من (س ب ر) جمع سبيرة بمعنى التي تقيس غور الجرح أو الماء لتعرف مقداره. يستخدم للذكور.
من (س ب ر) جمع سبيرة بمعنى التي تقيس غور الجرح أو الماء لتعرف مقداره. يستخدم للذكور.
بور: الْبَوارُ: الهلاك، بارَ بَوْراً وبَواراً وأَبارهم الله، ورجل
بُورٌ؛ قال عبدالله بن الزَّبَعْري السَّهْمي:
يا رسولَ الإِلهِ، إِنَّ لِساني
رَائِقٌ ما فَتَقْتُ، إِذْ أَنا بُورُ
وكذلك الاثنان والجمعُ والمؤنث. وفي التنزيل: وكنتم قَوْماً بُوراً؛ وقد
يكون بُورٌ هنا جمع بائرٍ مثل حُولٍ وحائلٍ؛ وحكى الأَخفش عن بعضهم أَنه
لغة وليس بجمعٍ لِــبائرٍ كما يقال أَنت بَشَرٌ وأَنتم بَشَرٌ؛ وقيل: رجل
بائرٌ وقوم بَوْرٌ، بفتح الباء، فهو على هذا اسم للجمع كنائم ونَوْمٍ
وصائم وصَوْمٍ. وقال الفرّاء في قوله: وكنتم قوماً بُوراً، قال: البُورُ
مصدَرٌ يكون واحداً وجمعاً. يقال: أَصبحت منازلهم بُوراً أَي لا شيء فيها،
وكذلك أَعمال الكفار تبطُلُ. أَبو عبيدة: رجل بُورٌ ورجلان بُورٌ وقوم
بُورٌ، وكذلك الأُنثى، ومعناه هالك. قال أَبو الهيثم: الــبائِرُ الهالك،
والــبائر المجرِّب، والــبائر الكاسد، وسُوقٌ بائرة أَي كاسدة. الجوهري: البُورُ
الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه. وقد بارَ فلانٌ أَي هلك. وأَباره
الله: أَهلكه. وفي الحديث: فأُولئك قومٌ بُورٌ؛ أَي هَلْكَى، جمع بائر؛
ومنه حديث عليٍّ: لَوْ عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه، وقد ذكرناه في فصل
الهمزة في أَبر. وفي حديث أَسماء في ثقيف: كَذَّابٌ ومُبِيرٌ؛ أَي
مُهْلِكٌ يُسْرِفُ في إِهلاك الناس؛ يقال: بارَ الرَّجُلُ يَبُور بَوْراً،
وأَبارَ غَيْرَهُ، فهو مُبِير. ودارُ البَوارِ: دارُ الهَلاك. ونزلتْ بَوارِ
على الناس، بكسر الراء، مثل قطام اسم الهَلَكَةِ؛ قال أَبو مُكْعِتٍ
الأَسدي، واسمه مُنْقِذ بن خُنَيْسٍ، وقد ذكر أَن ابن الصاغاني قال أَبو معكت
اسمه الحرث ابن عمرو، قال: وقيل هو لمنقذ بن خنيس:
قُتِلَتْ فكان تَباغِياً وتَظالُماً؛
إِنَّ التَّظالُمَ في الصَّدِيقِ بَوارُ
والضمير في قتلت ضمير جارية اسمها أَنيسة قتلها بنو سلامة، وكانت
الجارية لضرار بن فضالة، واحترب بنو الحرث وبنو سلامة من أَجلها، واسم كان مضمر
فيها تقديره: فكان قتلها تباغياً، فأَضمر القتل لتقدّم قتلت على حدّ
قولهم: من كذب كان شرّاً له أَي كان الكذب شرّاً له. الأَصمعي: بارَ يَبُورُ
بَوراً إِذا جَرَّبَ.
والبَوارُ: الكَسَادُ. وبارَتِ السُّوقُ وبارَتِ البِياعاتُ إِذا
كَسَدَتْ تَبُورُ؛ ومن هذا قيل: نعوذ بالله من بَوارِ الأَيِّمِ أَي كَسَادِها،
وهو أَن تبقى المرأَة في بيتها لا يخطبها خاطب، من بارت السوق إِذا
كسدت، والأَيِّم التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أَحد.
والبُورُ: الأَرض التي لم تزرع والمَعَامي المجهولة والأَغفال ونحوها.
وفي كتاب النبي، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِرِ دُومَةَ: ولكُمُ البَوْر
والمعامي وأَغفال الأَرض؛ وهو بالفتح مصدر وصف به، ويروى بالضم، وهو جمع
البَوارِ، وهي الأَرض الخراب التي لم تزرع. وبارَ المتاعُ: كَسَدَ.
وبارَ عَمَلُه: بَطَلَ. ومنه قوله تعالى: ومَكْرُ أُولئك هُو يَبُورُ. وبُورُ
الأَرض، بالضم: ما بار منها ولم يُعْمَرْ بالزرع وقال الزجاج: الــبائر في
اللغة الفاسد الذي لا خير فيه؛ قال: وكذلك أَرض بائرة متروكة من أَن
يزرع فيها. وقال أَبو حنيفة: البَوْرُ، بفتح الباء وسكون الواو، الأَرض كلها
قبل أَن تستخرج حتى تصلح للزرع أَو الغرس. والبُورُ: الأَرض التي لم
تزرع؛ عن أَبي عبيد وهو في الحديث.
ورجل حائر بائر: يكون من الكسل ويكون من الهلاك. وفي التهذيب: رجل حائر
بائر، لا يَتَّجِهُ لِشَيءٍ ضَالٌّ تائِهٌ، وهو إِتباع، والابتيار مثله.
وفي حديث عمر: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر إِذا لم يتجه لشيء.
ويقال للرجل إِذا قذف امرأَة بنفسه: إِنه فجر بها، فإِن كان كاذباً فقد
ابْتَهَرَها، وإِن كان صادقاً فهو الابْتِيَارُ، بغير همز، افتعال من
بُرْتُ الشيءَ أَبُورُه إِذا خَبَرْتَه؛ وقال الكميت:
قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتَا
ةِ، إِمَّا ابْتِهَاراً وإِمَّا ابْتِيارا
يقول: إِما بهتاناً وإِما اختباراً بالصدق لاستخراج ما عندها، وقد
ذكرناه في بهر. وبارَهُ بَوْراً وابْتَارَهُ، كلاهما: اختبره؛ قال مالك بن
زُغْبَةَ:
بِضَربٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه،
وطَعْنٍ كَإِيزاغِ المَخاضِ تَبُورُها
قال أَبو عبيد: كإِيزاغ المخاض يعني قذفها بأَبوالها، وذلك إِذا كانت
حوامل، شبه خروج الدم برمي المخاض أَبوالها. وقوله: تبورها تختبرها أَنت
حتى تعرضها على الفحل، أَلاقح هي أَم لا؟
وبار الفحل الناقة يَبُورها بَوْراً ويَبْتَارُها وابْتَارَها: جعل
يتشممها لينظر أَلاقح هي أَم حائل، وأَنشد بيت مالك بن زغبة أَيضاً. الجوهري:
بُرْتُ الناقةَ أَبورُها بَوْراً عَرَضتَها على الفحل تنظر أَلاقح هي
أَم لا، لأَنها إِذا كانت لاقحاً بالت في وجه الفحل إِذا تشممها؛ ومنه
قولهم: بُرْ لي ما عند فلان أَي اعلمه وامتحن لي ما في نفسه. وفي الحديث أَن
داود سأَل سليمان، عليهما السلام، وهو يَبْتَارُ عِلْمَهُ أَي يختبره
ويمتحنه؛ ومنه الحديث: كُنَّا نَبُورُ أَوْلادَنا بحب عَليٍّ، عليه
السلام. وفي حديث علقمة الثقفيّ: حتى والله ما نحسب إلاّ أَن ذلك شيء
يُبْتارُ به إِسلامنا. وفَحْلٌ مِبْوَرٌ: عالم بالحالين من الناقة.
قال ابن سيده: وابنُ بُورٍ حكاه ابن جني في الإِمالة، والذي ثبت في كتاب
سيبويه ابن نُور، بالنون، وهو مذكور في موضعه.
والبُورِيُّ والبُورِيَّةُ والبُورِيَاءُ والباريُّ والبارِياءُ
والبارِيَّةُ: فارسي معرب، قيل: هو الطريق، وقيل: الحصير المنسوج، وفي الصحاح:
التي من القصب. قال الأَصمعي: البورياء بالفارسية وهو بالعربية بارِيٌّ
وبورِيٌّ؛ وأَنشد للعجاج يصف كناس الثور:
كالخُصّ إِذْ جَلَّلَهُ البَارِيُّ
قال: وكذلك البَارِيَّةُ. وفي الحديث: كان لا يرى بأْساً بالصلاة على
البُورِيّ؛ هي الحصير المعمول من القصب، ويقال فيها بارِيَّةٌ
وبُورِياء.
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والــبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
جبر: الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي.
ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّارُ
النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّار
من أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في
صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار وهو القهر والإِكراه لا من
جَبَرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ
أَكْثَرُ، وقيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة،
ومنه قولهم: نخلة جَبَّارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. وفي حديث
أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار إِنما أَضافها إِلى الجبار دون باقي
أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ
والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي. وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع
الجَبَّار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد
بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب
العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه
كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالجبار
ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت:
وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّار عنيد،
وبالمصوِّرين. والجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال:
جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بكسر الجيم والباء،
والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ
والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هو بمعنى
الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً
كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى
عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ
يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى. والمتغطرف:
المتكبر. ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَجَبَّرَ الرجل: تكبر. وفي الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت والمَلَكُوت؛
هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر والقَهْرِ. وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ
وجَبَرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة
الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جباراً شقيّاً؛ أَي متكبراً
عن عبادة الله تعالى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته
امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
دَعُوها فإِنها جَبَّارَة أَي عاتية متكبرة. والجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق:
الشديد التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ
جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة. وقَلْبٌ جَبَّارٌ:
ذو كبر لا يقبل موعظة. ورجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل:
وما أَنتَ عليهم بِجَبَّارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. والجَبَّارُ: القَتَّال في غير
حق. وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ؛ وكذلك
قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ
جَبَّاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن
فيها قوماً جَبَّارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة
والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل وهو الطويل الذي
فات يَدَ المُتَناول. ويقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلاً عظيماً
قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال
وفات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه،
عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ
ونخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة. وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر
أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما
يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام
الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت،
والجمع جَبَّار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،
وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ
وحكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ
الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل
وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والجَبْرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن
جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن
أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
قال: ولم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك
ابن جني قال: وله في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب:
أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لم
يكن مَلِكاً. وقال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
أَي أَيها الرجل. والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. وروي عن ابن عباس في
جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو
الربوبية فأُضيف جبر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل
إِيل. ويقال: جبر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو
جبر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز ولا
يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،
يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها
قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛
وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال:
ويقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان:
وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ
وجَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بالنون.
والجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم والفقير واليتيم يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عن اللحياني. وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً
وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ. ويقال: جَبَّرْتُ الكَسِير
أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ،
وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ
ويقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي
انجَبَر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال:
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
واجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر
أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،
ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ
معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا
تجوروا وتميلوا. وفي حديث الدعاء: واجْبُرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَرَ
الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من
جَبْرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه
جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما
قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والجَــبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء،
واحدتها جِبارَة وجَبِيرةٌ. والمُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام
المكسورة.والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ
الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ والجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام. وفي
حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من
جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من
معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ
لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال:
جَبَرْت وأَجْبَرَتُ بمعنى قهرت. وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم
المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو
عبيد: الجَــبائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَارة
وجَبِيرَةٌ؛ وقال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا
بِ ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ
وجَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد
قول العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ
والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر.
أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَرَ
الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق
العبارتين. وقد استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا
مَجْبَرَ منها.
وتَجَبَّرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو
يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس:
ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً،
تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قوّ: موضع. واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. والرِّبَّةُ:
ضَرْبٌ من النبات. والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا
البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. وتَجَبَّرَ
النبت أَي نبت بعد الأَكل. وتَجَبَّر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه
الرَّطْبُ. وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال
للمريض: يوماً تراه مُتَجَبِّراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً
أَي صالح الحال. وتَجَبَّرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب
منه؛ وحكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه.
التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده:
وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد
الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَرَتِ
الإِيمانَ. وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها
الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ. وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وقال اللحياني: جَبَرَه لغة
تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ. والجَبْرُ: تثبيت وقوع
القضاء والقدر. والإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على
الحكم إِذا أَكرهه عليه.
أَبو الهيثم: والجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على
الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم
ما العبادُ. وأَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته
إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، وهو
كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. وتميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر
أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة. وكان الشافعي
يقول: جَبَرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح. وقيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ
لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه
وأَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد
كسره وجَبْرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على
الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال:
وجائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ
بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه،
كما قال العجاج:
قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. والجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة،
وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ. والجُبَارُ من الدَّمِ:
الهَدَرُ. وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ
جُبَارٌ؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ
ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَار
وقال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها
جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ
جُبَارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب:
والجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً. ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت
البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر،
وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ،
والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. وفي الصحاح: إِذا انهار على
من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. وفي الحديث: السائمةُ جُبَار؛
أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي
عمرو الشيباني. وجُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم
القديمة؛ قال:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،
فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء. والجَبَارُ: فِناءُ
الجَبَّان. والجِبَارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل:
الجَبَّارُ المَلِكُ واحدهم جَبْرٌ. والجَبَابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا
وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه
الذراع.
وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن
الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من
أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم
من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ،
أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من
الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ
الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله
أَعلم.
كفر: الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت؛ كَفَرَ
با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً. ويقال لأَهل دار الحرب: قد
كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا.
والكُفْرُ: كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر. والكُفْرُ: جُحود النعمة،
وهو ضِدُّ الشكر. وقوله تعالى: إِنا بكلٍّ كافرون؛ أَي جاحدون. وكَفَرَ
نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها: جَحَدَها وسَتَرها.
وكافَرَه حَقَّه: جَحَدَه. ورجل مُكَفَّر: مجحود النعمة مع إِحسانه. ورجل
كافر: جاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر، وقيل: لأَنه مُغَطًّى على
قلبه. قال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة
وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ؛ قال القَطامِيّ:
وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى،
وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ
وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ. وفي حديث القُنُوتِ: واجْعَلْ قلوبهم كقُلوبِ
نساءٍ كوافِرَ؛ الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف،
والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر، ورجل كَفَّارٌ
وكَفُور: كافر، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ، ولا يجمع
جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه، إِلا أَنهم قد قالوا عدوة
الله، وهو مذكور في موضعه. وقوله تعالى: فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً؛ قال
الأَخفش: هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن
أَبيه فقد كَفَرَ؛ قال بعض أَهل العلم: الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء: كفر
إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود، وكفر معاندة،
وكفر نفاق؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء. فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من
التوحيد، وكذلك روي في قوله تعالى: إِن الذين كفروا سواء عليهم
أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله، وأَما كفر
الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر
أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ، ومنه قوله تعالى: فلما جاءهم ما عَرَفُوا
كَفَرُوا به؛ يعني كُفْرَ الجحود، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله
بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه، وفي
التهذيب: يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث
يقول:ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ
من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا
لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ،
لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً
وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه. قال
الهروي: سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً؟ فقال: الذي
يقوله كفر، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما قال ثم قال في الآخر: قد
يقول المسلم كفراً. قال شمر: والكفر أَيضاً بمعنى البراءة، كقول الله تعالى
حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار: إِني كفرت بما
أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ؛ أَي تبرأْت. وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله
عن الكفر فقال: الكفر على وجوه: فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر،
وكفر بكتاب الله ورسوله، وكفر بادِّعاء ولد الله، وكفر مُدَّعي الإِسْلام،
وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل
نفساً محرّمة بغير حق، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ: أَحدهما كفر نعمة
الله، والآخر التكذيب بالله. وفي التنزيل العزيز: إِن الذين آمنوا ثم
كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم؛ قال أَبو
إِسحق: قيل فيه غير قول، قال بعضهم: يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى،
عليه السلام، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم
بمحمد؛ صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر، وقيل:
جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر
وازداد كفراً بإِقامته على الكفر، فإِن قال قائل: الله عز وجل لا يغفر كفر
مرة، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر
لهم، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا، والله أَعلم، أَن الله يغفر
للكافر إِذا آمن بعد كفره، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول
لأَن الله يقبل التوبة، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو
مطالبَ بجميع كفره، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن
الله عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره، والدليل على ذلك قوله تعالى: وهو الذي
يقبل التوبة عن عباده؛ وهذا سيئة بالإِجماع. وقوله سبحانه وتعالى: ومن
لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً
من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء، عليهم السلام، باطل فهو كافر.
وفي حديث ابن عباس: قيل له: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم
الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر، قال: وقد أَجمع الفقهاء أَن من
قال: إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين، كافر، وإِنما
كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي، صلى الله عليه وسلم، لأَنه مكذب له،
ومن كذب النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو قال كافر. وفي حديث ابن مسعود،
رضي الله عنه: إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام؛
أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته
إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها. وفي الحديث: من ترك قتل الحيات خشية النار
فقد كفر أَي كفر النعمة، وكذلك الحديث الآخر: من أَتى حائضاً فقد كفر،
وحديث الأَنْواء: إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين؛
يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث
يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله؛ ومنه الحديث: فرأَيت أَكثر أَهلها النساء
لكفرهن، قيل: أَيَكْفُرْنَ بالله؟ قال: لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ
ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن؛ والحديث الآخر: سباب
المسلم فسوق وقتاله كفر، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها؛
والأَحاديث من هذا النوع كثيرة، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه.
وقال الليث: يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله؛ قال
الأَزهري: ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن
الكفر في اللغة التغطية، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره، كما
يقال للابس السلاح كافر، وهو الذي غطاه السلاح، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو
كُسْوَة، وماء دافق ذو دَفْقٍ، قال: وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه، وذلك
أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له
إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان
كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه. وفي الحديث: أَن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في حجة الوداع: أَلا لا تَرْجِعُنَّ
بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض؛ قال أَبو منصور: في قوله كفاراً
قولان: أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه
إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب، والقول الثاني
أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ
فيُكَفِّرونهم، وهو كقوله، صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد
باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو
كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم. قال: والكفر
صنفان: أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع
الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان. وفي حديث الردّة: وكفر من كفر من
العرب؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين
إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما،
والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في
الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ، عليه السلام، من
سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة، رضي الله عنهم،
حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى، والصنف الثاني من أَهل الردة لم
يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى:
خذ من أَموالهم صدقة؛ خاصة بزمن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولذلك اشتبه
على عمر، رضي الله عنه، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة، وثبت أَبو
بكر، رضي الله عنه، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك
لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ، فلم يُقَرّوا على
ذلك، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم
فانسحب عليهم اسمها، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان
الإِسلام كان كافراً بالإِجماع؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: أَلا لا
تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم
ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق. وفي حديث سَعْدٍ، رضي الله عنه:
تَمَتَّعْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل
إِسلامه؛ والعُرُش: بيوت مكة، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن
التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة، ومُعاوية أَسلم عام الفتح، وقيل:
هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ. وأَكْفَرْتُ الرجلَ: دعوته كافراً.
يقال: لا تُكْفِرْ
أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً
بقولك وزعمك. وكَفَّرَ الرجلَ: نسبه إِلى الكفر. وكل من ستر شيئاً، فقد
كَفَرَه وكَفَّره. والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب. والكُفَّارُ:
الزُّرَّاعُ. وتقول العرب للزَّرَّاعِ: كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر
المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ؛ ومنه قوله
تعالى: كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ
نباته، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن، والغيث
المطر ههنا؛ وقد قيل: الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً
بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين.
والكَفْرُ، بالفتح: التغطية. وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه، بالكسر، أَي
سترته. والكافِر: الليل، وفي الصحاح: الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل
شيء. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه: غَطَّاه. وكَفَرَ الليلُ على
أَثَرِ صاحبي: غَطَّاه بسواده وظلمته. وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان: غَطّاه.
والكافر: البحر لسَتْرِه ما فيه، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد
اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ
وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى
بيضهما عند غروب الشمس:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ
وذُكاء: اسم للشمس. أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب، قال
الجوهري: ويحتمل أَن يكون أَراد الليل؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق
هذا المعنى فقال:
حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ،
وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
قال: ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل؛ قال
الأَزهري: ونعمه آياته الدالة على توحيده، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات
التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له؛ وكذلك إِرساله
الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة، فمن
لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه.
ويقال: كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه؛ وتقول: كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله
كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً. وفي حديث عبد الملك: كتب إِلى الحجاج: من
أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم؛
ومنه حديث الحجاج: عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال: إِني لأَر
رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر، فقال: عن دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي
أَكْفَرُ من حِمَارٍ؛ وحمار: رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل
إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً. والكافِرُ: الوادي العظيم، والنهر كذلك
أَيضاً. وكافِرٌ: نهر بالجزيرة؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ؛
كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ
وقال الجوهري: الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم؛ ابن بري في
ترجمة عصا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد:
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما،
وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
وقال: كافر أَي مطر. الليث: والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد
ينزله أَو يمرّ به أحد؛ وأَنشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ
في كافرٍ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ
وفي رواية ابن شميل:
فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ
وقال ابن شميل أَيضاً: الكافر لغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هذا البيت. ورجل
مُكَفَّرٌ: وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه. والكافِرُ:
السحاب المظلم. والكافر والكَفْرُ: الظلمة لأَنها تستر ما تحتها؛ وقول
لبيد:فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ، وهي لاهِيَةٌ،
في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ
يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي.
والكَفْرُ: الترابُ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته. ورماد مَكْفُور:
مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
والكَفْرُ: ظلمة الليل وسوادُه، وقد يكسر؛ قال حميد:
فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ،
وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ
أَي فيما يواريه من سواد الليل. وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في
وعاءٍ.
والكُفْر: القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته؛ عن كراع.
ابن شميل: القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ: الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ،
فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ، والزفت يُجْعَل في الزقاق، والقِيرُ يذاب ثم
يطلى به السفن.
والكافِرُ: الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه. وكلُّ شيء غطى
شيئاً، فقد كفَرَه. وفي الحديث: أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان
منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى: وكيف
تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه؟ ولم يكن ذلك على
الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة.
وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به: لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به. ابن
السكيت: إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر. وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه؛
وكلُّ ما غَطَّى شيئاً، فقد كَفَره. ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته
كل شيء وغطاه. ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح: داخل فيه.والمُكَفَّرُ:
المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ. والمُتَكَفِّرُ: الداخل في
سلاحه. والتَّكْفِير: أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه؛ ومنه قول
الفرزدق:
هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها،
فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها
حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ،
قد كَفَّرَتْ آباؤُها، أَبناؤها
رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي
كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح. وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه، وهو
من ذلك.
والكَفَّارة: ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك؛ قال بعضهم:
كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة. وتَكْفِيرُ اليمين: فعل ما يجب بالحنث
فيها، والاسم الكَفَّارةُ. والتَّكْفِيرُ في المعاصي: كالإِحْباطِ في
الثواب. التهذيب: وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي
تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ، وقد
بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده. وأَما الحدود فقد روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ
لأَهلها أَم لا. وفي حديث قضاء الصلاة: كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها،
وفي رواية: لا كفارة لها إِلا ذلك. وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً
وفعلاً مفرداً وجمعاً، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها
أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها، وهي فَعَّالَة للمبالغة،
كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية، ومعنى حديث قضاء الصلاة
أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك، كما يلزم
المُفْطِر في رمضان من غير عذر، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه
تجب عليه الفدية. وفي الحديث: المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه
وماله لتُكَفَّر خَطاياه.
والكَفْرُ: العَصا القصيرة، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل. ابن
الأَعرابي: الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة.
والكافُورُ: كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر. والكَفَرُ والكُفُرَّى
والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى: وعاء طلع النخل، وهو أَيضاً
الكافُورُ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى. وفي حديث الحسن: هو الطِّبِّيعُ في
كُفُرَّاه؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه، بالضم وتشديد الراء
وفتح الفاء وضمها، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى، وكذلك كافوره، وقيل: هو
الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول
(* قوله« ويشهد للاول إلخ» هكذا في
الأصل. والذي في النهاية: ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى.) قولُه في
الحديث قِشْر الكُفُرَّى، وقيل: وعاء كل شيء من النبات كافُوره. قال أَبو
حنيفة: قال ابن الأَعرابي: سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا
كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه، وقد قالوا فيه كافر، وجمع الكافُور
كوافير، وجمع الكافر كوافر؛ قال لبيد:
جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به،
من الكَوَافِرِ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ
والكافُور: الطَّلْع. التهذيب: كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها،
سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها؛ وقول العجاج:
كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ
كافورُ الكَرْم: الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود، شبهه
بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً. وفي الحديث: أَنه كان اسم
كِنانَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع
وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ.
والكافورُ: أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع؛ قال ابن دريد:
لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما قالوا القَفُور والقافُور. وقوله
عز وجل: إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً؛ قيل:
هي عين في الجنة. قال: وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على
أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي، وقال ثعلب: إِنما
أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه؛ قال ابن سيده: قوله
جعله تشبيهاً؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور. قال الفراء: يقال إِنها
عَيْنٌ تسمى الكافور، قال: وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه؛ وقال
الزجاج: يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أَن يمزج
بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ
ولا وَصَبٌ. الليث: الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان،
والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح، والكافور من أَخلاط الطيب. وفي
الصحاح: من الطيب، والكافور وعاء الطلع؛ وأَما قول الراعي:
تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ، ذَا أَرَجِ
من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ
قال الجوهري: الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب
فجعله كافوراً. ابن سيده: والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من
النخل. والكافورُ أَيضاً: الإَغْرِيضُ، والكُفُرَّى: الكافُورُ الذي هو
الإِغْرِيضُ. وقال أَبو حنيفة: مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ.
والكافِرُ من الأَرضين: ما بعد واتسع.
وفي التنزيل العزيز: ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر؛ الكوافرُ
النساءُ الكَفَرة، وأَراد عقد نكاحهن.
والكَفْرُ: القَرْية، سُرْيانية، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا
وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال، وجمعه كُفُور. وفي حديث أَبي هريرة، رضي
الله عنه، أَنه قال: لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى
سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: وما ذلك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذام أَي من
قرى الشام. قال أَبو عبيد: قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية، وأَكثر من
يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر. وروي عن مُعَاوية أَنه قال:
أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور. قال الأَزهري: يعني بالكفور القُرَى
النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى
البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ؛ يقول: إِنهم بمنزلة الموتى لا
يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها. والكَفْرُ: القَبْرُ، ومنه
قيل: اللهم اغفر لأَهل الكُفُور. ابن الأَعرابي: اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم
الكُفُورَ. وفي الحديث: لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن
القُبور. قال الحَرْبيّ: الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به
أَحد؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في
القبور. وفي الحديث: عُرِضَ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما هو
مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية.
وقول العرب: كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض.
وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه: أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه. التهذيب: إِذا
أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه. والتَّكْفِير: إِيماءُ
الذمي برأْسه، لا يقال: سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً.
والكُفْرُ: تعظيم الفارسي لِمَلكه. والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب: أَن يُطَأْطئ
أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا، وقد كَفَّر له. والتكفير: أَن يضع
يده أَو يديه على صدره؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب
في الحروب التي كانت بعدهم:
وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها،
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا
يقول: ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم،
فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ
للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا. وفي الحديث
عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه قال: إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها
تُكَفِّرُ للسان، تقول: اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت
اعوججنا. قوله: تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره.
والتَّكْفِير: هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما
يفعل من يريد تعظيم صاحبه. والتكفير: تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ
له. الجوهري: التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ
للدَّهاقِينِ، وأَنشد بيت جرير. وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي: رأَى
الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل. وفي حديث أَبي
معشر: أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام
قبل الركوع؛ وقال الشاعر يصف ثوراً:
مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ
قال ابن سيده: وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون
اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ.
والكَفِرُ، بكسر الفاء: العظيم من الجبال. والجمع كَفِراتٌ؛ قال عبدُ
الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ:
له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ،
تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ
والكَفَرُ: العِقابُ من الجبال. قال أَبو عمرو: الكَفَرُ الثنايا
العِقَاب، الواحدة كَفَرَةٌ؛ قال أُمية:
وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ،
إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ
ورجل كِفِرِّينٌ: داهٍ، وكَفَرْنى: خاملٌ أَحمق. الليث: رجل كِفِرِّينٌ
عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث. التهذيب: وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر
بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له: مَكْفورٌ بِكَ يا فلان
عَنَّيْتَ وآذَيْتَ. وفي نوادر الأَعراب: الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ
الأَلْيَتانِ.
كبر: الكَبير في صفة الله تعالى: العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي
تَكَبَّر عن ظلم عباده، والكِبْرِياء عَظَمَة الله، جاءتْ على فِعْلِياء؛ قال
ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو
الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتاةِ خَلْقه،
والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف.
والكِبْرِياء: العَظَمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال
الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى، وقد تكرر ذكرهما في الحديث، وهما من
الكِبْرِ، بالكسر، وهو العظمة.
ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ، فهو كبير. ابن سيده: الكِبَرُ
نقيض الصِّغَرِ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار،
بالتشديد إذا أَفرط، والأُنثى بالهاء، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ. واستعمل
أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر، ويقال: علاه المَكْبَِرُ،
والاسم الكَبْرَةُ، بالفتح، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم. وقال مجاهد
في قوله تعالى: قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم؛ أَي أَعْلَمُهم
لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان
شَمْعُونَ؛ قال الكسائي في روايته: كَبيرهم يَهُوذا. وقوله تعالى: إنه لكبيركم
الذي علَّمكم السِّحْرَ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم. والصبي بالحجاز إِذا
جاء من عند مُعَلِّمه قال: جئت من عند كَبيري. واسْتَكْبَر الشيءَ: رآه
كبيراً وعَظُمَ عنده؛ عن ابن جني. والمَكْبُوراء: الكِبَارُ. ويقال: سادُوك
كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن
كابِرٍ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ. وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ: ورِثْتُه
كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز
والشرف. التهذيب: ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن
كبير. وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته. الليث: المُلوك الأَكابِرُ جماعة
الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ
أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب. وكَبَّرَ الأَمْرَ: جعله كبيراً،
واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: فلما رَأَيْنَه
أَكْبَرْنَه؛فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه. وروي عن مجاهد أَنه قال: أَكبرنه
حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة؛ وأَنشد بعضهم:
نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ، ولا
نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْباراً
قال أَبو منصور: وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها
مَخْرَجٌ حَسَنٌ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ
إِلى حد الكِبَر، فقيل لها: أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر
المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي. وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال: سأَلت
رجلاً من طَيِّء فقلت: يا أَخا طيء، أَلك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوّجت وقد
وُعِدْتُ في ابنة عم لي، قلت: وما سِنُّها؟ قال: قد أَكْبَرَتْ أَو
كَبِرَت، قلت: ما أَكْبَرَتْ؟ قال: حاضت. قال أَبو منصور: فلغة الطائي تصحح
أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى
أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ
جَمالُه فأَعظمنه. وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى: فلما
رأَينه أَكبرنه، قال: حِضْنَ؛ قال أَبو منصور: فإِن صحت الرواية عن ابن عباس
سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية، والله
أَعلم بما أَراد. واسْتِكْبارُ الكفار: أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ؛
ومنه قوله: إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون؛ وهذا
هو الكِبْرُ الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن من كان في قلبه
مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة، قال: يعني به الشرك، والله أَعلم،
لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه. والاستكبار:
الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً. ابن بُزُرْجٍ: يقال هذه الجارية من
كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته، يريدون من صِغارِ بناته، ويقولون
من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان، فأَما قولهم: الله
أَكبر، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من
كل شيء، كما تقول: أَنت أَفضلُ، تريد: من غيرك.
وكَبَّرَ: قال: الله أَكبر. والتكبير: التعظيم. وفي حديث الأَذان: الله
أَكبر. التهذيب: وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه
قولان: أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى: وهو
أَهْوَنُ عليه؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس:
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
معناه إِني وَجِل، والقول الآخر ان فيه ضميراً، المعنى الله أَكْبَرُ
كَبيرٍ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز؛ قال الفرزدق:
إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا
بيتاً، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ
أَي عزيزة طويلة، وقيل: معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم، فحذف
لوضوح معناه، وأَكبر خبر، والأَخبار لا ينكر حذفها، وقيل: معناه الله أَكبر
من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن
أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر
القَوْمِ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف، فإِذا وُصِلَ
بكلام ضُمَّ. وفي الحديث: كان إِذا افتتح الصلاة قال: الله أَكبر
كبيراً، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه قال أُكَبِّرُ كَبيراً، وقيل: هو منصوب
على القطع من اسم الله. وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن
أَبيه: أَنه رأَى النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي قال: فكَبَّرَ وقال:
الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، ثم ذكر الحديث بطوله؛ قال أَبو منصور: نصب
كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ
اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً، يدل على ذلك ما روي عن الحسن: أَن نبي
الله، صلى الله عليه وسلم، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل قال: لا إِله
إِلا الله، الله أَكبر كبيراً، ثلاث مرات، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً
فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وقوله: الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ
الله حَمْداً كثيراً.
والكِبَرُ: في السن؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً
ومَكْبِراً، بكسر الباء، فهو كبير: طعن في السن؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة
ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ. والكِبَرُ: مصدر
الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب. ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي
قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَة؛ ومنه قوله:
سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها،
بِيَثْرِبَ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ
ابن سيده: ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده: علته
كَبْرَةٌ. وحكى ابن الأَعرابي: ما كَبَرَني
(* قوله« ما كبرني إلخ» بابه نصر
كما في القاموس.) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك. الكسائي: هو
عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم. وفي
الصحاح: كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم، يستوي فيه الواحد والجمع،
والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل: هو
أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه، بوزن إِفْعِلَّة، والمرأَة في ذلك كالرجل.
قال أَبو منصور: معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه
أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه، وأَنه للمذكر
والمؤنث سواء، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر
كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر، فافهم. وروى الإِيادي عن شمر قال: هذا كبْرَة
ولد أَبويه للذكر والأُنثى، وهو آخر ولد الرجل، ثم قال: كِبْرَة ولد أَبيه
بمعنى عِجْزة. وفي المؤلف للكسائي: فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم،
وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه، قال الأَزهري: ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه
عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى. أَبو زيد: يقال هو
صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم، وفلان كِبْرَةُ القوم
وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم. الصحاح: وقولهم هو كُبْرُ
قومه، بالضم، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب. وفي الحديث: الوَلاءُ للكُبْرِ،
وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن، فالولاء للابن دون ابن الابن.
وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن
يموت عن ابنين فيرثان الولاء، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون
نصيب أَبيهما من الولاء، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر. يقال: فلان
كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب، وهو أَن ينتسب إِلى جده
الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته. وفي حديث العباس: إِنه كان
كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته. وفي حديث
القسامة: الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا
الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ، ويروى: كَبِّر
الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر. وفي الحديث: أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث
فقال: ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى
الجد الأَعلى. وفي حديث الدفن: ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي
الأَفضل، فإِن استووا فالأَسن. وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة: فلما أَبرَزَ
عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه، والكُبْرُ
ههنا: جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر. وفلان إِكْبِرَّة قومه، بالكسر
والراء مشددة، أَي كُبْرُ قومه، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. ابن
سيده: وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور، ومنه قولهم: الولاء
للكُبْر. وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم: ككُبرهم. الأَزهري: ويقال فلان كُبُرُّ
ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه، الراء مشددة، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه.
وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم: أَقعدهم بالنسب، والمرأَة في ذلك كالرجل،
وقال كراع: لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ.
وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً: عَظُمَ. وكلُّ ما جَسُمَ، فقد
كَبُرَ. وفي التنزيل العزيز: قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما
يَكْبُر في صدوركم؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم
وأُبْلِيكم. وقوله عز وجل: وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى
اللهُ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ
فَعْلَة كبيرة؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين، فأَما من أَخلص فليست
بكبيرة عليه. التهذيب: إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت: كَبُرَ يَكْبُرُ
كِبَراً، كما لو قلت: عَظُمَ يَعظُم عِظَماً. وتقول: كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر
كَبارَةً. وكُِبْرُ الشيء أَيضاً: معظمه. ابن سيده: والكِبْرُ معظم الشيء،
بالكسر، وقوله تعالى: والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم؛ قال ثعلب:
يعني معظم الإِفك؛ قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها
حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول: فلان
تولى عُظْمَ الأَمر، يريدون أَكثره؛ وقال ابن اليزيدي: أَظنها لغة؛ قال
أَبو منصور: قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره. ابن
السكيت: كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه، بالكسر؛ وأَنشد قول قَيْسِ بن
الخَطِيمِ:تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها، فإِذا
قامَتْ رُوَيْداً، تَكادُ تَنْغَرِفُ
وورد ذلك في حديث الإِفك: وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه، وقيل:
الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة. وفي الحديث أَيضاً:
إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها. ومن أَمثالهم: كِبْرُ سِياسَةِ الناس في
المال. قال: والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً، فأَما الكُبْرُ، بالضم،
فهو أَكْبَرُ ولد الرجل. ابن سيده: والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله
عليه النار. والكِبْرَةُ: كالكِبْرِ، التأْنيث على المبالغة.
وفي التنزيل العزيز: الذين يَجْتَنِبُون كــبائرَ الإِثم والفَواحشَ.وفي
الأَحاديث ذكر الكــبائر في غير موضع، واحدتها كبيرة، وهي الفَعْلةُ
القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً، العظيم أَمرها كالقتل والزنا
والفرار من الزحف وغير ذلك، وهي من الصفات الغالبة. وفي الحديث عن ابن عباس:
أَن رجلاً سأَله عن الكــبائر: أَسَبْعٌ هي ففقال: هي من السبعمائة أَقْرَبُ
إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار. وروى مَسْرُوقٌ قال:
سُئِلَ عبد الله عن الكــبائر فقال: ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس
الثلثين.
ويقال: رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ؛ قال الله عز وجل: ومَكَرُوا
مَكْراً كُبَّاراً. وقوله في الحديث في عذاب القبر: إِنهما ليعذبان وما
يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه،
لا أَنه في نفسه غير كبير، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي
الحديث: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر؛ قال ابن
الأَثير: يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى: إِن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال: ولا
يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان؛ أَراد دخول تأْبيد؛
وقيل: إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى: ونزعنا
ما في صدورهم من غِلٍّ؛ ومنه الحديث: ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ؛
هذا على الحذف، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ
كِبْرُ من بَطِر، كقوله تعالى: ولكنَّ البِرَّ من اتقى. وفي الحديث: أَعُوذ
بك من سُوءِ الكِبر؛ يروى بسكون الباء وفتحها، فالسكون من هذا المعنى،
والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ. والكِبْرُ: الرفعة في الشرف. ابن
الأَنباري: الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى: وتكون لكما الكبرياء في الأَرض؛ أَي
الملك. ابن سيده: الكِبْر، بالكسر، والكبرياء العظمة والتجبر؛ قال كراع:
ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي
بين الصَّبا والجَنُوب، قال: فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية. وقد
تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ: من الكِبْر، وتَكابَر: من
السِّنّ. والتكَبُّر والاستِكبار: التَّعظّم. وقوله تعالى: سأَصْرِفُ عن
آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق؛ قال الزجاج: أَي أَجْعَلُ
جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي؛ قال: ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ
أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم، وهذه الصفة لا تكون
إِلا لله خاصة لأَن الله، سبحانه وتعالى، هو الذي له القدرة والفضل الذي
ليس لأَحد مثله، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر، وليس لأَحد
أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله
المتكبر، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه
صفتهم؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير
الحق: من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق.
وقوله تعالى: لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس؛ أَي أَعجب.
أَبو عمرو: الكابِرُ السيدُ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ. والإِكْبِرُ
والأَكْبَرُ: شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس
بشديد الحلاوة ولا عذب، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع.
والكُبْرى: تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ، وجمع الأَكْبَرِ
الأَكابِرُ والأَكْبَرُون، قال: ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة
خاصة مثل الأَحمر والأَسود، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر، لا تقول
هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام. وفي الحديث:
يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ، قيل: هو يوم النحر، وقيل: يوم عرفة، وإِنما سمي
الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر. وفي حديث أَبي هريرة:
سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في: إِذا السماءُ انشَقَّتْ؛ أَراد الشيخين أَبا
بكر وعمر. وفي حديث مازِنٍ: بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر،
جمع الكبرى؛ ومنه قوله تعالى: إِنها لإِحدى الكُبَرِ، وفي الكلام مضاف
محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ. وقوله في الحديث: لا تُكابِرُوا
الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا
في التسبيح بعد التسليم، وقيل: لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها
ولتكن الصلاة زائدة عليه. شمر: يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ
النهار أَي حين ارتفع النهار، قال الأَعشى:
ساعةً أَكْبَرَ النهارُ، كما شدَّ
مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما
يقول: قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ
إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ. وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ، وهو
كناية.
والكِبْرِيتُ: معروف، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر، إِنما هو
كقولهم: أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ. ويقال: ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص؛ قال
رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة:
هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ،
أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ؟
والكَبَرُ: الأَصَفُ، فارسي معرب. والكَبَرُ: نبات له شوك. والكَبَرُ:
طبل له وجه واحد. وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان: أَنه أَخَذَ
عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً؛ رواه شمر في كتابه قال: الكبر بفتحتين
الطبلُ فيما بَلَغَنا، وقيل: هو الطبل ذو الرأْسين، وقيل: الطبل الذي له
وجه واحد. وفي حديث عطاء: سئل عن التعويذ يعلق على الحائط، فقال: إِن كان
في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير، وفي رواية: إِن كان في قَصَبَةٍ،
وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ.
والأَكابِرُ: إَحياء من بكر بن وائل، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني
تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم
وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم، فقال بَدْرٌ
في ذلك:
وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ
بتِعشارَ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ
والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف؛ قال المَرَّارُ:
ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها،
ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ
وذُو كِبار: رجل. وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ: من بلاد بني أَسد؛ قال
المَرَّارُ الفَقْعَسيّ:
فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا،
ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ
صغر: الصِّغَرُ: ضد الكبر. ابن سيده: الصِّغَر والصَّغارةُ خِلاف
العِظَم، وقيل: الصِّغَر في الجِرْم، والصَّفارة في القَدْر؛ صَغُرَ صَغارةً
وصِغَراً وصَغِرَ يَصْغَرُ صَغَراً؛ بفتح الصاد والغين، وصُغْراناً؛ كلاهما
عن ابن الأَعرابي: فهو صَغِير وصُغار، بالضم، والجمع صِغَار. قال
سيبويه: وافق الذِين يقولون فَعِيلاً الذين يقولون فُعالاً لاعتِقابِهما
كثيراً، ولم يقولوا صُغَراء، اسْتَغْنوا عنه بِفِعال، وقد جُمع الصَّغِير في
الشعر على صُغَراء؛ أَنشد أَبو عمرو:
وللكُبَراءِ أَكْلٌ حيث شاؤوا،
وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ
والمَصْغُوراءُ: اسم للجمع. والأَصاغِرَة: جمع الأَصْغَر. قال ابن سيده:
إِنما ذكرت هذا لأَنه مِمَّا تلحقه الهاء في حدِّ الجمع إذ ليس منسوباً
ولا أَعجميّاً ولا أَهل أَرض ونحوَ ذلك من الأَسباب التي تدخلها الهاء في
حدّ الجمع، لكن الأَصْغَر لما خرج على بناء القَشْعَم وكانوا يقولون
القَشاعِمَة أَلحقُوه الهاء، وقد قالوا الأَصاغِر، بغير هاء، إِذ قد يفعلون
ذلك في الأَعجمي نحو الجَوارِب والكَرابِج، وإِنما حملهم على تكسيره أَنه
لم يتمكَّن في باب الصفة. والصُّغْرَى: تأْنيث الأَصْغَر، والجمع
الصُّغَرُ؛ قال سيبويه: يقال نِسْوَة صُغَرُ ولا يقال قوم أَصاغِر إِلا بالأَلف
واللام: قال: وسمعنا العرب تقول الأَصاغِر، وإِن شئت قلت الأَصْغَرُون.
ابن السكيت: ومن أَمثال العرب: المرْء بِأَصْغَرَيْهِ؛ وأَصْغَراه قلْبُه
ولسانه، ومعناه أَن المَرْءَ يعلو الأُمور ويَضْبِطها بِجَنانه ولسانه.
وأَصْغَرَه غيره وصَغَّره تَصْغِيراً، وتَصْغِيرُ الصَّغِير صُغَيِّر
وصُغَيِّير؛ الأُولى على القياس والأُخرى على غير قياس؛ حكاها سيبويه.
واسْتَصْغَره: عَدَّه صَغِيراً. وصَغَّرَه وأَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً.
وأَصْغَرْت القِرْبَة: خَرزَتُها صَغِيرة؛ قال بعض الأَغفال:
شُلَّتْ يَدا فارِيَةٍ فَرَتْها،
لَوْ خافَتِ النَّزْع لأَصْغَرَتْها
ويروى:
لو خافَتِ السَّاقي لأَصْغَرَتْها
والتصغير للاسم والنعت يكون تحقيراً ويكون شفقة ويكون تخصيصاً، كقول
الحُباب بن المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛
وهو مفسر في موضعه. والتصغير يجيء بمعانٍ شتًى: منها ما يجيء على التعظيم
لها، وهو معنى قوله: فأَصابتها سُنَيَّة حمراء، وكذلك قول الأَنصاري: أَنا
جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، ومنه الحديث: أَتتكم
الدُّهَيْماءُ؛ يعني الفتنة المظلمة فصغَّرها تهويلاً لها، ومنها أَن يصغُر
الشيء في ذاته كقولهم: دُوَيْرَة وجُحَيْرَة، ومنها ما يجيء للتحقير في
غير المخاطب، وليس له نقص في ذاته، كقولهم: هلك القوم إِلا أَهلَ
بُيَيْتٍ، وذهبت الدراهم إِلا دُرَيْهِماً، ومنها ما يجيء للذم كقولهم: يا
فُوَيْسِقُ، ومنها ما يجيء للعَطْف والشفقة نحو: يا بُنَيَّ ويا أُخَيَّ؛ ومنه
قول عمر: أَخاف على هذا السبب
(* قوله: «هذا السبب» هكذا في الأَصل من
غير نقط). وهو صُدَيِّقِي أَي أَخصُّ أَصدقائي، ومنها ما يجيء بمعنى
التقريب كقولهم: دُوَيْنَ الحائط وقُبَيْلَ الصبح، ومنها ما يجيء للمدح، من ذلك
قول عمر لعبدالله: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً. وفي حديث عمرو بن دينار
قال: قلت لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمكة؟
قال: عشراً، قلت: فابن عباس يقول بِضْعَ عشرةَ سنةً، قال عروة: فصغَّره أَي
استصغر سنَّه عن ضبط ذلك، وفي رواية: فَغَفَّرَهُ أَي قال غفر الله له،
وسنذكره في غفر أَيضاً. والإِصغار من الحنين: خلاف الإِكبار؛ قالت
الخنساء:
فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ،
لها حَنينانِ: إِصْغارٌ وإِكْبارُ
فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، وإِكْبارُها: جَنِينها إِذا
رَفَعته، والمعنى لها حَنِينٌ ذو صغار وحَنِينٌ ذُو كبار.
وأَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صغير لم يَطُل. وفلان صِغْرَة أَبَوَيْهِ
وصِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، وهو كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي
أَكبرهم؛ وكذلك فلان صِغْرَةُ القوم وكِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم وأَكبرهم. ويقول
صبيٌّ من صبيان العرَب إِذ نُهِيَ عن اللَّعِب: أَنا من الصِّغْرَة أَي
من الصِّغار. وحكى ابن الأَعرابي: ما صَغَرَني إِلا بسنة أَي ما صَغُرَ
عَنِّي إِلا بسنة. والصَّغار، بالفتح: الذل والضَّيْمُ، وكذلك الصُّغْرُ،
بالضم، والمصدر الصَّغَرُ، بالتحريك. يقال: قُمْ على صُغْرِك وصَغَرِك.
الليث: يقال صَغِرَ فلان يَصْغَرُ صَغَراً وصَغاراً، فهو صاغِر إِذا
رَضِيَ بالضَّيْم وأَقَرَّ بِهِ. قال الله تعالى: حتى يُعْطُوا الجزْية عن
يَدٍ وهُمْ صاغِرون؛ أَي أَذِلاَّءُ. والمَصْغُوراء: الصَّغار. وقوله عز
وجل: سَيُصِيب الذين أَجْرَمُوا صَغار عند الله؛ أَي هُمْ، وإِن كانوا
أَكابر في الدنيا، فسيصيبهم صَغار عند الله أَي مَذَلَّة. وقال الشافعي، رحمه
الله، في قوله عز وجل: عن يَدٍ وهُمْ صاغِرُون؛ أَي يجري عليهم حُكْمُ
المسلمين. والصَّغار: مصدر الصَّغِير في القَدْر. والصَّاغِرُ: الراضي
بالذُّلِّ والضيْمِ، والجمع صَغَرة. وقد صَغُرَ
(* قوله: «وقد صغر إلخ» من
باب كرم كما في القاموس ومن باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما
بمعنى ضد العظم). صَغَراً وصُغْراً وصَغاراً وصَغارَة وأَصْغَرَه: جعله
صاغِراً. وتَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت وتَحاقَرَتْ ذُلاًّ ومَهانَة.
وفي الحديث: إِذا قلتَ ذلك تَصاغَرَ حتى يكون مثلَ الذُّباب؛ يعني
الشيطان، أَي ذَلَّ وَامَّحَقَ؛ قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون من الصِّغَر
والصَّغارِ، وهو الذل والهوان. وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر، رضي الله
عنهما: بِرَغْمِ المُنافِقين وصَغَر الحاسِدين أَي ذُلِّهِم وهَوانِهم. وفي
حديثِ المُحْرِم: يقتل الحيَّة بصَغَرٍ لَها. وصَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ
للغروب؛ عن ثعلب. وصَغْران: موضع.
ضبر: ضَبَرَ الفَرَسُ يَضْبُر ضَبْراً وضَبَراناً إِذا عَدَا، وفي
المحكم: جَمَع قوائمه ووَثَبَ، وكذلك المقيَّد في عَدْوه. الأَصمعي: إِذا وثَب
الفرسُ فوقع مجوعةً يداه فذلك الضَّبْر؛ قال العجاج يمدح عمر بن
عبيدالله بن معمر القرشي:
لَقَدْ سَمَا ابن مَعْمَرٍ حين اعْتَمَرْ
مَغْزًى بَعيداً مِنْ بَعيد وضَبَرْ،
تَقَضِّيَ البَازِي إِذا البَازِي كَسَرْ
يقول: ارتفع قَدْرُه حين غَزَا موضعاً بعيداً من الشام وجمع لذلك جيشاً.
وفي حديث سعد بن أَبي وقَّاصٍ: الضَّبْر ضَبر البَلْقاء والطعن طعن أَبي
مِحْجَنٍ؛ البَلْقاء: فرس سعد، واكن أَبو مِحْجن قد حبسه سعدٌ في شرب
الخمر وهم في قتال الفُرْس، فلما كان يوم القَادِسِيَّة رأَى أَبو محْجن
الثقفي من الفُرْس قوّة، فقال لامرأَة سعد: أَطلقيني ولكِ اللهَ عليَّ أَن
أَرجع حتى أَضع رِجْلي في القيد؛ فحلته، فركب فَرَساً لسعد يقال لها
البَلْقاء، فَجَعَل لا يَحْمِل على ناحية من نواحي العدوّ إِلا هزمهم، ثم رجع
حتى وضع رِجْله في القيد ووَفى لها بذمَّته، فلما رجع سعد أَخبرته بما
كان من أَمره فخلى سبيله.
وفرس ضِبِرٌّ، مثال طِمِرٍّ، فِعِلٌّ منه، أَي وثَّاب، وكذلك الرجل.
وضَبَّر الشيءَ: جمعه. والضَّبْر والتَّضْبِير: شدة تَلْزِيز العظام واكتناز
اللحم؛ جَمَلٌ مَضْبُور ومُضَبَّر، وفرس مُضَبَّر الخلق أَي مُوَثَّقُ
الخلق، وناقة مُضَبَّرة الخَلْق. ورجل ضِبِرٌّ: شديد. ورجل ذو ضَبَارَةٍ
في خلقه: مجتمع الخلق، وقيل: وَثِيقُ الخلق؛ وبه سمي ضَبَارَةُ، وابن
ضَبَارة كان رجلاً من رؤساء أَجناد بني أُمية. والمَضْبُور: المجتمع الخلق
الأَملس؛ ويقال للمِنْجل: مَضْبُور. الليث: الضَّبْر شدة تَلْزِيز العظام
واكتناز اللحم، وجمل مُضَبَّر الظهر؛ وأَنشد:
مُضَبَّر اللَّحْيَيْن نَسْراً مِنْهَسا
وأَسد ضُبَارِم وضُبَارِمَة منه فُعالم عند الخليل.
والإِضْبَارَةُ: الحُزْمة من الصُّحُف، وهي الإِضْمَامَة. ابن السكيت:
يقال جاء فلان بإِضْبَارَةٍ من كُتب وإِضْمامةٍ من كُتب، وهي الأَضَابِير
والأَضَامِيم. الليث: إِضْبارَةٌ من صُحُف أَو سهام أَي حُزْمة،
وضُبَارَةُ لغة، وغير الليث لا يجيز ضُبَارة من كُتُب، ويقول: أَضْبَارة
وإِضْبارة. وضَبَّرت الكُتب وغيرها تضبِيراً: جمعتها. الجوهري: ضَبَرت الكُتب
أَضْبُرُها ضَبْراً إِذا جعلتها إِضْبارَة.
وفي حديث النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر قوماً يخرجون من النار ضَــبَائِرَ
ضَــبَائِرَ، كأَنها جمع ضِبَارَةٍ مثل عِمَارَةٍ وعَمائِر. وكل مجتمع: ضِبَارَة.
والضَّــبَائِر: جماعات الناس. يقال: رأَيتهم ضَــبائرَ أَي جماعات في
تَفْرقة. وفي حديثٍ آخر: أَتَتْه الملائكةُ بحريرة فيها مِسْك ومن ضَــبائِر
الريحان. والضُِّبَار: الكُتُب، لا واحد لها؛ قال ذو الرمة:
أَقولُ لِنَفْسي واقِفاً عند مُشْرِفٍ،
على عَرَصَاتٍ، كالضبَارِ النَّوَاطق
والضَّبْر: الجماعة يغزون على أَرجلهم؛ وقال في موضع آخر: الجماعة
يغزون. يقال: خرج ضَبْرٌ من بني فلان؛ ومنه قول ساعدة بن جؤية الهذلي:
بَيْنا هُمُ يَوْماً كذلك رَاعَهُمْ
ضَبْرٌ، لباسُهُمُ القَتيرُ مُؤَلَّبُ
القَتِير: مسامير الدروع وأَراد به ههنا الدروع. ومؤلب: مُجمَّع، ومنه
تَأَلَّبُوا أَي تجمَّعوا. والضَّبْر: الرَّجَّالة. والضَّبْر: جلد
يُغَشَّى خَشَباً فيها رجال تُقَرَّبُ إِلى الحُصون لقتال أَهلها، والجمع
ضُبُورٌ، ومنه قولهم: إِنا لا نأْمَنُ أَن يأْتوا بضُبُور؛ هي الدَّبَّابات
التي تُقَرَّب للحصون لتنقب من نحتها، الواحدة ضَبْرة. وضَبَرَ عليه
الصَّخْر يَضْبُره أَي نَضَّدَه؛ قال الراجز يصف ناقة
(* قوله: «يصف ناقة» في
شرح القاموس قال الصاغاني: والصواب يصف جملاً، وهذا موضع المثل: استنوق
الجمل. والرجز لأَبي محمد الفقعسي والرواية شؤون رأسه):
ترى شُؤُون رأْسِها العَوارِدا
مَضْبُورَةً إِلى شَباً حَدائِدا،
ضَبْرَ بَراطِيلَ إِلى جَلامِدا
والضَّبْرُ والضَّبِر: شجر جَوْز البرّ ينوّر ولا يعقد؛ وهو من نبات
جبال السَّرَاةِ، واحدته ضَبِرَة؛ قال ابن سيده: ولا يمتنع ضَبْرَة غير أَني
لم أَسمعه. وفي حديث الزهري: أَنه ذكر بني إِسرائيل فقال: جعل الله
عِنَبَهُمُ الأَرَاكَ وجَوْزَهم الضَّبْرَ ورُمَّانهم المَظَّ؛ الأَصمعي:
الضَّبْر جَوْز البر، الجوهري: وهو جوز صلب، قال: وليس هو الرُّمان البري،
لأَن ذلك يسمى المَظّ.
والضُّبَّار: شجر طيّب الحَطَب؛ عن أَبي حنيفة. وقال مرة: الضُّبَّار
شجر قريب الشبه من شجر البَلُّوط وحَطَبه جيد مثل حطب المَظّ، وإِذا جمع
حطبه رطباً ثم أُشعلت فيه النار فَرْقَعَ فَرْقَعَة المَخَاريق، ويفعل ذلك
بقرب الغيَاض التي تكون فيها الأُسْد فتهرب، واحدته ضُبَّارة. ابن
الأَعرابي: الضَّبْر الفقر، والضَّبْر الشد، والضَّبْر جمع الأَجزاء؛
وأَنشد:مضبورةً إِلى شباً حدائدا،
ضبر براطيلَ إِلى جلامدا
وقول العجاج يصف المنجنيق:
وكل أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا،
تُنْتَجُ حين تَلْقَح ابْتِقارا
قد ضُبِرَ القومُ لها اضْطبارا،
كأَنما تجمَّعوا قُبّارا
أَي يخرج حجرها من وسطها كما تُبْقر الدابة. والقُبّار من كلام أَهل
عمان: قومٌ يجتمعون فيحوزون ما يقع في الشِّباك من صَيْد، البحر، فشبه جَذْب
أُولئك حِبالَ المنْجَنِيق بجذب هؤُلاء الشباك بما فيها.
ابن الفرج: الضِّبْر والضِّبْن الإِبْط؛ وأَنشد لجندل:
ولا يَؤُوبُ مُضْمَراً في ضِبْرِي
زادِي، وقد شَوَّلَ زَادُ السَّفْرِ
أَي لا أَخْبَأُ الطعام في السفر فَأَؤُوب به إِلى بيتي وقد نفد زاد
أَصحابي ولكني أُطعمهم إِياه. ومعنى شَوَّلَ أَي خف، وقلَّما تُشَوِّلُ
القِرْبةُ إِذا قلّ ماؤها. وعامر بن ضَبارة، بالفتح
(* قوله: «وعامر بن ضبارة
بالفتح» كذا بالأَصل. وفي القاموس وشرحه: وعمرو بن ضبارة، بالضم، وضبطه
بعضهم بالفتح). وضُبَيْرَة: اسم امرأَة؛ قال الأَخطل:
بَكْرِيَّةٌ لم تكُنْ دَارِي لها أَمَماً،
ولا ضُبَيْرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ
ويروى صُبَيْرَةُ. وضَبَّار: اسم كلب؛ قال:
سَفَرَتْ فَقُلْت لَها: هَجٍ، فَتَبَرْقَعَتْ،
فَذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا
دبر: الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نقيض القُبُل. ودُبُرُ كل شيء: عَقِبُه
ومُؤخَّرُه؛ وجمعهما أَدْبارٌ. ودُبُرُ كلِّ شيء: خلاف قُبُلِه في كل شيء ما
خلا قولهم
(* قوله: «ما خلا قولهم جعل فلان إلخ» ظاهره أن دبر في قولهم
ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون
الموحدة). جعل فلان قولك دبر أُذنه أَي خلف أُذنه. الجوهري: الدُّبْرُ
والدُّبُرُ خلاف القُبُل، ودُبُرُ الشهر: آخره، على المثل؛ يقال: جئتك
دُبُرَ الشهر وفي دُبُرِه وعلى دُبُرِه، والجمع من كل ذلك أَدبار؛ يقال: جئتك
أَدْبار الشهر وفي أَدْباره. والأَدْبار لذوات الحوافر والظِّلْفِ
والمِخْلَبِ: ما يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وخص بعضهم به ذوات الخُفِّ،
والحياءُ من كل ذلك وحده دُبُرٌ. ودُبُرُ البيت: مؤخره وزاويته.
وإِدبارُ النجوم: تواليها، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب
آخر الليل؛ هذه حكاية أَهل اللغة؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأَن
الأَدْبارَ لا يكون الأَخْذَ إِذ الأَخذ مصدر، والأَدْبارُ أَسماء.
وأَدبار السجود وإِدباره. أَواخر الصلوات، وقد قرئ: وأَدبار وإِدبار، فمن قرأَ
وأَدبار فمن باب خلف ووراء، ومن قرأَ وإِدبار فمن باب خفوق النجم. قال
ثعلب في قوله تعالى: وإِدبار النجوم وأَدبار السجود؛ قال الكسائي: إِدبار
النجوم أَن لها دُبُراً واحداً في وقت السحَر، وأَدبار السجود لأَن مع كل
سجدة إدباراً؛ التهذيب: من قرأَ وأَدبار السجود، بفتح الأَلف، جمع على
دُبُرٍ وأَدبار، وهما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن علي بن أَبي طالب،
كرّم الله وجهه، قال: وأَما قوله وإِدبار النجوم في سورة الطور فهما
الركعتان قبل الفجر، قال: ويكسران جميعاً وينصبان؛ جائزان.
ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تبعه من ورائه.
ودابِرُ الشيء: آخره. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخر الرمل. وقطع
الله دابِرَهم أَي آخر من بقي منهم. وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم
الذين ظلموا؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشيء: كَدَابِرِه. وقال
الله تعالى في موضع آخر: وقَضَيْنا إِليه ذلك الأَمْرَ أَن دَابِرَ هؤلاء
مقطوع مُصْبِحِين. قولُهم: قطع الله دابره؛ قال الأَصمعي وغيره: الدابر
الأَصل أَي أَذهب الله أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ:
فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي،
غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يقتل القوم فتذهب أُصولهم ولا يبقى لهم أَثر. وقال ابن بُزُرْجٍ:
دَابِرُ الأَمر آخره، وهو على هذا كأَنه يدعو عليه بانقطاع العَقِبِ حتى لا
يبقى أَحد يخلفه. الجوهري: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخره؛ قال الكميت:
أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ
على دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ
وفي حديث الدعاء: وابْعَثْ عليهم بأْساً تَقْطَعُ به دابِرَهُمْ؛ أَي
جميعهم حتى لا يبقى منهم أَحد. ودابِرُ القوم: آخِرُ من يبقى منهم ويجيء في
آخرهم. وفي الحديث: أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غازياً ي دابِرَتِه؛ أَي من
يبقى بعده. وفي حديث عمر: كنت أَرجو أَن يعيش رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، حتى يَدْبُرَنا أَي يَخْلُفَنا بعد موتنا. يقال: دَبَرْتُ الرجلَ
إِذا بقيت بعده. وعَقِبُ الرجل: دَابِرُه.
والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر. وقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الجمع
ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ؛ جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِليهم
طَرْفُهُمْ؛ قال الفرّاء: كان هذا يومَ بدر وقال الدُّبُرَ فوَحَّدَ ولم يقل
الأَدْبارَ، وكلٌّ جائز صوابٌ، تقول: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأْس،
كما تقول: فلان كثير الدينار والدرهم؛ وقال ابن مقبل:
الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
ودابِرَةُ الحافر: مُؤَخَّرُه، وقيل: هي التي تلي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ،
وجمعها الدوابر. الجوهري: دَابِرَة الحافر ما حاذى موضع الرسغ، ودابرة
الإِنسان عُرْقُوبه؛ قال وعلة: إِذ تحز الدوابر. ابن الأَعرابي:
الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، والدابرة الهزيمة.
والدَّبْرَةُ، بالإِسكان والتحريك: الهزيمة في القتال، وهو اسم من
الإِدْبار. ويقال: جعل الله عليهم الدَّبْرَةَ، أَي الهزيمة، وجعل لهم
الدَّبْرَةَ على فلان أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ. وقال أَبو جهل لابن مسعود يوم
بدر وهو مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فقال: لله ولرسوله
يا عدوّ الله؛ قوله لمن الدبرة أَي لمن الدولة والظفر، وتفتح الباء
وتسكن؛ ويقال: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الهزيمة.
والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاعِ.
والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابن سيده: دَابِرَةُ الطائر
الأُصْبُعُ التي من وراء رجله وبها يَضْرِبُ البَازِي، وهي للديك أَسفل من
الصِّيصِيَةِ يطأُ بها.
وجاء دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً. وفلان لا يصلي الصلاة إِلاَّ دَبَرِيّاً،
بالفتح، أَي في آخر وقتها؛ وفي المحكم: أَي أَخيراً؛ رواه أَبو عبيد عن
الأَصمعي، قال: والمُحَدِّثُون يقولون دُبُرِيّاً، بالضم، أَي في آخر
وقتها؛ وقال أَبو الهيثم: دَبْرِيّاً، بفتح الدال وإِسكان الباء. وفي الحديث
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة:
رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، رجل اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قوماً
هم له كارهون؛ قال الإِفْرِيقيُّ راوي هذا الحديث: معنى قوله دباراً أَي
بعدما يفوت الوقت. وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال: «إِن للمنافقين علامات يُعرفون بها: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وطعامهم
نُهْبَةٌ، لا يَقْرَبُون المساجد إِلا هَجْراً، ولا يأْتون الصلاة إِلا
دَبْراً، مستكبرين لا يأْلَفُون ولا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ
بالنهار؛ قال ابن الأَعرابي: قوله دباراً في الحديث الأَوَّل جمع دَبْرٍ
ودَبَرٍ، وهو آخر أَوقات الشيء الصلاة وغيرها؛ قال: ومنه الحديث الآخر لا
يأْتي الصلاة إِلا دبْراً، يروى بالضم والفتح، وهو منصوب على الظرف؛ وفي
حديث آخر: لا يأْتي الصلاة إِلا دَبَرِيّاً، بفتح الباء وسكونها، وهو
منسوب إِلى الدَّبْرِ آخر الشيء، وفتح الباء من تغييرات النسب، ونصبه على
الحال من فاعل يأْتي، قال: والعرب تقول العِلم قَبْلِيٌّ وليس
بالدَّبَرِيِّ؛ قال أَبو العباس: معناه أَن العالم المتقن يجيبك سريعاً والمتخلف يقول
لي فيها نظر. ابن سيده: تبعت صاحبي دَبَرِيّاً إِذا كنت معه فتخلفت عنه
ثم تبعته وأَنت تحذر أَن يفوتك.
ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه. والدَّابِرُ: التابع.
وجاء يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وهو من ذلك. وأَدْبَرَ إِدْباراً
ودُبْراً: ولَّى؛ عن كراع. والصحيح أَن الإِدْبارَ المصدر والدُّبْر الاسم.
وأَدْبَرَ أَمْرُ القوم: ولَّى لِفَسادٍ. وقول الله تعالى: ثم ولَّيتم
مدبرين؛ هذا حال مؤكدة لأَنه قد علم أَن مع كل تولية إِدباراً فقال مدبرين
مؤكداً؛ ومثله قول ابن دارة:
أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لها نسَبي،
وهَلْ بدارَةَ، با لَلنَّاسِ، من عارِ؟
قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن جني لها نسبي وقال لها يعني النسبة، قال:
وروايتي له نسبي.
والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثعلب:
هذا يُصادِيكَ إِقْبالاً بِمَدْبَرَةٍ؛
وذا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ
ودَبَرَ بالشيء: ذهب به. ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ ومنه قوله
تعالى: والليل إِذا دَبَرَ؛ أَي تبع النهارَ قَبْلَه، وقرأَ ابن عباس
ومجاهد: والليل إِذ أَدْبَرَ، وقرأَها كثير من الناس: والليل إِذا دَبَرَ، وقال
الفراء: هما لغتان: دَبَرَ النهار وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ
وأَدْبَرَ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قالوا أَقبل الراكب أَو أَدبر لم
يقولوا إِلا بالأَلف، قال: وإِنهما عندي في المعنى لَواحدٌ لا أُبْعِدُ اين
يأْتي في الرجال ما أَتى في الأَزمنة، وقيل: معنى قوله: والليل إِذا
دَبَرَ، جاء بعد النهار، كما تقول خَلَفَ. يقال: دَبَرَنِي فلان وخَلَفَنِي
أَي جاء بعدي، ومن قرأَ: والليل إِذا أَدْبَرَ؛ فمعناه ولَّى ليذهب.
ودَابِرُ العَيْشِ: آخره؛ قال مَعْقِلُ ابنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ:
وما عَرَّيْتُ ذا الحَيَّاتِ، إِلاَّ
لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ
وذا الحيات: اسم سيفه. ودابر العيش: آخره؛ يقول: ما عريته إِلا لأَقتلك.
ودَبَرَ النهار وأَدْبَرَ: ذهب. وأَمْسِ الدَّابِرُ:
الذاهب؛ وقالوا: مضى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وهذا من
التطوّع المُشامِّ للتأْكيد لأَن اليوم إِذا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنه
دَبَرَ، لكنه أَكده بقوله الدابر كما بينا؛ قال الشاعر:
وأَبِي الذي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ
بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ
وقال صَخْرُ بن عمرو الثَّرِيد السُّلَمِي:
ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،
وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
ويروى المُدْبِرِ. قال ابن بري: والصحيح في إِنشاده مثل أَمس المدبر؛
قال: وكذلك أَنشده أَبو عبيدة في مقاتل الفرسان؛ وأَنشد قبله:
ولقد دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً
نَجْلاءَ تُزْغِلُ مثل عَطِّ المَنْحَرِ
تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً. والعَطُّ: الشَّقُّ.
والنجلاء: الواسعة. ويقال: هيهات، ذهب فلان كما ذهب أَمْسِ الدابِرُ، وهو
الماضي لا يرجع أَبداً. ورجل خاسِرٌ دابِرٌ إتباع، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ،
ويقال خاسِرٌ دامِرٌ، على البدل، وإِن لم يلزم أَن يكون بدلاً.
واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه من ورائه؛ وقول الأَعشى يصف الخمر أَنشده أَبو
عبيدة:
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ،
على الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ ما عُلِمْ
قال: قوله غير مستدبر فُسِّرَ غير مستأْثر، وإِنما قيل للمستأْثر مستدبر
لأَنه إِذا استأْثر بشربها استدبر عنهم ولم يستقبلهم لأَنه يشربها دونهم
ويولي عنهم. والدَّابِرُ من القداح: خلاف القَابِلِ، وصاحبه مُدَابِرٌ؛
قال صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يصف ماء ورده:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ،
خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
المُدابِرُ: المقمور في الميسر، وقيل: هو الذي قُمِرَ مرة بعد
فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وقال الأَصمعي: المدابر المُوَلِّي المُعْرِض عن صاحبه؛
وقال أَبو عبيد: المدابر الذي يضرب بالقداح. ودَابَرْتُ فلاناً: عاديته.
وقولهم: ما يَعْرِفُ قَبيلَهُ من دَبِيرِه، وفلان ما يَدْرِي قَبِيلاً
من دَبِيرٍ؛ المعنى ما يدري شيئاً. وقال الليث: القَبِيلُ فَتْلُ
القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف. ويقال: القَبِيلُ ما
وَلِيَكَ والدَّبِيرُ ما خالفك. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ
دَبِيره من قَبيله. قال الأَصمعي: القَبيل ما أَقبل من الفاتل إِلى حِقْوِه،
والدَّبِيرُ ما أَدبر به الفاتل إِلى ركبته. وقال المفضل: القبيل فَوْزُ
القِدح في القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ. وقال الشيباني:
القَبيل طاعة الرب والدَّبير معصيته. الصحاح: الدَّبير ما أَدبرتْ به
المرأَة من غَزْلها حين تَفْتِلُه. قال يعقوب: القَبيلُ ما أَقْبلتَ به إِلى
صدرك، والدَّبير ما أَدبرتَ به عن صدرك. يقال: فلان ما يعرف قَبيلاً من
دَبير، وسنذكر من ذلك أَشياء في ترجمةِ قَبَلَ، إِن شاء الله تعالى.
والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يقال: فلان ما له قِبْلَةٌ ولا
دِبْرَةٌ إِذا لم يهتد لجهة أَمره، وليس لهذا الأَمر قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا
لم يعرف وجهه؛ ويقال: قبح الله ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ. وأَدْبَرَ
الرجلَ: جعله وراءه. ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خرج من الهَدَفِ. وفي المحكم:
دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جاوزه وسقط وراءه.
والدَّابِرُ من السهام: الذي يخرج من الهَدَفِ. ابن الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ،
ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن الناقة إِذا
نُحِرَتْ إِلى ناحية القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صارت هذه الفَتْلَةُ إِلى
ناحية الوجه.
والدَّبَرَانُ: نجم بين الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ
والتُّوَيْبِعُ، وهو من منازل القمر، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ
الثريا أَي يَتْبَعُها. ابن سيده: الدَّبَرانُ نجم يَدْبُرُ الثريا، لزمته
الأَلف واللام لأَنهم جعلوه الشيء بعينه. قال سيبويه: فإِن قيل: أَيقال
لكل شيء صار خلف شيء دَبَرانٌ؟ فإِنك قائل له: لا، ولكن هذا بمنزلة العدْل
والعَدِيلِ، وهذا الضرب كثير أَو معتاد. الجوهري: الدَّبَرانُ خمسة
كواكب من الثَّوْرِ يقال إِنه سَنَامُه، وهو من منازل القمر.
وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لم
أَعْبَأْ به، وتَصَامَمْتُ عنه وأَغضيت عنه ولم أَلتفت إِليه، قال:
يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ،
ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ
وقالوا: إِذا رأَيت الثريا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي
إِذا بدأَت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر ووقت نَتاج الإِبل، وإِذا
رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت
الشعرى مع المغرب فذلك صَمِيمُ القُرِّ، فلا يصبر على القِرَى وفعل الخير
في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحرّ، وقوله: ومجد حمل أَي لا يحمل
فيه الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشديد لأَن الجمال تُهْزَلُ في ذلك الوقت
وتقل المراعي.
والدَّبُورُ: ريح تأْتي من دُبُرِ الكعبة مما يذهب نحو المشرق، وقيل: هي
التي تأْتي من خلفك إِذا وقفت في القبلة. التهذيب: والدَّبُور بالفتح،
الريح التي تقابل الصَّبَا والقَبُولَ، وهي ريح تَهُبُّ من نحو المغرب،
والصبا تقابلها من ناحية المشرق؛ قال ابن الأَثير: وقول من قال سميت به
لأَنها تأْتي من دُبُرِ الكعبة ليس بشيء. ودَبَرَتِ الريحُ أَي تحوّلت
دَبُوراً؛ وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطائر
إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ من التذكرة، يكون اسماً وصفة، فمن الصفة قول
الأَعشى:
لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصا
د، صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا
ومن الاسم قوله أَنشده سيبويه لرجل من باهلة:
رِيحُ الدَّبُورِ مع الشَّمَالِ، وتارَةً
رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
قال: وكونها صفة أَكثر، والجمع دُبُرٌ ودَــبائِرُ، وقد دَبَرَتْ تَدْبُرُ
دُبُوراً. ودُبِرَ القومُ، على ما لم يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون:
أَصابتهم ريح الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دخلوا في الدَّبور، وكذلك سائر
الرياح. وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا
وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
ورجل أُدابِرٌ: للذي يقطع رحمه مثل أُباتِرٍ. وفي حديث أَبي هريرة: إِذا
زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عليكم،
بالفتح، أَي الهلاك. ورجل أُدابِرٌ: لا يقبل قول أَحد ولا يَلْوِي على
شيء. قال السيرافي: وحكى سيبويه أُدابِراً في الأَسماء ولم يفسره أَحد على
أَنه اسم، لكنه قد قرنه بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وهما موضعان، فعسى أَن
يكون أُدابِرٌ موضعاً. قال الأَزهري: ورجل أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ
فيقطعها، ورجل أُخايِلٌ وهو المُخْتالُ.
وأُذن مُدابَرَةٌ: قطعت من خلفها وشقت. وناقة مُدابَرَة: شُقت من قِبَلِ
قَفاها، وقيل: هو أَن يَقْرِضَ منها قَرْضَةً من جانبها مما يلي قفاها،
وكذلك الشاة. وناقة ذات إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ
أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وذكر الأَزهري ذلك في الشاة
أَيضاً.
والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الاستقبال. ورجل
مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ من أَبويه كريم الطرفين. وفلان مُسْتَدْبَرُ
المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كريم أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قال الأَصمعي:
وذلك من الإِقْبالة والإِدْبارَة، وهو شق في الأُذن ثم يفتل ذلك، فإِذا
أُقْبِلَ به فهو الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ به فهو الإِدْبارة،
والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ من الأُذن هي الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ،
والشاة مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وقد أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها. وناقة ذات
إِقبالة وإِدبارة وناقة مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كريمة الطرفين من قِبَل
أَبيها وأُمها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ
أَو مُدابَرَةٍ؛ قال الأَصمعي: المقابلة أَن يقطع من طرف أُذنها شيء ثم
يترك معلقاً لا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ ويقال لمثل ذلك من الإِبل:
المُزَنَّمُ، ويسمى ذلك المُعَلَّقُ الرَّعْلَ. والمُدابَرَةُ: أَن يفعل ذلك
بمؤخر الأُذن من الشاة؛ قال الأَصمعي: وكذلك إِن بان ذلك من الأُذن فهي
مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بعد أَن كان قطع. والمُدَابَرُ من المنازل: خلافُ
المُقابَلِ. وتَدابَرَ القوم: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وقيل: لا يكون ذلك
إِلا في بني الأَب. وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: لا
تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا؛ قال أَبو عبيد: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ
والهِجْرانُ، مأْخوذ من أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وقفاه ويُعْرِضَ عنه
بوجهه ويَهْجُرَه؛ وأَنشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا،
وأَوْصَى أَبو كُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟ ودَبَرَ القومُ
يَدْبُرُونَ دِباراً: هلكوا. وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخره فلم
يبق منهم باقية.
ويقال: عليه الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دعوا عليه بأَن يَدْبُرَ فلا
يرجع؛ ومثله: عليه العفاء أَي الدُّرُوس والهلاك. وقال الأَصمعي:
الدَّبارُ الهلاك، بالفتح، مثل الدَّمار.
والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ في الخير والدَّبْرَةُ في
الشر. يقال: جعل الله عليه الدَّبْرَة، قال ابن سيده: وهذا أَحسن ما
رأَيته في شرح الدَّبْرَة؛ وقيل: الدَّبْرَةُ العاقبة.
ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نظر في عاقبته، واسْتَدْبَرَه: رأَى في
عاقبته ما لم ير في صدره؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قال
جرير:
ولا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حتى يُصِيبَكُمْ،
ولا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا
والتَّدْبِيرُ في الأَمر: أَن تنظر إِلى ما تَؤُول إِليه عاقبته،
والتَّدَبُّر: التفكر فيه. وفلان ما يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ من دِباره أَي
أَوَّله من آخره. ويقال: إِن فلاناً لو استقبل من أَمره ما استدبره
لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو علم في بَدْءِ أَمره ما علمه في آخره
لاسْتَرْشَدَ لأَمره. وقال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لبنيه: يا بَنِيَّ لا
تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قد وَلَّتْ صُدُورُها. والتَّدْبِيرُ: أَن
يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي ينظر في عواقبه. والتَّدْبِيرُ: أَن
يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد
موتي، وهو مُدَبَّرٌ؛ وفي الحديث: إِن فلاناً أَعتق غلاماً له عن دُبُرٍ؛
أَي بعد موته. ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عتقه بموتك، وهو التدبير
أَي أَنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت. ودَبَّرَ العبد: أَعتقه بعد
الموت. ودَبَّرَ الحديثَ عنه: رواه. ويقال: دَبَّرْتُ الحديث عن فلان
حَدَّثْتُ به عنه بعد موته، وهو يُدَبِّرُ حديث فلان أَي يرويه. ودَبَّرْتُ
الحديث أَي حدّثت به عن غيري. قال شمر: دبَّرْتُ الحديث ليس بمعروف؛ قال
الأَزهري: وقد جاء في الحديث: أَمَا سَمِعْتَهُ من معاذ يُدَبِّرُه عن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم؟ أَي يحدّث به عنه؛ وقال: إِنما هو يُذَبِّرُه،
بالذال المعجمة والباء، أَي يُتْقِنُه؛ وقال الزجاج: الذِّبْر القراءةُ،
وأَما أَبو عبيد فإِن أَصحابه رووا عنه يُدَبِّرُه كما ترى، وروى
الأَزهري بسنده إِلى سَلاَّمِ بن مِسْكِينٍ قال: سمعت قتادة يحدّث عن فلان،
يرويه عن أَبي الدرداء، يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
ما شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها ملكان يُنادِيانِ أَنهما
يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى
ربكم فإِنَّ ما قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مما كَثُرَ وأَلْهَى، اللهم عَجِّلْ
لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.
ابن سيده: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كتبه؛ عن كراع، قال:
والمعروف ذَبَرَه ولم يقل دَبَره إِلا هو.
والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه، وكذلك الجوابُ
الدَّبَرِيُّ؛ يقال: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وهو الذي يَسْنَحُ
أَخيراً عند فوت الحاجة، أَي شره إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وفات.
والدَّبَرَةُ، بالتحريك: قَرْحَةُ الدابة والبعير، والجمع دَبَرٌ
وأَدْبارٌ مثل شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار. ودَبِرَ البعيرُ، بالكسر، يَدْبَرُ
دَبَراً، فهو دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل
دَبْرَى وقد أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ البعير فَدَبِرَ؛
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بعيره، وأَنْقَبَ إِذا حَفِيَ خُفُّ بعيره. وفي
حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وعفا
الأَثَرُ؛ الدبر، بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر الدابة، وقيل: هو أَن
يَقْرَحَ خف البعير، وفي حديث عمر: قال لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ
أَي دَبِرَ بعيرك وحَفِيَ. وفي حديث قيس بن عاصم: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ
الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي التي أَدْبَرَ خَيْرُها.
والأَدْبَرُ: لقب حُجْرِ بن عَدِيٍّ نُبِزَ به لأَن السلاح أَدْبَرَ
ظهره، وقيل: سمي به لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: منه
كأَنه تصغير أَدْبَرَ مرخماً.
والدَّبْرَةُ: الساقية بين المزارع، وقيل: هي المَشَارَةُ في
المَزْرَعَةِ، وهي بالفارسية كُرْدَه، وجمعها دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قال بشر بن أَبي
خازم:تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ،
على جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها
وقيل: الدِّبارُ الكُرْدُ من المزرعة، واحدتها دِبارَةٌ. والدَّبْرَةُ:
الكُرْدَةُ من المزرعة، والجمع الدِّبارُ. والدِّباراتُ: الأَنهار الصغار
التي تتفجر في أَرض الزرع، واحدتها دَبْرَةٌ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف
كيف هذا إِلا أَن يكون جمع دَبْرَة على دِبارٍ أُلحقت الهاء للجمع، كما
قالوا الفِحَالَةُ ثم جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة. وقال أَبو حنيفة:
الدَّبْرَة البقعة من الأَرض تزرع، والجمع دِبارٌ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة، واحده وجمعه
سواء؛ يقال: مالٌ دَبْرٌ ومالان دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قال ابن سيده: هذا
الأَعرف، قال: وقد كُسِّرَ على دُبُورٍ، ومثله مال دَثْرٌ. الفرّاء:
الدَّبْرُ والدِّبْرُ الكثير من الضَّيْعَة والمال، يقال: رجل كثير الدَّبْرِ
إِذا كان فاشِيَ الضيعة، ورجل ذو دَبْرٍ كثير الضيعة والمال؛ حكاه أَبو
عبيد عن أَبي زيد.
والمَدْبُور: المجروح. والمَدْبُور: الكثير المال.
والدَّبْرُ، بالفتح: النحل والزنابير، وقيل: هو من النحل ما لا يَأْرِي،
ولا واحد لها، وقيل: واحدته دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وهَبْتُهُ من وَثَبَى فَمِطْرَهْ
مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ
وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل:
بِأَبْيَضَ من أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ،
وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد: شاره من النحل؛ وفي الصحاح قال لبيد:
بأَشهب من أَبكار مزن سحابة،
وأَري دبور شاره النحلَ عاسل
قال ابن بري يصف خمراً مزجت بماء أَبيض، وهو الأَشهب. وأَبكار: جمع
بِكْرٍ. والمزن: السحاب الأَبيض، الواحدة مُزْنَةٌ. والأَرْيُ: العسل.
وشارَهُ: جناه، والنحل منصوب بإِسقاط من أَي جناه من النحل عاسل؛ وقبله:
عَتِيق سُلافاتٍ سِبَتْها سَفِينَةٌ،
يَكُرُّ عليها بالمِزاجِ النَّياطِلُ
والنياطل: مكاييل الخمر. قال ابن سيده: ويجوز أَن يكون الدُّبُورُ جمع
دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ.
والدَّبُورُ، بفتح الدال: النحل، لا واحد لها من لفظها، ويقال للزنابير
أَيضاً دَبْرٌ.
وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عاصم بن ثابت بن أَبي الأَفلح الأَنصاري من أَصحاب
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُصيب يوم أُحد فمنعت النحل الكفار
منه، وذلك أَن المشركين لما قتلوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلط الله
عز وجل عليهم الزنابير الكبار تَأْبِرُ الدَّارِعَ فارتدعوا عنه حتى
أَخذه المسلمون فدفنوه. وقال أَبو حنيفة: الدِّبْرُ النحل، بالكسر،
كالدَّبْرِ؛ وقول أَبي ذؤيب:
بَأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها،
وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ
عنى شُعْبَةً فيها دَبِرٌ، ويروي: وقد وَلَهَتْ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ
أَيضاً: أَولاد الجراد؛ عنه. وروى الأَزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله
الزبيري قال: الخَافِقَانِ ما بين مطلع الشمس إِلى مغربها. والدَّبْرُ:
الزنابير؛ قال: ومن قال النحل فقد أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قالت لزوجها:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَخْشَ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ
شبه خروجها ودخولها بالنوائب. قال الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها
الثَّوْلُ، قال: وهو الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، ولا واحد لشيء من هذا؟ قال
الأَزهري: وهذا هو الصواب لا ما قال مصعب. وفي الحديث: فأَرسل الله عليهم
الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ؛ هو بسكون الباء النحل، وقيل: الزنابير. والظلة:
السحاب. وفي حديث بعض النساء
(* قوله: «وفي حديث بعض النساء» عبارة
النهاية: وفي حديث سكينة ا هـ. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما
صرح به الصفدي وغيره ا هـ. وسكينة بالتصغير كما في القاموس). جاءت إِلى
أُمها وهي صغيرة تبكي فقالت لها: ما لَكِ؟ فقالت: مرت بي دُبَيْرَةٌ
فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ؛ هو تصغير الدَّبْرَةِ النحلة. والدَّبْرُ: رُقادُ كل
ساعة، وهو نحو التَّسْبِيخ. والدَّبْرُ: الموت. ودَابَرَ الرجلُ: مات؛
عن اللحياني، وأَنشد لأُمية بن أَبي الصلت:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْـ
ـروٍ أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ،
ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيـ
ـداً، لا يَؤُوبُ له مُسافِرْ
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مات، وأَدْبَرَ إِذا تغافل عن حاجة صديقه،
وأَدْبَرَ: صار له دِبْرٌ، وهو المال الكثير. ودُبارٌ، بالضم: ليلة الأَربعاء،
وقيل: يوم الأَربعاء عادِيَّةٌ من أَسمائهم القديمة، وقال كراع: جاهلية؛
وأَنشد:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي.
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ
فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ
أَول: الأَحَدُ. وشِيارٌ: السبتُ، وكل منها مذكور في موضعه. ابن
الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سافر في دُبارٍ. وسئل مجاهد عن يوم النَّحْسِ
فقال: هو الأَربعاء لا يدور في شهره.
والدَّبْرُ: قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء ويَنْضُبُ عنها.
وفي حديث النجاشي أَنه قال: ما أُحِبُّ أَن تكون دَبْرَى لي ذَهبَاً
وأَنِّي آذيت رجلاً من المسلمين؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بالجبل، قال ابن
الأَثير: هو بالقصر اسم جبل، قال: وفي رواية ما أُحب أَن لي دَبْراً من
ذَهَبٍ، والدَّبْرُ بلسانهم: الجبل؛ قال: هكذا فُسِّر، قال: فهو في الأُولى
معرفة وفي الثانية نكرة، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم لا.
ودَبَرٌ: موضع باليمن، ومنه فلان الدَّبَرِيُّ.
وذاتُ الدَّبْرِ: اسم ثَنِيَّةٍ؛ قال ابن الأَعرابي: وقد صحفه الأَصمعي
فقال: ذات الدَّيْرِ. ودُبَيْرٌ: قبيلة من بني أَسد. والأُدَيْبِرُ:
دُوَيْبَّة. وبَنُو الدُّبَيْرِ: بطن؛ قال:
وفي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ
على الطعَّامِ ما غَبا غُبَيْسُ
ثعر: الثَّعْرُ والثُّعْرُ والثَّعَرُ، جميعاً: لَثىً يخرج من أَصل
السَّمُرِ، يقال إِنه سَمُّ قاتل، إِذا قطر في العين منه شيء مات الإِنسان
وجعاً. والثَّعَر: كثرة الثآليل.
والثُّعْرُور: ثَمَرُ الذُّؤْنُونِ وهي شجرة مرة، ويقال لرأْس
الطُّرْثُوثِ ثُعْرُورٌ كأَنه كَمَرَةُ ذَكَرِ الرجل في أََعلاه. والثُّعْرُور:
الطُّرْثُوثُ، وقيل: طَرَفُه، وهو نبت يؤْكل، والثَّعارِيرُ: الثآليل
وحَمْلُ الطَّراثيث أَيضاً، واحدها ثُعْرور. وفي حديث جابر عن النبي، صلى الله
عليه وسلم، أَنه قال: إِذا مُيِّزَ أَهلُ الجنة من النار أُخرجوا قد
امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ في نهر الحياة فيخرجون بيضاً مثل الثَّعارير، وفي
رواية: يخرج قوم من النار فينبتون كما تنبت الثعارير، قيل: الثعارير في
هذا الحديث رؤوس الطراثيث تراها إِذا خرجت من الأَرض بيضاً شبهوا في
البياض بها. وقال ابن الأَثير: الثعارير هي القثاء الصغار شبهوا بها لأَن
القثاء ينمي سريعاً. والثُّعْرورانِ: كالحَلَمَتَيْنِ يكتنفان غُرْمُولَ
الفرس عن يمين وشمال، وفي الصحاح: يكتنفان القَتَبَ من خارج، وهما أَيضاً
الزائدان على ضَرْعِ الشاة. والثُّعْرُورُ: الرجل الغليظ القصير.
شتم: الشَّتْمُ: قبيح الكلام وليس فيه قَذْفٌ. والشَّتْمُ: السَّبُّ،
شَتَمَه يَشْتُمُه ويَشْتِمُه شَتْماً، فهو مَشْتُوم، والأُنثى مَشْتُومة
وشَتِيمٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني: سَبَّهُ، وهي المَشْتَمَةُ والشَّتِيمة؛
وأَنشد أَبو عبيد:
لَيْسَتْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، وعَفْوُها
عَرَقُ السِّقاءِ على القَعُودِ اللاَّغِبِ
يقول: هذه الكلمة وإِن لم تُعَدَّ شَتْماً فإِن العَفْو عنها شديد.
والتَّشاتُمُ: التَّسابُّ. والمُشاتَمةُ: المُسابَّةُ؛ وقال سيبويه في باب ما
جَرى مَجْرى المَثَل:
كلُّ شَيءٍ ولا شَتِيمةُ حُرٍّ
وشاتَمه فَشَتَمه يَشْتُمه: غَلَبَه بالشَّتْمِ. ورجل شَتَّامةٌ: كثير
الشَّتْمِ. الجوهري: والشَّتِيمُ الكَريهُ الوجه، وكذلك الأَسَدُ. يقال:
فلان شَتِيمُ المُحَيّا، وقد شَتُمَ الرجلُ، بالضم، شَتامَةً؛ وأَنشد ابن
بري للمَرَّار الأَسَدِيّ:
يُعْطِي الجَزيلَ ولا يُرى، في وَجْهِهِ
لخَلِيلِه، مَنٌّ ولا شَتْمُ
قال: وشاهد شَتامَةً قول الآخر:
وهَزِئْن مِنِّي أَن رَأَيْنَ مُوَيْهِناً
تَبْدُو عليه شَتامَةُ المَمْلُوكِ
والاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ. والشَّتِيمُ والشُّتامُ والشُّتامةُ:
القبيح الوجه. والشُّتامَةُ أَيضاً: السَّيِّءُ الخُلُقِ. والشَّتامة:
شِدَّةُ الخَلْقِ مع قُبْح وَجْهٍ. وأَسدٌ شَتِيمٌ: عابسٌ. وحمار شَتِيمٌ:
وهو الكريه الوجه القبيح. وشُتَيْم ومِشْتَمٌ: اسمان.