[في الانكليزية] Phoenix ،matter
[ في الفرنسية] Phenix ،matiere
بالفتح، طائر مجهول يقال له في اللغة الفارسية (سيمرغ). وعند الصوفية كناية عن الهيولى، لانّ الهيولى لا ترى كما هو حال العنقاء.
عقن: قال الأَزهري: أَما عَقَنَ فإِني لم أَسمع من مُشْتقاته شيئاً
مستعملاً إلا أَن يكون العِقْيَانُ فِعْيالاً منه، وهو الذَّهَبُ، ويجوز أَن
يكون فِعَْلاناً من عَقَى يَعْقِي، وهو مذكور في بابه.
عنق: العُنْقُ والعُنُقُ: وُصْلة ما بين الرأس والجسد، يذكر ويؤنث. قال
ابن بري: قولهم عُنُق هَنْعَاءُ وعُنُق سَطْعاءُ يشهد بتأنيث العُنُق،
والتذكير أَغلب.
يقال: ضربت عُنُقه، قاله الفراء وغيره؛ وقال رؤبة يصف الآل والسَّراب:
تَبْدُوا لَنا أعْلامُه، بعد الفَرَقْ،
خارِجَةً أعناقُها من مُعْتَنَقْ
ذكر السراب وانْقِماسَ الحِبال فيه إلى أَعاليها، والمُعْتَنَقُ: مَخْرج
أَعناق الحِبال من السراب، أَي اعْتَنَقَتْ فأَخرجت أَعناقها، وقد يخفف
العُنُق فيقال عُنْق، وقيل: مَنْ ثَقَّل أَنَّث ومَن خَفَّف ذكَّر؛ قال
سيبويه: عُنْق مخفف من عُنُق، والجمع فيهما أَعناق، لم يجاوزوا هذا
البناء.والعَنَقُ: طول العُنُقِ وغِلظه، عَنِقَ عَنَقاً فهو أَعنق، والأْنثى
عَنْقاء بيِّنة العَنَق. وحكى اللحياني: ما كان أَعْنَقَ ولقد عَنِقَ
عَنَقاً يذهب إلى النّقلة. ورجل مُعْنِقٌ وامرأة مُعْنِقَةٌ: طويلا العُنُقِ.
وهَضْبة معْنقة وعَنْقاءُ: مرتفعة طويلة؛ أَبو كبير الهذلي:
عَنْقاءُ مُعْنِقةٌ يكون أَنِيسُها
وُرْقَ الحَمام، جَميمُها لم يُؤكل
ابن شميل: مَعَانيق الرمال حبال صغار بين أَيدي الرمل، الواحدة
مُعْنِقة.وعانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً: التزمه فأدنى عُنُقَه من عُنُقِه، وقيل:
المُعَانقة في المودة والإعْتِناقُ في الحرب؛ قال:
يَطْعُنُهم، وما ارْتَمَوْا، حتى إذا اطَّعَنُوا
ضارَبَ، حتى إذا ما ضَارَبُوا اعْتَنَقَا
وقد يجوز الافتعالُ في موضع المُفاعلة، فإذا خصصت بالفعل واحداً دون
الآخر لم تقل إلاّ عانَقه في الحالين، قال الأَزهري: وقد يجوز الاعتناقُ في
المودَّةِ كالتَّعانُقِ، وكلٌّ في كلٍّ جائزٌ.
والعَنِيقُ: المُعانِقُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
وما راعَني إلاَّ زُهاءُ مُعانِقِي،
فأَيُّ عَنِيقٍ بات لي لا أَبالِيَا
وفي حديث أُم سلمة قالت: دخَلَتْ شاة فأَخذت قُرْصاً تحت دَنٍّ لنا فقمت
فأَخذته من بين لَحْييها فقال: ما كان ينبغي لكِ أَن تُعَنِّقِيها أَي
تأخذي بعُنُقِها وتَعْصِريها، وقيل: التَّعْنِيقُ التَّخْييبُ من
العَنَاقِ وهي الخيبة. وفي الحديث أَنه قال لنساء عثمان بن مظعون لما مات:
ابْكِينَ وإياكنَّ وتَعَنُّقَ الشيطان؛ هكذا جاء في مسند أَحمد، وجاء في غيره:
ونَعِيقَ الشيطان، فإن صَحَّت الأُولى فتكون من عَنَّقَه إذا أَخذ
بعُنُقِه وعَصَرَ في حلقه لِيَصِيح، فجعل صياح النساء عند المصيبة مسبَّباً عن
الشيطان لأنه الحامل لهنَّ عليه.
وكلب أَعْنَقُ: في عُنُقِه بياض. والمِعْنَقَةُ: قلادة توضع في عُنُق
الكلب؛ وقد أَعْنَقَه: قلَّده إياها. وفي التهذيب: والمِعْنَقَةُ القلادة،
ولم يخصص. والمِعْنَقةُ: دُوَيبة.
واعْتَنَقَت الدابةُ: وقعت في الوَحْل فأخرجت عُنقَها. والعانِقاءُ:
جُحْرٌ مملوءٌ تراباً رِخْواً يكون للأَرنب واليَرْبوع يُدْخِل فيه عُنُقَه
إذا خاف. وتَعَنَّقَت الأَرنب بالعانِقاء وتَعَنَّقَتْها كلاهما: دَسَّتْ
عُنقها فيه وربما غابت تحته، وكذلك اليربوع، وخصَّ الأَزهري به اليربوع
فقال: العانقاءُ جُحْر من جِحَرة اليربوع يملؤه تراباً، فإذا خاف
انْدَسَّ فيه إلى عُنُقه فيقال تَعَنَّقَ، وقال المفضل: يقال لجِحَرة اليربوع
النّاعِقاءُ والعانِقاء والقاصِعاءُ والنافِقاءُ والرَّاهِطماءُ
والدامّاءُ.ويقال: كان ذلك على عُنُق الدهر أَي على قديم الدهر. وعُنُق كل شيء.
عُنُق الصيف والشتاء: أَولهما ومقدَّمتهما على المثل، وكذلك عُنُق السِّنّ.
قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي كم أَتى عليك؟ قال: أخذت بعُنُق الستين
أي أَولها، والجمع كالجمع. والمُعْتنَق: مَخْرج أَعناق الحبال
(* قوله
«أعناق الحبال» أي حبال الرمل.) قال:
خارجة أَعْناقُها من مُعْتَنَقْ
وعُنُق الرَّحِم: ما اسْتدق منها مما يلي الفرج. والأَعناق: الرؤساء.
والعُنُق: الجماعة الكثيرة من الناس، مذكَّر، والجمع أَعْناق. وفي التنزيل:
فظلَّت أَعناقهم لها خاضعين؛ أَي جماعاتهم، على ما ذهب إليه أكثر
المفسرين، وقيل: أَراد بالأَعناق هنا الرِّقاب كقولك ذَلَّتْ له رقاب القوم
وأَعْناقهم، وقد تقدم تفسير الخاضعين على التأويلين، والله أَعلم بما أَراد.
وجاء بالخبر على أصحاب الأَعناق لأنه إذا خضع عُنُقهِ فقد خضع هو، كما
يقال قُطِع فلان إذا قُطِعَتْ يده. وجاءَ القوم عُنُقاً عُنُقاً أَي
طوائف؛ قال الأَزهري: إذا جاؤوا فِرَقاً، كل جماعة منهم عُنُق؛ قال الشاعر
يخاطب أَمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه:
أَبْلِغْ أَميرَ المؤمنيـ
ـن أخا العِراقِ، إذا أَتَيْتا
أَن العِراقَ وأَهلَهُ
عُنُقٌ إليكَ، فَهْيتَ هَيْتَا
أَراد أَنهم أَقبلواإليك بجماعتهم، وقيل: هم مائلون إليك ومنتظروك.
ويقال: جاء القوم عُنُقاً عُنُقاً أَي رَسَلاً رَسَلاً وقَطِيعاً قطيعاً؛ قال
الأَخطل:
وإذا المِئُونَ تواكَلَتْ أَعْناقُها،
فاحْمِدْ هُناكَ على فَتىً حَمّالِ
قال ابن الأَعرابي: أَعْناقُها جماعاتها، وقال غيره: سادَاتها. وفي
حديث: يخرج عُنُقٌ من النار أَي تخرج قطعة من النار. ابن شميل: إذا خرج من
النهر ماء فجرى فقد خرج عُنُق. وفي الحديث: لا يزال الناس مختلفةً
أَعْناقُهم في طلب الدنيا أَي جماعات منهم، وقيل: أَراد بالأَعناق الرؤساء
والكُبَرَاء كما تقدم، ويقال: هم عُنُق عليه كقولك هم إلْبٌ عليه، وله عُنُق في
الخير أَي سابقة. وقوله: المؤذِّنون أَطول الناس أَعْناقاً يوم القيامة؛
قال ثعلب: هو من قولهم له عُنُق في الخير أَي سابقة، وقيل: إنهم أكثر
الناس أَعمالاً، وقيل: يُغْفَرُ لهم مَدَّ صوتهم، وقيل: يُزَادونَ على
الناس، وقال غيره: هو من طول الأَعْناقِ أي الرقاب لأَن الناس يومئذ في
الكرب، وهم في الرَّوْح والنشاط متطلعون مُشْرَئِبُّونَ لأَنْ يُؤذَنَ لهم في
دخول الجنة؛ قال ابن الأَثير: وقيل أَراد أَنهم يكونون يومئذ رؤساء
سادةً، والعرب تصف السادة بطول الأَعناق، وروي أَطولُ إعْناقاً، بكسر الهمزة،
أَي أَكثر إسراعاً وأَعجل إلى الجنة. وفي الحديث: لا يزال المؤمن
مُعْنِقاً صالحاً ما لم يُصِبْ دماً حراماً أَي مسرعاً في طاعته منبسطاً في
عمله، وقيل: أَراد يوم القيامة. والعُنُق: القطعة من المال. والعُنُق أَيضاً:
القطعة من العمل، خيراً كان أَو شرّاً. والعَنَق من السير: المنبسط،
والعَنِيقُ كذلك. وسير عَنَقٌ وعَنِيقٌ: معروف، وقد أَعْنَقَت الدابةُ، فهي
مُعْنِقٌ ومِعْناق وعَنِيق؛ واستعار أَبو ذؤيب الإعْناق للنجوم فقال:
بأَطْيَبَ منها، إذا ما النُّجُو
م أَعْنَقْنَ مِثْلَ هَوَادِي
(* هكذا ورد عجز هذا البيت في الأصل وهو مختل الوزن).
وفي حديث مُعاذٍ وأَبي موسى: أَنهما كانا مع النبي، صلى الله عليه وسلم،
في سفر أَصحابه فأناخُوا ليلةً وتَوَسَّدَ كلُّ رجل منهم بذراع راحلته،
قالا: فانتبهنا ولم نَرَ رسول الله، صلى الله عليهم وسلم، عند راحلته
فاتبعناه؛ فأَخبرنا، عليه السلام، أَنه خُيِّرَ بين أَن يدخل نصفُ أُمته
الجنة وبين الشفاعة، قال شمر: قوله مَعََانيق أَي مسرعين؛ يقال: أَعْنَقْتُ
إليه أُعْنَقَ إعْناقاً. وفي حديث أصحاب الغارِ: فانفرجت الصخرة فانطلقوا
مُعَانقينَ إلى الناس نبشّرهم، قال شمر: قوله معانيق أَي مسرعين، من
عانَقَ مثل أَعْنِقَ إذا سارَع وأَسرع، ويروى: فانطلقوا مَعانيقَ؛ ورجل
مُعْنِقٌ وقوم مُعْنِقون ومَعانيق؛ قال القطامي:
طَرَقَتْ جَنُوبُ رحالَنا من مُطْرِق،
ما كنت أَحْسَبُها قريبَ المُعْنِقِ
وقال ذو الرمة:
أَشَاقَتْكَ أخْلاقُ الرُّسوم الدوائرِ،
بأََدْعاصِ حَوضَى المُعْنِقاتِ النَّوادِرِ؟
المُعْنِقات: المتقدمات منها. والعَنَقُ والعَنِيقُ من السير: معروف
وهما اسمان من أَعْنَقَ إعْناقاً. وفي نوادر الأَعراب: أَعْلَقْتُ
وأَعْنَقْتُ. وبلاد مُعْلِقة ومُعْنِقة: بعيدة. وقال أَبو حاتم: المَعانقُ هي
مُقَرِّضات الأَسَاقي لها أَطواق في أَعناقها ببياض. ويقال عَنَقَت السحابةُ
إذا خرجت من معظم الغيم تراها بيضاء لإشراق الشمس عليها؛ وقال:
ما الشُّرْبُ إلاّ نَغَباتٌ فالصَّدَرْ،
في يوم غَيْمٍ عَنَقَتْ فيه الصُّبُرْ
قال: والعَنَقُ ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مُسْبَطِرٌّ؛ قال
أَبو النجم:
يا ناقَ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحاً،
إلى سليمانَ، فَنَسْترِيحا
ونَصب نَسْتريح لأَنه جواب الأمر بالفاء. وفرس مِعْناق أي جيد العَنَق.
وقال ابن بري: يقال ناقة مِعْناق تسير العَنَق؛ قال الأَعشى:
قد تجاوَزْتُها وتَحْتي مَرُوحٌ،
َعنْتَرِيسٌ نَعّابة مِعْناقُ
وفي الحديث: أنه كان يسير العَنَقَ فإذا وجد فَجْوةً نَصَّ. وفي الحديث:
أَنه بعث سَرِيّةً فبعثوا حَرَامَ بن مِلْحان بكتاب رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، إلى بني سُلَيْم فانْتَحَى له عامرُ بن الطُّفَيْل فقتله،
فلما بلغ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَتْلُه قال: أَعْنَقَ لِيَمُوتَ،
أَي أَن المنية أَسرعت به وساقته إلى مصرعه.
والمُعْنِق: ما صُلب وراتفع عن الأَرض وحوله سَهْل، وهو منقاد نحو مِيلٍ
وأَقل من ذلك، والجمع مَعانيقُ، توهموا فيه مِفْعالاً لكثرة ما يأتيان
معاً نحو مُتْئِم ومِتْآم ومُذْكِر ومِذْكار.
والعَناق: الحَرَّة. والعَناق: الأُنثى من المَعَز؛ أَنشد ابن الأَعرابي
لقُريْطٍ يصف الذئب:
حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقاً،
وما هي، وَيْبَ غَيرِك، بالعَناقِ
فلو أَني رَمَيْتُك من قريب،
لعاقَكَ عن دُعاءِ الذَّئبِ عاقِ
والجمع أَعْنُق وعُنُق وعُنُوق. قال سيبويه: أَمُّا تكسيرهم إياه على
أَفْعُل فهو الغالب على هذا البناء من المؤنث، وأَما تكسيرهم له على فُعُول
فلتكسيرهم إياه على أَفْعُل، إذ كانا يعتقبان على باب فَعْل. وقال
الأَزهري: العَنَاق الأُنثى من أَولاد المِعْزَى إذا أتت عليها سنة، وجمعها
عنوق، وهذا جمع نادر، وتقول في العدد الأَقل: ثلاث أَعْنُقٍ وأَربع
أََعْنُقٍ؛ قال الفرزدق:
دَعْدِِعْ بأَعْنُقِك القَوائِم، إنَّني
في باذِخٍ، يا ابن المَراغة، عالِ
وقال أَوس بن حجر في الجمع الكثير:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ،
له ظأبٌ كما صَخِبَ الغِرِيمُ
وفي حديث الضحية: عندي عَناقٌ جَذَعةٌ؛ هي الأُنثى من أَولاد المعز ما
لم يتم له سنة. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لو مَنَعوني عَناقاً مما
كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لقاتلتُهم عليه؛ قال
ابن الأَثير: فيه دليل على وجوب الصدقة في السِّخَال وأَن واحدة منها
تجزئ عن الواجب في الأَربعين منها إذا كانت كلها سِخَالاً ولا يُكَلَّفُ
صاحبها مُسِنَّةً؛ قال: وهو مذهب الشافعي، وقال أَبو حنيفة: لا شيء في
السخال، وفيه دليل على أن حَوْل النَّتَاجِ حوْلُ الأُمّهاتِ، ولو كانَ
يُستأنَف لها الحَوْلُ لم يوجد السبيلُ إلى أَخذ العَناق. وفي حديث الشعبي:
نحن في العُنُوق ولم نبلغ النُّوق؛ قال ابن سيده: وفي المثل هذه العُنُوق
بعد النُّوق؛ يقول: مالُكَ العُنُوق بعد النّوق، يضرب للذي يكون على حالة
حَسَنة ثم يركب القبيح من الأَمر ويَدَعُ حاله الأُولى، وينحطّ من عُلُو
إلى سُفل؛ قال الأَزهري: يضرب مثلاَ للذي يُحَطُّ عن مرتبته بعد الرفعة،
والمعنى أَنه صار يرعى العُنُوق بعدما كان يرعى الإبل، وراعي الشّاءِ
عند العرب مَهِينٌ ذليل، وراعي الإبل عزيز شريف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لا أَذَبحُ النّازِيَ الشّبُوبَ، ولا
أَسْلُخُ، يومَ المَقامةِ، العُنُقَا
لا آكلُ الغَثَّ في الشِّتاءِ، ولا
أَنْصَحُ ثوبي إذا هو انْخَرَقَا
وأَنشد ابن السكيت:
أَبوكَ الذي يَكْوي أُنُوف عُنُوقِه
بأَظفارِهِ حتى أَنَسَّ وأَمْحَقا
وشاة مِعْناق: تلد العُنُوق؛ قال:
لَهْفِي على شاةِ أَبي السِّبّاقِ
عَتِيقةٍ من غنمٍ عِتَاقٍ،
مَرْغُوسَةٍ مأمورةٍ مِعْناقِ
والعَناقُ: شيءٌ من دوابِّ الأَرض كالفَهْد، وقيل: عَناق الأَرض
دُوَيْبَّة أَصفر من الفَهْد طويلة الظهر تصيد كل شيء حتى الطير؛ قال الأَزهري:
عَناقُ الأَرض دابة فوق الكلب الصيني يصيد كما يصيد الفَهْدُ، ويأكل
اللحم وهو من السباع؛ يقال: إنه ليس شيء من الدواب يُؤَبِّرُ أَي يُعَقّي
أَثرَه إذا عدا غيره وغير الأَرْنب، وجمعه عُنُوق أَيضاً، والفُرْسُ تسميه
سِيَاهْ كُوشَ، قال: وقد رأَيته بالبادية وهو أَسود الرأس أَبيض سائره.
وفي حديث قتادة: عَناقُ الأَرض من الجوارح؛ هي دابة وحشية أَكبر من
السَّنَّوْر وأَصغر من الكلب. ويقال في المثل: لقي عَنَاقَ الأرض، وأُذُنَيْ
عَنَاقٍ أَي داهية؛ يريد أَنها من الحيوان الذي يُصْطاد به إذا عُلِّم.
والعَنَاقُ: الداهية والخيبة؛ قال:
أَمِنْ تَرْجِيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ
سَبَاياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ؟
القاريةُ: طير أَخضر تحبّه الأَعراب، يشبهون الرجل السخيّ بها، وذلك
لأَنه يُنْذِرُ بالمطر؛ وصفهم بالجُبْن فهو يقول: فَزِعتُمْ لمَّا سمعتم
ترجيع هذا الطائر فتركتم سباياكم وأُبْتُمْ بالخيبة. وقال علي بن حمزة:
العَنَاقُ في البيت المُنْكَرُ أَي وأُبْتُم بأَمر مُنْكَر. وأُذُنا عَناقٍ،
وجاء بأُذنَيْ عَناقٍ الأَرض أَي بالكذب الفاحش أَو بالخيبة؛ وقال:
إذا تَمَطَّيْنَ على القَيَاقي،
لاقَيْنَ منه أُذُنَيْ عَنَاقِ
يعني الشدَّة أَي من الحادي أَو من الجمل. ابن الأَعرابي: يقال منه
لقيتُ أُذُنَيْ عَناقٍ أَي داهية وأمراً شديداً. وجاء فلان يأُذني عنَاق إذا
جاء بالكذب الفاحش. ويقال: رجع فلان بالعَناق إذا رجع خائباً، يوضع
العَناق موضع الخيبة. والعنَاق: النجم الأَوسط من بنات نَعْش الكُبْرى:
والعَنْقاءُ: الداهية؛ قال:
يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا،
وأُمَّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا،
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وكلهن دَواهِ، ونكرَّ عَنْقاء وعَنْقَفِيراً، وإنما هي العَنْقاء
والعَنْقَفِير، وقد يجوز أن تحذف منهما اللام وهما باقيان على تعريفهما.
والعَنْقاء: طائر ضخم ليس بالعُقاب، وقيل: العَنْقاءُ المُغْرِبُ كلمة لا أَصل
لها، يقال: إنها طائر عظيم لا ترى إلا في الدهور ثم كثر ذلك حتى سموا
الداهية عَنْقاء مُغْرِباً ومُغْرِبةً؛ قال:
ولولا سليمانُ الخليفةُ، حَلَّقَتْ
به، من يد الحَجّاج، عَنْقاءُ مُغْرِب
وقيل: سمِّيت عَنْقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطوق، وقال كراع:
العَنْقاء فيما يزعمون طائر يكون عند مغرب الشمس، وقال الزجاج: العَنْقاءُ
المُغْرِبُ طائر لم يره أَحد، وقيل في قوله تعالى؛ طيراً أَبابِيلَ؛ هي
عَنْقاءُ مُغْرِبَة. أَبو عبيد؛ من أَمثال العرب طارت بهم العَنْقاءُ
المُغْرِبُ، ولم يفسره. قال ابن الكلبي: كان لأهل الرّس نبيٌّ يقال له حنظلة بن
صَفْوان، وكان بأَرضهم جبل يقال له دَمْخ، مصعده في السماء مِيلٌ، فكان
يَنْتابُهُ طائرة كأَعظم ما يكون، لها عنق طويل من أَحسن الطير، فيها من
كل لون، وكانت تقع مُنْقَضَّةً فكانت تنقضُّ على الطير فتأْكلها، فجاعت
وانْقَضَّت على صبيِّ فذهبت به، فسميت عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب
بكل ما أَخذته، ثم انْقَضَّت على جارية تَرعْرَعَت وضمتها إلى جناحين
لها صغيرين سوى جناحيها الكبيرين، ثم طارت بها، فشكوا ذلك إلى نبيهم، فدعا
عليها فسلط الله عليها آفةً فهلكت، فضربتها العرب مثلاً في أَشْعارها،
ويقال: أَلْوَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وطارت به العَنْقاء.
والعَنْقاء: العُقاب، وقيل: طائر لم يبق في أَيدي الناس من صفتها غير اسمها.
والعَنْقاءُ: لقب رجل من العرب، واسمه ثعلبة بن عمرو. والعَنْقاءُ: اسم مَلِكِ،
والتأنيث عند الليث للفظ العَنْقاءِ. والتَّعانِيقُ: موضع؛ قال زهير:
صَحَا القلبُ عن سَلْمَى، وقد كاد لا يَسْلُو،
وأَقْفَرَ، من سَلْمَى، التَّعانِيقُ فالثِّقْلُ
قال الأَزهري: ورأَيت بالدهناء شبه مَنارة عاديَّةٍ مبنية بالحجارة،
وكان القوم الذين كنت معهم يسمونها عَناقَ ذي الرمة لذكره إياها في شعره
فقال:
ولا تَحْسَبي شَجِّي بك البِيدَ، كلَّما
تَلأْلأَ بالغَوْرِ النُّجومُ الطَّوامِسُ
مُرَاعاتَكِ الأَحْلالَ ما بين شارعٍ،
إلى حيثُ حادَتْ عن عَنَاق الأَواعِسُ
قال الأَصمعي: العَناق بالحِمَى وهو لَغَنِيٍّ وقيل: وادي العَناق
بالحِمَى في أَرض غنِيّ؛ قال الراعي:
تَحمَّلْنَ من وادي العَناق فثَهْمَدِ
والأَعْنَق: فحل من خيل العرب معروف، إليه تنسب بنات أَعْنَق من الخيل؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
تَظَلُّ بناتُ أَعْنَقَ مُسْرَجاتٍ،
لرؤيتِها يَرُحْنَ ويَغْتَدِينا
ويروى: مُسْرِجاتٍ. قال أَبو العباس: اختلفوا في أَعْنَق فقال قائل: هم
اسم فرس، وقال آخرون: هو دُهْقان كثير المال من الدَّهَاقِين، فمن جعله
رجلاً رواه مُسْرِجات، ومن جعله فرساً رواه مُسْرَجات.
وأَعْنَقَت الثُّرَيّا إذا غابت؛ وقال:
كأنِّي، حين أَعْنَقَتِ الثُّرَيّا،
سُقِيتُ الرَّاح أَو سَمّاً مَدُوفا
وأَعْنَقَتِ النجومُ إذا تقدمت للمَغيب.
والمُعْنِقُ: السابق، يقال: جاء الفرس مُعْنِقاً، ودابة مِعْناقٌ وقد
أَعْنَق؛ وأَما قول ابن أَحمر:
في رأس خَلْقاءَ من عَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ،
لا يُبْتَغَى دونها سَهْلٌ ولا جَبَلُ
فإنه يصف جبلاً، يقول: لا ينبغي أَن يكون فوقها سهل ولا جبل أَحصن منها.
وقد عَانَقه إذا جعل يديه على عُنُقه وضمَّه إلى نفسه وتَعَانَقَا
واعْتَنَقا، فهو عَنِيقُه؛ وقال:
وباتَ خَيالُ طَيْفك لي عَنِيقاً،
إلى أَن حَيْعَل الدَّاعِي الفَلاحَا
غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وهو الـمَغْرِبُ. وقوله تعالى: رَبُّ الـمَشْرِقَيْن ورَبُّ الـمَغْرِبَيْنِ؛ أَحدُ الـمَغْرِبين: أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف، والآخَرُ: أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ؛ وأَحدُ
الـمَشْرقين: أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف، وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ؛ وبين المغرب الأَقْصَى والـمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً، وكذلك بين الـمَشْرقين. التهذيب: للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ: فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى الـمَطالع في الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ، وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى الـمَغارب في الشِّتاءِ، وكذلك في الجانب الآخر. وقوله جَلَّ ثناؤُه: فلا أُقْسِمُ برَبِّ الـمَشارق والـمَغارِب؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع، وتَغْرُبُ في موضع، إِلى انتهاءِ السنة. وفي التهذيب: أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه، فهي مائة وثمانون مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً.
والغُرُوبُ: غُيوبُ الشمس.
غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً: غابَتْ في الـمَغْرِبِ؛ وكذلك غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ. ومَغْرِبانُ الشمسِ: حيث تَغرُبُ.
ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها.
وقولُهم: لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم
صغروا مَغرِباناً؛ والجمع: مُغَيْرِباناتُ، كما قالوا: مَفارِقُ الرأْس،
كأَنهم جعلوا ذلك الـحَيِّز أَجزاءً، كُـلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ
منها جُزْءٌ، فَجَمَعُوه على ذلك. وفي الحديث: أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ
الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِـيبها. والـمَغرِبُ في الأَصل: مَوْضِعُ
الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان، وقياسُه الفتح، ولكن استُعْمِل بالكسر كالـمَشْرِق والمسجِد. وفي حديث أَبي سعيدٍ: خَطَبَنا رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى مُغَيربانِ الشمسِ.
والـمُغَرِّبُ: الذي يأْخُذُ في ناحية الـمَغْرِبِ؛ قال قَيْسُ بنُ الـمُلَوّح:
وأَصْبَحْتُ من لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ * مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ الـمُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري.
وغَرَّبَ القومُ: ذَهَبُوا في الـمَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا: أَتَوا الغَرْبَ؛
وتَغَرَّبَ: أَتَى من قِـبَلِ الغَرْب. والغَرْبيُّ من الشجر: ما أَصابته
الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها. وفي التنزيل العزيز: زَيْتُونةٍ لا
شَرْقِـيَّةٍ ولا غَرْبِـيَّةٍ.
والغَرْبُ: الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ. وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ
غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه. وفي الحديث:
أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم
يُحْصَنْ؛ وهو نَفْيُه عن بَلَده.
والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وقد تَغَرَّب؛ قال ساعدة بن
جُؤَيَّة يصف سحاباً:
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً، * مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل: مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِـبَل الـمَغْرب.
ويقال: غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها؛ قال ذو الرمة:
أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ
ويُروى التَّقْريبُ.
ونَـوًى غَرْبةٌ: بعيدة. وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قال الشاعر:
وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ، * تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى: المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَـأْتِـيَه في سَفَرك.
ودارُهم غَرْبةٌ: نائِـيَةٌ.
وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا.
وشَـأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بفتح الراءِ: بعيد؛ قال الكميت:
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِـيبةِ تَطْلُبُ * على دُبُرٍ، هيهاتَ شَـأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا: هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من
بُعْدٍ؟ وقيل إِنما هو: هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ وقال يعقوب إِنما هو:
هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ
سوَى بلدِك. وقال ثعلب: ما
عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِـي ذلك عنه أَي طَريفةٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ: هل من مُغَرِّبةِ خَبَر؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ؟ قال أَبو عبيد: يقال بكسر الراءِ وفتحها، مع الإِضافة فيهما. وقالها الأُمَوِيُّ، بالفتح، وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ، وهو البُعْد؛ ومنه قيل: دارُ فلانٍ غَرْبةٌ. والخبرُ
الـمُغْرِبُ: الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً.
والتغريبُ: النفيُ عن البلد.
وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ ويقال: اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ؛ ومنه الحديث: أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني؛ التغريبُ: النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ
الجِنايةُ فيه. يقال: أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه.والتَّغَرُّبُ: البُعْدُ. وفي الحديث: أَن رجلاً قال له: إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فقال: غرِّبْها أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطلاق.
وغَرَّبَت الكلابُ: أَمْعَنَتْ في طلب الصيد.
وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه: تَرَكه بُعْداً.
والغُرْبةُ والغُرْب: النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قال
الـمُتَلَمِّسُ:
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ * رِسالةَ مَن قد صار، في الغُرْبِ، جانِـبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك؛ تقول منه: تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وقد
غَرَّبه الدهرُ. ورجل غُرُب، بضم الغين والراء، وغريبٌ: بعيد عن وَطَنِه؛ الجمع غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قال:
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ * سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ؛ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هي غريبةٌ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سُئِلَ عن الغُرباء، فقال: الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِـي. وفي حديث آخر: إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً، وسيعود غريباً كما بَدأَ، فطوبَـى للغُرباءِ؛ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ؛ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في
أَوّل الإِسلام، ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً، ولُزومهم دينَ الإِسلام. وفي حديث آخر: أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها. قال: وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً، وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ. ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر: خِـيارُ أُمَّتِـي أَوَّلُها وآخِرُها، وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه. ورَحَى اليدِ يُقال لها: غَريبة، لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم؛ وأَنشد بعضُهم:
كأَنَّ نَفِـيَّ ما تَنْفِي يَداها، * نَفِـيُّ غريبةٍ بِـيَدَيْ مُعِـينِ
والـمُعينُ: أَن يَسْتعينَ الـمُدير بيد رجل أَو امرأَة، يَضَعُ يده على
يده إِذا أَدارها.
واغْتَرَبَ الرجلُ: نَكَح في الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه.
وفي الحديث: اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة
القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً. والاغْتِرابُ: افتِعال من الغُرْبة؛ أَراد: تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب، فإِنه
أَنْجَبُ للأَولاد. ومنه حديث الـمُغِـيرة: ولا غريبةٌ نَجِـيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد. وفي الحديث: إِنّ فيكم مُغَرِّبين؛ قيل: وما مُغَرِّبون؟ قال: الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ؛ وقيل: أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا، وتحسينَه لهم، فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة، ومنه قولُه تعالى: وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد. ابن الأَعرابي: التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِـيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِـيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وهو الجَلِـيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه.
وأَغْرَبَ الرجلُ: صار غريباً؛ حكاه أَبو نصر.
وقِدْحٌ غريبٌ: ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها. ورجل غريبٌ: ليس من القوم؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بضم الغين والراءِ، وتثنيته غُرُبانِ؛ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ:
وإِنيَ والعَبْسِـيَّ، في أَرضِ مَذْحِجٍ، * غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِـيَّةً، * ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ: الأَباعِدُ. أَبو عمرو: رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِـيبٌ
وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ، بمعنى.
والغَريبُ: الغامِضُ من الكلام؛ وكَلمة غَريبةٌ، وقد غَرُبَتْ، وهو من ذلك.
وفرس غَرْبٌ: مُتَرامٍ بنفسه، مُتَتابعٌ في حُضْره، لا يُنْزِعُ حتى
يَبْعَدَ بفارسه. وغَرْبُ الفَرَسِ: حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تقول: كَفَفْتُ من غَرْبه؛ قال النابغة الذبياني:
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها، * كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري: صوابُ انشادِهِ: والخيلَ، بالنصب، لأَنه معطوف على المائة من قوله:
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها، * سَعْدانُ تُوضِـحَ، في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ: الدَّفْعةُ من الـمَطر الذي يكون فيه البَرَدُ.
والـمَزْعُ: سُرْعةُ السَّيْر. والسَّعْدانُ: تَسْمَنُ عنه الإِبل، وتَغْزُر
أَلبانُها، ويَطِـيبُ لحمها. وتُوضِـحُ: موضع. واللِّبَدُ: ما تَلَبَّدَ من
الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التهذيب: يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من
حِدَّتك.والغَرْبُ: حَدُّ كلِّ شيء، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وكذلك غُرابه.
وفرسٌ غَرْبٌ: كثيرُ العَدْوِ؛ قال لبِـيد:
غَرْبُ الـمَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه، * لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ الـمَصَبَّة: أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء
عند الـمَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال، يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ.
وعينٌ غَرْبةٌ: بعيدةُ الـمَطْرَح. وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين؛ والأُنثى غَربةُ العين؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله:
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ، * غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ الـمَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ: جاءَ بشيءٍ غَريب. وأَغْرَب عليه، وأَغْرَب به: صَنَع به صُنْعاً قبيحاً. الأَصمعي: أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم
به. وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه: وهو غاية الاكثار. وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره. قال الأَصمعي وغيره: وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك، فهو مُغْرِبٌ؛ وقال ساعدة الـهُذَليُّ:
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها * من الـمَغارِبِ، مَخْطُوفُ الـحَشَا، زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش: مَغارِبُها، لاسْتتارها بها.
وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، على الإِضافة، عن
أَبي عليّ: طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه؛ وقيل: هو من الأَلْفاظِ
الدالةِ على غير معنى. التهذيب: والعَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال: هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء، وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ، فَنَـأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ. وقال أَبو مالك: العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل؛ وأَنْكر أَن يكون طائراً؛ وأَنشد:
وقالوا: الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ، * به، الـمُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا: طارَتْ به العَنْقاءُ الـمُغْرِبُ؛ قال الأَزهري: حُذفت هاء التأْنيث منها، كما قالوا: لِحْيةٌ ناصِلٌ، وناقة ضامر، وامرأَة عاشق.
وقال الأَصمعي: أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب. وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه،
وهو مُغْرِبٌ. وفي الحديث: طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به
الداهيةُ.
والـمُغْرِبُ: الـمُبْعِدُ في البلاد.
وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه. وقيل:
إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي؛ وقيل: إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه؛ وقد
يُوصَف به، وهو يسكَّن ويحرك، ويضاف ولا يضاف، وقال الكسائي والأَصمعي: بفتح الراءِ؛ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ. وفي الحديث: أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ، فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه؛ يقال: سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ، بفتح الراءِ وسكونها، بالإِضافة وغير الإِضافة؛ وقيل: هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي، وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره. قال ابن الأَثير والهروي: لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح.
والغَرْبُ والغَرْبة: الـحِدَّةُ. ويقال لِحَدِّ السيف: غَرْبٌ. ويقال: في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة. وغَرْبُ اللسانِ: حِدَّتُه. وسيفٌ غَرْبٌ: قاطع حديد؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ
ولسان غَرْبٌ: حَديدٌ. وغَرْبُ الفرس: حِدَّتُه. وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ، فقال: كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِـيّاً يُصَادَى غَرْبُه؛
(يتبع...)
(تابع... 1): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
وفي رواية: يُصَادَى منه غَرْبٌ؛ الغَرْبُ: الحِدَّةُ؛ ومنه غَرْبُ السيف؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ ومنه حديث عمر: فَسَكَّنَ من غَرْبه؛ وفي حديث عائشة، قالت عن زينب، رضي اللّه عنها: كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ، كانت فيها؛ وفي حديث الـحَسَن: سُئل عن القُبلة للصائم، فقال: إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته. والغَرْبُ: النَّشاط والتَّمادِي.
واسْتَغْرَب في الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ: أَكْثَرَ منه. وأَغْرَبَ:
اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه. واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ، كذلك. وفي الحديث: أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه. يُقال: أَغْرَبَ في ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ؛
وقيل: هو القَهْقهة. وفي حديث الحسن: إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة، أَعادَ الصلاةَ؛ قال: وهو مذهب أَبي حنيفة، ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء. وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة: أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِـيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قال الـحَرْبيُّ: أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ، كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك، ويجوز أَن يكون بمعنى الـمُتَناهِي في الـحِدَّةِ، من الغَرْبِ: وهي الـحِدَّةُ؛ قال الشاعر:
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً، * ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِـيَا
شمر: أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه.
والغَرْبُ: الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء. والغَرْبُ: دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ. الأَزهري، الليث: الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد:
في يوم غَرْبٍ، وماءُ البئر مُشْتَرَكُ
قال: أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ، وهو الدلو الكبير، الذي يُسْتَقَى به على السانية؛ ومنه قول لبيد:
فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها * غَرْبٌ، تَخُبُّ به القَلُوصُ، هَزِيمُ
وقال الليث: الغَرْبُ، في بيت لبيدٍ: الرَّاوية، وإِنما هو الدَّلْو
الكَبيرةُ. وفي حديث الرؤيا: فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ في
يَدِه غَرْباً؛ الغَرْبُ، بسكون الراءِ: الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من
جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فتحت الراء، فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وهذا تمثيل؛ قال ابن الأَثير: ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده، لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر، رضي اللّه عنهما. ومعنى اسْتَحالَتْ: انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِـبَر. وفي حديث الزكاة: وما سُقِـيَ بالغَرْبِ، ففيه نِصْفُ العُشْر. وفي الحديث: لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض، لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين الـمَشْرق والمغرب. والغَرْبُ: عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِـي ولا يَنْقَطِـع، وهو كالناسُور؛ وقيل: هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه. قال الأَصمعي: يقال: بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، ولا تَنْقَطع
دُمُوعُها. والغَرْبُ: مَسِـيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ: انْهِمالُه من العين.
والغُرُوبُ: الدُّموع حين تخرج من العين؛ قال:
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو، * إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ.
والغُروبُ أَيضاً: مَجارِي الدَّمْعِ؛ وفي التهذيب: مَجارِي العَيْنِ.
وفي حديث الحسن: ذَكَر ابنَ عباس فقال: كان مِثَجّاً يَسِـيلُ غَرْباً.
الغَرْبُ: أَحدُ الغُرُوبِ، وهي الدُّمُوع حين تجري. يُقال: بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، ولم ينقطعْ، فشَبَّه به غَزَارَة علمه، وأَنه لا
ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه. وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع: غَرْبٌ؛ وكذلك هي من الخمر.
واسْتَغْرَبَ الدمعُ: سال.
وغَرْبَا العين: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وللعين غَرْبانِ: مُقْدِمُها
ومُؤْخِرُها.
والغَرْبُ: بَثْرة تكون في العين، تُغِذُّ ولا تَرْقأُ.
وغَرِبَت العينُ غَرَباً: وَرِمَ مَـأْقُها.
وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل، فلا تنقطع دُموعُها. والغَرَبُ،
مُحَرَّك: الخَدَرُ في العين، وهو السُّلاقُ.
وغَرْبُ الفم: كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وجمعه: غُرُوبٌ. وغُروبُ
الأَسنانِ: مَناقِـعُ ريقِها؛ وقيل: أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قال
عَنترة:
إِذْ تَستَبِـيكَ بِذي غُروبٍ واضِـحٍ، * عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ الـمَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ: الماءُ الذي يَجرِي عليها؛ الواحد: غَرْبٌ. وغُروبُ الثَّنايا: حدُّها وأُشَرُها. وفي حديث النابغة: تَرِفُّ غُروبُه؛ هي جمع غَرْب، وهو ماء الفم، وحِدَّةُ الأَسنان. والغَرَبُ: الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو؛ وقيل: هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو، من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ. وقيل: الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض، وتتغير ريحُه سريعاً؛ وقيل: هو ما بين البئر والحوض، أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين؛ قال ذو الرمة:
وأُدْرِكَ الـمُتَبَقَّى من ثَميلَتِه، * ومن ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل: هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً. ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض: لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما
فتَوْحَل.وأَغْرَبَ الـحَوضَ والإِناءَ: ملأَهما؛ وكذلك السِّقاءَ؛ قال بِشْر بن أَبي خازِم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّـأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ. والإِغرابُ: كثرةُ المال، وحُسْنُ
الحال من ذلك، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال؛ قال عَدِيُّ بن زيد العِـبادِيّ:
أَنتَ مما لَقِـيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغـ * ـرابُ بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ: الخَمْرُ؛ قال:
دَعِـيني أَصْطَبِـحْ غَرَباً فأُغْرِبْ * مع الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا
والغَرَبُ: الذَّهَبُ، وقيل: الفضَّة؛ قال الأَعشى:
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة، * تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال، وإِن كان جَوْهراً، وقد يكون تمييزاً. ويقال الغَرَب: جامُ فِضَّةٍ؛ قال الأَعشى:
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كما * دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري: هذا البيت للبيد، وليس للأَعشى، كما زعم الجوهري، والرَّكاء، بفتح الراءِ: موضع؛ قال: ومِن الناسِ مَن يكسر الراء، والفتح أَصح. ومعنى دَعدَعَ: مَلأَ. وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل، فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قال: وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله:
تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا
والأَزهر: إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ
منه في القَدَح. وتَراميهم بالشَّراب: هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر. والغَرَبُ:
الفضة. والنُّضارُ: الذَّهَبُ. وقيل: الغَرَبُ والنُّضار: ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ. التهذيب: الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِـيضُ؛ والنُّضار: شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر، الواحدةُ: غَرْبَةٌ، وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ، وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ، وهو القَطِرانُ، حِجازية.
قال الأَزهري: والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه. ابن سيده: والغَرْبُ، بسكون الراءِ: شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ
حِجازِيَّة، وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ،
واحِدَتُه غَرْبة. والغَرْبُ: القَدَح، والجمع أَغْراب؛ قال الأَعشى:
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ * مِ، فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها. والغَرَبُ: ضَرْبٌ من الشجر، واحدته غَرَبَةٌ؛ قاله الجوهري (1)
(1 قوله «قاله الجوهري» أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء.) ؛ وأَنشد:
عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ
قال: وهو اسْبِـيدْدارْ، بالفارسية.
والغَرَبُ: داء يُصِـيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ منه
شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ في الشاة: كالسَّعَفِ في الناقة؛ وقد غَرِبَت
الشاةُ، بالكسر.
والغارِبُ: الكاهِلُ من الخُفِّ، وهو ما بين السَّنام والعُنُق، ومنه
قولهم: حَبْلُكِ على غارِبكِ. وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، في الجاهلية، قال لها: حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ. قال الأَصمعي: وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها، أُلْقِـيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها الـمَرْعى. قال: معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي ما شِئْتِ. والغارِب: أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ. وتقول: أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير، لا يُمْنَعُ من شيءٍ، فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ: رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّـيَ سَبِـيلُك، فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد؛ تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى. وورد في الحديث في كنايات الطلاق: حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح.
والغارِبانِ: مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه.
وغَوارِبُ الماءِ: أَعاليه؛ وقيل: أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ
الإِبل.
وقيل: غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه. الليث: الغارِبُ أَعْلى الـمَوْج،
وأَعلى الظَّهر. والغارِبُ: أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام. وبعيرٌ ذُو غارِبَين
إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ ما يكون هذا في
البَخاتِـيِّ التي أَبوها الفالِـجُ وأُمها عربية. وفي حديث الزبير: فما
زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج. الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه. أَراد: أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ؛ والأَصل فيه: أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِـيَزُمَّه ويَنْقاد له، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْـتَأْنِسَ، ويَضَعَ فيه الزِّمام.
والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِـيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وقيل: هما رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وقيل: بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة. وقيل: هما عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ. والغُرابانِ، من الفَرس والبعير: حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، والجمع غِربانٌ؛ قال الراجز:
يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ،
خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ
وقال ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الـحَمائلَ، بَعْدما * تَقَوَّبَ، عن غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ
أَراد: تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ، فقلبه لأَن المعنى معروف؛ كقولك: لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي. وقيل: الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
سأَرْفَعُ قَوْلاً للـحُصَينِ ومُنْذِرٍ، * تَطِـيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ الـمَواسم
قال: الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم. والغِرْبانُ: غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ والمعنى: أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى الـمَواسم، وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وهذا كما قال الآخر:
وإِنَّ عِتاقَ العِـيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ * ثَنائي، على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور. وقيل: إِنما خصَّ الأَعْجازَ
والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها على
عَجُز بعيره.
والغُرابُ: حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ.
والغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، والجمع أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ،
وغُرُبٌ؛ قال:
وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ
وغَرابِـينُ: جمعُ الجمع. والعرب تقول: فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ، وأَحْذَرُ من غُرابٍ، وأَزْهَى من غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ، وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ. وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قالوا: وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِـير غُرابُها. ويقولون: وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وذلك أَنه يتَّبِـعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِـيه. ويقولون: أَشْـأَمُ من غُرابٍ، وأَفْسَقُ من غُراب. ويقولون: طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه؛ ومنه قوله:
ولـمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ
أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ. وفي الحديث: أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لـمَا فيه من البُعْدِ، ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور. وفي حديث عائشة، لـمّا
نَزَلَ قولُه تعالى: ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ: فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ. شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان، جمع غُراب؛ كما قال الكميت:
كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ
وقوله:
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ، * فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه. وقوله:
(يتبع...)
(تابع... 2): غرب: الغَرْبُ والـمَغْرِبُ: بمعنى واحد. ابن سيده: الغَرْبُ خِلافُ... ...
فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال، لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِـي الشعرُ مُبْيَضّاً.
وغُرابٌ غاربٌ، على المبالغة، كما قالوا: شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قال رؤبة:
فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا
والغُرابُ: قَذالُ الرأْس؛ يقال: شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه.
وغُرابُ الفأْسِ: حَدُّها؛ وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً:
فأَنْحَى، عليها ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها * عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف.
والغرابُ: اسم فرسٍ لغَنِـيٍّ ، على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لا يَقْدِرُ الفَصِـيلُ على أَن يَرْضَعَ معه، ولا يَنْحَلُّ. وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ:
ضاقَ عليه الأَمْرُ؛ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قال الكُمَيْتُ:
صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في النا * سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى: صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ. ورجلَ الغرابِ: مُنْتَصِبٌ على الـمَصْدَر، تقديره صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب.
وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل: صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ؛ ومنه قول الشاعر:
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ، * ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِـيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ: سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم.
والأَغْرِبَةُ في الجاهلية: عَنْترةُ، وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِـيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ، قد وَلِـيَ في الإِسلام. قال ابن الأَعرابي: وأَظُنُّهُ قد وَلِـيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ ومن الإِسلاميين: عبدُاللّه بنُ خازم، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الـحُبابِ السُّلَمِـيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِـيّ،
ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ، وتأَبـَّطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى، (1)
(1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان.)
وحاجِزٌ؛ قال ابن سيده: كل ذلك عن ابن الأَعرابي. قال: ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم، ولا حيٍّ ولا مكانٍ، ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا. وطار غرابُها بجَرادتِكَ: وذلك إِذا فات الأَمْرُ،
ولم يُطْمَعْ فيه؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي.
وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ: شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم:
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك. الأَزهري: وغُرابُ البَرِيرِ
عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وجمعه غِرْبانٌ، وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم؛ ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ: كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف، أَو قطن، أَو غيرهما، وأَراد به شعرها؛ والـمُقَصَّبُ: الـمُجَعَّدُ.
وإِذا قلت: غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن
توكيد الأَلوان لا يتقدَّم. وفي الحديث: إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ
الغِرْبِـيبَ؛هو
الشديدُ السواد، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الذي لا يَشيبُ؛وقيل: أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه. والـمَغارِبُ: السُّودانُ. والـمَغارِبُ: الـحُمْرانُ. والغِرْبِـيبُ: ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف، شديدُ السَّوادِ، وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً.
والغَرَبُ: الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها.
وعينٌ مُغْرَبةٌ: زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والـمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الـحَدَقةُ، فهو أَشدُّ الإِغرابِ. والـمُغْرَبُ: الأَبيضُ؛ قال مُعَوية الضَّبِّـيُّ:
فهذا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً، * وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه: أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه، وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن
يصير القارُ أَبيضَ، وهو شِـبه الزفت، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة.
ابن الأَعرابي: الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ، والـمُغْرَبُ من الإِبل: الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شيء منه.
وفي الصحاح: الـمُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ؛ قال الشاعر:
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، منهما * سَوادٌ، ومنه واضِـحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والـمُغْرَبُ من الخَيل: الذي تَتَّسِـعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه.
وقد أُغْرِبَ الفرسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه
عينيه، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً.
وقيل: الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مما يَلي الخاصرةَ.
وقيل: الـمُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ، وهو أَقْبَحُ البياض.
والـمُغْرَبُ: الصُّبْح لبياضه، والغُرابُ: البَرَدُ، لذلك. وأُغْرِبَ الرجلُ: وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ. وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عن
الأَصمعي. والغَرْبِـيُّ: صِـبْغٌ أَحْمَرُ. والغَرْبيُّ: فَضِـيخُ النبيذِ. وقال أَبو حنيفة: الغَرْبِـيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده، ولا يَزال
شارِبُه مُتَماسِكاً، ما لم تُصِـبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ،
وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ ولذلك قال بعضُ شُرَّابه:
إِنْ لم يكنْ غَرْبِـيُّكُم جَيِّداً، * فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس: اخْتُصِمَ إِليه في مَسِـيلِ الـمَطَر، فقال:
الـمَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَـأُ من
غَرْبِ القِـبْلَة، والعَيْنُ هناك، تقول العربُ: مُطِرْنا بالعَيْن إِذا
كان السحابُ ناشئاً من قِـبْلة العِراق. وقوله: والسَّيْلُ شَرْقٌ، يريد
أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ الـمَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ، وناحية
المغرب مُنْحَطَّة، قال ذلك القُتَيْبي؛ قال ابن الأَثير: ولعله شيء يختص بتلك الأَرض، التي كان الخِصَام فيها. وفي الحديث: لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق؛ قيل: أَراد بهم أَهلَ الشام، لأَنهم غَرْبُ الحجاز؛ وقيل: أَراد بالغرب الـحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يريد أَهلَ الجهاد؛ وقال ابن المدائني: الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ، وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وهم يَسْتَقُون بها. وفي حديث الحجاج:
لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ؛ قال ابن الأَثير: هذا مَثَلٌ
ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم، وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء، فدَخَلَ
عليها غَريبةٌ من غيرها، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها. وغُرَّبٌ: اسم موضع؛ ومنه قوله:
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ابن سيده: وغُرَّبٌ ، بالتشديد، جبل دون الشام، في بلاد بني كلب، وعنده عين ماء يقال لها: الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وهو الصحيح.
والغُراب: جَبَلٌ؛ قال أَوْسٌ:
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ، * فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ: مَوْضعان (1)
(1 قوله «والغراب والغرابة موضعان» كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة.) ؛ قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ:
تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً، * فما كانَ لَيْلِـي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران: هو بضم الغين، وتخفيف الراء: وادٍ قريبٌ من الـحُدَيْبية، نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في مسيره، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فجبل بالمدينة على طريق الشام. والغُرابُ: فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ.
والغُرابِـيُّ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة.
حلك: الحُلْكة والحَلَكُ: شدة السواد كلون الغراب، وقد حَلَكَ الشيء
يَحْلُكُ حُلُوكةً وحلُوكاً واحْلَوْلكَ مثله: اشْتد سواده. وأَسود حالِكٌ
وحانكٌ ومُحْلَوْلِكٌ وحُلْكُوك بمعنى. وفي حديث خزيمة وذكر السنة: وتركَت
الفَرِيشَ مُسْتَحلِكاً، المستحلك: الشديد السواد كالمحترق من قولهم
أَسود حالِكٌ. والحَلَكُوك، بالتحريك: الشديد السواد. وأَسود مثلُ حَلَكِ
الغرابِ وحَنَكِ الغراب، وشيء حالِكٌ ومْحْلَولِك ومْحْلَنْكِكٌ وحُلْكُوك،
ولم يأْت في الأَلوان فُعْلُول إلاّ هذا؛ قال ابن سيده: قالوا وهو أشد
سواداً من حَلَكِ الغراب، وأنكرها بعضهم وقال: إنما هو من حَنَك الغراب
أَي مِنقاره، وقيل: سواده، وقيل: نون حَنَك بدل من لام حَلَك. قال يعقوب:
قال الفراء قلت لأَعرابي: أَتقول كأَنه حَنَكُ الغرابِ أَو حَلَكه فقال:
لا أقول حلكه أبداً، وقال أبو زيد: الحَلَك اللون والحَنَك المنقار؛ وقوله
أَنشده ثعلب:
مِداد مثل حالِكَةِ الغُراب،
وأَقلام كمُرْهَفَةِ الحِرابِ
يجوز أَن يكون لغة في حَلَك الغراب، ويجوز أَن يعني به ريشته خافِيتَه
أَو قادِمته أَو غير ذلك من ريشه. وفي لسانه حُلْكة كحُكْلَةٍ. والحُلْكةُ
والحُلْكاءُ والحُلَكاءُ والحَلَكاءُ والحُلُكَّى على فُعُلَّى: دويبة
شبيهة بالعَظَاءة. الأَزهري: والحُلَكةُ مثال الهُمزَة ضرب من العظَاء،
ويقال دُويْبة تغوص في الرمل؛ قال ابن بري: شاهده قول الراجز:
يا ذا النِّجادِ الحُلَكَهْ،
والزوجةِ المُشْتَركه،
ليْسَتْ لِمَن لَيْسَتْ لَكَهْ
وكذلك الحَلْقاءُ مثل العنقاء.
لوي: لَوَيْتُ الحَبْلَ أَلْويه لَيّاً: فَتَلْتُه. ابن سيده: اللَّيُّ
الجَدْلُ والتَّثَنِّي، لَواهُ لَيّاً، والمرَّةُ منه لَيَّةٌ، وجمعه
لِوًى ككَوَّةٍ وكِوًى؛ عن أَبي علي، ولَواهُ فالتَوى وتَلَوَّى. ولَوَى
يَده لَيّاً ولَوْياً نادر على الأَصل: ثَناها، ولم يَحْكِ سيبويه لَوْياً
فيما شذَّ، ولَوى الغلامُ بلغ عشرين وقَوِيَتْ يدُه فلوَى يدَ غيره.
ولَوِيَ القِدْحُ لَوًى فهو لَوٍ والتَوى، كِلاهما: اعْوجَّ؛ عن أَبي حنيفة.
واللِّوَى: ما التَوى من الرمل، وقيل: هو مُسْتَرَقُّه، وهما لِوَيانِ،
والجمع أَلْواء، وكسَّره يعقوب على أَلْوِيةٍ فقال يصف الظِّمَخ: ينبت في
أَلْويةِ الرَّمل ودَكادِكِه، وفِعَلٌ لا يجمع على أَفْعِلةٍ.
وأَلْوَيْنا: صِرْنا إِلى لِوَى الرملِ، وقيل: لَوِيَ الرمْلُ لَوًى، فهو لَوٍ؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
يا ثُجْرةَ الثَّوْرِ وظَرْبانَ اللَّوِي
والاسم اللِّوى، مقصور. الأَصمعي: اللِّوى مُنْقَطَعُ الرَّملة؛ يقال:
قد أَلْوَيْتُم فانزِلوا، وذلك إِذا بلغوا لوَى الرمل. الجوهري: لِوى
الرملِ، مقصور، مُنْقَطَعُه، وهو الجَدَدُ بعدَ الرملة، ولِوَى الحية حِواها،
وهو انْطِواؤها؛ عن ثعلب. ولاوَتِ الحَيَّةُ الحَيَّةَ لِواءً: التَوَت
عليها. والتَوى الماءُ في مَجْراه وتَلَوَّى: انعطف ولم يجر على
الاستقامة، وتَلَوَّتِ الحيةُ كذلك. وتَلَوَّى البَرْقُ في السحاب: اضطَرب على
غير جهة. وقَرْنٌ أَلْوى: مُعْوَجٌّ، والجمع لُيٌّ، بضم اللام؛ حكاها
سيبويه، قال: وكذلك سمعناها من العرب، قال: ولم يَكسِروا، وإِن كان ذلك
القياس، وخالفوا باب بِيض لأَنه لما وقع الإِدغام في الحرف ذهب المدّ وصار كأنه
حرف متحرك، أَلا ترى لو جاء مع عُمْيٍ في قافية جاز؟ فهذا دليل على أَن
المدغم بمنزلة الصحيح، والأَقيسُ الكسر لمجاورتها الياء. ولَواه دَيْنَه
وبِدَيْنِه لَيّاً ولِيّاً ولَيَّاناً ولِيَّاناً: مَطَله؛ قال ذو الرمة
في اللَّيَّانِ:
تُطِيلِينَ لَيّاني، وأَنت مَلِيَّةٌ،
وأُحْسِنُ، يا ذاتَ الوِشاحِ، التَّقاضِيا
قال أَبو الهيثم: لم يجيء من المصادر على فَعْلان إِلا لَيَّانَ. وحكى
ابن بري عن أَبي زيد قال: لِيَّان، بالكسر، وهو لُغَيَّة، قال: وقد يجيء
اللَّيَّان بمعنى الحبس وضدّ التسريح؛ قال الشاعر
(* أي جرير) :
يَلْقَى غَريمُكُمُ من غير عُسْرَتِكمْ
بالبَذْلِ مَطْلاً، وبالتَّسْرريحِ لَيّانا
وأَلْوى بحقِّي ولَواني: جَحَدَني إِيّاه، ولَوَيْتُ الدَّيْنَ. وفي
حديث المَطْلِ: لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضَه وعُقوبَتَه. قال أَبو عبيد:
اللَّيُّ هو المَطْل؛ وأَنشد قول الأَعشى:
يَلْوِينَنِي دَيْني، النَّهارَ، وأَقْتَضِي
دَيْني إِذا وَقَذَ النُّعاسُ الرُّقَّدا
لَواه غريمُه بدَيْنِه يَلْوِيه لَيّاً، وأَصله لَوْياً فأُدغمت الواو
في الياء. وأَلوَى بالشيء: ذهَب به. وأَلوَى بما في الإِناء من الشراب:
استأْثر به وغَلَب عليه غيرَه، وقد يقال ذلك في الطعام؛ وقول ساعدة ابن
جؤيَّة:
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثَمانِياً،
يُلْوِي بِعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
يُلْوِي بعيقات البحار أَي يشرب ماءها فيذهب به. وأَلْوَتْ به العُقاب:
أَخذته فطارت به. الأَصمعي: ومن أَمثالهم أَيْهاتَ أَلْوَتْ به
العَنْقاءُ المُغْرِبُ كأَنها داهيةٌ، ولم يفسر أَصله. وفي الصحاح: أَلْوَتْ به
عَنْقاء مُغْرِب أَي ذهَبَت به. وفي حديث حُذَيْفَة: أَنَّ جِبريلَ رَفَع
أَرضَ قَوْم لُوطٍ، عليه السلام، ثمَّ أَلْوَى بها حتى سَمِعَ أَهلُ
السماء ضُغاء كِلابهم أَي ذَهَبَ بها، كما يقال أَلْوَتْ به العَنْقاء أَي
أَطارَتْه، وعن قتادة مثله، وقال فيه: ثم أَلْوى بها في جَوّ السماء،
وأَلْوَى بثوبه فهو يُلوِي به إِلْواء. وأَلْوَى بِهم الدَّهْرُ: أَهلكهم؛ قال:
أَصْبَحَ الدَّهْرُ، وقد أَلْوَى بِهِم،
غَيرَ تَقْوالِك من قيلٍ وقال
وأَلْوَى بثوبه إِذا لَمَع وأَشارَ. وأَلْوَى بالكلام: خالَفَ به عن
جِهته. ولَوَى عن الأَمر والْتَوى: تثاقَل. ولوَيْت أَمْري عنه لَيّاً
ولَيّاناً: طَوَيْتُه. ولَوَيْتُ عنه الخَبَرَ: أَخبرته به على غير وجهه.
ولوَى فلان خبره إِذا كَتَمه. والإِلْواء: أَن تُخالف بالكلام عن جهته؛ يقال:
أَلْوَى يُلوِي إِلْواءً ولَوِيَّةً. والاخلاف الاستقاء
(* قوله« ولوية
والاخلاف الاستقاء» كذا بالأصل.) ولَوَيْتُ عليه: عطَفت. ولوَيْتُ عليه:
انتظرت. الأَصمعي: لَوَى الأَمْرَ عنه فهو يَلْوِيه لَيّاً، ويقال
أَلْوَى بذلك الأَمر إِذا ذَهَب به، ولَوَى عليهم يَلوِي إِذا عطَف عليهم
وتَحَبَّس؛ ويقال: ما تَلْوِي على أَحد. وفي حديث أَبي قتادة: فانطلق الناس لا
يَلوي أَحد على أَحد أَي لا يَلتَفِت ولا يَعْطف عليه. وفي الحديث:
وجَعَلَتْ خَيلُنا يَلَوَّى خَلفَ ظهورنا أَي تَتَلَوَّى. يقال: لوَّى عليه
إِذا عَطَف وعَرَّج، ويروى بالتخفيف، ويروى تَلُوذ، بالذال، وهو قريب منه.
وأَلْوَى: عطَف على مُسْتَغِيث، وأَلْوَى بثوبه للصَّريخِ وأَلْوت
المرأَةُ بيدها. وأَلْوت الحَرْبُ بالسَّوامِ إِذا ذهَبَت بها وصاحِبُها
يَنْظُر إِليها وأَلوى إِذا جَفَّ زرعُه. واللَّوِيُّ، على فَعِيل: ما ذَبُل
وجَفَّ من البَقل؛ وأَنشد ابن بري:
حتى إِذا تَجَلَّتِ اللَّوِيَّا،
وطَرَدَ الهَيْفُ السَّفا الصَّيْفِيَّا
وقال ذو الرمة:
وحتى سَرَى بعدَ الكَرَى في لَوِيَّهِ
أَساريعُ مَعْرُوفٍ، وصَرَّت جَنادِبُه
وقد أَلْوَى البَقْلُ إِلواء أَي ذَبُلَ. ابن سيده: واللَّوِيُّ يَبِيس
الكَلإِ والبَقْل، وقيل: هو ما كان منه بين الرَّطْبِ واليابس. وقد لَوِي
لَوًى وأَلوَى صار لَوِيّاً. وأَلْوتِ الأَرض: صار بقلها لَوِيّاً.
والأَلْوى واللُّوَيُّ، على لفظ التصغير: شجرة تُنْبِت حبالاً تَعَلَّقُ
بالشجر وتَتَلَوَّى عليها، ولها في أَطرافها ورق مُدوَّر في طرفه تحديد.
واللَّوَى، وجمعه أَلْواء: مَكْرُمة للنَّبات؛ قال ذو الرمة:
ولم تُبْقِ أَلْواءُ اليَماني بَقِيَّةً،
من النَّبتِ، إِلا بَطْنَ واد رحاحم
(* قوله« رحاحم» كذا بالأصل.)
والأَلْوَى: الشديد الخُصومة، الجَدِلُ السَّلِيطُ، وهو أَيضاً
المُتَفَرِّدُ المُعْتَزِلُ، وقد لَوِيَ لَوًى. والأَلْوَى: الرجل المجتَنب
المُنْفَرِد لا يزال كذلك؛ قال الشاعر يصف امرأَة:
حَصانٌ تُقْصِدُ الأَلْوَى
بِعَيْنَيْها وبالجِيدِ
والأُنثى لَيَّاء، ونسوة لِيَّانٌ،، وإِن شئت بالتاء لَيَّاواتٍ،
والرجال أَلْوُون، والتاء والنون في الجماعات لا يمتَنع منهما شيء من أَسماء
الرجال ونعوتها، وإِن فعل
(* قوله« وان فعل إلخ» كذا بالأصل وشرح القاموس)
فهو يلوي لوى، ولكن استغنوا عنه بقولهم لَوَى رأْسه، ومن جعل تأْليفه من
لام وواو قالوا لَوَى. وفي التنزيل العزيز في ذكر المنافتين: لَوَّوْا
رُؤوسهم، ولَوَوْا، قرئ بالتشديد والتخفيف. ولَوَّيْت أَعْناقَ الرجال في
الخُصومة، شدد للكثرة والمبالغة. قال الله عز وجل: لَوَّوْا رؤوسهم.
وأَلْوَى الرجلُ برأْسِه ولَوَى رَأْسه: أَمالَ وأَعْرضَ. وأَلْوَى رأْسه
ولَوَى برأْسِه: أُمالَه من جانب إِلى جانب. وفي حديث ابن عباس: إِنَّ ابن
الزبير، رضي الله عنهم، لَوَى ذَنَبه؛ قال ابن الأَثير: يقال لَوَى رأْسه
وذَنَبه وعطْفَه عنك إِذا ثناه وصَرَفه، ويروى بالتشديد للمبالغة، وهو
مَثَلٌ لترك المَكارِم والرَّوَغانِ عن المعْرُوف وإِيلاء الجمِيل، قال
ويجوز أَن يكون كناية عن التأَخر والتخلف لأَنه قال في مقابلته: وإِنَّ ابنَ
العاصِ مَشَى اليَقْدُمِيَّةَ. وقوله تعالى: وإِنْ تَلْوُوا أَو
تُعْرِضُوا، بواوين؛ قال ابن عباس، رضي الله عنهما: هو القاضي يكون لَيُّه
وإِعْراضُه لأَحد الخصمين على الآخر أَي تَشدّده وصَلابَتُه، وقد قرئ بواو
واحدة مضمومة اللام من وَلَيْتُ؛ قال مجاهد: أَي أَن تَلُوا الشهادة
فتُقِيموها أَو تُعْرِضُوا عنها فَتَتْرُكُوها؛ قال ابن بري: ومنه قول فُرْعانَ
ابن الأَعْرَفِ.
تَغَمَّدَ حَقِّي ضالماً، ولَوَى يَدِي،
لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ
والتَوَى وتَلَوَّى بمعنى. الليث: لَوِيتُ عن هذا الأَمر إِذا التَوَيْت
عنه؛ وأَنشد:
إِذا التَوَى بي الأَمْرُ أَو لَوِيتُ،
مِن أَيْنَ آتي الأَمرَ إِذْ أُتِيتُ؟
اليزيدي: لَوَى فلان الشهادة وهو يَلْويها لَيّاً ولَوَى كَفَّه ولَوَى
يَده ولَوَى على أَصحابه لَوْياً ولَيّاً وأَلْوَى إِليَّ بِيَدِه
إِلْواءً أَي أَشار بيده لا غير. ولَوَيْتُه عليه أَي آثَرْتُه عليه؛
وقال:ولم يَكُنْ مَلَكٌ لِلقَومِ يُنْزِلُهم،
إِلاَّ صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَب
أَي لا يُؤْثَرُ بها أَحد لحسَبه للشدَّة التي هم فيها، ويروى: لا
تَلْوي أَي لا تَعْطِفُ أَصحابُها على ذوي الأَحساب، من قولهم لَوى عليه أَي
عَطَف، بل تُقْسَم بالمُصافَنة على السَّوية؛ وأَنشد ابن بري لمجنون بني
عامر:
فلو كان في لَيْلى سَدًى من خُصومةٍ،
لَلَوَّيْتُ أَعْناقَ المَطِيِّ المَلاوِيا
وطريق أَلْوى: بعيد مجهول.
واللَّوِيّةُ: ما خَبَأْته عن غيرك وأَخْفَيْتَه؛ قال:
الآكِلين اللَّوايا دُونَ ضَيْفِهِمِ،
والقدْرُ مَخْبوءةٌ منها أَتافِيها
وقيل: هي الشيء يُخْبَأُ للضيف، وقيل: هي ما أَتحَفَتْ به المرأَةُ
زائرَها أَو ضَيْفَها، وقد لَوَى لَوِيَّةً والْتَواها. وأَلْوى: أَكل
اللَّوِيَّةَ. التهذيب: اللَّوِيَّةُ ما يُخْبَأُ للضيف أَو يَدَّخِره الرَّجلُ
لنفْسِه، وأَنشد:
آثَرْت ضَيْفَكَ باللَّويَّة والذي
كانتْ لَه ولمِثْلِه الأَذْخارُ
قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً من بني كلاب يقول لقَعِيدةٍ له أَيْنَ
لَواياكِ وحَواياكِ، أَلا تُقَدِّمينَها إِلينا؟ أَراد: أَين ما خَبَأْتِ
من شُحَيْمةٍ وقَديدةٍ وتمرة وما أَشبهها من شيءٍ يُدَّخَر للحقوق.
الجوهري: اللَّوِيَّةُ ما خبأْته لغيرك من الطعام؛ قال أَبو جهيمة
الذهلي:قُلْتُ لِذاتِ النُّقْبةِ النَّقِيَّهْ:
قُومي فَغَدِّينا من اللَّوِيَّهْ
وقد التَوَتِ المرأَة لَوِيَّةً. والْوَلِيَّة: لغة في اللَّوِيَّةِ،
مقلوبة عنه؛ حكاها كراع، قال: والجمع الؤلايا كاللَّوايا، ثبت القلب في
الجمع.
واللَّوَى: وجع في المعدة، وقيل: وجع في الجَوْف، لَوِيَ، بالكسر،
يَلْوْى لَوًى، مقصور، فهو لَوٍ. واللَّوى: اعْوِجاج في ظهر الفرس، وقد لَوِيَ
لَوًى. وعُود لَوٍ: مُلْتَوٍ. وذَنَبٌ أَلْوى: معطوف خِلْقةً مثل ذَنِبِ
العنز. ويقال: لَوِيَ ذنَبُ الفرَس فهو يَلْوى لَوًى، وذلك إِذا ما
اعْوَجَّ؛ قال العجاج:
كالكَرِّ لا شَخْتٌ ولا فيه لَوَى
(* قوله« شخت» بشين معجمة كما في مادة كرر من التهذيب، وتصحف في اللسان
هناك.)
يقال منه: فرس ما به لَوًى ولا عَصَلٌ. وقال أَبو الهيثم: كبش أَلْوَى
ونعجة لَيَّاء، ممدود، من شاءٍ لِيٍّ. اليزيدي: أَلْوَتِ الناقة بذنَبها
ولَوَّتْ ذنَبها إِذا حرَّكته، الباء مع الاأَلف فيها، وأَصَرَّ الفرسُ
بأُذنه وصَرَّ أُذنَه، والله أَعلم.
واللِّواء: لِواء الأَمير، ممدود. واللِّواء: العَلَم، والجمع أَلْوِيَة
وأَلوِياتٌ، الأَخيرة جمع الجمع؛ قال:
جُنْحُ النَّواصِي نحوُ أَلْوِياتِها
وفي الحديث: لِواءُ الحَمْدِ بيدي يومَ القيامةِ؛ اللِّواء: الرايةُ ولا
يمسكها إِلا صاحبُ الجَيْش؛ قال الشاعر:
غَداةَ تَسايَلَتْ من كلِّ أَوْب،
كَتائبُ عاقِدينَ لهم لِوايا
قال: وهي لغة لبعض العرب، تقول: احْتَمَيْتُ احْتِمايا. والأَلْوِية:
المَطارِد، وهي دون الأَعْلام والبُنود. وفي الحديث: لكلِّ غادِرٍ لِواء
يوم القيامة أَي علامة ُيشْهَرُ بها في الناس، لأَنَّ موضوع اللِّواء
شُهْرةُ مكان الرئيس. وأَلْوى اللِّواءَ: عمله أَو رفعَه؛ عن ابن الأَعرابي،
ولا يقال لَواه. وأَلْوَى: خاطَ لِواء الأَمير. وأَلوَى إِذا أَكثر
التمني. أَبو عبيدة: من أَمثالهم في الرجل الصعب الخلق الشديد اللجاجة:
لتَجِدَنَّ فلاناً أَلوَى بَعِيدَ المستمَر؛ وأَنشد فيه:
وجَدْتَني أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرْ،
أَحْمِلُ ما حُمِّلْتُ من خَيْرٍ وشَرِّ
أَبو الهيثم: الأَلْوى الكثير الملاوي. يقال: رجل أَلْوى شديد الخُصومة
يَلْتَوي على خصمه بالحجة ولا يُقِرّ على شيء واحد. والأَلْوَى: الشديد
الالْتِواء، وهو الذي يقال له بالفارسية سحابين. ولَوَيْت الثوبَ أَلْويه
لَيّاً إِذا عصرته حتى يخرج ما فيه من الماء. وفي حديث الاخْتمار:
لَيَّةً لا لَيَّتَيْنِ أَي تَلْوي خِمارَها على رأْسها مرة واحدة، ولا تديره
مرتين، لئلا تشتبه بالرجال إِذا اعتمُّوا.
واللَّوَّاء: طائر.
واللاوِيا: ضَرْبٌ من النَّبْت
(* قوله« واللاويا ضرب إلخ» وقع في
القاموس مقصوراً كالأصل، وقال شارحه: وهو في المحكم وكتاب القالي ممدود.)
واللاوِياء: مبسم يُكْوى به. ولِيّةُ: مكان بوادي عُمانَ.
واللَّوى: في معنى اللائي الذي هو جمع التي؛ عن اللحياني، يقال: هُنَّ
اللَّوَى فعلن؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
مِنَ اللَّوَى شُرِّفْن بالصِّرارِ
واللاؤُون: جمع الذي من غير لفظه بمعنى الذين، فيه ثلاث لغات: اللاَّؤون
في الرفع، واللاَّئين في الخفض والنصب، واللاَّؤُو بلا نون، واللاَّئي
بإِثبات الياء في كل حال يستوي فيه الرجال والنساء، ولا يصغر لأَنهم
استغنوا عنه باللَّتيَّات للنساء وباللَّذَيُّون للرجال، قال: وإِن شئت قلت
للنساء اللا، بالقصر بلاياء ولا مدّ ولا همز، ومنهم من يهمز؛ وشاهده بلا
ياء ولا مدّ ولا همز قول الكميت:
وكانَتْ مِنَ اللاَّ لا يُغَيِّرُها ابْنُها؛
إِذا ما الغُلامُ الأَحْمَقُ الأُمَّ غَيَّرا
قال: ومثله قول الراجز:
فدُومي على العَهْدِ الذي كان بَيْنَنا،
أَمَ انْتِ من اللاَّ ما لَهُنَّ عُهودُ؟
وأَما قول أَبي الرُّبَيْس عبادة بن طَهْفَة
(* قوله« طهفة» الذي في
القاموس: طهمة) المازني، وقيل اسمه عَبَّاد بن طَهفة، وقيل عَبَّاد بن عباس:
مِنَ النَّفَرِ اللاَّئي الذينَ، إِذا هُمُ،
يَهابُ اللِّئامُ حَلْقةَ الباب، قَعْقَعُوا
فإِنما جاز الجمع بينهما لاختلاف اللفظين أَو على إِلغاء أَحدهما.
ولُوَيُّ بنُ غالب: أَبو قريش، وأَهل العربية يقولونه بالهمز، والعامة
تقول لُوَيٌّ؛ قال الأَزهري: قال ذلك الفراء وغيره.
يقال: لَوى عليه الأَمْرَ إِذا عَوَّصَه. ويقال: لَوَّأَ الله بك،
بالهمز، تَلْوِية أَي شوَّه به. ويقال: هذه والله الشَّوْهةُ واللَّوْأَةُ،
ويقال اللَّوَّةُ، بغير همز. ويقال للرجل الشديد: ما يُلْوى ظَهرُه أَي لا
يَصْرَعُه أَحد.
والمَلاوي: الثَّنايا الملتوية التي لا تستقيم.
واللُّوَّةُ: العود الذي يُتبخَّر به، لغة في الأَلُوَّة، فارسي معرب
كاللِّيَّة. وفي صفة أَهل الجنة: مَجامِرُهم الأَلوَّةُ أَي بَخُورهم
العُود، وهو اسم له مُرْتَجل، وقيل: هو ضرب من خيار العود وأَجوده، وتفتح
همزته وتضم، وقد اختلف في أَصليتها وزيادتها. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان
يَسْتَجْمِرُ بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة.
وقوله في الحديث: مَن حافَ في وَصِيَّته أُلْقِيَ في اللَّوَى
(* قوله«
ألقي في اللوى» ضبط اللوى في الأصل وغير نسخة من نسخ النهاية التي يوثق
بها بالفتح كما ترى، وأما قول شارح القاموس فبالكسر.) ؛ قيل: إِنه وادٍ في
جهنم، نعوذ بعفو الله منها.
ابن الأَعرابي: اللَّوَّة السّوْأَة، تقول: لَوَّةً لفلان بما صنع أَي
سَوْأَةً.
قال: والتَّوَّةُ الساعة من الزمان، والحَوَّة كلمة الحق، وقال:
اللَّيُّ واللِّوُّ الباطل والحَوُّ والحَيُّ الحق. يقال: فلان لا يعرف الحَوَّ
من اللَّوَّ أَي لا يعرف الكلامَ البَيِّنَ من الخَفِيّ؛ عن ثعلب.
واللَّوْلاء: الشدَّة والضر كاللأْواء.
وقوله في الحديث: إيَّاك واللَّوَّ فإِن اللَّوّ من الشيطان؛ يزيد قول
المتندّم على الفائت لو كان كذا لقلت ولفعلت، وسنذكره في لا من حرف الأَلف
الخفيفة.
واللاّتُ: صنم لثَقِيف كانوا يعبدونه، هي عند أَبي علي فَعَلة من
لَوَيْت عليه أَي عَطَفْت وأَقْمْت، يَدُلك على ذلك قوله تعالى: وانطلقَ
المَلأُ منهم أَنِ امْشُوا واصْبِروا على آلهتكم؛ قال سيبويه: أَما الإِضافة
إِلى لات من اللات والعُزّى فإِنك تَمُدّها كما تمدّ لا إِذا كانت اسماً،
وكما تُثَقَّل لو وكي إِذا كان كل واحد منهما اسماً، فهذه الحروف
وأَشباهها التي ليس لها دليل بتحقير ولا جمع ولا فعل ولا تثنية إِنما يجعل ما ذهب
منه مثل ما هو فيه ويضاعف، فالحرف الأَوسط ساكن على ذلك يبنى إِلا أَن
يستدل على حركته بشيء، قال: وصار الإِسكان أَولى لأَن الحركة زائدة فلم
يكونوا ليحركوا إِلا بثبَت، كما أَنهم لم يكونوا ليجعلوا الذاهب من لو غير
الواو إِلا بثَبَت، فجَرَت هذه الحروف على فَعْل أَو فُعْل أَو فِعْل؛
قال ابن سيده: انتهى كلام سيبويه، قال: وقال ابن جني أَما اللاتُ والعُزَّى
فقد قال أَبو الحسن إِن اللام فيها زائدة، والذي يدل على صحة مذهبه أَن
اللات والعُزّى عَلَمان بمنزلة يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرٍ ومَناةَ وغير
ذلك من أَسماء الأَصنام، فهذه كلها أَعلام وغير محتاجة في تعريفها إِلى
الأَلف واللام، وليست من باب الحَرِث والعَبَّاس وغيرهما من الصفات التي
تَغْلِبُ غَلبَة الأَسماء، فصارت أَعلاماً وأُقِرَّت فيها لام التعريف على
ضرب من تَنَسُّم روائح الصفة فيها فيُحْمل على ذلك، فوجب أَن تكون اللام
فيها زائدة، ويؤكِّدُ زيادتها فيها لزومُها إِياها كلزوم لام الذي والآن
وبابه، فإِن قلت فقد حكى أَبو زيد لَقِيتُه فَيْنَة والفَيْنةَ وإِلاهةَ
والإِلاهةَ، وليست فَيْنةُ وإِلاهةُ بصفتين فيجوز تعريفهما وفيهما اللام
كالعَبَّاس والحَرِث؟ فالجواب أَن فَيْنةَ والفَيْنةَ وإِلاهةَ
والإِلاهةَ مما اعْتَقَبَ عليه تعريفان: أَحدهما بالأَلف واللام، والآخر بالوضع
والغلبة، ولم نسمعهم يقولون لاتَ ولا عُزَّى، بغير لام، فدَلَّ لزومُ اللام
على زيادتها، وأَنَّ ما هي فيه مما اعْتَقَبَ عليه تعريفان؛ وأَنشد أَبو
علي:
أَمَا ودِماءٍ لا تَزالُ، كأَنها
على قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ عَنْدَما
قال ابن سيده: هكذا أَنشده أَبو علي بنصب عَنْدَما، وهو كما قال لأَن
نَسْراً بمنزلة عمرو، وقيل: أَصلها لاهةٌ سميت باللاهة التي هي الحَية.
ولاوَى: اسم رجل عجمي، قيل: هو من ولد يعقوب، عليه السلام، وموسى، عليه
السلام، من سِبْطه.
كرد: الكَرْدُ: الطَّرْدُ. والمُكارَدَةُ: المُطارَدَةَ. كَرَدَهُمْ
يَكْردُهُم كَرْداً: ساقَهم وطرَدَهِم ودفَعهم، وخص بعضهم بالكَرْدِ سَوْقَ
العَدُوّ في الحَمْلَة. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: لما أَرادوا
الدخول عليه لقتله جعل المغيرة بن الأَخفش يَحْمِلُ عليهم ويَكْردُهُم بسيفه
أَي يَكُفُّهم ويطْردُهُم. وفي حديث الحسن وذكر بيعة العقبة: كان هذا
المتكلم كَرَد القومَ قال لا والله أَي صَرَفَهم عن رأْيِهِم وردَّهم عنه.
والكَرْدُ: العُنُقُ، وقيل: الكَعرْدُ لغة في القَرْدِ وهو مَجْثم الرأْسَ
على العنق، فارسيّ معرّب؛ قال الشاعر:
فَطارَ بمَشْحُوذِ الحديدةِ صارِمٍ،
فَطَبَّقَ ما بَينَ الذُّؤَابَةِ والكَرْدِ
وقال آخر:
وكنَّا إِذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه،
ضربناهُ دونَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
وقد روي هذا البيت:
وكنَّا ابذا العَبْسِيُّ نَبَّ عَتُودُه،
ضربناهُ بينَ الأُنْثَيَينِ على الكَرْدِ
قال ابن بري: البيت للفرزدق وصواب إِنشاده: وكنا إِذا القَيْسِيُّ،
بالقاف. والعَتُودُ: ما اشتدّ وقوي من ذكور أَولاد المعز. ونَبِيبُه: صوته
عند الهياج. وأَراد بالأُنثيين هنا: الأُذنين. والحقيقة في الكْرد، أَنه
أَصل العُنق. وفي حديث معاذ: أَنه قَدِمَ على أَبى موسى باليمن وعنده رجل
كان يهوديّاً فأَسلم ثمَّ تَهَوَّد، فقال: والله لا أَقعُدُ حتى تضرِبوا
كَرْدَه أَي عنقه؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
يا رَبِّ بَدِّلْ قُرْبَه بِبُعْدِه،
واضربْ بحدِّ السيفِ عَظمَ كَرْدِه
التهذيب في الرباعي: ابن الأَعرابي: خُذْ بِقَرْدَنِه وكَرْدَنِه
وكَرْدِه أَي بقفاه. والكُرْدُ: الدَّبْرَة، فارسي أَيضاً، والجمع كُرُودٌ،
والكُرْدة كالكُرْد. والكُرْد، بالضم: جيل من الناس معروف، والجمع أَكراد؛
وأَنشد:
لَعَمْرُكَ ما كُرْدٌ مِنَ آبناءِ فارِس،
ولكنه كُرْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عامِرِ.
فنسبهم إِلى اليمن.
والكِرْدِيدةُ: القِطْعَة العظيمة من التمر، وهي أَيصاً جُلَّةُ التمر؛
عن السيرافي؛ قال الشاعر:
أَفلَحَ مَنْ كانتْ له كِرْدِيدَه،
يأْكلُ منها وهو ثانٍ جِيدَه
وأَنشد أَبو الهيثم:
قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لها بِأُطْرَه،
وأَبْلَغَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرِه،
من تَمْرِها واعْلَوَّطَتْ بسُحرَه
الجوهري: والكِرديد، بالكسر، ما يَبْقى في أَسفل الجُلَّةِ من جانبيها
من التمر، والجمع الكَرادِيدُ؛ قال الشاعر:
القاعِدات فلا يَنْفَعْنَ ضَيْفَكُمُ،
والآكِلات بَقِيَّاتِ الكَرادِيدِ
والكُرْدُ: المَشارَةُ من المزارع، ويجمع كُرْداً
(* قوله «ويجمع كرداً»
كذا بالأصل ولعله كروداً كما تقدم له وهو القياس ويحتمل أنه أراد أن
يكون كفلك مفرداً وجمعاً).
غسس: الغُسُّ، بالضم: الضعيف اللئيم، زاد الجوهري: من الرجال؛ قال زهير
بن مسعود:
فلم أَرْقِهِ إِنْ يَنْجُ منها، وإِن يَمُتْ
فطَعْنَة لا غُسٍّ، ولا بمُغَمِّرِ
والجمع أَغْساس وغِساس وغُسُوس. ابن الأَعرابي: الغُسُسُ الضُّعفاء في
آرائهم وعقولهم. الجوهري: يكون الغُسُّ واحداً وجمعاً؛ وأَنشد لأَوس بن
حَجَر:
مُخَلّفُون ويَقْضِي النَّاسُ أَمْرَهُمُ،
غُسُّ الأَمانة، صُنْبُورُ فصُنْبُورُ
ورواه المفضل: غُشُّ، بالشين المعجمة، كأَنه جمع غاشٍّ مثل بازِل
وبُزْل، ويروة: غُشَّ نصباً على الذَّم بإِضمار أَعني، ويُروى: غُشَّ نصباً على
الذَّم بإِضمار أَعني، ويُروى: غُسُّو الأَمانة، أَيضاً بالسين، أَي
غُسُّون، فحذفت النون للإِضافة، ويجوز غُسِّي، بكسر السين، فإِضمار أَعني،
وتحذف النون للإِضافة. والغَسِيسُ والمَغْسُوس: كالغُسِّ.
والغَسِيسَة والمُغَسَّسَة والمَغْسُوسَة: البُسْرة التي ترطب ثم يتغير
طعمها، وقيل: هي التي لا حلاوة لها، وهي أَخبث البُسر، وقيل: الغَسِيسَة
والمُغَسِّسَة والمَغْسُوسَة البُسرة تُرطب من حول تُفْرُوقِها، ونخلة
مَغْسوسَة: تُرطِب ولا حلاوة لها. والغُسُسُ: الرُّطَب الفاسِد، الواحد
غَسِيسٌ. وقال ابن الأَعرابي في النوادر: الغَسِيسَة التي تُرطب ويتغير
طعمها، والسَّرادة البُسرة التي تحلو قبل أَن تُزهي، وهي بَلحَة، والمَكْرَة
التي لا تُرْطب ولا حلاوة لها، والشُّمْطانة التي يُرطب جانب منها
وسائرها يابس، والمَغْسُوسَة التي تركب ولا حلاوة لها.
أَبو مِحْجَن الأَعرابي: هذا الطعام غَسُوس صِدْق وغَلُول صدق أَي طعام
صدق، وكذلك الشَّراب. وغَسَّ الرجل في البلاد إِذا دخل فيها ومضى
قُدُماً، وهي لغة تميم؛ قال رؤبة:
كالحُوت لمَّا غَسَّ في الأَنهار
قال: وقَسَّ مثله. والغُسُّ: الفَسْل من الرجال، وجمعه أَغْساس؛ وأَنشد:
أَن لا يُتَلَّى بِجِبْسٍ لا فُؤاد لهُ،
ولا بِغُسٍّ عنِيد الفُحْشِ إِزْمِيلِ
وغَسَسْتَه في الماس وغَتَتَّهُ أَي غَطَطْتَه؛ قال أَبو وجزة:
وانغَسَّ في كَدِر الطِّمالِ دَعامِصٌ
حُمْرُ البُطون، قَصِيرة أَعْمارُها
والغِسُّ: زجر الهرّ. وغَسْغَسْت بالهِرَّة إِذا بالغت في زجرها؛ ويقال
للهرَّة الخَازِ بازِ والمَغْسُوسَة.
ولست من غَسَّانِه أَي ضرْبه؛ عن كراع. وغَسَّان: قبيلة من اليمن، منهم
ملوك غسان، وغَسَّان: ماءٌ نُسِب إِليه قوم؛ قال حسان:
أَلأَزْدُ نِسْبَتُنا والماءُ غَسَّانُ
هذا إِن كان فَعْلانَ فهو من هذا الباب، وإِن كان فَعَّالاً فهو من باب
النون. ويقال: غَسَّ فلان خطبة الخطيب أَي عابها.
جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.
جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً، فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ، والأُنثى
جَرْباءُ، والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ، وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ، قاله الجوهري. وقال ابن بري: ليس بصحيح، إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ.
قال سُوَيد بن الصَّلْت، وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب، قال ابن بري: وهو الأَصح:
وفِينا، وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ، * كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول: ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ، وقلوبنا مُتضاغِنةٌ، كما تنبُتُ
أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر، وتحته داء في أَجْوافِها. والنَّشْرُ: نبت
يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف، وذلك لمطر يُصيِبه، وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه. وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً، ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ.
وأَجْرَبَ القومُ: جَرِبَتْ إِبلُهم. وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان: ما
لَه جَرِبَ وحَرِبَ، يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب، وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه، فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً
لجَرِبَ، وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله. ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه، فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها.
والجَرَبُ كالصَّدإِ، مقصور، يَعْلُو باطن الجَفْن، ورُبَّما أَلبَسَه
كلَّه، وربما رَكِبَ بعضَه.
والجَرْباءُ: السماءُ، سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب، وقيل سميت بذلك لموضع الـمَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم. قال الفارسي: كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ، وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم. قال أُسامة بن حبيب الهذلي:
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ، في كلِّ مَوْقِفٍ، * طِباباً، فَمَثْواهُ، النَّهارَ، الـمَراكِدُ
وقيل: الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ(1)
(1 قوله «لا يدور فيها فلك» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا.) الشَّمْسِ والقمر. أَبو الهيثم: الجَرْباءُ والـمَلْساءُ: السماءُ الدُّنيا. وجِرْبةُ، مَعْرِفةً: اسمٌ للسماءِ، أَراه من ذلك.
وأَرضٌ جَرْباءُ: مـمْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها.
ابن الأَعرابي: الجَرْباءُ: الجاريةُ الملِيحة، سُميت جَرْباءَ لأَن
النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ. وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ الـمُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ، وكانت من أَحسن النساءِ.
والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ: مِقْدار معلوم. الأَزهري: الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ، وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ، كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ. وقيل: الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ(2)
(2 قوله «نصف الفنجان» كذا في التهذيب مضبوطاً.) . ويقال: أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب، وهو مكيلة معروفة، وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ، وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ. قال: والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ. والجَرِيبُ: قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض. قال ابن دريد: لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً؛ والجمعُ: أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ. وقيل: الجَرِيبُ الـمَزْرَعَةُ، عن كُراعٍ.
والجِرْبةُ، بالكسر: الـمَزْرَعَةُ. قال بشر بن أَبي خازم:
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ، * على جِرْبةٍ، تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ: الكَرْدةُ من الـمَزْرعةِ، والجمع الدِّبارُ. والجِرْبةُ:
القَراحُ من الأَرض. قال أَبو حنيفة: واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال:كَجِرْبةِ نَخْلٍ، أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة: الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ، ولم يذكر الاستعارةَ. قال: والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ. ابن الأَعرابي: الجِرْبُ: القَراحُ، وجمعه جِربَةٌ.
الليث: الجَرِيبُ: الوادي، وجمعه أَجْرِبةٌ، والجِرْبةُ: البُقْعَةُ
الحَسَنةُ النباتِ، وجمعها جِرَبٌ. وقول الشاعر:
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ، * يَقُومُ إِليها شارِجٌ، فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ
المذكورة. والجِرْبةُ: جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر. وقيل: الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ.
والجِرابُ: الوِعاءُ، مَعْرُوف، وقيل هو المِزْوَدُ، والعامة تفتحه،
فتقول الجَرابُ،والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ. غيره: والجِرابُ: وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ. وجِرابُ البئر: اتِّساعُها، وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها، وفي الصحاح: جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها. ويقال: اطْوِ جِرابَها بالحجارة. الليث: جِرابُ البئر: جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها. والجِرابُ: وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ.وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ: جَيْبُه؛ وقد يقال بالضم، وهو بالفارسية كَرِيبان. وجِرِبَّانُ القَمِيص: لَبِنَتُهُ، فارسي معرب. وفي حديث قُرَّةً المزني: أَتَيْتُ النَّبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه. الجُرُبَّانُ، بالضم، هو جَيْبُ القميص، والأَلف والنون زائدتان. الفرَّاءُ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه؛ وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص. شمر عن ابن الأَعرابي: الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه. وفي الحديث: والسَّيْفُ في جُرُبَّانه، أَي في غِمْده. غيره: جُرُبَّانُ السَّيْفِ، بالضم والتشديد، قِرابُه، وقيل حَدُّه، وقيل: جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه. قال الرَّاعي:
وعلى الشَّمائلِ، أَنْ يُهاجَ بِنا، * جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ، عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا.
ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ: صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ، عن ثعلب. قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي:
جِرِبَّانةٌ، وَرْهاءُ، تَخْصِي حِمارَها، * بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي: هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس، يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها، يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ، وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء. قال ابن الأعرابي: يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ، إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ، فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها، ويروى جِلِبَّانةٌ، وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ، إِنما هي لغة، وهي مذكورة في موضعها.
ابن الأَعرابي: الجَرَبُ: العَيْبُ. غيره: الجَرَبُ: الصَّدَأُ يركب
السيف.
وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً: اخْتَبَرَه، والتَّجْرِبةُ مِن الـمَصادِرِ الـمَجْمُوعةِ. قال النابغة:
إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وقال الأَعشى:
كَمْ جَرَّبُوه، فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ * أَبا قُدامَةَ، إِلاَّ الـمَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في الـمَفْعول به، وهو غريب. قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ، أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا الـمَجْدَ. قال: والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب، ولأنه لو أَراد
إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً، فيقول: فما زادت تَجارِبُهم إِياه، أَبا قُدامةَ، إِلا كذا. كما تقول ضَرَبْتُ، فأَوْجَعْته زيداً، ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول، وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل، على بُعْدِه، وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه، لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب؛ فإِن قلت: أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني، قيل لك: فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد، وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل، لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ
ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً، فتُعْمِل الأَوّل، فتقول: قامَ وقَعدا أَخَواكَ.
فأَما المفعول فمنه بُدٌّ، فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه، ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه.
ورجل مُجَرَّب: قد بُليَ ما عنده. ومُجَرِّبٌ: قد عَرفَ الأُمورَ
وجَرَّبها؛ فهو بالفتح، مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه،
والـمُجَرَّبُ، مثل الـمُجَرَّس والـمُضَرَّسُ، الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور
وأَحكمته، فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً، إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح.
التهذيب: الـمُجَرَّب: الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده. أَبو زيد: من أَمثالهم: أَنت على الـمُجَرَّب؛ قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها: أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ؟ قالت له: أَنت على الـمُجَرَّبِ؛ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه.
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ: مَوْزُونةٌ، عن كراع. وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ، فبلَغها مَوْتُه:
سَأَجْعَلُ للموتِ، الذي التَفَّ رُوحَه، * وأَصْبَحَ في لَحْدٍ، بجُدَّة، ثَاوِيا:
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً * مُجَرَّبةً، نَقْداً، ثِقالاً، صَوافِيا
والجَرَبَّةُ، بالفتح وتشديد الباءِ: جَماعة الحُمُر، وقيل: هي الغِلاظُ
الشِّداد منها. وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً
مُتساوِينَ: جَرَبَّةٌ، قال:
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ، * لا ضَرَعٌ فينا، ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ. والأَبَكُّ: موضع. والجَرَبَّةُ، من أَهْلِ الحاجةِ، يكونون مُسْتَوِينَ. ابن بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصَّلامةُ من الرجال، الذين لا سَعْيَ لهم(1)
(1 قوله «لا سعي لهم» في نسخة التهذيب لا نساء لهم.) ، وهم مع أُمهم؛ قال الطرماح:
وحَيٍّ كِرامٍ، قد هَنأْنا، جَرَبَّةٍ، * ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال: جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم. يقول عَمَّمْناهم، ولم نَخُصَّ
كِبارَهم دون صِغارِهم. أَبو عمرو: الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ، وأَنشد:
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا، * تَحْسِبُه، وهو مُخَنْذٍ، ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ: يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون.
والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة: الكَثيرُ. يقال: عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ، مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي، وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف.
والجِرْبِياءُ،
على فِعْلِياء بالكسر والـمَدّ: الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين
الجَنُوبِ والصَّبا. وقيل: هي الشَّمالُ، وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها.
والجِرْبِياءُ: شَمالٌ بارِدةٌ. وقيل: هي النَّكْباءُ، التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور، وهي ريح تَقْشَعُ السحاب. قال ابن أَحمر:
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى، * تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب. قال: وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ. وقيل لابنة الخُسِّ: ما أَشدُّ البَرْدِ؟ فقالت شَمالٌ
جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ. والأَجْرَبانِ: بَطْنانِ من العرب.
والأَجْربانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ. قال العباسُ بن مِرْداسٍ:
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ، * والأَجْرَبانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري: صوابه وذُبيانُ، بالرفع، معطوف على قوله بنو عبس. والقصيدة كلها مرفوعة ومنها:
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم * جَيْشاً، له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ، ليس تارِكَكُم، * والـمُسْلِمُون، عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ: حَيٌّ من بني سَعْدٍ.
والجَريبُ: موضع بنَجْدٍ.
وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم.
وجُرابٌ، بضم الجيم وتخفيف الراءِ: اسم ماء معروف بمكة. وقيل: بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى.
وأَجْرَبُ: موضع.
والجَوْرَبُ: لِفافةُ الرِّجْل، مُعَرَّب، وهو بالفارسية كَوْرَبٌ؛
والجمع جَواربةٌ؛ زادوا الهاءَ لمكان العجمة، ونظيره من العربية القَشاعِمة.
وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج، ونظيره من العربية الكَواكب. واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً، فقال يصف مقتنص الظباء: وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما.
وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه.
والجَريبُ: وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه. وفي حديث الحوض: عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى(1)
(1 قوله «جربى» بالقصر، قال ياقوت في معجمه وقد يمد.) وأَذْرُح: هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال، وكتَب لهما النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَماناً. فأَما جَرْبةُ، بالهاءِ، فقرية بالـمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت، رضي اللّه عنه.
قال عبداللّه بن مكرم: رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من
الأَنصار، كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين(2)
(2 قوله «بخط جدي إلخ» لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى.) ،والدِ الـمُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
(يتبع...)
(تابع... 1): جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.... ...
بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت، هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه. وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر، رحمه اللّه، في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة، رضي اللّه
عنهم، فقال: رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار، سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً. وكان معاوية، رضي اللّه عنه، قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين، فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين، ودخلها وانصرف من عامه، فيقال: مات بالشام، ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها. وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني، رضي اللّه عنهم أَجمعين. قال: ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول: هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار، واسم النجار تَيْمُ اللّه، قال الزبير: كانوا تَيْمَ اللاتِ، فسماهم النبي، صلى اللّه عليه وسلم، تَيْمَ اللّهِ؛ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج، وهو أَخو الأَوْس، وإِليهما نسب الأَنصار، وأُمهما
قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن
أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ؛ ونعود إِلى بقية النسب المبارك: الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب، وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ. وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ، واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، واسمه يَقْطُن، وإِليه تُنسب اليمن. ومن ههنا اختلف النسابون، فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل(1)
(1 قوله «فالذي ذكره إلخ» كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب.) ، عليه الصلاة والسلام.
قال ابن حزم: وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال لقوم من خُزاعةَ، وقيل من الأَنصار، ورآهم يَنْتَضِلُون: ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً. وابراهيمُ، صلوات اللّه عليه، هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم، الذي قسم الأَرض بين أَهلها، ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح، عليه الصلاة والسلام، ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس، عليه السلام، ابن الرائد بن مهلاييل بن
قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه، وهو شيث بن آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.