له. والحُلْو الحَلال: الكلام الذي
لا رِيبة فيه؛ أَنشد ثعلب:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، ولا تُرَى
على مَكْرَهٍ يَبْدو بها فيَعِيب
وحَلَّلَ اليمينَ تحليلاً وتَحِلَّة وتَحِلاًّ، الأَخيرة شاذة:
كَفَّرَها، والتَّحِلَّة: ما كُفِّر به. وفي التنزيل: قد فرض الله لكم تَحِلَّة
أَيمانكم؛ والاسم من كل ذلك الحِلُّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروف حِلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في الناظر المُتَغَيَّب
قال ابن سيده: هكذا وجدته المُتَغَيَّب، مفتوحة الياء، بخَطِّ الحامِض،
والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر. وحكى اللحياني: أَعْطِ الحالف حُلاَّنَ
يَمينه أَي ما يُحَلِّل يمينه، وحكى سيبويه: لأَفعلن كذا إِلاَّ حِلُّ ذلك
أَن أَفعل كذا أَي ولكن حِلُّ ذلك، فحِلُّ مبتدأ وما بعدها مبنيّ عليها؛
قال أَبو الحسن: معناه تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كذا.
وقولهم: فعلته تَحِلَّة القَسَم أَي لم أَفعل إِلا بمقدار ما حَلَّلت به
قَسَمي ولم أُبالِغ. الأَزهري: وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يموت
لمؤمن ثلاثة أَولاد فتَمَسّه النار إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال أَبو
عبيد: معنى قوله تَحِلَّة القَسَم قول الله عز وجل: وإِنْ منكم إِلا
واردُها، قال: فإِذا مَرَّ بها وجازها فقدأَبَرَّ الله قَسَمَه. وقال غير أَبي
عبيد: لا قَسَم في قوله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، فكيف تكون له
تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قال: ومعنى قوله إِلا تَحِلَّة
القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه منه مكروه؛ ومنه قول العَرَب: ضَرَبْته
تحليلاً ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لم أُبالِغ في ضربه ووَعْظِه؛ قال ابن
الأَثير: هذا مَثَل في القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وهو أَن يُباشِر من
الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه ويُحَلِّلُه،
مثل أَن يحلف على النزول بمكان فلو وَقَع به وَقْعة خفيفة أَجزأَته فتلك
تَحِلَّة قَسَمِه، والمعنى لا تَمَسُّه النار إِلا مَسَّة يسيرة مثل
تَحِلَّة قَسَم الحالف، ويريد بتَحِلَّتِه الوُرودَ على النار والاجْتيازَ
بها، قال: والتاء في التَّحِلَّة زائدة؛ وفي الحديث الآخر: من حَرَس ليلة من
وراء المسلمين مُتَطَوِّعاً لم يأْخذه الشيطان ولم ير النار تَمَسُّه
إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال الله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، قال
الأَزهري: وأَصل هذا كله من تحليل اليمين وهو أَن يحلف الرجل ثم يستثني استثناء
متصلاً باليمين غير منفصل عنها، يقال: آلى فلان أَلِيَّة لم يَتَحَلَّل
فيها أَي لم يَسْتثْنِ ثم جعل ذلك مثلاً للتقليل؛ ومنه قول كعب بن زهير:
تَخْدِي على يَسَراتٍ، وهي لاحقة،
بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
(* قوله «لاحقة» في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية).
وفي حواشي ابن بري:
تَخْدِي على يَسَرات، وهي لاحقة،
ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
أَي قليل
(* قوله «أي قليل» هذا تفسير لتحليل في البيت) كما يحلف
الإِنسان على الشيء أَن يفعله فيفعل منه اليسير يُحَلِّل به يَمِينه؛ وقال
الجوهري: يريد وَقْعَ مَناسِم الناقة على الأَرض من غير مبالغة؛ وقال
الآخر:أَرَى إِبلي عافت جَدُودَ، فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم
قال ابن بري: ومثله لعَبْدَةَ بن الطبيب:
تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية
في أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ
أَي قليل هَيِّن يسير. ويقال للرجل إِذا أَمْعَن في وَعِيد أَو أَفرط في
فَخْر أَو كلام: حِلاًّ أَبا فلان أَي تَحَلَّلْ في يمينك، جعله في
وعيده إِياه كاليمين فأَمره بالاستثناء أَي اسْتَثْن يا حالف واذْكُر حِلاًّ.
وفي حديث أَبي بكر: أَنه قال لامرأَة حَلَفت أَن لا تُعْتِق مَوْلاة لها
فقال لها: حِلاًّ أُمَّ فلان، واشتراها وأَعتقها، أَي تَحَلَّلِي من
يمينك، وهو منصوب على المصدر؛ ومنه حديث عمرو بن معد يكرب: قال لعمر حِلاًّ
يا أَمير المؤمنين فيما تقول أَي تَحَلَّلْ من قولك. وفي حديث أَنس: قيل
له حَدِّثْنا ببعض ما سمعتَه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
وأَتَحلَّل أَي أَستثني. ويقال: تَحَلَّل فلان من يمينه إِذا خرج منها
بكفارة أَو حِنْث يوجب الكفارة؛ قال امرؤ القيس:
وآلَتْ حِلْفةً لم تَحَلَّل
وتَحَلَّل في يمينه أَي استثنى.
والمُحَلِّل من الخيل: الفَرَسُ الثالث من خيل الرِّهان، وذلك أَن يضع
الرَّجُلانِ رَهْنَين بينهما ثم يأْتي رجل سواهما فيرسل معهما فرسه ولا
يضع رَهْناً، فإِن سَبَق أَحدُ الأَوَّليْن أَخَذَ رهنَه ورهنَ صاحبه وكان
حَلالاً له من أَجل الثالث وهو المُحَلِّل، وإِن سبَقَ المُحَلِّلُ ولم
يَسْبق واحد منهما أَخَذَ الرهنين جميعاً، وإِن سُبِقَ هو لم يكن عليه
شيء، وهذا لا يكون إِلاَّ في الذي لا يُؤْمَن أَن يَسْبق، وأَما إِذا كان
بليداً بطيئاً قد أُمِن أَن يَسْبِقهما فذلك القِمَار المنهيّ عنه،
ويُسَمَّى أَيضاً الدَّخِيل.
وضَرَبه ضَرْباً تَحْلِيلاً أَي شبه التعزير، وإِنما اشتق ذلك من
تَحْلِيل اليمين ثم أُجْري في سائر الكلام حتى قيل في وصف الإِبل إِذا
بَرَكَتْ؛ ومنه قول كعب
بن زهير:
نَجَائِب وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْليل
أَي هَيِّن. وحَلَّ العُقْدة يَحُلُّها حَلاًّ: فتَحَها ونَقَضَها
فانْحَلَّتْ. والحَلُّ: حَلُّ العُقْدة. وفي المثل السائر: يا عاقِدُ اذْكُرْ
حَلاًّ، هذا المثل ذكره الأَزهري والجوهري؛ قال ابن بري: هذا قول
الأَصمعي وأَما ابن الأَعرابي فخالفه وقال: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ وقال: كذا
سمعته من أَكثر من أَلف أَعرابي فما رواه أَحد منهم يا عاقِدُ، قال:
ومعناه إِذا تحَمَّلْتَ فلا نُؤَرِّب ما عَقَدْت، وذكره ابن سيده على هذه
الصورة في ترجمة حبل: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ. وكل جامد أُذِيب فقد
حُلَّ.والمُحَلَّل: الشيء اليسير، كقول امرئ القيس يصف جارية:
كبِكْرِ المُقاناةِ البَيَاض بصُفْرة،
غَذَاها نَمِير الماءِ غَيْر المُحَلَّل
وهذا يحتمل معنيين: أَحدهما أَن يُعْنَى به أَنه غَذَاها غِذَاء ليس
بمُحَلَّل أَي ليس بيسير ولكنه مُبالَغ فيه، وفي التهذيب: مَرِيءٌ ناجِعٌ،
والآخر أَن يُعْنى به غير محلول عليه فيَكْدُر ويَفْسُد. وقال أَبو
الهيثم: غير مُحَلَّل يقال إِنه أَراد ماء البحر أَي أَن البحر لا يُنْزَل عليه
لأَن ماءه زُعَاق لا يُذَاق فهو غير مُحَلَّل أَي غير مَنْزولٍ عليه،
قال: ومن قال غير مُحَلَّل أَي غير قليل فليس بشيء لأَن ماء البحر لا يوصف
بالقلة ولا بالكثرة لمجاوزة حدِّه الوصفَ، وأَورد الجوهري هذا البيت
مستشهداً به على قوله: ومكان مُحَلَّل إِذا أَكثر الناسُ به الحُلُولَ، وفسره
بأَنه إِذا أَكثروا به الحُلول كدَّروه. وكلُّ ماء حَلَّتْه الإِبل
فكَدَّرَتْه مُحَلَّل، وعَنى امرُؤ القيس بقوله بِكْر المُقَاناة دُرَّة غير
مثقوبة. وحَلَّ عليه أَمرُ الله يَحِلُّ حُلولاً: وجَبَ. وفي التنزيل:
أَن يَحِلَّ عليكم غَضَبٌ من ربكم، ومن قرأَ: أَن يَحُلَّ، فمعناه أَن
يَنْزِل. وأَحَلَّه اللهُ عليه: أَوجبه؛ وحَلَّ عليه حَقِّي يَحِلُّ
مَحِلاًّ، وهو أَحد ما جاء من المصادر على مثال مَفْعِل بالكسر كالمَرْجِعِ
والمَحِيص وليس ذلك بمطَّرد، إِنما يقتصر على ما سمع منه، هذا مذهب سيبويه.
وقوله تعالى: ومن يَحْلُِلْ عليه غَضَبي فقد هَوَى؛ قرئَ ومن يَحْلُل
ويَحْلِل، بضم اللام وكسرها، وكذلك قرئَ: فيَحُِلُّ عليكم غضبي، بكسر الحاء
وضمها؛ قال الفراء: والكسر فيه أَحَبُّ إِليَّ من الضم لأَن الحُلول ما
وقع من يَحُلُّ، ويَحِلُّ يجب، وجاء بالتفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال:
وكلٌّ صواب، قال: وأَما قوله تعالى: أَم أَردتم أَن يَحِلَّ عليكم، فهذه
مكسورة، وإِذا قلت حَلَّ بهم العذابُ كانت تَحُلُّ لا غير، وإِذا قلت
عَليَّ أَو قلت يَحِلُّ لك كذا وكذا، فهو بالكسر؛ وقال الزجاج: ومن قال
يَحِلُّ لك كذا وكذا فهو بالكسر، قال: ومن قرأَ فيَحِلُّ عليكم فمعناه فيَجِب
عليكم، ومن قرأَ فيَحُلُّ فمعناه فيَنْزِل؛ قال: والقراءة ومن يَحْلِل
بكسر اللام أَكثر. وحَلَّ المَهْرُ يَحِلُّ أَي وجب. وحَلَّ العذاب يَحِلُّ،
بالكسر، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بالضم، أَي نزل. وأَما قوله أَو تَحُلُّ
قريباً من دارهم، فبالضم، أَي تَنْزل. وفي الحديث: فلا يَحِلُّ لكافر
يَجِد ريح نَفَسه إِلاَّ مات أَي هو حَقٌّ واجب واقع كقوله تعالى: وحَرَام
على قَرْية؛ أَي حَقٌّ واجب عليها؛ ومنه الحديث: حَلَّت له شفاعتي، وقيل:
هي بمعنى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ به، فأَما قوله: لا يَحُلُّ المُمْرِض على
المُصِحّ، فبضم الحاء، من الحُلول النزولِ، وكذلك فَلْيَحْلُل، بضم اللام.
وأَما قوله تعالى: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، فقد يكون المصدرَ ويكون
الموضعَ. وأَحَلَّت الشاةُ والناقةُ وهي مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وقيل:
يَبِسَ لبنُها ثم أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وعبر عنه بعضهم بأَنه نزول
اللبن من غير نَتاج، والمعنيان متقاربان، وكذلك الناقة؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولكنها كانت ثلاثاً مَيَاسِراً،
وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ
(* قوله «أَنهزت» أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده:
ورواه ابن الاعرابي أنهزت بالزاي ولا وجه له).
يصف إِبلاً وليست بغنم لأَن قبل هذا:
فَلو أَنَّها كانت لِقَاحِي كَثيرةً،
لقد نَهِلَتْ من ماء جُدٍّ وعَلَّت
(* قوله «من ماء جد» روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين).
وأَنشد الجوهري لأُمية بن أَبي الصلت الثقفي:
غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فيها،
تُحِلُّ بها الطَّروقةُ واللِّجاب
وأَحَلَّت الناقةُ على ولدها: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه في معنى
دَرَّت. وأَحَلَّ المالُ فهو يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا نزل دَرُّه حين
يأْكل الربيع. الأَزهري عن الليث وغيره: المَحالُّ الغنم التي ينزل اللبن في
ضروعها من غير نَتاج ولا وِلاد.
وتَحَلَّل السَّفَرُ بالرجل: اعْتَلَّ بعد قدومه.
والإِحْلِيل والتِّحْلِيل: مَخْرَج البول من الإِنسان ومَخْرج اللبن من
الثدي والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللبن من طُبْي الناقة
وغيرها. وإِحْلِيل الذَّكَرِ: ثَقْبه الذي يخرج منه البول، وجمعه
الأَحالِيل؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النخل ذا خُصَلٍ،
بغارب، لم تُخَوِّنْه الأَحالِيل
هو جمع إِحْلِيل، وهو مَخْرَج اللبن من الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه،
يعني أَنه قد نَشَفَ لبنُها فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها.
والإِحْلِليل: يقع على ذَكَرِ الرجل وفَرْج المرأَة، ومنه حديث ابن عباس:
أَحْمَد إِليكم غَسْل الإِحْلِيل أَي غَسْل الذكر. وأَحَلَّ الرجلُ بنفسه إِذا
استوجب العقوبة. ابن الأَعرابي: حُلَّ إِذا سُكِن، وحلَّ إِذا عَدا،
وامرأَة حَلاَّء رَسْحاء، وذِئْب أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل كذلك. ابن
الأَعرابي: ذئب أَحَلُّ وبه حَلَل، وليس بالذئب عَرَج، وإِنما يوصف به لخَمَع
يُؤنَس منه إِذا عَدا؛ وقال الطِّرِمَّاح:
يُحِيلُ به الذِّئْبُ الأَحَلُّ، وَقُوتُه
ذَوات المَرادِي، من مَناقٍ ورُزّح
(* قوله «المرادي» هكذا في الأصل، وفي الصحاح: الهوادي، وهي الأعناق.
وفي ترجمة مرد: أن المراد كسحاب العنق).
وقال أَبو عمرو: الأَحَلُّ أَن يكون مَنْهوس المُؤْخِر أَرْوَح
الرِّجلين. والحَلَل: استرخاء عَصَب الدابة، فَرَسٌ أَحَلُّ. وقال الفراء:
الحَلَل في البعير ضعف في عُرْقوبه، فهو أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل، فإِن كان في
الرُّكْبة فهو الطَّرَق. والأَحَلُّ: الذي في رجله استرخاء، وهو مذموم في
كل شيء إِلا في الذئب. وأَنشد الجوهري بيت الطرماح: يُحِيلُ به الذِّئبُ
الأَحَلُّ، ونسبه إِلى الشماخ وقال: يُحِيلُ أَي يُقِيم به حَوْلاً. وقال
أَبو عبيدة: فَرَس أَحَلُّ، وحَلَلُه ضعف نَساه ورَخاوة كَعْبه، وخَصّ
أَبو عبيدة به الإِبل. والحَلَل: رخاوة في الكعب، وقد حَلِلْت حَلَلاً.
وفيه حَلَّة وحِلَّة أَي تَكَسُّر وضعف؛ الفتح عن ثعلب والكسر عن ابن
الأَعرابي. وفي حديث أَبي قتادة: ثم تَرَك فتَحَلَّل أَي لما انْحَلَّت قُواه
ترك ضَمَّه إِليه، وهو تَفَعُّل من الحَلِّ نقيض الشَّدّ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
إِذا اصْطَكَّ الأَضاميمُ اعْتَلاها
بصَدْرٍ، لا أَحَلَّ ولا عَموج
وفي الحديث: أَنه بَعَث رجلاً على الصدقة فجاء بفَصِيل مَحْلُول أَو
مَخْلول بالشك؛ المحلول، بالحاء المهملة: الهَزِيل الذي حُلَّ اللحم عن
أَوصاله فعَرِيَ منه، والمَخْلُول يجيء في بابه.
وفي الحديث: الصلاة تحريمها التكبير وتَحْلِيلها التسليم أَي صار
المُصَلِّي بالتسليم يَحِلُّ له ما حرم فيها بالتكبير من الكلام والأَفعال
الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالها، كما يَحِلُّ للمُحْرِم بالحج عند الفراغ
منه ما كان حَراماً عليه. وفي الحديث: أَحِلُّوا الله يغفر لكم أَي
أَسلموا؛ هكذا فسر في الحديث، قال الخطابي: معناه الخروج من حَظْر الشِّرك إِلى
حِلِّ الإِسلام وسَعَته، من قولهم حَلَّ الرجلُ إِذا خرج من الحَرَم
إِلى الحِلِّ، ويروى بالجيم، وقد تقدم؛ قال ابن الأَثير: وهذا الحديث هو عند
الأَكثر من كلام أَبي الدرداء، ومنهم من جعله حديثاً. وفي الحديث: من
كانت عنده مَظْلِمة من أَخيه فَلْيسْتَحِلَّه. وفي حديث عائشة أَنها قالت
لامرأَة مَرَّتْ بها: ما أَطول ذَيْلَها فقال: اغْتَبْتِها قُومي إِليها
فَتَحلَّليها؛ يقال: تَحَلَّلته واسْتَحْلَلْته إِذا سأَلته أَن يجعلك في
حِلٍّ من قِبَله. وفي الحديث: أَنه سئل أَيّ الأَعمال أَفضل فقال:
الحالُّ المُرْتَحِل، قيل: وما ذاك؟ قال: الخاتِم المفتَتِح هو الذي يَخْتم
القرآن بتلاوته ثم يَفْتَتح التلاوة من أَوّله؛ شبَّهه بالمُسافر يبلغ
المنزل فيَحُلُّ فيه ثم يفتتح سيره أَي يبتدئه، وكذلك قُرَّاء أَهل مكة إِذا
ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأُوا وقرأُوا الفاتحة وخمس آيات من أَول سورة
البقرة إِلى قوله: أُولئك هم المفلحون، ثم يقطعون القراءة ويُسَمُّون ذلك
الحالَّ المُرْتَحِل أَي أَنه ختم القرآن وابتدأَ بأَوَّله ولم يَفْصِل
بينهما زمان، وقيل: أَراد بالحالِّ المرتحل الغازِيَ الذي لا يَقْفُل عن
غَزْوٍ إِلا عَقَّبه بآخر.
والحِلال: مَرْكَبٌ من مراكب النساء؛ قال طُفَيْل:
وراكضةٍ، ما تَسْتَجِنُّ بجُنَّة،
بَعِيرَ حِلالٍ، غادَرَتْه، مُجَعْفَلِ
مُجَعْفَل: مصروع؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر:
ولا يَعْدِلْنَ من ميل حِلالا
قال: وقد يجوز أَن يكون متاعَ رَحْل البعير. والحِلُّ: الغَرَض الذي
يُرْمى إِليه. والحِلال: مَتاع الرَّحْل؛ قال الأَعشى:
وكأَنَّها لم تَلْقَ سِتَّة أَشهر
ضُرّاً، إِذا وَضَعَتْ إِليك حِلالَها
قال أَبو عبيد: بلغتني هذه الرواية عن القاسم بن مَعْن، قال: وبعضهم
يرويه جِلالَها، بالجيم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غارة،
على عَجَلٍ، ذَكَّرْتُها بِحِلالِها
فسره فقال: حِلالُها ثِيابُ بدنها وما على بعيرها، والمعروف أَن الحِلال
المَرْكَب أَو متاع الرَّحْل لا أَن ثياب المرأَة مَعْدودة في الحِلال،
ومعنى البيت عنده: قلت لها ضُمِّي إِليك ثِيابَك وقد كانت رَفَعَتْها من
الفَزَع. وفي حديث عيسى، عليه السلام، عند نزوله: أَنه يزيد في الحِلال؛
قيل: أَراد أَنه إِذا نَزَل تَزَوَّجَ فزاد فيما أَحَلَّ اللهُ له أَي
ازداد منه لأَنه لم يَنْكِح إِلى أَن رُفِع.
وفي الحديث: أَنه كسا عليّاً، كرّم الله وجهه، حُلَّة سِيَراء؛ قال خالد
بن جَنْبة: الحُلَّة رِداء وقميص وتمامها العِمامة، قال: ولا يزال الثوب
الجَيِّد يقال له في الثياب حُلَّة، فإِذا وقع على الإِنسان ذهبت
حُلَّته حتى يجتمعن له إِمَّا اثنان وإِما ثلاثة، وأَنكر أَن تكون الحُلَّة
إِزاراً ورِداء وَحْدَه. قال: والحُلَل الوَشْي والحِبرَة والخَزُّ والقَزُّ
والقُوهِيُّ والمَرْوِيُّ والحَرِير، وقال اليَمامي: الحُلَّة كل ثوب
جَيِّد جديد تَلْبسه غليظٍ أَو دقيق ولا يكون إِلا ذا ثوبَين، وقال ابن
شميل: الحُلَّة القميص والإِزار والرداء لا تكون أَقل من هذه الثلاثة، وقال
شمر: الحُلَّة عند الأَعراب ثلاثة أَثواب، وقال ابن الأَعرابي: يقال
للإِزار والرداء حُلَّة، ولكل واحد منهما على انفراده حُلَّة؛ قال الأَزهري:
وأَما أَبو عبيد فإِنه جعل الحُلَّة ثوبين. وفي الحديث: خَيْرُ الكَفَن
الحُلَّة، وخير الضَّحِيَّة الكبش الأَقْرَن. والحُلَل: بُرود اليمن ولا
تسمى حُلَّة حتى تكون ثوبين، وقيل ثوبين من جنس واحد؛ قال: ومما يبين ذلك
حديث عمر: أَنه رأَى رجلاً عليه حُلَّة قد ائتزرَ بأَحدهما وارْتَدى
بالآخر فهذان ثوبان؛ وبَعَث عمر إِلى مُعاذ بن عَفْراء بحُلَّة فباعها واشترى
بها خمسة أَرؤس من الرقيق فأَعتقهم ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْن
يَلْبَسُهما على عِتْق هؤلاء لَغَبينُ الرأْي: أَراد بالقِشْرَتَين
الثوبين؛ قال: والحُلَّة إِزار ورداء بُرْد أَو غيره ولا يقال لها حُلَّة حتى
تكون من ثوبين والجمع حُلَل وحِلال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ليس الفَتى بالمُسْمِن المُخْتال،
ولا الذي يَرْفُل في الحِلال
وحَلَّله الحُلَّة: أَلبسه إِياها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليك عِطاف الحَياء،
وحَلَّلَك المَجْدَ بَنْيُ العُلى
أَي أَلْبَسك حُلَّته، وروى غيره: وجَلَّلَك. وفي حديث أَبي اليَسَر: لو
أَنك أَخَذْت بُرْدة غُلامك وأَعْطَيْتَه مُعافِرِيَّك أَو أَخَذْت
مُعافِريَّه وأَعطيته بُرْدتك فكانت عليك حُلَّة وعليه حُلَّة. وفي حديث
عَليّ: أَنه بعث ابنته أُم كلثوم إِلى عمر، رضي الله عنهم، لمَّا خَطَبَها
فقال لها: قُولي له أَبي يقول هل رَضِيت الحُلَّة؟ كَنى عنها بالحُلَّة
لأَن الحُلَّة من اللباس ويكنى به عن النساء؛ ومنه قوله تعالى: هُنَّ لِباس
لكم وأَنتم لباس لهن. الأَزهري: لَبِس فلان حُلَّته أَي سِلاحه.
الأَزهري: أَبو عَمْرو الحُلَّة القُنْبُلانِيَّة وهي الكَراخَة.
وفي حديث أَبي اليَسَر
(* قوله «وفي حديث أَبي اليسر» الذي في نسخة
النهاية التي بأيدينا أنه حديث عمر) والحُلاَّن الجَدْيُ، وسنذكره في
حلن.والحِلَّة: شجرة شاكَة أَصغر من القَتادة يسميها أَهل البادية
الشِّبْرِق، وقال ابن الأَعرابي: هي شجرة إِذا أَكَلَتْها الإِبل سَهُل خروج
أَلبانها، وقيل: هي شجرة تنبت بالحجاز تظهر من الأَرض غَبْراء ذات شَوْك
تأْكلها الدواب، وهو سريع النبات ينبت بالجَدَد والآكام والحَصباء، ولا ينبت
في سَهْل ولا جَبَل؛ وقال أَبو حنيفة: الحِلَّة شجرة شاكَة تنبت في غَلْظ
الأَرض أَصغر من العَوْسَجة ووَرَقُها صغار ولا ثمر لها وهي مَرْعى
صِدْقٍ؛ قال:
تأْكل من خِصْبٍ سَيالٍ وسَلَم،
وحِلَّة لَمَّا تُوَطَّأْها قَدَم
والحِلَّة: موضع حَزْن وصُخور في بلاد بني ضَبَّة متصل برَمْل.
وإحْلِيل: اسم واد؛ حكاه ابن جني؛ وأَنشد:
فلو سَأَلَتْ عَنَّا لأُنْبِئَتَ آنَّنا
بإِحْلِيل، لا نُزْوى ولا نتَخَشَّع
وإِحْلِيلاء: موضع. وحَلْحَل القومَ: أَزالهم عن مواضعهم.
والتَّحَلْحُل: التحرُّك والذهاب. وحَلْحَلْتهم: حَرَّكْتهم. وتَحَلْحَلْت عن المكان
كتَزَحْزَحْت؛ عن يعقوب. وفلان ما يَتَحَلْحل عن مكانه أَي ما يتحرك؛
وأَنشد للفرزدق:
ثَهْلانُ ذو الهَضَبات ما يَتَحَلْحَل
قال ابن بري: صوابه ثَهْلانَ ذا الهَضَبات، بالنصب، لأَن صدره:
فارفع بكفك إِن أَردت بناءنا
قال: ومثله لليلى الأَخيلية:
لنا تامِكٌ دون السماء، وأَصْلُه
مقيم طُوال الدهر، لن يَتَحَلْحلا
ويقال: تَحَلْحَل إِذا تَحَرَّك وذهب، وتَلَحْلَح إِذا أَقام ولم
يتحرَّك. والحَلُّ: الشَّيْرَج. قال الجوهري: والحَلُّ دُهْن السمسم؛ وأَما
الحَلال في قول الراعي:
وعَيَّرني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يكن
ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثة خالِقُه
فهو لقب رجل من بني نُمَيْر؛ وأَما قول الفرزدق:
فما حِلَّ من جَهْلٍ حُبَا حُلَمائنا،
ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنَّف
أَراد حُلَّ، على ما لم يسم فاعله، فطرح كسرة اللام على الحاء؛ قال
الأَخفش: سمعنا من ينشده كذا، قال: وبعضهم لا يكسر الحاء ولكن يُشِمُّها
الكسر كما يروم في قيل الضم، وكذلك لغَتُهم في المُضعَّف مثل رُدَّ
وشُدَّ.والحُلاحِل: السَّيِّد في عشيرته الشجاع الرَّكين في مجلسه، وقيل: هو
الضَّخْم المروءة، وقيل: هو الرَّزِين مع ثَخانة، ولا يقال ذلك للنساء،
وليس له فعل، وحكى ابن جني: رجل مُحَلْحَل ومُلَحْلَح في ذلك المعنى، والجمع
الحَلاحِل؛ قال امرؤ القيس:
يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا،
القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا
قال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛ يقال: حَوْلٌ حُلاحِل أَي تام؛
قال بُجَير بن
لأْي بن حُجْر:
تُبِين رُسوماً بالرُّوَيْتِج قد عَفَتْ
لعَنْزة، قد عُرِّين حَوْلاً حُلاحِلا
وحَلْحَل: اسم موضع. وحَلْحَلة: اسم رجل. وحُلاحِل: موضع، والجيم أَعلى.
وحَلْحَل بالإِبل: قال لها حَلْ حَلْ، بالتخفيف؛ وأَنشد:
قد جَعَلَتْ نابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ
أُخْراً، وإِن صاحوا به وحَلْحَلوا
الأَصمعي: يقال للناقة إِذا زَجَرَتْها: حَلْ جَزْم، وحَلٍ مُنَوَّن،
وحَلى جزم لا حَليت؛ قال رؤبة:
ما زال سُوءُ الرَّعْي والتَّنَاجِي،
وطُولُ زَجْرٍ بحَلٍ وعاجِ
قال ابن سيده: ومن خفيف هذا الاسم حَلْ وحَلٍ، لإِناث الإِبل خاصة.
ويقال: حَلا وحَلِيَ لا حَليت، وقد اشتق منه اسم فقيل الحَلْحال؛ قال
كُثَيِّر عَزَّة:
نَاجٍ إِذا زُجِر الركائبُ خَلْفَه،
فَلَحِقْنه وثُنِينَ بالحَلْحال
قال الجوهري: حَلْحَلْت بالناقة إِذا قلت لها حَلْ، قال: وهو زَجْر
للناقة، وحَوْبٌ زَجْر للبعير؛ قال أَبو النجم:
وقد حَدَوْناها بحَوْبٍ وحَلِ
وفي حديث ابن عباس: إِن حَلْ لَتُوطِيءُ الناس وتُؤْذِي وتَشْغَل عن ذكر
الله عز وجل، قال: حَلْ زَجْر للناقة إِذا حَثَثْتَها على السير أَي إِن
زجرك إِياها عند الإِفاضة من عرفات يُؤَدِّي إِلى ذلك من الإِيذاء
والشَّغْل عن ذكر الله، فَسِرْ على هِينَتِك.
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أَحدهما
قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي
في رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء
وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك
بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛ قال أَبو خراش
في معنى النَّفْس الروح:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ،
ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قال ابن بري: الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم
الجوهري، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ
إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن
سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا
جَفْنَ سيف، وجفن السيف منقطع منه، والنفس ههنا الروح كما ذكر؛ ومنه
قولهم: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وقال الشاعر:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ،
إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قال ابن خالويه: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس ما يكون به التمييز،
والنَّفْس الدم، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بمعنى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ
دَبْغة. قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به
التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،
فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول
بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:
تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،
ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس
بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على
أَنْفُسِكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا
محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي
تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري: إِن
النَّفْس هنا الغَيْبُ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة
أُوقِعَتْ على الغَيْبِ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله: إِنك أَنت
عَلاَّمُ الغُيُوب، كأَنه قال: تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ. والعرب قد
تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن، وذلك أَن النَّفْس قد
تأْمره بالشيء وتنهى عنه، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه، فجعلوا التي
تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى؛ وعلى ذلك قول
الشاعر:يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ،
أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها؟
وأَنشد الطوسي:
لمْ تَدْرِ ما لا؛ ولَسْتَ قائِلَها،
عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً
فِيهَا وفي أُخْتِها، ولم تَكَدِ
وقال آخر:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قالت: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ،
تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تقول: اجْهَدْ نجاءك، لا تَكُنْ
كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم: عندي ثلاثة أَنْفُسٍ.
وكقوله تعالى: أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب
اللَّه؛ قال ابن سيده: وقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛
أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا
ما عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما
تعلَمُ. وقوله تعالى: ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه؛ أَي يحذركم إِياه، وقوله
تعالى: اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل
إسنسان نَفْسان: إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز، والأُخرى نَفْس
الرُّوح الذي به الحياة. وقال أَبو بكر بن الأَنباري: من اللغويين من
سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة
والرُّوح مذكر، قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة، والنفس هي التي بها
العقل، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه، ولا يقبض الروح
إِلا عند الموت، قال: وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها
واتصاله بها، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به، وقال
الزجاج: لكل إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا
نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما قال اللَّه تعالى، والأُخرى نفس
الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ، والنائم يَتَنَفَّسُ، قال: وهذا الفرق
بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ؛ قال: ونفس
الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به، والنَّفْس الدمُ؛ وفي
الحديث: ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات
فيه، وروي عن النخعي أَنه قال: كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء
فإِنه يُنَجِّسه، أَراد كل شيء له دم سائل، وفي النهاية عنه: كل شيء ليست له
نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل.
والنَّفْس: الجَسَد؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم
قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن
شمر
(* قوله «عمرو بن شمر» كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي
العكس.) الحنفي قتله:
نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا
أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ
شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدم، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه
ونفسه. اللحياني: العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت
نَفْسَين فإِذا قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وكذلك
جميع العدد، قال: وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع،
قال: حكي جميع ذلك عن الكسائي، وقال سيبويه: وقالوا ثلاثة أَنْفُس
يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان، أَلا ترى أَنهم
يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء؟ قال: وزعم يونس عن رؤبة أَنه قال
ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس،
وكما قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء؛ وقال الحطيئة:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزَّمانُ على عِيالي
وقوله تعالى: الذي خلقكم من نَفْس واحدة؛ يعي آدم، عليه السلام، وزوجَها
يعني حواء. ويقال: ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً. وقوله في
الحديث: بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ
إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس، وأَطلق النَّفَس
على القرب، وقيل: معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان،
أَراد: إِني بعثت في وقت قريب منها، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس
الإِنسان إِذا قرب منه، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت
علاماتها؛ ويروى: في نَسَمِ الساعة، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس: ذو
النَّفَس. ونَفْس الشيء: ذاته؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل،
ونَفْسُ الجبل مُقابِلي، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به. يقال: رأَيت
فلاناً نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وثوب ذو
نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: العائن.
والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس
ليُصيبَها، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه؛ هذه عن اللحياني.ويقال: أَصابت
فلاناً نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين. وفي الحديث: نهى
عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس؛ النَّفْس: العين،
هو حديث مرفوع إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، عن أَنس. ومنه الحديث:
أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال: إِنه كان فيها أَنْفُس
سَبْعَة، يريد عيونهم؛ ومنه حديث ابن عباس: الكِلابُ من الجِنِّ فإِن
غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً. ويقالُ:
نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابن الأَعرابي:
النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة
والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس
العين التي تصيب المَعِين.
والنَّفَس: الفَرَج من الكرب. وفي الحديث: لا تسبُّوا الريح فإِنها من
نَفَس الرحمن، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر
الغيث ويُذْهب الجدبَ، وقيل: معناه أَي مما يوسع بها على الناس، وفي الحديث:
أَنه، صلى اللَّه عليه وسلم، قال: أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن، وفي
رواية: أَجد نَفَس الرحمن؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز
وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد،
ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده
التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها، أَو من نَفَس الريح
الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها
فينفرج به عنه، وقيل: النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر
الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً،كما يقال فَرَّجَ
يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قال: اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ
اليمن، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين، والتَّفْريج مصدر
حقيقي، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر؛ وكذلك قوله: الريح من نَفَس الرحمن
أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين. قال العتبي:
هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ
منهم: ليس لنا ريح. والنَّفَس: خروج الريح من الأَنف والفم، والجمع
أَنْفاس. وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس.
والتَنَفُّس: استمداد النَفَس، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس
الصُّعَداء، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها. والنَّفَس
أَيضاً: الجُرْعَة؛ يقال: أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي
جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب؛ قال
جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ
وفي الحديث: نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء. وفي حديث آخر: أَنه كان
يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب؛ قال الأَزهري: قال بعضهم
الحديثان صحيحان. والتَنَفُّس له معنيان: أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في
الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه، والنَّفَس الآخر أَن
يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل
نَفَسٍ. ويقال: شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا
ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه
ثم لا يعود له؛ وقال أَبو وجزة السعدي:
وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ،
في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابن الأَعرابي: شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ؛ قال محمد بن
المكرم: قوله النَّفَس الجُرْعة، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين
أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه، فيه نظر، وذلك أَن النّفَس الواحد
يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس
الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة
عدة جُرَع. ويقال: فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد، واللَّه أَعلم.
ويقال: اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عنه
تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يقال: نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها.
وفي الحديث: من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من
كُرَب الآخرة، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه
كُرْبة من كُرَب يوم القيامة. ويقال: أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة،
واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض
والحوادث والآفات. والنَّفَس: مثل النَّسيم، والجمع أَنْفاس.
ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع. وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي
أَعرض وأَطول وأَمثل. وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع. وفي
الحديث: ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً. ويقال: هذا المنزل
أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما
أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما.
ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع. وفي الحديث: من نَفَّس عن غريمه أَي
أَخَّر مطالبته. وفي حديث عمار: لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت
تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول
وسهلت عليه الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها. وقال
اللحياني: إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً، وقال ابن
الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ،
في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ
أَي في وقت كوكب. وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عن اللحياني.
ويقال: بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع. ويقال: لك في هذا الأَمر
نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير
نهاراً بيّناً. وتَنَفَّس النهار وغيره: امتدَّ وطال. ويقال للنهار إِذا زاد:
تَنَفَّسَ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ. وقال اللحياني: تَنَفَّس
النهار انتصف، وتنَفَّس الماء. وقال اللحياني: تَنَفَّس النهار انتصف،
وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع؛
أَنشد ثعلب:
ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها،
تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا
وقال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع
النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح. وقال مجاهد: إِذا
تَنَفَّس إِذا طلع، وقال الأَخفش: إِذا أَضاء، وقال غيره: إِذا تنَفَّس إِذا
انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه. ويقال: كتبت كتاباً نَفَساً أَي
طويلاً؛ وقول الشاعر:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي ساعة بعد ساعة. ونَفَسُ الساعة: آخر الزمان؛ عن كراع.
وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب. ونَفْسَ الشيء، بالضم،
نَفاسَةً، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وصار مرغوباً فيه، وكذلك رجل نافِسٌ
ونَفِيسٌ، والجمع نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صار نَفيساً. وهذا أَنْفَسُ مالي
أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي. وقال اللحياني: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ
المال الذي له قدر وخَطَر، ثم عَمَّ فقال: كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ
ومُنْفِس؛ قال النمر بن تولب:
لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلَكْتُ، فعند ذلك فاجْزَعي
وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. ويقال: إِن
الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه. وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني:
رغَّبني فيه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً،
ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فيه. وأَمر مَنْفُوس فيه: مرغوب. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ
أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه. ونَفِسَ عليه
بالشيء نَفَساً، بتحريك الفاء، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نادرة:
ضَنَّ. ومال نَفِيس: مَضْمون به. ونَفِسَ عليه بالشيء، بالكسر: ضَنَّ به
ولم يره يَسْتأْهله؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه؛ وأَما قول
الشاعر:وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها،
تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا، وإِما أَن يريد تُنافِسُ
أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت.
وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه: تحاسدنا وتسابقنا. وفي التنزيل
العزيز: وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب
المتَراغبون. وفي حديث المغيرة: سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه
المُنافَسة والمغالبة على الشيء. وفي حديث إِسمعيل، عليه السلام: أَنه
تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً. ونافَسْتُ في
الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم.
وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا. وفي الحديث: أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما
بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها؛ هو من
المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في
نوعه.ونَفِسْتُ بالشيء، بالكسر، أَي بخلت. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه:
لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فما نَفِسْناه عليك.
وحديث السقيفة: لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل.
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ. والنَّفْسُ:
الدم. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي
نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت. وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة
والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن
اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على
فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛
وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً. وفي الحديث: أَن
أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث:
فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها. وحكى ثعلب:
نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول. وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن
يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ
فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن
صعصعة:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً
على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بولد. وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء
إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك،
ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة
البكر أَشد من ولادة الثيب. وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما
تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من
قرابة؛ وقولُ امرئ القيس:
ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ
أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود. وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد
كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛
مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا
يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه
أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وفي حديث
أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه
صلى عليه ولم يَعمل ذنباً. وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى
يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش
فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد:
أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا
الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من
تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس
منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا
تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس
القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس
الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة. والنَّفْسُ من
الدباغ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره.
يقال: هب لي نَفْساً من دباغ؛ قال الشاعر:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ
في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ؟
قال الأَصمعي: بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت:
تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي
فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة، أَرادت قدر
دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وهي
الجلود التي تجعل في الدِّباغ، وقيل: النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ،
والجمع أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثعلب:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به،
على الماء، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ.
والنَّافِسُ: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: وفيه خمسة فروض
وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم
يفز، ويقال هو الرابع.
خبر: الخَبِيرُ: من أَسماء الله عز وجل العالم بما كان وما يكون.
وخَبُرْتُ بالأَمر
(* قوله: «وخبرت بالأمر» ككرم. وقوله: وخبرت الأمر من باب
قتل كما في القاموس والمصباح). أَي علمته. وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ
إِذا عرفته على حقيقته. وقوله تعالى: فاسْأَلْ بهِ خَبِيراً؛ أَي اسأَل عنه
خبيراً يَخْبُرُ.
والخَبَرُ، بالتحريك: واحد الأَخبْار. والخَبَرُ: ما أَتاك من نَبإِ عمن
تَسْتَخْبِرُ. ابن سيده: الخَبَرُ النَّبَأُ، والجمع أَخْبَارٌ،
وأَخابِير جمع الجمع. فأَما قوله تعالى: يومئذٍ تُحَدِّثُ أَخَبْارَها؛ فمعناه
يوم تزلزل تُخْبِرُ بما عُمِلَ عليها. وخَبَّرَه بكذا وأَخْبَرَه:
نَبَّأَهُ. واسْتَخْبَرَه: سأَله عن الخَبَرِ وطلب أَن يُخْبِرَهُ؛ ويقال:
تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ واسْتَخْبَرْتُه؛ ومثله تَضَعَّفْتُ الرجل
واسْتَضْعَفْتّه، وتَخَبَّرْتُ الجواب واسْتَخْبَرْتُه. والاسْتِخْبارُ والتَّخَبُّرُ:
السؤال عن الخَبَر. وفي حديث الحديبية: أَنه بعث عَيْناً من خُزَاعَةَ
يَتَخَبَّر له خَبَرَ قريش أَي يَتَعَرَّفُ؛ يقال: تَخَبْرَ الخَبَرَ
واسْتَخْبَر إِذا سأَل عن الأَخبْارِ ليعرفها.
والخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ ورجل خابر وخَبِير: عالم
بالخَبَرِ. والخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ وقال أَبو حنيفة في وصف شجر: أَخْبَرَني بذلك
الخَبِرُ، فجاء به على مثال فَعِلٍ؛ قال ابن سيده: وهذا لا يكاد يعرف
إِلاَّ أَن يكون على النسب. وأَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ ما عنده.
وحكي اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرَى له أَيْنَ خَبَرٌ وما يُدُرَى له
ما خَبَرٌ أَي ما يدرى، وأَين صلة وما صلة. والمَخْبَرُ: خلاف
المَنْظَرِ، وكذلك المَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، بضم الباء، وهو نقيض المَرْآةِ
والخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ،
كله: العِلْمُ بالشيء؛ تقول: لي به خِبْرٌ، وقد خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً
وخُبْرَةً وخِبْراً واخْتَبَره وتَخَبَّرهُ؛ يقال: من أَين خَبَرْتَ هذا
الأَمر أَي من أَين علمت؟ وقولهم: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي
لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يقال: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. وأَما قول أَبي الدرداء:
وجدتُ الناسَ اخْبُرْ نَقْلَه؛ فيريد أَنك إِذا خَبَرْتَهُم قليتهم،
فأَخرج الكلام على لفظ الأَمر، ومعناه الخَبَرُ. والخُبْرُ: مَخْبُرَةُ
الإِنسان. والخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ وخَبَرْتُ الرجل أَخْبُرُه خُبْرِاً
وخُبْرَةً. والخِبْيرُ: العالم؛ قال المنذري سمعت ثعلباً يقول في قوله:
كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا
فقال: هذا مقلوب إِنما ينبغي أَن يقول كفى قوماً بصاحبهم خُبْراً؛ وقال
الكسائي: يقول كفى قوم. والخَبِيرُ: الذي يَخْبُرُ الشيء بعلمه؛ وقوله
أَنشده ثعلب:
وشِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي
فسره فقال: معناه ما تجدين في نفسك من العيّ أَن تستخبري. ورجل
مَخْبَرانِيٌّ: ذو مَخْبَرٍ، كما قالوا مَنْظَرانِيّ أَي ذو مَنْظَرٍ. والخَبْرُ
والخِبْرُ: المَزادَةُ العظيمة، والجمع خُبُورٌ، وهي الخَبْرَاءُ أَيضاً؛
عن كراع؛ ويقال: الخِبْرُ، إِلاَّ أَنه بالفتح أَجود؛ وقال أَبو الهيثم:
الخَبْرُ، بالفتح، المزادة، وأَنكر فيه الكسر؛ ومنه قيل: ناقة خَبْرٌ
إِذا كانت غزيرة. والخَبْرُ والخِبْرُ: الناقة الغزيرة اللبن. شبهت
بالمزادة في غُزْرِها، والجمع كالجمع؛ وقد خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عن اللحياني.
والخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. والخَبِرَةُ: القاع يُنْبِتُ السِّدْرَ،
وجمعه خَبِرٌ، وهي الخَبْراءُ أَيضاً، والجمع خَبْراوَاتٌ وخَبَارٌ؛ قال
سيبويه: وخَبَارٌ كَسَّرُوها تكسير الأَسماء وَسَلَّموها على ذلك وإِن
كانت في الأَصل صفة لأَنها قد جرت مجرى الأَسماء. والخَبْراءُ: مَنْقَعُ
الماء، وخص بعضهم به منقع الماء في أُصول السِّدْرِ، وقيل: الخَبْراءُ القاع
ينبت السدر، والجمع الخَبَارَى والحَبارِي مثل الصحارَى والصحارِي
والخبراوات؛ يقال: خَبِرَ الموضعُ، بالكسر، فهو خَبِرٌ؛ وأَرض خَبِرَةٌ.
والخَبْرُ: شجر السدر والأَراك وما حولهما من العُشْبِ؛ واحدته
خَبْرَةٌ. وخَبْراءُ الخَبِرَةِ: شجرها؛ وقيل: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ في
القِيعانِ. والخَبْرَاءُ: قاع مستدير يجتمع فيه الماء، وجمعه خَبَارَى
وخَبَاري. وفي ترجمة نقع: النَّقائهعُ خَبَارَى في بلاد تميم. الليث:
الخَبْراءُ شَجْراءُ في بطن روضة يبقى فيها الماء إِلى القيظ وفيها ينْبت
الخَبْرُ، وهو شجر السدر والأَراك وحواليها عُشْبٌ كثير، وتسمى الخَبِرَةَ،
والجمع الخَبِرُ. وخَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قال الشاعر:
فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، وهَلِّلَتْ
عليكَ رِياضٌ من سَلامٍ ومن خَبْرِ
والخَبْرُ من مواقع الماء: ما خَبِرَ المَسِيلُ في الرؤوس فَتَخُوضُ
فيه. وفي الحديث: فَدَفعنا في خَبَارٍ من الأَرض؛ أَي سهلة لينة. والخَبارُ
من الأَرض: ما لانَ واسْتَرخَى وكانت فيهع جِحَرَةٌ. والخَبارُ:
الجَراثيم وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، واحدته خَبارَةٌ. وفي المثل: من تَجَنَّبَ
الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. والخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تتعتع فيه الدوابُّ؛
وأَنشد:
تَتَعْتَع في الخَبارِ إِذا عَلاهُ،
ويَعْثُر في الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ
ابن الأَعرابي: والخَبارُ ما اسْتَرْخَى من الأَرض وتَحَفَّرَ؛ وقال
غيره: وهو ما تَهَوَّرَ وساخَتْ فيه القوائم. وخَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً:
كثر خَبارُها. والخَبْرُ: أَن تزرع على النصف أَو الثلث من هذا، وهي
المُخابَرَةُ، واشتقت من خَيْبَرَ لأَنها أَول ما أُقْطِعَتْ كذلك.
والمُخابَرَةُ: المزارعة ببعض ما يخرج من الأَرض، وهو الخِبْرُ أَيضاً،
بالكسر. وفي الحديث: كنا نُخابر ولا نرى بذلك بأْساً حتى أَخْبَرَ رافعٌ
أَن رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عنها. وفي الحديث: أَنه نهى عن
المُخابرة؛ قيل: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما؛ وقيل:
هو من الخَبارِ، الأَرض اللينة، وقيل: أَصل المُخابرة من خَيْبر، لأَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقرها في أَيدي أَهلها على النصف من محصولها؛
فقيل: خابَرَهُمْ أَي عاملهم في خيبر؛ وقال اللحياني: هي المزارعة فعمّ
بها. والمُخَابَرَةُ أَيضاً: المؤاكرة. والخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قال:
تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ من كلِّ جانِبٍ،
كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِيرُها
رفع خبيرها على تكرير الفعل، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها.
والخَبْرُ الزَّرْعُ.
والخَبِيرُ: النبات. وفي حديث طَهْفَةَ: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي
نقطع النبات والعشب ونأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرَ الإِبل، وهو وبَرُها لأَنه
ينبت كما ينبت الوبر. واستخلابه: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، وهو المِنْجَلُ.
والخَبِيرُ: يقع على الوبر والزرع والأَكَّار. والخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قال
أَبو النجم يصف حمير وحش:
حتى إذا ما طار من خَبِيرِها
والخَبِيرُ: نُسَالة الشعر، والخَبِيرَةُ: الطائفة منه؛ قال المتنخل
الهذلي:
فآبوا بالرماحِ، وهُنَّ عُوجٌ،
بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاطُ
والمَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. والخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ وقيل: زَبَدُ
أَفواه الإِبل؛ وأَنشد الهذلي:
تَغَذّمْنَ، في جانِبيهِ، الخَبِيـ
ـرَ لَمَّا وَهَى مُزنُهُ واسْتُبِيحَا
تغذمن من يعني الفحول أَي الزَّبَدَ وعَمَيْنَهُ.
والخُبْرُ والخُبْرَةُ: اللحم يشتريه الرجل لأَهله؛ يقال للرجل: ما
اختَبَرْتَ لأَهلك؟ والخُبْرَةُ: الشاة يشتريها القوم بأَثمان مختلفة ثم
يقتسمونها فَيُسْهِمُونَ كل واحد منهم على قدر ما نَقَدَ. وتَخَبَّرُوا
خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فذبحوها واقتسموها. وشاة خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛
قال ابن سيده: أُراه على طرح الزائد. والخُبْرَةُ، بالضم: النصيب تأْخذه
من لحم أَو سمك؛ وأَنشد:
باتَ الرَّبِيعِيُّ والخامِيز خُبْرَتُه،
وطاحَ طَيُّ بني عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ
وفي حديث أَبي هريرة: حين لا آكلُ الخَبِيرَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء
في رواية أَي المَأْدُومَ. والخَبير والخُبْرَةُ: الأَدام؛ وقيل: هو
الطعام من اللحم وغيره؛ ويقال: اخْبُرْ طعامك أَي دَسِّمْهُ؛ وأَتانا
بِخُبْزَةٍ ولم يأْتنا بخُبْزَةٍ. وجمل مُخْتَبِرٌ: كثير اللحم. والخُبْرَةُ:
الطعام وما قُدِّم من شيء. وحكي اللحياني أَنه سمع العرب تقول: اجتمعوا
على خُبْرَتِه، يعنون ذلك. والخُبْرَةُ: الثريدة الضخمة. وخَبَرَ الطعامَ
يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. والخابُور: نبت أَو شجر؛ قال:
أَيا شَجَرَ الخابُورِ ما لَكَ مُورِقاً؟
كأَنَّكَ لم تَجْزَعُ على ابنِ طَرِيفِ
والخابُور: نهر أَو واد بالجزيرة؛ وقيل: موضع بناحية الشام. وخَيْبَرُ:
موضع بالحجاز قرية معروفة. ويقال: عليه الدَّبَرَى
(* قوله: «عليه الدبرى
إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس. وسيأتي في خ س ر يقول: بفيه البرى).
وحُمَّى خَيْبَرى.
طبق: الطَّبَقُ غطاء كل شيء، والجمع أَطْباق، وقد أَطْبَقَه وطَبَّقَه
انْطَبَقَ وتَطَبَّقَ: غَطَّاه وجعله مُطَبَّقاً؛ ومنه قولهم: لو
تَطَبَّقَت السماء على الأَرض ما فعلت كذا. وفي الحديث حِجابُه النُّورُ
لو كُشِفَ طَبَقُه لأَحْرَقت سُبحاتُ وَجهِه كلَّ شيء أَدّرَكه بصرُه؛
الطَّبَقُ: كلُّ غطاء لازم على الشيء. وطَبَقُ كلِّ شيء: ما ساواه، والجمع
أَطْباقٌ؛ وقوله:
ولَيْلة ذات جَهامٍ أَطْباق
معناه أَن بعضَه طَبَقٌ لبعض أَي مُساوٍ له، وجَمَع لأَنه عنى الجنس،
وقد يجوز أَن يكون من نعت الليلة أَي بعضُ ظُلَمِها مُساوٍ لبعض فيكون
كجُبَّةٍ أَخْلاق ونحوها.
وقد طابَقَهُ مطابَقةً وطِباقاً. وتَطابَقَ
الشيئَان: تساوَيا. والمُطابَقةُ: المُوافَقة. والتَّطابُق: الاتفاق.
وطابَقْتُ بين الشيئين إِذا جعلتهما على حَذْو واحد وأَلزقتهما. وهذا الشيء
وَفْقُ هذا ووِفاقُه وطِباقُه وطابَقُهُ وطِبْقُه وطَبِيقُه ومُطْبِقُه
وقالَبُه وقالِبُه بمعنى واحد. ومنه قولهم: وافَقَ
شَنٌّ طَبَقَه. وطابَقَ بين قميصين. لَبِسَ أَحدهما على الآخر.
والسمواتُ
الطِّباقُ: سميت بذلك لمُطابَقة بعضها بعضاً أَي بعضها فوق بعض، وقيل:
لأَن بعضها مُطْبَق على بعض، وقيل: الطِّباقُ
مصدر طوبقَتْ طِباقاً. وفي التنزيل. أَلم تَرَوْا كيف خلق الله سَبْعَ
سَمَواتٍ طِباقاً؛ قال الزجاج: معنى طِباقاً مُطْبَقٌ بعضها على بعض،
قال: ونصب طِباقاً على وجهين: أَحدهما مطابَقة طِباقاً، والآخر من نعت سبع
أَي خلق سبعاً ذات طِباقٍ. الليث: السمواتُ طِباقٌ بعضها على بعض، وكل
واحد من الطباق طَبَقة، ويذكَّر فيقال طَبَقٌ؛ ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ
الأُمّة بعد الأُمّة. الأَصمعي: الطِّبْقُ، بالكسر، الجماعةْ من الناس. ابن
سيده: والطَّبَق الجماعة من الناس يَعْدِلون جماعةً مثلهم، وقيل: هو
الجماعة من الجراد والناس. وجاءنا طَبَقٌ من الناس وطِبْقٌ أَي كثير. وأَتى
طَبَقٌ من الجراد أَي جماعة. وفي الحديث: أَن مريم جاعَتْ فجاءَها طَبَقٌ
من جَرادٍ فصادَتْ منه، أَي قَطيعٌ من الجراد. والطَّبَقُ: الذي يؤكل
عليه أَو فيه، والجمع أَطْباقٌ.
وطَبَّقَ السَّحابُ الجَوَّ: غَشّاه، وسَحابةُ مُطَبِّقةٌ. وطَبَّقَ
الماءُ وَجْهَ الأَرض: غطّاه. وأَصبحت الأَرض طَبَقاً واحداً إِذا تغشّى
وجهُها بالماء. والماء طَبَقٌ للأَرض أَي غِشاء؛ قال امرؤ القيس:
دِيمةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،
طَبَقُ الأَرْضِ تَحَرَّى وتَدُرّ
وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً طَبَقاً أَي
مالِئاً للأَرض مغطّياً لها. يقال: غيث طَبَقٌ أَي عامٌّ واسع،. يقال: هذا مطر
طَبَقُ الأَرض إِذا طَبَّقها؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
طبق الأَرض تحرّى وتدر
ومن رواه طَبَقَ الأَرضِ نصبَه بقوله تحَرَّى. الأَصمعي في قوله غيثاً
طَبَقاً: الغيث الطَبق العامّ، وقال الأَصمعي في الحديث: قُرَيش الكَتَبَة
الحَسَبة مِلْحُ هذه الأُمّة، عِلْمُ عالِمهم طِباقُ الأَرض؛ كأَنه
يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها، وفي رواية: عِلْمُ عالمِ قُرَيْش طَبَقُ
الأَرض.
وطَبَّقَ الغيثُ الأَرضَ: ملأَها وعمّها. وغيثٌ طَبَقٌ: عامٌّ
يُطَبِّقُالأَرض. وطَبَّقَ الغيمُ
تَطْبيقاً: أَصاب مطرُه جميعَ الأَرض. وطِباقُ الأَرض وطِلاعُها سواء:
بمعنى مِلْئها. وقولهم: رحمة طِباقُ الأَرضِ أَي تُغَشِّي الأَرض كلها.
وفي الحديث: لله مائةُ رَحْمةٍ كلُّ رَحْمةٍ منها كطِباقِ الأَرض أَي
تُغَشِّي الأَرضَ كلها. ومنه حديث عمر: لو أَنَّ لي طِباقَ الأَرض ذهَباً أَي
ذهباً يعُمّ الأَرض فيكون طَبَقاً لها. وطَبَّقَ
الشيءُ: عَمَّ. وطَبَقُ الأَرض: وجهُها. وطِباقُ
الأَرض: ما عَلاها. وطَبَقاتُ الناس في مراتبهم. وفي حديث ابن مسعود في
أَشراط الساعة: تُوصَلُ الأَطْباقُ وتُقْطَعُ الأَرْحامُ؛ يعني
بالأَطْباقِ
البُعَداءَ والأَجانِبَ لأَن طَبَقاتِ الناس أَصناف مختلفة. وطابَقَه
على الأَمر: جامَعَه وأَطْبَقوا على الشيء: أَجمعوا عليه. والحروف
المُطْبَقة أَربعة: الصاد والضاد والطاء والظاء، وما سوى ذلك فمفتوح غير مُطْبَق.
والإِطْباقُ: أَن ترفع ظهرَ
لسانك إِلى الحنك الأَعلى مُطْبِقاً له، ولولا الإِطْباقُ لصارت الطاء
دالاً والصاد سيناً والظاء ذالاً ولخرجت الضاد من الكلام لأَنه ليس من
موضعها شيء غيرها، تزول الضاد إِذا عدم الإِطْباق البتة. وطابَقَ
لي بحقِّي وطابَقَ بحقِّي: أَذْعَنَ وأَقرَّ وبَخَعَ؛ قال الجعدي:
وخَيْل تُطابقُ بالدارعين،
طِباقَ الكِلاب يَطَأْنَ الهَراسا
ويقال: طابَقَ فلانٌ فلاناً إذا وافَقه وعاوَنَه. وطابَقَت المرأَةُ
زوْجهَا إذا واتتْه. وطابَقَ فلانٌ: بمعنى مَرَنَ. وطابَقَت الناقةُ
والمرأَةُ: انْقادت لمريدها. وطابَقَ على العمل: مارَنَ.
التهذيب: والمُطَبَّقُ شِبْه اللُّؤْلُؤ، إذا قُشر اللؤلؤ أخِذ قشرهُ
ذلك فأُلزِق بالغراء بعضه على بعض فيصير لؤلؤاً أَو شبْهَه. والانْطِباقُ:
مُطاوعة ما أطبقت. والطِّبْقُ والمُطَبَّقُ: شيء يُلْصَقُ به قشرُ اللؤلؤ
فيصير مثله، وقيل: كل ما أُلْزِقَ به شيء فهو طِبْقٌ. وطَبِقَت يدُه،
بالكسر، طَبَقاً، فهي طَبِقةٌ: لزِقت بالجنب ولا تنبسط. والتَّطْبِيقُ في
الصلاة: جعْلُ اليدين بين الفخذين في الركوع، وقيل: التَّطْبِيق في الركوع
كان من فعل المسلمين في أوَّل ما أمِروا بالصلاة، وهو إطْباقُ الكفين
مبسوطتين بين الركبتين إذا ركع، ثم أُمِروا بإلْقام الكفَّين رأُس
الركبتين، وكان ابن مسعود استمرّ على التَّطْبِيق لأنه لم يكن عَلِم الأَمْرَ
الآخر؛ وروى المنذري عن الحَرّبيّ قال: التَّطْبِيقُ في حديث ابن مسعود أن
يَضَع كفَّه اليمنى على اليسرى. يقال: طابَقْتُ وطَبَّقْت. وفي حديث ابن
مسعود: أنه كان يُطَبِّقُ في صلاته وهو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما
بين ركبتيه في الركوع والتشهد. وجاءت الإِبل طَبَقاً واحداً أي على خُفٍّ.
ومرّ طَبَقٌ من الليل والنهار أي بعضهما، وقيل معظمهما؛ قال ابن أحمر:
وتواهَقَتْ أخْفافُها طَبَقاً،
والظِّلُّ لم يَفْضُل ولم يُكْرِ
وقيل: الطَّبَقة عشرون سنة؛ عن ابن عباس من كتاب الهجري. ويقال: مَضى
طَبَقٌ من النهار وطَبَق من الليل أي ساعة، وقيل أي مُعْظَم منه؛ ومثله:
مضى طائفة من الليل. وطَبِقَت النجومُ إذا ظهرت كلها، وفلانَ يَرْعى طَبَقَ
النُّجوم؛ وقال الراعي:
أَرى إِبِلاَ تكالأَ راعِياها،
مَخافَة جارِها طَبَقَ النُّجوم
والطَّبَق: سدّ الجَراد عينَ الشمس. والطَّبَق: انطباق الغَيْم في
الهواء. وقول العباس في النبي، صلى الله عليه وسلم: إذا مَضى عالَمٌ بَدا
طَبَقٌ؛ فإِنه أَراد إِذا مضى قَرْن ظَهَر قَرْن آخر، وإِنما قيل للقَرْن
طَبَقٌ لأَنهم طَبَق للأَرض ثم يَنْقرضِون ويأْتي طَبَق للأَرض آخر، وكذلك
طَبَقات الناس كل طَبَقة طَبَقت زمانها. والطَّبَقة: الحال، يقال: كان
فلان من الدنيا على طَبَقات شَتَّى أي حالات. ابن الأَعرابي: الطَّبَقُ
الحال على اختلافها. والطَّبَقُ والطَّبَقة: الحال. وفي التنزيل:
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عن طَبَق؛ أي حالاً عن حال يوم القيامة. التهذيب: إن ابن عباس
قال لَتَرْكَبُنَّ، وفسَّررلتَصِيرنَّ الأُمور حالاً بعد حال في الشدّة،
قال: والعرب تقول وقع فلان في بنات طَبَق إذا وقع في الأَمر الشديد؛
وقال ابن مسعود: لتركَبُنَّ السماء حالاً بعد حال. وقال مَسروق: لتركَبَنَّ
يا محمد حالاً بعد حال، وقرأَ أَهل المدينة لتَرْكَبُنَّ طَبَقاً، يعني
الناس عامَّة، والتفسير الشِّدَّة؛ وقال الزجاج: لتركَبْنَّ حالاً بعد حال
حتى تصيروا إلى الله من إِحيّاء وإِماتَةٍ وبَعْثٍ، قال: ومن قرأَ
لتركَبَنَّ أراد لتركَبَنَّ يا محمد طَبَقاً عن طَبَق من أطبْاق السماء؛ قاله
أبو علي، وفسَّروا طَبَقاً عن طَبَقِ بمعنى حالاً بعد ؛ حال؛ ونظيرُ وقوع
عن مَوْقع بعد قول الأَعشى:
وكابِر تَلَدوُك عن كابر
أي بعد كابر؛ وقال النابغة:
بَقيّة قِدْر من قُدُورٍ تُوُورِثَتْ
لآلِ الجُلاحِ، كابراً بعد كابِرِ
وفي حديث عمرو بن العاص: إني كنت على أطبْاقٍ ثلاثٍ أي أحْوالٍ، واحدها
طَبَق. وأَخبر الحسن بأَمْرٍ فقال: إحْدى المُطْبِقات، قال أبو عمرو:
يُريد إحْدى الدواهي والشدايد التي تُطْبِقُ عليهم. ويقال للسنة الشديدة:
المُطْبِقة؛ قال الكميت:
وأَهْلُ السَّماحَة في المُطْبِقات،
وأَهل السَّكينةِ في المَحْفَلِ
قال: ويكون المُطْبَق بمعنى المُطْبِق. وولدتِ الغنم طَبَقاً وطِبْقاً
إِذا نُتِجَ بعضُها بعد بعض، وقال الأُموي: إِذا ولدتِ الغنمُ بعضها بعد
بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، وولَّدتها طَبَقاً وطَبَقَةً.
والطَّبَق والطَّبَقة: الفَقْرة حيث كانت، وقيل: هي ما بين الفقرتين، وجمعها
طِباق. والطَّبَقة: المفصل، والجمع طَبَق، وقيل: الطَّبَق عُظَيْم رَقيق
يفصل بين الفَقارَيْن؛ قال الشاعر:
أَلا ذهبَ الخُداعُ فلا خِداعا،
وأَبْدى السَّيفُ عن طَبَقٍ نُخاعا
وقيل: الطَّبَق فَقال الصلب أَجمع، وكل فَقار طَبَقة. وفي الحديث:
وتَبْقى أصْلابُ المنافقين طَبَقاً واحداً. قال أبو عبيد: قال الأَصمعي
الطَّبَقُ فَقار الظهر، واحدته طَبَقَة واحدة؛ يقول: فصار فَقارُهم كلُّه
فَقارةً واحداة فلا يدرون على السجود. وفي حديث ابن الزبير: قال لمعاوية
وايْمُ الله لئن ملك مَرْوانُ عِنان خيل تنقاد له في عثمان ليَرْكَبَنَّ منك
طَبَقاً تخافه، يريد فَقار الظهر، أي ليَرْكبن منك مَرْكباً صعباً وحالاً
لا يمكنك تَلافِيها، وقيل: أَراد بالطَّبَق المنازل والمراتب أي ليركبن
منك منزلة فوق منزلة في العداوة. ويقال: يدُ فلانٍ طَبَقَةٌ واحدة إذا لم
تكن منبسطة ذات مفاصل. وفي حديث الحجاج: فقال لرجل قُمْ فاضرب عُنُقَ هذا
الأَسير فقال: إِن يدي طَبِقَةٌ؛ هي التي لصق عَضُدُها بجنب صاحبه فلا
يستطيع أَن يحرّكها. وفي حديث عمْران بن حُصَيْن: أَن غلاماً له أَبَقَ
فقال لئن قدرت عليه لأَقطعن منه طابَِقَاً، قال: يريد عضواً. الأَصمعي:
كل مفصِل طَبَقٌ، وجمع أَطبْاق، ولذلك قيل للذي يصيب المفصل مُطَبِّقٌ؛
وقال:
ويَحْمِيكَ بالليِّن الحُسام المُطَبِّق
وقيل في جمعه طَوابِق. قال ثعلب:
الطَّابِقُ والطَّابَقُ العضو من أعضاء الإِنسان كاليد والرجل ونحوهما.
وفي حديث عليّ: إِنما أَمر في السارق بقطع طابِقِه أي يده. وفي الحديث:
فَخَبَزْتُ خبزاً وشويت طابَقاً من شاة أَي مقدار ما يأْكل منه اثنان أَو
ثلاثة. والطَّبَقَةُ من الأَرض: شبه المَشارَة، والجمع الطَّبَقات تخرج
بين السُّلحَفْاة والهِرْهِرِ
(* قوله «تخرج بين السلحفاة والهرهر» هكذا
هو بالأصل، ولعل قبله سقطاً تقديره ودويبة تخرج بين السلحفاة إلخ أَو نحو
ذلك). والمطَبَّقُ من السيوف: الذي يصيب المَفْصِل فيُبينُه يقال طَبَّق
السيفُ إِذا أَصاب المَفْصل فأَبان العضو؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
ومنه قولهم للرجل إذا أَصاب الحجة: إِنه يُطَبَّقُ المفصل. أََبو زيد:
يقال للبليغ من الرجال: قد طَبَّقَ المفصل وردَّ قالَبَ الكلام ووضع
الهِناء مواضع النُّقَب. وفي حديث ابن عباس: أَنه سأَل أَبا هريرة عن امرأَة
غير مدخول بها طلقت ثلاثاً، فقال: لا تحلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره، فقال
ابن عباس: طَبَّقْتَ؛ قال أَبو عبيد: قوله طبقت أَراد أَصبتَ وجه
الفُتْيا، وأَصله إِصابة المفصل وهو طَبَقُ العظمينِ أَي ملتقاهما فيفصل بينهما،
ولهذا قيل لأَعضاء الشاة طَوابِقُ، واحدها طابَقٌ، فإِذا فَصَّلها الرجل
فلم يخطئ المفاصل قيل قد طَبَّقَ؛ وأَنشد أَيضاً:
يُصمِّم أَحياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
والتصميم: أن يمضي في العظم، والتَّطْبِيقُ: إِصابة المفصل؛ قال الراعي
يصف إبلاً:
وطَبَّقْنَ عُرْضَ القُفِّ لما عَلَوْنَهُ،
كما طَبَّقَتْ في العظم مُدْيَةُ جازِرِ
وقال ذو الرمة:
لقد خَطَّ رُوميّ ولا زَعَماتِهِ
لعُتْبَةَ خطّاً، لم تُطَبَّقْ مفاصلُه
وطَبَّقَ
فلان إذا أَصاب فَصَّ الحديث. وطَبَّقَ السيفُ إِذا وقع بين عظمين.
والمُطَبَّقُ من الرجال: الذي يصيب الأُمور برأْيه، وأَصله من ذلك.
المُطابِقُ من الخيل والإِبل: الذي يضع رجله موضع يده. وتَطْبِيقُ الفرس:
تَقْرِيبُهُ في العَدْو. الأَصمعي: التَّطْبِيقُ أَن يَثِبَ البعيرُ فتقع قوائمه
بالأرض معاً؛ ومنه قول الراعي يصف ناقة نجيبة:
حتى إِذا ما اسْتَوى طَبِّقَتْ،
كما طَبَّقَ المِسْحَلُ الأَغْبَرُ
يقول: لما استوى الراكب عليها طَبَّقَتْ؛ قال الأَصمعي:
وأَحسن الراعي في قوله:
وهْيَ إِذا قام في غَرْزها،
كمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَر
لأَن هذا من صفة النجائب، ثم أَساء في قوله طَبَّقَتْ لأَن النجيبة
يستحب لها أَن تقدم يداً ثم تقدم الأُخرى، فإِذا طَبَّقَتْ لم تُحمْدَ؛ قال:
وهو مثل قوله:
حتى إذا ما استْوى في غَرْزها تَثِبُ
والمُطابَقَة: المشي في القيد وهو الرَّسْفُ. والمُطابَقَةُ: أَن يضع
الفرسُ رجلَه في موضع يده، وهو الأحَقُّ من الخيل. ومُطابَقَةُ الفرسِ
في جريه: وضع رجليه مواضع يديه. والمُطابَقَةُ: مشي المقيَّد.
وبنَاتُ الطَّبَقِ: الدواهي، يقال للداهية احدى بنات طَبَقٍ، ويقال
للدواهي بنات طَبَقٍ، ويروى أَن أَصلها الحية أَي أَنها استدارت حتى صارت مثل
الطَّبَقِ، ويقال إحدى بناتِ طَبَق شَرُّك على رأْسك، تقول ذلك للرجل
إِذا رأَى ما يكرهه؛ وقيل: بنتُ طَبَقٍ سُلحَفْاةٌ، وتَزْعُمُ العرب أَنها
تبيض تسعاً وتسعين بيضة كلها سَلاحِفُ، وتبيض بيضة تَنْقُفُ عن أَسود،
يقال: لقيت منه بناتِ طَبَقٍ وهي الداهية. الأَصمعي: يقال جاء بإِحدى بناتِ
طَبَقٍ وأَصلها من الحيَّات، وذكر الثعالبي أَن طَبَقاً حيَّة صفراء؛
ولمَّا نُعي المنصورُ إِلى خَلَف الأَحمر أَنشأَ يقول:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ،
فَذَمَّرُوهَا وَهْمَةً ضَخْم العُنُقْ،
موتُ الإِمامِ فِلْقَةٌ مِن الفِلَقْ
وقال غيره: قيل للحية أمُّ طَبَقٍ وبنتُ طَبَقٍ لتَرَحِّيها وتحَوّيها،
وأَكثر التَّرحِّي للأَفْعى، وقيل: قيل للحيات بناتُ طَبَقٍ لإِطْبَاقها
على من تلسعه، وقيل: إِنما قيل لها بناتُ طَبَقٍ لأَن الحَوَّاء يمسكها
تحت أَطْبَاق الأَسْفاط المُجَلّدة.
ورجل طَبَاقَاءُ: أَحمق، وقيل هو الذي ينكح، وكذلك البعير. جمل
طَبَاقَاءُ: للذي لا يَضْرب. والطَّبَاقاء: العَيِيُّ الثقيل الذي يُطْبِقُ على
الطَّرُوقة أَو المرأَة بصدره لصغره؛ قال جميل بن معمر:
طَبَاقَاءُ لم يَشْهد خصوماً، ولم يُنِخْ
قِلاصاً إلى أَكْوارها، حين تُعْكَفُ
ويروى عَيَاياءُ، وهما بمعنى؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
طَبَاقَاءُ لم يَشْهَد خصوماً، ولم يَعِشْ
حَميداً، ولم يَشْهَدْ حلالاً ولا عطرا
وفي حديث أُم زرع: أَن إحدى النساء وصفت زوجها فقالت: زوجي عَيَايَاءُ
طَبَاقَاءُ وكل دَاءٍ دواء؛ قال الأَصمعي: الطَّبَاقاء الأحمق الفَدْم؛
وقال ابن الأعرابي: هو المُطْبَقُ عليه حُمْقاً، وقيل: هو الذي أُموره
مُطْبَقةُ عليه أَي مُغَشَّاة، وقيل: هو الذي يعجز عن الكلام فَتَنْطَبق
شفتاه.
والطَّابَقُ والطَّابِقُ: ظَرْف يطبخ فيه، فارسي معرب، والجمع طَوَابِق
وطَوابِيق. قال سيبويه: أَما الذين قالوا طَوابيق فإِنما جعلوه تكسير
فَاعَال، وإِن لم يكن في كلامهم، كما قالوا مَلامِحُ. والطَّابَقُ: نصف
الشاة، وحكى اللحياني عن الكسائي طابِق وطابَق، قال ابن سيده: ولا أدري أيّ
ذلك عنى. وقولهم: صادف شَنٌّ طَبَقَه؛ هما قبيلتان شنٌّ بن أَفْصَى بن عبد
القيس وطَبَقٌ حيّ من إِياد، وكانت شَنّ لا يقام لها فواقعتها طَبَقٌ
فانتصفت منها، فقيل: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَه، وافقه فاعتنقه؛ قال الشاعر:
لَقِيَتْ شَناًّ إِيادٌ بالقَنَا
طَبَقاً، وافق شَنٌّ طَبَقَه
قال ابن سيده: وليس الشَّنُّ هنا القِربَة لأَن القربة لا طَبَقَ لها.
وقال أَبو عبيد عن الأَصمعي في هذا المثل: الشَّنُّ الوعاء المعمول من
أَدَمٍ، فإِذا يبس فهو شَنّ، وكان قوم لهم مثله فَتَشَنَّنَ فجعلوا له غطاء
فوافقه. وفي كتاب علي، رضوان الله عليه، إلى عمرو بن العاص: كما وافق
شَنٌّ طَبَقَه؛ قال: هذا مثل للعرب يضرب لكل اثنين أَو أمرين جَمَعَتْهُما
حالةٌ واحدة اتَّصف بها كلٌّ منهما، وأَصله أَن شَناًّ وطَبَقَة حيَّان
اتفقا على أَمر فقيل لهما ذلك، لأَن كل واحد منهما قيل ذلك له لما وافق
شكله ونظيره، وقيل: شَنٌّ رجل من دُهَاة العرب وطبقة امرأة من جنسه زُوجَتْ
منه ولهما قصة. التهذيب: والطَّبَقُ الدَّرَكُ من أَدراك جهنم. ابن
الأَعرابي: الطِّبْقُ الدِّبْقُ. والطَّبْق، بفتح الطاء: الظلم بالباطل.
والطِّبْقُ: الخلق الكثير: وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
كَأِنَّ أَيدِيَهُنَّ بالرَّغَامِ
أَيْدي نَبِيط، طَبَقَى اللِّطَامِ
فسره فقال: معناه مداركوه حاذقون به، ورواه ثعلب طَبِقي اللطام ولم
يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَن معناه لازقي اللطام بالملطوم. وأَتانا بعد
طَبَقٍ من الليل وطَبيقٍ: أَراه يعني بعد حين، وكذلك من النهار؛ وقول ابن
أَحمر:
وتَوَاهَقَتْ أَخفافها طَبَقاً،
والظلُّ لم يُفْضُلْ ولم يُكْرِ
قال ابن سيده: أَراه من هذا. والطِّبْق: حمل شجر بعينه.
والطُّبَّاقُ: نبت أو شجر. قال أَبو حنيفة: الطُّبَّاقُ شجر نحو القامة
ينبت متجاوراً لا يكاد يُرَى منه واحدة منفردة، وله ورق طوال دقاق خضر
تَتَلَزَّجُ إِذا غُمِزَ، وله نَوْرٌ أَصفر مجتمع؛ قال تأَبط شرّاً:
كأَنما حَثْحَثُوا حُصّاًّ قَوَادِمُهُ،
أَو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبَّاقِ
وروي عن محمد بن الحنفية أَنه وَصَفَ مَنْ يَلي الأَمر بعد السفياني
فقال: يكون بين شَثّ وطُبَّاقٍ؛ والشَثُّ والطُّبَّاق: شجرتان معروفتان
بناحية الحجار.
والحُمَّى المُطْبِقةُ: هي الدائمة لا تفارق ليلاً ولا نهاراً.
والطَّابَق والطَّابِق: الآجرّ الكبير، وهو فارسي معرب. ابن شميل: يقال
تحلَّبوا على ذلك الإِنسان طبَاقَاءَ، بالمد، أَي تجمعوا كلهم عليه. وفي
حديث أَبي عمرو النخعي: يَشْتَجِرُون اشْتِجَار أَطْباق الرأْس أَي عظامه
فإِنها مُتَطابقة مُشْتبكة كما تشتبك الأَصابع؛ أَراد التِحَام الحرب
والاختلاط في الفتنة.
وجاء فلان مُقْتَعِطاًّ إِذا متعمماً طَابِقِياًّ، وقد نهي عنها.
فصل: الليث: الفَصْل بَوْنُ ما بين الشيئين. والفَصْل من الجسد: موضع
المَفْصِل، وبين كل فَصْلَيْن وَصْل؛ وأَنشد:
وَصْلاً وفَصْلاً وتَجْميعاً ومُفْتَرقاً،
فَتْقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإِنسان ابن سيده: الفَصْل الحاجِز بين
الشيئين، فَصَل بينهما يفصِل فَصْلاً فانفصَل، وفَصَلْت الشيء فانصَل أَي
قطعته فانقطع.
والمَفْصِل: واحد مَفاصِل الأَعضاء. والانْفصال: مطاوِع فصَل.
والمَفْصِل: كل ملتقى عظمين من الجسد. وفي حديث النخعي: في كل مَفْصِل من الإِنسان
ثلُث دِيَة الإِصبع؛ يريد مَفْصِل الأَصابع وهو ما بين كل أَنْمُلَتين.
والفاصِلة: الخَرزة التي تفصِل بين الخَرزتين في النِّظام، وقد فَصَّلَ
النَّظْمَ. وعِقْد مفصَّل أَي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والفَصْل: القضاء
بين الحق والباطل، واسم ذلك القَضاء الذي يَفْصِل بينهما فَيْصَل، وهو
قضاء فَيْصَل وفاصِل. وذكر الزجاج: أَن الفاصِل صفة من صفات الله عز وجل
يفصِل القضاء بين الخلق.
وقوله عز وجل: هذا يوم الفَصْل؛ أَي هذا يوم يفصَل فيه بين المحسن
والمسيء ويجازي كل بعمله وبما يتفضل الله به على عبده المسلم. ويوم الفَصْل:
هو يوم القيامة، قال الله عز وجل: وما أَدراك ما يومُ الفَصْل. وقَوْل
فَصْل: حقٌّ ليس بباطل. وفي التنزيل العزيز: إِنَّه لقَوْل فَصْل. وفي صفة
كلام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فَصْل لا نَزْر ولا هَذْر أَي
بيِّن ظاهر يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه قوله تعالى: إِنه لقول فَصْل؛
أَي فاصِل قاطِع، ومنه يقال: فَصَل بين الخَصْمين، والنَّزْر القليل،
والهَذْر الكثير. وقوله عز وجل: وفَصْل الخطاب؛ قيل: هو البيّنة على المدَّعى
واليمين على المدَّعي عليه، وقيل: هو أَن يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه
قوله: إِنه لقول فَصْل؛ أَي يفصِل بين الحق والباطل، ولولا كلمة الفَصْل
لقضي بينهم. وفي حديث وَفْدِ عبد القيس: فمُرْنا بأَمر فَصْل أَي لا رجعة
فيه ولا مردَّ له.
وفَصَل من الناحية أَي خرج. وفي الحديث: من فَصَل في سبيل الله فمات أَو
قتِل فهو شهيد أَي خرج من منزله وبلده. وفاصَلْت شريكي.
والتفصيل: التبيين. وفَصَّل القَصَّاب الشاةَ أَي عَضَّاها.
والفَيْصَل: الحاكم، ويقال القضاء بين الحق والباطل، وقد فَصَل الحكم.
وحكم فاصِل وفَيْصَل: ماض، وحكومة فَيْصَل كذلك. وطعنة فَيْصَل: تفصِل بين
القِرْنَيْن. وفي حديث ابن عمر: كانت الفَيْصَل بيني وبينه أَي القطيعة
التامة، والياء زائدة. وفي حديث ابن جبير: فلو علم بها لكانت الفَيْصَل
بيني وبينه.
والفِصال: الفِطام؛ قال الله تعالى: وحَملُه وفِصالُه ثلاثون شهراً؛
المعنى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى منتهى الوقت الذي يُفْصَل فيه الولد عن
رَضاعها ثلاثون شهراً؛ وفَصَلت المرأَة ولدها أَي فطمَتْه. وفَصَل المولودَ
عن الرضاع يَفْصِله فَصْلاً وفِصالاً وافْتَصَلَه: فَطَمه، والاسم
الفِصال، وقال اللحياني: فَصَلته أُمُّه، ولم يخص نوعاً. وفي الحديث: لا رَضاع
بعد فِصال، قال ابن الأَثير: أَي بعد أَن يُفْصَل الولد عن أُمِّه، وبه
سمي الفَصِيل من أَولاد الإِبل، فَعِيل بمعنى مَفْعول، وأَكثر ما يطلق في
الإِبل، قال: وقد يقال في البقر؛ ومنه حديث أَصحاب الغار: فاشتريت به
فَصِيلاً من البقر، وفي رواية: فَصِيلةً، وهو ما فُصِل عن اللبن من أَولاد
البقر. والفَصِيل: ولد الناقة إِذا فُصِل عن أُمه، والجمع فُصْلان
وفِصال، فمن قال فُصْلان فعلى التسمية كما قالوا حرث وعبَّاس، قال سيبويه:
وقالوا فِصْلان شبهوه بغُراب وغِرْبان، يعني أَن حكْم فَعِيل أَن يكسَّر على
فُعْلان، بالضم، وحكم فُعال أَن يكسَّر على فِعْلان، لكنهم قد أَدخلوا
عليه فَعِيلاً لمساواته في العدَّة وحروف اللين، ومنْ قال فِصال فعلى الصفة
كقولهم الحرث والعبَّاس، والأُنثى فَصِيلة.
ثعلب: الفَصِيلة القطعة من أَعضاء الجسد وهي دون القَبيلة. وفَصِيلة
الرجل: عَشِيرته ورَهْطه الأَدْنَوْن، وقيل: أَقرب آبائه إِليه؛ عن ثعلب،
وكان يقال لعباس فَصِيلة النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن الأَثير:
الفَصِيلة من أَقرب عَشِيرة الإِنسان، وأَصل الفَصِيلة قطعة من لحم الفخِذ؛
حكاه عن الهروي. وفي التنزيل العزيز: وفَصِيلته التي تُؤْوِيِه. وقال
الليث: الفَصِيلة فخذ الرجل من قومه الذين هو منهم، يقال: جاؤوا بفَصِيلَتهم
أَي بأَجمعهم.
والفَصْل: واحد الفُصول.
والفاصِلة التي في الحديث: من أَنفق نفقة فاصلة في سبيل الله فبسبعمائة،
وفي رواية فله من الأَجْر كذا، تفسيرها في الحديث أَنها التي فَصَلَتْ
بين إِيمانه وكفره، وقيل: يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.
وفَصَلَ عن بلد كذا يَفْصِلُ فُصُولاً؛ قال أَبو ذؤَيب:
وَشِيكُ الفُصُول، بعيدُ الغُفُو
ل، إِلاَّ مُشاحاً به أَو مُشِيحا
ويروى: وَشِيك الفُضُول. ويقال: فَصَل فلان من عندي فُصُولاً إِذا خرج،
وفَصَل مني إِليه كتاب إِذا نفذ؛ قال الله عز وجل: ولما فَصَلَتِ
العِيرُ؛ أَي خرجت، فَفَصَلَ يكون لازماً وواقعاً، وإِذا كان واقعاً فمصدره
الفَصْل، وإِذا كان لازماً فمصدره الفصُول. والفَصِيل: حائط دون الحِصْن، وفي
التهذيب: حائط قصير دون سُورِ المدينة والحِصْن. وفَصَل الكَرْمُ: ظهر
حبُّه صغيراً أَمثال البُلْسُنِ.
والفَصْلة: النخلة المَنْقولة المحوَّلة وقد افْتَصَلَها عن موضعها؛ هذه
عن أَبي حنيفة. وقال هجري: خير النخل ما حوِّل فسيله عن منبته،
والفَسِيلة المحوَّلة تسمى الفَصْلة، وهي الفَصْلات، وقد افتصلنا فَصْلات كثيرة
في هذه السنة أَي حوَّلناها.
ويقال: فَصَّلْت الوِشاح إِذا كان نظمه مفصّلاً بأَن يجعل بين كل
لؤلؤتين مَرْجانة أَو شَذْرة أَو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد.
وتَفْصيل الجَزور: تَعْضِيَتُه، وكذلك الشاة تفصَّل أَعضاء.
والمفاصِل: الحجارة الصُّلْبة المُتَراصِفة، وقيل: المَفاصِل ما بين
الجَبلين، وقيل: هي منفصَل الجبل من الرمْلة يكون بينها رَضْراض وحصى صِغار
فيَصْفو ماؤه ويَرِقُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطافِيلَ أَبكار حديثٍ نِتاجُها،
يُشاب بماء مثل ماء المفاصِل
هو جمع المَفْصِل، وأَراد صفاء الماء لانحداره من الجبال لا يمرُّ بتراب
ولا بطين، وقيل: ماء المَفاصِل هنا شيء يسيل من بين المَفْصِلين إِذا
قطع أَحدهما من الآخر شبيه بالماء الصافي، واحدها مَفْصِل. التهذيب:
المَفْصِل كل مكان في الجبل لا تطلع عليه الشمس، وأَنشد بيت الهذلي، وقال أَبو
عمرو: المَفْصِل مَفْرق ما بين الجبل والسَّهْل، قال: وكل موضعٍ مَّا بين
جبلين يجري فيه الماء فهو مَفْصِل. وقال أَبو العميثل: المَفاصِل صُدوع
في الجبال يسيل منها الماء، وإِنما يقال لما بين الجبلين الشِّعب. وفي
حديث أَنس: كان على بطنه فَصِيل من حجر أَي قطعة منه، فَعِيل بمعنى مفعول.
والمَفْصِل، بفتح الميم: اللسان؛ قال حسان:
كِلْتاهما عَرق الزُّجاجة، فاسْقِني
بزُجاجة أَرْخاهما للمَفْصِل
ويروى المِفْصَل، وفي الصحاح: والمِفْصَل، بالكسر، اللسان؛ وأَنشد ابن
بري بيت حسان:
كلتاهما حَلَب العَصِير، فعاطِني
بزُجاجة أَرخاهما للمِفْصَل
والفَصْل: كلُّ عَرُوض بُنِيت على ما لا يكون في الحَشْو إِمَّا صحة
وإِمَّا إِعلال كمَفاعِلن في الطويل، فإِنها فَصْل لأَنها قد لزمها ما لا
يلزم الحَشْو لأَن أَصلها إِنما هو مَفاعيلن، ومفاعيلن في الحَشْو على
ثلاثة أَوجه: مفاعيلن ومَفاعِلن ومفاعيلُ، والعَروض قد لزمها مَفاعِلن فهي
فَصْل، وكذلك كل ما لزمه جنس واحد لا يلزم الحَشْو، وكذلك فَعِلن في البسيط
فَصْل أَيضاً؛ قال أَبو إِسحق: وما أَقلّ غير الفُصُول في الأَعارِيض،
وزعم الخليل أَن مُسْتَفْعِلُن في عَروض المُنْسَرِح فَصْل، وكذلك زعم
الأَخفش؛ قال الزجاج: وهو كما قال لأَن مستفعلن هنا لا يجوز فيها فعلتن فهي
فَصْل إِذ لزمها ما لا يلزم الحَشْو، وإِنما سمي فَصْلاً لأَنه النصف من
البيت.
والفاصِلة الصغرى من أَجزاء البيت: هي السببان المقرونان، وهو ثلاث
متحركات بعدها ساكن نحو مُتَفا من مُتَفاعِلُن وعلتن من مفاعلتن، فإِذا كانت
أَربع حركات بعدها ساكن مثل فَعَلتن فهي الفاصِلة الكُبْرى، قال: وإِنما
بدأْنا بالصغرى لأَنها أَبسط من الكُبْرى؛ الخليل: الفاصِلة في العَروض
أَن يجتمع ثلاثة أَحرف متحركة والرابع ساكن مثل فَعَلَت، قال: فإِن اجتمعت
أَربعة أَحرف متحركة فهي الفاضِلة، بالضاد المعجمة، مثل فعَلتن.
قال: والفَصل عند البصريين بمنزلة العِماد عند الكوفيين، كقوله عز وجل:
إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك؛ فقوله هو فَصْل وعِماد، ونُصِب الحق
لأَنه خبر كان ودخلتْ هو للفَصْل، وأَواخر الآيات في كتاب الله فَواصِل
بمنزلة قَوافي الشعر، جلَّ كتاب الله عز وجل، واحدتها فاصِلة.
وقوله عز وجل: كتاب فصَّلناه، له معنيان: أَحدهما تَفْصِيل آياتِه
بالفواصِل، والمعنى الثاني في فَصَّلناه بيَّنَّاه. وقوله عز وجل: آيات
مفصَّلات، بين كل آيتين فَصْل تمضي هذه وتأْتي هذه، بين كل آيتين مهلة، وقيل:
مفصَّلات مبيَّنات، والله أَعلم، وسمي المُفَصَّل مَفصَّلاً لقِصَر أَعداد
سُوَرِه من الآي. وفُصَيْلة: اسم.
نصص: النَّصُّ: رفْعُك الشيء. نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً: رفَعَه. وكل
ما أُظْهِرَ، فقد نُصَّ. وقال عمرو بن دينار: ما رأَيت رجلاً أَنَصَّ
للحديث من الزُّهْري أَي أَرْفَعَ له وأَسْنَدَ. يقال: نَصَّ الحديث إِلى
فلان أَي رفَعَه، وكذلك نصَصْتُه إِليه. ونَصَّت الظبيةُ جِيدَها:
رفَعَتْه.
ووُضِعَ على المِنَصَّةِ أَي على غاية الفَضِيحة والشهرة والظهور.
والمَنَصَّةُ: ما تُظْهَرُ عليه العروسُ لتُرَى،وقد نَصَّها وانتَصَّت هي،
والماشِطةُ تَنْتَصُّ عليها العروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهي
تَنْتَصُّ عليها لتُرَى من بين النساء. وفي حديث عبدالله بن زمعة: أَنه
تَزَوَّج بنتَ السائب فلما نُصَّت لتُهْدَى إِليه طلَّقها، أَي أُقعِدَت على
المِنَصَّة، وهي بالكسر، سريرُ العروسِ، وقيل: هي بفتح الميم الحجَلةُ
عليها
(* قوله: عليها؛ هكذا في الأصل، ولعله: الحَجلةُ عليها العروس.) من
قولهم نَصَّصْت المتاعَ إِذا جعلت بعضه على بعض. وكل شيء أَظْهرْته، فقد
نَصَّصْته. والمِنَصّة: الثياب المُرَفّعة والفرُشُ الموَطَّأَة.
ونصَّ المتاعَ نصّاً: جعلَ بعضه على بعض. ونَصَّ الدابةَ يَنُصُّها
نصّاً: رَفَعَها في السير، وكذلك الناقة. وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه
عليه وسلّم، حين دَفَع من عرفات سار العَنَقَ فإِذا وجد فَجْوةً نَصَّ
أَي رفَع ناقتَه في السير، وقد نصَّصْت ناقتي: رفَعْتها في السير، وسير
نصٌّ ونَصِيصٌ. وفي الحديث: أَن أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: ما
كنتِ قائلةً لو أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، عارَضَكِ ببعض
الفلوات ناصَّةً قَلُوصَك من منهلٍ إِلى آخر؟ أَي رافعةً لها في السير؛ قال
أَبو عبيد: النَّصُّ التحريك حتى تستخرج من الناقة أَقصَى سيرها؛
وأَنشد:وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ
والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السير الشديد والحثُّ، ولهذا قيل: نَصَصْت الشيء
رفعته، ومنه مِنَصَّة العروس. وأَصل النَّصّ أَقصى الشيء وغايتُه، ثم
سمي به ضربٌ من السير سريع. ابن الأَعرابي: النَّصُّ الإِسْنادُ إِلى
الرئيس الأَكبر، والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التعيين على شيءٍ ما، ونصُّ
الأَمرِ شدتُه؛ قال أَيوب بن عباثة:
ولا يَسْتَوي، عند نَصِّ الأُمو
رِ، باذِلُ معروفِه والبَخِيل
ونَصَّ الرجلَ نصّاً إِذا سأَله عن شيءٍ حتى يستقصي ما عنده. ونصُّ كلِّ
شيءٍ: منتهاه. وفي الحديث عن عليّ، رضي اللّه عنه، قال: إِذا بلَغَ
النساءُ نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى، يعني إِذا بلغت غاية الصغر إِلى
أَن تدخل في الكبر فالعصبة أَوْلى بها من الأُمِّ، يريد بذلك الإِدراكَ
والغاية. قال الأَزهري: النصُّ أَصلُه منتهى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها،
ومنه قيل: نصَصْتُ الرجلَ إِذا استقصيت مسأَلته عن الشيء حتى تستخرج كل
ما عنده، وكذلك النصّ في السير إِنما هو أَقصى ما تقدر عليه الدابة، قال:
فنصُّ الحِقاقِ إِنما هو الإِدراكُ، وقال المبرد: نصُّ الحقاق منتهى بلوغ
العقل، أَي إِذا بلغت من سِنِّها المبلغَ الذي يصلح أَن تُحاقِقَ
وتُخاصم عن نفسها، وهو الحِقاقُ، فعصبتُها أَولى بها من أُمِّها.
ويقال: نَصْنَصْت الشيءَ حركته. وفي حديث أَبي بكر حين دخل عليه عمر،
رضي اللّه عنهما، وهو يُنَصْنِصُ لِسانَه ويقول: هذا أَوْرَدَني المواردَ؛
قال أَبو عبيد: هو بالصاد لا غير، قال: وفيه لغة اُخرى ليست في الحديث
نَضْنَضْت، بالضاد. وروي عن كعب أَنه قال: يقول الجبار احْذَرُوني فإِني لا
أُناصُّ عبداً إِلا عذَّبْتُه أَي لا أَستقصي عليه في السؤال والحساب،
وهي مفاعلة منه، إِلا عذَّبته. ونَصَّصَ الرجلُ غريمَه إِذا استقصى عليه.
وفي حديث هرقل: يَنُصُّهم أَي يستخرجُ رأْيهم ويُظْهِرُه؛ ومنه قول
الفقهاء: نَصُّ القرآنِ ونَصُّ السنَّة أَي ما دل ظاهرُ لفظهما عليه من
الأَحكام. شمر: النَّصْنَصَة والنَّضْنَضَةُ الحركة. وكل شيءٍ قَلْقَلْتَه، فقد
نَصْنَصْته.
والنُّصَّة: ما أَقبل على الجبهة من الشعر، والجمع نُصَصٌ ونِصاصٌ.
ونَصَّ الشيءَ: حركه. ونَصْنَصَ لسانه: حركه كنَضْنَضَه، غير أَن الصاد فيه
أَصل وليست بدلاً من ضاد نَضْنَضَه كما زعم قوم، لأَنهما ليستا أُخْتَين
فتبدل إِحداهما من صاحبتها. والنَّصْنَصَةُ: تحرُّك البعير إِذا نَهَضَ من
الأَرض. ونَصْنَص البعيرُ: فَحَص بصدره في الأَرض ليبرُك. الليث:
النَّصْنَصَة إِثبات البعير ركبتيه في الأَرْض وتحرُّكه إِذا همَّ بالنهوض.
ونَصْنَص البعيرُ: مثل حَصْحَصَ. ونَصْنَص الرجل في مشيه: اهتز منتصباً.
وانْتَصَّ الشيءُ وانتصب إِذا استوى واستقام؛ قال الراجز:
فبات مُنْتَصّاً وما تَكَرْدَسَا
وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: كان حَصِيصُ القومِ ونَصِيصُهم
وبَصِيصُهم كذا وكذا أَي عَدَدُهم، بالحاء والنون والباء.
غير: التهذيب: غَيْرٌ من حروف المعاني، تكون نعتاً وتكون بمعنى لا، وله
باب على حِدَة. وقوله: ما لكم لا تَناصَرُون؛ المعنى ما لكم غير
مُتَناصرين. وقولهم: لا إِلَه غيرُك، مرفوع على خبر التَّبْرِئة، قال: ويجوز لا
إِله غيرَك بالنصب أَي لا إِله إِلاَّ أَنت، قال: وكلَّما أَحللت غيراً
محلّ إِلا نصبتها، وأَجاز الفراء: ما جاءني غيرُك على معنى ما جاءني إِلا
أَنت؛ وأَنشد :
لا عَيْبَ فيها غيرُ شُهْلَة عَيْنِها
وقيل: غير بمعنى سِوَى، والجمع أَغيار، وهي كلمة يوصف بها ويستثنى، فإِن
وصف بها أَتبعتها إِعراب ما قبلها، وإِن استثنيت بها أَعربتها بالإِعراب
الذي يجب للاسم الواقع بعد إِلا، وذلك أَن أَصل غير صفة والاستثناء
عارض؛ قال الفراء: بعض بني أَسد وقُضاعة ينصبون غيراً إِذا كان في معنى
إِلاَّ، تمَّ الكلام قبلها أَو لم يتم، يقولون: ما جاءني غيرَك وما جاءني أَحد
غيرَك، قال: وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى: فمنِ
اضطُرّ غيرَ باعٍ ولا عادٍ، كأَنه تعالى قال: فمنِ اضطرّ خائفاً لا باغياً.
وكقوله تعالى: غيرَ ناظِرِين إنَاهُ، وقوله سبحانه: غَيرَ مُحِلِّي
الصيد. التهذيب: غير تكون استثناء مثل قولك هذا درهم غيرَ دانق، معناه إِلا
دانقاً، وتكون غير اسماً، تقول: مررت بغيرك وهذا غيرك. وفي التنزيل العزيز:
غيرِ المغضوب عليهم؛ خفضت غير لأَنها نعت للذين جاز أَن تكون نعتاً
لمعرفة لأَن الذين غير مَصْمود صَمْده وإِن كان فيه الأَلف واللام؛ وقال أَبو
العباس: جعل الفراء الأَلف واللام فيهما بمنزلة النكرة. ويجوز أَن تكون
غيرٌ نعتاً للأَسماء التي في قوله أَنعمتَ عليهم وهي غير مَصْمود
صَمْدها؛ قال: وهذا قول بعضهم والفراء يأْبى أَن يكون غير نعتاً إِلا للّذين
لأَنها بمنزلة النكرة، وقال الأَخفش: غير بَدل، قال ثعلب: وليس بممتنع ما
قال ومعناه التكرير كأَنه أَراد صراط غيرِ المغضوب عليهم، وقال الفراء:
معنى غير معنى لا، وفي موضع آخر قال: معنى غير في قوله غير المغضوب عليهم
معنى لا، ولذلك رُدّت عليها لا كما تقول: فلان غير محسِن ولا مُجْمِل،
قال: وإِذا كان غير بمعنى سِوى لم يجز أَن يكرّر عليها، أَلا ترى أَنه لا
يجوز أَن تقول عندي سوى عبدالله ولا زيدٍ؟ قال: وقد قال مَنْ لا يعرِف
العربية إِن معنى غَير ههنا بمعنى سوى وإِنّ لا صِلَة؛ واحتجّ بقوله:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال الأَزهري: وهذا قول أَبي عبيدة، وقال أَبو زيد: مَن نصَب قوله غير
المغضوب فهو قطْع، وقال الزجاج: مَن نصَب غيراً، فهو على وجهين: أَحدهما
الحال، والآخر الاستثناء. الفراء والزجاج في قوله عز وجل: غيرَ مُحِلِّي
الصَّيْد: بمعنى لا، جعلا معاً غَيْرَ بمعنى لا، وقوله عز وجل: غيرَ
مُتَجانفٍ لإِثمٍ، غيرَ حال هذا. قال الأَزهري: ويكون غيرٌ بمعنى ليس كما تقول
العرب كلامُ الله غيرُ مخلوق وليس بمخلوق. وقوله عز وجل: هل مِنْ خالقٍ
غيرُ الله يرزقكم؛ وقرئ: غَيْرِ الله، فمن خفض ردَّه على خالق، ومن رفعه فعلى
المعنى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الفراء: وجائز هل من خالق
(* قوله« هل من
خالق إلخ» هكذا في الأصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ) . غيرَ
الله، وكذلك: ما لكم من إِله غيرَه، هل مِنْ خالقٍ إِلا الله وما لكم من إِله
إِلا هُوَ، فتنصب غير إِذا كانت محلَّ إِلا.
وقال ابن الأَنباري في قولهم: لا أَراني الله بك غِيَراً؛ الغِيَرُ: من
تغيَّر الحال، وهو اسم بمنزلة القِطَع والعنَب وما أَشبههما، قال: ويجوز
أَن يكون جمعاً واحدته غِيرَةٌ؛ وأَنشد:
ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرْ
وتغيَّر الشيءُ عن حاله: تحوّل. وغَيَّرَه: حَوَّله وبدّله كأَنه جعله
غير ما كان. وفي التنزيل العزيز: ذلك بأَن الله لم يَكُ مُغَيِّراً نِعْمةً
أَنعمها على قوم حتى يُغَيِّروا ما بأَنفسهم؛ قال ثعلب: معناه حتى
يبدِّلوا ما أَمرهم الله. والغَيْرُ: الاسم من التغيُّر؛ عن اللحياني؛
وأَنشد:إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الغيَرْ
قال: ولا يقال إِلا غَيَّرْت. وذهب اللحياني إِلى أَن الغَيْرَ ليس
بمصدر إِذ ليس له فعل ثلاثي غير مزيد. وغَيَّرَ عليه الأَمْرَ: حَوَّله.
وتَغَايرتِ الأَشياء: اختلفت. والمُغَيِّر: الذي يُغَيِّر على بَعيره أَداتَه
ليخفف عنه ويُريحه؛ وقال الأَعشى:
واسْتُحِثَّ المُغَيِّرُونَ من القَوْ
مِ، وكان النِّطافُ ما في العَزَالي
ابن الأَعرابي: يقال غَيَّر فلان عن بعيره إِذا حَطّ عنه رَحْله وأَصلح
من شأْنه؛ وقال القُطامي:
إِلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وغِيَرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتغيِّرة. وورد في حديث الاستسقاء: مَنْ
يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرَ أَي تَغَيُّر الحال وانتقالَها من الصلاح
إِلى الفساد. والغِيَرُ: الاسم من قولك غَيَّرْت الشيء فتغيَّر. وأَما ما
ورد في الحديث: أَنه كَرِه تَغْيِير الشَّيْب يعني نَتْفَه، فإِنّ تغيير
لونِه قد أُمِر به في غير حديث.
وغارَهُم الله بخير ومطَرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِياراً ويَغُورهم: أَصابهم
بمَطر وخِصْب، والاسم الغِيرة. وأَرض مَغِيرة، بفتح الميم، ومَغْيُورة
أَي مَسْقِيَّة. يقال: اللهم غِرْنا بخير وعُرْنا بخير. وغارَ الغيثُ
الأَرض يَغِيرها أَي سقاها. وغارَهُم الله بمطر أَي سقاهم، يَغِيرهم ويَغُورهم.
وغارَنا الله بخير: كقولك أَعطانا خيراً؛ قال أَبو ذؤيب:
وما حُمِّلَ البُخْتِيُّ عام غِيَارهِ،
عليه الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها
وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَغِيره غَيْراً: نفعه؛ قال عبد مناف بن ربعيّ
الهُذَلي:
(* قوله «عبد مناف» هكذا في الأصل، والذي في الصحاح: عبد
الرحمن).
ماذا يَغير ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما
لا تَرْقُدانِ، ولا يُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا
يقول: لا يُغني بُكاؤهما على أَبيهما من طلب ثأْرِه شيئاً. والغِيرة،
بالكسر، والغِيارُ: المِيرة. وقد غارَهم يَغِيرهم وغارَ لهم غِياراً أَي
مارَهُم ونفعهم؛ قال مالك بن زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قد كبِرت وشاب
رأْسها تؤمِّل بنيها أَن يأْتوها بالغنيمة وقد قُتِلوا:
ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ،
تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَغِيرُها
أَي يأْتِيها بالغَنيمة فقد قُتِلوا؛ وقول بعض الأَغفال:
ما زِلْتُ في مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ
لِصِبْيَةٍ أَغِيرُهم بِغَيْرِ
قد يجوز أَن يكون أَراد أَغِيرُهم بِغَيرٍ، فغيَّر للقافية، وقد يكون
غَيْر مصدر غارَهُم إِذا مارَهُم. وذهب فلان يَغيرُ أَهله أَي يَمِيرهم.
وغارَه يَغِيره غَيْراً: وَداهُ؛ أَبو عبيدة: غارَني الرجل يَغُورُني
ويَغيرُني إِذا وَداك، من الدِّيَة. وغارَه من أَخيه يَغِيره ويَغُوره
غَيْراً: أَعطاه الدية، والاسم منها الغِيرة، بالكسر، والجمع غِيَر؛ وقيل:
الغِيَرُ اسم واحد مذكَّر، والجمع أَغْيار. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لرجل طلَب القَوَد بِوَليٍّ له قُتِلَ: أَلا تَقْبَل
الغِيَر؟ وفي رواية أَلا الغِيَرَ تُرِيدُف الغَيَرُ: الدية، وجمعه أَغْيار
مثل ضِلَع وأَضْلاع. قال أَبو عمرو: الغِيَرُ جمع غِيرةٍ وهي الدِّيَةُ؛
قال بعض بني عُذْرة:
لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ،
بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لم تَقْبَلُوا الغِيَرَا
(* قوله« بني أميمة» هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني
أمية.)
وقال بعضهم: إِنه واحد وجمعه أَغْيار. وغَيَّرَه إِذا أَعطاه الدية،
وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو
عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد فغُيّر
القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَراً، وأَصله من التَّغْيير؛ وقال أَبو
بكر: سميت الدية غِيَراً لأَنها غُيِّرت عن القَوَد إِلى غيره؛ رواه ابن
السكِّيت في الواو والياء. وفي حديث مُحَلِّم
(* قوله« وفي حديث محلم» أي
حين قتل رجلاً فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الدية، فقام رجل من بني ليث فقال:
يا رسول الله اني لم أجد إلخ.ا هـ. من هامش النهاية) . بن جثَّامة: إني لم
أَجد لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإِسلام مثلاً إِلا غَنَماً وردَتْ
فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّر غداً؛ معناه أَن
مثَل مُحَلِّمٍ في قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لا يُقْتَصَّ منه وتُؤخذَ منه
الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هذه الغَنَم النافِرة؛
يعني إِنْ جَرى الأَمر مع أَوْلِياء هذا القتيل على ما يُريد مُحَلِّم
ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإِسلام معرفتُهم أَن القَوَد يُغَيَّر
بالدِّية، والعرب خصوصاً، وهمُ الحُرَّاص على دَرْك الأَوْتار، وفيهم الأَنَفَة
من قبول الديات، ثم حَثَّ رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، على الإِقادة منه
بقوله: اسْنُن اليوم وغَيِّرْ غداً؛ يريد: إِنْ لم تقتَصَّ منه غَيَّرْت
سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الكلام على الوجه الذي يُهَيّج المخاطَب
ويحثُّه على الإِقْدام والجُرْأَة على المطلوب منه. ومنه حديث ابن مسعود: قال
لعمر، رضي الله عنهما، في رجل قتل امرأَة ولها أَولياء فعَفَا بعضهم وأَراد
عمر، رضي الله عنه، أَن يُقِيدَ لمن لم يَعْفُ، فقال له: لو غَيَّرت بالدية
كان في ذلك وفاءٌ لهذا الذي لم يَعْفُ وكنتَ قد أَتممت لِلْعافي
عَفْوَه، فقال عمر، رضي الله عنه: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً؛ الجوهري: الغِيَرُ الاسم
من قولك غَيَّرت الشيء فتَغَيَّر. والغَيْرة، بالفتح، المصدر من قولك
غار الرجل على أَهْلِه. قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأَته، والمرأَة
على بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً وغاراً وغِياراً؛ قال أَبو ذؤيب يصِف
قُدوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأَنَّها
ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وقال الأَعشى:
لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا
قٌ على سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ
ورجل غَيْران، والجمع غَيارَى وغُيَارَى، وغَيُور، والجمع غُيُرٌ، صحَّت
الياء لخفّتها عليهم وأَنهم لا يستثقلون الضمة عليها استثقالهم لها على
الواو، ومن قال رُسْل قال غُيْرٌ، وامرأَة غَيْرَى وغَيُور، والجمع
كالجمع؛ الجوهري: امرأَة غَيُور ونسوة غُيُرٌ وامرأَة غَيْرَى ونسوة غَيارَى؛
وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: إِنَّ لي بِنْتاً وأَنا غَيُور، هو
فَعُول من الغَيْرة وهي الحَمِيّة والأَنَفَة. يقال: رجل غَيور وامرأَة
غَيُور بلا هاء لأَنّ فَعُلولاً يشترِك فيه الذكر والأُنثى. وفي رواية: امرأَة
غَيْرَى؛ هي فَعْلى من الغَيْرة. والمِغْيارُ: الشديد الغَيْرة؛ قال
النابغة:
شُمُسٌ موانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ،
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
ورجل مِغْيار أَيضاً وقوم مَغايِير. وفلان لا يَتَغَيَّر على أَهله أَي
لا يَغار وأَغارَ أَهلَه: تزوّج عليها فغارت. والعرب تقول: أَغْيَرُ من
الحُمَّى أَي أَنها تُلازِم المحموم مُلازَمَةَ الغَيُور لبعْلها.
وغايَرَه مُغايَرة: عارضه بالبيع وبادَلَه. والغِيارُ: البِدالُ؛ قال
الأَعشى:
فلا تَحْسَبَنّي لكمْ كافِراً،
ولا تَحْسبَنّي أُرِيدُ الغِيارَا
تقول للزَّوْج: فلا تحسَبَنّي كافراً لِنعْمتك ولا مِمَّن يريد بها
تَغْيِيراً. وقولهم: نزل القوم يُغَيِّرون أَي يُصْلِحون الرحال. وبَنُو
غِيَرة: حيّ.
غذمر: المُغَذْمِر من الرجال، وفي المحكم: المُغَذْمِرُ الذي يركب
الأُمور فيأْخذ من هذا ويعطي هذا ويدع لهذا من حقِّه، ويكون ذلك في الكلام
أَيضاً إِذا كان يُخَلِّط في كلامه، يقال: إِنه لذو غَذامِيرَ؛ كذا حكي،
ونظيره الخناسِير وهو الهلاك، كلاهما لا نعرف له واحداً، وقيل: المُغَذْمِر
الذي يَهبُ الحقوق لأَهلها، وقيل: هو الذي يتحمل على نفسه في ماله. وقيل:
هو الذي يَحْكُم على قومه ما شاء فلا يُرَدُّ حكمُه ولا يُعْصى.
والغَذْمَرة: مثل الغَشْمَرة، ومنه قيل للرئيس الذي يَسُوس عشيرته بما شاء من
عدل وظلم: مُغَذْمِر؛ قال لبيد:
ومُقَسِّم يُعْطِي العَشِيرة حقَّها،
ومُغَذْمِر لحُقوقها، هضّامها
وغِذْمِير: مشتق من أَحد هذه الأَشياء المتقدمة. والتَّغَذْمُر: سوء
اللفظ، وهي الغَذامِر، وإِذا رَدَّد لفظَه فهو مُتَغَذْمِر. وفي حديث علي،
رضي الله عنه: سأَله أَهل الطَّائف أَن يكتُبَ لهم الأَمانَ بتحلِيل الربا
والخمرِ فامتنع، فقاموا ولهم تَغذْمَرٌ وبَرْبَرةٌ؛ التَّغَذْمُر: الغضب
وسوء اللفظ والتخليط في الكلام، وكذلك البَرْبرة. الليث: المُغَثْمِر الذي
يَحْطم الحُقوق ويَتَهَضَّمُها، وهو المُغَذْمِر؛ وأَنشد بيت لبيد:
ومُغَثْمر لحقوقها، هَضّامها
والغَذْمَرة: الصَّخَب والصِّياح والغضب والزجْرُ واختلاط الكلام مثل
الزَّمْجَرة، وفلان ذو غذامِيرَ؛ قال الراعي:
تَبَصَّرْتهم، حتى إِذا حالَ دُونَهم
رُكامٌ، وحادٍ ذو غَذامِيرَ صَيْدَحُ
وقال الأَصمعي: الغَذْمَرة أَن يحمل بعض كلامه على بعض. وتَغَذْمَر
السبُع إِذا صاح. وسمعت غَذامِيرَ وغَذْمَرةً أَي صوتاً، يكون ذلك للسبع
والحادي، وكذلك التَّغَذْمُر. وغَذْمَر الرجلُ كلامه: أَخْفَاه فاخِراً أَو
مُوعِداً وأَتبع بعضَهُ بعضاً. والغَذْمرة: لغة في الغَذْرَمة، وهو بيع
الشيء جزاماً. وغَذْمَره الرجلُ: باعَه جِزافاً كغَذْرَمه. والغُذامِرُ:
لغة في الغُذارِم، وهو الكثير من الماء؛ حكاهما أَبو عبيد: