عن العبرية بمعنى سر ومشورة ومداولة والهاء للتأنيث. يستخدم للإناث.
عن العبرية بمعنى سر ومشورة ومداولة والهاء للتأنيث. يستخدم للإناث.
صير: صارَ الأَمرُ إِلى كذا يَصِيرُ صَيْراً ومَصِيراً وصَيْرُورَةً
وصَيَّرَه إِليه وأَصارَه، والصَّيْرُورَةُ مصدر صارَ يَصِيرُ. وفي كلام
عُمَيْلَةَ الفَزارِي لعمه وهو ابن عَنْقاءَ الفَزارِي: ما الذي أَصارَك
إِلى ما أَرى يا عَمْ؟ قال: بُخْلك بمالِك، ويُخْل غيرِك من أَمثالك،
وصَوْني أَنا وجهي عن مثلهم وتَسْآلك ثم كان من إِفْضال عُمَيْلة على عمه ما
قد ذكره أَبو تمام في كتابه الموسوم بالحماسة. وصِرْت إِلى فلان مَصِيراً؛
كقوله تعالى: وإِلى الله المَصِير؛ قال الجوهري: وهو شاذ والقياس مَصَار
مثل مَعاش. وصَيَّرته أَنا كذا أَي جعلته.
والمَصِير: الموضع الذي تَصِير إِليه المياه. والصَّيِّر: الجماعة.
والصِّيرُ: الماء يحضره الناس. وصارَهُ الناس: حضروه؛ ومنه قول الأَعشى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّع رَوْضَ القَطا
ورَوْضَ التَّنَاضُبِ حتى تَصِيرَا
أَي حتى تحضر المياه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بكر،
رضي الله عنه، حين عَرَضَ أَمرَه على قبائل العرب: فلما حضر بني شَيْبان
وكلم سَراتهم قال المُثَنى بن حارثة: إِنا نزلنا بين صِيرَينِ اليمامة
والشمامة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: وما هذان الصِّيرانِ؟ قال:
مياه العرب وأَنهار كِسْرى؛ الصِّيرُ: الماء الذي يحضره الناس. وقد صارَ
القوم يَصِيرون إِذا حضروا الماء؛ ويروى: بين صِيرَتَيْن، وهي فِعْلة منه،
ويروى: بين صَرَيَيْنِ، تثنية صَرًى.
قال أَبو العميثل: صارَ الرجلُ يَصِير إِذا حضر الماءَ، فهو صائِرٌ.
والصَّائِرَةُ: الحاضرة. ويقال: جَمَعَتْهم صائرَةُ القيظِ. وقال أَبو
الهيثم: الصَّيْر رجوع المُنْتَجِعين إِلى محاضرهم. يقال: أَين الصَّائرَة أَي
أَين الحاضرة ويقال: أَيَّ ماء صارَ القومُ أَي حضروا. ويقال: صرْتُ
إِلى مَصِيرَتي وإِلى صِيرِي وصَيُّوري. ويقال للمنزل الطيِّب: مَصِيرٌ
ومِرَبٌّ ومَعْمَرٌ ومَحْضَرٌ. ويقال: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم.
وصِيَرُ الأَمر: مُنْتهاه ومَصِيره ومَصِيره وعاقِبَته وما يَصير إِليه. وأَنا
على صِيرٍ من أَمر كذا أَي على ناحية منه. وتقول للرجل: ما صنعتَ في
حاجتك؟ فيقول: أَنا على صِيرِ قضائها وصماتِ قضائها أَي على شَرَفِ قضائها؛
قال زهير:
وقد كنتُ من سَلْمَى سِنِينَ ثمانِياً،
على صِيرِ أَمْرٍ ما يَمَرُّ وما يَحْلُو
وصَيُّور الشيء: آخره ومنتهاه وما يؤول إِليه كصِيرِه ومنتهاه
(* قوله:
«كصيره ومنتهاه» كذا بالأَصل). وهو فيعول؛ وقول طفيل الغنوي:
أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه
بالبئر، غادَرَهُ الأَحْياءُ وابْتَكَرُوا
قال أَبو عمرو: صَيِّره قَبْره. يقال: هذا صَيِّر فلان أَي قبره؛ وقال
عروة بن الورد:
أَحادِيثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالِدٍ،
إِذا هو أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر
قال أَبو عمرو: بالهُزَرِ أَلْفُ صَيِّر، يعني قبوراً من قبور أَهل
الجاهلية؛ ذكره أَبو ذؤيب فقال:
كانت كَلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر
(* قوله: كانت كليلة إلخ» أنشد البيت بتمامه في هزر:
لقال الاباعد والشامتوـــــن كانوا كليلة أهل الهزر).
وهُزَر: موضع. وما له صَيُّور، مثال فَيْعُول، أَي عَقْل ورَأْيٌ.
وصَيُّور الأَمر: ما صارَ إِليه. ووقع في أُمِّ صَيُّور أَي في أَمر ملتبس ليس
له مَنْفَذ، وأَصله الهَضْبة التي لا مَنْفَذ لها؛ كذا حكاه يعقوب في
الأَلفاظ، والأَسْبَقُ صَبُّور. وصارَةُ الجبل: رأْسه. والصَّيُّور
والصَّائرَةُ: ما يَصِير إِليه النباتُ من اليُبْس. والصَّائرَةُ: المطرُ
والكَلأُ. والصَّائرُ: المُلَوِّي أَعناقَ الرجال. وصارَه يَصِيره: لغة في
صارَهُ يَصُوره أَي قطعه، وكذلك أَماله.
والصِّير: شَقُّ الباب؛ يروى أَن رجلاً اطَّلع من صِير باب النبي، صلى
الله عليه وسلم. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: من
اطَّلع من صِير باب فقد دَمَر؛ وفي رواية: من نَظَرَ؛ ودمر: دخل، وفي
رواية: من نظر في صير باب ففُقِئَتْ عينه فهي هَدَر؛ الصِّير الشّقّ؛ قال
أَبو عبيد: لم يُسمع هذا الحرف إِلا في هذا الحديث. وصِير الباب: خَرْقه.
ابن شميل: الصِّيرَةُ على رأْس القَارَةِ مثل الأَمَرَة غير أَنها طُوِيَتْ
طَيّاً، والأَمَرَةُ أَطول منها وأَعظم مطويتان جميعاً، فالأَمَرَةُ
مُصَعْلَكة طويلة، والصِّيرَةُ مستديرة عريضة ذات أَركان، وربما حفرت فوجد
فيها الذهب والفضة، وهي من صنعة عادٍ وإِرَم، والصِّيرُ شبه الصَّحْناة،
وقيل هو الصحناة نفسه؛ يروى أَن رجلاً مَرَّ بعبدالله بن سالم ومعه صِيرٌ
فلَعِق منه (قوله: «فلعق منه» كذا بالأصل. وفي النهاية والصحاح فذاق
منه). ثم سأَل: كيف يُباع؟ وتفسيره في الحديث أَنه الصَّحْناة. قال ابن دريد:
أَحسبه سريانيّاً؛ قال جرير يهجو قوماً:
كانوا إِذا جَعَلوا في صِيرِهِمْ بَصَلاً،
ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالحٍ، جَدَفُوا
والصِّيرُ: السمكات المملوحة التي تعمل منها الصَّحْناة؛ عن كراع. وفي
حديث المعافري: لعل الصِّيرَ أَحَبُّ إِليك من هذا.
وصِرْتُ الشيء: قطعته. وصارَ وجهَه يَصِيره: أَقبل به. وفي قراءة
عبدالله بن مسعود وأَبي جعفر المدني: فصِرهن إِليك، بالكسر، أَي قطِّعهن
وشققهن، وقيل: وجِّهْهن. الفراء: ضَمَّت العامة الصاد وكان أَصحاب عبدالله
يكسرونها، وهما لغتان، فأَما الضم فكثير، وأَما الكسر ففي هذيل وسليم؛ قال
وأَنشد الكسائي:
وفَرْع يَصِير الجِيدَ وحْف كَأَنّه،
على اللِّيت، قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوَالِحُ
يَصِير: يميل، ويروى: يَزِينُ الجيد، وكلهم فسروا فصُرْهن أَمِلْهن،
وأَما فصِرْهن، بالكسر، فإِنه فسر بمعنى قَطِّعهن؛ قال: ولم نجد قطّعهن
معروفة؛ قال الأَزهري: وأُراها إِن كانت كذلك من صَرَيتُ أَصْرِي أَي قَطَعت
فقدمت ياؤها. وصِرْت عنقه: لويتها. وفي حديث الدعاء: عليك توكلنا وإِليك
أَنبنا وإِليك المَصِير أَي المرجع. يقال: صِرْت إِلى فلان أَصِير
مَصِيراً، قال: وهو شاذ والقياس مَصار مثل مَعاش. قال الأَزهري: وأَما صارَ
فإِنها على ضربين: بلوغ في الحال وبلوغ في المكان، كقولك صارَ زيد إِلى عمرو
وصار زيد رجلاً، فإِذا كانت في الحال فهي مثل كانَ في بابه. ورجل
صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حسن الصُّورَة والشَّارَة؛ عن الفراء. وتَصَيَّر فلانٌ
أَباه: نزع إِليه في الشَّبَه.
والصِّيارَةُ والصِّيرَةُ: حظيرة من خشب وحجارة تبنى للغَنَم والبقر،
والجمع صِيرٌ وصِيَرٌ، وقيل: الصِّيرَة حظيرة الغنم؛ قال الأَخطل:
واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً
من الحَبَلَّقِ، تُبْنى فَوْقَها الصِّيَرُ
وفي الحديث: ما من أُمَّتي أَحد إِلا وأَنا أَعرفه يوم القيامة، قالوا:
وكيف تعرفهم مع كثرة الخلائق؟ قال: أَرَأَيْتَ لو دخلتِ صِيَرةً فيها خيل
دُهْمٌ وفيها فَرَسٌ أَغَرُّ مُحَجَّل أَما كنتَ تعرفه منها؟ الصِّيرَة:
حَظِيرة تُتخذ للدواب من الحجارة وأَغصان الشجر، وجمعها صِيَر. قال أَبو
عبيد: صَيْرَة، بالفتح، قال: وهو غلط.
والصِّيَار: صوت الصَّنْج؛ قال الشاعر:
كَأَنَّ تَرَاطُنَ الهَاجَاتِ فِيها،
قُبَيْلَ الصُّبْحِ، رَنَّاتُ الصِّيَارِ
يريد رنين الصِّنْج بأَوْتاره. وفي الحديث: أَنه قال لعلي، عليه السلام:
أَلا أُعلمك كلماتٍ إِذا قلتَهن وعليك مثل صِير غُفِر لك؟ قال ابن
الأَثير: وهو اسم جبل، ويروى: صُور، بالواو، وفي رواية أَبي وائل: أَن عليّاً،
رضي الله عنه، قال: لو كان عليك مثل صِيرٍ دَيْناً لأَداه الله عنك.
سرط: سَرِطَ الطعامَ والشيءَ، بالكسر، سَرَطاً وسَرَطاناً: بَلِعَه،
واسْتَرَطَه وازْدَرَدَه: ابْتَلَعَه، ولا يجوز سرَط؛ وانْسَرَطَ الشيء في
حَلْقِه: سارَ فيه سيْراً سهْلاً. والمِسْرَطُ والمَسْرَطُ: البُلْعُوم،
والصاد لغة. والسِّرْواطُ: الأَكُول؛ عن السيرافي. والسُّراطِيُّ
والسِّرْوَطُ: الذي يَسْتَرِطُ كل شيء يبتلعه. وقال اللحياني: رجل سِرْطِمٌ
وسَرْطَمٌ يبتلع كل شيء، وهو من الاسْتراط. وجعل ابن جني سَرطَماً ثلاثيّاً،
والسِّرْطِمُ أَيضاً: البليغ المتكلم، وهو من ذلك. وقالوا: الأَخذ
سُرَّيْطٌ وسُرَّيْطَى، والقضاء ضُرَّيْطٌ وضُرَّيْطَى أَي يأْخذ الدَّين
فيَسْتَرِطُه، فإِذا اسْتَقْضاه غريمُه أَضْرَطَ به. ومن أَمثال العرب: الأَخذ
سَرَطانٌ، والقَضاء لَيَّانٌ؛ وبعض يقول: الأَخذ سُرَيْطاء، والقَضاء
ضُرَيْطاء. وقال بعض الأَعراب: الأَخذ سِرِّيطَى، والقضاء ضِرِّيطَى، قال:
وهي كلها لغات صحيحة قد تكلمت العرب بها، والمعنى فيها كلها أَنت تُحبُّ
الأَخذ وتكره الإِعْطاء. وفي المثل: لا تكن حُلْواً فتُسْتَرَطَ، ولا
مُرّاً فتُعْقى، من قولهم: أَعْقَيْتُ الشيء إِذا أَزَلْتَه من فِيك
لمَرارتِه كما يقال أَشْكَيْتُ الرجل إِذا أَزلته عما يشكوه.
ورجل سِرْطِيطٌ وسُرَطٌ وسَرَطانٌ: جيّد اللَّقْمِ. وفرس سُرَطٌ
وسَرَطانٌ: كأَنه يَسْتَرِطُ الجرْي. وسيف سُراطٌ وسُراطِيٌّ: قاطع يَمُرّ في
الضَّريبةِ كأَنه يَسْتَرِطُ كل شيء يَلْتَهِمُه، جاء على لفظ النسب وليس
بنَسَب كأَحْمر وأَحْمريّ؛ قال المتنخل الهذلي:
كَلوْن المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
به أَحْمِي المُضافَ إِذا دَعاني،
ونَفْسِي، ساعةَ الفَزَعِ الفِلاطِ
وخفّف ياء النسبة من سُراطي لمكان القافية. قال ابن بري: وصواب إِنشاده
يُتِرُّ، بضم الياء. والفِلاطُ: الفُجاءةُ.
والسِّراطُ: السبيل الواضح، والصِّراط لغة في السراط، والصاد أَعلى
لمكان المُضارَعة، وإِن كانت السين هي الأَصل، وقرأَها يعقوب بالسين، ومعنى
الآية ثَبِّتْنا على المِنْهاج الواضح؛ وقال جرير:
أَميرُ المؤمنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيم
والمَوارِدُ: الطُّرُقُ إِلى الماء، واحدتها مَوْرِدةٌ. قال الفراء:
ونفر من بَلْعَنْبر يصيِّرون السين، إِذا كانت مقدمة ثم جاءت بعدها طاء أَو
قاف أَو غين أَو خاء، صاداً وذلك أَن الطاء حرف تضع فيه لسانك في حنكك
فينطبق به الصوت، فقلبت السين صاداً صورتها صورة الطاء، واستخفّوها ليكون
المخرج واحداً كما استخفوا الإِدْغام، فمن ذلك قولهم الصراط والسراط، قال: وهي بالصاد لغة قريش الأَوّلين التي جاء بها الكتاب، قال: وعامة العرب
تجعلها سيناً، وقيل: إِنما قيل للطريق الواضح سراط لأَنه كأَنه
يَسْتَرِطُ المادّة لكثرة سلوكهم لاحِبَه، فأَما ما حكاه الأَصمعي من قراءة بعضهم
الزِّراط، بالزاي المخلصة، فخَطأ إِنما سَمِع المُضارِعةَ فتَوَهَّمها
زاياً ولم يكن الأَصمعي نحويّاً فيُؤْمَنَ على هذا. وقوله تعالى: هذا
سِراطٌ عليَّ مُسْتَقِيمٌ، فسَّره ثعلب فقال: يعني الموتَ أَي عليَّ
طريقُهم.والسُّرَّيْطُ والسِّرِطْراط والسَّرَطْراطُ، بفتح السين والراء:
الفالُوذَجُ، وقيل: الخَبِيصُ، وقيل: السَّرَطْراطُ الفالوذج، شامية. قال
الأَزهري: أَما بالكسر فهي لغة جيدة لها نظائر مثل جِلِبْلابٍ وسِجِلاَّط،
قال: وأَما سَرَطْراطٌ فلا أَعرف له نظيراً فقيل للفالوذج سِرِطْراطٌ، فكررت
فيه الراء والطاء تبليغاً في وصفه واستِلْذاذِ آكله إِياه إِذا سَرَطَه
وأَساغَه في حَلْقِه.
ويقال للرجل إِذا كان سريعَ الأَكل: مِسْرَطٌ وسَرّاطٌ وسُرَطةٌ.
والسِّرِطْراطُ: فِعِلْعالٌ من السَّرْطِ الذي هو البَلْع. والسُّرَّيْطَى:
حَساً كالخَزِيرةِ.
والسَّرَطانُ: دابّة من خَلق الماء تسميه الفُرْس مُخ.
والسرَطانُ: داء يأْخذ الناس والدوابَّ. وفي التهذيب: هو داء يظهر
بقوائم الدوابّ، وقيل: هو داء يعرض للإنسان في حلقه دموي يشبه الدُّبَيْلةَ،
وقيل: السرَطانُ داء يأْخذ في رُسْغ الدابّة فيُيَبِّسه حتى يَقْلِب
حافرها. والسرَطانُ: من بروج الفَلَكِ.
سبط: السَّبْطُ والسَّبَطُ والسَّبِطُ: نقيض الجَعْد، والجمع سِباطٌ؛
قال سيبويه: هو الأَكثر فيما كان على فَعْلٍ صِفةً، وقد سَبُطَ سُبُوطاً
وسُبُوطةً وسَباطةً وسَبْطاً؛ الأَخيرة عن سيبويه. والسَّبْطُ: الشعر الذي
لا جُعُودة فيه. وشعر سَبْطٌ وسَبِطٌ: مُسْتَرْسِلٌ غير جَعْدٍ. ورجل
سبْطُ الشعر وسَبِطُه وقد سَبِطَ شعرُه، بالكسر، يَسْبَطُ سَبَطاً. وفي
الحديث في صفة شعره: ليس بالسَّبْطِ ولا بالجَعْدِ القَطِطِ؛ السَّبْطُ من
الشعر: المُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ، والقَطِطُ: الشدِيدُ الجُعُودةِ، أَي
كان شعره وسَطاً بينهما. ورجل سَبِطُ الجسمِ وسَبْطُه: طَويلُ الأَلواحِ
مُسْتَوِيها بَيّنُ السَّباطةِ، مثل فَخِذٍ وفَخْذ، من قوم سِباطٍ إِذا
كان حَسَنَ القَدِّ والاستواء؛ قال الشاعر:
فَجاءت به سَبْطَ العِظامِ كأَنَّما
عِمامَتُه، بَيْنَ الرِّجالِ، لِواء
ورجل سَبْطٌ بالمَعْروف: سَهْلٌ، وقد سَبُطَ سَباطةً وسَبِطَ سَبَطاً،
ولغة أَهل الحجاز: رجل سَبِطُ الشعرِ وامرأَة سَبِطةٌ. ورجل سَبْطُ
اليَدَيْن بَيّنُ السُّبُوطة: سَخِيٌّ سَمْحُ الكفين؛ قال حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ، لَوْ أَبْصَرْتَهُ،
سَبِطِ الكَفَّيْنِ في اليَوْم الخَصِرْ
شمر: مطَر سَبْطٌ وسَبِطٌ أَي مُتدارِكٌ سَحٌّ، وسَباطَتُه سَعَتُه
وكثرته؛ قال القطامِيُّ:
صَاقَتْ تَعَمَّجُ أَعْرافُ السُّيُولِ به
من باكِرٍ سَبِطٍ، أَو رائحٍ يَبِلِ
(* قوله «أعراف» كذا بالأصل، والذي في الاساس وشرح القاموس: أعناق.)
أَراد بالسبط المطَر الواسِع الكثير. ورجل سَبِطٌ بيِّن السَّباطةِ:
طويل؛ قال:
أَرْسَلَ فيها سَبِطاً لم يَخْطَلِ
أَي هو في خِلْقته التي خلقه اللّه تعالى فيها لم يزد طولاً. وامرأَة
سَبْطةُ الخلقِ وسَبِطةٌ: رَخْصةٌ ليِّنَةٌ. ويقال للرجل الطويلِ
الأَصابعِ: إِنه لسَبْطُ الأَصابع. وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: سَبْط
القَصَبِ؛ السبْطُ والسِبطُ، بسكون الباء وكسرها: الممتدُّ الذي ليس فيه
تَعَقُّدٌ ولا نُتوء، والقَصَبُ يريد بها ساعِدَيه وساقَيْه. وفي حديث
المُلاعَنةِ: إِن جاءت به سَبطاً فهو لزوجها أَي ممتدّ الأَعضاء تامَّ
الخلْقِ.والسُّباطةُ: ما سقَط من الشعر إِذا سُرِّحَ، والسُّباطةُ: الكُناسةُ.
وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَتى سُباطةَ قومٍ
فبالَ فيها قائماً ثم توضأَ ومسَح على خُفَّيْه؛ السُّباطةُ والكُناسةُ:
الموضع الذي يُرْمى فيه الترابُ والأَوْساخُ وما يُكْنَسُ من المنازل،
وقيل: هي الكُناسةُ نفسها وإِضافَتُها إِلى القوم إِضافةُ تَخْصِيصٍ لا
مِلْكٍ لأَنها كانت مَواتاً مُباحة، وأَما قوله قائماً فقيل: لأَنه لم يجد
موضعاً للقعود لأَنَّ الظاهر من السُّباطة أَن لا يكون موضعُها مُسْتوياً،
وقيل: لمرض منعه عن القعود، وقد جاء في بعض الروايات: لِعِلَّةٍ
بمَأُبِضَيْهِ، وقيل: فعَله للتَّداوِي من وجع الصُّلْبِ لأَنهم كانوا يتَداوَوْنَ
بذلك، وفيه أَن مُدافَعةَ البَوْلِ مكروهة لأَنه بالَ قائماً في
السُّباطة ولم يؤخِّرْه.
والسَّبَطُ، بالتحريك: نَبْتٌ، الواحدة سَبَطةٌ. قال أَبو عبيد: السبَطُ
النَّصِيُّ ما دام رَطْباً، فإِذا يَبِسَ فهو الحَلِيُّ؛ ومنه قول ذي
الرمة يصف رملاً:
بَيْنَ النهارِ وبين الليْلِ مِن عَقَِدٍ،
على جَوانِبه الأَسْباطُ والهَدَبُ
وقال فيه العجّاج:
أَجْرَدُ يَنْفِي عُذَرَ الأَسْباطِ
ابن سيده: السبَطُ الرَّطْبُ من الحَلِيِّ وهو من نباتِ الرمل. وقال
أَبو حنيفة: قال أَبو زياد السبَطُ من الشجر وهو سَلِبٌ طُوالٌ في السماء
دُقاقُ العِيدان تأْكله الإِبل والغنم، وليس له زهرة ولا شَوك، وله ورق
دِقاق على قَدْرِ الكُرَّاثِ؛ قال: وأَخبرني أَعرابي من عَنَزة أَن السبَطَ
نباتُه نباتُ الدُّخْنِ الكِبار دون الذُّرةِ، وله حبّ كحبّ البِزْرِ لا
يخرج من أَكِمَّتِه إِلا بالدَّقِّ، والناس يستخرجونه ويأْكلونه خَبْزاً
وطَبْخاً. واحدته سبَطةٌ، وجمع السبَطِ أَسْباطٌ. وأَرض مَسْبَطةٌ من
السَّبَطِ: كثيرة السبَطِ. الليث: السبَطُ نبات كالثِّيل إِلا أَنه يطول
وينبت في الرِّمال، الواحدة سبَطةٌ.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي ما معنى السِّبْط في كلام العرب؟
قال: السِّبْطُ والسّبْطانُ والأَسْباطُ خاصّة الأَولاد والمُصاصُ منهم،
وقيل: السِّبْطُ واحد الأَسْباط وهو وَلد الوَلدِ. ابن سيده: السِّبْطُ
ولد الابن والابنة. وفي الحديث: الحسَنُ والحُسَينُ سِبْطا رسولِ اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي عنهما، ومعناه أَي طائفتانِ وقِطْعتان منه،
وقيل: الأَسباط خاصة الأَولاد، وقيل: أَولاد الأَولاد، وقيل: أَولاد
البنات، وفي الحديث أَيضاً: الحسينُ سِبْطٌ من الأَسْباط أَي أُمَّةٌ من الأُمم
في الخير، فهو واقع على الأُمَّة والأُمَّةُ واقعة عليه. ومنه حديث
الضِّبابِ: إِنَّ اللّه غَضِبَ على سِبْطٍ من بني إِسرائيل فمسخهم دَوابَّ.
والسِّبْطُ من اليهود: كالقبيلة من العرب، وهم الذين يرجعون إِلى أَب
واحد، سمي سِبْطاً ليُفْرَق بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، وجمعه أَسْباط.
وقوله عزّ وجلّ: وقطَّعناهم اثْنَتَيْ عَشْرةَ أَسْباطاً؛ أُمماً ليس
أَسباطاً بتمييز لأَن المميز إِنما يكون واحداً لكنه بدل من قوله اثنتي عشرة
كأَنه قال: جعلناهم أَسْباطاً. والأَسْباطُ من بني إِسرائيل: كالقبائل من
العرب. وقال الأَخفش في قوله اثنتي عشرة أَسباطاً، قال: أَنَّث لأَنه أَراد
اثنتي عشرة فِرْقةً ثم أَخبر أَن الفِرَقَ أَسْباطٌ ولم يجعل العدد
واقعاً على الأَسباط؛ قال أَبو العباس: هذا غلط لا يخرج العدد على غير الثاني
ولكن الفِرَقُ قبل اثنتي عشرة حتى تكون اثنتي عشرة مؤنثة على ما فيها
كأَنه قال: وقطَّعناهم فِرَقاً اثنتي عشرة فيصح التأْنيث لما تقدم. وقال
قطرب: واحد الأَسباط سِبْطٌ. يقال: هذا سِبْط، وهذه سبط، وهؤلاء سِبْط جمع،
وهي الفِرْقة. وقال الفراء: لو قال اثْنَيْ عشَر سِبْطاً لتذكير السبط
كان جائزاً، وقال ابن السكيت: السبط ذَكَرٌ ولكن النية، واللّه أَعلم،
ذهبت إِلى الأُمم. وقال الزجاج: المعنى وقطَّعناهم اثنتي عشْرةَ فِرْقة
أَسباطاً، فأَسباطاً من نعت فرقة كأَنه قال: وجعلناهم أَسباطاً، فيكون
أَسباطاً بدلاً من اثنتي عشرة، قال: وهو الوجه. وقال الجوهري: ليس أَسباطاً
بتفسير ولكنه بدل من اثنتي عشرة لأَن التفسير لا يكون إِلا واحداً منكوراً
كقولك اثني عشر درهماً، ولا يجوز دراهم، وقوله أُمماً من نعت أَسْباطٍ،
وقال الزجاج: قال بعضهم السِّبْطُ القَرْنُ الذي يجيء بعد قرن، قالوا:
والصحيح أَن الأَسْباط في ولد إِسحق بن إِبراهيم بمنزلة القبائل في ولد
إِسمعيل، عليهم السلام، فولَد كلِّ ولدٍ من ولدِ إِمعيل قبيلةٌ، وولد كلِّ ولد
من ولَدِ إِسحق سِبْطٌ، وإِنما سمي هؤلاء بالأَسباط وهؤلاء بالقبائل
ليُفْصَلَ بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، عليهما السلام. قال: ومعنى إِمعيل في
القبيلة( ) قوله «قال ومعنى إسماعيل في القبيلة إلخ» كذا في الأَصل.
معنى الجماعة، يقال لكل جماعة من أَب واحد قبيلة، وأَما الأَسباط فمشتق من
السبَطِ، والسبَطُ ضرْب من الشجر ترعاه الإِبل، ويقال: الشجرةُ لها
قبائل، فكذلك الأَسْباطُ من السبَط، كأَنه جُعل إِسحقُ بمنزلة شجرة، وجعل
إِسمعيل بمنزلة شجرة أُخرى، وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد
بمنزلة الشجرة، والأَولادَ بمنزلة أَغْصانها، فتقول: طُوبى لفَرْعِ فلانٍ
وفلانٌ من شجرة مباركة. فهذا، واللّه أَعلم، معنى الأَسْباط والسِّبْطِ؛
قال ابن سيده: وأَما قوله:
كأَنه سِبْطٌ من الأَسْباطِ
فإِنه ظن السبْطَ الرجل فغَلِط.
وسَبَّطَتِ الناقةُ وهي مُسَبِّطٌ: أَلْقَتْ ولدَها لغير تمام.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كانت تَضْرِب اليَتيم يكون في حَجْرِها
حتى يُسْبِطَ أَي يَمتدّ على وجه الأَرض ساقطاً. يقال: أَسْبَطَ على
الأَرض إِذا وقع عليها ممتدّاً من ضرب أَو مرَض. وأَسْبَطَ الرجلُ إِسْباطاً
إِذا انْبَسَطَ على وجه الأَرض وامتدّ من الضرب. واسْبَطَرَّ أَي امتدّ،
منه؛ ومنه حديث شُرَيْحٍ: فإِن هي دَرَّتْ واسْبَطَرَّت؛ يريد امتدَّتْ
للإِرْضاع؛ وقال الشاعر:
ولُيِّنَتْ من لَذّةِ الخِلاطِ،
قد أَسْبَطَتْ، وأَيُّما إِسْباطِ
يعني امرأَة أُتِيَتْ، فلما ذاقَتِ العُسَيْلةَ مَدَّتْ نفْسَها على
الأَرض، وقولهم: ما لي أَراك مُسْبِطاً أَي مُدَلِّياً رأْسَك كالمُهْتَمّ
مُسْتَرْخِيَ البدَنِ. أَبو زيد: يقال للناقة إِذا أَلقَتْ ولدَها
قُبَيْلَ أَن يَسْتَبينَ خَلْقُه: قد سَبَّطَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وقال الأَصمعي: سبَّطتِ الناقةُ بولدها وسبَّغَت، بالغين المعجمة، إِذا
أَلقته وقد نبَت وبَرُه قبل التَّمام. والتَّسْبِيطُ في الناقة:
كالرِّجاعِ. وسبَّطتِ النعجةُ إِذا أَسْقطت. وأَسْبَط الرجلُ: وقع فلم يقدر على
التحرُّك من الضعْف، وكذلك من شُرب الدَّواء أَو غيره؛ عن أَبي زيد.
وأَسْبَطَ بالأَرض: لَزِقَ بها؛ عن ابن جَبلة. وأَسْبَط الرجلُ أَيضاً: سكَت
مِن فَرَقٍ.
والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاء مَضْروب بالعَقَبِ يُرْمى بها الطيرُ،
وقيل: يرمى فيها بِسهام صِغار يُنْفَخُ فيها نَفْخاً فلا تكاد تُخْطِئ.
والسَّاباطُ: سَقيفةٌ بين حائطين، وفي المحكم: بين دارين، وزاد غيره: من
تحتها طريق نافذ، والجمع سَوابِيطُ وساباطاتٌ. وقولهم في المثل:
أَفْرَغُ من حَجَّامِ ساباطٍ؛ قال الأَصمعي: هو ساباطُ كسْرى بالمدائنِ
وبالعجمية بَلاس آبادْ، وبَلاس اسم رجل؛ ومنه قول الأَعشى:
فأَصْبَحَ لم يَمْنَعْه كَيْدٌ وحِيلةٌ * بِساباطَ حتى ماتَ وهو مُحَرْزَق
(* هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين
تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة: فذاك، وما أنجى من الموت ربّه)
يذكر النعمان بن المنذر وكان أَبْرَويز حبَسه بساباط ثم أَلقاه تحت
أَرْجُل الفِيَلةِ. وساباطُ: موضع؛ قال الأَعشى:
هُنالِكَ ما أَغْنَتْه عِزَّةُ مُلْكِه * بِساباطَ، حتى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ
(* هكذا روي صدر هذا البيت في الأَصل روايتين مختلفتين. وكلتا الروايتين
تخالف ما في قصيدة الأَعشى، فقد روي فيها على هذه الصورة: فذاك، وما أنجى من الموت ربّه)
وسَباطِ: من أَسماء الحمَّى، مبنيّ على الكسر؛ قال المتنخل الهذلي: أَجَزْتُ بفِتْيةٍ بِيضٍ كِرامٍ، * كأَنَّهُمُ تَمَلُّهُمُ سَباطِ
وسُباط: اسم شهر بالرومية، وهو الشهر الذي بين الشتاء والربيع، وفي
التهذيب: وهو في فصل الشتاء، وفيه يكون تمام اليوم الذي تَدُور كسُوره في
السنين، فإِذا تَمَّ ذلك اليومُ في ذلك الشهر سمّى أَهلُ الشام تلك السنةَ
عامَ الكَبِيسِ، وهم يَتَيَمَّنُونَ به إِذا وُلد فيه مولود او قَدِم
قادِمٌ من سَفَرٍ.
والسِّبْطُ الرِّبْعِيُّ: نخلة تُدرك آخر القَيْظِ.
وسابِطٌ وسُبَيْطٌ: اسْمانِ. وسابُوطٌ: دابّةٌ من دواب البحر.
ويقال: سبَط فلان على ذلك الأَمْرِ يميناً وسَمَط عليه، بالباء والميم،
أَي حلَف عليه. ونعْجة مَبْسُوطةٌ إِذا كانت مَسْمُوطةً مَحْلوقة.
سكر: السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي. والسُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ.
والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ
يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن
سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة
عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في
النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم،
وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وقوله
تعالى: وترى الناسَ سُكَارَى وما هم بِسُكَارَى؛ وقرئ: سَكْرَى وما هم
بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب والخوف وما هم بِسُكَارَى
من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: ولكنَّ عذاب الله شديد، ولم يقرأْ أَحد
من القراء سَكَارَى، بفتح السين، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأَن
القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلاَنَ يجمع على فُعَالى
وفَعَالى مثل أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وقوم غُيَارَى
وغَيَارَى، وإِنما قالوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر ما تجيء جمعاً لفَعِيل بمعنى
مفعول مثل قتيل وقَتْلى وجريح وجَرْحَى وصريع وصَرْعَى، لأَنه شبه
بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ
فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، وقال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن
الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ وأَنشد بعضهم:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ،
إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ ولا باسُ
وقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصلاة وأَنتم سُكارَى؛ قال ثعلب: إِنما قيل
هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، وقال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ
النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى. ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر.
ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد لعمرو ابن قميئة:
يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه
أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ
وجمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ وفَعْلان كثيراً
على الكلمة الواحدة. ورجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، وقد أَسكره الشراب.
وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ واستعمله؛ قال الفرزدق:
أَسَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذا هجا
تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ،أَم مُتَساكِرُ؟
تقديره: أَكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال:
كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم وأَكثرهم ينصب السكران
ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران
ومتساكر وخبرها ابن المراغة؛ وقوله: وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على
قطع وابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه
قال: أَكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء
مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر.
وقولهم: ذهب بين الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل ولا
يعقل.
والمُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ،
ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وسَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ. وقوله تعالى: وجاءت سَكْرَةُ الموت بالحق؛
سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت. وقوله بالحق أَي
بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.
والسَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب.
والسَّكَرُ: الخمر نفسها. والسَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر والكَشُوثِ
والآسِ، وهو محرّم كتحريم الخمر. وقال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر
والكُشُوث يطرحان سافاً سافاً ويصب عليه الماء. قال: وزعم زاعم أَنه
ربما خلط به الآس فزاده شدّة. وقال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل:
إِنه الخَلُّ وهذا شيء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه
سَكَراً ورزقاً حسناً، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم والرزق الحسن الزبيب
والتمر وما أَشبهها. وقال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه
النار، وكان إِبراهيم والشعبي وأَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ. وروي
عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر، وقال أَبو عبيدة وحده:
السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك. وقال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه
بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، وهو أَبين مما يقال للذي
يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس. وروى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال:
السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، والرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها. ابن
الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الامتلاء، والسَّكَرُ الخمر،
والسَّكَرُ النبيذ؛ وقال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ
نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا
وفي الحديث: حرمت الخمرُ بعينها والسَّكَرُ من كل شراب؛ السَّكَر، بفتح
السين والكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه
الأَثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ
فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا
يسكر، والمشهور الأَول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ وأَنكر أَهل اللغة
هذا والعرب لا تعرفه. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّقَرُ
فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ. وسَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، وكذلك سَكْرَةُ
الهَمِّ والنوم ونحوهما؛ وقوله:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا،
فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صاحي
أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب
سَكَرٌ. وقال اللحياني: ومن قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأَعرابي:
سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً
إِذا غضب، وأَنشد البيت. وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه. وفي التنزيل
العزيز: لقالوا إِنما سُكِّرَتْ أَبصارُنا؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر
وحُيِّرَتْ. وقال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها
الحسن مخففة وفسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت وسُكِّرت، بالتخفيف
والتشديد، ومعناهما أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد
إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من
الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم
وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ وقال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ
أَبصارُنا مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب
المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال
سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت وسَكنت عن النظر، وسكَرَ الحَرُّ
يَسْكُرُ؛ وأَنشد:
جاء الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ،
وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع وتقبَّض. والتَّسْكِيرُ للحاجة:
اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير،
وقد سُكِرَ.
وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّفاه. وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ،
فقد سُكِرَ، والسِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ. والسَّكْرُ: سَدُّ الشق ومُنْفَجِرِ
الماء، والسِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق ونحوه. وفي
الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه، أَي
سُدِّيه بخرقة وشُدِّيه بعضابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، والسَّكْرُ المصدر.
ابن الأَعرابي: سَمَرْتُه ملأته. والسِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ.
والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، والجمع سُكُورٌ. وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ
سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب. وليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛
قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها،
فَلَيْسَتُ بِطَلْقٍ ولا ساكِرَهْ
وفي التهذيب قال أَوس:
جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ،
فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكرهْ
أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ وقد سَكَر
سُكُوراً. وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر:
يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ
كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، وفسره بيركد على صيغة فعل
الفاعل.والسُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ
في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ
والسُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ. وقول أَبي زياد الكلابي في صفة
العُشَرِ: وهو مُرُّ لا يأْكله شيء ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل
السُّكَّرِ في الحلاوةِ. وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه
المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلاَّ أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ،
هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، ويُزَبَّبُ
أَيضاً. والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: ولم
يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ.
والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة.
والسَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً:
وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى
يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ
والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال:
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ
من النَّبْتِ، إِلاَّ سَيْكَراناً وحُلَّبَا
قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ
قال: وسأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ ونحن
نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: وله حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج.
ويقال للشيء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى
يكاد يقتله. التهذيب: روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ
خمر الحبشة؛ قال أَبو عبيد: وهي من الذرة؛ قال الأَزهري: وليست بعربية،
وقيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف والراء مضمومة. وفي الحديث:
أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، ونهى عنها؛ قال مالك:
فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بضم السين والكاف وسكون
الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، وهي لفظة حبشية قد عرّبت، وقيل:
السُّقُرْقَع. وفي الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة؛ هي، بضم السين والكاف
والراء والتشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدْمِ، وهي فارسية،
وأَكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.
سفر: سَفَرَ البيتَ وغيره يَسْفِرُه سَفْراً: كنسه. والمِسْفَرَةُ:
المِكْنَسَةُ، وأَصله الكشف. والسُّفَارَةُ، بالضم: الكُنَاسَةُ. وقد
سَفَرَه: كَشَطَه.
وسَفَرَت الريحُ الغَيْمَ عن وجه السماء سَفراً فانْسَفَرَ: فَرَّقَتْه
فتفرق وكشطته عن وجه السماء؛ وأَنشد:
سَفَرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا
الجوهري: والرياح يُسافِرُ بعضها بعضاً لأَن الصَّبَا تَسْفِرُ ما
أَسْدَتْهُ الدَّبُورُ والجَنُوبُ تُلْحِمُه. والسَّفير: ما سقط من ورق الشجر
وتَحَاتَّ. وسَفَرَتِ الريحُ الترابَ والوَرَقَ تَسْفِرُه سَفْراً:
كنسته، وقيل: ذهبت به كُلَّ مَذْهَبٍ. والسَّفِيرُ: ما تَسْفِرُه الريح من
الورق، ويقال لما سقط من ورق العُشْبِ: سَفِيرٌ، لأَن الريح تَسْفِرُه أَي
تكنُسه؛ قال ذو الرمة:
وحائل من سَفِيرِ الحَوْلِ جائله،
حَوْلَ الجَرَائم، في أَلْوَانِه شُهَبُ
يعني الورق تغير لونه فحال وابيض بعدما كان أَخضر، ويقال: انْسَفَرَ
مُقَدَّمُ رأْسه من الشعر إِذا صار أَجْلَحَ. والانْسِفارُ: الانْحسارُ.
يقال: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه من الشعَر. وفي حديث النخعي: أَنه سَفَرَ
شعره أَي استأْصله وكشفه عن رأْسه. وانْسَفَرَت الإِبل إِذا ذهبت في
الأَرض. والسَّفَرُ: خلاف الحَضَرِ، وهو مشتق من ذلك لما فيه من الذهاب
والمجيء كما تذهب الريح بالسفير من الورق وتجيء، والجمع أَسفار. ورجل سافرٌ: ذو
سَفَرٍ، وليس على الفِعْل لأَنه لم يُرَ له فِعْلٌ؛ وقومٌ سافِرَةٌ
وسَفْرٌ وأَسْفَارٌ وسُفَّارٌ، وقد يكون السَّفْرُ للواحد؛ قال:
عُوجي عَلَيَّ فإِنَّني سَفْرُ
والمُسافِرُ: كالسَّافِر. وفي حديث حذيفة وذكر قوم لوط فقال:
وتُتُبّعَتْ أَسْفَارُهم بالحجارة؛ يعني المُسافِرَ منهم، يقول: رُمُوا بالحجارة
حيث كانوا فَأُلْحِقُوا بأَهل المدينة. يقال: رجل سَفْرٌ وقوم سَفْرٌ، ثم
أَسافر جمع الجمع. وقال الأَصمعي: كثرت السَّافِرَةُ بموضع كذا أَي
المسافرون قال: والسَّفْر جمع سافر، كما يقال: شارب وشَرْبٌ، ويقال: رجل سافِرٌ
وسَفْرٌ أَيضاً. الجوهري: السَّفَرُ قطع المسافة، والجمع الأَسفار.
والمِسْفَرُ: الكثير الأَسفار القويُّ عليها؛ قال:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مِنِّي مِسْفَرا،
شَيْخاً بَجَالاً، وغلاماً حَزْوَرا
والأُنثى مِسْفَرَةٌ. قال الأَزهري: وسمي المُسافر مُسافراً لكشفه قِناع
الكِنِّ عن وجهه، ومنازلَ الحَضَر عن مكانه، ومنزلَ الخَفْضِ عن نفسه،
وبُرُوزِهِ إِلى الأَرض الفَضاء، وسمي السَّفَرُ سَفَراً لأَنه يُسْفِرُ
عن وجوه المسافرين وأَخلاقهم فيظهر ما كان خافياً منها. ويقال: سَفَرْتُ
أَسْفُرُ
(* قوله: «سفرت أسفر» من باب طلب كما في شرح القاموس ومن باب ضرب
كما في المصباح والقاموس). سُفُوراً خرجت إِلى السَّفَر فأَنا سافر وقوم
سَفْرٌ، مثل صاحب وصحب، وسُفَّار مثل راكب وركَّاب، وسافرت إِلى بلد كذا
مُسافَرَة وسِفاراً؛ قال حسان:
لَوْلا السِّفارُ وبُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَةً،
لَتَرَكْتُها تَحْبُو على العُرْقُوبِ
وفي حديث المسح على الخفين: أَمرنا إِذا كنا سَفْراً أو مسافرين؛ الشك
من الراوي في السَّفْر والمسافرين. والسَّفْر: جمع سافر، والمسافرون: جمع
مسافر، والسَّفْر والمسافرون بمعنى. وفي الحديث: أَنه قال لأَهل مكة عام
الفتح: يا أَهل البلد صلوا أَربعاً فأَنا سَفْرٌ؛ ويجمع السَّفْر على
أَسْفارٍ. وبعير مِسْفَرٌ: قويّ على السفَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر بن
تولب:
أَجَزْتُ إِلَيْكَ سُهُوبَ الفلاةِ،
وَرَحْلي على جَمَلٍ مِسْفَرِ
وناقةٌ مِسْفَرة ومِسْفار كذلك؛ قال الأَخطل:
ومَهْمَهٍ طَامِسٍ تُخْشَى غَوائلُه،
قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
وسمى زهير البقرةَ مُسافِرةً فقال:
كَخَنْسَاءُ سَفْعاءِ المِلاطَيْنِ حُرَّةٍ،
مُسافِرَةٍ مَزْؤُودَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
ويقال للثور الوحشي: مسافر وأَماني وناشط؛ وقال:
كأَنها، بَعْدَما خَفَّتْ ثَمِيلَتُها،
مُسافِرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسَّفْرُ: الأَثر يبقى على جلد الإِنسان وغيره، وجمعه سُفُورٌ؛ وقال
أَبو وَجْزَة:
لقد ماحتْ عليكَ مُؤَبَّدَاتٌ،
يَلُوح لهنَّ أَنْدَابٌ سُفُورُ
وفرس سافِرُ اللحم أَي قليله؛ قال ابن مقبل:
لا سافِرُ اللَّحْمِ مَدْخُولٌ، ولا هَبِجٌ
كَاسِي العظامِ، لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
التهذيب: ويقال سافرَ الرجلُ إِذا مات؛ وأَنشد:
زعمَ ابنُ جدعانَ بنِ عَمْـ
ـرٍو أَنَّه يوماً مُسافِرْ
والمُسَفَّرَة: كُبَّةُ الغَزْلِ. والسُّفرة، بالضم: طعام يتخذ للمسافر،
وبه سميت سُفرة الجلد. وفي حديث زيد بن حارثة قال: ذبحنا شاة فجعلناها
سُفْرَتَنا أَو في سُفْرتنا؛ السُّفْرَة: طعام يتخذه المسافر وأَكثر ما
يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إِليه، وسمي به كما سميت المزادة راوية
وغير ذلك من الأَسماء المنقولة، فالسُّفْرَة في طعام السَّفَر
كاللُّهْنَةِ للطعام الذي يؤكل بُكرة. وفي حديث عائشة: صنعنا لرسول الله، صلى الله
عليه وسلم، ولأَبي بكر سُفْرَةً في جراب أَي طعاماً لما هاجر هو وأَبو
بكر، رضي الله عنه. غيره: السُّفرة التي يؤكل عليها سُميت سُفْرَةً لأَنها
تنبسط إِذا أَكل عليها.
والسَّفَار: سفار البعير، وهي حديدة توضع على أَنف البعير فيخطم بها
مكانَ الحَكَمَة من أَنف الفرس. وقال اللحياني: السِّفار والسِّفارة التي
تكون على أَنف البعير بمنزلة الحَكَمَة، والجمع أَسْفِرَة وسُفْرٌ وسَفائر؛
وقد سَفَرَه، بغير أَلفٍ، يَسْفِره سَفْراً وأَسْفَره عنه إِسْفَاراً
وسَفَّره؛ التشديد عن كراع، الليث: السِّفار حبل يشد طرفه على خِطام البعير
فَيُدَارُ عليه ويجعل بقيته زِماماً، قال: وربما كان السِّفار من حديد؛
قال الأَخطل:
ومُوَقَّع، أَثَرُ السِّفار بِخَطْمِهِ،
منْ سُودِ عَقَّةَ أَوْ بَنِي الجَوَّالِ
قال ابن بري: صوابه وموقعٍ مخفوض على إِضمار رب؛ وبعده:
بَكَرَتْ عَليَّ به التِّجَارُ، وفَوْقَه
أَحْمَالُ طَيِّبَة الرِّياح حَلالُ
أَي رب جمل موقع أَي بظهره الدبَرُ. والدَّبَرُ: من طول ملازمة القنَب
ظهرَه أُسْنِيَ عليه أَحمال الطيب وغيرها. وبنو عقة: من النمر بن قاسط.
وبنو الجوَّال: من بني تغلب. وفي الحديث: فوضع يده على رأْس البعير ثم قال:
هاتِ السِّفارَ فأَخذه فوضعه في رأْسه؛ قال: السِّفار الزمام والحديدة
التي يخطم بها البعير ليذل وينقاد؛ ومنه الحديث: ابْغِني ثلاث رواحل
مُسْفَرَات أَي عليهن السِّفار، وإِن روي بكسر الفاء فمعناه القوية على
السَّفر. يقال منه: أَسْفَر البعيرُ واسْتَسْفَرَ. ومنه حديث الباقر:
تَصَدَّقْ بِحَلال يدك وسَفْرِها؛ هو جمع السِّفار. وحديث ابن مسعود: قال له ابن
السَّعْدِيِّ: خرجتُ في السحر أَسْفِرُ فرساً لي فمررت بمسجد بني حنيفة؛
أَراد أَنه خرج يُدَمِّنُه على السَّيْرِ ويروضه ليقوى على السَّفَر،
وقيل: هو من سفرت البعير إِذا رعيته السَّفِيرَ، وهو أَسافل الزرع، ويروى
بالقاف والدال. وأَسْفَرَتِ الإِبلُ في الأَرض: ذهبت. وفي حديث معاذ: قال
قرأْت على النبي، صلى الله عليه وسلم، سَفْراً سَفْراً، فقال: هكذا
فَاقْرَأْ. جاء في الحديث: تفسيره هَذّاً هَذّاً. قال الحربي: إِن صح فهو من
السُّرعة والذهاب من أَسفرت الإِبل إِذا ذهبت في الأَرض، قال: وإِلاَّ فلا
أَعلم وجهه.
والسَّفَرُ: بياض النهار؛ قال ذو الرمة:
ومَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها،
بِكَفَّيِّ مِنْ دَوِّيَّةٍ، سَفَراً سَفْرا
يصف كَمْأَةً مَرْبُوعَةً أَصابها الربيع. ربعية: منسوبة إِلى الربيع.
لبأْتها: أَطعمتهم إِياها طرية الاجتناء كاللِّبَا من اللبن، وهو أَبكره
وأَوّله. وسَفَراً: صباحاً. وسَفْراً: يعني مسافرين.
وسَفَرَِ الصبحُ وأَسْفَرَ: أَضاء. وأَسْفَرَ القومُ أَصبحوا. وأَسفر.
أَضاء قبل الطلوع. وسَفَرَ وجهُه حُسْناً وأَسْفَرَ: أَشْرَقَ. وفي
التنزيل العزيز: وُجُوهٌ يومئذ مُسْفِرَةٌ؛ قال الفراء: أَي مشرقة مضيئة. وقد
أَسْفَرَ الوَجْهُ وأَسْفَرَ الصبح. قال: وإِذا أَلقت المرأَةُ نِقَابها
قيل: سَفَرَتْ فهي سافِرٌ، بغير هاء.
ومَسَافِرُ الوجه: ما يظهر منه؛ قال امرؤ القيس:
وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسَافِرِ غُرَّانُ
ولقيته سَفَراً وفي سَفَرٍ أَي عند اسفرار الشمس للغروب؛ قال ابن سيده:
كذلك حكي بالسين. ابن الأَعرابي: السَّفَرُ الفجر؛ قال الأَخطل:
إِنِّي أَبِيتُ، وَهَمُّ المَرءِ يَبْعَثُه،
مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ حتى يُفْرِجَ السَّفَرُ
يريد الصبح؛ يقول: أَبيت أَسري إِلى انفجار الصبح. وسئل أَحمد بن حنبل
عن الإِسْفارِ بالفجر فقال: هو أَن يُصْبِحَ الفَجْرُ لا يُشَكُّ فيه،
ونحو ذلك قال إِسحق وهو قول الشافعي وذويه. وروي عن عمر أَنه قال: صلاة
المغرب والفجَاجُ مُسْفِرَةٌ. قالأَبو منصور: معناه أَي بَيِّنَةٌ مُبْصَرَةٌ
لا تخفى. وفي الحديث: صلاة المغرب يقال لها صلاة البَصَر لأَنها تؤدّى
قبل ظلمة الليل الحائلة بين الأَبصار والشخوص. والسَّفَرُ سَفَرانِ:
سَفَرُ الصبح وسَفَرُ المَسَاء، ويقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس:
سَفَرٌ لوضوحه؛ ومنه قول الساجع إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ
فيها مَطَرا؛ أَراد طلوعها عِشاء. وَسَفَرَتِ المرأَة وجهها إِذا كشف
النِّقابَ عن وجهها تَسْفِرُ سُفُوراً؛ ومنه سَفَرْتُ بين القوم أَسْفِرُ
سَِفَارَةً أَي كشفت ما في قلب هذا وقلب هذا لأُصلح بينهم. وسَفَرَتِ
المرأَةُ نِقابَها تَسْفِرُهُ سُفُوراً، فهي سافِرَةٌ: جَلَتْه.
والسَّفِيرُ: الرَّسول والمصلح بين القوم، والجمع سُفَراءُ؛ وقد سَفَرَ
بينهم يَسْفِرُ سَفْراً وسِفارة وسَفارة: أَصلح. وفي حديث عليّ أَنه قال
لعثمان: إِن الناس قد اسْتَسْفَرُوني بينك وبينهم أَي جعلوني سفيراً،
وهو الرسول المصلح بين القوم. يقال: سَفَرْتُ بين القوم إِذا سَعَيْتَ
بينهم في الإصلاح. والسِّفْرُ، بالكسر: الكتاب، وقيل: هو الكتاب الكبير،
وقيل: هو جزء من التوراة، والجمع أَسْفارٌ.والسَّفَرَةُ: الكَتَبَةُ، واحدهم
سافِرٌ، وهو بالنَّبَطِيَّةِ سافرا. قال الله تعالى:بِأَيْدِي سَفرَةٍ؛
وسَفَرْتُ الكتابَ أَسْفِرُهُ سَفْراً. وقوله عز وجل: كَمَثَلِ الحِمارِ
يَحْمِلُ أَسْفاراً؛ قال الزجاج فب الأَسفار: الكتب الكبار واحدها سِفْرٌ،
أَعْلَمَ اللهُ تعالى أَن اليهود مَثَلُهم في تركهم استعمالَ التوراة
وما فيها كَمَثَلِ الحمارُ يُحْمَل عليه الكتب، وهو لا يعرف ما فيها ولا
يعيها.والسَّفَرَةُ: كَتَبَة الملائكة الذين يحصون الأَعمال؛ قال ابن عرفة:
سميت الملائكة سَفَزَةً لأَنهم يَسْفِرُونَ بين الله وبين أَنبيائه؛ قال
أَبو بكر: سموا سَفَرَةً لأَنهم ينزلون بوحي الله وبإِذنه وما يقع به
الصلاح بين الناس، فشبهوا بالسُّفَرَاءِ الذين يصلحون بين الرجلين فيصلح
شأْنهما. وفي الحديث: مَثَلُ الماهِرِ بالقرآن مَثَلُ السَّفَرَةِ؛ هم
الملائكة جمع سافر، والسافِرُ في الأَصل الكاتب، سمي به لأَنه يبين الشيء
ويوضحه. قال الزجاج: قيل للكاتب سافر، وللكتاب سِفْرٌ لأَن معناه أَنه
يبين الشيء ويوضحه. ويقال: أَسْفَرَ الصبح إِذا انكشف وأَضاء إِضاءة لا يشك
فيه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أَسْفِرُوا بالفجر فإِنه أَعظم
للأَجْرِ؛ يقول: صلوا صلاة الفجر بعدما يتبين الفجر ويظهر ظهوراً لا
ارتياب فيه، وكل من نظر إِليه عرف أَنه الفجر الصادق. وفي الحديث:
أَسْفِرُوا بالفجر؛ أَي صلوا صلاة الفجر مُسْفِرين؛ ويقال: طَوِّلُوها إِلى
الإِسْفارِ؛ قال ابن الأَثير: قالوا يحتمل أَنهم حين أَمرهم بتغليس صلاة الفجر
في أَول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأَوَّل حرصاً ورغبة، فقال:
أَسْفِرُوا بها أَي أَخروها إِلى أَن يطلع الفجر الثاني وتتحققوه، ويقوّي ذلك
أَنه قال لبلال: نَوِّرْ بالفجْرِ قَدْرَ ما يبصر القوم مواقع
نَبْلِهِم، وقيل: الأَمر بالإِسْفارِ خاص في الليالي المُقْمِرَة لأَن أَوَّل
الصبح لا يتبين فيها فأُمروا بالإِسفار احتياطاً؛ ومنه حديث عمر: صلوا المغرب
والفِجاجُ مُسْفِرَةٌ أَي بينة مضيئة لا تخفى. وفي حديث عَلْقَمَةَ
الثَّقَفِيِّ: كان يأْتينا بلال يُفْطِرُنا ونحن مُسْفِرُون جِدّاً؛ ومنه
قولهم: سفرت المرأَة. وفي التنزيل العزيز: بأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ
بَرَرَةٍ؛ قال المفسرون. السَّفَرَةُ يعني الملائكة الذين يكتبون أَعمال بني
آدم، واحدهم سافِرٌ مثل كاتِبٍ وكَتَبَةٍ؛ قال أَبو إِسحق: واعتباره بقوله:
كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون؛ وقول أَبي صخر الهذلي:
لِلَيْلَى بذاتِ البَيْنِ دارٌ عَرَفْتُها،
وأُخْرَى بذاتِ الجَيْشِ، آياتُها سَفْرُ
قال السكري: دُرِسَتْ فصارت رسومها أَغفالاً. قال ابن جني: ينبغي أَن
يكون السَّفْرُ من قولهم سَفَرْتُ البيت أَي كنسته فكأَنه من كنست الكتابة
من الطِّرْس. وفي الحديث: أَن عمر، رضي الله عنه، دخل على النبي، صلى
الله عليه وسلم، فقال: لو أَمرت بهذا البيت فَسُفِرَ؛ قال الأَصمعي: أَي
كُنِسَ. والسَّافِرَة: أُمَّةٌ من الروم. وفي حديث سعيد بن المسيب: لولا
أَصواتُ السَّافِرَةِ لسمعتم وَجْبَةَ الشمس؛ قال: والسافرة أُمة من الروم
(* قوله: «أمة من الروم» قال في النهاية كأَنهم سموا بذلك لبعدهم وتوغلهم
في المغرب. والوجبة الغروب يعني صوته فحذف المضاف). كذا جاء متصلاً
بالحديث، ووجبة الشمس وقوعها إِذا غربت.
وسَفَارِ: اسم ماء مؤنثة معرفة مبنية على الكسر. الجوهري: وسَفَارِ مثل
قَطامِ اسم بئر؛ قال الفرزدق:
متى ما تَرِدْ يوماً سَفَارِ، نَجِدْ بهَا
أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَحِيزَ المُعَوَّرَا
وسُفَيْرَةُ: هَضْبَةٌ معروفة؛ قال زهير:
بكتنا أَرضنا لما ظعنَّا
. . . سفيرة والغيام
(* كذا بياض بالأَصل، ولم نجد هذا البيت في ديوان زهير).