Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: الباطن

علم الظاهر والباطن

علم الظاهر والباطن
أما الظاهر فهو علم الشرع وقد تقدم.
وأما الباطن فيقال له: علم الطريقة وعلم التصوف وعلم السلوك وعلم الأسرار وقد تقدم أيضا ولا حاجة لنا إلى الإعادة ولكن نتحفك هنا بفائدة جديدة وعائدة سديدة اشتملت على حكم هذا العلم.
قال شيخنا الإمام العلامة القاضي محمد بن علي الشوكاني رضي الله عنه وأرضاه في الفتح الرباني ولفظه: اعلم أن معنى التصوف المحمود يعني: علم الباطن هو الزهد في الدنيا حتى يستوي عنده ذهبها وترابها.
ثم الزهد فيما يصدر عن الناس من المدح والذم حتى يستوي عنده مدحهم وذمهم.
ثم الاشتغال بذكر الله وبالعبادة المقربة إليه فمن كان هكذا فهو الصوفي حقا وعند ذاك يكون من أطباء القلوب فيداويها بما يمحو عنها الطواغيت الباطنــية من الكبر والحسد والعجب والرياء وأمثال هذه الغرائز الشيطانية التي هي أخطر المعاصي أقبح الذنوب ثم يفتح الله له أبوابا كان عنها محجوبا كغيره لكنه لما أماط عن ظاهره وباطنه في غشاوة صار حينئذ صافيا عن شوب الكدر مطهرا عن دنس الذنوب فيبصر ويسمع ويفهم بحواس لا يحجبها عن حقائق الحق حاجب ولا يحول بينها وبين درك الصواب حائل ويدل على ذلك أتم دلالة وأعظم برهان ما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزته بالمحاربة" وفي رواية: "فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضت عليه ولا زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".
ومعلوم أن من كان يبصر بالله سبحانه ويسمع به ويبطش به ويمشي به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك لأنها تنكشف له الأمور كما هي وهذا هو سبب ما يحكى عنهم من المكاشفة لأنه قد ارتفع عنهم حجب الذنوب وذهب عنهم أدران المعاصي وغيرهم من لا يبصر ولا يسمعه به ولا يبطش به ولا يمشي به لا يدرك من ذلك شيئا بل هو محجوب عن الحقائق غير مهتد إلى مستقيم الطريق كما قال الشاعر:
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما طهرتها بالمدامع
وتلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروق المسامع
أجلك يا ليلى عن العين إنما ... أراك بقلب خاشع لك خاضع
وأما من صفا عن الكدر وسمع وأبصر فهو كما قال الآخر:
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه ... من المسك كافورا وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هندا عشية ... تمشت وجوت في جوانبه بردا
ومما يدل على هذا المعنى الذي أفاده حديث أبي هريرة حديث: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله" وهو حديث صححه الترمذي فإنه أفاد أن المؤمنين من عباد الله يبصرون بنور الله سبحانه وهو معنى ما في الحديث الأول من قوله صلى الله عليه وسلم: "فبي يبصر".
فما وقع من هؤلاء القوم الصالحين من المكاشفات هو من هذه الحيثية الواردة في الشريعة المطهرة وقد ثبت أيضا في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه في هذه الأمة محدثين وإن منهم عمر بن الخطاب ففي هذا الحديث فتح باب المكاشفة لصالحي عباد الله وأن ذلك من الله سبحانه فيحدثون بالوقائع بنور الإيمان الذي هو من نور الله سبحانه فيعرفونها كما هي حتى كان محدثا يحدثهم بها ويخبرهم بمضمونها.
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقع له من ذلك الكثير الطيب في وقائع معروفة منقولة في دواوين الإسلام ونزل بتصديق ما تكلم به القرآن1 الكريم فمن كان من صالحي العباد متصفا بهذه الصفات متسما بهذه السمات فهو رجل العالم فرد الدهر وزين العصر والاتصال به مما تلين به القلوب وتخشع له الأفئدة وتنجذب بالاتصال به العقول الصحيحة إلى مراضي الرب سبحانه وكلماته هي الترياق المجرب وإشاراته هي طب القلوب القاسية وتعليماته كيمياء السعادة وإرشاداته هي الموصلة إلى الخير الأكبر والكرمات الدائمة التي لا نفاذ لها ولا انقطاع ولم تصف البصائر ولا صلحت السرائر بمثل الاتصال بهؤلاء القوم الذين هم خيرة الخيرة وأشرف الذخيرة فيا لله قوم لهم السلطان الأكبر على قلوب هذا العالم يجذبونها إلى طاعات الله سبحانه والإخلاص له والاتكال عليه والقرب منه والبعد عما يشغل عنه ويقطع عن الوصول إليه وقل أن يتصل بهم ويختلط بخيارهم إلا من سبقت له السعادة وجذبته العناية الربانية إليهم لأنهم يخفون أنفسهم ويطهرون في مظاهر الخمول ومن عرفهم لم يدل عليهم إلا من أذن الله له ولسان حاله يقول كما قال الشاعر:
وكم سائل عن سر ليلى كتمته ... بعمياي عن ليلى بعين يقين
يقولون خبرنا فأنت أمينها ... وما أنا إن خبرتهم بأمين
فيا طالب الخير إذا ظفرت يدك بواحد من هؤلاء الذين هم صفوة الصفوة وخيرة الخيرة فاشددها عليه واجعله مؤثرا على الأهل والمال والقريب والحبيب والوطن والسكن فإنا إن وزنا هؤلاء بميزان الشرع واعتبرناهم بمعيار الدين وجدناهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقلنا لمعاديهم أو للقادح في علي مقامهم أنت ممن قال فيه الرب سبحانه كما حكاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وقد آذنته بالحرب" لأنه لا عيب لهم إلا انهم أطاعوا الله كما يحب وآمنوا به كما يحب ورفضوا الدنيا الدنية وأقبلوا على الله عز وجل في سرهم وجهرهم وظاهرهم وباطنهم وإذا فرضنا أن في المدعين للتصوف والسلوك من لم يكن بهذه الصفات وعلى هذا الهدى القويم فإن بدا منه ما يخالف هذه الشريعة المطهرة وينافي منهجها الذي هو الكتاب والسنة فليس من هؤلاء والواجب علينا رد بدعته عليه والضرب بها في وجهه كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وكل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل بدعة ضلالة" ومن أنكر علينا ذلك قلنا له وزنا هذا بميزان الشرع فوجدناه مخالفا له ورددنا أمره إلى الكتاب والسنة فوجدناه مخالفا لهما وليس المدين إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والخارج عنهما المخالف لهما ضال مضل ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا فإنه ليس معدودا منهم ولا سالكا طريقتهم ولا مهديا بهديهم فاعرف هذا فإن القدح في قوم بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا تقع إلا ممن لا يعرف الشرع ولا يهتدي بهديه ولا يبصر بنوره.
وبالجملة فمن أراد أن يعرف أولياء هذه الأمة وصالحي المؤمنين المتفضل عليهم بالفضل الذي لا يعد له فضل والخير الذي لا يساويه خير فليطالع الحلية لأبي نعيم وصفوة الصفوة لابن الجوزي فإنهما تحريا ما صح وأودعا كتأبيهما من مناقب الأولياء المروية بالأسانيد الصحيحة ما يجذب بعضه بطبع من يقف عليه إلى طريقتهم والاقتداء بهم وأقل الأحوال أن يعرف مقادير أولياء الله وصالحي عباده ويعلم أنهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنت مع من أحببت" فمحبة الصالحين قربة لا تهمل وطاعة لا تضيع وإن لم يعمل كعملهم ولا جهد نفسه كجهدهم انتهى حاصله.
وأما ما يحدث من أولياء الله سبحانه وتعالى من الكرامات الظاهرة التي لا شك فيها ولا شبهة فهو حق صحيح لا يمتري فيه من له أدنى معرفة بأحوال صالحي عباد الله المخصوصين بالكرامات التي أكرمهم بها وتفضل بها عليهم ومن شك في شيء من ذلك نظر في كتب الثقات المدونة في هذا الشأن كحلية الأولياء للشرجي وكتاب روض الرياحين لليافعي وسائر الكتب المصنفة في تاريخ العالم فإن كلها مشتملة على تراجم كثير منهم ويغني عن ذلك كله ما قصه الله إلينا في كتابه العزيز عن صالحي عباده الذين لم يكونوا أنبياء كقصة ذي القرنين وما تهيأ له مما تعجز عنه الطباع البشرية وقصة مريم كما حكاه الله تعالى.
ومن ذلك قصة أصحاب كهف فقد قص الله علينا فيها أعظم كرامة وقصة آصف من برخيا حيث حكى عنه قوله: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} وغير ذلك مما حكاه عن غير هؤلاء والجميع ليسوا بأنبياء وثبت في الأحاديث الثابتة في الصحيح مثل حديث الثلاثة الذي انطبقت عليهم الصخرة وحديث جريج الراهب الذي كلمه الطفل وحديث المرأة التي قالت سائلة الله عز وجل أن يجعل الطفل الذي ترضعه مثل الفارس فأجاب الطفل بما أجاب وحديث البقرة التي كلمت من أراد أن يحمل عليها وقالت إني لم أخلق لهذا.
ومن ذلك وجود القطف من العنب عند خبيب الذي أسرته الكفار.
وحديث أن أسيد بن حضير وعبادة بن بشر خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصاحبين وحديث رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.
وحديث لقد كان فيمن قبلكم محدثون.
وحديث إن في هذه الأمة محدثين وإن منهم عمر.
ومن ذلك كون سعد بن أبى وقاص مجاب الدعوة وهذه الأحاديث كلها ثابتة في الصحيح وورد لكثير من الصحابة رضي الله عنهم كرامات قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير.
ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضلهم والثناء عليهم كما ثبت في الصحيح أنه قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: "مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله" قال: ثم من؟ قال: "ثم رجل معتزل في شعب من شعاب يعبد ربه".
وحديث "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وهذه الأحاديث كلها في الصحيح وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. 

علم الباطن

علم الباطن
هو معرفة أحوال القلب والتخلية ثم التحلية وهذا العلم يعبر عنه ب: علم الطريقة والحقيقة أيضا واشتهر علم التصوف به وسيأتي تمام تحقيقه فيه.
وأما دعوى التقابل بين الظاهر والباطن كما يدعيه جهلة القوم فزعم باطل بشهادة العموم والخصوص.
علم الباطن
هو: معرفة أحوال القلب، والتخلية، ثم التحلية.
وهذا العلم: يعبر عنه بعلم الطريقة، والحقيقة أيضا.
واشتهر علم التصوف به، وسيأتي تمام تحقيقه فيه.
وأما دعوى التقابل بين الظاهر والباطن، كما يدعيه جهلة القوم، فزعم باطل، بشهادة العموم والخصوص.

الباطنية

(الباطنــية) فرقة من الشِّيعَة تعتقد أَن للشريعة ظَاهرا وَبَاطنا وتمعن فِي التَّأْوِيل
الباطنــية:
[في الانكليزية] Al -batiniyya (sect)
[ في الفرنسية] Al -batiniyya (secte)
بالطاء المهملة هي السبعية. وتطلق أيضا على المشبهة المبطلة بالصوفية، وتسمّى إباحية وصاحبية أيضا.

الْبَاطِن

(الْبَاطِن) من أَسمَاء الله تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الْعَالم بالسرائر والخفيات والمحتجب عَن أبصار الْخَلَائق وأوهامهم وَمن كل شَيْء دَاخله وَمن الأَرْض مَا اطْمَأَن وانخفض (ج) أبطنة وبواطن

الْحَواس الْبَاطِنَة

الْحَواس الْبَاطِنَــة: فَهِيَ الْحس الْمُشْتَرك - والخيال - وَالوهم - والحافظة - والمتصرفة - وَوجه الضَّبْط أَن الحاسة إِمَّا مدركة أَو مُعينَة على الْإِدْرَاك. والمدركة إِمَّا مدركة للصور أَعنِي مَا يُمكن أَن يدْرك بالحواس الظَّاهِرَة وَهِي الْحس الْمُشْتَرك. وَإِمَّا مدركة للمعاني أَعنِي مَا لَا يُمكن أَن يدْرك بهَا وَهِي الْوَهم. والمعينة إِمَّا مُعينَة بِالتَّصَرُّفِ وَهِي المتصرفة. وَإِمَّا مُعينَة بِالْحِفْظِ. فإمَّا أَن يحفظ الصُّور وَهِي الخيال. وَإِمَّا أَن يحفظ الْمعَانِي وَهِي الحافظة وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا وَجه الضَّبْط لَا دَلِيل الْحصْر إِذْ لَا شكّ فِي أَنَّهَا غير منحصرة فِيمَا ذكر عقلا. وَاعْلَم أَن الْحَواس كلهَا فِي الْإِنْسَان عِنْد الْمُحَقِّقين آلَة للإدراك إِمَّا لحدوثه أَو لحفظه والمدرك فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْعقل.
الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ فِي الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
الْحَادِث اسْم فَاعل من الْحُدُوث فَعَلَيْك كشف الغطاء عَن الْحُدُوث حَتَّى يجلو لَك الْحَادِث. فَاعْلَم أَن الْحُدُوث يُطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا: وجود الشَّيْء بعد عَدمه بعدية زمانية. وَبِعِبَارَة أُخْرَى كَون الشي مَسْبُوقا بِالْعدمِ سبقا زمانيا وَهُوَ الْمُسَمّى بالحدوث الزماني ويقابله الْقدَم الزماني. فالحادث حِينَئِذٍ هُوَ الْمَوْجُود الْمَسْبُوق بِالْعدمِ سبقا زمانيا. والمتكلمون قَائِلُونَ بِأَن الْعَالم حَادث بِهَذَا الْحُدُوث. وَثَانِيهمَا: كَون الشَّيْء مفتقرا مُحْتَاجا فِي وجوده إِلَى غَيره أَي علته تَامَّة أَو نَاقِصَة. والحكماء يَقُولُونَ بِهِ فِي الْعُقُول والنفوس الفلكية والأجرام الفلكية بموادها وصورها الجسمية والنوعية بأشخاصها وأشكالها وأضواءها والأجسام العنصرية بموادها وَمُطلق صورها الجسمية لَا أشخاصها وَأما صورها النوعية فَقيل بجنسها فَإِن أطوار خُصُوصِيَّة أَنْوَاعهَا لَا تجب أَن تكون قديمَة وَالظَّاهِر من كَلَامهم قدمهَا بأنواعها.
وَنقل عَن أفلاطون أَنه قَالَ بحدوث الْعَامِل حدوثا زمانيا فالحادث على هَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُحْتَاج فِي وجوده إِلَى غَيره. وَبَين الْمَعْنيين عُمُوم وخصوص مُطلقًا تحققا. فَإِن الْمَعْنى الأول أخص مُطلقًا من حَيْثُ التحقق من الْمَعْنى الثَّانِي لِأَن كل شَيْء وجد فِيهِ الْحُدُوث الزماني وجد هُنَاكَ الْحُدُوث الذاتي بِلَا عكس كلي وَأما بِحَسب الصدْق فبينهما مبائنة كُلية كَمَا لَا يخفى. وَبَين الْحَادِث بِالْمَعْنَى الأول والحادث بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْضا عُمُوم وخصوص مُطلقًا كَذَلِك لَكِن بِحَسب الصدْق فَإِن كل شَيْء يكون مَوْجُودا بعد عَدمه كَانَ مفتقرا فِي وجوده إِلَى الْغَيْر وَلَيْسَ كل مَا كَانَ مفتقرا فِي وجوده إِلَى الْغَيْر يكون مَسْبُوقا بِعَدَمِهِ. فَإِن الْحُكَمَاء قَائِلُونَ بِأَن الْعُقُول وَغَيرهَا كَمَا مر حَادِثَة بِالذَّاتِ مُمكنَة محتاجة فِي وجودهَا إِلَى الْغَيْر وَهُوَ سُبْحَانَهُ تَعَالَى وَمَعَ هَذَا قديمَة بِالزَّمَانِ لقدم علتها الْوَاجِبَة بِالذَّاتِ تَعَالَى شَأْنهَا. وَقدم الْعلَّة مُسْتَلْزم لقدم معلولها بِالضَّرُورَةِ.
وَقَالَ الباقر فِي الإيماضات إِن تخصص التقرر بآن أَو بِزَمَان مَا مَقْطُوع من جِهَة الْبِدَايَة يُقَال لَهُ الْحُدُوث الزماني. وموضوعه وَهُوَ الْحَادِث الزماني يكون لَا محَالة مَسْبُوق الْوُجُود فِي أفق التقضي والتجدد بِالزَّمَانِ الْقبل وباستمرار عَدمه الْوَاقِع فِيهِ سبقا زمانيا ويقابله الْقدَم الزماني وَهُوَ أَن يستوعب اسْتِمْرَار الْوُجُود قطرا فِي التقضي والتجدد. فَيتَحَقَّق فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة والآنات وَلَيْسَ الاتصاف بهما إِلَّا للزمانيات. وَوُقُوع التقرر رغب الْعَدَم الصَّرِيح فِي وعَاء الدَّهْر يُقَال لَهُ الْحُدُوث الدهري. وموضوعه وَهُوَ الْحَادِث الدهري مَسْبُوق الْوُجُود فِي الدَّهْر سبقا دهريا بِعَدَمِ صرف فِي الْأَعْيَان لَا بِزَمَان أَو آن. وَلَا باستمرار الْعَدَم أَو لَا اسْتِمْرَار ويتصف بِهِ الْحَادِث الزماني بِمَا هُوَ مَوْجُود متقرر فِي وعَاء الدَّهْر لَا بِمَا هُوَ زماني وَاقع فِي أفق الزَّمَان ويقابله الْقدَم الدهري وَهُوَ السرمدية أَي تسرمد الْوُجُود فِي وعَاء الدَّهْر لَا فِي أفق الزَّمَان. وفعلية التقرر بعد بطلَان الْحَقِيقَة. وهلاك الذَّات فِي لحاظ الْعقل يُقَال لَهَا الْحُدُوث الذاتي. وموضوعه وَهُوَ الْحَادِث الذاتي فِي حد نَفسه مَسْبُوق الذَّات والوجود وَهُوَ مَوْجُود مَا دَامَ مَوْجُودا بِالْبُطْلَانِ والعدم أبدا. وَلَكِن سبقا بِالذَّاتِ وَفِي لحاظ الْعقل لَا سبقا دهريا. وَفِي الْأَعْيَان وَهُوَ يستوعب عَمُود عَالم الْإِمْكَان على الِاسْتِغْرَاق ويقابله الْقدَم الذاتي المساوق للْوُجُوب بِالذَّاتِ انْتهى.
وَقَالَ أهل الْحق إِن الْعَالم وَهُوَ مَا سوى ذَاته تَعَالَى وَصِفَاته حَادث بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ حدوثا زمانيا أَي وجد بعد عَدمه بعدية زمانية كَمَا حقق فِي الْكتب الكلامية الإسلامية. وَهَا هُنَا بحث وَهُوَ أَن الْحُدُوث الزماني يَسْتَدْعِي سبق الْعَدَم على الْوُجُود فِي الزَّمَان السَّابِق فَلَا بُد لَهُ من سبق الزَّمَان. وَالزَّمَان إِمَّا من جملَة الْعَالم أَو خَارج عَنهُ لَا سَبِيل إِلَى الثَّانِي فَإِن وَرَاء الْعَالم لَيْسَ إِلَّا ذَاته تَعَالَى وَصِفَاته فَيكون الزَّمَان من جملَة الْعَالم بِالضَّرُورَةِ. فَأَقُول إِنَّه حَادث بالحدوث الزماني أَو الذاتي لَا سَبِيل إِلَى الأول لِأَنَّهُ على الأول يلْزم وجود الزَّمَان حِين عَدمه لما مر من أَن الْحُدُوث الزماني يَسْتَدْعِي سبق الْعَدَم فِي الزَّمَان السَّابِق وَهُوَ محَال بالبداهة لَا طَرِيق إِلَى الثَّانِي أَيْضا لِأَنَّهُ لَو كَانَ حُدُوثه ذاتيا لزم بطلَان قَوْلهم الْمَذْكُور أَعنِي أَن الْعَالم بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَادث بالحدوث الزماني مَعَ أَنهم لَا يَقُولُونَ بالحدوث الذاتي.
وَالْجَوَاب أَن الزَّمَان من جملَة الْعَالم. والمتكلمون قَائِلُونَ بِأَن تقدم بعض أَجزَاء الزَّمَان على الْبَعْض وتأخره عَنهُ وَكَذَا تقدم عدم الزَّمَان على وجوده وَتَأَخر وجوده عَن عَدمه تقدم وَتَأَخر بِالذَّاتِ أَي بِلَا وَاسِطَة الزَّمَان. وَهَذَا التَّقَدُّم والتأخر قسم سادس أحدثه المتكلمون كَمَا حققنا فِي التَّقَدُّم. لَكِن التَّقَدُّم الذاتي الَّذِي أثْبته المتكلمون غير التَّقَدُّم الذاتي الَّذِي أثْبته الْحُكَمَاء. والبعدية الذاتية أَيْضا كَذَلِك لِأَن التَّقَدُّم الذاتي عِنْد الْمُتَكَلِّمين هُوَ الْقبلية الَّتِي لَا يُجَامع مَعهَا الْقبل الْبعد وَكَذَا البعدية الذاتية. والتقدم الذاتي عِنْد الْحُكَمَاء هُوَ تقدم الْمُحْتَاج إِلَيْهِ على الْمُحْتَاج. فمراد الْمُتَكَلِّمين بقَوْلهمْ الْمَشْهُور الْمَذْكُور أَن الْعَالم بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مَوْجُود بعد الْعَدَم بعدية لَا يُجَامع مَعهَا الْبعد الْقبل بعدية وجودية الزَّمَان عَن عَدمه كَذَلِك وَإِنَّمَا عبروا عَن هَذِه البعدية بالبعدية الزمانية المشعرة بوساطة الزَّمَان جَريا على اصْطِلَاح الْحُكَمَاء فَلَا يلْزم وجود الزَّمَان عِنْد عَدمه
وَإِن أردْت توضيح هَذَا المرام فاستمع لما قَالَه الْفَاضِل المدقق القمقام ملا يُوسُف رَحمَه الله ولعلهم أَرَادوا بالبعدية الزمانية هَا هُنَا بعدية لَا يُجَامع مَعهَا الْقبل الْبعد وَلما كَانَ هَذَا الْمَعْنى عِنْد الْحُكَمَاء منحصرا فِي الزَّمَان وأجزائه عرضا أوليا لأجزاء الزَّمَان وعروضه لغير الزَّمَان وأجزائه ثَانِيًا وبالعرض وَكَانَ التَّقَدُّم الزماني هُوَ هَذَا وَكَأن أَقسَام التَّقَدُّم منحصرا فِي الْخمس كَمَا بينوا فِي مَوْضِعه وَإِن لم ينْحَصر عِنْد الْمُتَكَلِّمين كَمَا مر سموهُ بعدية زمانية على اصْطِلَاح الْحُكَمَاء انْتهى. وَلَك أَن تَقول إِن انْتِقَاض مَا تقرر أَن الْحَادِث الزماني يَسْتَدْعِي سبق الزَّمَان بَاقٍ على حَاله لأنكم تَقولُونَ إِن الزَّمَان حَادث بالحدوث الزماني وتقولون إِن تقدم عَدمه على وجوده وبعدية وجوده عَن عَدمه ذاتيان بِلَا وَاسِطَة الزَّمَان وَإِن سميته بعدية زمانية. وَيُمكن أَن يُقَال إِن ذَلِك الاستدعاء إِنَّمَا هُوَ عِنْد الْحُكَمَاء. وَأما عِنْد الْمُتَكَلِّمين فَلَا. نعم إِنَّهُم أَيْضا قَائِلُونَ بِأَن الْحَادِث الزماني يَسْتَدْعِي سبق الزَّمَان لَكِن لَا مُطلقًا بل إِذا كَانَ الْحَادِث زمانيا - وَأما إِذا كَانَ زَمَانا أَو أجزاءه فَلَا. وَمن طلعت عَلَيْهِ شموس حقائق الزَّمَان والدهر والسرمد فقد انْكَشَفَ عَنهُ ظلام أَمْثَال هَذِه المزالق الَّتِي زلت فِيهَا أَقْدَام القاصرين.

بطن

بطن


بَطَنَ(n. ac. بَطْن
بُطُوْن)
a. Was hidden.
b. Penetrated.

بَطِنَ(n. ac. بَطَن)
بَطُنَ(n. ac. بَطَاْنَة)
a. Was, became big, inflated, distended; was
big-bellied.

بَطَّنَa. Lined.
b. Tightened the girth of (horse).

بَاْطَنَa. Confided in.

أَبْطَنَa. see II
تَبَطَّنَa. Was lined.
b. Compressed.

إِسْتَبْطَنَa. Penetrated.

بَطْن
(pl.
بُطُوْن)
a. Belly; paunch.

بِطْنَةa. Gluttony.

بَطِنa. Big-bellied, paunchy.
b. Glutton.

بَاْطِن
(pl.
بَوَاْطِنُ)
a. Hidden: inner, inward, internal; intrinsic;
esoteric.
b. Recess ( of the mind ).
بِطَاْن
(pl.
بُطْن
أَبْطِنَة)
a. Girth.

بِطَاْنَة
(pl.
بَطَاْئِنُ)
a. Lining, inner-covering.
b. Secret.
c. Intimate (friend); kinsman.
بَطِيْنa. see 5
مِبْطَاْنa. see 5
مُبَطَّنَة
a. Felucca, bark.
(بطن) : أًبطَنْتُ الثوبَ: مثل بَطَّنْتُه.
(ب ط ن) : (الْمَبْطُونُ) الَّذِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ (وَقَوْلُهُ) إنْ شَهِدَ لَهَا مِنْ بِطَانَتِهَا أَيْ مِنْ أَهْلِهَا وَخَاصَّتِهَا مُسْتَعَارٌ مِنْ بِطَانَةِ الثَّوْبِ.
(بطن) بَطنا أَصَابَهُ الْبَطن وبطر وَكثر مَاله فَهُوَ بطن

(بطن) بطانة عظم بَطْنه وَيُقَال بطن الْمَكَان بعد فَهُوَ بطين

(بطن) اعتل بَطْنه فَهُوَ مبطون
ب ط ن : الْبَطْنُ خِلَافُ الظَّهْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَالْجَمْعُ بُطُونٌ وَأَبْطُنٌ وَالْبَطْنُ دُونَ الْقَبِيلَةِ مُؤَنَّثَةٌ وَإِنْ أُرِيدَ الْحَيُّ فَمُذَكَّرٌ وَالْجَمْعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَطَنَ الشَّيْءُ يَبْطُنُ مِنْ بَابِ قَتَلَ خِلَافُ ظَهَرَ فَهُوَ بَاطِنٌ وَبَطَنْتُهُ أَبْطُنُهُ عَرَفْتُهُ وَخَبَرْتُ بَاطِنَهُ وَالْبِطَانَةُ بِالْكَسْرِ خِلَافُ الظِّهَارَةِ وَبُطِنَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مَبْطُونٌ أَيْ عَلِيلُ الْبَطْنِ وَبِطَانُ الرَّجُلِ مِثْلُ: الْحِزَامِ وَزْنًا وَمَعْنًى. 
(بطن) - قَولُه تَعالَى: {بَطائِنُها مِنْ إسْتَبْرقٍ} .
البَطَائِن: حمع البِطَانة، وهي ضدُّ الظَّواهِر وما تَحتَها، وقيل بَطائِنُها: ظَوَاهِرُها، وظَهْرُ السَّماء وبَطنُها واحد: أي وَجْهها، وكُلُّ شىءٍ مُبطَّن له وَجْهان، كُلّ وجه بِطانَةٌ للوَجْهِ الآخر.
- في الحديث في صِفَة القُرآن: "لِكُلِّ آيةٍ مبها ظَهْرٌ وبَطْنٌ".
قيل: البَطْن: ما احْتِيج إلى تَفسِيره، والظَّهْر: ما ظَهَر منه بَيانُه.
- وفي حديث عَطَاء: "بَطَنَت بك الحُمَّى".
: أي أثَّرت في باطنك، يقال: بَطَنه الدَّاءُ يَبطِنه بُطوناً: دخل بَطْنَه.
- في بعض الأحادِيث: "غَسْل البَطِنَة": أي الدُّبُر.
- في صفة على رضي الله عنه "أَنْزَعُ، بَطِينٌ".
البَطِين: العَظِيم البَطْن، والمِبْطان أيضا والمبطون، وبَطِن بَطَنًا: عَظُم بطنه، وقيل: المِبْطانُ: الكَثِير الأَكْل، والمُبَطَّن: الخَمِيصُ البَطْن.
- في حديث عَلِىّ : "كَتَب على كُلِّ بَطْن عُقُولَه". البَطْن: ما دُونَ القَبِيلة، والفَخِذ: ما دون البَطْن: أي كُتِب عليهم ما تَغْرَمه العاقِلَةُ من الدِّيات، فبَيَّن ما عَلَى كُلِّ قومٍ منهم.
- في الحديث: "يُنادِى مُنادٍ من بُطْنان العَرْش".
البَطْن: المُنْخَفِض من الأرْض، وجَمعُه بُطونٌ وبُطْنَان، وضِدُّه الظَّهر. وجَمعُه ظُهورٌ وظُهْران، وبُطْنان الرِّيش وظُهْرانُه كذلك، وبُطْنان الرَّبِيع: صَمِيمُه، فكان بُطنانَ العَرشِ أَصلُه أيضا.
- في الحَدِيث: "رجلٌ ارتَبطَ فرساً ليَسْتَبْطِنَها".
: أي لِيَطلُب ما في بَطْنِها من النِّتاج.
ب ط ن: (الْبَطْنُ) ضِدُّ الظَّهْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ تَأْنِيثَهُ لُغَةٌ. وَ (الْبَطْنُ) أَيْضًا دُونَ الْقَبِيلَةِ. وَ (بُطْنَانُ) الْجَنَّةِ وَسَطُهَا. وَ (بَطَنَ) الْوَادِيَ دَخَلَهُ، وَبَطَنَ الْأَمْرَ عَرَفَ بَاطِنَهُ، وَبَابُهُمَا نَصَرَ، وَمِنْهُ (الْبَاطِنُ) فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَ (بَطَنَ) بِفُلَانٍ صَارَ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَبَابُهُ دَخَلَ وَكَتَبَ. وَ (بُطِنَ) الرَّجُلُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ اشْتَكَى بَطْنَهُ. وَ (بَطِنَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ عَظُمَ بَطْنُهُ مِنَ الشِّبَعِ. وَ (الْبِطَانُ) لِلْقَتْبِ الْحِزَامُ الَّذِي يُجْعَلُ تَحْتَ بَطْنِ الْبَعِيرِ، يُقَالُ: الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ، لِلْأَمْرِ إِذَا اشْتَدَّ. وَ (بِطَانَةُ) الثَّوْبِ بِالْكَسْرِ ضِدُّ ظِهَارَتِهِ. وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ وَلِيجَتُهُ، وَ (أَبْطَنَهُ) جَعَلَهُ مِنْ خَوَاصِّهِ وَ (بَطَّنَ) الثَّوْبَ (تَبْطِينًا) جَعَلَ لَهُ بِطَانَةً. وَ (اسْتَبْطَنَ) الشَّيْءَ. قُلْتُ: اسْتَبْطَنَ الشَّيْءَ دَخَلَ فِي بَطْنِهِ تَقُولُ مِنْهُ: اسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ وَنَحْوَهُ، وَاسْتَبْطَنَ الشَّيْءَ أَخْفَاهُ، وَاسْتَبْطَنَ الشَّيْءَ طَلَبَ مَا فِي بَطْنِهِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: (تَبَطَّنَ) الْكَلَأَ جَوَّلَ فِيهِ. وَ (الْبِطْنَةُ) الِامْتِلَاءُ الشَّدِيدُ مِنَ الطَّعَامِ يُقَالُ: لَيْسَ لِلْبِطْنَةِ خَيْرٌ مِنْ خَمْصَةٍ تَتْبَعُهَا. وَ (الْبَطِنُ) الَّذِي لَا يَهُمُّهُ إِلَّا بَطْنُهُ. وَ (الْمَبْطُونُ) الْعَلِيلُ الْبَطْنِ. وَ (الْمِبْطَانُ) الَّذِي لَا يَزَالُ عَظِيمَ الْبَطْنِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ. وَ (الْمُبَطَّنُ) الضَّامِرُ الْبَطْنِ وَالْمَرْأَةُ مُبَطَّنَةٌ وَ (الْبَطِينُ) الْعَظِيمُ الْبَطْنِ، وَالْبَطِينُ أَيْضًا الْبَعِيدُ، يُقَالُ: شَأْوٌ بَطِينٌ. 
ب ط ن

ألقت الدجاجة ذا بطنها. ونثرت المرأة للزوج بطنها إذا أكثرت الولد. وبطنه وظهره: ضربهما منه. وقد بطن فلان إذا اعتل بطنه. وهو مبطون وبطين ومبطان ومبطن أي عليل البطن وعظيمه وأكول وخميص. وأبطن البعير: شد بطانه. وباطنت صاحبي: شددته معه. وبطن ثوبه بطانة حسنة، وبطائن ثيابهم الديباج. وهم أهل باطنة الكوفة، وإخوانهم أهل ضاحيتها.

ومن المجاز: رش سهمك بظهران، ولا ترشه ببطنان؛ وهو في بطنان الشباب أي في وسطه. والبحبوحة بطنان الجنة. قال الراعي:

فإن يود ربعي الشباب فقد أرى ... ببطنانه قدام سرب أوانقه

أي يونقني السرب وأونقه. وطلع البطين وهو بطن الحمل. قال:

وقاء عليه الليث أفلاذ كبده ... وكهله قلد من البطن مردم

ونزلوا بطن الوادي، وهم في بطن مكة. وبطنه من أكرم بطون العرب. واستبطن الشيء: دخل بطنه، كما يستبطن العرق اللحم. واستبطن أمره: عرف باطنه. وتبطن الكلأ: جول فيه وتوسطه. قالت الخنساء:

فجاء يبشر أصحابه ... تبطنت يا قوم غيثاً خصيباً

وتبطن الجاية: جعلها بطانة له. قال امرؤ القيس:

ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال

وفلان مجرب قد بطن الأمور، كأنه ضرب بطونها عرفاناً بحقائقها.

ويقال: أنت أبطن بهذا الأمر خبره، وأطول له عشره. وهو بطانتي وهم بطانتي، وأهل بطانتي. وإذا اكتريت، فاشترط العلاوة والبطانة وهي ما يجعل تحت العكم من قربة ونحوها. ونزت به البطنة أي أبطره الغنى. وفلان عريض البطان أي غني. وشأو بطين: بعيد. قال زهير:

فبصبص بين أداني الغضى ... وبين عنيزة شأواً بطيناً

وتباطن المكان: تباعد.
بطن
البَطْنُ: خِلافُ الظَهْرِ. ورَجُلٌ بَطِيْنٌ: ضَخْمُ البَطْنِ، وهو الكَثِيرُ المالِ أيضاً. وبَطِنَ بَطَناً: عَظُمَ بَطْنُه. والمِبْطَانُ: العَظِيْمُ البَطْنِ.
والباطِنُ: ضِد الظّاهِرِ.
والبِطَانَةُ: باطِنُ الثَّوْبِ.
ولحَافٌ مُبَطَّنٌ. والباطِنَــةُ من الكُوْفَةِ والبَصْرَةِ: مُجْتَمَعُهم في وَسَطِهما. وبَطْنُ الراحَةِ. وباطِنُ الإبْطِ. والنَعْمَةُ الباطِنَــةُ: التي خَصَّتْ. وتَبَطَنْتُ في الأمْرِ: دَخَلْت فيه حتّى عَلِمْت باطِنَه. وتَبَطَّنْتُ الأرْضَ والكَلأ: جَولْتُ فيه.
وهو أبْطَنُ بالأمْرِ خِبْرَةً: أي أعْلَمُ بباطِنِه. والبِطْنَةُ: امْتِلاءُ البَطْنِ من الطَعَام، يُقال: نَزَتْ به البِطْنَةُ. ورَجُلٌ مَبْطُوْنٌ: به بَطَنٌ.
وألْقَتِ الدَجَاجَةُ بَطْنَها.
ونَثَرَتِ المَرْأةُ للزَّوْجِِ بَطْنَها: أكْثَرَتِ الوَلَدَ. وبَطَّنْتُ الدّابَةَ تَبْطِيْناً: ضَرَبْت بَطْنَها بالسَّوْطِ، وبَطَنْتُه - أيضاً - مُخَفَفٌ. ومنه قَوْلُهم: إذا ضَرَبْتَ موْقَراً فابْطُنْ لَهْ والأبْطَنُ في الذِّرَاعِ من الفرس: عِرْقٌ في باطِنِها.
ورَجُلٌ مِبْطَانٌ: وهو الذي يَغِيْبُ بالعَشِيّاتِ عن النّاسِ في الشُّرْبِ وغَيْرِه.
وهو - أيضاً -: الذي لا يَزَالُ يَأكُلُ دُوْنَ أصْحَابِه. وهو عَرِيْضُ البِطَانِ: أي كَثِيرُ المالِ.
والبِطَانَةُ: ما يُجْعَلُ تَحْتَ عِكْمَىِ البَعِيْرِ، يُقال: بَطَنْتُ البَعِيْرَ وأبْطَنْتُه: شَدَدْت بِطَانَه؛ وهو بمَنْزِلَةِ الحِزَام.
وابْتَطَنْتُ الفَحْلَ، واسْتَبْطَنْتُه ثَلاثَةَ أبْطُنٍ.
وغائِطُ بَطِيْنٌ: أي بَعِيْد، وكذلك شَأوٌ بَطِيْنٌ. وتَبَاطَنَ المَكانُ: بَعُدَ. وبِطَانَةُ الرجُلِ: وَليْجَتُه من القَوْمِ الذين يُدَاخِلُوْنَه. وبَطَنَ فلانٌ بفلانٍ يَبْطُنُ به بُطُوْناً: إذا كانَ خاصّاً به داخِلاً في أمْرِه. وأبْطَنْتَ فلاناً دُوْني: جَعَلْتَه أخَصَّ مني. وأبْطَنْتُ السَّيْفَ كَشْحي. والبَطْنُ من الأرْضِ: الغامِضُ، وجَمْعُه بُطْنَانٌ.
والبَطْنُ: القَبِيْلَةُ، وتَصْغِيْرُه بُطَيْنَةٌ. والبُطَيْنُ: نَجْم، يقول الساجِعُ: إذا طَلعَ البُطَيْن، اقْتُضِيَ الدَّيْن، وظَهَرَ الزيْن، واقْتُفِيَ العَطّارُ والقَيْن. ويقولونَ: إبْطَ بِطَانْ: زَجْرٌ للعَنْزِ.
[بطن] البَطنُ: خلاف الظهر، وهو مذكر. وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة أنَّ تأنيثه لغة. والبَطْنُ: دونَ القبيلة. والبَطْنُ: الجانب الطويل من الريش، والجمع بُطْنانٌ مثل ظهر وظهران، وعبد وعبدان. والبُطْنانُ أيضاً: جمع البَطْنِ، وهو الغامض من الأرض. وبَطْنانُ الجَنَّةِ: وسَطُها. وبَطَنْتُهُ: ضربتُ بَطْنَهُ. وقال: إذا ضربت موقرا فابطن له بين قصيراه وبين الجله أردا فأبطنه، فزاد لاما. (*) وقال قومٌ: بَطَنَهُ وبَطَنَ له، مثل شَكَرَهُ وشَكَرَ له، ونَصَحَهُ ونَصَحَ له. وبَطَنْتُ الواديَ: دخلتُه. وبَطَنْتُ هذا الأمرَ: عرفت باطِنَهُ. ومنه الباطِنُ في صفة الله عزّ وجلّ. وبَطَنْتُ بِفُلانٍ: صرت من خواصه. وبُطِنَ الرجل، على ما لم يسمّ فاعله: اشتكى بَطْنَهُ. وبَطِنَ بالكسر يَبْطِنُ بَطَناً: عَظُمَ بطنه من الشبع. قال القلاخ: ولم تضع أولادها من البطن ولم تصبه نعسة على غدن والغدن: الاسترخاء والفترة. والبطان للقتب: الحزامُ الذي يجعل تحتَ بطن البعير: ويقال: " التقتْ حَلَقَتا البِطانِ " للأمر إذا اشتدّ. وهو بمنزلة التصدير للرَحْلِ. يقال منه: أَبْطَنْتُ البعير إبْطاناً، إذا شددتَ بطانَهُ. والأَبْطَنُ في ذراع الفرس: عِرْقٌ في باطنها، وهما أَبْطَنَانِ. وبِطَانَةُ الثوب: خلاف ظِهارته. وبِطانَةُ الرجل: وَليجَتُهُ. وأَبْطَنْتُ الرجل، إذا جعلته من خواصك. وأبطنت السيف كشحى. وبَطَّنْتُ الثوب تَبْطِيناً، إذا جعلتَ له بطانة. واستبطنت الشئ. وتبطنت الجاريةَ. قال امرؤ القيس: كَأَنّيَ لَمْ أركبْ جواداً لِلَذَّةٍ ولم أَتَبَطَّنْ كاعباً ذاتَ خَلْخالِ وتَبَطَّنْتُ الكلأ: جَوَّلْتُ فيه. وابْتَطَنْتُ الناقةَ عشرة أَبْطُنٍ، أي نَتَجتُها عشرَ مرات. والبِطْنَةُ: الكِظَّةُ، وهو أن تمتلئ من الطعام امتلاءً شديداً. يقال: ليس للبِطْنَةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تتبعها. والبَطِن: النَهِمُ الذي لا يُهِمُّه إلا بَطْنُهُ. والمَبْطونُ: العليل البَطْنِ. والمِبْطانُ: الذي لا يزال عظيمَ البَطْنِ من كثرة الأكل. والمُبَطَّنُ: الضامرُ البَطْنِ. والمرأةُ مُبَطَّنَةٌ. قال ذو الرمة: رخيمات الكلام مُبَطَّناتٌ جَواعِلُ في البُرى قَصَباً خِدالا والبَطينُ: العظيم البَطْنِ. والبَطينُ: البعيد. يقال: شأوٌ بَطينٌ. والبطين من منازل القمر، وهو ثلاثة كواكب صغار مستوية التثليث كأنها أثافى، وهو بطن الحمل، وصغر لان الحمل نجوم كثيرة على صورة الحمل فالشرطان قرناه، والبطين بطنه، والثريا أليته.
[بطن] نه فيه: "الباطن" تعالى: المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم، وقيل: العالم بما بطن، من بطنته إذا عرفت باطنه. ط: أنت "الباطن" فليس دونك شيء أي فليس شيء أبطن منك. نه وفيه: ما من نبي ولا خليفة إلا كانت له "بطانتان"، بطانته صاحب سره وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله. ك: "بطانتان" أي جلساء صالحة وطالحة، والمعصوم من عصمه الله من الطالحة وقيل: أي نفس أمارة بالسوء ونفس لوامة، والمعصوم من أعطى نفساً مطمئنة، أو لكل قوة ملكية وقوة حيوانية، والمعصوم من عصمة الله لا من عصمته نفسه. و"بطانة" من دونكم بكسر موحدة فسره البخاري بالدخلاء. ومنه: إن جاءت ببينة من "بطانة" أهلها أي من خواصها. ط: فإن قيل: كيف يتصور بطانة السوء في الأنبياء؟ قلت: المراد به الشيطان ولكنه يسلم بإعانة الله. وح: فإنها بئس "البطانة" هو ضد الظهارة وأصله في الثوب فاتسع فيما يستبطن الرجل من أمره. و"بطن الشاة" الكبد وما معه من القلب وغيرهما. نه: وجاء أهل "البطانة" يضجون، البطانة خارج المدينة. وح: لكل أية ظهر و"بطن" "الظهر" ما ظهر بيانه و"البطن" ما احتيج إلى تفسيره. در: وقيل: ظهرها لفظها، وبطنها معناها، وقيل: قصصه في الظاهر أخبار، وفي الباطن عبرة، وقيل: الظهر التلاوة، والبطن التفهم، ويتم بيانه في "حد". نه وفيه: "المبطون" شهيد أي الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه. ومنه: إن امرأة ماتت في "بطن" قيل أراد به هنا النفاس وهو أظهر. ن: "المبطون" من به إسهال، واستسقاء، وانتفاخ بطن، أومن يشتكي بطنه، أو من يموت بداء بطنه مطلقاً- أقوال، وإنما كان بهذه المعاني من الشهداءباب الباء مع الظاء
بطن
أصل البَطْن الجارحة، وجمعه بُطُون، قال تعالى: وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [النجم/ 32] ، وقد بَطَنْتُهُ: أصبت بطنه، والبَطْن: خلاف الظّهر في كلّ شيء، ويقال للجهة السفلى: بَطْنٌ، وللجهة العليا: ظهر، وبه شبّه بطن الأمر وبطن الوادي، والبطن من العرب اعتبارا بأنّهم كشخص واحد، وأنّ كلّ قبيلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل، وعلى هذا الاعتبار قال الشاعر:
النّاس جسم وإمام الهدى رأس وأنت العين في الرأس
ويقال لكلّ غامض: بطن، ولكلّ ظاهر:
ظهر، ومنه: بُطْنَان القدر وظهرانها، ويقال لما تدركه الحاسة: ظاهر، ولما يخفى عنها: باطن.
قال عزّ وجلّ: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ [الأنعام/ 120] ، ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ [الأنعام/ 151] ، والبَطِين: العظيم البطن، والبَطِنُ: الكثير الأكل، والمِبْطَان: الذي يكثر الأكل حتى يعظم بطنه، والبِطْنَة: كثرة الأكل، وقيل: (البطنة تذهب الفطنة) .
وقد بَطِنَ الرجل بَطَناً: إذا أشر من الشبع ومن كثرة الأكل، وقد بَطِنَ الرجل: عظم بطنه، ومُبَطَّن: خميص البطن، وبَطَنَ الإنسان: أصيب بطنه، ومنه: رجل مَبْطُون: عليل البطن، والبِطانَة: خلاف الظهارة، وبَطَّنْتُ ثوبي بآخر:
جعلته تحته.
وقد بَطَنَ فلان بفلان بُطُوناً، وتستعار البِطَانَةُ لمن تختصه بالاطّلاع على باطن أمرك.
قال عزّ وجل: لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ [آل عمران/ 118] أي: مختصا بكم يستبطن أموركم، وذلك استعارة من بطانة الثوب، بدلالة قولهم: لبست فلانا: إذا اختصصته، وفلان شعاري ودثاري، وروي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بعث الله من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشرّ وتحثّه عليه» .
والبِطان: حزام يشدّ على البطن، وجمعه:
أَبْطِنَة وبُطُن، والأَبْطَنَان: عرقان يمرّان على البطن.
والبُطين: نجم هو بطن الحمل، والتَبَطُّن:
دخول في باطن الأمر.
والظاهر والباطن في صفات الله تعالى: لا يقال إلا مزدوجين، كالأوّل والآخر ، فالظاهر قيل: إشارة إلى معرفتنا البديهية، فإنّ الفطرة تقتضي في كلّ ما نظر إليه الإنسان أنه تعالى موجود، كما قال: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [الزخرف/ 84] ، ولذلك قال بعض الحكماء: مثل طالب معرفته مثل من طوف في الآفاق في طلب ما هو معه.
والبَاطِن: إشارة إلى معرفته الحقيقية، وهي التي أشار إليها أبو بكر رضي الله عنه بقوله: يا من غاية معرفته القصور عن معرفته.
وقيل: ظاهر بآياته باطن بذاته، وقيل: ظاهر بأنّه محيط بالأشياء مدرك لها، باطن من أن يحاط به، كما قال عزّ وجل: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام/ 103] .
وقد روي عن أمير المؤمنين رضي الله عنه ما دلّ على تفسير اللفظتين حيث قال: (تجلّى لعباده من غير أن رأوه، وأراهم نفسه من غير أن تجلّى لهم) . ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثاقب وعقل وافر.
وقوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً [لقمان/ 20] . قيل: الظاهرة بالنبوّة الباطنــة بالعقل، وقيل: الظاهرة: المحسوسات، والباطنــة: المعقولات، وقيل: الظاهرة: النصرة على الأعداء بالناس، والباطنــة: النصرة بالملائكة.
وكلّ ذلك يدخل في عموم الآية.
[ب ط ن] البَطْنُ من الإنسانِ وسائرِ الحيوانِ: خِلافُ الظَّهرِ، مُذكَّرٌ. وقد قَدَّمْنا وَجْهَ الرفْعِ والنَّصْبِ فيما حَكاه سِيبَويْه من قَوْلِ العَربِ: ضُرِبَ عَبْدُ اللهِ ظَهْرُه وبَطْنُه، وضَرِبَ زَيْدٌ الظَّهْرُ والبَطْن، فأغْنانا ذلك عن إعادَتِه هنا. وجَمْعُ البَطْنِ: أَبْطُنٌ، وبُطُونٌ، وبُطْنانٌ. والبِطْنةُ: امِتلاءُ البَطْنِ من الطَّعِام، بَطِنَ بَطَناً، وبَطْنَةً، وبَطُنَ، وهو بَطِينٌ. ورَجُلٌ بَطِنٌ: لا هَمَّ له إلاَ بَطْنُه، وقِيلَ: هو الرَّغِيبُ الَّذي لا تَنْتَهِي نَفْسُه عن الأَكْلِ. وقَالُوا: كِيْسٌ بَطِينٌ، أَيْ: مَلآنُ، على المَثَلِ، أَنْشَد ثَعلَبٌ لبَعْضِ اللُّصوصِ:

(فأَصْدَرْتُ منها عْيبةً ذاتَ حُلَّه ... وكِيسُ أَبِي الجارود غيرُ بَطينِ)

ورَجُلٌ مِبْطانٌ: كَثيرُ الأكلِ لا يُهِمُّه إلاّ بَطْنُه. و [رَجَلٌ] بَطِينٌ: عظيمُ البَطْنِ. وَمُبَطَّنٌ: ضامِرُ البَطْنِ، وهذا على السَّلْبِ، كأَنَّه سُلِبَ بَطْنَه فَأُعْدِمَه، والأُنْثَى مُبَطَّةٌ. ومَبْطُونٌ: يَشْتَِكِي بَطْنَه. والبَطَنُ: داءُ البَطْنِ. وبَطَنَه يَبْطُنُه بَطْناً، وبَطَنَ له كِلاهما: ضَرَبَ بَطْنَه، أَنْشَدَ يَعقُوبُ:

(إذا ضَرَبْتَُ مُوقَراً فابْطُنْ لَهْ ... )

وأَلْقَي الرَِّجُلُ ذا بَطْنِه، كِنايةً عن الرَّجِيعِ. وأَلْقَتْ الدَّجاجَةُ ذا بَطْنِها يَعِني: مَزْقَها. ونَثَرتِ المَرأَةُ بَطْنَها: كَثُرَ وَلَدُها. والبَطْنُ: دُونَ القَبيلَةِ، وقِيلَ: هو دُونَ الفَخِذِ وفَوقَ العِمارِة، مُذكَّرٌ، والجمعُ: أَبْطُنٌ، وبُطونٌ، فأمَّا قَوْلُه:

(وإنَّ كلاِبًا هذه عَشْرُ أَبْطنٍ ... وأَنْتَ بَرِيءُ مِن قَبائِلها العَشْرِ)

فإنَّه أَنَّتَّ على مَعْنَي القِبيلةِ، وأَبانَ ذلك بقَولِه: ((من قَبائِلها العَشْرِ)) . وفَرسٌ مُبَطَّنٌ: أَبْيَضُ البطْنِ والظَّهرِ. والبَطْنُ من كُلِّ شيءٍ: جَوْفُه، والجَمْعُ كالَجْمعِ. والباطنُ: خِلافُ الظَّاهِر، والجمعُ: بَواطِنُ، وقَوْلُه:

(وسُفْعاً ضَباهُنَّ الوَقُودُ فأَصْبَحْت ... ظَواهِرُها سُوداً وباطِنُها حُمْراً) أَرادَ: وبَواطِنُها حَمِرا، فَوضَعَ الواحِدَ مَوْضِعَ الجَمْعِ، ولذلك استجازَ أَنْ يقولَ حُمْراً وقد بَطَنَ يَبْطُنُ. والباطِنُ: من أَسماء الله جَلَّ وعزَّ، وفي التَّنْزِيلِ: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ والظَّاهِرُ والبْاَطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءْ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] . وقَوْلُه تَعالَي: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} [الأنعام: 120] . فَسَّرَه ثَعلَبٌ فَقَالَ: ظاهِرُه: المُخالَّةُ، وباطِنُه: الزِّنَي، وقد تَقَدَّمَ. والباطِنَــةُ: خِلافُ الظّاهِرَةِ. والبِطانَةُ: خِلافُ الظِّهارَةِ. وبِطانَةُ الرَّجُلِ: خاصَّتُه. وأَبْطَنَه: اتَّخَذَه بِطانَةً. والنِّعْمةُ الباطِنَــةُ: الخاصَّةُ، والظاهِرَةُ: العامَّةُ. وأَفْرَِشَنِي بَطْنَ أَمْرِه وظَهْرَه، أي: سِرَّه وعَلانِيتَهَ. وبَطَنَ خَبَره يَبْطُنُه: خَبَره. واسْتَبْطَن أَمْرَه: وقَفَ على دخْلَتِه. وبَطَنَ بفُلان: دَخَلَ في أَمرِه. والبِطانَةُ: السَّرِيرةُ: وباطِنَةُ الكُورَةِ: وَسَطُها، وظاهِرتُها: ما تَنَحَّي منها. وباطِنُ كُلِّ شَيءٍ: داخِلُه. وبَطْنُ الأَرْضِ، وباطِنُها: ما غَمضَ منها واطْمَأَنَّ، والجَمْعُ القليلُ: أَبْطِنَةٌ، نادِرٌ، والكَثيرُ: بُطْنانٌ. وقَالَ أَبو حَنِيفَة: البُطْنانُ من الأَرضِ واحِدٌ كالبَطْنِ. والبُطْنانُ: مَسايِلُ الماء في الغِلَظِ، واحِدُها باطِنٌ، وقَوْلُ مُلْيْحٍ الهُذَلِيِّ:

(مُنِيرٍ تَجوزُ العِيسُ من بَطِناتِه ... حَصًي مِثْلَ أَنواءِ الرَّضِيحِ المُفَلَّقِ)

قَالَ: بَطِناتِه: مَحاجُّه. والبَطْنُ: الشَّقُّ الأَطوَلُ من الرِّيشَةِ، وجِمُعها: بُطنانٌ. والبُطنانُ أيضاً من الرِّيشِ: ما كانَ بَطنُ القُذَّةِ منه يَلِي بَطْنَ الأُخْرَى. وقِيلَ: البُطْنانُ: ما كان تَحتَ العَسِيبِ. وقَالَ أَبو حنيفةَ: البُطنانُ من الرِّيشِ: الذي يَلِي الأَرْضَ إذا وَقَعَ الطّائرُ، أو سَفَعَ شيئاً، أو جَثَمَ على بَيْضِه أو فِراخِه، والظُّهارُ والظُّهْرانُ: ما جُعِلَ من ظَهرِ عَسِيبِ الرِّيشِة. وأَبْطَنَ الرَّجُلُ كَشْحَه سَيْفَه، وبسَيْفِه: جَعَلَه بِطانَتَه. وبَطَنَ ثَوْبَه بثَوْبٍ آخَرَ: جَعَلَه تَحْتَه. والأَبْطَنانِ: عرِقانُ مُسْتبْطنا بَواطِنِ وَظِيفَي الذِّراعَيْنِ حَتَّى يَنْغَمِساَ في الكَفَّيْنِ. والبِطانُ: حِزامُ الرَّحْلِ والقَتَبِ، وقِيلَ: هو للبَعيرِ كالحزِامِ للدَّابَّة، والجَمعُ: أَبْطنَةٌ، وبُطُنٌ. وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه: شَدَّ بِطانَه، قَالَ ابنُ الأَعرابِيّ وَحْدَه: أَبْطَنْتُ البَعِيرَ، ولا يُقالُ: بَطَنْتُه بغَيرِ ألِفٍ. وإنَّه لَعَريضُ البِطانِ، أي: رَخِيُّ البَالِ. ورَجُلٌ بَطِنٌ: كَثِيرُ المَالِ. والبَطِنُ: الأَشِرُ. والبَطْنَةُ: الأَشَرُ والبَطَرُ. وفي المَثَلِ: ((البِطْنَةُ تُذْهِبُ الفِطْنَةَ)) . وقد بَطِنَ. وشَأْوٌ بَطِينٌ: وَاسِعٌ. والبُطَيْنُ: نَجْمٌ من نُجومِ السَّماءِ، وهو بَطْنُ الحَمَلِ فِيما يُقالُ، والعَربُ تَزْعُمُ أَنَّ البُطَيْنَ لا نَوْءَ له إلاّ الرِّيحُ. والبُطَيْن: فَرَسٌ مَعروفٌ من خَيْلِ العَرَب، وكذلك البِطانُ وهو ابنُ البُطَينِ. والبَطِينُ: رَجَلٌ من الخَوارجِ. والبُطَيْنُ الحَمْصِيُّ: من شُعَرائَِهم.
بطن:
بَطّن بالتضعيف. بَطّن بقطن: جعل للثوب بطانة من قطن، (بوشر) وبطن بفرو: جعل له بطانة من فرو (بوشر). وبَطّن: جعل للثوب بطانة (الكالا) وفيه لباس مبطن: له بطانة من قطن أو فرو. - وبَطّن: جعل للثوب بطانة من جلد (الكالا) وألبسه كساء قصيراً (الكالا) - وبطّن علي: أخفى (فوك) - وبطن: كسى باطن السقف بالجص (جصصه) (شيرب ديال ص71) ومنه: تبطان وهو كسوة باطن السقف بالجص (تجصيصه). - ويقول الادريسي في كلامه عن صومعة كسيت واجهتها بنوع من الحجارة (ص31): ووجه هذه الصومعة كله مبطن باللذان اللكي.
وبطّن الفرس: أزال شعب الحافر عند تنعيله (وضع حديدة الحافر) (ابن العوام 2: 562).
وبطّن النسيج: طرقه وكبسه وصقله (الكالا) والفعل بهذا المعنى ليس من أصل عربي بل هو كما أشار إلى ذلك سيمونيه (ص274) وهو مصب الفعل الأسباني: batanar ( المشتق من الاسم bat?n) وهو باللاتينية القديمة: batare وباللاتينية batere و batuere. باطنه: شاركه فيما يبطنه (أي يخفيه) وتآمر معه (معجم البيان، تاريخ البربر 1: 337) وفي ابن حيان (ص95و): أظهر اللعين عمر بن حفصون النصرانية وباطن العجم نصرى (نصارى) الذمة.
أبطن: دعا بالسر، ففي تاريخ بني الأغلب ص60: ظهر بكتابه يدعو للرضى من آل محمد ويبطن الدعوة لعبيد الله المهدي.
ولم يتضح لي معنى هذا الفعل في عبارة محمد بن الحارث ص317 وهي: وتوفي الأمير رحمه الله وموسى ابن زياد خامل وذلك إنه نظر فيما لا يعنيه وتكلم فيما لم يستشر فيه من مهمات الأمور وعظيمات الأشياء مما تَنْبَني به الخلافة وتقوم به الإمارة، وأبطن من ذلك شيئاً فأعقبه الله في ذلك بشر عقبا.
تَبَطّن على فلان: تدلس عليه (محيط المحيط) استبطن: قارن مع لين ما جاء في تاريخ البربر (2: 331): ((واتخذ منه ثوباً للباسه في الجمع والأعياد يستبطنه بين ثيابه)). أي يلبسه مخفياً بين ثيابه.
وفي المستعيني انظر جفت البلوط: هو المستبطن لقشرة ثمره (ثمرته) الملفوف على نفس جرم البلوط.
واستبطن بأشهب بازل = بُلِيّ بأشهب بازل (انظر لين في مادة بازل) معجم البلاذري.
بَطْن. ذو البطن: الجنين. ففي المقدمة (1: 200) ((إن ذا بطن بنت خارجة أراها جارية)) أي: ما في بطن (امرأتي) بنت خارجة فيما أرى.
وبطن: حمل وهو ما تحمله الأنثى في بطنها من الأجنة عند حبلها يقال مثلاً هم من فرد بطن أي من نفس الحمل (بوشر، كليلة ودمنة ص217). وفي معجم الكالا: نفيسة من أول بطن: أي نفيسة بكر أمها أي من أول حمل حملته. - ويقال لكل جنية من النبات والأشجار ذوات الثمر: بطن (ابن العوام 1: 172، 2: 128) - ولحقته البطن = أخذه بطنه في معجم فريتاج، ألف ليلة 1: 17) - وبطنه مشي: ذرب - وشرب دوا مشّى بطنه أربع خمس مرات: أي شرب دواء جعله يختلف إلى المرحاض أربع أو خمس مرات (بوشر) - وبطن الشيء: وسطه يقال في بطن السوق أي في وسطه (ألف ليلة 1: 233) - وداخل الشيء، يقال مثلاً: طلب بطن الأرض، أي أراد الاختفاء داخل الأرض (تاريخ البربر 2: 522) وفي حيان بسام (1: 23ق) واختفوا في بطون الأرض حتى قل بالنهار ظهورهم. - وجوف، قعر الكهف، ففي ألف ليلة في الكلام عن أرض فيها كهوف: فرأيتها خالية البطون، وفسرها لين بما معناه: خالية التجاويف أو الغيران. وتطلق لفظة ((بطن)) تقريباً على كل القنوات التي تجري في الأرضين متجهة من الجنوب نحو الشمال، كما تسمى ((بطن)) الارضون الواقعة بين النيل ومرتفعات ليبيا. (صفة مصر 16: 13).
وبطن: خلع (سَجَق) مصير (مصران) غليظ محشو بلحم الخنزير، وهي في معجم الكالا: بطن محشي (معجم الأسبانية ص236). غير أن لفظة بطن وحدها أو بطن خنزير تدل على نفس هذا المعنى. ففي ابن البيطار (2: 51): وهو سمك بحري الطري منه إن أخذ وصير في بطن خنزير وخيط البطن الخ. وهذا ترجمة لفقرة من كلام باليونانية لديسقوريدوس.
وبطن: كرة زجاجية تستعمل للتقطير (ابن العوام 2: 392 وما يليها، 397).
وبطون الدماغ: تجاويف الدماغ (المقدمة 2: 364، ومعجم المنصوري انظر: سكتة) وبطنا القلب: تجويفا القلب. ففي معجم المنصوري (انظر بطن): فبطون الدماغ هي تجاويف مملوءة بخاراً يسميه الأطباء روحاً نفسانياً. وبطنا القلب تجويفان فيه مملوء دماً وهو الأيمن والآخر وهو الأيسر مملوء دماً رقيقاً وبخاراً يسمي الأطباء مجموعها روحاً حيوانياً.
بطن الساق: المأبض، القسم الخارجي من الركبة.
وبطون الأوراق = الكتب (كرتاس 120) وداء البطن: السعار، وهو مرض الجوع الشديد يصحبه ضعف (بوشر).
وعبد البطن: الشره، النهم (بوشر) وفي النويري ص170ق: على أن تقيموا ببلادها فتقلبوها بغاراتكم ظهراً لبطن: أي تجعلون عاليها سافلها.
بَطِن (في معجم الكالا patîn وفي اللاتينية الاولى patinus) وتجمع على بَطِنات: حذاء من خشب (فوك، الكالا) - وبَطِن ويجمع على بطنات أيضاً (من اللاتينية potina) صحن، صحفة (الكالا).
بِطْنَة، أهل البِطَن: ذوو البطون الكبيرة الذين يكثرون من الأكل (المقري 2: 205).
بِطَن الفَرَس (مصطلح طبي): وهو الزبل تدفن به القوارير المملوءة دواء (محيط المحيط). بطني: بَطِين، ذو البطن الكبير (فوك، الكالا).
استسقاء بطني: سقي، حبن، اجتماع سائل في أسفل البطن (بوشر).
بَطْنِيَّة: حزام (ما يشد به وسط الجسم) (فوك).
بَطْنَنَة: شره، نهم (همبرت 245).
بَطْنانيّ: شره، نهم (هلو) تلقامة (بوشر) أبيقوري، منغمس في الملذات المادية (بوشر).
بُطْنينيّ: شره، نهم (همبرت).
بطنجها: بطن كبير، كرش (بوشر).
بِطَان: سقف، باطنة السقف. (شيرب ديال 71).
بَطَانَة (أسبانية) صَحيفة الكأس وهي صحن من الزجاج تغطى بها الكأس (الكالا) وصحن صغير، صحيفة (الكالا) قارن كرتاس 37). وادوات المطبخ والبيت (الكالا وتجمع على بطانات) وسفساف، شيء لا طائل فيه (الكالا).
بِطَانَة: حَوَر، جلد حمل مدبوغ يستعمل بطانة للثياب (معجم الأسبانية 231 - 232) البَطائِن: يظهر أنها كانت اسماً لنسيج خاص (معجم الأسبانية 61 - 62، الثعالبي لطائف 72 وما يليها، المكتبة الجغرافية العربية 1: 168) حيث ترجمتها بالفارسية آستر أي نسيج رقيق يتخذ بطانة للملابس. وهذا المعنى الذي يتفق مع أصل الكلمة هو المعنى الصحيح فيما يظهر. وما يذكره الثعالبي عنها يحمل على الظن أن البطائن كانت من النسيج الموصلي (الموسلين) البالغ الرقة من النوع الذي لا يزال ينسج في الهند والذي ينقلونه في سفن البامبو. (انظر: Das Ausland 1872 رقم ص95).
وبطائن: لذائذ الأطعمة: (همبرت 245) وبطانة: قطعة من الخشب ترتفع في داخل جؤجؤ السفينة وداخل حاملة السكان. وقد وضعت هناك لكي يشد الجؤجؤ وحاملة السكان بالصالب (وهو العارض الرئيس الذي يمتد على طول قعر السفينة. والكلمة الأسبانية " albitana" ( البطانة) تعني نفس هذا المعنى (معجم الأسبانية 71).
وبطانة: شبكة كبيرة للصيد، والكلمة البرتغالية alvitana ( الفيتانة) تعني نفس هذا المعنى. (معجم الأسبانية 188).
وحَوَّلَ على البطانة: جعل البطانة ظهارة. جعل الداخل خارجاً (الكالا).
بَطانِيَّة: جلد غنم بصوفه (اسبينا، مجلة الشرق والجزائر 8: 155، وهو يكتبها أولا " btana" وبعد ذلك: " batania" غطاء من الصوف مبرقش أو مخطط بألوان (بُرجُد) (معجم الأسبانية 62، دى جوبرن 117) ورداء مبطن للأولاد، ورداء القسس (بوشر).
بَطِيني: بطين، عظيم البطن (فوك) وشره، نهم (همبرت 245) وفي معجم بوشر بُطِيني.
باطن. في باطنه: سراً. ففي ابن حيان 15ق: وتراخى عبد الرحمن في باطنه عن سد حبس ولده محمد فكسره وانطلق هارباً عنه في الليل.
وباطن: عقلي، ذهني، وجداني - وباطناً: عقلياً، ذهنياً، وجدانياً (بوشر).
واستأجر من باطن وأجر من باطن: استأجر من المستأجر (لا من صاحب الملك) وأجّر المستأجرُ إلى مستأجر آخر (بوشر).
ولم يتضح لي معنى هذه الكلمة في هاتين العبارتين من ألف ليلة. ففي (4: 259) منها: ((وكان نور الدين باطنه بكر عمره ما شرب خمراً إلا في تلك الساعة. (وكذلك جاءت هذه العبارة في طبعة برسل) وفي طبعة برسل (4: 71) حيث يدور الكلام على مركب: ((وأكريت لها ريس من باطني)) باطني: معي، مصير (بوشر).
باطون: معادٍ (هلو).
مُبَطّنة: كساء مبطن بالفرو (معجم بدرون، المكتبة الجغرافية العربية 1: 138، ياقوت 2: 792).
بطن
بطَنَ يَبطُن، بُطونًا وبَطْنًا، فهو باطِن، والمفعول مبطون (للمتعدِّي)
• بطَن عيبٌ ونحوُه: خَفِيَ واستتر، خلاف ظهر "بطَنت الفواحِشُ- {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} - {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} ".
• بطَن الأمورَ وغيرَها: جرَّبها وعرفها، خبرها وعرف بواطنَها "لا يمكن أن يقع في حبائله مادام قد بطَنه".
• بطَن الدَّاءُ الشَّخصَ: أصاب بطنَه. 

بطُنَ يَبطُن، بَطانةً، فهو أبطن وبَطين
• بطُن الشَّخصُ: عَظُم بَطْنُه، ظَهَر له بَطْن ضَخْم "رجلٌ أبطنُ: ضخم البطن". 

بطِنَ يَبطَن، بَطَنًا، فهو بَطِن
• بطِن المريضُ: أصابه داءُ البَطْن، أُصيب بألم في بطنه. 

أبطنَ يُبطن، إبطانًا، فهو مُبطِن، والمفعول مُبطَن
• أبطن الكُفْرَ وغيرَه: أخفاه وكتمه "يُظهر خلافَ ما يُبطن".
• أبطن الثَّوبَ وغيرَه: جعل له طبقة رَقيقة واقية داخليًّا. 

استبطنَ يستبطن، استِبطانًا، فهو مُستبطِن، والمفعول مُستبطَن
• استبطن الأمرَ: عرَف باطِنَه، ووقف على حقيقته "استبطن نيّات صديقه".
• استبطن السِّرَّ: أخفاه في نفسه، احتفظ به في دَخيلة نفسه "استبطن المتآمرون السّرّ للوقت المناسب". 

بطَّنَ يبطِّن، تبطينًا، فهو مُبطِّن، والمفعول مُبطَّن
• بطَّنَ الثَّوبَ وغيرَه: أبطنه، جعل له طبقة رَقيقة واقية داخليًّا "بطَّن مِعْطفًا" ° تبطين آبار البترول: وقايتها ببِطانة- كلامٌ مُبَطَّن: ظاهره خلاف باطنه خفيّ يحتمل التأويل، فيه تلميح.
• بطَّن النَّسِيجَ: طرَقه، وكيَّسَه وصَقَله. 

أبطنُ [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من بطُنَ. 

استِبْطان [مفرد]:
1 - مصدر استبطنَ.
2 - (نف) ملاحظة داخِليّة وتأمّل ذاتيّ للحالات الشعوريّة التي يحسّ بها الشّخص. 

استِبْطانيَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من استِبْطان.
• الاستِبْطانيَّة: (نف) المنهج الذي يعتمد التّأمّل الذَّاتيّ للحالات الشُّعوريّة. 

باطِن [مفرد]: ج أَبْطِنَة وبَواطِنُ، مؤ باطِنة، ج مؤ بَواطِنُ: اسم فاعل من بطَنَ ° العقلُ الباطِن: اللاشعور، اللاّوعي- المستأجِر من الباطن: المستأجِر من مستأجِر- باطِنًا: سرًّا وخفاءً- باطِن الأرض/ بواطن الأرض: أعماقها- باطن الإنسان: طوِيَّته، دخيلته- باطن الجسم: داخله- باطِن القدم: وجهها الأسفل، ما يطأ الأرضَ منها- باطِن الكفّ: راحة اليَد، داخلها- بواطن الأمر: خفاياه، وجوهه غير الظاهرة- في باطن الأمر: في الحقيقة- في باطن نفسه: في داخله، في سِرّه- مُقاوِل من الباطن: يعمل من خلال مُقاوِل آخر، مقاول يأخذ بشكل تبعيّ قسمًا من أعمال مقاول أصْليّ أو هو مقاول يحلُّ محلّ مقاول تعهَّد عملاً- وقَفت على بواطنه: عرفت خفاياه.
الباطِن: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي لا يُحَسّ، وإنّما يُدرَك بآثاره وأفعاله، والذي لا يُعلم كُنْه حقيقته للخلق، والعالم ببواطن الأمور والمطّلع على حقيقة كلّ شيء " {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَــالْبَاطِنُ} ".
• علم الباطِن: (سف) معرفة الأمور الخفيَّة. 

باطِنة [مفرد]: ج بَواطِنُ:
1 - مؤنَّث باطِن.
2 - سريرة الإنسان، أو مكنون صدره. 

باطِنيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى باطِن ° باطنيّ النُّموّ: داخليّ النموّ- تأمّل باطِنيّ: فحص المرء أفكاره ودوافعه وشعوره.
2 - جوفيّ، تحت سطح الأرض، أو تحت سطح الماء.
3 - (سف) من أتباع الباطِنــيَّة.
• طِبّ باطِنيّ: (طب) فرع من الطبّ يهتم بتشخيص الأمراض التي تصيب الأعضاء الداخليّة للجسم وما تسبِّبه
 من آفات واضطرابات، وهو يختص بالتشخيص والعلاج غير الجراحيّ "مرض باطِنيّ: داخِليّ". 

باطِنيَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من باطِن.
الباطنــيَّة: مجموعة فرق إسلاميَّة مبتدعة تعتقد أنّ للشَّريعة ظاهرًا وباطنًا وأنَّ لكلِّ ظاهرٍ باطنًا ولكلِّ تنزيل تأويلاً. 

بِطان [مفرد]: ج أَبْطِنَة: نِطاق، حزام يُشدُّ على البطن ° رَجُلٌ عريض البِطان: رخيّ البال. 

بَطانَة1 [مفرد]: مصدر بطُنَ. 

بَطانَة2/ بِطانَة [مفرد]: ج بَطائِنُ:
1 - ما يُبَطَّن به الثَّوبُ وغيرُه من الدَّاخِل، ما تحت الظِّهارة " {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} " ° بطانة بنطلون: شريط متين يُخاط عند ملتقى السَّاقين لمنع البلى- بطانة كعْب: صفيحة من الفلِّين توضع تحت كعب حذاء لتقويته.
2 - (شر) طبقة طلائيّة تُبطِّن جميع الأوعية الدَّمويّة واللِّمفاويّة ° بطانة الرَّحم: نسيج يغشى التجويف الرّحميّ.
• بِطانَة الملك ونحوه: حاشيته، خاصّته وأهل ثقته، مَنْ يحيطونه ويلازمونه وهم مُقرَّبون إليه ولا يُحجب عنهم سرّ " {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} "? فلان بطانة فلان: مؤانس له. 

بَطَّانيَّة [مفرد]: ج بَطّانيّات وبَطاطينُ: غطاء من الصّوف أو غيره يُلتحف به للوقاية من البرد. 

بَطْن [مفرد]: ج أَبْطُن وبُطْنان وبُطون:
1 - مصدر بطَنَ.
2 - (شر) جزء من الجسم واقع بين الصَّدر والحوض، وفيه الأحشاء والأمعاء، ويقابله الظَّهر (مذكّر وقد يُؤنّث) "مَا مَلأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ [حديث]- {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} - {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا} " ° داء البطن: سُعار، جوع مرضيّ- بقر بطنه: شقّه وفتحه- رقبتا البطن: ما بين الخاصرة والرفغ من الجانبين- زقزقت عصافير بطنه: جاع- عبدُ البطن/ ابن بطنه: الشَّرِه، النَّهِم- فلانٌ لا يفكِّر إلاّ في بطنه: لا ينشغل إلاّ بما يأكل ويشرب.
3 - مَرَّةُ واحدة من النِّتاج "وَلدتْ بَطْنًا واحدًا" ° ذو البطن: الجنين، ما تحمله الأنثى في بطنها من الأجنّة عند حملها.
4 - فرع من العَشيرة، جماعة دون القبيلة "بُطون قريش" ° فلان بطن فلان: أي خَصّه وآثره بمودّته على غيره.
• البَطْن من كلِّ شيء: جَوْفه، داخِله، عكْسه الظَّهر "بَطْن الأرض: ما انخفض منها، جوفها- بُطون الجبال- {بِبَطْنِ مَكَّةَ} "? ألقى الرَّجلُ ذا بطنه: كناية عن الرجيع- بطنا القلب: تجويفا القلب- بطن السَّاق: مَأْبِضها، باطن الرُّكبة- بَطْن اليد: راحتها- بطون الدِّماغ: تجاويف الدِّماغ- بناتُ البطون: الأمعاء- بياض البطن: شحم الكُلَى وغيره- في بُطون الكتب: داخلها- قلَب الأمرَ ظَهْرًا لبَطْن: اختبره. 

بَطَن [مفرد]:
1 - مصدر بطِنَ.
2 - (طب) مرض يصيب البَطْنَ. 

بَطِن [مفرد]:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من بطِنَ.
2 - نَهِم لا يهمُّه إلاّ ملء بطنه بالطّعام والشّراب. 

بِطْنَة [مفرد]: ج بِطْنات
• البِطْنَة: الامتلاء الشَّديد من الطَّعام "البِطْنَة تذهب الفطنة [مثل] ". 

بُطون [مفرد]: مصدر بطَنَ. 

بَطين [مفرد]: ج بِطان:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من بطُنَ: أبطن، ضخم البطن.
2 - شَرِه، نَهِم، أَكول، لا يهمُّه إلاّ بَطْنُه. 

بُطَيْن [مفرد]:
1 - تصغير بَطْن.
2 - (شر) أحد التجويفين السُّفليَّين للقلب اللذين يجتمع فيهما الدَّم ثمّ يدفع في الشّرايين، وهما بُطينان: أيمن وأيسر "جدار بُطينيّ". 

تَبَطُّن [مفرد]: (سف) تحويل ما هو موضوعيّ إلى ذاتيّ بحيث يُدرك إدراكًا باطنًا. 

مِبْطان [مفرد]: مؤ مِبْطان ومِبْطانَة:
1 - صيغة مبالغة من بطُنَ: عظيم البَطْن.
2 - كثير الأكل، شَرِه، أَكول "رجل مِبْطان- امرأة مِبْطان/ مِبْطانَة". 

مبطون [مفرد]:
1 - اسم مفعول من بطَنَ.
2 - عليل البَطْن، أو مَنْ به إسهال يمتدّ أشهرًا لضعف المَعِدة "المَبْطُونُ شَهِيدٌ
 [حديث] ". 

بطن

1 بَطُنَ, aor. ـُ (K,) inf. n. بَطَانَةٌ, (TA,) He (a man) was, or became, big, or large, in the belly, (K, TA,) in consequence of much eating. (TA.) b2: And بَطِنَ, aor. ـَ inf. n. بَطَنٌ, He (a man) was, or became, big, or large, in the belly, in consequence of satiety, (S, TA,) and disordered therein: (TA:) he was, or became, in a state of repletion, or much filled with food. (TA.) b3: b4: And [hence,] بَطِنَ signifies also (tropical:) i. q. أَشِرَ and بَطِرَ [He exulted, or exulted greatly, or excessively, and behaved insolently and unthankfully, or ungratefully: &c.]. (TA.) b5: بُطِنَ He (a man, S, TA) had a complaint of, or a disease in, or a pain in, his belly. (S, Msb, TA.) A2: بَطَنَهُ, (S, K,) aor. ـُ (S, TA,) inf. n. بَطْنٌ, (TA,) He struck, or beat, his belly; as also بَطَنَ لَهُ, (S, K,) accord. to some, or the ل is added [only] in verse; (S;) and ↓ بطّنهُ, (K,) inf. n. تَبْطِينٌ. (TA.) b2: It (a disease) entered into him: [as though it penetrated into his belly: see 10:] in this sense it has for its inf. n. بُطُونٌ. (TA.) And بَطَنَتْ بِهِ الحُمَّى The fever produced an effect within him. (TA.) b3: He entered into it; namely, a valley; (S, TA;) in which sense it has for its inf. n. بَطْنٌ; and ↓ تبطّنهُ signifies the same: or the latter, he went about in it; namely, the valley; as also ↓ استبطنهُ. (TA.) b4: (tropical:) [He penetrated into it mentally;] he knew it; (Msb, K, TA;) namely, the news or story, or the state or case, of another: (K, TA:) (tropical:) he knew the inward, or intrinsic, state or circumstances thereof; (S, Msb, TA;) i. e., of a case, or an affair; (S, TA;) as also ↓ استبطنهُ: (K, A, TA:) and ↓ تبطّنهُ (assumed tropical:) he entered into it so that he knew its inward, or intrinsic, state or circumstances. (Ham p. 688.) b5: بَطَنَ بِفُلَانٍ, accord. to the S and M, but in the K مِنْ فُلَانٍ, (TA,) (tropical:) He became one of his particular, or special, intimates, friends, or associates, (S, K, TA,) entering into his affair [or affairs]: (TA:) or بَطَنَ بِهِ, aor. ـُ inf. n. بُطُونٌ and بَطَانَةٌ, means (assumed tropical:) he entered into his affair [or affairs]. (TA.) b6: And بَطَنَ, (Msb, K,) aor. ـُ said of a thing, (Msb,) It was, or became, unapparent, hidden, concealed, or covert; (K, TA;) contr. of ظَهَرَ. (Msb.) b7: See also 4.2 بطّنهُ, inf. n. تَبْطِينٌ: see 1. b2: See also 4. b3: He put a بِطَانَة, i. e. a lining, to it; namely, a garment, or piece of cloth; (S, K;) as also ↓ ابطنهُ. (K.) b4: بطّن لِحَيَتَهُ, inf. n. as above, He took, or cut off, from that part of his beard which was beneath the chin and lower jaw. (Sh, Nh, TA.) Accord. to the copies of the K, تَبْطِينُ اللِّحْيَةِ signifies the not doing so: but this is wrong. (TA.) 3 بَاطَنْتُ صَاحِبِى i. q. شددته [app. a mistranscription for شَاوَرْتُهُ, meaning (assumed tropical:) I consulted with my companion in order to know what was in his mind]. (TA.) 4 ابطن البَعِيرَ, (IAar, S, K,) inf. n. إِبْطَانٌ, (S,) He bound, or made fast, the camel's بِطَان [or belly-girth]; (S, K;) as also ↓ بطّنهُ, accord. to the copies of the K; but this is a mistake for ↓ بَطَنَهُ, aor. ـُ inf. n. بَطْنٌ; which last verb, however, though said by Az to be a dial. var., is disallowed by IAar and by AHeyth. (TA.) b2: أَبْطَنْتُ السِّيْفَ كَشْحِى (S, TA) I put the sword beneath my waist. (TA.) And ابطن كَشْحَهُ سَيْفَهُ (assumed tropical:) He made his sword to be his ↓ بِطَانَة [app. meaning his secret companion]. (TA.) [This seems to be from the phrase next following.] b3: أَبْطَنْتُ الرَّجُلَ (assumed tropical:) I made the man to be one of my particular, or special, intimates, friends, or associates; (S, TA; *) took him as a بِطَانَة. (TA.) One says also, فُلَانًا دُونَكَ ↓ اِسْتَبْطَنْتُ (Ham p. 688; [there rendered by خامصته, app. a mistranscription for خَصَصْتُهُ; meaning (assumed tropical:) I took, or chose, such a one particularly, or specially, for my companion, in preference to thee: it is said in explanation of the phrase مُسْتَبْطِنًا سَيْفِى, which seems to mean (assumed tropical:) taking my sword as my special companion, or putting it beneath my waist; so that سَيْفَهُ ↓ استبطن is similar to one, or both, of two phrases mentioned above in this paragraph.]) b4: See also 2.5 تبطّن He filled the [meaning his] belly. (Har p. 176.) b2: تبطّن جَارِيَةً (Sh, S, TA) He made his بَطْن to be in contact with that of a girl, skin to skin: (Sh, TA:) or inivit puellam; i. e. أَوْلَحَ ذَكَرَهُ فِيهَا. (TA.) b3: تبطّن الكَلَأَ He was, or became, in the middle, or midst, of the herbage: (TA:) or he went round about in the herbage. (S.) See also 1, in two places.6 تباطن It (a place) was far-extending; one part thereof being remote from another. (TA.) 8 اِبْتَطَنْتُ النَّاقَةَ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ I assisted the she-camel in bringing forth, or delivered her of her young, ten times. (S, TA. [Golius and Freytag render the verb by “ ventre enixa fuit: ” and the former renders the phrase above (incorrectly printed in his Lex.) by “ peperit camela decem vicibus. ”]) 10 استبطن الفَرَسَ He sought to find what young was in the belly of the mare. (TA.) b2: استبطن الفَحْلُ الشُّوَّلَ The stallion covered the she-camels raising their tails, so that they conceived, or received his seed into their wombs; as though [meaning] he deposited his seed in their bellies. (TA.) b3: استبطنهُ He, or it, entered [or penetrated] into his, or its, belly, or interior; [or was, or became, or lay, within it;] like as the vein enters [or penetrates] into [or lies within] (يَسْتَبْطِنُ) the flesh. (A, TA.) You say, اِسْتَبْطَنْتُ الشَّىْءَ [I entered, or penetrated, into the thing, whether actually or mentally]. (S.) See 1, in two places. b4: See also 4, in two places. b5: اِسْتِبْطَانٌ also signifies The having, or holding, [a thing] concealed within. (PS.) [This explanation seems to be given to show that, in the opinion of the author of the PS, اِسْتَبْطَنْتُ الشَّىْءَ in the S means I had, or held, the thing concealed within.]

بَطْنٌ The belly, or abdomen; i. e. the part of the body which is separated from the جَوْف [i. e. chest, or thorax,] by the حِجَاب [i. e. midriff, or diaphragm]; containing the liver and the spleen and the stomach and the lower intestines &c.; (Zj in his “ Khalk el-Insán; ” [in which it is erroneously said to comprise also the lungs;]) contr. of ظَهْرٌ; (S, Msb, K;) of a man and of any animal: (TA:) of the masc. gender, (S, K,) and, accord. to AO, fem. also: (AHát, S:) pl. أَبْطُنٌ and بُطُونٌ (Az, Msb, K) and بُطْنَانٌ; (K;) the first a pl. of pauc.; and the second [as also the third] a pl. of mult., applied to more than ten. (Az, TA.) [Hence,] ذُو البَطْنِ [What is in the belly: but generally meaning] excrement, ordure, or dung. (K, TA.) You say, أَلْقَى ذَا بَطْنِهِ He (a man) ejected his excrement, or ordure. (TA.) and أَلْقَتْ ذَا بَطْنِهَا She (a woman, TA) brought forth; (K;) as also وَضَعَتْ ذَاتَ بَطْنِهَا: (TA in art. ذو:) and she (a hen) laid an egg. (K.) And نَثَرَتْ ذَا بَطْنِهَا, (T and Mgh in art. نثر,) and [elliptically]

نَثَرَتْ بَطْنَهَا, (T and A and Mgh in that art.,) She (a woman) brought forth many children. (T in that art.) And it is said in a prov., (TA,) الذِّئْبُ يُغْبَطُ بِذِى بَطْنِهِ [The wolf is envied for what is in his belly]: for one never thinks him to be hungry, but only thinks him to be in a state of repletion, because of his hostility to men and cattle, (A'Obeyd, K,) though he is sometimes distressed by hunger. (A'Obeyd. [See various readings of this prov. in Freytag's Arab. Prov. i. 500 and 501.]) مَاتَتْ فِى بَطْنٍ, a phrase occurring in a trad., means She (a woman) died in childbirth. (TA.) See also فُلَانٌ ابْنُ بَطْنِهِ. بَطَنٌ. means (assumed tropical:) Such a one is solicitous for his belly. (Er-Rághib, TA in art. بنى.) [Many phrases in which the word بَطْن occurs will be found explained under other words of those phrases; as ظَهْرٌ, and أَخَذَ, and عُصْفُورٌ, &c.] بَطْنُ الحُوتِ: see الرِّشَآءُ. b2: Also The inside, or interior, of anything; syn. جَوْفٌ: and so ↓ بَاطِنٌ; syn. دَاخِلٌ: (K:) pl. of the former as above. (TA.) Thus بَطْنُ وَادٍ means The interior of a water-course or riverbed [or valley; i. e. its bottom, in which flows, occasionally or constantly, its torrent or river]. (MA.) And بَطْنُ مَكَّةَ means The interior of Mekkeh. (Bd in xlviii. 24.) [Hence,] it is said of the Kur-án, لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ, meaning (assumed tropical:) To every verse thereof is an apparent sense and a sense requiring development. (TA.) [See ظَهْرٌ.] See also بَاطِنٌ. [And its pl. بُطْنَانٌ is also used as a sing., meaning The middle, or midst, of a thing: and the lower, or lowest, part, or the foundation. Thus,] بُطْنَانُ الجَنَّةِ means The middle, or midst, of Paradise: (S, TA:) and بُطْنَانُ العَرْشِ, The lower, or lowest, part, or the foundation, of the عرش [vulgarly held to be the throne of God]. (TA.) You say also [بَطْنُ الكَفِّ and] الكَفِّ ↓ بَاطِنُ (assumed tropical:) The palm of the hand [opposed to ظَهْرُهَا and ظَاهِرُهَا]: and [بَطْنُ القَدَمِ and]

القَدَمِ ↓ بَاطِنُ (assumed tropical:) The sole of the foot [likewise opposed to ظَهْرُهَا and ظَاهِرُهَا]: (Zj in his “ Khalk-el-Insán: ”) and بَطْنُ الحَافِرُ (S in art. نسر) and الحَافِرِ ↓ بَاطِنُ (M and K in that art.) (assumed tropical:) [The sole of the solid hoof;] the part of the solid hoof in which is the نَسْر, q. v. (S and M and K in that art.) بَطْنُ الرَّاحَةِ is well known [as another name for بَطْنُ الكَفِّ, explained above; for الرَّاحَة is often used as syn. with الكَفّ]: and الخُفِّ ↓ بَاطِنُ is [said to be] (assumed tropical:) The part of the foot of a camel or the like that is next the leg: and one says, ↓ بَاطِنُ الإِبْطِ, [meaning (assumed tropical:) The armpit, or hollow of the inner side of the shoulder-joint,] but not بَطْنُ الإِبْطِ: (TA:) [and العُنُقِ ↓ بَاطِنُ the throat.] The بَطْن of a feather is (tropical:) The long, (S,) or longer, (K,) [or wider, i. e. inner,] lateral half: pl. بُطْنَانٌ; (S, K, TA;) which is explained as signifying the parts beneath the shaft: opposed to ظُهْرَانٌ, pl. of ظَهْرٌ [q. v.]. (TA.) b3: Also A low, or depressed, tract, or portion, of land, or ground; (S, TA;) and so ↓ بَاطِنٌ: (TA:) [or a bottom, or low land; or a low, soft flat; i. e.] soft, plain, fine, low land or ground; opposed to ظَهْرٌ [q. v.]: (TA in art. ظهر:) pl. of the former, (S,) or of the latter, (K,) بُطْنَانٌ, (S, K,) a pl. of mult., (TA,) and أَبْطِنَةٌ, (K,) a pl. of pauc., and anomalous [as pl. of either]: (TA:) the former pl., in relation to land, is also used as a sing., like بَطْنٌ: (AHn, TA:) and accord. to ISh, بُطْنَانُ الأَرْضِ signifies the low, or depressed, tract, or tracts, of land, of the plain, or soft, parts thereof, and of the rugged, and of the meadows, where water rests and stagnates: and such tracts are also called بَوَاطِنُ and بُطُونٌ. (TA.) b4: بَطْنُ السَّمَآءِ and ظَهْرُ السَّمَآءِ both signify (assumed tropical:) The apparent, visible, part of the sky. (Fr, T voce ظَهْرٌ [q. v.].) A2: Also (tropical:) A tribe below that which is termed قَبِيلَة: (S, Msb, K, TA:) or next below the عِمَارَة: (S and TA voce شَعْبٌ, &c.:) or below the فَخِذ and above the عمارة: (K: [but for this I have found no other authority:]) of the masc. gender: (TA:) or [properly] fem.: but if حَيٌّ [said by some to signify a tribe, absolutely,] be meant thereby, it is masc.: (Msb:) or fem. if used in the sense of قَبِيلَة: (TA:) pl. [of pauc.] أَبْطُنٌ and [of mult.]

بُطُونٌ. (Msb, K.) [See شَعْبٌ.]

بَطَنٌ Disease of the belly, (K, TA,) being a state of enlargement thereof arising from satiety; and so ↓ بَطْنٌ; whence the phrase مَاتَ بِالبَطْنِ He died by the disease of the belly. (TA.) بَطَنٌ One whose object of care, or anxiety, is his belly: (K:) or who has an inordinate desire, or appetite, for food; (S;) whom nothing causes care, or anxiety, but his belly; (S, TA;) as also ↓ مِبْطَانٌ: (TA:) or the former, (TA,) or ↓ the latter, (S,) ever large, or big, in the belly in consequence of much eating: (S, TA:) or ↓ both signify voracious; not ceasing from eating. (K.) b2: and [hence,] (tropical:) One who exults, or exults greatly, or excessively, and behaves insolently and unthankfully, or ungratefully: (TA:) or who does so, being abundant in wealth. (K, TA.) بِطْنَةٌ Repletion; the state of being much filled with food (S, K) and drink. (So in a copy of the S.) It is said in a prov., البِطْنَةُ تُذْهِبُ الفِطْنَةَ [Repletion banishes intelligence]. (TA.) b2: and [hence,] (tropical:) Exultation, or great or excessive exultation, and insolent and unthankful, or ungrateful, behaviour. (K, TA.) b3: [Hence also,] مَاتَ فُلَانٌ بِبِطْنَتِهِ (assumed tropical:) Such a one died with his wealth complete, not having expended, or dispensed, anything thereof: or, accord. to A'Obeyd, this prov. relates to religion, and means (assumed tropical:) he went forth from the present world in a state of integrity, without any infringement of his religion. (TA.) [See also تَغَضْغَضَ, in two places.] [Hence also,] نَزَّتْ بِهِ البَطِنَةُ (assumed tropical:) Richness caused him to exult, or exult greatly, or excessively, and to behave insolently and unthankfully, or ungratefully. (TA.) البَطِنَةُ i. q. الدُّبُرُ [The back, hinder part, posteriors, &c.]. (TA.) b2: بَطِنَاتُ الوَادِى The roads, or beaten tracks, of the valley. (TA.) بِطَانٌ [The belly-girth of a camel: or] the girth of the [kind of saddle called] قَتَب, (S, K,) which is put beneath the belly of the camel, and is like the تَصْدِير to the رَحْل: (S:) or the girth of the [saddle called] رَحْل: (Msb:) pl. [of pauc.] أَبْطِنَةٌ and [of mult.] بُطْنٌ. (K.) [Hence,] اِلْتَقَتْ حَلْقَتَا البِطَانِ [The two rings of the belly-girth met]: said of a case, or an affair, that has become severe, strait, or distressing. (S.) And رَجُلٌ عَرِيضُ البِطَانِ (tropical:) A man in ample and easy circumstances; or in an easy, or a pleasant, state or condition; or easy, or unstraitened, in mind. (K, TA. [See also art. عرض.]) And مَاتَ فُلَانٌ وَهُوَ عَرِيضُ البِطَانِ, meaning, accord. to A'Obeyd, (assumed tropical:) Such a one died broad in the fleshy parts (المَلَاحِم); nothing of him having gone. (TA. [But this seems to be said of a man's dying in a state of opulence: see Freytag's Arab. Prov. ii. 601.]) بَطِينٌ, applied to a man, (K,) Big, or large, in the belly; (S, K;) as also ↓ مِبْطَانٌ: the former occurs, in a description of 'Alee, used as an epithet of praise: and signifies also big, or large, in the belly in consequence of much eating: and having the belly full; as also ↓ the latter: pl. of the former بِطَانٌ. (TA.) b2: Hence, (tropical:) Full; applied to a purse [&c.]. (TA.) You say رَجُلٌ بَطِينُ الكُرْزِ (assumed tropical:) [lit. A man having the pair of provision-bags full]; meaning (assumed tropical:) a man who conceals his travel-ling-provision in a journey, and eats that of his companion. (TA.) b3: (assumed tropical:) Far; far-extending. (S, K, TA.) So in the phrase شَأْوٌ بَطِينٌ (assumed tropical:) [A farextending heat, or single run to a goal or limit], (S, TA,) and شَوْطٌ بَطِينٌ [signifying the same]. (TA.) b4: (assumed tropical:) Wide, and low, or depressed; applied to a tract of land or ground. (Ham p. 506.) البُطَيْنُ One of the Mansions of the Moon; (S, K;) namely, the Second; (Kzw, &c.;) three small stars [e and p and n], (S, K,) disposed in the form of an equilateral triangle, (S,) as though they were three stones whereon a cooking-pot is placed, and forming the belly of the Ram; (S, K;) the appellation being made a diminutive because the Ram consists of many stars in the form of a ram; [so I here render حَمَل though it properly signifies a lamb;] the شَزَطَانِ being its two horns; and the بُطَيْن, its belly; [or, accord. to our configuration of Aries, the rump;] and the ثُرَيَّا, its rump, or tail; (S;) three obscure stars, forming the points of a triangle, in the belly of the Ram, between the شَرَطَانِ and the ثُرَيَّا; (Kzw, Mir-át ez-Zemán, &c.;) the three stars of which two are on the tail and one on the thigh of the Ram, forming an equilateral triangle. (Kzw in his description of Aries.) [See مَنَازِلُ القَمَرِ, in art. نزل.] The Arabs assert that it has no نَوْء

[here meaning effect upon the weather], except wind. (TA.) بِطَانَةٌ The lining, or inner covering, of a garment, or piece of cloth [&c.]; contr. of ظِهَارَةٌ; (S, Msb, K;) as also ↓ بَاطِنَةٌ: (JK in art. ظهر:) pl. of the former بَطَائنُ. (TA.) b2: (assumed tropical:) A secret (K, TA) that a man conceals. (TA.) One says, هُوَ ذُو بِطَانَةٍ بِفُلَانٍ, i. e. (assumed tropical:) He is one who possesses knowledge of the inward, or intrinsic, state or circumstances of the case, or affair, of such a one. (TA.) b3: (tropical:) A particular, or special, intimate, friend, or associate; (S, K, TA;) one who is particularly distinguished by entering into, and becoming acquainted with, the inward, or intrinsic, state or circumstances of one's case or affair; (TA;) an intimate and familiar friend or associate; (Zj, TA;) a confidential friend, who is consulted respecting one's circumstances: (TA:) it is from the same word in the sense first explained above, relating to a garment, or piece of cloth: (Mgh, Er-Rághib:) and is used in a pl. sense, as meaning intimate and familiar friends or associates, to whom one is open, or unreserved, in conversation, and who know the inward state or circumstances [of one's case or affair]: (Zj, TA:) or one's family; and one's particular, or special, intimates, friends, or associates. (Mgh.) You say, هُوَ بِطَانَتِى (tropical:) [He is my particular, or special, intimate, &c.]: and هُمْ بِطَانَتِى and أَهْلُ بِطَانَتِى (tropical:) [They are my particular, or special, intimates, &c.]. (A, TA.) See also 4. b4: Coupled with عَلَاوَة, it signifies What is put beneath [the things that compose the main load of a camel], such as a water-skin and the like. (TA.) b5: See also بَاطِنَةٌ.

بَاطِنٌ Unapparent; hidden; concealed; covert: (K, TA:) [and inward; inner; interior; internal; intrinsic; esoteric: in all these senses] contr. of ظَاهِرٌ. (Msb, TA.) b2: بَاطِنُ أَمْرٍ [The inward, or intrinsic, state or circumstances, of a case or an affair]; (TA, &c.;) [and so أَمْرٍ ↓ بَطْنُ; whence the phrases,] أَفْرَشَنِى ظَهْرَ أَمْرِهِ وَبَطْنَهُ (assumed tropical:) [He displayed, or laid open, to me the outward state or circumstances of his case or affair, and the inward state or circumstances thereof]; and هُوَ مُجَرِّبٌ بَطْنَ الأُمُورِ (assumed tropical:) [He is one who possesses experience of the inward, or intrinsic, state or circumstances of affairs], as though he hit their bellies by his knowledge of their true, or real, states or circumstances. (TA.) b3: البَاطِنُ [The internal, inward, or intrinsic, state, condition, character, or circumstances, of a man: and the heart, meaning the secret thoughts; the recesses of the mind; the state of mind; the inward, or secret, disposition of the mind: opposed to الظَّاهِرُ. b4: Also,] an epithet applied to God, meaning He who knows the inward, or intrinsic, states or circumstances of things: (S:) or He who knows the secret and hidden things: or He who is veiled from the eyes and imaginations of created beings. (TA.) b5: [بَاطِنًا Covertly; secretly.] b6: See also بَاطِنَةٌ, in eight places. b7: بِطَانَةٌ also signifies A water-course, or place in which water flows, in rugged ground: pl. بُطْنَانٌ (K) and بُطْنٌ. (TA.) بَاطِنَةٌ: see بِطَانَةٌ. b2: Also The middle, and the retired part, of a كُورَة [i. e. province, or district, or city]: in the copies of the K erroneously written ↓ بِطَانَة, and explained as meaning the “ middle of a كورة. ” (TA.) الأَبْطَنُ A certain vein in the interior of the arm of the horse; one of two veins which are called الأَبْطَنَانِ: (S:) accord. to AO, these are two veins that penetrate into the interior of the arm until they become hidden among the sinews of the shank. (TA.) مُبَطَّنٌ, applied to a man, Lank in the belly: (S, K, TA:) fem. with ة. (S.) b2: Applied to a horse, White in the back and belly. (K.) b3: Lined; having a بِطَانَة put to it. (TA.) مِبْطَانٌ: see بَطِينٌ, in two places: and see بَطِنٌ, in three places.

مَبْطُونٌ Having a complaint of, or a disease in, or a pain in, his belly: (S, Mgh, Msb, K:) one who dies of disease of his belly, as dropsy and the like: such is reckoned a martyr. (TA.)

بطن: البَطْنُ من الإنسان وسائِر الحيوان: معروفٌ خلاف الظَّهْر،

مذكَّر، وحكى أَبو عبيدة أَن تأْنيثه لغةٌ؛ قال ابن بري: شاهدُ التذكير فيه

قولُ ميّةَ بنتِ ضِرار:

يَطْوي، إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه،

بَطْناً، من الزادِ الخبيثِ، خَميصا

وقد ذَكرْنا في ترجمة ظهر في حرف الراء وجهَ الرفع والنصب فيما حكاه

سيبويه من قولِ العرب: ضُرِبَ عبدُ الله بَطْنُه وظهرُه، وضُرِبَ زيدٌ

البطنُ والظهرُ. وجمعُ البَطْنِ أَبطُنٌ وبُطُونٌ وبُطْنانٌ؛ التهذيب: وهي

ثلاثةُ أَبْطُنٍ إلى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرة لِما فوْقَ العَشْرِ، وتصغيرُ

البَطْنِ بُطَيْنٌ. والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْنِ من الطعام، وهي

الأَشَرُ من كَثْرةِ المال أَيضاً. بَطِنَ يَبْطَنُ بَطَناً وبِطْنةً وبَطُنَ

وهو بَطينٌ، وذلك إذا عَظُمَ بطْنُه. ويقال: ثَقُلَتْ عليه البِطْنةُ، وهي

الكِظَّة، وهي أَن يَمْتلِئَ من الطعام امتلاءً شديداً. ويقال: ليس

للبِطْنةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تَتْبَعُها؛ أَراد بالخَمْصَة الجوعَ. ومن

أَمثالهم: البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنةَ؛ ومنه قول الشاعر:

يا بَني المُنْذرِ بن عَبْدانَ، والبِطـ

ـنةُ ممّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما

ويقال: مات فلانٌ بالبَطَنِ. الجوهري: وبُطِنَ الرجلُ، على ما لم يسمَّ

فاعله، اشْتَكَى بَطْنَه. وبَطِن، بالكسر، يَبْطَن بَطَناً: عَظُم

بَطْنُه من الشِّبَعِ؛ قال القُلاخ:

ولم تَضَعْ أَولادَها من البَطَنْ،

ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ

والغَدَنُ: الإسْتِرخاءُ والفَتْرة. وفي الحديث: المَبْطونُ شهيدٌ أَي

الذي يموتُ بمَرَض بَطْنه كالاسْتِسْقاء ونحوه؛ ومنه الحديث: أَنَّ

امرأَةً ماتت في بَطَن، وقيل: أَراد به ههنا النِّفاسَ، قال: وهو أَظهر لأَن

البخاريّ ترْجَم عليه باب الصلاة على النُّفَساء. وقوله في الحديث: تَغْدُو

خِماصاً وتَرُوحُ بِطاناً أَي ممتَلِئةَ البُطونِ. وفي حديث موسى

وشعيبٍ، على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام، وعَوْد غَنَمِه: حُفَّلاً بِطاناً؛

ومنه حديث عليّ، عليه السلام: أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى؛

المِبْطان: الكثيرُ الأَكل والعظيمُ البطنِ. وفي صفة علي، عليه السلام:

البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيمُ البطْنِ. ورجلٌ بَطِنٌ: لا هَمَّ له

إلاَّ بَطْنُه، وقيل: هو الرَّغيب الذي لا تَنْتَهِي نفسُه من الأَكل،

وقيل: هو الذي لا يَزَالُ عظيمَ البَطْنِ من كثرةِ الأَكل، وقالوا: كِيسٌ

بَطينٌ أَي مَلآنُ، على المَثَل؛ أَنشد ثعلبٌ لبعض اللُّصوص:

فأَصْدَرْتُ منها عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ،

وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطينِ

ورجل مِبْطانٌ: كثيرُ الأَكل لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه، وبَطينٌ: عظيمُ

البَطْنِ، ومُبَطَّنٌ: ضامِر البَطْنِ خَميصُه، قال: وهذا على السَّلْب

كأَنه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه، والأُنثى مُبَطَّنةٌ، ومَبْطونٌ:

يَشْتَكي بَطْنَه؛ قال ذو الرمة:

رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّنات،

جَواعِل في البُرَى قَصَباً خِدالا

ومن أَمثالهم: الذئب يُغْبَط بِذي بَطْنه؛ قال أَبو عبيد: وذلك أَنه لا

يُظَنُّ به أَبداً الجوع إنما يُظَنّ به البِطْنةُ لِعَدْوِه على الناس

والماشِيَةِ، ولعلَّه يكونُ مَجْهوداً من الجوع؛ وأَنشد:

ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُه،

ويُغْبَطُ ما في بَطْنه وهْو جائعُ

وفي صفة عيسى، على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام: فإذا رجُل

مُبَطَّنٌ مثلُ السَّيف؛ المُبَطَّنُ: الضامِرُ البَطْن، ويقال للذي لا يَزالُ

ضَخْمَ البطنِ من كثرة الأَكل مِبْطانٌ، فإذا قالوا رَجُلٌ مُبَطَّنٌ

فمعناه أَنه خَميص البَطْن؛ قال مُتمّم بن نُوَيرة:

فَتىً غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أَرْوعا

ومن أَمثال العرب التي تُضْرَب للأَمر إذا اشتدّ: التَقَتْ حَلْقَتا

البِطانِ، وأَما قول الراعي يصف إبلاً وحالبها:

إذا سُرِّحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلفَها،

بمَيْثاءَ، مِبْطان الضُّحى غير أَرْوعا

مِبْطانُ الضُّحى: يعني راعياً يُبادِر الصَّبوح فيشرَبُ حتى يَميلَ من

اللَّبَن. والبَطينُ: الذي لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه. والمَبْطُونُ:

العَليل البَطْنِ. والمِبْطانُ: الذي لا يزالُ ضخْمَ البطنِ. والبَطَنُ: داءُ

البَطْن. ويقال: بَطَنَه الداءُ وهو يَبْطُنُه، إذا دَخَله، بُطوناً.

ورجل مَبْطونٌ: يَشْتَكي بَطْنَه. وفي حديث عطاء: بَطَنتْ بك الحُمَّى أَي

أَثَّرَت في باطنك. يقال: بَطَنَه الداءُ يبطُنه. وفي الحديث: رجل

ارْتَبَطَ فرَساً لِيَسْتبْطِنَها أَي يَطْلُبَ ما في بطنها من النِّتاج.

وبَطَنَه يبْطُنُه بَطْناً وبَطَنَ له، كِلاهما: ضرَب بَطْنَه. وضرَب فلانٌ

البعيرَ فبَطَنَ له إذا ضرَب له تحت البَطْن؛ قال الشاعر:

إذا ضرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْ،

تحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ،

فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ

أَراد فابطُنْه فزاد لاماً، وقيل: بَطَنَه وبَطَن له مثل شَكَره

وشَكَرَ له ونصَحَه ونصحَ له، قال ابن بري: وإنما أَسكن النون للإدغام في

اللام؛ يقول: إذا ضربت بعيراً مُوقَراً بحِمْله فاضْرِبْه في موضع لا يَضُرُّ

به الضربُ، فإنّ ضرْبَه في ذلك الموضع من بطْنه خير له من غيره. وأَلقَى

الرجلُ ذا بَطْنه: كناية عن الرَّجيع. وأَلْقَت الدَّجاجةُ ذا بَطْنِها:

يعني مَزْقَها إذا باضت. ونثرَت المرأَةُ بَطْنَها ولداً: كَثُر ولدُها.

وأَلقت المرأَةُ ذا بطنِها أَي وَلَدَت. وفي حديث القاسم بن أَبي

بَرَّةَ: أَمَرَ بعشَرَةٍ من الطَّهارة: الخِتانِ والاستِحدادِ وغَسْلِ

البَطِنةِ ونَتْفِ الإبْطِ وتقليم الأَظفار وقصِّ الشارب والاستِنْثار؛ قال

بعضهم: البَطِنة هي الدبُر، هكذا رواها بَطِنة، بفتح الباء وكسر الطاء؛ قال

شمر: والانتِضاحُ

(* قوله «والانتضاح» هكذا بدون ذكره في الحديث).

الاسْتِنجاءُ بالماء. والبَطْنُ: دون القبيلة، وقيل: هو دون الفَخِذِ وفوق

العِمارة، مُذَكَّر، والجمع أَبْطُنٌ وبُطُونٌ. وفي حديث علي، عليه السلام:

كَتَب على كلِّ بطْنٍ عُقولَه؛ قال: البَطْنُ ما دون القبيلة وفوق الفخِذ،

أَي كَتَب عليهم ما تَغْرَمُه العاقلة من الدِّيات فبَيَّن ما على كل قوم

منها؛ فأَما قوله:

وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ،

وأَنتَ بريءٌ من قبَائِلِها العَشْر

فإنه أَنّث على معنى القبيلة وأَبانَ ذلك بقوله من قبائلها العشر. وفرسٌ

مُبَطَّنٌ: أَبيضُ البَطْنِ والظهر كالثوب المُبطَّن ولَوْنُ سائرِه ما

كان. والبَطْنُ من كل شيء: جَوْفُه، والجمع كالجمع. وفي صفة القرآن

العزيز: لكل آية منها ظَهْرٌ وبطْن؛ أَراد بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ بيانُه،

وبالبَطْن ما احتيج إلى تفسيره كــالباطِن خلاف الظاهر، والجمع بَواطِنُ؛

وقوله:وسُفْعاً ضِياهُنَّ الوَقودُ فأَصْبَحَت

ظواهِرُها سُوداً، وباطِنُها حُمْرا

أَراد: وبواطِنُها حُمْراً فوَضع الواحدَ موضعَ الجمع، ولذلك استَجاز

أَن يقول حُمْراً، وقد بَطُنَ يَبْطُنُ. والباطِنُ: من أَسماء الله عز وجل.

وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّلُ والآخِرُ والظاهر والباطن؛ وتأْويلُه

ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في تَمْجيد الربّ: اللهمّ أَنتَ

الظاهِر فليس فوقَك شيءٌ، وأَنت الباطِنُ فليس دونَك شيء، وقيل: معناه أَنه

علِمَ السرائرَ والخفيَّاتِ كما علم كلَّ ما هو ظاهرُ الخَلْقِ، وقيل:

الباطِن هو المُحْتَجِب عن أَبصار الخلائِق وأَوْهامِهم فلا يُدرِكُه بَصَر

ولا يُحيطُ به وَهْم، وقيل: هو العالمُ بكلِّ ما بَطَن. يقال: بَطَنْتُ

الأَمرَ إذا عَرَفتَ باطنَه. وقوله تعالى: وذَرُوا ظاهرَ الإثْمِ

وباطِنَه؛ فسره ثعلب فقال: ظاهرُه المُخالَّة وباطنُه الزِّنا، وهو مذكور في

موضعه. والباطِنــةُ: خلافُ الظاهرة. والبِطانةُ: خلافُ الظِّهارة. وبِطانةُ

الرجل: خاصَّتُه، وفي الصحاح: بِطانةُ الرجل وَليجتُه. وأَبْطَنَه:

اتَّخَذَه بِطانةً. وأَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك. وفي الحديث:

ما بَعَثَ الله من نبيّ ولا استَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بِطانتانِ؛

بِطانةُ الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخِلةُ أَمره الذي يُشاوِرُه في أَحواله.

وقوله في حديث الاستسقاء: وجاء أَهلُ البِطانةِ يَضِجُّون؛ البِطانةُ:

الخارجُ من المدينة. والنَّعْمة الباطنــةُ: الخاصَّةُ، والظاهرةُ:

العامَّةُ. ويقال: بَطْنُ الراحهِ وظَهْرُ الكَفّ. ويقال: باطنُ الإبْط، ولا يقال

بطْن الإبْط. وباطِنُ الخُفّ: الذي تَليه الرجْلُ. وفي حديث النَّخَعي:

أَنه كان يُبَطِّنُ لِحْيتَه ويأْخُذُ من جَوانِبها؛ قال شمر: معنى

يُبَطِّن لحيتَه أَي يأْخذ الشَّعَر من تحت الحَنَك والذَّقَنِ، والله أَعلم.

وأَفْرَشَني ظَهْر أَمرِه وبَطْنَه أَي سِرَّه وعلانِيَتَه، وبَطَنَ

خبرَه يَبْطُنُه، وأَفرَشَني بَطْنَ أَمره وظَهْرَه، ووَقَف على دَخْلَته.

وبَطَن فلانٌ بفلان يَبْطُنُ به بُطوناً وبطانة إذا كان خاصّاً به

داخلاًفي أَمره، وقيل: بَطَنَ به دخل في أَمره. وبَطَنتُ بفلان: صِرْتُ من

خواصِّه. وإنَّ فلاناً لذو بِطانة بفلان أَي ذو علمٍ بداخلةِ أَمره. ويقال:

أَنتَ أَبْطنْتَ فلاناً دوني أَي جَعلْتَه أَخَصَّ بك مني، وهو مُبَطَّنٌ

إذا أَدخَله في أَمره وخُصَّ به دون غيره وصار من أَهل دَخْلَتِه. وفي

التنزيل العزيز: يا أَيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا بِطانةً من دونكم؛

قال الزجاج: البِطانة الدُّخَلاء الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ؛

يقال: فلان بِطانةٌ لفلان أَي مُداخِلٌ له مُؤانِس، والمعنى أَن المؤمنين

نُهوا أَن يَتَّخِذوا المنافقين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إليهم

أَسرارَهم. ويقال: أَنت أَبْطَنُ بهذا الأَمر أَي أَخبَرُ بباطِنِه. وتبَطَّنْت

الأَمرَ: عَلِمت باطنَه. وبَطَنْت الوادي: دَخَلْته. وبَطَنْت هذا الأَمرَ:

عَرَفْت باطنَه، ومنه الباطِن في صفة الله عز وجل. والبطانةُ: السريرةُ.

وباطِنةُ الكُورة: وَسَطُها، وظاهرتُها: ما تنَحَّى منها. والباطنــةُ من

البَصْرةِ والكوفة: مُجْتَمَعُ الدُّور والأَسواقِ في قَصَبتها،

والضاحيةُ: ما تنَحَّى عن المساكن وكان بارزاً. وبَطْنُ الأَرض وباطنُها: ما

غَمَض منها واطمأَنّ. والبَطْنُ من الأَرض: الغامضُ الداخلُ، والجمعُ القليل

أَبْطِنةٌ، نادرٌ، والكثير بُطْنان؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من

الأَرض واحدٌ كالبَطْن. وأَتى فلانٌ الوادي فتَبَطَّنه أَي دخل بطنَه. ابن

شميل: بُطْنانُ الأَرض ما تَوَطَّأَ في بطون الأَرض سَهْلِها وحَزْنها

ورياضها، وهي قَرار الماء ومستَنْقَعُه، وهي البواطنُ والبُطون. ويقال: أَخذ

فلانٌ باطناً من الأَرض وهي أَبطأُ جفوفاً من غيرها. وتبطَّنْتُ الوادي:

دخلْت بطْنه وجَوَّلْت فيه. وبُطْنانُ الجنة: وسَطُها. وفي الحديث: ينادي

مُنادٍ من بُطْنانُ العرش أَي من وسَطه، وقيل: من أَصله، وقيل:

البُطْنان جمع بطن، وهو الغامض من الأَرض، يريد من دواخل العرش؛ ومنه كلام علي،

عليه السلام، في الاستسقاء: تَرْوَى به القِيعانُ وتسيل به البُطْنان.

والبُطْنُ: مسايلُ الماء في الغَلْظ، واحدها باطنٌ؛ وقول مُلَيْح:

مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ من بَطِناتِه

نَوىً، مثل أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّق

قال: بَطِناتُه مَحاجُّه. والبَطْنُ: الجانب الطويلُ من الريش، والجمع

بُطْنانٌ مثل ظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ. والبَطْنُ: الشِّقُّ

الأَطولُ من الريشة، وجمعها بُطْنان. والبُطْنانُ أَيضاً من الريش: ما كان

بطنُ القُذَّة منه يَلي بطنَ الأُخرى، وقيل: البُطْنانُ ما كان من تحت

العَسيب، وظُهْرانُه ما كان فوق العسيب؛ وقال أَبو حنيفة: البُطْنانُ من

الريش الذي يَلي الأَرضَ إذا وقَع الطائرُ أَو سَفَعَ شيئاً أَو جَثَمَ على

بَيْضه أَو فِراخه، والظُّهارُ والظُّهْرانُ ما جُعِلَ من ظَهر عَسيب

الريشة. ويقال: راشَ سهمَه بظُهْرانٍ ولم يَرِشْه ببُطْنانٍ، لأَنَّ

ظُهْرانَ الريش أَوفَى وأَتَمُّ، وبُطْنانُ الريش قِصار، وواحدُ البُطْنانِ

بَطْنٌ، وواحدُ الظُّهْرانِ ظَهْرٌ، والعَسِيبُ قَضيبُ الريش في وسَطِه.

وأَبْطَن الرجل كَشْحَه سَيفَه ولسيفه: جعله بطانتَه. وأَبطنَ السيفَ كشْحَه

إذا جعله تحت خَصْره. وبطَّنَ ثوبَه بثوبٍ آخر: جعله تحته. وبِطانةُ

الثوب: خلافُ ظِهارته. وبطَّنَ فلان ثوبه تبطيناً: جعل له بطانةً، ولِحافٌ

مَبْطُونٌ ومُبَطَّن، وهي البِطانة والظِّهارة. قال الله عز وجل:

بَطائنُها من إسْتَبْرقٍ. وقال الفراء في قوله تعالى: مُتَّكِئِين على فُرُشٍ

بَطائنُها من إستبرقٍ؛ قال: قد تكونُ البِطانةُ ظِهارةً والظهارةُ بطانةً،

وذلك أَن كلَّ واحدٍ منها قد يكونُ وجهاً، قال: وقد تقول العربُ هذا ظهرُ

السماء وهذا بطنُ السماء لظاهرها الذي تراه. وقال غير الفراء: البِطانةُ

ما بطَنَ من الثوب وكان من شأْن الناس إخْفاؤه، والظهارة ما ظَهَرَ وكان

من شأْن الناس إبداؤه. قال: وإنما يجوز ما قال الفراء في ذي الوجهين

المتساويين إذا وَلِيَ كلُّ واحد منهما قوْماً، كحائطٍ يلي أَحد صَفْحَيْه

قوماً، والصَّفْحُ الآخرُ قوماً آخرين، فكلُّ وجهٍ من الحائط ظَهْرٌ

لمن يليه، وكلُّ واحدٍ من الوجهين ظَهْر وبَطْن، وكذلك وجْها الجبل وما

شاكلَه، فأَما الثوبُ فلا يجوز أَن تكونَ بطانتُه ظهارةً ولا ظِهارتُه

بِطانةً، ويجوز أَن يُجْعَل ما يَلينا من وجه السماء والكواكِب ظهْراً

وبطْناً، وكذلك ما يَلينا من سُقوف البيت. أَبو عبيدة: في باطِن وظِيفَيِ

الفرس أَبْطَنانِ، وهما عِرْقان اسْتَبْطَنا الذِّراعَ حتى انغَمَسا في

عَصَب الوَظيف. الجوهري: الأَبْطَنُ في ذِراع الفرسِ عِرْق في باطنها، وهما

أَبْطَنانِ. والأبْطَنانِ: عِرْقان مُسْتَبْطِنا بَواطِن وظِيفَي

الذراعَينِ حتى يَنْغَمِسا في الكَفَّين. والبِطانُ: الحزامُ الذي يَلي البَطْنَ.

والبِطانُ: حِزامُ الرَّحْل والقَتَب، وقيل: هو للبعير كالحِزام للدابة،

والجمع أَبطِنةٌ وبُطُن. وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه: شَدَّ بِطانه.

قال ابن الأَعرابي وحده: أَبْطَنْتُ البعير ولا يقال بَطَنْتُه، بغير

أَلف؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:

أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإبْطانَ حادجُه،

بالأَمسِ، فاستَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ

شَبَّه الظَّليمَ بجَمَل أَضْعَفَ حادِجُهُ شَدَّ بِطانِه فاسترْخَى؛

فشبَّه استِرْخاء

(* قوله «فشبه استرخاء إلخ» كذا بالأصل والتهذيب أيضاً،

ولعلها مقلوبة، والأصل: فشبه استرخاء جناحي الظليم باسترخاء عكميه).

عِكْمَيْه باسترخاء جَناحَيِ الظَّليم، وقد أَنكر أَبو الهيثم بَطَنْت، وقال:

لا يجوز إلا أَبْطَنت، واحتجَّ ببيت ذي الرمة. قال الأَزهري: وبَطَنْتُ

لغةٌ

أَيضاً. والبِطانُ للقَتَب خاصة، وجمعه أَبْطِنة، والحزامُ للسَّرْج.

ابن شميل: يقال أَبْطَنَ حِمْلَ البعيرِ وواضَعَه حتى يتَّضِع أَي حتى

يَسْترْخي على بَطْنه ويتمكن الحِمْل منه. الجوهري: البِطانُ للقَتَب

الحزامُ الذي يجعل تحت بطن البعير. يقال: التَقَتْ حَلْقَتا البطان للأَمر إذا

اشتدَّ، وهو بمنزلة التَّصدير للرحْل، يقال منه: أَبْطَنْتُ البعيرَ

إِبْطاناً إذا شَدَدْتَ بِطانَه. وإنه لعريضُ البِطانِ أَي رَخِيُّ البالِ.

وقال أَبو عبيد في باب البخيل، يموتُ ومالُه وافِرٌ لم يُنْفق منه شيئاً:

مات فلانٌ بِبِطْنَتِه لم يتَغَضْغَضْ منها شيء، ومثله: مات فلانٌ وهو

عريضُ البِطانِ أَي مالُه جَمٌّ لم يَذهَبْ منه شيءٌ؛ قال أَبو عبيد:

ويُضْرَب هذا المثلُ في أَمر الدِّين أَي خرَجَ من الدنيا سليماً لم يَثْلِمْ

دينَه شيءٌ، قال ذلك عمرو ابنُ العاص في عبد الرحمن بن عَوف لما مات:

هنيئاً لك خرَجْتَ من الدنيا بِبِطْنَتِكَ لم يتَغَضْغَضْ منها شيء؛ ضرَبَ

البطْنةَ مثلاً في أَمر الدين، وتغضْغَضَ الماءُ: نَقَصَ، قال: وقد يكون

ذمَّاً ولم يُرِدْ به هنا إلاْ المَدْحَ. ورجل بَطِنٌ: كثيرُ المال.

والبَطِنُ: الأَشِرُ. والبِطْنةُ: الأَشَرُ. وفي المَثَل: البِطْنةُ تُذْهِبُ

الفِطْنةَ، وقد بَطِنَ. وشأْوٌ بَطِينٌ: واسعٌ. والبَطين: البعيد، يقال:

شأْوٌ بطين أَي بعيد؛ وأَنشد:

وبَصْبَصْنَ، بين أَداني الغَضَا

وبين عُنَيْزةَ، شأْواً بَطِيناً

قال: وفي حديث سليمان بن صُرَد: الشَّوْطُ بَطِينٌ أَي بعيد. وتبطَّن

الرجلُ جاريتَه إذا باشَرها ولمَسَها، وقيل: تبطَّنها إذا أَوْلَج ذكرَه

فيها؛ قال امرؤُ القيس:

كأَنِّي لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ،

ولم أَتَبطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِ

وقال شمر: تبطَّنها إذا باشَرَ بطنُه بطنَها في قوله:

إذا أَخُو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها

ويقال: اسْتَبْطَن الفحلُ الشَّوْلَ إذا ضربَها فلُقحَت كلُّها كأَنه

أَوْدع نطفتَه بطونها؛ ومنه قول الكميت:

فلما رأَى الجَوْزاءَ أَولُ صابِحٍ،

وصَرَّتَها في الفجر كالكاعِب الفُضُلْ،

وخَبَّ السَّفا، واسْتبطن الفحلُ، والتقتْ

بأَمْعَزِها بُقْعُ الجَنادِبِ تَرْتَكِلْ

صرَّتُها: جماعة كواكبها، والجَنادِب ترتَكِل من شدة الرَّمْضاء. وقال

عمرو بن بَحْر: ليس من حَيَوانٍ يتبطَّنُ طَروقتَه غيرُ الإنسان والتمساح،

قال: والبهائم تأْتي إناثها من ورائها، والطيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ

بالدبر، قال أَبو منصور: وقول ذي الرمة تبطَّنَها أَي علا بطْنَها

ليُجامِعَها. واسْتبطنْتُ الشيءَ وتبَطَّنْتُ الكلأَ: جَوَّلتُ فيه. وابْتَطنْتُ

الناقةَ عشرةَ أَبطن أَي نَتجْتُها عشرَ مرات. ورجل بَطِين الكُرْز إذا كان

يَخبَأُ زادَه في السفر ويأْكل زادَ صاحبه؛ وقال رؤبة يذم رجلاً:

أَو كُرَّزٌ يمشي بَطينَ الكُرْزِ

والبُطَيْن: نجم من نجوم السماء من منازل القمر بين الشرَطَيْن

والثُّرَيَّا، جاء مصغَّراً

عن العرب، وهو ثلاثةُ كواكبَ صغار مستوية التثليث كأَنها أَثافي، وهو

بطن الحمَل، وصُغِّر لأَن الحمَل نجومٌ كثيرة على صورة الحَمَل، والشرَطان

قَرْناه، والبُطَيْن بَطنُه، والثريا أَليتُه، والعرب تزعُم أَن البُطَين

لا نَوْء له إلا الريحُ. والبَطينُ: فرس معروف من خيل العرب، وكذلك

البِطان، وهو ابن البَطين

(* قوله «وهو ابن البطين» عبارة القاموس: وهو أبو

البطين). والبَطين: رجل من الخَوارج. والبُطَين الحِمْضيّ: من

شُعَرائهم.

بطن
: (البَطْنُ) مِن الإنْسانِ وسائِرِ الحيوانِ مَعْروفٌ (خِلافُ الظَّهْرِ، مُذَكَّرٌ) .) وحَكَى أَبو حاتِمٍ عَن أَبي عبيدَةَ: أَنّ تأْنِيثَه لُغَةٌ كَمَا فِي الصِّحاحِ، فاقْتِصار المصنِّفِ على التّذْكيرِ تَقْصيرٌ.
قالَ ابنُ بَرِّي: شاهِدُ التَّذْكيرِ فِيهِ قَوْلُ ميَّةَ بنتِ ضِرارٍ:
يَطْوي إِذا مَا الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَهبَطْناً من الزادِ الخبيثِ خَمِيصاوحكَى سِيْبَوَيْه قَوْلَ العَرَبِ: ضُرِبَ عبدُ اللَّهِ بَطْنُه وظهْرُه، وضُرِبَ زيدٌ البطنُ والظهْرُ، وقالَ: يَجوزُ فِيهِ الرَّفْعُ والنَّصْبُ، وَقد ذَكَرْناه فِي ظ هـ ر. (ج أَبْطُنٌ وبُطونٌ) ؛) قالَ الأَزْهرِيُّ: وَهِي ثلاثَةُ أبْطُنٍ إِلَى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرَةٌ لمَا فَوْقَ العَشْرِ؛ (وبُطْنانٌ) ، بالضمِّ، كعَبْدٍ وعُبْدانٍ.
(و) مِن المجازِ: البَطْنُ (دونَ القَبيلةِ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ (أَو دونَ الفَخِذِ وفَوْقَ العِمارَةِ) ، مُذَكَّر. وَهُوَ قَوْلُ النَّسَّابَة.
ومَرَّ عَن الجوْهرِيّ فِي الرَّاء: أَوَّل العَشِيرَة الشّعْبُ ثمَّ القَبيلَةُ ثمَّ الفَصِيلَةُ ثمَّ العِمارَةُ ثمَّ البَطْنُ ثمَّ الفَخِذُ.
قالَ ابنُ الأثيرِ: وقسَّمَها الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ فِي كتابِ النَّسَبِ إِلَى شعبٍ ثمَّ قَبيلَةٍ ثمَّ عِمارَةٍ ثمَّ بَطْنٍ ثمَّ فخِذٍ ثمَّ فَصِيلَةٍ؛ وزادَ غيرُهُ قَبْل الشعبِ الجذمَ، وبَعْد الفَصِيلَة العَشِيرَة؛ وَمِنْهُم مَنْ زادَ بَعْدَ العَشِيرَة الأُسْرة.
قلْتُ: وَمِنْهُم مَنْ زادَ بَعْدَ الفَصِيلَة الرَّهْطِ. وقدمَ البَحْث فِي ذَلِك مُفَصّلاً فِي شعبٍ وَفِي عشر وَفِي قبل.
(ج أَبْطُنٌ وبُطونٌ) ؛) وقَوْل الشَّاعِرِ:
وإنَّ كِلاباً هَذِه عَشْرُ أَبْطُنٍ وأَنتَ بريءٌ من قَبائِلِها العَشْرِأَنَّثَ على معْنَى القَبيلَةِ، وأَبانَ ذلكَ بقوْلِه مِن قَبائِلِها العَشْرِ.
(و) البَطْنُ: (جَوْفُ كلِّ شيءٍ) ، والجَمْعُ كالجَمْعِ.
وَفِي صفَةِ القُرآنِ العَزيزِ: لكلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ؛ أَرادَ بالظَّهْر مَا ظَهَرَ بيانُه، وبالبَطْن مَا احْتِيج إِلَى تَفْسِيرِه.
(و) مِن المجازِ: البَطْنُ (الشَّقُّ الأَطْولُ من الرِّيشِ، ج بُطْنانٌ) ، كظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ، وقيلَ: بُطْنانُ الريشِ مَا كانَ تحْتَ العَسيبِ، وظُهْرانُه مَا كانَ فَوْقَه، والعَسيبُ: قَضِيبُ الريشِ فِي وسَطِه؛ وَقد ذُكِرَ ذلكَ فِي حَرْف الرَّاء.
(و) المُسَمَّى بالبَطْنِ (عِشْرونَ مَوْضِعاً) ، يقالُ فِي كلِّ واحِدٍ بَطْنُ كَذَا.
(و) البَطِنُ، (ككَتِفٍ: الأشِرُ) ، وقيلَ: هُوَ الأشِرُ (المُتَمَوِّلُ) ، وَهُوَ مجازٌ.
(و) قيلَ: هُوَ (مَن هَمُّه بَطْنُه) .) يقالُ: رجُلٌ بَطِنٌ أَي لَا هَمَّ لَهُ إلاَّ بَطْنُه.
(أَو) هُوَ (الرَّغيبُ) الَّذِي (لَا يَنْتَهي) نَفْسُه (مِن الأكْلِ) .
(وقيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَزالُ عَظِيمَ البَطْنِ مِن كثْرَةِ الأكْلِ، (كالمِبْطانِ) ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَهُمُّه إلاَّ بَطْنُه؛ وَمِنْه حدِيثُ عليَ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهه: (أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى) .
(ورَجُلٌ بَطِينٌ: عَظيمُ البَطْنِ) مِن كثْرَةِ الأَكْلِ.
وَفِي صفَةِ عليَ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: (الأَنْزَعُ البَطِينُ) ، أَي العَظيمُ البَطْنِ، وَهُوَ مدْحٌ.
(وَقد بَطُنَ، ككَرُمَ) ، بَطانَةً.
(و) رَجُلٌ مُبَطَّنٌ، (كمعَظَّمٍ: ضامِرُ البَطْنِ) خَمِيصُه، وَهَذَا على السَّلْبِ كأنَّه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه، وَهِي مُبَطَّنَةٌ من الشّبعِ.
(و) رجُلٌ (مَبْطونٌ: يَشْتَكِيه) ؛) وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لذِي الرُّمَّة:
رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّناتجَواعِل فِي البُرَى قَصَباً خِدَالاوقد بُطِنَ، كعُنِيَ.
وَفِي الحدِيثِ: (المَبْطُونُ شَهِيدٌ) ، أَي الَّذِي يَموتُ بمَرَضِ بَطْنه كالاسْتِسْقاءِ ونحْوه. وَفِي حدِيثٍ آخَر: (أنَّ امْرأَةً ماتَتْ فِي بَطَن) ، أَرادَ بِهِ هُنَا النِّفَاسَ.
(والبَطَنُ، محرّكةً: داءُ البَطْنِ) ، وَهُوَ أَن يَعْظمَ من الشِّبَعِ، وَقد بَطِنَ الرَّجُل كفَرِحَ، وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للقُلاخِ: وَلم تَضَعْ أَوْلادَها من البَطَنْولم تُصِبْه نَعْسةٌ على غَدَنْ (وبَطَنَه) بَطْناً؛ وقالَ قَوْمٌ: بَطْنه؛ (و) بَطَنَ (لَهُ) مثْلُ شَكَرَه وشَكَرَ لَهُ ونَصَحَه ونَصَحَ لَهُ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ؛ (و) زادَ غيرُهُ: (بَطَّنَه) تَبْطِيناً: إِذا (ضَرَبَ بَطْنَهُ) ؛) وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْتحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ قالَ ابنُ بَرِّي: أَي إِذا ضَرَبْتَ بَعيراً مُوقَراً بحِمْلِه فاضْرِبْه فِي مَوْضِعٍ لَا يَضُرُّ بِهِ الضَّرْبُ، فإنَّ ضرْبَه فِي ذلكَ المَوْضِعِ خَيْرٌ لَهُ.
(وبَطَنَ) الشَّيءُ: (خَفِيَ فَهُوَ باطِنٌ) ، خِلافُ الظاهِرِ، (ج بَواطِنُ.
(و) مِن المجازِ: بَطَنَ (خَبَرَه) :) إِذا (عَلِمَه) .) ويقالُ: بَطَنَ الأَمْرَ إِذا عَرَفَ باطِنَه.
(و) مِن المجازِ: بَطَنَ (مِن فلانٍ) ، وَفِي المُحْكَم والصِّحاحِ: بفُلانٍ، إِذا (صارَ من خواصِّهِ) داخِلاً فِي أَمْرِه؛ وقيلَ: بَطَنَ بِهِ: دَخَلَ فِي أَمْرِه، يَبْطُنُ بِهِ بُطوناً وبطانَةً.
(و) مِن المجازِ: (اسْتَبْطَنَ أَمْرَهُ) :) إِذا (وقَفَ على دَخْلَتِه) ، أَي باطِنِه.
وَفِي الأساسِ: اسْتَبْطَنَه: دَخَلَ بَطْنَه، كَمَا يَسْتَبْطِنُ العِرْقُ اللحْمَ.
واسْتَبْطَنَ أَمْرَه: عَرَفَ باطِنَه.
(والبِطانَةُ، بالكسْرِ: السَّريرَةُ) يسُّرها الرَّجُلُ. يقالُ: هُوَ ذُو بِطانَةٍ بفُلانٍ، أَي ذُو علْمٍ بدَاخلَةِ أَمْرِه.
(و) البِطانَةُ: (وَسَطُ الكورَةِ) ، هَكَذَا فِي النُّسخِ، والصَّوابُ: وباطِنَةُ الكُورَةِ وَسَطُها وَمَا تَنَحَّى مِنْهَا.
(و) البِطانَةُ: (الصَّاحِبُ) للسّرِّ الَّذِي يُشاوِرُ فِي الأَحْوالِ.
وَفِي الحدِيثِ: (مَا بَعَثَ اللَّهُ مِن نبيَ وَلَا اسْتَخْلَفَ من خَلِيفَةٍ إلاَّ كانتْ لَهُ بِطَانتانِ، بِطانَة تأْمرُه بالخيْرِ وتحضُّه عَلَيْهِ، وبِطانَة تأْمرُه بالشَّرِّ وتحثُّه عَلَيْهِ) .
(و) فِي الصِّحاحِ: البِطانَةُ: (الوَلِيجةُ) ، وَهُوَ الَّذِي يخْتَص بالولوجِ والاطّلاعِ على باطِنِ الأَمْرِ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِن دُونكم} ، أَي مُخْتصًّا بكم يَسْتَبْطنُ أَمْرَكم.
قالَ الرَّاغبُ: وَهُوَ مُسْتعارٌ مِن بِطانَةِ الثَّوْبِ بدَليلِ قَوْلهم: لبسْتُ فلَانا إِذا اخْتَصَصْته. وفلانٌ شِعارِي ودِثارِي.
وقالَ الزجَّاجُ: البِطانَةُ: الدُّخَلاءُ الَّذين يُنْبَسطُ إِلَيْهِم ويُسْتَبْطَنونَ؛ يقالُ: فلانٌ بِطانَةٌ لفلانٍ، أَي مُداخِلٌ لَهُ مُؤَانِسٌ، والمعْنَى أنَّ المُؤْمِنِينَ نُهوا أَنْ يَتَّخِذوا المُنافِقِين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إِلَيْهِم أَسْرارَهم.
وَفِي الأساسِ: هُوَ بِطَانَتِي، وهُم بِطانَتِي وأَهْلُ بِطانَتِي.
(و) البِطانَةُ (من الثَّوْبِ: خِلافُ ظهارَتِه؛ وَقد بَطَّنَ الثَّوْبَ تَبْطِيناً وأَبْطَنَهُ) :) جَعَلَ لَهُ بِطانَةً، ولِحافٌ مُبَطَّنٌ؛ والجَمْعُ بَطائِنُ؛ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَطائِنُها من اسْتَبْرقٍ} .
(و) بطانَةُ: (ع خارِجَ المَدينةِ) .
(وقالَ نَصْر: بطانَةُ: بِئْرٌ بجنبِ قرايين وهُما جَبَلان بينَ رَبيعَةَ والأضْبَط لبَني كِلابٍ.
الباطِنُ: داخِلُ كلِّ شيءٍ.
(و) الباطِنُ (مِن الأرْضِ: مَا غَمَضَ) مِنْهَا واطْمَأَنَّ، كالبَطْنِ، (ج) فِي القليلِ (أَبْطِنَةٌ) وَهُوَ نادِرٌ، (و) الكَثير (بُطْنانٌ) .
(وقالَ أَبو حنيفَةَ: البُطْنانُ مِن الأرضِ واحِدٌ كالبَطْن.
(و) الباطِنُ: (مَسِيلُ الماءِ فِي الغِلَظِ، ج بُطْنانٌ) ؛) وَمِنْه الحدِيثُ: (تَرْوَى بِهِ القِيعانُ وتَسِيلُ بِهِ البُطْنان) .
وقالَ ابنُ شُمَيْل: بُطْنانُ الأرضِ: مَا تَوَطَّأَ فِي بُطونِ الأرضِ سَهْلِها وحَزْنِها ورِياضِها، وَهِي قرارُ الماءِ ومُسْتَنْقَعُه، وَهِي البَواطِنُ والبُطونُ.
(و) بِطانُ، (ككِتابٍ: عَنْزُ سَوْءٍ.
(و) أَيْضاً: اسمُ (فَرَسٍ وَهُوَ أَبو البَطِينِ) ، كأَمِيرٍ، (وكِلاهُما لمحمدِ بنِ الولِيدِ) بنِ عبدِ المَلِكِ بنِ مَرْوان، وَهَذَا نسبه البِطانُ بنُ البَطِين بنِ الحَرُونِ بنِ الخززِ بنِ الوثيمي بنِ أَعْوج، والقتادي أَخُو البِطان، وَكَانَ الحَرُون هَذَا اشْتَراهُ مُسْلمُ بنُ عَمْرو الباهِلِيُّ مِن رَجُلٍ مِن بَني هِلالٍ بأَلْفِ دِينارٍ واسْتَنْجبها البَطِين وسَبَقَ بهَا النَّاس دَهْراً، فلمَّا ماتَ مُسْلم أَخَذَ الحجَّاجُ البَطِين مِن قتيبَةَ بنِ مُسْلم فبَعَثَ بِهِ إِلَى عبْدِ المَلِكِ، فوَهَبَه عبدُ المَلِكِ لابْنِه الوَلِيدِ فسَبَقَ الناسَ عَلَيْهِ، ثمَّ اسْتَنْجَبَه فَهُوَ أَبو الزائِدِ، والزَّائِدُ أَبو أَشْقر مَرْوان؛ كَذَا فِي أنْسابِ الخيْلِ لابنِ الكَلْبي.
(و) البِطانُ: (حِزامُ القَتَبِ) الَّذِي يُجْعَل تحْتَ بَطْن البَعيرِ. يقالُ: الْتَقَتْ حَلْقَتا البِطان للأَمْرِ إِذا اشْتَدَّ، وَهُوَ بمنْزلَةِ التَّصْديرِ للرَّحْلِ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ؛ (ج أَبْطِنَةٌ وبُطْنٌ) ، بالضمِّ.
(و) بِطانُ: (ع بينَ الشُّقوقِ والثَّعْلَبِيَّةِ) فِي طريقِ الكُوفَةِ؛ وأَنْشَدَ نَصْر:
أقولُ لصاحِبيَّ من التأَسّيوقد بلغَتْ نفوسُهُمُ الحَلوقا: إِذا بلغَ المطيُّ بِنَا بِطاناً وجُزْنا الثعلبيةَ والشُّقُوقاوخَلَّفنا زُبالة ثمَّ رُحنافَقَدْ وأبيكَ خَلَّفْنا الطريقا (و) بِطانُ: (ع لهُذَيْلٍ.
(و) أَيْضاً: (د ببِلادِ اليَمَنِ) ؛) وَلَو قالَ باليَمَنِ لكانَ أَخْصَر وكأَنَّه سَبْقُ قلَمٍ.
(وأَبْطَنَ البعيرَ: شَدَّ بِطانَهُ) ؛) نَقَلَه الجوْهرِيُّ: قالَ ذُو الرُّمَّة يَصِفُ الظليم:
أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإِبْطانَ حادِجُهبالأَمسِ فاسْتَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُشَبَّه اسْتِرْخاء العِكْمَيْن باسْتِرْخاء جَناحَيِ الظَّليم. (كبَطَّنَهُ) يُبَطّنُه بَطناً.
قالَ الأَزْهرِيُّ: وَهِي لُغَةٌ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ أَبْطَنْتُ البَعيرَ وَلَا يقالُ بَطَنْتُهُ بغيرِ أَلِفٍ.
وقالَ أَبو الهَيْثم: لَا يَجوزُ بَطَنْتُ البَعيرَ، واحْتَج بقوْلِ ذِي الرُّمَّة.
ووَقَعَ فِي نسخِ القاموسِ: كبَطَّنَه مُشَدّداً، وَهُوَ غَلَطٌ.
(و) مِن المجازِ: رجُلٌ (عَرِيضُ البِطانِ) :) أَي (رَخِيُّ البالِ) .
(وقالَ أَبو عبيدٍ: يقالُ: ماتَ فلانٌ وَهُوَ عَرِيضُ البِطانِ، أَي مالُه جَمٌّ لم يَذْهَبْ مِنْهُ شيءٌ.
(والبِطْنَةُ، بالكسْرِ: البَطَرُ والأَشَرُ) ، وَمِنْه البَطِنُ، ككَتِفٍ، للأَشَرِ البَطِرِ، وَقد تَقَدَّمَ، وَقد بَطِنَ كفَرِحَ.
(و) البِطْنَةُ: (الكِظَّةُ) ، أَي الامْتِلاءُ الشَّديدُ مِن الطَّعامِ، وَقد بَطِنَ بالكسْرِ.
وَفِي المَثَلِ: البِطْنَةُ تُذْهِبُ الفِطْنَةَ.
ويقالُ: ليسَ للبِطْنَةِ خَيْرٌ من خَمْصَةٍ تَتْبَعُها؛ أَرادَ بالخَمْصَةِ الجوعَ؛ وقالَ الشاعِرُ:
يَا بَني المُنْذِرِ بن عَبْدانَ واليِطْنةُ ممَّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما (والبَطينُ: البَعيدُ) .) يقالُ: شَأْوٌ بَطِينٌ: أَي بَعِيدٌ واسِعٌ؛ قالَ:
وبَصْبَصْنَ بَين أَداني الغَضَى وَبَين عُنَيزةَ شَأْواً بَطِيناوفي حدِيثِ سُلَيْمان بنِ صُرَد: (الشَّوْطُ بَطِينٌ) ، أَي بَعِيدٌ.
وَفِي سَجَعاتِ الأَدِيبِ الحَرِيريّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: فَلم أَعْلَم أنَّ الشَّوْطَ بَطِينٌ وأنَّ الشيخَ شُوَيْطِين.
(و) البَطِينُ: (فَرَسُ محمدِ بنِ الولِيدِ بنِ عبدِ المَلِكِ) ، وَقد ذُكِرَ قَرِيباً فَهُوَ تِكْرارٌ.
(و) البَطِينُ: (لَقَبُ خارِجِيَ) ؛) نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه.
(و) أَيْضاً: (لَقَبُ مُسْلِمِ بنِ أَبي عِمْرانَ) ؛) صوابُه: مُسْلِم بنِ عِمْران، وَهُوَ أَبو عبدِ اللَّهِ الكُوفيّ؛ (المُحدِّثِ الجَلِيلِ) عَن أَبي وائِلٍ وعليّ بنِ الحُسَيْن وأَبي عبْدِ الرّحمنِ السّلَميّ، وَعنهُ الأَعْمشُ وابنُ عَوْفٍ وغيرُهُم.
(و) البُطَيْنُ، (كزُبَيْرٍ: شاعِرٌ) حمصيٌّ.
(و) البُطَيْنُ: (مَنْزِلٌ للقَمَرِ) بينَ الشرَطَيْن والثُّرَيَّا، جاءَ مصغَّراً عَن العَرَبِ، وَهُوَ (ثلاثَةُ كواكِبَ صِغارٌ) مُسْتَوِيةُ التَّثْليثِ، (كأَنَّها أَثافِيُّ، وَهُوَ بَطْنُ الحَمَلِ) والشَّرَطان قَرْناهُ، والثُّرَيَّا أَليتُه؛ والعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ البُطَيْنَ لَا نَوْءَ لَهُ إلاَّ الريحُ.
(وذُو البُطَيْنِ) :) لَقَبُ (أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ) .) قالَ الحافِظُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ مَذْكورٌ بذلِكَ فِي كتابِ الإيمانِ فِي صَحِيحِ مُسْلم.
(و) المُبَطَّنُ، (كمُعَظَّمٍ: الأَبْيَضُ الظَّهْرِ والبَطْنِ مِن الخَيْلِ) وسائِر مَا كانَ، كأَنَّه بطنَ بثَوْبٍ أَبْيَض.
الباطِنَــةُ: ة بساحِلِ بَحْرِ عُمَانَ.
(و) مِن المجازِ: الباطِنَــةُ (مِن البَصْرَةِ والكوفةِ: مُجْتَمَعُ الدُّورِ والأَسْواقِ) فِي قَصَبَتِها؛ (والضَّاحِيَةُ) مِنْهُمَا: (مَا تَنَحَّى عَن المساكِنِ وَكَانَ بارِزاً) ، إنَّما أَوْرَدَ الضاحِيَةَ هُنَا اسْتِطْراداً، وسَيَأْتي فِي مَوْضِعِه.
(وذُو البَطْنِ) :) كِنايَةٌ عَن (الجَعْسِ) ، وَهُوَ الرَّجِيعُ. يقالُ: أَلْقَى الرَّجُل ذَا بَطْنه.
(وألْقَتْ) المرْأَةُ (ذَا بَطْنِها) :) أَي (وَلَدَتْ.
(و) ألْقَتِ (الدَّجاجَةُ) ذَا بَطْنِها: يعْنِي مَزْقَها إِذا (باضَتْ.
(و) مِن الأَمْثالِ: (الذِّئْبُ يُغْبَطُ بذِي بَطْنِهِ) .
(قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وذلكَ (لأَنَّه لَا يُظَنُّ بِهِ الجوعُ أَبَداً، وإنَّما تُظَنُّ بِهِ البِطْنَةُ) ، أَي الشِّبَع، (لعَدْوِهِ على النَّاسِ والماشِيَةِ) ، ورُبَّما يكونُ مَجْهوداً مِن الجُوعِ؛ وأَنْشَدَ:
ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُهويُغْبَطُ بِمَا فِي بَطْنِه وهْو جائِعُ (و) فِي حدِيثِ النَّخَعي، رحِمَه اللَّهُ: (أنَّه كانَ يُبَطِّنُ لِحْيَتَه ويأْخُذُ من جَوانِبِها) .
قالَ شَمِرٌ: (تَبْطينُ اللِّحْيَةِ: أَنْ لَا يُؤْخَذَ) ، كَذَا فِي النُّسخِ، والصَّوابُ: أنْ يُؤْخَذَ، (ممَّا تَحْتَ الذَّقَنِ والحَنَكِ) ؛) كَذَا فِي النِّهايَةِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
البِطانُ، بالكسْرِ: جَمْعُ البَطِين، وَمِنْه الحدِيثُ: (وتَرُوحُ بِطاناً) ، أَي ممتَلِئَةَ البُطونِ.
والمِبْطانُ: العَظيمُ البَطْنِ.
وَقَالُوا: كِيسٌ بَطِينٌ: أَي مَلآنُ، على المَثَلِ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب لبعضِ اللُّصوصِ:
فأَصْدَرْتُ مِنْهَا عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطِينِوقَوْل الرَّاعِي يَصِفُ إبِلا وحالِبَها:
إِذا سَرَحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلْفَهابمَيْثاءَ مِبْطانُ الضُّحى غَيْرَ أَرْوَعايعْنِي راعِياً يُبادِرُ الصَّبوح فيشْرَبُ حَتَّى يَميلَ مِن اللَّبَنِ.
والبَطَنُ: داءُ البَطْنِ؛ وَمِنْه: ماتَ فلانٌ بالبَطَنِ، وَقد بَطَنَه الداءُ بُطوناً: دَخَلَهُ.
وبَطَنَتْ بِهِ الحُمَّى: أَثّرَتْ فِي باطِنِه.
واسْتَبْطَنَ الفَرَسَ: طَلَبَ مَا فِي بَطْنِها مِن النِّتاجِ.
ونَثَرَتِ المرْأَةُ بَطْنَها ولدا: كَثُرَ وَلدُها.
والبَطِنَةُ، كفَرِحَةٍ: الدّبُرُ.
ومِن أَسْماءِ اللَّهِ، عزَّ وجلَّ: الباطِنُ، أَي عالِمُ السرِّ والخفيَّاتِ؛ وقيلَ: هُوَ المُحْتَجِبُ عَن أَبْصارِ الخلائِقِ وأَوْهامِهم فَلَا يُدْرِكُه بَصَر وَلَا يُحيطُ بِهِ وَهْمٌ.
وأَبْطَنَه: اتَّخَذَه بِطانةً، أَي خاصَّةً.
وجاءَ أَهْلُ البِطانَةِ يَضِجُّون؛ وَهُوَ الخارِجُ مِن المَدِينَةِ.
وبَطْنُ الرَّاحةِ مَعْروفٌ.
وباطِنُ الخُفِّ: الَّذِي تَلِيه الرجْلُ.
ويقالُ: باطِنُ الإِبْطِ، وَلَا يقالُ: بَطْنُ الإِبْطِ.
وأَفْرَشَنِي ظَهْرَ أَمْرِه وبَطْنَه، أَي سِرَّه وعَلانِيَتَه.
وبَطَنَ الوادِي بَطناً: دَخَلَهُ، كتَبَطَّنَه. وقيلَ: تَبَطَّنَ الوادِي: جَوَّلَ فِيهِ.
وبُطْنانُ الجنَّةِ: وسَطُها.
وبُطْنانُ العَرْشِ: أَصْلُه.
والبُطْنُ، بالضمِّ: مَسايلُ الماءِ فِي الغَلْظِ، واحِدُها باطِنٌ.
وبَطِناتُ الوادِي، كفَرِحَاتٍ: مَحاجُّه؛ قالَ مُلَيْح:
مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيْسُ من بَطِناتِهنَوًى مثلَ أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّقِوأَبْطَنَ الرَّجُلُ كَشْحَه سَيْفَه وبسَيْفِه: جَعَلَه بطانتَه. وأَبْطَنَ السَّيفَ كَشْحَه: جَعَلَه تحتَ خَصْرِه.
وقالَ أَبو عبيدٍ: فِي باطِنِ وظِيفَيِ الفَرَسِ أَبْطَنانِ، وهُما عِرْقانِ استبطنا الذِّراعَ حَتَّى انْغَمَسا فِي عَصَبِ الوَظِيفِ.
وقالَ الجَوْهرِيُّ: الأَبْطَنُ فِي ذِراعِ الفَرَسِ عِرْقٌ فِي باطِنِها، وهُما أَبْطَنانِ.
وماتَ فلانٌ ببِطْنَتِه ومالِهِ: إِذا ماتَ ومالُه وافِرٌ وَلم يُنْفِقْ مِنْهُ شَيْئا.
قالَ أَبو عبيدٍ: يُضْرَبُ هَذَا المَثَلُ فِي أَمْر الدِّيْن، أَي خَرَجَ مِن الدُّنيا سَلِيماً لم يَثْلِمْ دينَه شيءٌ.
وتَبَطَّنَ الرَّجُلُ جارِيتَه: أَوْلَج ذَكَرَه فِيهَا؛ وَبِه فُسِّر قَوْلُ امْرِىءِ القَيْسِ:
كأَنِّيَ لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ وَلم أَتَبَطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِوقالَ شَمِرٌ: تَبَطَّنَها إِذا باشَرَ بطنُه بطنَها.
وقالَ الجاحِظُ: ليسَ مِن الحيوانِ يتبطَّنُ طَروقَتَه غَيْرُ الإِنْسانِ والتِّمْساحِ، والبَهائِمُ تأْتي إِناثَها مِن وَرَائها والطَّيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ بالدُّبُرِ.
ويقالُ: اسْتَبْطَنَ الفَحْلُ الشَّوْلَ إِذا ضَرَبَها فلُقِحَتْ كلُّها كأَنَّه أَوْدَعَ نطْفَته بُطونَها. واسْتَبْطَنَ الوادِي: جَوَّلَ فِيهِ.
وابْتَطنْتُ الناقَةَ عشرةَ أَبْطُنٍ: أَي نَتَجْتُها عشْرَ مرَّاتٍ.
ورَجُلٌ بَطِينُ الكُرْزِ: إِذا كانَ يَخْبَأُ زادَه فِي السَّفَرِ ويأْكُلُ زادَ صاحِبِهِ؛ قالَ رُؤْبَة يذمُّ رجُلاً:
أَو كُرَّزٌ يمشِي بَطِينَ الكُرْزِ وباطَنْتُ صاحِبي: شَدَدْتُه.
وبَطْنُ مكَّةَ: أَشْرَف بُطونِ العَرَبِ.
وتَبَطَّنَ الكَلَأَ: تَوَسَّطَه.
وَهُوَ مُجَرِّبٌ قد بَطَنَ الأُمُورَ: كأَنَّه ضرَبَ بُطُونَها عِرْفاً بحقائِقِها.
ويقالُ: إِذا اكْتَرَيْتَ فاشْتَرِطِ العِلاَوَةَ والبِطَانَةَ وَهِي مَا يُجْعَلُ تحتَ العِكْمِ مِن نَحْو قِرْبَةٍ.
ونَزَتْ بِهِ البِطْنَةُ: أَي أَبْطَرَهُ الغِنَى.
وتَباطَرَ المَكانُ: تَباعَدَ.
ومنبج بطانة: قَرْيةٌ مِن أَعْمالِ قوص.
وَكفر بُطَيْنَةَ، كجُهَيْنَةَ: قَرْيَةٌ مِن أَعْمالِ الغَربيَّة، وَقد رأَيْتُها.
والباطِنِــيَّةُ: فرْقَةٌ مِن أَهْلِ الأَهْواءِ.
وأَبو عيسَى عبدُ اللَّهِ بنُ أَحمدَ بنِ عيسَى البطائِنِيُّ: محدِّثٌ مَشْهورٌ بَغْدادِيٌّ عَن الحَسَنِ بنِ عرفَةَ.
وبُطْنانُ، بالضمِّ: قَرْيةٌ بينَ حَلَبَ ومَنْبَج يُضافُ إِلَيْهَا وادِي نبراعا، وَهُوَ بُطْنانُ حَبيبٍ، وَمِنْهَا: أَبو عليَ الحُسَيْنُ بنُ محمدِ بنِ موسَى البُطْنانيُّ عَن أَبي الولِيدِ الطَّيَالِسِيّ.
والباطِنِــيَّةُ: فرْقَةٌ مِن الخَوارِجِ. 

الوجدان

الوجدان: إحساس الباطن بما هو فيه.
(الوجدان) (فِي الفلسفة) يُطلق أَولا على كل إحساس أولي باللذة أَو الْأَلَم وَثَانِيا على ضرب من الْحَالَات النفسية من حَيْثُ تأثرها باللذة أَو الْأَلَم فِي مُقَابل حالات أُخْرَى تمتاز بالإدراك والمعرفة (مج)
الوجدان:
[في الانكليزية] Conscience ،affectivity ،intuition
[ في الفرنسية] Conscience ،affectivite ،intuition
بالكسر وسكون الجيم عند الصوفية هو مصادفة الحقّ تعالى كما عرفت قبيل هذا أي في لفظ الوجد. وأمّا في اصطلاح غيرهم فالمشهور أنّه النفس وقواها الباطنــة. وقيل القوى الباطنــة والوجداني على القول المشهور هو ما يجده كلّ أحد من نفسه عقليا صرفا كان كأحوال نفسه أو مدركا بواسطة قوة باطنية. وعلى القول الغير المشهور هو ما يدرك بالقوى الباطنــة، هكذا يستفاد من الأطول في بحث التشبيه. وعلى القول الأول يهمل ما وقع في شرح المواقف وحاشيته لمولانا عبد الحكيم في المرصد الرابع من الموقف الأول من أنّ الوجدانيات هي التي نجدها إمّا بنفوسنا كعلمنا بوجود ذواتنا وبأفعال ذواتنا أو بآلاتها الباطنــة كعلمنا بخوفنا وشهوتنا وغضبنا ولذتنا، وهي وإن كانت من أقسام العلوم الضرورية لكنها قليلة النفع في العلوم لأنّها لا تقوم حجة على الغير، فإنّ ذلك الغير ربّما لم يجد من باطنه ما وجدناه. أمّا إذا ثبت الاشتراك في أسبابها فهي حجّة على الغير كعلمنا بوجود ذواتنا، ولذا قد يستدل بالوجدان في بعض المطالب لكنه قليل، وعلى القول الثاني يهمل ما وقع في المرصد الخامس من الموقف الأول من أنّ الوجدانيات ما يحكم به العقل بمجرّد الحسّ الباطن ويعدّ منها تغليبا ما نجده بنفوسنا لا بآلاتنا كشعورنا بذواتنا وبأفعال ذواتنا انتهى. ثم الوجدانيات تسمّى بالقضايا الاعتبارية أيضا، والفرق بينهما وبين المشاهدات بمعنى المحسوسات عموم من وجه، فإنّ المحسوسات بالحواس الظاهرة مشاهدات فقط، وما نجده بنفوسنا وجدانيات فقط، وتجتمعان فيما نعلمه بالحسّ الباطن، وعلى هذا فقس النسبة بينهما وبين المشاهدات بمعنى آخر وقد سبق ما يتعلّق بهذا في لفظ المحسوسات أيضا.

الحسّي

الحسّي:
[في الانكليزية] Sensible
[ في الفرنسية] Sensible
هو المنسوب إلى الحسّ، فهو عند المتكلّمين ما يدرك بالحسّ الظاهر. وعند الحكماء ما يدرك بالحسّ الظاهر أو الباطن.
والحسّي يسمّى محسوسا هكذا يستفاد من الأطول. ويقابل الحسّي العقلي وهو ظاهر. ويؤيّده ما وقع في شرح التجريد من أنّ كلا من الألم واللذة حسّية وعقلية. والحسّية إمّا ظاهرة تتعلّق بالحواس الظاهرة وإمّا باطنة تتعلّق بالحواس الباطنــة انتهى. فقد أراد بالحسّي والعقلي ما هو على مذهب الحكماء. ولا خفاء في التقابل عند المتكلّمين فإنّهم لمّا لم يقولوا بالحواس الباطنــة انحصر عندهم المدركات في الحسّي والعقلي أيضا بلا سترة.
والمراد بالحسّي في باب التشبيه حيث يقول أهل البيان التشبيه، إمّا طرفاه حسّيان أو عقليان أو مختلفان هو ما يدرك هو أو مادته بإحدى الحواس الظاهرة كما أنّ المراد بالعقلي هناك ما لا يدرك هو ولا مادّته بتمامها بإحدى الحواس الظاهرة سواء أدرك بعض مادته أو لا، فدخل في الحسّي الخيالي وهو المعدوم الذي فرض مجتمعا من أمور، كلّ واحد منها يدرك بالحسّ، ودخل في العقلي الوهمي أي ما هو غير مدرك بها أي بأحد الحواس الظاهرة. ولو أدرك على الوجه الجزئي لكان مدركا بها كأنياب الأغوال؛ وكذا دخل في العقلي الوجداني وهو ما يدرك بالقوى الباطنــة، وليس من الخيالي والوهمي السابقين، وهي المعاني الجزئية المتعلّقة بالمحسوس بالحسّ الظاهر. والمشهور أنّ الحسّي ما أدرك بالحسّ الظاهر والعقلي ما لا يكون للحسّ الباطن فيه مدخل. فعلى هذا الوهميات والخياليات والوجدانيات واسطة بين الحسّي والعقلي. والأولى بالاختيار في باب التشبيه هو الأول لأنّ المتبادر إلى الوهم جعل المحسوس المخترع داخلا في المحسوس، ولأنّ فيه تقليل الأقسام وتسهيل الأمر على الطلاب.
هكذا يستفاد من المطول والأطول في بحث التشبيه. والحسّي عند الأصوليين يطلق على مقابل الشرعي كما سيجيء.

التّصوّف

التّصوّف:
[في الانكليزية] Soufism (mysticism)
[ في الفرنسية] Soufisme (mysticisme)
هو التخلّق بالأخلاق الإلهية. وخرقة التصوف هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته ويتوب على يده لأمور منها:
التزيي بزيّ المراد ليتلبّس باطنه بصفاته كما يتلبّس ظاهره بلباسه وهو لباس التقوى ظاهرا وباطنا. قال الله تعالى قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ومنها وصول بركة الشيخ الذي ألبسه من يده المباركة إليه. ومنها نيل ما يغلب على الشيخ في وقت الإلباس من الحال الذي يرى الشيخ ببصيرته النافذة المنوّرة بنور القدس وأنه يحتاج إليه لرفع حجبه العائقة وتصفية استعداده فإنّه إذا وقف على حال من يتوب على يده علم بنور الحق ما يحتاج إليه، فيستنزل من الله ذلك حتى يتصف قلبه به فيسري من باطنه إلى باطن المريد. ومنها المواصلة بينه وبين الشيخ به فيبقى بينهما الاتصال القلبي والمحبة دائما ويذكّره الاتباع على الأوقات في طريقته وسيرته وأخلاقه وأحواله حتى يبلغ مبلغ الرجال، فإنّه أب حقيقي كما قال عليه الصلاة والسلام «الآباء ثلاثة أب ولدك وأب علّمك وأب ربّاك»، هكذا في الاصطلاحات الصوفية.
قيل التصوّف الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا فيرى حكمها من الظاهر في الباطن، وباطنا فيرى حكمها من الباطن في الظاهر فيحصل للمتأدّب بالحكمين كمال. وقيل التصوّف مذهب كلّه جدّ فلا يخلطوه بشيء من الهزل. وقيل هو تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدّعاوي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلّق بالعلوم الحقيقية، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة والوفاء لله تعالى على الحقيقة، واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الشريعة. وقيل ترك الاختيار وقيل بذل المجهود والأنس بالمعبود. وقيل حفظ حواشيك من مراعاة أنفاسك. وقيل الإعراض عن الاعتراض. وقيل هو صفاء المعاملة مع الله تعالى، وأصله التفرّغ عن الدنيا. وقيل الصبر تحت الأمر والنهي.
وقيل خدمة التشرّف وترك التكلّف واستعمال التطرّف. وقيل الأخذ بالحقائق والكلام بالدقائق والإياس بما في أيدي الخلائق، كذا في الجرجاني.
اعلم أنّه قيل إنّ التصوّف مأخوذ من الصّفاء وهو محمود في كل لسان، وضدّه الكدورة وهو مذموم في كل لسان. وفي الخبر ورد أنّ النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ذهب صفاء الدنيا ولم يبق إلا كدرها».

إذن: الموت يعتبر اليوم تحفة لكلّ مسلم.
وقد اشتق ذلك الاسم من الصّفاء حتى صار غالبا على رجال هذه الطائفة؛ أمّا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فكان اسم الصحابة هو ما يطلق على أكابر الأمّة، ثم كانت الطبقة التالية طبقة التابعين، ثم كانت الطبقة الثالثة أتباع التابعين، ثم صار يطلق على من يعتنون بأمر الدين أكثر من غيرهم اسم الزّهاد والعبّاد، ثم بعد ظهور أهل البدع وادعائهم الزهد والعبادة انفرد أهل السّنّة بتسمية الخواصّ منهم ممن يراعون الأنفاس باسم الصوفية. وقد اشتهروا بهذا الاسم، حتى إنهم قالوا: إنّ اطلاق هذا الاسم على الأعلام إنّما عرف قبل انقضاء القرن الثاني للهجرة.

وجاء في توضيح المذاهب: أمّا التصوّف في اللغة فهو ارتداء الصوف وهو من أثر الزّهد في الدنيا وترك التنعّم. وفي اصطلاح أهل العرفان: تطهير القلب من محبة ما سوى الله، وتزيين الظاهر من حيث العمل والاعتقاد بالأوامر والابتعاد عن النواهي، والمواظبة على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء الصوفية هم أهل الحق، ولكن يوجد قسم منهم على الباطل ممّن يعدّون أنفسهم صوفية وليسوا في الحقيقة منهم، وهؤلاء عدّة من الفرق إليك بعض أسمائها: الجبية والأوليائية والشمراخية والإباحية والحالية والحلولية والحورية والواقفية والمتجاهلية والمتكاسلية والإلهامية.
وما تسمية هؤلاء بالصوفية إلا من قبيل إطلاق السّيد على غير السّيد. وأمّا مراتب الناس على اختلاف درجاتهم فعلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الواصلون الكمّل وهم الطبقة العليا.

القسم الثاني: السالكون في طريق الكمال، وهؤلاء هم الطبقة الوسطى.

والقسم الثالث: سكان الأرض والحفر (أهل المادة) «اللاصقون بالتراب» وهؤلاء هم الطبقة السفلى التي غايتها تربية البدن بتحصيل الحظوظ المادّية كالشهوات النّفسانية والمتع الشّهوانية وزينة اللباس، وليس لهم من العبادات سوى حركة الجوارح الظاهرية.
وأما القسم الأول الواصلون فهم أيضا قسمان:

الأول: وهم مشايخ الصوفية الذين حصّلوا مرتبة الوصول بسبب كمال متابعتهم واقتدائهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. ثم بعد ذلك أذن لهم بدعوة الناس إلى سلوك طريق اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء هم الكاملون والمكمّلون الذين وصلوا بالعناية الإلهية إلى ميدان البقاء بعد ما فنوا عن ذواتهم واستغرقوا في عين الجمع.
وأمّا القسم الثاني من الفئة الأولى فهم الذين بعد وصولهم إلى درجة الكمال لم يؤذن لهم بإرشاد عامّة النّاس، وصاروا غرقى في بحر الجمع، وفنوا في بطن حوت الفناء ولم يصلوا إلى ساحل البقاء.

وأمّا السالكون فهم أيضا قسمان:
1 - الطالبون لوجه الله. 2 - والطالبون للجنّة والآخرة.

فأمّا الطالبون لوجه الحقّ فهم طائفتان:
المتصوّفة الحقيقيون والملامتيّة. والمتصوفة الحقيقيون هم جماعة تنزّهوا عن نقص الصفات البشرية. واتصفوا ببعض أحوال الصوفية، واقتربوا من نهايات مقاماتهم، إلّا أنّهم ما زالوا متشبّثين ببعض أهواء النفوس، ولهذا لم يدركوا تماما نهاية الطريق كأهل القرب من الصوفية.
وأمّا الملامتية فهم قوم يسعون بكلّ جدّ في رعاية معنى الإخلاص ودون ضرورة كتم طاعاتهم وعباداتهم عن عامة النّاس. كما يكتم العاصي معصيته، فهم خوفا من شبهة الرّياء يتحرّزون عن إظهار عباداتهم وطاعاتهم. ولا يتركون شيئا من أعمال البرّ والصّلاح، ومذهبهم المبالغة في تحقيق معنى الإخلاص.

وقال بعضهم: الملامتيّة لا يظهرون فضائلهم ولا يسترون سيئاتهم، وهذه الطائفة نادرة الوجود. ومع ذلك لم يزل حجاب الوجود البشري عن قلوبهم تماما، ولهذا فهم محجوبون عن مشاهدة جمال التوحيد. لأنّهم حين يخفون أعمالهم فهم ما زالوا ينظرون إلى قلوبهم. بينما درجة الكمال أن لا يروا أنفسهم ولا يبالوا بها وأن يستغرقوا في الوحدة. قال الشاعر:
ما هو الغير؟ وأين الغير؟ واين صورة الغير؟ فلا والله ما ثمّة في الوجود سوى الله.
والفرق بين الملامتيّة والصوفية هو أنّ الصوفية جذبتهم العناية الإلهية عن وجودهم فألقوا حجاب الخلقة البشرية والأنانية عن بصيرة شهودهم فوصلوا إلى درجة غابوا منها عن أنفسهم وعن الخلق. فإذن الملامتية مخلصون بكسر اللام، والصوفية مخلصون بفتح اللام. أي أنّ الملامتيّة يخلّصون أعمالهم من شائبة الرّياء بينما الصوفية يستخلصهم الله تعالى.

وأمّا طلّاب الآخرة فهم أربعة طوائف:

الزّهاد والفقراء والخدام والعبّاد. أمّا الزهاد:
فهم الذين يشاهدون بنور الإيمان حقيقة الآخرة وجمال العقبى، ويعدّون الدنيا قبيحة ويعرضون عن مقتضيات النفس بالكلية، ويقصدون الجمال الأخروي.
والفرق بينهم وبين الصوفية هو أنّ الزاهد بسبب ميله لحظّ نفسه فهو محجوب عن الحق، وذلك لأنّ الجنة دار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. بينما الصوفية لا يتعلّق نظرهم بشيء سوى الله.
وأمّا الفقراء منهم طائفة لا يميلون إلى تملّك أيّ شيء من حطام الدنيا. وذلك بسبب رغبتهم فيما عند الله. وعلّة ذلك واحد من ثلاثة أشياء: الأمل بفضل الله، أو تخفيفا للحساب أو خوفا من العقاب، لأنّ حلالها حساب وحرامها عقاب، والأمل بفضل الله ثواب ويدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام. ورغبة في جمع همتهم في طلب العبادة مع حضور القلب فيها. والفرق بين الملامتيّة والفقراء هو أنّ الفقراء طلاب للجنة وفيها حظّ للنفس، بينما الملامتية طلاب الحق. وهذا الفقر رسم أي عادة تأتي بعد درجة الفقر وهو مقام فوق مقام الملامتية والمتصوّفة، وهو وصف خاص بالصوفي لأنّه وإن تكن مرتبته وراء مرتبة الفقر لكن خلاصة مقام الفقر مندرجة فيه ذلك أنّ أي مقام يرتقي الصوفي فوقه فإنّه يحتفظ بصفاء ذلك المقام. فإذن صفة الفقر في مقام الصوفي وصف زائد. وذلك هو السبب في كون نسبة جميع الأحوال والأعمال والمقامات لغير نفسه وعدم تملّكها، بحيث لا يرى لنفسه عملا ولا حالا ولا مقاما. ولا يخصّص نفسه بشيء. بل ليس عنده خبر عن ذاته. وهذه حقيقة الفقر.
والفرق بين الفقر والزهد هو أنّ الفقر بدون وجود الزهد ممكن، وذلك مثل شخص يترك الدنيا بعزم ثابت، ولكنّه ما زال باطنا راغبا فيها. وكذلك الزّهد بدون فقر ممكن أيضا.
ومثاله شخص يملك الأسباب الدنيوية ولكنه غير راغب فيها.
أمّا الخدّام فهم طائفة اختارت خدمة الفقراء وطلاب الحق، ويشغلون أوقاتهم بعد القيام بالفرائض بمحاولة تفريغ خواطرهم من الاهتمام بأمور المعاش، والتعاون على الاستعداد للقيام بأمر المعاد. ويقدّمون هذا على النوافل سواء بالكسب أو بالسؤال.
أمّا العبّاد فهم طائفة تواظب على أداء الفرائض والنوافل والأوراد طلبا للثواب الأخروي. وهذا الوصف أيضا موجود في الصوفي ولكنّه يتنزّه عن طلب الثّواب والأغراض، لأنّ الصوفي الحق يعبد الحق لذاته.
والفرق بين العباد والزهاد هو أنّهم مع قيامهم بالعبادات فإنّ الرغبة بالدنيا يمكن أن تظل موجودة.
والفرق بين العباد والفقراء هو أنّ الغنيّ يستطيع أن يكون من العبّاد. فإذن صار معلوما أنّ الواصلين طائفتان فقط بينما السالكون هم ست طوائف ولكلّ واحد من هذه الطوائف الثماني اثنان متشبهان به، أحدهما محقّ والثاني مبطل.
أمّا المشبّه بالصوفية بحقّ فهم الصوفية الذين اطلعوا وتشوّقوا إلى نهايات أحوال الصوفية، ولكنهم بسبب القلق ببعض الصّفات منعوا من بلوغ مقصدهم وأمّا المتشبّه بالصوفية بالباطل منهم جماعة يتظاهرون بأحوال الصوفية، ولكنهم لا يعملون بأعمالهم، وهؤلاء هم الباطنــيّة والإباحية والصاحبية، ويسمّون أنفسهم متصوّفة، ويقولون: إنّ التقيّد بأحكام الشرع إنما هو للعوام الذين يرون ظاهر الأمور. أمّا الخواص فليسوا مضطرّين للتقيّد برسوم الظاهر، وإنما عليهم مراعاة أحوالهم الباطنــية.
وأمّا المتشبّه المحقّ بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة من أهل السلوك الذين ما زالوا يجاهدون في قطع منازل السلوك وتصفية النفوس، وما زالوا مضطربين في حرارة الطّلب وقبل ظهور كشف الذات، والاستقرار في مقام الفناء، فأحيانا تلمع ذواتهم بالكشف، ولا زال باطنهم يتشوّق لبلوغ هذا المقام.
وأمّا المتشبّه المبطل بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة تدّعي الاستغراق في بحر الفناء، ويتنصّلون من حركاتهم وسكناتهم ويقولون: إنّ تحريك الباب بدون محرّك غير ممكن. وهذا المعنى على صحته لكنه ليس موجودا عند تلك الطائفة لأنّ هدفهم هو التمهيد للاعتذار عن المعاصي والإحالة بذلك على إرادة الحقّ، ودفع اللّوم عنهم. وهؤلاء هم الزنادقة. ويقول الشيخ عبد الله التّستري: إذا قال هذا الكلام أحد وكان ممن يراعي أحكام الشريعة ويقوم بواجبات العبودية فهو صديق وأما إذا كان لا يبالي بالمحافظة على حدود الشرع فهو زنديق.
وأمّا المتشبّه المحق بالملامتيّة فهم طائفة لا يبالون بتشويش نظر الناس ومعظم سعيهم في إبطال رسوم العادات والانطلاق من قيود المجتمع، وكلّ رأسمالهم هو فراغ البال وطيب القلب، ولا يبالون برسوم وأشكال الزّهاد والعبّاد ولا يكثرون من النوافل والطاعات، ويحرصون فقط على أداء الفرائض، وينسب إليهم حبّ الاستكثار من أسباب الدنيا ويقنعون بطيب القلب ولا يطلبون على ذلك زيادة وهؤلاء هم القلندرية. وهذه الطائفة تشبه الملامتيّة بسبب اشتراكهما في صفة البعد عن الرّياء.

والفرق بين هؤلاء وبين الملامتيّة هو: أنّ الملامتيّة يؤدّون الفرائض والنوافل دون إظهارها للناس. أمّا القلندرية فلا يتجاوزون الفرائض، ولا يبالون بالناس سواء اطلعوا على أحوالهم أم لا.
وأمّا الطّائفة التي في زماننا وتحمل اسم القلندريّة وقد خلعوا الإسلام من ربقتهم، وليس لهم شيء من الأوصاف السابقة، وهذا الاسم إنّما يطلق عليهم من باب الاستعارة، والأجدر أن يسمّوا بالحشويّة. وأمّا المتشبّهون باطلا بالملامتيّة فهم طائفة من الزنادقة يدعون الإسلام والإخلاص، ولكنّهم يبالغون في إظهار فسقهم وفجورهم ومعاصيهم، ويدّعون أنّ غرضهم من ذلك هو لوم الناس لهم، وأنّ الله سبحانه غني عن طاعتهم، ولا تضرّه معصية العباد. وإنّما المعصية تضرّ الخلق فقط والطاعة هي في الإحسان إلى الناس.
وأمّا المتشبّهون بالزّهاد بحق فهم طائفة لا تزال رغبتها في الدنيا قائمة يحاولون الخلاص من هذه الآفة دفعة واحدة، وهؤلاء هم المتزهدون. وأمّا المتشبّهون باطلا بالزّهاد فهم طائفة يتركون زينة الدنيا من أجل الناس لينالوا بذلك الجاه والصّيت لديهم، وتجوز هذه الخدعة على بعضهم فيظنونهم معرضين عن الدنيا.
وحتّى إنّهم يخدعون أنفسهم بأنّ خواطرهم غير مشغولة بطلب الدنيا، بدليل إعراضهم عنها وهؤلاء هم المراءون.
وأمّا المتشبّهون بالفقراء بحقّ فهم الذين يبدو عليهم ظاهر وسيماء أهل الفقر، وفي باطنهم يطلبون حقيقة الفقر، إلّا أنّهم لم يتخلّصوا تماما من الميل للدنيا وزينتها ويتحمّلون مرارة الفقر بتكلّف، بينما الفقير الحقيقي يرى الفقر نعمة إلهية، لذلك فهو يشكر هذه النعمة على الدوام.
وأمّا المتشبّه بالباطل بالفقراء فهو ذلك الذي ظاهره ظاهر أهل الفقر وأمّا باطنه فغير مدرك لحقيقة الفقر، وغرضه القبول لدى الناس لكي ينتفع منهم بشيء من الدنيا، وهذه الطائفة هي مرائية أيضا وأمّا المتشبّهون بالخدام بحق فهم الذين يقومون دائما بخدمة الخلق، ويأملون أن ينالوا بذلك سببا في النجاة يوم القيامة. وفي تخليصهم من شوائب الميل والهوى والرّياء.
ولكنّهم لمّا يصلوا بعد إلى حقيقة ذلك. فحين تقع بعض خدماتهم في مكانها فبسبب غلبة نور الإيمان وإخفاء النفس فإنّهم يتوقّعون المحمدة والثّناء مع ذلك، وقد يمتنعون عن أداء بعض الخدمات لبعض المستحقّين، ويقال لمثل هذا الشخص متخادم.
وأمّا المتشبّهون بالخدام باطلا فهم الذين لا يخدمون بنيّة الثّواب الأخروي، بل إنّ خدمتهم من أجل الدنيا فقط، لكي يستجلبوا الأقوات والأسباب، فإن لم تنفعهم الخدمة في تحصيل مرادهم تركوها.
إذن فخدمة أحدهم مقصورة على طلب الجاه والجلال وكثرة الأتباع، وإنّما نظره في الخدمة العامّة فمن أجل حظّ نفسه، ومثل هذا يسمّى مستخدما.
وأمّا المتشبّه بالعابد حقيقة فهو الرجل الذي ملأ أوقاته بالعبادة حتى استغرق فيها، ولكنه بسبب عدم تزكية نفسه فإنّ طبيعته البشرية تغلبه أحيانا، فيقع بعض الفتور في أعماله وطاعاته، ويقال لمن لم يجد بعد لذّة العبادة وما زال يجاهد نفسه في أدائها إنّه متعبّد.
وأمّا المتشبّه المبطل بالعابد فهو من جمل المرائين، لأنّ هدفه من العبادة هو السّمعة بين الناس، وليس في قلبه إيمان بالآخرة، وما لم ير الناس منه أعماله فلا يؤدّي منها شيئا. ويقال أيضا لهذا وأمثاله متعبّد. انتهى ما في توضيح المذاهب.

ويقول في مرآة الأسرار: إنّ طبقات الصوفية سبعة: الطالبون والمريدون والسالكون والسائرون والطائرون والواصلون، وسابعهم القطب الذي قلبه على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو وارث العلم اللّدني من النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس، وهو صاحب لطيفة الحق الصحيحة ما عدا النبي الأمّي.
والواصل هو الشخص الذي أصبحت قواه اللطيفة مزكّاة على لطيفة الحق.
والطائر هو الذي وصل إلى اللطيفة الروحية.
والسائر هو الذي يكون صاحب قوى مزكية للّطيفة السرية.
والسالك هو من يكون صاحب قوى مزكية للطيفة القلبية.
والمريد هو صاحب قوى مزكية للطيفته النفسية.
والطالب هو صاحب قوى مزكية للطيفته الخفية الجسمية.
وتبلغ عدّة أفراد هذه الطائفة 360 شخصا مثل أيام السنة الشمسية.

ويقولون: إنّ رجال الله هم الأقطاب والغوث والإمامان اللذان هما وزيرا القطب والأوتاد والأبدال والأخيار والأبرار والنّقباء والنّجباء والعمدة والمكتومون والأفراد أي المحبوبون.
والنّقباء ثلاثمائة شخص واسم كلّ منهم علي.
والنّجباء سبعون واسم كل واحد منهم حسن.
والأخيار سبعة واسم كلّ منهم حسين.
والعمدة أربعة واسم كلّ منهم محمد.
والواحد هو الغوث واسمه عبد الله. وإذا مات الغوث حلّ محله أحد العمدة الأربعة، ثم يحلّ محلّ العمدة واحد من الأخيار، وهكذا يحلّ واحد من النجباء محلّ واحد من الأخيار ويحلّ محلّ أحد النقباء الذي يحلّ محله واحد من الناس.
وأمّا مكان إقامة النّقباء في أرض المغرب أي السويداء واليوم هناك من الصبح إلى الضحى وبقية اليوم ليل. أمّا صلاتهم فحين يصل الوقت فإنّهم يرون الشمس بعد طي الأرض لهم فيؤدّون الصلاة لوقتها.
وأمّا النجباء فمسكنهم مصر. وأمّا الأخيار فهم سيّاحون دائما ولا يقرون في مكان. وأمّا العمدة الأربعة ففي زوايا الأرض. وأمّا الغوث فمسكنه مكة، هذا غير صحيح. ذلك لأنّ حضرة السيّد عبد القادر الجيلاني رحمه الله وكان غوثا إنّما أقام في بغداد. هذا وتفصيل أحوال الباقي فسيأتي في مواضعه. ويقول في توضيح المذاهب، المكتومون أربعة آلاف رجل ويبقون مستورين وليسوا من أهل التصرّف. أمّا الذين هم من أهل الحلّ والعقد والتصرّف وتصدر عنهم الأمور وهم مقرّبون من الله فهم ثلاثمائة. وفي رواية خلاصة المناقب سبعة. ويقال لهم أيضا أخيار وسيّاح ومقامهم في مصر. وقد أمرهم الحقّ سبحانه بالسّياحة لإرشاد الطالبين والعابدين. وثمّة سبعون آخرون يقال لهم النّجباء، وهؤلاء في المغرب، وأربعون آخرون هم الأبدال ومقرّهم في الشام، وثمّة سبعة هم الأبرار وهم في الحجاز. وثمّة خمسة رجال يقال لهم العمدة لأنّهم كالأعمدة للبناء والعالم يقوم عليهم كما يقوم المنزل على الأعمدة. وهؤلاء في أطراف العالم. وثمّة أربعون آخرون هم الأوتاد الذين مدار استحكام العالم بهم. كما الطناب بالوتد.
وثلاثة آخرون يقال لهم النّقباء أي نقباء هذه الأمّة. وثمة رجل واحد هو القطب والغوث الذي يغيث كلّ العالم. ومتى انتقل القطب إلى الآخرة حلّ مكانه آخر من المرتبة التي قبله بالتسلسل إلى أن يحلّ رجل من الصلحاء والأولياء محل أحد الأربعة.

وفي كشف اللغات يقول: الأولياء عدة أقسام: ثلاثمائة منهم يقال لهم أخيار وأبرار، وأربعون: يقال لهم الأبدال وأربعة يسمّون بالأوتاد، وثلاثة يسمّون النقباء، وواحد هو المسمّى بالقطب انتهى.

ويقول أيضا في كشف اللغات: النّجباء أربعون رجلا من رجال الغيب القائمون بإصلاح أعمال الناس. ويتحمّلون مشاكل الناس ويتصرّفون في أعمالهم. ويقول في شرح الفصوص: النّجباء سبعة رجال، يقال لهم رجال الغيب، والنقباء ثلاثمائة ويقال لهم الأبرار.
وأقلّ مراتب الأولياء هي مرتبة النقباء.
وأورد في مجمع السلوك أنّ الأولياء أربعون رجلا هم الأبدال، وأربعون هم النقباء، وأربعون هم النجباء، وأربعة هم الأوتاد، وسبعة هم الأمناء، وثلاثة هم الخلفاء.
سادات الخلق). وقال أبو عثمان المغربي: البدلاء أربعون والأمناء سبعة والخلفاء من الأئمة ثلاثة، والواحد هو القطب: فالقطب عارف بهم جميعا ومشرق عليهم ولم يعرفه أحد ولا يتشرق عليه، وهو إمام الأولياء والثلاثة الذين هم الخلفاء من الأئمة يعرفون السبعة ويعرفون الأربعين وهم البدلاء، والأربعون يعرفون سائر الأولياء من الأئمة ولا يعرفهم من الأولياء أحد، فإذا نقص واحد من الأربعين أبدل مكانه من الأولياء، وكذا في السبع والثلاث والواحد إلّا أن يأتي بقيام الساعة انتهى.
وفي الإنسان الكامل أمّا أجناس رجال الغيب فمنهم من بني آدم ومنهم من هو من أرواح العالم وهم ستة أقسام مختلفون في المقام. القسم الأول هم الصنف الأفضل والقوم الكمّل أفراد الأولياء المقتفون آثار الأولياء غابوا من عالم الأكوان في الغيب المسمّى بمستوى الرحمن فلا يعرفون ولا يوصفون وهم آدميون.
والقسم الثاني هم أهل المعاني وأرواح الأداني يتنوّر الولي بصورهم فيكلّم الناس في الظاهر والباطن ويخبرهم فهم أرواح كأنّهم أشباح للقوة الممكنة في التصوير في الذين سافروا من عالم الشهود ووصلوا إلى فضاء غيب الوجود فصار عينهم شهادة وأنفاسهم عبادة، هؤلاء هم أوتاد الأرض القائمون لله بالسّنة والفرض. القسم الثالث ملائكة الإلهام والبواعث يطرقون الأولياء ويكلّمون الأصفياء لا يبرزون إلى عالم الأجسام ولا يعرفون بعوام الناس. القسم الرابع رجال المفاجأة في المواقع وإنّما يخرجون عن عالمهم ولا يوجدون في غير عالمهم، ولا يوجدون في غير معالمهم يتصوّرون بسائر الناس في عالم الأجسام، وقد يدخل أجل الصفا إلى ذلك الكوى فيخبرونهم بالمغيبات والمكتومات.
القسم الخامس رجال البسابس هم أهل الخطوة في العالم وهم من أجناس بني آدم يظهرون ويكلمونهم فيجيبون أكثرهم، وسكنى هؤلاء في الجبال والقفار والأودية وأطراف الأنهار إلّا من كان منهم متمكنا فإنّه يأخذ من المدن مسكنا غير متشوّق إليه ولا معوّل عليه. القسم السادس يشبهون الخواطر لا الوساوس هم المولّدون من أب التفكّر وأم التصوّر لا يعبأ بأقوالهم ولا يتشوّق إلى أمثالهم فهم بين الخطأ والصواب وهم أهل الكشف والحجاب.

الرؤيا

الرؤيا:
[في الانكليزية] Vision ،reverie ،fantasm ،dream
[ في الفرنسية] Vision ،reverie ،fantasm ،reve
بالضم وسكون الهمزة الرؤيا المنامية أو ما يرى في النّوم كما في المنتخب. وأمّا في مجمع السّلوك فيقول: ثمّة فرق بين الرؤيا وبين ما يرى من وقائع من وجهين: الاوّل: من طريق الصّورة والثاني: من طريق المعنى. فالموافقة من طريق الصّورة تكون بين النوم واليقظة. وإمّا تكون صرفا في اليقظة وأمّا من طريق المعنى: فذلك بأنّ حجاب الخيال يخرج وهو غيبي صرف.
مثلما الروح في مقام التجرّد عن الأوصاف البشرية تدرك ذلك. وهذه واقعة روحانية مطلقة وحينا تكون بتأييد من نظر الروح بنور إلهي.
وهذا النوع واقعة ربّانية صرفة لأنّ المؤمن ينظر بنور الله تعالى.
وأمّا المنام فهو عند زوال الإحساس بالكليّة، وصار الشأن للخيال وعندئذ تبدأ المخيّلة برؤية أشياء بعد غلبة الحواس. وهذا النوع من التخيّلات على قسمين:

أحدها: أضغاث أحلام وهي رؤى تدركها النفس بواسطة الخيال، وهي وساوس شيطانية وهواجس نفسانية من إلقاء النفس أو الشيطان.
وله خيال مصوّر مناسب ولا تعبير له.

والثاني: الرؤيا الجيّدة وهي التي يقال لها الرؤيا الصالحة وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوّة، كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام. وتوجيه هذا الحديث بأنّ مدة أيام نبوته صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة ومن بينها ستّة أشهر في الابتداء، كان الوحي يتنزّل على النبي صلى الله عليه وسلم في عالم الرؤيا. فبناء على هذا تعدّ الرؤيا الصالحة جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

والرؤيا الصالحة ثلاثة أنواع: أحدها: ما لا يحتاج إلى تأويل أو تعبير مثل رؤيا إبراهيم عليه السلام التي تنصّ بصراحة: إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ الصافات 102.

ثانيها: ما يحتاج فيها إلى التأويل في بعضها وبعضها الآخر واضح لا حاجة إلى تأويله، كما في رؤيا يوسف عليه السلام: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ سورة يوسف: 4. فالأحد عشر كوكبا والشمس والقمر محتاجة إلى تأويل، أمّا السجود فظاهر خَرُّوا لَهُ سُجَّداً.

ثالثها: ما كان في حاجة إلى تأويل بالجملة كرؤيا ملك مصر: إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ ... سورة يوسف 43.

وفي الحقيقة: إنّ الرؤيا الصالحة بشكل عام ليست هي التي يكون تأويلها صحيحا وأثرها ظاهرا لأنّ ذلك يقع للمؤمن والكافر. بل إنّ الرؤيا الصالحة هي تلك المؤيّدة بالنور الإلهي. وهذه لا تكون إلّا لنبي أو ولي أو مؤمن، وهي جزء من أجزاء النبوة.

إذن: إذا كانت النفس مؤيّدة بتأييد نور الروح لا بتأييد النور الإلهي فليست تلك برؤيا صالحة.

ويقول صاحب مرصاد العباد: الرؤيا نوعان:
رؤيا صالحة، ورؤيا صادقة. أمّا الرؤيا الصالحة فهي التي يراها المؤمن أو الوليّ أو النبي ويصدق تعبيرها، أو يكون تأويلها صحيحا. وهكذا يتحقّق ما كان رآه كما هو. وهذا من ظهور الحقّ.
والرؤيا الصادقة هي التي بدون تأويل تقع بعينها أو يصحّ تأويلها وهي من ظهور الروح. ويمكن أن تقع للمؤمن أو الكافر على السواء.
اعلم بأنّ بعض الأمور قد تحصل للمؤمن السّالك، فكذلك يمكن حصول بعض الأمور لبعض الفلاسفة والرهبان والبراهمة، وعلّة ذلك قوة الرياضة الروحية وصفاء القلب حتى تصبح الروح قوية وتنكشف لها بعض الأنوار الروحانية. وأحيانا يخبرون عن أمور دنيوية مستقبلة، وقد يطلعون على أحوال بعض الناس.
وهذا لن يكون سببا لقربهم وقبولهم عند الله.
لا، لن يكون سببا لنجاتهم بل ربّما كان سببا في ضلالاتهم وكفرهم، بل وزيادة ذلك واستدراجا لهم. أمّا السّالك الموحّد فتحصل له بعض (الكشوفات) بسبب ظهور الحقّ. اعلم أنّ رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك جميع الأنبياء والشمس والقمر والنجوم اللامعة في النوم هي رؤيا حقّ.
ولا يستطيع الشيطان أن يتمثّل بواحد منها.

وكذلك قالوا: إنّ الغيوم التي تهطل منها الأمطار هي في المنام حقّ أيضا. لأنّ الشيطان لا يتمثّل بذلك. وكذلك رؤية أحد الشيوخ الأفاضل الموصوف بكونه من أهل العلم بالشّريعة والحقيقة والطّريقة. أمّا من ليس كذلك فيمكن للشيطان أن يتمثّل به. أمّا البحث حول كيفية رؤية النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم فثمّة اختلاف. قال عليه السلام «من رآني في المنام فقد رآني» قال القاضي الباقلاني: معناه رؤيا عليه السلام صحيحة ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبيهات الشيطان، فإنّه قد يراه الرائي على خلاف صفته المعروفة كمن يراه أبيض اللحية، وقد يراه شخصان في زمان واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب، ويراه كل منهما في مكانه. وقال آخرون بل الحديث على ظاهره وليس لمانع أن يمنعه، فإنّ الفعل لا يستحيله حتى يضطر إلى التأويل. وأمّا قوله فإنّه قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين فإنّه تغيّر في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته مرئية، والرؤية أمر يخلقها الله تعالى في الحيّ لا بشرط لا بمواجهة ولا تحديق الأبصار ولا كون المرئي ظاهرا، بل الشرط كونه موجودا فقط حتى جاز رؤية أعمى الصين بقّة أندلس، ولم يقم دليل على فناء جسمه صلّى الله عليه وآله وسلّم، بل جاء في الحديث ما يقتضي بقاؤه. وقال أبو حامد الغزالي ليس معناه أنه رأى جسمي وبدني بل رأى مثالا صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسي إليه، بل البدن في اليقظة أيضا ليس إلّا آلة النفس. فالحق أنّ ما يراه مثال حقيقة روحه المقدّسة التي هي محل النبوة. فما رآه من الشكل ليس روح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق. أقول فله ثلاث توجيهات وخير الأمور أوساطها، قوله عليه السلام: «فإنّ الشيطان لا يستطيع أن يتمثّل بي» أي لا يتمثّل ولا يتصوّر بصورتي. قال القاضي عياض: قال بعضهم خصّ الله تعالى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّ رؤية الناس إيّاه صحيحة وكلّها صدق، ومنع الشيطان أن يتمثّل في خلقه لئلّا يكذب على لسانه في النوم، كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء بالمعجزة. وكما استحال أن يتصوّر الشيطان في صورته في اليقظة. قال محي السنة: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حقّ لا يتمثّل الشيطان به وكذلك جميع الأنبياء والملائكة عليهم السلام انتهى. فإن قلت إذا قلنا إنّه رآه حقيقة فمن رآه في المنام هل يطلق عليه الصحابي أم لا؟ قلت لا إذ لا يصدق عليه حدّ الصحابي وهو مسلم رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذ المراد منه الرؤية المعهودة الجارية على العادة أو الرؤية في حياته في الدنيا، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو المخبر عن الله تعالى وهو ما كان مخبرا للناس عنه إلّا في الدنيا لا في القبر. ولذا يقال مدة نبوته ثلاث وعشرون سنة. على أنّا لو التزمنا إطلاق لفظ الصحابي عليه لجاز وهذا أحسن وأولى.
فإن قلت الحديث المسموع عنه في المنام هل هو حجة يستدل بها أم لا؟ قلت لا إذ يشترط في الاستدلال به أن يكون الراوي ضابطا عند السماع والنوم ليس حال الضبط كما في كرماني شرح صحيح بخاري. وقال عبد الله: قوله من رآني في المنام أي رآني على نعتي التي أنا عليه، فلو رآه على غير نعته لم يكن رآه لأنّه قال رآني، وهو إنّما يقع على نعته. وفي مفتاح الفتوح وسراج المصابيح أيضا قيل المعنى والله أعلم أنّه إذا رأى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الصورة التي كان عليها فقد رأى الحق أي رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حقيقة، وليس المراد أنّه إذا رأى شخصا يوهم أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي أي في صورتي. وقيل: على أي صفة رآه فهو صحيح. وذكر في المطالب واختلف في رؤيته صلى الله عليه وسلم في خلاف صورته. قيل لا يكون رؤية له والصحيح أنّه حقيقة سواء رآه على صفته المعروفة أو لم يكن، ورؤيته عليه السلام حال كون الرائي جنبا صحيحة.
اعلم أنّ رؤية الله تعالى في المنام أمر محقّق وتحقيقه أنّه تعالى مع كونه مقدّسا منزّها عن الشكل والصورة ينتهي تعريفاته تعالى إلى العبد بواسطة مثال مخصوص من نور وغيره من الصور الجميلة يكون مثالا للنور الحقيقي المعنوي لا صورة فيه، ولا لون، هكذا في العثور على دار السرور.
اعلم أنّ السّالك قد يكون في عالم النفس والهوى فيرى في المنام أو الحال أنّه الرّب فيكون الرؤيا صحيحا محتاجا إلى التعبير، وتعبيره أنّ ذلك الشخص بعد عبد نفسه يحبه ويعمل له ما يحب فيكون بعد ممن اتخذ إلهه هواه فيرى في الواقعة أنّه الرّب المعبود له فيجب عليه أن يجتنب من طاعة النفس والهوى والقيام بما يشتهي ويهوى، ويكسرها بالمجاهدة والرياضة، ولا يظن أنّ ما رآه هو عينه تعالى، إذ ليس له تعالى حلول فهذه الرؤية، مثل ما يرى سائر العوام في منامهم حيث يرى أنّه آدم أو نوح أو موسى أو عيسى أو جبرئيل أو ميكائيل من ملائكة الله تعالى، وأنه طير أو سبع أو ما أشبه ذلك، ويكون لذلك الرؤيا تعبير صحيح وإن لم يكن كما رأى، يعني عامة الناس إذا رأى أحدهم في منامه النبي صلى الله عليه وسلم أو ملاكا أو طائرا أو حيوانا أو حيوانا مفترسا فليس ذاك هو عين ما رأوه، بل إنّ لهذه الرؤيا تعبير صحيح، وكذلك حال السّالك المذكور الذي يرى الرّبّ في النوم. انتهى ما ذكر في مجمع السلوك في مواضع، ويجيء هذا أيضا في لفظ الوصال.
اعلم أنّه قال في شرح المواقف في المقصد العاشر من مرصد القدرة: وأما الرؤيا فخيال باطل عند جمهور المتكلّمين. قيل هذا بناء على الأغلب والأكثر إذ الغالب منه أضغاث الأحلام، أو المراد أنّ رؤيا من لا يعتاد الصدق في الحديث «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» أو لمن كثر معاصيه لأنّ من كان كذلك أظلم قلبه. أما عند المعتزلة فلفقد شرائط الإدراك حال النوم من المقابلة وغيرها. وأما عند الأصحاب فلأنّ النوم ضدّ للإدراك فلا يجامعه فلا يكون الرؤيا إدراكا حقيقة بل من قبيل الخيال الباطل. وقال الأستاذ أبو إسحاق إنّه أي المنام إدراك حقّ بلا شبهة انتهى. وهذا هو المذهب المنصور الموافق للقرآن والحديث ويؤيده ما وقع في العيني شرح صحيح البخاري في شرح قوله «أول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة» الحديث. إن قيل ما حقيقة الرؤيا الصالحة أجيب بأنّ الله تعالى يخلق في قلب النائم أو في حواسه الأشياء كما يخلقها في اليقظان، وهو سبحانه يفعل ما يشاء ولا يمنعه نوم ولا غيره عنه. فربّما يقع ذلك في اليقظة كما رآه في المنام وربّما جعل ما رآه علما على أمور يخلقها في ثاني الحال، أو كان قد خلقها فتقع تلك كما جعل الله تعالى انتهى.

ثم قال في شرح المواقف: وقال الحكماء المدرك في النوم يوجد ويرتسم في الحسّ المشترك وذلك الارتسام على وجهين. الأول أن يرد ذلك المدرك على الحسّ المشترك من النفس الناطقة التي تأخذه من العقل الفعّال، فإنّ جميع صور الكائنات مرتسم فيه. ثم إنّ ذلك الأمر الكلي المنتقش في النفس يلبسه ويكسوه الخيال صورا جزئية إمّا قريبة من ذلك الأمر الكلي أو بعيدة منه فيحتاج إلى التعبير، وهو أن يرجع المعبّر رجوعا قهقريا مجرّدا له، أي للمدرك في النوم عن تلك الصور التي صوّرها الخيال حتى يحصل المعبّر بهذا التجريد إمّا بمرتبة أو بمراتب على حسب تصرّف المتخيّلة في التصوير، والكسوة ما أخذته النفس من العقل الفعّال فيكون هو الواقع. وقد لا يتصرّف فيه الخيال فيؤديه كما هو بعينه أي لا يكون هناك تفاوت إلّا بالكلية والجزئية فيقع من غير حاجة إلى التعبير. والثاني أن يرد على الحسّ المشترك لا من النفس بل إمّا من الخيال مما ارتسم فيه في اليقظة، ولذلك من دام فكره في شيء يراه في منامه. وقد تركّب المتخيّلة صورة واحدة من الصور الخيالية المتعددة وتنقشها في الحسّ المشترك فتصير مشاهدة، مع أنّ تلك الصورة لم تكن مرتسمة في الخيال من الأمور الخارجة، وقد تفصل أيضا بعض الصور المتأدّية إليه من الخارج وترسمها هناك. ولذلك قلّما يخلو النوم عن المنام من هذا القبيل. وإمّا مما يوجبه مرض كثوران خلط أو بخار. ولذلك [فإن] الدموي يرى في المنام الحمر، والصفراوي النيران والأشعّة، والسوداوي يرى الجبال والأدخنة، والبلغمي المياه والألوان البيض.
وبالجملة فالمتخيّلة تحاكي كل خلط أو بخار بما يناسبه وهذا المدرك بقسميه من قبيل أضغاث أحلام لا يقع هو ولا تعبيره، بل لا تعبير له انتهى. لقد قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في شرح المشكاة: اعلم أنّ ثمّة خلافا حول تحقيق معنى الرؤيا لدى العقلاء بسبب الإشكال الوارد هنا، وهو أنّ النوم عكس الإدراك. إذن فما يرى (في المنام) ما هو؟ وأكثر المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة على أنّ ذلك خيال باطل وليس بإدراك حقيقي.
أمّا عند المعتزلة فلأنّ للإدراك شرائط مثل المقابلة وخروج الشّعاع من العين المبصرة وتوسّط الهواء الشّفّاف وأمثال ذلك، وهذا كله مفقود في المنام. إذن ما هو إلّا خيالات فاسدة وأوهام باطلة.

وأمّا عند الأشاعرة: فمن حيث إنّ النوم نقيض الإدراك. ولم تجر العادة الإلهية بخلق الإدراك في النائم. إذن ما يوجد ليس إدراكا حقيقة بل هو خيال باطل. وأمّا مرادهم من ذلك فهو بطلان كونه إدراكا حقيقيا وليس عدم اعتباره بالتعبير أو بعدمه. وذلك لأنّ الإجماع على صحّة الرؤيا الصالحة وأنّها حقيقة وحقّة عند أهل الحقّ.

ثم إنّ الأشاعرة يقولون: ليس في الرؤيا إدراكا حقيقيا ولكنه مع ذلك فهو ثابت وله تعبير.

وقال «الطيبي»: إنّ حقيقة الرؤيا إظهار الحقّ سبحانه وتعالى في قلب النائم علوما ومشاهد كما في اليقظان. والله سبحانه قادر على ذلك، وليس سببه اليقظة. وكذلك ليس النوم بمانع منه، كما هو مذهب أهل السّنة في باب الحواس الخمس الظاهرة، فعادة الحقّ سبحانه جارية بأنّه حين استعمال الحواس يظهر الإدراك، وذلك ليس بمعنى أنّ الحواس موجبة لذلك، بل إنّ ذلك كائن بخلق الله لذلك الإدراك، وليس بفضل الحواس وحدها. وإن في خلق الإدراكات في النائم علامة وإشارة إلى أمور أخرى تعرض في حال أخرى (اليقظة) كما هو تعبيرها، كما أن الغيم دليل على وجود المطر. وبناء على هذا القول تكون الرؤيا إدراكا حقيقة، وليس بين النوم واليقظة فرق من باب تحقّق الإدراك الباطنــي. نعم في باب إدراك الحواس الظاهرة ثمّة فرق وذلك لأنّه في حالة النوم تكون الحواس الظاهرة معطّلة. أمّا الحواس الظاهرة فلا دخل لها أصلا في الإدراكات التي ترى في النوم، مثلما في حالة اليقظة لا دخل لها في الإدراكات الباطنــية كإدراك الجوع والعطش والحرارة الباطنــية والبرودة وحاجات الإنسان الأخرى كالتّبوّل وغيرها.
ثم إنّ تحقيق الحكماء في باب الرؤيا متوقّف على تحقّق الحواس الباطنــة، وثبوتها مبنيّ على قواعدهم، أما حسب الأصول الإسلامية فغير كاملة كما هو مبين ومفصّل في كتب الكلام، وسنوردها هنا بطريق الإجمال:
إنّ في الإنسان قوّة متصرّفة ومن شأنها تركيب الصور والمعاني. وعليه فإذا تصرّف الإنسان في الصور وركبها بحيث ضمّ بعضها إلى بعض مثل إنسان ذي رأسين أو أربعة أيادي وأمثال ذلك، أو أن يشطر بعض الصور كإنسان بلا رأس أو بدون يد، وأمثال ذلك. فهذا ما يقال له: المتخيّلة. وأمّا إذا تصرّف في تركيب المعاني كما هو الحال في الصور فتلك هي المتفكرة. وهذه القوة دائما سواء في حال اليقظة والمنام مشغولة وخاصة في حال النوم فإنها أكثر شغلا. وللنفس الناطقة الإنسانية اتصال معنوي روحاني بعالم الملكوت، كما إنّ صور جميع الكائنات من الأزل حتى الأبد مرسومة وثابتة في الجواهر المجرّدة لذلك العالم. وبما أنّ النفس في حالة النوم تفرغ من الاشتغال بإدراك المحسوسات ومن تدبير شئون الجسم والعالم الجسماني لذلك وللاتصال الذي لها بتلك الجواهر المجرّدة العالية، فإنّ بعض الصور تظهر في النفس الناطقة وتنطبع فيها كما تنعكس الصّور على المرآة، ثم تقع من النفس الناطقة إلى الحسّ المشترك، ثم تقوم القوة المتصرّفة الناشئة من الحسّ المشترك بالتفصيل والتركيب، وعليه فحينا تعطي لتلك الصور كسوة ولباسا مختلفا، وبسبب علاقة التّماثل والتّشابه من النظير لنظيره تنتقل مثلما صورة حبة اللؤلؤ تبدو كحبّ الرّمان، وحينا تكون العلاقة مغايرة وتضاد مثل الضحك يأخذ صورة البكاء وبالعكس.
وهذا القسم يحتاج فيه إلى التعبير. وحينا تخرج الرؤيا بجنسها بدون تغيير أو تلبيس، وهذا النوع لا يحتاج إلى تعبير. فكما يرى يقع بعينه.
وحينا تأخذ القوة المتخيّلة جميع هذه الصّور من الصّور الخيالية المخزونة والمحفوظة فيها في حالة اليقظة، ولهذا في كثير من الأحوال يرى في النوم ما يفكّر فيه حالة اليقظة.
وحينا بسبب الأمراض يمكن أن ترى الصّور المناسبة لحاله التي هو فيها مثلما يرى الدموي المزاج ألوانا حمراء، والصفراوي يرى النار والجمر، وفي حال غلبة الرياح يرى نفسه طائرا. وأمّا السوداوي المزاج فيرى الجبال والدخان، وكذلك البلغمي يرى المياه والأمطار والألوان البيضاء، ورؤية هذين القسمين في النوم لا اعتبار لها. ولا تستحقّ التعبير وتسمّى أضغاث أحلام.
وأمّا طائفة الصوفية القائلين بعالم المثال فلهم في هذا المقام تحقيق آخر وهو مذكور في كتبهم.
وأكثر ما تطلق الرؤيا على الرؤيا الصالحة. وأمّا الرؤيا السّيّئة فيقال لها حلم، بضم الحاء؛ وهذا التخصيص شرعي. ولكنه في اللغة يراد به أي نوع من الرؤى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»، متّفق عليه. وفي هذا الحديث يمكن ورود عدد من الإشكالات: أولها: أنّه جزء من النبوة فإذن من ليس بنبي لا يرى رؤيا صالحة. بينما الواقع أنّ الرؤيا الصالحة قد تكون لغير الأنبياء أيضا.

والثاني: هو أنّ النبوة نسبة وصفة، فإذن ما معنى كون الرؤيا الصالحة جزء منها؟.

والثالث: هو أنّ الرؤيا الصالحة كالمعجزات والكشف وبقية أوصاف وأحوال الأنبياء التي هي من نتائج وآثار النبوّة وليس من أجزائها. إذن ما معنى أو ما تأويل وجه الجزئية المذكورة؟

والرابع: أنّ مقام النبوّة قد ختم، بينما الرؤيا الصالحة باقية. إذن كيف يفهم معنى الجزئية من النبوّة، وذلك لأنّ وجود الجزء بدون الكلّ أمر محال مثلما هو الكلّ محال بدون الجزء؟

وأخيرا: ما هو التوجيه لتجزئة النبوة إلى 46 جزءا واعتبار الرؤيا جزءا واحدا منها؟

والجواب على الإشكال الأول: هو أنّ المراد جزء من النبوة بالنسبة للأنبياء لأنّهم يوحى إليهم في المنام. وهذا الجواب يردّ عليه حديث آخر ونصّه: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا. الحديث.
وأمّا الجواب على الإشكالات 2، 3، 4، هو أنّ الرؤيا جزء من أجزاء علوم النبوّة، بل أجزاء طرق علوم النبوّة، وعلوم النبوّة باقية لما ورد في الحديث: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات وهي الرؤيا الصالحة».

وقال بعضهم: المراد هو أنّ الرؤيا الصالحة أثر من آثار النبوّة، وهي من الفيض الإلهي والإلهام الرّباني، وهذا الأثر باق من آثار النبوّة وجزء من أصل النبوّة لا يوصف بالجزئية إلّا باعتبار ما كان.

وقال قوم غيرهم: النبوّة هنا بمعناها (اللغوي) الإنباء، أي أنّ الرؤيا الصالحة هي أخبار صادقة لا كذب فيها. وثمّة تصريح بذلك في بعض الأحاديث. وقال غيرهم: المراد بالجزء ليس المعنى المتعارف عليه عند أهل المعقول (الفلسفة)؛ بل المراد هو أنّ الرؤيا الصالحة صفة من صفات النبوّة وفضيلة من الفضائل العائدة إليها، وقد توجد بعض صفات الأنبياء لدى غير الأنبياء، كما ورد في حديث آخر معناه: الطريق الواضح والفضيلة والحكم والاعتدال من النبوة. والحاصل: هو أنّ جميع صفات الكمال أصلها عائد للنبوّة ومأخوذ من هناك، وأمّا تخصيص الرؤيا بذلك فلمزيد الاختصاص في باب الكشف وصفاء القلب. ولا شكّ أنّ جميع كرامات (الأولياء) ومكاشفاتهم من ظلال النبوّة وشعاع من أشعتها.
أمّا وجه التخصيص بالعدد ستة وأربعين فهو أنّ زمان نبوة (سيدنا محمد) كان 23 سنة، وقد ابتدأ الوحي بالرؤيا الصالحة لمدة ستة أشهر، والنسبة بينهما هي 1/ 46. ولكن «التوريشي» يعترض قائلا: إنّ تعيين مدة النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) بثلاث وعشرين سنة مسلّم لأنّه ورد في روايات يعتدّ بها، أمّا كون الرؤيا وتعيينها في هذه المدة بستة أشهر فشيء من عند قائله ولا توجد أي رواية أو نصّ مؤيّد لذلك. انتهى.

والحاصل: هو أنّه من أجل تعيين المدّة المذكورة لا يوجد أصل أو سند صحيح. نعم ولكن مذهب أكثر أهل الحديث أنّه صلى الله عليه وسلم خلال الأشهر الستة الأولى كان في رتبة النبوة الخاصة، وكان مكلّفا بتهذيب نفسه خاصّة ثم بعد ذلك أمر بالدعوة والبلاغ أي بالرسالة.
وليس في مذهبهم لزوم كون النبي داعيا ومبلّغا إذا كان ما يوحى إليه خاصّ به وحده لتهذيب نفسه فهو كاف لتحقّق مرتبة النبوة. وعليه فإن ثبت أنّ الوحي خلال الأشهر الستة الأولى كان في المنام فقط، ثبت وصح حينئذ كلام القائل بذلك.
ولكن محلّ هذا الكلام وفقا لمذهبهم (أهل الحديث). فإذن فالأحوط في باب تخصيص العدد المذكور 1/ 46 هو التفويض لعلم النبوّة، لأنّ أمثال هذه العلوم من خواص الأنبياء، ولا يوصل بالقياس العقلي، إلى كنهها.
وهكذا أيضا حكم الأعداد في جميع المواضع مثل أعداد الركعات في الصلاة والتسبيحات وأعداد أنصبة الزكاة ومقادير الزكاة وعدد الطواف في الحجّ ورمي الجمار والسّعي وأمثال ذلك.

ويقول صاحب «المواهب اللدنية»: ذكر العلماء مراتب الوحي وطرائقها فعدّوا 46 نوعا، والرؤيا الصادقة واحدة منها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي) متفق عليه.

وقال بعض أرباب التحقيق: إنّ الشيطان يستطيع التمثّل بصورة الرّبّ، ويكذب ويوقع الرائي في الوسوسة بأنّ ما يراه هو الحقّ، ولكن إبليس لا يستطيع أبدا أن يتمثّل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يستطيع الكذب عليه، وذلك لأنّ النبي مظهر للهداية والشيطان مظهر للضلال، وبين الهداية والضلال تباين. أما الحقّ جلّ وعلا فهو مطلق أي أنّه جامع لصفات الهداية والإضلال وجميع الصفات المتعارضة. ثم إنّ دعوى الألوهية من الكائنات البشرية المخلوقة صريحة البطلان وليست محلّ شبهة بخلاف دعوى النبوة.
ولهذا إذا ادّعى أحدهم بدعوى الألوهية فيتصوّر حينئذ صدور خوارق العادات منه كما هو حال فرعون وأمثاله، وكما سيكون من المسيح الدجال فيما بعد. وأمّا ادعاء النبوة كذبا فلا تصاحبها معجزة ظاهرة. وإذا صاحبها خرق للعادة فإنما يكون على خلاف دعوى المدّعي وعلى عكس توقّع المعتقدين. ولذا يقال لخرق العادة للكذاب إهانة، كما حصل لمسيلمة الكذّاب، فقد قال له من حوله: إنّ محمدا تفل على عين رمداء فشفيت، فافعل أنت مثله، ففعل، فعميت عين ذلك الرجل التي تفل فيها.

ثم قالوا له ثانية: إنّ محمدا تفل في بئر غائر ماؤها، ففاضت مياه البئر حتى بلغت أعلى البئر، فافعل مثله. ففعل فجفّت البئر تماما.
ثم اعلم بأنّ ثمة أحاديث كثيرة تدلّ على أنّ كلّ من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقد رآه حقا، ولا يوجد في الأمر أيّ كذب أو شكّ أو بطلان. وابليس الذي يقدر على التصوّر بعدّة صور سواء في النوم أو في اليقظة فذلك من عمله وخصائصه. ولكنه لا يستطيع أن يتشكّل بصورة النبي أبدا ولا أن يكذب عن لسانه، ويلقى بذلك في خيال الرائي. وقد عدّ جمهور العلماء هذا الأمر من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
والآن ذهب قوم إلى أنّ هذه الأحاديث تحمل على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصورته وحليته المخصوصة التي كانت له فقط.

وتوسّع قوم فقالوا: سواء رآه بشكله وصورته في خلال حياته كلّها، أي سواء كان شابا أو كهلا أو في أواخر عمره.

وضيق بعضهم فقالوا: لا بدّ من أن يراه بالصورة النهائية التي غادر بها الدنيا. وقال جماعة آخرون: إنّ رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم بحليته المعروفة وصفاته الموصوفة (في كتب الشمائل) هو رؤية كاملة وحقيقية وإدراك لذاته الكريمة.
وأمّا رؤيته على غير تلك الحالة فهي إدراك للمثال. وكلا النوعين رؤيا حقّ وليست من أضغاث الأحلام، ولا يتمثّل الشيطان بواحدة منهما. لكن النوع الأول حقّ وحقيقة والثاني حقّ وتمثيل. ولا حاجة بالأول إلى التعبير لعدم وجود شبهة أو لبس. والنوع الثاني بحاجة إلى تعبير وعليه: فإنّ معنى الحديث المذكور: بأيّ صورة أرى فهو حقّ وليس من الباطل ولا من الشيطان.

وقال الإمام (النووي) محي السنة: إنّ هذا القول هو أيضا ضعيف، والصحيح هو أنّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان بصفاته المعروفة أو غير ذلك. والاختلاف في الصفات لا يعني اختلاف الذات، فإذن: إنّ المرئي بأي لباس أو أيّ صفة كانت فهو عينه.
وللإمام الغزالي في هذا المقام تحقيق آخر: ومبناه أنّ الإنسان مركّب من جزءين، أحدهما: الروح وهي مجرّدة، والبدن وهو آلة لإيصال الإدراك إليه. وإنّما مراد الرسول من قوله: «فقد رآني» ليس معناه رأى جسمه بل مثالا وهو آلة لتوصيل ذلك المعنى الذي في نفسي بواسطة تلك الآلة، وبدن الإنسان في اليقظة أيضا ليس إلا آلة للنفس لا أكثر.
والآلة حينا تكون حقيقية، وتارة تكون خيالية. إذن فما يراه النائم من شكل ومثال الروح المقدّسة الذي هو محلّ النبوة وليس جسمه أو شخصه.
ومثل هذا رؤية الحقّ سبحانه في المنام فهو منزّه عن الشكل والصورة ولكن الغاية تصبح بواسطة التعريفات الإلهية لدى العباد بواسطة الأمثلة النورانية المحسوسة أو الصور الجميلة، وهذا يشبه الآلة.
وهكذا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الذي تعتبر ذاته الطاهرة روحا مجرّدة عن الشّكل والصورة واللون، ولكنه لمّا كان في حال الحياة فإنّ روحه المقدّسة كانت متعلّقة بذلك البدن الذي هو آلة لإدراك الروح ورؤيتها.
وأمّا بعد ما توارى بدنه الشريف في الروضة النبوية المطهّرة فإنّ الرائين (للنبي صلى الله عليه وسلم) إنما يرون طبقا لمصلحة الوقت ووفقا لتناسب حال الرائي مع الآلات والوسائط لإدراك روح النبي صلى الله عليه وسلم.
فليس المرئي روحه المجرّدة ولا جسمه وبدنه الشريف المخصوص، لأنّ حضور شخص متمكّن في مكان مخصوص وزمان ما بصفات متغايرة وصور مختلفة في أمكنة متعددة لا يتصوّر إلا بطريق التمثّل كما رئيت صورة شخص ما في عدد من المرايا المختلفة وعليه فالمرئي في رؤى الرائين إنّما هو مثالات للروح المقدّسة وهي حقّ. ولا طريق للقول ببطلان ذلك.
أمّا اختلاف الأمثلة فلاختلاف أحوال مرايا القلوب لدى الرائين مثلما تفاوت الأحوال للصّور بحسب تفاوت أحوال المرايا، وإذن:
فكلّ من رآه بصورة حسنة فذلك من حسن دينه، وكلّ من رآه على عكس ذلك فذلك نقصان دينه.
وهكذا إن رآه أحدهم شيخا والآخر شابا وبعضهم طفلا، وأحدهم راضيا وآخر غضبان، وبعضهم ضاحكا وآخرون باكيا. فهذا كله مبني على اختلاف أحوال الرائين.
وعليه فإنّ رؤية الذات النبوية الشريفة هي معيار لمعرفة أحوال الرّائي الباطنــية. وهنا ضابطة مفيدة للسّالكين وبها يعرفون أحوالهم الداخلية إلى أين وصلوا؟ وفي أي مقام هم؟ فيعالجون النّقص. وفي الحقيقة إنّ رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة مرآة صقيلة تنعكس عليها أحوال الرّائين. وعلى هذا القياس قال بعض أرباب التحقيق: إنّ ما يسمعه الرائي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم: يلزم عرضه على السّنّة القولية والفعلية، فإن كانت موافقة لها فهي حقّ، وإذا عارضتها فلعلّة عارضة في سمع الرائي، وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة (بعد وفاته صلى الله عليه وسلم)، فقد قال بعض المحدّثين: لم ينقل شيء من ذلك عن أحد من الصحابة أو التابعين. نعم، وردت حكايات بذلك عن بعض الصالحين في هذا الباب، ويمكن اعتبارها صحيحة وهي كثيرة جدا عن المشايخ تقرب من حدّ التواتر، وإنكار هذا الأمر من باب إنكار الكرامات للأولياء؛ ويقول الإمام الغزالي في كتابه «المنقذ من الضلال»: إنّ أرباب القلوب يشاهدون في اليقظة الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم كلاما، ويقتبسون منهم فوائد.

وقالوا: في الحقيقة إنّ ذلك (المرئي) هو أيضا مثال ولو كان يقظة. انتهى من ترجمةالمشكاة المسمّى بأشعة اللمعات.

الحسّ

الحسّ:
[في الانكليزية] Sense ،sensation
[ في الفرنسية] Sens ،sensation
بالكسر والتّشديد هو القوة المدركة النفسانية، وأيضا وجع يأخذ النساء بعد الولادة.
والحواس هي المشاعر الخمس وهي البصر والسمع والذوق والشم واللمس، كذا في بحر الجواهر. والحواس جمع الحاسة وهي الخمس المذكورة على ما في المنتخب، والاقتصار على تلك الخمس بناء على أنّ أهل اللغة لا يعرفون إلّا هذه الخمس الظاهرة، كما أنّ المتكلمين لا يثبتون إلّا هذه. وأمّا الحواس الخمس الباطنــة وهي الحسّ المشترك والخيال. والوهم والحافظة والمتصرّفة فإنّما هي من مخترعات الفلاسفة. فإن قلت تعريف الحسّ بالقوة المدركة غير جامع على مذهب الفلاسفة لخروج الخيال والذاكرة والمتصرفة لأنها ليست مدركة بل معينة في الإدراك، قلت المراد بالمدركة على مذهبهم القوة التي بها يمكن الإدراك سواء كانت مدركة في نفسها أو معينة.
اعلم أنّ الحكماء والمتكلمين قالوا العقل حاكم بالضرورة بوجود الحواس الخمس الظاهرة لا بحصرها في الخمس، لجواز أن يتحقق في نفس الأمر حاسة أخرى لبعض الحيوانات وإن لم نعلمها، كما أنّ الأكمه لا يعلم قوة الإبصار. ثم إنه لا شكّ أنّ الله تعالى خلق كلّا من الحواس لإدراك أشياء مخصوصة كالسمع لأصوات والذوق للطعوم والشم للروائح لا يدرك بها ما يدرك بالحاسة الأخرى. وأمّا أنّه هل يجوز ذلك ففيه خلاف. فالحكماء والمعتزلة قالوا بعدم الجواز، وأهل السّنة بالجواز، لما أنّ ذلك بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير للحواس فيها، فلا يمتنع أن يخلق عقيب صرف الباصرة إدراك الأصوات مثلا، ولكن اتفقوا على عدم الجواز بالفعل. فإن قيل الذائقة تدرك حلاوة الشيء وحرارته معا، قلنا: لا بل الحلاوة تدرك بالذوق والحرارة باللمس الموجودين في الفم واللسان. وأمّا الحواس الباطنــة فقال الحكماء المفهوم إمّا كلي أو جزئي، والجزئي إمّا صور وهي المحسوسة بإحدى الحواس الظاهرة، وإمّا معان وهي الأمور الجزئية المنتزعة من الصّور المحسوسة، ولكل واحد من الأقسام الثلاثة مدرك وحافظ.
فمدرك الكلي وما في حكمه من الجزئيات المجرّدة عن العوارض المادية هو العقل وحافظة المبدأ الفيّاض. ومدرك الصّور هو الحسّ المشترك وحافظها الخيال. ومدرك المعاني هو الوهم وحافظ الذاكرة؛ ولا بدّ من قوة أخرى متصرّفة سمّيت مفكرة ومتخيلة. وبهذه الأمور السبعة تنتظم أحوال الإدراكات كلها. هذا كلام على الإجمال، وتفصيل كل منها يطلب من موضعه.
تنبيه
الحواس الباطنــة أثبتها بعض الفلاسفة وأنكرها أهل الإسلام. وتوضيحه على ما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في بيان أسباب العلم أنّ المحققين اتفقوا على أنّ المدرك للكليات والجزئيات هو النفس الناطقة، وأنّ نسبة الإدراك إلى قواها نسبة القطع إلى السكين. واختلفوا في أنّ صور الجزئيات المادية ترتسم فيها أو في آلاتها. فذهب جماعة إلى أنّ النفس ترتسم صور الكليات فيها، وصور الجزئيات المادية ترتسم في آلاتها بناء على أنّ النفس بسيطة مجردة، وتكيّفها بالصور الجزئية ينافي بساطتها. فإدراك النفس لها ارتسامها في آلاتها، وليس هناك ارتسامان ارتسام بالذات في الآلات وارتسام بالواسطة في النفس على ما توهم. وذهب جماعة إلى أنّ جميع الصور كلية أو جزئية إنّما ترتسم في النفس لأنّها المدركة للأشياء، إلّا أنّ إدراكها للجزئيات المادية بواسطة لا بذاتها، وذلك لا ينافي ارتسام الصور فيها، غايته أنّ الحواس طرق لذلك الارتسام، مثلا ما لم يفتح البصر لم يدرك الجزئي المبصر ولم يرتسم فيها صورته، وإذا فتحت ارتسمت وهذا هو الحق. فمن ذهب إلى الأول أثبت الحواس الباطنــة ضرورة أنّه لا بدّ لارتسام الجزئيات المادية المحسوسة بعد غيبوبتها وغير المحسوسة المنتزعة عنها من محال. ومن ذهب إلى الثاني نفاها انتهى كلامه. وإنّما قال إنّ المحققين اتفقوا لأنّ بعض الحكماء ذهب إلى أنّ المدرك للكليات وما في حكمها من الجزئيات المجرّدة هو النفس الناطقة، والمدرك للجزئيات المادية هو هذه القوى الجسمانية من الحواسّ الظاهرة والباطنــة، على هذا المذهب أيضا إثبات الحواس الباطنــة ضروري.
فائدة:
إدراكات الحواس الخمس الظاهرة عند الشيخ الأشعري علم بمتعلّقاتها. فالسمع أي الإدراك بالسامعة علم بالمسموعات، والإبصار أي الإدراك بالباصرة علم بالمبصرات وهكذا.
وخالفه فيه جمهور المتكلمين، فإنّا إذا علمنا شيئا كاللون مثلا علما تاما ثم رأيناه فإنّا نجد بين الحالين فرقا ضروريا. وللشيخ أن يجيب بأنّ ذلك الفرق الوجداني لا يمنع كونه علما مخالفا لسائر العلوم المستندة إلى غير الحواس مخالفة إمّا بالنوع أو بالهوية. وإن شئت الزيادة فارجع إلى شرح المواقف.
فائدة:
جميع الحواس مختصّ بالحيوان لا يوجد في غيره كالنباتات والمعادن، واللمس يعمّ جميع الحيوانات لأنّ بقاءه باعتدال مزاجه، فلا بد له من الاحتراز عن الكيفيات المفسدة إيّاه.
فلذا جعل اللمس منتشرا في جميع الأعضاء.
ولذا سمّيت الملموسات بأوائل المحسوسات.
وأما سائر الحواس فليست بهذه المثابة، فقد يخلو الحيوان عنه كالخراطين الفاقد للحواس الأربع الظاهرة.

الإحساس

الإحساس: إِدْرَاك الشَّيْء بِإِحْدَى الْحَواس الْخمس الظَّاهِرَة أَو الْبَاطِنَــة فَإِن كَانَ الإحساس بالحس الظَّاهِر فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بالحس الْبَاطِن فَهُوَ الوجدان وَإِن أردْت أَن تعقل الْإِحْسَان بتفصيله فَانْظُر فِي التعقل.
الإحساس:
[في الانكليزية] Sensation
[ في الفرنسية] Sensation
بكسرة الهمزة هو قسم من الإدراك، وهو إدراك الشيء الموجود في المادّة الحاضرة عند المدرك مكنوفة بهيئات مخصوصة من الأين والكيف والكم والوضع وغيرها. فلا بدّ من ثلاثة أشياء: حضور المادة واكتناف الهيئات وكون المدرك جزئيا، كذا في شرح الإشارات.
والحاصل أنّ الإحساس إدراك الشيء بالحواس الظاهرة على ما يدلّ عليه الشروط المذكورة.
وإن شئت زيادة التوضيح فاسمع أنّ الحكماء قسّموا الإدراك على ما أشار إليه شارح التجريد إلى أربعة أقسام: الإحساس وهو ما عرفت، والتخيّل وهو إدراك الشيء مع تلك الهيئات المذكورة في حال غيبته بعد حضوره، أي لا يشترط فيه حضور المادة بل الاكتناف بالعوارض وكون المدرك جزئيا، والتوهّم وهو إدراك معان جزئية متعلّقة بالمحسوسات، والتعقّل وهو إدراك المجرّد عنها كليا كان أو جزئيا، انتهى. ولا خفاء في أنّ الحواس الظاهرة لا تدرك الأشياء حال غيبتها عنها ولا المعاني الجزئية المتعلّقة بالمحسوسات ولا المجرّد عن المادة، بل إنما تدرك الأشياء بتلك الشروط المذكورة. وإنّ المدرك من الحواس الباطنــة ليس إلّا الحسّ المشترك فإنه يدرك الصور المحسوسة بالحواس الظاهرة ولكن لا يشترط في إدراكه حضور المادة، فإدراكه من قبيل التخيّل إذ في التخيّل لا يشترط حضور المادة. ولذا قيل في بعض حواشي شرح الإشارات إنّ التخيّل هو إدراك الحسّ المشترك الصور الخيالية إلّا الوهم فإنه يدرك المعاني لا الصور، فإدراكه من قبيل التوهّم. وأما إدراك العقل فلا يكون إلّا من قبيل التعقل فإنه لا يدرك الماديات، فثبت أنّ الإحساس هو إدراك الحواس الظاهرة، والتخيّل هو إدراك الحسّ المشترك، والوهم هو إدراك التوهّم، والتعقّل هو إدراك العقل، والله تعالى أعلم. هذا وقد يسمّى الكلّ إحساسا لحصولها باستعمال الحواس الظاهرة أو الباطنــة، صرح بذلك المولوي عبد الحكيم في حاشية القطبي في مبحث الكليّات. وبالجملة فللإحساس معنيان أحدهما الإدراك بالحواس الظاهرة والآخر بالحواس الظاهرة أو الباطنــة، وأما التعقّل فليس إحساسا بكلا المعنيين.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.