....
....
عسس: عسَّ يَعُسُّ عَسَساً وعَسّاً أَي طاف بالليل؛ ومنه حديث عمر، رضي
اللَّه عنه: أَنه كان يَعُسُّ بالمدينة أَي يطوف بالليل يحرس الناسَ
ويكشف أَهل الرِّيبَة؛ والعَسَسُ: اسم منه كالطَّلَب؛ وقد يكون جمعاً لعاسٍّ
كحارِسٍ وحَرَسٍ. والعَسُّ: نَقْضُ الليل من أَهل الريبة. عَسَّ يَعُسُّ
عَسّاً واعْتَسَّ. ورجل عاسٌّ، والجمع عُسَّاسٌ وعَسَسَة ككافِر وكُفَّار
وكَفَرة. والعَسَسُ: اسم للجمع كرائِحٍ ورَوَحٍ وخادِمٍ وخَدَمٍ، وليس
بتكسيرٍ لأَن فَعَلاً ليس مما يُكسَّرُ عليه فاعِل، وقيل: العَسَسُ جمع
عاسٍّ، وقد قيل: إِن العاسَّ أَيضاً يقع على الواحد والجمع، فإِن كان كذلك
فهو اسم للجمع أَيضاً كقولهم الحاجُّ والدَّاجُّ. ونظيره من غير
المُدغَم: الجامِلُ والباقِرُ؛ وإِن كان على وجه الجنس فهو غير متعدًّى به لأَنه
مطرد كقوله:
إِنْ تَهْجُري يا هِندُ، أَو تَعْتَلِّي،
أَو تُصْبِحي في الظَّاعِنِ المُوَلِّي
وعَسَّ يَعُسُّ إِذا طلب. واعْتَسَّ الشيءَ: طلَبه ليلاً أَو قصده.
واعْتَسَسْنا الإِبلَ فما وجدنا عَساساً ولا قَساساً أَي أَثراً.
والعَسُوسُ والعَسِيسُ: الذئب الكثير الحركة. والذئب العَسُوسُ: الطالب
للصيد. ويقال للذئب: العَسْعَسُ والعَسْعاسُ لأَنه يَعُسُّ الليل
ويَطْلُبُ، وفي الصحاح: العَسوسُ الطالب للصيد؛ قال الراجز:
واللَّعْلَعُ المُهْتَبِل العَسوس
وذئب عَسْعَسٌ وعَسْعاسٌ وعَسَّاسٌ: طَلوب للصيد بالليل. وقد عَسْعَسَ
الذئبُ: طاف بالليل، وقيل: إِن هذا الاسم يقع على كل السباع إِذا طَلَبَ
الصيد بالليل، وقيل: هو الذي لا يَتَقارّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُقْلِقَةٌ للمُسْتَنِيح العَسْعاسْ
يعني الذئب يَسْتَنِيحُ الذئاب أَي يستعويها، وقد تَعَسْعَسَ.
والتَّعَسْعُسُ: طلب الصيد بالليل، وقيل: العَسْعاسُ الخفيف من كل شيء.
وعَسْعَسَ الليلُ عَسْعَسَة: أَقبل بظلامه، وقيل عَسعَسَتُه قبل
السَّحَر. وفي التنزيل: والليل إِذا عَسْعَسَ والصُّبح إِذا تَنَفَّسَ؛ قيل: هو
إِقباله، وقيل: هو إِدباره؛ قال الفراء: أَجمع المفسرون على أَن معنى
عَسْعَسَ أَدْبَرَ، قال: وكان بعض أَصحابنا يزعم أَن عَسْعَسَ معناه دنا من
أَوله وأَظلم؛ وكان أَبو البلاد النحوي ينشد:
عَسْعَسَ حتى لو يَشاءُ ادَّنا،
كان له مِن ضَوْئِه مَقْبَسُ
وقال ادَّنا إِذ دنا فأَدغم؛ قال: وكانوا يَرَوْن أَن هذا البيت مصنوع،
وكان أَبو حاتم وقطرب يذهبان إِلى أَن هذا الحرف من الأَضداد. وفي حديث
علي، رضي اللَّه عنه: أَنه قام من جوف الليل ليصلي فقال: والليل إِذا
عَسْعَسَ؛ عَسْعَسَ الليل إِذا أَقبل بظلامه وإِذا أَدبر، فهو من الأَضداد؛
ومنه حديث قُسّ: حتى إِذا الليل عَسْعَسَ؛ وكان أَبو عبيدة يقول: عَسْعَس
الليل أَقبل وعَسْعَسَ أَدبر؛ وأَنشد:
مُدَّرِعات الليل لما عَسْعَسا
أَي أَقبل: وقال الزِّبْرِقان:
ورَدْتُ بأَفْراسٍ عِتاقٍ، وفتْيَةٍ
فَوارِطَ في أَعْجازٍ ليلٍ مُعَسْعِسِ
أَي مُدْبرٍ مُولٍّ. وقال أَبو إِسحق بن السري: عَسْعَسَ الليل إِذا
أَقبل وعَسْعَسَ إِذا أَدبر، والمعنيان يرجعان إِلى شيء واحد وهو ابتداء
الظلام في أَوله وإِدبارُه في آخره؛ وقال ابن الأَعرابي: العَسْعَسَةُ ظلمة
الليل كله، ويقال إِدباره وإِقباله. وعَسْعَس فلان الأَمر إِذا لبَّسَه
وعَمَّاه، وأَصله من عَسْعَسَة الليل. وعَسْعَسَتِ السحابة: دنت من الأَرض
ليلاً؛ لا يقال ذلك إِلا بالليل إِذا كان في ظلمة وبرق. وأَورد ابن سيده
هنا ما أَورده الأَزهري عن أَبي البلاد النحوي، وقال في موضع قوله يشاء
ادَّنا: لو يشاء إِذ دنا ولم يدغم، وقال: يعني سحاباً فيه برق وقد دنا من
الأَرض؛ والمَعَسُّ: المَطْلَب، قال: والمعنيان متقاربان.
وكلب عَسُوسٌ: طلوب لما يأْكل،والفعل كالفعل؛ وأَنشد للأَخطل:
مُعَفَّرة لا يُنْكِه السَّيفُ وَسْطَها،
إِذا لم يكن فيها مَعَسُّ لِحالِبِ
وفي المثل في الحث على الكسب: كَلْبٌ اعْتَسَّ خير من كلبٍ رَبَضَ،
وقيل: كلب عاسّ خير من كلب رابِض، وقيل: كلب عَسَّ خير من كلب رَبَضَ؛
والعاسُّ: الطالب يعني أشن من تصرَّف خير ممن عجز.
أَبو عمرو: الاغتِساس والاعْتِسامُ الاكتساب والطلَب. وجاء بالمال من
عَسَّه وبَسَّه، وقيل: من حَسَّه وعَسَّه، وكلاهما إِتباع ولا ينفصلان، أَي
من جَهْده وطلَبه، وحقيقتُهما الطلب. وجِئْ به من عَسِّك وبَسِّك أَي
من حيث ان، وقال اللحياني: من حيث كان ولم يكن.
وعَسَّ عَليَّ يَعُسُّ عَسّاً: أَبطأَ، وكذلك عَسَّ عليَّ خبره أَي
أَبطأَ. وإِنه لَعسُوس بيِّن العُسُس أَي بطيء؛ وفيه عُسُسٌ، بضمتين، أَي
بطء. أَبو عمرو: العَسُوسُ من الرجال إِذا قل خيره، وقد عَسَّ عليَّ بخيره.
والعَسُوسُ من الإِبل: التي ترعى وحدها مثل القَسُوسِ، وقيل: هي التي لا
تَدِرُّ حتى تَتباعَدَ عن الناس، وقيل: هي التي تَضجَر ويسوءُ خلُقها
وتتنحى عن الإِبل عند الحَلْب أَو في المبرك، وقيل: العَسُوسُ التي
تُعْتَسُّ أَبِها لَبَن أَم لا، تُرازُ ويلمس ضَرعها؛ وأَنشد أَبو عبيد لابن
أَحمر الباهلي:
وراحتِ الشُّولُ، ولم يَحْبُها
فَحْلٌ، ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِرْ
قال الهجيمي: لم يَعْتَسَّها أَي لم يطلب لبَنها، وقد تقدم أَن
المَعَسَّ المَطْلَبُ، وقيل: العَسُوسُ التي تضرب برجلها وتصُب اللبن، وقيل: هي
التي إِذا أُثيرتْ للحَلْب مشت ساعة ثم طَوَّفَتْ ثم دَرَّت. ووصف أَعرابي
ناقة فقال: إِنها لعَسُوسٌ ضَروسٌ شَمُوسٌ نَهُوسٌ؛ فالعسوس: ما قد
تقدم، والضَّروس والنَّهوس: التي تَعَضُّ، وقيل: العَسوس التي لا تَدِرَ وإِن
كانت مُفيقاً أَي قد اجتمع فُواقها في ضرعها، وهو ما بين الحلبتين، وقد
عَسَّت تَعُسُّ في كل ذلك. أَبو زيد: عَسَسْت القوم أَعُسُّهم إِذا
أَطعمتَهم شيئاً قليلاً، ومنه أُخذ العَسُوس من الإِبل. والعَسُوسُ من النساء:
التي لا تُبالي أَن تَدنُوَ من الرجال.
والعُسُّ: القدح الضخم، وقيل: هو أَكبر من الغُمَرِ، وهو إِلى الطول،
يروي الثلاثة والأَربعة والعِدَّة، والرِّفْد أَكبر منه، والجمع عِساس
وعِسَسَة. والعُسُسُ: الأنية الكبار؛ وفي الحديث: أَنه كان يغتسل في عُسٍّ
حَزْرَ ثمانية أَرطال أَو تسعة، وقال ابن الأَثير في جمعه: أَعْساسٌ
أَيضاً؛ وفي حديث المِنْحة: تَغْدو بِعُسٍّ وتَرُوحُ بِعُسٍّ.
والعَسْعَسُ والعَسْعَاسُ: الخفيف من كل شيء؛ قال رؤبة يصف السراب:
وبلَدٍ يَجري عليه العَسعاسْ،
من السَّراب والقَتامِ المَسْماسْ
أَراد السَّمْسام وهو الخفيف فقلبَه.
وعَسْعَسُ، غير مصروف: بلدة، وفي التهذيب: عَسْعَسُ موضع بالبادية
معروف.والعُسُس: التُّجَّار الحُرصاء. والعُسُّ: الذكَر: وأَنشد أَبو
الوازع:لاقَتْ غلاماً قد تَشَظَّى عُسُّه،
ما كان إِلا مَسُّه فدَسُّهُ
قال: عُسُّه ذكَره.
ويقال: اعْتَسَسْتُ الشيء واحْتَشَشْتُهُ واقْتَسَسْتُه واشْتَمَمْتُه
واهْتَمَمْتُه واخْتَشَشْتُه، والأَصل في هذا أَن تقول شَمَمْت بلد كذا
وخَشَشْتُه أَي وطئته فعرفت خَبره؛ قال أَبو عمرو: التَّعَسْعُسُ الشَّم؛
وأَنشد:
كَمُنْخُرِ الذئب إِذا تَعَسْعَسا
وعَسْعَسٌ: اسم رجل؛ قال الراجز:
وعَسْعَسٌ نِعم الفتى تَبَيَّاهْ
أَي تعتمدُه. وعُساعِسُ: جبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد صبَّحَتْ من لَيْلِها عُساعِسا،
عُساعِساً ذاك العُلَيْمَ الطَّامِسا،
يَتْرُك يَرْبُوعَ الفَلاةِ فاطِسا
أَي ميتاً؛ وقال امرؤ القيس:
أَلمَّا علة الرَّبْعِ القديمِ بِعَسْعَسا،
كأَني أُنادِي أَو أُكَلِّم أَخرَسا
ويقال للقنافذ العَساعِسُ لكثرة تردّدها بالليل.
خشف: الخَشْفُ: الـمَرُّ السريعُ. والخَشُوفُ من الرجال: السريعُ.
وخَشَفَ في الأَرض يَخْشُفُ ويَخْشِفُ خُشوفاً وخَشَفاناً، فهو خَاشِفٌ
وخَشوفٌ وخَشِيفٌ: ذَهَب. أَبو عمرو: رجل مِخَشٌّ مُخْشَفٌ وهو الجَريءُ على
هَوْلِ الليل. ورجل خَشُوفٌ ومِخْشَفٌ: جريء على الليل طُرَقَةٌ. وحكى ابن
بري عن أَبي عمرو: الخَشُوفُ الذاهبُ في الليل أَو غيره بجُرْأَةٍ؛
وأَنشد لأَبي الـمُساوِرِ العَبْسِيّ:
سرينا، وفِينا صارِمٌ مُتَغَطْرِسٌ،
سَرَنْدَى خَشُوفٌ في الدُّجى، مُؤْلِفُ القفرِ
وأَنشد لأَبي ذؤيب:
أُتِيحَ له من الفِتْيانِ خِرْقٌ
أَخُو ثِقةٍ وخِرّيقٌ خَشُوفُ
ودليلٌ مِخْشَفٌ: ماضٍ. وقد خَشَفَ بهم يَخشِفُ خَشافةً وخَشَّفَ
وخَشَفَ في الشيء وانْخَشَفَ، كلاهما: دَخَل فيه؛ قال:
وأَقْطَعُ الليلَ، إذا ما أَسْدَفا،
وقَنَّعَ الأَرضَ قِناعاً مُغْدَفا
وانْغَضَفَتْ لِمُرْجَحِنٍّ أَغْضَفا
جَوْنٍ، تَرى فيه الجِبالَ خُشَّفا
والخُشّافُ: طائر صغيرُ العَيْنَينِ. الجوهري: الخُشّافُ الخُفّاشُ،
وقيل الخُطَّافُ. الليث: الخَشَفانُ الجَوَلانُ بالليل، وسُمّي الخُشّافُ به
لخَشَفانِه، وهو أَحْسَنُ من الخُفّاشِ. قال: ومن قال خُفّاشٌ
فاشْتِقاقُ اسمه من صِغَر عَينيه.
والخَشْفُ والخِشْفُ: ذُبابٌ أَخْضر. وقال أَبو حنيفة: الخُشْفُ الذبابُ
الأَخضر، وجمعه أَخْشافٌ. والخِشْفُ: الظَّبْيُ بعد أَن يكون جَِدايةً،
وقيل: هو خِشْفٌ أَوَّلَ ما يولد، وقيل: هو خشف أَوَّل مَشْيِه، والجمع
خِشَفةٌ، والأَنثى بالهاء. الأَصمعي: أَوَّلَ ما يولد الظبيُ فهو طَلاً،
وقال غير واحد من الأَعراب: هو طَلاً ثم خشْفٌ.
والأَخْشَفُ من الإبل: الذي عَمَّه الجَرَبُ. الأَصمعي: إذا جَرِبَ
البعيرُ أَجْمَعُ فيقال: أَجْرَبُ أَخْشَفُ، وقال الليث: هو الذي يَبِسَ عليه
جَرَبَهُ؛ وقال الفرزدق:
على الناسِ مَطْلِيُّ الـمَساعِرِ أَخْشَفُ
والخُشَّفُ من الإبل: التي تسير في الليل، الواحد خَشُوفٌ وخاشِفٌ
وخاشِفةٌ؛ وأَنشد:
باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقطا
عَجَمْجَماتٍ، خُشَّفاً تحْتَ السُّرى
قال ابن بري: الواحد من الخُشَّفِ خاشِفٌ لا غير، فأَمّا خَشُوفٌ فجمعه
خشُفٌ، والوَرِشاتُ: الخِفافُ من النوقِ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ، وهو
الذُّلُّ. والأَخاشِفُ، بالشين: العَزازُ الصُّلْبُ من الأَرض، وأَما
الأَخاسِفُ فهي الأَرض اللَّيِّنةُ. وفي النوادر: يقال خَشَفَ به وخَفَشَ
به وحَفَشَ به ولَهَطَ به إذا رَمَى به. وخَشَفَ البرْدُ يَخْشُفُ
خَشْفاً: اشْتَدَّ. والخَشَفُ: اليُبْسُ. والخَشَفُ والخَشِيفُ: الثلْجُ، وقيل:
الثلج الخَشِنُ، وكذلك الجَمْدُ الرِّخْو، وقد خَشَفَ يَخْشِفُ ويَخْشُفُ
خُشُوفاً. وقال الجوهري: خَشَفَ الثلْجُ وذلك في شدَّةِ البَرْدِ
تَسْمَعُ له خَشْفة عند الـمَشْيِ؛ قال:
إذا كَبَّدَ النَّجْمُ السماءَ بشَتْوةٍ،
على حِينَ هَرَّ الكلبُ والثلْجُ خاشِفُ
قال: إنما نَصَبَ حين لأَنه جَعَلَ على فَضْلاً في الكلام وأَضافَه إلى
جملة فتُركت الجملة على إعرابها كما قال الآخر:
على حِينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أُمُورِهم،
فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثْعالِبِ
ولأَنه أُضِيفَ إلى ما لا يضاف إلى مثله وهو الفعل، فلم يوفَّرْ حظُّه
من الإعرابِ؛ قال ابن بري: البيت للقطامي والذي في شعره:
إذا كبَّدَ النجمُ السماء بسُحْرةٍ
قال: وبنى حين على الفتح لأَنه أَضافه إلى هرَّ وهو فعل مبني فبُني
لإضافته إلى مبني؛ ومثله قول النابغة:
على حينَ عاتَبْتُ الـمَشِيبَ على الصِّبا
وماءٌ خاشِفٌ وخَشْفٌ: جامِدٌ. والخَشِيفُ من الماء: ما جرى في
البَطْحاء تحتَ الحَصى يومين أَو ثلاثةً ثم ذهب. قال: وليس للخشيف فعل، يقال:
أَصبح الماءُ خَشِيفاً؛ وأَنشد:
أَنـْتَ إذا ما انْحَدَرَ الخَشِيفُ
ثَلْجٌ، وشَفَّانٌ له شَفِيفُ
والخَشَفُ: اليُبْسُ؛ قال عمرو بن الأَهتم:
وشَنَّ مائِحةً في جِسْمِها خَشَفٌ،
كأَنـَّه بِقِباصِ الكَشْحِ مُحْتَرِقُ
والخَشْفُ والخَشْفةُ والخَشَفةُ: الحركة والحِسُّ. وقيل: الحِسُّ
الخَفِيُّ. وخَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً إِذا سُمع له صَوت أَو حَركة. وروي عن
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: ما دَخَلْتُ مَكاناً إلا سمعت خشفة
فالتَفَتُّ فإذا بلال. ورواه الأَزهري: أَنه صلى اللّه عليه وسلم، قال
لِبلالٍ: ما عَمَلُك؟ فإني لا أَراني أَدخلُ الجنة فأَسْمَعُ الخَشْفَةَ
فأَنظُرُ إلا رأَيتُكَ؛ قال أَبو عبيد: الخَشْفةُ الصوت ليس بالشديد، وقيل:
الصوتُ، ويقال خَشْفةٌ وخَشَفَةٌ للصوت. وروى الأَزهري عن الفراء أَنه
قال: الخَشْفةُ، بالسكون، الصوتُ الواحدُ. وقال غيره: الخشَفة، بالتحريك،
الحِسُّ والحركة، وقيل: الحِسُّ إذا وقَع السيفُ على اللحم قلتَ سمعت له
خَشْفاً، وإذا وقَع السيفُ على السِّلاح قال: لا أَسمع إلا خَشْفاً. وفي
حديث أَبي هريرة: فسَمِعَتْ أُمـّي خَشْفَ قَدَمَيَّ. والخَشْفُ: صوت ليس
بالشديد. وخَشْفَةُ الضَبُعِ: صَوْتُها. والخَشْفةُ: قُفٌّ قد غَلَبَتْ
عليه السُّهُولةُ. وجِبالٌ خُشَّفٌ: مُتواضِعةٌ؛ عن ثعلب، وأَنشد:
جَوْنٍ تَرى فيه الجِبالَ الخُشَّفا،
كما رأَيتَ الشَّارِفَ الـمُوَحَّفا
وأُمُّ خَشَّافٍ: الدّاهِيةُ؛ قال:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا،
وأُمّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا
ويقال لها أَيضاً: خَشّاف، بغير أُم.
ويقال: خاشَفَ فلان في ذِمَّته إذا سارَعَ في إخْفارِها، قال: وخاشَفَ
إلى كذا وكذا مِثْلُه. وفي حديث معاوية: كان سَهْم بن غالِبٍ من رُؤوس
الخَوارِج، خرج بالبصرة فآمَنَه عبدُ اللّه بن عامر فكتب إليه معاويةُ: لو
كنتَ قَتَلْتَه كانت ذِمّةً خاشَفْتَ فيها أَي سارَعْتَ إلى إخْفارها.
يقال: خاشَفَ إلى الشرِّ إذا بادَرَ إليه؛ يريد: لم يكن في قَتْلِكَ له إلا
أَن يقالَ قد أَخْفَرَ ذِمَّتَه.
والـمَخْشَفُ: النَّجْرانُ
(* قوله «والمخشف النجران» كذا بالأصل. وفي
القاموس مع شرحه: والمخشف كمقعد: اليخدان؛ عن الليث، قال الصاغاني: ومعناه
موضع الجمد. قلت: واليخ بالفارسية الجمد، ودان موضعه. هذا هو الصواب وقد
غلط صاحب اللسان فقال هو النجران.) الذي يَجْري فيه البابُ، وليس له
فعل.وسيف خاشِفٌ وخَشِيفٌ وخَشُوفٌ: ماضٍ. وخَشَفَ رأْسَه بالحجر: شَدَخَه،
وقيل: كل ما شُدِخَ، فقد خُشِفَ. والخَشَفُ: الخَزَفُ
(* قوله «والخشف
الخزف» في شرح القاموس الصواب: الخسف، بالسين المهملة.)، يمانية؛ قال ابن
دريد: أَحْسَبُهم يَخُصُّون به ما غَلُظَ منه. وفي حديث الكعبة: إنها كانت
خَشَفةً على الماء فدُحِيَتْ عنها الأَرضُ. قال ابن الأَثير: قال
الخطابي الخَشَفةُ واحدة الخَشَف، وهي حجارة تنبت في الأَرض نباتاً، قال: وتروى
بالحاء المهملة وبالعين بدل الفاء، وهي مذكورة في موضعها.
عشا: العَشا، مقصورٌ: سوءُ البَصَرِ بالليلِ والنهارِ، يكونُ في الناسِ
والدَّوابِّ والإبلِ والطَّيرِ، وقيل: هو ذَهابُ البَصَرِ؛ حكاه ثعلب،
قال ابن سيده: وهذا لا يصحُّ إذا تأَمَّلته، وقيل: هو أَن لا يُبْصِر
بالليل، وقيل: العَشا يكونُ سُوءَ البصَرِ من غيرِ عَمًى، ويكونُ الذي لا
يُبْصِرُ باللَّيْلِ ويُبْصِرُ بالنَّهارِ، وقد عَشا يَعْشُو عَشْواً، وهو
أَدْنَى بَصَرِه وإنما يَعْشُو بعدَما يَعْشَى. قال سيبويه: أَمالوا
العَشا ، وإن كان من ذَواتِ الواوِ، تَشْبيهاً بذَوات الواوِ من الأفعال
كغَزا ونحوها، قال: وليس يطَّرِدُ في الأَسْماء إنما يَطَّرِدُ في
الأَفْعالِ، وقد عَشِيَ يَعْشَى عَشًى، وهو عَشٍ وأَعْشَى، والأُنثى عَشْواء،
والعُشْوُ جَمعُ الأَعْشَى؛ قال ابن الأعرابي: العُشْوُ من الشُّعراء سَبْعة:
أَعْشَى بني قَيْسٍ أَبو بَصِير، وأَعْشى باهلَةَ أَبو قُحافة
(* قوله «
أبو قحافة» » هكذا في الأصل، وفي التكملة: أبو قحفان.)
وأَعْشَي بَني نَهْشَلٍ الأَسْودُ بنُ يَعْفُرَ، وفي الإسلام أَعْشَى
بَني رَبيعة من بني شَيْبانَ، وأَعْشَى هَمْدان، وأَعْشَى تَغْلِب ابنُ
جاوانَ، وأَعْشَى طِرْودٍ من سُلَيْم، وقال غيره: وأَعْشَى بَني مازِنٍ من
تَمِيم. ورَجُلان أَعْشَيانِ، وامرأتانِ عَشْواوانِ، ورجال عُشوٌ
وأَعْشَوْنَ.
وعَشَّى الطَّـيْرَ: أَوْقَد ناراً لتعَشى منها فيصيدها. وعَشا يَعْشُو
إذا ضَعُفَ بَصَرُه، وأَعشاهُ الله. وفي حديث ابنِ المُسَيَّب: أَنه
ذَهَبَتْ إحدْى عَينَيْه وهو يَعْشُو بالأُخْرى أَي يُبْصِر بها بَصَراً
ضَعِيفاً. وعَشا عن الشيء يَعْشُو: ضَعُفَ بَصَرُه عنه، وخَبَطَه خَبْطَ
عَشْواء: لم يَتَعَمَّدْه. وفلانٌ خابطٌ خَبْطَ عَشْواء، وأَصْلُه من الناقةِ
العَشْواءِ لأنها لا تُبْصِر ما أَمامَها فهي تَخْبِطُ بِيَديْها، وذلك
أَنها تَرْفَع رَأْسها فلا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفافِها؛ قال زهير:
رأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْواءَ، مَنْ تَصِبْ
تُمِيتْهُ ، ومَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
ومن أَمثالهم السَّائرة: وهو يَخْبِط خَبْطَ عَشْواء، يضرَبُ مثلاً
للسَّادِرِ الذي يَرْكَبُ رَأْسَهُ ولا يَهْتَمُّ لِعاقِبَتِهِ كالنَّاقَة
العَشْواء التي لا تُبْصِرُ، فهي تَخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ ما مَرَّت به ،
وشَبَّه زُهَيرٌ المنايا بخَبْطِ عَشْواءَ لأَنَّها تَعُمُّ الكُلَّ ولا
تَخُصُّ. ابن الأَعرابي: العُقابُ العَشْواءُ التي لا تُبالي كيْفَ
خَبَطَتْ وأَيْنَ ضَرَبَتْ بمخالِبها كالنَّاقة العَشْواء لا تَدْرِي كَيْفَ
تَضَع يَدَها.
وتَعاشَى: أَظْهَرَ العَشا، وأَرى من نَفْسِه أَنه أَعْشَى وليس به.
وتعاشَى الرجلُ في أَمْرِه إذا تَجَاهَلَ، على المَثَل. وعَشا يَعْشوُ إذا
أَتى ناراً للضِّيافَة وعَشا إلى النار، وعَشاها عَشْواً وعُشُوّاً
واعْتَشاها واعْتَشَى بها، كلُّه: رآها لَيْلاً على بُعْدٍ فقَصَدَها
مُسْتَضِيئاً بها؛ قال الحطيئة:
مَتَى تأْتِهِ تَعْشُو إِلى ضَوْْء نارِهِ،
تَجِدْ خَيرَ نارٍ، عندَها خَيرُ مُوقِدِ
أَي متي تأْتِهِ لا تَتَبَيَّن نارَهُ مِنْ ضَعْف بَصَرِك؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وُجُوهاً لو أنَّ المُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بها،
صَدَعْنَ الدُّجى حتَّى تَرى اللّيْلَ يَنْجَلي
(* قوله« وجوهاً» هو هكذا بالنصب في الأصل والمحكم، وهو بالرفع فيما
سيأتي.)
وعَشَوْتُه: قَصَدْتُه ليلاً، هذا هو الأَصْلُ ثم صار كلُّ قاصِدٍ
عاشِياً. وعَشَوْت إِلى النارِ أَعْشُو إِليها عَشْواً إِذا اسْتَدْلَلْتَ
عليها بِبَصَرٍ ضَعيفٍ، ويُنْشد بيت الحُطيئة أَيضاً، وفسَّره فقال: المعنى
متى تَأْتِه عاشِياً، وهو مَرْفُوعٌ بين مَجْزُومَيْن لأَن الفعلَ
المُسْتَقْبَل إِذا وَقَع مَوقِعَ الحال يَرْتَفِع، كقولك: إِن تأْتِ زيداً
تُكْرِمُه يَأْتِكَ، جَزَمْتَ تأْتِ بأَنْ، وجَزَمْتَ يأْتِكَ بالجواب،
ورفَعْتَ تُكْرِمُه بينهما وجَعَلْتَه حالاً، وإِن صَدَرْت عنه إِلى غيره قلت
عَشَوْتُ عنه، ومنه قوله تعالى: ومَن يَعْشُ عن ذكْرِ الرَّحْمن
نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قَرينٌ؛ قال الفراء: معناه من يُعْرضْ عن ذكر
الرحمن، قال: ومن قرأَ ومَن يَعْشُ عن ذكر الرحمن فمعناه مَن يَعْمَ عنه، وقال
القُتَيبي: معنى قوله ومَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن أَي يُظْلِمْ بَصَرُه،
قال: وهذا قولُ أَبي عبيدة، ثم ذهب يَرُدُّ قولَ الفراء ويقول: لم أَرَ
أَحداً يُجيزُ عَشَوْتُ عن الشيء أَعْرَضْتُ عنه، إِنما يقال تَعاشَيْتُ
عن الشيء أَي تَغافَلْت عنه كأَني لم أَرَهُ، وكذلك تعامَيْت، قال:
وعَشَوْتُ إِلى النار أَي اسْتَدْلَلْت عليها ببَصَرٍ ضعيف. قال الأَزهري:
أَغْفَل القُتَيْبي موضعَ الصوابِ واعْتَرَض مع غَفْلَتِه على الفراء
يَرُدُّ عليه، فذكرت قوله لأَبَيِّن عُوارَه فلا يَغْتَرَّ به الناظرُ في
كتابه. والعرب تقول: عَشَوْتُ إِلى النار أَعْشُو عَشْواً أَي قَصَدتُها
مُهْتَدِياً بها، وعَشَوْتُ عنها أَي أَعْرَضْت عنها، فيُفرِّقون بين إِلى
وعَنْ موصولَيْن بالفعل. وقال أَبو زيد: يقال عَشَا فلانٌ إِلى النار
يَعْشُو عَشْواً إِذا رأَى ناراً في أَوَّل الليل فيَعْشُو إِليها يَسْتضِيءُ
بضَوْئها. وعَشَا الرجلُ إِلى أَهلِه يَعْشُو: وذلك من أَوَّل الليل إِذا
عَلِمَ مكانَ أَهلِه فقَصدَ إِليهم. وقال أَبو الهيثم: عَشِيَ الرجلُ
يَعْشى إِذا صار أَعْشى لا يُبْصِرُ لَيْلاً؛ وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
فجعَل الاعتِشاء بالوجوه كالاعتشاء بالنار يَمْدَحُ قوماً بالجمال:
يَزينُ سَنا الماوِيِّ كلَّ عَشيَّةٍ،
على غَفلات الزَّيْنِ والمُتَجَمَّلِ،
وُجُوهٌ لوَانَّ المُدْلِجينَ اعْتَشَوْا بها،
سَطَعْنَ الدُّجى حتى ترَى الليْلَ يَنْجَلي
وعَشَا عن كذا وكذا يَعْشُو عنه إِذا مَضى عنه. وعَشَا إِلى كذا وكذا
يَعْشُو إِليه عَشْواً وعُشُوّاً إِذا قَصَد إِليه مُهْتَدِياً بضَوْء
نارِه. ويقال: اسْتَعْشَى فلانٌ ناراً إِذا اهْتَدى بها؛ وأَنشد:
يَتْبعن حروباً إِذا هِبْنَ قَدَمْ،
كأَنه باللَّيْلِ يَسْتَعْشِي ضَرَم
(* قوله« حروبا» هكذا في الأصل، ولعله محرف، والأصل حُوذيّاً أي سائقاً
سريع السير)
يقول: هو نَشِيطٌ صادِقُ الطَّرْفِ جَرِيءٌ على الليلِ كأَنه مُسْتَعْشٍ
ضَرَمةً، وهي النارُ، وهو الرجلُ الذي قد ساقَ الخارِبُ إِبله فطَرَدَها
فَعَمَد إِلى ثَوْبٍ فشَقَّه وفَتَلَه فَتْلاً شديداً، ثم غَمَره في
زَيْتٍ أَو دُهْن فرَوَّاهُ، ثم أَشْعل في طَرَفِه النار فاهْتَدى بها
واقْتَصَّ أَثَرَ الخارِبِ ليَسْتَنْقِذَ إِبلَه؛ قال الأَزهري: وهذا كله
صحيح، وإِنما أَتى القُتَيْبيَّ في وهمه الخَطَأُ من جهة أَنه لم يَفْرُق بين
عَشا إِلى النار وعَشا عنها، ولم يَعْلَم أَن كلَّ واحدٍ منهما ضد الآخر
من باب المَيْلِ إِلى الشيءِ والمَيْل عنه، كقولك: عَدَلْت إِلى بني
فلانٍ إِذا قَصدتَهم، وعَدَلْتُ عنهم إِذا مَضَيْتَ عنهم، وكذلك مِلْتُ
إِليهم ومِلْت عنهم، ومَضيْت إِليهم ومضيْت عنهم، وهكذا قال أَبو إِسحق
الزجَّاج في قوله عز وجل: ومن يعشُ عن ذكرِ الرحمن أَي يُعْرِض عنه كما قال
الفراء؛ قال أَبو إِسحق: ومعنى الآية أَنَّ من أَعرض عن القرآن وما فيه من
الحكمة إِلى أَباطِيل المضلِّين نُعاقِبْه بشيطانٍ نُقَيِّضُه له حتى
يُضِلَّه ويلازمه قريناً له فلا يَهْتدي مُجازاةً له حين آثرَ الباطلَ على
الحق البيِّن؛ قال الأَزهري: وأَبو عبيدة صاحب معرفة بالغريب وأَيام
العرب، وهو بَليدُ النظر في باب النحو ومقَاييسه. وفي حديث ابن عمر: أَنَّ
رجلاً أَتاه فقال له كما لا يَنْفَعُ مع الشِّرْكِ عَمَلٌ هل يَضُرُّ مع
الإِيمان ذَنْبٌ؟ فقال ابن عمر: عَشِّ ولا تَغْتَرَّ، ثم سأَل ابنَ عباس
فقال مثلَ ذلك؛ هذا مَثَلٌ للعرب تَضْربُه في التَّوْصِية بالاحتِياط
والأَخْذِ بالحَزْم، وأَصلُه أَن رجلاً أَراد أَن يَقْطَع مَفازَة بإبلِه ولم
يُعَشِّها، ثقة على ما فيها
(* قوله« ثقة على ما فيها إلخ» هكذا في الأصل
الذي بايدينا، وفي النهاية: ثقة بما سيجده من الكلأ، وفي التهذيب: فاتكل
على ما فيها إلخ.) من الكَلإِ، فقيل له: عَشِّ إِبلَك قبل أَن تُفَوِّزَ
وخُذْ بالاحتياط، فإِن كان فيها كلأٌ يَضُرَّك ما صنَعْتَ، وإِن لم يكن
فيها شيءٌ كنتَ قد أَخَذْت بالثِّقة والحَزْم، فأَراد ابن عمر بقوله هذا
اجتَنِبِ الذنوبَ ولا تَرْكبْها اتِّكالاً على الإِسلام، وخُذْ في ذلك
بالثِّقة والاحتياط؛ قال ابن بري: معناه تَعَشَّ إِذا كنتَ في سَفَرٍ ولا
تَتَوانَ ثِقةً منك أَنْ تتَعَشَّى عند أَهلِكَ، فلَعَلَّك لا تَجِدُ عندهم
شيئاً. وقال الليث: العَشْوُ إِتْيانُكَ ناراً تَرْجُو عندها هُدًى أَو
خَيْراً، تقول: عَشَوْتُها أَعْشُوها عَشْواً وعُشُوّاً، والعاشِية: كل
شيءٍ يعشُو بالليلِ إِلى ضَوءِ نارٍ من أَصنافِ الخَلقِ الفَراشِ وغيرِه،
وكذلك الإِبل العَواشِي تَعْشُو إِلى ضَوءِ نارٍ؛ وأَنشد:
وعاشِيةٍ حُوشٍ بِطانٍ ذَعَرْتُها
بضَرْبِ قَتِيلٍ، وَسْطَها، يَتَسَيَّفُ
قال الأَزهري: غَلِطَ في تفسير الإِبلِ العَواشي أَنها التي تَعْشُو
إِلى ضَوْءِ النارِ، والعَواشي جمعُ العاشِية، وهي التي تَرْعى ليلاً
وتتَعَشَّى، وسنذكرها في هذا الفصل: والعُشْوة والعِشْوة: النارُ يُسْتَضاءُ
بها. والعاشِي: القاصِدُ، وأَصلُه من ذلك لأَنه يَعْشُو إِليه كما يَعْشُو
إِلى النار؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
شِهابي الذي أَعْشُو الطريقَ بضَوْئِه
ودِرْعي، فَلَيلُ الناسِ بَعْدَك أَسْوَدُ
والعُشْوة: ما أُخِذَ من نارٍ ليُقْتَبس أَو يُسْتَضاءَ به. أَبو عمرو:
العُشْوة كالشُّعْلة من النارِ؛ وأَنشد:
حتى إِذا اشْتالَ سُهَيْلٌ بسَحَرْ،
كعُشْوةِ القابِسِ تَرْمي بالشَّرر
قال أَبو زيد: ابْغُونا عُشْوةً أَي ناراً نَسْتَضيءُ بها. قال أَبو
زيد: عَشِيَ الرجلُ عن حق أَصحابِه يَعْشَى عَشًى شديداً إِذا ظَلَمَهم، وهو
كقولك عَمِيَ عن الحق، وأَصله من العَشَا؛ وأَنشد:
أَلا رُبَّ أَعْشى ظالِمٍ مُتَخَمِّطٍ،
جَعَلْتُ بعَيْنَيْهِ ضِياءً، فأَبْصَرا
وقال: عَشِيَ عليَّ فلانٌ يَعْشَى عَشًى، منقوص، ظَلَمَني. وقال الليث:
يقال للرجال يَعْشَوْنَ، وهُما يَعْشَيانِ، وفي النساء هُنَّ يَعْشَيْن،
قال: لمَّا صارت الواو في عَشِيَ ياءً لكَسْرة الشين تُرِكَتْ في
يَعْشَيانِ ياءً على حالِها، وكان قِياسُه يَعْشَوَانِ فتَرَكوا القياس، وفي
تثنية الأَعْشى هما يَعْشَيانِ، ولم يقولوا يَعْشَوانِ لأَنَّ الواو لمَّا
صارت في الواحد ياءً لكَسْرة ما قَبْلَها تُرِكَت في التَّثْنية على
حالها، والنِّسْبة إِلى أَعْشى أَعْشَويٌّ، وإِلى العَشِيَّةِ
عَشَوِيٌّ.والعَشْوَةُ والعُشْوَةُ والعِشْوَةُ: رُكوبُ الأَمْر على غير بيانٍ.
وأَوْطأَني عَشْوَةً وعِشْوَةً وعُشْوة: لبَسَ عليَّ، والمعنى فيه أَنه
حَمَله على أَن يَرْكَب أَمراً غيرَ مُسْتَبينِ الرشد فرُبَّما كان فيه
عَطَبُه، وأَصله من عَشْواءِ الليل وعُشْوَتِه مثلُ ظَلْماءِ الليل
وظُلْمَته، تقول: أَوْطَأْتَني عَشْوَةً أَي أَمْراً مُلْتَبِساً، وذلك إِذا
أَخْبَرْتَه بما أَوْقَعْتَه به في حَيْرَةٍ أَو بَلِيَّة. وحكى ابن بري عن
ابن قتيبة: أَوطَأْته عَشْوة أَي غَرَرْته وحَمَلْته على أَن يَطَأَ ما لا
يُبْصِرُه فرُبَّما وقع في بِئْرٍ. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: خَبَّاط
عَشَوات أَي يَخْبِطُ في الظَّلامِ والأَمر المُلْتَبِس فيَتَحَيَّر.
وفي الحديث: يا مَعْشَرَ العَرَب احْمَدُوا اللهَ الذي رَفَعَ عنكمُ
العُشْوَةَ؛ يريد ظُلْمة الكُفْرِ كُلَّما ركِبَ الإِنسانُ أَمراً بجَهْلٍ لا
يُبْصرُ وجْهَه، فهو عُشْوة من عُشْوة اللَّيْلِ، وهو ظُلْمة أَوَّله.
يقال: مَضى من اللَّيْلِ عَشْوة، بالفتح، وهو ما بين أَوَّلِه إِلى رُبْعه.
وفي الحديث: حتى ذَهَبَ عَشْوَةٌ من اللَّيْلِ. ويقال: أَخَذْتُ عَلَيْهم
بالعَشْوة أَي بالسَّوادِ من اللَّيل. والعُشوة، بالضم والفتح والكسر:
الأَمْرُ المُلْتَبس. وركب فلانٌ العَشْواءَ إِذا خَبَطَ أَمرَه على غيرِ
بَصِيرة. وعَشْوَةُ اللَّيْلِ والسَّحَر وعَشْواؤه: ظُلْمَتُه. وفي حديث
ابن الأكوع: فأَخَذَ عَلَيْهِمْ بالعَشْوةِ أَي بالسَّوادِ من اللَّيْلِ،
ويُجْمَع على عَشَواتٍ. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، كان في سَفَر
فاعْتَشى في أَوَّلِ اللَّيْلِ أَي سار وقتَ العِشاء كما يقال اسْتَحَر
وابْتَكَر.
والعِشاءُ: أَوَّلُ الظَّلامِ من اللَّيْلِ، وقيل: هو من صلاةِ
المَغْرِب إِلى العَتَمة. والعِشاءَانِ: المَغْرِب والعَتَمة؛ قال الأَزهري: يقال
لصلاتي المَغْرِب والعِشاءِ العِشاءَانِ، والأَصلُ العِشاءُ فغُلِّبَ
على المَغْرِب، كما قالوا الأَبَوان وهما الأَبُ والأُمُّ، ومثله كثير.
وقال ابن شميل: العِشاءُ حينَ يُصَلّي الناسُ العَتَمة؛ وأَنشد:
ومحوّل مَلَثَ العِشاءِ دَعَوْتُه،
والليلُ مُنْتَشِرُ السَّقِيط بَهِيمُ
(* قوله« ومحوّل» هكذا في الأصل.)
قال الأَزهري: صَلاةُ العِشاءِ هي التي بعدَ صلاةِ المَغْرِب، ووَقْتُها
حينَ يَغِيبُ الشَّفَق، وهو قوله تعالى: ومن بعد صلاةِ العِشاءِ.
وأَما العَشِيُّ فقال أَبو الهيثم: إِذا زالت الشَّمْسُ دُعِي ذلك
الوقتُ العَشِيَّ، فَتَحَوَّلَ الظلُّ شَرْقِيّاً وتحوَّلت الشمْسُ غَرْبيَّة؛
قال الأَزهري: وصلاتا العَشِيِّ هما الظُّهْر والعَصْر. وفي حديث أَبي
هريرة، رضي الله عنه: صلى بنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، إحْدى
صلاتَي العشيِّ، وأَكْبَرُ ظَني أَنها العَصْر، وساقه ابن الأَثير فقال: صَلى
بنا إحْدى صلاتي العَشِيِّ فسَلَّم من اثْنَتَيْن، يريدُ صلاةَ الظُّهْر
أَو العَصْر؛ وقال الأَزهري: يَقَع العشيُّ على ما بَيْنَ زَوالِ
الشمْسِ إلى وَقْت غُروبها، كل ذلك عَشِيٌّ، فإذا غابَتِ الشَّمْسُ فهو
العِشاءُ، وقيل: العَشِيُّ منْ زَوالِ الشَّمْس إِلى الصَّباح، ويقال لِما بين
المَغْرِب والعَتَمة: عِشاءٌ؛ وزعم قوم أَنَّ العشاء من زَوال الشمس إِلى
طُلوع الفَجْر، وأَنشدوا في ذلك:
غَدَوْنا غَدْوَةً سَحَراً بليْلٍ
عِشاءً، بعدَما انْتَصف النَّهارُ
وجاء عَشْوةَ أَي عِشاءً، لا يتمكَّن؛ لا تقول مضتْ عَشْوَةٌ.
والعَشِيُّ والعَشِيَّةُ: آخرُ النهار، يقال: جئتُه عَشِيَّةً وعَشِيَّةً؛ حكى
الأَخيرةَ سيبويه. وأَتَيْتُه العَشِيَّةَ: ليوْمِكَ، وآتيه عَشِيَّ غدٍ،
بغير هاءٍ، إِذا كان للمُسْتَقبل، وأَتَيتك عَشِيّاً غير مضافٍ، وآتِيه
بالعَشِيِّ والغد أَي كلَّ عَشيَّة وغَداةٍ، وإِني لآتيه بالعشايا
والغَدايا. وقال الليث: العَشِيُّ، بغير هاءٍ، آخِرُ النهارِ، فإِذا قلت عَشية فهو
لِيوْم واحدٍ، يقال: لقيته عَشِيَّةَ يوم كذا وكذا، ولَقِيته عَشِيَّةَ
من العَشِيّات، وقال الفراء في قوله تعالى: لم يَلْبَثُوا إِلاَّ
عَشِيَّة أَو ضُحاها، يقول القائلُ: وهل للعَشِيَّة ضُحًى؟ قال: وهذا جَيِّد من
كلام العرب، يقال: آتِيك العَشِيَّةَ أَو غداتَها، وآتيك الغَداةَ أَو
عَشِيَّتَها، فالمعنى لم يَلْبثوا إِلاَّ عَشِيَّة أَو ضُحى العَشِيَّة،
فأَضاف الضُّحى إِلى العَشِيَّة؛ وأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي:
أَلا لَيتَ حَظِّي من زِيارَةِ أُمِّيَهْ
غَدِيَّات قَيْظٍ، أَو عَشِيَّات أَشْتِيَهْ
فإِنه قال: الغَدَوات في القَيْظ أَطْوَلُ وأَطْيَبُ، والعَشِيَّاتُ في
الشِّتاءِ أَطولُ وأَطيبُ، وقال: غَدِيَّةٌ وغَدِيَّات مثلُ عَشِيَّةٍ
وعَشِيَّات، وقيل: العَشِيُّ والعَشِيَّة من صلاةِ المَغْرِب إلى
العَتمة، وتقول: أَتَيْتُه عَشِيَّ أَمْسِ وعَشِيَّة أَمْسِ. وقوله تعالى: ولهمْ
رزْقُهمْ فيها بُكرَةً وعَشِيَّاً، وليسَ هُناك بُكْرَةٌ ولا عَشِيٌّ
وإنما أَراد لهُم رزْقُهُم في مِقْدار، بين الغَداةِ والعَشِيِّ، وقد جاء
في التَّفْسِير: أَنَّ معْناه ولهُمْ رِزْقُهُم كلَّ ساعةٍ، وتصٌغِيرُ
العَشِيِّ عُشَيْشِيانٌ، على غير القياس، وذلك عند شَفىً وهو آخِرُ ساعةٍ من
النَّهار، وقيل: تصغير العَشِيِّ عُشَيَّانٌ، على غير قياس مُكَبَّره،
كأنهم صَغَّروا عَشيْاناً، والجمع عُشَيَّانات. ولَقِيتُه عُشَيْشِيَةً
وعُشَيْشِيَاتٍ وعُشَيْشِياناتٍ وعُشَيَّانات، كلُّ ذلك نادر، ولقيته
مُغَيْرِبانَ الشَّمْسِ ومُغَيْرِباناتِ الشَّمْسِ. وفي حديث جُنْدَب
الجُهَني: فأَتَيْنا بَطْنَ الكَديد فنَزَلْنا عُشَيْشِيَةً، قال: هي تصغير
عَشِيَّة على غير قياس، أُبْدلَ من الياء الوُسْطى شِينٌ كأَنّ أَصلَه
عُشَيِّيةً. وحكي عن ثعلب: أَتَيْتُه عُشَيْشَةً وعُشَيْشِياناً وعُشيَّاناً،
قال: ويجوز في تَصْغيرِ عَشِيَّةٍ عُشَيَّة وعُشَيْشِيَةٌ. قال الأَزهري:
كلام العرب في تصغير عَشِيَّة عُشَيْشِيَةٌ، جاء نادراً على غير قياس،
ولم أَسْمَع عُشَيَّة في تصغير عَشيَّة، وذلك أَنَّ عُشَيَّة تصْغِيرُ
العَشْوَة، وهو أَولُ ظُلْمة الليل، فأَرادوا أَن يَفْرُقوا بين تصغير
العَشِيَّة وبين تَصغير العَشْوَة؛ وأَمَّا ما أَنشده ابن الأَعرابي من
قوله:هَيْفاءُ عَجْزاءُ خَرِيدٌ بالعَشِي،
تَضْحَكُ عن ذِي أُشُرٍ عَذْبٍ نَقِي
فإنه أَراد باللَّيل، فإمَّا أَن يكون سَمَّى الليلَ عَشِياً لمَكانِ
العِشاء الذي هو الظلمة، وإمَّا أَن يكون وضع العَشِيَّ موضِعَ الليل
لقُرْبِه منه من حيث كانَ العَشِيُّ آخِرَ النَّهار، وآخرُ النَّهارِ
مُتَّصِلٌ بأَوَّل الليل، وإنما أَرادَ الشاعرُ أَنْ يُبالغَ بتَخَرُّدِها
واسْتِحيائِها لأنَّ الليلَ قد يُعْدَمُ فيه الرُّقَباءُ والجُلَساءُ، وأَكثرُ
من يُسْتَحْيا منه، يقول: فإذا كان ذلك مع عدم هَؤُلاء فما ظَنُّكَ
بتَخَرُّدِها نَهاراً إذا حَضَرُوا ؟ وقد يجوز أَن يُعْنَى به اسْتِحياؤها عند
المُباعَلَة لأَنَّ المُباعَلَة أَكثرُ ما تكون لَيْلاً. والعِشْيُ:
طَعامُ العَشىّ والعِشاءِ، قلبت فيه الواوُ ياءً لقُرْب الكسرة. والعَشاءُ:
كالعِشْيِ، وجَمعه أَعْشِيَة. وعَشِيَ الرجلُ يَعْشَى وعَشا
وتَعَشَّى،كلُّه: أَكلَ العَشاء فهو عاشٍ. وعَشَّيْتِ الرجلَ إذا أَطْعَمته العَشاءَ،
وهو الطعام الذي يُؤكَلُ بعد العِشاء. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم إذا حَضَر العَشاءُ والعِشاءُ فابْدَؤوا بالعَشاءِ؛ العَشاء، بالفتح
والمدِّ: الطعامُ الذي يؤكَلُ عند العِشاء، وهو خِلاف الغَداءِ وأَزاد
بالعِشاءِ صلاةَ المغرب، وإنما قدَّم العَشاء لئلاَّ يَشْتَغِل قلْبُه به
في الصلاة، وإنما قيل انها المغرب لأنها وقتُ الإفطارِ ولِضِيقِ وقتِها.
قال ابن بري: وفي المثل سَقَطَ العَشاءُ به على سِرْحان؛ يضرب للرجُلِ
يَطْلُب الأمر التَّافِه فيقَع في هَلَكةٍ، وأَصله أَنَّ دابَّة طَلبَت
العَشاءَ فَهَجََمَتْ على أَسَدٍ. وفي حديث الجمع بعَرفة: صلَّى الصَّلاتَيْن
كلُّ صلاةٍ وحْدها والعَشاءُ بينهما أَي أَنه تَعَشَّى بين
الصَّلاتَيْن. قال الأصمعي: ومن كلامهم لا يَعْشَى إلا بعدما يَعْشُو أَي لا يَعْشَى
إلا بعدما يَتَعَشَّى . وإذا قيل: تَعَشَّ، قلتَ: ما بي من تَعَشٍّ أَي
احتياج إلى العَشاءِ، ولا تقُلْ ما بي عَشاءٌ. وعَشَوْتُ أَي
تَعَشَّيْتُ. ورجلٌ عَشْيانٌ: مُتَعَشٍّ، والأَصل عَشْوانٌ، وهو من باب أَشاوَى في
الشُّذُوذِ وطَلَب الخِفَّة. قال الأزهري: رجلٌ عَشْيان وهو من ذوات
الواوِ لأنه يقال عَشَيته وعَشَوته فأَنا أَعْشُوه أَي عَشَّيْته، وقد عشِيَ
يعشَى إذا تَعشَّى. وقال أَبو حاتم: يقال من الغَداء والعَشاء رجلٌ غَدْيان
وعَشْيان، والأصل غَدْوان وعَشْوان لأنَّ أَصْلَهُما الواوُ، ولكن
الواوُ تُقْلَب إلى الياء كثيراً لأن الياء أَخفُّ من الواوِ. وعَشاه عَشْواً
وعَشْياً فتَعَشَّى: أَطْعَمَهُ العَشاءَ، الأَخيرةُ نادرةٌ؛ وأَنشد ابن
الأعرابي:
قَصَرْنا عَلَيْه بالمَقِيظِ لِقاحَنَا،
فَعَيَّلْنَه من بَينِ عَشْيٍ وتَقْييلِ
(* قوله «فعيلنه إلخ» هكذا في الأصول.)
وأَنشد ابن بري لقُرْط بن التُّؤام اليشكري:
كاتَ ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه
من هَجْمَةٍ، كفَسِيلِ النَّخلِ دُرَّارِ
وعَشَّاهُ تَعْشِية وأَعْشاه: كَعَشاه قال أَبو ذؤيب:
فأَعْشَيْتُه، من بَعدِ ما راثَ عِشْيُهُ،
بسَهْمٍ كسَيْرِ التَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ
عدّاه بالباء في معنى غَذََّيْتُه. وعَشَّيْتُ الرجُل: أَطْعَمْتُهُ
العَشاءَ. ويقال: عَشِّ إِبِلَكَ ولا تَغْتَرَّ؛ وقوله:
باتَ يُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ،
يَقْصِدُ في أَسْؤُقِها، وجائِرِ
أَي أَقامَ لهَا السَّيْفَ مُقامَ العَشاءِ. الأَزهري: العِشْيُ ما
يُتَعَشَّى به، وجَْمْعه أَعْشاء؛ قال الحُطَيْئة:
وقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعْشاءَ صادِرَةٍ
للْخِمْسِ، طالَ بها حَوْزي وتَنْساسِي
قال شمر: يقولُ انْتَظَرْتُكُمُ انْتِظارَ إبِلٍ خَوامِسَ لأَنَّها إذا
صَدَرَتْ تَعَشَّت طَويلاً، وفي بُطونِها ماءٌ كثيرٌ، فهي تَحْتاجُ إلى
بَقْلٍ كَثِيرٍ، وواحدُ الأَعْشاء عِشْيٌ. وعِشْيُ الإبلِ: ما تَتَعشَّاه،
وأَصلُه الواو. والعَواشِي: الإبل والغَنم التي تَرْعَى بالليلِ، صِفَةٌ
غالبَةٌ والفِعْلُ كالفِعْل؛ قال أَبو النجم:
يَعْشَى، إذا أَظْلَم، عن عَشائِه،
ثم غَدَا يَجْمَع من غَدائِهِ
يقول: يَتَعَشَّى في وقت الظُّلْمة. قال ابن بري: ويقال عَشِيَ بمعنى
تَعَشَّى. وفي حديث ابن عمر: ما مِنْ عاشِيَةٍ أَشَدَّ أَنَقاً ولا أَطْولَ
شِبَعاً مِنْ عالِمٍ مِن عِلْمٍ؛ العاشية: التي تَرْعَى بالعَشِيِّ من
المَواشِي وغيرِها. يقال: عَشِيَت الإبلُ و وتَعَشَّتْ؛ المعنى: أَنَّ
طالِبَ العِلْمِ لا يكادُ يَشْبَعُ منه، كالحديث الآخر: مَنْهُومانِ لا
يَشْبَعانِ: طالِبُ عِلْمٍ وطالِبُ دُنْيا. وفي كتاب أَبي موسى: ما مِنْ
عاشِية أَدوَمُ أَنقاً ولا أَبْعَدُ مَلالاً من عاشيةِ عِلْمٍ. وفسره فقال:
العَشْوُ إتْيانُكَ ناراً تَرْجُو عندَها خيراً. يقال: عَشَوْتُه
أَعْشُوه، فأَنا عاشٍ من قوم عاشِية، وأراد بالعاشية هَهُنا طالبي العِلْمِ
الرَّاجينَ خيرَه ونَفْعَه. وفي المثل: العاشِيةُ تَهِيجُ الآبِيَةَ أَي إذا
رَأتِ التي تأَبَى الرَّعْيَ التي تَتَعَشَّى هاجَتْها للرَّعْي فرَعَتْ
معها؛ وأنشد:
تَرَى المِصَكَّ يَطْرُدُ العَواشِيَا:
جِلَّتَها والأُخرَ الحَواشِيَا
وبَعِيرٌ عَشِيٌّ: يُطِىلُ العَشاءَ؛ قال أَعْرابيٌّ ووصف بَعىرَه:
عريضٌ عَروُضٌ عَشِيٌّ عَطُوّ
وعَشا الإبلَ وعَشَّاها: أَرْعاها ليلا. وعَشَّيْتُ الإبلَ إذا
رَعَيْتَها بعد غروب الشمس. وعَشِيَت الإبلُ تَعْشَى عشًى إذا تَعشَّت، فهي
عاشِية. وجَمَلٌ عَشٍ وناقة عَشِيَة: يَزيدان على الإبلِ في العَشاء، كلاهُما
على النَّسَب دون الفعل؛ وقول كُثَيِّر يصف سحاباً:
خَفِيٌّ تَعَشَّى في البحار ودُونَه،
من اللُّجِّ، خُضْرٌ مُظْلِماتٌ وسُدَّفُ
إنما أَراد أَنَّ السحابَ تَعَشَّى من ماء البحر، جَعَلَه كالعَشاءِ له؛
وقول أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاح:
تَعَشَّى أَسافِلُها بالجَبُوب،
وتأْتي حَلُوبَتُها من عَل
يعني بها النخل، يعني أَنها تَتَعَشَّى من أَسفل أَي تَشْرَبُ الماءَ
ويأْتي حَمْلُها من فَوْقُ، وعَنى بِحَلُوبَتِها حَمْلَها كأَنه وَضَعَ
الحَلُوبة موضعَ المَحْلُوب. وعَشِيَ عليه عَشًى: ظَلَمه. وعَشَّى عن
الشيء: رَفَقَ به كَضَحَّى عنه. والعُشْوان: ضَرْبٌ من التَّمْرِ أَو
النَّخْلِ. والعَشْواءُ، مَمْدودٌ: صربٌ من متأخِّر النخلِ حَمْلاً.
سمم: السَّمُّ والسِّمُّ والسُّمُّ: القاتلُ، وجمعها سِمامٌ. وفي حديث
عليّ، عليه السلام، يذُمُّ الدنيا: غذاؤها سِمام، بالكسر؛ هو جمع السَّمِّ
القاتل. وشيءٌ مَسْمُوم: فيه سَمٌّ. وسَمَّتْه الهامَّة: أَصابَتْه
بسَمِّها. وسَمَّه أَي سقاه السمَّ. وسَمَّ الطعام: جعل فيه السُّمَّ.
والسَّامَّةُ: الموتُ، نادر، والمعروف السَّامُ، بتخفيف الميم بلا هاء. وفي
حديث عُمير بن أَفْصَى: تُورِدُه السَّامَّةَ أَي الموت، قال: والصحيح في
الموت أَنه السَّامُ، بتخفيف الميم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت
لليهود عليكم السَّامُ والدَّامُ. وأَما السَّامَّةُ، بتشديد الميم، فهي
ذواتُ السُّمومِ من الهوامِّ، ومنه حديث ابن عباس: اللهم إِني أَعوذُ بك
من كل شيطان وهامَّه، ومن كلِّ
عَيْنٍ لامَّه، ومن شرِّ كل سامَّه. وقال شمر: ما لا يَقْتُل ويَسُمُّ
فهي السَّوامُّ، بتشديد الميم، لأَنها تَسُمُّ ولا تبلغ أَن تقتُل مثل
الزُّنْبور والعَقْرب وأَشباههما. وفي الحديث: أُعِيذُكُما بكَلِمات الله
التامَّه من كل سامَّه. والسَّمُّ: سَمُّ الحية. والسامَّةُ: الخاصَّة؛
يقال: كيف السَّامَّةُ والعامَّةُ. والسُّمَّةُ: كالسامَّةِ؛ قال رؤبة:
ووُصِلَتْ في الأَقْربينَ سُمَمُهْ
وسَمَّه سَمّاً: خصَّه. وسَمَّتِ النِّعْمَةُ أَي خصَّت؛ قال العجاج:
هو الذي أَنْعَمَ نُعْمى عَمَّتِ،
على البِلاد، رَبُّنا وسَمَّتِ
وفي الصحاح:
على الذين أَسْلَموا وسَمَّتِ
أَي بَلَغت الكلَّ. وأَهل المَسَمَّةِ: الخاصَّةُ والأَقارب، وأَهلُ
المَنْحاة: الذين ليسُوا بالأَقارب. ابن الأَعرابي: المَسَمَّةُ الخاصَّةُ،
والمَعَمَّةُ العامَّةُ. وفي حديث ابن المسيّب: كنا نقول إِذا أَصبَحْنا:
نعوذُ بالله من شر السامَّة والعامَّة؛ قال ابن الأَثير: السَّامَّة
ههنا خاصَّة الرجل، يقال: سَمَّ إِذا خَصَّ. والسَّمُّ: الثَّقْبُ. وسَمُّ
كلِّ شيء وسُمُّه: خَرْتُه وثَقْبُه، والجمع سُمُومٌ، ومنه سَمُّ
الخِيَاط. وفي التنزيل العزيز: حتى يَلِجَ الجمَلُ في سَمِّ الخِياطِ؛ قال يونس:
أَهل العالية يقولون السُّمُّ والشُّهْدُ، يَرْفَعُون، وتميم تفتح
السَّمَّ والشَّهْدَ، قال: وكان أَبو الهيثم يقول هما لغتان سَمٌّ وسُمٌّ لخرق
الإِبْرة. وسُمَّةُ المرأَة: صَدْعُها وما اتَّصل به من رَكَبِها
وشُفْرَيْها. وقال الأَصمعي: سُمَّةُ المرأَة ثَقْبة فَرْجِها. وفي الحديث:
فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئتم سِماماً واحداً؛ أَي مَأْتىً واحداً، وهو
من سِمام الإِبرة ثَقْبِها، وانْتَصَب على الظرف، أَي في سِمام واحد، لكنه
ظرف مخصوص، أُجري مُجْرى المُبْهَم.
وسُمومُ الإِنسانِ والدابة: مَشَقُّ جِلْده
(* قوله «مشق جلده» الذي في
المحكم: مشاق). وسُمُوم الإِنسانِ وسِمامُه: فَمُه ومَنْخِرُه وأُذنُه،
الواحد سَمٌّ وسُمٌّ؛ قال: وكذلك السُّمُّ القاتل، يضم ويفتح، ويجمع على
سُموم وسِمام.
ومَسامُّ الجسد: ثُقَبُه. ومَسامُّ الإنسان: تَخَلْخُل بشرته وجلْده
الذي يبرُزُ عَرقُهُ وبُخار باطنه منها، سمِّيت مَسامَّ لأَن فيها خُروقاً
خفيّة وهي السُّموم، وسُمومُ الفَرس: ما رقَّ عن صَلابة العظْم من جانبي
قصَبة أَنفه إِلى نَواهِقه، وهي مَجاري دموعه، واحدها سَمٌّ. قال أَبو
عبيدة: في وجه الفرس سُمومٌ، ويستحب عُرْيُ سُمومِه، ويستدلّ به على
العِتْق؛ قال حُمَيْدُ بن ثور يصف الفرَس:
طِرْف أَسِيل مَعْقِد البَرِيمِ،
عارٍ لَطيف موضع السُّمُومِ
وقيل: السَّمَّانِ عِرْقان في أَنف الفرس. وأَصاب سَمَّ حاجتِه أَي
مطلَبَه، وهو بصير بسَمِّ حاجته كذلك.
وسَمَمْت سَمَّك أَي قصدت قَصْدَك. ويقال: أَصبت سَمَّ حاجتك في وجهها.
والسَّمُّ: كل شيء كالوَدَعِ يخرُج من البحر. والسُّمَّةُ والسَّمُّ:
الوَدَع المنظومُ وأَشباهُه، يستخرَجُ من البحر يُنْظَم للزينة، وقال الليث
في جمعه السُّموم، وقد سَمَّه؛ وأَنشد الليث:
على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه
يَمُدُّ بِعِطْفَيْه الوَضِينَ المُسَمَّما
أَراد: وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. ابن الأَعرابي: يقال لِتَزاويقِ
وجهِ السَّقْف سَمَّان، وقال غيره: سَمُّ الوَضِينِ عُرْوَتُه، وكل خَرْق
سَمٌّ. والتَّسْمِيمُ: أَن يتخذ للْوَضينِ عُرىً؛ وقال حميد بن ثور:
على كلِّ نابي المَحْزِمَيْنِ تَرى له
شَراسِيفَ، تَغْتالُ الوَضِينَ المُسَمَّما
أَي الذي له ثلاث عُرىً وهي سُمُومُه. وقال اللحياني: السَّمَّانُ
الأَصْباغُ التي تُزَوَّقُ بها السقُوف، قال: ولم أَسمع لها بواحدة. ويقال
لِلْجُمَّارة: سُمَّة القُلْب. قال أَبو عمرو: يقال لِجُمَّارة النخلة
سُمَّة، وجمعها سُمَم، وهي اليَقَقَةُ.
وسَمَّ بين القوم يَسُمُّ سَمَّاً: أَصْلَح. وسَمَّ شيئاً: أَصلحه.
وسَمَمْت الشيءَ أَسُمُّه: أَصلحته. وسَمَمْت بين القوم: أَصْلَحْت؛ قال
الكميت:
وتَنْأَى قُعُورُهُمُ في الأُمُور
على مَنْ يَسُمُّ، ومَن يَسْمُل
وسَمَّه سَمّاً: شدَّه. وسَمَمْت القارورةَ ونحوَها والشيءَ أَسُمُّه
سَمّاً: شدَدْتُه، ومثله رَتَوْتُه. وما له سَمٌّ ولا حَمٌّ، بالفتح، غيرُك
ولا سُمٌّ ولا حُمٌّ، بالضم، أَي ما له هَمٌّ غيرك. وفلان يَسُمُّ ذلك
الأَمر، بالضم، أَي يَسبُره وينظُر ما غَوْرُهُ.
والسُّمَّةُ: حصير تُتَّخذ من خوص الغَضف، وجمعها سِمامٌ؛ حكاه أَبو
حنيفة. التهذيب: والسُّمَّةُ شِبْه سفرة عريضة تُسَفُّ من الخوص وتبسط تحت
النخلة إِذا صُرِمت ليسقُط ما تَناثَر من الرُّطَب والتمر
(* قوله
«والتمر» الذي في التكملة: والبسر) عليهما، قال: وجمعها سُمَمٌ.
وسامُّ أَبْرَصَ: ضرب من الوَزَغ. وفي التهذيب: من كبار الوَزَغ،
وسامَّا أَبرصَ، والجمع سَوامُّ أَبْرصَ. وفي حديث عِياض: مِلْنا إِلى صخرة
فإِذا بَيْض، قال: ما هذا؟ قال: بيض السامِّ، يريد سامَّ أَبْرصَ نوع من
الوَزَغ.
والسَّمُومُ: الريحُ الحارَّة، تؤنث، وقيل: هي الباردة ليلاً كان أَو
نهاراً، تكون اسماً وصفة، والجمع سَمائم. ويومٌ سامٌّ ومُسِمٌّ؛ الأَخيرة
قليلة عن ابن الأَعرابي. أَبو عبيدة: السَّمومُ بالنهار، وقد تكون بالليل،
والحَرُور بالليل، وقد تكون بالنهار؛ يقال منه: سُمَّ يومُنا فهو
مَسْمومٌ؛ وأَنشد ابن بري لذي الرمَّة:
هَوْجاء راكِبُها وَسْنانُ مَسْمُومُ
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كانت تصوم في السفَر حتى أَذْلَقَها
السَّمُومُ؛ هو حرُّ النهار. ونَبْتٌ مَسْمُومٌ: أَصابتْه السَّمومُ. ويومٌ
مَسْمُومٌ: ذو سَمومٍ؛ قال:
وقد عَلَوْت قُتودَ الرَّحْل، يَسْفَعُني
يوم قُدَيْدِمُهُ الجَوْزاء مَسْموم
التهذيب: ومن دوائر الفرس دائرة السَّمامةِ، وهي التي تكون في وَسَط
العُنُق في عَرضها، وهي تستحبُّ، قال: وسُمومُ الفَرس أَيضاً كل عظْم فيه
مُخٌّ، قال: والسُّمومُ أَيضاً فُروجُ الفَرس، واحدها سَمٌّ، وفُروجُه
عَيناه وأُذناه ومَنْخِراه؛ وأَنشد:
فنَفَّسْتُ عن سَمَّيْه حتى تَنَفَّسا
أَراد عن مَنْخِريه. وسُمومُ السيف: حُزوزٌ فيه يعلَّمُ بها؛ قال الشاعر
يمدح الخَوارج:
لِطافٌ بَراها الصومُ حتى كأَنَّها
سُيوف يَمانٍ، أَخْلَصَتْها سُمُومُها
يقول: بَيَّنَت هذه السُّموم عن هذه السيوف أَنها عُتُق، قال: وسُموم
العُتُق غير سُموم الحُدْث. والسَّمام، بالفتح: ضَرْب من الطير نحو
السُّمانى، واحدته سَمامَة؛ وفي التهذيب: ضرب من الطير دون القَطَا في
الخِلْقَة، وفي الصحاح: ضرب من الطير والناقة السريعة أَيضاً؛ عن أَبي زيد؛ وأَنشد
ابن بري شاهداً على الناقة السريعة:
سَمام نَجَتْ منها المَهارَى، وغُودِرَتْ
أَراحِيبُها والمَاطِلِيُّ الهَمَلَّعُ
وقولهم في المثَل: كلَّفْتَني بَيْضَ السَّماسِم؛ فسرَّه فقال:
السَّماسِمُ طير يُشْبه الخُطَّاف، ولم يذكر لها واحداً. قال اللحياني: يقال في
مثَل إِذا سُئل الرجل ما لا يَجِد وما لا يكون: كلَّفْتني سَلَى جَمَلٍ،
وكلفتني بَيْضَ السَّماسِم، وكلفتني بيض الأَنُوق؛ قال: السَّماسِم طير
مثل الخَطاطيف لا يُقْدَر لها على بيض.
والسَّمامُ: اللواء، على التشبيه. وسَمامَةُ الرجُلِِ وكلِّ شيء
وسَماوتُه: شخصُه، وقيل: سَماوتُه أَعلاه. والسَّمامَةُ: الشخص؛ قال أَبو
ذؤيب:وعادِيَة تُلْقِي الثِّيابَ كأَنَّما
تُزَعْزِعُها، تحت السَّمامةِ، ريحُ
وقيل: السَّمامة الطَّلْعة. والسَّمامُ والسَّمْسامُ والسُّماسِم
والسُّمْسُمانُ والسُّمْسُمانيُّ، كله: الخفيف اللطيفُ السريعُ من كل شيء، وهي
السَّمْسَمةُ. والسَّمْسامةُ: المرأَة الخفيفة اللطيفة.
ابن الأَعرابي: سَمْسَمَ الرجلُ إِذا مَشى مَشْياً رفِيقاً.
وسَمسَمٌ وسَمْسامٌ: الذِّئب لخِفَّته، وقيل: السَّمْسَم الذئب الصغير
الجسم. والسَّمْسَمَةُ: ضرب من عَدْوِ الثَّعْلب، وسَمْسَمٌ والسَّمْسَمُ
جميعاً من أَسمائه. ابن الأَعرابي: السَّمْسَمُ، بالفتح، الثَّعْلب؛
وأَنشد:
فارَقَني ذَأْلانُه وسَمْسَمُه
والسَّمامةُ والسمْسُمة والسِّمْسِمة: دُوَيْبَّة، وقيل: هي النملة
الحمراء، والجمع سَماسِم. الليث: يقال لدُّوَيْبَّة على خِلْقة الآكِلَة
حمراء هي السِّمْسِمة؛ قال الأَزهري: وقد رأَيتها في البادية، وهي تَلْسع
فتُؤلم إِذا لَسَعَت؛ وقال أَبو خيرة: هي السَّماسِم، وهي هَناتٌ تكون
بالبصرة تَعَضُّ عَضّاً شديداً، لَهُنَّ رؤوس فيها طول إِلى الحمرة
أَلوانُها.وسَمْسَم: موضع؛ قال العجاج:
يا دارَ سَلْمَى، يا اسْلَمِي ثم اسْلَمِي
بسَمْسَمٍ، أَو عن يمين سَمْسَمِ
وقال طُفَيل:
أَسَفَّ على الأَفلاجِ أَيمنُ صَوْبهِ،
وأَيْسَره يَعْلو مَخارِمَ سَمْسَمِ
وقال ابن السكيت: هي رَمْلة معروفة؛ وقول البَعِيث:
مُدامِنُ جَوعاتٍ، كأَنَّ عُروقَه
مَسَارِبُ حَيَّات تَشَرَّبْنَ سَمْسَمَا
قال: يعني السَّمَّ، قال: ومن رواه تَسَرَّبْنَ جعل سَمْسَماً رملة،
ومساربُ الحيات: آثارها في السهل إِذا مرَّت، تَسَرَّبُ: تجيء وتذهب، شبَّه
عروقه بمَجارِي حَيَّاتٍ لأَنها مُلْتوية.
والسِّمْسِمُ: الجُلْجُلانُ؛ قال أَبو حنيفة: هو بالسَّراة واليَمَنِ
كثير، قال: وهو أَبيض.
الجوهري: السِّمْسِمُ حَبُّ الحَلِّ. قال ابن بري: حكى ابن خالويه أَنه
يقال لبائعِ السِّمْسِمِ سَمَّاسٌ، كما قالوا لبائع اللُّؤلؤ لأْ آلٌ.
وفي حديث أَهل النار: كأَنهم عِيدانُ السَّماسِمِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
يروى في كتاب مُسْلِمٍ على اختلاف طُرْقِهِ ونُسَخِه، فإِن صحَّت الرواية
فمعناه أَن السَّماسِم جمع سِمْسِم، وعيدانُه تَراها إِذا قُلِعت
وتُرِكَتْ ليؤخذ حَبُّها دِقاقاً سُوداً كأَنَّها محترقة، فشبه بها هؤلاء الذين
يخرجون من النار، قال: وطالما تَطَلَّبْتُ معنى هذه اللفظة وسأَلت عنها
فلم أَرَ شافياً ولا أُجِبْتُ فيها بِمُقْنِعٍ، وما أَشبه ما تكون
مُحَرَّفةً، قال: وربما كانت كأَنهم عيدان السَّاسَمِ، وهو خشب كالآبنوس، والله
أعلم.
خفا: خفا البَرْقُ خَفْواً وخُفُوّاً: لَمعَ. وخَفَا الشيءُ خَفْواً:
ظَهَر. وخَفَى الشيءَ خَفْياً وخُفِيّاً: أَظهره واستخرجه. يقال: خَفَى
المطرُ الفِئَارَ إِذا أَخرَجهُنَّ من أَنْفاقِهِنّ أَي من جِحَرَتِهِنَّ؛
قال امرؤ القيس يصف فرساً:
خَفَاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ، كأَنَّما
خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحَابٍ مُرَكَّبِ
قال ابن بري: والذي وقع في شعر امرئ القيس من عَشِيّ مُجَلِّبِ؛ وقال
امرؤ القيس بن عابس الكِنْدي أَنشده اللحياني:
فإِنْ تَكْتُمُوا السِّرَّ لا نَخْفِه،
وإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُد
قوله لا نَخْفِه أَي لا نُظْهِرْه. وقرئ قوله تعالى: إِنَّ الساعةَ
آتِيةٌ أَكادُ أَخْفِيها، أَي أُظْهِرُها؛ حكاه اللحياني عن الكسائي عن محمد
بن سهل عن سعيد ابن جبير. وخَفَيْتُ الشيءَ أَخْفِيه: كتَمْتُه.
وخَفَيْتُه أَيضاً: أَظْهَرْتُه، وهو من الأَضداد. وأَخْفَيْتُ الشيءَ:
سَتَرْتُه وكتَمْتُه. وشيءٌ خَفِيٌّ: خافٍ، ويجمع على خَفايا. وخَفِيَ عليه
الأَمرُ
يَخْفَى خَفاءً، ممدود. الليث: أَخفَيْتُ الصوتَ وأَنا أُخْفِيه إخفاءً
وفعله اللازمُ اخْتَفى. قال الأَزهري: الأَكثر اسْتَخْفَى لا اخْتَفى،
واخْتَفى لغةٌ ليست بالعالية، وقال في موضع آخر: أَمّا اخْتَفى بمعنى
خَفِيَ فلغةٌ وليست بالعالية ولا بالمُنْكَرة. والخَفِيَّةُ: الرَّكِيَّة التي
حُفِرت ثم تُرِكتْ حتى انْدَفَنَتْ ثم انْتُثِلْت واحتُفِرَتْ
ونُقِّبَتْ، سميت بذلك لأَنها استُخرجت وأُظْهِرَتْ. واخْتَفى الشيءَ: كخَفاه،
افْتَعَل منه؛ قال:
فاعْصَوْصَبُوا ثم جَسُّوهُ بأَعْيُنِهِمْ،
ثم اخْتَفَوْهُ، وقَرْنُ الشَّمسِ قد زالا
واخْتَفَيْت الشيءَ: استَخْرَجته. والمُخْتَفي: النَّبَّاشُ لاسْتِخراجه
أَكفانَ الموتى، مَدَنِيَّةٌ. قال ثعلب: وفي الحديث ليس على المُخْتَفي
قَطْعٌ. وفي حديث عليّ بن رَباح: السُّنَّة أَنْ
تُقْطَع اليدُ المُسْتَخْفِية ولا تُقْطَعَ اليدُ المُسْتَعْلِىة؛ يريد
بالمُسْتَخْفِية يَدَ السارق والنَّبَّاشِ، وبالمُسْتَعْلِية يَدَ
الغاصب والناهب ومَن في معناهما. وفي الحديث: لَعَنَ المُخْتَفِيَ
والمُخْتَفِيَة؛ المُخْتَفِي: النَّبَّاشُ، وهو من الاختفاء والاستتار لأَنه
يَسْرُق في خُفْية. وفي الحديث: مَن اخْتَفى مَيِّتاً فكأَنَّما قتَلَه.
وخَفِيَ الشيءُ خَفاءً، فهو خافٍ وخَفِيٌّ: لم يَظْهَرْ. وخَفاه هو
وأَخْفاهُ: سَتَرَه وكتَمَه. وفي التنزيل: إِنْ تبْدُوا ما في أَنفسكم أَو
تُخْفُوه. وفي التنزيل: إِن الساعة آتيةٌ أَكادُ أُخْفِيها؛ أَي أَسْتُرها
وأُوارِيها؛ قال اللحياني: وهي قراءة العامة. وفي حَرْف أُبَيٍّ: أَكادُ
أُخْفِيها من نفسي؛ وقال ابن جني: أُخْفيها يكون أُزيلُ خَفاءها أَي
غِطاءَها، كما تقول أَشكيته إِذا زُلْتَ له عَمَّا يَشْكوه؛ قال الأَخفش:
وقرئت أَكاد أَخْفِيها أَي أُظْهرها لأَنك تقول خَفَيْتُ السرَّ أَي
أَظْهرته. وفي الحديث: ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَخْتَفُوا
بَقْلاً أَي تُظهروه، ويروى بالجيم والحاء؛ وقال الفراء: أَكاد أُخفيها، في
التفسير، من نفسي فكيف أُطْلِعُكُم عليها. والخَفاءُ، ممدود: ما خَفِيَ
عليك. والخَفا، مقصور: هو الشيء الخافي؛ قال الشاعر:
وعالِمِ السّر وعالِمِ الخَفا،
لقد مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرّجا
وقال أُمية:
تُسَبِّحهُ الطَّيْرُ الكَوامِنُ في الخَفا،
وإِذْ هي في جوّ السماءِ تَصَعَّدُ
قال ابن بري: قال أَبو علي القالي خَفَيْت أَظْهَرْتُ لا غير، وأَما
أَخْفَيْت فيكون للأَمرين وغَلَّطَ الأَصمعي وأَبا عبيد القاسمَ بنَ سلام.
وفي الحديث: أَنه كان يَخْفِي صَوتَه بآمين؛ رواه بعضهم بفتح الياء من
خَفَى يَخْفِي إِذا أَظْهَر كقوله تعالى: إِن الساعة آتية أَكاد
أَخْفِيها، على إِحدى القراءتين. والخَفاء والخافي والخافية: الشيءُ الخَفِيُّ.
قال الليث: الخُفْية من قولك أَخْفَيْت الشيءَ أَي سَتَرْته، ولقيته
خَفِيّاً أَي سِرّاً. والخافية: نقيض العلانية. وفَعَلَه خَفِيّاً وخِفْية،
بكسر الخاء، وخِفْوة على المُعاقَبة. وفي التنزيل: ادْعُوا ربكم تَضَرُّعاً
وخُفْيَة؛ أَي خاضعين مُتَعَبِّدِين، وقيل أَي اعْتَقِدوا عبادَته في
أَنفسكم لأَن الدعاء معناه العبادة؛ هذا قول الزجاج؛ وقال ثعلب: هو أَن
تذكره في نفسك؛ وقال اللحياني: خُفْية في خَفْضٍ وسكون، وتضَرُّعاً
تَمَسْكُناً. وحكي أَيضاً: خَفِيتُ له خِفْية وخُفْية أَي اخْتَفَيْت؛ وأَنشد
ثعلب:حَفِظْتُ إِزاري، مُذْ نَشَأْتُ، ولم أَضَعْ
إِزاري إِلى مُسْتَخْدَماتِ الوَلائِدِ
وأَبْناؤُهُنَّ المُسْلمون، إِذا بَدا
لك المَوْتُ وارْبَدَّتْ وجوهُ الأَساوِدِ
وهُنَّ الأُلى يَأْكُلْنَ زادَكَ خِفْوَةً
وهَمْساً، ويُوطِئْنَ، السُّرى، كُلَّ خابِطِ
أَي حفِظْت فَرْجي وهو موضع الإِزار أَي لم أَجعل نفسي إِلى الإِماء،
وقوله: يأْكُلْن زادَك خِفْوَة، يقول: يَسْرِقْنَ زادك فإِذا رأَينَك تَموت
تركْنَك، وقوله: ويُوطِئْن السُّرى كلَّ خابِطِ، يريد كل من يأْتِيهن
بالليل يُمَكِّنَّهُ من أَنفُسِهن. واسْتَخْفَى منه: اسْتَتَر وتوارى. وفي
التنزيل: يَسْتَخْفُون من الناس ولا يَسْتَخْفُون من الله؛ وكذلك
اخْتَفى، ولا تَقُل اخْتَفَيْت. وقال ابن بري: الفراء حكى أَنه قد جاء
اخْتَفَيْت بمعنى اسْتَخَفْيت؛ وأَنشد:
أَصْبَحَ الثعلبُ يَسْمُو لِلعُلا،
واخْتَفَى مع شِدَّةِ الخَوْفِ الأَسَدْ
فهو على هذا مُطاوِِع أَخْفَيْته فاخْتَفى كما تقول أَحْرَقْته
فاحْتَرَق، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ومن هو مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ
بالنّهار، قال: المُسْتَخْفي الظاهر، والسَّارِبُ المُتَواري؛ وقال الفراء:
مُسْتَخْفٍ بالليل أَي مُسْتَتر وسارِبٌ بالنهار ظاهر كأَنه قال الظاهر
والخَفِيُّ عنده جل وعز واحد. قال أَبو منصور: قول الأَخفش المُسْتَخْفي
الظاهر خطأ والمُسْتَخْفي بمعنى المُسْتتر كما قال الفراء، وأَما الاخْتِفاء
فله معنيان: أَحدهما بمعنى خَفِيَ، والآخر بمعنى الاسْتِخْراج؛ ومنه قيل
للنَّبَّاش المُخْتَفي، وجاءَ خَفَيْت بمعنيين وكذلك أَخْفَيْت، وكلام
العرب العالي أَن تقول خَفَيْت الشيءَ أَخْفِيه أَي أَظهرته. واسْتَخْفَيت
من فلان أَي تَوارَيْت واسْتَترت ولا يكون بمعنى الظهور. واخْتَفى دمَهُ:
قَتَلَه من غير أَن يُعْلَم به، وهو من ذلك؛ ومنه قول الغَنَوِيّ لأَبي
العالية: إِن بَني عامِرٍ أَرادوا أَن يَخْتَفُوا دَمي. والنون
الخَفِيَّة: الساكنة ويقال لها الخَفِيفة أَيضاً.
والخِفاء: رِداءٌ تَلْبَسُه العَرُوس على ثَوْبها فَتُخْفِيه به. وكلُّ
ما سَتَر شيئاً فهو له خِفاءٌ. وأَخْفِيَة النَّوْرِ: أَكِمَّتُه.
وأَخْفِية الكَرَى: الأَعينُ؛ قال:
لَقَدْ عَلِمَ الأَيْقاظُ أَخْفِيةَ الكَرَى
تَزَجُّجَها من حالِكٍ، واكْتِحالَها
والأَخْفِية: الأَكْسِيَة، والواحد خِفاءٌ لأَنها تُلْقى على السِّقاءِ؛
قال الكميت يذم قوماً وأَنهم لا يَبْرَحون بيوتَهم ولا يحضرون الحرب:
فَفِي تلكَ أَحْلاسُ البُيوتِ لَواصِفٌ،
وأَخْفِيَةٌ ما هُمْ تُجَرُّ وتُسْحَبُ
وفي حديث أَبي ذر: سَقَطْتُ كأَني خِفاءٌ؛ الخِفاء: الكِساء. وكلُّ شيءٍ
غطَّيْت به شيئاً فهو خِفاءٌ. وفي الحديث: إِنَّ الله يحب العَبْدَ
التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ؛ هو المعتَزِل عن الناس الذي يَخْفَى عليهم
مكانُه. وفي حديث الهجرة: أَخْفِ عنَّا أَي اسْتُر الخَبَر لمن سأَلك
عنَّا. وفي الحديث: خيرُ الذّكْرِ الخَفِيُّ أَي ما أَخْفاه الذاكره وسَتَره
عن الناس؛ قال الحربي: الذي عندي أَنه الشهرة وانتشار خبر الرجل لأَن سعد
بن أبي وقاص أَجاب ابنَه عُمَر على ما أَراده عليه من الظهور وطلب
الخلافة بهذا الحديث. والخافي: الجِنُّ، وقيل الإِنْس؛ قال أَعْشى
باهِلَة:يَمْشي بِبَيْداءَ لا يَمْشي بها أَحَدٌ،
ولا يُحَسُّ من الخافي بها أَثَرُ
وحكى اللحياني: أَصابها ريح من الخافي أَي من الجِنِّ. وقال ابن
مُناذِرٍ: الخافِية ما يُخْفى في البَدَن من الجِنِّ. يقال: به خَفِيَّة أَي
لَمَم ومَسٌّ. والخافِيَة والخافِياءُ: كالخافي، والجمع من كلّ ذلك خَوافٍ.
حكى اللحياني عن العرب أَيضاً: أَصابه ريح من الخوافي؛ قال: هو جمع
الخافي يعني الذي هو الجِنُّ، وعندي أَنهم إِذا عَنَوْا بالخافي الجِنَّ فهو
من الاستتار، وإِذا عَنَوا به الإِنسَ فهو من الظهور والانتشار. وأَرضٌ
خافيةٌ: بها جِنٌّ؛ قال المَرَّار الفقعسي:
إِليك عَسَفْتُ خَافِيَةً وإِنْساً
وغِيطاناً، بِها للرَّكْبِ غُولُ
وفي الحديث: إِن الحَزَاةَ يَشْرَبُها أَكايِس النّساء للخَافِية
والإِقْلاتِ؛ الخافِية: الجِنُّ سُمُّوا بذلك لاسْتِتارهم عن الأَبصار. وفي
الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى الخَافِين؛ والقَرَعُ،
بالتحريك: قِطعٌ من الأَرض بَيْنَ الكَلإِ لا نَباتَ بها.
والخَوَافِي: رِيشَات إِذا ضَمَّ الطائرُ جَناحَيْه خَفِيت؛ وقال
اللحياني: هي الرِّيشَات الأَربع اللواتي بعدَ المَناكِب، والقولان مُقْتربان؛
وقال ابن جَبَلة: الخَوافي سبعُ رِيشات يَكُنَّ في الجَناحِ بعد السبْع
المُقَدَّمات، هكذا وقع في الحكاية عنه، وإِنما حكي الناس أَربعٌ قَوادِمُ
وأَربعٌ خَوافٍ، واحدتها خافِية. وقال الأَصمعي: الخَوافي ما دون
الريشات العشر من مُقَدَّمِ الجَناح. وفي الحديث: إِن مَدينةَ قَومِ لُوطٍ
حَمَلَها جِبْريل، عليه السلام، على خَوافِي جَناحِه؛ قال: هي الريش الصغار
التي في جَناحِ الطائر ضِدُّ القَوادِم، واحدَتُها خافية. وفي حديث أَبي
سفيان: ومعي خَنْجَرٌ مثلُ خافِية النَّسْرِ؛ يريد أَنه صغير.
والخَوافِي: السَّعَفات اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ، نَجْديةٌ، وهي في لغة أَهل
الحجاز العَوَاهِنُ. وقال اللحياني: هي السَّعَفات اللَّواتِي دُون
القِلَبة، والوحدة كالواحدة، وكلّ ذلك من الستر.
والخَفِيّة: غَيْضة مُلْتَفّة يتّخِذُها الأَسدَ عَرِىنَهُ وهي
خَفِيّته؛ وأَنشد:
أُسود شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةِ،
تَسَاقَيْنَ سُمّاً كُلُّهُنّ خَوادِرُ
وفي المحكم: هي غيضة مُلْتَفَّة يتخذ فيها الأَسد عِرِّيساً فيستتر
هنالك، وقيل: خَفِيَّةُ وشَرىً اسمان لموضِعين عَلَمان؛ قال:
ونحنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ
فما شَرِبُوا، بَعْداً عَلَى لَذَّةٍ، خَمْرَا
وقولهم: أُسُودُ خَفِيَّةٍ كما تقول أُسُود حَلْيَةٍ، وهما مَأْسَدَتان؛
قال ابن بري: السماع أُسُود خَفِيَّةٍ والصواب خفِيَّةَ، غيرَ مصروف،
وإِنما يصرف في الشعر كقول الأَشهب بن رُميلة:
أُسُودُ شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
تَسَاقَوْا، على لَوحٍ، دِماءَ الأَساوِدِ
والخَفِيَّةُ بئرٌ كانت عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ ثم حُفِرَتْ، والجمع
الخَفَايا والخَفِيَّات. والخَفِيَّة: البئرُ القَعِيرَةُ لِخَفاءِ
مَائِها.وخَفَا البَرْقُ يَخْفُو خَفْواً وخَفَا البَرْقُ وخَفِيَ خَفْياً
فيهما؛ الأَخيرة عن كراع: بَرَق بَرْقاً خَفِيّاً ضَعِيفاً مُعْتَرِضاً في
نَواحي الغيم، فإِن لَمَع قَلِيلاً ثم سَكَن وليس له اعتراض فهو الوَمِيضُ،
وإِن شَقَّ الغَيْم واسْتَطال في الجَوِّ إِلى السماءِ من غير أَن
يأْخُذَ يَميناً ولا شمالاً فهو العَقِيقَة؛ قال ابن الأَعرابي: الوَميضُ أَن
يُومِضَ البَرْق إِيماضَة خَفِيفَة ثم يَخْفى ثم يُومِض، وليس في هذا يأْس
من المطر. قال أَبو عبيد: الخَفْوُ اعْتِراض البَرْق في نَواحِي السماء.
وفي الحديث: أَنه سأَلَ عن البَرْق فَقال أَخَفْواً أَم ومِيضاً. وخَفا
البَرْقُ إِذا بَرَق بَرْقاً ضعيفاً. ورجل خَفِيُّ البَطْنِ: ضَامره
خَفيفُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَقامَ، فأَدْنَى مِن وِسادي وِسادَهُ،
خَفِي البَطْنِ مْمشُوقُ القَوائِمِ شَوْذَبُ
وقولهم: بَرِحَ الخَفاءُ أَي وضَحَ الأَمرُ وذلك إِذا ظهر. وصار في
بَراحٍ
أَي في أَمر منكشف، وقيل: بَرِحَ الخَفاءُ أَي زال الخَفاء، قال:
والأَول أَجود. قال بعضهم: الخَفاءُ المُتَطَأْطِيءُ من الأَرض الخَفِيُّ،
والبَراحُ المرتفع الظاهرُ، يقول صار ذلك المُتَطَأْطِئُ مرتفعاً. وقال
بعضهم: الخَفاءُ هنا السِّرّ فيقول ظهَر السِّرّ، لأَنا قد قدمنا أَن
البَراحَ الظاهرُ المُرْتَفِع؛ قال يعقوب: وقال بعض العرب إِذا حَسُن من المرأَة
خَفِيَّاها حَسُنْ سائرُها؛ يعني صَوْتَها وأَثَرَ وطْئِها الأَرضَ،
لأَنها إِذا كانت رخيمةَ الصوت دلَّ ذلك على خَفَرِها، وإِذا كانت مُقارِِبة
الخُطى وتَمَكَّنَ أَثرُ وطْئِها في الأَرض دلَّ ذلك على أَنّ لها
أَرْدافاً وأَوْراكاً. الليث: والخِفاءُ رِداءٌ تَلْبَسه المرأَة فوق ثيابها.
وكلُّ شيء غطَّيْته بشيء من كساء أَو نحوه فهو خِفاؤُه، والجمع
الأَخْفية؛ ومنه قول ذي الرمة:
عليه زادٌ وأَهْدامٌ وأَخْفِية،
قد كاد يَجْتَرُّها عن ظَهْرِه الحَقَب
شنف: الشَّنْفُ: الذي يلبس في أعلى الأُذن، بفتح الشين، ولا تقل شُنْفٌ،
والذي في أَسفلها القُرْطُ، وقيل الشنْفُ والقرط سواء؛ قال أَبو كبير:
وبَياضُ وجْهِك لم تَحُلْ أَسْرارُه
مِثْل الوَذيلةِ، أَو كَشَنْفِ الأَنْضُر
والجمع أَشْنافٌ وشُنوفٌ. ابن الأَعرابي: الشَّنْفُ، بفتح الشين، في
أَعلى الأُذن والرَّعْثةُ في أَسفل الأُذن. وقال الليث: الشَّنْفُ مِعْلاقٌ
في قُوفِ الأُذن. الجوهري: الشَّنْفُ القُرْط الأَعلى. وشَنَّفْتُ
المرأَة تَشْنِيفاً فَتَشَنَّفَتْ: هي مثل قَرَّطْتُها فَتقَرَّطَتْ هي. وفي
حديث بعضهم: كنت أَختلف إلى الضحّاك وعليَّ شَنْفُ ذَهب؛ الشَّنْفُ: من
حُلِيِّ الأُذن. والشَّنَفُ: شِدّة البِغْضةِ؛ قال الشاعر:
ولَنْ أَزالَ، وإن جامَلْتُ مُحْتَسِباً
في غير نائرةٍ، صَبّاً لها شَنِفا
أَي مُتَغَضِّباً. والشَّنَفُ، بالتحريك: البُغْضُ والتنكُّر، وقد
شَنِفْت له، بالكسر، أَشْنَفُ شَنَفاً أَي أَبغضْتُه؛ حكاه ابن السكيت وهو مثل
شئِفْتُه، بالهمز؛ وقول العجاج:
أَزْمان غَرّاءِ تَرُوقُ الشَّنَفا
أَي تُعْجِبُ من نَظَرَ إليها. أَبو زيد: الشَّفَنُ أَن يرفع الإنسان
طَرْفَه ناطراً إلى الشيء كالمُتَعَجِّب منه أَو كالكارِه له، ومثله
شَنَفٌ. أَبو زيد: من الشِّفاه الشَّنْفاء، وهي الشفة العُليا المُنْقَلِبَةُ
من أَعلى. والاسم الشَّنَفُ، يقال: شَفة شَنْفاء.
وشَنَفْتُ إلى الشيء، بالفتح: مثل شَفَنْت، وهو نظر في اعْتِراضٍ؛
وأَنشد لجرير يصف خيلاً:
يَشْنِفنَ للنظَرِ البَعِيدِ، كأَنـَّما
إرْنانُها بِبَوائِنِ الأَشْطانِ
وقال ابن بري: هو للفرزدق يفضل الأَخطل ويمدح بني تغلب ويهجو جريراً؛
وقبله:
يا ابنَ المَراغَةِ، إنَّ تَغْلِبَ وائلٍ
رَفَعُوا عِناني فَوْقَ كلًّ عِنانِ
والبَوائِنُ: جمع بائنة، وهي البئر البعيدةُ القَعْر كأَنها تَصْهِلُ من
آبارٍ بَوائنَ، وكذا في شعره يَصْهِلْنَ للنظر البعيد؛ قال: وأَنشد أَبو
علي في مثله:
وقَرَّبُوا كلَّ صِهْمِيمٍ مَناكِبُه،
إذا تَداكأَ منه دَفْعُه شَنَفا
وشَنِفَه شَنَفاً: أَبْغَضَه. والشَّنِفُ: المُبْغِضُ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
لـمَّا رأَتْني أُم عَمْرٍو صَدَفَتْ،
ومَنَعَتْني خَيْرَها وشَنِفَتْ
وأَنشد لآخر:
ولَنْ تُداوَى عِلَّةُ القَلْبِ الشَّنِفْ
وفي إسلام أَبي ذرٍّ: فإنهم قد شَنِفُوا له أَي أَبْغَضوه. وشَنِفَ له
شَنَفاً إذا أَبـْغَضه. وفي حديث زيد بن عمرو بن نُفَيْل: قال لرسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: ما لي أَرى قومَك قد شَنِفوا لك؟ وشَنِفَ له
شَنَفاً: فَطِنَ، وشَنِفْتُ: فَطِنْتُ؛ قال:
وتَقُول: قد شَنِفَ العَدُوُّ، فَقُلْ لها:
ما للعَدُوِّ بغيرِنا لا يَشْنَفُ؟
وأَما ابن الأعرابي فقال: شَنِفَ له وبه في البِغْضَةِ والفِطْنةِ، قال
ابن سيده: والصحيح ما تقدم من أَن شَنِفَ في البِغْضةِ متعدية بغير حرف،
وفي الفطنة متعدية بحرفين متعاقبين كما تتعدَّى فَطِنَ بهما إذا قلت:
فَطِنَ له وفَطِنَ به. وشَنَفَ إليه يَشْنِفُ شَنْفاً وشُنُوفاً: نظر بمؤخر
العين؛ حكاه يعقوب، وقال مرة: هو نظر فيه اعْتراضٌ؛ قال ابن مقبل:
إذا تداكأَ منه دَفْعُه شَنَفا
الكسائي: شَفَنْتُ إلى الشيء وشَنَفْتُ إليه إذا نظرت إليه. ابن
الأَعرابي: شنفت له وعديت
(* قوله «وعديت» كذا بالأصل على هذه الصورة.) له إذا
أَبغضته. ويقال: ما لي أَراك شانِفاً عني وخانِفاً، وقد خَنَفَ عني وجهَه
أَي صرَفه.
همس: الهَمْس: الخفيّ من الصوت والوطء والأَكل، وقد هَمَسُوا الكلام
هَمْساً. وفي التنزيل: فلا تَسْمَعُ إِلا هَمْساً؛ في التهذيب: يعني به،
واللَّه أَعلم، خَفْقَ الأَقدام على الأَرض، وقال الفراء: يقال إِنه نَقْل
الأَقْدام إِلى المحشر، ويقال: إَنه الصوت الخفيّ؛ وروي عن ابن عباس أَنه
تَمَثَّل فأَنشد:
وهُنَّ يَمشِين بِنا هَمِيسَا
قال: وهو صوت نَقْل أَخفاف الإِبل، وروي عن ابن الأَعرابي قال: ويقال
اهمِسْ وصَهْ أَي امْشِ خَفِيّاً واسكت. ويقال: هَمْساً وصَهْ وهَسّاً
وصَهْ، قال: وهذا سارق قال لصاحبه: امش خفيّاً واسكت. وفي الحديث: فجعل
بعضُنا يَهْمِس إِلى بعضٍ؛ الهَمْس: الكلام الخفي لا يكاد يفهم؛ ومنه الحديث:
كان إِذا صلى العَصر هَمَسَ. الجوهري: هَمْسُ الأَقدام أَخفى ما يكون من
صوت الوطء. والأَسد الهَمُوس: الخفيّ الوطء؛ قال رؤبة يصف نفسه بالشدة:
لَيْثٌ يدُقّ الأَسَدَ الهَمُوسا،
والأَقْهَبَيْنِ الفِيلَ والجاموسَا
والشيطان يُوَسْوِس فيَهْمِس بوسواسه في صدر ابن آدم. وروي عن النَّبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه كان يتعوذ باللَّه من هَمْزِ الشيطان
ولَمْزِه وهَمْسه؛ هو ما يُوَسْوِسُه في الصدر. والهمز: كلام من وراء القَفَا
كالاستهزاء، واللمز: مُواجَهَة. قال أَبو الهيثم: إِذا أَسرَّ الكلام
وأَخفاه فذلك الهَمْس من الكلام. قال شمر: الهَمْسُ من الصوت والكلامِ ما لا
غَوْر له في الصدر، وهو ما هُمِس في الفم.
والهَمُوس والهَمِيس، جميعاً: كالهَمْس في جميع هذه الأَشياء، وقيل:
الهَمِيسُ المضْغُ الذي لا يُفْغَر به الفم، وكذلك المشْي الخفيّ الحِسِّ،
وإِذا مضَغ الرجل من الطعام وفُوه منضمٌّ، قيل: هَمَسَ يَهْمِسُ هَمْساً؛
وأَنشد:
يأْكُلن ما في رَحْلِهنَّ هَمْسا
والهَمْس: أَكل العجوز الدَّرْداء. والهَمْسُ والهَمِيسُ: حِسّ الصوت في
الفم مما لا إَشْرابَ له من صوت الصدر ولا جهارَة في المنطق ولكنه كلام
مَهْمُوس في الفم كالسِّرِّ.
وتَهَامَسَ القومُ: تسارُّوا؛ قال:
فَتَهامَسوا سِرّاً وقالوا: عَرِّسُوا
في غَير تَمْئِنَةٍ بغير مُعَرَّسِ
والحروف المَهْموسة عشرة أَحرف يجمعها قولك «حَثَّه شَخْصٌ فَسَكَت» وفي
المحكم: يجمعها في اللفظ قولك «سَتَشْحَثُك خَصَفَه» وهي الهاء والحاء
والخاء والكاف والشين والصاد والتاء والسين والثاء والفاء؛ قال سيبويه:
وأَما المَهْمُوس فحرف ضَعُف الاعتمادُ من موضعه حتى جرى معه النَّفَس؛ قال
بعض النحويين: وأَنت تعتبر ذلك بأَنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جَرْي
الصوت نحو «سسس كككك هههه» ولو تكلفت ذلك في المجهور لما أَمكنك. قال ابن
جني: فأَما حروف الهَمْس فإِن الصوت الذي يخرج معها نَفَس وليس من صوت
الصدر، إِنما يخرج مُنْسلاً وليس كنفخ الزاي والظاء والذالِ والصادِ والراءُ
شبيهة بالضاد.
الأَزهري: وأَخذته أَخذاً هَمْساً أَي شديداً، ويقال: عَصْراً. وهَمَسَه
إِذا عَصره؛ وقال الكميت فجعل الناقة هَمُوساً:
غُرَيْرِيَّة الأَنْسَابِ أَو شَدْقَمِيَّة،
هَمُوساً تُبارِي اليَعْمَلاتِ الهَوامِسا
وفي رجز مسيلمة: والذئبُ الهامِس والليل الدَّامس؛ الهامِس: الشديد.
وأَسد هَمُوس وهَمَّاس: شديد الغَمْز بضرسه؛ قال الهذلي:
يَحْمِي الصَّرِيمَةَ، أُحْدانُ الرجالِ له
صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ باللَّيْل هَمَّاس
والهَمُوس: من أَسماء الأَسد لأَنه يَهْمِس في الظلمة ثم جُعل ذلك اسماً
يعرف به؛ يقال: أَسد هَمُوس؛ قال أَبو زبيد:
بَصِيرٌ بالدُّجَى هادٍ هَمُوس
قال أَبو الهيثم: سمي الأَسد هَمُوساً لأَنه يَهْمِس هَمْساً أَي يمشي
مشياً بخُفْيَة فلا يُسْمَع صوتُ وطئه. وأَسد هَمُوس: يمشي قليلاً قليلاً.
يقال: هَمَسَ لَيْلَه أَجمع.