Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=90031#a19f7c
(اهتاج) ثار لمَشَقَّة أَو ضَرَر
هيج: هاجَتِ الأَرضُ تَهِيجُ هِياجاً، وهاجَ الشيءُ يَهِيج هَيْجاً
وهِياجاً وهَيَجاناً، واهْتاجَ، وتَهَيَّجَ: ثار لمشقة أَو ضرر. تقول هاج به
الدم وهاجَه غيرُه وهَيَّجَه. يتعدَّى ولا يتعدَّى. وهَيَّجَه وهايَجَه،
بمعنى؛ وقوله:
إِذا تَغَنَّى الحمامُ الوُرْقُ هَيَّجَني،
ولو تَعَزَّيْتُ عنها، أُمَّ عَمَّارِ
اكتفى فيه بالمسبب الذي هو التهييج مِن السبب الذي هو التذكير، لأَنه
لمَّا قال هَيَّجني، دلَّ على ذَكَّرني فنصبها به.
وشيءٌ هَيُوجٌ على التعدِّي، والأُنثى هَيُوجٌ أَيضاً؛ قال الراعي:
قَلَى دِينَه واهْتاجَ للشَّوْقِ، إِنها
على الشَّوْقِ، إِخوانَ العَزاءِ، هَيُوجُ
ومِهْياج كَهَيُوج.
وأَهاجَتِ الريحُ النبتَ: أَيبسته. ويوم الهِياج: يوم القتال. وتَهايَجَ
الفَريقان إِذا تواثبا للقتال. وهاجَ الشَّرُّ بين القوم
(* يريد أَنه
يقال: هاج الشر بين القوم أي ثار.).
والهَيْجُ والهِياجُ والهَيْجا والهَيْجاءُ: الحرب، بالمد والقصر،
لأَنها مَوْطِنُ غَضَبٍ. وفي الحديث: لا يَنْكَلُ في الهَيجاء أَي لا يتأَخر
في الحرب؛ ومنه قصيد كعب:
من نَسْجِ داودَ في الهَيجا سَرابيلُ
وقال لبيد:
وأَرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا، إِذا ما
تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بالفِئامِ
وقال آخر:
إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّتِ العَصا،
فحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سيفٌ مُهَنَّدُ
وتقول: هَيَّجْتُ الشَّرَّ بينهم.
وهاجَ الإِبلَ هَيْجاً: حركها بالليل إِلى المورد والكلإِ. والمِهْياجُ
من الإِبل: التي تَعْطَشُ قبل الإِبل.
وهاجتِ الإِبلُ إِذا عَطِشَتْ. والمِلْواحُ مثل المِهْياج. وهاجَ
هائجُه: اشتد غضبه وثار. وهَدَأَ هائِجُه: سَكَنَتْ فَوْرَتُه. وفي حديث
الاعتِكاف: هاجت السماءُ فَمُطِرْنا أَي تَغَيَّمَتْ وكثرت ريحها. وفي حديث
الملاعنة: رأَى مع امرأَته رجلاً فلم يَهِجْه أَي لم يزعجه ولم يُنَفِّره.
وهَيَّجْتُ الناقة فانبعثت، ويقال: هِجْتُه فهاجَ؛ قال الشاعر:
هِيْهِ، وإِن هِجْناكَ، يا ابنَ الأَطْولِ
وناقة مِهْياجٌ أَي نَزُوعٌ إِلى وَطَنها. والهائجُ: الفَحْلُ الذي
يشتهي الضِّرابَ. وهاجَ الفَحْلُ يَهيجُ هِياجاً وهُيوجاً وهَيَجاناً
واهْتاجَ: هَدَرَ وأَراد الضِّرابَ. وفحْلٌ هِيَّجٌ: هائج، مثَّل به سيبويه
وفسره السيرافي، وفي بعض النسخ هِيَّخٌ، بالخاء المعجمة، ولم يفسره أَحد؛ قال
ابن سيده: وهو خطأٌ، وفي حديث الدِّيات: وإِذا هاجَتِ الإِبلُ رَخُصَتْ
ونَقَصَتْ قيمتها. هاجَ الفحلُ إِذا طلب الضِّرابَ، وذلك مما يُهْزِلُه
فيقل ثمنُه.
والهاجَةُ: النعجة التي لا تشتهي الفحل؛ قال ابن سيده: وهو عندي على
السلب كأَنها سُلِبَتِ الهِياجَ.
والهَيْجُ: الريح الشديدة. والهَيْجُ: الصُّفْرة. والهَيْجُ: الجَفاف.
والهَيْجُ: الحَركة. والهَيْجُ: الفتنة. والهَيْجُ: هَيَجَانُ الدم أَو
الجماع أَو الشَّوْقِ.
وهاجَ البقلُ هِياجاً، فهو هائج
(* قوله «فهو هائج» كذا بالأصل، وهو
مستدرك مع ما قبله.) وهَيْجٌ: يبس واصفرَّ وطال، فهو هائج. وفي التنزيل: ثم
يَهِيجُ فتراه مُصْفَرًّا؛ وأَرض هائجة: يَبِسَ بَقْلُها أَو اصفرَّ؛ وفي
الحديث: تَصْرَعُها مرةً وتَعْدِلُها أُخرى حتى تَهيجَ أَي تَيْبَسَ
وتَصْفَرَّ؛ ومنه الحديث: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأَمر
بغُصْنٍ فقُطِعَ أَو كان مقطوعاً قد هاجَ ورَقهُ؛ وفي حديث علي، رضوان الله
عليه: لا يَهِيجُ على التقوى زَرْعُ قوم؛ أَراد: من عمل لله عملاً لم يفسد
عمله ولم يبطل، كما يهيج الزرع فَيَهْلِكُ. وهاجتِ الأَرضُ هَيْجاً
وهَيَجاناً: يبس بقلها. وأَهْيَجها: وجَدَها هائجة النبات؛ قال رؤبة:
وأَهْيَجَ الخَلْصَاءَ من ذاتِ البُرَقْ
ويقال: يومُنا يومُ هَيْجٍ أَي يوم غَيْمٍ ومطرٍ. ويومُنا يومُ هَيْجٍ
أَيضاً أَي يوم ريح؛ قال الراعي:
ونارِ وَدِيقَةٍ، في يومِ هَيْجٍ
من الشِّعْرَى، نَصَبْتُ له الحَنِينا
ويروى: يوم ريح. الأَصمعي: يقال للسحاب أَوّل ما يَنْشَأُ: هاجَ له
هَيْجٌ حَسَنٌ؛ وأَنشد للراعي:
تُراوِحُها رَواغَةُ كلِّ هَيْجٍ،
وأَرْواحٌ أَطَلْنَ بها الحَنِينا
والهاجَةُ: الضِّفْدَعَة الأُنثى والنعامة، والجمع هاجاتٌ، وتصغيرها
بالواو والياء هُوَيْجَةٌ، ويقال هُيَيْجة، وجمعُ الهاجَةِ هاجاتٌ. وهِيجِ،
كسر بغير تنوين: مِن زجر الناقة خاصة؛ قال:
تَنْجُو إِذا قال حادِيها لها: هِيجِ
حرث: الحَرْثُ والحِراثَةُ: العَمل في الأَرض زَرْعاً كان أَو غَرْساً،
وقد يكون الحَرْثُ نفسَ الزَّرْع، وبه فَسَّر الزجاجُ قوله تعالى: أَصابت
حَرْثَ قوم ظَلَمُوا أَنْفُسَهم فأَهْلَكَتْه. حَرَثَ يَحْرُثُ حَرْثاً.
الأَزهري: الحَرْثُ قَذْفُكَ الحَبَّ في الأَرض لازْدِراعٍ، والحَرْثُ:
الزَّرْع. والحَرَّاثُ: الزَّرَّاعُ. وقد حَرَث واحـْتَرثَ، مثل زَرَعَ
وازْدَرَع. والحَرْثُ: الكَسْبُ، والفعلُ كالفعل، والمصدر كالمصدر، وهو
أَيضاً الاحْتِراثُ.
وفي الحديث: أَصْدَقُ الأَسماءِ الحارِثُ؛ لأَن الحارِثَ هو الكاسِبُ.
واحْتَرَثَ المالَ: كَسَبه؛ والإِنسانُ لا يخلو من الكَسْب طبعاً
واخْتياراً. الأَزهري: والاحْتِراثُ كَسْبُ المال؛ قال الشاعر يخاطب
ذئباً:ومن يَحْتَرِثْ حَرْثي وحَرْثَكَ يُهْزَلِ
والحَرْثُ: العَمَلُ للدنيا والآخرة. وفي الحديث: احْرُثْ لدُنْياك
كأَنك تَعيش أَبداً، واعْمل لآخرتك كأَنك تَموتُ غَداً؛ أَي اعْمَلْ
لدُنْياك، فخالَفَ بين اللفظين؛ قال ابن الأَثير: والظاهر من لفظ هذا الحديث:
أَمّا في الدنيا فالحَثُّ على عمارتها، وبقاء الناس فيها حتى يَسْكُنَ فيها،
ويَنْتَفِع بها من يجيءُ بعدك كما انْتَفَعْتَ أَنتَ بعمل مَن ان قبلك
وسَكَنْتَ فيما عَمَر، فإِن الإِنسان إِذا عَلِمَ أَنه يَطُول عُمْرُه
أَحْكَم ما يَعْمله، وحَرَصَ على ما يَكْتَسبه؛ وأَما في جانب الآخرة، فإِنه
حَثَّ على الإِخلاص في العمل، وحضور النيَّة والقلب في العبادات
والطاعات، والإِكثار منها، فإِن من يعلم أَنه يموت غداً، يُكثر من عبادته،
ويُخْلِصُ في طاعته، كقوله في الحديث الآخر: صَلِّ صلاةً مُودِّع؛ وقال بعضُ
أَهل العلم: المراد من هذا إِلى الحديث غيرُ السابق إِلى الفهم من ظاهره،
لأَنه، عليه السلام، إِنما نَدَبَ إِلى الزُّهْد في الدنيا، والتقليل
منها، ومِن الانهماك فيها، والاستمتاع بلذاتها، وهو الغالب على أَوامره
ونواهيه، صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بالدنيا، فكيف يَحُثُّ على عِمارتها
والاستكثار منها؟ وإِنما أَراد، والله أَعلم، أَن الإِنسان إِذا علم
أَنه يعيش أَبداً، قَلَّ حِرْصُه، وعلم أَن ما يريده لا يَفُوته تَحْصِيلُه
بترك الحِرْص عليه والمُبادرةِ إِليه، فإِنه يقول: إِن فاتني اليومَ
أَدركته غَداً، فإِني أَعيش أَبداً، فقال عليه السلام: اعْمَلْ عَمَلَ من
يَظُنُّ أَنه يُخَلَّد، فلا تَحْرِصْ في العمل؛ فيكون حَثّاً على الترك،
والتقليل بطريق أَنيقةٍ من الإِشارة والتنبيه، ويكون أَمره لعمل الآخرة على
ظاهره، فيَجْمَع بالأَمرين حالةً واحدةً، وهو الزهدُ والتقليل، لكن
بلفظين مختلفين؛ قال: وقد اختصر الأَزهري هذا المعنى فقال: معنى هذا الحديث
تقديمُ أَمر الآخرة وأَعمالها، حِذارَ الموت بالفَوْت، على عَمل الدنيا،
وتأْخيرُ أَمر الدنيا، كراهيةَ الاشْتغال بها عن عمل الآخرة.
والحَرْثُ: كَسْبُ المال وجَمْعُه. والمرأَةُ حَرْثُ الرجل أَي يكون
وَلَدُه منها، كأَنه يَحْرُثُ ليَزْرَعَ وفي التنزيل العزيز: نساؤُكم حَرْثٌ
لكم، فأْتُوا حَرْثَكم أَنَّى شِئْتم. قال الزجاج: زعم أَبو عبيدة أَنه
كناية؛ قال: والقول عندي فيه أَن معنى حَرْثٌ لكم: فيهنَّ تَحْرُثُون
الوَلَد واللِّدَة، فأْتُوا حَرْثَكم أَنَّى شِئْتُم أَي ائْتُوا مواضعَ
حَرْثِكم، كيف شِئْتُم، مُقْبِلةً ومُدْبرةً.
الأَزهري: حَرَثَ الرجلُ إِذا جَمَع بين أَربع نسوة. وحَرَثَ أَيضاً
إِذا تَفَقَّه وفَتَّشَ. وحَرَثَ إِذا اكْتَسَبَ لعياله واجْتَهَدَ لهم،
يقال: هو يَحْرُث لعياله ويَحْتَرثُ أَي يَكْتَسِب. ابن الأَعرابي: الحَرْثُ
الجماع الكثير. وحَرْثُ الرجل: امرأَتُه؛ وأَنشد المُبَرّد:
إِذا أَكلَ الجَرادُ حُروثَ قَوْمٍ،
فَحَرْثي هَمُّه أَكلُ الجَرادِ
والحَرْثُ: مَتاعُ الدنيا. وفي التنزيل العزيز: من كانَ يُريد حَرْثَ
الدنيا؛ أَي من كان يريد كَسْبَ الدنيا. والحَرْثُ: الثَّوابُ والنَّصِيبُ.
وفي التنزيل العزيز: من كان يُريدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ له في حَرْثه.
وحَرَثْتُ النار: حَرَّكْتها.
والمِحْراثُ: خَشبة تُحَرَّك بها النارُ في التَّنُّور. والحَرْثُ:
إِشْعالُ النار، ومِحْراثُ النار: مِسْحَاتُها التي تُحَرَّك بها النار.
ومِحْراثُ الحَرْب: ما يُهَيِّجها. وحَرَثَ الأَمْرَ: تَذَكَّره واهْتاجَ له؛
قال رؤْبة:
والقَوْلُ مَنْسِيٌّ إِذا لم يُحْرَثِ
والحَرَّاثُ: الكثير الأَكل؛ عن ابن الأَعرابي. وحَرَثَ الإِبلَ
والخَيْلَ، وأَحرَثَها: أَهْزَلها. وحَرَثَ ناقتَه حَرْثاً وأَحْرَثَها إِذا سار
عليها حتى تُهْزَلَ.
وفي حديث بَدْرٍ: اخْرُجُوا إِلى مَعايشكم وحَرائِثكم، واحدُها حَريثةٌ؛
قال الخطابي: الحَرائِثُ أَنْضاءُ الإِبل؛ قال: وأَصله في الخيل إِذا
هُزِلَتْ، فاستعير للإِبل؛ قال: وإِنما يقال في الإِبل أَحْرَفْناها،
بالفاء؛ يقال: ناقة حَرْفٌ أَي هَزيلةٌ؛ قال: وقد يراد بالحرائثِ المَكاسِبُ،
من الاحْتراثِ الاكتساب؛ ويروى حَرَائبكم، بالحاء والباء الموحدة، جمعُ
حَريبةٍ، وهو مالُ الرجل الذي يقوم بأَمره، وقد تقدَّم، والمعروف
بالثاء.وفي حديث معاوية أَنه قال للأَنصار: ما فَعَلَتْ نواضِحُكم؟ قالوا:
حَرَثْناها يوم بَدْرٍ؛ أَي أَهْزَلناها؛ يقال: حَرَثْتُ الدابةَ
وأَحْرَثْتُها أَي أَهْزَلْتها، قال ابن الأَثير: وهذا يخالف قول الخطابي، وأَراد
معاوية بذكر النَّواضِح تَقْريعاً لهم وتعريضاً، لأَنهم كانوا أَهل زَرْع
وسَقْيٍ، فأَجابوه بما أَسْكتَه، تعريضاً بقتل أَشياخه يوم بَدْر.
الأَزهري: أَرض مَحْروثة ومُحْرَثة: وَطِئَها الناسُ حتى أَحْرَثُوها
وحَرَثُوها، ووُطِئَتْ حتى أَثاروها، وهو فسادٌ إِذا وُطِئَتْ، فهي
مُحْرَثة ومَحْروثة تُقْلَبُ للزَرْع، وكلاهما يقال بَعْدُ.
والحَرْثُ: المَحَجَّةُ المَكْدُودة بالحوافر.
والحُرْثةُ: الفُرضةُ التي في طَرَف القَوْس للوَتر.
ويقال: هو حَرْثُ القَوْسِ والكُظْرة، وهو فُرْضٌ، وهي من القوس حَرْثٌ.
وقد حَرَثْتُ القَوسَ أَحْرُثُها إِذا هيَّأْتَ مَوْضِعاً لعُرْوة
الوَتَر؛ قال: والزَّنْدة تُحْرَثُ ثم تُكْظَرُ بعد الحَرْثِ، فهو حَرْثٌ ما
لم يُنْفَذ، فإِذا أُنْفِذَ، فهو كُظْر.
ابن سيده: والحَرَاثُ مَجْرى الوَتَر في القوس، وجمعه أَحْرِثة.
ويقال: احْرُثِ القرآن أَي ادْرُسْه وحَرَثْتُ القرآن أَحْرُثُه إِذا
أَطَلْتَ دِراستَه وتَدَبَّرْتَه.
والحَرْثُ: تَفْتِيشُ الكتاب وتَدبُّره؛ ومنه حديث عبد الله: احْرُثُوا
هذا القرآن أَي فَتِّشُوه وثَوِّروه.
والحَرْثُ: التَّفْتِيش.
والحُرْثَةُ: ما بين مُنْتَهى الكَمَرة ومَجْرَى الخِتان.
والحُرْثَة أَيضاً: المَنْبِتُ، عن ثعلب؛ الأَزهري: الحَرْثُ أَصلُ
جُرْدانِ الحمار؛ والحِرَاثُ: السَّهم قبل أَن يُراش، والجمع أَحْرِثة؛
الأَزهري الحُرْثة: عِرقٌ في أَصل أُدافِ الرَّجل.
والحارِثُ: اسم؛ قال سيبويه: قال الخليل إِن الذين قالوا الحَرث، إِنما
أَرادوا أَن يجعلوا الرجل هو الشيء بعينه، ولم يجعلوه سمي به، ولكنهم
جعلوه كأَنه وَصفٌ له غَلَب عليه؛ قال: ومن قال حارِثٌ، بغير أَلف ولام، فهو
يُجْريه مُجْرى زيدٍ، وقد ذكرنا مثل ذلك في الحسن اسم رجل؛ قال ابن جني:
إِنما تَعَرَّفَ الحَرثُ ونحوُه من الأَوْصاف الغالبة بالوَضْع دون
اللام، وإِنما أُقِرَّتِ اللامُ فيها بعد النَّقْل وكونها أَعلاماً، مراعاة
لمذهب الوصف فيها قبل النقل، وجمع الأَول: الحُرَّثُ والحُرَّاثُ، وجمع
حارِث حُرَّثٌ وحَوارِثُ؛ قال سيبويه: ومن قال حارث، قال في جمعه: حَوارِث،
حيث كان اسماً خاصًّا، كزَيْد، فافهم.
وحُوَيْرِثٌ، وحُرَيثٌ وحُرْثانُ، وحارِثةُ، وحَرَّاثٌ، ومُحَرَّثٌ:
أَسماءٌ؛ قال ابن الأَعرابي: هو اسم جَدِّ صَفْوانَ بن أُمية بن مُحَرَّثٍ،
وصَفوانُ هذا أَحدُ حُكَّامِ كِنانَة، وأَبو الحارث: كنيةُ الأَسَد.
والحارثُ: قُلَّة من قُلَلِ الجَوْلانِ، وهو جبل بالشأْم في قول النابغة
الذبْياني يَرْثِي النُّعمان ابن المنذر:
بكَى حارِثُ الجَوْلانِ من فَقْدِ رَبِّه،
وحَوْرانُ منه خائفٌ مُتضَائِلُ
قوله: من فَقْد رَبِّه، يعني النعمان؛ قال ابن بري وقوله:
وحَوْرانُ منه خائفٌ مُتَضائل
كقول جرير:
لمّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ، تَوَاضَعَتْ
سُورُ المدينة، والجِبالُ الخُشَّعُ
والحارثان: الحارثُ بن ظالم بن حَذيمةَ بن يَرْبُوع بن غَيْظِ بنِ
مُرَّة، والحارثُ بن عوفِ بن أَبي حارثة ابن مُرَّة بن نُشْبَة بن غَيْظِ بنِ
مرَّة، صاحب الحَمَالة. قال ابن بري: ذكر الجوهري في الحارثين الحارِثَ
بن ظالم بن حَذيمة بالحاء غير المعجمة. ابن يَرْبُوع قال: والمعروف عند
أَهل اللغة جَذيمة، بالجيم. والحارِثان في باهلة: الحارِثُ بن قُتَيْبة،
والحارثُ بن سَهْم بن عَمْرو بن ثعلبة بن غَنْم بن قُتَيْبة.
وقولهم: بَلْحَرث، لبَني الحرث بن كَعْب، مِن شواذِّ الإِدغام، لأَن
النون واللام قريبا المَخْرَج، فلما لم يمكنهم الإِدغامُ بسكون اللام، حذفوا
النون كما قالوا: مَسْتُ وظَلْتُ، وكذلك يفعلون بكل قبيلة تَظْهَر فيها
لام المعرفة، مثل بَلْعنبر وبَلْهُجَيم، فأَما إِذا لم تَظْهَر اللامُ،
فلا يكون ذلك.
وفي الحديث: وعليه خَمِيصَةٌ حُرَيْثِيَّة؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ
في بعض طُرُق البخاري ومسلم؛ قيل: هي منسوبة إلى حُرَيْثٍ، رجلٍ من
قُضاعة؛ قال: والمعروف جُونِيَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
برقش: بَرْقَشَ الرجلُ بَرْقَشَةً: وَلَّى هارباً.
والبَرْقَشَة: شبه تَنْقيش بأَلوان شَتَّى وإِذا اختلف لون الأَرْقَشِ
سُمي بَرْقَشَةً. وبَرْقَشه: نقَشَه بأَلوان شَتى. وتَبَرْقَش الرجلُ:
تَزَيَّن بأَلوان شتى مختلفة، وكذلك النبت إِذا الْوَنَّ. وتَبَرْقَشت
البلاد: تَزَيَّنت وتلوّنت، وأَصله من أَبي بَراقَشَ. وتركْتُ البلاد بَراقِشَ
أَي ممتلئة زَهْراً مختلفة من كل لون؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد
للخنساء:تَطِيرُ حَواليَّ البِلادُ بَرَاقِشاً،
بأَرْوَعَ طَلاَّبِ التِّرَاتِ مُطَلِّبِ
وقيل: بلاد بَراقشُ مُجْدِبة خَلاءٌ كبَلاقِع سواء، فإِن كان ذلك فهو من
الأَضداد. والبَرْقَشَة: التفرّق؛ عنه أَيضاً.
والمُبْرَنْقشُ: الفَرِح المسرور. وابْرَنْقَشَت العِضَاهُ: حسنت.
وابْرَنْقَشَت الأَرض: اخْضَرَّت. وابْرَنْقَشَ المكان: انقطع من غيره؛ قال
رؤبة:
إِلى مِعَى الخَلْصَاء حيث ابْرَنْقَشا
والبِرْقِشُ، بالكسر: طُوَيْئِرٌ من الحُمَّرِ متلون صغير مثل العصفور
يسميه أَهل الحجاز الشُّرْسُور؛ قال الأَزهري: وسمعت صبيان الأَعراب
يسمونه أَبا بَراقِش، وقيل: أَبو بَراقِش طائر يَتَلوَّن أَلواناً شبيه
بالقُنْفُذ أَعلى ريشه أَغبر وأَوسطه أَحمر وأَسفله أَسود فإِذا انْتَفَش تغيّر
لونه أَلواناً شتى؛ قال الأَسدي:
إِنْ يَبْخَلُوا أَو يَجْبُنُوا،
أَو يَغْدِرُوا لا يَحْفِلُوا
يَغْدُوا عَلَيْكَ مُرَجّليـ
ـنَ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا
كَأَبي بَراقِشَ، كُلّ لَوْ
نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ
وصف قوماً مشهورين بالمقابح لا يستحون ولا يحْتَفِلون بمن رآهم على ذلك،
ويَغْدوا بدل من قوله لا يَحْفِلوا لأَن غُدُوَّهم مُرَجّلين دليل على
أَنهم لم يحْفِلوا. والتَّرْجِيل: مَشْط الشعر وإِرساله. قال ابن بري وقال
ابن خالويه: أَبو بَراقِشَ طائر يكون في العِضَاهِ ولونه بين السواد
والبياض، وله ست قوائم ثلاث من جانب وثلاث من جانب، وهو ثقيل العَجْز تَسْمع
له حَفِيفاً إِذا طار، وهو يَتَلوَّن أَلواناً.
وبرَاقِشُ: اسم كلبة لها حديث؛ وفي المثل: على أَهْلها دَلَّتْ
بَراقِشُ، قال ابن هانئ: زعم يونس عن أَبي عمرو أَنه قال هذا المثل: على أَهلها
تَجْنِي براقش، فصارت مثلاً؛ حكى أَبو عبيد عن أَبي عبيدة قال: بَراقِش
اسم كلبة نَبَحَتْ على جيش مَرّوا ولم يشعُروا بالحيّ الذي فيه الكلبة،
فلما سمعوا نباحها علموا أََن أَهلها هناك فعطفوا عليهم فاستباحوهم، فذهبت
مثلاً، ويروى هذا المثل: على أَهلها تجني براقش؛ وعليه قول حمزة بن
بِيضٍ:لمْ تَكُنْ عَنْ جِنايَة لَحِقَتْني،
لا يَسارِي ولا يُميني جنَتْني
بَلْ جَناها أَخٌ عَلَيَّ كَرِيمٌ،
وعَلى أَهْلِها بَراقِشُ تَجْني
قال: وبراقِشُ اسم كلبة لقوم من العرب أُغِيرَ عليهم في بعض الأَيام
فَهرَبوا وتَبِعَتْهم براقشُ، فرجع الذين أَغاروا خائبين وأَخذوا في طلبهم،
فَسمِعَتْ براقشُ وَقْعَ حوافرِ الخيل فنَبَحَتْ فاستدلوا على موضع
نباحِها فاستَباحُوهم. وقال الشَّرْقي بن القَطامي: براقش امرأَة لقمان بن
عاد، وكان بنو أَبيه لا يأْكلون لحوم الإِبل، فأَصاب من براقشَ غلاماً فنزل
لقمانُ على بني أَبيها فأَوْلَمُوا ونحروا جَزُوراً إِكراماً له، فراحت
براقشُ بِعَرْقٍ من الجزور فدفَعَتْه لزوجها لقمانَ فأَكله، فقال: ما هذا؟
ما تَعَرّقْتُ مثلَه قط طيّباً فقالت براقشُ: هذا من لحم جزور، قال:
أَوَلُحُومُ الإِبلِ كُلّها هكذا في الطِّيب؟ قالت: نَعَم، ثم قالت له:
جَمِّلْنا واجْتَمِل، فأَقبل لقمان على إِبلِها وإِبلِ أَهلها فأَشرع فيها
وفعل ذلك بنو أَبيه، فقيل: على أَهلها تجني براقش، فصارت مثلاً. وقال أَبو
عبيدة براقش اسم امرأَة وهي ابنة مَلِك قديم خرج إِلى بعض مَغازِيه
واسْتَخْلَفَها على مُلْكه فأَشار عليها بعضُ وُزَرائها أَن تَبْنيَ بناءً
تُذْكَرُ به، فبَنَتْ موضعين يقال لهما براقش ومَعِينٌ، فلما قَدِمَ أَبوها
قال لها: أَردتِ أَن يكون الذكر لكِ دُوني، فأَمر الصُّنَّاع الذين
بَنَوْهما بأَن يهدِموها، فقالت العرب: على أَهلها تجني براقش وحكى أَبو حاتم
عن الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العلاء أَن براقشَ ومعينَ مدينتان بُنِيَتا
في سبعين أَو ثمانين سنة؛ قال: وقد فسر الأَصمعي براقش ومعين في شعر
عمرو بن معد يكرب وأَنهما موضعان وهو:
دعانا من بَراقِشَ أَو مَعِينٍ،
فأَسْرَعَ واتْلأَبَّ بنا مَلِيع
وفسر اتلأَبّ باسْتقَام، والمَلِيعَ بالمستوي من الأَرض، وبراقش موضع؛
قال النابغة الجعدي:
تَسْتَنُّ بالضِّروِ من بَراقِشَ أَو
هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ من العُتُم
جدع: الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن
والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ. وحمار
مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ،
ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
أَراد الذي يُجدَّع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي
كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج:
لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر،
وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع:
نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له
بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق
هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد
جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو
ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه
غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا
يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.
والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك
العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والجَدْعُ: ما انقطع من
مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى
النصف. والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن
الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً
له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل
إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور
في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَراه كأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَه
وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ
فعلى قوله:
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ
للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعا
والأَعرف:
وأَصبحَ الدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو
حَنْبل الطائي:
لقد آليْتُ أَغْدِر في جَداعِ،
وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
وهي الجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والجَداعُ: الموت
لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً:
شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة
الذُّبْياني:
أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها،
وجُوهُ قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن
الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً
لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها
بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة:
المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّع
النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن
مقبل:وغَيْث مَريع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني،
وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَجْدَعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ
عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَعُ
جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه:
جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي
فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه،
وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره
على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له
الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا
جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما
نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من
تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر
فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له
المفضل: وما الجَدِعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَجدَعَه وجَدَّعَه: أَساء غذاءه.
قال ابن بري: قال الوزير: جَدِعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف
مثله. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً:
رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مجُدوع؛
وأَنشد:
كأَنه من طول جَدْعِ العَفْسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حَبس
عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الجَدْعَ
والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛
قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصْمِت بالماء تَوْلباً جَدِعا
قال: وهو من قولك جَدَعْتُه فجَدِع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ
فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:حَبَلَّق جَدَّعه الرِّعاء
ويروى: أَجْدَعَه، وهو إِذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول
أَبي الهيثم.
والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ
اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إِذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري:
قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه
قول الراعي:
بحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
بِجَمْع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو
ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِن بَلَغَتْني مِنْ أَذاه الجَنادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ
والمارِجُ والأَجْدَعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما
اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَجْدَع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان
مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْعانَ
(* كذا بالأصل، وفي القاموس: وعبد الله بن جدعان جواد معروف.)
وأَجْدَعُ وجُدَيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو
جُداع وبنو جُداعةَ.
نأي: النَّأْيُ: البُعدُ. نَأَى يَنْأَى: بَعُدَ، بوزن نَعى يَنْعَى.
ونَأَوْتُ: بَعُدْت، لغة في نأَيْتُ. والنَّأْي: المُفارقة؛ وقول
الحطيئة:وهِنْدٌ أَتى من دُونِها النَّأْيُ والبُعْدُ
إِنما أَراد المُفارقةَ، ولو أَراد البُعْدَ لما جَمع بينهما. نَأَى
عنه، وناء ونآه يَنْأَى نَأْياً وانْتَأَى، وأَنْأَيْتُه أَنا فانْتَأَى:
أَبْعَدْتُه فبَعُد. الجوهري: أَنأَيْته ونَأَيْتُ عنه نأْياً بمعنى أَي
بَعُدْت. وتَناءَوا: تباعَدُوا. والمُنْتَأَى: الموضع البعيد؛ قال
النابغة:فإِنَّك كاللَّيْل الذي هُوَ مُدْرِكِي،
وإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتَأَى عنك واسِعُ
الكسائي: ناءَيْتُ عنك الشرَّ على فاعَلْت أَي دافعت؛ وأَنشد:
وأَطْفَأْتُ نِيرانَ الحُروبِ وقد عَلَتْ،
وناءَيْتُ عَنهمْ حَرْبَهُمْ فتَقَرَّبُوا
ويقال للرجل إِذا تكبر وأعْرِض بوجهه: نَأَى بجانبه، ومعناه أَنه نأَى
جانِبَه من وَراء أَي نَحّاه. قال الله تعالى: وإِذا أَنْعَمْنا على
الإِنسان أَعْرَضَ ونأَى بجانبه؛ أَي أَنْأَى جانِبَه عن خالِقه مُتَغانياً
مُعْرضاً عن عبادته ودعائه، وقيل: نأَى بجانبه أَي تباعَدَ عن القبول. قال
ابن بري: وقرأَ ابن عامر ناءَ بجانِبه، على القلب؛ وأَنشد:
أَقولُ، وقد ناءتْ بها غُرْبَةُ النَّوَى:
نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ
قال المنذري: أَنشدني المبرد:
أَعاذِل، إِنْ يُصْبِحْ صَدايَ بِقَفْرةٍ
بَعِيداً، نآني زائِرِي وقَريبي
قال المبرد: قوله نآني فيه وجهان: أَحدهما أَنه بمعنى أَبعدني كقولك
زِدْته فزاد ونقصته فنقص، والوجه الآخر في نآني أَنه بمعنى نَأَى عني،قال
أَبو منصور: وهذا القول هو المعروف الصحيح. وقد قال الليث: نأَيتُ الدمعَ
عن خَدِّي بِإِصْبَعي نَأْياً؛ وأَنشد:
إِذا ما التَقَيْنا سالَ مِنْ عَبَراتِنا
شآبِيبُ، يُنْأَى سَيْلُها بالأَصابِع
قال: والانْتِياء بوزن الابْتِغاء افتعال من النَّأْي. والعرب تقول:
نأَى فلان عني يَنأَى إِذا بَعُد، وناء عني بوزن باع، على القلب، ومثله رآني
فلان بوزن رَعاني، وراءني بوزن راعَني، ومنهم من يُميل أَوَّله فيقول
نأَى ورَأَى.
والنُّؤْي والنِّئْي والنَّأْيُ والنُّؤَى، بفتح الهمزة على مثال
النُّفَى؛ الأَخيرة عن ثعلب: الحَفِير حول الخِباء أَو الخَيْمة يَدْفَع عنها
السيلَ يميناً وشمالاً ويُبْعِدُه؛ قال:
ومُوقَدُ فِتْيَةٍ ونُؤَى رَمادٍ،
وأَشْذابُ الخِيامِ وقَد بَلِينا
وقال:
عَليها مَوْقِدٌ ونُؤَى رَمادٍ
والجمع أَنْآء، ثم يقدّمون الهمزة فيقولون آناء، على القلب،مثل أَبْآرٍ
وآبارٍ، ونُؤُيٌّ على فُعُول ونِئِيٌّ تتبع الكسرة. التهذيب: النُّؤْي
الحاجز حول الخيمة،وفي الصحاح: النُّؤْي حُفرة حول الخِباء لئلا يدخله ماء
المطر. وأَنْأَيْتُ الخِباء: عملت له نُؤْياً. ونَأَيْتُ النُّؤْيَ
أَنْآه وأَنْأَيْتُه: عملته. وانْتأَى نُؤْياً: اتخذه، تقول منه: نأَيْتُ
نُؤْياً؛ وأَنشد الخليل:
شَآبيبُ يُنأَى سيلُها بالأَصابع
قال: وكذلك انْتَأَيْتُ نُؤْياً، والمُنْتَأَى مثله؛ قال ذو الرمة:
ذَكَرْتَ فــاهْتاجَ السَّقامُ المُضْمَرُ
مَيّاً، وشاقَتْكَ الرُّسُومُ الدُّثَّرُ
آرِيُّها والمُنْتَأَى المُدَعْثَرُ
وتقول إِذا أَمرت منه: نَ نُؤْيَك أَي أَصْلِحْه، فإِذا وقفت عليه قلت
نَهْ، مثل رَ زيداً، فإِذا وقَفت عليه قلت رَهْ؛ قال ابن بري: هذا إِنما
يصح إِذا قدَّرت فعلَه نأَيتُه أَنْآه فيكون المستقبل يَنْأَى، ثم تخفف
الهمزة على حدِّ يَرى، فتقول نَ نُؤْيَك، كما تقول رَ زيداً، ويقال انْأَ
نُؤيك، كقولك انْعَ نُعْيَك إِذا أَمرته أَن يُسوِّي حولَ خِبائه نُؤياً
مُطيفاً به كالطَّوْف يَصْرِفُ عنه ماء المطر. والنُّهَيْر الذي دون
النُّؤْي: هو الأَتيُّ، ومن ترك الهمز فيه قال نَ نُؤْيَك، وللاثنين نَيا
نُؤْيكما، وللجماعة نَوْا نُؤْيَكم، ويجمع نُؤْي الخِباء نُؤًى، على فُعَلٍ.
وقد تَنَأْيْتُ نؤياً، والمُنْتَأَى: موضعه؛ قال الطرماح:
مُنْتَأًى كالقَرْوِ رَهْنَ انْثِلامِ
ومن قال النُّؤي الأَتِيُّ الذي هو دون الحاجز فقد غلط؛ قال النابغة:
ونُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِعُ
فإِنما يَنْثَلِمُ الحاجزُ لا الأَتِيُّ؛ وكذلك قوْله:
وسَفْع على آسٍ ونُؤْي مُعَثْلَب
والمُعَثْلَبُ: المَهْدُوم، ولا يَنْهَدِم إِلا ما كان شاخصاً.
والمَنْأَى: لغة في نؤي الدار، وكذلك النِّئْيُ مثل نِعْيٍ، ويجمع النُّؤْي
نُؤْياناً بوزن نُعْياناً وأَنْآء.
قفل: القُفُول: الرُّجوع من السفر، وقيل: القُفُول رجوع الجُنْد بعد
الغَزْوِ، قَفَل القوم يَقْفُلون، بالضم، قُفولاً وقَفْلاً؛ ورجل قافِل من
قوم قُفَّال، والقَفَل اسم للجمع. التهذيب: وهُمُ القَفَل بمنزلة القَعَد
اسم يلزمهم. والقَفَل أَيضاً: القُفول. تقول: جاءهم القَفَل والقُفول،
واشتقَّ اسمُ القافِلة من ذلك لأَنهم يَقْفُلون، وقد جاء القَفَل بمعنى
القُفُول؛ قال الراجز:
عِلْباء، أَبْشِرْ بأَبيكَ والقَفَلْ
أَتاكَ، إِنْ لم يَنْقَطِعْ باقي الأَجَلْ،
هَوَلْوَل، إِذا وَنى القومُ نَزَلْ
قال أَبو منصور: سميت القافِلة قافِلة تَفاؤلاً بقُفُولها عن سَفرها
الذي ابتدأَته، قال: وظن ابنُ قتيبة أَن عوامَّ الناس يغلَطون في تسميتهم
الناهِضين في سفر أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لا تسمَّى قافِلة إِلا منصرِفة
إِلى وَطنِها، وهذا غلَط،ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأَسفار
قافِلة تفاؤلاً بأَن يُيَسِّر الله لها القُفول، وهو شائع في كلام
فُصحائهم إِلى اليوم. والقافِلة: الرُّفْقة الراجعة من السفر. ابن سيده:
القافِلة القُفَّال، إِمَّا أَن يكونوا أَرادو القافِل أَي الفَريق القافِل
فأَدخلوا الهاء للمبالغة، وإِما أَن يريدوا الرُّفْقة القافِلة فحذفوا
الموصوف وغلبت الصفة على الاسم، وهو أَجود، وقد أَقفَلَهم هو وقَفَلَهم،
وأَقفَلْتُ الجُنْدَ من مَبْعَثهم. وفي حديث جبير بن مُطْعِم: بَيْنا هو يَسِير
مع النبي، صلى الله عليه وسلم، مَقْفَلَه من حُنَينٍ أَي عند رُجوعه
منها.
والمَقْفَل: مصدر قَفَل يَقْفُل إِذا عاد من سفره؛ قال: وقد يقال
للسَّفْر قُفُول في الذهاب والمجيء، وأَكثر ما يستعمل في الرُّجوع، وتكرر في
الحديث وجاء في بعض رواياته: أَقْفَل الجيشُ وقَلَّما أَقْفَلْنا، والمعروف
قَفَل وقَفَلْنا وأَقفلَنا غيرُنا وأُقْفِلْنا، على ما لم يسم فاعله.
وفي حديث ابن عمر: قَفْلَةٌ كغَزْوة؛ القَفْلة: المرَّة من القُفول أَي
أَنَّ أَجْرَ المُجاهد في انصرافه إِلى أَهله بعد غزوه كأَجْرِه في إِقباله
إِلى الجهاد، لأَن في قفوله إِراحةً للنفس، واستعداداً بالقوَّة للعَوْد،
وحفظاً لأَهله برجوعه إِليهم، وقيل: أَراد بذلك التعقيب، وهو رجوعه
ثانياً في الوجه الذي جاء منه منصرِفاً، وإِن لم يلق عدوّاً ولم يشهد قتالاً،
وقد يفعل ذلك الجيش إِذا انصرفوا من مَغْزاهم لأَحد أَمرين: أَحدهما أَن
العدوّ إِذا رآهم قد انصرفوا عنه أَمنوهم وخرجوا من أَمكنتهم فإِذا
قَفَل الجيشُ إِلى دار العدوّ نالوا الفُرْصة منهم فأَغاروا عليهم، والآخر
أَنهم إِذا انصرفوا ظاهرين لم يأْمنوا أَن يَقْفُوَ العدوُّ أَثرهم
فيُوقِعُوا بهم وهم غارُّون، فربما استظهر الجيشُ أَو بعضهُم بالرجوع على
أَدْراجهم، فإِن كان من العدوّ طلَب كانوا مستعدِّين للقائهم، وإِلا فقد سلموا
وأَحرزوا ما معهم من الغنيمة، وقيل: يحتمل أَن يكون سُئل عن قوم قَفَلوا
لخوفهم أَن يَدْهَمَهم من عدوّهم مَن هو أَكثر عدداً منهم فقَفّلوا
ليَستَضيفوا لهم عدداً آخر من أَصحابهم، ثم يَكُرُّوا على عدوّهم.
والقُفول: اليُبوس، وقد قَفَل يَقْفِل، بالكسر؛ قال لبيد:
حتى إِذا يَئِسَ الرُّماة، وأَرْسَلُوا
غُضْفاً دَواجنَ قافِلاً أَعْصامُها
والأَعْصام: القَلائد، واحدتها عِصْمة ثم جمعت على عِصَم، ثم جمع عِصَم
على أَعْصام مثل شِيعة وشِيَع وأَشْياع. وقَفَل الجلد يَقْفُل قُفُولاً
وقَفِل، فهو قافِل وقفِيل: يَبِس. وشيخٌ قافِل: يابس. ورجل قافِل: يابس
الجلد، وقيل: هو اليابس اليد. وأَقْفَله الصومُ إِذا أَيبسه. وأَقْفَلْتُ
الجلد إِذا أَيبسته. والقَفْل، بالفتح: ما يَبِس من الشجر؛ قال أَبو
ذؤيب:ومُفْرِهة عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها،
فَخَرَّت كما تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
واحدتها قَفْلة وقَفَلة؛ الأَخيرة، بالفتح، عن ابن الأَعرابي، حكاه بفتح
الفاء وأَسكنها سائر أَهل اللغة؛ ومنه قول مُعَقِّر بن حِمَار
(* قوله
«ومنه قول معقر بن حمار» هذا هو الصواب في اسمه وقد تقدم في مادة عقر أنه
ابن حباب خطأ) لابنته بعدما كُفَّ بصرُه وقد سمع صوت راعدة: أَي
بُنَيَّةُ وائِلي بي إِلى جانب قَفْلة فإِنها لا تنبُت إِلا بمَنْجاة من
السَّيْل؛ فإِن كان ذلك صحيحاً فقَفْل اسم الجمع.
والقَفِيل: كالقَفْل، وقد قَفَل يَقْفِل وقَفِلَ. والقَفِيل أَيضاً:
نبت. والقَفِيل: السَّوْط؛ قال ابن سيده: أَراه لأَنه يصنع من الجلد اليابس؛
قال أَبو محمد الفقعسي:
لمَّا أَتاك يابِساً قِرْشَبَّا،
قمت إِليه بالقَفِيل ضَرْبا،
ضَرْب بَعِير السوء إِذْ أَحَبَّا
أَحَبّ هنا برَك، وقيل: حَرَن. وخيل قَوافِل أَي ضَوامر؛ وأَنشد ابن بري
لامرئ القيس:
نحن جَلَبْنا القُرَّح القَوافِلا
وقال خفاف بن ندبة:
سَلِيل نَجِيبةٍ لنَجِيب صِدْق
تَصَنْدَلَ قافِلاً، والمُخُّ رَارُ
ويقال للفرس إِذا ضَمَر: قَفَل يَقْفِل قُفُولاً، وهو القافِل والشازِب
والشاسِبُ؛ وأَنشد ابن بري في ترجمة خشب:
قافِل جُرْشع تَراه كتَيْس الـ
رمْلِ، لا مُقْرِف ولا مَخْشُوب
قافل: ضامر. ابن شميل: قَفَل القومُ الطعام وهم يَقْفِلون ومَكَرَ
القومُ
(* قوله «ومكر القوم إلخ» هكذا في الأصل مضبوطاً ولم يذكره في مادة
مكر، والذي في القاموس فيها: والتمكير احتكار الحبوب في البيوت) إِذا
احْتَكَرُوا يَمْكُرُون؛ رواه المصاحفي عنه. وفي نوادر الأَعراب: أَقْفَلْت
القومَ في الطريق، قال: وقَفَلْتهم بعيني قَفْلاً أَتْبعتهم بَصَري، وكذلك
قَذَذْتهم. وقالوا في موضع: أَقْفَلْتهم على كذا أَي جمعتهم.
والقُفْل والقُفُلُّ: ما يُغلَق به الباب مما ليس بكثيف ونحوه، والجمع
أَقْفال وأَقْفُل، وقرأَ بعضهم: أَم على قلوب أَقْفُلُها؛ حكى ذلك ابن
سيده عن ابن جني، وقُفُول عن الهجري؛ قال: وأَنشدت أُم القرمد:
تَرَى عَيْنُه ما في الكتاب، وقلبُه،
عن الدِّين، أَعْمَى واثِق بقُفُول
وفِعْلُه الإِقْفال. وقد أَقْفَل الباب وأَقْفَل عليه فانْقَفَل
واقْتَفَل، والنون أَعلى، والباب مُقْفَل ولا يقال مَقْفول. الجوهري: أَقْفَلْت
الباب وقَفَّل الأَبواب مثل أَغْلَق وغَلَّق. وفي حديث عمر أَنه قال:
أَربع مُقْفَلات: النذرُ والطلاق والعِتاق والنكاحُ، أَي لا مَخْرج منهنّ
لقائلهنّ كأَن عليهنّ أَقْفالاً، فمتى جرى بهنّ اللسان وجب بهنّ الحُكْم.
ويقال للبخيل: هو مُقْفَل اليدين. ورجل مُقْفَل اليدين ومُقْتَفِل: لئيم،
كلاهما على المثل. والمُقْتَفِل من الناس: الذي لا يُخرِج من يديه خيراً،
وامرأَة مُقْتَفِلة.
وقَفَل الفَحْل يَقْفِل قُفولاً: اهتاج للضِّراب.
والقَفْلة: إِعطاؤك إِنساناً شيئاً بمرّة، يقال: أَعطاه أَلفاً قَفْلة.
ابن دريد: ودرهم قَفْلة أَي وازِنٌ، والهاء أَصلية؛ قال الأَزهري: هذا من
كلام أَهل اليمن، قال: ولا أَدري ما أَراد بقوله الهاء أَصلية ورجل
قُفَلة: حافظ لكل ما يسمع.
والقُفْل: شجر بالحجاز يضخُم ويتخذ النساء من ورَقه غُمْراً يجيء أَحمر،
واحدته قُفْلة، وحكاه كراع بالفتح، ووصفها الأَزهري فقال: تنبت في
نُجُود لأَرض وتَيْبَس في أَوَّل الهَيْج. وقال أَبو عبيد: القَفْل ما يَبِس
من الشجر؛ وأَنشد قول أَبي ذؤيب:
فَخَرَّت كما تَتَّايَعُ الريحُ بالقَفْل
قال أَبو منصور: القَفْل جمع قَفْلة وهي شجرة بعينها تَهِيج في وَغْرة
الصيف، فإِذا هبَّت البوارِح بها قلعتْها وطيَّرتها في الجوِّ.
والمِقْفَل من النخل: التي يَتَحاتُّ ما عليها من الحمل؛ حكاه أَبو
حنيفة عن ابن الأَعرابي.
والقِيفال: عِرْق في اليَدِ يُفْصَد، وهو معرَّب.
وقَفِيل والقُفَال: موضعان؛ قال لبيد:
أَلَمْ تُلْمِم على الدِّمَنِ الخَوالي
لِسَلْمى بالمَذانِب فالقُفالِ؟
قطم: القَطَمُ، بالتحريك: شهوة اللحم والضِّراب والنكاح قَطِمَ يَقْطَم
قَطَماً فهو قَطِمٌ
بيِّن القَطَم أي اهتاجَ وأَراد الضراب وهو شدة اغتلامه، ورجل قَطِم:
شَهْوان للحم. وقَطِمَ الصقْر إلى اللحم: اشتهاه، وقيل: كل مُشتهٍ شيئاً
قَطِمٌ، والجمع قُطُمٌ. والقَطِمُ: الغضبان. وفحل قَطِمٌ وقِطَمٌّ
وقِطْيَمٌّ: ضَؤُولٌ؛ وأَنشد:
يَسوقُ قَرْماً قَطِماً قِطْيَمّا
(* قوله «قرماً» كذا في النسخة المنقولة مما في وقف السلطان الأشرف،
والذي في التهذيب: قطعاً).
والقُطامِيُّ: الصِّقْر، ويفتح. وصَقر قَطام وقَطامِيٌّ وقُطامِيٌّ:
لَحِمٌ، قيس يفتحون وسائر العرب يضمون وقد غلب عليه اسماً، وهو مأْخوذ من
القَطِم وهو المشتهي اللحْم وغيره. الليث: القطامي من أَسماء الشاهين؛
وقوله أَنشده ثعلب:
تأَمَّلُ ما تقولُ، وكُنتَ قِدْماً
قَطامِيّاً تَأَمُّلُه قَلِيلُ
فسره فقال: معناه كنت مرّة
(* قوله «كنت مرة» كذا في الأصل والمحكم بالراء). تركب رأْس في الأُمور
في حداثتك، فاليوم قد كَبِرت وشِخت وتركت ذلك؛ وقول أُم خالد الخثعمية في
جَحْوش العُقَيلي:
فَلَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه،
يُقادُ إلى أَهلِ الغَضى بزِمامِ
لِيَشْرَبَ منه جَحْوشٌ، ويَشيمُه
بِعَيْنَيْ قَطامِيٍّ أَغَرَّ شآمِي
إنما أَرادت بعيني رجل كأَنهما عينا قطامي، وإنما وجهناه على هذا لأَن
الرجل نوع والقطامي نوع آخر سواه، فمحال أن ينظر نوع بعين نوع، ألا ترى
أَن الرجل لا ينظر بعيني حمار وكذلك الحمار لا ينظر بعيني رجل؟ هذا ممتنع
في الأَنواع، فافهم.
ومِقْطَمُ البازي: مِخْلبه. وقَطَم الشيء يَقطِمُه قَطْماً: عَضَّه
بأَطراف أَسنانه أو ذاقه. الفراء: قَطَمْتُ الشيء بأَطراف أَسناني أَقطِمه
إذا تناولته. وقال غيره: قطَمَ يَقطِم إذا عضَّ بمقدَّم الأَسنان؛ قال أَبو
وجزة:
وخائفٍ لَحِمٍ شاكاً بَراثنُه،
كأَنه قاطِمٌ وَقْفَينِ مِن عاجِ
ابن السكيت: القَطْم العض بأََطراف الأََسنان. يقال: اقْطِمْ هذا العود
فانظر ما طعمه. والخمر قُطاميّ، بالضم لا غير، أي طريّ
(* قوله أي طري؛
لعله يعود إلى العود لا إلى الخمر). وقطم الشيء يقطمه قطماً: عضه بأطراف
أسنانه أو ذاقه؛ قال أَبو وجزة:
وإذا قَطَمْتَهمُ قَطَمْتَ عَلاقِماً
وقَواضِيَ الذِّيفانِ فيما تَقْطِمُ
والذِّيفان: السم، بكسر الذال: والقَطْمُ: تناول الحشيش بأَدنى الفم.
والقُطامة: ما قُطم بالفم ثم أُلقي. وقَطَمَ الفَصِيلُ النبتَ: أخذه بمقدّم
فيه قبل أن يستحكم أكله. وقَطَم الشيءَ قطماً: قطَعَه. وقَطَّمَ
الشاربُ: ذاق الشراب فكَرِهه وزَوَى وجهَه وقَطَّبَ.
والقُطامي، بالضم: من شعرائهم من تَغْلِب واسمه عُمير بن شُيَيْم.
وقطام: من أسماء النساء. ابن سيده: وقَطامِ وقَطامُ اسم امرأة، وأَهل الحجاز
يبنونه على الكسر في كل حال، وأَهل نجد يُجرونه مُجرى ما لا ينصرف، وقد
ذكرناه في رَقاشِ أَيضاً. وابن أُمّ قَطامِ: من ملوك كندة. وقُطامةُ: اسم.
والقُطَمِيّاتُ: مواضع؛ قال عبيد:
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ،
فالقُطَمِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
وقُطْان: اسم جبل؛ قال المخبل السعدي:
ولَما رأَتْ قُطْمانَ منْ عَن شِمالِها،
رأَت بَعْضَ ما تَهْوَى وقَرَّتْ عُيونُها
والمُقَطَّم: جبل بمصر، صانها الله تعالى.
شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.
وشَطَرْتُه: جعلته نصفين. وفي المثل: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه.
وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وفي المحكم: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره
الآخر. وسئل مالك بن أَنس: من أَن شاطَرَ عمر ابن الخطاب عُمَّالَهُ؟
فقال: أَموال كثيرة ظهرت لهم. وإِن أَبا المختار الكلابي كتب إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،
فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ
مِنَ المِسْكِ، راحَتْ في مَفارِقِهِمْ تَجْرِي
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ
سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ
قال: فَشاطَرَهُمْ عمر، رضي الله عنه، أَموالهم. وفي الحديث: أَن
سَعْداً استأْذن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بماله، قال: لا، قال:
فالشَّطْرَ، قال: لا، قال الثُّلُثَ، فقال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ
كَثِيرٌ؛ الشَّطْرُ: النصف، ونصبه بفعل مضمر أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وكذلك الثلث،
وفي حديث عائشة: كان عندنا شَطْرٌ من شَعير. وفي الحديث: أَنه رهن درعه
بشَطْر من شعير؛ قيل: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وقيل: نصفَ وسْقٍ. ويقال:
شِطْرٌ وشَطِيرٌ مثل نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وفي الحديث: الطُّهُورُ شَطْرُ
الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بحاشية الباطن، والطُّهُور يظهر بحاشية
الظاهر. وفي حديث مانع الزكاةِ: إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ
عَزَماتِ رَبِّنا. قال ابن الأَثير: قال الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ
الرَّاوِي في لفظ الرواية إِنما هو: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ
شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عليه المُصَدّقُ فيأْخذ الصدقة من خير النصفين، عقوبة
لمنعه الزكاة، فأَما ما لا يلزمه فلا. قال: وقال الخطابي في قول الحربي:
لا أَعرف هذا الوجه، وقيل: معناه أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى منه غَيْرُ
متروك عليه، وإِن تَلِفَ شَطرُ ماله، كرجل كان له أَلف شاة فتلفت حتى لم يبق
له إِلا عشرون، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الأَلف، وهو شطر ماله
الباقي، قال: وهذا أَيضاً بعيد لأَنه قال له: إِنَّا آخذوها وشطر ماله، ولم
يقل: إِنَّا آخذو شطر ماله، وقيل: إِنه كان في صدر الإِسلام يقع بعض
العقوبات في الأَموال ثم نسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّقِ: من خرج بشيء منه
فعليه غرامةُ مثليه والعقوبةُ، وكقوله في ضالة الإِبل المكتومة: غَرامَتُها
ومِثْلُها معها، وكان عمر يحكم به فَغَرَّمَ حاطباً ضِعْفَ ثمن ناقةِ
المُزَنِيِّ لما سرقها رقيقه ونحروها؛ قال: وله في الحديث نظائر؛ قال: وقد
أَخذ أَحمد ابن حنبل بشيء من هذا وعمل به. وقال الشافعي في القديم: من
منع زكاة ماله أُخذت منه وأُخذ شطر ماله عقوبة على منعه، واستدل بهذا
الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إِلا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث
منسوخاً، وقال: كان ذلك حيث كانت العقوبات في الأَموال، ثم نسخت، ومذهب عامة
الفقهاء أَن لا واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أَكْثَرُ من مثله أَو قيمته.
وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع
أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بناقته تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وترك خِلْفَيْنِ،
فإِن صَرَّ خِلْفاً واحداً قيل: خَلَّفَ بها، فإِن صَرَّ ثلاثةَ
أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بها، فإِذا صَرَّها كلها قيل: أَجْمَعَ بها وأَكْمَشَ
بها. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،
فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ
وشَطَرَ ناقَتَهُ وشاته يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وترك
شَطْراً. وكل ما نُصِّفَ، فقد شُطِّرَ. وقد شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حلبت شطراً
أَو صررته وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الآخر. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احتلب
شَطْراً أَو صَرَّهُ وترك له الشَّطْرَ الآخر. وثوب شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ
عَرْضِهِ أَطولُ من الآخر، يعني أَن يكون كُوساً بالفارسية.
وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ من
الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: ما ذهب شَطْرُه، وهو على السَّلْبِ.
والشَّطُورُ من الغَنَمِ: التي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، ومن الإِبل:
التي يَبِسَ خِلْفانِ من أَخلافها لأَن لها أَربعة أَخلاف، فإِن يبس ثلاثة
فهي ثَلُوثٌ. وشاة شَطُورٌ وقد شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وهو أَن يكون
أَحد طُبْيَيْها أَطولَ من الآخر، فإِن حُلِبَا جميعاً والخِلْفَةُ
كذلك، سميت حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ
ضُرُوبَهُ، يعني أَنه مرَّ به خيرُه وشره وشدّته ورخاؤُه، تشبيهاً بِحَلْبِ جميع
أَخلاف الناقة، ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِلٍ، ودَارّاً وغير دارّ،
وأَصله من أَشْطُرِ الناقةِ ولها خِلْفان قادمان وآخِرانِ، كأَنه حلب
القادمَين وهما الخير، والآخِرَيْنِ وهما الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛
وقيل: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وفي حديث الأَحنف قال لعلي، عليه السلام، وقت
التحكيم: يا أَمير المؤمنين إِني قد حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ
أَشْطُرَهُ فوجدته قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قد رُميت بِحَجَر
الأَرْضِ؛ الأَشْطُرُ: جمع شَطْرٍ، وهو خِلْفُ الناقة، وجعل الأَشْطُرَ
موضع الشَّطْرَيْنِ كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين، وأَراد بالرجلين
الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو موسى والثاني عمرو بن العاص. وإِذا كان نصف ولد
الرجل ذكوراً ونصفهم إِناثاً قيل: هم شِطْرَةٌ. يقال: وَلَدُ فُلانٍ
شِطْرَةٌ، بالكسر، أَي نصفٌ ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ.
وإِناءٌ شَطْرانُ: بلغ الكيلُ شَطْرَهُ، وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى
وقَصْعَةٌ شَطْرَى.
وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صار كأَنه ينظر إِليك
وإِلى آخر. وقوله، صلى الله عليه وسلم: من أَعان على دم امرئ مسلم بِشَطْرِ
كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله؛ قيل: تفسيره
هو أَن يقول: أُقْ، يريد: أُقتل كما قال، عليه السلام: كفى بالسيف شا،
يريد: شاهداً؛ وقيل: هو أَن يشهد اثنان عليه زوراً بأَنه قتل فكأَنهما قد
اقتسما الكلمة، فقال هذا شطرها وهذا شطرها إِذا كان لا يقتل بشهادة
أَحدهما. وشَطْرُ الشيء: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كل شيء: نَحْوُهُ وقَصْدُه.
وقصدتُ شَطْرَه أَي نحوه؛ قال أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي
صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ
وفي التنزيل العزيز: فَوَلِّ وجْهَك شَطْرَ المسجِد الحرامِ؛ ولا فعل
له. قال الفرّاء: يريد نحوه وتلقاءه، ومثله في الكلام: ولِّ وجهك شَطْرَه
وتُجاهَهُ؛ وقال الشاعر:
إِنَّ العَسِيرَ بها داءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
وقال أَبو إِسحق: الشطر النحو، لا اختلاف بين أَهل اللغة فيه. قال: ونصب
قوله عز وجل: شطرَ المسجد الحرام، على الظرف. وقال أَبو إِسحق: أُمر
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مكة والبيت الحرام،
وأُمر أَن يستقبل البيت حيث كان. وشَطَرَ عن أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً
وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عنهم وتركهم مراغماً أَو مخالفاً وأَعياهم خُبْثاً؛
والشَّاطِرُ مأْخوذ منه وأُراه مولَّداً، وقد شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً،
وهو الذي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الجوهري: شَطَرَ وشَطُرَ
أَيضاً، بالضم، شَطارة فيهما، قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه
أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك قيل له شاطر لأَنه تباعد عن
الاستواء.
ويقال: هؤلاء القوم مُشاطرُونا أَي دُورهم تتصل بدورنا، كما يقال: هؤلاء
يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وهم نَحْوَنا فكذلك هم مُشاطِرُونا.
ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بعيدة. ومنزل شَطِيرٌ وبلد شَطِيرٌ وحَيٌّ
شَطِيرٌ: بعيد، والجمع شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بالضم، أَي بعيدة؛ قال امرؤ
القيس:أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،
وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ
قال: والشُّطُرُ ههنا ليس بمفرد وإِنما هو جمع شَطِير، والشُّطُرُ في
البيت بمعنى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وهو نعت الخليط،
والخليط: المخالط، وهو يوصف بالجمع وبالواحد أَيضاً؛ قال نَهْشَلُ بنُ
حَريٍّ:إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،
واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ
والشَّطِيرُ أَيضاً: الغريب؛ قال:
لا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،
إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا
وقال غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ في سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،
شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،
إِذا لم يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ
يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك منقوص الحظ ما لم تزاحم أَخوالك
بآباء أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء
انصبَّ ما فيه، فضربه مثلاً لنقص الحظ، والجمع الجمع. التهذيب:
والشَّطِيرُ البعيد. ويقال للغريب: شَطِيرٌ لتباعده عن قومه. والشَّطْرُ: البُعْدُ.
وفي حديث القاسم بن محمد: لو أَن رجلين شهدا على رجل بحقٍّ أَحدُهما
شطير فإِنه يحمل شهادة الآخر؛ الشطير: الغريب، وجمعه شُطُرٌ، يعني لو شهد له
قريب من أَب أَو ابن أَو أَخ ومعه أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي
شهادَةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلاً له؛ قال: ولعل هذا مذهب القاسم وإِلا
فشهادة الأَب والابن لاتقبل؛ ومنه حديث قتادة: شهادة الأَخ إِذا كان معه شطير
جازت شهادته، وكذا هذا فإِنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأَخ أَو
القريب فإِنها مقبولة.
زمن: الزَّمَنُ والزَّمانُ: اسم لقليل الوقت وكثيره، وفي المحكم:
الزَّمَنُ والزَّمانُ العَصْرُ، والجمع أَزْمُن وأَزْمان وأَزْمِنة. وزَمَنٌ
زامِنٌ: شديد. وأَزْمَنَ الشيءُ: طال عليه الزَّمان، والاسم من ذلك
الزَّمَنُ والزُّمْنَة؛ عن ابن الأَعرابي. وأَزْمَنَ بالمكان: أَقام به زَماناً،
وعامله مُزامنة وزَماناً من الزَّمَن؛ الأَخيرة عن اللحياني. وقال شمر:
الدَّهْر والزَّمان واحد؛ قال أَبو الهيثم: أَخطأَ شمر، الزَّمانُ زمانُ
الرُّطَب والفاكهة وزمانُ الحرّ والبرد، قال: ويكون الزمانُ شهرين إلى
ستة أََشهر، قال: والدَّهْرُ لا ينقطع؛ قال أَبو منصور: الدَّهْرُ عند
العرب يقع على وقت الزمان من الأزْمنة وعلى مُدَّة الدنيا كلها، قال: وسمعت
غير واحد من العرب يقول أَقمنا بموضع كذا وعلى ماء كذا دهراً، وإن هذا
البلد لا يحملنا دهراً طويلاً، والزمان يقع على الفَصْل من فصول السنة وعلى
مُدّة ولاية الرجل وما أشبهه. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال لعَجوزٍ تَحَفَّى بها في السؤال وقال: كانت تأْتينا أَزْمانَ
خديجة؛ أَراد حياتها، ثم قال: وإِنّ حُسْنَ العهد من الإيمان. واستأْجرته
مُزامنة وزَماناً؛ عنه أَيضاً، كما يقال مُشاهرة من الشهر. وما لقيته مُذ
زَمَنةٍ أَي زَمان. والزَّمَنة: البُرْهة. وأَقام زَمْنة
(* قوله «وأقام
إلخ» ضبطه المجد والصاغاني بالتحريك).، بفتح الزاي؛ عن اللحياني، أَي
زَمَناً. ولقيته ذاتَ الزُّمَيْن أَي في ساعة لها أَعداد، يريد بذلك تَراخي
الوقت، كما يقال: لقيته ذاتَ العُوَيْم أَي بين الأَعوام. والزَّمِنُ: ذو
الزَّمانة. والزَّمانةُ: آفة في الحيوانات. ورجل زَمِنٌ أَي مُبْتَلىً
بَيِّنُ الزَّمانة. والزَّمانة: العاهة؛ زَمِنَ يَزْمَنُ زَمَناً وزُمْنة
وزَمانة، فهو زَمِنٌ، والجمع زَمِنونَ، وزَمِين، والجمع زَمْنَى لأَنه
جنس للبلايا التي يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون، فطابق باب فعيل
الذي بمعنى مفعول، وتكسيره على هذا البناء نحو جريح وجَرْحَى وكليم
وكَلْمَى. والزَّمانة أَيضاً: الحُبُّ؛ وقد روي بيت ابن عُلْبَةَ.
ولكن عَرَتْني من هَواك زَمانَةٌ،
كما كنتُ أَلْقَى منك إذْ أَنا مُطْلَقُ
وقوله في الحديث: إذا تَقارب الزمانُ لم تَكَدْ رؤيا المؤْمن تكذب؛ قال
ابن الأَثير: أَراد استواء الليل والنهار واعتدالهما، وقيل: أَراد قُرْبَ
انتهاء أَمَدِ الدنيا. والزمان يقع على جميع الدهر وبعضه. وزِمّانُ،
بكسر الزاي: أَبو حيّ من بكر، وهو زِمّان بن تَيْمِ الله بن ثعلبة بن
عُكَابة بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل، ومنهم الفِنْدُ الزِّمّانيُّ
(* قوله
«ومنهم الفند الزماني» هذه عبارة الجوهري، وفي التكملة ومادة ش هـ ل من
القاموس: أن اسمه شهل بالشين المعجمة، ابن شيبان بن ربيعة بن زمان بن
مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. قال الشارح وسياق نسب زمان بن تيم الله
صحيح في ذاته إنما كون الفند منهم سهو لأن الفند من بني مازن.) قال ابن
بري: زِمّان فِعْلان من زَمَمْتُ، قال: وحملها على الزيادة أَولى، فينبغي
أَن تذكر في فصل زَمَمَ، قال: ويدلك على زيادة النون امتناع صرفه في قولك
من بني زِمّان.
فعل: الفِعل: كناية عن كل عمل متعدٍّ أَو غير متعدٍّ، فَعَل يَفْعَل
فَعْلاً وفِعْلاً، فالاسم مكسور والمصدر مفتوح، وفَعَله وبه، والاسم
الفِعْل، والجمع الفِعال مثل قِدْح وقِداح وبِئر وبِئار، وقيل: فَعَله يَفْعَله
فِعْلاً مصدر، ولا نظير له إِلا سَحَره يَسْحَره سِحْراً، وقد جاء خَدَع
يَخْدَع خَدْعاً وخِدْعاً، وصَرَع صَرْعاً وصِرْعاً، والفَعْل بالفتح
مصدر فَعَل يَفْعَل، وقد قرأَ بعضهم: وأَوحينا إِليهم فَعْلَ الخيرات، وقوله
تعالى في قصة موسى، عليه السلام: وفَعَلْتَ فَعْلَتَك التي فَعَلْت؛
أَراد المرة الواحدة كأَنه قال قَتَلْت النفس قَتْلَتَك، وقرأَ الشعبي
فِعْلَتَك، بكسر الفاء، على معنى وقَتَلْت القِتْلة التي قد عرفتها لأَنه
قَتَله بوَكْزة؛ هذا عن الزجاج، قال: والأَول أَجود. والفَعال أَيضاً مصدر
مثل ذَهَب ذَهاباً، والفَعال، بالفتح: الكرم؛ قال هدبة:
ضَرُوب بلَحْيَيْه على عَظْم زَوْرِه،
إِذا القوم هَشُّوا للفَعال تَقَنَّعا
قال الليث: والفَعال اسم للفِعْل الحسن من الجود والكرَم ونحوه. ابن
الأَعرابي: والفَعال فِعْل الواحد خاصة في الخير والشر. يقال: فلان كريم
الفَعال وفلان لئيم الفَعال، قال: والفِعال، بكسر الفاء، إِذا كان الفعل بين
الاثنين؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب ولا أَدري لمَ قَصَر الليثُ
الفَعال على الحسَن دون القبيح، وقال المبرد: الفَعال يكون في المدْح
والذمِّ، قال: وهو مُخَلَّص لفاعل واحد، فإِذا كان من فاعِلَين فهو فِعال، قال:
وهذا هو الجيد. وكانت منه فَعْلة حسنة أَو قبيحة، والفَعَلة صفة غالِبة
على عَمَلةِ الطين والحفر ونحوهما لأَنهم يَفْعَلون؛ قال ابن الأَعرابي:
والنَّجَّار يقال له فاعل.
قال النحويون: المفعولات على وُجوه في باب النحو: فمفعول به كقولك
أَكرمت زيداً وأَعَنْت عمراً وما أَشبهه، ومفعول له كقولك فَعَلْت ذلك حِذارَ
غضبك، ويسمى هذا مفعولاً من أَجلٍ أَيضاً، ومفعول فيه وهو على وجهين:
أَحدهما الحال، والآخر في الظروف، فأَما الظَّرْف فكقولك نِمْت البيتَ وفي
البيت، وأَما الحال فكقولك ضرب فلان راكباً أَي في حال رُكوبه، ومفعول
عليه كقولك عَلَوْت السطحَ ورَقِيت الدرَجة، ومفعول بلا صِلةٍ وهو المصدر
ويكون ذلك في الفعل اللازم والواقع كقولك حفِظْت حِفْظاً وفَهِمْت
فَهْماً، واللازم كقولك انكسر انكساراً، والعرب تشتقُّ من الفعْل المُثُلَ
للأَبنية التي جاءت عن العرب مثل فُعالة وفَعُولة وأُفْعُول ومِفْعِيل
وفِعْليل وفُعْلول وفِعْوَلّ وفِعَّل وفُعُلّ وفُعْلة ومُفْعَنْلِل وفَعِيل
وفِعْيَل. وكنى ابن جني بالتَّفْعِيل عن تَقْطِيع البيت الشعريِّ لأَنه إِنما
يَزِنه بأَجزاء مادَّتها كلها «فعل» كقولك فَعُولن مَفاعِيلن وفاعِلانن
فاعِلن ومُسْتَفْعِلن فاعِلن وغير ذلك من ضُروب مقطَّعات الشعر؛
وفاعِليَّان: مثال صيغ لبعض ضُروب مربَّعِ الرَّمَل كقوله:
يا خليليَّ ارْبَعا، فاسْـ
ـتَنْطِقا رَسْماً بِعُسْفان
فقوله مَنْ بِعُسْفانْ فاعِليَّان.
ويقال: شعر مُفْتَعَل إِذا ابتَدعه قائله ولم يَحْذُه على مِثالٍ
تَقدَّمه فيه مَنْ قَبْلَه، وكان يقال: أَعذب الأَغاني ما افتُعِل وأَظرَفُ
الشعر ما افتُعِل؛ قال ذو الرمة:
غَرائِبُ قد عُرِفْن بكلِّ أُفْقٍ،
من الآفاق، تُفْتَعَل افْتِعالا
أَي يبتدَع بها غِناء بديع وصوت محدَث. ويقال لكل شيء يسوَّى على غير
مِثال تقدَّمه: مُفْتَعَل؛ ومنه قول لبيد:
فرَمَيْت القوم رَشْقاً صائِباً،
ليس بالعُصْل ولا بالمُفْتَعَل
وقوله تعالى: والذين هم للزكاة فاعِلون؛ قال الزجاج: معناه مُؤتون.
وفِعال الفَأْس والقَدُوم والمِطْرَقة: نِصابها؛ قال ابن مقبل:
وتَهْوِي، إِذا العِيسُ العِتاق تَفاضَلَتْ،
هُوِيَّ قَدُومِ القَيْن حال فِعالها
يعني نِصابَها وهو العَمُود الذي يجعل في خُرْتِها يعمَل به؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَتَتْه، وهي جانِحة يداها
جُنوحَ الهِبْرقِيِّ على الفِعال
قال ابن بري: الفَعال مفتوح أَبداً إِلاَّ الفِعال لخشبة الفأْس فإِنها
مكسورة الفاء، يقال: يا بابوسُ أَوْلِج الفِعال في خُرْت الحَدَثان،
والحَدَثان الفَأْس التي لها رأْس واحدة. والفِعال أَيضاً: مصدر فاعَل.
والفَعِلة: العادة. والفَعْل: كناية عن حَياء الناقة وغيرها من الإِناث.
وقال ابن الأَعرابي: سئل الدُّبَيْريُّ عن جُرْحه فقال أَرَّقَني وجاء
بالمُفْتَعَل أَي جاء بأَمر عظيم، قيل له: أَتَقولُه في كل شيء؟ قال: نعم
أَقول جاء مالُ فلان بالمُفْتَعَل، وجاء بالمُفْتَعَل من الخطإِ، ويقال:
عَذَّبني وجَع أَسْهرَني فجاء بالمُفْتَعَل إِذا عانى منه أَلماً لم
يعهَد مثله فيما مضى له. ابن الأَعرابي: افْتَعل فلان حديثاً إِذا اخْتَرقه؛
وأَنشد:
ذكْر شيءٍ، يا سُلَيْمى، قد مَضى،
وَوُشاة ينطِقون المُفْتَعَل
وافْتَعل عليه كذباً وزُوراً أَي اختلَق. وفَعَلْت الشيء فانْفَعَل:
كقولك كسَرْته فانكسَر. وفَعالِ: قد جاء بمعنى افْعَلْ وجاء بمعنى فاعِلة،
بكسر اللام.
خبط: خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضربه ضرْباً شديداً. وخبَط البعيرُ
بيده يَخْبِطُ خبْطاً: ضرب الأَرض بها؛ التهذيب: الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ
بخُفِّ يدِه كما قال طرفة:
تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُحٍ،
وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُرْ
( ) روي هذا البيت في قصيدة طرفة على هذه الصورة:
جافلاتٍ، فوقَ عُوج عجُل، * رُكِّبَتْ فيها مَلاطِيسُ
سُمُرْ)
أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إِذا سارَتْ. وفي حديث سعد أَنه
قال: لا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل ولا تَمُطُّوا بآمِينَ، يقول: إِذا قام
قدَّم رِجْلَه يعني من السُّجودِ، نهاه أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عند القيامِ
من السجود. والخَبْطُ في الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دون الأَرْجُلِ،
وقيل: يكون للبعير باليد والرجل. وكلُّ ما ضرَبه بيده، فقد خبَطه؛ أَنشد
سيبويه:
فَطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،
دَوامِي الأَبْدِ، يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فحذف. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ ومنه قيل
خَبْطَ عَشْواء، وهي الناقة التي في بَصرها ضَعْفٌ تَخْبِط إِذا مشت لا
تتوَقَّى شيئاً؛ قال زهير:
رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْ
تُمِتْه، ومَنْ تُخْطِئُ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
يقول: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء من الإِبل، وهي التي
لا تُبْصِرُ، فهي تَخْبِطُ الكل لا تُبْقِي على أَحد، فممّن خَبَطَتْه
المَنايا من تُمِيتُه، ومنهم من تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثم
الموت. وفلان يَخْبِط في عَمْياء إِذا رَكِبَ ما ركب بجَهالةٍ. ورجل أَخْبَطُ
يَخْبِطُ برجليه؛ وقوله:
عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَطِّ،
قَصَّرَ ذُو الخَوالِع الأَخْبَطِّ
إِنما أَراد الأَخْبَطَ فاضطر فشدد الطاء وأَجْراها في الوصل مُجْراها
في الوقف. وفرس خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ الأَرض برجليه. التهذيب:
والخَبُوطُ من الخيل الذي يَخْبِط بيديه. قال شجاع: يقال تَخَبَّطَني برجله
وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشديد، وقيل: هو من أَيدي
الدَّوابّ. والخَبَطُ: ما خَبَطَتْهُ الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ
الذي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه، والجمع خُبُطٌ، وقيل: سمي بذلك لأَن طينه
يُخبَطُ بالأَرجل عند بنائه؛ قال الشاعر:
ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ
وخبَطَ القومَ بسيفه يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ الشجرة
بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شدّها ثم ضرَبها بالعصا ونفَض ورَقها منها
ليَعْلِفَها الإِبلَ والدوابَّ؛ قال الشاعر:
والصَّقْع من خابِطةٍ وجُرْزِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده والصقعِ، بالخفض، لأَن قبله:
بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ
الوخْزُ: الطعْنُ غير النافذ. والجُرْزُ: عَمودٌ من أَعْمِدةِ الخِباء.
وفي التهذيب أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ ورق الشجر حتى يَنْحاتَّ عنه ثم
يَسْتَخْلِف من غير أَن يَضُرّ ذلك بأَصل الشجرة وأَغْصانِها. قال الليث:
الخَبَطُ خَبَطُ ورق العِضاهِ من الطَّلْحِ ونحوه يُخْبَطُ يُضْرَبُ بالعصا
فيتناثر ثم يُعْلف الإِبل، وهو ما خَبَطَتْه الدوابُّ أَي كسرَتْه. وفي
حديث تحريم مكة والمدينة: نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها؛ هو ضرب الشجر بالعصا
ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقطِ الخَبَطُ، بالتحريك، فَعَلٌ بمعنى
مَفْعول، وهو من عَلَفِ الإِبل. وفي حديث أَبي عبيدة: خرج في سرية إِلى
أَرض جُهَينةَ فأَصابهم جوع فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قال كثيِّر:
إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَها
بِمِخْطةٍ، يا حُسْنَ مَنْ أَنت ضارِبُ
يعني زوجها أَنه يخْبِطُها. وفي الحديث: فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط
فأَسْقَطَتْ جَنِيناً؛ المِخْبَطُ، بالكسر: العصا التي يُخبط بها الشجر.
وفي حديث عمر: لقد رأَيْتُني بهذا الجبل أَحْتَطِبُ مرة وأَخْتَبِطُ
أُخْرى أَي أَضرب الشجر لينتَثِرَ الورقُ منه، وهو الخَبَطُ. وفي الحديث:
سُئل هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: لا إلا كما يَضُرُّ العِضاةَ الخَبْطُ؛
الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن الغَبْطَ لا يضرّ
ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ ما يَلْحَقُ الغابِطَ من الضَّررِ الراجع إِلى
نُقصان الثواب دونَ الإِحْباط بقدر ما يلحق العِضاهَ من خَبْط ورَقِها الذي
هو دون قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبْط ورقُها، فهو وإِن
كان فيه طرَفٌ من الحسَدِ فهو دونه في الإثم. والخَبَطُ: ما انْتَفَضَ من
ورقها إِذا خُبِطتْ، وقد اختبط له خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ:
تأْكله؛ أَنشد ثعلب:
حُوكَتْ على نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ،
تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، ولا تُشاكُ
(* قوله: حوكت؛ هكذا ورد على قلب الياء واواً، والقياس حيكت.)
أَي لا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ على نِيْرَيْنِ أَي أَنها شَحِيمةٌ
قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سار فيه على غير
هُدىً؛ قال ذو الرمة:
سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء من جانِبيْ قَسَا،
وحُبَّ بها من خابِطِ الليلِ زائر
وقولهم ما أَدري أَي خابِطِ الليلِ هو أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ هو أَي
أَيُّ الناس هو. وقيل: الخبط كلُّ سْيرٍ على غير هدى. وفي حديث علي، كرم
اللّه وجهه: خَبّاطُ عَشواتٍ أَي يخبط في الظّلام، وهو الذي يمشي في الليل
بلا مِصْباح فيتحير ويَضلّ، فربما تَردّى في بئر، فهو كقولهم يَخْبِط في
عَمْياء إِذا ركب أَمراً بجَهالة.
والخُباطُ، بالضم: داء كالجُنون وليس به. وخبَطَه الشيطانُ وتَخَبَّطَه:
مسَّه بأَذىً وأَفسَدَه. ويقال: بفلان خَبْطةٌ من مَسٍّ. وفي التنزيل:
كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطانُ من المَسِّ؛ أَي يتوَطَّؤُه فيصْرَعُه،
والمَسُّ الجُنون. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ أَي
يَصْرَعَني ويَلْعَبَ بي. والخَبْطُ باليدين: كالرَّمْح بالرّجْلَيْنِ.
وخُباطةُ معرفةً: الأَحْمَقُ كما قالوا للبحر خُضارةَ.
وروي عن مكحول: أَنه مر برجل نائم بعد العصر فدفَعَه برجله فقال: لقد
عُوفِيتَ، لقد دُفع عنك، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وفيها يَنْتَشِرُون، ففيها
تكون الخَبْتةُ؛ قال شمر: كان مكحول في لسانه لُكْنةٌ وإِنما أَراد
الخَبْطةَ من تَخَبَّطَه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل
الخَبْطِ ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يده. أَبو زيد: خَبَطْتُ الرجلَ
أَخْبِطُه خَبْطاً إِذا وصلْته. ابن بزرج: قالوا عليه خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي
مَسْحةٌ جميلةٌ في هيئته وسَحْنَتِه. والخَبْطُ: طَلَبُ المعروف، خَبَطَه
يَخْبِطُه خبْطاً واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الذي يَسْأَلُك بلا وسِيلة
ولا قَرابةٍ ولا معرفة. وخَبَطَه بخير: أَعطاه من غير معرفة بينهما؛ قال
عَلْقَمةُ بن عَبْدةَ:
وفي كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ،
فَحُقَّ لشَأْسٍ من نَداكَ ذَنُوبُ
وشَأْسٌ: اسم أَخي عَلْقَمةَ، ويروى: قد خَبَطَّ أَراد خَبَطْتَ فقلب
التاء طاء وأَدغم الطاء الأُولى فيها، ولو قال خَبَتَّ يريد خَبَطْتَ لكان
أَقْيَسَ اللغتين، لأَن هذه التاء ليست متصلة بما قبلها اتصال تاء
افْتَعَلْتَ بمثالِها الذي هي فيه، ولكنه شبه تاء خبطْتَ بتاء افتعل فقَلَبها
طاء لوقوع الطاء قبلها كقوله اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وعلى هذا قالوا فحَصْطُ
برجلي كما قالوا اصْطَبَرَ؛ قال الشاعر:
ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ من دُونِنا كُفىً،
وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها
وقال لبيد:
لِيَبْكِ على النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ،
ومُحْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أَرامِلُ
ويقال: خبَطَه إِذا سأَلَه؛ ومنه قول زهير:
يَوْماً ولا خابِطاً من مالِه وَرِقا
وقال أَبو زيد: خَبَطْتُ فلاناً أَخْبِطُه إِذا وصلْتَه؛ وأَنشد في
ترجمة جزح:
وإِنِّي، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه،
لمُخْتَبِطٌ من تالِدِ المالِ جازِحُ
قال ابن بري: يقال اخْتَبَطَني فلان إِذا جاءَ يَطْلُبُ المَعْروفَ من
غير آصِرةٍ؛ ومعنى البيت إِنّي إِذا بَخِل الرَّفُود برفْده فإِني لا
أَبْخَلُ بل أَكون مخْتَبِطاً لمن سأَلني وأُعْطِيه من تالِدِ مالي أَي
القديم. أَبو مالك: الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ والكسب. تقول: اخْتَبَطْت
فلاناً واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فاختبطني بخير. وفي حديث ابن عامر: قيل له
في مرضه الذي مات فيه قد كنت تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ؛ هو
طالِبُ الرِّفْدِ من غير سابق معرفة ولا وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ
أَو خابِطِ الليل. والخِباطُ، بالكسرِ: سمةٌ تكون في الفخذ طويلةٌ عَرْضاً
وهي لبني سعد، وقيل: هي التي تكون على الوجه، حكاه سيبويه، وقال ابن
الأَعرابي: هي فوق الخَدّ، والجمعُ خُبُطٌ؛ قال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً،
شَنْعاء باقِيةَ التَّلْحِيمِ والخُبُطِ؟
وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قال ابن الرماني في تفسير الخِباط
في كتاب سيبويه: إِنه الوَسْمُ في الوجه، والعِلاطُ والعِراضُ في العُنُق،
قال: والعِراضُ يكون عَرْضاً والعِلاطُ يكون طُولاً. وخبَطَ الرجلُ
خبْطاً: طرح نفسَه حيث كان ونام؛ قال دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:
قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَا،
يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ الخابِطا
المَمارِطُ: السِّراعُ، واحدتها مِمْرَطةٌ. أَبو عبيد: خبَطَ مثل هَبَغَ
إِذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قبل الشّتاء، وقد خُبط، فهو
مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ من كل شيء. والخِبْطُ والخِبْطةُ
والخِبِيطُ: الماء القليلُ يبقى في الحوْضِ؛ قال:
إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ،
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ. والخِبْطة، بالكسر: اللبَنُ القليل
يبقى في السقاء، ولا فعل له. قال أَبو عبيد: الخِبْطةُ الجَرْعةُ من
الماء تَبْقَى في قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، ولا فعل لها؛ قال ابن
الأَعرابي: هي الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ والحَقْلَةُ والفَرْسَة
والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كله: بقية الماء في الغدير. والحَوْضُ
الصغير يقال له: الخَبِيطُ. ابن السكيت: الخِبْطُ والرَّفَضُ نحو من النصف
ويقال له الخَبِيطُ، وكذلك الصَّلْصلةُ. وفي الإِناء خِبْطٌ: وهو نحو
النِّصْفِ، ويقال خَبِيطٌ؛ وأَنشد:
يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ
ويقال خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي،
أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي ومَكاني؟
والخِبْطةُ: ما بقي في الوِعاء من طعام أَو غيره. قال أَبو زيد:
الخِبْطُ من الماء الرَّفْضُ، وهو ما بين الثلث إِلى النصف من السقاء والحوض
والغدير والإِناء. قال: وفي القِربة خِبْطةٌ من ماء وهو مثل الجرْعة ونحوها.
ويقال: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل أَي بعد صدْرٍ منه. والخِبْطةُ:
القِطْعة من البيوت والناس، تقول منه: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي قِطْعة
قطعة، والجمع خِبَطٌ؛ قال:
افْزَعْ لِجُوفٍ قد أَتتك خِبَطا،
مِثل الظَّلام والنهار اخْتَلَطا
قال أَبو الربيع الكلابي: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل وحِذْفةٍ وخدمة
(* قوله «خدمة» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: خذمة.) أَي قِطْعة.
والخَبِيطُ: لبن رائب أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عليه الحليب من اللبن ثم يضرب
حتى يختلط؛ وأَنشد:
أَو قُبْضة من حازٍرٍ خَبِيط
والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عن كراع. والخَبْطةُ: ضربة الفحلِ الناقةَ؛ قال
ذو الرمة يصف جملاً:
خَرُوجٌ من الخَرْقِ البعيدِ نِياطُه،
وفي الشَّوْلِ يُرْضَى خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ .
خلط: خَلَطَ الشيء بالشيء يَخْلِطُه خَلْطاً وخَلَّطَه فاخْتَلَطَ:
مَزَجَه واخْتَلَطا. وخالطَ الشيءَ مُخالَطة وخِلاطاً: مازَجَه. والخِلْطُ:
ما خالَطَ الشيءَ، وجمعه أَخْلاطٌ. والخِلْطُ: واحد أَخْلاطِ الطِّيب.
والخِلْطُ: اسم كلّ نوع من الأَخْلاطِ كأَخْلاطِ الدّواء ونحوه. وفي حديث
سعد: وإِن كان أَحدُنا ليَضَعُ كما تضعُ الشاةُ ما له خِلْطٌ أَي لا
يَخْتَلِطُ نَجْوُهُم بعضُه ببعض لجَفافِه ويُبْسِه، فإِنهم كانوا يأْكلون خبز
الشعير وورقَ الشجر لفقرهم وحاجتهم. وأَخْلاطُ الإِنسان: أَمْزِجَتُه
الأَربعة.
وسَمْنٌ خَلِيطٌ: فيه شَحْم ولَحْم. والخَلِيطُ من العَلَفِ: تِبن
وقَتٌّ، وهو أَيضاً طين وتِبن يُخْلَطانِ. ولبَن خَلِيطٌ: مختلط من حُلو
وحازِر. والخَلِيطُ: أَن تُحْلَب الضأْنُ على لبن المِعْزى والمِعزى على لبَن
الضأْنِ، أَو تحلب الناقةُ على لبن الغنم. وفي حديث النبيذِ: نهى عن
الخَلِيطَيْنِ في الأَنْبِذة، وهو أَن يجمع بين صِنْفين تمر وزبيب، أَو عنب
ورُطَب. الأَزهري: وأَما تفسير الخليطين الذي جاء في الأَشربة وما جاء من
النهي عن شُرْبه فهو شَراب يتخذ من التمر والبُسْر أَو من العنب والزبيب،
يريد ما يُنْبَذُ من البسر والتمر معاً أَو من الزبيب والعنب معاً،
وإِنما نهى عن ذلك لأَن الأَنواع إِذا اختلفت في الانتباذ كانت أَسرَعَ
للشدَّة والتخمير، والنبيذُ المعمول من خَلِيطَيْن ذهب قوم إِلى تحريمه وإِن
لم يُسكر، أَخذاً بظاهر الحديث، وبه قال مالك وأَحمد وعامّة المحدّثين،
قالوا: من شربه قبل حدوث الشدّة فيه فهو آثمٌ من جهة واحدة، ومن شربه بعد
حدوثها فيه فهو آثمٌ من جهتين: شربِ الخَلِيطيْن وشُربِ المُسْكِر؛
وغيرُهم رَخَّص فيه وعللوا التحريم بالإِسْكار. وفي الحديث: ما خالَطَتِ
الصدَقةُ مالاً إِلا أَهْلَكَتْه، قال الشافعي: يعني أَنّ خِيانةَ الصدَقةِ
تُتْلِفُ المالَ المَخْلُوطَ بها، وقيل: هو تَحْذِير للعمَّال عن الخيانة في
شيء منها، وقيل: هو حَثٌّ على تعجيل أَداء الزكاة قبل أَن تُخْلَطَ
بماله. وفي حديث الشُّفْعَةِ: الشَّرِيكُ أَوْلى من الخَلِيطِ، والخَلِيطُ
أَولى من الجارِ؛ الشرِيكُ: المُشارِكُ في الشُّيوعِ، والخَلِيطُ:
المُشاركُ في حُقوقِ المِلك كالشِّرْبِ والطريق ونحو ذلك.
وفي الحديث: أَن رجلين تقدّما إِلى مُعاوِيةَ فادَّعَى أَحدهما على
صاحبه مالاً وكان المُدَّعي حُوَّلاً قُلَّباً مِخْلَطاً؛ المِخْلَطُ،
بالكسر: الذي يَخْلِطُ الأَشْياء فيُلَبِّسُها على السامعين والناظرين.
والخِلاط: اخْتِلاطُ الإِبِل والناسِ والمَواشي؛ أَنشد ثعلب:
يَخْرُجْنَ من بُعْكُوكةِ الخِلاطِ
وبها أَخْلاطٌ من الناس وخَلِيطٌ وخُلَيْطى وخُلَّيْطى أَي أَوْباشٌ
مُجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون، ولا واحد لشيء من ذلك. وفي حديث أَبي سعيد: كنا
نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ على عَهْدِ رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، وهو الخِلْطُ من التمر أَي المُخْتَلِطُ من أَنْواعِ شَتَّى. وفي حديث
شريح: جاءه رجل فقال: إِنِّي طلقت امرأَتي ثلاثاً وهي حائض، فقال: أَما
أَنا فلا أَخْلِطُ حَلالاً بحَرامٍ أَي لا أَحْتَسِبُ بالحَيْضةِ التي وقع
فيها الطلاقُ من العِدّةِ، لأَنها كانت له حلالاً في بعض أَيام الحيضة
وحراماً في بعضها. ووقع القومُ في خُلَيْطى وخُلَّيْطى مثال السُّمَّيْهى
أَي اخْتِلاطٍ فاختلط عليهم أَمرُهم. والتخْلِيطُ في الأَمْرِ:
الإِفْسادُ فيه. ويقال للقوم إِذا خَلَطُوا مالَهم بعضَه ببعض: خُلَّيْطى؛ وأَنشد
اللحياني:
وكُنَّا خُلَيطى في الجِمالِ، فراعني
جِمالي تُوالى وُلَّهاً من جِمالِك
ومالُهم بينهم خِلِّيطى أَي مُخْتَلِط. أَبو زيد: اخْتَلَطَ الليلُ
بالتُّرابِ إِذا اختلطَ على القوم أَمرهم واختلط المَرْعِيُّ بالهَمَلِ.
والخِلِّيطى: تَخْلِيطُ الأَمْرِ، وإِنه لَفي خُلَّيْطى من أَمرِه؛ قال أَبو
منصور: وتخفف اللام فيقال خُلَيْطى. وفي حديث النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، أَنه قال: لا خِلاطَ ولا شِناقَ في الصدقة. وفي حديث آخر: ما كان من
خَلِيطَيْنِ فإِنهما يتراجَعانِ بينهما بالسَّوِيّةِ؛ قال الأَزهري: كان
أَبو عبيد فسّر هذا الحديث في كتاب غريب الحديث فَثَبَّجَه ولم
يُفَسِّرُه على وجهه، ثم جَوَّدَ تفسيره في كتاب الأَمْوالِ، قال: وفسره على نحو
ما فسّره الشافعي، قال الشافعيّ: الذي لا أَشُكّ فيه أَن الخَلِيطَيْنِ
الشريكان لن يقتسما الماشية، وتراجُعُهما بالسويّة أَن يكونا خليطين في
الإِبل تجب فيها الغنم فتوجد الإِبل في يد أَحدهما، فتؤخذ منه صدقتُها فيرجع
على شريكه بالسوية، قال الشافعيّ: وقد يكون الخليطان الرجلين يتخالطان
بماشيتهما، وإِن عرف كل واحد منهما ماشيته، قال: ولا يكونان خليطين حتى
يُرِيحا ويُسَرِّحا ويَسْقِيا معاً وتكونَ فُحولُهما مُخْتَلِطةً، فإِذا
كانا هكذا صَدّقا صدقةَ الواحد بكل حال، قال: وإِن تفرَّقا في مُراحٍ أَو
سَقْيٍ أَو فُحولٍ فليسا خَليطين ويُصَدِّقانِ صدقةَ الاثنين، قال: ولا
يكونان خليطين حتى يحول عليهما حَوْلٌ من يومَ اخْتَلطا، فإِذا حال عليهما
حول من يومَ اختلطا زَكَّيا زكاةَ الواحد؛ قال الأَزهري: وتفسير ذلك أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَوجب على مَن مَلك أَربعين شاة فحال
عليها الحولُ، شاةً، وكذلك إِذا ملك أَكثر منها إِلى تمام مائة وعشرين ففيها
شاة واحدة، فإِذا زادت شاةٌ واحدة على مائة وعشرين ففيها شاتان، ولو أَن
ثلاثة نفر ملكوا مائة وعشرين لكل واحد منهم أَربعون شاة، ولم يكونوا
خُلَطاء سنةً كاملة، فعلى كل واحد منهم شاة، فإِذا صاروا خلطاء وجمعوها على
راع واحد سنة فعليهم شاة واحدة لأَنهم يصدّقون إِذا اخْتَلَطُوا، وكذلك
ثلاثة نفر بينهم أَربعون شاة وهم خلطاء، فإن عليهم شاة كأَنّه ملكها رجل
واحد، فهذا تفسير الخلطاء في المواشي من الإِبل والبقر والغنم. وقوله عزّ
وجلّ: وإِن كثيراً من الخلطاء ليَبْغي بعضُهم على بعض إِلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات؛ فالخُلَطاء ههنا الشُّرَكاء الذين لا يَتَمَيَّزُ مِلْكُ
كل واحد من مِلْكِ صاحبه إِلا بالقِسْمة، قال: ويكون الخلطاء أَيضاً أَن
يخلطوا العين المتميز بالعين المتميز كما فسر الشافعي، ويكونون مجتمعين
كالحِلَّةِ يكون فيها عشرة أَبيات، لصاحب كل بيت ماشيةٌ على حدة، فيجمعون
مواشِيَهم على راعٍ واحد يرعاها معاً ويَسْقِيها معاً، وكلّ واحد منهم
يعرف ماله بسِمَته ونِجارِه. ابن الأَثير: وفي حديث الزكاة أَيضاً: لا
خِلاطَ ولا وِراطَ؛ الخِلاطُ: مصدر خالَطه يُخالِطُه مُخالَطةً وخِلاطاً،
والمراد أَن يَخْلِطَ رجل إِبله بإِبل غيره أَو بقره أَو غنمه ليمنع حق
اللّه تعالى منها ويَبْخَسَ المُصَدِّقَ فيما يجب له، وهو معنى قوله في
الحديث الآخر: لا يُجْمَعُ بين متفرِّقٍ ولا يُفَرَّقُ بين مُجتمع خشيةَ
الصدقة، أَما الجمع بين المتفرِّق فهو الخِلاط، وذلك أَن يكون ثلاثة نفر مثلاً
لكل واحد أَربعون شاة، فقد وجب على كل واحد منهم شاةٌ، فإِذا أَظَلَّهم
المُصَدِّقُ جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إِلا شاةٌ واحدة، وأَما تفريقُ
المجتمع فأَن يكون اثنان شريكان ولكل واحد منهما مائة شاةٍ وشاةٌ فيكون
عليهما في مالهما ثلاث شياه، فإِذا أَظَلَّهما المصدِّق فرَّقا غنمهما فلم
يكن على كل واحد إِلا شاة واحدة، قال الشافعي: الخطابُ في هذا للمُصدّقِ
ولربِّ المال، قال: فالخَشْيَةُ خَشْيَتانِ: خَشْيةُ السّاعي أَن تقلّ
الصدقةُ، وخشْيةُ ربِّ المال أَن يقلَّ مالُه، فأُمر كلّ واحد منهما أَن
لا يُحْدِثَ في المال شيئاً من الجمع والتفريق؛ قال: هذا على مذهب الشافعي
إِذ الخُلْطةُ مؤثِّرة عنده، وأَما أَبو حنيفة فلا أَثر لها عنده، ويكون
معنى الحديث نفي الخِلاطِ لنفي الأَثر كأَنه يقول لا أَثر للخُلْطةِ في
تقليل الزكاة وتكثيرها. وفي حديث الزكاة أَيضاً: وما كان من خَليطَيْنِ
فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما. بالسويَّةِ؛ الخَلِيطُ: المُخالِط ويريد به
الشريك الذي يَخْلِط ماله بمال شريكه، والتراجع بينهما هو أَن يكون
لأَحدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة ومالهما مختلط، فيأْخذ الساعي
عن الأَربعين مُسِنّةً وعن الثلاثين تَبِيعاً، فيرجع باذِلُ المسنَّةِ
بثلاثة أَسْباعها على شريكه، وباذل التَّبيعِ بأَربعة أَسْباعه على شريكه
لأَن كل واحد من السنَّين واجب على الشيوع، كأَنَّ المال ملك واحد، وفي
قوله بالسوية دليل على أَن الساعيَ إِذا ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على
فرضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه، وإِنما يَضْمَنُ له قِيمةَ ما يَخُصُّه
من الواجب دون الزيادة، وفي التراجع دليل على أَن الخُلطة تصح مع تمييز
أَعْيان الأَموال عند من يقول به، والذي فسره ابن سيده في الخلاط أَن
يكون بين الخليطين مائة وعشرون شاة، لأَحدهما ثمانون وللآخر أَربعون، فإِذا
أَخذ المُصَدِّقُ منها شاتين ردّ صاحبُ الثمانين على ربّ الأَربعين ثلثَ
شاة، فيكون عليه شاةٌ وثلث، وعلى الآخر ثلثا شاة، وإِن أَخذ المُصَدّق من
العشرين والمائة شاةً، واحدة ردّ صاحبُ الثمانين على ربّ الأَربعين ثلث
شاة، فيكون عليه ثلثا شاة وعلى الآخر ثلثُ شاة، قال: والوِراطُ الخديعةُ
والغِشُّ. ابن سيده: رجل مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، بكسر الميم فيهما، يُخالِطُ
الأُمور ويُزايِلُها كما يقال فاتِقٌ راتِقٌ، ومِخْلاطٌ كمِخْلطٍ؛ أَنشد
ثعلب:
يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرواطِ،
صاتِ الحُداء شَظِفٍ مِخْلاطِ
وخلَط القومَ خَلْطاً وخالَطَهم: داخَلهم. وخَليطُ الرجل: مُخالطُه.
وخَلِيطُ القوم: مُخالطهم كالنَّديم المنادِمِ، والجَلِيسِ المُجالِسِ؛
وقيل: لا يكون إِلا في الشركة. وقوله في التنزيل: وإِنّ كثيراً من الخُلَطاء؛
هو واحد وجمع. قال ابن سيده: وقد يكون الخَليطُ جمعاً. والخُلْطةُ،
بالضم: الشِّرْكة. والخِلْطةُ، بالكسر: العِشْرةُ. والخَلِيطُ: القوم الذين
أَمْرُهم واحد، والجمعُ خُلَطاء وخُلُطٌ؛ قال الشاعر:
بانَ الخَلِيطُ بسُحْرةٍ فتَبَدَّدُوا
وقال الشاعر:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْصَرَمُوا
قال ابن بري صوابه:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا،
وأَخْلَفُوك عِدَى الأَمْرِ الذي وَعَدُوا
ويروى: فانْفَرَدُوا؛ وأَنشد ابن بري هذا المعنى لجماعة من شعراء العرب؛
قال بسَّامَةُ بن الغَدِير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البين فابْتَكَرُوا
لِنِيَّة، ثم ما عادُوا ولا انْتَظَرُوا
وقال ابن مَيّادةَ:
إِن الخليط أَجدُّوا البين فانْدَفَعُوا،
وما رَبُوا قَدَرَ الأَمْرِ الذي صَنَعُوا
وقال نَهْشَلُ بن حَرِّيّ:
إِن الخليط أَجدوا البين فابتكروا،
واهْتاجَ شَوْقَكَ أَحْداجٌ لها زُمَر
وقال الحسين بن مُطَيْرٍ:
إِن الخليط أَجدوا البين فادّلَجُوا،
بانُوا ولم ينْظرُوني، إِنهم لَحِجُوا
وقال ابن الرَّقاعِ:
إِن الخليط أَجدوا البين فانْقَذَفُوا،
وأَمْتَعُوكَ بشَوْقٍ أَيّةَ انْصَرَفُوا
وقال عمر بن أَبي ربيعة:
إِنَّ الخليط أَجدّ البين فاحْتَمَلا
وقال جرير:
إِنّ الخَلِيطَ أَجدُّوا البين يومَ غَدَوْا
مِنْ دارةِ الجأْبِ، إِذ أَحْداجُهم زُمَرُ
وقال نُصَيْبُ:
إِن الخليط أَجدّوا البين فاحْتَمَلُوا
وقال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ في جمعه على خُلُطٍ:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هَلْ جَنَيْتَ لهُمْ
حَرْباً، تُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وإِنما كثر ذلك في أَشعارهم لأَنهم كانوا يَنْتَجِعُونَ أَيام الكَلإِ
فتجتمع منهم قبائل شتى في مكان واجد، فتقع بينهم أُلْفَةٌ، فإِذا
افْتَرَقوا ورجعوا إِلى أَوطانهم ساءَهم ذلك. قال أَبو حنيفة: يلقى الرجلُ الرجلَ
الذي قد أَورد إِبله فأَعْجَلَ الرُّطْبَ ولو شاءَ لأَخَّرَه، فيقول:
لقد فارَقْتَ خَليطاً لا تَلْقى مثلَه أَبداً يعني الجَزَّ. والخَلِيطُ:
الزوجُ وابن العم.
والخَلِطُ: المُخْتَلِطُ
(* قوله «والخلط المختلط» في القاموس: والخلط
بالفتح وككتف وعنق المختلط بالناس المتملق اليهم.) بالناس المُتَحَبِّبُ،
يكون للذي يَتَمَلَّقُهم ويتحَبَّبُ إِليهم، ويكون للذي يُلْقي نساءَه
ومتاعَه بين الناس، والأُنثى خَلِطةٌ، وحكى سيبويه خُلُط، بضم اللام، وفسره
السيرافي مثل ذلك. وحكى ابن الأَعرابي: رجل خِلْطٌ في معنى خَلِطٍ؛
وأَنشد:
وأَنتَ امرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هي أَرْسَلتْ
يَمينُكَ شيئاً، أَمْسَكَتْهُ شِمالُكا
يقول: أَنت امرؤ مُتَمَلِّقٌ بالمَقال ضنينٌ بالنَّوال، ويمينُك بدل من
قوله هي، وإِن شئت جعلت هي كنايةً عن القِصّة ورفَعْت يمينك بأَرسلت،
والعرب تقول: أَخْلَطُ من الحمَّى؛ يريدون أَنها متحببة إِليه مُتَمَلِّقة
بورُودها إِياه واعْتيادِها له كما يفعل المُحِبُّ المَلِقُ. قال أَبو
عبيدة: تنازعَ العجاجُ وحُمَيْدٌ الأَرْقَطُ أُرْجُوزَتين على الطاء، فقال
حميد: الخِلاطَ يا أَبا الشعْثاء، فقال العجاج: الفجاجُ أَوْسَعُ من ذلك
يا ابن أَخي أَي لا تَخْلِطْ أُرْجُوزَتي بأُرْجُوزَتِكَ.
واخْتَلَطَ فلان أَي فسد عقله. ورجل خِلْطٌ بَيِّنُ الخَلاطةِ: أَحْمَقُ
مُخالَطُ العقْل، عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. وقد خُولِطَ في
عَقْلِه خِلاطاً واخْتَلَطَ، ويقال: خُولِط الرجلُ فهو مُخالَطٌ، واخْتَلَطَ
عقلُه فهو مُخْتَلِط إِذا تغير عقلُه. والخِلاطُ: مخالطةُ الداءِ الجوفَ.
وفي حديث الوَسْوَسةِ: ورجَعَ الشيطانُ يَلْتمس الخِلاطَ أَي يخالِط
قَلْبَ المصلي بالوَسْوَسةِ، وفي الحديث يَصِف الأَبرار: فظنَّ الناس أَن قد
خُولِطُوا وما خُولِطُوا ولكن خالط قلْبَهم هَمٌّ عَظيمٌ، من قولهم خُولط
فلان في عقله مُخالَطة إِذا اختلَّ عقله. وخالَطه الداءُ خِلاطاً:
خامره. وخالط الذئبُ الغَنَمَ خِلاطاً: وقَع فيها. الليث: الخِلاطُ مخالطةُ
الذئبِ الغَنَم؛ وأَنشد:
يَضْمَنُ أَهل الشاءِ في الخِلاطِ
والخِلاط: مخالَطة الرجلُ أَهلَه. وفي حديث عَبِيدةَ: وسُئل ما يُوجِبُ
الغُسْلَ؟ قال: الخَفْقُ والخِلاطُ أَي الجِماعُ من المخالطة. وفي خطبة
الحجاج: ليس أَوانَ يَكْثُر الخِلاط، يعني السِّفادَ، وخالَط الرجلُ
امرأَتَه خِلاطاً: جامَعها، وكذلك مخالَطةُ الجملِ الناقةَ إِذا خالَط ثِيلُه
حَياءَها. واسْتخلط البعير أَي قَعا. وأَخلط الفحْلُ: خالط الأُنثى.
وأَخلطه صاحبه وأَخلط له؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، إِذا أَخطأَ فسدَّده
وجعل قضيبه في الحَياء. واسْتَخْلَطَ هو: فعل ذلك من تلقاء نفسه. ابن
الأَعرابي: الخِلاطُ أَن يأْتي الرجلُ إِلى مُراحِ آخر فيأْخذَ منه جمَلاً
فيُنزِيَه على ناقته سِرّاً من صاحِبه، قال: والخِلاط أَيضاً أَن لا يُحْسن
الجملُ القَعْو على طَرُوقَتِه فيأْخذَ الرجلُ قَضِيبَه فيُولجه. قال
أَبو زيد: إِذا قَعا الفحلُ على الناقةِ فلم يَسْتَرْشِدْ لحَيائها حتى
يُدخله الراعي أَو غيرُه قيل: قد أَخْلطه إِخْلاطاً وأَلْطَفَه إِلْطافاً،
فهو يُخْلِطُه ويُلْطِفُه، فإِن فعل الجمل ذلك من تلقاء نفسه قيل: قد
اسْتَخْلَطَ هو واسْتَلْطَفَ. ابن شميل: جمل مُختلِط وناقة مختلطة إِذا سَمِنا
حتى اختلَط الشحم باللحم. ابن الأَعرابي: الخُلُط المَوالي، والخُلَطاء
الشركاء، والخُلُطُ جِيران الصَّفا، والخَلِيط الصاحِبُ، والخَلِيطُ
الجار يكون واحداً وجمعاً؛ ومنه قول جرير:
بانَ الخَلِيطُ ولو طُووِعتُ ما بانا
فهذا واحد والجمع قد تقدم الاستشهاد عليه. والأَخْلاطُ: الجماعة من
الناس. والخِلْطُ والخِلِطُ من السِّهام: السهم الذي ينبُت عُودُه على عَوَج
فلا يزال يتعوَّج وإِن قُوِّم، وكذلك القوسُ، قال المتنخل الهذلي:
وصفراءُ البُرايةِ غَيْر خِلْطٍ،
كوَقْفِ العاجِ عاتِكة اللياطِ
وقد فُسِّر به البيتُ الذي أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَنتَ امرؤٌ خِلْطٌ إِذا هي أَرسلت
قال: وأَنت امرؤ خِلْط أَي أَنك لا تستقيم أَبداً وإِنما أَنت كالقِدْح
الذي لا يزال يَتعوَّج وإِن قُوِّم، والأَوّل أَجود. والخِلْط: الأَحمق،
والجمع أَخْلاط؛ وقوله أَنشده ثعلب:
فلمّا دخَلْنا أَمْكَنَتْ من عِنانِها،
وأَمْسَكْتُ من بعض الخِلاطِ عِناني
فسره فقال: تكلَمت بالرفَثِ وأَمسكْتُ نفسي عنها فكأَنه ذهب بالخلاط
إِلى الرفَثِ. الأَصمعي: المِلْطُ الذي لا يُعْرَفُ له نسب ولا أَب،
والخِلْطُ يقال فلان خِلْطٌ فيه قولان، أَحدُهما المُخَتَلِطُ النسَبِ؛ ويقال هو
والد الزِّنا في قول الأَعْشَى:
أَتاني ما يقولُ ليَ ابنُ بَظْرا،
أَقَيْسٌ، يا ابنَ ثَعْلبة الصَّباحِ،
لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، وخِلْطٌ
رَجوفُ الأَصلِ مَدْخولُ النَّواحي؟
أَراد أَقَيْسٌ لِعَبْدانَ ابنُ عاهِرَةٍ، هَجا بهذا جِهنّاماً أَحد بني
عَبْدانَ. واهْتَلَبَ السيفَ من غِمْده وامْتَرَقه واعْتَقَّه
واخْتَلَطَه إِذا اسْتَلَّه؛ قال الجرجاني: الأَصل اخْتَرَطَه وكأَنَّ اللامَ
مبدلة منه، قال: وفيه نظر.
عدد: العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً
وعَدَّةً وعَدَّدَه. والعَدَدُ في قوله تعالى: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عَدَداً؛
له معنيان: يكون أَحصى كل شيء معدوداً فيكون نصبه على الحال، يقال: عددت
الدراهم عدّاً وما عُدَّ فهو مَعْدود وعَدَد، كما يقال: نفضت ثمر الشجر
نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، ويكون معنى قوله: أَحصى كل شيء عدداً؛ أَي
إِحصاء فأَقام عدداً مقام الإِحصاء لأَنه بمعناه، والاسم العدد والعديد.
وفي حديث لقمان: ولا نَعُدُّ فَضْلَه علينا أَي لا نُحْصِيه لكثرته، وقيل:
لا نعتده علينا مِنَّةً له. وفي الحديث: أَن رجلاً سئل عن القيامة متى
تكون، فقال: إِذا تكاملت العِدَّتان؛ قيل: هما عِدّةُ أَهل الجنة وعِدَّةُ
أَهلِ النار أَي إِذا تكاملت عند الله برجوعهم إِليه قامت القيامة؛ وحكى
اللحياني: عَدَّه مَعَدّاً؛ وأَنشد:
لا تَعْدِلِيني بِظُرُبٍّ جَعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَعَدِّ
(* قوله «لا تعدليني» بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي
لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا
المؤلف في المحلين وان كان الظاهر ما هنا).
قوله: مقرف المعد أَي ما عُدَّ من آبائه؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
المَعَدَّ هنا الجَنْبُ لأَنه قد قال كز القصيرى، والقصيرى عُضْو، فمقابلة
العضو بالعضو خير من مقابلته بالعِدَّة. وقوله عز وجل: ومَن كان مَريضاً أَو
على سَفَرٍ فَعِدّة من أَيام أُخَر؛ أَي فأَفطر فَعليه كذا فاكتفى
بالمسبب الذي هو قوله فعدة من أَيام أُخر عن السبب الذي هو الإِفطار. وحكى
اللحياني أَيضاً عن العرب: عددت الدراهم أَفراداً وَوِحاداً، وأَعْدَدْت
الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَمن العدد أَم من العدة، فشكه
في ذلك يدل على أَن أَعددت لغة في عددت ولا أَعرفها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ
يُعَدُّ بها، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل
إِنما أَراد تُعَدُّ فَعَدَّاه بالباء لأَنه في معنى احْتُسِبَ بها.
والعَدَدُ: مقدار ما يُعَدُّ ومَبْلغُه، والجمع أَعداد وكذلك العِدّةُ،
وقيل: العِدّةُ مصدر كالعَدِّ، والعِدّةُ أَيضاً: الجماعة، قَلَّتْ أَو
كَثُرَتْ؛ تقول: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّةَ
كُتُبٍ أَي جماعة كتب.
والعديدُ: الكثرة، وهذه الدراهمُ عَديدُ هذه الدراهم أَي مِثْلُها في
العِدّة، جاؤوا به على هذا المثال لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ العَديل، فهو
من باب الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابن الأَعرابي: يقال هذا عِدادُه وعِدُّه
ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه
وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه (قوله «وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه» كذا
بالأصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح
القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا) أَي مِثْلُه وقِرْنُه،
والجمع الأَعْدادُ والأَبْدادُ؛ والعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ.
ويقال: ما أَكْثَرَ عَديدَ بني فلان وبنو فلان عَديدُ الحَصى والثَّرى
إِذا كانوا لا يُحْصَوْن كثرة كما لا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هم بعدد
هذين الكثيرين.
وهم يَتَعادُّونَ ويَتَعَدَّدُونَ على عَدَدِ كذا أَي يزيدون عليه في
العَدَد، وقيل: يَتَعَدَّدُونَ عليه يَزيدون عليه في العدد، ويَتَعَادُّون
إِذا اشتركوا فيما يُعادُّ به بعضهم بعضاً من المَكارِم. وفي التنزيل:
واذكروا الله في أَيام معدوداتٍ. وفي الحديث: فَيَتعادُّ بنو الأُم كانوا
مائةً فلا يجدون بَقِيَ منهم إِلا الرجل الواحِدَ أَي يَعُدُّ بعضُهم
بعضاً. وفي حديث أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مائة أَو يزيدون عليها؛ قال:
وكذلك يَتَعدّدون. والأَيام المعدودات: أَيامُ التشريق وهي ثلاثة بعد
يوم النحر، وأَما الأَيام المعلوماتُ فعشر ذي الحِجة، عُرِّفَتْ تلك
بالتقليل لأَنها ثلاثة، وعُرِّفَتْ هذه بالشُّهْرة لأَنها عشرة، وإِنما قُلِّلَ
بمعدودة لأَنها نقيض قولك لا تحصى كثرة؛ ومنه وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَراهِمَ معدودة أَي قليلة. قال الزجاج: كل عدد قل أَو كثر فهو معدود،
ولكن معدودات أَدل على القِلَّة لأَن كل قليل يجمع بالأَلف والتاء نحو
دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وقد يجوز أَن تقع الأَلف والتاء للتكثير.
والعِدُّ: الكَثْرَةُ. يقال: إِنهم لذو عِدٍّ وقِبْصٍ. وفي الحديث:
يَخْرُجُ جَيْشٌ من المشرق آدَى شيءٍ وأَعَدُّه أَي أَكْثَرُه عِدَّةً
وأَتَمُّه وأَشَدُّه استعداداً. وعَدَدْتُ: من الأَفعال المتعدية إِلى مفعولين
بعد اعتقاد حذف الوسيط. يقولون: عددتك المالَ، وعددت لك المال؛ قال
الفارسي: عددتك وعددت لك ولم يذكر المال.
وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بينهم فساواهم. وهم يَتَعادُّون إِذا
اشتركوا فيما يُعادُّ فيه بعضهم بعضاً من مكارِمَ أَو غير ذلك من الأَشياء
كلها.
والعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ.
ابن الأَعرابي: العَدِيدَةُ الحِصَّةُ، والعِدادُ الحِصَصُ في قول لبيد:
تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً
وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام
يعني من يَعُدُّه في الميراث، ويقال: هو من عِدَّةِ المال؛ وقد فسره ابن
الأَعرابي فقال: العَدائد المالُ والميراثُ. والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛
يعني ابن الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يقتسمونها بينهم شَفْعاً
وَوِتْراً: سهمين سهمين، وسهماً سهماً، فيقول: تذهب هذه الأَنصباء على
الدهر وتبقى الرياسة للولد. وقول أَبي عبيد: العَدائدُ من يَعُدُّه في
الميراث، خطأٌ؛ وقول أَبي دواد في صفة الفرس:
وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْـ
ـزَابِ، ليسَ لها عَدائدْ
فسره ثعلب فقال: شبهها بعصا المسافر لأَنها ملساء فكأَنّ العدائد هنا
العُقَدُ، وإِن كان هو لم يفسرها. وقال الأَزهري: معناه ليس لها نظائر. وفي
التهذيب: العدائد الذين يُعادُّ بعضهم بعضاً في الميراث. وفلانٌ عَدِيدُ
بني فلان أَي يُعَدُّ فيهم. وعَدَّه فاعْتَدَّ أَي صار معدوداً
واعْتُدَّ به. وعِدادُ فلان في بني فلان أَي أَنه يُعَدُّ معهم في ديوانهم،
ويُعَدُّ منهم في الديوان. وفلان في عِدادِ أَهل الخير أَي يُعَدُّ منهم.
والعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يقال: فلانٌ عِدُّ فلان وبِدُّه أَي
قِرْنُه، والجمع أَعْدادٌ وأَبْدادٌ.
والعَدِيدُ: الذي يُعَدُّ من أَهلك وليس معهم. قال ابن شميل: يقال أَتيت
فلاناً في يوم عِدادٍ أَي يوم جمعة أَو فطر أَو عيد. والعرب تقول: ما
يأْتينا فلان إِلا عِدادَ القَمَرِ الثريا وإِلا قِرانَ القمرِ الثريا أَي
ما يأْتينا في السنة إِلا مرة واحدة؛ أَنشد أَبو الهيثم لأُسَيْدِ بنِ
الحُلاحِل:
إِذا ما قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا
لِثَالِثَةٍ، فقد ذَهَبَ الشِّتاءُ
قال أَبو الهيثم: وإِنما يقارنُ القمرُ الثريا ليلةً ثالثةً من الهلال،
وذلك أَول الربيع وآخر الشتاء. ويقال: ما أَلقاه إِلا عِدَّة الثريا
القمرَ، وإِلا عِدادَ الثريا القمرَ، وإِلا عدادَ الثريا من القمر أَي إِلا
مَرَّةً في السنة؛ وقيل: في عِدَّةِ نزول القمر الثريا، وقيل: هي ليلة في
كل شهر يلتقي فيها الثريا والقمر؛ وفي الصحاح: وذلك أَن القمر ينزل
الثريا في كل شهر مرة. قال ابن بري: صوابه أَن يقول: لأَن القمر يقارن الثريا
في كل سنة مرة وذلك في خمسة أَيام من آذار؛ وعلى ذلك قول أُسيد بن
الحلاحل:
إِذا ما قارن القمر الثريا
البيت؛ وقال كثير:
فَدَعْ عَنْكَ سُعْدَى، إِنما تُسْعِفُ النوى
قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثمّ تَأْفُِلُ
رأَيت بخط القاضي شمس الدين أَحمد بن خلكان: هذا الذي استدركه الشيخ على
الجوهري لا يرد عليه لأَنه قال إِن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة،
وهذا كلام صحيح لأَن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة، ويكون كل ليلة في
منزلة والثريا من جملة المنازل فيكون القمر فيها في الشهر مرة، وما تعرض
الجوهري للمقارنة حتى يقول الشيخ صوابه كذا وكذا.
ويقال: فلان إِنما يأْتي أَهلَه العِدَّةَ وهي من العِدادِ أَي يأْتي
أَهله في الشهر والشهرين. ويقال: به مرضٌ عِدادٌ وهو أَن يَدَعَه زماناً ثم
يعاوده، وقد عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وكذلك السليم والمجنون كأَنّ
اشتقاقه من الحساب من قِبَل عدد الشهور والأَيام أَي أَن الوجع كأَنه
يَعُدُّ ما يمضي من السنة فإِذا تمت عاود الملدوغَ. والعِدادُ: اهتياجُ وجع
اللديغ، وذلك إِذا تمت له سنة مذ يوم لُدِغَ هاج به الأَلم، والعِدَدُ،
مقصور، منه، وقد جاء ذلك في ضرورة الشعر. يقال: عادّتُه اللسعة إِذا أَتته
لِعِدادٍ. وفي الحديث: ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فهذا أَوانُ
قَطَعَتْ أَبْهَري أَي تراجعني ويعاودني أَلَمُ سُمِّها في أَوقاتٍ معلومة؛
قال الشاعر:
يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى،
كما يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ العِدادِ
وقيل: عِدادُ السليم أَن تَعُدَّ له سبعة أَيام، فإِن مضت رَجَوْا له
البُرْءَ، وما لم تمض قيل: هو في عِدادِه. ومعنى قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: تُعادُّني تُؤْذيني وتراجعني في أَوقاتٍ معلومة ويعاودني أَلمُ
سمها؛ كما قال النابغة في حية لدغت رجلاً:
تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ
ويقال: به عِدادٌ من أَلَمٍ أَي يعاوده في أَوقات معلومة. وعِدادُ
الحمى: وقتها المعروفُ الذي لا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالعِدادِ
فقال: هو الشيءُ يأْتيك لوقته مثل الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وكذلك السمّ
الذي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله من العَدَدِ كما تقدم. أَبو زيد: يقال
انقضت عِدَّةُ الرجل إِذا انقضى أَجَلُه، وجَمْعُها العِدَدُ؛ ومثله:
انقضت مُدَّتُه، وجمعها المُدَدُ. ابن الأَعرابي قال: قالت امرأَة ورأَت
رجلاً كانت عَهِدَتْه شابّاً جَلْداً: أيَن شَبابُك وجَلَدُك؟ فقال: من طال
أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَدُه، ذهب جَلَدُه. قوله: رق عدده أَي
سِنُوه التي بِعَدِّها ذهب أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ ما بقي فكان عنده
رقيقاً؛ وأَما قول الهُذَلِيِّ في العِدادِ:
هل أَنتِ عارِفَةُ العِدادِ فَتُقْصِرِي؟
فمعناه: هل تعرفين وقت وفاتي؟ وقال ابن السكيت: إِذا كان لأَهل الميت
يوم أَو ليلة يُجْتَمع فيه للنياحة عليه فهو عِدادٌ لهم. وعِدَّةُ المرأَة:
أَيام قُروئها. وعِدَّتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها على بعلها وإِمساكها
عن الزينة شهوراً كان أَو أَقراء أَو وضع حمل حملته من زوجها. وقد
اعتَدَّت المرأَة عِدَّتها من وفاة زوجها أَو طلاقه إِياها، وجمعُ عِدَّتِها
عِدَدٌ وأَصل ذلك كله من العَدِّ؛ وقد انقضت عِدَّتُها. وفي الحديث: لم تكن
للمطلقة عِدَّةٌ فأَنزل الله تعالى العِدَّة للطلاق. وعِدَّةُ المرأَة
المطلقة والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هي ما تَعُدُّه من أَيام أَقرائها أَو
أَيام حملها أَو أَربعة أَشهر وعشر ليال. وفي حديث النخعي: إِذا دخلت
عِدَّةٌ في عِدَّةٍ أَجزأَت إِحداهما؛ يريد إِذا لزمت المرأَة عِدَّتان من رجل
واحد في حال واحدة، كفت إِحداهما عن الأُخرى كمن طلق امرأَته ثلاثاً ثم
مات وهي في عدتها فإِنها تعتد أَقصى العدتين، وخالفه غيره في هذا، وكمن
مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عدة الوفاة فإِن عدتها تنقضي بالوضع عند
الأَكثر. وفي التنزيل: فما لكم عليهن من عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها؛ فأَما
قراءة من قرأَ تَعْتَدُونَها فمن باب تظنيت، وحذف الوسيط أَي تعتدون
بها.وإِعْدادُ الشيء واعتِدادُه واسْتِعْدادُه وتَعْدادُه: إِحْضارُه؛ قال
ثعلب: يقال: اسْتَعْدَدْتُ للمسائل وتَعَدَّدْتُ، واسم ذلك العُدَّة.
يقال: كونوا على عُدَّة، فأَما قراءةُ من قرأَ: ولو أَرادوا الخروج
لأَعَدُّوا له عُدَّهُ، فعلى حذف علامة التأْنيث وإِقامة هاء الضمير مُقامها
لأَنهما مشتركتان في أَنهما جزئيتان. والعُدَّةُ: ما أَعددته لحوادث الدهر من
المال والسلاح. يقال: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه بمعنىً. قال
الأَخفش: ومنه قوله تعالى: جمع مالاً وعَدَّدَه. ويقال: جعله ذا عَدَدٍ.
والعُدَّةُ: ما أُعِدَّ لأَمر يحدث مثل الأُهْبَةِ.
يقال: أَعْدَدْتُ للأَمر عُدَّتَه.
وأَعَدّه لأَمر كذا: هيَّأَه له. والاستعداد للأَمر: التَّهَيُّؤُ له.
وأَما قوله تعالى: وأَعْتَدَتْ لهُنَّ مُتَّكَأً، فإِنه إِن كان كما ذهب
إِليه قوم من أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ المثلين، كما يُفَرُّ منها
إِلى الإِدغام، فهو من هذا الباب، وإِن كان من العَتادِ فظاهر أَنه ليس
منه، ومذهب الفارسي أَنه على الإِبدال. قال ابن دريد: والعُدَّةُ من
السلاح ما اعْتَدَدْتَه، خص به السلاح لفظاً فلا أَدري أَخصه في المعنى أَم
لا. وفي الحديث: أَن أَبيض بن حمال المازني قدم على النبي، صلى الله عليه
وسلم، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فلما ولى
قال رجل: يا رسول الله، أَتدري ما أَقطعته؟ إِنما أَقطعت له الماءَ
العِدَّ؛ قال: فرَجَعه منه؛ قال ابن المظفر: العِدُّ موضع يتخذه الناس يجتمع
فيه ماء كثير، والجمع الأَعْدادُ، ثم قال: العِدُّ ما يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛
قال الأَزهري: غلط الليث في تفسير العِدِّ ولم يعرفه؛ قال الأَصمعي:
الماء العِدُّ الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر،
وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ. وفي الحديث: نزلوا أَعْدادَ مياه الحُدَيْبِيَةِ
أَي ذَوات المادة كالعيون والآبار؛ قال ذو الرمة يذكر امرأَة حضرت ماء
عِدّاً بَعْدَما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ في القَيْظِ فقال:
دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها
خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ
استبدلت بها: يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرة أَعداد المياه فخالفتها
إِليها الوحش وأَقامت في منازلها؛ وهذا استعارة كما قال:
ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً
يَدْعُو الأَنِيسَ بها الغَضِيضُ الأَبْكَمُ
وقيل: العِدُّ ماء الأَرض الغَزِيرُ، وقيل: العِدُّ ما نبع من الأَرض،
والكَرَعُ، ما نزل من السماء، وقيل: العِدُّ الماءُ القديم الذي لا
يَنْتَزِحُ؛ قال الراعي:
في كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها،
دَيْمُومَةٍ، ما بها عِدٌّ ولا ثَمَدُ
قال ابن بري: صوابه خفض ديمومة لأَنه نعت لغبراء، ويروى جَدَّاءَ بدل
غبراء، والجداء: التي لا ماء بها، وكذلك الديمومة. والعِدُّ: القديمة من
الرَّكايا، وهو من قولهم: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قال ابن دريد: هو مشتق من
العِدِّ الذي هو الماء القديم الذي لا ينتزح هذا الذي جرت العادة به في
العبارة عنه؛ وقال بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كثير، تشبيهاً
بالماء الكثير وهذا غير قوي وأَن يكون العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قال
الشاعر:
فَوَرَدَتْ عِدّاً من الأَعْدادِ
أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ
وقال الحطيئة:
أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما
أَتَتْهُمْ بها الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ
قال أَبو عدنان: سأَلت أَبا عبيدة عن الماءِ العِدِّ، فقال لي: الماءُ
العِدُّ، بلغة تميم، الكثير، قال: وهو بلغة بكر بن وائل الماءُ القليل.
قال: بنو تميم يقولون الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ
لم ينزح قط، وقالت لي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يقال:
أَمِنَ العِدِّ هذا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:
وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا
ولا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ
وقالت: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ.
وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قال العجاج:
ولي على عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ
والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قال الفرزدق يخاطب مسكيناً الدارمي
وكان قد رثى زياد بن أَبيه فقال:
أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما
جرى في ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا
أَقولُ له لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ:
به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا
أَتَبْكِي امْرأً من آلِ مَيْسانَ كافِراً،
كَكِسرى على عِدَّانِه، أَو كَقَيْصَرا؟
قوله: به لا بظبي، يريد: به الهَلَكَةُ، فحذف المبتدأَ. معناه: أَوقع
الله به الهلكة لا بمن يهمني أَمره. قال: وهو من العُدَّة كأَنه أُعِدَّ
وهُيِّئَ. وأَنا على عِدَّانِ ذلك أَي حينه وإِبَّانِه؛ عن ابن الأَعرابي.
وكان ذلك على عَدَّانِ فلان وعِدَّانِه أَي على عهده وزمانه، وأَورده
الأَزهري في عَدَنَ أَيضاً. وجئت على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذلك وعَدَّان
تَفْعَلُ ذلك أَي حينه. ويقال: كان ذلك في عِدَّانِ شبابه وعِدَّانِ مُلْكِه
وهو أَفضله وأَكثره؛ قال: واشتقاقه من أَن ذلك كان مُهَيَّأً مُعَدّاً.
وعِدادُ القوس: صوتها ورَنِينُها وهو صوت الوتر؛ قال صخر الغيّ:
وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْـ
ـراءَ هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
والعُدُّ: بَثرٌ يكون في الوجه؛ عن ابن جني؛ وقيل: العُدُّ والعُدَّةُ
البَثْرُ يخرج على وجوه المِلاح. يقال: قد اسْتَكْمَتَ العُدُّ فاقْبَحْه
أَي ابْيَضَّ رأْسه من القَيْح فافْضَخْه حتى تَمْسَحَ عنه قَيْحَهُ؛
قال: والقَبْحُ، بالباء، الكَسْرُ.
ابن الأَعرابي: العَدْعَدَةُ العَجَلَةُ. وعَدْعَدَ في المشي وغيره
عَدْعَدَةً: أَسرع. ويوم العِدادِ: يوم العطاء؛ قال عتبة بن الوعل:
وقائِلَةٍ يومَ العِدادِ لبعلها:
أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَعْدِي تَغَيَّرا
قال: والعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شمر
لجَهْم بنِ سَبَلٍ:
مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لم يُقَصِّرْ
بها الآباءُ في يَوْمِ العِدادِ
قال شمر: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بعضاً. ويقال: بالرجل
عِدادٌ أَي مَسٌّ من جنون، وقيده الأَزهري فقال: هو شِبهُ الجنونِ يأْخذُ
الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زيد: يقال للبغل إِذا زجرته
عَدْعَدْ، قال: وعَدَسْ مثلُه. والعَدْعَدةُ: صوتُ القطا وكأَنه حكاية؛ قال
طرفة:أَرى الموتَ أَعْدادَ النُّفُوسِ، ولا أَرى
بَعِيداً غَداً، ما أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ
يقول: لكل إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذهبت النفوس ذهبت مِيَتُهُم كلها. وأَما
العِدّانُ جمع العتُودِ، فقد تقدّم في موضعه.
وفي المثل: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ وهو تصغير
مَعَدِّيٍّ مَنْسوب إِلى مَعَدّ، وإِنما خففت الدال استثقالاً للجمع بين
الشديدتين مع ياء التصغير، يُضْرَب للرجُل الذي له صيتٌ وذِكْرٌ في الناس،
فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه. وقال ابن السكيت: تسمع بالمعيدي لا أَنْ
تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ به ولا تَرَه.
والمَعَدَّانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ.
ومَعَدٌّ: أَبو العرب وهو مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ، وكان سيبويه يقول الميم
من نفس الكلمة لقولهم تَمَعْدَدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ في الكلام، وقد
خولِفَ فيه. وتَمَعْدَدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انتسب إِليهم،
أَو تَصَبَّرَ على عَيْش مَعَدّ. وقال عمر، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْدَدُوا؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال هو من الغِلَظِ ومنه قيل
للغلام إِذا شبَّ وغلُظ: قد تَمَعْدَدَ؛ قال الراجز:
رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا
ويقال: تَمَعْدَدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَعَدّ، وكانوا أَهلَ قَشَفٍ
وغِلَظ في المعاش؛ يقول: فكونوا مثلَهم ودعوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛
وهكذا هو في حديث آخر: عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة؛ وفي الصحاح:
وأَما قول معن بن أَوس:
قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بها،
وإِن كان مِن ذي وُدِّنا قد تَمَعْدَدَا
فإِنه يريد تباعد، قال ابن بري: صوابه أَن يذكر تمعدد في فصل مَعَدَ
لأَن الميم أَصلية. قال: وكذا ذكر سيبويه قولَهم مَعَدٌّ فقال الميم أَصلية
لقولهم تَمَعْدَدَ. قال: ولا يحمل على تمَفْعل مثل تَمَسْكنَ لقلَّته
ونَزَارَتِه، وتمعدد في بيت ابن أَوْس هو من قولهم مَعَدَ في الأَرض إِذا
أَبعد في الذهاب، وسنذكره في فصل مَعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وعليه قول الراجز:
أَخْشَى عليه طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا
أَي أَبْعَدَا في الذهاب؛ ومعنى البيت: أَنه يقول لصاحبيه: قفا عليها
لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كانت الآن خاليةً، واسمُ كان مضمراً فيها
يعود على مَن، وقبل البيت:
قِفَا نَبْكِ، في أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ
لَنا بَعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا