Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=81288#ca9dc7
(انفلت) تخلص وَنَجَا بِسُرْعَة
فلت: أَفْلَتَني الشيءُ، وتَفَلَّت مني، وانْفَلَت، وأَفْلَتَ فلانٌ
فلاناً: خَلَّصه. وأَفْلَتَ الشيءُ وتَفَلَّتَ وانْفَلَتَ، بمعنى؛
وأَفْلَتَه غيرُه.
وفي الحديث: تَدارَسُوا القرآنَ، فَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً مِن الإِبل
من عُقُلِها. التَّفَلُّتُ، والإِفْلاتُ، والانْفِلاتُ: التَّخَلُّص من
الشيء فَجْأَةً، من غير تَمَكُّثٍ؛ ومنه الحديث: أَن عِفْريتاً من الجن
تَفَلَّتَ عليّ البارحةَ أَي تَعَرَّضَ لي في صَلاتي فَجْأَة. وفي الحديث:
أَن رجلاً شرب خمراً فسَكِرَ، فانْطُلِقَ به إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، فلما حاذى دار العباس، انْفَلَتَ فدخل عليه، فذَكَر ذلك له، فضحِكَ
وقال: أَفَعَلَها؟ ولم يأْمر فيه بشيء. ومنه الحديث: فأَنا آخُذُ
بحُجَزكم، وأَنتم تَفَلَّتُونَ من يدي أَي تَتَفَلَّتُونَ، فحذف إِحدى التاءَين
تخفيفاً.
ويقال: أَفْلَتَ فلانٌ بِجُرَيْعة الذَّقَن. يُضْرَبُ مثلاً للرجل
يُشْرِفُ على هَلَكة، ثم يُفْلِتُ، كأَنه جَرَع الموتَ جَرْعاً، ثم أَفْلَتَ
منه. والإِفْلاتُ: يكون بمعنى الانْفِلاتِ، لازماً، وقد يكون واقعاً.
يقال: أَفْلَتُّه من الهَلَكة أَي خَلَّصْتُه؛ وأَنشد ابن السكيت:
وأَفْلَتَني منها حِماري وجُبَّتي،
جَزى اللهُ خيراً جُبَّتي وحِماريا
أَبو زيد، من أَمثالهم في إِفْلاتِ الجَبانِ: أَفْلَتَني جُرَيْعةَ
الذَّقَنِ؛ إِذا كان قريباً كقُرْبِ الجُرْعةِ من الذَّقَن، ثم أَفْلَتَه.
قال أَبو منصور: معنى أَفْلَتَني أَي انْفَلَت مني.
ابن شميل: يقال ليس لك من هذا الأَمر فَلْتٌ أَي لا تَنْفَلِتُ منه.
وقد أَفْلَتَ فلانٌ من فلان، وانْفَلَتَ، ومرَّ بنا بعيرٌ مُنْفَلِتٌ،
ولا يقال: مُفْلِتٌ. وفي الحديث عن أَبي موسى: قال رسول الله، صلى الله
عليه وسلم: إِن الله يُمْلي للظالم حتى إِذا أَخَذَه لم يُفْلِتْه، ثم
قرأَ: وكذلك أَخْذُ رَبّك إِذا أَخَذَ القُرى وهي ظالمة. قوله: لم يُفْلِتْه
أَي لم يَنْفَلتْ منه، ويكون معنى لم يُفْلِتْه، لم يُفْلتْه أَحدٌ أَي
لم يُخَلِّصْه شيءٌ. وتَفَلَّتَ إِلى الشيءِ وأَفْلَتَ: نازع.
والفَلَتانُ: المُتَفَلِّتُ إِلى الشرِّ؛ وقيل: الكثير اللحم.
والفَلَتانُ: السريعُ، والجمع فِلْتانٌ؛ عن كراع. وفرس فَلَتانٌ أَي نَشيطٌ، حديد
الفؤَاد مثلُ الصَّلَتانِ. التهذيب: الفَلَتانُ والصَّلَتان، من
التَّفَلُّتِ والانْفِلاتِ، يقال ذلك للرجل الشديد الصُّلْبِ. ورجل فَلَتانٌ:
نَشِيطٌ، حديد الفؤَاد. ورجل فَلَتانٌ أَي جريءٌ وامرأَة فَلَتانَةٌ.
وافْتَلَتَ الشيءَ: أَخَذَه في سُرْعة؛ قال قيس ابن ذُرَيْح:
إِذا افْتَلَتَتْ منك النَّوى ذا مَوَدَّةٍ
حَبيباً، بتَصْداعٍ من البَيْنِ ذي شَعْبِ،
أَذاقَتْكَ مُرَّ العَيْشِ، أَو مُتَّ حَسْرَةً،
كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على الأَلْب
وكان ذلك فَلْتةً أَي فَجْأَة. يقال: كان ذلك الأَمرُ فَلْتةً أَي
فَجأَة إِذا لم يكن عن تَدَبُّر ولا تَرَدُّدٍ. والفَلْتة: الأَمر يقع من غير
إِحكام. وفي حديث عمر: أَنَّ بيعة أَبي بكر كانت فَلْتةً، وَقى اللهُ
شَرَّها. قال ابن سيده: قال أَبو عبيد: أَراد فجأَة،وكانت كذلك لأَنها لم
يُنْتَظَرْ بها العوامُّ، إِنما ابْتَدَرَها أَكابرُ أَصحاب سيدنا محمد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المهاجرين وعامّة الأَنصار، إِلا تلك
الطِّيرةَ التي كانت من بعضهم، ثم أَصْفَقَ الكلُّ له، بمعرفتهم أَن ليس
لأَبي بكر، رضي الله عنه، مُنازع ولا شريك في الفضل، ولم يكن يحتاج في أَمره
إِلى نظر، ولا مُشاورة؛ وقال الأَزهري: إِنما معنى فَلْتةً البَغْتَة؛
قال: وإِنما عُوجل بها، مُبادَرةً لانْتشارِ الأَمر، حتى لا يَطْمَعَ فيها
من ليس لها بموضع؛ وقال حُصَيبٌ الهُذَليُّ:
كانوا خَبيئةَ نَفْسي، فافْتُلِتُّهمُ،
وكلُّ زادٍ خَبيءٍ، قَصْرُه النَّفَدُ
قال: افْتُلِتُّهم، أُخِذوا مني فَلْتة. زادٌ خبيءٌ: يُضَنُّ به. وقال
ابن الأَثير في تفسير حديث عمر، رضي الله عنه، قال: أَراد بالفَلْتةِ
الفَجْأَة، ومثلُ هذه البَيْعةِ جَديرةٌ بأَن تكونَ مُهَيِّجةً للشرِّ
والفِتنة، فعَصَم اللهُ تعالى من ذلك ووَقى. قال: والفَلْتةُ كل شيءٍ فُعِلَ من
غير رَوِيَّةٍ، وإِنما بوُدِرَ بها خَوْفَ انتشار الأَمر؛ وقيل: أَراد
بالفَلْتة الخَلْسةَ أَي أَن الإِمامة يوم السَّقيفةِ، مالَت الأَنْفُسُ
إِلى تَوَلِّيها، ولذلك كَثُرَ فيها التشاجُر، فما قُلِّدَها أَبو بكر
إِلا انْتِزاعاً من الأَيْدي واختِلاساً؛ وقيل: الفَلْتَةُ هنا مشتقة من
الفَلْتة، آخر ليلةٍ من الأَشْهُر الحُرُم، فيَخْتَلِفون فيها أَمِنَ
الحِلِّ هي أَم من الحَرَم؟ فيُسارِعُ المَوْتُور إِلى دَرْكِ الثأْر، فيكثر
الفساد، وتُسْفَكُ الدماءُ؛ فشبَّه أَيام النبي، صلى الله عليه وسلم،
بالأَشهر الحرم، ويوم موته بالفَلْتة في وُقوع الشَّرّ، من ارتداد العرب،
وتوقف الأَنصار عن الطاعة، ومَنْع من منع الزكاة والجَرْي، على عادة العرب في
أَن لا يَسُودَ القبيلةَ إِلا رجلٌ منها. والفَلْتة: آخرُ ليلةٍ من
الشهر. وفي الصحاح: آخر ليلة من كل شهر؛ وقيل: الفَلْتة آخر يوم من الشهر
الذي بعده الشهرُ الحرام، كآخر يوم من جُمادى الآخرة؛ وذلك أَن يَرى فيه
الرجل ثأْرَه، فربما تَوانَى فيه، فإِذا كان الغَدُ، دَخَلَ الشهرُ الحرامُ،
ففاتَه. قال أَبو الهيثم: كان للعرب في الجاهلية ساعة يقال لها:
الفَلْتة، يُغِيرون فيها، وهي آخر ساعة من آخر يوم من أَيام جُمادى الآخرة،
يُغيرون تلك الساعة، وإِن كان هلالُ رَجَب قد طَلَع تلك الساعةَ، لأَن تلك
الساعة من آخر جُمادى الآخرة، ما لم تَغِبِ الشَّمسُ؛ وأَنشد:
والخيلُ ساهِمةُ الوُجُوهِ،
كأَنما يَقْمُصْنَ مِلْحا،
صادَفْنَ مُنْصُلَ أَلَّةٍ
في فَلْتَةٍ، فَحَوَيْنَ سَرْحا
وقيل: ليلةٌ فَلْتة، هي التي يَنْقُصُ بها الشهرُ ويَتم، فرما رأَى قومٌ
الهلالَ، ولم يُبْصِرْه آخرون، فيُغِير هؤُلاءِ على أُولئك، وهم
غارُّونَ، وذلك في الشهر؛ وسميت فَلْتةً، لأَنها كالشيءِ المُنْفَلِتِ بعد
وَثاق؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وغارة، بينَ اليَوْم والليلِ، فَلْتَة،
تَدارَكْتُها رَكْضاً بسِيدٍ عَمَرَّدِ
شبه فرسه بالذِّئب؛ وقال الكميت:
بفَلْتةٍ، بين إِظلامٍ وإِسْفار
والجمع فَلَتاتٌ، لا يُتَجاوَزُ بها جمع السلامة. وفي حديث صفةِ مَجْلِس
النبي، صلى الله عليه وسلم: ولا تُنْثى فلَتاتُه أَي زَلاَّتُه.
الفَلَتاتُ: الزَّلاَّتُ؛ والمعنى أَنه، صلى اللهُ عليه وسلم، لم يكن في مجلسه
فَلَتاتٌ أَي زَلاَّتٌ فَتُنْثى أَي تُذْكَرَ أَو تُحْفَظَ وتُحْكى، لأَن
مجلسه كان مَصُوناً عن السَّقَطاتِ واللَّغْو، وإِنما كان مَجْلِسَ
ذِكْرٍ حَسَنٍ، وحِكَمٍ بالغةٍ، وكلامٍ لا فُضُولَ فيه.
وافْتُلِتَتْ نَفْسُه: ماتَ فَلْتةً.
ابن الأَعرابي: يقال للموت الفَجْأَةِ الموتُ الأَبْيضُ، والجارفُ،
واللافِتُ، والفاتِلُ.
يقال: لَفَته الموتُ، وفَتَله، وافْتَلَتَه؛ وهو الموتُ الفَوات
والفُوات: وهو أَخْذةُ الأَسف، وهو الوَحيُّ؛ والموتُ الأَحْمر: القتلُ بالسيف.
والموتُ الأَسْود: هو الغَرَقُ والشَّرَقُ.
وافْتُلِتَ فلانٌ، على ما لم يُسَمَّ فاعلهُ، أَي مات فجْأَةً. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن رجلاً أَتاه، فقال: يا رسول الله، إِن
أُمي افْتُلِتَتْ نَفْسُها فماتَتْ، ولم تُوصِ، أَفأَتَصَدَّقُ عنها؟
فقال: نعم؛ قال أَبو عبيد: افْتُلِتَتْ نفسُها، يعني ماتَتْ فجأَة، ولم
تَمْرَضْ فتُوصِيَ، ولكنها أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتةً. يقال: افْتَلَتَه إِذا
اسْتَلَبه. وافْتُلِتَ فلانٌ بكذا أَي فوجِئَ به قبل أَن يَسْتَعِدَّ
له. ويروى بنصب النفس ورفعها؛ فمعنى النصب افْتَلَتها اللهُ نَفْسها،
يتعدّى إِلى مفعولين، كما تقول اخْتَلَسه الشيءَ واسْتَلَبَه إِياه، ثم بُني
الفعل لِما لم يسمَّ فاعله، فتحوّل المفعول الأَول مضمراً، وبقي الثاني
منصوباً، وتكون التاءُ الأَخيرة ضمير الأُم أَي افْتُلِتَتْ هي نَفْسَها؛
وأَما الرفع فيكون متعدّياً إِلى مفعول واحد أَقامه مقام الفاعل،وتكون
التاءُ للنفس أَي أُخِذَتْ نفسُها فَلْتةً، وكلُّ أَمر فُعِلَ على غيرِ
تَلَبُّثٍ وتَمَكُّثٍ، فقد افْتُلِتَ، والاسم الفَلْتة.
وكِساءٌ فَلُوت: لا ينضم طرفاه على لابسه من صغره. وثوب فَلوت: لا ينضم
طرفاه في اليد؛ وقول مُتَمِّم في أَخيه مالك:
عليه الشَّمْلةُ الفَلُوتُ
يعني التي لا تَنْضَمُّ بين المَزادتين. وفي حديث ابن عمر: أَنه شهد فتح
مكة، ومعه جَمَل جَزورٌ وبُرْدة فَلُوتٌ. قال أَبو عبيد: أَراد أَنها
صغيرة، لا ينضم طرفاها، فهي تُفْلِتُ من يده إِذا اشتمل بها. ابن
الأَعرابي: الفَلُوتُ الثوبُ الذي لا يثبت على صاحبه، للِينه أَو خُشُونته. وفي
الحديث: وهو في بُرْدةٍ له فَلْتةٍ أَي ضيقة صغيرى لا ينضم طرفاها، فهي
تَفَلَّتُ من يده إِذا اشتمل بها، فسماها بالمَرَّة من الانْفلات؛ يقال:
بُرْد فَلْتة وفَلُوتٌ.
وافْتَلَتَ الكلامَ واقْتَرحه إِذا ارْتَجله، وافْتَلَتَ عليه: قضَى
الأَمْر دونَه.
والفَلَتان: طائر زعموا أَنه يصيد القِرَدة.
وأَفْلَتُ وفُلَيْتٌ: اسمان.
عير: العَيْر: الحمار، أَيّاً كان أَهليّاً أَو وَحْشِيّاً، وقد غلب على
الوَحْشِيْ، والأُنثى عَيْرة. قال أَبو عبيد: ومن أَمثالهم في الرضا
بالحاضر ونِسْيان الغائب قولهم: إِن ذَهَب العَيْرُ فعَيْرٌ في الرِّباط؛
قال: ولأَهل الشام في هذا مثل: عَيْرٌ بِعَيْرٍ وزيادةُ عشرة. وكان خلفاء
بني أُميّة كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلُفه في عطائهم عشرة فكانوا
يقولون هذا عند ذلك. ومن أَمثالهم: فلان أَذَلُّ من العَيُرِ، فبعضهم يجعله
الحمار الأَهلي، وبعضهم يجعله الوتد؛ وقول شمر:
لو كُنْتَ عَيْراً كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّة،
أَو كُنْتَ عَظْماً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح
أَراد بالعَيْر الحمارَ، وبِكْسرِ القبيح طرف عظم المِرْفق الذي لا لحم
عليه؛ قال: ومنه قولهم فلان أَذلُّ من العَيْر. وجمع العَيْر أَعْيارٌ
وعِيارٌ وعُيورٌ وعُيُورة وعِيَارات، ومَعْيوراء اسم للجمع. قال الأَزهري:
المَعْيُورا الحَمِير، مقصور، وقد يقال المَعْيوراء ممدودة، مثل
المَعْلوجاء والمَشْيُوخاء والمَأْتوناء، يمد ذلك كله ويقصر. وفي الحديث: إِذا
أَرادَ اللهُ بَعْبَدٍ شَرّاً أَمْسَك عليه بذُنوبِه حتى يُوافيه يوم
القيامة كأَنه عَيْر؛ العَيْر: الحمار الوحشي، وقيل: أَراد الجبَل الذي
بالمدينة اسمه عَيْر، شبَّه عِظَم ذنوبه به. وفي حديث عليّ: لأَنْ أَمْسْح على
ظَهْر عَيْر بالفلاة أَي حمارِ وحْشٍ؛ فأَما قول الشاعر:
أَفي السِّلْم أَعْياراً جَفاءً وغلْظةً،
وفي الحَرْب أَشباهَ النّساء العَوارك؟
فإِنه لم يجعلهم أَعْياراً على الحقيقة لأَنه إِنما يخاطب قوماً، والقوم
لا يكونون أَعياراً وإِنما شبّههم بها في الجفاء والغلظة، ونصبه على
معنى أَتَلَوّنون وتَنَقّلون مرة كذا ومرة كذا؟ وأَما قول سيبويه: لو
مَثَّلْت الأَعْيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت: أَتَعَيَّرون إِذا أَوضحت
معناه، فليس من كلام العرب، إِنما أَراد أَن يصوغُ فعلاً أَي بناءَ
كَيْفِيَّة البدل من اللفظ بالفعل، وقوله لأَنك إِنما تُجْرِيه مُجْرى ما له
فعل من لفظه، يُدلّك على أَن قوله تَعَيّرون ليس من كلام العرب. والعَيرُ
العظم الناتئ وسط الكف
(* قوله: «وسط الكف» كذا في الأَصل، ولعله الكتف.
وقوله: معيرة ومعيرة على الأَصل، هما بهذا الضبط في الأَصل وانظره مع
قوله على الأَصل فلعل الأَخيرة ومعيرة بفتح الميم وكسر العين). والجمع
أَعْيارٌ. وكَتِفٌ مُعَيَّرة ومُعْيَرة على الأَصل: ذات عَيْر. وعَيْر النصل:
الناتئ في وسطه؛ قال الراعي:
فصادَفَ سَهْمُه أَحْجارَ قُفٍّ،
كَسَرْن العَيْرَ منه والغِرارا
وقيل: عَيْرُ النَّصل وسطه. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو: نصل
مُعْيَر فيه عَيْر. والعَيْر من أُذن الإِنسان والفرسِ ما تحت الفَرْع من باطنه
كعَيْر السهم، وقيل: العَيْرانِ مَتْنا أُذُنَى الفرس. وفي حديث أَبي
هريرة: إِذا تَوضَّأْتَ فأَمِرَّ على عِيَار الأُذُنين الماء؛ العِيارُ جمع
عَيْرٍ، وهو الناتئ المرتفع من الأَذن. وكل عظم ناتئ من البدن:
عَيْرٌ. وعَير القدم: الناتئ في ظهرها. وعَيرُ الوَرقة: الخط الناتئ في وسطها
كأَنه جُدَيِّر. وعَيرُ الصخرة: حرفٌ ناتئ فيها خلقة، وقيل: كل ناتئ
في وسط مستو عَيرٌ. وعَيْرُ الأُذن: الوتد الذي في باطنها. والعَيْر:
ماقيء العين؛ عن ثعلب، وقيل: العَيْر إِنسانُ العين، وقيل لَحْظُها؛ قال
تأَبَّطَ شَرّاً:
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْد وَهْنٍ،
بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما
سوى تَحْلِيل راحِلة وعَيْرٍ،
أُكالِئُه مَخافةَ أَن يَناما
وفي المثل: جاءَ قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى أَي قبل لحظة العين. قال أَبو
طالب: العَيْر المِثال الذي في الحدقة يسمى اللُّعْبة؛ قال: والذي جرى
الطَّرْفُ، وجَرْيُه حركته؛ والمعنى: قبل أَن يَطْرِف الإِنسانُ، وقيل:
عَيْرُ العين جَفْنُها. قال الجوهري: يقال فعلت قبل عِيْرٍ وما جرى. قال
أَبو عبيدة: ولا يقال أَفعل؛ وقول الشماخ:
أَعَدْوَ القِبِصَّى قبل عَيْرٍ وما جَرى،
ولم تَدْرِ ما خُبْرِي، ولم أَدْرِ ما لَها؟
فسره ثعلب فقال: معناه قبل أَن أَنظر إِليك، ولا يُتَكلّم بشيء من ذلك
في النفي. والقِبِصَّى والقِمِصَّى: ضَرْبٌ من العَدْو فيه نَزْوٌ. وقال
اللحياني: العَيْرُ هنا الحمار الوحشي، ومن قال: قبل عائرٍ وما جرى، عنى
السهم. والعَير: الوَتد. والعَيْر: الجَبلُ، وقد غلب على جبل بالمدينة.
والَعيْر: السيّد والمَلِك. وعَيْرُ القوم: سيّدُهم؛ وقوله:
زعَمُوا أَنّ كلَّ مَن ضَرَبَ العَيْـ
ـر مَوالٍ لنا، وأَنَّى الوَلاءُ؟
(* في معلقة الحرث بن حِلْزة: «مُوال لنا ـــــ وأَنّا الوَلاء» ولا
يمكن إِصلاح هذا البيت على ما هو عليه في المعلقة لأَن له شرحاً يناسب
روايته هنا لاحقاً).
قيل: معناه كلُّ مَن ضرب بِجفنٍ على عَيْرٍ، وقيل: يعني الوتد، أَي من
ضرب وتِداً من أَهل العَمَد، وقيل: يعني إِياداً لأَنهم أَصحاب حَمِير،
وقيل: يعني جبلاً، ومنهم من خص فقال: جبلاً بالحجاز، وأَدخل عليه اللام
كأَنه جعله من أَجْبُلٍ كلُّ واحد منها عَيْر، وجعل اللام زائدة على
قوله:ولقد نَهَيْتُك عن بناتِ الأَوْبَرِ
إِنما أَراد بنات أَوبر فقال: كل من ضربه أَي ضرب فيه وتداً أَو نزله،
وقيل: يعني المُنْذِر بن ماء السماء لِسيادتهِ، ويروي الوِلاء، بالكسر،
حكى الأَزهري عن أَبي عمرو بن العلاء، قال: مات مَنْ كان يحسن تفسير بيت
الحرث بن حلزة: زعموا أَن كلَّ مَنْ ضَرَب العَيْر (البيت).
قال أَبو عمر: العَيْر هو الناتئ في بُؤْبُؤِ العين، ومعناه أَن كل من
انْتَبَه من نَوْمِه حتى يدور عَيْرُه جَنى جناية فهو مَوْلًى لنا؛
يقولونه ظلماً وتجَنّياً؛ قال: ومنه قولهم: أَتيتك قبل عَيْرٍ وما جَرى أَي
قبل أَن ينتبه نائم. وقال أَحمد بن يحيى في قوله: وما جرى، أَرادوا
وجَرُيه، أَرادوا المصدر. ويقال: ما أَدري أَيّ مَن ضرب العَيْر هو، أَي أَيّ
الناس هو؛ حكاه يعقوب. والعَيْرانِ: المَتْنانِ يكتنفان جانبي الصُّلْب.
والعَيْرُ: الطَّبْل.
وعارَ الفرسُ والكلبُ يَعِير عِياراً: ذهب كأَنه مُنْفَلت من صاحبه
يتردد ومن أَمثالهم: كَلْبٌ عائرٌ خيرٌ مِن كَلْبٍ رابِضٍ؛ فالعائرُ المتردد،
وبه سمي العَيْرُ لأَنه يَعِير فيتردّد في الفلاة. وعارَ الفرسُ إِذا
ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه. وعارَ الرجلُ في القوم يضربُهم: مثل عاث.
الأَزهري: فرسٌ عَيّارٌ إِذا عاثَ، وهو الذي يكون نافراً ذاهباً في الأَرض.
وفرس عَيّار بأَوصالٍ أَي بَعِير ههنا وههنا من نشاطه. وفرس عَيّار إِذا
نَشِط فرَكِبَ جانباً ثم عدل إِلى جانب آخر من نشاطه؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ولقد رأَيتُ فوارِساً مِن قَوْمِنا،
غَنَظطُوك غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ
قال ابن الأَعرابي في مثل العرب: غَنَظُوه غَنْظَ جرادة العيّار؛ قال:
العَيّار رجل، وجرادة فرس؛ قال: وغيره يخالفه ويزعم أَن جرادة العيّار
جَرادةٌ وُضِعَت بين ضِرْسيه فأَفْلَتت، وقيل: أَراد بجرادة العَيَّار جرادة
وضعها في فيه فأَفْلَتت من فيه، قال: وغَنَظَه وركَظَعه يَكِظُه
وَكْظاً، وهي المُواكَظَة والمُواظبة، كل ذلك إِذا لازمه وغمَّه بشدة تَقاضٍ
وخُصومة؛ وقال:
لو يُوزَنون عِياراً أَو مُكايَلةً،
مالُوا بسَلْمَى، ولم يَعْدِلهْمُ أَحَدُ
وقصيدة عاثرة: سائرة، والفعل كالفعل،د والاسم العِيَارة. وفي الحديث:
أَنه كان يمُرّ بالتمرة العاثِرةِ فما يَمْنعُه من أَخذها إِلاَّ مَخافةُ
أَن تكون من الصدقة؛ العائرة: الساقطة لا يُعْرَف لها مالك، من عارَ
الفرسُ إِذا انطلق من مرْبطه مارّاً على وجهه؛ ومنه الحديث: مَثقَلُ المُنافِق
مَثَلُ الشاةِ العائرة بين غَنَمْينِ أَي المتردّدة بين قَطِيعين لا
تَدْري أَيّهما تَتْبَع. وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائِطَه: إِنما
هو عائرٌ؛ وحديثه الآخر: أَنَّ فرساً له عارَ أَي أَفْلَت وذهب على
وجهه. ورجل عَيّار: كثير المجيء والذهاب في الأَرض، وربما سمي الأَسد بذلك
لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد: قال أَوس بن حجر:
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيّ هِبْرِية،
كالمَزبَرانيّ، عَيَّارٌ بأَوْصالِ
(* قوله: «كالمزبراني إلخ» قال الجوهري في مادة رزب ما نصه: ورواه
المفضل كالمزبراني عيار بأوصال، ذهب إِلى زبرة الأسد فقال له الأَصمعي: يا
عجباه الشيء يشبه بنفسه وإِنما هو المرزباني ا هـ. وفي القاموس والمرزبة
كمرحلة رياسة الفرس وهو مرزبانهم بضم الزاي).
أَي يذهب بها ويجيء؛ قال ابن بري: من رواه عيّار، بالراء، فمعناه أَنه
يذهب بأَوْصال الرِّجال إِلى أَجَمَته، ومنه قولهم ما أَدري أَي الجراد
عارَِه، ويروى عَيَّال، وسنذكره في موضعه؛ وأَنشد الجوهري:
لَمّا رأَيتُ أَبَا عمرو رَزَمْتُ له
مِنِّي، كما رَزَمَ العَيَّارُ في الغُرُفِ
جمع غَرِيف وهو الغابة. قال: وحكى الفراء رجل عَيَّار إِذا كان كثير
التَّطْواف والحركة ذكِيّاً؛ وفرس عَيَّار وعيّال؛ والعَيْرانة من الإِبل:
الناجية في نشاطه، من ذلك، وقيل: شبّهت بالعَيْرِ في سرعتها ونشاطها، وليس
ذلك بقوي؛ وفي قصيد كعب:
عَيْرانة قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
هي الناقة الصلبة تَشْبيهاً بِعَيْر الوحش، والأَلف والنون زائدتان. ابن
الأَعرابي: العَيِّرُ الفرس النشيط. قال: والعرب تمدح بالعَيَّار
وتَذُمّ به، يقال: غلام عَيّار نَشِيط في المعاصي، وغلام عَيّار نشيط في طاعة
الله تعالى. قال الأَزهري: والعَيْر جمع عائِر وهو النشيط، وهو مدح
وذدمٌّ.عاورَ البَعِيرُ عَيَراناً إِذا كان في شَوْل فتركها وانطلق نحوَ
أُخْرَى يريد القَرْع،. والعائِرةُ التي تخرج من الإِبل إِلى أُخْرَى ليضربها
الفحل. وعارَ الأَرض يَعِير أَي ذهب، وعارَ الرجلُ في القوم يضربهم بالسيف
عَيَراناً: ذهب وجاء؛ ولم يقيده الأَزهري بضرب ولا بسيف بل قال: عارَ
الرجلُ يَعِير عَيَراناً، وهو تردّدهُ في ذهابه ومجيئه؛ ومنه قيل: كلْبٌ
عائِرٌ وعَيّار، وهو من ذوات الياء، وأَعطاه من المال عائرةَ عينين أَي ما
يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا، وقد تقدم في عور أَيضاً.
وعيرانُ الجراد وعَوائِرهُ: أَوائلُِ الذاهبة المفْترقة في قلة. ويقال:
ما أَدري أَيّ الجراد عارَه أَي ذهب به وأَتْلَفه، لا آتَي له في قول
الأَكثر،
(* هكذا في الأصل). وقيل:
يَعِيره ويَعُوره؛ وقول مالك بن زغبة:
إِذا انتسأوا فَوْتَ الرِّماح، أَتَتْهُمُ
عوائرُ نَبْلٍ، كالجرادِ نُطِيرُها
عنى به الذاهبة المتفرقة؛ وأَصله في الجراد فاستعاره قال المؤرج: ومن
أَمثالهم؛ عَيْرٌ عارَه وَتِدُه؛ عارَه أَي أَهلكه كما يقال لا أَدري أَيّ
الجراد عارَه. وعِرْث ثوبه: ذهبت به. وعَيَّر الدينارَ: وازَنَ به آخر.
وعَيَّر الميزان والمكيال وعاوَرَهما وعايَرَهُما وعايَرَ بينهما
مُعايَرَة وعِياراً: قدَّرَهما ونظر ما بينهما؛ ذكر ذلك أَبو الجراح في باب ما
خالفت العامة فيه لغة العرب. ويقال: فلان يُعايرُ فلاناً ويُكايلُه أَي
يُسامِيه ويُفاخِره. وقال أَبو زيد: يقال هما يتعايبانِ ويَتَعايَران،
فالتعايُرُ التسابّ، والتَعايُب دون التَّعايُرِ إِذا عاب بعضهم بعضاً.
والمِعْيار من المكاييل: ما عُيِّر. قال الليث: العِيَار ما عايَرْت به
المكاييل، فالعِيَار صحيح تامٌّ وافٍ، تقول: عايَرْت به أَي سَوَّيْتُه،
وهو العِيَار والمِعْيار. يقال: عايِرُوا ما بين مكاييلكم ومَوازِينكم،
وهو فاعِلُوا من العِيَار، ولا تقل: عَيِّروا.
وعَيَّرْتُ الدنانير: وهو أَن تُلْقِي ديناراً ديناراً فتُوازِنَ به
ديناراً ديناراً، وكذلك عَيَّرْت تْعْييراً إِذا وَزَنْت واحداً واحداً،
يقال هذا في الكيل والوزن. قال الأَزهري: فرق الليث بين عايَرْت وعَيَّرْت،
فجعل عايَرْت في المكيال وعَيَّرْت في الميزان؛ قال: والصواب ما ذكرناه
في عايَرْت وعَيَّرت فلا يكون عَيَّرْت إِلاَّ من العار والتَّعْيِير؛
وأَنشد الباهلي قول الراجز:
وإِن أَعارَت حافراً مُعارا
وَأْباً، حَمَتْ نُسوُرَهُ الأَوْقارا
وقال: ومعنى أَعارَت رفعت وحوّلت، قال: ومنه إِعارةُ الثياب والأَدوات.
واستعار فلانٌ سَهْماً من كِنانته: رفعه وحوَّله منها إِلى يده؛ وأَنشد
قوله:
هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها،
وفي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها
شهباء: مُعْبَلة، والهاء في مُسْتَعِيرها لها. والبَصِيرة: طريقة الدّم.
والعِيرُ، مؤنثة: القافلة، وقيل: العِيرُ الإِبل التي تحمل المِيرَة، لا
واحد لها من لفظها. وفي التنزيل: ولَمَّا فَصَلت العِيرُ؛ وروى سلمة عن
الفراء أَنه أَنشده قول ابن حلِّزة:
زعموا أَنَّ كلّ مَن ضَرَبَ العِير
بكسر العين. قال: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ من رَكِب الإِبل مَوالِ لنا
أَي العربُ كلهم موالٍ لنا من أَسفل لأَنا أَسَرْنا فيهم قلَنا نِعَمٌ
عليهم؛ قال ابن سيده: وهذا قول ثعلب، والجمع عِيَرات، قال سيبويه: جمعوه
بالأَلف والتاء لمكان التأْنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه
اسماً فأَجمعوا على لغة هذيل لأَنهم يقولون جَوَزات وبَيّضات. قال: وقد قال
بعضهم عِيرات، بالإِسكان، ولم يُكَسَّر على البناء الذي يُكَسَّر عليه
مثله، جعلوا التاء عوضاً من ذلك، كما فعلوا ذلك في أَشياء كثيرة لأَنهم مما
يستغنون بالأَلف والتاء عن التكسير، وبعكس ذلك، وقال أَبو الهيثم في
قوله: ولما فَصَلَت العِيرُ كانت حُمُراً، قال: وقول من قال العِيرُ الإِبلُ
خاصّة باطلٌ. العِيرُ: كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإِبل والحَمِير
والبغال، فهو عِيرٌ؛ قال: وأَنشدني نُصَير لأَبي عمرو السعدي في صفة حَمِير
سماها عِبراً:
أَهكذا لا ثَلَّةٌ ولا لَبَنْ؟
ولا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنّْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ،
لا بدّ أَن يَخْترْن مِنِّي بين أَنْ
يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ
قال: وقال نصيرٌ الإِبل لا تكون عِيراً حتى يُمْتارَ عليها. وحكى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العيرُ من الإِبل ما كان عليه حملُه أَو لم
يكن. وفي حديث عثمان: أَنه كان يشتري العِيرَ حُكْرة، ثم يقول: من
يُرْبِحُني عُقْلَها؟ العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ من عارَ يَعير إِذا سار،
وقيل: هي قافلة الحَمِير، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة عِيرٌ
كأَنها جمع عَيْر، وكان قياسها أَن يكون فُعْلاً، بالضم، كسُقْف في
سَقْف إِلاَّ أَنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عِين. وفي الحديث: أَنهم كانوا
يترصّدون عِيَرات قُرَيْش؛ هو جمع عِير، يريد إِبلهم ودوابهم التي كانوا
يتاجرون عليها. وفي حديث ابن عباس: أَجاز لها العْيَرات؛ هي جمع عِيرٍ
أَيضاً؛ قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل، يعني تحريك الياء،
والقياس التسكين؛ وقول أَبي النجم:
وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها،
من حَسَكِ التَّلْع ومن خافورها
إِنما استعاره للنمل، وأَصله فيما تقدم.
وفلان عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انفرد بأَمره، وهو في الذمِّ، كقولك:
نَسِيج وحده، في المدح. وقال ثعلب: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وحده. قال
الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وحده وجُحَيْش وَحْدِه. وهما اللذان لا يُشاوِران
الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف. وقال الجوهري: فلان
عُيَيْرُ وَحْدِه وهو المعجب برأْيه، وإِن شئت كسرت أَوله مثل شُيَيْخٍ
وشِيَيْخٍ، ولا تقل: عُوَير ولا شُوَيخ.
والعارُ: السُّبّة والعيب، وقيل: هو كل شيء يلزم به سُبّة أَو عيب،
والجمع أَعْيارٌ. ويقال: فلان ظاهرُ الأَعْيارِ أَي ظاهر العيوب؛ قال
الراعي:ونَبَتَّ شَرَّ بَني تميم مَنْصِباً،
دَنِسَ المُروءَةِ ظاهرَ الأَعْيارِ
كأَنه مما يُعَيَّر به، والفعل منه التَّعْيير، ومن هذا قيل: هم
يَتَعَيَّرون من جيرانِهم الماعونَ والأَمتعة؛ قال الأَزهري: وكلام العرب
يَتَعَوَّرون، بالواو، وقد عيّره الأَمرَ؛ قال النابغة:
وعَيَّرَتْني بنو ذُبْيانَ خَشيَتَه،
وهل عليّ بأَنْ أَخْشاكَ مِن عار؟
وتعايرَ القومُ: عَيَّر بعضُهم بعضاً، والعامة تقول: عيّره بكذا.
والمَعايرُ: المعايب؛ يقال: عارَه إِذا عابَه؛ قالت ليلى الأَخيلية:
لعَمْرُك ما بالموت عارٌ على امرئٍ،
إِذا لم تُصِبْه في الحياة المَعايرُ
وتعايرَ القومُ: تعايَبُوا. والعارِيَّة: المَنيحة، ذهب بعضهم إِلى
أَنها مِن العارِ، وهو قُوَيل ضعيف، وإِنما غرّهم منه قولهم يَتَعَيَّرون
العَواريِّ، وليس على وضعه إِنما هي مُعاقبة من الواو إِلى الياء. وقال
الليث: سميت العاريّة عاريَّةً لأَنها عارٌ على من طلبها. وفي الحديث: أَن
امرأَة مخزومية كانت تَسْتَعِير المتاعَ وتَجْحَده فأَمر بها فقُطعَت
يدُها؛ الاستعارةُ من العاريّة، وهي معروفة. قال ابن الأَثير: وذهب عامة أَهل
العلم إِلى أَن المُسْتَعِير إِذا جحد العاريَّة لا يُقْطَع لأَنه جاحد
خائن، وليس بسارق، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصّاً وإِجماعاً. وذهب
إِسحق إِلى القول بظاهر هذا الحديث، وقال أَحمد: لا أَعلم شيئاً يدفعه؛ قال
الخطابي: وهو حديث مختصرُ اللفظ والسياقِ وإِنما قُطِعَت المخزومية
لأَنها سَرَقت، وذلك بََيِّنٌ في رواية عائشة لهذا الحديث؛ ورواه مسعود بن
الأَسود فذكر أَنها سرقت قَطِيفة من بيت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفاً لها بخاصّ صفتها إِذ
كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها، كما عُرِّفت بأَنها
مخزوميَّة، إِلاَّ أَنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقَّت إِلى السرقة، واجترأَت
عليها، فأَمر بها فقطعت. والمُسْتَعِير: السَّمِين من الخيل. والمُعارُ:
المُسَمَّن. يقال: أَعَرْت الفرس أَسْمنْتُه؛ قال:
أَعِيرُوا خَيْلَكم ثم ارْكُضوها،
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
ومنهم من قال: المُعار المنتوف الذنب، وقال قوم: المُعار المُضَمَّر
المُقَدَّح، وقيل: المُضَمَّر المُعار لأَن طريقة متنه نتأَت فصار لها عيرٌ
ناتئ، وقال ابن الأَعرابي وحده: هو من العاريَّة، وذكره ابن بري أَيضاً
وقال: لأَن المُعارَ يُهان بالابتذال ولا يُشْفَق عليه شفقة صاحبه؛ وقيل
في قوله :
أَعيروا خيلكم ثم اركبوها
إِن معنى أَعيروها أَي ضَمِّروها بترديدها، من عارَ يَعير، إِذا ذهب
وجاء. وقد روي المِعار، بكسر الميم، والناس رَوَوْه المُعار؛ قال: والمِعارُ
الذي يَحِيد عن الطريق براكبه كما يقال حادَ عن الطريق؛ قال الأَزهري:
مِفْعَل من عارَ يَعِير كأَنه في الأَصل مِعْيَر، فقيل مِعار. قال
الجوهري: وعارَ الفَرَسُ أَي انفَلَت وذهب ههنا وههنا من المَرَح، وأَعارَه
صاحبُه، فهو مُعَار؛ ومنه قول الطِّرمَّاح:
وجَدْنا في كتاب بني تميمٍ:
أَحَقُّ الخيل بالرَّكْضِ المُعارُ
قال: والناسُ يَرَوْنه المُعار من العارِيَّة، وهو خَطَأ؛ قال ابن بري:
وهذا البيت يُروى لِبشْر بن أَبي خازِم.
وعَيْرُ السَّراة: طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مُسَرْوَلُهما أَصفر
الرِّجلين والمِنقار أَكحل العينين صافي اللَّوْن إِلى الخُضْرة أَصفر
البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأَنه بُرْدٌ وشِّيَ، ويُجمَع عُيُورَ
السَّراةِ، والسَّراةُ موضع بناحية الطائف، ويزعمون أَن هذا الطائر يأْكل
ثلثمائة تِينةٍ من حين تطلعُ من الوَرقِ صِغاراً وكذلك العِنَب.
والعَيْرُ: اسم رجُل كان له وادٍ مُخْصِب، وقيل:
هو اسم موضع خَصيب غيَّره الدهرُ فأَقفر، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به
المَثَل في البلَد الوَحْش، وقيل: هو اسم وادٍ؛ قال امرؤ القيس:
ووادٍ، كجَوْف العَيْرِ، قَفْرٍ مَضِلَّةٍ،
قطعتُ بِسَامٍ ساهِمِ الوَجْهِ حَسَّانِ
قال الأَزهري: قوله كجَوْف العَيرِ، أَي كوادي العَيرِ وكلُّ وادٍ عند
العرب: جوفٌ. ويقال للموضع الذي لا خيرَ فيه: هو كجوف عَيرٍ لأَنه لا شيء
في جَوْفه يُنتفع به؛ ويقال: أَصله قولهم أَخلى من جَوْف حِمار. وفي حديث
أَبي سفيان: قال رجل: أُغْتال محمداً ثم آخُذُ في عَيْرٍ عَدْوي أَي
أَمْضي فيه وأَجعلُه طريقي وأَهْرب؛ حكى ذلك ابن الأَثير عن أَبي موسى.
وعَيْرٌ: اسم جَبلَ؛ قال الراعي:
بِأَعْلام موَرْكُوزٍ فَعَيْرٍ فَعُزَّبٍ،
مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْرِ إِذْ هِيَ ما هِيَا
وفي الحديث: أَنه حَرَّم ما بين عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ؛ هما جبلان، وقال
ابن الأَثير: جبلان بالمدينة، وقيل: ثَوْرٌ بمكة؛ قال: ولعلّ الحديث ما بين
عَيْرٍ إِلى أُحُد، وقيل: بمكة أَيضاً جبل يقال له عَيْرٌ.
وابْنَةُ مِعْيَرٍ الداهية. وبنَاتُ مِعْيَرٍ: الدواهي؛ يقال: لقيت منه
ابْنَةَ مِعْيَرٍ؛ يُريدون الداهية والشدّة.
وتِعَارٌ، بكسر التاء: اسم جبَل؛ قال بِشْر يصف ظُعْناً ارتحلن من
منازلهن فشبّههنَّ في هَوَادِجِهِن بالظِّباء في أَكْنِسَتِها:
وليل ما أَتَيْنَ عَلى أَرُومٍ
وَشابَة، عن شمائِلها تِعارُ
كأَنَّ ظِباءَ أَسْنِمَة عليها
كَوانِس، قالِصاً عنها المَغَارُ
المَغارُ: أَماكن الظِّباء، وهي كُنُسها. وشابَة وتِعار: جبَلان في
بِلاد قيس. وأَرُوم وشابة: موضعان.
حجل: الحَجَل: القَبَج: وقال ابن سيده: الحَجَل الذكور من القَبَج،
الواحدة حَجَلة وحِجْلانٌ، والحِجْلى اسم للجمع، ولم يجيء الجمع على فِعْلى
إلا حرفان: هذا والظِّرْبي جمع ظَرِبَان، وهي دُوَيَّبة منتنة الريح؛ قال
عبد الله بن الحجاج الثعلبي من بني ثعلبة بن سعد بن ذُبْيان يخاطب عبد
الملك بن مروان ويعتذر إِليه لأَنه كان مع عبد الله بن الزبير:
فارحم أُصَيْبِيَتي الذين كأَنهم
حِجْلى، تَدَرَّجُ بالشَّرَبَّة، وُقَّعُ
أَدْنُو لِتَرْحَمَني وتَقَبَل تَوْبتي،
وأَراك تَدْفَعُني، فأَيْنَ المَدْفَع؟
فقال عبد الملك: إِلى النار الأَزهري: سمعت بعض العرب يقول: قالت
القَطَا للحَجَل: حَجَلْ حَجَلْ، تَفِرُّ في الجَبَل، من خَشْية الوَجَل،
فقالت الحَجَل للقَطا: قَطا قَطا، بَيْضُك ثِنْتا، وبَيْضِي مائتا. الأَزهري:
الحَجَل إِناث اليَعَاقِيب واليَعَاقِيب ذكورُها. وروى ابن شميل حديثاً:
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: اللهم إِني أَدعو قريشاً وقد جعلوا
طَعَامي كطَعام الحَجَل؛ قال النضر: الحَجَل يأْكل الحَبَّة بعد الحبة
لا يُجِدُّ في الأَكل؛ قال الأَزهري: أَراد أَنهم لا يُجِدُّون في إِجابتي
ولا يدخل منهم في اللّه دين إِلا الخَطِيئة بعد الخَطِيئة يعني النادر
القليل. وفي الحديث: فاصطادوا حَجَلاً؛ هو القَبَج. الأَزهري: حَجَل
الإِبل صغَار أَولادها. ابن سيده: الحَجَل صِغارُ الإِبل وأَوْلادُها؛ قال
لبيد يصف الإِبل بكثرة اللبن وأَن رؤوس أَولادها صارت قُرْعاً أَي صُلْعاً
لكثرة ما يسيل عليها من لبنها وتَتَحلَّب أُمهاتُها عليها:
لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ من رُؤوسها،
لها فوقها مما تولف واشل
(* قوله «تولف» كذا في الأصل هنا، وسبق في ترجمة قرع: تحلب بدل تولف،
ولعل ما هنا محرف عن تو كف بالكاف أَي سال وقطر).
قال ابن السكيت: استعار الحَجَل فجعلها صغَار الإِبل؛ قال ابن بري: وجدت
هذا البيت بخط الآمدي قَرَّعت أَي تَقَرَّعت كما يقال قَدَّم بمعنى
تَقَدَّم، وخَيَّل بمعنى تَخَيَّل، ويَدُلُّكَ على صحته أَن قولهم قُرِّع
الفَصِيلُ إِنما معناه أُزِيل قَرَعُه بَجَرِّه على السَّبَخَة مثل
مَرَّضْته، فيكون عكس المعنى؛ ومثله للجعدي:
لها حَجَل قُرْعُ الرؤوس تَحَلَّبت
على هامِه، بالصَّيْف، حتى تَمَوّرا
قال ابن سيده: وربما أَوقعوا ذلك على فَتَايا المَعَزِ. قال لقمان
العاديُّ يَخْدَع ابْنَيْ تِقْن بغنمه عن إِبلهما: اشْتَرِياها يا ابْنَي
تِقْن، إِنها لَمِعزى حَجَل، بأَحْقِيها عِجَل؛ يقول: إنها فَتِيَّة كالحَجَل
من الإِبل، وقوله بأَحقِيها عِجَل أَي أَن ضُروعها تضرب إِلى أَحْقِيها
فهي كالقِرَب المملوءة؛ كل ذلك عن ابن الأَعرابي، قال: ورواه بعضهم أَنها
لمِعْزَى حِجَل، بكسر الحاء، ولم يفسره ابن الأَعرابي ولا ثعلب؛ قال ابن
سيده: وعندي أَنهم إِنما قالوا حِجَل، فيمن رواه بالكسر، إِتباعاً
لعِجَل. والحَجَلة: مثل القُبَّة. وحَجَلة العروس: معروفة وهي بيت يُزَيَّن
بالثياب والأَسِرَّة والستور؛ قال أَدهم بن الزَّعراء:
وبالحَجَل المقصور، خَلْف ظُهورنا،
نَوَاشِيءُ كالغِزْلان نُجْلٌ عيونُها
وفي الحديث: كان خاتَم النبوة مثل زِرِّ الحَجَلة، بالتحريك؛ هو بيت
كالقُبَّة يستر بالثياب ويكون له أَزرار كبار؛ ومنه حديث الاستئذان: ليس
لبيوتهم سُتور ولا حِجال؛ ومنه: أعْرُوا النساء يَلْزَمْن الحِجَال، والجمع
حَجَل وحِجَال؛ قال الفرزدق:
رَقَدْن عليهن الحِجَال المُسَجَّف
قال الحِجال وهم جماعة، ثم قال المُسَجَّف فَذَكَّر لأَن لفظ الحِجَال
لفظ الواحد مثل الجِرَاب والجِدَاد، ومثله قوله تعالى: قال مَنْ يُحْيي
العِظَام وهي رَمِيم، ولم يقل رَمِيمة. وحَجَّل العَروسَ: اتَّخَذ لها
حَجَلة؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ورابغة أَلا أُحَجِّل قِدْرَنا
على لَحْمِها، حِين الشتاء، لنَشْبَعَا
فسره فقال: نسترها ونجعلها في حَجَلة أَي إِنا نطعمها الضيفان. الليث:
الحَجْل والحِجْل القَيْد، يفتح ويكسر. والحَجْل: مشي المُقَيَّد.
وحَجَل يَحْجُلُ حَجْلاً إِذا مشى في القيد. قال ابن سيده: وحَجَلَ
المُقَيَّد يَحْجُل ويَحْجِل حَجْلاً وحَجَلاناً وحَجَّل: نَزا في مشيه،
وكذلك البعير العَقِير: الأَزهري: الإِنسان إِذا رفع رِجْلاً وتَرَيَّث في
مشيه على رِجْل فقد حَجَل. ونَزَوانُ الغُراب: حَجْلُه. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لزيد أَنت مَوْلانا فَحَجَل؛ الحَجْل: أَن
يرفع رِجْلاً ويَقْفِز على الأُخرى من الفَرَح، قال: ويكون بالرجلين
جميعاً إِلا أَنه قَفْزٌ وليس بمشي. قال الأَزهري: والحَجَلان مِشية
المُقَيَّد. يقال: حَجَل الطائرُ يَحْجُل ويَحْجِل حَجَلاناً كما يَحْجُل البعير
العَقِير على ثلاث، والغُلامُ على رِجْل واحدة وعلى رجلين؛ قال الشاعر:
فقد بَهأَتْ بالحاجِلاتِ إِفالُها،
وسَيْف كَرِيمٍ لا يزال يَصُوعُها
يقول: قد أَنِسَتْ صِغارُ الإِبل بالحاجلات وهي التي ضرِبت سُوقُها فمشت
على بعض قوائمها، وبسيف كريم لكثرة ما شاهدت ذلك لأَنه يُعَرْقِبُها.
وفي حديث كعب: أَجِدُ في التوراة أَن رجلاً من قريش أَوْبَشَ الثَّنايا
يَحْجُل في الفتنة؛ قيل: أَراد يتبختر في الفتنة. وفي الحديث في صفة الخيل:
الأَقْرَح المُحَجَّل؛ قال ابن الأَثير: هو الذي يرتفع البياض في قوائمه
في موضع القيد ويجاوز الأَرساغ ولا يجاوز الركبتين لأَنها مواضع
الأَحجال، وهي الخلاخيل والقيود؛ ومنه الحديث: أُمتي الغُرُّ المُحَجَّلون أَي
بِيض مواضع الوضوء من الأَيدي والوجه والأَقدام، استعار أَثر الوضوء في
الوجه واليدين والرجلين للإِنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه
ورجليه؛ قال ابن سيده: وأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر:
وإِني امْرُؤٌ لا تَقْشَعِرُّ ذؤابَتي
من الذِّئْب يَعْوِي والغُرابِ والمُحَجَّل
فإِنه رواه بفتح الجيم كأَنه من التحجيل في القوائم، قال: وهذا بعيد
لأَن ذلك ليس بموجود في الغِرْبان، قال: والصواب عندي بكسر الجيم على أَنه
اسم الفاعل من حَجَّل. وفي الحديث: إِن المرأَة الصالحة كالغُرَاب
الأَعْصَم وهو الأَبيض الرجلين أَو الجناحين، فإِن كان ذهب إِلى أَن هذا موجود
في النادر فرواية ابن الأَعرابي صحيحة.
والحَجْل والحِجْل جميعاً: الخَلْخَال، لغتان، والجمع أَحْجال وحُجُول.
الأَزهري: روى أَبو عبيد عن أَصحابه حِجْل، بكسر الحاء، قال: وما علمت
أَحداً أَجاز الحِجل
(* قوله «أجاز الحجل» كذا في الأصل مضبوطاً بكسر
الحاء، وعبارة القاموس: والحجل بالكسر ويفتح وكابل وطمرّ الخلخال) غير ما قاله
الليث، قال: وهو غلط. وفي حديث عليٍّ قال له رجل: إِن اللصوص أَخذوا
حِجْلَي امرأَتي أَي خَلْخالَيْها. وحِجْلا القيد: حَلْقَتاه؛ قال عَدِيُّ
بن زيد
العَبَادي:
أَعاذِل، قد لاقَيْتُ ما يَزِعُ الفَتَى،
وطابقت في الحِجْلَينْ مَشْيِ المقيَّد
والحِجْل: البياض نفسه، والجمع أَحْجال؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي أَن
المفضل أَنشده:
إِذا حُجِّل المِقْرَى يكون وَفَاؤه
تَمام الذي تَهْوي إِليه المَوَارِد
قال: المِقْرَى القَدَح الذي يُقْرى فيه، وتَحْجِيلُه أَن تُصَبَّ فيه
لُبَيْنة قليلة قَدْر تحجيل الفَرَس، ثم يُوَفَّى المَقْرَى بالماء، وذلك
في الجُدُوبة وعَوَزِ اللَّبَن. الأَصمعي: إِذا حُجِّل المِقْرَى أَي
سُتِر بالحَجَلة ضَنًّا به ليشربوه هم. والتحجيل: بياض يكون في قوائم الفرس
كلها؛ قال:
ذو مَيْعَةٍ مُحَجَّلُ القوائم
وقيل: هو أَن يكون البياض في ثلاث منهن دون الأُخرى في رِجْل ويَدَيْن؛
قال:
تَعَادَى من قَوائمها ثَلاثٌ
بتحجيل، وَقَائمةٌ بَهِيمُ
ولهذا يقال مُحَجَّل الثلاث مطلق يد أَو رجل، وهو أَن يكون أَيضاً في
رجلين وفي يد واحدة؛ وقال:
مُحَجَّل الرِّجْلين منه واليَدِ
أَو يكون البياض في الرجلين دون اليدين؛ قال:
ذو غُرَّة مُحَجَّلُ الرِّجْلين
إِلى وَظِيفٍ، مُمْسَكُ اليَدَين
أَو أَن يكون البياض في إِحدى رجليه دون الأُخرى ودون اليدين، ولا يكون
التحجيل في اليدين خاصة إِلا مع الرجلين، ولا في يد واحدة دون الأُخرى
إِلا مع الرجلين، وقيل: التحجيل بياض قَلَّ أَو كثر حتى يبلغ نصف الوَظِيفِ
ولونٌ سائره ما كان، فإِذا كان بياض التحجيل في قوائمه كلها قالوا
مُحَجَّل الأَربع. الأَزهري: تقول فرس مُحَجَّل وفرس بادٍ جُحُولُه؛ قال
الأَعشى:
تَعَالَوْا، فإِنَّ العِلْم عند ذوي النُّهَى
من الناس، كالبَلْقاء بادٍ جُحُولُها
قال أَبو عبيدة: المُحَجَّل من الخيل أَن تكون قوائمه الأَربع بِيضاً،
يبلغ البياضُ منها ثُلُثَ الوَظِيف أَو نصفَه أَو ثلثيه بعد أَن يتجاوز
الأَرساغ ولا يبلغ الركبتين والعُرْقُوبَيْن فيقال مُحَجَّل القوائم، فإِذا
بلغ البياضُ من التحجيل ركبةَ اليد وعُرْقوب الرِّجل فهو فرس مُجَبَّب،
فإِن كان البياض برجليه دون اليد فهو مُحَجَّل إِن جاوز الأَرساغ، وإِن
كان البياض بيديه دون رجليه فهو أَعْصَم، فإِن كان في ثلاث قوائم دون رجل
أَو دون يد فهو مُحَجَّل الثلاث مُطْلَق اليد أو الرجل، ولا يكون التحجيل
واقعاً بيد ولا يدين إِلا أَن يكون معها أَو معهما رِجْل أَو رِجلان؛
قال الجوهري: التحجيل بياض في قوائم الفرس أَو في ثلاث منها أَو في رجليه،
قَلَّ أَو كَثُر، بعد أَن يجاوز الأَرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين
لأَنها مواضع الأَحجال، وهي الخَلاخِيل والقُيُود. يقال: فرس مُحَجَّل،
وقد حُجِّلَت قوائمُه تَحْجِيلاً، وإِنَّها لَذَات أَحْجال، فإِن كان في
الرجلين فهو مُحَجَّل الرجلين، وإِن كان بإِحدى رجليه وجاوز الأَرساغ فهو
مُحَجَّل الرِّجل اليمنى أَو اليسرى، فإِن كان مُحَجَّل يد ورجل من شِقٍّ
فهو مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَق الأَياسر، أَو مُمْسَك الأَياسر مُطْلَق
الأَيامن، وإِن كان من خِلاف قلّ أَو كثر فهو مَشْكُول. قال الأَزهري:
وأُخِذَ تحجيل الخيل من الحِجْل وهو حَلْقة القَيْد جُعِل ذلك البياض في
قوائمها بمنزلة القيود. ويقال: أَحْجَل الرجُلُ بعيرَه إِحْجالاً إِذا
أَطْلق قيده من يده اليمنى وشَدَّه في الأُخرى. وحَجَّل فلانٌ أَمْرَه
تحجيلاً إِذا شَهْرَه؛ ومنه قول الجعدي يهجو لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
أَلا حَيِّيا هِنْداً، وقُولاً لها: هَلا
فقد رَكِبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا
والتَّحْجِيل والصَّلِيب: سِمَتان من سِمات الإِبل؛ قال ذو الرمة يصف
إِبلاً:
يَلُوح بها تحجيلُها وصَلِيبُها
وقول الشاعر:
أَلَم تَعْلَمِي أَنَّا إِذا القِدْرُ حُجِّلَت،
وأُلْقِيَ عن وَجْه الفَتاة سُتُورُها
حُجِّلَت القِدْر أَي سُتِرَت كما تُسْتَر العروس فلا تَبْرُز.
والتحجيل: بياض في أَخلاف الناقة من آثار الصِّرار. وضَرْع مُحَجَّل: به تحجيل من
أَثر الصِّرار؛ وقال أَبو النجم:
عن ذي قَرامِيصَ لها مُحَجَّلِ
والحَجْلاء من الضأْن: التي ابْيَضَّت أَوْظِفَتُها وسائرها أَسود، تقول
منه نَعْجة حَجْلاء. وحَجَلَت عَيْنُه تَحْجُل حُجُولاً وحَجَّلَت،
كلاهما: غارت، يكون ذلك في الإِنسان والبعير والفرس، قال ثعلبة بن عمرو:
فَتُصْبِح حاجِلةً عينُه
لِحِنْو اسْتِه، وصَلاه عُيُوب
وأَنشد أَبو عبيدة:
حَواجِل العُيون كالقِداح
وقال آخر في الإِفراد دون الإِضافة:
حَواجِل غائرة العُيون
وحَجَّلَت المرأَة بَنانَها إِذا لَوَّنَت خِضابَها. والحُجَيْلاء:
الماء الذي لا تصيبه الشمس. والحَوْجَلَة: القارورة الغليظة الأَسفل، وقيل:
الحَوْجَلة ما كان من القَوارِير شِبْه قَوارير الذَّرِيرة وما كان واسع
الرأْس من صِغارها شِبْه السُّكُرَّجات ونحوها. الجوهري: الحَوْجَلة
قَارُورة صغيرة واسعة الرأْس؛ وأَنشد العَجَّاج:
كأَنَّ عينيه من الغُؤُور
قَلْتانِ، أَو حَوْجَلَتا قارُور
قال ابن بري: الذي في رجز العجاج:
قَلْتانِ في لَحْدَيْ صَفاً مَنْقُور،
صِفْرانِ، أَو حَوْجَلَتا قارُور
وقيل: الحَوْجَلَة والحَوْجَلَّة القارورة فقط؛ عن كراع، قال: ونظيره
حَوْصَلَة وحَوْصَلَّة وهي للطائر كالمَعِدَة للإِنسان. ودَوْخَلَة
ودَوْخَلَّة: وهي وعاء التمر، وسَوْجَلَة وسَوْجَلَّة: وهي غِلاف القارورة،
وقَوْصَرَة وقَوْصَرَّة: وهي غلاف القارورةِ أَيضاً؛ وقوله:
(* قوله «وقوصرة وهي غلاف القارورة أَيضاً» كذا في الأصل، والذي في
القاموس والصحاح واللسان في ترجمة قصر أنها وعاء التمر وكناية عن
المرأة).وقوله:
كأَنَّ أَعينها فيها الحَواجِيلُ
يجوز أَن يكون أَلحق الياءَ للضرورة، ويجوز أَن يكون جمع حَوْجَلَّة،
بتشديد اللام، فعوّض الياء من إِحدى اللاَّمين. والحَواجِل: القَوارير،
والسَّواجل غُلُفُها؛ وأَنشد ابن الأَنباري:
نَهْج ترى حَوْله بَيْضَ القَطا قَبَصاً،
كأَنَّه بالأَفاحِيص الحَواجِيل
حَواجِل مُلِئَت زَيْتاً مُجَرَّدة،
ليست عَلَيْهِنَّ من خُوصٍ سَواجِيل
القَبَص: الجَماعات والقِطَع. والسَّواجِيل: الغُلُف، واحِدُها ساجُول
وسَوْجَل. وتَحْجُل: اسم فَرَس، وهو في شعر لبيد:
تَكاتَر قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها،
وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبال
والحُجَيْلاء: اسم موضع؛ قال الشاعر:
فأَشْرَب من ماء الحُجَيْلاء شَرْبَةً،
يُداوى بها، قبل الممات، عَلِيلُ
قال ابن بري: ومن هذا الفصل الحُجال السَّمُّ؛ قال الراجز:
جَرَّعْته الذَّيفان والحُجالا
ملص: أَمْلَصَت المرأَةُ والناقةُ، وهي مُمِلصٌ: رمَتْ ولدها لغير تمام،
والجمع مَمالِيصُ، بالياء، فإِذا كان ذلك عادة لها فهي مِمْلاصٌ، والولد
مُمْلَص ومَلِيص. والمَلَصُ، بالتحريك: الزَّلَقُ. وأَمْلَصت المرأَة
بولدها أَي أَسقطت. وفي الحديث: أَن عمر، رضي اللّه عنه، سأَل عن إِمْلاص
المرأَة الجَنِينَ، فقال المغيرة بن شعبة: قَضى فيه النبي، صلّى اللّه
عليه وسلّم، بغُرّةٍ؛ أَراد بالمرأَة الحاملَ تُضْرَب فتُملِصُ جَنِينَها
أَي تُزْلِقه قبل وقت الولادة. وكل ما زَلِقَ من اليد أَو غيرها، فقد
مَلِصَ مَلَصاً؛ قال الراجز يصف حبل الدلو:
فَرَّ وأَعْطاني رِشاءً مَلِصا،
كذَنَبِ الذِّئْب يُعَدّى هَبَصا
ويروى: يُعَدّى القَبَصا، يعني رَطْباً يزلق من اليد، فإِذا فعلتَ أَنت
ذلك قلت: أَمْلَصْته إِمْلاصاً وأَمْلَصْته أَنا. ورشاءٌ مَلِصٌ إِذا
كانت الكفّ تزلق عنه ولا تستمكن من القبض عليه. ومَلِصَ الشيءُ، بالكسر، من
يدي مَلَصاً، فهو أَمْلَصُ ومَلِصٌ ومَليص، وامَّلَصَ وتملَّص: زَلّ
انسلالاً لمَلاستِه، وخص اللحياني به الرِّشاءَ والعِنانَ والحبل، قال:
وانْمَلَصَ الشيء أَفْلَت، وتدغم النون في الميم. وسمكة مَلِصة: تزل عن اليد
لملاستها. وانْفَلَص مني الأَمر وامّلَصَ إِذا أَفْلت، وقد فَلَّصْته
ومَلَّصْته. وتَفَلَّصَ الرِّشاءُ من يدي وتمَلَّصَ بمعنى واحد. وقال الليث:
إِذا قبضْتَ على شيء فــانفَلَتَ من يَدِك قلت انْملَصَ من يدي انمِلاصاً
وانْمَلَخ، بالخاء؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كأَن، تحتَ خُفِّها الوَهَّاصِ،
مِيظَبَ أُكْمٍ نِيطَ بالمِلاصِ
قال: الوَهّاصُ، بالواو، الشديد. والمِلاصُ: الصَّفا الأَبيض.
والمِيظَبُ: الظُّرَر. أَبو عمرو: المَلِصةُ والزالخة الأَطُوم من
السمك.والتملُّصُ: التخلّصُ. يقال: ما كدت أَتَمَلَّصُ من فلان. وسيرٌ
إِمْلِيصٌ أَي سريع؛ وأَنشد ابن بري:
فما لهم بالدَّوِّ من مَحِيصِ،
غير نَجاءِ القَربِ الإِمْليصِ
وجارية ذات شِماصٍ ومِلاصٍ.
ومَلْص: اسم موضع؛ أَنشد أَبو حنيفة:
فما زال يَسْقي بَطْنَ مَلْصٍ وعَرْعَرا
وأَرضَهُما، حتى اطْمَأَنّ جَسِيمُها
أَي حتى انخفض ما كان منهما مرتفعاً. وبنو مُلَيص: بطن.
تلف: الليث: التَّلَفُ الهَلاكُ والعَطَبُ في كل شيء. تَلِفَ يَتْلَفُ
تَلَفاً، فهو تَلِفٌ: هَلَكَ. غيره: تَلِفَ الشيءُ وأَتْلَفَه غيره وذهَبت
نفسُ فلانٍ تَلَفاً وظَلَفاً بمعنى واحد أَي هَدَراً. والعرب تقول: إنّ
من القَرَفِ التَّلَفَ، والقَرَفُ مُداناةُ الوَباء، والـمَتالِف
الـمَهالِكُ. وأَتْلَف فلان مالَه إتْلافاً إذا أَفناه إسْرافاً؛ قال
الفرزدق:وقَوْمٍ كِرامٍ قد نَقَلْنا إليهمُ
قِراهُمْ، فأَتْلَفْنا الـمَنايا وأَتْلَفُوا
أَتْلَفْنا الـمَنايا أَي وجدْناها ذاتَ تَلَفٍ أَي ذاتَ إتْلافٍ
ووجدُوها كذلك؛ وقال ابن السكيت: أَتْلَفْنا المنايا وأَتْلَفُوا أَي صَيَّرْنا
الـمَنايا تَلَفاً لهم وصَيَّرُوها لنا تلَفاً، قال: ويقال معناه
صادَفْناها تُتْلِفُنا وصادَفُوها تُتْلِفُهم. ورجل مِتْلَفٌ ومِتْلافٌ:
يُتْلِفُ مالَه، وقيل: كثير الإتْلافِ.
والـمَتْلَفَةُ: مَهْواةٌ مُشْرِفةٌ على تَلَفٍ. والـمَتْلَفَة:
القَفْر؛ قال طرفة أَو غيره:
بمَتْلَفةٍ ليْسَتْ بطَلْحٍ ولا حَمْضِ
أَراد ليست بمَنْبِت طَلْحٍ ولا حَمْض، لا يكون إلا على ذلك لأَن
الـمَتْلَفة الـمَنْبِتُ، والطَّلْح والحمض نَبْتانِ لا مَنْبِتانِ،
والـمَتْلَفُ الـمَفازةُ؛ وقول أَبي ذؤيب:
ومَتْلَفٍ مثْلِ فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُهُ
مَطارِبٌ زَقَبٌ، أَمـْيالُها فِيحُ
الـمَتْلفُ: القَفْرُ، سمي بذلك لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه في الأَكثر.
والتَّلْفةُ: الهَضْبةُ الـمَنِيعةُ التي يَغْشى مَن تعاطاها التَّلَفُ؛
عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَلا لَكُما فَرْخانِ في رأْس تَلْفَةٍ،
إذا رامَها الرّامي تَطاوَلَ نِيقُها
شهبر: الشَّهْبَرَة والشَّهْرَبة: العجوز الكبيرة. وفي الحديث: لا
تَتَزَوّجَنَّ شَهْبَرة ولا نَهْبَرة؛ الشَّهْبَرَة: الكبيرة الفانية.
والشَّيْهَبُور: كالشَّهْبَرة؛ وشيخ شَهْرَب وشَهْبَر؛ عن يعقوب. قال الأَزهري:
ولا يقال للرجل شَهْبَرٌ؛ قال شِظاظ الضبَّي، وهو أَحد اللصوص الفُتَّاك،
وكان رأَى عجوزاً معها جمل حسن، وكان راكباً على بكر له فنزل عنه وقال:
أَمسكي لي هذا البكر لأَقضي حاجة وأَعود، فلم تستطع العجوز حفظ الجملين
فــانفلت منها جملها ونَدَّ، فقال: أَنا آتيك به؛ فمضى وركبه، وقال:
رُبَّ عجوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،
عَلَّمْتُها الإِنَقَاضَ بعد القَرقَرَهْ
أَراد أَنها كانت ذات إِبل، فأَغَرْتُ عليها ولم أَترك لها غير
شُوَيْهات تُنْقِضُ بها، والإِنْقاض: صوت الصغير من الإِبل، والقَرْقَرَةُ: صوت
الكبير، والجمع الشَّهابِر؛ وقال:
جمعتُ منهمْ عَشَباً شَهابِرَا
شرد: شَرَدَ البعيرُ والدابة يَشْرُدُ شَرْداً وشِراداً وشُروداً:
نَفَرَ، فهو شارِدٌ، والجمع شَرَدٌ. وشَرُودٌ في المذكر والمؤَنث، والجمع
شُرُودٌ؛ قال:
ولا أُطيق البَكَراتِ الشَّرَدا
قال ابن سيده: هكذا رواه ابن جني شَرَدا على مثال عَجَلٍ وكُتُبٍ
استَعْصَى وذَهَبَ على وجْهه؛ الجوهري: الجمع شَرَدٌ على مثال خادِمٍ وخَدَم
وغائِب وغَيَب، وجمع الشَّرُود شُرُدٌ مِثْلُ زَبُورٍ وَزُبُر؛ وأَنشد أَبو
عبيدة لعبد مناف بن ربيع الهذلي:
حتى إِذا أَسْلَكوهُمْ في قُتائِدَةٍ
شَلاًّ، كما تَطْرُد الجمَّالةُ الشُّرُدا
ويروى الشَّرَدا. والتَّشْريدُ: الطَّرْد. وفي الحديث: لَتَدْخُلُنَّ
الجنةَ أَجمعون أَكتعون إِلا من شَرَدَ على الله أَي خرج عن طاعته وفارق
الجماعة من شَرَدَ البعيرُ إِذا نفر وذهب في الأَرض. وفرس شَرُود: وهو
المُسْتَعْصي على صاحبه. وقافَيَةٌ شَرُودٌ: عائِرَةٌ سائِرَةٌ في البلاد
تَشْرُدُ كمن يشرد البعير؛ قال الشاعر:
شَرُودٌ، إِذا الرَّاؤُونَ حَلُّوا عِقالَها،
مُحَجَّلةٌ، فيها كلامٌ مُحَجَّلُ
وشَرَدَ الجمل شُروداً، فهو شارد، فإِذا كان مُشَرَّداً فهو شَريد
طَريد.وتقول: أَشْرَدْتُه وأَطْرَدْتُهُ إِذا جعلته شَريداً طَريداً لا
يُؤْوى. وشَرَدَ الرجلُ شُروداً: ذهب مَطْرُِوداً. وأَشْرَدَه وشَرَّدَه:
طَردَه. وشَرَّدَ به: سَمَّع بعيوبه؛ قال:
أُطَوِّفُ بالأَباطِحِ كُلَّ يَوْم،
مَخافةَ أَنْ يُشَرِّدَ بِي حَكِيمُ
معناه أَن يُسَمِّعَ بي. وأُطَوِّفُ: أَطُوفُ. وحَكِيمٌ: رجل من بني
سُلَيْم كانت قريش ولته الأَخذ على أَيدي السفهاء. ورجل شَريدٌ: طَرِيدٌ.
وقوله عز وجل: فَشَرِّدْ بهمْ مَنْ خَلْفَهم؛ أَي فَرِّق وبَدِّدْ جمعهم.
وقال الفراء: يقول إِن أَسرتهم يا محمد فَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهم
ممن تَخافُ نَقْضَهُ العهد لعلهم يذكرون فلا ينقضون العهد. وأَصل التشريد
التَّطْريدُ، وقيل: معناه سَمِّعْ بهم من خَلْفَهم، وقيل: فَزِّعْ بهم
مَنْ خلفهم. وقال أَبو بكر في قولهم: فلان طريد شريد: أَمَّا الطَّريدُ
فمعناه المَطْرود، والشريد فيه قولان: أَحدهما الهارب من قولهم شَرَدَ البعير
وغيرُه إِذا هرب؛ وقال الأَصمعي: الشريد المُفْرَدُ؛ وأَنشد اليمامي:
تَراهُ أَمامَ النَّاجِياتِ كأَنه
شرَيدُ نَعانٍ، شَذَّ عَنه صَواحِبُه
قال: وتَشَرَّدَ القَوْمُ ذَهبوا.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لَخوَّات بن جُبَيْر:
ما فَعَلَ شِرادُك؟ يُعَرِّضُ بقضيّته مع ذات النِّحْيَيْن في الجاهلية،
وأَراد بشِراده أَنه لما فزع تَشَرَّد في الأَرض خوفاً من التَّبَعة؛ قال
ابن الأَثير: كذا رواه الهرويّ والجوهريّ في الصحاح وذكر القصة؛ وقيل:
إِن هذا وهمٌ من الهروي والجوهري، ومن فَسَّرَه بذلك قال: والحديث له قصة
مَرْويَّةٌ عن خَوَّات أَنه قال: نزلت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
بِمَرِّ الظَّهْرانِ فخرجت من خِبائي فإِذا نسوة يتَحَدّثن فأَعجبنني،
فرجعت فأَخرجت حُلَّةً من عَيْبَتي فَلبسْتُها ثم جلست إِليهن، فمرّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فهِبتُه فقلت: يا رسول الله جمل لي شَرُود
وأَنا أَبْتَغِي له قَيْداً فمضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتَبِعْتُه
فأَلقى إِليَّ رداءه ثم دخل الأَراكَ فقضى حاجته وتوضأَ، ثم جاء فقال:
يا أَبا عبد الله ما فعل شَروُدُك؟ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني إِلا قال:
السلام عليكم، يا أَبا عبد الله، ما فعل شِرادُ جَملك؟ قال: فتعجلت إِلى
المدينة واجتنبت المسجدَ ومُجالَسة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما
طال ذلك عليّ تَحَيّنْتُ ساعةَ خَلْوَةِ المسجد ثم أَتيت المسجد فجعلت
أُصلي، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من بعض حُجَرِه فجاء فصلى
ركعتين خفيفتين وطوّلت الصلاة رجاءَ أَن يذهبَ ويدَعَني، فقال: طوِّلْ يا أَبا
عبد الله ما شئت فلستُ بقائم حتى تنصرف، فقلت: والله لأَعتذرن إِليه،
فانصرفت، فقال: السلام عليكم أَبا عبد الله ما فعل شِرادُ الجمل؟ فقلت:
والذي بعثك بالحق ما شَرَدَ ذلك الجمل مُنْذُ أَسلمت، فقال: رحمك الله
مرتين أَو ثلاثاً ثم أَمسك عني فلم يعد.
والشَّريدُ: البقية من الشيء. ويقال: في إِداواهُمْ شَريدٌ من ماء أَي
بقية. وأَبْقَتِ السَّنَةُ عليهم شَرائِدَ من أَموالهم أَي بقايا، فإِما
أَن يكون شَرائِدُ جمع شَريد على غير قياس كَفيلٍ
(* قوله «كفيل» كذا
بالأَصل المعوّل عليه، ولعل الأَولى كأفيل بالهمز، وهو الفصيل من الإبل كما
في القاموس.) وأَفائِلَ، وإِما أَن يكون شَريدَةٌ لغة في شَريد. وينو
الشَّريدِ: حَيٌّ، منهم صخر أَخو الخنساء؛ وفيهم يقول:
أَبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو من آلِ الشَّر يـ
ـدِ، حَلَّتْ به الأَرضُ أَثْقالَها
وبنو الشَّريدِ: بَطْنٌ مِنْ سُلَيْم.
سلل: السَّلُّ: انتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفْق، سَلَّه يَسُلُّه
سَلاًّ واسْتَلَّه فانْسَلَّ وسَلَلْتُه أَسُلُّه سَلاًّ. والسَّلُّ: سَلُّك
الشعرَ من العجين ونحوه. والانْسِلالُ: المُضِيُّ والخروج من مَضِيق أَو
زِحامٍ. سيبويه: انْسَلَلْت ليست للمطاوعة إِنما هي كفَعَلْت كما أَن
افْتَقَرَ كضَعُف؛ وقول الفرزدق:
غَدَاةَ تَوَلَّيْتُم، كأَنَّ سُيُوُفَكُم
ذَآنِينُ في أَعناقِكُمْ، لم تُسَلْسَل
فَكَّ التضعيفَ كما قالوا هو يَتَمَلْمَلُ وإِنما هو يَتَمَلَّل، وهكذا
رواه ابن الأَعرابي، فأَما ثعلب فرواه لم تُسَلَّل، تُفَعَّل من
السَّلِّ. وسَيْف سَلِيلٌ: مَسْلُول. وسَللْت السيف وأَسْلَلْته بمعنىً.
وأَتيناهم عِنْدَ السَّلَّة أَي عند اسْتِلال السيوف؛ قال حِمَاس بن قيس بن خالد
الكناني:
هذا سِلاحٌ كامِلٌ وأَلَّهْ،
وذو غِرَارَيْنِ سَرِيعُ السَّلَّهْ
وانْسَلَّ وتَسَلَّل: انْطَلَق في استخفاء. الجوهري: وانْسَلَّ من بينهم
أَي خرج. وفي المثل: رَمَتْني بِدائها وانْسَلَّتْ، وتَسَلَّل مثلُه.
وفي حديث عائشة: فانْسَلَلْتُ من بين يديه أَي مَضَيْتُ وخرجت بتَأَنٍّ
وتدريج. وفي حديث حَسَّان: لأَسُلَّنَّك منهم كما تُسَلُّ الشَّعَرة من
العجين. وفي حديث الدعاء: اللهم اسْلُل سَخِيمةَ قلبي. وفي الحديث الآخر:
مَنْ سَلَّ سَخِيمَتَه في طريق الناس. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: مَضْجَعُه
كمَسَلِّ شَطْبَةٍ؛ المَسَلُّ: مصدر بمعنى المَسْلُول أَي ما سُلَّ من قشره،
والشَّطْبة: السَّعَفة الخضراء، وقيل السَّيْف. والسُّلالةُ: ما
انْسَلَّ من الشيء. ويقال: سَلَلْت السيفَ من الغِمْد فانْسَلَّ. وانْسَلَّ فلان
من بين القوم يَعْدو إِذا خرج في خُفْية يَعْدُو. وفي التنزيل العزيز:
يَتَسَلَّلون منكم لِوَاذاً؛ قال الفراء: يَلُوذُ هذا بهذا يَسْتَتِر ذا
بذا؛ وقال الليث: يَتَسَلَّلون ويَنْسَلُّون واحدٌ.
والسَّلِيلةُ: الشَّعَر يُنْفَش ثم يُطْوَى ويشد ثم تَسُلُّ منه المرأَة
الشيءَ بعد الشيء تَغْزِله. ويقال: سَلِيلةٌ من شَعَر لما اسْتُلَّ من
ضَريبته، وهي شيء يُنْفَش منه ثم يُطْوى ويُدْمَج طِوالاً، طول كل واحدة
نحو من ذراع في غِلَظ أَسَلة الذراع ويُشَدُّ ثم تَسُلُّ منه المرأَةُ
الشيءَ بعد الشيء فتَغْزِله.
وسُلالةُ الشيء: ما اسْتُلَّ منه، والنُّطْفة سُلالة الإِنسان؛ ومنه قول
الشماخ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لوَقْتٍ،
على مَشَجٍ، سُلالتُه مَهِينُ
وقال حسان بن ثابت:
فجاءت به عَضْبَ الأَدِيم غَضَنْفَراً،
سُلالةَ فَرْجٍ كان غَيْر حَصِين
وفي التنزيل العزيز: ولقد خلقنا الإِنسان من سُلالةٍ من طين؛ قال
الفراء: السُّلالة الذي سُلَّ من كل تُرْبة؛ وقال أَبو الهيثم: السُّلالة ما
سُلَّ من صُلْب الرجل وتَرائب المرأَة كما يُسَلُّ الشيءُ سَلاًّ.
والسَّليل: الولد سُمِّي سَليلاً لأَنه خُلق من السُّلالة. والسَّلِيلُ: الولد
حين يخرج من بطن أُمه، وروي عن عكرمة أَنه قال في السُّلالة: إِنه الماء
يُسَلُّ من الظَّهر سَلاًّ؛ وقال الأَخفش: السُّلالة الوَلَد، والنُّطفة
السُّلالة؛ وقد جعل الشماخ السُّلالة الماء في قوله:
على مَشَجٍ سُلالَتُه مَهِينُ
قال: والدليل على أَنه الماء قوله تعالى: وبَدَأَ خَلقَ الإِنسانِ من
طين، يعني آدم ثم جَعَل نَسْله من سُلالة، ثم تَرْجَمَ عنه فقال: من ماء
مَهِين؛ فقوله عز وجل: ولقد خلقنا الإِنسان من سُلالة؛ أَراد بالإِنسان
وَلد آدم، جُعِل الإِنسان اسماً للجنس، وقوله من طين أَراد أَن تلك
السُّلالة تَوَلَّدت من طين خُلق منه آدمُ في الأَصل، وقال قتادة: اسْتُلَّ آدم
من طين فسُمّي سُلالة، قال: وإِلى هذا ذهب الفراء؛ وقال الزجَّاج: من
سُلالة من طين، سُلالة فُعالة، فخَلق الله آدم عليه السلام . . . .
(* كذا
بياض بالأصل) والسُّلالة والسَّليل: الولد، والأُنثى سَليلة. أَبو عمرو:
السَّلِيلة بنت الرجل من صُلْبه؛ وقالت هند بنت النُّعمان:
وما هِنْدُ إِلاّ مُهْرةٌ عَرَبِيَّةٌ،
سَلِيلةُ أَفراس تَجَلَّلها بَغْل
قال ابن بري: وذكر بعضهم أَنها تصحيف وأَن صوابه نَغْل، بالنون، وهو
الخَسِيس من الناس والدواب لأَن البَغْل لا يُنْسِل. ابن شميل: يقال
للإِنسان أَيضاً أَوّلَ ما تَضَعُه أُمُّه سَلِيلٌ. والسَّلِيل والسليلة:
المُهْر والمُهْرة، وقيل: السَّلِيل المُهْر يُولَد في غير ماسِكَة ولا سَلىً،
فإِن كان في واحدة منهما فهو بَقِيرٌ، وقد تقدم؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَشَقَّ قَسامِيًّا رَباعِيَّ جانِبٍ،
وقارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقرَحَ أَشقَرا
معنى سُلَّ أُخْرِج سَلِيلاً. والسَّلِيل: دِماغ الفرس؛ وأَنشد الليث:
كقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَو في شأْنُ قَمْحَدة،
فيه السَّلِيلُ حَوَاليْه له إِرَمُ
(* قوله «قمحدة» هكذا ضبط في الأصل ومثله في التكملة، ولم نقف على البيت
في غير هذا الموضع، غير أن في التكملة القمحدة بكسر ففتح فسكون في
القمحدوة).
والسَّلِيلُ: السَّنام. الأَصمعي: إِذا وَضَعَت الناقةُ فولدها ساعةَ
تَضَعه سَلِيلٌ قبل أَن يُعلم أَذكر هو أَم أُنثى. وسَلائِلُ السَّنام:
طَرائق طِوالٌ تُقْطَع منه. وسَلِيلُ السَّنام: طَرائق طِوالٌ تُقَطَع منه.
وسَلِيل اللحم: خَصِيله، وهي السَّلائل. وقال الأَصمعي: السَّلِيل طرائق
اللحم الطِّوال تكون ممتدَّة مع الصُّلْب.
وسَلْسَلَ إِذا أَكل السِّلْسِلَة، وهي القِطْعة الطويلة من السَّنام،
وقال أَبو عمرو هي اللَّسْلَسة، وقال الأَصمعي هي اللِّسْلِسَة، ويقال
سَلْسَلة. ويقال انْسَلَّ وانْشَلَّ بمعنى واحد، يقال ذلك في السَّيل
والناس: قاله شمر. والسَّلِيلُ: لحم المَتْنِ؛ وقول تَأَبَّطَ شَرًّا:
وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِب المُتَسَلْسِل
هو الذي قد تَخَدَّد لحمُه وقَلَّ، وقال أَبو منصور: أَراد به نفسه،
أَراد أَقْطَعُ المَلا وهو ما اتَّسَعَ من الفَلاة وأَنا شاحبٌ
مُتَسَلْسِلٌ؛ ورواه غيره:
وأَنْضُو الملا بالشاحب المُتَشَلْشِل
بالشين المعجمة، وسيأْتي ذكره، وفَسَّره أَنْضو أَجُوزُ، والمَلا
الصَّحْراء، والشاحب الرجل الغَزَّاء، قال: وقال الأَصمعي الشاحبُ سيف قد
أَخْلَق جَفْنُه، والمُتشَلْشِلُ الذي يَقْطُر الدمُ منه لكثرة ما ضُرِب
به.والسَّلِيلة: عَقَبة أَو عَصَبة أَو لحمة ذات طرائق ينفصل بعضها من بعض.
وسَلِيلة المَتْن: ما استطال من لحمه. والسَّلِيل: النُّخاع؛ قال
الأَعشى:
ودَأْياً لَواحِكَ مِثْل الفُؤو
سِ، لاءم منها السَّلِيلُ الفَقَارا
وقيل: السَّليل لحمة المَتْنَين، والسَّلائل: نَغَفات مستطيلة في
الأَنف. والسَّلِيل: مَجْرَى الماء في الوادي، وقيل السَّلِيل وَسَطُ الوادي
حيث يَسِيل مُعْظَمُ الماء. وفي الحديث: اللَّهم اسْقِنا من سَلِيل
الجَنَّة، وهو صافي شرابها، قيل له سَلِيلٌ لأَنه سُلَّ حتى خَلَص، وفي رواية:
اللهم اسْقِ عبدَ الرَّحْمن من سَلِيل الجنَّة؛ قال: هو الشراب البارد،
وقيل: السَّهْل في الحَلْق، ويروى: سَلْسَبيل الجنَّة وهو عين فيها؛ وقيل
الخالص الصافي من القَذَى والكدَر، فهو فَعِيلٌ بمعنى مفعول، ويروى
سَلْسال وسَلْسَبيل. والسَّلِيل: وادٍ واسع غامض يُنْبِت السَّلَم والضَّعَة
واليَنَمة والحَلَمة والسَّمُر، وجمعه سُلاَّنٌ؛ عن كراع، وهو السَّالُّ
والجمع سُلاَّنٌ أَيضاً. التهذيب في هذه الترجمة: السَّالُّ مكانٌ وَطِيءٌ
وما حَوْلَه مُشْرِف، وجمعه سَوالُّ، يجتمع إِليه الماء. الجوهري:
والسَّالُّ المَسِيل الضَّيِّق في الوادي. الأَصمعي: السُّلاّن واحدها سالٌّ
وهو المَسِيل الضيّق في الوادي، وقال غيره: السِّلْسِلة الوَحَرةُ، وهي
رُقَيْطاءُ لها ذَنَبٌ دقيق تَمْصَع به إِذا عَدَتْ، يقال إِنها ما تَطَأُ
طعاماً ولا شَراباً إِلاَّ سَمَّتْه فلا يأْكله أَحَدٌ إِلاَّ وَحِرَ
وأَصابه داءٌ رُبَّما مات منه. ابن الأَعرابي: يقال سَلِيلٌ من سَمُرٍ،
وغالٌّ من سَلَم، وفَرْشٌ من عُرْفُطٍ؛ قال زهير:
كأَنَّ عَيْني وقد سال السَّليلُ بِهِم
وجِيرَةٌ مَّا هُمُ، لو أَنَّهم أمَمُ
ويروى:
وعِبْرةٌ مَّا هُمُ لو أَنَّهُم أمَمُ
قال ابن بري: قوله سَالَ السَّلِيلُ بهم أَي ساروا سيراً سريعاً، يقول
انْحَدَروا به فقد سَالَ بهم، وقوله ما هم، ما زائدة، وهُمْ مبتدأ،
وعِبْرةٌ خبره أَي هُمْ لي عِبْرةٌ؛ ومن رواه وجِيرَة مَّا هُم، فتكون ما
استفهامية أَي أَيُّ جِيرَةٍ هُم، والجملة صفة لجِيرة، وجِيرة خبر مبتدإِ
محذوف. والسَّالُّ: موضع فيه شجر. والسَّلِيل والسُّلاّن: الأَودية. وفي حديث
زياد: بسُلالةٍ من ماءِ ثَغْبٍ أَي ما اسْتُخْرج من ماء الثَّغْب وسُلَّ
منه.
والسُّلُّ والسِّلُّ والسُّلال: الداء، وفي التهذيب: داء يَهْزِل
ويُضْني ويَقْتُل؛ قال ابن أَحمر:
أَرَانا لا يَزال لنا حَمِيمٌ،
كَدَاء البَطْن سُلاًّ أَو صُفَارا
وأَنشد ابن قتيبة لِعُرْوة بن حزام فيه أَيضاً:
بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصَابني،
فإِيَّاكَ عَنِّي، لا يَكُن بِكَ ما بِيا
ومثله قول ابن أَحمر:
بِمَنْزِلةٍ لا يَشْتَكِي السُّلَّ أَهْلُها،
وعَيْش كمَلْسِ السَّابِرِيِّ رقيق
وفي الحديث: غُبَارُ ذَيْل المرأَة الفاجرة يُورِث السِّلَّ؛ يريد أَن
من اتبع الفواجر وفجر ذَهَب مالُه وافتقر، فشَبَّه خِفَّة المال وذهابَه
بخِفَّة الجسم وذهابِه إِذا سُلَّ، وقد سُلَّ وأَسَلَّه اللهُ، فهو
مَسْلول، شاذ على غير قياس؛ قال سيبويه: كأَنه وُضع فيه السُّلُّ؛ قال محمد بن
المكرم: رأَيت حاشية في بعض الأُصول على ترجمة أمم على ذكر قُصَيٍّ: قال
قُصَيٌّ واسمه زيد كان يُدْعَى مُجَمِّعاً:
إِنِّي، لَدى الحَرْب، رَخِيٌّ لَبَبي
عند تَنَاديهم بهَالٍ وهَبِ
مُعْتزِمُ الصَّوْلَةِ عالٍ نَسَبي،
أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ بي
قال: هذا الرجز حُجَّة لمن قال إِن الياس بن مُضَر الأَلف واللام فيه
للتعريف، فأَلفه أَلف وصل؛ قال المفضَّل بن سلمة وقد ذكَرَ الياسَ النبيَّ،
عليه السلام: فأَما الياسُ بن مُضَر فأَلفه أَلف وصل واشتقاقه من
اليأْسِ وهو السُّلُّ؛ وأَنشد بيت عُرْوة بن حِزام:
بِيَ السُّلُّ أَو داءُ الهُيام أَصابني
وقال الزبير بن بكار: الياسُ بن مُضَر هو أَول من مات من السُّلِّ فسمي
السُّلُّ يأْساً، ومن قال إِنه إِلْياسُ بن مُضَر بقطع الأَلف على لفظ
النبي، عليه الصلاة والسلام، أَنشد بيت قصي:
أُمَّهَتي خِنْدِف والياسُ أَبي
(* قوله «والياس» هكذا بالأصل بالواو. ولا بد على قطع الهمزة من إسقاط
الواو أو تسكين فاء خندف ليستقيم الوزن).
قال واشتقاقه من قولهم رجل أَليْسَ أَي شُجَاع، والأَلْيَسُ: الذي لا
يَفِرُّ ولا يَبْرَحُ؛ وقد تَلَيَّس أَشدَّ التلَيُّس، وأُسودٌ لِيسٌ
ولَبُوءَةٌ لَيْساءُ.
والسَّلَّةُ: السَّرِقة، وقيل السَّرِقة الخَفِيَّةُ. وقد أَسَلَّ
يُسِلُّ إِسْلالاً أَي سَرَق، ويقال: في بَني فلان سَلَّةٌ، ويقال للسارق
السَّلاَّل. ويقال: الخَلَّة تدعو إِلى السَّلَّة. وسَلَّ الرجلُ وأَسَلَّ
إِذا سَرَق؛ وسَلَّ الشيءَ يَسُلُّه سَلاًّ. وفي الكتاب الذي كَتَبه
سَيِّدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحُدَيبية حين وادع أَهل مكة: وأَن
لا إِغلالَ ولا إِسْلال؛ قال أَبو عمرو: الإِسْلال السَّرِقة الخَفِيَّة؛
قال الجوهري: وهذا يحتمل الرَّشْوة والسرقة جميعاً. وسَلَّ البعيرَ
وغيرَه في جوف الليل إِذا انتزعه من بين الإِبل، وهي السَّلَّة. وأَسَلَّ
إِذا صار ذا سَلَّة وإِذا أَعان غيره عليه. ويقال: الإِسْلال الغارَةُ
الظاهرة، وقيل: سَلُّ السيوف. ويقال: في بني فلان سَلَّة إِذا كانوا
يَسْرِقون. والأَسَلُّ: اللِّصُّ. ابن السكيت: أَسَلَّ الرجلُ إِذا سَرَق،
والمُسَلِّل اللطيف الحيلة في السَّرَق. ابن سيده: الإِسلال الرَّشوة
والسرقة.والسَّلُّ والسَّلَّة كالجُؤْنَة المُطْبَقَة، والجمع سَلٌّ وسِلالٌ.
التهذيب: والسَّلَّة السَّبَذَة كالجُؤْنة المُطْبقة. قال أَبو منصور:
رأَيت أَعرابياً من أَهل فَيْد يقول لِسَبَذة الطِّين السَّلَّة، قال:
وسَلَّةُ الخُبْز معروفة؛ قال ابن دريد: لا أَحْسَب السَّلَّة عربية، وقال أَبو
الحسن: سَلٌّ عندي من الجمع العزيز لأَنه مصنوع غير مخلوق، وأَن يكون من
باب كَوْكَبٍ وكَوْكَبةٍ أَولى، لأَن ذلك أَكثر من باب سَفِينةٍ
وسَفِين. ورجل سَلٌّ وامرأَة سَلَّة: ساقطا الأَسنان، وكذلك الشاة. وسَلَّتْ
تَسِلُّ: ذهب أَسنانُها؛ كل هذا عن اللحياني. ابن الأَعرابي: السَّلَّة
السُّلُّ وهو المرض؛ وفي ترجمة ظبظب قال رؤبة:
كأَنَّ بي سُلاًّ وما بي ظَبْظاب
قال ابن بري: في هذا البيت شاهد على صحة السُّلِّ لأَن الحريري قال في
كتابه دُرَّة الغَوَّاص: إِنه من غَلَط العامَّة، وصوابه عنده السُّلال،
ولم يُصِبْ في إِنكاره السُّلَّ لكثرة ما جاء في أَشعار الفصحاء، وذكره
سيبويه أَيضاً في كتابه. والسَّلَّة: استلالُ السيوف عند القتال.
والسَّلَّة: الناقة التي سَقَطَت أَسنانُها من الهَرَم، وقيل: هي الهَرِمة التي لم
يَبْقَ لها سِنٌّ. والسَّلَّة: ارتداد الرَّبْو في جوف الفرس من كَبْوة
يَكْبُوها، فإِذا انتفخ منه قيل أَخْرَجَ سَلَّته، فيُرْكَض رَكْضاً
شديداً ويُعَرَّق ويُلْقَى عليه الجِلال فيخرج ذلك الرَّبْو؛ قال
المَرَّار:أَلِزاً إِذ خَرَجَتْ سَلَّتُه،
وَهِلاً تَمْسَحُه ما يَسْتَقِر
الأَلِزُ: الوَثَّاب، وسَلَّة الفَرَس: دَفْعتُه من بين الخيل
مُحْضِراً، وقيل: سَلَّته دَفْعته في سِباقه. وفرس شديد السَّلَّة: وهي دَفْعته في
سِباقه. ويقال: خَرَجَتْ سَلَّةُ هذا الفرس على سائر الخيل.
والمِسَلَّة، بالكسر: واحدة المَسالِّ وهي الإِبَرُ العظام، وفي المحكم:
مِخْيَطٌ ضَخْم.
والسُّلاَّءة: شَوْكة النخلة، والجمع سُلاَّءٌ؛ قال علقمة يصف ناقة أَو
فرساً:
سُلاَّءةٌ كعَصا النَّهْديِّ غُلَّ لها
ذو فَيْئة، من نَوى قُرَّان، مَعْجومُ
والسَّلَّة: أَن يَخْرِزَ خَرْزَتَيْن في سَلَّةٍ واحدة. والسَّلَّة:
العَيْب في الحَوْض أَو الخابية، وقيل: هي الفُرْجة بين نَصائب الحوض؛
وأَنشد:
أَسَلَّةٌ في حَوْضِها أَم انْفَجَر
والسَّلَّة: شُقوق في الأَرض تَسْرِق الماء.
وسَلُولُ: فَخِذٌ من قَيْس بن هَوازِن؛ الجوهري: وسَلُولُ قبيلة من
هَوازِن وهم بنو مُرَّة بن صَعْصَعة ابن معاوية بن بكر بن هَوازن، وسَلُول:
اسم أُمهم نُسِبوا إِليها، منهم عبد الله بن هَمَّام السَّلُوليُّ الشاعر.
وسُلاَّن: موضع؛ قال الشاعر:
لِمَنِ الدِّيارُ برَوْضَةِ السُّلاَّنِ
فالرَّقْمَتَيْنِ، فجانِبِ الصَّمَّانِ؟
وسِلَّى: اسم موضع بالأَهواز كثير التمر؛ قال:
كأَن عَذِيرَهُم بجَنُوب سِلَّى
نَعامٌ، فاق في بَلَدٍ قِفارِ
قال ابن بري: وقال أَبو المِقْدام بَيْهَس بن صُهَيْب:
بسِلَّى وسِلِّبْرى مَصارِعُ فِتْيةٍ
كِرامٍ، وعَقْرى من كُمَيْت ومن وَرْد
وسِلَّى وسِلِّبْرى يقال لهما العاقُولُ، وهي مَناذِر الصُّغْرى كانت
بها وقْعة بين المُهَلَّب والأَزارقة، قُتِل بها إِمامهم عُبَيد الله بن
بَشِير بن الماحُوز
(* قوله «الماحوز» هكذا في الأصل بمهملة ثم معجمة، وفي
عدة مواضع من ياقوت بالعكس) المازني؛ قال ابن بري: وسِلَّى أَيضاً اسم
الحرث بن رِفاعة بن عُذْرة بن عَدِيِّ بن عبد شمس، وقيل شُمَيس بن طَرود بن
قُدامة بن جَرْم بن زَبان بن حُلْوان بن عمرو بن الحافِ بن قُضاعة؛ قال
الشاعر:
وما تَرَكَتْ سِلَّى بِهِزَّانَ ذِلَّةً،
ولكِنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ وجُدُودُ
قال ابن بري: حكى السيرافي عن ابن حبيب قال في قيس سَلُول بن مُرَّة بن
صَعْصَعة بن معاوية بن بكر بن هَوازِن اسم رجل فيهم، وفيهم يقول الشاعر:
وإِنَّا أُناسٌ لا نَرى القَتْل سُبَّةً،
إِذا ما رَأَتْه عامِرٌ وسَلُول
(* هذا البيت للسَّموأل بن عادياء، وهو في حماسة أبي تمَّام:
وإِنَّا لَقَومٌ ما نرى القتل سُبَّةَ)
يريد عامرَ بن صَعْصَعة، وسَلُول بن مُرَّة بن صعصعة؛ قال: وفي قُضاعة
سَلُول بنت زَبان بن امرئ القيس ابن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن القَيْن
بن الجَرْم بن قُضاعة، قال: وفي خُزاعة سَلُولُ بن كعب بن عمرو بن ربيعة
بن حارثة، قال: وقال ابن قتيبة عبد الله بن هَمَّام هو من بني مُرَّة بن
صعصعة أَخي عامر بن صعصعة من قيس عَيْلانَ، وبَنُو مُرَّة يُعْرفون ببني
سَلُولَ لأَنها أُمُّهم، وهي بنت ذُهْل بن شَيْبان بن ثعلبة رَهْط أَبي
مريم السَّلُولي، وكانت له صحبة مع سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛
ورأَيت في حاشية: وسَلُولُ جَدّة عبد الله بن أُبَيٍّ المُنافق.
قفر: القَفْرُ والقَفْرة: الخلاءُ من الأَرض، وجمعه قِفارٌ وقُفُورٌ؛
قال الشَّمَّاخُ:
يَخُوضُ أَمامَهُنَّ الماءَ حتى
تَبَيَّن أَن ساحَتَه قُفورُ
وربما قالوا: أَرَضُونَ قَفْرٌ. ويقال: أَرض قَفرٌ ومَفازة قَفْر
وقَفْرة أَيضاً؛ ويقل: القَفْر مَفازة لا نبات بها ولا ماء، وقالوا: أَرض
مِقْفار أَيضاً. وأَقْفَر الرجلُ: صار إِلى القَفْر،وأَقْفَرْنا كذلك. وذئب
قَفِرٌ: منسوب إِلى القَفْر كرجل نَهِر؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلئن غادَرْتُهم في وَرْطَةٍ،
لأَصِيرَنْ نُهْزَةَ الذئبِ القَفِرْ
وقد أَقْفر المكانُ وأَقْفَر الرجلُ من أَهله: خلا. وأَقْفَر: ذهب
طعامُه وجاع. وقَفِرَ مالُه قَفَراً: قَلَّ. قال أَبو زيد: قَفِرَ مالُ فلان
وزَمِرَ يَقْفَرُ ويَزْمَرُ قَفَراً وزَمَراً إِذا قَلَّ ماله، وهو قَفِرُ
المال زَمِرُه. الليث: القَفْرُ المكان الخَلاء من الناس، وربما كان به
كَلأٌ قليل. وقد أَقْفَرَتِ الأَرض من الكلإِ والناس وأَقْفَرتِ الدارُ:
خلت، وأَقْفَرت من أَهلها: خلت. وتقول: أَرض قَفْرٌ ودار قَفْر، وأَرض
قِفارٌ ودار قِفارٌ تُجْمَعُ على سَعَتها لتوهم المواضع، كلُّ موضع على
حِيالِه قَفْرٌ، فإِذا سميت أَرضاً بهذا الاسم أَنثت. ويقال: دار قَفْر
ومنزل قَفْر، فإِذا أَفردت قلت انتهينا إِلى قَفْرة من الأَرض. ويقال:
أَقْفَر فلان من أَهله إِذا انفرد عنهم وبقي وحده؛ وأَنشد لعَبِيد:
أَقْفَرَ من أَهلهِ عَبِيدُ،
فاليومَ لا يُبْدِي ولا يُعِيدُ
ويقال: أَقْفَر جسدُه من اللحم، وأَقْفَر رأْسُه من الشعر، وإِنه
لقَفِرُ الرأْس أَي لا شعر عليه، وإِنه لقَفِرُ الجسم من اللحم؛ قال
العجاج:لا قَفِراً غَشا ولا مُهَبَّجا
ابن سيده: رجل قَفِرُ الشعر واللحم قليلُهما؛ والأُنثى قَفِرة وقَفْرة،
وكذلك الدابة؛ تقول منه: قَفِرَت المرأَة، بالكسر، تَقْفَرُ قَفَراً، فهي
قَفِرَة أَي قليلة اللحم. أَبو عبيد: القَفِرة من النساء القليلة اللحم.
ابن سيده: والقَفَرُ الشعر؛ قال:
قد علمت خَوْدٌ بساقَيها القَفَرْ
قال الأَزهري: الذي عرفناه بهذا المعنى الغَفَرُ، بالغين، قال: ولا
أَعرف القَفَر.
وسَوِيق قَفَارٌ: غير ملتوت. وخبز قَفَارٌ: غير مَأْدُوم. وقَفِرَ
الطعامُ قَفَراً: صار قَفَاراً. وأَقْفَر الرجلُ: أَكل طعامَه بلا أُدْم.
وأَكل خُبزَه قَفاراً: بغير أُدْم. وأَقْفَر الرجلُ إِذا لم يبق عنده أُدْمٌ.
وفي الحديث: ما أَقْفَر بيتٌ فيه خَلّ أَي ما خلا من الأَدام ولا عَدِمَ
أَهلُه الأُدْمَ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو زيد وغيره: هو مأْخوذ من
القَفَار، وهو كل طعام يؤكل بلا أُدم. والقَفَار، بالفتح: الخبز بلا أُدم.
والقَفار: الطعام بلا أُدم. يقال: أَكلت اليوم طعاماً قَفَاراً إِذا أَكله
غير مأْدوم؛ قال: ولا أَرى أصله إِلا مأْخوذاً من القَفْر من البلد الذي
لا شيء به. والقفار والقَفِير: الطعام إِذا كان غير مأْدوم. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: فإِني لم آتهم ثلاثة أَيام وأَحْسِبُهم مُقْفِرين أَي
خالين من الطعام؛ ومنه حديثه الآخر: قال للأَعرابي الذي أَكل عنده: كأَنك
مُقْفِر.
والقَفَارُ: شاعر؛ قال ابن الأَعرابي: هو خالد بن عامر أَحدُ بني
عَمِيرَة بن خُفَافِ بن امرئ القيس، سمي بذلك لأَن قوماً نزلوا به فأَطعمهم
الخبز قَفَاراً، وقيل: إِنما أَطعمهم خبزاً بلبن ولم يذبح لهم فلامه الناس،
فقال:
أَنا القَفَارُ خالدُ بن عامِرِ،
لا بَأْسَ بالخُبْز ولا بالخَاثِرِ
أَتت بهم داهِيَةُ الجَواعِرِ،
بَظْراءُ ليس فَرجُها بطاهِرِ
والعرب تقول: نزلنا ببني فلان فبِتْنا القَفْرَ إِذا لم يُقْرَوْا.
والتَّقْفِر: جَمْعُك الترابَ وغيره. والقَفِير: الزَّبيل؛ يمانية. أَبو
عمرو: القَفِير القَلِيفُ والنجوية
(* قوله« والنجوية» كذا بالأصل ولم نجدها
بهذا المعنى فيما بأيدينا من كتب اللغة بل لم نجد بعد التصحيف والتحريف
الا البحونة بموحدة مفتوحة وحاء مهملة ساكنة، وهي القربة الواسعة؛
والبحنانة بهذا الضبط الجلة العظيمة.) الجُلَّة العظيمة البَحْرانية التي
يُحْمَلُ فيها القِبابُ، وهو الكَنْعَدُ المالِحُ.
وقَفَرَ الأَثَرَ يَقْفُره قَفْراً واقْتَفَرَه اقْتِفاراً وتَقَفَّره،
كلُّه: اقْتَفاه وتَتَبَّعَه. وفي الحديث: أَنه سئل عمن يَرْمِي الصيدَ
فَيَقْتَفِرُ أَثره أَي يتبعه. يقال: اقْتَفَرْتُ الأَثرَ وتَقَفَّرْته
إِا تتبعته وقَفَوْتَه. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ: ظَهَر قبلنا أُناس
يَتَقَفَّرُونَ العِلْم، ويروى يَقْتَفِرون أَي يَتَطَلَّبونه. وفي حديث ابن
سِيرينَ: أَن بني إِسرائيل كانوا يَجِدُون محمداً، صلى الله عليه وسلم،
مَنْعُوتاً عندهم وأَنه يَخْرُجُ من بعض هذه القُرَى العربية وكانوا
يَقْتَفِرُونَ الأَثَر؛ وأَنشد لأَعشى باهِلةَ يَرْثي أَخاه المُنْتَشِرَ بن
وَهْب:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويُسْأَلُها،
يأْبى الظُّلامَةَ منه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
مَنْ ليس في خَيْرِه شَرٌّ يُكَدِّرُه
على الصَّديقِ، ولا في صَفْوِه كَدَرُ
لا يَصْعُبُ الأَمْرُ إِلا حيث يَرْكَبُه،
وكلَّ أَمْرٍ سِوَى الفَحْشاءِ يَأْتَمِرُ
لا يَغْمِزُ الساقَ من أَيْنٍ ومن وَصَبٍ،
ولا يَزال أَمامَ القَوْمِ يَقْتَفِرُ
قال ابن بري: قوله يأْبى الظلامة منه النوفل الزفر، يقضي ظاهره أَن
النوفل الزفر بعضه وليس كذلك، وإِنما النوفل الزفر هو نفسه. قال: وهذا أَكثر
ما يجيء في كلام العرب بجعل الشيء نفسه بمنزلة البعض لنفسه، كقولهم: لئن
رأَيت زيداً لَتَرَيَنَّ منه السيدَ الشريفَ، ولئن أَكرمته
لَتَلْقَيَنَّ منه مُجازياً للكرامة؛ ومنه قوله تعالى: ولْتَكُنْ منكم أُمَّةٌ
يَدْعُونَ إِلى الخير ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ ظاهر الآية يقضي أَن
الأُمة التي تدعو إِلى الخير ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هي بعض
المخاطبين، وليس الأَمر على ذلك بل المعنى:ولْتَكُونوا كلُّكم أُمةً
يدعون إِلى الخير؛ وقال أَيوبُ بنُ عَيَايةَ في اقْتفَر الأَثرَ تتبعه:
فتُصْبِحُ تَقْفُرُها فِتْيةٌ،
كما يَقْفُر النِّيبَ فيها الفَصِيلُ
وقال أَبو المُلَثَّمِ صَخْرٌ:
فإِني عن تَقَفُّركم مَكِيثُ
والقَفُّور، مثال التَّنُّور: كافُورُ النخل، وفي موضع آخر: وِعاءُ
طَلْعِ النخل؛ قال الأَصمعي: الكافور وعاء النخل، ويقال له أَيضاً قَفُّورٌ.
قال الأَزهري: وكذلك الكافور الطيب يقال له قَفُّور. والقَفُّورُ: نبت
ترعاه القَطا؛ قال أَبو حنيفة: لم يُحَلَّ لنا؛ وقد ذكره ابن أَحمر
فقال:تَرْعَى القَطاةُ البَقْل قَفُّورهُ،
ثم تَعُرُّ الماءَ فيمن يَعُرْ
الليث: القَفُّورُ شيء من أَفاوِيهِ الطيب؛ وأَنشد:
مَثْواة عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
أَهْضامِها والمِسْكِ والقَفُّورِ
وقُفَيرةُ: اسم امرأَة. الليث: قُفَيْرةُ اسم أُم الفرزدق؛ قال
الأَزهري: كأَنه تصغير القَفِرة من النساء، وقد مر تفسيره.قسبر: القِسْبارُ
والقُسْبُرِيّ والقُسابريُّ: الذكر الشديد. الأَزهري في رُباعِيِّ العين:
وفلان عِنْفاش اللحية وعَنْفَشِيُّ اللحية وقِسْبارُ اللحية إِذا كان طويلها.
وقال في رُباعِيِّ الحاء عن أَبي زيد: يقال للعصا القِزْرَحْلةُ
والقِحْرَبَةُ والقِشْبارَة والقِسْبارة. ومن أَسماء العصا القِسْبارُ ومنهم من
يقول القِشْبار؛ وأَنشد أَبو زيد:
لا يَلْتَوي من الوَبيل القِسْبارْ،
وإِن تَهَرَّاه بها العبدُ الهارْ
قلت: القَلْتُ، بإِسكان اللام: النُّقْرةُ في الجَبَل تُمْسكُ الماءَ؛
وفي التهذيب: كالنُّقْرة تكون في الجبل، يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ،
والوَقْبُ نحوٌ منه؛ كذلك كلُّ نُقْرة في أَرضٍ أَو بَدَنٍ؛ أُنثى، والجمع
قِلاتٌ. قال أَبو منصور: وقِلاتُ الصَّمَّانِ نُقَرٌ في رؤوس قِفافِها،
يَملأُها ماءُ السماء في الشتاء؛ قال: وقد وَردْتُها، وهي مُفْعَمةٌ، فوجدتُ
القَلْتةَ منها تأْخُذُ مِلْءَ مائةِ راوية وأَقلَّ وأَكثَرَ، وهي حُفَرٌ
خَلَقَها الله في الصُّخور الصُّمِّ. والقَلْتُ: حُفْرَة يَحْفِرها ماءٌ
واشلٌ، يَقْطُرُ من سَقْفِ كَهْفٍ، على حَجَرٍ لَيِّنٍ، فيُوَقِّبُ على
مَرِّ الأَحْقابِ فيه وَقْبةً مستديرةً. وكذلك إِن كان في الأَرض
الصُّلْبة، فهو قَلْتٌ، كقَلْتِ العين، وهو وَقْبَتُها. وفي الحديث، ذِكْرُ
قِلاتِ السَّيْل، هي جمع قَلْتٍ، وهو النُّقْرة في الجبل، يَسْتَنْقِعُ فيها
الماءُ إِذا انْصَبَّ السَّيْلُ. وقال أَبو زيد: القَلْت المطمئنُّ في
الخاصرة. والقَلْتُ: ما بين التَّرْقُوَة والعُنُق. وقَلْتُ العين:
نُقْرَتُها. وقَلْتُ الكَفِّ: ما بين عَصَبة الإِبهام والسَّبَّابة، وهي البُهْرة
التي بينهما، وكذلك نُقْرة التَّرقُوة قَلْتٌ، وعينُ الرُّكْبَة قَلْتٌ.
وقَلْتُ الفَرسِ: ما بين لَهَواتِه إِلى مُحَنَّكِه. وقَلْتُ
الثَّريدةِ: الوَقْبةُ، وهي أُنْقُوعَتُها. وقَلْتُ الإِبهام: النُّقْرَةُ التي في
أَسفلها. وقَلْتُ الصُّدْغِ. والقَلَتُ، بالتحريك: الهلاك؛ قَلِتَ،
بالكسر، يَقْلَتُ قَلَتاً، وأَقْلَتَهُ اللهُ. وتقول: ما انْفَلَتُــوا، ولكن
قَلَتُوا. وقال أَعرابيٌّ: إِن المسافر ومَتاعَه لَعَلى قَلَتٍ، إِلاَّ ما
وَقَى اللهُ. وأَقْلَتَه فلانٌ: أَهْلَكه. ابن سيده: أَقْلَتَ فلانٌ
فلاناً: عَرَّضَه للهَلَكة.
والمَقْلَتة: المَهْلَكة، والمكانُ المَخُوفُ. وفي حديث أَبي مِجْلَز:
لو قُلْتَ لرجل، وهو على مَقْلَتَةٍ: اتَّقِ اللهَ، فَصُرِعَ، غَرِمْتَه؛
أَي على مَهْلَكةٍ، فهَلَك، غَرِمْتَ دِيَتَه.
وأَصبح على قَلَتٍ أَي على شَرَفِ هَلاكٍ، أَو خَوْفِ شيء يَغِرُهُ
بشَرٍّ. وأَمْسَى على قَلَتٍ أَي على خَوْفٍ.
وأَقْلَتَتِ المرأَةُ إِقْلاتاً، فهي مُقْلِتٌ ومِقْلاتٌ إِذا لم يَبْقَ
لها ولدٌ؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
تَظَلُّ مَقالِيتُ النساءِ يَطَأْنَه،
يَقُلْنَ: أَلا يُلْقَى على المَرءِ مِئْزَرُ؟
وكانت العربُ تزعم أَن المِقْلاتَ، إِذا وَطِئَتْ رجلاً كريماً قُتِلَ
غَدْراً، عاشَ ولَدُها.
والمِقْلاتُ: التي لا يعيش لها ولد، وقد أَقْلَتَتْ؛ وقيل: هي التي
تَلِدُ واحداً، ثم لا تَلِدُ بعد ذلك؛ وكذلك الناقة، ولا يقال ذلك للرجل. قال
اللحياني: وكذلك كلُّ أُنثى إِذا لم يَبْقَ لها ولَدٌ؛ ويُقَوِّي ذلك
قولُ كُثَيِّرٍ أَو غيره.
بُغاثُ الطيرِ أَكثرُها فِراخاً،
وأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ نَزُورُ
فاستعمله في الطير، كأَنه أَشْعَر أَنه يُسْتَعْمَلُ في كلِّ شيء؛
والاسم: القَلَتُ.
الليث: ناقةٌ بها قَلَتٌ أَي هي مِقْلاتٌ، وقد أَقْلَتَتْ، وهو أَن
تَضَعَ واحداً، ثم تَقْلَتُ رَحِمُها، فلا تَحْمِلُ؛ وأَنشد:
لَنا أُمٌّ، بها قَلَتٌ ونَزْرٌ،
كأُمِّ الأُسْدِ، كاتِمَةُ الشَّكاةِ
قال: وامرأَةٌ مِقْلاتٌ، وهي التي ليس لها إِلا ولد واحد؛ وأَنشد:
وَجْدِي بها وَجْدُ مِقْلاتٍ بواحِدها،
وليس يَقْوَى مُحِبٌّ فوقَ ما أَجِدُ
وأَقْلَتَتِ المرأَةُ إِذا هَلَك ولدها. وفي حديث ابن عباس: تكون
المرأَة مِقْلاتاً، فتَجْعَلُ على نَفْسِها، إِن عاشَ لها ولد، أَن تُهَوِّدَه؛
لم يفسره ابن الأَثير بغير قوله: ما تَزْعُم العربُ من وَطْئها الرجلَ
الكريم المقتولَ غَدْراً. وفي الحديث: أَن الحَزاءَة يشتريها أَكائسُ
النساء للخافية والإِقْلاتِ؛ الخافِيةُ: الجنُّ.
التهذيب: والقَلَتُ مؤنثة، تصغيرها قُلَيْتةٌ.
وأَقْلَتَهُ فقَلِتَ أَي أَفْسَدَه ففَسَدَ.
ورجل قَلْتٌ وقَلِتٌ: قليل اللحم؛ عن اللحياني.
ودارةُ القَلْتَيْن: موضعٌ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
سمعتُ بدارةِ القَلْتَيْنِ صَوْتاً
لحَنْتَمَةَ، الفُؤادُ به مَضُوعُ
والخُنْعُبة والنُّونةُ والثُّومةُ والهَزْمة والوَهْدة والقَلْتةُ:
مَشَقُّ ما بين الشاربَيْن بحِيالِ الوَتَرة، والله أَعلم.
أفك: لإِفْك: الكذب. والأَفِيكةُ: كالإِفْك، أَفَكَ يَأْفِك وأَفِكَ
إِفْكاً وأُفُوكاً وأَفْكاً وأَفَكاً وأَفَّكَ؛ قال رؤْبة:
لا يأْخُذُ التَأْفِيكُ والتَّحَزِّي
فِينَا، ولا قول العِدَى ذُو الأَزِّ
التهذيب: أَفَكَ يأُْفِكُ وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كذب. ويقال: أَفَكَ كذب.
وأَفَكَ الناسَ: كذبهم وحدَّثهم بالباطل، قال: فيكون أَفَكَ وأَفَكْتُه
مثل كَذَب وكَذَبْته. وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: حين قال فيها
أَهلُ الإِفْكِ ما قالوا؛ الإِفْكُ في الأَصل الكذب وأَراد به ههنا ما
كُذِبَ عليها مما رميت به. والإِفْك: الإِثم. والإِفْكُ: الكذب، والجمع
الأَفَائكُ. ورجل أَفَّاك وأَفِيك وأَفُوك: كذاب. وآفَكَهُ: جعله يَأْفِكُ،
وقرئَ: وذلك إِفْكُهُمْ
(* قوله «وقرئ وذلك إفكهم إلخ» هكذا بضبط الأصل،
وهي ثلاث قراءات ذكرها الجمل وزاد قراءات أخر: أفكهم بالفتح مصدراً وأفكهم
بالفتحات ماضياً وأفكهم كالذي قبله لكن بتشديد الفاء وآفكهم بالمد وفتح
الفاء والكاف وآفكهم بصيغة اسم الفاعل.) وأَفَكُهُمْ وآفَكُهُمْ. وتقول
العرب: يا لَلأَفِيكةِ ويا لِلأَفِيكة، بكسر اللام وفتحها، فمن فتح اللام
فهي لام استغاثة، ومن كسرها فهو تعجب كأَنه قال: يا أَيها الرجل اعجب
لهذه الأَفيكة وهي الكَذْبة العظيمة. والأَفْكُ، بالفتح: مصدر قولك
أَفَكَهُعن الشيء يَأْفِكُه أَفْكاً صرفه عنه وقلبه، وقيل: صرفه بالإِفك؛ قال
عمرو بن أُذينة
(* قوله «عمرو بن أُذينة» الذي في الصحاح وشرح القاموس:
عروة).
إِن تَكُ عن أَحْسَنِ المُروءَة مَأْ
فُوكاً، ففي آخِرِىنَ قد أُفِكُوا
(* قوله «أحسن المروءة» رواية الصحاح: أحسن الصنيعة).
يقول: إِن لم تُوَفَّقْ للإِحسان فأَنت في قوم قد صرفوا من ذلك أَيضاً.
وفي حديث عرض نفسه على قبائل العرب: لقد أُفِكَ قومٌ كذَّبوك ظاهروا عليك
أَي صُرِفوا عن الحق ومنعوا منه. وفي التنزيل: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛
قال الفراء: يريد يُصْرَفُ عن الإِيمان من صُرِف كما قال: أَجئتَنا
لتَأْفكَنَا عن آلهتنا؛ يقول: لتصرفنا وتصدنا. والأَفَّاك: الذي يَأْفِكُ
الناس أَي يصدهم عن الحق بباطله. والمَأْفوك: الذي لا زَوْرَ له. شمر: أُفِك
الرجلُ عن الخير قلب عنه وصرف.
والمُؤْتفِكات: مَدائن لوط، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، سميت بذلك
لانقلابها بالخَسْف. قال تعالى: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوى، وقوله تعالى:
والمُؤْتِفكات أَتتهم رسلهم بالبينات؛ قال الزجاج: المؤْتفكات جمع
مُؤْتَفِكة، ائْتَفَكَتْ بهم الأَرض أَي انقلبت. يقال: إِنهم جمع من أَهلك كما
يقال للهالك قد انقلبت عليه الدنيا. وروى النضر بن أَنس عن أَبيه أَنه قال:
أَي بنيّ لا تنزلنَّ البصرة فإِنها إِحدى المُؤْتَفِكات قد ائْتَفَكَت
بأَهلها مرتين هي مُؤْتَفِكة بهم الثالثة قال شمر: يعني بالمُؤتفكة
أَنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها. والائْتِفاك عند أَهل العربية:
الانقلاب كقريات قوم لوط التي ائْتَفَكتْ بأَهلها أَي انقلبت، وقيل:
المُؤْتَفِكاتُ
المُدُن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط، عليه السلام. وفي حديث
سعيد بن جبير وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: فمن أَصابته تلك الافكة أَهلكته،
يريد العذاب الذي أَرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم. يقال: ائْتَفَكَت
البلدة بأَهلها أَي انقلبت، فهي مُؤتَفِكة. وفي حديث بشير بن الخصَّاصية:
قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ممن أَنت؟ قال: من ربيعة، قال: أَنتم
تزعمون لولا ربيعةُ لائْتَفَكت الأَرضُ بمن عليها أَي انقلبت.
والمُؤْتَفِكاتُ: الرِّياح تختلف مَهابّهُا. والمُؤْتَفِكات: الرياح التي تقلب
الأَرض، تقول العرب: إِذا كثرت المؤْتفكات زَكَتِ
الأَرضُ أَي زكازرعها؛ وقول رؤبة:
وجَوْن خَرقٍ بالرياح مُؤتَفك
أَي اختلفت عليه الرياح من كل وجه. وأَرض مَأْفوكة: وهي التي لم يصبها
المطر فأَمحلت. ابن الأَعرابي: ائْتَفَكت تلك الأَرضُ أَي احترَقتْ من
الجدب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنها، وهي تَهاوَى تَهْتَلِك،
شَمْسٌ بِظلٍّ، ذا بهذا يَأْتَفِك
قال يصف قَطاةً باطِن جناحيها أَسود وظاهره أَبيض فشبه السواد بالظلمة
وشبه البياض الشمس، يَأْتَفِك: ينقلب.
والمَأْفوك: المأْفون وهو الضعيف العقل والرأْي. وقوله تعالى: يُؤْفَكُ
عنه مَن أُفِكَ؛ قال مجاهد: يُؤْفن عنه من أُفِنَ. وأُفِنَ الرجل: ضعف
رأْيه، وأَفَنَهُ الله. وأُفِكَ الرجل: ضعف عقله ورأْيه، قال: ولم يستعمل
أَفَكه الله بمعنى أَضعف عقله وإِنما أَتى أَفَكه بمعنى صرفه، فيكون
المعنى في الآية يصرف عن الحق من صرفه الله. ورجل أَفِيكٌ ومَأْفوك: مخدوع عن
رأْيه؛ الليث: الأَفِيكُ الذي لا حَزْم له ولا حيلة؛ وأَنشد:
ما لي أَراكَ عاجزاً أَفِيكا؟
ورجل مَأْفوك: لا يصيب خيراً. وأَفكهُ: بمعنى خدعة.
ملز: مَلَزَ الشيءُ عَنِّي مَلْزاً وامَّلَزَ ومَلَّزَ: ذهب. وتَمَلَّزَ
من الأَمر تَمَلُّزاً وتَمَلَّسَ تَمَلُّساً: خرج منه. وامَّلَزَ من
الأَمر وامَّلَسَ إِذا انفلت. وقد مَلَّزْتُه ومَلَّسْتُه إِذا فعلت به ذلك
تَمْلِيزاً فَتَمَلَّز. وما كدت أَتَمَلَّصُ من فلان ولا أَتَمَلَّزُ منه
أَي أَتَخَلَّص.
ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ
هذه اللغة الفصيحة، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالاً وضَلالةً؛ وقال كراع: وبنو
تميم يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وقال اللحياني: أَهل
الحجاز يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نجد يقولون ضَلَلْت أَضِلُّ، قال
وقد قرئ بهما جميعاً قوله عز وجل: قُلْ إِن ضَلَلْتُ فإِنما أَضِلُّ على
نفسي؛ وأَهل العالية يقولون ضَلِلْتُ، بالكسر، أَضَلُّ، وهو ضالٌّ تالٌّ،
وهي الضَّلالة والتَّلالة؛ وقال الجوهري: لغة نجد هي الفصيحة. قال ابن
سيده: وكان يحيى بن وَثَّاب يقرأ كلَّ شيء في القرآن ضَلِلْت وضَلِلْنا،
بكسر اللام، ورَجُلٌ ضالٌّ. قال: وأَما قراءة من قرأَ ولا الضّأَلِّينَ،
بهمز الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء الساكنين الأَلف واللام فحرَّك الأَلف
لالتقائهما فانقلبت همزة، لأَن الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا
يَتَحمَّل الحركة، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تحريكه قلبوه إِلى أَقرب الحروف إِليه
وهو الهمزة؛ قال: وعلى ذلك ما حكاه أَبو زيد من قولهم شأَبَّة ومَأَدَّة؛
وأَنشدوا:
يا عَجَبا لقد رأَيْتُ عَجَبا:
حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا
يريد زَامَّها. وحكى أَبو العباس عن أَبي عثمان عن أَبي زيد قال: سمعت
عمرو بن عبيد يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عن ذَنْبهِ إِنْسٌ ولا
جأَنٌّ، بهمز جانٍّ، فظَنَنْتُه قد لَحَن حتى سمعت العرب تقول شأَبَّة
ومأَدَّة؛ قال أَبو العباس: فقلت لأَبي عثمان أَتَقِيس ذلك؟ قال: لا ولا أَقبله.
وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قال:
لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مالي
بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ
وأَضَلَّه: جعله ضَالاًّ. وقوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ على هُداهم فإِنَّ
الله لا يَهْدي مَنْ يُضِلُّ، وقرئت: لا يُهْدى من يُضِلُّ؛ قال
الزَّجّاج: هو كما قال تعالى: من يُضْلِلِ اللهُ فلا هادِيَ له. قال أَبو منصور:
والإِضْلالُ في كلام العرب ضِدُّ الهداية والإِرْشاد. يقال: أَضْلَلْت
فلاناً إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عن الطريق؛ وإِياه أَراد لبيد:
مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ، ومن شاءَ أَضَلّ
قال لبيد: هذا في جاهِلِيَّته فوافق قوله التنزيل العزيز: يُضِلُّ من
يشاء ويَهْدِي من يشاء؛ قال أَبو منصور: والأَصل في كلام العرب وجه آخر
يقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته.
وفي الحديث: سيكُون عليكم أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم، يريد
بمعصيتهم الخروجَ عليهم وشَقَّ عَصَا المسلمين؛ وقد يقع أَضَلَّهم في غير هذا
الموضع على الحَمْل على الضَّلال والدُّخول فيه. وقوله في التنزيل العزيز:
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس؛ أَي ضَلُّوا بسببها لأَن
الأَصنام لا تفعل شيئاً ولا تَعْقِل، وهذا كما تقول: قد أَفْتَنَتْني هذه
الدارُ أَي افْتَتَنتُ بسببها وأَحْبَبتُها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رآها الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيَافاً من البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل
قال السُّكَّري: طُلِبَ منه أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كما يقال جُنَّ
جُنونُه، ونِيافاً أَي طويلة، وهو مصدر نافَ نِيَافاً وإِن لم يُسْتعمل،
والمستعمل أَناف؛ وقال ابن جني: نِيافاً مفعول ثان لرآها لأَن الرؤية ههنا رؤية
القلب لقوله رآها الفُؤَاد. ويقال: ضَلَّ ضَلاله، كما يقال جُنَّ
جُنونُه؛ قال أُمية:
لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا،
ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ
وقال أَوس بن حَجَر:
إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ،
إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها
وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لم تعرف موضعهما، وضَلَلْت الدارَ
والمَسْجدَ والطريقَ وكلَّ شيء مقيم ثابت لا تَهْتَدي له، وضَلَّ هو عَنِّي
ضَلالاً وضَلالةً؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو بن العلاء إِذا لم تعرف
المكانَ قلت ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط من يَدِك شيءٌ قلت أَضْلَلْته؛ قال:
يعني أَن المكان لا يَضِلُّ وإِنما أَنت تَضِلُّ عنه، وإِذا سَقَطَت
الدراهمُ عنك فقد ضَلَّت عنك، تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أَضْلَلْته،
وللشيء الثابت في موضعه إِلا أَنك لم تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قال
الفرزدق:ولقد ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً،
كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ
وفي الحديث: ضالَّة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: وهي الضائعة من كل ما
يُقْتَنَى من الحيوان وغيره. الجوهري: الضّالَّة ما ضَلَّ من البهائم للذكر
والأُنثى، يقال: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق إِذا جار، قال:
وهي في الأَصل فاعِلةٌ ثم اتُّسِعَ فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع
على الذكر والأُنثى والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوالَّ؛ قال: والمراد
بها في هذا الحديث الضَّالَّةُ من الإِبل والبقر مما يَحْمِي نفسَه ويقدر
على الإِبْعاد في طلب المَرْعَى والماء بخلاف الغنم؛ والضّالَّة من
الإِبل: التي بمَضْيَعَةٍ لا يُعْرَفُ لها رَبٌّ، الذكر والأُنثى في ذلك
سواء. وسُئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ضَوالِّ الإِبل فقال: ضالَّةُ
المؤمن حَرَقُ النار، وخَرَجَ جوابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على
سؤَال السائل لأَنه سأَله عن ضَوالِّ الإِبل فنهاه عن أَخذها وحَذَّره
النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لها، ثم قال، عليه السلام: ما لَكَ ولَها، مَعها
حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ؛ أَراد أَنها بعيدة المَذهَب
في الأَرض طويلة الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دون راعٍ يحفظها فلا
تَعَرَّضْ لها ودَعْها حتى يأْتيها رَبُّها، قال: وقد تطلق الضَّالَّة
على المعاني، ومنه الكلمة الحكيمةُ: ضالَّةُ المؤمن، وفي رواية: ضالَّةُ كل
حكيم أَي لا يزال يَتَطَلَّبها كما يتطلب الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ
الشيءُ: خَفِيَ وغاب. وفي الحديث: ذَرُّوني في الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ الله،
يريد أَضِلُّ عنه أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عليه مكاني، وقيل: لَعَلِّي
أَغيب عن عذابه. يقال: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه في مكان ولم
تَدْرِ أَين هو، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ الناسي إِذا غاب عنه
حفظُ الشيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيء إِذا وَجَدتَه ضالاًّ كما تقول
أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه محموداً وبَخيلاً. ومنه الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم أَي وجدهم ضُلاَّلاً غير
مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، ومعنى الحديث من قوله تعالى: أََإِذا ضَلَلْنا في
الأَرض أَي خَفِينا وغِبْنا. وقال ابن قتيبة في معنى الحديث: أَي
أَفُوتُه، وكذلك في قوله لا يَضِلُّ ربي لا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قال
الشاعر:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ
أُنُفٍ، كلائحة المُضِلِّ، جَرُور
وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تقول: إِنَّك لتَهْدِي الضالَّ ولا تَهْدِي
المُتَضالَّ. ويقال: ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَب عَني؛
وأَنشد:
والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها
يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي
(* قوله «المبتغي» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري
وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة).
أَي تذهب عني. ويقال: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شيء ليس بثابت
قائم مما يزول ولا يَثْبُت. وقوله في التنزيل العزيز: لا يَضِلُّ رَبي
ولا يَنْسى؛ أَي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه، وقيل: معناه لا يَغِيب عن شيء
ولا يَغِيب عنه شيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا ضاع منك مثل الدابّة
والناقة وما أَشبهها إِذا انفَلَت منك، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشيء
الثابت مثل الدار والمكان قلت ضَلِلْته وضَلَلْته، ولا تقل أَضْلَلْته. قال
محمد بن سَلام: سمعت حَمَّاد بن سَلَمة يقرأُ في كتاب: لا يُضِلُّ ربي
ولا يَنْسى، فسأَلت عنها يونس فقال: يَضِلُّ جَيِّدةٌ، يقال: ضَلَّ فلان
بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قال أَبو منصور: خالفهم يونس في هذا. وفي الحديث:
لولا أَن الله لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل ما رَزَأْناكم عِقالاً؛ قال ابن
الأَثير: أَي بُطْلانَ العمل وضَياعَه مأْخوذ من الضَّلال الضياع؛ ومنه
قوله تعالى: ضَلَّ سَعْيُهم في الحياة الدنيا. وأَضَلَّه أَي أَضاعه
وأَهلكه. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ؛ أَي في هلاك.
والضَّلال: النِّسْيان. وفي التنزيل العزيز: مِمَّنْ تَرْضَوْن من
الشُّهَداء أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر إِحداهما الأُخرى؛ أَي تَغِيب عن
حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عنها، وقرئ: إِنْ تَضِلَّ، بالكسر، فمن كَسَر
إِنْ قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه؛ قال الزجاج: المعنى في إِنْ تَضِلَّ
إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذاكرة، قال: وتُذْكِر
وتُذَكِّر رَفْعٌ مع كسر إِنْ
(* قوله «وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان» كذا في
الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل
احداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان
قراءة اخرى) لا غير، ومن قرأَ أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر، وهي قراءة
أَكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أَن المعنى اسْتَشْهِدوا امرأَتين
لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قال
سيبويه: فإِن قال إِنسان: فَلِمَ جاز أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هذا للإِذكار؟
فالجواب عنه أَنَّ الإِذكار لما كان سببه الإِضلال جاز أَن يُذْكَر أَن
تَضِلَّ لأَن الإِضلال هو السبب الذي به وَجَب الإِذكارُ، قال: ومثله
أَعْدَدْتُ هذا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لا
للميل، ولكن الميل ذُكِر لأَنه سبب الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضلال لأَنه
سبب الإِذكار، فهذا هو البَيِّن إِن شاء الله. ومنه قوله تعالى: قال
فَعَلْتُها إِذاً وأَنا من الضّالِّين؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وقوله
تعالى: وما كَيْدُ الكافرين إِلا في ضَلالٍ؛ أَي يَذْهب كيدُهم باطلاً
ويَحِيق بهم ما يريده الله تعالى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عنه.
أَبو عمرو: أَضْلَلْت بعيري إِذا كان معقولاً فلم تَهْتَدِ لمكانه،
وأَضْلَلْته إِضْلالاً إِذا كان مُطْلَقاً فذهب ولا تدري أَين أَخَذَ. وكلُّ ما
جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت ضَلَلْته، وما جاء من المفعول به قلت
أَضْلَلْته. قال أَبو عمرو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ
في اللبن إِذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إِذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي
إِذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب منك، وقوله
تعالى: أَضَلَّ أَعمالهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه لم يُجازِهم على ما عَمِلوا
من خير؛ وهذا كما تقول للذي عمِل عَمَلاً لم يَعُدْ عليه نفعُه: قد
ضَلَّ سَعْيُك. ابن سيده: وإِذا كان الحيوان مقيماً قلت قد ضَلَلْته كما يقال
في غير الحيوان من الأَشياء الثابتة التي لا تَبْرَح؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا
وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً: ضاع. وتَضْلِيل الرجل: أَن تَنْسُبَه
إِلى الضَّلال. والتضليل: تصيير الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قال الراعي:
وما أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ
أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا
قال ابن سيده: هكذا قاله الراعي بالوَقْص، وهو حذف التاء من
مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذلك ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، على الكمال.
والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فلان عن القَصْد إِذا جار. ووقع في وادي
تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الباطل. قال الجوهري: وقَع في وادي تُضُلِّلَ مثل
تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كله لا ينصرف. ويقال للباطل: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قال عمرو
بن شاس الأَسدي:
تَذَكَّرْت ليلى، لاتَ حينَ ادِّكارِها،
وقد حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال
قال ابن بري: حكاه أَبو علي عن أَبي زيد ضُلاًّ بالنصب؛ قال ومثله
للعَجَّاج:
يَنْشُدُ أَجْمالاً، وما مِنْ أَجمال
يُبْغَيْنَ إِلاَّ ضُلَّة بتَضْلال
والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فيها
ولا يُهْتَدى فيها للطريق. وفلان يَلومُني ضَلَّةً إِذا لم يُوَفَّق للرشاد
في عَذْله. وفتنة مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وكذلك طريق مَضَلٌّ.
الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غيره: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ
الناس فيها، والمَجْهَلُ كذلك. يقال: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً
ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلاً مَضَلاًّ؛ وأَنشد:
أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها،
لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق
وقال بعضهم: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وهو اسم، ولو كان نعتاً كان
بغير الهاء. ويقال: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى
والجمع سواء، كما قالوا الولد مَبْخَلةٌ؛ وقيل: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة
وأَرَضون مَضَلاَّت ومَضِلاَّتٌ. أَبو زيد: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ
ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابن السكيت: قولهم أَضَلَّ الله ضَلالَك أَي ضَلَّ
عنك فذَهب فلا تَضِلُّ. قال: وقولهم مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عنك حتى لا
تَمَلَّ. ورجل ضِلِّيل: كثير الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّق لخير أَي
ضالٌّ جدّاً، وقيل: صاحب غَواياتٍ وبَطالاتٍ وهو الكثير التتبُّع
للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الذي لا يُقْلِع عن الضَّلالة، وكان امرؤ القيس
يُسَمَّى الملِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وفي حديث عليٍّ وقد سُئل عن أَشعر
الشعراء فقال: إِنْ كان ولا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل، يعني امْرَأَ القيس،
كان يُلَقَّب به. والضِّلِّيل، بوزن القِنْدِيل: المُبالِغ في الضَّلال
والكثيرُ التَّتبُّع له. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قال كعب بن زهير:
كانت مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً،
وما مَواعِيدُها إِلا الأَضالِيلُ
وفلان صاحب أَضَالِيلَ، واحدتها أُضْلُولةٌ؛ قال الكميت:
وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْـ
ـرِ أَضَالِيلُ من فُنُون الضَّلال
الفراء: الضُّلَّة، بالضم، الحَذَاقة بالدَّلالة في السَّفَر.
والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ في خير أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وقال ابن
الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كذا وكذا أَي لم أَقْدِرْ عليه، وأَنشد:
إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني
يُريدُ مالي، أَضَلَّني عَلِلي
أَي فارَقَتْني فلم أَقْدِرْ عليها. ويقال للدَّلِيل الحاذق الضُّلاضِل
والضُّلَضِلة
(* قوله «ويقال للدليل الى قوله الضلضلة» هكذا في الأصل،
وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الاعرابي والصواب وعلبط كما هو نص
الباب اهـ. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس).
قاله ابن الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً أَي ضاع وهَلَك،
والاسم الضُّلُّ، بالضم؛ ومنه قولهم: فلان ضُلُّ بن ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ في
الضَّلال، وقيل: هو الذي لا يُعْرَف ولا يُعْرَف أَبوه، وقيل: هو الذي
لا خير فيه، وقيل: إِذا لم يُدْرَ مَنْ هو ومِمَّنْ هو، وهو الضَّلالُ
بْنُ الأَلال والضَّلال بن فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بهذا المعنى.
يقال: فلان ضُِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ
(* قوله «ضل أضلال وصل أصلال»
عبارة القاموس: ضل أضلال بالضم والكسر، واذا قيل بالصاد فليس فيه الا
الكسر) بالضاد والصاد إِذا كان داهية. وفي المثل: يا ضُلَّ ما تَجْرِي به
العَصَا أَي يا فَقْدَه ويا تَلَفَه يقوله قَصِير ابن سعد لجَذِيمةَ
الأَبْرَش حين صار معه إِلى الزَّبَّاء، فلما صار في عَمَلِها نَدِمَ، فقال له
قَصِيرٌ: ارْكَبْ فرسي هذا وانْجُ عليه فإِنه لا يُشَقُّ غُبَارُه. وفعل
ذلك ضِلَّةً أَي في ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لغير رشْدةٍ؛ عن أَبي زيد.
وذَهَب ضِلَّةً أَي لم يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لم
يُثْأَرْ به. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مضاف، أَي لا خَير فيه ولا خير عنده؛
عن ثعلب، وكذلك رواه ابن الكوفي؛ وقال ابن الأَعرابي: إِنما هو تِبْعٌ
ضِلَّةٌ، على الوصف، وفَسَّره بما فَسَّره به ثعلب؛ وقال مُرَّة: هو تِبْعُ
ضِلَّة أَي داهيةٌ لا خير فيه، وقيل: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصاد. وضَلَّ
الرَّجُلُ: مات وصار تراباً فَضَلَّ فلم يَتَبَيَّنْ شيء من خَلْقه. وفي
التنزيل العزيز: أَإِذا ضَلَلْنَا في الأَرض؛ معناه أَإِذا مِتْنا وصِرْنا
تراباً وعِظَاماً فَضَلَلْنا في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا.
وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قال المُخَبَّل:
أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها،
وفارِسَها في الدَّهْر قَيْسَ بنَ عاصم
وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وروي بيت النابغة الذُّبْياني يَرْثي
النُّعمان بن الحرث بن أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:
فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ
فما في حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ
فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ
يريد بِمُضِلِّيه دافِنيه حين مات، وقوله بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ
صادقٍ أَنه مات، والجَوْلانُ: موضع بالشام، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان
الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ به أُمُّه: دَفَنتْه، نادر؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَتًى، ما أَضَلَّتْ به أُمُّه
من القَوْم، لَيْلَة لا مُدَّعَم
قوله لا مُدَّعَم أَي لا مَلْجَأَ ولا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الماء الذي
يَجرِي تحت الصَّخرة لا تصيبه الشمس، يقال: ماءٌ ضَلَلٌ، وقيل: هو الماء
الذي يجري بين الشجر. وضَلاضِلُ الماء: بقاياه، والصادُ لُغةٌ، واحدتها
ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلة وضَلَضِلةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ
وضُلاضِلٌ: غليظة؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهي أَيضاً الحجارة التي
يُقِلُّها الرجلُ، وقال سيبويه: الضَّلَضِلُ مقصور عن الضَّلاضِل. التهذيب:
الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حجر قَدْر ما يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فوق ذلك أَملس يكون
في بطون الأَودية؛ قال: وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها. الجوهري:
الضُّلَضِلة، بضم الضاد وفتح اللام وكسر الضاد الثانية، حَجَرٌ قَدْر ما
يُقِلُّه الرجل، قال: وليس في الكلام المضاعف غيره؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر
الغَيِّ:
أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه،
وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ على الضُّلَضِله؟
وقال الفراء: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وهو الشديد ذو الحجارة؛ قال:
أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بناء حَمَصِيص وصَمَكِيك فحذفوا الياء.
الجوهري: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلة الأَرض الغليظةُ؛ عن الأَصمعي، قال:
كأَنه قَصْر الضَّلاضِل.
ومُضَلَّل، بفتح اللام: اسم رجل من بني أَسد؛ وقال الأَسود بن يعْفُر:
وقَبْليَ مات الخالِدَان كِلاهُما:
عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده فَقَبْلي، بالفاء، لأَن قبله:
فإِنْ يَكُ يَوْمِي قد دَنَا، وإِخالُه
كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل
والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.
بقل: بَقَلَ الشيءُ: ظهَر. والبَقْل: معروف؛ قال ابن سيده: البَقْل من
النبات ما ليس بشجر دِقًّ ولا جِلًّ ، وحقيقة رسمه أَنه ما لم تبق له
أُرومة على الشتاء بعدما يُرْعى، وقال أَبو حنيفة: ما كان منه ينبت في
بَزْره ولا ينبت في أُرومة ثابتة فاسمه البقْل، وقيل: كل نابتة في أَول ما
تنبت فهو البَقْل، واحدته بَقْلة، وفَرْقُ ما بين البَقْل ودِقِّ الشجر أَن
البقل إِذا رُعي لم يبق له ساق والشجر تبقى له سُوق وإِن دَقَّت. وفي
المثل: لا تُنْبِتُ البَقْلَة إِلا الحَقْلة؛ والحَقْلَة: القَراح
الطَّيِّبة من الأَرض.
وأَبْقَلَت: أَنبتت البَقْل، فهي مُبْقِلة. والمُبْقِلة: ذات البَقْل.
وأَبْقَلَت الأَرضُ: خَرَجَ بَقْلها؛ قال عامر بن جُوَين الطائي:
فلا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها،
ولا أَرْض أَبْقَل إِبْقَالَها
ولم يقل أَبْقَلت لأَن تأْنيث الأَرض ليس بتأْنيث حقيقي. وفي وصف مكة:
وأَبْقَل حَمْضُها، هو من ذلك. والمَبْقَلة: موضع البَقْل؛ قال دُوَاد
بن أَبي دُوَاد حين سأَله أَبوه: ما الذي أَعاشك؟ قال:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ،
آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ
قال ابن جني: مكان مُبْقِل هو القياس، وباقل أَكثر في السماع، والأَوَّل
مسموع أَيضاً. الأَصمعي: أَبْقَل المكانُ فهو باقل من نبات البَقْل،
وأَوْرَسَ الشجرُ فهو وارس إِذا أَوْرَق، وهو بالأَلف. الجوهري: أَبْقَل
الرِّمْت إِذا أَدْبَى وظهرت خُضْرة ورقه، فهو باقل. قال: ولم يقولوا
مُبْقِل كما قالوا أَوْرَسَ فهو وارس، ولم يقولوا مورِس، قال: وهو من النوادر،
قال ابن بري: وقد جاء مُبْقِل؛ قال أَبو النجم:
يَلْمَحْنَ من كل غَميسٍ مُبْقِل
قال: وقال ابن هَرْمة:
لَرُعْت بصَفْراءِ السُّحالةِ حُرَّةً،
لها مَرْتَعٌ بين النَّبِيطَينِ مُبْقِل
قال: وقالوا مُعْشِب؛ وعليه قول الجعدي:
على جانِبَيْ حائر مُفْرد
بَبَرْثٍ، تَبَوَّأْتُه مُعْشِب
قال ابن سيده: وبَقَل الرِّمْثُ يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبْقَل،
فهو باقل، على غير قياس كلاهما: في أَول ما ينبت قبل أَن يخضرَّ. وأَرض
بَقِيلة وبَقِلة مُبْقِلة؛ الأَخيرة على النسب أَي ذات بَقْل؛ ونظيره: رجل
نَهِرٌ أَي يأْتي الأُمور نهاراً. وأَبقل الشجرُ إِذا دنت أَيام الربيع
وجرى فيها الماء فرأَيت في أَعراضها مثل أَظفار الطير؛ وفي المحكم: أَبْقَل
الشجرُ خرج في أَعراضه مثل أَظفار الطير وأَعْيُنِ الجَرَادِ قبل أَن
يستبين ورقه فيقال حينئذ صار بَقْلة واحدة، واسم ذلك الشيء الباقل. وبَقَل
النَّبْتُ يَبْقُل بُقولاً وأَبْقَل: طَلَع، وأَبْقَله الله. وبَقَل وجهُ
الغلام يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبقل وبَقَّل: خَرَجَ شعرُه، وكره
بعضهم التشديد؛ وقال الجوهري: لا تَقُلْ بَقَّل، بالتشديد. وأَبقله الله:
أَخرجه، وهو على المثل بما تقدم. الليث: يقال للأَمرد إِذا خرج وجهه: قد
بَقَل. وفي حديث أَبي بكر والنسَّابة: فقامَ إِليه غلام من بني شيبان حين
بَقَل وجهُه أَي أَول ما نبتت لحيته. وبقَلَ نابُ البعير يَبْقُل
بُقولاً: طَلَع، على المثل أَيضاً، وفي التهذيب: بَقَل نابُ الجمل أَول ما
يطلع، وجَمَلٌ باقل الناب.
والبُقْلة: بَقْل الرَّبِيع؛ وأَرض بَقِلة وبَقيلة ومَبْقَلة ومَبْقُلة
وبَقَّالة، وعلى مثاله مَزْرَعَة ومَزْرُعَة وزَرَّاعة. وابْتَقَل القومُ
إِذا رَعَوا البَقْل. والإِبل تَبْتَقِل وتَتَبَقَّل، وابْتَقَلَت
الماشية وتَبَقَّلت: رَعَت البَقْل، وقيل: تَبَقُّلُها سِمَنُها عن البَقْل.
وابْتَقَلَ الحمار: رَعَى البَقْل؛ قال مالك
بن خويلد الخُزاعي الهذلي:
تاللهِ يَبْقَى على الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ،
جَوْنُ السَّرَاةِ رَبَاعٍ سِنُّه غَرِدُ
أَي لا يَبْقَى، وتَبَقَّل مثله؛ قال أَبو النجم:
كُوم الذُّرَى من خَوَل المُخَوَّل
تَبَقَّلتْ في أَوَّل التَّبَقُّل،
بَيْنَ رِمَاحَيْ مالِكٍ ونَهْشَل
وتَبَقَّل القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلوا: تَبَقَّلت ماشيتُهم. وخَرَجَ
يَتَبَقَّل أَي يطلب البَقْل. وبَقْلة الضَّبّ: نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:
ذكرها أَبو نصر ولم يفسرها. والبَقْلة: الرِّجْلة وهي البَقْلة
الحَمْقاء. ويقال: كُلُّ نَبات اخْضَرَّت له الأَرضُ فهو بَقْل؛ قال
الحرثبن دَوش الإِيادِيّ يخاطب المُنْذِر
بنَ ماء السماء:
قَوْمٌ إِذا نَبَتَ الرَّبِيعُ لهم،
نَبَتَتْ عَدَاوتُهم مع البَقْل
الجوهري: وقولُ أَبي نُخَيْلة:
بَرِّيَّةٌ لم تأْكل المُرَقَّقا،
ولم تَذُقْ من البُقُول الفُسْتُقا
(* قوله: بريّة، وفي رواية أُخرى: جارية).
قال: ظَنَّ هذا الأَعرابي أَن الفُسْتُق من البَقْل، قال: وهكذا يُرْوى
البَقْل بالباء، قال: وأَنا أَظنه بالنون لأَن الفُسْتُق من النَّقْل
وليس من البَقْل.
والباقِلاءُ والباقِلَّى: الفُول، اسم سَوادِيٌّ، وحَمْلُه الجَرْجَر،
إِذا شدَّدت اللام قَصَرْت، وإِذا خَفَّفْت مَدَدْت فقلت الباقلاء، واحدته
باقِلاَّة وباقِلاَّءَة، وحكى أَبو حنيفة الباقِلَى، بالتخفيف والقصر،
قال: وقال الأَحمر واحدة الباقِلاء باقلاء، قال ابن سيده: فإِذا كان ذلك
فالواحد والجمع فيه سواء، قال: وأَرى الأَحمر حكى مثل ذلك في الباقلَّى.
قال: والبُوقَالُ، بضم الباء، ضَرْب من الكِيزَان، قال: ولم يفسِّر ما
هو ففسرناه بما عَلِمْنا.
وباقِلٌ: اسم رجل يضرب به المثل في العِيِّ؛ قال الأُموي: من أَمثالهم
في باب التشبيه: إِنه لأَعْيَا من باقل، قال: وهو اسم رجل من ربيعة وكان
عَييّاً فَدْماً؛ وإِياه عَنى الأُرَيْقِط في وَصْف رَجُل مَلأَ بطنَه حتى
عَيِيَ بالكلام فقال يَهْجُوه، وقال ابن بري: هو لحميد الأَرْقَط:
أَتَانَا، وما داناه سَحْبانُ وائلٍ
بَيَاناً وعِلْماً بِالذي هو قائل،
يَقُول، وقد أَلْقَى المَرَاسِيَ للقِرَى:
أَبِنْ ليَ ما الحَجَّاجُ بالناس فاعل
فَقُلْتُ: لعَمْرِي ما لهذا طَرَقْتَنا،
فكُلْ، ودَعِ الإِرْجافَ، ما أَنت آكل
تُدَبِّل كَفَّاه ويَحْدُر حَلْقُه،
إِلى البَطْنِ، ما ضُمَّتْ عليه الأَنامل
فما زال عند اللقم حتى كأَنَّه،
من العِيِّ لما أَن تَكَلَّم، باقل
قال: وسَحْبان هو من ربيعة أَيضاً من بني بكْر كان لَسِناً بليغاً؛ قال
الليث: بلغ من عِيِّ باقل أَنه كان اشترى ظَبْياً بأَحد عشر دِرْهماً،
فقيل له: بِكَم اشتريت الظبي؟ ففتح كفيه وفرَّق أَصابعه وأَخرج لسانه يشير
بذلك إِلى أَحد عشر فــانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العِيّ.
والبَقْل: بطن من الأَزْد وهم بَنُو باقل. وبَنُو بُقَيْلة: بطن من
الحِيرَة. ابن الأَعرابي: البُوقالة الطِّرْجهَارَة.
بتك: البَتْك: القطع. وفي التنزيل العزيز: وليُبَتِّكُنَّ آذان
الأَنعام؛ قال أبو العباس: يقول فليقطعنّ؛ قال أبو منصور: كأنه أراد، والله أعلم،
تبْحِير أهل الجاهلية آذان أنعامهم وشقهم إياها. الليث: البَتْك قطع
الأُذن من أصلها. وبَتِّك الآذان أي قطعها، شدد للكثرة، وقيل: البَتْكُ أن
تقبض على شيء بيدك، وفي التهذيب: أن تقبض عى شعر أو ريش أو نحو ذلك ثم
تجذبه إليك حتى ينقطع فيَنْبَتِكِ من أصله وينتتف، وكل طائفة صارت في يدك من
ذلك فاسمها بِتْكَةٌ؛ قال زهير:
حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ الغلام لها،
طارَتْ وفي كَفِّه من ريشها بِتَكُ
وقيل: البَتْك قطع الشيء من أصله، بَتَكه يَبْتِكُه ويَبْتُكه بَتْكاً
أي قطعه، وبَتَّكه فانْبَتك وتَبَتَّك. والبِتْكةُ والبَتْكة: القطعة منه،
والجمع بِتَكٌ؛ واستشهد ببيت زهير:
طارَتْ وفي كفه من ريشها بِتَكُ
وسيف باتِكٌ أي صارم؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
إذا طَلَعَتْ أولى العَدِيِّ، فنَفْرَةٌ
إلى سَلَّةٍ من صارم الغَرِّ باتِكِ
وسيف باتِكٌ وبَتُوك: قاطع، وسيوف بَواتِكُ. والبِتُكة أيضاً: جَهْمة من
الليل.
بيض: البياض: ضد السواد، يكون ذلك في الحيوان والنبات وغير ذلك مما
يقبله غيره. البَيَاضُ: لون الأَبْيَض، وقد قالوا بياض وبَياضة كما قالوا
مَنْزِل ومَنْزِلة، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وجمع الأَبْيَضِ
بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بضم الباء، وإِنما أَبدلوا من الضمة كَسْرَةً
لتصحَّ الياء، وقد أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قوله:
إِن شَكْلي وإِن شكْلَكِ شَتَّى،
فالْزمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي
فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فزاد ضاداً أُخرى ضرورة لإِقامة الوزن؛ قال ابن
بري: وقد قيل إِنما يجيء هذا في الشعر كقول الآخر:
لقد خَشِيتُ أَن أَرَى جَدْبَباَّ
أَراد جَدْباً فضاعف الباء. قال ابن سيده: فأَما ما حكى سيبويه من أَن
بعضهم قال: أَعْطِني أَبْيَضّه يريد أَبْيَضَ وأَلحق الهاء كما أَلحقها في
هُنّه وهو يريد هُنَّ فإِنه ثقل الضاد فلولا أَنه زاد ضاداً
(* قوله
«فلولا أنه زاد ضاداً إلخ» هكذا في الأصل بدون ذكر جواب لولا.) على الضاد
التي هي حرف الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إِذاً الضادُ الأُولى والثانية هي
الزائدة، وليست بحرف الإِعراب الموجود في أَبْيَضَ، فلذلك لحقته بَيانَ
الحركة
(* قوله: بيان الحركة؛ هكذا في الأصل.). قال أَبو علي: وكان ينبغي
أَن لا تُحَرّك فحركتها لذلك ضعيفة في القياس.
وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، من
البَياض: كنت أَشدَّ منه بياضاً. الجوهري: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه
في البياض، ولا تقل يَبُوضه؛ وهذا أَشدُّ بَياضاً من كذا، ولا تقل
أَبْيَضُ منه، وأَهل الكوفة يقولونه ويحتجون بقول الراجز:
جارِية في دِرْعِها الفَضْفاضِ،
أَبْيَضُ من أُخْتِ بني إِباضِ
قال المبرد: ليس البيت الشاذ بحجة على الأَصل المجمع عليه؛ وأَما قول
الآخر:
إِذا الرجالُ شَتَوْا، واشتدَّ أَكْلُهمُ،
فأَنْتَ أَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
فيحتمل أَن لا يكون بمعنى أَفْعَل الذي تصحبه مِنْ للمفاضلة، وإِنما هو
بمنزلة قولك هو أَحْسَنُهم وجهاً وأَكرمُهم أَباً، تريد حسَنهم وجهاً
وكريمهم أَباً، فكأَنه قال: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالاً، فلما أَضافه انتصب
ما بعده على التمييز.
والبِيضَانُ من الناس: خلافُ السُّودانِ.
وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: ولدت البِيضَ، وكذلك الرجل. وفي عينِه
بَياضةٌ أَي بَياضٌ.
وبَيّضَ الشيءَ جعله أَبْيَضَ. وقد بَيَّضْت الشيء فابْيَضَّ ابْيِضاضاً
وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الذي يُبَيِّضُ الثيابَ، على النسب
لا على الفعل، لأَن حكم ذلك إِنما هو مُبَيِّضٌ.
والأَبْيَضُ: عِرْق السرّة، وقيل: عِرْقٌ في الصلب، وقيل: عرق في
الحالب، صفة غالبة، وكل ذلك لمكان البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ.
والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عرقان في البطن لبياضهما؛
قال ذو الرمة:
وأَبْيَض قد كلَّفْته بُعد شُقّة،
تَعَقّدَ منها أَبْيَضاه وحالِبُهْ
والأَبْيَضان: عِرْقان في حالب البعير؛ قال هميان ابن قحافة:
قَرِيبة نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ،
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقَى فائلِه وأُبُضِهْ
(* قوله «عرقا أبيضه» قال الصاغاني: هكذا وقع في الصحاح بالالف والصواب
عرقي بالنصب، وقوله وأبضه هكذا هو مضبوط في نسخ الصحاح بضمتين وضبطه
بعضهم بكسرتين، أفاده شارح القاموس.)
والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وقيل: الخُبْز والماء، وقيل: الماء
واللبنُ؛ قال هذيل الأَشجعي من شعراء الحجازيين:
ولكنّما يَمْضِي ليَ الحَوْلُ كاملاً،
وما ليَ إِلاَّ الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ
من الماءِ أو من دَرِّ وَجْناءَ ثَرّةٍ،
لها حالبٌ لا يَشْتَكي وحِلابُ
ومنه قولهم: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته من الماء أَو
اللبن. ابن الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وكذلك قال أَبو زيد،
وقال أَبو عبيد: الأَبْيَضانِ الشحمُ واللبن. وفي حديث سعد: أَنه سُئِل عن
السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه؛ البَيْضاء الحِنْطة وهي السَّمْراء
أَيضاً، وقد تكرر ذكرها في البيع والزكاة وغيرهما، وإِنما كَرِه ذلك لأَنهما
عنده جنسٌ واحد، وخالفه غيره. وما رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يعني يومين أَو
شهرين، وذلك لبياض الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: ما أَحاط
به، وقيل: بَياضُ القلب من الفرس ما أَطافَ بالعِرْق من أَعلى القلب،
وبياض البطن بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى ونحو ذلك، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم
أَرادوا ذات البياض. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ البياض كقولك المُسَوِّدةُ
والمُحَمِّرةُ لأَصحاب السواد والحمرة. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عليها بَياضُ
الحديد. والبَيْضاء: الشمسُ لبياضها؛ قال الشاعر:
وبَيْضاء لم تَطْبَعْ، ولم تَدْرِ ما الخَنا،
تَرَى أَعيُنَ الفِتْيانِ من دونها خُزْرا
والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قال ذلك أَبو عمرو. قال: ويقال للقِدْر أَيضاً
أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:
وإِذْ ما يُرِيحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ،
يَنُوسُ عليها رَحْلُها ما يُحَوَّلُ
فقلتُ لها: يا أُمَّ بَيْضاءَ، فِتْيةٌ
يَعُودُك منهم مُرْمِلون وعُيَّلُ
قال الكسائي: ما في معنى الذي في إِذ ما يُرِيح، قال: وصرماءُ خبر الذي.
والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وفي
الحديث: كان يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ، وهي الثالثَ عشَرَ
والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سميت ليالِيها بِيضاً لأَن القمر يطلُع فيها من
أَولها إِلى آخرها. قال ابن بري: وأَكثر ما تجيء الرواية الأَيام
البِيض، والصواب أَن يقال أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ من صفة
الليالي. وكلَّمتُه فما ردَّ عليَّ سَوْداءَ ولا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قبيحة ولا
حسنة، على المثل. وكلام أَبْيَضُ: مشروح، على المثل أَيضاً. ويقال:
أَتاني كلُّ أَسْودَ منهم وأَحمر، ولا يقال أَبْيَض. الفراء: العرب لا تقول
حَمِر ولا بَيِض ولا صَفِر، قال: وليس ذلك بشيء إِنما يُنْظَر في هذا إِلى
ما سمع عن العرب. يقال: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قال:
والعرب تقول فلانة مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إِذا ولدت البِيضانَ والسُّودانَ،
قال: وأَكثر ما يقولون مُوضِحة إِذا وَلَدَت البِيضانَ، قال: ولُعْبة لهم
يقولون أَبِيضي حَبالاً وأَسيدي حَبالاً، قال: ولا يقال ما أَبْيَضَ
فلاناً وما أَحْمَر فلاناً من البياض والحمرة؛ وقد جاء ذلك نادراً في شعرهم
كقول طرفة:
أَمّا الملوكُ فأَنْتَ اليومَ ألأَمُهم
لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
ابن السكيت: يقال للأَسْودَ أَبو البَيْضاء، وللأبْيَض أَبو الجَوْن،
واليد البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وهي أَيضاً اليد التي لا تُمَنُّ
والتي عن غير سؤال وذلك لشرفها في أَنواع الحِجاج والعطاء. وأَرض بَيْضاءُ:
مَلْساء لا نبات فيها كأَن النبات كان يُسَوِّدُها، وقيل: هي التي لم
تُوطَأْ، وكذلك البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: ما لا عمارة فيه. وبَياضُ
الجلد: ما لا شعر عليه. التهذيب: إِذا قالت العرب فلان أَبْيَضُ وفلانة
بَيْضاء فالمعنى نَقاء العِرْض من الدنَس والعيوب؛ ومن ذلك قول زهير يمدح
رجلاً.
أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض يُفَكِّك عن
أَيدي العُناةِ وعن أَعْناقِها الرِّبَقا
وقال:
أُمُّك بَيْضاءُ من قُضاعةَ في الـ
ـبيت الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ
قال: وهذا كثير في شعرهم لا يريدون به بَياضَ اللون ولكنهم يريدون المدح
بالكرم ونَقاءِ العرْض من العيوب، وإِذا قالوا: فلان أَبْيَض الوجه
وفلانة بَيْضاءُ الوجه أَرادوا نقاءَ اللون من الكَلَفِ والسوادِ الشائن. ابن
الأَعرابي: والبيضاءُ حبالة الصائد؛ وأَنشد:
وبيضاء مِنْ مالِ الفتى إِن أَراحَها
أَفادَ، وإِلا ماله مال مُقْتِر
يقول: إِن نَشِب فيها عَيرٌ فجرّها بقي صاحبُها مُقْتِراً.
والبَيْضة: واحدة البَيْض من الحديد وبَيْضِ الطائر جميعاً، وبَيْضةُ
الحديد معروفة والبَيْضة معروفة، والجمع بَيْض. وفي التنزيل العزيز:
كأَنَّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون، ويجمع البَيْض على بُيوضٍ؛ قال:
على قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها
أَي صارت أَو كانت؛ قال ابن سيده: فأَما قول الشاعر
(* قوله «فأما قول
الشاعر» عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات،
قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إلا في ضرورة الشعر قال: أخو
بيضات إلخ.):
أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب،
رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ
فشاذ لا يعقد عليه باب لأَن مثل هذا لا يحرك ثانيه.
وباضَ الطائرُ والنعامة بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. ودجاجة بَيّاضةٌ
وبَيُوضٌ: كثيرة البَيْضِ، والجمع بُيُضٌ فيمن قال رُسُل مثل حُيُد جمع
حَيُود، وهي التي تَحِيد عنك، وبِيضٌ فيمن قال رُسْل، كسَرُوا الباء
لِتَسْلم الياء ولا تنقلب، وقد قال بُّوضٌ أَبو منصور. يقال: دجاجة بائض بغير
هاء لأَن الدِّيكَ لا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فهي بائضٌ. ورجل بَيّاضٌ:
يَبِيع البَيْضَ، وديك بائِضٌ كما يقال والدٌ، وكذلك الغُراب؛ قال:
بحيث يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قال ابن سيده: وهو عندي على النسب. والبَيْضة: من السلاح، سميت بذلك
لأَنها على شكل بَيْضة النعام. وابْتاضَ الرجل: لَبِسَ البَيْضةَ. وفي
الحديث: لَعَنَ اللّه السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه، يعني
الخُوذةَ؛ قال ابن قتيبة: الوجه في الحديث أَن اللّه لما أَنزل: والسارقُ
والسارقةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهما، قال النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: لَعَنَ
اللّه السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه على ظاهر ما نزل عليه،
يعني بَيْضةَ الدجاجة ونحوها، ثم أَعلمه اللّه بَعْدُ أَن القطع لا يكون
إِلا في رُبْع دِينار فما فوقه، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هذا ليس
موضع تَكثيرٍ لما يأْخذه السارق، إِنما هو موضع تقليل فإِنه لا يقال: قبَّح
اللّه فلاناً عرَّض نفسه للضرب في عِقْد جَوْهر، إِنما يقال: لَعَنه
اللّه تعرَّض لقطع يده في خَلَقٍ رَثٍّ أَو في كُبّةِ شعَرٍ.
وفي الحديث: أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ، فالأَحمرُ
مُلْكُ الشام، والأَبْيَضُ مُلْكُ فارس، وإِنما يقال لفارس الأَبْيَض لبياض
أَلوانهم ولأَن الغالب على أَموالهم الفضة، كما أَن الغالب على أَلوان أَهل
الشام الحمرة وعلى أَموالهم الذهب؛ ومنه حديث ظبيان وذكر حِمْير قال:
وكانت لهم البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصفراء،
أَراد بالبيضاء الخرابَ من الأَرض لأَنه يكون أَبْيَضَ لا غَرْسَ فيه
ولا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ منها لاخْضِرارِها بالشجر والزرع،
وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عليه، وبالجزية الصفراء الذهبَ
كانوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يظهر
الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ؛ الأَبْيَضُ ما يأْتي فَجْأَةً ولم يكن
قبله مرض يُغيِّر لونه، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدم.
والبَيْضةُ: عِنَبٌ بالطائف أَبيض عظيم الحبّ. وبَيْضةُ الخِدْر:
الجاريةُ لأَنها في خِدْرها مكنونة. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ
العُقْر مَثَلٌ يضرب وذلك أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ
فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وتسمى تلك البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قال أَبو منصور: وقيل
بَُْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الديك مرة واحدة ثم لا يعود، يضْرب
مثلاً لمن يصنع الصَّنِيعة ثم لا يعود لها. وبَيْضة البلَدِ: تَرِيكة
النعامة. وبَيْضةُ البلد: السَّيِّدُ؛ عن ابن الأَعرابي، وقد يُذَمُّ
ببَيْضة البلد؛ وأَنشد ثعلب في الذم للراعي يهجو ابن الرِّقاعِ العاملي:
لو كُنتَ من أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ،
يا ابن الرِّقاعِ، ولكن لستَ من أَحَدِ
تَأْبى قُضاعةُ لم تَعْرِفْ لكم نَسَباً
وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ
أَرادَ أَنه لا نسب له ولا عشيرة تَحْمِيه؛ قال: وسئل ابن الأَعرابي عن
ذلك فقال: إِذا مُدِحَ بها فهي التي فيها الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حينئذ
يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بها فهي التي قد خرج الفَرْخُ منها ورَمى بها
الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وقولهم: هو أَذَلُّ من بَيْضةِ البَلَدِ
أَي من بَيْضَةِ النعام التي يتركها؛ وأَنشد كراع للمتلمس في موضع الذم
وذكره أَبو حاتم في كتاب الأَضداد، وقال ابن بري الشعر لِصِنَّان بن عبَّاد
اليشكري وهو:
لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي له تَرَعٌ
على الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذي لَدَدِ
لو كان حَوْضَ حِمَارٍ ما شَرِبْت به،
إِلاّ بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ
لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه
رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
أَي أَمسى ذليلاً كهذه البَيْضة التي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بها الظليم
فدِيسَت فلا أَذَل منها. قال ابن بري: حِمَار في البيت اسم رجل وهو
علقمة بن النعمان بن قيس بن عمرو بن ثعلبة، وشمطٌ هو شمط ابن قيس بن عمرو بن
ثعلبة اليشكري، وكان أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بن عبَّاد قائل هذا
الشعر فغضب لذلك، وقال المرزوقي: حمار أَخوه وكان في حياته يتعزَّزُ به؛
ومثله قول الآخر يهجو حسان بن ثابت وفي التهذيب انه لحسان:
أَرى الجَلابِيبَ قد عَزُّوا، وقد كَثُروا،
وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ
قال أَبو منصور: هذا مدح. وابن فُرَيْعة: أَبوه
(* قوله «وابن فريعة
أبوه» كذا بالأصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن
الفريعة كجهينة وهي أُمه.). وأَراد بالجلابيب سَفِلة الناس وغَثْراءَهم؛
قال أَبو منصور: وليس ما قاله أَبو حاتم بجيد، ومعنى قول حسان أَن سَفِلة
الناس عزُّوا وكثروا بعد ذِلَّتِهِم وقلتهم، وابن فُرَيعة الذي كان ذا
ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قد أُخِّرَ عن قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ
بالأَمر دونه فهو بمنزلة بَيْضة البلد التي تَبِيضُها النعامة ثم تتركها
بالفلاة فلا تَحْضُنها، فتبقى تَرِكةً بالفلاة.
وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس: العرب تقول للرجل الكريم: هو بَيْضة
البلد يمدحونه، ويقولون للآخر: هو بَيْضة البلد يذُمُّونه، قال: فالممدوحُ
يراد به البَيْضة التي تَصُونها النعامة وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فيها
فَرْخَها فالممدوح من ههنا، فإِذا انْفَلَقت عن فَرْخِها رمى بها الظليمُ
فتقع في البلد القَفْر فمن ههنا ذمّ الآخر. قال أَبو بكر في قولهم فلان
بَيْضةُ البلد: هو من الأَضداد يكون مدحاً ويكون ذمّاً، فإِذا مُدِح الرجل
فقيل هو بَيْضةُ البلد أُرِيدَ به واحدُ البلد الذي يُجْتَمع إِليه
ويُقْبَل قولُه، وقيل فَرْدٌ ليس أَحد مثله في شرفه؛ وأَنشد أَبو العباس
لامرأَة من بني عامر بن لُؤَيّ ترثي عمرو بن عبد وُدٍّ وتذكر قتل عليّ
إِيَّاه:لو كان قاتِلُ عَمرو غيرَ قاتله،
بَكَيْتُه، ما أَقام الرُّوحُ في جَسَدي
لكنَّ قاتلَه مَنْ لا يُعابُ به،
وكان يُدعَى قديماً بَيْضَةَ البَلَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، شُقِّي الجَيْبَ مُعْوِلَةً
على أَبيكِ، فقد أَوْدَى إِلى الأَبَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، بَكِّيهِ ولا تَسِمِي
بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ حَرَّى على ولد
بَيْضةُ البلد: عليُّ بن أَبي طالب، سلام اللّه عليه، أَي أَنه فَرْدٌ
ليس مثله في الشرف كالبَيْضةِ التي هي تَرِيكةٌ وحدها ليس معها غيرُها؛
وإِذا ذُمَّ الرجلُ فقيل هو بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هو منفرد لا ناصر له
بمنزلة بَيْضَةٍ قام عنها الظَّليمُ وتركها لا خير فيها ولا منفعة؛ قالت
امرأَة تَرْثي بَنِينَ لها:
لَهْفِي عليهم لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ
كثيرَة الهَمِّ والأَحزان والكَمَدِ
قد كُنْتُ قبل مَناياهُمْ بمَغبَطَةٍ،
فصِرْتُ مُفْرَدَةً كبَيْضَةِ البلدِ
وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وكلاهما على
المثل. وبَيْضَة القوم: وسَطُهم. وبَيْضة القوم: ساحتهم؛ وقال لَقِيطٌ
الإِيادِي:
يا قَوْمِ، بَيْضتَكُمْ لا تُفْضَحُنَّ بها،
إِنِّي أَخاف عليها الأَزْلَم الجَذَعا
يقول: احفظوا عُقْر داركم. والأَزْلَم الجَذَع: الدهر لأَنه لا يهرم
أَبداً. ويقال منه: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لهم،
وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فعلنا بهم ذلك. وبَيْضَةُ الدار: وسطها
ومعظمها. وبَيْضَةُ الإِسلام: جماعتهم. وبَيْضَةُ القوم: أَصلهم. والبَيْضَةُ:
أَصل القوم ومُجْتَمعُهم. يقال: أَتاهم العدو في بَيْضَتِهِمْ. وقوله في
الحديث: ولا تُسَلِّطْ عليهم عَدُوّاً من غيرهم فيستبيح بَيْضَتَهم؛ يريد
جماعتهم وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وموضع سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دعوتهم،
أَراد عدوّاً يستأْصلهم ويُهْلِكهم جميعهم، قيل: أَراد إِذا أُهْلِكَ أَصلُ
البَيْضة كان هلاك كل ما فيها من طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لم يُهْلَكْ
أَصلُ البَيْضة ربما سلم بعضُ فِراخها، وقيل: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ
فكأَنه شَبَّه مكان اجتماعهم والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ ومنه حديث
الحديبية: ثم جئتَ بهم لبَيْضَتِك تَفُضُّها أَي أَصْلك وعشيرتك. وبَيْضَةُ
كل شيء حَوْزَتُه.
وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. ويقال: ابْتِيضَ القومُ إِذا
أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وقد ابْتِيضَ القوم إِذا
اُخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً.
أَبو زيد: يقال لوسط الدار بَيْضةٌ ولجماعة المسلمين بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ
في ركبة الدابة بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يكون في يد الفرس مثل
النُّفَخ والغُدَد؛ قال الأَصمعي: هو من العيوب الهَيِّنة. يقال: قد باضَتْ يدُ
الفرس تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: معظمه. وبَيْضَة الحرّ:
شدته. وبَيْضَة القَيْظ: شدة حَرِّه؛ وقال الشماخ:
طَوَى ظِمْأَهَا في بَيْضَة القَيْظِ، بعدما
جَرَى في عَنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ
وباضَ الحَرُّ إِذا اشتد. ابن بزرج: قال بعض العرب يكون على الماء
بَيْضَاءُ القَيْظِ، وذلك من طلوع الدَّبَران إِلى طلوع سُهَيْل. قال أَبو
منصور: والذي سمعته يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ القيظ. ابن
شميل: أَفْرَخَ بَيْضَةُ القوم إِذا ظهر مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت
البَيْضَةُ إِذا صار فيها فَرْخٌ.
وباضَ السحابُ إِذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
باضَ النَّعَامُ به فنَفَّرَ أَهلَهُ،
إِلا المُقِيمَ على الدَّوا المُتأَفِّنِ
قال: أَراد مطراً وقع بِنَوْءِ النَّعَائم، يقول: إِذا وقع هذا المطر
هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قال ابن بري: هذا الشاعر وصف وَادِياً
أَصابه المطر فأَعْشَب، والنَّعَامُ ههنا: النعائمُ من النجوم، وإِنما
تُمْطِرُ النَّعَائمُ في القيظ فينبت في أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يقال له
النَّشْر، وهو سُمٌّ إِذا أَكله المال مَوَّت، ومعنى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا
بمعنى الداء، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ به على خَطر أَن يموت،
والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قال: هكذا فسره المُهَلَّبِيّ
في باب المقصور لابن ولاَّد في باب الدال؛ قال ابن بري: ويحتمل عندي أَن
يكون الدَّوا مقصوراً من الدواء، يقول: يَفِرُّ أَهلُ هذا الوادي إِلا
المقيمَ على المُداواة المُنَقِّصة لهذا المرض الذي أَصابَ الإِبلَ من
رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إِذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض:
اصفرت خُضرتُها ونَفَضتِ الثمرة وأَيبست، وقيل: باضَت أَخْرجَتْ ما فيها من
النبات، وقد باضَ: اشتدَّ.
وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. ويقال: بَيَّضْت الإِناءَ إِذا
فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إِذا مَلأْته، وهو من الأَضداد.
والبَيْضاء: اسم جبل. وفي الحديث في صفة أَهل النار: فَخِذُ الكافر في
النار مثْل البَيْضاء؛ قيل: هو اسم جبل. والأَبْيَضُ: السيف، والجمع
البِيضُ.
والمُبَيِّضةُ، بكسر الياء: فرقة من الثَّنَوِيَّة وهم أَصحاب
المُقَنَّع، سُمُّوا بذلك لتَبْيِيضهم ثيابهم خلافاً للمُسَوِّدَة من أَصحاب
الدولة العبّاسية. وفي الحديث: فنظرنا فإِذا برسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، وأَصحابه مُبَيِّضين، بتشديد الياء وكسرها، أَي لابسين ثياباً بيضاً.
يقال: هم المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بالكسر؛ ومنه حديث توبة كعب بن
مالك: فرأَى رجلاً مُبَيِّضاً يزول به السرابُ، قال ابن الأَثير: ويجوز أَن
يكون مُبْيَضّاً، بسكون الباء وتشديد الضاد، من البياض أَيضاً.
وبِيضَة، بكسر الباء: اسم بلدة. وابن بَيْض: رجل، وقيل: ابن بِيضٍ،
وقولهم: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قال الأَصمعي: هو رجل كان في الزمن
الأَول يقال له ابن بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه على ثَنِيَّةٍ فسد بها الطريق ومنع
الناسَ مِن سلوكِها؛ قال عمرو بن الأَسود الطهوي:
سَدَدْنا كما سَدَّ ابنُ بيضٍ طَرِيقَه،
فلم يَجِدوا عند الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا
قال: ومثله قول بَسّامة بن حَزْن:
كثوبِ ابن بيضٍ وقاهُمْ به،
فسَدَّ على السّالِكينَ السَّبِيلا
وحمزة بن بِيضٍ: شاعر معروف، وذكر النضر بن شميل أَنه دخل على المأْمون
وذكر أَنه جَرى بينه وبينه كلام في حديث عن النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، فلما فرغ من الحديث قال: يا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بيت قالته
العرب، فأَنشدته أَبيات حمزة بن بِيضٍ في الحكَم بن أَبي العاص:
تقولُ لي، والعُيونُ هاجِعةٌ:
أَقِمْ عَلَيْنا يَوْماً، فلم أُقِم
أَيَّ الوُجوهِ انْتَجَعْتَ؟ قلتُ لها:
وأَيُّ وَجْهٍ إِلا إِلى الحَكَم
متى يَقُلْ صاحِبا سُرادِقِه:
هذا ابنُ بِيضٍ بالباب، يَبْتَسِمِ
رأَيت في حاشية على كتاب أَمالي ابن بري بخط الفاضل رضي الدين الشاطبي،
رحمه اللّه، قال: حمزة بن بِيضٍ، بكسر الباء لا غير. قال: وأَما قولهم
سدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ فقال الميداني في أَمثاله: ويروى ابن بِيضٍ، بكسر
الباء، قال: وأَبو محمد، رحمه اللّه، حمل الفتح في بائه على فتح الباء
في صاحب المثَل فعطَفَه عليه. قال: وفي شرح أَسماء الشعراء لأَبي عمر
المطرّز حمزة بن بِيض قال الفراء: البِيضُ جمع أَبْيَض وبَيْضاء.
والبُيَيْضَة: اسم ماء. والبِيضَتانِ والبَيْضَتان، بالكسر والفتح: موضع على طريق
الشام من الكوفة؛ قال الأَخطل:
فهْوَ بها سَيِّءٌ ظَنّاً، وليس له،
بالبَيْضَتَينِ ولا بالغَيْضِ، مُدَّخَرُ
ويروى بالبَيْضَتين. وذُو بِيضانَ: موضع؛ قال مزاحم:
كما صاحَ، في أَفْنانِ ضالٍ عَشِيَّةً
بأَسفلِ ذِي بِيضانَ، جُونُ الأَخاطِبِ
وأَما بيت جرير:
قَعِيدَ كما اللّهَ الذي أَنْتُما له،
أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَينِ المُنادِيا؟
فقال ابن حبيب: البِيضَة، بالكسر، بالحَزْن لبني يربوع، والبَيْضَة،
بالفتح، بالصَّمّان لبني دارم. وقال أَبو سعيد: يقال لما بين العُذَيْب
والعقَبة بَيْضة، قال: وبعد البَيْضة البَسِيطةُ. وبَيْضاء بني جَذِيمة: في
حدود الخطّ بالبحرين كانت لعبد القيس وفيها نخيل كثيرة وأَحْساءٌ عَذْبة
وقصورٌ جَمَّة، قال: وقد أَقَمْتُ بها مع القَرامِطة قَيْظة. ابن
الأَعرابي: البَيْضة أَرض بالدَّوّ حفَروا بها حتى أَتتهم الريح من تحتهم فرفعتهم
ولم يصِلُوا إِلى الماء. قال شمر: وقال غيره البَيْضة أَرض بَيْضاء لا
نبات فيها، والسَّوْدة: أَرض بها نخيل؛ وقال رؤبة:
يَنْشَقُّ عن الحَزْنُ والبَرِّيتُ،
والبِيضةُ البَيْضاء والخُبُوتُ
كتبه شمر بكسر الباء ثم حكى ما قاله ابن الأَعرابي.
محص: مَحَصَ الظبيُ في عَدْوِه يَمْحَصُ مَحْصاً: أَسْرَعَ وعَدا
عَدْواً شديداً؛ قال أَبو ذؤيب:
وعاديّة تُلْقي الثِّيابَ كَأَنَّها
تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصُها وانتِبارُها
وكذلك امْتَحَصَ؛ قال:
وهُنَّ يَمْحَصْن امْتِحاصَ الأَظْبِ
جاء بالمصدر على غير الفعل لأَن مَحَصَ وامْتَحَصَ واحد. ومَحَصَ في
الأَرض مَحْصاً: ذهب. ومحَصَ بها مَحْصاً: ضَرطَ. والمَحْصُ: شدة الخلق.
والمَمْحُوصُ والمَحْص والمَحِيصُ والمُمَحَّصُ: الشديدُ الخلق، وقيل: هو
الشديد من الإِبل. وفرس مَحْصٌ بيَّن المَحْصِ: قليلُ لحمِ القوائم؛ قال
الشماخ يصف حمارَ وحش:
مَحْصُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، خاظِي المَطا،
سَحْلٌ يُرَجِّع خَلفَها التَّنْهاقا
ويستحب من الفرس أَن تُمْحَصَ قوائمُه أَي تخلُصَ من الرَّهَل، يقال
منه: فرس مَمْحُوصُ القوائمِ إِذا خَلَصَ من الرَّهَل. وقال أَبو عبيدة: في
صفات الخيل المُمَحَّصُ والمَحْصُ، فأَما المُمَحَّصُ فالشديد الخلق،
والأُنثى مُمَحَّصةٌ؛ وأَنشد:
ممَحَّصُ الخَلْق وَأًى فُرافِصَهْ
كلٌّ شَدِيدٌ أَسْرهُ مُصامِصَهْ
قال: والمُمَحَّصُ والفُرافِصةُ سواءٌ. قال: والمَحْصُ بمنزلة
المَمَحَّصِ، والجمع مِحاصٌ ومِحاصاتٌ؛ وأَنشد:
مَحْص الشَّوى مَعْصوبة قَوائِمُه
قال: ومعنى مَحْص الشَّوى قليل اللحم إِذا قلت مَحَص كذا
(* قوله «إِذا
قلت محص كذا» هو كذلك في الأصل.) ؛ وأَنشد:
مَحْصُ المُعَذَّرِ أَسْرَفت حَجَباتُه،
يَنْضُو السوابِقَ زاهِقٌ قَرِدُ
وقال غيره: المَمْحُوص السنانِ المجْلوُّ؛ وقال أُسامة الهذلي:
أَشْفَوْا بمَمْحوصِ القِطاعِ فُؤادَه
والقِطاعُ: النِّصالُ، يصف عَيْراً رُمِي بالنِّصال حتى رق فؤادُه من
الفزع.
وحبل مَحِصٌ ومَحِيصٌ: أَمْلَس أَجْرَدُ ليس له زِئْبِرٌ. ومَحِصَ
الحبلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إِذا ذهب وبرُه حتى يَمّلِص. وحبل مَحِصٌ ومَلِصٌ
بمعنى واحد. ويقال للزمام الجيِّد الفَتْل: مَحِصٌ ومَحْصٌ في الشِّعْر؛
وأَنشد:
ومَحْص كساق السَّوْذَقانِيّ نازَعَتْ
بِكَفِّيَ جَشَّاء البُغامِ خَفُوق
(* قوله «ومحص كساق السوذقاني البيت» هو هكذا في الأَصل.)
أَراد مَحِص فخفّفه وهو الزمام الشديد الفتل. قال: والخفوق التي يَخْفِق
مِشْفراها إِذا عَدَت. والمَحِيصُ: الشديد الفَتْل؛ قال امرؤ القيس يصف
حماراً:
وأَصْدَرَها بادِي النَّواجِذ قارِحٌ،
أَقَبُّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِيصُ
وأَورد ابن بري هذا البيت مستشهداً به على المَحِيص المفتول الجسم.
أَبو منصور: مَحّصْت العَقَبَ من الشحم إِذا نَقَّيْتَه منه لتَفْتلَه
وَتَراً. ومَحَصَ به الأَرضَ مَحْصاً: ضَرَبَ. والمَحْصُ: خُلُوصُ الشيء.
ومَحَصَ الشيءَ يَمْحَصُه مَحْصاً ومَحَّصَه: خَلَّصَه، زاد الأَزهري: من
كل عيب؛ وقال رؤبة يصف فرساً:
شدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحوصُ الشَّوى
كالكَرِّ، لا شَخْتٌ ولا فيه لَوى
أَراد باللَّوى العِوَجَ. وفي التنزيل: وليُمَحِّصَ ما في قُلوبِكم،
وفيه: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا؛ أَي يُخَلِّصهم، وقال الفراء: يعني
يُمحِّص الذنوبَ عن الذين آمنوا، قال الأَزهري: لم يزد الفراء على هذا،
وقال أَبو إِسحق: جعل اللّه الأَيامَ دُوَلاً بين الناس لِيُمَحِّصَ
المؤمنين بما يقع عليهم من قَتْلٍ أَو أَلَمٍ أَو ذهاب مال، قال: ويَمْحَق
الكافرين؛ أَي يَسْتأْصِلُهم. والمَحْصُ في اللغة: التَّخْليصُ والتنقية. وفي
حديث الكسوف: فَرَغَ من الصلاة وقد أَمْحَصَت الشمسُ أَي ظهرت من الكسوف
وانجلَت، ويروى: امّحصَت، على المطاوعة وهو قليل في الرباعي، وأَصل
المَحْص التخليصُ. ومَحَصْت الذهَبَ بالنار إِذا خَلَّصْته مما يَشُوبه. وفي
حديث عليّ: وذَكَرَ فتْنةً فقال: يُمْحَصُ الناسُ فيها كما يُمْحَصُ ذهبُ
المعدن أَي يُخَلَّصون بعضُهم من بعض كما يُخَلَّص ذهبُ المعدن من
التراب، وقيل: يُخْتَبرُون كما يُخْتَبر الذهب لتُعْرَفَ جَوْدته من رَداءتِه.
والمُمَحَّصُ: الذي مُحِّصَت عنه ذنوبُه؛ عن كراع، قال ابن سيده: ولا
أَدري كيف ذلك إِنما المَمَحَّصُ الذَّنْبُ. وتمحِيصُ الذنوب: تطهيرُها
أَيضاً. وتأْويل قول الناس مَحِّصْ عنا ذنوبَنا أَي أَذْهِب ما تعلق بنا من
الذنوب. قال فمعنى قوله: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يخَلِّصهم من
الذنوب. وقال ابن عرفة: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يَبْتَليهم،
قال: ومعنى التَّمْحِيص النَّقْص. يقال: مَحَّصَ اللّه عنك ذنوبَك أَي
نقصها فسمى اللّه ما أَصابَ المسلمين من بَلاءٍ تَمْحِيصاً لأَنه يَنْقُص
به ذنوبَهم، وسَمّاه اللّه من الكافرين محْقاً.
والأَمْحَصُ: الذي يقْبَل اعتذارَ الصادق والكاذب.
ومُحِصَت عن الرجل يدُه أَو غيرُها إِذا كان بها ورَمٌ فأَخَذ في
النقصان والذهاب؛ قال ابن سيده: هذه عن أَبي زيد وإِنما المعروف من هذا حَمَصَ
الجرْحُ.
والتَّمْحِيص: الاختبار والابتلاء؛ وأَنشد ابن بري:
رأَيت فُضَيْلاً كان شيئاً مُلَفَّقاً،
فكشَّفَه التَّمْحِيصُ حتى بَدا لِيَا
ومَحَص اللّهُ ما بِك ومَحَّصَه: أَذْهَبَه. الجوهري: مَحَصَ المذبوحُ
برِجْلِه مثل دَحَص.