Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بدء

سبأ

س ب أ: (سَبَأٌ) اسْمُ رَجُلٍ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ. 
سبأ: {سبأ}: اسم رجل، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقيل: اسم أرض. 
(سبأ)
على يَمِين كَاذِبَة سبئا وسباء ومسبأ حلف غير مكترث بهَا وَالْخمر اشْتَرَاهَا ليشربها وَفُلَانًا جلده والحرارة أَو السَّوْط الْجلد غيرته ولوحته وَالْجَلد أحرقه وكشطه
[سبأ] دعا بالجفان "فسبأ" الشراب، من سبأت الخمر سبأ وسباء اشتريتها، والسبيئة الخمر، وقيل: معناه خبأها وجمعها. و"سبأ" اسم مدينة بلقيس باليمن، وقيل: اسم رجل والد عامة قبائل اليمن، كذا فسر في الحديث وسميت المدينة به.
سبأ
قال عزّ وجلّ: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل/ 22] ، سَبَأ اسم بلد تفرق أهله، ولهذا يقال: ذهبوا أيادي سبأ ، أي: تفرّقوا تفرّق أهل هذا المكان من كلّ جانب، وسَبَأْتُ الخمر: اشتريتها، والسَّابِيَاءُ: جِلْدٌ فيه الولد .
(سبأ) اسْم رجل يجمع عَامَّة قبائل الْيمن (يصرف وَيتْرك صرفه ويمد وَلَا يمد) وَفِي الْمثل (تفَرقُوا أَيدي سبأ) وأيادي سبأ ضرب بهم الْمثل فِي التَّفَرُّق لِأَنَّهُ لما غرق مكانهم وَذَهَبت جناتهم تبددوا فِي الْبِلَاد فَأخذت كل طَائِفَة مِنْهُم طَرِيقا
س ب أ

ذهبوا أيدي سبا. وسبأ الخمر سباء. قال لبيد:

أغلي السباء بكل أدكن عاتق

قال أبو عبيدة: سبأها: شراها للشرب لا للبيع، واستبأها لنفسه. وعنده سبيئة بابلية. وتقول: ما تسبأ لكم الراح، ولكن تسبى منكم الأرواح.
(سبأ) - قوله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ}
قيل: هو اسم أَرضٍ، هي مدينة بِلْقِيس فلا ينَصرَف حينئذ، وقيل: اسمُ رَجُلٍ، ولَدَ عامَّةَ قبائِلِ اليمنِ فينصرف، وبه ورد الحديث،
- في حديث عم - رضي الله عنه -: "أَنّه دَعَا بالجِفانِ فَسَبَأَ الشَّرابَ فيها ".
يُقال: سَبَأْتُ الخمرَ أسْبَؤُها سَبْأً وسِبَاءً: اشتريتُها.
والسَّبِيئَة: الخَمْر، والمعنى في الحديث، كما قيل: جَمعَها وخَبأَهَا .
سبأ سَبَأ: اسْمُ رَجُلٍ يَمَانٍ. واسْمُ بَلْدَةِ بَلْقِيْسَ. وسَبَاْتُ الخَمْرَ: اشْتَرَيتها، وهي السَّبِيْئةُ، والمَصْدَرُ: السبَاءُ، والاسْتِبَاءُ: اشْتِرَاؤها لنَفْسِه.
وسَبَأتْهُ النّارُ: مَحَشَتْه فأحْرَقَتْ شَيْئاً من أعَالِيه. وسَبَأته السيَاطُ: لَدعَتْه. وسَبَأتُ جِلْدَه وأسْبَاْتُه: سَلَخْتُه. وسَبِيْءُ الحَيَّةِ: مِسْلَاخُها.
وسَبَاَتْ له نَفْسي: ذَلتْ.
وأسْبَأْتُ للهِ إسْبَاء: إذا أخْبَتَ له قَلْبَكَ. وأسْبَاْتُ: صَبَرْتُ. والمَسْبَأُ: الطرِيْقُ؛ لا يُؤَنَثُ. وقيل: مَسْبَأَةُ الطَّرِيْقِ: مِلْكُه.
وانْسَبَاَ شَعرُه: إذا تَمَعطَ؛ انْسِبَاءً.
وسَبَأْتُه: صافَحْته.
[سبأ] سبأت الخمر سبأ ومسبأ، إذا اشتريتَها لتشربها. قال الشاعر . * يَغْلو بأيدي التِجار مَسْبَؤُها * أي إنها من جودتها يغلو اشتراؤها. واستبأتها مثله، ولا يقال ذلك إلا في الخمر خاصة، والاسم: السباء، على فعال بكلفاء. ومنه سميت الخمر سبيئة. قال حسان بن ثابت: كأن سبيئة من بيت رأس * يكون مزاجها عسل وماء ويسمون الخمار: السَّبَّاء. فأمَّا إذا اشتريتها لتحملها إلى بلدٍ آخر قلت: سَبَيْتُ الخمر بلا همز. وسبأ: اسم رجل، ولد عامة قبائل اليمن. وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، يصرف ولا يصرف . وسبأ فلان على يمين كاذبة، إذا مرَّ عليها غير مكثرت، وسبأت الرجل، جلدته. أبو زيد: سبأته بالنار أحرقْتُهُ. وانْسَبَأَ الجلدُ: انسلخ. قال: والمسبأ: الطريق في الجبل. والسبئية من الغلاة، ينسبون إلى عبد الله ابن سبإ.
سبأ
سَبَأ [مفرد]:
1 - قبيلة في اليمن سمِّيت باسم جدِّها، كما سمِّيت الأرض باسمه ثم صارت دولة في شرق اليمن، في القرن العاشر ق. م، اشتهرت تاريخيًّا بملكتها (بلقيس) وبسدّها العظيم (سدّ مأرب) الذي كان تهدّمه إيذانًا بأفول نجم الحضارة السّبئيّة " {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ} " ° تفرَّقوا أيادي سَبَأ/ تفرَّقوا أَيْدي سَبَأ [مثل]: تفرّقوا كما تفرّقت قبائل اليمن في البلاد عندما غرقت أرضهم وذهبت جنّاتهم.
2 - اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 34 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها أربعٌ وخمسون آية. 

سَبئِيّة [جمع]: مف سَبَئيّ
• السَّبَئِيَّة: فرقة من غلاة الشِّيعة ينسبون إلى عبد الله بن سَبَأ، الذي قال لعليّ: أنت الإله حقًّا، فنفاه عليّ إلى المدائن. 

سبيئة [مفرد]: خَمْر. 
السين والباء والهمزة س ب أ

سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واسْتَبَأَها شَرَاها والسَّبَّاءُ بَيَّاعُها قال خالدِ بن عَبْدِ الله لعُمر بن يُوسف الثَّقَفِيِّ يا ابن السَّبَّاء حكى ذلك أبو حَنِيفةَ وهي السِّباءُ والسَّبِيئَةُ وسَبَأَتْهُ السِّياطُ والنارُ سَبْأً لَذَعَتْهُ وقيل غَيَّرَتْه وكذلك الشمسُ والنارُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أي يُغَيِّره وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً أَحْرَقَه وقيل سَلَخَه وانْسَبَأَ هو وإنك لتُرِيد سُبْأَةً أي سراً بَعِيداً يُغَيِّرُك وسَبَأَ مرَّعلى يَميِنٍ كاذبةٍ يَسْبَأُ سَبْأً حَلَف وقيل سَبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذِباً وأَسْبَأَ لأَمْرِ الله أَخْبَتَ وأَسْبَأَ على الشيءِ خَبت له قَلْبُه وسَبَأَ اسم رَجُلٍ يَجْمَعُ عامَّةَ قبائل اليَمَن يُصْرَفُ على إرادة الحَيِّ ويُتْرَكُ صَرْفُهُ على إرادة القبيلة وفي التنزيل {لقد كان لسبإ في مسكنهم} سبأ 15 وكان أبو عمرو يقرأ لِسَبَأَ قال

(من سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ إذْ ... يَبْنُونَ من دُونِ سَيْلِها العَرِمَا)

وقال

(أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلْدَانُ مِنْ سَبَأٍ ... كأنهم تحتَ دَفَّيْها دَحارِيجُ)

وقيل سَبَأ اسم بَلْدَة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ وقالوا تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبَأ وأيادِي سَبَأ فبَنَوْهُ وليس بتخفيف عن سَبَأٍ لأن صورةَ تخفيفه ليست على ذلك وإنما هو بَدَلٌ وذلك لكَثْرَته في كَلامِهم قال

(مِنْ صادِرٍ أو وارِدٍ أَيْدِي سبا ... )

وقال كُثَيِّر

(أَيادِي سَبَا يا عَزَّ ما كُنْتُ بَعْدَكُمُ ... فَلَم يَحْلَ للعَيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ)

وضَرَبتِ العربُ بهم المَثَلَ في الفُرْقة لأنه لمّا أَذْهَبَ الله عنهم جَنَّتَيْهِم وغَرَّق مكانهم تَبَدَّدُوا في البلاد
سبأ
سَبَأْتُ الخمر سَبْأً ومَسْبَأً: إذا اشتريتها لِتشربها، قال إبراهيم بن علي ابن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمة:
خَوْدٌ تُعاطِيْكَ بعدَ رَقْدَتِها ... إذا تَوَفَّى العُيونَ مَهْدَؤُها
كأساً بِفِيْها صَهْباءَ مُعْرَقةً ... يَغْلُو بأيدي التِّجَارِ مَسْبَؤُها
أي: إنها من جَودتها يغلو اشتراؤها، ولا يقال ذلك إلاّ في الخمر خاصة، والاسم السِّبَاء مثال الكساء، ومنه سُمِّيت الخمر سِبِيْئَةً، قال حسان بن ثابت - رضي الله عنه -:
كأنَّ سَبِيْئَةً من بَيْتِ رَأْسٍ ... يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
على أنْيابِها أو طَعْمَ غَضٍّ ... من التُّفّاحِ هَصَّرَهُ اجْتِناءُ
ويُروى:؟ كأنَّ خَبيْئةً؟. ويسمون الخمّار: السَّبّاء، فأما إذا اشتريتها لتحملها إلى بلد آخر قلت: سَبَيْتُ الخمر؛ بلا همز.
وسَبَأَ على يمين كاذبة: إذا مرَّ عليها غير مُكترث.
وسَبَأْتُ الرجل: جَلَدْتُه.
أبو زيد: سَبَأْتُه بالنار: أحرقته. وسَبَأْتُه: صافحته.
وسَبَأُ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ولد عامة قبائل اليمن، وقال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: سَبَأٌ لقب واسمه عبد شمس. وقال الزجاج في قوله تعالى:) وجِئْتُك من سَبَأ (هي مدينة تعرف بمأرب من صنعاء على مسيرة ثلاث ليال، فمن لم يصرف فلأنه اسم مدينة، ومن صرف فلأنه اسم للبلد فيكون مُذكرا سمي به مُذكر.
والسَّبَئيَّةُ: من الغلاة؛ يُنسبون إلى عبد الله بن سبأ.
والمَسْبَأُ: الطريق.
وسَبِيءُ الحية وسَبِيُّها: سِلْخُها.
وقال ابن الأعرابي: يقال إنك تريد سُبْأة - بالضم -: أي إنك تريد سفرا بعيدا، سميت سُبْأَةً لأن الإنسان إذا طال سفره سَبَأَتْه الشمس ولَوَّحَتْه. وإذا كان السفر قريباً قيل: تريد سُرْبَةً.
ويقال: أسْبَأْتُ لأمر الله؛ وذلك إذا أخْبَتَ له قلبك.
واسْتَبَأْتُ الخمر: مثل سَبَأْتُها. وأنْسَبَأَ الجلد: انسلخ.

سب

أ1 سَبَأَ الخَمْرَ, (S, M, K,) aor. ـَ (M, K,) inf. n. سَبْءٌ (S, M, K) and سِبَآءٌ, (M, K, TA,) like كِتَابٌ, (TA, in the CK سَباء,) [but see سِبَآءٌ below,] and مَسْبَأٌ; (S, K;) and ↓ استبأها; (S, M, K;) He bought wine, syn. شَرَاهَا, (M, K,) which mostly means “ he sold it,” (TA,) or اِشْتَرَاهَا, (S, O,) which is well known as meaning “ he bought it,” wherefore it is here used in the S and O, (TA,) in order that he might drink it: (S, O:) accord. to Ks, (TA,) when you buy wine to carry it to a place, you say, سَبَيْتُ الخَمْرَ, without ء; (S, TA;) and so say the [other] celebrated lexicologists, except Fei, accord. to whom you say in this case [as in others], سَبَأْتُهَا; and it is itself called سَبِيْئَةٌ: (TA:) the verbs are only used, in the sense of buying, in relation to wine. (S, Msb, TA.) [See also art. سبى.] b2: and سَبَأَ الشَّرَابَ He collected the wine in vessels: occurring in this sense in a trad. (Aboo-Moosà, TA.) A2: سَبَأَتْهُ, (M,) or سَبَأَتِ الجِلْدَ, (K,) said of fire, (M, K,) and of whips, (M,) It, or they, burned, or hurt, (M, K,) or, as some say, (M, but in the K “ and,”) altered, (M, K,) him, (M,) or the skin: (K:) and in like manner one says of the sun, and of fever, and of journeying. (M.) b2: And سَبَأْتُهُ بِالنَّارِ I burned him with fire: (Az, S:) or سَبَأَ جِلْدَهُ, inf. n. سَبْءٌ, He burned his skin; or, as some say, stripped it off: (M:) or سَبَأَ الجِلْدَ he burned the skin: and سَبَأَ signifies also he stripped off [skin], or he skinned. (K.) b3: And سَبَأْتُ الرَّجُلَ, (inf. n. سَبْءٌ, TA,) I flogged the man. (S, K. *) A3: سَبَأَ عَلَى يَمِينٍ

كَاذِبَةٍ, (S, M,) aor. ـَ inf. n. سَبْءٌ, (M,) He passed over a false oath [that he had sworn], not caring for it: (S): or he swore a false oath: and some say, سَبَأَ عَلَى يَمِينٍ, aor. and inf. n. as above, meaning he passed over an oath [that he had sworn], lying. (M.) A4: سَبَأَ is also syn. with صَافَحَ [He took by the hand: &c.]: (O, K:) deemed by MF a strange meaning. (TA.) 4 اسبأ He (a man) was, or became, silent. (Sh, TA in art. رطم.) b2: اسبأ لِأَمْرِ اللّٰهِ He, (M, K,) or his heart, (L,) was, or became, submissive to the decree of God. (M, L, K.) b3: And اسبأ عَلَى الشَّىْءِ His heart became in a bad state, or heavy, (خَبُثَ, [so in the M and in a copy of the K, in the CK and TA خَبَتَ, and thus in my MS. copy of the K, but there altered from خَبُثَ, app. on the authority of the TA, and I think it a mistranscription, although expl. in the TA as meaning اِنْخَضَعَ, which is a signification of أَخْبَتَ, the explanation of اسبأ in the next preceding sentence,]) at the thing. (M, K.) 7 انسبأ It (the skin) was, or became, stripped. off. (S, M.) b2: And It (a person's skin) peeled off, or became abraded. (TA.) 8 إِسْتَبَاَ see 1, first sentence.

سَبَأٌ: see سَبِيْئَةٌ

A2: تَفَرَّقُوا أَيْدِى سَبَا, and أَيَادِى

سَبَا, (M, K,) and with ذَهَبُوا in the place of تفرّقوا, (T, TA,) They became scattered, or dispersed, (K, TA,) and they went away in a state of dispersion, in the ways of Seba, (T, TA,) a people of El-Yemen, who were dispersed in consequence of the inundation of their lands by the bursting of their [famous] dam, (TA,) and who became proverbial on that account: (M, K, TA:) سَبَا is here made indecl., (M, K, TA, [بَنُوهُ in the CK being a mistranscription for بَنَوْهُ, wherefore كما تَبَدَّد has been there interpolated, immediately before بَنُوهُ,]) with the last letter quiescent, and forms, with the preceding word, a compound like خَمْسَةَ عَشَرَ [which implies that we should read أَيْدِى سَبَا and أَيَادِىَسَبَا, but I have never found it thus written]: (TA:) it is not formed from سَبَأَ by suppression of the ء, but is a substitute for that word, (M, K, TA,) on account of the frequent use of this phrase. (M, TA.) [See also art. سبى.]

سُبْأَةٌ A long, or far, journey, (IAar, T, M, K,) that alters one: (IAar, M, TA:) so termed because the sun alters him who makes a long journey. (T, TA. [See 1.]) You say, إِنَّكَ لَتُرِيدُ سُبْأَةً Verily thou desirest a long journey, (IAar, M, K, *) that will alter thee. (IAar, M.) In the case of a short journey, you say, تُرِيدُ سُرْبَةً. (T, TA.) السَّبَئِيَّةُ, (S, and so in a copy of the K,) or ↓ السَّبَائِيَّةُ; (so in another copy of the K and accord. to the CK;) MF says that the former is the correct term, but both are correct; (TA;) Certain of the غُلَاة, (S, K, TA,) i. e. extravagant zealots of the class of innovators; a party of the غُلَاة of the شِيعَة [q. v.]; who are divided into eighteen sects: (TA:) they are so called in relation to Seba (سَبَأ) the father of 'Abd-Allah, (K,) or in relation to 'Abd-Allah Ibn-Seba. (S.) سِبَآءٌ [The purchase of wine;] a subst. from سَبَأَ الخَمْرَ; (S;) or an inf. n. (M, K, TA.) A2: See also سَبِيْئَةٌ, in two places.

سَبِىْءٌ The skin, or slough, of a serpent; (K;) as also سَبِىٌّ; for it is with, and without, ء. (TA.) سَبِيْئَةٌ (S, M, K) and ↓ سِبَآءٌ (M, K) and, accord. to Ks, ↓ سَبَأْ, but the form commonly known is ↓ سِبَآءٌ, with kesr to the س, and with medd, (IAmb, TA,) Wine, (S, M, K,) in an absolute sense; (TA;) or, [as is perhaps meant in the S,] wine that is bought to be drunk, not for merchandise. (Har p. 409, in explanation of the first word.) [See an ex. of the second in a verse of Lebeed cited in art. دكن: and see also سَبِيَّةٌ, in art. سبى.]

السَّبَائِيَّةُ: see السَّبَئِيَّةُ, above.

سَبَّآءٌ A vintner, or seller of wine. (S, M, K.) b2: [It is said in a marginal note in my MS. copy of the K that it signifies also A seller of graveclothes: but this is evidently a mistake, app. occasioned by a mistranscription, for سَيَّآء, with ى.]

مَسْبَأٌ A road (S, K) in a mountain. (S.)

سبأ: سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها:

شَراها. وفي الصحاح: اشتراها لِيَشْرَبَها. قال ابراهيم بن هَرْمةَ:

خَوْدٌ تُعاطِيكَ، بعد رَقْدَتِها، * إِذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها

كأْساً بِفِيها صَهْباء، مُعْرَقة، * يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها

مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي إِنها من جَوْدَتِها يَغْلُو اشتِراؤُها. واسْتَبَأَها: مِثله. ولا يقال ذلك إِلاَّ في الخَمرِ خاصة. قال مالك بن أَبي كعب:

بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها، فاسْتَبَأْتُها * بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام، ولا غَصْبِ

والاسم السِّباءُ، على فِعالٍ بكسر الفاءِ. ومنه سميت الخمر سَبِيئةً.

قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه:

كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس، * يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ

وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو:

على أَنْيابها، أَو طَعْمُ غَضٍّ * مِنَ التُّفَّاحِ، هَصَّرَه اجْتِناءُ

وهذا البيت في الصحاح:

كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ

قال ابن بري: وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ، وهو موضع بالشام.

والسَّبَّاءُ: بَيَّاعُها. قال خالد بن عبداللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي: يا ابن السَّبَّاءِ، حكى ذلك أَبو حنيفة. وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ، ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً. ابن الأَنباري: حكى الكسائي: السَّبَأُ الخَمْرُ، واللَّظَأُ: الشيءُ الثَّقيل(1)

(1 قوله «اللظأ الشيء الثقيل» كذا في التهذيب بالظاء المشالة أيضاً والذي في مادة لظأ من القاموس الشيء القليل.)،

حكاهما مهموزين مقصورين. قال: ولم يحكهما غيره. قال: والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ، بكسر السين والمدّ، وإِذا اشتريت الخمر لتحملها إِلى بلد آخر قلت: سَبَيْتُها، بلا همز. وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها.

قال أبو موسى: المعنى في هذا الحديث، فيما قيل: جَمَعَها وخَبَأَها.

وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً: لَذَعَتْه، وقيل غَيَّرتْه

ولَوَّحَتْه، وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أَي

يُغَيِّره. وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً: جَلَدْتُه. وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً: أَحْرَقَه، وقيل سلَخَه.

وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إِذا أَحْرَقْته بها.

وانْسَبَأَ الجِلْد: انْسَلَخَ. وانْسَبَأً جلْدُه إِذا تَقَشَّر. وقال:

وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ

وإِنك لتريدُ سُبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بَعِيداً يُغَيِّرُك. التهذيب: السُّبْأَةُ: السَّفَر البعيد، سمي سُبْأَةً لأَن الإِنسان إِذا طال سَفَرُه سَبَأَتْهُ الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإِذا كان السفر قريباً قيل: تريد سَرْبةً.والـمَسْبَأُ: الطريقُ في الجبل.

وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً: حَلَف، وقيل: سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها.

وأَسْبَأَ لأَمر اللّه: أَخْبَتَ. وأَسْبَأَ على الشيءِ: خَبَتَ له قَلْبُه.

وسَبَأُ: اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن، يُصْرَفُ على إِرادة

الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة. وفي التنزيل: «لقَدْ كانَ

لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم» وكان أَبو عمرو يَقرأُ لِسَبَأَ. قال:

مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ، إِذْ * يَبْنُونَ، مِنْ دُونِ سَيْلِها، العَرِما

وقال:

أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ، * كأَنهم، تَحتَ دَفَّيْها، دَحارِيجُ

وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، يُصرف ولا يُصرف، ويمدُّ ولا يمدّ. وقيل: اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ. وقوله تعالى:

وجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين. القُرَّاءُ على إِجْراءِ سَبَإٍ، وإِن لم

يُجْروه كان صواباً. قال: ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ. وقال

الزجاج: سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بِمَأْرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ، ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة، ومن صرفه فلأَنه اسم البلَد، فيكون مذكراً سمي به مذكر. وفي الحديث ذكر سَبَأ قال: هو اسم مدينة بلقيس باليمن. وقالوا: تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا، فبنوه. وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك، وإِنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم، قال:

مِنْ صادِرٍ، أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا

وقال كثير:

أَيادِي سَبَا، يا عَزَّ، ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ، * فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ، بَعْدَكِ، مَنْزِلُ

وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم الـمَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لـمَّا أَذْهَبَ اللّهُ عنهم جَنَّتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد. التهذيب: وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين، شُبِّهُوا بأَهلِ سَبأ لـمَّا مَزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ، فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ. واليَدُ: الطَّرِيق، يقال: أَخَذَ القَومُ يَدَ

بَحْرٍ. فقيل للقوم، إِذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة: ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ

شَتَّى. والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم، فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة، وإِن كان أَصله مهموزاً. وقيل: سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ، فسميت القَرْية باسم أَبِيهم.

والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إِلى عبداللّه ابن سَبَإٍ.

سبأ
: ( {سَبَأَ الخَمْرَ كجَعَل) } يَسْبؤُها ( {سَبْأً} وَسِبَاءً) ككتاب ( {ومَسْبأً: شَرَاهَا) ، الأَكثر استعمالُ شَرى فِي مَعنى البَيْعِ والإِخراج، نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (يُوسُف: 20) أَي باعوه، وَلذَا فَسَّره فِي (الصِّحَاح) و (الْعباب) باشتراها، لأَنه الْمَعْرُوف فِي معنى الأَخذ والإِدخال، نَحْو {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى} (التَّوْبَة: 111) ، وإِن كَانَ كلٌّ مِنْ شَرَى وباعَ يُستعمل فِي المعنيينِ، وَكَذَا فسره ابْن الأَثير أَيضاً، وَزَاد الجوهريُّ والصغانيُّ قَيْداً آخَرَ، وَهُوَ لِيحشربَها قَالَ إِبراهيمُ بنُ عليِّ بن مُحمّد بن سَلمة بن عَامر بن هَرْمَةَ:
خَوْدٌ تُعَاطِيكَ بَعْدَ رَقْدَتِها
إِذَا يُلاَقى العُيُونَ مَهْدَؤُهَا
كَأْساً بِفِيها صَهْبَاءَ مُعْرَفَةً
يَغْلُو بِأَيْدِي التِّجَارِ} مَسْبَؤُهَا
قَوْله مُعْرَفَةً أَي قَليلَة المِزاجِ، أَي أَنها مِن جَوْدَتِها يَغْلُو اشْتِراؤُهَا، قَالَ الكِسائيُّ: وإِذا اشْتَرَيْتَ الْخمر لَتَحْمِلها إِلى بَلَدٍ آخَر قُلت: سَبَيْتُهَا، بِلَا هَمْزٍ، وعَلى هَذِه التفرقةِ مَشاهيرُ اللُّغوِيِّين إِلاّ الفَيُّومِيَّ صاحبَ (الْمِصْبَاح) فإِنه قَالَ: ويُقال فِي الخمرِ خَاصَّةً {سَبَأْتُها، بِالْهَمْز إِذا جَلَبْتَها من أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ، فَهِيَ سَبِئَةٌ، قَالَه شيخُنا (} كاسْتَبَأَهَا) ، وَلَا يُقَال ذَلِك إِلاّ فِي الخَمْرِ خَاصَّةً، قَالَ مالكُ بنُ أَبِي كَعْبٍ:
بَعَثْتُ إِلى حَانُوتِهَا {فَاسْتَبَأْتُها
بِغَيْرِ مِكَاسٍ فِي السِّوَامِ وَلاَ غَصْبِ
(وَبيَّاعُها} السَّبَّاءُ) كعَطَّارٍ، وَقَالَ خالدُ بنُ عبد الله لعُمَر بنِ يُوسُفَ الثقفيِّ: يَا ابْنَ السَّبَّاءِ، حكى ذَلِك أَبو حنيفَة.
وَمِمَّا أَغفله المؤَّلف:! سَبَأَ الشَّرابَ، إِذا جَمَعها وَخَبَأَها، قَالَه أَبو مُوسَى فِي معنى حَدِيثِ عُمرَ رَضِي الله عَنهُ، أَنه دَعَا بِالجِفَانِ فَسَبأَ الشَّرابَ فِيهَا.
(و) سَبَأَ (الجِلْدَ) بالنارِ سَبْأً (: أَحْرَقَه) قَالَه أَبو زيد، (و) سَبَأَ الرجلُ سَبْأً (: جَلَدَ، و) سَبَأَ (سَلَخَ) . فِيهِ قَلَقٌ، لأَنه قَول فِي سَبَأَ الجِلْدِ: أَحرقه، وَقيل: سَلَخَه، فالمناسبُ ذِكْرُه تحتَ أَحرقه وانْسَبَأَ الجِلْدُ انْسَلَخ، {وانسبأْ جِلْدُه إِذا تَقَشَّر، قَالَ الشَّاعِر:
وَقَدْ نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ
(و) سبأَ (: صَافَحَ) قَالَ شَيخنَا: هُوَ معنى غَرِيبٌ خَلَت عَنهُ زُبُرُ الأَوَّلين. قلت: وَهُوَ فِي (العُباب) ، فَلَا معنى لإِنكاره (و) } سَبَأَتِ (النَّارُ) وَكَذَا لسِّيَاطُ، كَذَا فِي (الْمُحكم) (الجِلْدَ) سَبْأً (: لَذَعَتْه) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة (و) قيل (غَيَّرَتْه) ولَوَّحَتْه، وَكَذَلِكَ الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى، كُلُّهنَّ يَسْبَأْنَ الإِنسانَ، أَي يُغَيِّرْنَه.
(! وسَبَأٌ كَجَبَلٍ) يُصرَف على إِرادة الْحَيّ قَالَ الشَّاعِر:
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلْدَانُ مِنْ سَبَإٍ
كَأَنَّهُمْ تَحْتَ دَفَّيْهَا دَحَارِيجُ
(ويُمْنَعُ) من الصّرْف لأَنه اسْم (بَلْدَة بَلْقِيسَ) بِالْيمن، كَانَت تَسكُنها، كَذَا ورد فِي الحَدِيث قَالَ الشَّاعِر:
مِنْ سَبَأَ الحَاضِرِينَ مَأْرِبَ إِذ
يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِهَا العَرِمَا
وَقَالَ تَعَالَى: {1. 019 وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين} (النَّمْل: 22) قَالَ الزّجاج: سَبَأ هِيَ مَدِينَة تُعرَف بمَأْرِب، من صَنْعاءَ على مَسيرةِ ثلاثِ ليالٍ، وَنقل شَيخنَا عَن زَهر الأَكَمْ فِي الأَمثال والحِكم مَا نَصه: وكانَتْ أَخصَبَ بِلادِ الله، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ} (سبأ: 15) قيل: كَانَت مَسَافَة شهرٍ للراكب المُجِدّ، يسير الْمَاشِي فِي الجِنانِ من أَوّلها إِلى آخرهَا لَا يُفارِقه الظِّلُّ مَعَ تدفُّقِ الماءِ وصفَاءِ الأَنهارِ واتِّساع الفَضاءِ، فَمَكَثُوا مُدَّة فِي أَمْنٍ، لَا يُعانِدُهم أَحدٌ إِلاّ قَصَموه، وَكَانَت فِي بَدْءِ الأَمرِ تَركَبُها السُّيول فجَمعَ لذَلِك حِمْيَرٌ أَهْلَ مملكتِه، وشاوَرَهم، فاتَّخذوا سَدًّا فِي بَدْءِ جَرَيَانِ الماءِ، وَرَصوه بِالْحِجَارَةِ والحَديد، وَجعلُوا فِيهِ مَخَارِقَ للماءِ، فإِذا جاءَت السُّيولُ انقسمت على وَجْهٍ يَعُمُّهم نَفْعُه فِي الجَنَّاتِ والمُزْدَرَعَاتِ، فَلَمَّا كَفروا نعَمَ الله تَعَالَى ورأَوْا أَنَّ مُلْكَهم لَا يُبيدُه شيءٌ، وعَبدُوا الشَّمْسَ، سَلَّط الله على سَدِّهم فَأْرةً فخَرقَتْه، وأَرْسَلَ عَلَيْهِم السَّيْلَ فمزّقهم اللَّهُ كلَّ مُمَزَّقٍ، وأَباد خَضْرَاءَهم.
(و) قَالَ ابنُ دُريدٍ فِي كتاب (الِاشْتِقَاق) : سَبَأٌ (لَقَبُ ابْنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ) بن قَحْطانَ، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي بَعْضهَا: ولَقَبُ يَشْجُب، وَهُوَ خطأٌ (واسمُه عَبْدُ شَمْسٍ، يَجْمَعُ قبائلَ اليَمَنِ عَامَّة) يُمعدُّ وَلَا يُمَدُّ، وَقَول شَيخنَا: وَزَاد بعضٌ فِيهِ المَدِّ أَيضاً، وَهُوَ غريبٌ غريبٌ، لأَنه إِذا ثَبت فِي الأُمهات فَلَا غرابةَ، مَعَ أَنه مَوْجُود فِي (الصِّحَاح) ، وأَما الحَدِيث المُشار إِليه الَّذِي وَقَع فِيهِ ذِكْرُ سَبإٍ فأَخرجه التّرمذيُّ فِي (التَّفْسِير) ، عَن فَرْوَةَ بنِ مُسَيْكٍ المُرادِيُّ قَالَ: أَتيْنَا رَسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقلتُ: يَا رَسُول الله، أَلاَ أُقاتِلُ مَنْ أَدبَر مِن قَوْمِي بِمَنْ أَقْبلَ مِنْهُم؟ فأَذِنَ لي فِي قِتَالِهم، وأَمَّرني، فَلَمَّا خَرجْتُ من عِنْده سأَل عني: (مَا فَعَلَ الغُطَيْفِيّ؟) فأُخْبِر أَني قدْ سِرْتُ، قَالَ: فأَرْسَلَ فِي أَثَرِي فَرَدَّني، فَأَتَيْتُه، وَهُوَ فِي نَفَرٍ من أَصحابِه، فَقَالَ: (ادْعُ القَوْمَ، فَمَنْ أَسلَم مِنْهُم فاقْبَلْ مِنْه، وَمن لَمْ يُسْلِمْ فَلَا تَعْجَل حَتَّى أُحْدِثَ إِليك، قَالَ: وأُنْزِل فِي سَبَإِ مَا أُنْزِل، فَقَالَ رَجلٌ: يَا رَسُول الله، وَمَا سَبَأٌ؟ أَرْضٌ أَو امرأَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلاَ امْرَأَةٍ ولكنّه رَجُلٌ وَلدَ عَشْرَةً مِن الْيمن فَتَيَامَنَ مِنْهُم ستّةٌ، وتشاءَم مِنْهُم أَربعةٌ، فأَما الَّذين تشاءَموا فَلَخْمٌ وجُذَامٌ وغَسَّانُ وعَاملة، وأَما الَّذين تَيَامَنُوا فالأَزْدُ والأَشْعَرِيُّونَ وحِمْيَر وكِنْدَة ومَذْحِج وأَنمار فَقَالَ رجل: يَا رسولَ الله، وَمَا أَنمار؟ قَالَ: (الَّذين مِنْهُم خَثْعَمُ وَبجيِلَةُ) قَالَ أَبو عِيسَى: هَذَا حديثٌ حَسَنٌ (غَرِيب) .
(و) سَبَأٌ (والدُ عَبْدِ اللَّهِ المَنسوبِ إِليه) الطائفةُ ( {السَّبَائِيَّةُ) بِالْمدِّ، كَذَا فِي نسختنا، وصحَّح شيخُنا} السَّبَئيَّة بِالْقصرِ، كالعَرَبِيَّة، وَكِلَاهُمَا صَحِيح (مِنَ الغُلاةِ) جمع غَالِ وَهُوَ المُتعصِّبُ الْخَارِج عَن الحَدِّ فِي الغُلُوِّ من المبتدعة، وَهَذِه الطائفةُ من غُلاةِ الشِّيعة، وهم يتفرَّقون على ثَمانِي عَشْرَةَ فِرْقَةً.
( {والسِّبَاءُ كَكِتابٍ) والسَّبَأُ كجَبَلٍ، قَالَ ابنُ الأَنباريّ: حكى الكِسائيُّ: السَّبأُ: الخَمْرُ، واللَّطَأُ: الشَّرُّ الثقيلُ، حَكَاهُمَا مهموزَيْنِ مَقصوريْنِ، قَالَ: وَلم يَحْكِهما غيرُه، قَالَ وَالْمَعْرُوف فِي الخمرِ السِّبَاءُ بِكَسْر السِّين والمدّ. (} والسَّبِيئَة، كَكَرِيمَةِ: الخَمْرُ) أَي مُطلقًا، وَفِي (الصِّحَاح) و (الْمُحكم) وَغَيرهمَا: سَبَأَ الخَمْرَ واسْتَبأَها: اشْتَرَاهَا، وَقد تقدّم الاستشهادُ ببيتَيْ إِبراهيم بن هَرْمَة ومالكِ بن أَبي كَعْبٍ، والاسمُ السِّباءُ، على فِعَالٍ بِكَسْر الفاءِ، وَمِنْه سُمِّيَت الخمرُ {سَبِيئَةً، قَالَ حسان بن ثَابت:
كَأَنَّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ
يَكُون مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
عَلَى أَنْيَابِها أَوْ طَعْمُ غَضَ
مِنَ التُّفَّاحِ هَصَّرَه اجْتِنَاءُ
وَهَذَا الْبَيْت فِي (الصِّحَاح) :
كأَنَّ سَبِيئَةً فِي بَيْتِ رأْس
قَالَ ابْن بَرّيّ: وصوابُه (مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ، وَهُوَ موضعٌ بالشأْم.
(و) وَيُقَال: (} أَسْبَأَ لأَمْرِ اللَّهِ) وَذَلِكَ إِذا (أَخْبَتَ) لَهُ قَلْبُه. كَذَا فِي (لِسَان الْعَرَب) (و) أَسبا (على الشَّيءِ: خَبَتَ) أَي انْخَضَع (لَهُ قَلْبُهُ) .
(! والمَسَبْأُ كَمَقْعَدٍ: الطَّرِيقُ) فِي الجَبَل. ( {- وسَبِيءُ) كأَمير (الحَيَّةِ) وسَبِيُّها يُهمز وَلَا يهمز (: سِلْخُها) بِكَسْر السِّين المهلمة، كَذَا فِي نُسختنا، وَفِي بَعْضهَا على صِيغَة الفِعْلِ، سَبَأَ الحَيَّةَ كمنع: سَلَخَها، وصحَّحها شيخُنا، وَفِيه تأْمُّلٌ ومخالفةٌ للأُصول.
(و) قَالُوا فِي الْمثل: (تَفَرَّقُوا) ، كَذَا فِي (المكم) ، وَفِي (التَّهْذِيب) : ذَهَبُوا، وَبِهِمَا أَورده الميدانيُّ فِي (مَجمع الأَمثال) (أَيْدي} سَبَا وأَيادِي سَبَا) يُكتب بالأَلف لأَن أَصله الْهَمْز، قَالَه أَبو عليَ القالي فِي الْمَمْدُود والمقصور، وَقَالَ الأَزهريُّ: العربُ لَا تهمز سَبَا فِي هَذَا الْموضع، لأَنه كَثُر فِي كَلَامهم فاستثقلوا فِيهِ الهمْزَ، وإِن كَانَ أَصلُه مهموزاً، ومثلَه قَالَ أَبو بكر بن الأَنباريّ وغيرُه، وَفِي زهر الأَكم: الذَّهَابُ مَعلومٌ، والأَيادِي جَمْعُ أَيْدٍ، والأَيْدِي بِمَعْنى الجَارِحة وَبِمَعْنى النِّعْمة وَبِمَعْنى الطَّرِيق (: تَبَدَّدُوا) قَالَ ابنُ مَالك: إِنه مُركَّب تَركيب خَمْسَةَ عَشَرَ، (بَنَوْهُ على السُّكُونِ) أَي تكلَّموا بِهِ مبنيًّا على السّكُون كخمسةَ عشرَ، فَلم يجمعوا بَين ثِقَلِ البناءِ وثِقَلِ الهَمزة، وَكَانَ الظَّاهِر بَنَوْهُما أَو بنَوْهَا، أَي الأَلفاظ الأَربعة، قَالَه شيخُنا (وَلَيْسَ بتَخفيف سَبَإٍ) لأَن صورةَ تخفيفه لَيست على ذَلِك (وإِنما هُوَ بدلٌ) وَذَلِكَ لكثرته فِي كَلَامهم، قَالَ العجَّاج:
مِنْ صادِرٍ أَوح وارِدٍ أَيْدِي سبا
وَقَالَ كُثيِّر:
أَيَادِي سَبَا يَا عزُّ مَا كُنْتُ بَعْدَكُمْ
فَلَمْ يَحْلَ للْعيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ
(ضُرِبَ المَثَلُ بهم لأَنه لمَّا غَرِقَ مَكَانُهم وذَهبَتْ جَنَّاتُهم) أَي لما أَشرف مَكَانُهم على الغَرق وقَرُبَ ذهابُ جَنَّاتِهم قَبْلَ أَن يَدْهَمهم السَّيْلُ، وأَنهم توجهوا إِلى مَكَّة ثمَّ إِلى كل جِهَةٍ برأْيِ الكاهِنةِ أَو الكاهِن، وإِنما بَقِيَ هُنَاكَ طائفةٌ مِنْهُم فَقَط (تَبَدَّدُوا فِي البلادِ) فلحق الأَزدُ بِعُمَان، وخُزَاعةُ بِبَطن مَرّ، والأَوْسُ والخَزرجُ بيثرِبَ، وآلُ جَفْنَةَ بأَرض الشأْمِ، وآلُ جَذيِمَةَ الأَبَرشِ بالعراق:
وَفِي (التَّهْذِيب) : قولُهم ذَهَبُوا أَيادِي سَبَا، أَي مُتفرِّقِينَ، شُبِّهوا بأَهْل سَبَإٍ لمّا مَزَّقَهم الله فِي الأَرضِ كُلَّ مُمَزَّق فأَخذَ كُلُّ طائفةٍ مِنْهُم طَرِيقاً على حِدَة، واليَدُ: الطَّرِيقُ، يُقَال: أَخذ القَوْمُ يَدَ بَحْرٍ، فقيلَ للقومِ إِذا تفرَّقوا فِي جِهاتٍ مُختلِفةٍ: ذَهبوا أَيدي سَبَا، أَي فَرَّقَتْهم طُرقُهم الَّتِي سَلَكُوها كَمَا تَفرَّق أَهلُ سَبإٍ فِي مَذاهِبَ شَتَّى.
(و) قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: يُقَال: إِنك (تُرِيدُ {سُبْأَةً، بالضَّمِّ) أَي إِنك تُرِيدُ (سَفَراً بَعيداً) يُغيِّرُك، وَفِي (التهديب) : السُّبْأَةُ: السَفر البَعِيد، سُمِّي سُبْأَةً، لأَن الإِنسان إِذا طالَ سفَرُه سَبَأَتْه الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإِذا كَانَ السفرُ قَرِيباً قيل: تُرِيدُ سَرْبَةً.
وَمِمَّا بَقِي على الْمُؤلف من هَذِه الْمَادَّة:} سبَأَ عَلَى يَمينٍ كَاذبةٍ {يَسْبَأُ} سَبْأً: حَلَفَ، وَقيل: سَبَأَ عَلَى يمِين يَسْبَأُ سَبْأً: مَرَّ عَلَيْهَا كاذِباً غير مُكْتَرِثٍ بهَا، وَقد ذَكرهما صاحبُ (الْمُحكم) و (الصِّحَاح) و (العُباب) .
وَصَالح بن خَيْوَان {السَّبَائِي، الأَصحّ أَنه تَابِعِيّ، وأَحمد بن إِبراهيم ابْن مُحَمَّد بن سَبَا الفقيهُ اليمنيُّ من المتأْخرين.

لما

لما: على أَرْبَعَة أوجه ظرفية كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وجازمة مثل لما يضْرب وحرف الِاسْتِثْنَاء مثل قَوْله تَعَالَى: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} وَفعل مَاض للمثنى من اللم بِمَعْنى الْجمع وَالنُّزُول - قَالَ سِيبَوَيْهٍ أعجب الْكَلِمَات كلمة لما أَن دخلت على الْمَاضِي تكون ظرفا - وَإِن دخلت على الْمُضَارع تكون حرفا - وَإِن دخلت على غَيرهمَا تكون بِمَعْنى إِلَّا كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} أَي إِلَّا عَلَيْهَا.
(لما)
يُقَال مَا يلمو فَم فلَان بِكَلِمَة أَي لَا يستعظم شَيْئا تكلم بِهِ من قَبِيح وَالشَّيْء لموا أَخذه بأجمعه (وَانْظُر لمأ)
[لما] نه: في ح المولد:
"فلمأتها" نورًا يضيء له
ما حوله، لمأتها: أبصرتها، فيه: ولمحتها، واللمؤ واللمح: سرعة إبصار الشيء.
[لما] نه: فيه: ظل "ألمى"، هو الشديد الخضرة المائل إلى السواد، تشبيهًا باللمى الذي يعمل في الشفة واللثة من خضرة أو زرقة أو سواد. وفيه: أنشدك الله "لما" فعلت كذا، أي إلا فعلته، وتخفف الميم وتكون ما زائدة، وقرئ بهما قوله تعالى "لما عليها-" أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، وإن كل نفس لعليها حافظ. ج: أسألك بحق "لما" حدثتني، إن كان مشددة الميم فلما استثنائية وإلا فما زائدة واللام للقسم أو للتأكيد. ك: "لما" أدخلتماني على عائشة، لما- بخفة ميم، و"ما" زائدة بتشديده بمعنى إلا، أي ما أطلب منكما إلا الإدخال.
باب لو
(لما) - في الحديث: "أَنْشُدُكَ الله لمَّا فَعلْتَ كذا"
: أي إلَّا فَعَلتَهُ .
وتكونُ لمَّا بمعنَى إِلَّا أَيضاً إذا كان قبلَه إن بمعنَى النَّفى؛ وَذلك نحو قَولِه تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}
: أي مَا كلُّ نَفْسٍ إلاَّ عليها حافظ.
- وقوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}
وفي القُرآن وَجْهٌ آخر بمَعْنَى لَمْ، كقَوله تَعالى: {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ}
: أي لم يَأْتِكم.
وَوَجه ثالث - بمَعْنَى الحين؛ وهو إذَا دَخلَت على الفِعْلِ المَاضِى، كقَوله: {أولَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} ، {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا}  والذى هو بمعنَى "لم" يَدخُل على الفِعْل المُستَقبلِ
قال الكِسَائىُّ: لَمَّا تكُون جَحْدًا، نحو قَولك : جِئتُكَ وَلمَّا يُدركْ الرُّطَب.
وَتكونُ انتِظارًا وَتَوقُّعاً، وَتكون وَقتاً لِما مَضىَ؛ وَتكون بمعنَى: إلَّا. يُقَال: تَالله لمَّا قُمْتَ: أي إلاَّ.
لما
لَمَا [كلمة وظيفيَّة]:
1 - ظرف بمعنى حين، وهي تخفيف لمّا (انظر: ل م م ا - لمَّا) " {لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} ".
2 - كلمة مكوَّنة من لام التأكيد، و (ما) الزائدة للتأكيد أيضًا " {وَإِنَّ كُلاًّ لَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} [ق] ". 

لِمَا [كلمة وظيفيَّة]:
1 - كلمة مكوَّنة من اللاّم وهي حرف جرّ للتعليل، و (ما) اسم موصول بمعنى الذي " {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} ".
2 - كلمة مكوَّنة من لام الجرّ التي تفيد التعليل، و (ما) المصدريَّة " {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لِمَا صَبَرُوا} [ق]: لصبرهم".
3 - كلمة مكوَّنة من لام الجرّ التي بمعنى عند، و (ما) المصدريَّة " {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ} [ق]: عند مجيئه إيّاهم". 
(لما)
لما على ثَلَاثَة أوجه

(الْوَجْه الأول) أَن تخْتَص بالمضارع فتجزمه وتنفيه وتقلبه مَاضِيا كلم إِلَّا أَنَّهَا تفارقها فِي خَمْسَة أُمُور
أَحدهَا أَنَّهَا لَا تقترن بأداة شَرط فَلَا يُقَال إِن لما تقم و (لم) تقترن بهَا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَإِن لم تفعل}
وَالثَّانِي أَن منفيها مُسْتَمر النَّفْي إِلَى الْحَال كَقَوْل الممزق الْعَبْدي
(فَإِن كنت مَأْكُولا فَكُن خير آكل ... وَإِلَّا فأدركني وَلما أمزق)
ومنفي لم يحْتَمل الِاتِّصَال وَمِنْه فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَلم أكن بدعائك رب شقيا} والانقطاع كَمَا فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} وَلِهَذَا جَازَ لم يكن ثمَّ كَانَ وَلم يجز لما يكن ثمَّ كَانَ بل يُقَال لما يكن وَقد يكون
الثَّالِث أَن منفي لما لَا يكون إِلَّا قَرِيبا من الْحَال وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي منفي لم تَقول لم يكن ذَلِك الرجل فِي الْعَام الْمَاضِي مُقيما وَلَا يجوز لما يكن
الرَّابِع أَن منفي لما متوقع ثُبُوته بِخِلَاف منفي لم أَلا ترى أَن معنى {بل لما يَذُوقُوا عَذَاب} أَنهم لم يذوقوه إِلَى الْآن وَأَن ذوقهم لَهُ متوقع
الْخَامِس أَن منفي لما جَائِز الْحَذف لدَلِيل كَقَوْلِه
(فَجئْت قُبُورهم بدءــا وَلما ... )
أَي وَلما أكن بدءــا قبل ذَلِك أَي سيدا وَلَا يجوز وصلت إِلَى بَغْدَاد وَلم تُرِيدُ وَلم أدخلها

(الْوَجْه الثَّانِي) أَن تخْتَص بالماضي فتقتضي جملتين وجدت ثانيتهما عِنْد وجود أولاهما نَحْو لما جَاءَنِي أكرمته وَيُقَال فِيهَا حرف وجود لوُجُود وَبَعْضهمْ يَقُول حرف وجوب لوُجُوب وَقيل هِيَ ظرف بِمَعْنى حِين

(الْوَجْه الثَّالِث) أَن تكون حرف اسْتثِْنَاء بِمَعْنى إِلَّا فَتدخل على الْجُمْلَة الاسمية وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} فِيمَن شدد الْمِيم وعَلى الْمَاضِي لفظا لَا معنى نَحْو أنْشدك الله لما فعلت أَي مَا أَسأَلك إِلَّا فعلك

لما: لمَا لَمْواً: أَخذ الشيءَ بأَجمعه. وأَلْمى على الشيء: ذهَب به

؛ قال:

سامَرَني أَصْواتُ صَنْجٍ مُلْمِيَهْ،

وصَوْتُ صَحْنَيْ قَيْنةٍ مُغَنِّيَهْ

واللُّمةُ: الجَماعة من الناس . وروي عن فاطمة البَتُول ، عليها السلام

والرَّحْمةُ ، أَنها خرجت في لُمةٍ من نسائها تَتَوَطأُ ذيْلَها حتى

دخلت على أَبي بكر الصديق ، رضي الله عنه، فعاتَبَتْه ، أَي في جماعة من

نسائها ؛ وقيل اللُّمةُ من الرجال ما بين الثلاثة إلى العشرة. الجوهري :

واللُّمة الأَصْحاب بين الثلاثة إلى العشرة. واللُّمة: الأُسْوة. ويقال :

لك فيه لُمةٌ أَي أُسْوة. واللُّمةُ: المثل يكون في الرجال والنساء، يقال: تزوّج فلان لُمَتَه من النساء أَي مثله. ولُمةُ الرجلِ: تِرْبُه

وشَكْلُه، يقال: هو لُمَتي أَي مِثلِي . قال قيس بن عاصم: ما هَمَمْت بأَمة

ولا نادَمت إلا لُمة. وروي أَن رجلاً تزوج جارية شابَّة زمن عمر، رضي

الله عنه، فَفَرِكَتْه فقَتَلَتْه، فلما بلغ ذلك عمر قال: يا أَيها الناس

ليَتَزَوَّجْ كلُّ رجلٍ منكم لُمَتَه من النساء، ولْتَنْكِحِ المرأَةُ

لُمّتَها من الرجال أَي شكلَه وتِرْبَه؛ أَراد ليتزوج كل رجل امرأَة على

قَدْرِ سنه ولا يتزوَّجْ حَدَثةً يشقُّ عليها تزوّجه؛ وأَنشد ابن

الأعرابي:قَضاءُ اللهِ يَغْلِبُ كلَّ حيٍّ،

ويَنْزِلُ بالجَزُوعِ وبالصَّبُورِ

فإنْ نَغْبُرْ، فإنَّ لَنا لُماتٍ،

وإنْ نَغْبُرْ، فنحنُ على نُذورِ

يقول: إنْ نَغْبُر أَي نَمْض ونَمُتْ ، ولنا لُماتٍ أَي أَشْباهاً

وأَمثالاً، وإن نَغْبرُ أَي نَبْق فنحن على نُذور ، نُذورٌ جمع نَذْر، أَي

كأَنا قد نَذَرْنا أَن نموت لا بدَّ لنا من ذلك ؛ وأَنشد ابن بري :

فَدَعْ ذِكْرَ اللُّماتِ فقد تَفانَوْا،

ونَفْسَكَ فابْكِها قبلَ المَماتِ

وخص أَبو عبيد باللُّمة المرأَة فقال: تزوج فلان لُمَته من النساءِ أَي

مثله . واللُّمةُ: الشَّكْلُ. وحكى ثعلب: لا تُسافِرَنَّ حتى تُصيب

لُمةً أَي شَكلاً . وفي الحديث: لا تُسافروا حتى تُصيبوا لُمةً أَي رُفْقةً.

واللُّمَةُ: المِثل في السنِّ والتَّرْب. قال الجوهري: الهاء عوض من

الهمزة الذاهبة من وسطه ، وقال: وهو مما أُخذت عينُه كسَهٍ ومُذْ ،

وأَصلها فُعْلةٌ من المُلاءمة وهي الموافقة . وفي حديث علي ، رضي الله عنه :

أَلا وإنَّ مُعاويةَ قادَ لُمةً من الغُواةِ أَي جماعة. واللُّماتُ:

المُتَوافِقُون من الرجال. يقال: أَنتَ لي لُمةٌ وأَنا لَكَ لُمةٌ، وقال في

موضع آخر: اللُّمَى الأَتْراب. قال الأَزهري: جعل الناقص من اللُّمة واواً

أَو ياء فجمعها على اللُّمى، قال: واللُّمْيُ، على فُعْلٍ جماعة لَمْياء،

مثل العُمْي جمع عَمْياء: الشِّفاهُ السود.

واللَّمَى، مقصور: سُمْرة الشفَتين واللِّثاتِ يُسْتحسن، وقيل: شَرْبة

سَوادٍ، وقد لَمِيَ لَمًى. وحكى سيبويه: يَلْمِي لُمِيّاً إِذا اسودَّت

شفته. واللُّمَى، بالضم: لغة في اللَّمَى؛ عن الهجري، وزعم أَنها لغة أَهل

الحجاز، ورجل أَلْمَى وامرأَة لَمْياء وشَفَةٌ لَمْياء بَيِّنَةُ

اللَّمَى، وقيل: اللَّمْياء من الشِّفاهِ اللطِيفةُ القليلةُ الدم، وكذلك

اللِّثةُ اللَّمْياء القليلة اللحم. قال أَبو نصر: سأَلت الأَصمعي عن اللَّمى

مرة فقال هي سُمرة في الشفة، ثم سأَلته ثانية فقال هو سَواد يكون في

الشفتين؛ وأَنشد:

يَضْحَكْنَ عن مَثْلُوجةِ الأَثْلاجْ،

فيها لَمًى مِن لُعْسةِ الأَدْعاجْ

قال أَبو الجراح: إن فلانة لَتُلَمِّي شفتيها. وقال بعضهم: الأَلَمى

البارد الرِّيق، وجعل ابن الأَعرابي اللَّمَى سواداً. والتُمِيَ لونُه: مثل

التُمِعَ، قال: وربما هُمِز. وظِلٌّ أَلْمَى: كثيفٌ أَسودُ؛ قال طَرفة:

وتَبْسِمُ عن أَلْمَى، كأَنَّ مُنَوِّراً

تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٌ له نَدِي

أَراد تَبْسِم عن ثَغْرٍ أَلمَى اللِّثات، فاكتفى بالنعت عن المنعوت.

وشجرة لَمْياء الظل: سوداء كثيفة الورق؛ قال حميد بن ثور:

إِلى شَجَرٍ أَلمَى الظِّلالِ، كأَنه

رَواهبُ أَحْرَ مْنَ الشرابَ، عُذُوبُ

قال أَبو حنيفة: اختار الرواهب في التشبيه لسواد ثيابهن. قال ابن بري:

صوابه كأَنها رَواهِبُ لأَنه يصف رِكاباً؛ وقبله.

ظَلَلْنا إِلى كَهْفٍ، وظَلَّتْ رِكابُنا

إِلى مُسْتَكِفّاتٍ لهُنَّ غُرُوبُ

وقوله: أَحْرَمْن الشَّرابَ جَعلْنه حَراماً، وعُذُوب: جمع عاذِب وهو

الرافع رأْسه إِلى السماء. وشجر أَلمَى الظِّلال: من الخُضرة. وفي الحديث:

ظِلٌّ أَلْمَى؛ قال ابن الأَثير: هو الشديد الخُضرة المائل إِلى السواد

تشبيهاً باللَّمى الذي يُعمل في الشفة واللِّثة من خُضرة أَو زُرْقة أَو

سواد؛ قال محمد بن المكرَّم: قوله تشبيهاً باللمى الذي يُعمل في الشفة

واللِّثة يدل على أَنه عنده مصنوع وإِنما هو خلقة اهـ. وظِلٌّ أَلمَى: بارد.

ورُمْح أَلمَى: شديد سُمْرة اللِّيط صُلْب، ولمَاهُ شِدَّةُ لِيطِه

وصَلابَته. وفي نوادر الأَعراب: اللُّمةُ في المِحْراث ما يَجرُّ به الثور

يُثير به الأَرض، وهي اللُّومةُ والنَّوْرَجُ.

وما يَلْمُو فم فلان بكلمة؛ معناه أَنه لا يستعظم شيئاً تكلم به من

قبيح، وما يَلْمَأْ فمُهُ بكلمة: مذكور في لمأَ بالهمز.

سرمد

[سرمد] السرمد: الدائم.
سرمد: {سرمدا}: دائما. وقد ذهب بعضهم إلى أن الميم زائدة وأنه مشتق من السرد.
[سرمد] فيه: جواب ليل "سرمد" السرمد الدائم الذي لا ينقطع، وليل سرمد طويل.
س ر م د: (السَّرْمَدُ) الدَّائِمُ. 
س ر م د

والسَّرْمَدُ دَوامُ الأزمانِ وفي التنزيلِ {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا} القصص 71

سرمد


سَرْمَدَ
سَرْمَدa. Lasting, enduring; very long (night).

سَرْمَدِيّa. Eternal.

سَرْمَدِيَّةa. Eternity.

سَرْمَق
P.
a. Orache; all-heal (plants).
سرمد: سَرْمَد: دام في عمل الشيء ولم ينقطع عنه. ففي كرتاس (ص189): يسرمد الصَوْم. وكذلك هي في (ص191) منه، وفي مخطوطتنا: يصرمد.
مُسَرْمد: سرمدي، دائم لا ينقطع (عبد الواحد ص136).
سرمد
السَّرْمَدُ: الدّائم، قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً [القصص/ 71] ، وبعده: النَّهارَ سَرْمَداً [القصص/ 72] .

سرمد: السرْمَدُ: دوام الزمان من ليل أَو نهار. وليل سرمد: طويل. وفي

التنزيل العزيز: قل أَرأَيتم إِن جعل الله عليكم النهار سرمداً؟ قال

الزجاج: السرمد الدائم في اللغة. وفي حديث لقمان: جَوّابُ ليل سَرْمَد؛ السرمد:

الدائم الذي لا ينقطع.

سرمد



سَرْمَدٌ [signifies, or implies,] Continuance, or incessant continuance, (دَوَام, Kh, M, L, and اِتِّصَال, Kh, L,) of time, (Kh, M, L,) either of night or of day. (Kh, L.) [I have said “ or implies ” because I have not found it used otherwise than as an epithet, in the following senses.]

b2: Continuing; or continuing incessantly, or endlessly; syn. دَائِمٌ; (Zj, S, L, K;) or دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ. (Nh, L.) It is applied in this sense to night (Nh, L) [and also to day: to each in the Kur xxviii. 71 and 72]: and to night as meaning Long. (L, K.) b3: Accord. to El-Fakhr Er-Rázee, it is derived from السَّرْدُ, which denotes consecutiveness and uninterruptedness, and the م is added to give intensiveness to the signification: if so, its proper place is in art. سرد; its measure being فَعْمَلٌ: (MF:) [thus] its م is augmentative like the م in دُلَامِصٌ. (Bd in xxviii. 71.) b4: One says also, هُوَ لَكَ سَرْمَدًا He, or it, is thine ever, or for ever. (Mgh in art. سمد.) سَرْمَدِىٌّ Having neither beginning nor end. (KT.)
سرمد
سَرْمَد [مفرد]:
1 - دائم متّصل لا ينقطع " {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} ".
2 - (سف) ما لا أوّل له ولا آخر، فهو خارج عن مقولة الزّمان، وموجود بلا بدء ولا نهاية "فإنّي رأيت الشمس زيدت محبّة ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمدِ". 

سَرْمَدِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى سَرْمَد: "أحبَّها حُبًّا سَرْمديًّا". 

سَرْمَدِيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى سَرْمَد.
2 - مصدر صناعيّ من سَرْمَد: دوامٌ لا بدء له ولا نهاية "سَرْمَدِيَّة الله". 
سرمد
: (السَّرْمَدُ: الدائِمُ) ، قَالَه الزّجاج. وَعَلِيهِ اقْتصر الجوهريّ وَغَيره وَفِي حَدِيث لقمانَ: (جَوَّابُ ليلٍ سَرْمَد) السَّرْمَد: الدَّائِم الّذِي لَا يَنْقَطِع. وَمثله فِي النِّهَايَة.
وَقَالَ الْخَلِيل: السَّرْمَدُ: هُوَ دَوَامُ الزَّمَانِ، واتِّصالُه من لَيْلٍ أَو نارٍ. قله المرزُوقيُّ فِي (شرْح الحماسة) . وَمثله فِي اللِّسَان.
(و) السَّرْمَدُ: (الطَّوِيلُ مِنَ اللَّيَالِي) ، يُقَال ليلٌ سَرْمَدٌ، أَي طويلٌ.
وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: {قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً} (الْقَصَص: 72) وفسَّره الزجَّاج بِمَا تقدَّم.
(و) سَرْمَد: (ع من عَمَلِ حَلَبَ) ، نقلَه الصاغانيُّ.
وسَرْمَدٌ: جَدُّ أَبي الحُسَيْن أَحمدَ بن عبد الله بن محمدّ بن سَرْمَد الكرابِيسيّ النَّيسابوريّ، توفِّي سنة 366 هـ.
وَنقل شيخُنا عَن الفخْر الرازيّ أَن اشتقاقَ السَّرْمد من السَّرْد، وَهُوَ التَّوالي والتعاقُب. ولمَّا كَانَ الزمانُ إِنما يَبْقَى بِتعاقُبِ أَجزائِه وَكَانَ ذالك مُسَمًى بالسَّرْد، أَدْخلوا عَلَيْهِ الميمَ الزَّائِدَة، ليُفِيدَ المُبالغَةَ فِي ذَلِك؛ انْتهى، قَالَ: وَعَلِيهِ، فَوَزْنُ: فَعْمَلٌ، وموضعه سَرَدَ.
سرمد: السّرمدُ: دوام الزَّمان من ليلٍ ونهار. والسَّرمدُ: دوام العيش.

بدى

[ب د ى] بَدِيتُ بالشَّيْءِ، وبَدَيْتُ: ابْتَدَأْتُ، وهي لُغَةَ الأَنْصارِ. قالَ ابنُ رَواحَةَ.

(باسْمِ الإلهِ وبه بَدِينَا ... )

(ولو عَبَدنْا غيرَه شَقِينَا ... )

بد

ى1 بَدِيتُ بِالشَّىْءِ and بَدَيْتُ بِهِ i. q. [بَدَأْتُ and]

اِبْتَدَأْتُ [I began with the thing; or made it to have precedence, or to be first]; (M, K;) of the dial. of the Ansár: (M:) the people of ElMedeeneh say, بَدَيْنَا, or بَدِينَا, [accord. to different copies of the S,] in the sense of بَدَأْنَا: (S:) [the right reading seems to be بَدَيْنَا; for] IKh says, none says بَدَيْتُ in the sense of بَدَأْتُ, except the Ansár: all others say, بَدِيتُ and بَدَأْتُ; when the hemzeh is suppressed, the د is pronounced with kesr, and therefore the hemzeh is changed into ى. (IB, TA.) [See a verse of Ibn-Rawáhah cited voce بَدْءٌ.]

بِدَايَةٌ, said by Mtr to be a vulgar word, and by IB to be erroneous, but by IKtt to be of the dial. of the Ansár: see art. بدأ [voce بَدْءٌ, second sentence, in two places]. (TA.)
بدى
: (ي ( {بَدَيْتُ بالشَّيءِ) ، بفتْحِ الدالِ، (} وبَدِيتُ بِهِ،) بكسْرِها: أَي (ابْتَدَأْتُ) ؛) لُغَةٌ للأَنْصارِ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ، وأَنْشَدَ لعبدِاللَّهِ بنِ رواحَةَ:
باسمِ الإلهِ وَبِه {بَدِينَا
وَلَو عَبَدْنا غيرَه شَقِينا وحَبَّذا رَبّاً وحُبَّ دِينا قالَ ابنُ بَرِّي: قالَ ابنُ خَالَوَيْه: ليسَ أَحَدٌ يقولُ} بَدِيتُ بمعْنَى: بَدَأْتُ إلاَّ الأنْصار، والناسُ كُلَّهم بَدَيْتُ وبَدَأْتُ، لمَّا خُفّفَتِ الهَمْزَةُ كُسِرَتِ الدالُ فانْقَلَبَتِ الهَمْزَةُ يَاء، قالَ: وليسَ هُوَ من بناتِ الياءِ، انتَهَى.
قُلْتُ: فَإِذا إشارَة المصنِّف عَلَيْهِ بالياءِ مَنْظورٌ فِيهِ، وَقد أَشارَ إِلَيْهِ شيْخُنا أَيْضاً فقالَ: هُوَ مِنَ المَهْموزِ وخفِّفَ فِي بعضِ الأحادِيثِ، فذَكَرَه هُنَا اسْتِطراداً وَفِيه إيهامٌ بالياءِ أَصل وَقد تَعَقَّبُوه، انتَهَى.
وَبَقِي عَلَيْهِ {البِدايَة ككِتابَةٍ، قالَ المطرزي: هِيَ لُغَةٌ عاميَّةٌ، وعدَّها ابنُ بَرِّي من الأَغلاطِ.
وقالَ ابنُ القطَّاع: بل هِيَ لُغَةٌ أَنْصارِيَّة، وَقد أَسْلَفْنا ذِكْرَه فِي الهَمْزةِ.

خَضَبَهُ

خَضَبَهُ يَخْضِبُهُ: لَوَّنَه،
كخَضَّبَهُ، وَكَفٌّ، وامرأةٌ خَضِيبٌ، وبنَانٌ مَخْضوبٌ وخَضيبٌ ومُخَضَّبٌ، كَمُعَظَّمٍ.
والكَفُّ الخَضيبُ: نَجْمٌ.
والخِضابُ، كَكِتابٍ: مايُختَضَبُ به. وكالهُمَزَةِ: المرأةُ الكَثيرَةُ الاخْتِضابِ. والخاضِبُ: الظَّليمُ اغْتَلَمَ فاحْمَرَّتْ ساقاهُ، أو أَكَلَ الرَّبيعِ فاحْمَرَّ ظُنْبُوباهُ، أو اخْضَرّا أو اصْفَرَّا، خاصٌّ بالذَّكَر لا يَعْرِضُ للْأُنْثَى، أو هو احْمِرارٌ يَبْدَأُ في وَظِيفَيْهِ عند بَدْءِ احْمِرَارَ البُسْرِ، ويَنْتَهي بانْتِهائِهِ.
وخَضَبَ الشَّجَرُ يَخْضِبُ، وكسَمِعَ وعُنِيَ،
خُضوباً واخْضَوْضَبَ: اخْضَرَّ؛
وـ النَّخْلُ خَضْباً: اخْضَرَّ طَلْعُهُ، واسمُ تلك الخُضْرَةِ: الخَضْبُ، ج: خُضُوبٌ،
وـ الأرضُ: طَلَعَ نَباتُها، كأخْضَبَتْ.
والخَضْبُ: الجديد من النَّباتِ، يُمْطَرُ فَيَخْضَرُّ،
كالخَضَوبِ، كَصَبُورٍ، أو ما يَظْهَرُ من الشَّجَرِ من خُضْرَةٍ في بَدْءِ الإِيراقِ.
والمِخْضَبُ، كَمِنْبَرٍ: المِرْكَنُ.
وكَغُرابٍ: ع باليَمَنِ.

بلل

(بلل) : بَلَّتْ ناقَتُه في الأَرْضِ: ذَهَبَتْ، مثل: أَبَلَّتُ.
ب ل ل

في صدره غله، وما في لسانه بله. وما في سقائه بلال وهو ما يبل به. ويقال: اضربوا في الأرض أميالاً، تجدوا بلالاً؛ وما فيه بلالة، ولا علالة. وريح بليل: باردة مع مطر. وبل من مرضه وأ

بلل


بَلِلَ(n. ac. بَلَل)
a. Obtained, got possession of.

بَلَّلَa. see بَلَّ
(a).
أَبْلَلَa. Yielded, bore fruit.
b. see I (b)
تَبَلَّلَإِبْتَلَلَa. Was moist, damp, wet.
b. see I (b)
إِسْتَبْلَلَa. see I (b)
بَلّa. Moistness, dampness, humidity.

بِلّa. Convalescence.
b. Allowable, lawful.
c. Wealth, competence.

بِلَّةa. moisture, dew.
b. Good fortune; sustenance; health, soundness.

بَلَلa. Moist, damp, wet.
b. see 1
بُلَلa. Seed, grain.

بَلَاْل
بِلَاْل
بُلَاْلa. Water; dew, moisture.

بَلِيْلa. Damp air.

بَلَّاْنُ
G.
a. Hot bath.
b. Bathing attendant.
c. Fern.

بَلْ
a. But; on the contrary; nay; in fact; much more
rather.
(بلل) - في حَدِيث لُقْمان: "ما شَىءٌ أَبلَّ للجِسْم من اللَّهو".
وهو شَهِىّ كلَحم العُصفُور: أي أَشدُّ تَصحيحًا وموافَقةً له، من قولهم: بلَّ من مَرضِه وأبل: إذا أَفرَق منه. - في حديث المُغِيرة "بَلِيلَةُ الِإرْعاد"
: أي لا تزال تُوعد وتُهَدِّد يقال: أَوعد إذا هوَّل بالوَعِيد، والبَلِيلَة: من البلَلَ، يقال: هو بَلِيلُ الرِّيق بذِكرِ فلان، إذا كان لا يزال يَجرِى لسانُه بذِكره، ولا تُصِيُبك مِنّى بالَّة: أي خَيْر.
- في الحديث: "إنَّ لكم رَحِماً سأَبُلُّها بِبِلالها".
البِلَال، قيل: هو جمع البَلَل مثل جَمَل وجِمَال يَعنِى أَصِلُكم في الدُّنْيا، ولا أُغِنى عَنكُم من الله شَيئًا.
- في الحديث: "مَنْ قَدَّر في مَعِيشته بَلَّه الله تعالى".
قال أبو عمرو: أي أغْناه.
- في حديث عُمَر: "إن رَأيتَ بَلَلًا من عَيْشٍ".
: أي خِصْباً، لأَنه يكون مع وجُودِ المَاءِ.
ب ل ل : بَلَلْتُهُ بِالْمَاءِ بَلًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَابْتَلَّ هُوَ وَالْبِلَّةُ بِالْكَسْرِ مِنْهُ وَيُجْمَعُ الْبَلُّ عَلَى بِلَالٍ مِثْلُ: سَهْمٍ وَسِهَامٍ وَالِاسْمُ الْبَلَلُ بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ الْبِلَالُ مَا يُبَلُّ بِهِ الْحَلْقُ مِنْ مَاءٍ وَلَبَنٍ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ وَبَلَّ فِي الْأَرْضِ بَلًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ ذَهَبَ وَأَبْلَلْتُهُ أَذْهَبْتُهُ وَبَلَّ مِنْ مَرَضِهِ وَأَبَلَّ إبْلَالًا أَيْضًا بَرَأَ.

وَبَلْ حَرْفُ عَطْفٍ وَلَهَا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا إبْطَالُ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُ الثَّانِي وَتُسَمَّى حَرْفَ إضْرَابٍ نَحْوَ اضْرِبْ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا وَخُذْ دِينَارًا بَلْ دِرْهَمًا وَالثَّانِي الْخُرُوجُ مِنْ قِصَّةٍ إلَى قِصَّةٍ عَنْ غَيْرِ إبْطَالٍ وَتُرَادِفُ الْوَاوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20] {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} [البروج: 21] وَالتَّقْدِيرُ وَهُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ بَلْ دِرْهَمٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُرْفَعُ بِغَيْرِ تَخْصِيصٍ. 
[بلل] فيه: "بلوا" أرحامكم ولو بالسلام أي ندوها بصلتها، لما رأوا بعض الأشياء يتصل بالنداوة ويتفرق باليبس استعاروا البلل للوصل واليبس للقطيعة. ومنه ح: فإن لكم رحماً "سأبلها ببلالها" وهو جمع بلل وهو كل ما بل الحلق من ماء أو لبن أو غيرهما أي أصلكم في الدنيا. ط: "البلال" بكسر الباء، وقيل شبه القطيعة بالحرارة يطفئ بالماء. ش: ويروى بفتحها على المصدر. نه: ما تبض "ببلال" أي مطر وقيل لبن. ومنه: رأيت "بللا" من عيش أي خصباً لأنه يكون مع الماء. غبل" الصدور وساوسه. و"بللت" به ظفرت. وح: لست أحل زمزم لمغتسل وهي لشارب حل و"بل" أي مباح أو شفاء. نه: من قولهم "بل" من مرضه وأبل، وبعضهم يجعله إتباعاً لحل ويمنعه الواو. ج: بل من مرضه إذا زال عنه وكذا المغمى عليه. ومنه: فإذا "أبل" عنه أي زال ما يعرضه عند الوحي. نه وفيه: من قدر في معيشته "بلة" الله أي أغناه. وفي كلام على: فإن شكوا انقطاع شرب أو "بالة" يقال لا تبلك عند يبالة أي لا يصيبك مني ندى ولا خير. وفيه: "بليلة" الإرعاد أي لا تزال ترعد وتهدد، والبليلة الريح فيها ندى، والنجوب أبل الرياح وجعل الإرعاد مثلاً للوعيد والتهديد، من أرعد الرجل وأبرق إذا تهدد وأوعد. وفيه: ما شيء "أبل" للجسم من اللهو، وهو شيء كلحم العصفور أي أشد تصحيحاً وموافقة له. وفيه: ثم يحضر على "بلته" بضم باء أي على ما فيه من الإساءة والعيب. وفيه: ألست ترعى "بلتها" البلة نور العضاه قبل أن ينعقد.
ب ل ل: (الْبِلَّةُ) بِالْكَسْرِ النَّدَاوَةُ. وَ (الْبِلُّ) الْمُبَاحُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي زَمْزَمَ: «لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ» أَيْ مُبَاحٌ وَقِيلَ أَيْ شِفَاءٌ مِنْ قَوْلِهِمْ (بَلَّ) الرَّجُلُ وَ (أَبَلَّ) إِذَا بَرَأَ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ بِإِتْبَاعٍ. وَ (بِلَالُ) بْنُ حَمَامَةَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَالْبَلَلُ النَّدَى. وَ (الْبَلْبَلَةُ) وَ (الْبَلْبَالُ) الْهَمُّ وَوِسْوَاسُ الصَّدْرِ. وَ (الْبُلْبُلُ) طَائِرٌ وَ (بَلَّ) مِنْ مَرَضِهِ يَبِلُّ بِالْكَسْرِ (بَلًّا) أَيْ صَحَّ وَكَذَا (أَبَلَّ) وَ (اسْتَبَلَّ) . وَ (بَلَّهُ) نَدَّاهُ وَبَابُهُ رَدَّ، وَ (بَلَّلُهُ) شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ (فَابْتَلَّ) هُوَ. وَ (بَلَّ) رَحِمَهُ وَصَلَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: «بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ» أَيْ نَدُّوهَا بِالصِّلَةِ. وَ (بَلْ) حَرْفُ عَطْفٍ وَهُوَ لِلْإِضْرَابِ عَنِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو، وَمَا رَأَيْتُ زَيْدًا بَلْ عَمْرًا وَجَاءَنِي أَخُوكَ بَلْ أَبُوكَ، تَعْطِفُ بِهِ بَعْدَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ جَمِيعًا، وَرُبَّمَا وَضَعُوهُ مَوْضِعَ رُبَّ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ:

بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يَعْنِي رَبُّ مَهْمَهٍ كَمَا يُوضَعُ الْحَرْفُ مَوْضِعَ غَيْرِهِ اتِّسَاعًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} قَالَ الْأَخْفَشُ عَنْ بَعْضِهِمْ: إِنَّ بَلْ هُنَا بِمَعْنَى إِنَّ فَلِذَلِكَ صَارَ الْقَسَمُ عَلَيْهَا. 
بلل
بلَّ بَلَلْتُ، يَبُلّ، ابْلُلْ/ بُلَّ، بَلاًّ وبِلَّةً وبَلالاً وبَلَلاً، فهو بالّ، والمفعول مَبْلول
• بلَّ الثَّوبَ وغيرَه: ندَّاهُ ورطّبه بالماء ونحوه "بَلّ شَعْره- ماتَبُلُّ إحدى يديه الأخرى [مثل]: يُضرب للرجل الشحيح" ° بُلُّوا أرحامكم: صِلوها- بلَّ يدَ فلان: أعطاه مالاً لقضاء مصلحة، رشاه.
• بلَّ الرِّيقَ: ارْتَوى "بلَّ حلقَه: شرِب"? بلَّ شوقه من أحد: أشبع رغبته منه ونعم برؤيته وحديثه. 

ابتلَّ يبتلّ، ابَتلِلْ/ ابتَلَّ، ابْتِلالاً، فهو مُبتَلّ
• ابتلَّ الثَّوبُ وغيرُه: تندّى وتشرَّب بالماء ونحوه "ابتلّت الأرضُ بماءِ المطر". 

بلَّلَ يبلِّل، تَبْلِيلاً، فهو مُبلِّل، والمفعول مُبلَّل
• بلَّل الثَّوبَ وغيرَه: بلَّه، ندَّاه ورطَّبه بالماء ونحوه "بلّل المطرُ الطُّرقَ- بلَّله بالماء". 

تبلَّلَ يتبلَّل، تبلُّلاً، فهو مُتبلِّل
• تبلَّلَ الثَّوبُ وغيرُه: مُطاوع بلَّلَ: ابتلَّ، تندّى وتشرَّب بالماء ونحوه "تبلّل الأولادُ بماء الحديقة". 

بَلال [مفرد]: مصدر بلَّ. 

بُلالة [مفرد]: ندًى، بقيّة من النّداوة "ما أغنتني البُلالة عن الماء الذي أروي به عطشي". 

بَلّ [مفرد]: مصدر بلَّ. 

بَلَل [مفرد]: ج بِلال (لغير المصدر) وبُلاّن (لغير المصدر):
1 - مصدر بلَّ.
2 - نُدُوَّة، نَدًى، رطوبة. 

بَلَّة [مفرد]: اسم مرَّة من بلَّ ° زاد الطِّينَ بَلَّة: زاد الأمرَ سوءًا أو خطورةً. 

بِلَّة [مفرد]:
1 - مصدر بلَّ ° زاد الطِّينَ بِلَّةً: زاد الأمرَ سوءًا أو خطورةً.
2 - اسم هيئة من بلَّ.
3 - رزق وخَيْر. 

بُلُولة [مفرد]: أثر ماء "أحسّ ببُلولة في ثيابه". 

بَليلَة/ بِليلَة [مفرد]: قمح أو ذُرَة تُغْلى في الماء وتؤكَل، وقد يُضاف عليها اللّبن والسّكر وغيرهما "يُقْبل الأطفالُ على تناول البَليلة". 
[بلل] ريحٌ بَلَّةٌ، أي فيها بلل. وجاءنا فلان يأتنا بهَلَّةٍ ولا بَلَّةٍ، قال ابن السكيت: فالهَلّةُ من الفرح والاستهلال، والبَلَّةُ من البَلَلِ والخير. وقولهم: ما أصاب هَلَّةً ولا بَلَّةً، أي شيئاً. والبُلَّةُ بالضم: ابْتِلالُ الرطب. قال الراجز يصف الحمر، حتى إذا أهرأن بالاصائل وفارقتها بلة الاوابل يقول: سرن في برد الرواح إلى الماء بعد ما يبس الكلأ. والأَوابِلُ: الوحوشُ التي اجتزأتْ بالرُطْبِ عن الماء. والبِلَّةُ، بالكسر: النداوة. والبل: المباح، ومنه قول العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه في زمزم: " لا أحلها لمغتسل، وهى لشارب حل وبل ". قال الاصمعي: كنت أرى أن بلا إتباع حتى زعم المعتمر بن سليمان أن بلا في لغة حمير مباح. قال أبو عبيد: شفاء، من قولهم بل الرجل من مرضه وأبل، إذا برأ. وأما قول خالد بن الوليد: " أما وابن الخطاب حى فلا، ولكن ذاك إذا كان الناس بذى بلى وذى بلى " قال أبو عبيد. يريد تفرق الناس وأن يكونوا طوائف مع غير إمام يجمعهم، وبعد بعضهم من بعض. قال: وكذلك كل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه، فهو بذى بلى. قال: وفيه لغة أخرى: بذى بليان، وهو فعليان، مثل صليان. وأنشد الكسائي: ينام ويذهب الاقوام حتى يقال أتوا على ذى بليان يقول: إنه أطال النوم ومضى أصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى موضع لا يعرف مكانهم من طول نومه. وبلال بن حمامه مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة. ويقال أيضا: في سقائك بلال، أي ماء. وكل ما يُبَلُّ به الحَلْقُ من الماء واللبن فهو بِلالٌ. ومنه قولهم: " انْضَحُوا الرَحِمَ ببِلالِها " أي صِلوها بِصِلَتِها ونَدُّوها. قال أوس : كأَنِّي حَلَوْتُ الشِعْرَ حينَ مَدَحْتُهُ صفا صخرة صماء يبس بلالها ويقال: لا تَبُلُّكَ عندي بالَّةٌ، أي لا يصيبك مني ندىً ولا خيرٌ. ويقال أيضاً: لا تَبُلُّكَ عندي بَلالِ، مثال قَطامِ. قالت ليلى الا خليلية: فلا وأبيك يا ابْنَ أبي عَقيلٍ تَبُلَّكَ بعدها عندي بلال  فلو آسيته لَخَلاكَ ذَمّ وَفَارَقَكَ ابنُ عَمِّكَ غَيْرَ قالِ ابنُ أبي عقيلٍ كان مع تَوْبَةَ حين قُتِلَ، فَفَرَّ عنه وهو ابن عمِّه. ويقال: طويتُ فلاناً على بُلَّتِهِ وبُلالَتِهِ، وبُلولِهِ وبُلولَتِهِ وبُلُلَتِهِ وبُلَلَتِهِ، إذا احتملتَه على ما فيه من الاساءة والعيب، وداريته وفيه بقيةٌ من الودّ. قال الشاعر: طَوَيْنا بَني بِشْرٍ على بُلَلاتِهِمْ وذلك خيرٌ من لِقاءِ بَني بِشْرِ يعني باللقاء الحربَ. وجمعُ البلة بلال، مثل برمة وبرام. قال الراجز: وصاحب مرامق داجيته على بلال نفسه طويته وطويت السقاء على بللته إذا طويته وهوند. والبَلَلٌ: النَدى. والبَليلُ والبَليلَةُ: الريحُ فيها ندىً. والجَنوبُ أَبَلُّ الرياحِ. والبلبلة والبلبال: الهم، ووسواس الصدرِ. والبُلْبُلُ: طائرٌ. والبُلْبُلُ من الرجال: الخفيف. وقال:

قلائص رسلات وشعث بلابل * وتبلبلت الالسن، أي اختلطتْ. وتَبَلْبَلَتِ الإِبلُ الكلأَ، إذا تتبّعتْه فلم تدعْ منه شيئاً. وبَلَّ من مرضه يَبِلُّ بالكسر بَلاًّ، أي صَحَّ. وقال: إذا بَلَّ من داءٍ به خالَ أنَّه نَجا وبه الداءُ الذي هو قاتِلُهْ يعني الهَرَمَ. وكذلك أَبَلَّ واسْتَبَلَّ، أي برأ من مرضه. قال الشاعر يصف عجوزا: صمحمحة لا تشتكى الدهر رأسها ولو نكزتها حية لابلت وبله يبله بالضم: نداه. وبَلَّلَهُ، شدّد للمبالغة فابْتَلَّ. ويقال أيضاً: بَلَّ رَحِمَهُ، إذا وصلَها. وفي الحديث. " بُلُّوا أرحامكم ولو بالسَّلام " أي نَدُّوها بالصلة. وقولهم: بَلّكَ الله بابْنٍ، أي رزقَكَه، يدعو له. وبَلِلْتَ به، بالكسر، إذا ظفِرْتَ به وصار في يدك. يقال: لئن بَلَّتْ بك يدي لا تفارقني أو تؤدِّيَ حقى. قال ابن أحمر: وبلى إن بللت بأريحى من الفتيان لا يضحى بطينا ويروى: " فبلى يا غنى ". ورجل أبل بين البلل، إذا كان حلاّفاً ظلوماً. وذكر أبو عبيدة أن الأَبَلَّ الفاجر. وأنشد للمسيَّب بن عَلَسٍ: أَلا تَتقَّونَ الله يا آلَ عامِرٍ وهل يَتَّقي الله الأَبَلُّ المُصَمَّمُ وقال الأصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً، إذا امتنع وغَلَبَ. وقال الكسائي: رجلٌ أَبَلُّ وامرأةٌ بَلاَّءُ، وهو الذي لا يُدْرَكُ ما عنده من اللؤم. وصفاة بلاء، أي ملساء. وبل، مخفف: حرف يعطف بها الحرف الثاني على الاول فيلزمه مثل إعرابه، وهو للاضراب عن الاول للثاني، كقولك: ما جاءني زيد بل عمرو، وما رأيت زيدا بل عمرا، وجاءني أخوك بل أبوك، تعطف بها بعد النفى والاثبات جميعا. وربما وضعوه موضع رب، كقول الراجز :

بل مهمه قطعت بعد مهمه * يعنى رب مهمه، كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعا. وقال آخر :

بل جوز تيهاء كظهر الحجفت * وقوله تعالى: {ص والقرآنِ ذي الذكر. بل الذين كفروا في عزة وشقاق} قال الاخفش عن بعضهم إن بل هاهنا بمعنى إن، فلذلك صار القسم عليها. قال: وربما استعملت العرب في قطع كلام واستئناف آخر، فينشد الرجل منهم الشعر فيقول بل:

ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا * ويقول بل * وبلدة ما الانس من آهالها * قوله " بل " ليست من البيت ولا تعد في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما قبله. قال: وبل نقصاتها مجهول، وكذلك هل وقد، إن شئت جعلت نقصانها واو اقلت: بلو، هلو، قدو، وإن شئت جعلته ياء ومنهم من يجعل نقصانها مثل آخر حروفها فيدغم فيقول: بل، وهل، وقد بالتشديد
[ب ل ل] البَلَلُ والبِلَّةُ النُّدُوَّةُ قال بَعْضُ الأَغْفالِ

(وقِطْقِطْ البِلَّةِ في شُعَيْرِ ... )

أَرادَ وبِلَّةُ القِطْقِطِ فَقَلَبَ والْبِلالُ كالبِلَّةِ وبَلَّهُ بالماءِ وغَيْرِه يَبُلُّهُ بَلاّ وبِلَّةً وبَلَّلَهُ فابْتَلَّ وتَبَلَّلَ قال ذو الرُّمَّةِ

(وما شَنَّتَا خَرْقَاءَ واهيتا الكُلَى ... سقى بِهما ساقٍ ولَمَّا تَبَلَّلا)

والبِلالُ المَاءُ والبُلاَلَةُ البَلَلُ والبُلاَلُ جَمْعُ بِلَّةٍ نادرٌ واسْقِهِ على بُلَّتِهِ أي ابْتِلالِهِ وبُلَّةُ الشبابِ وبَلَّتُه طَراؤُهُ والفَتْحُ أعلى والبَلِيلُ رِيحٌ بارِدَةٌ مَعَ ندًى ولا تُجْمَعُ قال أبو حنيفة إذا جاءت الريحُ مع بَرْدٍ ويُبْسٍ ونَدًى فَهْيَ بَلِيلٌ وقد بَلَّتْ تَبِلُّ بُلُولاً فأمَّا قولُ زيادٍ الأعْجَمِ (إِنِّي رَأَيْتُ عِداتَكُمْ ... كالغَيْثِ لَيْسَ لَه بَليلُ)

فَمَعْناهُ أنَّهُ لَيْسَ لها مَطْلٌ فَيُكَرِّرَها كما أن الغَيْثَ إذا كانَتْ معه رِيحٌ بَلِيلٌ كَدَّرَتْهُ وبَلَّ رَحِمَهُ يَبُلُّها بَلاّ وبِلالاً وَصَلَها وبُلُّوا أَرْحامَكُم وَلَوْ بالسَّلامِ صِلُوها وقَوْلُه

(والرِّحْمَ فابْلُلْها بخَيْر البُلاَّنْ ... )

(فإنَّها اشتُقَّتْ مِنَ اسمِ الرَّحْمانْ ... )

يجوز أن يكونَ البُلاَّنُ اسمًا واحدًا كالغُفْرانِ والرُّجْحانِ وأَنْ يكونَ جَمْعَ بَلَلٍ الذي هو الاسمُ لا المَصْدَرُ وإن شِئْتَ جَعَلْتَه المَصْدَرَ لأن بَعْضَ المصادِرِ قد تُجْمَعُ كالشُّغْلِ والعَقْلِ والمَرَضِ وبَلَّكَ الله ابْنًا وبَلَّكَ به بَلاّ أَيْ رَزَقَكَ إِيَّاهُ والبِلَّةُ الخَيْرُ والرِّزْقُ والبِلُّ الشِّفاءُ ويُقالُ ما قَدِمَ بِهِلَّةٍ ولا بلَّةٍ وقد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَمَا أحْسَنَ بِلَّةَ لسانِهِ أَيْ طَوْعَهُ بالعبارَةِ وإِسْماحَهُ وسَلاسَتُهُ وَوُقُوَعَهُ على مَوْضِعِ الحُروفِ واسْتِمرارَهُ على المَنْطِقِ وبَلَّ يَبِلُّ بُلُولاً وأَبَلَّ نَجَا حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَأنشد

(مِنْ صَقْعِ بَانٍ لاَ تَبِلُّ لُحَمُهْ ... )

لُحْمَةُ البَازِي الطَّائِرُ يُطْرَحُ لَهُ أَوْ يَصِيْدُهُ وَبَلَّ مِن مَرَضِهِ يَبِلُّ بَلاّ وَبَلَلاً وَبُلُولاً واستَبَلَّ وَأَبَلَّ بَرَأَ وَابتَلَّ وتَبَلَّلَ حَسُنَتْ حَالُهُ بَعْدَ الهُزالِ وقَالوا هُو لَكَ حِلٌّ وَبِلٌّ فَبِلٌّ شِفَاءٌ مِن قَولِهم بَلَّ من مَرَضِهِ إذا بَرَأَ ويُقَالُ بِلٌّ مُبَاحٌ مُطْلَقٌ يَمَانِيةٌ حِمْيَرِيَّةٌ ويقالُ بِلٌّ إِتْبَاعٌ لِحِلٍّ وكذلكَ يقالُ للمُؤَنَّث هِي لكَ حِلٌّ وَبِلٌّ على لَفْظِ المُذكَّرِ ومنه قول عبد المُطَّلب في زمْزَمَ لاَ أُحِلُّها لمُغْتسلٍ وهي لشارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ قال الأصمعي كنتُ أُرَى أَنَّ بِلاّ إِتبَاعٌ لحِلٍّ حتَّى زَعَمَ المُعْتَمرُ بنُ سليْمَانَ أنَّ بِلاّ مُبَاحٌ وَذَهَبَتْ بُلَّةُ الإِبِلِ أي ذَهَبَ ابْتلالُ الرُّطْبِ عَنهَا وَطَوَيتُ الثَّوبَ على بُلَلَتِهِ وبَلَّتِهِ وَبِلالِهِ أَي على رُطُوبَتِهِ وانْصَرفَ القَومُ بِبُلُلَتِهم وَبُلَلَتِهم وَبُلُوْلَتِهم أَي وفيْهم بَقِيَّةٌ وَطَوَاهُ على بُلُلَتِهِ وَبُلُوْلَتِهِ وبَلَّتِهِ أَي عَلَى ما فيه منَ العَيْبِ وقيلَ عَلَى بَقِيَّةِ وُدِّه وهو الصَّحيحُ واطوِ سِقَاءَكَ عَلَى بُلَلَتِهِ أَي وفيهِ بَلَلٌ لا يتكسَّرُ وبَلِلْتُ بِه بَلَلاً ظَفِرْتُ وبَلِلْتُ به بَلَلاً صَلِيتُ وشَقِيتُ وَبَلِلْتُ به بَلَلاً وَبَلالَةً وبُلُولَةً وَبَلَلْتُ مُنِيْتُ به وعَلِقْتُهُ وَبَلِلْتُهُ لَزِمْتُهُ قال

(دَلْوٌ تَمَأَىْ دُبِغَتْ بالحُلَّبِ ... )

(بَلَّتْ بَكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ ... )

(فَلاَ تُقَعْسِرَهَا ولكن صَوِّبِ ... )

تُقَعْسِرْهَا أَي تُعَازّهَا وَرَجلٌ بَلٌّ بالشيءِ لِهِجٌ قالَ

(وَإِنِّي لَبَلٌّ بالقَرِيْنَةِ ما ارعَوَتْ ... وَإِنِّي إِذا صَرَّمْتُهَا لَصَرُومُ)

وَلاَ تبُلُّكَ عندي بَالَّةٌ وبَلاَلِ قالَتْ لَيْلَى الأَخيلِيّة

(فَلاَ وَأَبِيكَ يا بنَ أَبي عَقِيلٍ ... تَبُلُّكَ بَعدَها فِينَا بَلاَلِ)

وَأَبَلَّ الرّجُلُ ذَهَبَ في الأَرضِ وَأَبَلَّ أَعْيَا فَسَادًا وَخُبْثًا وَالأَبَلُّ الشَّدِيدُ الخُصُومَةِ الجَدِلُ وقيلَ هو الَّذِي لاَ يَسْتَحيي وَقيلَ هوَ الشَّدِيدُ اللُّؤْمِ الَّذِي لا يُدْرَكُ ما عِندَهُ وقيل هوَ المَطُولُ وقيلَ الفَاجِرُ والأُنْثَى بَلاَّءُ وقد بَلَّ بَللاً في كُلِّ ذلكَ عَن ثَعلَبٍ وَأَبَلَّ عَلَيهِ غَلَبَهُ قال سَاعِدَةُ

(أَلا يَا فتًى ما عَبدُ شَمْسٍ بِمِثْلِهِ ... يُبَلُّ عَلَى العادِي وَتُؤْبَى المخاسِفُ)

البَاءُ فِي بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقَةُ بَقَولِهِ يُبَلُّ وقولُهُ ما عَبدُ شَمْسٍ تَعظِيمٌ كقولك سُبْحَانَ اللهِ مَا هُو ومَنْ هو لاَ تُريدُ الاستِفهَامَ عَنْ ذاتِهِ تعالى إِنَّما هُو تَعظيمٌ وَتفْخِيمٌ وخَصْمٌ مِبَلٌّ ثَبْتٌ وَرَجُلٌ بَلٌّ وَأَبَلُّ مَطُولٌ عنِ ابنِ الأَعْرَابيِّ وَأَنْشَدَ

(جِدَالَكَ مَالاً وَبلاّ حَلُوفا ... )

والبلَّةُ نَوْرُ السَّمُرِ والعُرفُطِ وبِلاَلٌ اسمُ رَجُلٍ وَبِلاَلُ أَبَاذَ مَوْضِعٌ والبُلْبُلُ طَائِرٌ حَسَنُ الصَّوْتِ ويَدْعُوهُ أَهْلُ الحجازِ النُّغَرَ والبُلْبُلُ قَناةُ الكُوْزِ التي تَصبُّ الماء والبُلْبُلَةُ الكُوْزُ الَّذِي فيه بُلْبُلٌ إِلى جَنْبِ رَأْسِهِ والبَلْبَلَةُ اختلاَطُ الألْسِنَةِ والبَلْبَلَةُ والبَلاَبِلُ والبَلْبَالُ شِدَّةُ الهَمِّ والوَسَاوِسُ وحَدِيْثُ النَّفْسِ فَأَمَّا البِلْبَالُ بالكسر فَمَصْدَرٌ وبَلْبَلَ القَومَ بَلْبَلَةً وبِلْبَالاً حَرَّكَهُم وهَيَّجَهُم والاسمُ البَلْبَالُ والبَلْبَالُ البُرَحَاءُ في الصَّدْرِ وَكَذَلِكَ البَلْبَالَةُ عن ابن جِنّيٍّ وَأَنْشَدَ (فَبَاتَ مِنْهُ القَلْبُ فِي بَلْبَالَهْ ... ينْزُوْ كَنَزْوِ الظًّبْيِ في الحِبَالَهْ)

ورَجُلٌ بُلْبُلٌ وبُلاَبِلٌ خَفِيفٌ في السَّفَرِ مِعْوَانٌ وقالَ ثَعْلَبٌ غُلاَمٌ بُلْبُلٌ خَفِيفٌ في السَّفَرِ فَقَصَرهُ عَلَى الغُلاَمِ وبُلْبُولٌ اسمُ بَلَدٍ

بلل: البَلَل: النَّدَى. ابن سيده. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قال

بعض الأَغْفال:

وقِطْقِطُ البِلَّة في شُعَيْرِي

أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فقلب. والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّه بالماء

وغيره يَبُلُّه بَلاًّ وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قال ذو

الرمة:

وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى،

سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا

والبَلُّ: مصدر بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلاًّ. الجوهري: بَلَّه

يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ. والبِلال: الماء.

والبُلالة: البَلَل. والبِلال: جمع بِلَّة نادر. واسْقِه على بُلَّتِه أَي

ابتلاله. وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى. والبَلِيل

والبَلِيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا

جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِيل، وقد بَلَّتْ تَبِلُّ

بُلولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم:

إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم

كالغَيْث، ليس له بَلِيل

فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت

معه ريح بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: البَلِيلة الريح المُمْغِرة، وهي

التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَبَلُّ

الرِّياح. وريح بَلَّة أَي فيها بَلَل. وفي حديث المُغيرة: بَلِيلة

الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الريح فيها نَدى، جعل

الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا

تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم. ويقال: ما سِقَائك بِلال أَي ماء. وكُلُّ ما

يُبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا

الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن

مروان بن زِنْبَاع:

كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه،

صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها

وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً: وصلها. وفي حديث النبي،صلى

الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة.

قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون

اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط

بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا البَلَّ لمعنى

الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً

سأَبُلُّها بِبلالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.

والبِلال: جمع بَلَل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو

غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال، أَراد به اللبن، وقيل

المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَلاً من عَيْش أَي

خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها

بَلاًّ وبِلالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى:

إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها،

ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلالَها

وقول الشاعر:

والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلاَّن،

فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن

قال ابن سيده: يجوز أَن يكون البُلاَّن اسماً واحداً كالغُفْران

والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن

بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. ويقال: ما في سِقَائك

بِلال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلال.

ابن الأَعرابي: البُلْبُلة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن

الأَعرابي: التَّبَلُّل

(* قوله «التبلل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال

كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس).

الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري:

أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه،

وتَبْلالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا

وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو

له. والبِلَّة: الخَيْر والرزق. والبِلُّ: الشِّفَاء. ويقال: ما قَدِمَ

بِهِلَّة ولا بِلَّة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّة؛ قال ابن

السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلل والخير.

وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّة أَي شيئاً. وفي الحديث: من قَدَّر في

مَعِيشته بَلَّه الله أَي أَغناه. وبِلَّة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف

واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّة لسانه وما يقع لسانه إِلا

على بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي:

يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد،

ومن جانب الوادي الحَمام المُبَلِّلا

وقال: المبَلِّل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّة لسانه

أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.

وبَلَّ يَبُلُّ بُلولاً وأَبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد:

من صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه

لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده. وبَلَّ من مرضه

يَبِلُّ بَلاًّ وبَلَلاً وبُلولاً واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال

الشاعر:

إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه

نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله

يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً:

صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها،

ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ

الكسائي والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت من المرض، بفتح اللام، من

بَلَلْت. والبِلَّة: العافية. وابْتَلَّ وتَبَلَّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.

والبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شفاء من قولهم

بَلَّ فلان من مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق،

يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث:

هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها

لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد

المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن

بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما

حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء

زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل،

فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن

يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي

أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش

يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن

بِلاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلاًّ مباح في لغة

حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان

الواو. والبُلَّة، بالضم: ابتلال الرُّطْب. وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة

الرُّطْب. وذهبت بُلَّة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد

لإِهاب ابن عُمَيْر:

حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل،

وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل

يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ،

والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: البُلَّة بقية

الكَلإِ.

وطويت الثوب على بُلُلَته وبُلَّته وبُلالته أَي على رطوبته. ويقال:

اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته أَي اطوه وهو نديّ قبل أَن يتكسر. ويقال: أَلم

أَطْوك على بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ

بن عامر الأَسدي:

ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُلاتِكم،

وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب

أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة. وبُلُلات، بضم اللام: جمع

بُلُلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَلاتكم، بفتح اللام، الواحدة

بُلَلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء

المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على

غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على

بُلُلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَله لم

يَتَكسَّر ولم يَتَباين. وانصرف القوم ببَلَلتهم وبُلُلتهم وبُلولتهم أَي

وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا ببَلَلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه

بِلال الرَّحِم. وبَلَلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُلته وبُلولته

وبَلَّته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو

الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛

وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلولتَه،

طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق

قال: وتميم تقول البُلولة من بِلَّة الثرى، وأَسد تقول: البَلَلة. وقال

الليث: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّته

وبُلالته وبُلُوله وبُلُولته وبُلُلته وبُلَلته إِذا احتملته على ما فيه

من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر:

طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُلاتهم،

وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر

يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع البُلَّة بِلال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال

الراجز:

وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه،

على بِلال نَفْسه طَوَيْتُه

وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على

بُلَّته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.

وبَلِلْتُ به بَلَلاَ: ظَفِرْتُ به. وقيل: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت به؛

حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِلْت من

فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر

فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي

أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص. وبَلِلْت به بَلَلاً: صَلِيت

وشَقِيت. وبَلِلْت به بَلَلاَ وبَلالة وبُلولاً وبَلَلْت: مُنِيت به

وعُلِّقْته. وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قال:

دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب،

بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،

فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب

تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام

على صحبته، وبَلَّ يَبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر:

فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ

من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا

ويروى فبَلِّي يا غنيّ. الجوهري: بَلِلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به

وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري:

بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص،

بَلَّ بها أَحمر ذو دريص

يقال: لئن بَلَّتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر:

البَذْرُ والبُلَل واحد، يقال: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل. ورجل

بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال:

وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ،

وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم

ولا تَبُلُّك عندي بالَّة وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير

ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك. ويقال: لا تُبَلُّ لفلان عندي بالَّة

وبَلالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير. وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه:

فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية:

نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه،

كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ

فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل،

تَبُلُّك بعدها فينا بَلالِ

فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ،

وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين

قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه. والبَلَّة: الغنى بعد الفقر. وبَلَّت

مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر:

فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ

بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ

فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها،

وكان لها باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ

وأَبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض. وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.

والأَبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو

الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع

بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد

الأَسدي:

ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا

جدالَك في الدَّيْن بَلاًّ حَلوفا

(* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلفظ: «جدالك

مالاً وبلا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل

الغني).وقال الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً إِذا امتنع

وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَبَلُّ؛ وقال الشاعر:

أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟

وهل يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟

وقيل: الأَبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلاَّء وقد بَلَّ بَلَلاً في كل ذلك؛

عن ثعلب. الكسائي: رجل أَبَلُّ وامرأَة بَلاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما

عنده من اللؤم، ورجل أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.

وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا

كان الناس بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس

وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛

وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّيٍّ، وهو مِنْ

بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة

أُخرى بذي بِلِّيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي:

يَنام ويذهب الأَقوام حتى

يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّيان

يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا

يَعْرِف مكانَهم من طول نومه. وأَبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة:

أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله

يُبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ

الباء في بمثله متعلقة بقوله يُبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك

سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم

وتفخيم.

وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك

(*

قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على

ما تريد؛ وأَنشد:

أَبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً

ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه

وصَفاة بَلاَّء أَي مَلْساء. ورجل بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عن ابن

الأَعرابي؛ وأَنشد:

جِدَالَكَ مالاً وبَلاًّ حَلُوفا

والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ

تَرْعى بَلَّتَها؟ البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قبل أَن ينعقد. التهذيب:

البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم

أَول ما يخرج من بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك

البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت

البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه

نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء

الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن

عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة

عِراض.

وبِلال: اسم رجل. وبِلال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه

وسلم، من الحبشة.

وبِلال آباد: موضع.

التهذيب: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: البُلْبُل طائر حَسَن الصوت

يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر. والبُلْبُل: قَناةُ الكوز

الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: البُلْبلة ضرب من الكيزان في

جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء. وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه

وبدَّده.والمُبَلِّل: الطاووس الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت.

والبَلْبلة: تفريق الآراء. وتَبَلْبَلت الأَلسن: اختلطت. والبَلْبَلة:

اختلاط الأَلسنة. التهذيب: البَلْبلة بَلْبلة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض

بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً

فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم

تلك الريح في البلاد. والبَلْبلة والبَلابل والبَلْبال: شدَّة الهم

والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر. وفي حديث

سعيد

بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله،

صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة،

إِنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري:

البلابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث

بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي:

سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك،

أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْبالها؟

ويروى:

سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟

ووائل: أَخو باعث بن

صُرَيم. وبَلْبَل القومَ بَلْبلة وبِلْبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم،

والاسم البَلْبال، وجمعه البَلابِل. والبَلْبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك

البَلْبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد:

فبات منه القَلْبُ في بَلْبالَه،

يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله

ورجل بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم:

قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. ورجل

بُلابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء. والبُلْبُل من الرجال:

الخَفِيفُ؛ قال كثير بن

مُزَرِّد:

سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها

قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل

والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه

القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.

والبُلْبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس. وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف

في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وهما

الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد:

إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ

بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَليل

أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض

من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلالة ولا عُلالة أَي ما فيه

بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسم بلد. والبُلْبُول: اسم جَبَل؛ قال الراجز:

قد طال ما عارَضَها بُلْبُول،

وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول

وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن

الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.

ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول،

وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا

ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا

الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست

أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلى:

بَلى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ

بربكم قالوا بَلى؛ قال: وإِنما صارت بَلى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن

الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد

كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال

الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا

الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع

(* قوله

«كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف

ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار

إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب

سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو

إِيجاب، قال: وبَلى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي

بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار

لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها،

وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب

تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة

بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ.

الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه

مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ

عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد

النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز:

بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ

يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:

بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ

وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال

الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛

قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم

الشعر فيقول:

. . . . . . بل

ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا

ويقول:

. . . . . . بل

وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،

تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها،

كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها

قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما

قبله؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو:

أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ،

بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ

والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو:

بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،

يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ

قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها

واواً قلت بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل

نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن

بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف

حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً

لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت

أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما

كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل

رُبَيْبٌ، والله أَعلم.

بلل
{البَلَلُ، مُحرَّكةً،} والبِلَّةُ {والبِلالُ، بكسرهما،} والبُلالَةُ، بالضّمّ: النُّدْوَةُ. قد {بَلَّه بالماءِ} يَبُلُّه {بَلاًّ بِالْفَتْح} وبِلَّةً، بِالْكَسْرِ، {وبَلَّلَه: أَي نَدَّاه، وَالتَّشْدِيد للمُبالَغة، قَالَ أَبُو صَخْرٍ الْهُذلِيّ:
(إِذا ذُكِرَتْ يَرْتاحُ قَلْبِي لذِكْرِها ... كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ} بَلَّلَه القَطْرُ)
وصَدرُ الْبَيْت فِي الحَماسة: وَإِنِّي لَتَعْرُوني لِذِكْراكِ نَفْضَةٌ وَالرِّوَايَة مَا ذكرتُ. {فابْتَلَّ} وتَبلَّلَ قَالَ، ذُو الرُّمّة:
(وَمَا شَنَّتا خَرْقاءَ واهِيةِ الكُلَى ... سَقَى بِهِما ساقٍ ولَمْ {تَتَبَلَّلا)

(بأضْيَعَ مِن عَينيكَ للدَّمْعِ كُلَّما ... تَوَّهمْتَ رَبْعاً أَو تَذكَّرتَ مَنْزِلا)
(و) } البِلالُ ككِتابٍ: الماءُ، ويُثَلَّثُ يُقال: مَا فِي سِقائه {بِلالٌ وكُلُّ مَا} يُبَلُّ بِهِ الحَلْقُ من ماءٍ أَو لَبَنٍ، فَهُوَ {بِلالٌ، قَالَ أوسُ بنُ حَجَر:
(كأنِّي حَلَوْتُ الشِّعرَ حينَ مَدَحْتُهُ ... مُلَمْلمةً غَبراءَ يَبساً} بِلالُها) ويُقال: اضْرِبُوا فِي الأرضِ أَمْيالاً تَجِدُوا {بِلالا.} والبِلَّةُ، بالكسرِ: الخَيرُ والرِّزْقُ يُقال: جَاءَ فُلانٌ فَلم يأتِنا بِهِلَّةٍ وَلَا بِلَّة، قَالَ ابنُ السِّكِّيت: فالهِلَّةُ: مِن الفَرَحِ والاستِهْلال، والبِلَّةُ: مِن البَلَلِ والخَير. مِن المَجاز: البِلَّةُ: جَرَيانُ اللِّسان وفَصاحَتُه، أَو وقُوعُه على مَواضِع الحُروفِ، واستِمرارُه علَى المَنْطِق، وسَلاسَتُه تَقول: مَا أحسَنَ {بِلَّةَ لسانِه، وَمَا يَقعُ لِسانُه إلّا علَى} بِلَّتِه.
وَفِي الأساس: مَا أحسَنَ بِلَّةَ لِسانِه: إِذا وَقَع على مَخارِج الْحُرُوف. قَالَ اللَّيثُ: {البِلَّةُ و} البَلَلُ: الدُّونُ، أَو {البِلَّةُ: النَّداوَةُ وَهَذَا قد تقدَّم قَرِيبا، فَهُوَ تَكرار. (و) } البِلَّةُ: العافِيَةُ مِن المَرض. قَالَ الفَرّاءُ: البِلَّةُ: الوَلِيمَةُ. قَالَ غيرُه: {البُلَّةُ بالضّمّ: ابتِلالُ الرُّطْبِ قَالَ إهابُ بن عُمَير: حَتّى إِذا أَهْرَأْنَ بالأصائِلِ وفارَقَتْها} بُلَّةُ الأَوابِلِ يقولُون: سِرنَ فِي بَردِ الرَّواحِ إِلَى المَاء بعدَ مَا يَبِس الكَلأُ. والأَوابِلُ: الوُحوشُ الَّتِي اجْتَزأتْ بالرُّطْب عَن المَاء. (و) {البُلَّةُ: بَقِيَّةُ الكَلأ عَن الفَرّاء. (و) } البَلَّةُ بالفَتْحِ: طَراءَةُ الشَّبابِ عَن ابنِ عَبّاد.
ويُضَمُّ. البَلَّةُ: نَوْرُ العِضاهِ، أَو الزَّغَبُ الَّذِي يكونُ بعدَ النَّوْرِ عَن ابنِ فارِس. قِيل: البَلَّةُ: نَوْرُ العُرفُطِ والسَّمُرِ. وَقَالَ أَبُو زَيد:! البَلَّةُ: نَوْرَةُ بَرَمَة السَّمُر. قَالَ: وأوّلُ مَا تَخْرُج: البَرَمةُ، ثمَّ أوّلُ)
ماتخرُج مِن بَدْءِ الحَبَلَة: كعْبُورَةٌ نَحْو بَدْء البُسْرَة، فتِيك البَرَمَةُ، ثمَّ يَنْبُت فِيهَا زَغَبٌ بِيضٌ، وَهُوَ نَوْرَتُها، فَإِذا أخرجت تِلْكَ، سُمِّيت البَلة، والفَتْلة، فاذا سَقَطنَ عَن طرَف العُود الَّذِي يَنْبُتن فِيهِ، نَبَتَتْ فِيهِ الخُلْبَةُ فِي طرَف عُودهنّ. وسقَطن. والخُلبة: وعاءُ الحَبّ، كَأَنَّهَا وعاءُ الباقلاء، وَلَا تكون الخُلبَةُ، إِلَّا للسَّلم والسَّمُر فِيهَا الحَبُّ. أَو {بَلَّةُ السَّمُر: عَسَله عَن ابْن فارِس، قَالَ: ويُكسَر.
قَالَ الفَرّاء:} البَلَّة: الغِنَى بعدَ االفَقْرِ، {كالبُلَّى، كرُبَّى. (و) } البَلَّةُ: بَقيَّةُ الكلأِ، ويُضَمّ وَهَذِه قد تقدّمت، فَهُوَ تَكرارٌ. البَلَّةُ: القَرَظ {والبَليلُ كأمِيرٍ: رِيحٌ بارِدةٌ مَعَ نَدىً وَهِي الشّمال، كَأَنَّهَا تَنْضَحُ الماءَ من بردهَا للواحِدة والجَميع. وَفِي الأساس: رِيحٌ} بَلِيلٌ: بارِدةٌ بِمَطَرٍ. وَفِي العُباب: والجَنُوبُ: {أَبَلُّ الرِّياح، قَالَ أَبُو ذُؤَيبٍ، يصف ثَوْراً:
(ويَعُوذُ بالأَرْطَى إِذا مَا شَفَّهُ ... قَطْرٌ وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ)
قد} بَلَّتْ {تَبِلُّ مِن حَدِّ ضَرَب بُلُولاً بالضّمّ.} والبِلُّ، بِالْكَسْرِ: الشِّفاءُ من قَوْلهم: بَلَّ الرجُلُ مِن مَرضِه: إِذا بَرأ، وَبِه فَسَّر أَبُو عبيد حَدِيث زَمْزم: لَا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ، وَهِي لِشارِبٍ حِلٌّ {وبِلٌّ. قِيل:} البِلُّ هُنَا: المُباحُ نقلَه ابنُ الأثِير، وغيرُه من أئمّة الغَرِيب. ويُقال: حِلٌّ وبلٌّ أَي حَلالٌ ومُباحٌ. أَو هُوَ إتْباعٌ وَيمْنَعُ مِن جَوازِه الواوُ، وَقَالَ الأصمَعِي: كنت أرى أنّ بِلّاً إتْباعٌ، حتّى زَعم المُعْتَمِرُ بن سُليمان أَن {بِلاًّ فِي لُغة حِمْير: مُباحٌ، وكَرَّر لاخْتِلَاف اللَّفْظ، توكيداً. قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ أَوْلَى لأنّا قَلَّما وجدنَا الإتْباعَ بواو العَطْف. مِن المَجاز:} بَلَّ رَحِمَه {يَبُلُّها} بَلاًّ بِالْفَتْح! وبلالاً، بِالْكَسْرِ: أَي وَصَلَها وَمِنْه الحديثُ: {بُلُّوا أرحامَكُم وَلَو بالسَّلامِ أَي نَدُّوها بالصِّلَة. ولمّا رأَوا بعضَ الْأَشْيَاء يَتَّصلُ ويختلِطُ بالنَّداوة، ويحصُلُ بينَهما التَّجافِي والتَّفرُّقُ باليُبس، استعارُوا البَلَّ لِمعنى الوَصْلِ، واليُبس لمَعْنى القَطِيعة، فَقَالُوا فِي المَثَل: لَا تُوبسِ الثَّرَى بيني وبينَك، وَمِنْه حديثُ عمرَ بن عبد الْعَزِيز: إِذا استشنَّ مَا بَيْنك وبينَ اللَّهِ} فابْلُلْه بالإحسانِ إِلَى عِباده وَقَالَ جَرِيرٌ:
(فَلَا تُوبسُوا بَيني وبَينَكُمُ الثَّرَى ... فإنّ الَّذِي بَيني وبَينَكُمُ مُثْرِي)
وَفِي الحَدِيث: غَيرَ أنّ لَكُم رَحِماً سَأَبُلُّها {ببِلالِها أَي سَأصِلُها بصِلَتِها، قَالَ أوسُ بنُ حَجَر:
(كأنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ حِينَ مَدَحْتُهُ ... مُلَمْلمةً غَبراءَ يَبساً} بِلالُها)
(و) {بَلالِ كقَطامِ: اسمٌ لِصِلةِ الرَّحِمِ وَهُوَ مصروفٌ عَن} بالَّةٍ، وَسَيَأْتِي شاهِدُ قَرِيبا. {وَبلَّ الرجُلُ} بُلُولاً بالضّم {وأَبَلَّ: نَجا مِن الشِّدَّة والضِّيق. وبَلَّ مِن مَرضِه:} يَبِلُّ بِالْكَسْرِ {بَلّاً بِالْفَتْح} وبَلَلاً مُحرَّكةً)
{وبُلولاً بالضّمّ: أَي صَحَّ، وَأنْشد ابْن دُرَيْدٍ:
(إِذا} بَلَّ مِن داءٍ بِهِ ظَنَّ أنَّهُ ... نَجا وَبِه الداءُ الَّذِي هُو قاتِلُهْ)
{واسْتَبَلَّ الرجُلُ مِن مَرضِه، مِثْل} بَلَّ. {وابْتَلَّ الرجُلُ} وتَبَلَّلَ: حَسُنَتْ حالُه بعدَ الهُزال نَقله الزَّمَخْشَرِي. وانْصَرَفَ القومُ {ببَلَلَتِهم، مُحرَّكةً وبضمَّتين،} وبُلُولَتِهم، بالضّم: أَي وَفِيهِمْ بَقِيَّةٌ أَو انصرفوا بحالٍ حَسنةٍ. مِن المَجاز: طَواهُ علَى بُلَّتِه، بالضّم، ويُفْتَح، {وبُلُلَتِه بضمَّتين وتُفْتَح اللامُ الأُولى} وبُلُولَتِه وَهَذِه لُغة تَمِيم {وبُلُولِه،} وبُلالَتِه، بضمِّهن، {وبَلَلَتِه،} وبَلَلاتِه، {وبَلالَتِه، مَفتوحاتٍ،} وبُلَلاتِه، بضمّ أوَّلها فَهِيَ لُغاتٌ عشرَة: أَي احتَملْتُه كَذَا فِي النُّسَخ، وَالصَّوَاب: أَي احتَمَله على مَا فِيهِ مِن العَيْبِ والإساءة أَو دارَيتُه كَذَا فِي النُّسَخ، وَالصَّوَاب: أَو داراه وَفِيه بَقِيَّةٌ مِن الوُدِّ أَو تَغافَلَ عمّا فِيه، قَالَ الشَّاعِر:
(طَوَيْنا بني بِشْرٍ علَى {بَلَلاتِهِمْ ... وذلكَ خَيرٌ مِن لِقاءِ بني بِشْرِ)
يَعْنى باللِّقاء الحَربَ. وجَمْعُ} البُلَّة: {بِلالٌ، كبُرْمَةٍ وبِرامٍ، قَالَ الراجِز: وصاحِبٍ مُرامِقٍ داجيتُهُ علَى} بِلالِ نَفْسِهِ طَوَيْتُهُ وَقَالَ حَضْرَمِي بن عَامر الأسَدِيّ:
(وَلَقَد طَوَيتُكُمُ علَى {بُلَلاتِكُمْ ... وعلمتُ مَا فِيكُم مِن الأذرابِ)
يُرْوَى بالضّمّ وبالتَّحْرِيك. يُقال: طَوَيتُ السِّقاءَ علَى} بُلُلَتِه بضمّ الْبَاء وَاللَّام وتُفْتَحُ اللّامُ أَي الأُولى: إِذا طَويْتَه وهُو نَدٍ مُبتَلٌّ قبلَ أَن يتكسَّرَ. {وبَلِلْتُ بِهِ، كفَرِح: ظَفِرْت بِهِ، وَصَارَ فِي يَدِي، حَكَاهُ الأزهريُّ، عَن الأصمَعِيّ وحدَه. وَمِنْه المَثَلُ:} بَلِلْتُ مِنْهُ بأَفْوَقَ ناصِلٍ، يُضْرَبُ للرجُلِ الكامِل الكافِي: أَي ظَفِرتُ برجُلٍ غيرِ مضَيَّعٍ وَلَا ناقِصٍ، قَالَه شَمِرٌ. أَيْضا: صَلِيتُ بِهِ وشُفِيتُ هكهذا فِي النُّسَخ وَالصَّوَاب: شَقِيتُ. (و) {بَلِلْتُ فُلاناً: لَزِمتُه ودُمتُ علَى صُحْبَتِه، عَن أبي عَمْرو. (و) } بَلِلْتُ بِه {أَبَلُّ} بَلَلاً مُحرَّكةً {وبَلالَةً كسَحابَةٍ} وبُلُولاً بالضمّ: مُنِيتُ بِهِ وعُلِّقْتُه يُقال: لَئِنْ! بُلَّتْ يَدِي بِكَ لَا تُفارِقني أَو تُؤدِّيَ حَقِّي، قَالَ عَمْرو بن أحْمَر الباهِلِيُّ:
(فإمّا زَلَّ سَرجٌ عَن مَعَدٍّ ... وأجْدَرُ بالحوادِثِ أَن تَكُونا)

(فَبِلِّى إِن {بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ ... مِن الفِتْيانِ لَا يُضْحِي بَطِينا)
وَقَالَ ذُو الرّمَّة، يصف الثَّورَ والكِلاب:)
(بَلَّتْ بِهِ غَيرَ طَيَّاشٍ وَلَا رَعِشٍ ... إذْ جُلْنَ فِي مَعْرَكٍ يُخْشَى بِهِ العَطَبُ)
وَقَالَ طَرَفةُ بن العَبد:
(إِذا ابْتَدَر القَومُ السِّلاحَ وجَدتَنِي ... مَنِيعاً إِذا} بَلَّتْ بقائِمهِ يَدِي)
{كَبَلَلْتُ، بالفَتح} أَبَلُّ {بُلُولاً، عَن أبي عَمْرو. وَمَا} بَلِلْتُ بِهِ، بالكسَر {أَبَلُّه} بَلاًّ: مَا أَصبتُه وَلَا عَلِمتُه.
{والبَلُّ: اللَّهجُ بالشيءِ وَقد بل بِهِ} بَلاًّ، قَالَ:
(وِإني {لَبَلٌّ بالقَرِينةِ مَا ارْعَوَتْ ... وَإِنِّي إِذا صَرَّمْتُها لَصَرُومُ)
قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي:} البَلّ: مَن يَمْنَعُ بالحَلِفِ مَا عِندَه مِن حُقُوقِ الناسِ وَهُوَ المَطُول، قَالَ المَرّارُ الأَسديّ:
(ذَكَرنا الدُّيُونَ فجادَلْنَنَا ... جِدالَكَ مَالا {وبَلاًّ حَلُوفا)
المالُ: الرجُلُ الغَنيُّ، يُقَال: رَجُلٌ مالٌ، وَالْوَاو مُقْحَمةٌ. وَعلي بنُ الْحسن بنِ} البَلِّ البَغدادِيّ، مُحَدِّثٌ سَمِع أَبَا الْقَاسِم الرَّبَعِيّ. وابنُ أَخِيه هبةُ الله بنُ الْحُسَيْن بنِ! البَلِّ، سَمِع قاضِيَ المارَسْتان.
وفاتَه أَبُو المُظَفَّر مُحَمَّد بن عَليّ بن البَلّ الدًّورِيّ، سَمِع من ابْن الطَّلاية، وغيرِه، وبنتُه عائشةُ، حدَّثتْ بِالْإِجَازَةِ عَن الشَّيْخ عبد القادِر. وابنُ أَخِيه عليُّ بنُ الْحُسَيْن بنِ عَليّ بن البَلّ، سَمِع من سعيد بن البَنّاء، وغيرِه. مِن المَجاز: يُقال: لَا {تَبُلُّكَ عِندَنا} بالَّةٌ، أَو {بَلالِ، كقَطامِ: أَي لَا يُصِيبُك خَيرٌ ونَدًى، قَالَت ليلى الأَخْيَلِيَّةُ:
(فَلا وأبيكَ يَا ابنَ أبي عَقِيلٍ ... تَبُلُّكَ بعدَها فِينَا} بَلالِ)

(فإنّكَ لَو كَرَرْتَ خَلاكَ ذَمٌّ ... وفارقَكَ ابنُ عَمِّكَ غير قالِي)
ابنُ أبي عَقِيل، كَانَ مَعَ تَوْبةَ حينَ قُتِل، ففَرَّ عَنهُ، وَهُوَ ابنُ عَمِّه. {وأَبَلَّ السَّمُرُ: أَثْمَر. (و) } أَبلَّ المَرِيضُ: بَرَأ مِن مَرضِه، {كبَلَّ} واسْتَبلَّ، قَالَ يصِفُ عَجُوزاً:
(صَمَحْمَحَةٌ لَا تَشْتَكي الدَّهْرَ رَأْسَها ... وَلَو نَكَزَتْها حَيَّةٌ {لأَبَلَّتِ)
(و) } أَبَلَّتْ مَطِيَّتُه علَى وَجْهها: إِذا همَتْ بالتَّخفيفِ ضالَّةً {كبَلَّتْ، كَمَا سَيَأْتِي. (و) } أَبَلَّ العُودُ: جَرَى فِيهِ الماءُ وَفِي العُباب: جَرَى فِيهِ نَبْتُ الغَيثِ. أبَلَّ الرجُلُ: ذَهَب فِي الأَرْض عَن أبي عُبيد كبَلَّ يُقال: {بَلَّتْ ناقتُه: إِذا ذَهَبتْ. (و) } أَبَلَّ الرجُلُ: أَعْيا فَساداً أَو خُبْثاً وَأنْشد أَبُو عبيد:
(أَبَلَّ فَمَا يَزْدادُ إلّا حَماقَةً ... ونَوْكاً وَإِن كَانَت كثيرا مَخارِجُهْ)
أَبلَّ عَلَيْهِ: غَلَبه وبَين عَلَيه وغَلَبه، جِناسٌ. وَقَالَ الأصمَعِي: أبَلَّ الرجُلُ: إِذا امتَنَع وغَلَب، قَالَ)
ساعِدَةُ:
(أَلا يَا فَتًى مَا عَبْدُ شَمْسٍ بمِثْلِهِ ... {يُبَلُّ علَى العادِي وتُؤْبَى المَخاسِفُ)
} والأَبَلُّ مِن الرِّجَال: الأَلَدُّ الجَدِلُ،! كالبَلِّ. أَيْضا: مَن لَا يَسْتَحْيي. قِيل: هُوَ المُمْتَنِعُ الغالِبُ. قِيل: هُوَ الشَّدِيدُ اللُّؤمِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَا عِندَه مِن اللّؤم، عَن الكِسائي. قِيل: هُوَ اللَّئيمُ المَطُولُ عَن ابْن الْأَعرَابِي الحَلَّافُ الظَّلُومُ المانِعُ مِن حُقوقِ الناسِ {كالبَلِّ وَقد تَقَدّم. قِيل: هُوَ الفاجِرُ عَن أبي عُبيدة، وَأنْشد لِابْنِ عَلَس:
(أَلا تَتَّقُون اللَّهَ يَا آلَ عامِرٍ ... وهَل يَتَّقِى اللَّهَ} الأَبَلُّ المُصَمِّمُ)
وَهِي {بَلَّاءُ، ج:} بُلٌّ بِالضَّمِّ، وَقد {بَلَّ} بَلَلاً مُحرَّكةً، فِي كلّ ذَلِك، عَن ثَعْلَب. وخَصْمٌ {مِبَلٌّ بكسرِ الْمِيم: أَي ثَبْتٌ وَقَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ الَّذِي يُتابِعُكَ على مَا تُرِيدُ. وككِتابٍ:} بِلالُ بنُ رَباحٍ أَبُو عبدِ الرَّحْمَن، وقِيل: أَبُو عبد الله، وقِيل: أَبُو عَمْرو، وَهُوَ ابنُ حَمامَةَ المؤذِّنُ، وحَمامَةُ أمُّهُ مولاةُ بني جُمَح، كَانَ مِمَّن سَبق إِلَى الْإِسْلَام، رَوى عَنهُ قَيسُ بن أبي حازِم، وابنُ أبي لَيلَى، والنَّهْدِي، مَاتَ على الصَّحِيح بدِمَشْقَ، سنةَ عشْرين. (و) {بِلالُ بنُ مالِكٍ بَعثه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلّم فِي سَرِيَّةٍ سنةَ خمس، ذكره ابنُ عبد البَرِّ. بِلالُ بن الحارِث بن عُصْم، أَبُو عبد الرَّحْمَن: المُزَنِيّان قَدِم سنةَ خمسٍ، فِي وَفْد مُزَيْنَة، وَكَانَ يَنْزِلُ الأَشْعَرَ والأَجْرَد، وراءَ الْمَدِينَة، وأقطعه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلّم العَقِيقَ، روى عَنهُ ابْنه الْحَارِث، وعَلْقمةُ بن وقَّاص، مَاتَ سنةَ سِتٍّ. بِلالٌ آخَرُ غيرُ مَنْسُوبٍ يُقَال: هُوَ الأنْصارِيّ، ويُقال: هُوَ بِلالُ بنُ سَعْد: صَحابيون، رَضِي اللَّهُ تعالَى عَنْهُم. وبلالُ آباد: ع بفارِسَ، وآبادُ، بالمَدّ، وَالْمعْنَى: عِمارَةُ بِلال.} والبُلْبُلُ، بالضّمِّ: طائِرٌ م معروفٌ وَهُوَ العَنْدَلِيبُ كَمَا فِي التَّهْذِيب، وَفِي المُحْكَم: طَائِرٌ حَسَنُ الصّوتِ، يألَفُ الحَرَمَ، ويَدْعوه أهلُ الحِجاز: النُّغَرَ. (و) {البُلْبُلُ: الرجُلُ الخَفِيفُ فِي السَّفَر المِعْوانُ. وَقَالَ أَبُو الهَيثَم: قَالَ لي أَبُو لَيلَى الْأَعرَابِي: أَنْت قُلْقُلٌ} بُلْبُلٌ: أَي ظَرِيفٌ خَفِيفٌ {- كالبُلْبُلِيِّ بِالْيَاءِ، وَهُوَ النَّدُسُ الخَفِيفُ. (و) } البُلْبُلُ: سَمَكٌ قَدْرَ الكَفِّ عَن ابنِ عَبّاد. وإبراهيمُ بن {بُلْبُلٍ عَن مُعاذِ بن هِشام. وحَفِيدُه بُلْبُلُ بن إِسْحَاق: مُحدِّثان رَوى عَن جَدّه. وإسماعيلُ بن} بُلْبُلٍ، وزيرُ المُعتمِد، مِن الكُرماء. وفاتَه بُلْبُلُ بن حَرب السَّزخَسِيّ، ويُقال: البَصْرِيّ، كانَ رفيقَ عَليّ بنِ المَدينيّ، فِي الْأَخْذ عَن سُفيانَ بن عُيَينة، وكُنيته أَبُو بكر. قَالَ الْحَافِظ: وزَعم مَسلمةُ بن قَاسم أَن اسمَه أحمدُ بن عبد الله بن مُعَاوِيَة، واسْتَغْربه ابنُ الفَرَضِيّ. {وبُلْبُل الواسِطِيُّ لَقَبُ عبدِ الله)
بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الحَدّاد، شيخ لِبَحْشَل الواسِطِي. وبُلْبُلُ بن هَارُون، بَصْرِيٌّ. وَمُحَمّد بن} بُلْبُلٍ، قَاضِي الرَّقَّة، شيخٌ لأبي بكر المُقْرِئ. وأحمدُ بن الْقَاسِم، أَبُو بكر الأنْماطِيّ، لقبه بُلْبُلٌ أَيْضا. وأحمدُ بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الواسِطِيُ، لَقبه بُلْبُلٌ، أَيْضا، رَوى عَن شاذّ بن يحيى. وسَعيدُ بن مُحَمَّد بن بُلْبُلٍ، شيخُ أحمدَ بن عَليّ الطَّحّان، حَدَّث عَنهُ فِي المُؤتلِف والمُختلِف. وَأحمد بن مُحَمَّد بن بُلْبُلٍ بن صبيح البَشِيرِيّ، روى عَنهُ أَبُو الشَّيخ، وابنُ عَدِيّ. وسَهْلُ بن إِسْمَاعِيل بن بُلْبُلٍ، أَبُو غانِم الواسِطِيُّ، رَوى عَنهُ أَبُو عَليّ بن جنكان، قَالَ خَمِيس: كَانَ صَدُوقاً،يُعْرفَ موضعُه، وَيُقَال: بِذِي بَلِيٍّ، كوَلِيٍّ، ويُكْسَر، يُقَال أَيْضا: بِذِي بَلَيانٍ، مُحرَّكةً مخفَّفةً، وبِلِيَّانٍ، بكسرتين مُشدَّدة الْيَاء، وبذِي بِلٍّ بِالْكَسْرِ، وبِذِي {بِلَّيانٍ، بِكَسْر الْبَاء وَفتح اللَّام المشدَدة، بِذي بَلَّيانٍ بِفَتْح الْبَاء وَاللَّام)
المشدَّدة، بِذِي بَلْيانٍ، بِالْفَتْح وسُكونِ اللَّام وتَخفيفِ الْيَاء فَهِيَ اثْنتا عشْرةَ لُغَةً. فِيهِ لغةٌ أُخْرَى ذكرهَا أَبُو عُبيد: يُقَال: ذَهَب فلانٌ بِذي هِلِّيانَ، وذِي} بِلَّيانَ وَهُوَ فِعْلِيان، مثل صِلِّيان وَقد يُصْرَفُ، أَي حيثُ لَا يُدْرَى أَيْن هُوَ وَأنْشد الكِسائيّ:
(يَنامُ ويَذْهَبُ الأقْوامُ حَتَّى ... يُقالَ أَتَوْا علَى ذِي {بِلِّيانِ)
يَقُول: إِنَّه أَطَالَ النَّومَ وَمضى أصحابُه فِي سَفَرهم، حتّى صَارُوا إِلَى مَوضعٍ لَا يَعرِفُ مَكانَهم مِن طُولِ نوْمِه. قَالَ ابنُ سِيدَهْ: وصَرفه على مَذهبِه. أَو هُوَ عَلَمٌ للبُعْدِ غيرُ مَصْروفٍ، عَن ابنِ جِنىِّ. أَو هُوَ ع وراءَ اليَمنِ، أَو من أعمالِ هَجَرَ، أَو هُوَ أَقْصَى الأرضِ، وَقَول خالِدِ بن الوَلِيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين خَطب الناسَ، فَقَالَ: إنّ عُمرَ رَضِي الله عَنهُ اسْتَعْملَني على الشَّام، وَهُوَ لَهُ مُهِمٌّ، فَلَمَّا أَلْقَى الشامُ بَوانِيَه وَصَارَ بَثْنيَّةً وعَسَلاً عَزلنِي واستعملَ غيرِي، فَقَالَ رجلٌ: هَذَا واللهِ هُوَ الفِتْنَةُ، فَقَالَ خالدٌ: أَما وابنُ الخَطّاب حَيٌّ فَلا، وَلَكِن ذَاك إِذا كَانَ الناسُ بِذِي} - بِلِّيٍّ وذِي {- بِلَّي. قَالَ أَبُو عُبيد: يُريدُ تَفرُّقَهم وكونَهم طوائِفَ بِلَا إمامٍ يجمعُهم وبُعْدَ بعضِهم عَن بَعْضٍ وَكَذَلِكَ كلُّ مَن بَعُدَ عَنْك حَتَّى لَا تعرِفَ مَوضعَه، فَهُوَ بِذي بِلَّي، وَهُوَ مِن} بَلَّ فِي الأَرْض، إِذا ذَهَب، أَرَادَ: ضياعَ أمورِ الناسِ بَعْدَه. يُقَال: مَا أحسَنَ بَلَلَهُ، مُحرَّكةً: أَي: تَجَمُّلَه.
! والبَلَّانُ، كشَدَّادٍ: الحَمّامُ، ج: {بَلَّاناتٌ والألفُ والنُّون زائدتان، وَإِنَّمَا يُقال: دَخلْنا البَلَّاناتِ، عَن أبي الْأَزْهَر، لِأَنَّهُ يَبُلّ بمائِه أَو بعَرَقِه مَن دَخَله، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ رَضِي الله عَنْهُمَا: سَتَفْتَحُونَ أَرْضَ العَجَمِ، وسَتجِدُونَ فِيهَا بُيوتاً يُقال لَهَا:} البَلَّاناتُ، فَمَن دَخلها وَلم يَستَتِرْ فَلَيْسَ مِنّا. قلت: وأَطْلَقوا الآنَ {البَلّانَ، علَى مَن يَخْدُم فِي الحَمّام، وَهِي عامِيَّةٌ، وَعَلِيهِ قولُهم فِي رجُلٍ اسمُه مُوسَى، وَكَانَ يَخْدُمِ فِي الحَمّام، فِيمَا أنشدَنِيه الأديب اللُّغويُّ، عبد الله بن عبد الله بن سَلامَة:
(هَيالِيَ البَلَّانُ مُوسَى ... خَلْوَةً تُحْيِي النُّفُوسا)

(قيلَ مَا تَعْمَلُ فِيها ... قُلتُ أسْتَعْمِلُ مُوسَى)
} والمُتَبلِّلُ: الأسَدُ وَسَيَأْتِي وَجْهُ تسميتِه قَرِيبا. {والبَلْبالُ بِالْفَتْح: الذِّئْبُ نقلَه الصاغانيّ. قَالَ ابنُ الأعرابيّ: الحَمَامُ المُبَلِّلُ كمُحَدِّثٍ: الدائِمُ الهَدِيرِ وَأنْشد:
(يُنَفِّزنَ بالحَيحاءِ شاءَ صُعائِدٍ ... ومِن جانِبِ الوادِي الحَمَامَ} المُبَلِّلا)
قَالَ: (و) {المُبَلِّلُ: الطاوُوسُ الصَّرَّاخُ، كشَدّادٍ أَي كثيرُ الصَّوت. (و) } البُلَلُ كَصُرَدٍ: البَذْرُ عَن ابنِ شُمَيل،)
لِأَنَّهُ {يُبَلُّ بِهِ الأرضُ. مِنْهُ قولُهم:} بَلُّوا الأرضَ: إِذا بَذَرُوها {بالبُلَلِ. (و) } البَلِيلُ كأَمِيرٍ: الصَّوْتُ قَالَ المَرّارُ الفَقْعَسِيُّ:
(دَنَوْنَ فكُلُّهُنَّ كذاتِ بَوٍّ ... إِذا خَافَتْ سَمِعْتَ لَهَا {بَلِيلا)
قولُهم: قَلِيلٌ} بَلِيلٌ: إتْباعٌ لَهُ. قَالَ ابنُ عَبّاد: يُقال: هُو! بِلُّ {أَبْلالٍ، بِالْكَسْرِ: أَي داهِيَةٌ كَمَا يُقال: صِلُّ أَصْلالٍ.} وتَبَلْبَلَت الأَلْسُنُ: أَي اخْتَلَطَتْ: قِيل: وَبِه سُمِّيَ بابلُ العِراق، وَقد ذُكِر فِي مَوْضِعه. (و) {تَبَلْبَلَت الإبِلُ الكَلأَ: أَي تَتَبَّعَتْه فَلم تَدَعْ مِنْهُ شَيْئا. (و) } البُلابِلُ كعُلابِطٍ: الرَّجُلُ الخَفِيفُ فِيمَا أَخَذ {كالبُلْبُلِ، كقُنْفُذٍ، وَقد تقدّم. ج:} بَلابِلُ بِالْفَتْح قَالَ كُثَيّر بن مُزَرِّد:
(سَتُدْرِكُ مَا تَحْمِى الحِمارَةُ وابنُها ... قَلائِصُ رَسْلاتٌ وشُعْثٌ بَلابِلُ)
والحِمارَةُ: اسمُ حَرَّةٍ، وابنُها: الجَبَلُ الَّذِي يُجاوِرُها. {والمُبِلُّ بضَمّ الْمِيم: مَن يُعْيِيكَ أَن. يُتابِعَك على مَا تُرِيد نَقله أَبُو عبيد، وَقد} أَبَلّ {إبْلالاً، وَأنْشد:
(أَبلَّ فَمَا يَزْدادُ إلّا حَماقَةً ... ونَوْكاً وَإِن كانَتْ كثيرا مَخارِجُهْ)
(و) } بُلَيلٌ كزُبَيرٍ: شَرِيعَةُ صِفِّينَ نَقله الصاغانيّ. بُلَيلٌ: اسمُ جَماعةٍ مِنْهُم بُلَيْل بنُ بِلال بن أُحَيحَةَ، أَبُو ليلى، شَهِد أُحُداً، ذكره ابنُ الدبَّاغ وَحْدَه فِي الصَّحابة. وَمَا فِي البِئرِ {بالُولٌ: أَي شَيْء مِن المَاء. (و) } البُلَلَةُ كهُمَزَةٍ: الزِّيُّ والهَيْئةُ يُقَال: إِنَّه لَحَسَنُ البُلَلَةِ، عَن ابنِ عَبّاد. قَالَ: وَكَيف {بُلَلَتُكَ} وبُلُولَتُكَ، مضمومتين: أَي كَيفَ حالُكَ. {وتَبَلَّل الأَسَدُ فَهُوَ} مُتَبَلِّلٌ: أثارَ بمَخالِبهِ الأرضَ وَهُوَ يَزْأَرُ عندَ القِتال، قَالَ أُمَيَّةُ بنِ أبي عائذٍ الْهُذلِيّ:
(تَكَنَّفَني السِّيدانِ سِيدٌ مُواثِبٌ ... وسِيدٌ يُوالِي زَأْرَه! بالتَّبَلُّلِ)
وَجَاء فِي أُبُلَّتِه، بالضمّ: أَي قَبِيلَتِه وعَشيرَتِه. وَفِي ضَبطِه قُصُورٌ بالِغٌ، فإنَّ قولَه بالضّمّ يدُلّ على أنَّ مَا بعده ساكِنٌ، واللّامُ مُخَفَّفة، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ بضمَّتين وَتَشْديد اللَّام مَعَ فتحهَا، ومَحَلّ ذَكره فِي أَب ل فَإِن الْألف أصليّة، وَقد أَشَرنَا لَهُ هُنَاكَ، فراجِعْه. {وبَلْ: حَرْفُ إضْرابٍ عَن الأوّلِ للثَّانِي إِن تَلاها جُملة، كَانَ معنى الإضْرابِ: إمَّا الإبْطالَ، ك سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ وإمّا الانتِقالَ مِن غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ آخَرَ كَقَوْلِه تَعَالَى: فَصَلَّى. بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدنْيَا وَإِن تَلَاهَا مُفْرَدٌ فَهِيَ عاطِفةٌ يُعْطَفُ بهَا الحرفُ الثَّانِي على الأوّل. ثمَّ إِن تَقدَّمها أمرٌ أَوْ إيجابٌ، كاضرِبْ زيدا} بَلْ عمرا، وَقَامَ زيدٌ بَلْ عمرٌ و، فَهِيَ تَجْعَلُ مَا قبلَها كالمَسْكُوتِ عَنهُ. وَإِن تقدَّمها نَفْع أَو نَهْيٌ فَهِيَ لتَقْرِيرِ مَا قبلَها على حالِه، وجَعْلِ ضِدِّه لِما بعدَها، وأُجِيز أَن)
تكونَ ناقِلَةً معنى النَّفْيِ والنَّهْيِ إِلَى مَا بعدَها، فيَصِحُّ أَن يُقال: مَا زيدٌ قَائِما بَلْ قاعِداً، مَا زيدٌ قائمٌ بل قاعِدٌ، وَيخْتَلف المَعْنَى. وَفِي التَّهْذِيب: قَالَ المُبَرّدُ: بَلْ حكمهَا الاستدراكُ أَيْنَمَا وَقعت، فِي جَحْدٍ أَو إِيجَاب،! وبلى يكون إِيجَابا للمَنْفِيّ لَا غيرُ. وَقَالَ الفَرّاء: بَلْ: يَأْتِي بمَعْنَيَيْن: يكون إضراباً عَن الأول، وإيجاباً للثَّانِي، كَقَوْلِك: عِنْدِي لَهُ دِينارٌ لَا بل دِيناران، وَالْمعْنَى الآخر: أَنَّهَا تُوجب مَا قبلَها وتوجب مَا بعدَها، وَهَذَا يُسَمَّى الاستدراكَ لِأَنَّهُ أَرَادَهُ فنَسِيَه، ثمّ استَدْرَكه. ومَنع الكُوفيُّون أَن يُعطَفَ بِها بعدَ غيرِ النَّهْى وشِبهِه، لَا يُقال: ضربتُ زيدا بل أَبَاك. وَقَالَ الراغِبُ: بَلْ: للتَّدارُك، وَهُوَ ضَرْبَان، ضَربٌ يُناقِضُ مَا بعدَه مَا قبلَه، لَكِن رُبّما يُقْصَد لتصحيحِ الحُكْم الَّذِي بعده إبطالُ مَا قبلَه، ورُبّما قُصِد تصحيحُ الَّذِي قبلَه وإبطالُ الثَّانِي، وَمِنْه قَوْلهوَكَذَلِكَ هَلْ قَدْ إِن شئتَ جعلتَ نُقصانَه واواً، فَقلت: بَلْوٌ، وهَلْوٌ، وقَدْوٌ وَإِن شِئْت جعلتَه يَاء، وَمِنْهُم من يَجْعَل نُقْصانَ هَذِه الحُروفِ مِثْلَ آخِرِ حُروفِها، فيُدْغِم فَيَقُول: بَلّ وهلّ وقدّ، بِالتَّشْدِيدِ.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ: بَنُو {بَلَّالٍ، كشَدَّادٍ: قَومٌ مِن ثمالَةَ، كَمَا فِي العُباب، وقالَ الأميرُ: رَهْطٌ مِن أَزْدِ السَّراة، غَدَرُوا بعُرْوةَ أخِي أبي خِراشٍ، فقَتلُوه، وأَخَذُوا مالَه، وَفِي ذلِك يَقُولُ أَبُو خِراش:
(لعن الإلهُ وَلَا أُحاشِي مَعْشَراً ... غَدَرُوا بِعُرْوَةَ مِن بني بَلَّالِ)
وَقَالَ الرُّشاطِيُّ: وَفِي مَذْحِج: بَلَّالُ بن أنس بن سَعْد العَشِيرَة، وَمن وَلَده عبدُ اللَّهِ بن ذِئاب بن الْحَارِث، شَهِد صِفِّينَ، مَعَ عَليّ رَضِي اللَّهُ تعالَى عَنهُ. وكغُرابٍ: أحمدُ بن مُحَمَّد بنِ} بُلالٍ المُرْسِيّ النَّحويُّ، كَانَ فِي أثْنَاء سنة سِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة، شرح غَرِيبَ المُصَنَّف لأبي عُبيد، ذكره ابنُ الأبّار. وَأَبُو البَسّام {- البِلَّالِيّ، حكى عَنهُ أَبُو عَليّ القالِيّ، شِعْراً. وَقَالَ الفَرّاء:} بَلَّتْ مَطِيَّته على وَجْهِها: إِذا هَمَتْ ضالَّةً، قَالَ كُثَيِّر:
(فليتَ قَلُوصِي عندَ عَزَّةَ قُيِّدَتْ ... بحَبلٍ ضعيفٍ غُرَّ مِنْهَا فضَلَّتِ)

(وغُودِرَ فِي الحَيِّ المُقيمينَ رَحْلُها ... وَكَانَ لَهَا باغٍ سِوايَ {فبَلَّتِ)
قَالَ:} والبَلَّةُ: الغِنَى. وَقَالَ غيرُه: رِيحٌ {بَلَّة: أَي فِيهَا} بَلَلٌ. {والبَلَلُ: الخِصْبُ. وقولُهم: مَا أصَاب هَلَّةَ وَلَا} بَلَّةً: أَي شَيْئا. {والبَلَلُ، مُحرََّكةً: الشَّمالُ البارِدَةُ، عَن ابنِ عَبّاد.} والبَلِيلَةُ: الرِّيحُ فِيهَا نَدًى. {والبَلِيلَةُ: الصِّحَّةُ. وَأَيْضًا: حِنْطَةٌ تُغْلَى فِي المَاء وتُؤْكَلُ. وصَفاةٌ} بَلَّاءُ: أَي مَلْساءُ. {وبَلَّةُ الشَّيْء،} وبَلَلَتُه: ثَمَرتُه، عَن ابْن عَبّاد. {والبُلْبُولُ، كسُرسُورٍ: طائِرٌ مائيٌّ أصغَرُ مِن الإِوَز.
} وبُلَيبِلٌ، مُصغَّراً: من الأَعلام. وشَبرَا {بُلُولَة: قريةٌ بمِصْرَ، وَهِي المعروفَةُ بشُرُ نْبُلالَةَ، وَسَيَأْتِي ذِكُرها. وبِلالُ بن مِرْداسٍ: مِن شُيوخ أبي حَنِيفَة، رَحمَه الله تَعَالَى. وَفِي التابِعِين مَن اسمُه بِلالٌ، كَثِيرُونَ. وبلالُ بن البَعِير المُحارِبِيّ، تقدَّم فِي ب ع ر. والشَّمْسُ مُحَمَّد بن عليٍّ العَجْلُونيّ، الْمَعْرُوف} - بالبِلالِيّ، بِالْكَسْرِ، وُلِد سنةَ وَتُوفِّي سنة، وَهُوَ مخْتَصِر الْإِحْيَاء. {والبُلَّى، كرُبَّى: تَلٌّ قَصِيرٌ قُربَ ذاتِ عِرْق، ورُبّما يُثَنَّى فِي الشِّعر.} والبِلالُ، بالكسرِ: جَمْعُ بَلَّةٍ، نادِرٌ. {والبُلَّانُ، كرُمّان: اسمٌ كالغُفْران، أَو جَمْع} البَلَلِ الَّذِي هُوَ المَصْدَر، قَالَ الشَّاعِر: والرحْمَ {فُابْلُلْها بخَيرِ} البُلّان فَإِنَّهَا اشْتُقَّتْ مِن اسْمِ الرَّحْمن {والتَّبْلالُ: الدَّوامُ وطُولُ المُكْثِ فِي كلِّ شيءٍ، وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي للرَّبيع بن ضَبُع الفَزارِيّ:
(أَلا أَيهَا الباغِي الَّذِي طالَ طِيلُهُ ... } وتَبْلالُهُ فِي الأرضِ حتَّى تَعَوَّدا)
{والبَلُّ} والبَلِيلُ: الأَنِينُ مِن التَّعب، عَن ابنِ السِّكّيت. وَحكى أَبُو تُرابٍ، عَن زَائِدَة: مَا فِيهِ {بُلالَةٌ وَلَا عُلالَة: أَي مَا فِيهِ بَقِيَّةٌ. وَفِي حَدِيث لُقمان: مَا شَيءٌ} أَبَلَّ للجِسْمِ مِن اللَّهْو أَي أشَدُّ تَصْحِيحاً ومُوافَقةً لَهُ. 

الْأَبْصَار

الْأَبْصَار: بِالْفَتْح جمع الْبَصَر وبالكسر مصدر أبْصر وَفِي الْأَبْصَار ثَلَاثَة مَذَاهِب. مَذْهَب الرياضيين. وَمذهب جُمْهُور الْحُكَمَاء الطبيعيين. وَمذهب بعض الْحُكَمَاء. أما مَذْهَب الرياضيين فَهُوَ أَن الإبصار بِخُرُوج شُعَاع من الْعين على هَيْئَة مخروطية رَأسه عِنْد مَرْكَز الْبَصَر وقاعدته عِنْد سطح المرئي المبصر وحجتهم على الْأَبْصَار بِالْخرُوجِ الْمَذْكُور أَن الْمُتَوَسّط بَين الْبَصَر وَمَا يُقَابله إِذا كَانَ جسما لطيفا لي غير مَانع لنفوذ الشعاع فِيهِأَن تِلْكَ الْحَالة حَالَة الْمُشَاهدَة لَا حَالَة التخيل. ثمَّ قَالَ فَالصَّوَاب أَن يُقَال فِي الرَّد صُورَة المرئي فِي تِلْكَ الْحَالة بَاقِيَة فِي الْحس الْمُشْتَرك وَفِيه نظر. إِذْ لَا شكّ أَن رد الِاسْتِدْلَال مناقضة مستندة وتحريره أَنا لَا نسلم قَوْله وَمَا ذَلِك إِلَّا لارتسام صُورَة المرئي فِي الباصرة وبقائها فِي الخيال لَا فِي الباصرة وَمَا ذكر فِي دفع الْمَنْع من أَن تِلْكَ الْحَالة حَالَة الْمُشَاهدَة لَا حَالَة التخيل أَيْضا مَمْنُوع بل الْأَمر بِالْعَكْسِ وَكَلَام الْمُسْتَدلّ نَاظر إِلَى هَذَا بل ظَاهر فِي أَن تِلْكَ الْحَالة شَبيهَة بِالْمُشَاهَدَةِ لَا عينهَا حَيْثُ قَالَ كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا أَي يشبه بِأَن يُشَاهِدهُ وَلَو سلم هَذَا فَلَا شُبْهَة فِي أَنه كَلَام على السَّنَد الْأَخَص فَلَا يُفِيد فِي دفع الْمَنْع وَمَعَ ذَلِك يلْزم أَن يكون قَوْله فَالصَّوَاب عين خطأ بِعَين مَا ذكر وَبِأَن يُقَال فرق بَين بَين المرتسم فِي الْحس الْمُشْتَرك والمشاهدة وَتلك الْحَالة حَالَة الْمُشَاهدَة لَا حَالَة المرتسم فِي الْحس الْمُشْتَرك فَمَا هُوَ جَوَابه فَهُوَ جَوَابنَا. وَالْحَاصِل أَنه إِن أَرَادَ بِالْمُشَاهَدَةِ الإبصار فَكَمَا أَن التخيل غَيرهَا الْحس الْمُشْتَرك أَيْضا غَيرهَا وَإِن أَرَادَ بِهِ الارتسام فَكَمَا أَن فِي الْحس الْمُشْتَرك ارتسام فِي الخيال أَيْضا كَذَلِك. وَأما مَذْهَب بعض الْحُكَمَاء فَهُوَ أَن الإبصار لَيْسَ بالانطباع وَلَا بِخُرُوج الشعاع بل بِأَن الْهَوَاء الشفاف الَّذِي بَين الْبَصَر والمرئي يتكيف بكيفية الشعاع الَّذِي فِي الْبَصَر وَيصير بذلك آلَة للإبصار. وَذكروا فِي إِبْطَاله إِنَّا نعلم بِالضَّرُورَةِ أَن الشعاع الَّذِي فِي عين العصفور بل البقة يَسْتَحِيل أَن يقوى على إِحَالَة نصف الْعَالم إِلَى كيفيته بل العصفور أَو الْفِيل إِن كَانَ كُله نورا أَو نَارا لما أحَال إِلَى كيفيته من الْهَوَاء عشرَة فراسخ فضلا عَن هَذِه الْمسَافَة الْعَظِيمَة وَإِن لم يكن هَذَا جليا عِنْد الْعقل فَلَا جلي عِنْده وَيُمكن أَن يأول كَلَامهم بِمثل تَأْوِيل الْكَلَام الرياضيين بِأَن يُقَال قَوْلهم إِن الْهَوَاء المشف الَّذِي بَين الْبَصَر والمرئي يتكيف بكيفية شُعَاع الْبَصَر أَرَادوا مِنْهُ أَن المرئي إِذا قَابل شُعَاع الْبَصَر استعد الْهَوَاء المشف الَّذِي بَينهمَا لِأَن يفِيض عَلَيْهِ من المــبدء الْفَيَّاض شُعَاع لكِنهمْ قَالُوا إِن الْهَوَاء يتكيف بكيفية شُعَاع الْبَصَر مجَازًا لحُصُول الاستعداد مِنْهُ وعَلى هَذَا لَا اسْتِحَالَة وَلَا استبعاد. وَاعْلَم أَنه قَالَ صَاحب المواقف للحكماء فِي الإبصار قَولَانِ وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف قدس سره فِي شَرحه لما كَانَ الأول وَالثَّالِث مبنيين على الشعاع عدهما قولا وَاحِدًا وَفِي شرح الهياكل أَن الفارابي فِي رِسَالَة الْجمع بَين الرايين ذهب إِلَى أَن غَرَض الْفَرِيقَيْنِ التَّنْبِيه على هَذِه الْحَالة الأدراكية وضبطها بِضَرْب من التَّشْبِيه لَا حَقِيقَة خُرُوج الشعاع وَلَا حَقِيقَة الانطباع وَإِنَّمَا اضطروا إِلَى إِطْلَاق اللَّفْظَيْنِ لضيق الْعبارَة فَافْهَم واحفظ.

العبرانيين

العبرانيين
وهم بنو إسرائيل، وكانت عنايتهم بعلوم الشرائع، وسير الأنبياء، فكان أحبارهم أعلم الناس بأخبار الأنبياء، وبدء الخليقة، وعنهم أخذ ذلك علماء الإسلام، لكنهم لم يشتهروا بعلم الفلسفة، ولغتهم تنسب إلى عابر بن شالخ، والقلم العبراني من اليمين إلى اليسار، وهو من أبجد إلى آخر قرشت، وما بعده سواقط، وهو مشتق من السرياني.

الابتداء

الابتداء: تقديم الشيء على غيره ضربا من التقديم كما قاله الراغب، أي فيطلق على ما قبل المقصود فيشمل الحمد بعد البسملة، والابتداء في الشعر أول جزء من المصراع الثاني، وفي النحو تعرية الاسم عن العوامل اللفظية للإسناد.
الابتداء:
[في الانكليزية] Beginning -Initiation
[ في الفرنسية] Commencement ،debut
هو لغة الافتتاح وفي عرف العلماء يطلق على معان منها ذكر الشيء قبل المقصود وهو المسمّى بالابتداء العرفي. ومنها ما يكون بالنسبة إلى جميع ما عداه وهو المسمّى بالابتداء الحقيقي. ومنها ما يكون بالنسبة إلى بعض ما عداه وهو المسمّى بالابتداء الإضافي، وهذا على قياس معنى القصر الحقيقي والإضافي.
فالابتداء بالبسملة حقيقي وبالتحميد إضافي. ولا يرد ما قيل إنّ كون الابتداء بالتسمية حقيقيا غير صحيح إذ الابتداء الحقيقي إنّما يكون بأوّل أجزاء البسملة، إذ الابتداء الحقيقي بالمعنى المذكور لا ينافي أن يكون بعض أجزائها متّصفا بالتقديم على البعض، كما أنّ اتّصاف القرآن بكونه في أعلى مرتبة البلاغة بالنسبة إلى ما سواه لا ينافي أن يكون بعض سوره أبلغ من بعض.
ثم الابتداء العرفي أمر ممتدّ يمكن الابتداء به بأمور متعددة من التسمية والتحميد وغيرهما، وقد يتحقّق في ضمن الابتداء الحقيقي، وقد يتحقّق في ضمن الإضافي، هكذا يستفاد من حاشية الخيالي للمولوي عبد الحكيم. ومنها مقابل الوقف كما سيجيء مع بيان أنواعه وهو من مصطلحات القرّاء. ومنها الرّكن الأوّل من المصراع الثاني على ما في المطوّل وغيره، وهذا من مصطلحات العروضيّين. ومنها الزّحاف الواقع في الصدر على ما سيجيء وهذا أيضا من مصطلحات أهل العروض. ومنها ما هو مصطلح النحاة وهو تجريد الاسم عن العوامل اللفظيّة للإسناد أي ليسند إلى شيء أو ليسند إليه شيء.
وقولهم للإسناد لإخراج التجريد الذي يكون للعدّ، فإنّ الأسماء المعدودة مجرّدة عن العوامل اللفظية لكن لا للإسناد، وذلك الاسم يسمّى بالمبتدإ وذلك الشيء يسمى بالخبر.
إن قيل التّجريد عدميّ فلا يؤثّر والابتداء من العوامل المعنويّة، والعامل لا بدّ أن يكون مؤثّرا، فالأولى أن يفسّر الابتداء بجعل الاسم في صدر الكلام تحقيقا أو تقديرا للإسناد إليه أو إسناده إلى شيء.
قلنا العوامل علامات لتأثير المتكلّم لا مؤثّرات فإنّ المؤثّر هو المتكلّم ولا محذور فيه، مع أنّ ما جعله أولى أمر اعتباري فلا يصحّ أن يكون مؤثّرا.

ثمّ المبتدأ عندهم على قسمين: أحدهما الاسم المجرّد عن العوامل اللفظيّة معنى من حيث هو اسم للإسناد إليه. والاسم أعمّ من اللفظي والتقديري فيتناول نحو: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ. والمجرّد معناه الذي لم يوجد فيه عامل أصلا حتى يئول إلى السّلب الكلّي.
واحترز به عن الاسم الذي فيه عامل لفظي كاسمي إنّ وكان. ومعنى تمييز عن المجرّد أي المجرّد عنها معنى سواء لم يكن فيه عامل لفظا نحو زيد قائم أو كان لكنه معدوم معنى وحكما بأن لا يكون مؤثّرا في المعنى كالمبتدإ المجرور بحرف الجر الزائد نحو بحسبك درهم. وقولهم من حيث هو اسم قيد للتجريد أي إنما يعتبر التجريد للإسناد إليه من حيث هو اسم. أمّا إذا كان صفة كما هو القسم الثاني فلم يعتبر فيه التجريد عنها للإسناد إليه إذ المبتدأ هو المسند في القسم الثاني، كذا قيل. وفيه أنّه إن أريد بالاسم مقابل الصفة مطلقا فلا يجب في التّجريد لأجل الإسناد أن يكون اسما بل يجوز أن يكون صفة أيضا، نحو حاتم من قريش. وإن أريد مقابل الصفة المعتمدة على الاستفهام والنفي فهو استعمال غير واقع فالأولى أن يقال إنّه قيد في المبتدأ ليدخل في تعريفه الناس في قول الشاعر:
سمعت الناس ينتجعون غيثا.
برفع الناس على حكاية الجملة. فالناس مبتدأ وهو من حيث هو اسم واحد مجرّد عن ملابسة سمعت معنى. وأمّا من حيث هو مع خبره جملة فيكون غير مجرّد عن ملابسته معنى لأنّ المسموع هو هذه الجملة. وإنما كان الناس مجرّدا عن ملابسته معنى لأنّ المراد على تقدير رفعه حكاية الجملة فلا يكون بسمعت تأثير في الناس وحده، كما كان لباب علمت تأثير في كلّ واحد من جزئي الجملة، لأنّ المراد منه مضمونها. وإنما قيّد التّجريد بالإسناد إليه إذ لو جرّد لا للإسناد لكان حكمه حكم الأصوات التي ينعق بها غير معربة، وفيه احتراز عن الخبر وعن القسم الثاني. وثانيهما الصفة المتعمدة على أحد ألفاظ الاستفهام والنفي رافعة لاسم ظاهر أو ما يجري مجراه من الضمير المنفصل، نحو: أقائم الزيدان وأَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي. والمراد بالصفة أعمّ من الوصف المشتقّ كضارب ومضروب وحسن أو جارية مجراها كقريشي. وإنما قلنا أحد ألفاظ الاستفهام والنفي ولم نقل على أحد حرفي الاستفهام والنفي لأنّ الشّرط الاعتماد على الاستفهام حرفا كان أو اسما متضمّنا له كمن وما، وعلى النفي سواء كان مستفادا من حرفه أو ما هو بمعناه نحو إنما قائم الزيدان. وقولنا رافعة لظاهر احتراز عن نحو: أقائمان الزيدان لأن قائمان رافع لضمير عائد إلى الزيدان، ولو كان رافعا لهذا الظاهر لم يجز تثنيته. وعن سيبويه جواز الابتداء بالصّفة بلا اعتماد مع قبح نحو: قائم زيد. والأخفش يرى ذلك حسنا.
وعن البعض جواز الابتداء باسم الفعل نحو:
هيهات زيد، فهيهات مبتدأ وزيد فاعل سادّ مسدّ الخبر.
واعلم أنّ العامل في المبتدأ والخبر عند البصريين هو الابتداء. وأما عند غيرهم، فقال بعضهم الابتداء عامل في المبتدأ والمبتدأ في الخبر. وقال بعضهم كلّ واحد منهما عامل في الآخر. وعلى هذا لا يكونان مجرّدين عن العوامل اللفظية، وعلى القول الثاني لا يكون الخبر فقط مجرّدا عنها. هذا كله خلاصة ما في العباب والإرشاد والفوائد الضيائية وغيرها.
الابتداء:
* الابتداء الحقيقي، وهو أول ما يظهر من المتكلم وليس قبله شيء، ويكون عند بدء القراءة فقط.
* معاودة القراءة بعد وقف، وعليه جرى عمل العلماء في تسمية (علم الوقف والابتداء)، حيث قدموا اسم (الوقف) على اسم (الابتداء)، لأن كلامهم في الوقف الناشئ عن الوصل، وفي الابتداء الناشئ عن الوقف وهو يستأنف بعده، ولذلك يُطلَق على الابتداء: (الائتناف)، وبذلك سمّى أبو جعفر النحاس (ت 338 هـ) كتابه (القطع والائتناف).

الإرادة

الإرادة:
[في الانكليزية] Will
[ في الفرنسية] Volonte
هي في اللغة نزوع النفس وميلها إلى الفعل بحيث يحملها عليه. والنزوع الاشتياق، والميل المحبة والقصد، فعطف الميل على النزوع للتفسير. قيل وفائدته الإشارة إلى أنها ميل غير اختياري، ولا يشترط في الميل أن يكون عقيب اعتقاد النفع كما ذهب إليه المعتزلة، بل مجرد أن يكون حاملا على الفعل بحيث يستلزمه، لأنه مخصّص للوقوع في وقت ولا يحتاج إلى مخصّص آخر. وقوله بحيث متعلق بالميل، و [معنى] حمل الميل للنفس على الفعل جعلها متوجهة لإيقاعه. وتقال أيضا للقوة التي هي مبدأ النزوع، وهي الصفة القائمة بالحيوان التي هي مبدأ الميل إلى أحد طرفي المقدور.
والإرادة بالمعنى الأول أي بمعنى الميل الحامل على إيقاع الفعل وإيجاده تكون مع الفعل وتجامعه وأن تقدم عليه بالذات، وبالمعنى الثاني أي بمعنى القوة تكون قبل الفعل، وكلا المعنيين لا يتصوّر في إرادته تعالى. وقد يراد بالإرادة مجرد القصد عرفا، ومن هذا القبيل إرادة المعنى من اللفظ. وقال الإمام: لا حاجة إلى تعريف الإرادة لأنها ضرورية، فإنّ الإنسان يدرك بالبداهة التفرقة بين إرادته وعلمه وقدرته وألمه ولذّته.
وقال المتكلّمون إنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا في الوقوع بل في الإيقاع، واحترز بالقيد الأخير عن القدرة، كذا ذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا في أوائل سورة البقرة. وقال في شرح المواقف: الإرادة من الكيفيات النفسانية، فعند كثير من المعتزلة هي اعتقاد النفع أو ظنه. قالوا إن نسبة القدرة إلى طرفي الفعل على السوية، فإذا حصل اعتقاد النفع أو ظنه في أحد طرفيه ترجّح على الآخر عند القادر وأثّرت فيه قدرته.
وعند بعضهم الاعتقاد أو الظنّ هو المسمّى بالداعية. وأما الإرادة فهي ميل يتبع ذلك الاعتقاد أو الظنّ، كما أن الكراهة نفرة تتبع اعتقاد الضرر أو ظنه، فإنّا نجد من أنفسنا بعد اعتقاد أنّ الفعل الفلاني فيه جلب أو دفع ضرر ميلا إليه مترتبا على ذلك الاعتقاد، وهذا الميل مغاير للعلم بالنفع أو دفع الضرر ضرورة.
وأيضا فإن القادر كثيرا ما يعتقد النفع في فعل أو يظنه، ومع ذلك لا يريده ما لم يحصل له هذا الميل.
وأجيب عن ذلك بأنّا لا ندّعي أنّ الإرادة اعتقاد النفع أو ظنه مطلقا، بل هي اعتقاد نفع له أو لغيره ممن يؤثر خيره بحيث يمكن وصوله إلى أحدهما بلا ممانعة مانع من تعب أو معارضة. والميل المذكور إنما يحصل لمن لا يقدر على الفعل قدرة تامة، بخلاف القادر التام القدرة، إذ يكفيه العلم والاعتقاد على قياس الشوق إلى المحبوب، فإنه حاصل لمن ليس واصلا إليه دون الواصل إذ لا شوق له.
وعند الأشاعرة هي صفة مخصّصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع في وقت معين، والميل المذكور ليس إرادة، فإن الإرادة بالاتفاق صفة مخصّصة لأحد المقدورين بالوقوع، وليست الإرادة مشروطة باعتقاد النفع أو بميل يتبعه، فإن الهارب من السبع إذا ظهر له طريقان متساويان في الإفضاء إلى النجاة فإنه يختار أحدهما بإرادته ولا يتوقف في ذلك الاختيار على ترجيح أحدهما لنفع يعتقده فيه ولا على ميل يتبعه انتهى. وفي البيضاوي والحق أنّ الإرادة ترجيح أحد مقدوريه على الآخر وتخصيصه بوجه دون وجه، أو معنى يوجب هذا الترجيح، وهي أعم من الاختيار، فإنه ميل مع تفضيل انتهى. أي تفضيل أحد الطرفين على الآخر كأنّ المختار ينظر إلى الطرفين والمريد ينظر إلى الطرف الذي يريده، كذا في شرح المقاصد. والمراد من الميل مجرّد الترجيح لا مقابل النفرة.

وقال الخفّاجي في حاشيته ما حاصله: إن هذا مذهب أهل السنّة، فهي صفة ذاتية قديمة وجودية زائدة على العلم ومغايرة له وللقدرة.
وقوله بوجه الخ، احتراز عن القدرة، فإنّها لا تخصّص الفعل ببعض الوجوه، بل هي موجدة للفعل مطلقا، وليس هذا معنى الاختيار كما توهم، بل الاختيار الميل أي الترجيح مع التفضيل، وهو أي التفضيل كونه أفضل عنده ممّا يقابله لأن الاختيار أصل وضعه افتعال من الخير. ولذا قيل: الاختيار في اللغة ترجيح الشيء وتخصيصه وتقديمه على غيره وهو أخصّ من الإرادة والمشيئة. نعم قد يستعمل المتكلمون الاختيار بمعنى الإرادة أيضا حيث يقولون إنه فاعل بالاختيار وفاعل مختار. ولذا قيل: لم يرد الاختيار بمعنى الإرادة في اللغة، بل هو معنى حادث، ويقابله الإيجاب عندهم، وهذا إمّا تفسير لإرادة الله تعالى أو لمطلق الإرادة الشاملة لإرادة الله تعالى؛ وعلى هذا لا يرد عليه اختيار أحد الطريقين المستويين، وأحد الرغيفين المتساويين للمضطر لأنّا لا نسلّم ثمّة أنّه اختيار على هذا، ولا حاجة إلى أن يقال إنه خارج عن أصله لقطع النظر عنه. وقد أورد على المصنّف أنّ الإرادة عند الأشاعرة الصفة المخصّصة لأحد طرفي المقدور وكونها نفس الترجيح لم يذهب إليه أحد. وأجيب بأنه تعريف لها باعتبار التعلّق، ولذا قيل: إنها على الأول مع الفعل وعلى الثاني قبله، أو أنه تعريف لإرادة العبد انتهى.
ثم اعلم أنّه قال الشيخ الأشعري وكثير من أصحابه: إرادة الشيء كراهة ضدّه بعينه، والحق أن الإرادة والكراهة متغايرتان، وحينئذ اختلفوا، فقال القاضي أبو بكر والغزالي: إنّ إرادة الشيء مع الشعور بضدّه يستلزم كون الضدّ مكروها عند ذلك المريد، فالإرادة مع الشعور بالضدّ مستلزمة لكراهة الضدّ، وقيل لا تستلزمها، كذا في شرح المواقف.
وعند السالكين هي استدامة الكدّ وترك الراحة كما في مجمع السلوك. قال الجنيد:
الإرادة أن يعتقد الإنسان الشيء ثم يعزم عليه ثم يريده. والإرادة بعد صدق النيّة، قال عليه الصلاة والسلام: «لكل امرئ ما نوى» كذا في خلاصة السلوك. وقيل الإرادة الإقبال بالكليّة على الحقّ والإعراض عن الخلق، وهي ابتداء المحبة كذا في بعض حواشي البيضاوي.

فائدة:
الإرادة مغايرة للشهوة، فإن الإنسان قد يريد شرب دواء كريه فيشربه ولا يشتهيه، بل يتنفّر عنه، وقد تجتمعان في شيء واحد فبينهما عموم من وجه. وكذا الحال بين الكراهة والنفرة إذ في الدواء المذكور وجدت النفرة دون الكراهة المقابلة للإرادة، وفي اللذيذ الحرام يوجد الكراهة من الزهاد دون النفرة الطبعية، وقد تجتمعان أيضا في حرام منفور عنه.

فائدة:
الإرادة غير التمنّي فإنها لا تتعلّق إلّا بمقدور مقارن لها عند أهل التحقيق، والتمنّي قد يتعلّق بالمحال الذاتي وبالماضي: وقد توهم جماعة أن التمني نوع من الإرادة حتى عرّفوه بأنه إرادة ما علم أنه لا يقع أو شكّ في وقوعه. واتفق المحققون من الأشاعرة والمعتزلة على أنهما متغايران.

فائدة:
الإرادة القديمة توجب المراد، أي إذا تعلّقت إرادة الله تعالى بفعل من أفعال نفسه لزم وجود ذلك الفعل وامتنع تخلّفه عن إرادته اتفاقا من الحكماء وأهل الملّة. وأمّا إذا تعلّقت بفعل غيره ففيه خلاف. المعتزلة القائلين بأن معنى الأمر هو الإرادة فإنّ الأمر لا يوجب وجود المأمور به كما في العصاة.
وأمّا الإرادة الحادثة فلا توجبه اتفاقا، يعني أنّ إرادة أحدنا إذا تعلّقت بفعل من أفعاله فإنها لا توجب ذلك المراد عند الأشاعرة، وإن كانت مقارنة له عندهم، ووافقهم في ذلك الجبائي وابنه وجماعة من المتأخرين من المعتزلة. وجوّز النّظام والعلّاف وجعفر بن حرب وطائفة من قدماء معتزلة البصرة إيجابها للمراد إذا كانت قصدا إلى الفعل، وهو أي القصد ما نجده من أنفسنا حال الإيجاد، لا عزما عليه، ليقدم العزم على الفعل، فلا يتصوّر إيجابه إياه؛ فهؤلاء أثبتوا إرادة متقدّمة على الفعل بأزمنة هي العزم ولم يجوّزوا كونها موجبة، وإرادة مقارنة له هي القصد وجوّزوا إيجابها إياه. وأمّا الأشاعرة فلم يجعلوا العزم من قبيل الإرادة، بل أمرا مغايرا لها.
اعلم أنّ العلماء اختلفوا في إرادته تعالى، فقال الحكماء: إرادته تعالى هي علمه بجميع الموجودات من الأزل إلى الأبد، وبأنه كيف ينبغي أن يكون نظام الوجود حتى يكون على الوجه الأكمل، وبكيفية صدوره عنه تعالى حتى يكون الموجود على وفق المعلوم على أحسن النّظام، من غير قصد وشوق، ويسمون هذا العلم عناية. قال ابن سينا: العناية هي إحاطة علم الأول تعالى بالكلّ وبما يجب أن يكون عليه الكلّ حتى يكون على أحسن النظام، فعلم الأول بكيفية الصواب في ترتيب وجود الكلّ منبع لفيضان الخير والجود في الكلّ من غير انبعاث قصد وطلب من الأول الحقّ. وقال أبو الحسين وجماعة من رؤساء المعتزلة كالنّظام والجاحظ والعلّاف وأبي القاسم البلخي وو محمود الخوارزمي: إرادته تعالى علمه بنفع في الفعل، وذلك كما يجده كلّ عاقل من نفسه إن ظنّه، أو اعتقاده لنفع في الفعل، يوجب الفعل؛ ويسميه أبو الحسين بالداعية، ولما استحال الظنّ والاعتقاد في حقّه تعالى انحصرت داعيته في العلم بالنفع. ونقل عن أبي الحسين وحده أنّه قال: الإرادة في الشاهد زائدة على الدّاعي، وهو الميل التّابع للاعتقاد أو الظنّ.

وقال الحسين النّجّار: كونه تعالى مريدا أمر عدميّ، وهو عدم كونه مكرها ومغلوبا، ويقرب منه ما قيل: هي كون القادر غير مكره ولا ساه.

وقال الكعبي: هي في فعله العلم بما فيه من المصلحة، وفي فعل غيره الأمر به.
وقال أصحابنا الأشاعرة ووافقهم جمهور معتزلة البصرة: إنها صفة مغايرة للعلم والقدرة، توجب تخصيص أحد المقدورين بالوقوع بأحد الأوقات، كذا في شرح المواقف. ويقرب منه ما قال الصوفية على ما وقع في الإنسان الكامل من أنّ الإرادة صفة تجلّي علم الحقّ على حسب المقتضى الذاتي، وذلك المقتضى هو الإرادة، وهي تخصيص الحقّ تعالى لمعلوماته بالوجود على حسب ما اقتضاه العلم، فهذا الوصف فيه يسمّى إرادة. والإرادة المخلوقة فينا هي عين إرادته تعالى، لكن بما نسبت إلينا، كان الحدوث اللازم لنا لازما لوصفنا، فقلنا بأنّ إرادتنا مخلوقة، وإلّا فهي بنسبتها إلى الله تعالى عين إرادته تعالى، وما منعها من إبراز الأشياء على حسب مطلوباتها إلّا نسبتها إلينا، وهذه النسبة هي المخلوقية، فإذا ارتفعت النسبة التي لها إلينا ونسبت إلى الحقّ على ما هي عليه انفعلت بها الأشياء، فافهم. كما أنّ وجودنا بنسبته إلينا مخلوق وبنسبته إليه تعالى قديم، وهذه النسبة هي الضرورية التي يعطيها الكشف والذوق، إذ العلم قائم مقام العين، فما ثم إلّا هذا فافهم.
واعلم أنّ الإرادة الإلهية المخصّصة للمخلوقات على كل حال وهيئة صادرة عن غير علّة ولا سبب، بل بمحض اختيار إلهي، لأن الإرادة حكم من أحكام العظمة ووصف من أوصاف الألوهية، فألوهيته وعظمته لنفسه لا لعلّة، وهذا بخلاف رأي الإمام محي الدين في الفتوحات، فإنه قال: لا يجوز أن يسمّى الله تعالى مختارا فإنه لا يفعل شيئا بالاختيار، بل يفعله على حسب ما يقتضيه العالم من نفسه، وما اقتضاه العالم من نفسه إلّا هذا الوجه الذي هو عليه، فلا يكون مختارا، انتهى.
واعلم أيضا أنّ الإرادة أي الإرادة الحادثة لها تسعة مظاهر في المخلوقات، المظهر الأول هو الميل، وهو انجذاب القلب إلى مطلوبه، فإذا قوي ودام سمّي ولعا وهو المظهر الثاني.
ثم إذا اشتدّ وزاد سمّي صبابة، وهو إذا أخذ القلب في الاسترسال فيمن يحبّ فكأنّه انصبّ الماء إذا أفرغ لا يجد بدّا من الانصباب، وهذا مظهر ثالث. ثم إذا تفرّغ له بالكليّة وتمكّن ذلك منه سمّي شغفا، وهو المظهر الرابع. ثم إذا استحكم في الفؤاد وأخذه من الأشياء سمّي هوى، وهو المظهر الخامس. ثم إذا استولى حكمه على الجسد سمّي غراما، وهو المظهر السادس. ثم إذا نمى وزالت العلل الموجبة للميل سمّي حبّا، وهو المظهر السابع. ثمّ إذا هاج حتى يفنى المحبّ عن نفسه سمّي ودّا، وهو المظهر الثامن. ثم إذا طفح حتى أفنى المحبّ والمحبوب سمّي عشقا، وهو المظهر التاسع. انتهى كلام الإنسان الكامل.
الإرادة: صفة توجب للحي حالاً يقع منه الفعل على وجه دون وجه.
الإرادة: صفة توجب للحي حالا يقع منه الفعل على وجه دون وجه ولا يتعلق دائما إلا بمعدوم فإنها صفة تخصص أمرا بحصوله ووجوده، ذكره ابن الكمال. وقال الراغب: في الأصل قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعلت اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم بأنه ينبغي أن يفعل أولا ثم يستعمل مرة في المبدأ وهو نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى وهو الحكم فيه بأنه استعملت في الله أريد المنتهى دون المبدأ لتعاليه عن معنى النزوع، فمعنى أراد الله كذا حكم فيه أنه كذا وليس كذا، وقد يراد بالإرادة معنى الأمر نحو أريد منك كذا ومعنى القصد نحو {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا} .
وعند الصوفية الإرادة ترك العادة، وهي بدء طريق السالكين وأول منازل القاصدين وقيل هو توديع الوسادة وأن يحمل من الوقت زاده وأن يألف سهاده وأن يهجر رقاده، وقيل: لوعة تهون كل روعة.

الرجع

الرجع: عود الشيء عند انتهاء غايته إلى مبدئها، ذكره الحرالي. وقال ابن الكمال: حركة ثانية في سمت واحد لكن على مسافة الأولى بعينها بخلاف الانعطاف. وقال الراغب: العود إلى ما كان منه الــبدء. مكانا أو فعلا أو قولا.
(الرجع) الروث وَمَا يخرج على رَأس الْمَوْلُود كَأَنَّهُ مخاط وَالْمَاء والمطر بعد الْمَطَر وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} والفائدة وَالْمَنْفَعَة والغدير وَجَوَاب الرسَالَة وَرجع الصَّوْت صداه ونبات الرّبيع وَمن الأَرْض مَا امْتَدَّ فِيهِ السَّيْل وَمن الْكَتف أَسْفَلهَا (ج) رجاع ورجعان

الرد

الرد: الرجوع إلى ما كان منه بدء المذهب، ذكره الحرالي، وقال مرة: الرد كف يكره لما شأنه الإقبال برفق وقال الراغب: صرف الشيء بذاته أو بحالة من الحالات، فمن الرد بالذات قوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا} . ومن الرد إلى حالة كان عليها {يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم} ، والردة تختص بالكفر، والارتداد فيه وفي غيره.

القرآن

القرآن:
[في الانكليزية] The Koran
[ في الفرنسية] Le Coran
بالضم اختلف فيه. فقيل هو اسم علم غير مشتقّ خاصّ بكلام الله فهو غير مهموز وبه قرأ ابن كثير وهو مروي عن الشافعي. وقيل هو مشتقّ من قرنت الشيء بالشيء سمّي به لقران السور والآيات والحروف فيه. وقال الفرّاء هو مشتقّ من القرائن وعلى كلّ تقدير فهو بلا همزة ونونه أصلية. وقال الزجاج هذا سهو والصحيح أنّ ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها. واختلف القائلون بأنّه مهموز، فقيل هو مصدر لقرأت سمّي به الكتاب المقروء من باب تسميته بالمصدر. وقيل هو وصف على فعلان مشتق من القرء بمعنى الجمع كذا في الاتقان. قال أهل السّنّة والجماعة: القرآن ويسمّى بالكتاب أيضا كلام الله تعالى غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا محفوظ في قلوبنا مقروء بألسنتنا مسموع بآذاننا غير حالّ فيها أي مع ذلك ليس حالّا في المصاحف ولا في القلوب والألسنة والآذان، لأنّ كلام الله ليس من جنس الحروف والأصوات لأنّها حادثة، وكلام الله صفة أزلية قديمة منافية للسكوت الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه والآفة التي هي عدم مطاوعة الآلات بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى يلفظ ويسمع بالنّظم الدّال عليه ويحفظ بالنظم المخيل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه، كما يقال النار جوهر محرق يذكر باللفظ ويكتب بالقلم ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا. وتحقيقه أنّ للشيء وجودا في الأذهان ووجودا في الكتابة. فالكتابة تدلّ على العبارة وهي على ما في الأذهان وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم كقولنا القرآن غير مخلوق فالمراد حقيقته الموجودة في الخارج، وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات يراد به الألفاظ المنطوقة المسموعة كقولك قرأت نصف القرآن أو المخيلة كقولك حفظت القرآن أو الأشكال كقولك يحرم للمحدث مسّ القرآن. ثم الكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى يجوز أن يسمع وهو مذهب الأشعري ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني، وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله تعالى. فمعنى قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يسمع ما يدلّ عليه كما يقال سمعت علم فلان. فموسى صلوات الله عليه سمع صوتا دالّا على كلام الله، لكن لمّا كان بلا واسطة الكتاب والملك خصّ باسم الكليم. وقيل خصّ به لما سمعه من جميع الجهات على خلاف المعتاد. وأمّا من يجوّز سماعه فهو يقول خصّ به لأنّه سمع كلامه الأزلي بلا حرف وصوت كما يرى ذاته تعالى في الآخرة بلا كمّ ولا كيف.
فإن قيل لو كان كلام الله حقيقة في المعنى القديم مجازا في النّظم المؤلّف يصحّ نفيه عنه بأن يقال ليس النّظم كلام الله والإجماع على خلافه، وأيضا المعجز هو كلام الله حقيقة مع القطع بأنّ الإعجاز إنّما يتصوّر في النظم.
قلنا التحقيق أنّ كلام الله تعالى مشترك بين الكلام النفسي القديم ومعنى الإضافة كونه صفة له تعالى وبين اللفظي الحادث، ومعنى الإضافة حينئذ أنّه مخلوق له تعالى ليس من تأليفات المخلوقين، فلا يصحّ النفي أصلا ولا يكون الإعجاز إلّا في كلام الله تعالى. وما وقع في عبارة بعض المشايخ من أنّه مجاز فليس معناه أنّه غير موضوع للنظم بل إنّ الكلام في التحقيق وبالذات اسم للمعنى القائم بالنفس وتسمية اللفظ به وضعه لذاك إنّما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية باعتبار معنى مجازي يكون حقيقة أيضا، كما يكون باعتبار معنى حقيقي. ويؤيّد هذا ما وقع في شرح التجريد من أنّه لا نزاع في إطلاق اسم القرآن وكلام الله بطريق الاشتراك على المعنى القائم بالنفس القديم وعلى المؤلّف الحادث وهو المتعارف عند العامة والقراء والأصوليين والفقهاء وإليه يرجع الخواص التي هي من صفات الحادث. وإطلاق هذين اللفظين عليه ليس بمجرد أنّه دالّ على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان الإطلاق بحاله، بل لأنّ له اختصاصا به تعالى وهو أنّه اخترعه بأن أوجد أولا الأشكال في اللوح المحفوظ لقوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ والأصوات في لسان الملك لقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ثم اختلفوا، فقيل القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص القائم بأوّل لسان اخترعه الله تعالى فيه، حتى إنّ ما يقرأه كلّ أحد سواه بلسان يكون مثله لا عينه. والأصحّ أنّه اسم له لا من حيث تعيّن المحلّ فيكون واحدا بالنوع ويكون ما يقرأه القارئ أيّ قارئ كان نفسه لا مثله، وهكذا الحكم في كلّ متغيّر وكتاب ينسب إلى مؤلّفه. وعلى التقديرين فقد يجعل اسما للمجموع بحيث لا يصدق على البعض وقد يجعل اسما بمعنى كلّ صادق على المجموع وعلى كلّ بعض من أبعاضه.
وبالجملة فما يقال إنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكل لسان كلام الله، فباعتبار الوحدة النوعية. وما يقال إنّه حكاية عن كلام الله ومماثل له وإنّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية. وما يقال إنّ كلام الله ليس قائما بلسان أو قلب ولا حالّا في مصحف فيراد به الكلام الحقيقي النفسي. ومنعوا من القول بحلول اللفظي أيضا رعاية للتأدّب واحترازا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي النفسي، على أنّ إطلاق اسم المدلول على الدّال وكذا إجراء صفات الدّال على المدلول شائع ذائع مثل: سمعت هذا المعنى من فلان انتهى كلامه. وقال صاحب المواقف إنّ المعنى من قول مشايخنا كلام الله تعالى معنى قديم ليس المراد به مدلول اللفظ بل الأمر القائم بالغير فيكون الكلام النفسي عندهم أمرا شاملا للفظ والمعنى جميعا قائما بذاته تعالى وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة. وما يقال من أنّ الحروف والألفاظ مترتّبة متعاقبة فجوابه أنّ ذلك الترتّب إنما هو في التلفّظ بسبب عدم مساعدة الآلة، فالتلفّظ حادث والأدلة الدالة على الحدوث يجب حملها على حدوثه دون حدوث الملفوظ جمعا بين الأدلة انتهى. قيل عليه القول بأنّ ترتّب الحروف إنّما هو في التلفّظ دون الملفوظ، فالتلفّظ حادث دون الملفوظ أمر خارج عن العقل وما ذلك إلّا مثل أن يتصوّر حركة تكون أجزاؤها مجتمعة في الوجود لا يكون لبعضها تقدّم على بعض، ويندفع بما قيل إنّ المراد بالملفوظ هو اللفظ القائم به تعالى وبالتلفّظ اللفظ القائم بنا عبّر عنه بالتلفّظ، فرقا بينهما وإشعارا بأنّ اللفظ الحادث كالنسبة المصدرية لكونه غير قارّ، ولولا هذا الاعتبار لكان القول بقدم الملفوظ دون التلفّظ تناقضا، وبه يندفع من أنّ حمل المعنى على الأمر القائم بالغير بعيد جدا لأنّ الأدلة إنّما تدلّ على حدوث ماهية القرآن لا حدوث التلفّظ لأنّه ليس بقرآن، وذلك لأنّ اللفظ يعدّ واحدا في المحال كلها وتباينه إنّما هو بتباين الهيئات. فاللفظ القائم بنا وبه تعالى واحد حقيقة، والأول حادث والثاني قديم.
فإن قيل يفهم من هذا التوجيه أنّه لا ترتّب في اللفظ القائم بذاته تعالى فيلزم عدم الفرق بين لمع وعلم. قيل ترتّب الكلمات وتقدّم بعضها على بعض لا يقتضي الحدوث لأنّ التقدّم ربما لا يكون زمانيا كالحروف المنطبعة في شمعة دفعة من الطابع عليه، وقد يمثل أيضا بوجود الألفاظ في نفس الحافظ فإنّ جميعها مع الترتيب المخصوص مجتمعة الوجود فيها وليس وجود بعضها مشروطا بانقضاء البعض وانعدامه عن نفسه. والفرق بأنّ وجود الحرف على هذا الوجه في ذاته تعالى بالوجود العيني وفي نفس الحافظ بالظلّي لا يضرّ إذ الغرض منه مجرّد التصوير والتفهيم لا إثباته بطريق التمثيل، فحينئذ يكون الحاصل أنّ الترتيب المقتضي للحدوث إنّما هو في التلفّظ أي اللفظ القائم بنا، هذا غاية توجيه المقام فافهم.
فائدة:
في بيان كيفية الإنزال قال في الاتقان وفيه مسائل. الأولى قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال. الأول وهو الأصح الأشهر أنّه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجّما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة.
الثاني أنّه نزل إلى سماء الدنيا في عشرين ليلة القدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، في كلّ ليلة ما يقدر الله إنزاله في كلّ سنة، ثم نزل بعد ذلك منجّما في جميع السنة، وهذا القول ذكره الرازي بطريق الاحتمال ثم توقّف. هل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبى عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على أنّه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدنيا. الثالث أنّه ابتدأ انزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجّما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات، وبه قال الشعبي. قال ابن حجر والأول هو الصحيح المعتمد. قال وحكى الماوردي قولا رابعا أنّه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة وأنّ الحفظة نجّمته على جبرئيل في عشرين ليلة وأنّ جبرئيل نجّمه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عشرين سنة، والمعتمد أنّ جبرئيل كان يعارضه في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة. قال أبو شامة:
نزوله جملة إلى سماء الدنيا قبل ظهور نبوّته ويحتمل أن يكون بعدها، قيل الظاهر هو الثاني. قيل السرّ في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا تفخيم أمره وأمر من نزل عليه وذلك بإعلام سكان السموات السبع أنّ هذا آخر الكتب المنزّلة على خاتم الرسل أشرف الأمم قد قرّبناه إليهم لننزّله عليهم، ولولا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجّما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزّلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين إنزاله جملة ثم إنزاله مفرّقا تشريفا للمنزّل عليه. وقيل إنزاله منجّما لأنّ الوحي إذا كان يتجدّد في كلّ حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه فيحدث له من السرور ما يقصر عنه العبارة. والثانية في كيفية الإنزال والوحي.
قال الأصفهاني اتفق أهل السّنة والجماعة على أنّ كلام الله منزّل واختلفوا في معنى الإنزال.
فمنهم من قال إظهار القراءة، ومنهم من قال إنّ الله تعالى ألهم كلامه جبرئيل وهو في السماء وهو عال من المكان وعلّمه قراءته ثم جبرئيل أدّاه إلى الأرض وهو يهبط في المكان. وفي التنزيل طريقان أحدهما أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم انخلع من الصورة البشرية إلى الصورة الملكية وأخذه من جبرئيل، ثانيهما أنّ الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذه الرسول منه، والأوّل أصعب الحالين. وقال القطب الرازي إنزال الكلام ليس مستعملا في المعنى اللغوي الحقيقي وهو تحريك الشيء من العلو إلى السفل بل هو مجاز. فمن قال بقدمه فإنزاله أن يوجد الكلمات والحروف الدّالّة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال بحدوثه وأنّه هو الألفاظ فإنزاله مجرّد إثباته في اللوح المحفوظ. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في سماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ والمراد بإنزال الكتب على الرسل أن يتلقّفها الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظها من اللوح المحفوظ وينزل بها فيلقيها عليهم.

وقال غيره فيه ثلاثة أقوال: الأول أنّ المنزّل هو اللفظ والمعنى وأنّ جبرئيل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به، وذكر بعضهم أنّ أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف، وأنّ تحت كلّ حرف منها معان لا يحيط بها إلّا الله. الثاني أنّ جبرئيل عليه السلام إنّما نزل بالمعاني خاصة وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم علم تلك المعاني وعبّر عنها بلغة العرب لقوله تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ، الثالث أنّ جبرئيل ألقى عليه المعنى وأنّه عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم أنّه نزل به كذلك بعد ذلك. وقال الجويني كلام الله المنزّل قسمان. قسم قال الله تعالى لجبرئيل قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إنّ الله يقول افعل كذا وكذا وأمر بكذا وكذا، ففهم جبرئيل ما قاله ربّه ثم نزل على ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ما قاله ربّه، ولم تكن العبارة تلك العبارة كما يقول الملك لمن يثق به قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع الجند للقتال، فإن قال الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي واجمع الجند وحثّهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة. وقسم آخر قال الله تعالى لجبرئيل اقرأه على النبي هذا الكتاب فنزل جبرئيل بكلمة الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلّمه إلى أمين ويقول اقرأه على فلان فهو لا يغيّر منه كلمة ولا حرفا. قيل القرآن هو القسم الثاني والقسم الأول هو السّنّة. كما ورد أنّ جبرئيل كان ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. ومن هاهنا جاز رواية السّنّة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه بالمعنى ولم تجز القراءة بالمعنى لأنّ جبرئيل أدّاه باللفظ. والسّرّ في ذلك أنّ المقصود منه التعبّد بلفظه والإعجاز به وأنّ تحت كلّ حرف منه معان لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، والتخفيف على الأمة حيث جعل المنزّل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظ الموحى به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كلّه مما يروى باللفظ لشقّ أو بالمعنى لم يؤمن من التبديل والتحريف. الثالثة للوحي كيفيات. الأولى أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس كما في الصحيح وفي مسند احمد (عن عبد الله بن عمر سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تحسّ بالوحي؟ فقال أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك. فما من مرّة يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تقبض). قال الخطابي المراد أنّه صوت متداول يسمعه ولا يتبينه أوّل ما يسمعه حتى يفهمه بعد. وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك، والحكمة في تقدّمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكانا لغيره. وفي الصحيح أنّ هذه الحالة أشدّ حالات الوحي عليه. وقيل إنّه إنّما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. الثانية أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنّ روح القدس نفث في روعي) أخرجه الحاكم، وهذا قد يرجع إلى الحالة الأولى أو التي بعدها بأن يأتيه في إحدى الكيفيتين وينفث في روعه. الثالثة أن يأتيه في صورة رجل فيكلّمه كما في الصحيح (وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا فيكلّمني فأعي ما يقول) زاد أبو عوانة في صحيحة وهو أهونه عليّ. الرابعة أن يأتيه في النوم وعدّ من هذا قوم سورة الكوثر. الخامسة أن يكلّمه الله تعالى إمّا في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربّي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث انتهى ما في الإتقان.
وقال الصوفية القرآن عبارة عن الذات التي يضمحلّ فيها جميع الصفات فهي المجلى المسمّى بالأحدية أنزلها الحقّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون مشهد الأحدية من الأكوان. ومعنى هذا الإنزال أنّ الحقيقة الأحدية المتعالية في ذراها ظهرت بكمالها في جسده، فنزلت عن أوجها مع استحالة العروج والنزول عليها، لكنه صلى الله عليه وآله وسلم لما تحقّق بجسده جميع الحقائق الإلهية وكان مجلى الاسم الواحد بجسده، كما أنّه بهويته مجلى الأحدية وبذاته عين الذات، فلذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنزل عليّ القرآن جملة واحدة) يعبّر عن تحقّقه بجميع ذلك تحقّقا ذاتيا كليا جسميا، وهذا هو المشار إليه بالقرآن الكريم لأنه أعطاه الجملة، وهذا هو الكرم التّام لأنّه ما ادّخر عنه شيئا بل أفاض عليه الكلّ كرما إلهيا ذاتيا. وأمّا القرآن الحكيم فهو تنزّل الحقائق الإلهية بعروج العبد إلى التحقّق بها في الذات شيئا فشيئا على مقتضى الحكمة الإلهية التي يترتّب الذات عليها فلا سبيل إلى غير ذلك، لأنّه لا يجوز من حيث الإمكان أن يتحقّق أحد بجميع الحقائق الإلهية بجهده من أوّل إيجاده، لكن من كانت فطرته مجبولة على الألوهة فإنّه يترقّى فيها ويتحقّق منها بما ينكشف له من ذلك شيئا بعد شيء مرتبا ترتيبا إلهيا. وقد أشار الحقّ إلى ذلك بقوله:
وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا، وهذا الحكم لا ينقطع ولا ينقضي، بل لا يزال العبد في ترقّ، وهكذا لا يزال الحقّ في تجلّ، إذ لا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لأنّ الحقّ في نفسه لا يتناهى. فإن قلت ما فائدة قوله: أنزل عليّ القرآن جملة واحدة؟ قلنا ذلك من وجهين: الوجه الواحد من حيث الحكم لأنّ العبد الكامل إذا تجلّى الحقّ له بذاته حكم بما شهده أنّه جملة الذات التي لا تتناهى وقد تنزّلت فيه من غير مفارقة لمحلها الذي هو المكانة. والوجه الثاني من حيث استيفاء بقيات البشرية واضمحلال الرسوم الخلقية بكمالها لظهور الحقائق الإلهية بآثارها في كلّ عضو من أعضاء الجسد. فالجملة متعلّقة بقوله على هذا الوجه الثاني، ومعناها ذهاب جملة النقائص الخلقية بالتحقّق بالحقائق الإلهية.
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنزل القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا) ثم أنزله الحقّ عليه آيات مقطّعة بعد ذلك، هذا معنى الحديث. فإنزال القرآن دفعة واحدة إلى سماء الدنيا إشارة إلى التحقّق الذاتي، ونزول الآيات مقطّعة إشارة إلى ظهور آثار الأسماء والصفات مع ترقّي العبد في التحقّق بالذات شيئا فشيئا. وقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فالقرآن العظيم هاهنا عبارة عن الجملة الذاتية لا باعتبار النزول ولا باعتبار المكانة بل مطلق الأحدية الذاتية التي هي مطلق الهوية الجامعة لجميع المراتب والصفات والشئون والاعتبارات المعبّر عنها بساذج الذات مع جملة الكمالات.
ولذا قورن بلفظ العظيم لهذه العظمة، والسبع المثاني عبارة عمّا ظهر عليه في وجوده الجسدي من التحقّق بالسبع الصفات. وقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ إشارة إلى أنّ العبد إذا تجلّى عليه الرحمن يجد في نفسه لذة رحمانية تكسبه تلك اللذة معرفة الذات فتتحقّق بحقائق الصفات، فما علّمه القرآن إلّا الرحمن وإلّا فلا سبيل إلى الوصول إلى الذات بدون تجلّي الرحمن الذي هو عبارة عن جملة الأسماء والصفات، إذ الحقّ تعالى لا يعلم إلّا من طريق أسمائه وصفاته فافهم، ولا يعقله إلّا العالمون، كذا في الانسان الكامل.
القرآن: عند أهل الفقه: اللفظ المنزل على محمد للإعجاز بسورة منه، المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا متواترا.القرآن عند أهل الحق: العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.
القرآن
هو العلم الخاص بهذا الكتاب الذى نزل على محمد، لم يشركه غيره من كتب الله في هذا الاسم، وقد اختار الكتاب العزيز له من الصفات ما يوضّح رسالته، والهدف الذى نزل من أجله، فهو هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (البقرة 97). هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ (البقرة 185). هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138).
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت 44). يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (الأحقاف 30). أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (الكهف 1، 2). فرسالة القرآن الأساسية هداية الناس إلى الحق وطريق الصواب، وتبشير المهتدى وإنذار الضال، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (الإسراء 9، 10).
وإذا كان الكتاب قد أنزل للهداية صحّ وصفه بأنه شفاء، أليس هو بلسما يبرئ أدواء القلوب، ودواء لعلل النفوس، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء 82). وصح وصفه بأنه كالمصباح، يخرج الناس من الظلمات إلى النور، كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم 1). وبأنه لم يدع سبيلا للإرشاد إلا بيّنه، وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النمل 89). ولما كان كتاب هداية كان واضحا في دلالته، بيّنا في إرشاده، هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (العنكبوت 49). وكان خير ذكرى، يلجأ إليه المسترشد فيرشد، والضال فيجد عنده التوفيق والهداية، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (الأنعام 90). وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (الزخرف 44). وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (الإسراء 41). وهو ذكر مبارك، ناضج الثمر، جليل الأثر، وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (الأنعام 92). وهو حق لا مرية فيه لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت 42). وهو قول فصل وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (الطارق 14). وكتاب حكيم، وذكر مبين، قد أحكمت آياته، ثم فصلت.
أليس كتاب هذا شأنه وتلك صفاته جديرا بالاتّباع، خليقا بالاسترشاد والاقتداء، أو ليس في تلك الصفات ما يحرك النفس إلى الاستماع إليه، وتدبر آياته، والإنصات إلى عظاته، ولا سيما أنه كثيرا ما يقترن بذكر الحكمة، وفي الحكمة ما يغرى بحبها واتباعها، إذ يقول: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة 151).
وردد القرآن كثيرا أنه نزل من الله بالحق، وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (الإسراء 105). ويؤكد ذلك في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الإنسان 23). وينفى أن يكون وحى شيطان، أو أن يستطيع الشياطين الإيحاء بمثله، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء 192 - 194).
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (الشعراء 210، 211). ويؤكد في صراحة أن الإنس والجن مجتمعين لا يستطيعون الإتيان بمثل القرآن، ولو ظاهر بعضهم بعضا، وإذا كان المجيء به مما ليس في طوق مخلوق فمن غير المعقول أن يفترى من دون الله، وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (يونس 37). ولما ادعى المعارضون أن محمدا تقوّله أو افتراه تحداهم القرآن أن يأتوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (الطور 34). ثم تحداهم أن ائتوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (هود 13). ثم نزل إلى سورة مثله، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (القصص 50). ويتحدث القرآن في صراحة عما كان يمكن أن ينتظر محمدا من الجزاء الصارم لو أنه افترى أو تقوّل، فقال: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (الحاقة 44 - 47). أرأيت كيف يصوّر القرآن، كيف يلتزم محمد ما أوحى إليه، من غير أن يستطيع تعدى الحدود التى رسمت له، فى جلاء ووضوح، لأنه ليس سوى رسول عليه بلاغ ما عهد إليه أن يبلغه فى أمانة وصدق.
كما ردد كثيرا أنه بلسان عربىّ مبين، إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف 2).
وفي ترديد هذه الفكرة ودفع العجمة عن القرآن، ما يدفع العرب إلى التفكير في أمره وأن كونه بلسانهم ثمّ عجزهم عن المجيء بمثله، مع تحديهم صباح مساء، دليل على أنه ليس من عند محمد، ولا قدرة لمحمد على الإتيان بقرآن مثله، وهو بهذا الوصف يقرر عجزهم الدائم، وأنه لا وجه لهم في الانحراف عن جادة الطريق، وما يدعو إليه العقل السليم، والتفكير المستقيم.
وقرّر أنه كتاب متشابه مثان، ومعنى تشابهه أن بعضه يشبه بعضا في قوة نسجه، وعمق تأثيره، وإحكام بلاغته، فكل جزء مؤثر بألفاظه وأفكاره وأخيلته وتصويره، ومعنى أنه مثان أن ما فيه من معان يثنى في مواضع مختلفة، ومناسبات عديدة، فيكون لهذا التكرير أثره في الهداية والإرشاد، وهو بهذا التكرير يؤدى رسالته التى جاء من أجلها، ولذا كان بتشابهه وتكرير ما جاء به من عظات، مؤثرا أكبر الأثر في القلوب، حتى لتقشعرّ منه جلود أولئك الذين يتدبرونه، وتنفعل له قلوبهم، ثم لا يلبثون أن تطمئن أفئدتهم إلى هداه، وتهدأ نفوسهم إلى ذكر الله، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (الزمر 23). ويعرف القرآن ما له من تأثير قوى بالغ حتى لتتأثر به صم الحجارة إذا أدركت معناه، لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر 21).
ومع طول القرآن وتعدد مناحيه لا عوج فيه، ولا اضطراب في أفكاره ولا أخيلته، أو لا ترى أن أمّيا لا يستطيع تأليف كتاب على هذا القدر من الطول من غير أن يقع فيه الخلل والاختلاف والاضطراب، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (النساء 82).
ومما أكده القرآن أنه مصدّق لما نزل قبله من التوراة والإنجيل، وإلى جانب ذلك، سجل القرآن ما قابله به أهل الكتاب والمشركون، من كفر به وإنكار له، أما بعض أهل الكتاب فقد مضوا يكابرون، منكرين أن يكون الله قد أنزل كتابا على إنسان، وما كان أسهل دحض هذه الفرية بما بين أيديهم من كتاب موسى، يبدون بعضه ويخفون الكثير منه، قال سبحانه: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (الأنعام 91). ولم يزد الكثير من أهل الكتاب نزول القرآن إلا تماديا فى الكفر وشدة في الطغيان، قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
(المائدة 68). وقالوا إن محمّدا يتعلم القرآن من إنسان عليم بأخبار الماضين، وكان من السهل أيضا إبطال تلك الدعوى، فإن هذا الذى زعموه يعلمه ذو لسان أعجمى، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). ثم زعموا أنه إفك اختلقه، وأعانه على إتمامه سواه ممن يعرفون أساطير الأولين ويتقنونها، وهنا يرد القرآن في هدوء بأن هذه الأسرار التى في القرآن، والتى ما كان يعلمها محمد ولا قومه، إنما أنزلها الذى يعلم أسرار السموات والأرض، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان 4 - 6). ونزلوا في المكابرة إلى أعمق درك، فزعموا مرة أن ليس ما في القرآن من أخبار سوى أضغاث أحلام، وحينا زعموا أنه قول شاعر، وأن القرآن لا يصلح أن يكون آية قاطعة كآيات الرسل السابقين، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (الأنبياء 5). ولم يتحمل القرآن الرد على دعوى أضغاث الأحلام لتفاهتها، ووضوح بطلانها، ولكنه نفى أن يكون القرآن شعرا بوضوح الفرق بين القرآن والشعر، الذى لا يليق أن يصدر من محمد، وجعلوا القرآن سحرا من محمد، لا صلة لله به، وهنا يبين القرآن مدى مكابرتهم، فيقول: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (الأنعام 7).
ومضى بعض الناس يذيع الأحاديث الباطلة ليضل عن سبيل الله، ويصم أذنيه عن سماع القرآن مستكبرا مستهزئا به، والقرآن يغضب لموقف هؤلاء شديد الغضب، وينذرهم كما استهزءوا، بعذاب يهينهم ويؤلمهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (لقمان 6، 7).
ومن عجب أن كثيرا من الكافرين كان لا يرضى عما في القرآن من أفكار التوحيد والعبادة، فكان يطلب من الرسول أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن، فكان رد الرسول صريحا في أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (يونس 15).
ومما اعترضوا به على القرآن أنه نزل منجّما، واقترحوا أن ينزل دفعة واحدة، ولكن القرآن ردّ على هذا الاقتراح، بأن نزوله على تلك الطريقة، فيه تثبيت لفؤاد الرسول، ليكون دائم الاتصال بربه، أو ليس في نزوله كذلك تثبيت لأفئدة المؤمنين أيضا إذ ينقلهم القرآن بتعاليمه مرحلة مرحلة إلى الدين الجديد، ويروى القرآن هذا الاعتراض، ويرد عليه في قوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (الفرقان 32، 33).
ولقد تعبوا في صدّ تيار القرآن الجارف، ووقف أثره في النفوس فما استطاعوا ثم هداهم خيالهم الضّيق إلى طريقة يحولون بها بين القرآن وسامعيه تلك هى الصّخب عند سماع القرآن واللغو فيه، ولما كان في ذلك استقبال لا يليق بالقرآن قابله الله بتهديد عنيف، وإيعاد شديد، إذ يقول: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (فصلت 26 - 28). وذلك أقوى دليل على الإخفاق، وأنه لا حجة عندهم يستطيعون أن يهدموا بها حجة القرآن.
وحرّك القرآن فيهم غريزة الخوف إن كذبوا به، فسألهم ماذا تكون النتيجة إذا ثبت حقّا أنه من عند الله، وظلوا كافرين به، أيكون ثمّ من هو أضل منهم أو أظلم، يثير تلك الغريزة في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 52). ويقف منهم موقف من بين الخير والشر، ثم تركهم لأنفسهم يفكرون، ألا يثير فيهم ذلك كثيرا من الخوف من أن ينالهم سوء إعراضهم بأوخم العواقب، إذ يقول: إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (الزمر 41). أما سورة الفرقان فيراد به هنا القرآن، كما أنه في مواضع أخرى يطلق على كتب الله، لأنها تفرق بين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
ولعل بدء هذه السورة بقوله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان 1). فيه دلالة على أنها تحوى إنذارا ووعيدا وتهديدا، وحقا لقد اتسمت هذه السورة بالرد المنذر على كثير من دعاوى المنكرين لأحقية القرآن ورسالة محمد ووحدانية الله، وقد بدأها بالحديث عن منزل القرآن، وتفرده بالملك وتعجبه من أن اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (الفرقان 3). وبدأ بعد ذلك يعدد مفترياتهم على القرآن وتشكيكهم في رسالة محمد، ثم يتعمّق في السبب الذى دفعهم إلى إنكار القرآن ونبوة محمد، فيراه التكذيب باليوم الآخر، وكأنما غضبت جهنم لهذا التكذيب، حتى إنها إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (الفرقان 12).
ويمضى في تصوير ما ينتظرهم في ذلك اليوم من مصير مؤلم موازنا بين ذلك، وبين جنة الخلد التى وعد المتقون، ثم يعود إلى أكاذيبهم، فيردّ على بعضها، ويبسط
بعضها الآخر، واضعا إلى جانب هذه الأكاذيب ما ينتظرها من عقوبة يوم الدين، وهنا يلجأ إلى التصوير المؤثر، يرسم به موقفهم في ذلك اليوم، علّه يردهم بذلك إلى الصواب، إذا ذكروا سوء المغبة؛ وتأمل قوة تصوير من ظلم نفسه بهجر القرآن وتكذيبه، فى قوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان 27 - 30). ويعود مرة إلى شبهة من شبهاتهم في القرآن فيدحضها وينذرهم بشر مكان في جهنم، ويعدد لهم عواقب من كذب الرسل من قبلهم. ثم يأتى إلى إثم آخر من آثامهم باستهزائهم بالرسول الذى كاد يصرفهم عن آلهتهم، لولا أن صبروا عليها، وهنا يناقشهم في اتخاذ هذه الآلهة التى لا يصلح اتخاذها إلها إذا وزنت بالله الذى يعدد من صفاته ما يبين بوضوح وجلاء أنهم يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ (الفرقان 55). ويطيل القرآن في تعداد صفات الله وبيان مظاهر قدرته. وإذا كانت السورة قد مضت تنذر المنكرين وتعدّد آثامهم، فإنها قد أخذت تذكر كذلك صفات المؤمنين الصادقين، ليكونوا إلى جانبهم مثالا واضحا للفرق بين الصالح والطّالح، ولتكون الموازنة بينهما مدعاة إلى تثبيت النموذجين في النفس، وختمت السورة بالإنذار بأن العذاب نازل بهم لا محالة، ما داموا قد كذبوا، فكانت السورة كلّها من المبدأ إلى المنتهى تتجه إلى الوعيد، ما دامت تناقش المنكرين في مفتريات تتعلق بالقرآن ومن نزل عليه القرآن، وقد رأينا كيف كان يقرن كل افتراء بما أعدّ له من العذاب.

أبجد

أبجد: نعم النَّاظِم:
(الْآحَاد عدهَا من ابجد حَتَّى حرف حطي ... وَكَذَلِكَ من كلمن حَتَّى سعفص بالعشرات ... ) (وَلَكِن من قرشت إِلَى ضنطغ بالمئات ... وَهَكَذَا يُمكن استخلاص حِسَاب الْجمل)
(أبجد)
أولى الْكَلِمَات السِّت (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) الَّتِي جمعت فِيهَا حُرُوف الهجاء بترتيبها عِنْد الساميين قبل أَن يرتبها نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ التَّرْتِيب الْمَعْرُوف الْآن أما (ثخذ وضظغ) فحروفها من أبجدية اللُّغَة الْعَرَبيَّة وَتسَمى الروادف وتستعمل الأبجدية فِي حِسَاب الْجمل على الْوَضع التَّالِي أ 1 ب 2 ج 3 د 4 هـ 5 و 6 ز 7 ح 8 ط 9 ي 10 ك 20 ل 30 م 40 ن 50 س 60 ع 70 ف 80 ص 90 ق 100 ر 200 ش 300 ت 400 ث 500 خَ 600 ذ 700 ض 800 ظ 900 غ 1000
والمغاربة يخالفون فِي تَرْتِيب الْكَلِمَات الَّتِي بعد كلمن فيجعلونها صعفض قرست ثخذ ظغش
أبجد: فِي خزانَة الْمُفْتِينَ (أبجد) أَي وجد آدم نَفسه فِي الْمعْصِيَة (هوز) أَي اتبع هَوَاهُ فَزَالَ عَنهُ نعيم الْجنَّة (حطي) أَي حط عَنهُ ذنُوبه (كلمن) أَي كلم بِكَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ بِالْقبُولِ وَالرَّحْمَة (سعفص) أَي راق عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأصَاب عَلَيْهِ (قرشت) أَي أقرّ بذنب مر عَلَيْهِ (ثخذ) أَي أَخذ من الله الْقُوَّة (ضظغ) أَي شجع عَن وسواس الشَّيْطَان بعزيمة لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله كَذَا فِي (الشافي) وحساب الأبجد هَكَذَا (ا) (ب) (ج) 3 (د) 4 (هـ) 5 (و) 6 (ز) 7 (ح) {ط) 9 (ى) 10 (ك) 20 (ل) 30 (م) 40 (ن) 50 (س) 60 (ع) 70 (ف} 0 (ص) 90 (ق) 100 (ر) 200 (ش) 300 (ت) 400 (ث) 500 (خَ) 600 (ذ) 700 (ض} 00 (ظ) 900 (غ) 1000. وَبَعض أولي الْأَلْبَاب رتب حُرُوف الأبجد هَكَذَا (ايقغ) 111 (بكر) 22 (جلش) 333 (دمت) 444 (هنث) 555 (وسخ) 666 (زغذ) 777 (حفض} 8 {طصظ) 999 وَيُسمى حِسَاب الأبجد بِحِسَاب الْجمل.
أبجد
أَبْجَد [مفرد]: أوَّل الألفاظ التي جُمعت فيها حروف الهجاء في اللغة العربيّة، وهي أبجد هوَّز حُطِّي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ، وظلَّ هذا الترتيب سائدًا حتى رتَّبها نصر بن عاصم الترتيب المعروف الآن باسم الترتيب الهجائيّ أو الألفبائيّ. 

أَبْجَديَّة [مفرد]: ج أَبْجَدِيَّات: مصدر صناعيّ من أَبْجَد: بدء ومُفتتَح، مقدمة، أصل ومبدأ أوَّل "أَبْجَدِيَّة العلم".
• الأَبْجَدِيَّة: حروف اللُّغة العربيّة مرتَّبة وفقًا للتَّرتيب الأبْجَدِيّ: أبجد ... ضظغ وهي تستعمل للترقيم.
• الأَبْجَدِيَّة المقطعيَّة: (لغ) مجموعة من الرُّموز أو الحروف المكتوبة في لغة ويمثّل كلّ منها مقطعًا.
• أَبْجَدِيَّة براي/ أَبْجَدِيَّة بِرَيْل: أَبْجَدِيَّة بأحرف ناتئة يستعملها مكفوفو البصر. 
(أبجد) (اُنْظُرْهُ فِي بَاب الْهمزَة)

الْإِيمَان

(الْإِيمَان) التَّصْدِيق وَشرعا التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ
الْإِيمَان: بِالْفَتْح جمع الْيَمين. وبالكسر فِي اللُّغَة التَّصْدِيق مُطلقًا وَهُوَ مصدر من بَاب الْأَفْعَال من الْأَمْن والهمزة للصيرورة أَو للتعدية بِحَسب الأَصْل. كَأَن الْمُصدق صَار ذَا أَمن من أَن يكون مكذوبا أَو جعل الْغَيْر آمنا من التَّكْذِيب والمخالفة فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ. وَقد يعدى بِالْبَاء بِاعْتِبَار معنى الِاعْتِرَاف وَالْإِقْرَار كَقَوْلِه تَعَالَى {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون} . وباللام بِاعْتِبَار معنى الاذعان وَالْقَبُول كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا صَادِقين} وَلَيْسَ المُرَاد بالتصديق إِيقَاع نِسْبَة الصدْق إِلَى الْخَبَر والمخبر فِي الْقلب بِدُونِ الإذعان وَالْقَبُول بِأَن تَقول هَذَا الْخَبَر صَادِق أَو أَنْت صَادِق من غير إذعان وَقبُول بل المُرَاد بِهِ التَّصْدِيق المنطقي الْمُقَابل للتصور أَي إذعان النِّسْبَة الْمعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بكرويدن) فالإيمان فِي اللُّغَة هُوَ اذعان النِّسْبَة مُطلقًا. وَفِي الشَّرْع فِي مُسَمَّاهُ اخْتِلَاف. ذهب بَعضهم إِلَى أَنه بسيط. وَالْآخر إِلَى أَنه مركب. وَفِي القائمين فِي بساطته اخْتِلَاف. قَالَ بَعضهم إِنَّه تَصْدِيق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْقَلْبِ فِي جَمِيع مَا علم بِالضَّرُورَةِ مَجِيئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ من عِنْد الله إِجْمَالا فِيمَا علم إِجْمَالا وتفصيلا فِيمَا علم تَفْصِيلًا أَي تَصْدِيقه وإذعانه فِيمَا اشْتهر كَونه من الَّذين بِحَيْثُ يُعلمهُ الْعَامَّة من غير افتقار إِلَى نظر واستدلال كوحدة الصَّانِع - وَوُجُوب الصَّلَاة - وَحُرْمَة الْخمر - وَنَحْو ذَلِك وَيَكْفِي الْإِجْمَال فِيمَا يُلَاحظ إِجْمَالا وَيشْتَرط التَّفْصِيل فِيمَا يُلَاحظ تَفْصِيلًا حَتَّى لَو لم يصدق بِوُجُوب الصَّلَاة عِنْد السُّؤَال عَنهُ وبحرمة الْخمر عِنْد السُّؤَال عَنْهَا كَانَ كَافِرًا. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَعَلِيهِ جُمْهُور الْمُحَقِّقين وَهُوَ مُخْتَار الشَّيْخ أبي الْمَنْصُور الماتريدي رَحمَه الله فالإيمان عِنْدهم بسيط لِأَنَّهُ عبارَة عَن التَّصْدِيق الْمَذْكُور فَقَط وَالْإِقْرَار لَيْسَ بِشَرْط لأصل الْإِيمَان بل لإجراء الاحكام فِي الدُّنْيَا من ترك الْجِزْيَة وَالصَّلَاة عَلَيْهِ والدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين والمطالبة بالعشر وَالزَّكَاة فَمن صدق بِقَلْبِه وَلم يقر بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله تَعَالَى وَإِن لم يكن مُؤمنا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا. وَمن أقرّ بِلِسَانِهِ وَلم يقر بِقَلْبِه كالمنافق فبالعكس. وَإِنَّمَا جعلُوا الْإِقْرَار شرطا لإجراء الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة لِأَن الْإِيمَان الَّذِي هُوَ التَّصْدِيق القلبي أَمر مبطن لَا بُد لَهُ من عَلامَة تدل عَلَيْهِ لإجراء أَحْكَامه.
وَلَا يذهب عَلَيْك أَن التَّصْدِيق الإيماني هُوَ التَّصْدِيق المنطقي بِعَيْنِه بل بَينهمَا فرق بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص من وَجْهَيْن. أَحدهمَا: أَن التَّصْدِيق المنطقي هُوَ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ بَين الشَّيْئَيْنِ مُطلقًا والتصديق الإيماني هُوَ أخص بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق أَي التَّصْدِيق بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْإِيمَان فِي الشَّرْع مَنْقُول إِلَى التَّصْدِيق الْخَاص بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق. وَثَانِيهمَا: إِن التَّصْدِيق المنطقي هُوَ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ حَاصِلا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار أَو لَا. بِخِلَاف التَّصْدِيق الإيماني فَإِنَّهُ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ بَين الْأُمُور الْمَخْصُوصَة بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار حَتَّى لَو وَقع ذَلِك فِي الْقلب من غير اخْتِيَار لم يكن إِيمَانًا. فَمن شَاهد المعجزة فَوَقع فِي قلبه صدق النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بَغْتَة فَإِنَّهُ لَا يُقَال فِي اللُّغَة أَنه صدق وَأَيْضًا لَا يكون مُؤمنا شرعا بل يكون مُكَلّفا بتحصيل ذَلِك الإذعان بِالِاخْتِيَارِ فالتصديق الإيماني أخص مُطلقًا من التَّصْدِيق المنطقي الْمُقَابل للتصور بِاعْتِبَار مُتَعَلّقه ولكونه مُقَيّدا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار دون التَّصْدِيق المنطقي. وَكَيف لَا يكون مُقَيّدا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار فَإِن الْإِيمَان مَأْمُور ومكلف بِهِ فَلَو لم يكن اخْتِيَارا لما صَحَّ التَّكْلِيف بِهِ.
فَإِن قلت إِن الْإِيمَان تَصْدِيق والتصديق من قسمي الْعلم الَّذِي من الكيفيات النفسانية دون الْأَفْعَال الاختيارية فَلَا يَصح التَّكْلِيف بِهِ لِأَن الْمُكَلف بِهِ لَا بُد أَن يكون فعلا اختياريا قُلْنَا لَا نسلم أَن الْمُكَلف بِهِ لَا يكون إِلَّا فعلا اختياريا فَإِن التَّكْلِيف بالشَّيْء على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: التَّكْلِيف بِحَسب نفس ذَلِك الشَّيْء وَهُوَ يَقْتَضِي أَن يكون نَفسه مِمَّا تتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة الْحَادِثَة كالضرب بِالْمَعْنَى المصدري وَهَذَا الشَّيْء لَا يكون إِلَّا فعلا اختياريا. وَالثَّانِي: التَّكْلِيف بالشَّيْء بِحَسب التَّحْصِيل وَهُوَ يَقْتَضِي أَن يكون تَحْصِيله مِمَّا تتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة. وَذَلِكَ بِأَن يكون الْأَسْبَاب المفضية إِلَيْهِ مقدورة سَوَاء كَانَ نَفسه مَقْدُورًا أَو لَا إِذْ قد يكون الشَّيْء بِحَسب ذَاته غير مَقْدُور وَبِاعْتِبَار تَحْصِيله مَقْدُورًا كالتسخن والتبرد وَالْإِيمَان كَذَلِك فَإِن نَفسه وَإِن كَانَ لَيْسَ مَقْدُورًا اختياريا لَكِن تَحْصِيله فعل اخْتِيَاري فالتكليف بِهِ لَيْسَ إِلَّا بِحَسب تَحْصِيله بِالِاخْتِيَارِ فِي مُبَاشرَة الْأَسْبَاب وَصرف النّظر وَرفع الْمَوَانِع وَنَحْو ذَلِك وَالْعَمَل بالأركان لَيْسَ جُزْء الْإِيمَان على هَذَا الْمَذْهَب أَيْضا كَمَا أَن الْإِقْرَار لَيْسَ بِجُزْء مِنْهُ.
وَمذهب الرقاشِي وَالْقطَّان أَن الْإِيمَان بسيط لِأَنَّهُ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط بِتَصْدِيق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ من عِنْد الله تَعَالَى لَكِن لَيْسَ الْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار الْمَذْكُور مُطلقًا عِنْدهمَا بل بِشَرْط مواطأة الْقلب.ثمَّ إِن الرقاشِي يشْتَرط مَعَ الْإِقْرَار الْمَذْكُور الْمعرفَة القلبية حَتَّى لَا يكون الْإِقْرَار بِدُونِهَا إِيمَانًا عِنْده. وَالْقطَّان يشْتَرط مَعَه التَّصْدِيق المكتسب بِالِاخْتِيَارِ وَصرح بِأَن الْإِقْرَار الْخَالِي عَن التَّصْدِيق المكتسب لَا يكون إِيمَانًا وَعند اقترانه بِهِ يكون الْإِيمَان عِنْده هُوَ الْإِقْرَار فَقَط. وَذهب الكرامية أَيْضا إِلَى بساطة الْإِيمَان لِأَنَّهُ عِنْدهم أَيْضا الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط لَكِن بِدُونِ اشْتِرَاط الْمعرفَة أَو التَّصْدِيق المكتسب حَتَّى أَن من أضمر الْكفْر وَأظْهر الْإِيمَان يكون مُؤمنا إِلَّا أَنه يسْتَحق الخلود فِي النَّار. وَمن أضمر الْإِيمَان وَلم يتَحَقَّق مِنْهُ الْإِقْرَار لَا يسْتَحق الْجنَّة.
وَفِي الْقَائِلين بتركيب الْإِيمَان أَيْضا اخْتِلَاف. قَالَ بَعضهم أَنه مركب من التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار بِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مركب من أَمريْن لَكِن الْأَمر الأول: أَعنِي الإذعان الْمَذْكُور ركن لَازم لَا يحْتَمل السُّقُوط أصلا. وَالْأَمر الثَّانِي: أَعنِي الْإِقْرَار المسطور ركن غير لَازم يحْتَمل السُّقُوط كَمَا فِي حَالَة الْإِكْرَاه وَهُوَ الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ومشهور من أَصْحَابه وَكثير من الأشاعرة.
وَفِي شرح الْمَقَاصِد فعلى هَذَا من صدق بِقَلْبِه وَلم يتَّفق لَهُ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فِي عمره مرّة لَا يكون مُؤمنا عِنْد الله تَعَالَى وَلَا يسْتَحق دُخُول الْجنَّة وَلَا النجَاة من الخلود فِي النَّار. ثمَّ الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ قَادِرًا وَترك التَّكَلُّم لَا على وَجه الأباء إِذْ الْعَاجِز كالأخرس مُؤمن اتِّفَاقًا. والمصر على عدم الْإِقْرَار مَعَ الْمُطَالبَة بِهِ كَافِر وفَاقا لكَون ذَلِك من إمارات عدم التَّصْدِيق. وَلِهَذَا أطبقوا على كفر أبي طَالب. وَإِن كابرت الروافض غير متأملين فِي أَنه كَانَ أشهر أعمام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَكْثَرهم اهتماما بِشَأْنِهِ وأوفرهم حرصا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على إيمَانه فَكيف اشْتهر حَمْزَة وَالْعَبَّاس وشاع على رُؤُوس المنابر فِيمَا بَين النَّاس وَورد فِي بابهما الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة وَكثر مِنْهُمَا المساعي المشكورة دون أبي طَالب انْتهى. وَقَالَ بَعضهم إِن مُسَمّى الْإِيمَان هُوَ مَجْمُوع التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان فَهُوَ حِينَئِذٍ مركب من ثَلَاثَة أُمُور. وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء والمعتزلة والخوارج إِلَّا أَن جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء لم يجْعَلُوا الْعَمَل بالأركان ركنا لأصل الْإِيمَان بل للْإيمَان الْكَامِل فتارك الْعَمَل عِنْدهم مُؤمن وَلَيْسَ بِمُؤْمِن كَامِل. فَإِنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى أَن تَارِك الْعَمَل لَيْسَ بِخَارِج عَن الْإِيمَان ودخوله فِي الْجنَّة وَعدم خلوده فِي النَّار مقطوعان. وَعند الْخَوَارِج والمعتزلة الْعَمَل ركن لأصل الْإِيمَان فتارك الْعَمَل خَارج عَن الْإِيمَان وداخل فِي الْكفْر عِنْد الْخَوَارِج وَغير دَاخل فِي الْكفْر عِنْد الْمُعْتَزلَة لأَنهم قَائِلُونَ بالمنزلة بَين المنزلتين. ثمَّ الْمُعْتَزلَة اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فِي الْأَعْمَال فَعِنْدَ أبي عَليّ وَابْنه أبي هَاشم الْأَعْمَال فعل الْوَاجِبَات وَترك الممنوعات. وَعند أبي الْهُذيْل وَعبد الْجَبَّار فعل الطَّاعَات وَاجِبَة كَانَت أَو مَنْدُوبَة فعلى أَي حَال لَا يخرج مُسَمّى الْإِيمَان الشَّرْعِيّ عَن فعل الْقلب وَفعل الْجَوَارِح سَوَاء كَانَ فعل اللِّسَان وَهُوَ الْإِقْرَار أَو غير فعل اللِّسَان وَهُوَ الْعَمَل بالطاعات.
وَوجه الضَّبْط أَن مُسَمّى الْإِيمَان الشَّرْعِيّ إِمَّا بسيط أَو مركب. وعَلى الأول إِمَّا تَصْدِيق فَقَط بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي وَهُوَ الْمُخْتَار. أَو إِقْرَار بِاللِّسَانِ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَط بِشَرْط مواطأة الْقلب وَهُوَ مَذْهَب الرقاشِي وَالْقطَّان. أَو بِدُونِ اشْتِرَاط تِلْكَ المواطأة وَهُوَ مَذْهَب الكرامية. وعَلى الثَّانِي إِمَّا مركب من أَمريْن أَي التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله وَكثير من الأشاعرة. أَو مركب من ثَلَاثَة أُمُور الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين وَالْعَمَل بالأركان. ثمَّ الْعَمَل بالأركان إِمَّا جُزْء للْإيمَان الْكَامِل وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء الشَّافِعِي رَحِمهم الله فالنزاع بَيْننَا وَبينهمْ لَفْظِي. وَإِمَّا جُزْء لأصل الْإِيمَان وَهُوَ مَذْهَب الْخَوَارِج والمعتزلة. وَالْفرق بَينهمَا لَيْسَ إِلَّا فِي الْأَحْكَام الأخروية كَمَا مر فَافْهَم واحفظ وَكن من الشَّاكِرِينَ.
الْإِيمَان: قَالَ الْعَارِف النامي نور الدّين الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس الله تَعَالَى سره السَّامِي فِي (نفحات الْأنس من حضرات الْقُدس) فِي وصف أَحْوَال أَبُو الرّبيع الكفيف الحافي رَحمَه الله تَعَالَى: إِن قَول كلمة (لَا إِلَه إِلَّا الله) توفر النجَاة لمن يَقُولهَا سَبْعَة آلَاف مرّة أَو لمن تقال نِيَابَة عَنهُ أَو بنيته. وَيَقُول الشَّيْخ أَبُو الرّبيع أَنه جَاءَ بِهَذَا الذّكر سَبْعَة آلَاف مرّة من غير نِيَّة حَتَّى كَانَ يَوْم كنت حَاضرا فِيهِ مائدة طَعَام مَعَ جمَاعَة وَمَعَهُمْ طِفْل أعطَاهُ الله قدرَة الْكَشْف، وعندما أَرَادَ هَذَا الطِّفْل الــبدء بِالْأَكْلِ أَخذ يبكي، فَقَالُوا لَهُ: مَا الَّذِي يبكيك: فَقَالَ: إِنَّنِي أرى عَالم البرزخ وَأرى والدتي فِي نارها، فَمَا كَانَ من الشَّيْخ أَبُو الرّبيع إِلَّا أَن عقد النِّيَّة فِي سره على إهداء ذَلِك الذّكر إِلَى وَالِدَة هَذَا الطِّفْل من أجل خلاصها من نَار البرزخ، وَيَقُول مَا إِن أتتمت النِّيَّة حَتَّى ضحك الطِّفْل وَظَهَرت عَلَيْهِ البشاشة وَقَالَ: الْحَمد لله لقد نجت والدتي من عَذَاب نَار البرزخ وَشرع بِالطَّعَامِ مَعَ الْجَمَاعَة، وَيَقُول الشَّيْخ أَبُو الرّبيع أَنه علم لي فِي هَذَا الْبَاب والكشف الَّذِي حدث للطفل صِحَة الْخَبَر النَّبَوِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتهى.

الْحَوْض

(الْحَوْض) مُجْتَمع المَاء وَمن الْأذن محارتها وصدفتها والقطعة المحدودة من الأَرْض أَو الزَّرْع وحوض الْبَحْر الْبِلَاد الَّتِي تكون على شطآنه وحوض النَّهر الْأَرَاضِي الَّتِي يجْرِي فِيهَا ويرويها والحوض الجاف حَوْض ثَابت يفرغ مَاؤُهُ وَتصْلح فِيهِ السفن (ج) أحواض وحياض وحيضان
الْحَوْض: حوضان صَغِير وكبير. الْحَوْض الصَّغِير مَا لَا يكون عشرا فِي عشر وَالْكَبِير مَا يكون كَذَلِك إِذا كَانَ مربعًا وَإِن كَانَ مدورا يعْتَبر ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ حَتَّى إِذا كَانَ دونه لَا يجوز كَذَا فِي الْخُلَاصَة وَهُوَ الْأَحْوَط كَذَا فِي مُحِيط السَّرخسِيّ وَفِي الغياثية وَلَو كَانَ الْحَوْض مدورا قَالَ بَعضهم يجب أَن يكون دوره أَرْبَعَة وَأَرْبَعين حَتَّى يكون عشرا فِي عشر.
وَقَالَ عَامَّة أهل الْحساب سِتَّة وَثَلَاثِينَ ذِرَاعا لِأَن طَرِيق مساحته أَن يضْرب نصف عموده فِي نصف الدائرة فَمَا بلغ فَهُوَ تكسره. وَفِي السِّرَاجِيَّة المَاء إِذا كَانَ لَهُ طول وَلَيْسَ لَهُ عرض وَهُوَ بِحَال لَو جمع وَقدر يصير عشرا فِي عشر لَا بَأْس بِالْوضُوءِ تيسيرا على الْمُسلمين. وَتبين من هَذَا الْبَيَان أَن الْحَوْض الْكَبِير هُوَ الَّذِي يكون عشرا فِي عشر أَي مائَة ذِرَاع تكسيرا.
الْحَوْض: وَلما كَانَت مَسْأَلَة الْحَوْض فِي خُلَاصَة الْحساب مغلقة وَلم يتَعَرَّض بتفصيل مغلقاتها الشَّارِح الخلخالي رَحمَه الله التمس مني من هُوَ زبدة الْأَبْرَار أَو أَن التّكْرَار بالتعليقات عَلَيْهَا بعبارات مُوضحَة للمراد. وَبِاللَّهِ استعين وَهُوَ الْمعِين فِي المــبدء والمعاد. وَتلك التعليقات هَذِه.
قَوْله: والبواقي بِزِيَادَة يَوْم بِأَن يمْلَأ الأنبوبة الثَّانِيَة فِي يَوْمَيْنِ وَالثَّالِثَة فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَالرَّابِعَة فِي أَرْبَعَة أَيَّام. قَوْله: فَفِي كم تملأ أَي فَفِي كم جُزْء من أَجزَاء الْيَوْم تملأ تِلْكَ الأنابيب الْأَرْبَعَة الْحَوْض. قَوْله: فبالأربعة المتناسبة. أَي فاستعلامه بالأربعة المتناسبة بِأَن لَا ريب إِلَى آخِره. قَوْله: لَا ريب أَن الْأَرْبَع إِلَى آخِره بَيَان لمعلومية الطَّرفَيْنِ وَاحِد الوسطين ومجهولية أحد الوسطين الآخر مثلي الْحَوْض الَّذِي تملأه الأنبوبة الأولى. قَوْله: وَنصف سدسه عطف على مثلي الْحَوْض أَي تملأ تِلْكَ الْأَرْبَع فِي يَوْم وَاحِد حوضين كل وَاحِد مِنْهُمَا مماثل لذَلِك الْحَوْض الَّذِي تملأه الأنبوبة الأولى وَنصف سدس ذَلِك الْحَوْض. وَأما الْحَوْض الأول فَلِأَن الأنبوبة الأولى تملأه. وَأما الْحَوْض الثَّانِي وَنصف سدسه فَلِأَن الثَّانِيَة تملأ نصف ذَلِك الْحَوْض وَالثَّالِثَة ثلثه وَالرَّابِعَة ربعه.
وَأَنت تعلم أَن مَجْمُوع نصفه وَثلثه وربعه حَوْض وَاحِد وَنصف سدسه فالمجموع فِي يَوْم وَاحِد تملأ مثلي ذَلِك الْحَوْض وَنصف سدسه. قَوْله: فالمجهول أحد الوسطين أَي إِذا ثَبت أَن عندنَا مَعْلُومَات ثَلَاثَة: أَحدهَا: الْيَوْم الْوَاحِد وَهُوَ الطّرف الأول وَالثَّانِي مثلا الْحَوْض وَنصف سدسه وَهُوَ الْوسط الأول وَالثَّالِث الْحَوْض الْوَاحِد وَهُوَ الطّرف الثَّانِي فالمجهول إِنَّمَا هُوَ الْوسط الثَّانِي وَهُوَ أَجزَاء الْيَوْم الْوَاحِد.
قَوْله: فانسب إِلَى آخِره يَعْنِي أَن أحد الوسطين إِذا كَانَ مَجْهُولا فالضابطة حِينَئِذٍ أَن يضْرب أحد الطَّرفَيْنِ فِي الطّرف الآخر وَيقسم حَاصِل الضَّرْب على الْوسط الْمَعْلُوم فخارج الْقِسْمَة هُوَ الْوسط الْمَجْهُول الْمَطْلُوب. وَلما كَانَ الطرفان هَا هُنَا وَاحِدًا يكون مسطحهما أَيْضا وَاحِدًا وَهُوَ أقل من الْمَقْسُوم عَلَيْهِ وَهُوَ الْوسط الْمَعْلُوم أَعنِي مثلي الْحَوْض وَنصف سدسه _ والمقسوم إِذا كَانَ أقل من الْمَقْسُوم عَلَيْهِ فالضابطة أَن ينْسب الْمَقْسُوم إِلَى الْمَقْسُوم عَلَيْهِ فحاصل النِّسْبَة هُوَ خَارج الْقِسْمَة. فَلهَذَا أَمر المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى بِأَن ينْسب الْوَاحِد وَهُوَ مسطح الطَّرفَيْنِ إِلَى اثْنَيْنِ وَنصف سدس فَلَمَّا نسبناه إِلَيْهِ وَجَدْنَاهُ خمسين وخمسي خمس بعد التَّجْنِيس بِأَن ضربنا الْوَاحِد فِي مخرج السُّدس أَعنِي سِتَّة حصل سِتَّة. ثمَّ ضربناها فِي مخرج النّصْف أَعنِي اثْنَيْنِ حصل اثْنَا عشر نصف سدس هَذَا تجنيس الْوَاحِد. وَأما تجنيس اثْنَيْنِ وَنصف سدس فبانا ضربنا الِاثْنَيْنِ فِي مخرج السُّدس وَهُوَ سِتَّة حصل اثْنَا عشر سدسا. ثمَّ ضَرَبْنَاهُ فِي مخرج النّصْف وَهُوَ اثْنَان حصل أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ نصف سدس. ثمَّ زِدْنَا نصف السُّدس عَلَيْهِ حصل خَمْسَة وَعِشْرُونَ نصف سدس، وَلَا ريب فِي أَن اثْنَي عشر نصف سدس الَّذِي هُوَ تجنيس الْوَاحِد إِذا نسب إِلَى خَمْسَة وَعشْرين نصف سدس الَّذِي هُوَ تجنيس الِاثْنَيْنِ وَنصف سدس يكون خمسين وخمسي خمس وَهُوَ الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ علم أَن الْحَوْض الْوَاحِد يكون مملوءا بِتِلْكَ الأنابيب الْأَرْبَعَة فِي الْيَوْم الْوَاحِد الْمَقْسُوم على خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا فِي خمسين وخمسي خمس مِنْهُ أَي فِي اثْنَي عشر جُزْءا من خَمْسَة وَعشْرين جُزْء يَوْم وَاحِد وَفِيه علمت من هَذَا الْبَيَان أَن الْمَنْسُوب هُوَ اثْنَا عشر نصف سدس الَّذِي هُوَ مجنس الْوَاحِد بِالْكَسْرِ الْمَذْكُور أَعنِي نصف سدس والمنسوب إِلَيْهِ هُوَ خَمْسَة وَعِشْرُونَ نصف سدس هُوَ مجنس اثْنَيْنِ وَنصف سدس.
قَوْله: وبوجه آخر عطف على قَوْله وَخمسين وخمسي خمس أَي أنسب الْوَاحِد إِلَى اثْنَيْنِ وَنصف سدس بِوَجْه آخر غير مَا ذكر أَولا وَهُوَ أَن الأنابيب الْأَرْبَعَة تملأ حوضا كَبِيرا وَهُوَ خَمْسَة وَعِشْرُونَ جُزْءا من الْأَجْزَاء الَّتِي بهَا الْحَوْض الأول اثْنَا عشر جُزْءا بِأَن فَرضنَا الْحَوْض الأول اثْنَي عشر ذِرَاعا فَيكون الْحَوْض الْكَبِير خَمْسَة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا فيمتلئ الْحَوْض الأول فِي اثْنَي عشر جُزْءا من خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا من الْيَوْم الْوَاحِد الَّذِي قسم على خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا. وَحَاصِل هَذِه النِّسْبَة أَن الْوَاحِد اثْنَا عشر جُزْءا من اثْنَيْنِ وَنصف سدس بعد التَّجْنِيس. وَأَنت تعلم أَن الْفرق بَين النسبتين فِي الْبَيَان وَالْمَاء وَاحِد.
قَوْله: فَلَا ريب أَن الرَّابِعَة أَي الأنبوبة الرَّابِعَة تملأ فِي يَوْم وَاحِد ثمن حَوْض وَالثَّلَاثَة الْبَاقِيَة على حَالهَا لِأَن اخراج البالوعة إِنَّمَا اعْتبر فِي حق الرَّابِعَة لسُهُولَة الْفَهم وَإِن كَانَ مُمكنا فِي حق كل وَاحِد مِنْهَا فَعلم مِمَّا ذكر أَن البالوعة لَا تُؤثر إِلَّا فِي الرَّابِعَة دون غَيرهَا والأنبوبة الرَّابِعَة تملأ الْحَوْض فِي أَرْبَعَة أَيَّام فِي كل يَوْم ربعه والبالوعة تفرغه فِي ثَمَانِيَة أَيَّام فَيكون مخرجا لنصف ذَلِك الرّبع وَهُوَ الثّمن. قَوْله: فالأربعة تملأ فِيهِ أَي فِي يَوْم وَاحِد مثل ذَلِك الْحَوْض إِلَى آخِره لِأَن الأنبوبة الأولى تملأ الْحَوْض كُله فِي يَوْم وَاحِد بِلَا مُشَاركَة أُخْرَى. وَالثَّانيَِة تملأ فِيهِ نصفه وَالثَّالِثَة ثلثه وَالرَّابِعَة ثمنه لِأَنَّهَا كَانَت تملأ ربعه لَكِن بِمُقْتَضى اخراج البالوعة بَقِي الثّمن وَخرج الثّمن فالحوض الْوَاحِد وَالنّصف وَالثلث وَالثمن إِنَّمَا هِيَ مثل ذَلِك الْحَوْض وَثَلَاثَة وَعشْرين جُزْءا من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من ذَلِك الْحَوْض.
قَوْله: فانسب مسطح الطَّرفَيْنِ عملا بضابطة المتناسبة فَإِن الْمَجْهُول أحد الوسطين والطرفان وَاحِد الوسطين مَعْلُومَات لِأَن الطّرف الأول الْيَوْم الْوَاحِد والطرف الثَّانِي الْحَوْض الْوَاحِد وَاحِد الوسطين هُوَ الْحَوْض الْوَاحِد وَثَلَاثَة عشر جُزْءا من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا. قَوْله: بأَرْبعَة وَعشْرين لِأَن كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ وَاحِد فَإِذا ضربنا وَاحِدًا وَهُوَ الْيَوْم فِي وَاحِد وَهُوَ الْحَوْض المنقسم على أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا يحصل أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ جُزْءا. قَوْله: من سَبْعَة وَأَرْبَعين جُزْءا هِيَ مجنس الْحَوْض الْوَاحِد وَثَلَاثَة وَعشْرين جُزْءا من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من ذَلِك الْحَوْض الْوَاحِد.
وَاعْلَم أَن الْحَوْض الْوَاحِد منقسم على أَرْبَعَة وَعشْرين ربع مسدس وَهِي مَعَ ثَلَاثَة وَعشْرين ربع سدس سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ ربع سدس. فَعلم الْوسط الْمَجْهُول وَهُوَ أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ جُزْءا من سَبْعَة وَأَرْبَعين جُزْءا من الْيَوْم الْوَاحِد فيمتلئ الْحَوْض الأول فِي أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من سَبْعَة وَأَرْبَعين جُزْءا من الْيَوْم الْوَاحِد. قَوْله: وعَلى الْوَجْه الآخر أَي أنسب على الْوَجْه الْأَخير. قَوْله: وَالْبَاقِي وَهُوَ أَن الْحَوْض الأول يمتلئ فِي أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من سَبْعَة وَأَرْبَعين جُزْءا من يَوْم وَاحِد ظَاهر غير مفتقر إِلَى الْبَيَان.

الْعود

(الْعود) يُقَال رَجَعَ عودا على بَدْء وَرجع عوده على بدئه لم يقطع ذَهَابه حَتَّى وَصله بِرُجُوعِهِ وَيُقَال لَك الْعود لَك أَن تعود فِي الْأَمر وَفِي الْمثل (الْعود أَحْمد) والمسن من الْإِبِل وَالشَّاة وَفِيه بَقِيَّة وَالطَّرِيق الْقَدِيم العادي

(الْعود) كل خَشَبَة دقيقة كَانَت أَو غَلِيظَة رطبَة كَانَت أَو يابسة وَيُقَال (ركب وَالله عود عودا) هَاجَتْ الْفِتْنَة وَضرب من الطّيب يتبخر بِهِ وَآلَة موسيقية وترية يضْرب عَلَيْهَا بريشة وَنَحْوهَا (ج) أَعْوَاد وعيدان
الْعود: بِالْفَتْح (بازكشتن) وَمِنْه عود الضَّمِير أَي رُجُوعه، وَفِي الرضى لَا يستنكر عود ضمير الِاثْنَيْنِ إِلَى الْمَعْطُوف بِأَو مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَإِن كَانَ المُرَاد أَحدهمَا لِأَنَّهُ لما اسْتعْمل أَو كثيرا فِي الْإِبَاحَة صَار كالواو وَفِي الْقُرْآن الْمجِيد وَإِن لم يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما. وعَلى هَذَا يجوز إرجاع ضمير الْوَاحِد الْمُؤَنَّث إِلَى شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء بِاعْتِبَار كثرتهما فِي أَنفسهمَا وَإِن كَانَا اثْنَيْنِ من حَيْثُ الْعَطف وَقد تحير الناظرون فِي الإرجاع وَالْعود بِالضَّمِّ الْخشب الَّذِي يحرق للبخور وَله رَائِحَة طيبَة وَقت الحرق، وَأَيْضًا الْعود الْمَشْهُور خُصُوصا عِنْد المجاورين للمقابر سِيمَا عِنْد المجاورين فِي مغسل عالمكير اللَّهُمَّ احفظني مِنْهُم وَسَائِر الْمُسلمين بل الْكَافرين. وَأَيْضًا الْعود البربط كَمَا قَالَ قَائِل:
(فِي زَاوِيَة الْعِشْق أنيني عودي ... وَالْقلب فَوق نَار عشقي عودي)

(مَا نلْت مقاصدي وَلَا مقصودي ... يَا عافيتي عجزت عودي عودي)

وعودي أَمر من عَاد يعود للواحدة المخاطبة والأنين بِالْفَارِسِيَّةِ آو ازكريه.

امر

امر

1 أَمَرَهُ, (T, S, M, &c.,) aor. ـُ (M, &c.,) inf. n. أَمْرٌ (T, S, M, Msb, K) and إِمَارٌ, (M, L, K,) which latter, however, is disapproved by MF, (TA,) and إِيمَارٌ is syn. therewith, (K,) but this also is disapproved by MF, and deemed by him strange, [being by rule the inf. n. of ↓ آمَرَهُ, respecting which see what follows,] (TA,) and آمِرَةٌ, (M, K,) which is one of the inf. ns. [or quasiinf. ns.] of the measure فَاعِلَةٌ, like عَافِيَةٌ and عَاقِبَةٌ, (M,) He commanded him; ordered him; bade him; enjoined him; the inf. n. signifying the contr. of نَهْىٌ; (T, M, K;) as also ↓ آمرهُ, (Kr, M, K,) mentioned by A'Obeyd also as a dial. var. of أمَرَهُ: (Msb:) but A'Obeyd says that آمَرْتُهُ and أَمرْتُهُ are syn. [in a sense different from that explained above, i. e.] as meaning كَثَّرْتُهُ. (TA.) You say, أَمَرَهُ بِهِ, (S, M, K,) and أَمَرَهُ إِيَّاهُ, suppressing the prep., (M,) He commanded, ordered, bade, or enjoined, him to do it. (M, K.) And أمَرْتُكَ أَنْ تَفْعَلَ, and لِتَفْعَلَ, and بِأنْ تَفْعَلَ, I commanded, ordered, bade, or enjoined, thee to do [such a thing]. (M.) [And أَمَرَهُ بِكَذَا as meaning He commanded him, or ordered him, to make use of such a thing; or the like: whence, in a trad.,] أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ [I have been commanded to make use of the tooth-stick]. (El-Jámi' es-Sagheer.) [And He enjoined him such a thing; as, for instance, patience.] The imperative of أَمَرَ is مُرْ; originally اؤْمُرْ; which also occurs [with وَ in the place of ؤ when the ا is pronounced with damm]: (M:) but [generally] when it is not preceded by a conjunction, (Msb,) i. e., by وَ or فَ, (T,) you suppress the ء, [i. e. the radical ء, and with it the conjunctive ا preceding it,] contr. to rule, and say, مُرْهُ بِكَذَا [Command, or order, or bid, or enjoin, thou him to do such a thing]; like as you say, كُلْ and خُذْ: when, however, it is preceded by a conjunction, the practice commonly obtaining is, to restore the وَأْمُرْ بِكَذَا, agreeably with analogy, and thus to say, أَمُرْ بِكَذَا. (Msb.) b2: [You say also, أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ He gave an order respecting him, and accordingly he was slain. And أَمَرَ لَهُ بِكَذَا He ordered that such a thing should be done, or given, to him.] b3: In the Kur [xvii. 17], أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا, so accord. to most of the readers, (T, &c.,) means We commanded [its luxurious inhabitants] to obey, but they transgressed therein, or departed from the right way, or disobeyed: (Fr, T, S, &c.:) so says Aboo-Is-hák; adding that, although one says, أَمَرتُ زَيْدًا فَضَرَبَ عَمْرًا, meaning I commanded Zeyd to beat 'Amr, and he beat him, yet one also says, أَمَرْتُكَ فَعَصَيْتَنِى [I commanded thee, but thou disobeyedst me]: or, accord. to some, the meaning is, We multiplied its luxurious inhabitants; (T;) and this is agreeable with another reading, namely, ↓ آمَرْنَا; (TA;) and a reading of El-Hasan, namely, أَمِرْنَا, like عَلِمْنَا, may be a dial. var., of the same signification: (M:) see 4, in two places: or it may be from الإِمَارَةُ; (S, TA;) [in which case it seems that we should read ↓ أَمَّرْنَا; or, perhaps, أَمَرْنَا: see 2:] Abu-l-'Áliyeh reads ↓ أَمَّرْنَا, and this is agreeable with the explanation of I'Ab, who says that the meaning is, We made its chiefs to have authority, power, or dominion. (TA.) b4: أَمَرَهُ, aor. ـُ also signifies He commanded, ordered, bade, or enjoined, him to do that which it behooved him to do. (A.) [He counselled, or advised, him.] One says, مُرْنِى, meaning Counsel thou me; advise thou me. (A.) b5: أَمَرَ بِاقْتِنَاصٍ, said of a wild animal, means He rendered the beholder desirous of capturing him. (M.) A2: أَمَرَ, (As, Fr, Th, T, S, M, Msb, K,) aor. ـُ (Msb, TA;) and أَمُرَ, aor. ـُ (S, M, IKtt, K;) and أَمِرَ, aor. ـَ (M, K, and several other authorities; but by some this is disallowed; TA;) inf. n. أَمْرٌ (K) and إِمْرَةٌ (S) and إِمَارَةٌ; (As, T, S;) or the second is a simple subst.; (K;) or perhaps it is meant in the S that this and the third are quasi-inf. ns.; (MF;) He had, or held, command; he presided as a commander, governor, lord, prince, or king; (M, Msb, K;) he became an أَمِير; (As, T, S;) عَلَى

القَوْمِ over the people. (M, * Msb, K.) [See also 5.]

أَمَرَ فُلَانٌ وَأُمِرَ عَلَيْهِ, or عليه ↓ وأُمِّرَ, (as in different copies of the S,) [Such a one has held command and been commanded,] is said of one who has been a commander, or governor, after having been a subject of a commander, or governor; meaning such a one is a person of experience; or one who has been tried, or proved and strengthened, by experience. (S.) A3: أَمَرَهُ as syn. with آمَرَهُ: see 4.

A4: أَمِرَ, (S, M, Msb, K,) aor. ـَ (Msb, K,) inf. n. أَمَرٌ and أَمْرَة; (M, K, TA; the latter written in the CK اَمْرَة;) and أمُرَ, aor. ـَ (IKtt;) (assumed tropical:) It (a thing, M, Msb, or a man's property, or camels or the like, Abu-l-Hasan and S, and a people, T, S) multiplied; or became many, or much, or abundant; (T, S, M, Msb, K;) and became complete. (M, K.) b2: And the former, (assumed tropical:) His beasts multiplied; or became many; (M, K;) [ as also ↓ آمر; for you say,] بَنُو فُلَانٍ ↓ آمر, inf. n. إِيمَارٌ, (assumed tropical:) The property, or camels or the like, of the sons of such a one multiplied; or became many, or abundant. (M.) A5: أَمِرَ الأَمْرُ, (Akh, S, K,) aor. ـَ inf. n. أَمَرٌ, (Akh, S,) (assumed tropical:) The affair, or case, (i. e., a man's affair, or case, Akh, S,) became severe, distressful, grievous, or afflictive. (Akh, S, K.) 2 أمّرهُ, inf. n. تَأْمِيرٌ, He made him, or appointed him, commander, governor, lord, prince, or king. (S, * Mgh, Msb.) [And it seems to be indicated in the S that ↓ أَمَرَهُ, without teshdeed, signifies the same.] See 1, in three places. Yousay also, أُمِّرَعَلَيْنَا (A, TA) He was made, or appointed, commander, &c., over us. (TA.) b2: Also He appointed him judge, or umpire. (Mgh.) b3: أمّر القَنَاةَ (assumed tropical:) He affixed a spear-head to the cane or spear. (T, M.) [See also the pass. part. n., below.] b4: أمّرأَمَارَةٍ He made [a thing] a sign, or mark, to show the way. (T.) 3 آمرهُ فِي أَمْرِهِ, (T, * S, M, Msb,) inf. n. مُؤَامَرَةٌ, (S, K,) He consulted him respecting his affair, or case; (T, * S, M, Msb, K, * TA;) as also وَامَرَهُ; (TA;) or this is not a chaste form; (IAth, TA;) or it is vulgar; (S, TA;) and ↓ استأمرهُ, (M,) inf. n. اسْتِئْمَارٌ; (S, K;) and ↓ ائتمرهُ, (T,) inf. n. ائتِمَارٌ. (S, K.) It is said in a trad., آمِرُوا النِّسَآءَ فِى أَنْفُسِهِنَّ Consult ye women respecting themselves, as to marrying them. (TA.) And in another trad., آمَرَتْ نَفْسَهَا, meaning She consulted herself, or her mind; as also ↓ استأمرت نفسها. (TA.) [See another ex. voce نَفْسٌ. and see also 8.]4 آمر, inf. n. إِيمَارٌ: see 1, last sentence but one, in two places.

A2: آمْرٌ; (S, M, Msb, K;) and ↓ أَمَرَهُ, (S, M, Msb, K,) accord. to some, (M,) aor. ـُ (Msb, K,) inf. n. أَمْرٌ; (Msb;) both signifying the same accord. to AO, (S,) or A 'Obeyd, (TA,) but the latter is of weak authority, (K,) or is not allowable; (M;) and, accord. to El-Hasan's reading of xvii. 17 of the Kur, (see 1,) ↓ أَمِرَهُ also; (M;) (assumed tropical:) He (a man) multiplied it; or made it many, or much, or abundant: (S, Msb:) He (God) multiplied, or made many or much or abundant, his progeny, and his beasts: (M, K:) and آمر مَالَهُ (assumed tropical:) He (God) multiplied, &c., his property, or camels or the like. (S.) A3: See also 1, first sentence, in two places.5 تأمّر He became made, or appointed, commander, governor, lord, prince, or king; (Msb;) he received authority, power, or dominion; عَلَيْهِمْ over them. (S, K.) [See also أَمَرَ.] b2: See also 8.6 تَاَاْمَرَ see 8, in three places.8 ائتمر [written with the disjunctive alif اِيتَمَرَ] He obeyed, or conformed to, a command; (S, * M, Mgh, K; *) he heard and obeyed. (Msb.) You say, ائتمر بِخَيْرٍ, meaning He was as though his mind commanded him to do good and he obeyed the command. (M.) And [you use it transitively, saying,] ائتمر الأَمْرَ He obeyed, or conformed to, the command. (S.) And لَا يَأْتَمِرُ رُشْدًا He will not do right of his own accord. (A.) Imra el-Keys says, (S,) or En-Nemir Ibn-Towlab, (T,) وَيَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ [And that which man obeys wrongs him, or injures him]; meaning, that which his own soul commands him to do, and which he judges to be right, but in which often is found his destruction: (S:) or, accord. to KT, that evil which man purposes to do: (T:) or that which man does without consideration, and without looking to its result. (A 'Obeyd, T.) [See what follows.] b2: He undertook a thing without consulting; (KT, T;) as though his soul, or mind, ordered him to do it and he obeyed it: (TA:) he followed his own opinion only. (Mgh.) One says, أَمَرْتُهُ فأْتَمَرَ وَأَبَى

أَنْ يَأْتَمِرَ, (A, Mgh,) meaning I commanded him, but he followed his own opinion only, and refused to obey. (Mgh.) b3: He formed an opinion, and consulted his own mind, and determined upon it. (Sh, T.) And ائتمر رَأْيَهُ He consulted his own mind, or judgment, respecting what was right for him to do. (Sh, T.) b4: ائتمروا, (A, Msb,) inf. n. ائْتِمَارٌ; (S, K;) and ↓ تآمروا, (A,) inf. n. تَآمُرٌ, of the measure تَفَاعُلٌ; (S;) and ↓ تأمّروا, (TA,) inf. n. تَأَمُّرٌ; (K;) They consulted together: (S, * A, Msb, K: *) or ائتمروا and ↓ تآمروا signify they commanded, ordered, bade, or enjoined, one another; like as one says, اقتتلوا and تقاتلوا, and اختصموا and تخاصموا: (T:) or ائتمروا عَلَى الأَمْرِ and عَلَيْهِ ↓ تآمروا, they determined, or settled, their opinions respecting the affair, or case: (M:) and ائتمروا بِهِ, (S, Msb,) inf. n. as above, (K,) signifies they purposed it, (S, Msb, K, *) namely, a thing, (Msb, K,) and consulted one another respecting it. (S.) It is said in the Kur [lxv. 6], وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ And command ye, or enjoin ye, one another to do good: [such is app. the meaning,] but God best knoweth: (T:) or, accord. to KT, purpose ye among yourselves to do good. (TA.) And in the same [xxviii. 19], إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلوُكَ, meaning Verily the chiefs command one another respecting thee, to slay thee: (Zj, T:) or consult together against thee, to slay thee: (AO, T:) or purpose against thee, to slay thee: (KT, T:) but the last but one of these explanations is better than the last. (T.) b5: See also 3. b6: Accord. to El-Bushtee, ائتمرهُ also signifies He gave him permission: but this has not been heard from an Arab. (Az, TA.) 10 إِسْتَاْمَرَ see 3, in two places.

أَمْرٌ A command; an order; a bidding; an injunction; a decree; an ordinance; a prescript: (S, * Msb, * TA, &c.:) pl. أَوَامِرُ: (S, Msb, &c.:) so accord. to common usage; and some writers of authority justify and explain it by saying that أَمْرٌ is [originally] مَأْمُوُرٌ بِهِ; that it is then changed to the measure فَاعِلٌ; [i. e., to آمِرٌ;] like أَمْرٌ عَارِفٌ, which is originally مَعْرُوفٌ; and عِيشَةٌ راضِيَةٌ, originally مَرْضِيَّةٌ; &c.; [and then, to أَمْرٌ;] and that فَاعِلٌ becomes in the pl. فَوَاعِلُ; so that أَوَامَرُ is the pl. of مَإْمُورٌ: others say that it has this form of pl. to distinguish it from أَمْرٌ in the sense of حَالٌ [&c.], in which sense it has for its pl. أُمُورٌ. (Msb, TA.) [But I think that أَوَامِرُ may be properly and originally pl. of آمِرَةٌ, for آيَةٌ آمِرَةٌ, or the like. MF says that, accord. to the T and M, the pl. of أَمْرٌ in the sense explained in the beginning of this paragraph is أُمُورٌ: but he seems to have founded his assertion upon corrupted copies of those works; for in the M, I find nothing on this point; and in the T, not, as he says, الأَمْرُضِدُّ النَّهْىَ وَاحِدُ الأُمُور, but قَالَ اللَّيْثُ الأَمْرُ مَعْرُوفٌ نَقِيضُ النَّهْىِ وَاحِدُ الأُمُورِ, evidently meaning that أَمْرٌ signifies the contr. of نَهْىٌ, and is also, in another sense, the sing. of أُمُورٌ.] [Hence,] أُولُو الأَمْرِ Those who hold command or rule, and the learned men. (M, K. [See Kur iv. 62.]) and أَمْرُاللّٰهِ The threatened punishment of God: so in the Kur x. 25, and xi. 42, and xvi.1; in which last place occur the words, أَتَي أَمْرُ اللّٰهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ, meaning The threatened punishment ordained of God hath, as it were, come: so near is it, that it is as though it had already come: therefore desire not ye to hasten it. (Zj, M, TA.) And The purpose of God. (Bd and Jel in lxv. 3; &c.) and الأَمْرُ قَرِيبٌ The resurrection, or the time thereof, is near. (Mgh, from a trad.) And مَا فَعَلْتُهُ عَنْ

أَمْرِى, in the Kur xviii. 81, I did it not of my own judgment: (Bd:) or, of my own choice. (Jel.) [Hence also الأَمْرُ, in grammar, signifies The imperative form of a verb.] b2: Also A thing; an affair; a business; a matter; a concern: a state, of a person or thing, or of persons or things or affairs or circumstances; a condition; a case: an accident; an event: an action: syn. شَأْنٌ: (M, F, TA:) and حَالٌ, (Msb, TA,) and حَالَةٌ: (Msb:) and حَادِثَةٌ: (K:) and فِعْلٌ: (MF, TA:) and a thing that is said; a saying: ( TA voce أُولُو, at the end of art. ال:) pl. أُمُورٌ; (S, M, K, &c.;) its only pl. in the senses here explained. (TA.) You say, أَمْرُ فُلَانٍ مُسْتَقِيمٌ [The affair, or the like, of such a one is in a right state]: and امُورُهُ مُسْتَقِيمَةٌ [His affairs are in a right state]. (S, A.) And شَتَّتَ أَمْرَهُ He dissipated, disorganized, disordered, unsettled, or broke up, his state of things, or affairs. (As, TA in art. شعب.) [امر seems to be here used, as in many other instances, rather in the sense of the pl. than in that of the sing.] b3: أَمْرٌ كُلِّىٌّ [A universal, or general, prescript, rule, or canon]. (Msb voce قَاعِدَةٌ, KT voce قَانُونٌ, &c.) إِمْرٌ a subst. from أَمِرَالِأَمْرُ in the sense of اِشْتَدَّ; (S;) or a subst. from أَمِرَ as signifying كَثُرَ and تَمَّ; (M;) (assumed tropical:) [A severe, a distressful, a grievous, or an afflictive, thing: or] a terrible, and foul, or very foul, thing: or a wonderful thing. (TA,) Hence, [used as an epithet, like أَمِرٌ, q. v.,] in the Kur [xviii. 70], لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (assumed tropical:) Verily thou hast done a severe, a distressful, a grievous, or an afflictive, thing: (S:) or a terrible, and foul, or very foul, thing: (TA:) or a wonderful thing: (S:) or an abominable, a foul, or an evil, and a wonderful, thing: (Ks, M, K: *) or a terrible and an abominable thing; signifying more than نَكْرًا, [which occurs after, in verse 73,] inasmuch as the [presumed] drowning of the persons in the ship was more abominable than the slaying of one person: (Zj, T:) or a crafty, and an abominable, or a foul, or an evil, and a wonderful, thing; and derived from أَمِرَ القَوْمُ as meaning كَثُرُوا. (Ks.) أَمَرٌ a coll. gen. n. of which أَمَرَةٌ (q. v.) is the n. un.

A2: See also تَأْمُورٌ.

أَمِرٌ: see إِمَّرٌ.

A2: (assumed tropical:) Multiplied; or become many, or much, or abundant. (M, K.) [See أَمِرَ.] Yousay زَرْعٌ أَمِرٌ (assumed tropical:) Abundant seed-produce. (Lh, M.) b2: (assumed tropical:) A man whose beasts have multiplied, or become many or abundant. (M.) (assumed tropical:) A man blessed, or prospered, (Ibn-Buzurj, M, K, *) in his property: (M:) fem. with ة. (Ibn-Buzurj.) and with ة, (assumed tropical:) A woman blessed to her husband [ by her being prolific]: from the signification of كَثْرَةٌ. (M.) A3: (assumed tropical:) Severe; distressful; afflictive. (TA.) [See also إِمْرٌ.]

أَمْرَةٌ A single command, order, bidding, or injunction: as in the saying, لَكَ عَلَىَّ أَمْرَةٌ مُطَاعَةٌ Thou hast authority to give me one command, order, bidding, or injunction, which shall be obeyed by me. (S, M, * A, Msb, K.) You should not say, [in this sense,] إِمْرَةٌ, with kesr. (T, S.) A2: See also إِمْرَةٌ.

إِمْرَةٌ a subst. from أَمَرَ [q. v.]; Possession of command; the office, and authority, of a commander, governor, lord, prince, or king; (M, * Msb, K;) as also ↓ إِمَارَةٌ (Mgh, Msb, K) and ↓ أَمَارَةٌ; (L, K;) but this last is by some disallowed, and is said in the Fs and its Expositions to be unknown. (MF.) It is said in a trad., لَعَلَّكَ سآءَ تْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ Perhaps thy paternal uncle's son's possession of command hath displeased thee. (TA.) b2: [And hence, (assumed tropical:) Increase, or abundance, or the like; as also other forms mentioned in what follows.] You say, فِى وَجْهِ مَالِكَ تَعْرِفُ إِمْرَتَهُ (assumed tropical:) In the face of thy property, [meaning such as consists in camels or the like, and also money,] thou knowest its increase and abundance, and its expense: (S:) or ↓ إِمَّرَتَهُ, and ↓ إِمّرَتَهُ, which latter is a dial. var. of weak authority, and ↓ أَمَّرَتَهُ, i. e., its increase and abundance: (M:) or ↓ إِمَّرَتَهُ as meaning its prosperous state; as also ↓ أَمَارَتَهُ, and ↓ أَمْرَتَهُ: (Ibn-Buzurj:) accord. to AHeyth, who reads ↓ تُعْرَفُ إِمَّرَتُهُ, the meaning is, its decrease; but the correct meaning is, its increase, as Fr explains it. (T, TA.) It is said respecting anything of which one knows what is good in it at first sight: (Lh, M:) and means, on a thing's presenting itself, thou knowest its goodness. (T.) One says also, ↓ مأَحْسَنَ أَمَارَتَهُمْ (assumed tropical:) How good is their multiplying, and the multiplying of their offspring and of their number! (M.) And ↓ لَا جَعَلَ اللّٰهُ فِيهِ إِمَّرَةً (assumed tropical:) May God not make an increase to be therein. (T.) أَمَرَةٌ Stones: (K:) [or a heap of stones:] or it is the n. un. of أَمَرٌ, which signifies stones: (M:) or the latter signifies stones set up in order that one may be directed thereby to the right way: (Ham p. 409:) and the former also signifies a hill; (M, K;) and أَمَرٌ is [used as] its pl.: (M:) and a sign, or mark, by which anything is known; (M, K;) as also ↓ أَمَارٌ and ↓ أَمَارَةٌ; (As, S;) and أَمَرٌ is [used as] its pl. in this sense also: (M:) or a sign, or mark, set up to show the way; (AA, Fr;) as also ↓ أَمَارٌ and ↓ أَمَارَهٌ: (K:) or a small sign, or mark, of stones, to show the way, in a waterless desert; (S;) as also ↓ أَمَارٌ [and ↓ أَمَارَةٌ]; and any sign, or mark, that is prepared: (TA:) or a structure like a مَنَارَة [here app. meaning a tower of a mosque], upon a mountain, wide like a house or tent, and larger, of the height of forty times the stature of a man, made in the time of 'Ád and Irem; in some instances its foundation being like a house, though it consists only of stones piled up, one upon another, cemented together with mud, appearing as though it were of natural formation: (ISh, T:) the pl. (in all the senses above, K) [or rather the coll. gen. n.,] is أَمَرٌ. (S, K.) A2: See also إِمْرَةٌ.

أَمَارٌ and ↓ أَمَارَةٌ A sign, mark, or token. (As, S Mgh.) See also each voce أَمَرَةٌ, in three places. You say, هِى أَمَارَةُ مَا بَيْنِى وَبَيْنَكَ It is a sign, or token, of what is between me and thee. (T, * TA.) And a poet says, إِذَا طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهَارِ فَإِنَّهَا

أَمَارَةُ تَسْلِيمِى عَلَيْكِ فَسَلِّمِى

[When the sun of day rises, it is a sign of my saluting thee, therefore do thou salute]. (TA.) b2: Also A time: (As, S, K:) so IAar explains the latter word, not particularizing the time as definite or otherwise: (M:) or a definite time: (TA:) or a time, or place, of promise or appointment; an appointed time or place; syn. مَوْعِدٌ: (M, Mgh, K:) or, accord. to some, the former word is pl. [or rather col. gen. n.] of the latter. (TA.) El-'Ajjáj says, إِذْ رَدَّهَا بِكَيْدِهِ فَارْتَدَّتِ

إِلَي أَمَارٍ وَأَمَارِ مُدَّتِى

When He (meaning God) brings it, ( namely my soul,) by his skilful ordering, and his power, [and it is thus brought, or it thus comes, to a set time, and] to the time of the end of my appointed period: امارمدّتى being as above; the former word being prefixed to the latter, governing it in the gen. case. (IB. [In the S we find وَأَمَارٌ مُدَّتِى.]) أَمُورٌ [an intensive epithet from أَمَرَهُ]. You say, إِنَّهُ لَأَمُورٌ بِالْمَعْروفِ وَنَهُوٌّ عَنِ الْمُنْكَرِ Verily he is one who strongly commands, or enjoins, good conduct, and who strongly forbids evil conduct. (S in art. نهى, and A. *) أَمِيرٌ One having, holding, or possessing, command; (S;) a commander; a governor; a lord; (M, * Msb;) a prince, or king: (M, K:) fem. with ة: (S, K:) pl. إُمَرَآءُ. (M, Msb, K.) b2: A leader of the blind. (M, K.) So in the saying of El-Aashà: إِذَاكَانَ هَادِى الفَتَى فِى البِلَا دِصَدْرَ القَنَاةِ أَطَاعَ الأَمِيرَا [When the young man's guide in the countries, or lands, or the like, is the top of the cane, he obeys the leader of the blind]. (M.) b3: A woman's husband. (A.) b4: A neighbour. (K.) b5: A person with whom one consults: (A, K:) any one of whom one begs counsel, or advice, in a case of fear. (TA.) You say, هُوَ أَمِيرِى He is the person with whom I consult. (A.) أَمَارَةٌ: see إِمْرَةٌ, in three places: b2: and see also أَمَرَةٌ, in three places; and أَمَارٌ.

إِمَارَةِ: see إِمْرَةٌ. b2: الإِمَارَةُ is also used for صَاحِبُ الإمَارَةِ, i. e. الأَمِيرُ. (Mgh.) أَمَّرٌ: see the next paragraph, in two places.

إِمَّرٌ A man who consults every one respecting his case; as also ↓ أَمِرٌ and ↓ أَمَّارَةٌ: (M:) or a man resembling [in stupidity] a kid: [see the latter part of this paragraph:] (Th, M:) or, as also ↓ إِمَّرَةٌ (S, M, K, &c.) and ↓ أَمَّرٌ and ↓ أَمَّرَةٌ, (K,) a man having weak judgment, (S, K,) stupid, (T, M,) or weak, without judgment, (M, L,) or without intellect, or intelligence, (T,) who obeys the command of every one, (T, S,) who complies with what every one desires to do in all his affairs; (K;) a stupid man, of weak judgment, who says to another, Command me to execute thine affair. (IAth.) It is said in a trad., مَنْ يُطِعْ إِمَّرَةً لَا يَأْكُلْ ثَمَرَةً [He who obeys a stupid man, &c., shall not eat fruit: or the meaning is] he who obeys a stupid woman shall be debarred from good. (IAth.) ↓ إِمَّرَةٌ is applied to a woman and to a man: when it is applied to a man, the ة is added to give intensiveness to the signification. (ISh.) The following saying, إِذَا طَلَعَتِ الشِّعْرَى

وَلَا إِمَّرًا, ↓ سَفَرًا فَلَا تُرْسِلْ فِيهَا إِمَّرَةً, in rhyming prose, means [When Sirius rises in the clear twilight,] send not thou among them (meaning the camels) a man without intelligence [in a great degree, nor one who is so in a less degree; or a woman without intelligence, nor a man without intelligence;] to manage them. (Sh.) b2: Also, (M, K,) and ↓ إِمَّرَةٌ and ↓ أَمَّرَ and ↓ أُمَّرٌ, (K,) A young lamb: (M, K:) or the first (إِمَرٌ) and the second, a young kid: (M, TA:) or the former of these two, a male lamb: (M, TA:) or a young male lamb: (S:) and the latter of them, a female lamb: (M, TA:) or a young female lamb. (S, M.) One says, ↓ مَا لَهُ إِمَّرٌ وَلَا إِمَّرَةٌ, meaning He has not a male lamb nor a female lamb: (M, TA:) or he has not anything. (T, S, M.) أَمَّرَةٌ: see إِمَّرٌ, in two places.

إِمَّرَةٌ: see إِمَّرٌ, in six places: A2: and see إِمْرَةٌ, in four places.

إِمّرَةٌ: see إِمْرَةٌ.

أَمَّارٌ [Wont to command]. [Hence,] النَّفْسُ الأَمَّارَةُ [The soul that is wont to command]; (A;) the soul that inclines to the nature of the body, that commands to the indulgence of pleasures and sensual appetites, drawing the heart downwards, so that it is the abode of evils, and the source of culpable dispositions. (KT.) [See نَفْسٌ.]

أَمَّارَةٌ fem. of أَمَّارٌ [q. v.]. b2: See also إِمَّرٌ.

آمِرٌ [act. part. n. of أَمَرَهُ.] b2: آمِرٌ and ↓ مُؤْتَمِرٌ Two days, (S,) the last, (K,) the former being the sixth, and the latter the seventh, (M,) of the days called أَيَّامُ الَجُوزِ: (S, M, K: [but see عَجُوزٌ:]) as though the former commanded men to be cautious, and the latter consulted them as to whether they should set forth on a journey or stay at home: (S:) accord. to Az, the latter is applied as an epithet to the day as meaning يُؤْتَمَرُفِيهِ. (TA.) تَأْمُرِىُّ: see تَأْمُورٌ, in two places.

تُؤْمُرِىٌّ, and without ء: see تَأْمُورٌ, in six places.

تَأْمُورٌ and ↓ تَأْمُورَةٌ are properly mentioned in this art.; the measure of the former being تَفْعُولٌ; (K;) and that of the latter, تَفْعْلولَةٌ: (TA:) not as J has imagined; [who writes them without ء, and mentions them in art. تمر;] (K;) their measures accord. to him being فَاعُولٌ and فَاعُولَةٌ. (TA.) [But in all the senses here explained, they appear to be with and without ء.] b2: The former signifies The soul: (S in art. تمر, where it is written without ء; and M, A, K:) because it is that which is wont to command. (A.) One says, قَدْ عَلِمَ تَأْمُورُكَ ذلِكَ Thy soul, or self, hath known that. (Az, and T in art. تمر.) b3: The intellect: (M:) as in the saying, عَرَفْتُهُ بِتَأْمُورِي I knew it by my intellect. (M in art. تمر, without ء; and TA.) You say also, هُوَ ابْنُ تَأْمُورِهَا, meaning He is the knowing with respect to it. (TA in art. بني.) b4: The heart, (T in art. تمر without ء, and M, A, K,) itself. (M, TA.) Hence the saying, حَرْفٌ فِى تَأْمُورِى خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ فى وِ عَائِكَ [One word in my heart is better than ten in thy receptacle]. (T in art. تمر, and TA.) b5: The pericardium. (M in art. تمر, without ء.) b6: The core, or black or inner part, or clot of blood, (حَبَّة, M, K, or عَلَقَة, TA,) and life, and blood, of the heart: (M, K:) or blood, (As, S, M, in art. تمر, and K,) absolutely: (TA:) and تَأْمُورُ النَّفْسِ signifies the life-blood: (As, S:) or the blood of the body: (S in art. نفس:) and the life of the soul. (M, K.) b7: Also, as being likened to blood, (TA,) (tropical:) Wine; and so ↓ تَأْمُورَةٌ: (M, K:) and b8: (tropical:) A dye: (M, TA:) and b9: (tropical:) Saffron. (As, K.) b10: [Hence also,] (tropical:) Water. (M, K.) You say, مَا فىِ الرَّكِيَّةِ تَامُورٌ, (T, S in art. تمر, and M,) or تَأْمُورٌ, (A,) (tropical:) There is not in the well any water. (T, S, M, A.) A2: The wezeer (وَزِير) of a king: (M, K:) because his command is effectual. (TA.) A3: Any one: as in the saying, مَابِهَا تَأْمُورٌ, (T in art. تمر, A, K,) as also ↓ تُؤْمُورٌ, (T in art. تمر, and K,) each with an augmentative ت, and without ء as well as with it, accord. to Er-Radee and others, (TA,) and ↓ تَأْمُرِىُّ, and ↓ تَأْمُورِىُّ, (M,) and ↓ تُؤْمُرِىُّ, (T in art. تمر, M, TA,) or without ء, (S, M, K, in art. تمر,) and ↓ أَمَرٌ, (M, K,) There is not in it (i. e. in the house, الدار, M, A, TA) any one. (M, A, K, and T and S in art. تمر.) You say also, خَلَآءٌ بِلَادٌ

↓ لَيْسَ فِيهَاتُومُرِىٌّ Vacant regions wherein is not any one. (S in art. تمر.) ↓ تُؤْمُرِىٌّ (M, K) and ↓ تُومُرِىٌّ (S in art. تمر) and ↓ تَأْمُورِىٌّ and ↓ تَأْمُرِيٌّ (M, K) also signify A man, or human being. (S, * M, K.) You say, speaking of a beautiful woman, أَحْسَنَ مِنْهَا ↓ مَا رَأَيْتُ تُومُرِيَّا I have not seen a human being, or creature, more beautiful than she: (S and M in art. تمر:) and مَا رَأَيْتُ

أَحْسَنَ مِنْهُ ↓ تُومُرِيَّا [I have not seen a man more beautiful than he]. (T and S in art. تمر.) Accord. to some, they are used only in negative phrases; but accord. to others, they are also used in such as are affirmative. (MF.) b2: Also Anything: as in the saying أَكَلَ الذِّئْبُ الشَّاةَ فَمَا تَرَكَ مِنْهَا تَامُورًا [The wolf ate the sheep, or goat, and left not of it anything]. (T and S in art. تمر.) A4: A child, young one, or fœtus syn. وَلَدٌ. (M, K.) A5: The receptacle (وِعَآء) of the child, young one, or fœtus. (M in art. تمر, without ء; and K.) b2: A وِعَآء [in the ordinary sense; i. e. a bag, or receptacle, for travelling-provisions and for goods or utensils &c.]. (M, K.) Hence the saying, أَنْتَ أَعْلَمُ بِتَأْمُورِكَ Thou art best acquainted with what thou hast with thee; and with thine own mind. (M.) b3: Also, (K,) and ↓ تَأْمُورَةٌ, (M, [in which the former is not given in the following senses,] and K,) or ↓ تَامُورَةٌ, (S in art. تمر,) A ewer, syn. إِبْرِيقٌ, (S, M, K,) for wine: (S:) and, (M, K,) or, as some say, (TA,) a حُقَّة (M, K, TA) in which wine is put. (TA.) b4: Also the first, (M, K,) or ↓ third, (T and S in art. تمر,) The chamber, or cell, (صَوْمَعَة, T and M in art. تمر, without ء, and S and K, and نامُوى, M, K,) of a monk. (M, K.) b5: And hence, (TA,) the first, (K,) and ↓ second, (M, K,) or ↓ third, of these three words, (T and S, in art. تمر,) (tropical:) The covert, or retreat, of a lion. (T, S, M, K.) Whence, ↓ فُلَانٌ أَسَدٌ فِى تَامُورَتِهِ (tropical:) Such a one is a lion in his covert: (T and S in art. تمر:) a saying borrowed from 'Amr Ibn-Maadee-Kerib: (T and S ibid:) or, accord. to some, it means, a lion in the greatness of his courage, and in his heart. (TA.) A6: Also (i. e. the first only) Play, or sport, of girls or of boys. (Th, M in art. تمر without ء, and K.) A7: See also يَأْمُورٌ.

تُؤْمُورٌ A sign, or mark, set up to show the way in a waterless desert; (K, TA;) consisting of stones piled up, one upon another: (TA:) pl. تَآمِيرُ. (K.) [See أَمَرَةٌ.]

A2: See also تَأْمُورٌ.

تَأْمُورَةٌ, and without ء: see تَأْمُورٌ, in eight places. b2: Also The pericardium; the integument (غِلَاف) of the heart. (S in art. تمر: there written without ء.) تَأْمُورِىٌّ: see تَأْمُورٌ, in two places.

مِئْمَرٌ Counsel; advice: as in the saying, فُلَانٌ بَعِيدٌ مِنَ المِئْمَرِ قَرِيبٌ مِنَ المِئْبَرِ Such a one is far from counsel, or advice: near to calumny, or slander. (A.) مُؤَمَّرٌ Made, or appointed, commander, governor, lord, prince, or king: (S, M, K: *) made to have authority, power, or dominion: (T, M, K:) in which latter sense it is explained by Khálid, as applied by Ibn-Mukbil to a spear. (T.) b2: (assumed tropical:) A cane, or spear-shaft, having a spearhead affixed to it. (K.) b3: (assumed tropical:) A spear-head (T, TA) sharpened; syn. مُحَدَّدٌ. (T, M, K, TA.) b4: Distinguished, or defined, (مُحَدَّدٌ,) by signs, or marks: (TA:) or, as some say, (TA,) marked with a hot iron; syn. مُوْسُومٌ. (K, TA.) مَأْمُورٌ [pass. part. n. of أَمَرَهُ, q. v.]. b2: It is said in a trad., (S, &c.,) خَيْرُ المَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ وَسِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ (tropical:) The best of property are a prolific filly [and a row of palm-trees, or perhaps a tall palmtree, fecundated]; (Az, A 'Obeyd, T, S, A, K;) as though the filly were commanded [by God] to be so: (A, in which the epithet مأمورة thus used is said to be tropical:) [or] مأمورة is thus for the sake of conformity to مأبورة, and is originally مُؤْمَرَةٌ, (S, M, * K,) from آمَرَهَا اللّٰهُ: (TA:) or it is a dial. var. of weak authority; (K;) though, accord. to Az, it signifies made to have abundant offspring, from أَمَرَ اللّٰهُ المُهْرَةَ, meaning “God made the filly to have abundant offspring,” a dial. var. of آمَرَهَا, as A 'Obeyd also asserts it to be. (TA.) مَآمِرُ and مَآمِيرُ: see what next follows.

مُؤْتَمِرٌ [Obeying, or conforming to, a command; &c.: see 8. b2: ] One who acts according to his own opinion; (T;) who follows his own opinion only: or who hastes to speak. (M.) A2: See also آمِرٌ. b2: Also, and المُؤْتَمِرُ, [The month which is now commonly called] المُحَرَّمُ: (M, K:) the former appellation (مؤتمر) is that by which the tribe of 'Ád called it: (Ibn-El-Kelbee:) pl. ↓ مَآمِرُ and مَآمِيرُ [both anomalous]. (M, K.) [See شَهْرٌ.]

يَأْمُورٌ; (M, K;) so in all the copies of the K but in the L and other lexicons, ↓ تَأْمُورٌ; (TA;) A certain beast of the sea: or, as some say, a small beast: (M:) and a kind of mountain-goat: (M, K:) or a certain wild beast, (K, TA,) or a beast resembling the mountain-goat, (M,) having a single branching horn in the middle of his head. (M, TA.) [See يَحْمُورٌ, the oryx.]
[امر] فيه: مهرة "مأمورة" أي كثيرة النسل والنتاج وأمرها فهي مأمورة، وأمرها فهي مؤمرة، فأمروا أي كثروا. ومنه: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة أي كثر وارتفع شأنه. ن: أمر كسمع، وأبو كبشة رجل من خزاعة ترك عبادة

وَقَالَ القَاضِي الأرموي

وَقَالَ القَاضِي الأرموي: مَوْضُوع الْكَلَام ذَات الله تَعَالَى إِذْ يبْحَث فِيهِ عَن أعراضه الذاتية أَعنِي عَن صِفَاته الثبوتية والسلبية وَعَن أفعالها. وَأما فِي الدُّنْيَا كأحداث الْعَالم. وَأما فِي الْآخِرَة كالحشر للأجساد مثلا وَهَذَا مَنْظُور فِيهِ لِأَنَّهُ يبْحَث فِي علم الْكَلَام عَن أَحْوَال الْجَوَاهِر والأعراض لَا من حَيْثُ هِيَ مستندة إِلَيْهِ تَعَالَى حَتَّى يُمكن إدراجها فِي الْبَحْث عَن الْأَعْرَاض الذاتية. وَقيل الْكَلَام هُوَ الْعلم الباحث عَن أَحْوَال الــبدء والمعاد على نهج قانون الْإِسْلَام وَيفهم مِمَّا قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح العقائد النسفية إِن علم الْكَلَام مَا يُفِيد معرفَة العقائد عَن أدلتها وَأَشَارَ رَحمَه الله تَعَالَى هُنَاكَ إِلَى وَجه تَسْمِيَة هَذَا الْعلم بالْكلَام بِوُجُوه شَتَّى مِنْهَا قَوْله وَلِأَنَّهُ أول مَا يجب من الْعُلُوم الَّتِي إِنَّمَا تعلم وتتعلم بالْكلَام فَأطلق عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم لذَلِك ثمَّ خص بِهِ وَلم يُطلق على غَيره تمييزا انْتهى. وَقَالَ صَاحب الخيالات اللطيفة قَوْله فَأطلق عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم أَي أَولا إِذْ لَو لم يُقيد بِهِ لضاع أما قيد الأول فِي الأول الخ، اعْلَم أَن قَوْله إِذْ لَو لم يُقيد الخ حَاصله أَن قَول الشَّارِع الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لذَلِك أما إِشَارَة إِلَى كَون الْكَلَام من الْعُلُوم الَّتِي إِنَّمَا تعلم وتتعلم بالْكلَام فَحِينَئِذٍ لفظ الأول فِي قَوْله: وَلِأَنَّهُ أول إِمَّا يجب إِلَى آخِره زَائِد لَا فَائِدَة فِيهِ كَمَا لَا يخفى ولظهوره تَركه الْمحشِي وَإِمَّا إِشَارَة إِلَى كَون الْكَلَام أول مَا يجب إِلَى آخِره فَحِينَئِذٍ لَا حجَّة إِلَى قَوْله ثمَّ خص بِهِ إِذْ لَا شركَة إِلَى آخِره بِخِلَاف مَا إِذا قيد الْإِطْلَاق بقولنَا أَو لَا فَحِينَئِذٍ يكون قَوْله ذَلِك إِشَارَة إِلَى كَون الْكَلَام من تِلْكَ الْعُلُوم فَالْمَعْنى أَنه أطلق عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم لذَلِك أَي لكَونه من تِلْكَ الْعُلُوم إطلاقا أَولا لِأَنَّهُ أول مَا يجب أَن يعلم إِلَى آخِره فَحِينَئِذٍ قَوْله ثمَّ خص إِلَى آخِره جَوَاب سُؤال مُقَدّر كَأَنَّهُ قيل لما كَانَ وَجه إِطْلَاق هَذَا الِاسْم كَون الْكَلَام من تِلْكَ الْعُلُوم وَهَذَا الْوَجْه مُشْتَرك بَين هَذَا الْعلم أَي الْكَلَام وَغَيره فَمَا وَجه التَّخْصِيص فَأجَاب بقوله ثمَّ خص بِهِ إِلَى آخِره وَقَوله وَأما احْتِمَال تَسْمِيَة الْغَيْر إِلَى آخِره جَوَاب عَن سُؤال مُقَدّر كَأَنَّهُ قيل إِنَّا نَخْتَار الْإِشَارَة إِلَى كَون الْكَلَام أول مَا يجب وَلَا يلْزم حِينَئِذٍ ضيَاع قَوْله ثمَّ خص بِهِ إِلَى آخِره لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون لدفع احْتِمَال أَن يُسمى غير الْكَلَام بِهَذَا الِاسْم لغير هَذَا الْوَجْه فَأجَاب الْمحشِي رَحمَه الله بِأَن هَذَا الِاحْتِمَال قَائِم فِي بَاقِي الْوُجُوه الْمَذْكُورَة أَيْضا فَافْهَم هَذَا مَا ذكرنَا فِي الْحَوَاشِي على الْحَوَاشِي الخيالية.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.