للشيخ، شمس الدين: محمد بن حسن بن علي النواجي، المصري.
المتوفى: سنة 859.
جمع فيه: نبذة من غرر القصائد.
ورتب على: الحروف، مقتصرا على الغزل دون المديح.
أوله: (الحمد لله جامع الناس... الخ).
أهل: الأَهْل: أَهل الرجل وأَهْلُ الدار، وكذلك الأَهْلة؛ قال أَبو
الطَّمَحان:
وأَهْلةِ وُدٍٍّّ تَبَرَّيتُ وُدَّهم،
وأَبْلَيْتُهم في الحمد جُهْدي ونَائلي
ابن سيده: أَهْل الرجل عَشِيرتُه وذَوُو قُرْباه، والجمع أَهْلون
وآهَالٌ وأَهَالٍ وأَهْلات وأَهَلات؛ قال المُخَبَّل السعدي:
وهُمْ أَهَلاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عاصم،
إِذا أَدْلَجوا باللَّيل يَدْعُونَ كَوْثَرا
وأَنشد الجوهري:
وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرَى بِها العَوْهَقَ من وِئالُها
وِثالُها: جمع وائل كقائم وقِيام؛ ويروى البيت:
وبَلْدَةٍ يَسْتَنُّ حازي آلِها
قال سيبويه: وقالوا أَهْلات، فخففوا، شَبَّهوها بصعْبات حيث كان أَهل
مذكَّراً تدخله الواو والنون، فلما جاء مؤنثه كمؤنث صَعْب فُعل به كما فعل
بمؤنث صَعْب؛ قال ابن بري: وشاهد الأَهْل فيما حَكى أَبو القاسم الزجاجي
أَن حَكِيم
بن مُعَيَّة الرَّبَعي كان يُفَضِّل الفَرَزْدق على جَرير، فهَجَا جرير
حكيماً فانتصر له كنان
بن ربيعة أَو أَخوه ربعي
بن ربيعة، فقال يهجو جريراً:
غَضِبْتَ علينا أَن عَلاك ابن غالب،
فهَلاَّ على جَدَّيْك، في ذاك، تَغْضَبُ؟
هما، حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ أَهْلِهِ،
أَناخَا فشَدَّاك العِقال المُؤَرَّبُ
(* قوله: شداك العقال؛ اراد: بالعقال، فنصب بنزع الخافض، وورد مؤرب، في
الأصل، مضموماً، وحقه النصب لأنه صفة لعقال، ففي البيت إذاً إقواء).
وما يُجْعَل البَحْرُ الخِضَمُّ، إِذا طما،
كَجُدٍٍّّ ظَنُونٍ، ماؤُه يُتَرقَّبُ
أَلَسْتَ كُلْيبيًّا لألأَمِ وَالدٍ،
وأَلأَمِ أُمٍٍّّ فَرَّجَتْ بك أَو أَبُ؟
وحكى سيبويه في جمع أَهْل: أَهْلُون، وسئل الخليل: لم سكنوا الهاء ولم
يحرّكوها كما حركوا أَرَضِين؟ فقال: لأَن الأَهل مذكر، قيل: فلم قالوا
أَهَلات؟ قال: شبهوها بأَرَضات، وأَنشد بيت المخبل السعدي، قال: ومن العرب
من يقول أَهْلات على القياس. والأَهَالي: جمع الجمع وجاءت الياء التي في
أَهالي من الياء التي في الأَهْلين. وفي الحديث: أَهْل القرآن هم أَهْلُ
الله وخاصَّته أَي حَفَظة القرآن العاملون به هم أَولياء الله والمختصون
به اختصاصَ أَهْلِ الإِنسان به. وفي حديث أَبي بكر في استخلافه عمر: أَقول
له، إِذا لَقِيتُه، اسْتعملتُ عليهم خَيْرَ أَهْلِكَ؛ يريد خير
المهاجرين وكانوا يسمُّون أَهْلَ مكة أَهل الله تعظيماً لهم كما يقال بيت الله،
ويجوز أَن يكون أَراد أَهل بيت الله لأَنهم كانوا سُكَّان بيت الله. وفي
حديث أُم سلمة: ليس بكِ على أَهْلكِ هَوَانٌ؛ أَراد بالأَهل نَفْسَه، عليه
السلام، أَي لا يَعْلَق بكِ ولا يُصيبكِ هَوَانٌ عليهم.
واتَّهَل الرجلُ: اتخذ أَهْلاً؛ قال:
في دَارَةٍ تُقْسَمُ الأَزْوادُ بَيْنَهم،
كأَنَّما أَهْلُنا منها الذي اتَّهَلا
كذا أَنشده بقلب الياء تاء ثم إِدغامها في التاء الثانية، كما حكي من
قولهم اتَّمَنْته، وإلا فحكمه الهمزة أَو التخفيف القياسي أَي كأَن أَهلنا
أَهلُه عنده أَي مِثلُهم فيما يراه لهم من الحق. وأَهْلُ المذهب: مَنْ
يَدين به. وأَهْلُ الإِسلام: مَن يَدِين به. وأَهْلُ الأَمر: وُلاتُه.
وأَهْلُ البيت: سُكَّانه. وأَهل الرجل: أَخَصُّ الناس به. وأَهْلُ بيت
النبي،صلى الله عليه وسلم: أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه، أَعني عليًّا، عليه
السلام، وقيل: نساء النبي،صلى الله عليه وسلم، والرجال الذين هم آله. وفي
التنزيل العزيز: إِنما يريد الله ليُذْهِبَ عنكم الرِّجْس أَهلَ البيت؛
القراءة أَهْلَ بالنصب على المدح كما قال: بك اللهَ نرجو الفَضْل وسُبْحانك
اللهَ العظيمَ، أَو على النداء كأَنه قال يا أَهل البيت. وقوله عز وجل
لنوح، عليه السلام: إِنه ليس من أَهْلِك؛ قال الزجاج: أَراد ليس من أَهْلِك
الذين وعدتُهم أَن أُنجيهم، قال: ويجوز أَن يكون ليس من أَهل دينك.
وأَهَلُ كل نَبيٍّ: أُمَّته.
ومَنْزِلٌ آهِلٌ أَي به أَهْلُه. ابن سيده: ومكان آهِلٌ له أَهْل؛
سيبويه: هو على النسب، ومأْهول: فيه أَهل؛ قال الشاعر:وقِدْماً كان
مأْهْولاً،وأَمْسَى مَرْتَعَ العُفْر
وقال رؤبة:
عَرَفْتُ بالنَّصْرِيَّةِ المَنازِلا
قَفْراً، وكانت مِنْهُمُ مَآهلا
ومكان مأْهول، وقد جاء: أُهِل؛ قال العجاج:
قَفْرَيْنِ هذا ثم ذا لم يُؤهَل
وكلُّ شيء من الدواب وغيرها أَلِف المَنازلَ أَهْلِيٌّ وآهِلٌ؛ الأَخيرة
على النسب، وكذلك قيل لما أَلِفَ الناسَ والقُرى أَهْلِيٌّ، ولما
اسْتَوْحَشَ بَرِّيّ ووحشي كالحمار الوحشي. والأَهْلِيُّ: هو الإِنْسِيّ. ونَهى
رسول الله،صلى الله عليه وسلم، عن أَكل لحوم الحُمُر الأَهْلية يومَ
خَيْبَرَ؛ هي الحُمُر التي تأْلف البيوت ولها أَصْحاب وهي مثل الأُنْسية ضدّ
الوحشية.
وقولهم في الدعاء: مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتيتَ رُحْباً أَي سَعَة،
وفي المحكم أَي أَتيت أَهْلاً لا غُرباء فاسَْأْْنِسْ ولا تَسْتَوْحِشْ.
وأَهَّل به: قال له أَهْلاً. وأَهِل به: أَنِس. الكسائي والفراء: أَهِلْتُ
به وودَقْتُ به إِذا استأْنستَ به؛ قال ابن بري: المضارع منه آهَلُ به،
بفتح الهاء. وهو أَهْلٌ لكذا أَي مُسْتَوجب له، الواحدُ والجمعُ في ذلك
سَواء، وعلى هذا قالوا: المُلْك لله أَهْلِ المُلْك. وفي التنزيل العزيز:
هو أَهْلُ التَّقْوى وأَهْل المغفرة؛ جاء في التفسير: أَنه، عز وجل،
أَهْلٌ لأَن يُتَّقَى فلا يُعْصَى وأَهْلُ المغفرة لمن اتَّقاه، وقيل: قوله
أَهل التقوى مَوْضِعٌ لأَن يُتَّقى، وأَهْل المغفرة موضع لذلك.
الأَزهري: وخطَّأَ بعضُهم قولَ من يقول فلان يَسْتأْهِل أَن يُكْرَم أَو
يُهان بمعنى يَسْتحق، قال: ولا يكون الاستِئهال إِلاَّ من الإِهالة،
قال: وأَما أَنا فلا أُنكره ولا أُخَطِّئُ من قاله لأَني سمعت أَعرابيّاً
فَصِيحاً من بني أَسد يقول لرجل شكر عنده يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْهِل يا
أَبا حازم ما أُولِيتَ، وحضر ذلك جماعة من الأَعراب فما أَنكروا قوله،
قال: ويُحَقِّق ذلك قولُه هو أَهْل التقوى وأَهل المَغْفِرة. المازني: لا
يجوز أَن تقول أَنت مُسْتَأْهل هذا الأَمر ولا مستأْهل لهذا الأَمر لأَنك
إِنما تريد أَنت مستوجب لهذا الأَمر، ولا يدل مستأْهل على ما أَردت،
وإِنما معنى الكلام أَنت تطلب أَن تكون من أَهل هذا المعنى ولم تُرِدْ ذلك،
ولكن تقول أَنت أَهْلٌ لهذا الأَمر، وروى أَبو حاتم في كتاب المزال
والمفسد عن الأَصمعي: يقال استوجب ذلك واستحقه ولا يقال استأْهله ولا أَنت
تَسْتَأْهِل ولكن تقول هو أَهل ذاك وأَهل لذاك، ويقال هو أَهْلَةُ ذلك.
وأَهّله لذلك الأَمر تأْهيلــاً وآهله: رآه له أَهْلاً. واسْتَأْهَله: استوجبه،
وكرهها بعضهم، ومن قال وَهَّلتْه ذهب به إِلي لغة من يقول وامَرْتُ
وواكَلْت. وأَهْل الرجل وأَهلته: زَوْجُه. وأَهَل الرجلُ يَأْهِلُ ويَأْهُل
أَهْلاً وأُهُولاً، وتَأَهَّل: تَزَوَّج. وأَهَلَ فلان امرأَة يأْهُل إِذا
تزوّجها، فهي مَأْهولة. والتأَهُّل: التزوّج. وفي باب الدعاء: آهَلَك
الله في الجنة إيهالاً أَي زوّجك فيها وأَدخلكها. وفي الحديث: أَن
النبي،صلى الله عليه وسلم، أَعْطى الآهِلَ حَظَّين والعَزَب حَظًّا؛ الآهل: الذي
له زوجة وعيال، والعَزَب الذي لا زوجة له، ويروى الأَعزب، وهي لغة رديئة
واللغة الفُصْحى العَزَب، يريد بالعطاء نصيبَهم من الفَيْء. وفي الحديث:
لقد أَمست نِيران بني كعب آهِلةً أَي كثيرة الأَهل. وأَهَّلَك الله للخير
تأْهيلــاً.
وآلُ الرجل: أَهْلُه. وآل الله وآل رسوله: أَولياؤه، أَصلها أَهل ثم
أُبدلت الهاء همزة فصارت في التقدير أَأْل، فلما توالت الهمزتان أَبدلوا
الثانية أَلفاً كما قالوا آدم وآخر، وفي الفعل آمَنَ وآزَرَ، فإِن قيل: ولمَ
زَعَمْتَ أَنهم قلبوا الهاء همزة ثم قلبوها فيما بعد، وما أَنكرتَ من
أَن يكون قلبوا الهاء أَلفاً في أَوَّل الحال؟ فالجواب أَن الهاء لم تقلب
أَلفاً في غير هذا الموضع فيُقاسَ هذا عليه، فعلى هذا أُبدلت الهاء همزة
ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً، وأَيضاً فإِن الأَلف لو كانت منقلبة عن غير
الهمزة المنقلبة عن الهاء كما قدمناه لجاز أَن يستعمل آل في كل موضع يستعمل
فيه أَهل، ولو كانت أَلف آل بدلاً من أَهل لقيل انْصَرِفْ إِلى آلك، كما
يقال انْصَرِف إِلى أَهلك، وآلَكَ والليلَ كما يقال أَهْلَك والليلَ، فلما
كانوا يخصون بالآل الأَشرفَ الأَخصَّ دون الشائع الأَعم حتى لا يقال
إِلا في نحو قولهم: القُرَّاء آلُ الله، وقولهم: اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى
آل محمد، وقال رجل مؤمن من آل فرعون؛ وكذلك ما أَنشده أَبو العباس
للفرزدق:
نَجَوْتَ، ولم يَمْنُنْ عليك طَلاقةً،
سِوى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا
لأَن أَعوج فيهم فرس مشهور عند العرب، فلذلك قال آل أَعوجا كما يقال
أَهْل الإِسكاف، دلَّ على أَن الأَلف ليست فيه بدلاً من الأَصل، وإِنما هي
بدل من الأَصل
(* قوله «وإنما هي بدل من الأصل» كذا في الأصل. ولعل فيه
سقطاً. وأصل الكلام، والله أعلم: وإنما هي بدل من الهمزة التي هي بدل من
الأصل، أو نحو ذلك.) فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأَنها بدل من
الواو فيه، والواو فيه بدل من الباء، فلما كانت التاء فيه بدلاً من بدل وكانت
فرع الفرع اختصت بأَشرف الأَسماء وأَشهرها، وهو اسم الله، فلذلك لم
يُقَل تَزَيْدٍ ولا تالبَيْتِ كما لم يُقَل آل الإِسكاف ولا آل الخَيَّاط؛
فإِن قلت فقد قال بشر:
لعَمْرُك ما يَطْلُبْنَ من آل نِعْمَةٍ،
ولكِنَّما يَطْلُبْنَ قَيْساً ويَشْكُرا
فقد أَضافه إِلى نعمة وهي نكرة غير مخصوصة ولا مُشَرَّفة، فإِن هذا بيت
شاذ؛ قال ابن سيده: هذا كله قول ابن جني، قال: والذي العمل عليه ما
قدمناه وهو رأْي الأَخفش، قال: فإِن قال أَلست تزعم أَن الواو في والله بدل من
الباء في بالله وأَنت لو أَضمرت لم تقل وَهُ كما تقول به لأَفعلن، فقد
تجد أَيضاً بعض البدل لا يقع موقع المبدل منه في كل موضع، فما ننكر أَيضاً
أَن تكون الأَلف في آل بدلاً من الهاء وإِن كان لا يقع جميع مواقع أَهل؟
فالجواب أَن الفرق بينهما أَن الواو لم يمتنع من وقوعها في جميع مواقع
الباء من حيث امتنع من وقوع آل في جميع مواقع أَهل، وذلك أَن الإِضمار
يردّ الأَسماء إِلى أُصولها في كثير من المواضع، أَلا ترى أَن من قال
أَعطيتكم درهماً فحذف الواو التي كانت بعد الميم وأَسكن الميم، فإِنه إِذا
أَضمر للدرهم قال أَعطيتكموه، فردّ الواو لأَجل اتصال الكلمة بالمضمر؟ فأَما
ما حكاه يونس من قول بعضهم أَعْطَيْتُكُمْه فشاذ لا يقاس عليه عند عامة
أَصحابنا، فلذلك جاز أَن تقول: بهم لأَقعدن وبك لأَنطلقن، ولم يجز أَن
تقول: وَكَ ولا وَهُ، بل كان هذا في الواو أَحرى لأَنها حرف منفرد فضعفت عن
القوّة وعن تصرف الباء التي هي أَصل؛ أَنشدنا أَبو علي قال: أَنشدنا أَبو
زيد:
رأَى بَرْقاً فأَوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ،
فلا بِكَ ما أَسالَ ولا أَغاما
قال: وأَنشدنا أَيضاً عنه:
أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالِ
ليَحْزُنَني، فلا بِك ما أُبالي
قال: وأَنت ممتنع من استعمال الآل في غير الأَشهر الأَخص، وسواء في ذلك
أَضفته إِلى مُظْهَر أَو أَضفته إِلى مضمر؛ قال ابن سيده: فإِن قيل أَلست
تزعم أَن التاء في تَوْلَج بدل من واو، وأَن أَصله وَوْلَج لأَنه
فَوْعَل من الوُلُوج، ثم إِنك مع ذلك قد تجدهم أَبدلوا الدال من هذه التاء
فقالوا دَوْلَج، وأَنت مع ذلك قد تقول دَوْلَج في جميع هذه المواضع التي تقول
فيها تَوْلَج، وإِن كانت الدال مع ذلك بدلاً من التاء التي هي بدل من
الواو؟ فالجواب عن ذلك أَن هذه مغالطة من السائل، وذلك أَنه إِنما كان
يطَّرد هذا له لو كانوا يقولون وَوْلَج ودَوْلَج ويستعملون دَوْلَجاً في جميع
أَماكن وَوْلَج، فهذا لو كان كذا لكان له به تَعَلّقٌ، وكانت تحتسب
زيادة، فأَما وهم لا يقولون وَوْلَج البَتَّةَ كراهية اجتماع الواوين في أَول
الكلمة، وإِنما قالوا تَوْلَج ثم أَبدلوا الدال من التاء المبدلة من
الواو فقالوا دَوْلَج، فإِنما استعملوا الدال مكان التاء التي هي في المرتبة
قبلها تليها، ولم يستعملوا الدال موضع الواو التي هي الأَصل فصار إِبدال
الدال من التاء في هذا الموضع كإِبدال الهمزة من الواو في نحو
أُقِّتَتْ وأُجُوه لقربها منها، ولأَنه لا منزلة بينهما واسطة، وكذلك لو عارض
معارض بهُنَيْهَة تصغير هَنَة فقال: أَلست تزعم أَن أَصلها هُنَيْوَة ثم
صارت هُنَيَّة ثم صارت هُنَيْهة، وأَنت قد تقول هُنَيْهة في كل موضع قد تقول
فيه هُنَيَّة؟ كان الجواب واحداً كالذي قبله، أَلا ترى أَن هُنَيْوة
الذي هو أَصل لا يُنْطَق به ولا يستعمل البَتَّة فجرى ذلك مجرى وَوْلَج في
رفضه وترك استعماله؟ فهذا كله يؤَكد عندك أَن امتناعه من استعمال آل في
جميع مواقع أَهل إِنما هو لأَن فيه بدلاً من بدل، كما كانت التاء في القسم
بدلاً من بدل.
والإِهالَةُ: ما أَذَبْتَ من الشحم، وقيل: الإِهَالة الشحم والزيت،
وقيل: كل دهن اؤْتُدِم به إِهالةٌ، والإِهالة الوَدَك. وفي الحديث: أَنه كان
يُدْعى إِلى خُبْز الشعير والإِهالة السَّنِخَة فيُجيب، قال: كل شيء من
الأَدهان مما يُؤْتَدَم به إِهالَةٌ، وقيل: هو ما أُذيب من الأَلْية
والشَّحم، وقيل: الدَّسَم الجامد والسَّنِخة المتغيرة الريح. وفي حديث كعب في
صفة النار: يجاء بجهنَم يوم القيامة كأَنها مَتْنُ إِهالة أَي ظَهْرُها.
قال: وكل ما اؤْتدم به من زُبْد ووَدَك شحم ودُهْنِ سمسم وغيره فهو
إِهالَة، وكذلك ما عَلا القِدْرَ من وَدَك اللحم السَّمين إِهالة، وقيل:
الأَلْية المُذابة والشحم المذاب إِهالة أَيضاً. ومَتْن الإِهالة: ظَهْرُها
إِذا سُكِبَت في الإِناء، فَشَبَّه كعب سكون جهنم قبل أَن يصير الكفار فيها
بذلك.
واسْتَأْهل الرجلُ إِذا ائتدم بالإِهالة. والمُسْتَأْهِل: الذي يأْخذ
الإِهالة أَو يأْكلها؛ وأَنشد ابن قتيبة لعمرو ابن أسوى:
لا بَلْ كُلِي يا أُمَّ، واسْتَأْهِلي،
إِن الذي أَنْفَقْتُ من مالِيَه
وقال الجوهري: تقول فلان أَهل لكذا ولا تقل مُسْتَأْهِل، والعامَّة
تقول. قال ابن بري: ذكر أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه قال: حدثني أَبو
الهيثم خالد الكاتب قال: لما بويع لإِبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني وقد
كان يعرفني، فلما دخلت إِليه قال: أَنْشِدْني، فقلت: يا أَمير المؤْمنين،
ليس شعري كما قال النبي،صلى الله عليه وسلم، إِنَّ من الشعر لحكماً،
وإِنما أَنا أَمزحُ وأَعْبَثُ به؛ فقال: لا تقل يا خالد هكذا، فالعلم جِدٌّ
كله؛ ثم أَنْشدته:
كُنْ أَنت للرَّحْمَة مُسْتَأْهِلاً،
إِن لم أَكُنْ منك بِمُسْتَأْهِل
أَلَيْسَ من آفة هذا الهَوى
بُكاءٌ مقتول على قاتل؟
قال: مُسْتَأْهِل ليس من فصيح الكلام وإِنما المُسْتَأْهِل الذي يأْخذ
الإِهالة، قال: وقول خالد ليس بحجة لأَنه مولد، والله أَعلم.
ركن: رَكِنَ إلى الشيءِ ورَكَنَ يَرْكَنُ ويَركُنُ رَكْناً ورُكوناً
فيهما ورَكانَةً ورَكانِيَةً أَي مال إليه وسكن. وقال بعضهم: رَكَنَ
يَرْكَن، بفتح الكاف في الماضي والآتي، وهو نادر؛ قال الجوهري: وهو على الجمع
بين اللغتين. قال كراع: رَكِنَ يَرْكُنُ، وهو نادر أَيضاً، ونظيره فَضِلَ
يَفْضُل وحَضِرَ يَحْضُر ونَعِمَ يَنْعُم؛ وفي التنزيل العزيز: ولا
تَرْكَنُوا إلى الذين ظلموا؛ قرئ بفتح الكاف من رَكِنَ يَرْكَنُ رُكوناً إذا
مال إلى الشيء واطمأَنَّ إليه، ولغة أُخرى رَكَنَ يَرْكُنُ، وليست بفصيحة.
ورَكِنَ إلى الدنيا إذا مال إليها، وكان أَبو عمرو أَجاز رَكَنَ
يَرْكَنُ، بفتح الكاف من الماضي والغابر، وهو خلاف ما عليه
(* قوله «وهو خلاف ما
عليه إلخ» أي لأن باب فعل يفعل بفتحتين أن يكون حلقيّ العين أَو اللام
اهـ. مصباح). الأَبنية في السالم. ورَكِنَ في المنزل يَركَنُ ركْناً:
ضَنَّ به فلم يفارقه. ورُكْن الشيء: جانبه الأَقوى. والرُّكْنُ: الناحية
القوية وما تقوّى به من مَلِكٍ وجُنْدٍ وغيره، وبذلك فسر قوله عز وجل:
فتَوَلَّى برُكْنِه، ودليل ذلك قوله تعالى: فأَخذناه وجنودَه؛ أَي أَخذناه
ورُكْنَه الذي تولى به، والجمع أَرْكان وأَرْكُنٌ؛ أَنشد سيبويه لرؤبة:
وزَحْمُ رُكْنَيْكَ شدِيدَ الأَرْكُنِ.
ورُكْنُ الإنسانِ: قوّته وشدّته، وكذلك رُكْنُ الجبل والقصر، وهو جانبه.
ورُكْنُ الرَّجُل: قومه وعَدَدُه ومادّته. وفي التنزيل العزيز: لو أَنَّ
لي بكم قُوَّةً أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ قال ابن سيده: وأُراه على
المثل. وقال أَبو الهيثم: الرُّكْنُ العشيرة؛ والرُّكْنُ: الأَمر العظيم في
بيت النابغة:
لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له.
وقيل في قوله تعالى: أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ إن الرُّكْن القُوَّة.
ويقال للرجل الكثير العدد: إنه ليأْوي إلى رُكْن شديد. وفلان رُكْنٌ من
أَركان قومه أَي شريف من أَشرافهم، وهو يأْوي إلى رُكْن شديد أَي عز
ومَنَعة. وفي الحديث أَنه قال: رَحِمَ الله لُوطاً إن كان لَيأْوي إلى رُكْن
شديد أَي إلى الله عز وجل الذي هو أشد الأَركان وأَقواها، وإنما ترحم عليه
لسهوه حين ضاق صدره من قومه حتى قال: أَو آوي إلى ركن شديد، أَراد عز
العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط. وجبل ركِينٌ: له
أَركان عالية، وقيل: جَبَل رَكِينٌ شديد. وفي حديث الحساب: ويقال
لأَرْكانه انْطقي أَي لجوارحه. وأَركانُ كل شيء: جَوانبه التي يستند إليها ويقوم
بها. ورجل رَكِين: رَميز وَقُور رَزِينٌ بَيّنُ الرَّكانة، وهي الرَّكانة
والرَّكانِيَةُ. ويقال للرجل إذا كان ساكناً وقوراً: إنه لرَكِينٌ، وقد
رَكُنَ، بالضم، رَكانة. وناقة مُرَكَّنَةُ الضَّرْع، والمُرَكَّنُ من
الضروع: العظيم كأَنه ذو الأَركان. وضرع مُرَكَّنٌ إذا انتفخ في موضعه حتى
يَمْلأَ الأَرفاغ، وليس بحَدّ طويلٍ؛ قال طرفة:
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرورُ
وقال أَبو عمرو: مُرَكَّنَة مُجَمَّعَة. والمِرْكَن: شبه تَوْرٍ من
أَدَمٍ يتخذ للماء أَو شبه لَقَن. والمِرْكَنُ، بالكسر: الإجَّانة التي تغسل
فيها الثياب ونحوها. ومنه حديث حَمْنَةَ: أَنها كانت تجلس في مِرْكَن
لأُختها زينب وهي مستحاضة، والميم زائدة، وهي التي تخض الآلات. والرَّكْنُ:
الفَأْرُ ويُسَمَّى رُكَيْناً على لفظ التصغير. والأُرْكُون: العظيم من
الدَّهاقين. والأُرْكون: رئيس القرية. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه
دخل الشام فأَتاه أُرْكُونُ قَرْيةٍ فقال له: قد صنعتُ لك طعاماً؛ رواه
محمد بن إسحق عن نافع عن أَسلم؛ أُرْكُون القرية: رئيسها ودِهْقانها
الأَعظم، وهو أُفْعُول من الرُّكُون السكون إلى الشيء والميل إليه، لأَن أَهلها
يَرْكَنُون إليه أَي يسكنون ويميلون. ورُكَيْنٌ ورُكَانٌ ورُكانَةُ:
أَسماء. قال: ورُكانَة، بالضم، اسم رجل من أهل مكة، وهو الذي طَلَّق امرأَته
البتة فحلفه النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه لم يرد الثلاثَ.
سهل: السَّهْلُ: نَقيضُ الحَزْن، والنسبة إِليه سُهْلِيٌّ. ونَهَرٌ
سَهِلٌ: ذو سِهْلَةٍ. والسُّهولة: ضد الحُزُونة، وقد سَهُل الموضعُ، بالضم.
ابن سيده: السَّهْلُ كل شيء إِلى اللِّين وقِلة الخشونة، والنسب إِليه
سُهْلِيٌّ، بالضم، على غير قياس. والسَّهِلُ: كالسَّهْل؛ قال الجعدي يصف
سحاباً:
حتى إِذا هَبَط الأَفْلاحَ وانْقَطَعَتْ
عنه الجَنوبُ، وحَلَّ الغائطَ السَّهِلا
وقد سَهُلَ سُهولةً. وسَهَّله: صَيَّره سَهْلاً. وفي الدعاء: سَهَّل
اللهُ عليك الأَمرَ ولك أَي حَمَل مؤنَته عنك وخَفَّفَ عليك. والسَّهْل من
الأَرض: نقيض الحَزن، وهو من الأَسماء التي أُجريت مُجْرى الظروف، والجمع
سُهول. وأَرض سَهْلة، وقد سَهُلَتْ سُهولةً، جاؤوا به على بناء ضده، وهو
قولهم حَزُنَتْ حُزُونةً. وأَسْهَلَ القومُ: صاروا في السَّهْل.
وأَسْهَلَ القومُ إِذا نزلوا السَّهْل بعدما كانوا نازلين بالحَزْن. وفي حديث رمي
الجمار: ثم يأْخذ ذاتَ الشِّمال فيُسْهِل فيقوم مُسْتقبلَ القبلة؛
أَسْهَلَ يُسْهِل إِذا صار إِلى السَّهْل من الأَرض، وهو ضد الحَزْن، أَراد
أَنه صار إِلى بطن الوادي. وأَسْهَلوا إِذا استعملوا السُّهولة مع الناس،
وأَحْزَنوا إِذا استعملوا الحُزونة؛ قال لبيد:
فإِن يُسْهِلوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطُرْقَتي،
وإِن يُحْزِنوا أَرْكَبْ بهم كُلَّ مَرْكَب
وقول غَيْلان الرَّبَعي يَصف حَلْبة:
وأَسْهَلوهُنَّ دُقاقَ البَطْحا
إِنما أَراد أَسْهَلوا بهنَّ في دُقاق البطحاء فحذف الحرف وأَوْصَل.
وبعيرٌ سُهْليٌّ: يَرْعى في السُّهولة.
والتسهيل: التيسير. والتَّساهُل: التسامُح. واسْتَسْهَلَ الشيءَ: عَدَّه
سَهْلاً. وفي الحديث: من كَذَبَ عليّ مُتَعَمِّداً فقد اسْتَهَلَ مكانَه
من جهنم أَي تَبَوَّأَ واتخذ مكاناً سَهْلاً من جهنَّم، وهو افْتَعَل من
السَّهْل، وليس في جهنم سَهْلٌ أَعاذنا الله منها برحمته.
ورَجُلٌ سَهْلُ الوجه؛ عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أَنه
يُعْنى بذلك قلة لحمه وهو ما يُسْتَحْسَن. وفي صفته، صلى الله عليه
وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين،
ورَجُلٌ سَهْلُ الخُلُق.
والسِّهْلة والسِّهْل: تراب كالرمل يجيء به الماء. وأَرض سَهِلةٌ: كثيرة
السِّهْلة، فإِذا قلت سَهْلة فهي نقيض حَزْنة. قال أَبو منصور: لم أَسمع
سَهِلة لغير الليث. ابن الأَعرابي: يقال لرَمْل البحر السِّهْلة؛ هكذا
قاله بكسر السين. أَبو عمرو بن العلاء: ينسب إِلى الأَرض السَّهْلة
سُهْلِيٌّ، بضم السين. الجوهري: السِّهْلة، بكسر السين، رَمْلٌ ليس بالدُّقاق.
وفي حديث أُم سلمة في مَقْتَل الحسين، عليه السلام: أَن جبريل، عليه
السلام، أَتاه بسِهْلة أَو تراب أَحمر؛ السِّهْلة: رمل خَشِن ليس بالدّقاق
الناعم.
وإِسْهالُ البَطْن: كالخِلْفَة، وقد أُسْهِل الرَّجُلُ وأُسْهِل بطنُه،
وأَسْهَله الدَّواءُ، وإِسْهالُ البطن: أَن يُسْهِله دَواءٌ، وأَسْهَل
الدواءُ طبيعتَه. والسَّهْل: الغُرابُ.
وسَهْلٌ وسُهَيْلٌ: اسمان. وسُهَيْلٌ: كوكبٌ يَمانٍ. الأَزهري: سُهَيْلٌ
كوكب لا يُرى بخُراسان ويُرى بالعراق؛ قال الليث: بَلَغَنا أَن
سُهَيْلاً كان عَشَّاراً على طريق اليمن ظَلوماً فمسَخَه الله كوكباً. وقال ابن
كُناسة: سُهَيْلٌ يُرى بالحجاز وفي جميع أَرض العرب ولا يُرى بأَرض
أَرمِينِيَة، وبين رُؤية أَهل الحجاز سُهَيْلاً ورؤية أَهل العراق إِيَّاه
عشرون يوماً؛ قال الشاعر:
إِذا سُهَيْلٌ مَطْلَعَ الشَّمْسِ طَلَعْ،
فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ، والحِقُّ جَذَعْ
ويقال: إِنه يَطْلُع عند نَتاج الإِبل، فإِذا حالَتِ السَّنَةُ
تَحَوَّلَت أَسنانُ الإِبل.
هول: الهَوْلُ: المخافة من الأَمر لا يَدْرى ما يَهْجِم عليه منه
كَهَوْل الليل وهَوْل البحر، والجمع أَهْوال وهُؤُول، والهُؤُول جمع هَوْل؛
وأَنشد أَبو زيد:
رَحَلْنا من بلاد بني تميم
إِليك، ولم تَكَاءَدْنا الهُؤُولُ
يهمزون الواو لانضمامها. والهِيلَة: الهَوْلُ. وهالَنِي الأَمرُ
يَهُولُني هَوْلاً: أَفزَعَني؛ وقوله:
وَيْهاً فِدَاءً لك يا فَضالَهْ
أَجِرَّهُ الرُّمْحَ، ولا تُهالَهْ
فتح اللام لسكون الهاء وسكون الأَلف قبلها، واختاروا الفتحة لأَنها من
جنس الأَلف التي قبلها، فلما تحرَّكت اللام لم يلتق ساكنان فتحذف الأَلف
لالتقائهما؛ قال ابن سيده: فأَما قول الآخر:
إِضْرِبَ عنكَ الهُمُومَ طارِقَها،
ضَرْبَك بالسَّوْطِ قَوْنَسَ الفَرَس
فإِنَّ ابن جني قال: هو مَدْفوع مصنوع عند عامة أَصحابنا ولا رواية
تثبُت به، وأَيضاً فإِنه ضعيف ساقط في القياس، وذلك لأَن التأْكيد من مواضع
الإِطْناب والإِسْهاب فلا يَليق به الحَذْف والاختصار، فإِذا كان السماعُ
والقياسُ يدفعان هذا التأْويل وَجَب إِلغاؤه والعُدول إِلى غيره مما كثر
استعماله وصحَّ قياسه. وهَوْلٌ هائلٌ ومَهُول، وكَرِهَها بعضهم، وقد جاء
في الشعر الفصيح.
والتَّهْوِيل: التفريع؛ الأَزهري: أَمر هائل ولا يقال مَهُول إِلا أَن
الشاعر قد قال:
ومَهُولٍ، منَ المَناهِل، وَحْشٍ
ذي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
وتفسير المَهُول أَي فيه هَوْل، والعرب إِذا كان الشيء هُوَ لَهُ
أَخرجوه على فاعِل مثل دارِع لذي الدِّرْع، وإِن كان فيه أَو عليه أَخرجوه على
مَفْعول، كقولك مَجْنون فيه ذاك، ومَدْيون عليه ذاك. ومكان مَهِيل أَي
مَخُوف؛ قال رؤبة:
مَهِيلُ أَفْيافٍ لها فُيُوفُ
(* قوله «قال رؤبة إلخ» نقل الصاغاني مثله عن الجوهري ثم قال: هذا تصحيف
وصوابه مهبل بسكون الهاء وكسر الباء المعجمة بواحدة، والمهبل المنقطع
بين أرضين).
وكذلك مكان مَهالٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
أَلا يا لَقَوْمي لِطَيفِ الخَيا
لِ أَرَّقَ من نازِحٍ ذي دَلالِ
أَجازَ إِلينا، على بُعْده،
مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ
ويقال: اسْتَهال فلان كذا يَسْتَهِيله، ويقال يَسْتَهْوِله، والجيِّد
يَسْتَهِيله. وهُلْته فاهْتال: أَفزعته ففزع، وقد هَوَّل عليه.
والتَّهْوِيل والتَّهاوِيلُ: ما هُوِّلَ به؛ قال:
على تَهاوِيلَ لها تَهْوِيلُ
التهذيب: التَّهاوِيلُ جماعة التَّهْوِيل، وهو ما هالك من شيء، وهَوَّل
القومُ على الرجل. وفي حديث أَبي سفيان: أَن محمداً لم يُناكِرْ أَحداً
قطُّ إِلا كانت معه الأَهْوال؛ هي جمع هَوْل وهو الخوف والأَمرُ الشديد.
وفي حديث أَبي ذرٍّ: لا أَهُولَنَّك أَي لا أُخِيفُك فلا تَخَفْ مني. وفي
حديث الوحْيِ: فهُلْت أَي خِفْت ورُعِبْت، كقُلْتُ من القَوْل. وهَوَّل
الأَمرَ: شنَّعه.
والهُولةُ من النساء: التي تَهُول الناظرَ من حسنها؛ قال أُمية بن أَبي
عائذ الهذلي:
بَيْضاءُ صافِيةُ المَدامِعَ، هُولةٌ
للناظرين، كدُرَّة الغَوَّاصِ
ووَجْهُه هُولةٌ من الهُوَلِ أَي عَجَب. أَبو عمرو: يقال ما هو إِلاَّ
هُولةٌ من الهُوَل إِذا كان كَرِيهَ المنظَر. والهُولةُ: ما يفزَّع به
الصبي، وكل ما هالك يسمَّى هُولةً؛ قال الكميت:
كَهُولَة ما أَوْقَدَ المُحْلِفُون،
لَدى الحالِفِينَ، وما هَوَّلُوا
وهَوَّل على الرجل: حَمل. وناقة خِولُ الجَنان: حديدةٌ. وتَهَوَّل
للناقة تَهَوُّلاً: تشبَّه لها بالسبُع ليكون أَرْأَمَ لها على الذي تُرْأَم
عليه، وهو مثل تَذَأَّبت لها تَذَؤُّباً إِذا لبست لها لباساً تَتَشبَّه
بالذئب، قال: وهو أَن تستخْفي لها إِذا ظَأَرْتها على ولد غيرها
فتَشَبَّهت لها بالسبع فيكون أَرْأَم لها عليه. والتَّهاوِيل: زينة التَّصاوِير
والنُّقوش والوَشْي والسلاح والثياب والحَلْي، واحدها تَهْويل.
والتَّهاوِيل: الأَلوان المختلفة من الأَصْفر والأَحْمر. وهَوَّلت المرأَة: تزينت
بزينة اللِّباس والحَلْيِ؛ قال:
وهَوَّلتْ من رَيْطِها تَهاوِلا
والتَّهاويل: ما على الهَوادِج من الصوف الأَحمر والأَخضر والأَصفر؛
ويقال للرِّياض إِذا تزيَّنَت بِنَوْرها وأَزاهِيرها من بين أَصفر وأَحمر
وأَبيض وأَخضر: قد علاها تَهْوِيلُها؛ وقال عبد المسيح بن عَسَلة فيما
أَخرجه الزرعُ من الأَلوان؛ وفي المحكم: يصِف نباتاً:
وعازِبٍ قد عَلا التَّهْويلُ جَنْبَتَهُ،
لا تنفعُ النَّعْل في رَقْراقِهِ الحافِي
ومثله لعدي:
حتى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ
من التَّهاوِيل، شَكْل العِهْن في التُّوَمِ
وروى الأَزهري بإِسناده عن ابن مسعود في قوله عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً
أُخرى؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: رأَيت لجبريل، عليه
الصلاة والسلام، سِتَّمائة جَناح ينتَشِرُ من ريشه التَّهاوِيلُ والدرُّ
والياقوتُ أَي الأَشياء المختلفة الأَلْوان؛ أَراد بالتَّهاوِيل تَزايينَ
ريشه وما فيه من صفرة وحمرة وبياض وخضرة مثل تَهاوِيلِ الرياض؛ ويقال لما
يخرج من أَلوان الزَّهْر في الرياض التَّهاوِيل، واحدها تَهْوال، وأَصلها
ما يَهُول الإِنسانَ ويحيره. والتَّهْوِيلُ: شيء كان يفعل في الجاهليَّة،
كانوا إِذا أَرادوا أَن يستحلِفوا الرجل أَوْقَدُوا ناراً وأَلْقَوْا
فيها مِلْحاً.
والمُهَوِّل: المحلِّف، وكان في الجاهلية لكل قوم نار وعليها سَدَنةٌ،
فكان إِذا وقع بين الرجلين خُصومة جاءَا إِلى النار فيحلَّف عندها
(*
قوله: يحلِّف عندها أي الخصم) وكان السَّدَنة يطرَحون فيها مِلْحاً من حيث لا
يشعُر يُهَوِّلون بها عليه، واسم تلك النار الهُولَةُ، بالضم؛ التهذيب:
كانت الهُولَةُ ناراً يُوقِدونها عند الحَلِف ويُلْقون فيها مِلْحاً
فيَتَفَقَّع، يُهَوِّلون بها، وكذلك إِذا استحلفوا رجلاً؛ قال أَوس بن حجر
يصف حمار وحش:
إِذا اسْتَقْبَلَتْه الشمسُ صَدَّ بِوَجْهِه،
كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ
وهِيلَ السكران يُهالُ إِذا رأَى تَهاوِيل في سكره فيفزع لها؛ وقال ابن
أَحمر يصف خمراً وشاربها:
تَمَشَّى في مَفاصِلِه، وتَغْشى
سَناسِنَ صُلْبِه حتى يُهالا
ورجل هَوَلْوَلٌ: خفيف؛ حكاه ابن الأَعرابي، وهو فَعَلْعَل؛ وأَنشد:
هَوَلْوَلٌ إِذا ونَى القومُ نَزَلْ
والمعروف حَوَلْوَل.
والهَالُ: فُوهٌ من أَفْواهِ الطِّيبِ.
والهَالةُ: دارةُ القمر، وهَالةُ: الشمْسُ معرفة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ومُنْتَخَبٍ كأَنَّ هالةَ أُمُّهُ،
سَبَاهِي الفُؤادِ ما يَعِيش بمَعْقُول
ويروى أُمَّه، يريد أَنه فَرس كريم كأَنما نُتِجَته الشمسُ، ومُنْتَخَب
حذِر كأَنه من ذَكاء قلْبه وشُهومته فزِعٌ، وسَباهِي الفُؤاد: مُدَلَّهه
غافِلهُ إِلا من المَرَح، وهو مدكور في موضعه. وهَالةُ: اسم امرأَة عبد
المطلب. وهَالٌ: من زجر الخيل.