بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت خفيفة: كورة بــالأردن.
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت خفيفة: كورة بــالأردن.
جزر: الجَزْرُ: ضِدُّ المَدِّ، وهو رجوع الماء إلى خلف. قال الليث:
الجَزْرُ، مجزوم، انقطاعُ المَدِّ، يقال مَدَّ البحرُ والنهرُ في كثرة الماء
وفي الإِنقطاع
(* قوله: «وفي الانقطاع» لعل هنا خذفاً والتقدير وجزر في
الانقطاع أَي اِنقطاع المد لان الجزر ضد المد). ابن سيده: جَزَرَ البحرُ
والنهر يَجْزِرُ جَزْراً انْجَزَرَ. الصحاح: جزر الماءُ يَجْزُرُ
ويَجْزِرُ جَزْراً أَي نَضَب. وفي حديث جابر: ما جَزَرَ عنه البحرُ فَكُلْ، أَي
ما انكشف عنه من حيوان البحر. يقال: جَزَرَ الماءُ يَجْزُِرُ جَزْراً إِذا
ذهب ونقص؛ ومنه الجَزْر والمَدُّ وهو رجوع الماء إِلى خَلْف.
والجزِيرةُ: أَرضٌ يَنْجَزِرُ عنها المدُّ. التهذيب: الجزِيرةُ أَرض في
البحر يَنُفَرِجُ منها ماء البحر فتبدو، وكذلك الأَرض التي لا يعلوها
السيل ويُحْدقُ بها، فهي جزيرة. الجوهري: الجزيرة واحدة جزائر البحر، سميت
بذلك لانقطاعها عن معظم الأَرض. والجزيرة: موضع بعينه، وهو ا بين دِجْلَة
والفُرات. والجزيرة: موضع بالبصرة أَرض نخل بين البصرة والأُبُلَّة خصت
بهذا الاسم. والجزيرة أَيضاً: كُورَةٌ تتاخم كُوَرَ الشام وحدودها. ابن
سيده: والجزيرة إِلى جَنْبِ الشام. وجزيرة العرب ما بين عَدَنِ أَبْيَنَ
إِلى أَطوارِ الشام، وقيل: إِلى أَقصى اليمن في الطُّول، وأَما في العَرْضِ
فمن جُدَّةَ وما والاها من شاطئ البحر إِلى رِيفه العراق، وقيل: ما بين
حفر أَبي موسى إِلى أَقصى تهامة في الطول، وأَما العرض فما بين رَمْلِ
يَبْرِين إِلى مُنْقَطَعِ السَّماوة، وكل هذه المواضع إِنما سميت بذلك
لأَن بحر فارس وبحر الحبش ودجلة والفرات قد أَحاطا بها. التهذيب: وجزيرة
العرب مَحَالُّها، سميت جزيرة لأَن البحرين بحر فارس وبحر السودان أَحاط
بناحيتيها وأَحاط بجانب الشمال دجلة والفرات، وهي أَرض العرب ومعدنها. وفي
الحديث: أَن الشيطان يئس أَن يُعْبَدَ في جزيرة العرب؛ قال أَبو عبيد: هو
اسم صُقْع من الأَرض وفسره على ما تقدم؛ وقال مالك بن أَنس: أَراد بجزيرة
العرب المدينة نفسها، إِذا أَطلقت الجزيرة في الحديث ولم تضف إِلى العرب
فإِنما يراد بها ما بين دِجْلَة والفُرات. والجزيرة: القطعة من الأَرض؛
عن كراع.
وجَزَرَ الشيءَ
(* قوله: «وجزر الشيء إلخ» من بابي ضرب وقتل كما في
المصباح وغيره). يَجْزُرُه ويَجْزِرُه جَزراً: قطعة. والجَزْرُ: نَحْرُ
الجَزَّارِ الجَزُورَ. وجَزَرْتُ الجَزُورَ أَجْزُرُها، بالضم، واجْتَزَرْتُها
إِذا نحرتها وجَلَّدْتَها. وجَزَرَ الناقة يَجْزُرها، بالضم، جَزْراً:
نحرها وقطعها.
والجَزُورُ: الناقة المَجْزُورَةُ، والجمع جزائر وجُزُرٌ، وجُزُرات جمع
الجمع، كطُرُق وطُرُقات. وأَجْزَرَ القومَ: أَعطاهم جَزُوراً؛ الجَزُورُ:
يقع على الذكر والأُنثى وهو يؤنث لأَن اللفظة مؤنثة، تقول: هذه الجزور،
وإِن أَردت ذكراً. وفي الحديث: أَن عمر أَعطى رجلاً شكا إِليه سُوءَ
الحال ثلاثة أَنْيابٍ جَزائرَ؛ الليث: الجَزُورُ إِذا أُفرد أُنث لأَن أَكثر
ما ينحرون النُّوقُ. وقد اجْتَزَرَ القومَ جَزُوراً إِذا جَزَرَ لهم.
وأَجْزَرْتُ فلاناً جَزُوراً إِذا جعلتها له.
قال: والجَزَرُ كل شيء مباح للذبح، والواحد حَزَرَةٌ، وإِذا قلت أَعطيته
جَزَرَةً فهي شاة، ذكراً كان أَو أُنثى، لأَن الشاة ليست إِلاَّ للذبح
خاصة ولا تقع الجَزَرَةُ على الناقة والجمل لأَنهما لسائر العمل. ابن
السكيت: أَجْزَرْتُه شاةً إِذا دفعت إِليه شاة فذبحها، نعجةً أَو كبشاً أَو
عنزاً، وهي الجَزَرَةُ إِذا كانت سمينة، والجمع الجَزَرُ، ولا تكون
الجَزَرَةُ إِلاَّ من الغنم. ولا يقال أَجْزَرْتُه ناقة لأَنها قد تصلح لغير
الذبح. والجَزَرُ: الشياه السمينة، الواحدة جَزَرَةٌ ويقال: أَجزرت القومَ
إِذا أَعطيتهم شاة يذبحونها، نعجةً أَو كبشاً أَو عنزاً. وفي الحديث:
أَنه بعث بعثاً فمروا بأَعرابي له غنم فقالوا: أَجْزِرْنا؛ أَي أَعطنا شاة
تصلح للذبح؛ وفي حديث آخر: فقال يا راعي أَجْزِرْني شاةً؛ ومنه الحديث:
أَرأَيتَ إِن لَقِيتُ غَنَمَ ابن عمي أَأَجْتَزِرُ منها شاةً؟ أَي آخذ منها
شاة وأَذبحها. وفي حديث خَوَّاتٍ: أَبْشِرْ بِجزَرَةٍ سمينة أَي شاة
صالحة لأَنْ تُجْزَرَ أَي تذبح للأَكل، وفي حديث الضحية: فإِنما هي جَزَرَةٌ
أَطَعَمَها أَهله؛ وتجمع على جَزَرٍ، بالفتح. وفي حديث موسى، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام؛ والسحَرةِ: حتى صارت حبالهم للثُّعبان جَزَراً،
وقد تكسر الجيم. ومن غريب ما يروى في حديث الزكاة: لا تأْخذوا من جَزَراتِ
أَموال الناس؛ أَي ما يكون أُعدّ للأَكل، قال: والمشهور بالحاء المهملة.
ابن سيده: والجَزَرُ ما يذبح من الشاء، ذكراً كان أَو أُنثى، جَزَرَةٌ،
وخص بعضهم به الشاة التي يقوم إِليها أَهلها فيذبحونها؛ وقد أَجْزَرَه
إِياها. قال بعضهم: لا يقال أَجْزَرَه جَزُوراً إِنما يقال أَجْزَرَه
جَزَرَةً.
والجَزَّارُ والجِزِّيرُ: الذي يَجْزُر الجَزورَ، وحرفته الجِزارَةُ،
والمَجْزِرُ، بكسر الزاي: موضع الجَزْر. والجُزارَةُ: حَقُّ الجَزَّار. وفي
حديث الضحية: لا أُعطي منها شيئاً في جُزارَتها؛ الجزارة، بالضم: ما
يأْخذ الجَزَّارُ من الذبيحة عن أُجرته فمنع أَن يؤْخذ من الضحية جزء في
مقابلة الأُجرة، وتسمى قوائم البعير ورأْسه جُزارَةً لأَنها كانت لا تقسم في
الميسر وتُعْطَى الجَزَّارَ؛ قال ذو الرمّة:
سَحْبَ الجُزارَة مِثلَ البَيْتِ، سائرُهُ
مِنَ المُسُوح، خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشَبُ
ابن سيده: والجُزارَةُ اليدان والرجلان والعنق لأَنها لا تدخل في
أَنصباء الميسر وإِنما يأْخذها الجَزَّارُ جُزارَتَه، فخرج على بناء العُمالة
وهي أَجْرُ العامل، وإِذا قالوا في الفرس ضَخْمُ الجُزارَةِ فإِنما يريدون
غلظ يديه ورجليه وكَثْرَةَ عَصَبهما، ولا يريدون رأْسه لأَن عِظَمَ
الرأْس في الخيل هُجْنَةٌ؛ قال الأَعشى:
ولا نُقاتِلُ بالعِصِيِّ،
ولا نُرامِي بالحجارَه،
إِلاَّ عُلالَةَ أَو بُدَا
هَةَ قارِحٍ، نَهْدِ الجُزارَه
واجْتَزَر القومُ في القتال وتَجَزَّرُوا. ويقال: صار القَوم جَزَراً
لعدوّهم إِذا اقتتلوا. وجَزَرَ السِّباعِ: اللحمُ الذي تأْكله. يقال:
تركوهم جَزَراً، بالتحريك، إِذا قتلوهم. وتركهم جَزَراً للسباع والطير أَي
قِطَعاً؛ قال:
إِنْ يَفْعَلا، فلَقَدْ تَرَكْتُ أَباهُما
جَزَرَ السِّباعِ، وكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ
وتَجَازَرُوا: تشاتموا. وتجازرا تشاتماً، فكأَنما جَزَرَا بينهما
ظَرِبَّاءَ أَي قطعاها فاشتدّ نَتْتنُها؛ يقال ذلك للمتشاتمين المتبالغين.
والجِزارُ: صِرامُ النخل، جَزَرَهُ يَجْزُرُِه ويَجْزِرُه جَزْراً وجِزاراً
وجَزَاراً؛ عن اللحياني: صَرَمَه. وأَجْزَرَ النخلُ: حان جِزارُه كأَصْرَم
حان صِرامُه، وجَزَرَ النخلَ يجزرها، بالكسر، جَزْراً: صَرَمها، وقيل:
أَفسدها عند التلقيح. اليزيدي: أَجْزَرَ القومُ من الجِزار، وهو وقت صرام
النخل مثلُ الجَزازِ. يقال: جَزُّوا نخلهم إِذا صرموه. ويقال: أَجْزَرَ
الرجلُ إِذا أَسَنَّ ودنا فَنَاؤه كما يُجْزِرُ النخلُ. وكان فِتْيانٌ
يقولون لشيخ: أَجْزَرْتَ يا شيخُ أَي حان لك أَن تموت فيقول: أَي بَنِيَّ،
وتُحْتَضَرُونَ أَي تموتون شباباً ويروى: أَجْزَزْتَ من أَجَزَّ
البُسْرُ أَي حان له أَن يُجَزَّ. الأَحمر: جَزَرَ النخلَ يَجْزِرُه إِذا صرمه
وحَزَرَهُ يَحْزِرُهُ إِذا خرصه. وأَجْزَرَ القومُ من الجِزارِ والجَزَار.
وأَجَزُّوا أَي صرموا، من الجِزَازِ في الغنم. وأَجْزَرَ النخلُ أَي
أَصْرَمَ. وأَجْزَرَ البعيرُ: حان له أَن يُجْزَرَ. ويقال: جَزَرْتُ العسل
إِذا شُرتَهُ واستخرجته من خَلِيَّتِه، وإِذا كان غليظاً سَهُلَ
استخراجُه. وتَوَعَّدَ الحجاجُ بن يوسف أَنَسَ بن مالك فقال: لأَجْزُرَنَّك جَزْرَ
الضَّرَبِ أَي لأَسْتَأْصِلَنَّك، والعسل يسمى ضَرَباً إِذا غلظ. يقال:
اسْتَضْرَبَ سَهُلَ اشْتِيارُه على العاسِل لأَنه إِذا رَقَّ سال. وفي
حديث عمر: اتَّقوا هذه المجازِرَ فإِن لها ضَراوَةً كضَراوةِ الخمرِ؛ أَراد
موضع الجَزَّارين التي تنحر فيها الإِبل وتذبح البقر والشاء وتباع
لُحْمانُها لأَجل النجاسة التي فيها من الدماء دماء الذبائح وأَرواثها، واحدها
مَجْزَرَةٌ
(* قوله: «واحدها مجزرة إلخ» أي بفتح عين مفعل وكسرها إِذ
الفعل من باب قتل وضرب) . ومَجْزِرَةٌ، وإِنما نهاهم عنها لأَنه كَرِهَ لهم
إِدْمانَ أَكل اللحوم وجعلَ لها ضَراوَةً كضراوة الخمر أَي عادة
كعادتها، لأَن من اعتاد أَكل اللحوم أَسرف في النفقة، فجعل العادة في أَكل
اللحوم كالعادة في شرب الخمر، لما في الدوام عليها من سَرَفِ النفقة والفساد.
يقال: أَضْرَى فلان في الصيد وفي أَكل اللحم إِذا اعتاده ضراوة.
وفي الصحاح: المَجازِرُ يعني نَدِيَّ القوم وهو مُجْتَمَعَهُم لأَن
الجَزُورَ إِنما تنحر عند جمع الناس. قال ابن الأَثير: نهى عن أَماكن الذبح
لأَن إِلْفَها ومُداوَمَةَ النظر إِليها ومشاهدة ذبح الحيوانات مما يقسي
القلب ويذهب الرحمة منه. وفي حديث آخر: أَنه نهى عن الصلاة في
المَجْزَرَةِ والمَقْبُرَة.
والجِزَرُ والجَزَرُ: معروف، هذه الأَرُومَةُ التي تؤكل، واحدتها
جِزَرَةٌ وجَزَرَةٌ؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية، وقال أَبو حنيفة: أَصله
فارسي. الفرّاء: هو الجَزَرُ والجِزَرُ للذي يؤكل، ولا يقال في الشاء إِلا
الجَزَرُ، بالفتح.
الليث: الجَزيرُ، بلغة أَهل السواد، رجل يختاره أَهل القرية لما ينوبهم
من نفقات من ينزل به من قِبَل السلطان؛ وأَنشد:
إِذا ما رأَونا قَلَّسوا من مَهابَةٍ،
ويَسْعى علينا بالطعامِ جَزِيرُها
فوق: فَوْقُ: نقيض تحت، يكون اسماً وظرفاً، مبني، فإذا أًضيف أًعرب،
وحكى الكسائي: أَفَوْقَ تنام أَم أَسفَلَ، بالفتح على حذف المضاف وترك
البناء، قوله تعالى: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً مّا بعوضةً فما فَوْقَها؛
قال أبو عبيدة: فما دونها، كما تقول إذا قيل لك فلان صغير تقول وفَوْقَ
ذلك أي أصغر من ذلك؛ وقال الفراء: فما فَوْقَها أي أعظم منها، يعني
الذُّباب والعَنْكبوت. الليث: الفَوْقَ نقيض التحت، فمن جعله صفة كان سبيله
النصب كقولك عبد الله فَوْقَ زيدٍ لأنه صفة، فإن صيرته اسماً رفعته فقلت
فوقُه رأسُه، صار رفعاً ههنا لأنه هو الرأس نفسه، ورفعت كلَّ واحد منهما
بصاحبه الفَوْقُ بالرأس، والرأسُ بالفَوْقِ. وتقول: فَوْقَهُ
قَلَنْسُوتُهُ، نصبت الفَوْقَ لأنه صفة عين القَلَنْسُوة، وقوله تعالى: فخرَّ عليهم
السقف من فَوْقِهِمْ، لا تكاد تظهر الفائدة في قوله من فَوْقِهِمْ لأن
عليهم قد تنوب عنها. قال ابن جني: قد يكون قوله من فَوْقِهِم هنا مفيداً،
وذلك أن قد تستعمل في الأفعال الشاقة المستثقلة عَلى، تقول قد سِرْنا عشْراً
وبَقيَتْ علينا ليلتان، وقد حفظت القرآن وبقيت عَلَيَّ منه سورتان، وقد
صمنا عشرين من الشهر وبقي علينا عشر، وكذلك يقال في الاعتداد على الإنسان
بذنوبه وقُبْح أفعاله: قد أَخرب عليّ ضَيْعَتي وأعْطَبَ عليَّ عَواملي،
فعلى هذا لو قيل فخرَّ عليهم السقف ولم يُقَلْ من فوقهم، لجاز أن يظن به
أنه كقولك قد خربت عليهم دارهم، وقد هلكت عليهم مواشيهم وغلالهم، فإذا
قال من فوقهم زال ذلك المعنى المحتمل، وصار معناه أنه سقط وهم من تحته،
فهذا معنىً غيرُ الأول، وإنما اطّردَتْ على في الأفعال التي قدمنا ذكرها مثل
خربت عليه ضَيْعَتُه، وبطلت عليه عَواملهُ ونحو ذلك من حيث كانت عَلى في
الأصل للاستعلاء، فلما كانت هذه الأحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإنسان
وتَضَعُه وتعلوه وتَتَفَرَّعُه حتى يخضع لها ويَخْنع لما يَتَسَدَّاه
منها، كان ذلك من مواضع عَلى، ألا تراهم يقولون هذا لك وهذا عليك؟
فتَسْتعمل اللام فيما تُؤثِرهُ وعلى فيما تكرهه؛ قالت الخنساء:
سَأحْمِلُ نَفْسي على آلَةٍ،
فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وقال ابن حلزة:
فلَهُ هنالِكَ، لا عَلَيْهِ، إذا
دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ
فمِنْ هنا دخلت على هذه في هذه الأفعال. وقوله تعالى: لأكلوا من فوقهم
ومن تحت أرجلهم؛ أراد تعالى: لأكلوا من قَطْر السماء ومن نبات الأرض،
وقيل: قد يكون هذا من جهة التوسعة كما تقول فلان في خير من فَرْقِهِ إلى
قَدَمه. وقوله تعالى: إذ جاؤوكم من فَوْقِكم ومن أسْفَلَ منكم؛ عَنى الأحزاب
وهم قريش وغَطَفان وبنو قُرَيظةُ قد جاءتهم من قَوقهم وجاءت قريش وغطَفان
من ناحية مكة من أسفل منهم.
وفاقَ الشيءَ فَوْقاً وفَواقاً: علاهُ. وتقول: فلان يَفُوقَ قومه أي
يعلوهم، ويفوق سطحاً أي يعلوه. وجارية فائِقةٌ: فاقَتْ في الجمال. وقولهم في
الحديث المرفوع: إنه قَسَم الغنائم يوم بدر عن فُواقٍ أي قسمها في قدر
فُواقِ ناقةٍ، وهو قدر ما بين الحلبتين من الراحة، تضم فاؤه وتفتح، وقيل:
أراد التفضيل في القسمة كأنه جعل بعضهم أفْوقَ من بعضٍ على قدر غَنائهم
وبَلائهم، وعن ههنا بمنزلتها في قولك أعطيته عن رَغْبَةٍ وطِيبِ نفس، لأن
الفاعل وقت إنشاء الفعل إذا كان متصفاً بذلك كان الفعل صادراً عنه لا
محالة ومجاوزاً له؛ وقال ابن سيده في الحديث: أرادوا التفضيل وأنه جعل بعضهم
فيها فَوْق بعض على قدر غنائهم يومئذ؛ وفي التهذيب: كأنه أراد فَعَل ذلك
في قدر فُواق ناقة، وفيه لغتان: من فَواق وفُواق. وفاقَ الرجل صاحبه:
علاه وغلبه وفَضَلَهُ. وفاقَ الرجل أصحابه يَفُوقهم أي علاهم بالشرف. وفي
الحديث حُبّب إليّ الجمال حتى ما أُحب أن يَفُوقني أحد بشِراك نعل؛ فُقْت
فلاناً أي صرت خيراً منه وأعلى وأشرف كأنك صرت فَوْقه في المرتبة؛ ومنه
الشيء الفائقُ وهو الجيد الخالص في نوعه؛ ومنه حديث حنين:
فما كان حِصْنٌ ولا حَابِسٌ
يَفُوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ
وفَاقَ الرجلُ فُوَاقاً إذا شخصت الريح من صدره. وفلان يَفُوق بنفسه
فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج مثل يَرِيقُ بنفسه. وفَاقَ بنفسه
يَفُوقعند الموت فَوقاً وفُؤوقاً: جاد، وقيل: مات.
ابن الأعرابي: الفَوْق نفس الموت. أبو عمرو: الفُوق الطريق الأول،
والعرب تقول في الدعاء: رجع فلان إلى فُوقه أي مات؛ وأنشد:
ما بالُ عِرْسي شَرِقَتْ بِريقِها،
ثُمَّتَ لا يَرجِعْ لها في فُوقِها؟
أي لا يرجع ريقها إلى مجراه. وفَاقَ يَفُوق فُؤوقاً وفُواقاً: أَخذه
البَهَرُ. والفُواقُ: ترديد الشَّهْقة العالية. والفُواق: الذي يأخذ
الإنسانِ عند النزع، وكذلك الريح التي تَشْخَصُ من صدره، وبه فُواق؛ الفراء:
يجمع الفُواق أفِيقَةً، والأصل أفْوِقَة فنقلت كسرة الواو لما قبلها فقلبت
ياء لإنكسار ما قبلها؛ ومثله: أقيموا الصلاة؛ الأصل أقْوِمُوا فألقوا حركة
الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف فقُرِئَتْ
أقيموا، كذلك قولهم أفِيقة. قال: وهذا ميزان واحد، ومثله مُصيبة كانت في الأصل
مُصْوبِة وأفْوِقَة مثل جواب وأجْوِبة. والفُوَاق والفَوَاق: ما بين
الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تُتْرَك سُوَيعةً يُرضعها الفَصيل لتَدِرّ
ثم تحلب. يقال: ما أقام عنده إلا فُوَاقاً. وفي حديث علي: قال له الأسير
يوم صفِّين: أنْظِرْني فُوَاق ناقة أي أخِّرني قدر ما بين الحلبتين. وفلان
يفوق بنفسه فُؤوقاً إذا كانت نفسه على الخروج. وفُوَاق الناقة وفَواقها:
رجوع اللبن في ضرعها بعد حلبها. يقال: لا تنتظره فُوَاق ناقة، وأقام
فُوَاق ناقة، جعلوه ظرفاً على السعة. وفُوَاق الناقة وفَواقها: ما بين
الحلبتين إذا فتحتَ يدك، وقي: إذا قبض الحالب على الضَّرْع ثم أرسله عند
الحلب. وفيقَتُها: درّتها من الفُواق، وجمعها فيقٌ وفَيقٌ، وحكى كراع فَيْقَةَ
الناقة، بالفتح، ولا أدري كيف ذلك. وفَاقَت الناقة بدِرّتها إذا
أرسلتْها على ذلك. وأفَاقَتِ الناقة تُفِيق إفاقةً أي اجتمعت الفِيقةُ في ضرعها،
وهي مُفِيق ومُفِيقةٌ: دَرّ لبنها، والجمع مَفَاويق. وفَوّقَها أهلُها
واسْتَفَاقوها: نَفَّسوا حلبها؛ وحكى أبو عمرو في الجزء الثالث من نوادره
بعد أن أنشد لأبي الهيثم التغلبي يصف قِسيّاً:
لنا مسائحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
لِينٌ، وليس بها وَهْيٌ ولا رَفَقُ
شُدَّت بكل صُهَابيّ تَئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
قال: الفُيُق جمع مُفِيق وهي التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، وذلك
أنهم يحلبون الناقة ثم يتركونها ساعة حتى تفيق. يقال: أفَاقَت الناقة
فاحْلُبْها. قال ابن بري: قوله الفُيُق جمع مُفِيقٍ قياسه جمع فَيُوق أو
فَائقٍ. وأفاقَتِ الناقةُ واسْتَفَاقها أهلُها إذا نَفَّسوا حلبها حتى تجتمع
دِرّتها. والفُواقَ والفَوَاق: ما بين الحلبتين من الوقت، والفُواق ثائب
اللبن بعد رضاع أو حلاب، وهو أن تُحْلب ثم تُتْرك ساعة حتى تَدِرّ؛ قال
الراجز:
أَلا غلامٌ شَبَّ من لِدَاتِها،
مُعاوِدٌ لشُرْبِ أفْوِقَاتِها
أفْوِقاتٌ: جمع أفْوقِةٍ، وأفْوقةٌ جمع فُوَاقٍ. وقد فاقَتْ تَفُوقُ
فُوَاقاً وفِيقةً؛ وكلما اجتمع من الفُواق دِرَّةٌ، فاسمها الفِيقةُ. وقال
ابن الأعرابي: أفاقتِ الناقةُ تُفِيقُ إفاقةً وفُوَاقاً إذا جاء حين
حلبها. ابن شميل: الإفاقةُ للنافة أن تَرِدَ من الرعي وتُتْرك ساعة حتى تستريح
وتفيق، وقال زيد بن كُثْوة: إفاقةُ الدِّرة رجوعها، وغرارُها ذهابها.
يقال: اسْتَفِقِ الناقةَ أي لا تحلبها قبل الوقت؛ ومنه قوله: لا تَسْتَفِقْ
من الشراب أي لا تشربه في الوقت، وقيل: معناه لا تجعَلْ لشربه وقتاً
إنما تشربه دائماً. ابن الأعرابي: المُفَوَّقُ الذي يُؤخَذ قليلاً قليلاً من
مأكول أو مشروب. ويقال: أفاقَ الزمانُ إذا أخصب بعد جَدْب؛ قال الأعشى:
المُهِيِنينَ ما لَهُمْ في زمان السْـ
سوءِ، حتى إذا أفَاقَ أفَاقُوا
يقول: إذا أفاقَ الزمانُ بالخِصْب أفاقُوا من نحر الإبل. وقال نصير:
يريد إذا أفاقَ الزمانُ سهمِه ليرميهم بالقحط أفاقُوا له سِهامهم بنحر
الإبل.وأفَاوِيقُ السحاب: مطرها مرة بعد مرة. والأفاويقُ: ما اجتمع من الماء
في السحاب فهو يُمطر ساعة بعد ساعة؛ قال الكميت:
فباتَتْ تَثِجُّ أفاوِيقُها،
سِجالَ النِّطافِ عليه غِزَارَا
أي تثجُّ أفاويقُها على الثور الوحشي كسجال النطاف؛ قال ابن سيده: أراهم
كَسَّرُوا فُوقاً على أَفْواقٍ ثم كسّروا أفْواقاً على أفاوِيقَ. قال
أبو عبيد في حديث أبي موسى الأشعري وقد تذاكر هو ومعاذ قراءةَ القرآن فقال
أبو موسى: أما أنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقوح؛ يقول لا أقرأ جزئي
بمرة ولكن أقرأ منه شيئاً بعد شيء في آناء الليل والنهار، مشتق من فُوَاق
الناقة، وذلك أنها تُحلب ثم تترك ساعة حتى تدرّ ثم تحلب، يقال منه: فاقت
تَفُوق فُواقاً وفِيقةً؛ وأنشد:
فأضْحَى يَسُحُّ الماءَ من كل فِيقةٍ
والفيِقةُ، بالكسر: اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها؛ قال الأعشى يصف بقرة:
حتى إذا فِيقة في ضرعها اجْتَمَعَتْ،
جاءت لتُرْضِع شِقَّ النَّفْسِ، لو رَضَعا
وجمعها فيقٌ وأفْواقٌ مثل شِبْر وأشبار، ثم أفاوِيقُ؛ قال ابن هَمّام
السلولي:
وذَمُّوا لَنَا الدُّنْيا، وهم يَرْضَعُونها
أفاوِيقَ، حتى ما يَدِرُّ لها ثعْلُ
قال ابن بري: وقد يجوز أن تجمع فِيقةٌ على فِيقٍ، ثم تجمع فِيَقٌ على
أفْواقٍ، فيكون مثل شِيعَةٍ وأَشِيَاعٍ؛ وشاهد أفواق قول الشاعر:
تَعْتادُهُ زَفَرَاتٌ حين يَذْكرُها،
يَسْقِينَهُ بكؤوس الموت أفْواقا
وفَوَّقْتُ الفصيل أي سقيته اللبن فُواقاً فُواقاً. وتَفَوَّقَ الفصيل
إذا شرب اللبن كذلك؛ وقوله أنشده أبو حنيفة:
شُدَّت بكل صُهَابيٍّ تِئِطُّ به،
كما تَئِطُّ إذا ما رُدَّتِ الفُيُقُ
فسر الفُيُقَ بأنها الإبل التي يرجع إليها لبنها بعد الحلب، قال:
والواحدة مُفِيقٌ؛ قال أبو الحسن: أما الفُيُقُ فليست بجمع مُفِيق لأن ذلك إنما
يجمع على مَفَاوق ومفَاوِيق، والذي عندي أنها جمع ناقة فَووق، وأصله
فُوُقٌ فأبدل من الواو ياء استثقالاً للضمة على الواو، ويروى الفِيَقُ، وهو
أقيس، وقوله تعالى: ما لها من فَوَاقٍ؛ فسره ثعلب فقال: معناه من
فَتْرَةٍ، قال الفراء: ما لها من فَوَاقٍ، يقرأ بالفتح والضم، أي ما لها من راحة
ولا إفاقة ولا نظرة، وأصلها من الإفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البَهْمةُ
أُمَّها ثم تركتها حتى تنزل شيئاً من اللبن فتلك الإفاقة الفَواقُ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: عيادة المريض قَدْرُ فُوَاقِ
ناقةٍ. وتقول العرب: ما أقام عندي فُواقَ ناقةٍ، وبعض يقول فَوَاق ناقة
بمعنى الإفاقة كإفاقةِ المَغْشِيّ عليه؛ تقول: أفَاقَ يُفِيقُ إفَاقَةً
وفَواقاً؛ وكل مغشيٍّ عليه أو سكران معتوهٍ إذا انجلى ذلك عنه قيل: قد أفاقَ
واسْتَفَاقَ؛ قالت الخنساء:
هَرِيقي من دُوموعك واسْتَفيقي * وصَبراً إن أَطقْتِ ولن تُطِيقي
قال أبو عبيدة: من قرأ من فَوَاقٍ، بالفتح، أراد ما لها من إفاقةٍ ولا
راحة، ذهب بها إلى إفاقة المريض، ومن ضمها جعلها من فُوَاق الناقة، وهو ما
بين الحلبتين، يريد ما لها من انتظار. قال قتادة: ما لها من فواق من
مرجوع ولا مَثْنَوِيّةٍ ولا ارتداد. وتَفَوَّقَ شرابَهُ: شربه شيئاً بعد
شيء.وخرجوا بعد أفاوِيق من الليل أي بعدما مضى عامة الليل، وقيل: هو كقولك
بعد أقطاع من الليل؛ رواه ثعلب.
وفِيقةُ الضحى: أوَّلها. وأفاق العليلُ إفاقة واسْتَفاقَ: نَقِه، والاسم
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
الفُواقَ، وكذلك السكران إذا صحا. ورجل مْستَفيق: كثير النوم؛ عن ابن
الأعرابي، وهو غريب. وأفاقَ عنه النعاسُ: أقلع.
والفَاقةُ: الفقر والحاجة، ولا فعل لها. يقال من القافَةِ: إنه
لمُفْتاقٌ ذو فاقةٍ. وافتاق الرجلُ أي افتقر، ولا يقال فاق. وفي الحديث: كانوا
أهل بيت فاقةٍ؛ الفاقةُ: الحاجة والفقر. والمُفْتاق: المحتاج؛ وروى الزجاجي
في أماليه بسنده عن أبي عبيدة قال: خرج سامة بن لؤَي بن غالب من مكة حتى
نزل بعُمَان وأنشأَ يقول:
بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رسولاً:
إنْ نَفْسي إليهما مُشْتاقَةْ
إن تكنْ في عُمَانَ دَاري، فإني
ماجدٌ، ما خرجْتُ من غير فَاقَهْ
ويروى: فإني غالبيّ خرجت؛ ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزْدِ
فَقَرَاهُ وبات عنده، فلما أصبح قعد يَسْتَنُّ، فنظرت إليه زوجة الأزدي
فأعجبها، فلما رمى سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليه زوجها، فحلب ناقة وجعل في
حلابها سمّاً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فَهَراقَ اللبنَ وخرج يسير،
فيينا هو في موضع يقال له جوف الخَمِيلةِ هَوَتْ ناقته إلى عَرْفَجةٍ
فانْتَشَلَتْها وفيها أفْعى فنفَحَتْها، فرمت بها على ساق سامة فنهشتها فمات،
فبلغ الأزدية فقالت ترثيه:
عينُ بَكِّي لسامةَ بنِ لُؤيٍّ،
علِقَتْ ساقَ سامةَ العَلاَّقَة
لا أرَى مثلَ سامةَ بن لُؤيٍّ،
حَمَلَتْ حَتْفَهُ إليه النّاقَة
رُبَّ كأسٍ هَرَقْتَها ابنَ لؤيٍّ،
حَذَرَ الموت، لم تكن مُهراقَةْ
وحُدُوسَ السُّرى تَرَكْت رديئاً،
بعد جِدٍّ وجُرْأةٍ ورَشاقَة
وتعاطيت مَفْرَقاً بحُسَامٍ،
وتَجَنَّبْتَ قالة العَوّاقَةْ
وفي حديث علي، عليه السلام: إن بني أمية ليُفَوَّقونني تُراثَ محمد
تَفْوْيِقاً أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً. وفي حديث أبي بكر في كتاب
الزكاة: من سئل فَوقَها فلا يعطه أي لا يعطي الزيادة المطلوبة، وقيل: لا
يعطيه شيئاً من الزكاة أصلاً لأنه إذا طلب ما فوق الواجب كان خائناً، وإذا
ظهرت منه خيانة سقطت طاعته.
والفُوقُ من السهم: موضع الوَتَر، والجمع أفْوَاق وفُوَقٌ. وفي حديث
علي، عليه السلام، يصف أبا بكر، رضي الله عنه: كنتَ أخفضهم صوتاً وأعلاهم
فُوقاً أي أكثرهم حظّاً ونصيباً من الدين، وهو مستعار من فُوقِ السهم موضع
الوَتَر منه. وفي حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمّرْنا عثمان ولم نَألُ عن
خيرنا ذا فُوقٍ أي ولَّيْنَا أعلانا سهماً ذا فُوقٍ؛ أراد خيرنا وأكملنا
تامّاً في الإسلام والسابقة والفضل. والفُوق: مَشَقُّ رأس السهم حيث يقع
الوَتَر، وحرفاة زَنَمتَاهُ، وهذيل تسمي الزَّنَمَتَينِ الفُوقَتَينِ؛
وأنشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ منه،
خلالَ الرأًس، سِيطَ به مُشِيحُ
وإذا كان في الفُوقِ مَيَل أو انكِسَارٌ في إحدى زَنَمتَيْه، فذلك السهم
أفْوَق، وفعله الفَوَقُ؛ وأنشد لرؤبة:
كَسَّر من عَيْنَيْه تقويم الفَوَقْ
والجمع أفْوَاقٌ وفُوَق. وذهب بعضهم إلى أن فُوَقاً جمع فُوقةٍ؛ وقال
أبو يوسف: يقال فُوقَةٌ وفُوَقٌ وأفْوَاق، وأنشد بيت رؤبة أيضاً، وقال: هذا
جمع فُوقَةٍ، ويقال فُقْوَة وفُقاً، على القلب. ابن الأعرابي:
الفَوَقَةُ الأدباءُ الخطباء. ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره: فاقَ يَفُوقُ
فُوَاقاً. وفي حديث عبد الله بن مسعود في قوله: إنَّا أصحابَ محمد اجتمعنا
فأمَّرْنا عثمان ولم نَألُ عن خيرنا ذا فُوقٍ؛ قال الأصعمي: قوله ذا فُوقٍ
يعني السهم الذي له فُوقٌ وهو موضع الوَتَرِ، فلهذا خصَّ ذا الفُوقَ،
وإنما قال خيرنا ذا فُوقٍ ولم يقل خيرنا سَهْماً لأنه قد يقال له سهمٌ، وإن
لم يكن أُصْلِح فُوقُه ولا أُحْكِمَ عملهُ، فهو سهم وليس بتامّ كاملٍ،
حتى إذا أُصْلِح فُوقُه وأُحْكِمَ عملهُ فهو حينئذ سهم ذو فُوقٍ، فجعله
عبد الله مثلاً لعثمان، رضي الله عنه؛ يقول: إنه خيرنا سهماً تامّاً في
الإسلام والفضل والسابقة، والجمع أفْواقٌ، وهو الفُوقَةُ أيضاً، والجمع
فُوَقٌ وفُقاً مقلوب؛ قال الفِنْدْ الزِّمَّانيّ شَهْلُ بن شَيْبان:
ونَبْلي وفُقَاها كَـ
مَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
وقال الكميت:
ومن دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنُو
نِ، لا الفُوقُ نَبْلاً ولا النُّصَّل
أي ليست القوس بفَوْقاءِ النَّ
بْل وليست نِبالُها بفُوقٍ ولا بِنُصَّلٍ أي بخارجة النصال من أرعاظها،
قال: ونصب نبلاً على توهم التنوين وإخراج اللام كما تقول: هو حسنٌ
وَجْهاً وكريمٌ والداً. والفَوَق: لغة في الفُوق. وسهم أفْوَقُ: مكسور الفُوقِ.
وفي المثل: رددته بأفْوَقَ ناصلٍ إذا أخْسَسْتَ حظه. ورجع فلان بأفْوَقَ
ناصلٍ إذا خس حظه أو خاب. ومثَل للعرب يضرب للطالب لا يجد ما طلب: رجع
بأفْوَقَ ناصلٍ أي بسهم منكسر الفُوقِ لا نصل له أي رجع بحَظٍّ ليس بتمام.
ويقال: ما بَلِلْتُ منه بأفْوقَ ناصلٍ، وهو السهم المنكسر. وفي حديث
عليّ، رضي الله عنه: ومَن رَمى بكم فقد رَمى بأفْوَقَ ناصلٍ أي رمى بسهم
منكسر الفُوقِ لا نصل له. والأفْوَقُ: السهم المكسور الفُوقِ. ويقال:
مَحالةٌ فَوْقاءُ إذا كان لكل سِنٍّ منها فُوقَانِ مثل فُوقَيِ السهم.
وانْفَاقَ السهمُ: انكسر فُوقُه أو انشق. وفُقْتُه أنا أفُوقُه: كسرت
فُوقَه. وفَوَّقْتُه تَفْوِيقاً: عملت له فُوقاً. وأفَقْتُ السهم
وأوفَقْتُه وأوفَقْتُ به، كلاهما على القلب: وضعته في الوَتَر لأرْمي به، وفي
التهذيب: فإن وضعته في الوتر لترمي به قلت فُقْتُ السهم وأفْوَقْتهُ. وقال
الأصمعي: أفَقْتُ بالسهم وأوْفَقْتُ بالسهم،بالباء، وقيل: ولا يقال
أوْفَقُتُه وهو من النوادر. الأصمعي: فَوَّق نبله تَفْويقاً إذا فرضها وجعل لها
أفْواقاً. ابن الأعرابي: الفُوقُ السهام الساقطات النُّصُول. وفاق الشيءَ
يفُوقُه إذا كسره؛ قال أبو الربيس:
يكاد يَفُوقِ المَيْسَ، ما لم يَرُدّها
أمينُ القوَى من صُنْعِ أيْمَنَ حادر
أمين القوى: الزمام، وأيْمَنُ: رجل، وحادر: غليظ. والفُوق: أعلى
الفصائل؛ قال الفراء: أنشدني المفضل بيت الفرزدق:
ولكن وجَدْتُ السهمَ أهْوَنَ فُوقُهُ
عليكَ، فَقَدْ أوْدَى دَمٌ أنت طالبُهْ
وقال: هكذا أنشدنيه المفضل، وقال: إياك وهؤلاء الذين يروونه فُوقَة؛ قال
أبو الهيثم: يقال شَنَّة وشِنان وشَنّ وشِنَان، ويقال: رمينا فُوقاً
واحداً، وهو أن يرمي القوم المجتمعون رمية بجميع ما معهم من السهام، يعني
يرمي هذا رمية وهذا رمية. والعرب تقول: أقْبِلْ على فُوقِ نَبْلك أي
أقْبِلْ على شأنك وما يعنيك. النضر: فُوقُ الذكر أعلاه، يقال: كَمَرَةٌ ذات
فُوقٍ؛ وأنشد:
يا أيُّها الشيخُ الطويلُ المُوقِ،
اغْمِزْ بهنَّ وَضَحَ الطَّريق
غَمْزَك بِالحَوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ،
بين مَنَاطَيْ رَكَبٍ محلوق
وفُوقُ الرَّحِم: مَشَقّه، على التشبيه.
والفَاقُ: البانُ. وقيل: الزيت المطبوخ؛ قال الشماخ يصف شعر امرأة:
قامَتْ تُرِيكَ أثِيثَ النبْتِ مُنْسدِلاً،
مثل الأسَاوِد قد مُسِّحْنَ بالفاقِ
وقال بعضهم: أراد الإنفاق وهو الغض من الزيت، ورواه أبو عمرو: قد
شُدِّخن بالفاقِ، وقال: الفاقُ الصحراء. وقال مرة: هي الأرض الواسعة. والفاقُ
أيضاً: المشط؛ عن ثعلب، وبيت الشماخ محتمل لذلك. التهذيب: الفاقُ
الجَفْنة المملوءَة طعاماً؛ وأنشد:
تَرَى الأضيافَ يَنْتَجِعُونَ فاقي
السُّلَمِيُّ: شاعر مُفْلِقٌ ومُفِيق، باللام والياء. والفائقُ: مَوْصل
العنق في الرأس، فإذا طال الفائقُ طال العنق. واسْتَفَاق من مرضه ومن
سكره وأفاق بمعنى. وفي حديث سهل بن سعد: فاستْفاقَ رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، فقال: أيْنَ الصبيُّ؟ الاسْتِفاقةُ: استفعال من أفاقَ إذا رجع إلى
ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه. وفي الحديث: إِفاقةُ المريض
(* قوله
«وفي الحديث إفاقة المريض إلخ» هكذا في الأصل، وفي النهاية بعد قوله وعاد
إلى نفسه: ومنه إفاقة المريض). والمجنون والمغشي عليه والنائم. وفي حديث
موسى، عليه السلام: فلا أدري أفاقَ قَبْلي أي قام من غَشيْته.
فلسط: فِلَسْطِين: اسم موضع، وقيل: فِلَسْطُون، وقيل: فِلَسْطِين اسم
كُورة بالشام. ابن الأَثير: فِلَسْطين، بكسر الفاء وفتح اللام، الكُورة
المعروفة فيما بين الأُرْدُنّ وديار مصر وأُمّ بلادها بيت المقدس، صانها
اللّه تعالى، التهذيب: نونها زائدة وتقول: مررنا بفِلَسْطين وهذه فِلَسْطون.
قال أَبو منصور: وإِذا نسبوا إِلى فِلَسْطين قالوا فِلَسْطِيّ؛ قال:
تَقُلْه فِلَسْطِيّاً إِذا ذُقْتَ طَعْمَهُ
وقال ابن هَرْمة:
كَأْسٌ فِلَسْطِيَّةٌ مُعَتَّقةٌ،
شُجَّتْ بماءٍ من مُزْنة السَّبَل
وفِلَسْطين: بلد ذكرها الجوهري في ترجمة طين؛ قال ابن بري: حقها أَن
تذكر في فصل الفاء من باب الطاء لقولهم فِلَسْطون.
فلس: الفَلْس: معروف، والجمع في القلة أَفْلُس، وفُلُوس في الكثير،
وبائعُه فَلاَّس. وأَفْلَس الرجل: صار ذا فُلُوس بعد أَن كان ذَا دراهِم،
يُفْلس إِفلاساً: صار مُفْلِساً كأَنما صارت دراهِمه فُلُوساً وزُيوفاً، كما
يقال: أَخْبَثَ الرجلُ إِذا صار أَصحابُه خُبتَاء، وأَقْطَفَ صارت
دابّته قَطُوفاً. وفي الحديث: من أَدرك مالَه عند رجل قد أَفْلَس فهو أَحَقُّ
به؛ أَفْلَس الرجل إِذا لم يبق له مالٌ، يُراد به أَنه صار إِلى حال يقال
فيها ليس معه فَلْس، كما يقال أَقْهَر الرجلُ صار إِلى حال يُقْهَر
عليها، وأَذَلَّ الرجلُ صار إِلى حال يَذِل فيها.
وقد فَلَّسه الحاكم تَفْلِيساً: نادة عليه أَنه أَفْلَس. وشيء مُفَلَّس
اللّوْن إِذا كان على جِلْده لُمَعٌ كالفُلُوس. وقال أَبو عمرو:
أَفْلَسْت الرجل إِذا طلبتَه فأَخطأَت موضعه، وذلك الفَلَس والإِفْلاس؛ وأَنشد
للمُعَطَّل الهذلي
(* قوله «وأَنشد للمعطل الهذلي» في هامش الأصل مانصه: قلت
الشعر لأبي قلابة الطابخي الهذلي.) :
يا حِبُّ، ما حُبُّ القَبُول، وحُبُّها
قَلَسٌ، فلا يُنْصِبْكَ حُبُّ مُفلس
قال أَبو عمرو في قوله وحُبُّها فَلَس أَي لا نَيْلَ معه.
وري: الوَرْيُ: قَيْح يكون في الجَوف، وقيل: الوَرْي قَرْحٌ شديد يُقاء
منه القَيْح والدَّمُ. وحكى اللحياني عن العرب: ما له وَراه الله أَي
رَماه الله بذلك الداء، قال: والعرب تقول للبَغِيض إِذا سَعَلَ: وَرْياً
وقُحاباً، وللحبيب إِذا عَطَس: رَعْياً وشْبَاباً. وفي الحديث عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: لأَن يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكم قَيْحاً
حتى يَرِيَه خير له من أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً؛ قال الأَصمعي: قوله حتى
يَرِيَه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي، يقال منه: رجل مَوْرِيٌّ، غير
مهموز، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه؛ وأَنشد:
قالت له وَرْياً إِذا تَنَحْنَحا
(* قوله «تنحنحا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في غير نسخة من
الصحاح: تنحنح.)
تدعو عليه بالوَرْي. ويقال: وَرَّى الجُرْحُ سائرَه تَوْرِيةً أَصابه
الوَرْيُ؛ وقال الفرَّاء: هو الوَرى، بفتح الراء؛ وقال ثعلب: هو بالسكون
المصدر وبالفتح الاسم؛ وقال الجوهري: وَرَى القَيْحُ جَوْفَه يَرِيه
وَرْياً أَكَله، وقال قوم: معناه حتى يُصِيب رِئَته، وأَنكره غيرهم لأَن الرئة
مهموزة، فإِذا بنيت منه فِعلاً قلت: رآه يَرْآه فهو مَرْئِيٌّ. وقال
الأَزهري: إِنَّ الرئة أَصلها من ورى وهي محذوفة منه. يقال: وَرَيْت الرجل
فهو مَوْرِيٌّ إِذا أَصبت رِئته، قال: والمشهور في الرواية الهمز؛ وأَنشد
الأَصمعي للعجاج يصف الجِراحات:
بَينَ الطِّراقَيْنِ ويَفْلِينَ الشَّعَرْ
عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ
كأَنه يُعْدِي من عِظَمِه ونُفور النفس منه، يقول: إِنَّ سَبَرها إِنسان
أَصابَه منه الوَرْيُ من شدَّتها، وقال أَبو عبيدة في الوَرْي مثله إِلا
أَنه قال: هو أَن يأْكل القيحُ جوفَه؛ قال: وقال عبد بني الحَسْحاس يذكر
النساء:
وَراهُنَّ رَبِّي مِثلَ ما قد وَرَينَني،
وأَحْمَى على أَكْبادِهِنَّ المَكاوِيا
وقال ابن جبلة: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تُوَرِّي مَنْ سَبَرَ،
قال: معنى تُوَرِّي تَدفَع، يقول: لا يَرى فيه عِلاجاً من هَوْلِها
فيَمْنَعه ذلك من دوائها؛ ومنه قول الفَرزدق:
فلو كنتَ صُلْبَ العُودِ أَو ذا حَفِيظَةٍ،
لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ والليلُ مُظْلِمُ
يقول: نَصَرْتَه ودفعتَ عنه، وتقول منه: رِ يا رجل، وَريا للاثنين،
ورُوا للجماعة، وللمرأَة رِي وهي ياء ضمير المؤنث مثل قومي واقْعُدِي،
وللمرأَتين: رِيا، وللنسوة: رِينَ، والاسم الوَرَى، بالتحريك. ووَرَيْته
وَرْياً: أَصبت رئته، والرئة محذوفة من وَرَى. والوارية سائصة
(* قوله
«والوارية سائصة» كذا بالأصل، وعبارة شارح القاموس: والوارية داء.
داء يأْخذ في الرئة، يأْخذ منه السُّعال فيَقْتُل صاحِبَه، قال: وليسا
من لفظ الرّئة. ووَراهُ الداء: أَصابه. ويقال: وُرِيَ الرجلُ فهو
مَوْرُوٌّ، وبعضهم يقول مَوْرِيٌّ. وقولهم: به الوَرَى وحُمَّى خَيْبرا وشَرُّ ما
يُرَى فإِنه خَيْسَرَى، إِنما قالوا الوَرَى على الإِتباع، وقيل: إِنما
هو بفِيه البَرَى أَي التراب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
هَلُمَّ إِلى أُمَية، إِنَّ فيها
شِفاء الوارِياتِ منَ الغَلِيلِ
وعمَّ بها فقال: هي الأَدْواء. التهذيب: الوَرَى داء يُصِيب الرجل
والبعير في أَجوافهما، مقصور يكتب بالياء، يقال: سلَّط الله عليه الوَرى
وحُمَّى خَيْبرا وشَرَّ ما يُرَى فإِنه خَيْسَرَى؛ وخَيْسَرَى: فَيْعَلى من
الخُسْران، ورواه ابن دريد خَنْسَرَى، بالنون، من الخَناسِير وهي
الدَّواهي. قال الأَصمعي: وأَبو عمرو لا يَعْرِفُ الوَرَى من الداء، بفتح الراء،
إِنما هو الوَرْيُ بإِسكان الراء فصُرِف إِلى الوَرَى. وقال أَبو العباس:
الوَرْيُ المصدر، والوَرَى بفتح الراء الاسم. التهذيب: الوَرَى شَرَقٌ
يَقَعُ في قَصَبةِ الرِّئتين فَيَقْتُله
(* قوله فيقتله: أي فيقتل من أصيب
بالشرق.) أَبو زيد: رجل مَوْرِيٌّ، وهو داء يأْخذ الرجل فيَسْعُلُ،
يأْخذه في قصب رِئته. وَوَرَتِ الإِبلُ وَرْياً: سَمِنَتْ فكثر شحمها ونِقْيها
وأَوْراها السِّمَن؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
وكانَتْ كِنازَ اللحمِ أَورَى عِظامَها،
بِوَهْبِينَ، آثارُ العِهادِ البَواكِر
والواري: الشحم السَّمينُ، صفة غالبة، وهو الوَرِيُّ.
والوارِي: السمين من كل شيء؛ وأَنشد شمر لبعض الشعراء يصف قِدْراً:
ودَهْماءَ، في عُرْضِ الرُّواقِ، مُناخةٍ
كَثيرةِ وذْرِ اللحمِ وارِيةِ القَلْبِ
قال: قَلْبٌ وارٍ إِذا تَغَشَّى بالشحم والسِّمَن. ولَحْمٌ وَرِيٌّ، على
فَعِيل، أَي سمين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ امرأَة شَكَتْ
إِليه كُدُوحاً في ذِراعَيها من احْتراشِ الضَّبابِ، فقال: لو أَخذتِ
الضَّبَّ فَوَرَّيْتِه ثم دَعَوْتِ بِمِكْتَفَةٍ فَثَمَلْتِه كان أَشْبَعَ؛
وَرَّيْتِه أَي رَوَّغْتِه في الدُّهن، من قولك لَحْمٌ وارٍ أَي سَمِينٌ.
وفي حديث الصدقة: وفي الشَّويِّ الوَرِيِّ مُسِنَّةٌ، فَعِيل بمعنى فاعل.
وَوَرَتِ النارُ تَرِي وَرْياً ورِيةً حسَنَةً، وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي،
وَوَرَى يَرِي ويَوْرَى وَرْياً ووُرِيّاً ورِيةً، وهو وارٍ ووَرِيٌّ:
اتَّقَد؛ قال الشاعر:
وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهمِ ورِيّاً،
وزَنْدَ بني هَوازِنَ غَيرَ وارِي
وأَنشد أَبو الهيثم:
أُمُّ الهُنَيْنَين مِنْ زَنْدٍ لها وارِي
وأَوْرَيْتُه أَنا، وكذلك وَرَّيْتُه تَوْرِيةً؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وأَطْفِ حَدِيثَ السُّوء بالصَّمْتِ، إِنَّه
مَتَى تُورِ ناراً للعِتاب تَأَجَّجَا
ويقال: وَرِيَ المُخُّ يَرِي إِذا اكتنز وناقةٌ وارِيةٌ أَي سمِينة؛ قال
العجاج:
يأْكُلْنَ مِن لَحْمِ السَّدِيفِ الواري
كذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري: والذي في شعر العجاج:
وانْهَمَّ هامُومُ السَدِيفِ الواري
عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري
وقالوا: هُو أَوْراهُمْ زَنْداً؛ يضرب مثلاً لنَجاحه وظَفَره. يقال:
إِنه لوارِي الزِّنادِ وواري الزَّنْد وورِيُّ الزند إِذا رامَ أَمراً
أَنجَحَ فيه وأَدرَكَ ما طَلب. أَبو الهيثم: أَوْرَيْتُ الزِّنادَ فوَرَتْ
تَرِي وَرْياً وَرِيةً؛ قال: وقد يقال وَرِيَتْ تَوْرَى وَرْياً وَرِيةً،
وأَوْرَيْتُها أَنا أَثْقَبْتُها. وقال أَبو حنيفة: ورَتِ الزنادُ إِذا
خرجت نارها، ووَرِيَتْ صارت وارِيةً، وقال مرَّة: الرِّيةُ كلُّ ما
أَوْرَيْتَ به النار من خِرْقة أَو عُطْبةٍ أَو قِشْرةٍ، وحكى: ابْغِنِي رِيَّةً
أَرِي بها ناري، قال: وهذا كله على القلب عن وِرْيةٍ وإِنْ لم نسمع
بوِرْيةٍ. وفي حديث تزويج خديجة، رضي الله عنها: نَفَخْتَ فأَوْرَيْتَ؛ ورَى
الزَّندُ: خرجت نارُه، وأَوْراه غيره إِذا استخرج نارَه. والزَّنْدُ
الواري: الذي تظهر ناره سريعاً. قال الحربي: كان ينبغي أَن يقول قدَحْتَ
فأَوْرَيْت. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسٍ أَي
أَظْهَرَ نُوراً من الحق لطالب الهُدى. وفي حديث فتح أَصْبهنَ: تَبْعَثُ
إِلى أَهل البصرة فيُوَرُّوا؛ قال: هو من وَرَّيْت النر تَوْرِيةً إِذا
استخرجتها.
قال: واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رأْياً سأَلته أَن يستخرج لي رأْياً، قال:
ويحتمل أَن يكون من التَّوْرِية عن الشيء، وهو الكناية عنه، وفلان
يَسْتَوْرِي زنادَ الضلالةِ. وأَوْرَيْتُ صَدره عليه: أَوْقَدْتُه
وأَحقَدْته.وَرِيةُ النار، مخففة: ما تُورى به، عُوداً كان أَو غيره: أَبو الهيثم:
الرِّيةُ من قولك ورَتِ النارُ تَري وَرْياً ورِيَّةً مثل وعَتْ تَعِي
وَعْياً وعِيةً، ووَدَيْتُه أَدِيه وَدْياً ودِيةً، قال: وأَوْرَيْتُ النار
أُورِيها إِيراء فَوَرَت تَري ووَرِيَتْ تَرِي، ويقال: وَرِيَتْ
تَوْرَى؛ وقال الطرمّاح يصف أَرضاً جَدْبة لا نبات فيها:
كظَهْرِ اللأََى لو تَبْتَغِي رِيَّةً بها،
لعَيَّتْ وشَقَّتْ في بُطون الشَّواجنِ
أَي هذه الصَّحْراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أَكَمَة ولا وَهْدة، وقال
ابن بُزُرْج: ما تُثْقب به النار؛ قال أَبو منصور: جعلها ثَقُوباً من
خَثًى أَو رَوْثٍ أَو ضَرَمةٍ أَو حَشِيشة يابسة؛ التهذيب: وأَما قول
لبيد:تَسْلُبُ الكانِسَ لمْ يُورَ بها
شُعْبةُ الساقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ
روي: لم يُورَ بها ولم يُورَأْ بها ولم يُوأَرْ بها، فمن رواه لم يُورَ
بها فمعناه لم يَشْعُرْ بها، وكذلك لم يُورَأْ بها، قال: ورَيْته
وأَوْرَأْته إِذا أَعْلَمْته، وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظهرت نارُها
كأَنَّ ناقته لم تُضِئُ للظبي الكانس ولم تَبِنْ له فيَشْعُر بها لسُرْعَتِها
حتى انْتَهَت إِلى كِناسه فنَدَّ مندَّ منهاجافِلاً، قال:وأَنشدني
بعضهم:دَعاني فلمْ أُورَأْ به فأَجَبْتُه،
فمَدَّ بثَدْيٍ بَيْننا غَير أَقْطَعا
أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به، ومن رواه ولم يُوأَرْ بها فهي من أُوارِ
الشمس، وهو شدَّة حرِّها، فقَلَبه وهو من التنفير.
والتَّوْراةُ عند أَبي العباس تَفْعِلةٌ، وعند الفارسي فَوْعلة، قال:
لقلة تَفْعِلة في الأَسماء وكثرة فَوْعلة. ووَرَّيْتُ الشيءَ ووَارَيْتُه:
أَخْفَيْتُه. وتَوارى هو: استتر.
الفراء في كتابه في المصادر: التَّوْراةُ من الفعل التَّفْعِلة؛ كأَنها
أُخِذَتْ من أَوْرَيْتُ الزِّناد وورَّيْتُها، فتكون تَفْعِلة في لغة
طيِّء لأَنهم يقولون في التَّوْصِية تَوْصاةٌ وللجارية جاراةٌ وللناصِيةِ
ناصاةٌ، وقال أَبو إسحق في التَّوارة: قال البصريون تَوْراةٌ أَصلها
فَوْعَلةٌ، وفوعلة كثير في الكلام مثل الحَوْصلة والدَّوْخلة، وكلُّ ما قُلْت
فيه فَوْعَلْتُ قمصدره فَوْعلةٌ، فالأَصل عندهم وَوْراةٌ، ولكن الواو
الأُولى قلبت تاء كما قلبت في تَوْلَج وإِنما هو فَوْعَل من وَلَجْت، ومثله
كثير.
واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رَأْياً أَي طلبتُ إِليه أَن ينظر في أَمري
فيَستخرج رَأْياً أَمضي عليه.
ووَرَّيْتُ الخَبر: جعلته ورائي وسَتَرْته؛ عن كراع، وليس من لفظ وراء
لأَن لام وراء همزة. وفي الحديث: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، كان إِذا
أَراد سَفَراً ورَّى بغَيْرِه أَي سَتَرَه وكَنى عنه وأَوْهَمَ أَنه يريد
غيره، وأَصله من الوراء أَي أَلقَى البَيانَ وراءَ ظهره. ويقال:
وارَيْته ووَرَّيْتُه بمعنى واحد. وفي التنزيل العزيز: ما وُرِيَ عنهما؛ أَي
سُتِرَ على فُوعِلَ، وقرئَ: وُرِّي عنهما، بمعناه. ووَرَّيْتُ الخبر
أُوَرِّيه تَوْرِيةً إِذا سترته وأَظهرت غيره، كأَنه مأْخوذ من وَراء الإِنسان
لأَنه إِذا قال وَرَّيته فكأَنه يجعله وراءه حيث لا يظهر. والوَرِيُّ:
الضَّيْفُ. وفلان وَرِيُّ فلا أَي جارَه الذي تُوارِيه بيُوته وتستره؛ قال
الأَعشى:
وتَشُدُّ عَقْدَ وَرِيَّنا
عَقْدَ الحِبَجْرِ على الغِفارَهْ
قال: سمي وَرِيّاً لأَن بيته يُوارِيه. ووَرَّيْتُ عنه: أَرَدْتُه
وأَظهرت غيره، وأَرَّيت لغة، وهو مذكور في موضعه. والتَّوْرِيةُ: الستر.
والتَّرِيَّةُ: اسم ما تَراه الحائض عند الاغتسال، وهو الشيء الخفي
اليسير، وهو أَقل من الصُّفْرة والكُدرة، وهو عند أَبي علي فَعِيلة من هذا
لأَنها كأَنَّ الحيضَ وارَى بها عن مَنْظَره العَيْن، قال: ويجوز أَن يكون
من ورَى الزندُ إِذا أَخرج النارَ، كأَن الطُّهر أَخرجها وأَظْهَرها
بعدما كان أَخْفاها الحَيْضُ.
ووَرَّى عنه بصَرَه ودَفَع عنه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وكُنْتُمْ كأُمٍّ بَرّةٍ ظَعَنَ ابنُها
إِليها، فما وَرَّتْ عليهِ بساعِدِ
ومِسْكٌ وارٍ: جيّد رفِيع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تُعَلُّ بالجادِيِّ والمِسْكِ الوارْ
والوَرَى: الخَلْق. تقول العرب: ما أَدري أَيُّ الوَرَى هو أَي أَيُّ
الخلق هو؛ قال ذو الرمة:
وكائنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامحٍ،
بِلادُ الوَرَى ليستْ له ببِلادِ
قال ابن بري: قال ابن جني لا يستعمل الوَرَى إِلاَّ في النفي، وإِنما
سَوَّغ لذي الرمة استعماله واجباً لأَنه في المعنى منفي كأَنه قال ليست
بِلادُ الوَرَى له بِبِلاد.
الجوهري: ووَراء بمعنى خَلْف، وقد يكون بمعنى قُدَّام، وهو من الأَضداد.
قال الأَخفش: لَقِيتُه من وَراءُ فترفعه على الغاية إِذا كان غير مضاف
تجعله اسماً، وهو غير متمكن، كقولك مِنْ قَبْلُ ومن بَعْدُ؛ وأَنشد
لعُتَيِّ بن مالك العُقَيْلي:
أَبا مُدْرِك، إِنَّ الهَوَى يومَ عاقِلٍ
دَعاني، وما لي أَنْ أُجِيبَ عَزاءُ
وإِنَّ مُرورِي جانِباً ثم لا أَرى
أُجِيبُكَ إِلاَّ مُعْرِضاً لَجَفاءُ
وإِنَّ اجتِماعَ الناسِ عندِي وعندَها،
إِذا جئتُ يَوْماً زائراً، لَبَلاءُ
إِذا أَنا لم أُومَنْ عليكَ، ولم يَكُنْ
لِقاؤُكَ إِلاَّ مِنْ وَراءُ وراءُ
وقولهم: وراءَكَ أَوسَعُ، نصب بالفعل المقدَّر وهو تأَخَّرْ. وقوله عزَّ
وجل: وكان وَراءَهُم مَلِكٌ؛ أَي أَمامَهم؛ قال ابن بري: ومثله قول
سَوَّار ابن المُضَرِّب:
أَيَرْجُو بَنُو مَرْوانَ سَمْعي وطاعَتي،
وقَوْمِي تَمِيمٌ والفَلاةُ وَرائيا؟
وقول لبيد:
أَليسَ وَرائي، إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي،
لزُومُ العَصا تُثْنى عليها الأَصابِعُ؟
وقال مرقش:
ليسَ على طُولِ الحَياةِ نَدَم،
ومِنْ وراءِ المَرْءِ ما يَعْلَم
أَي قُدَّامُه الشّيْبُ والهَرَمُ؛ وقال جرير:
أَتُوعِدُني وَرَاءَ بَني رَباحٍ؟
كَذَبْتَ، لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دوني
قال: وقد جاءت وَرا مقصورة في الشعر؛ قال الشاعر:
تَقاذَفَه الرُّوَّادُ، حتى رَمَوْا به
ورَا طَرَفِ الشامِ البِلادَ الأَباعِدا
أَراد وَراءَ، وتصغيرها وُرَيِّئَةٌ، بالهاء، وهي شاذة. وفي حديث
الشفاعة: يقول إِبراهيمُ إِنِّي كنتُ خَليلاً من وَراءَ وراء؛ هكذا يروى
مبنيّاً على الفتح، أَي من خَلف حِجابٍ؛ ومنه حديث مَعْقِل: أَنه حدَّث ابنَ
زِياد بحديث فقال أَشيءٌ سمعتَه من رسول الله،صلى الله عليه وسلم، أَو مِن
وَراءَ وَراء أَي ممن جاءَ خَلْفَه وبعدَه. والوَراءُ أَيضاً: ولد الولد.
وفي حديث الشعبي: أَنه قال لرجل رأَى معه صبيّاً هذا ابنك؟ قال: ابن
ابني، قال: هو ابنُك من الوَراء؛ يقال لولد الولد: الوَراءُ، والله
أَعلم.
شرق: شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طلعت، واسم الموضع
المَشْرِق، وكان القياس المَشْرَق ولكنه أحد ما ندر من هذا القبيل. وفي حديث
ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. يقال: شَرَقَت الشمسُ
إذا طلعت، وأشْرَقَت إذا أضاءت، فإن أراد الطلوع فقد جاء في الحديث الآخر
حتى تطلع الشمس، وإن أراد الإضاءة فقد ورد في حديث آخر: حتى ترتفع
الشمس، والإضاءة مع الإرتفاع. وقوله تعالى: يا ليت بيني وبَينَك بُعْدَ
المَشْرِقَيْنِ فبئس القَرِين؛ إنما أَراد بُعْدَ المشرق والمغرب، فلما جُعِلا
اثنين غَلَّب لفظَ المشرق لأنه دالّ على الوجود والمغرب دال على العدم،
والوجودُ لا محالة أشرفُ، كما يقال القمران للشمس والقمر؛ قال:
لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ
أَراد الشمس والقمر فغَلّب القمر لشرف التذكير، وكما قالوا سُنَّة
العُمَرين يريدون أَبا بكر وعمر، رضوان الله عليهما، فآثروا الخِفَّة. وأما
قوله تعالى: رَبّ المشرقين وربّ المَغْربَيْن ورب المشارق المغارب، فقد ذكر
في فصل الغين من حرف الباء في ترجمة غرب. والشَّرْق: المَشْرِق، والجمع
أَشراق؛ قال كُثَيِّر عزّة:
إذا ضَرَبُوا يوماً بها الآل، زيَّنُوا
مَساندَ أَشْراقٍ بها ومَغاربا
والتَّشْرِيقُ: الأخذ في ناحية المشرق. يقال: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ
ومُغرِّبٍ. وشَرِّقوا: ذهبوا إلى الشَّرْق أَو أتوا الشرق. وكل ما طلَع من
المشرق فقد شَرَّق، ويستعمل في الشمس والقمر والنجوم.
وفي الحديث: لا تَسْتَقْبلوا القِبْلة ولا تَسْتَدْبروها، ولكن شَرِّقوا
أَو غَرِّبوا؛ هذا أَمر لأَهل المدينة ومن كانت قِبْلته على ذلك
السَّمْتِ ممن هو في جهة الشمال والجنوب، فأما من كانت قبلته في جهة المَشْرِق
أو المغرب فلا يجوز له أَن يُشَرِّق ولا يُغَرِّب إنما يَجْتَنِب
ويَشْتَمِل. وفي الحديث: أناخَتْ بكم الشُّرْق الجُونُ، يعني الفِتَن التي تجيء
من قِبَل جهة المشرق جمع شارِق، ويروى بالفاء، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرْقيّ: الموضع الذي تُشْرِق فيه الشمس من الأَرض. وأَشْرَقَت الشمسُ
إشْراقاً: أضاءت وانبسطت على الأَرض، وقيل: شَرَقَت وأَشْرَقت طلعت، وحكى
سيبويه شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت. وشَرِقَت، بالكسر: دَنَتْ للغروب. وآتِيك
كلَّ شارقٍ أي كلَّ يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارِقُ قَرْن الشمس.
يقال: لا آتِيك ما ذَرَّ شارِقٌ. التهذيب: والشمس تسمى شارقاً. يقال: إني
لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أي كلما طلع الشَّرْقُ، وهو الشمس. وروى ثعلب عن
ابن الأَعرابي قال: الشَّرْق الضوء والشَّرْق الشمس. وروى عمرو عن أَبيه
أَنه قال: الشَّرْق الشمس، بفتح الشين، والشِّرْق الضوء الذي يدخل من
شقّ الباب، ويقال له المِشْرِيق. وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وأضاء
وتلألأ حُسْناً.
والمَشْرقة: موضع القعود للشمس، وفيه أربع لغات: مَشْرُقة ومَشْرَقة،
بضم الراء وفتحها، وشَرْقة، بفتح الشين وتسكين الراء، ومِشْراق.
وتَشَرَّقْت أي جلست فيه. ابن سيده: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الموضع
الذي تَشْرُق عليه الشمس، وخصَّ بعضهم به الشتاء؛ قال:
تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي
بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ
ويقال: اقعُد في الشَّرْق أَي في الشَّمْسِ، وفي الشَّرْقة والمَشْرَقة
والمَشْرُقة.
والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عن السيرافي. ومِشْرِيقُ الباب: مدْخَلُ
الشمس فيه. وفي الحديث: أَنَّ طائراً يقال له القَرْقَفَنَّة يقع على
مِشْرِيق باب مَنْ لا يَغار على أهله فلو رأَى الرجال يدخلون عليها ما غَيَّر؛
قيل في المِشْرِيق: إنه الشق الذي يقع فيه ضِحُّ الشمس عند شروقها؛ وفي
الرواية الأُخرى في حديث وهب: إذا كان الرجل لا ينكرُ عَمَل السوء على
أهله، جاءَ طائر يقال له الفَرْقَفَنَّة فيقع على مِشْرِيق بابه فيمكث أربعين
يوماً، فإن أنكر طار، وإن لم يُنْكر مسح بجناحيه على عينيه فصار
قُنْذُعاً دَيُّوثاً. وفي حديث ابن عباس: في السماء بابٌ للتوبة يقال له
المِشْرِيق وقد رُدَّ فلم يبق إلاّ شَرْقُه أَي الضوءُ الذي يدخل من شقِّ
الباب.ومكان شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عليه الشمس
فأضاء. ويقال: أَشْرَقَت الأَرض إشراقاً إذا أنارت بإشْراق الشمس
وضِحِّها عليها. وفي التنزيل: وأَشْرَقَت الأَرضُ بنور رَبِّها.
والشَّرْقة: الشمس، وقيل: الشَّرَق والشَّرْق، بالفتح. والشَّرِقة
والشارِقُ والشَّرِيق: الشمس، وقيل: الشمس حين تَشرُق. يقال: طلعت الشَّرَق
والشَّرُق، وفي الصحاح: طلع الشَّرْق ولا يقال غرَبت الشَّرْق ولا
الشَّرَق. ابن السكيت: الشَّرَق الشمس، والشَّرْق، بسكون الراء، المكان الذي
تَشْرُق فيه الشمس. يقال: آتيك كل يوم طَلْعَةَ شَرَقِه. وفي الحديث:
كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداونِ بينهما شَرَقٌ؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وهو الشمس،
والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة موضع الشمس في الشتاء، فأما في الصيف فلا
شَرقة لها، والمَشْرِقُ موقعها في الشتاء على الأَرض بعد طلوعها،
وشَرْقَتُها دَفاؤُها إلى زوالها. ويقال: ما بين المَشْرِقَيْنِ أَي ما بين
المَشْرِق والمغرب.
وأَشْرَق الرجلُ أَي دخل في شروقِ الشمس. وفي التنزيل: فأَخَذَتْهم
الصَّيْحةُ مُشْرِقِينَ؛ أَي مُصْبِحين. وأَشْرَقَ القومُ: دخلوا في وقت
الشروق كما تقول أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فأما شَرَّقُوا
وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق والمغرب. وفي التنزيل: فأَتْبَعُوهم
مُشْرقينَ، أي لَحِقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها. يقال: شَرَقَت
الشمسُ إذا طلعت، وأَشْرَقَت أَضاءت على وجه الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إذا
غابت.
والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصيف والشتاء.
ابن الأَنباري في قولهم في النداء على الباقِلاَّ شَرْقُ الغداة طَرِيّ
قال أَبو بكر: معناه قَطْعُ الغداة أَي ما قُطِع بالغداة والْتُقِط؛ قال
الأَزهري: وهذا في الباقلاَّ الرَّطْب يُجْنَى من شجره. يقال: شَرقَتُ
الثمرةَ إذا قطعتها.
وقال الفراءُ وغيره من أَهل العربية في تفسير قوله تعالى: من شَجَرةِ
مُبارَكة زَيْتونةٍ لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة؛ يقول هذه الشجرة
ليست مما تطْلع عليها الشمسُ في وقت شُروقِها فقط أَو في وقت غروبها فقط،
ولكنها شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشمس بالغداة والعشيَّة، فهو
أَنْضَر لها وأَجود لزيتونها وزيتِها، وهو قول أكثر أَهل التفسير؛ وقال الحسن:
لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة إنها ليست من شجر أَهل الدنيا أَي هي من
شجر أَهل الجنة، قال الأَزهري: والقول الأَول أَولى؛ قال وروى المنذري عن
أَبي الهيثم في قول الحرث بن حِلِّزة:
إنه شارِق الشَّقِيقة، إذ جا
ءَت مَعَدٌّ، لكل حَيٍّ لواء
قال: الشَّقِيقة مكان معلوم، وقوله شارق الشَّقِيقة أَي من جانبها
الشَّرْقي الذي يلي المَشْرِق فقال شارق، والشمس تَشْرُق فيه، هذا مفعول فجعله
فاعلاً. وتقول لِما يلي المَشْرِق من الأَكَمَةِ والجبل: هذا شارِقُ
الجبل وشَرْقِيُّه وهذا غاربُ الجبل وغَربِيُّه؛ وقال العجاج:
والفُتُن الشارق والغَرْبيّ
أَراد الفُتُنَ التي تلي المَشْرِق وهو الشَّرْقيُّ؛ قال الأزهري: وإنما
جاز أَن يفعله شارقاً لأَنه جعله ذا شَرْقٍ كما يقال سِرُّ كاتمٌ ذو
كِتْمان وماء دافِقٌ ذو دَفْقٍ.
وشَرَّقْتُ اللحم: شَبْرَقْته طولاً وشَرَرْته في الشمس ليجِفَّ لأن
لحوم الأَضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى؛ قال أَبو ذؤيب:
فغدا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا له
أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ
يعني الثور يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه للشمس ليجِف ما عليه من ندى
الليل فبدا له سوابقُ
الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ. وتَشْريق اللحم: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه
وبَسْطُه، ومنه سميت أيام التشريق.
وأيام التشريق: ثلاثة أَيام بعد يوم النحر لأَن لحم الأَضاحي يُشَرَّق
فيها للشمس أَي يُشَرَّر، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يقولون في
الجاهلية: أَشْرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ الإِغارةُ: الدفع، أَي ندفع للنَّفْر؛
حكاه يعقوب، وقال ابن الأَعرابي: سميت بذلك لأن الهَدْيَ والضحايا لا
تُنْحَر حتى تَشْرُق الشمسُ أَي تطلع، وقال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال سميت
بذلك لأَنهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحوم الأَضاحي، وقيل: بل سميت بذلك
لأَنها كلَّها أَيام تشريق لصلاة يومِ النحر،يقول فصارت هذه الأيام تبعاً
ليوم النحر، قال: وهذا أَعجب القولين إليَّ، قال: وكان أَبو حنيفة يذهب
بالتَّشْرِيقِ إلى التكبير ولم يذهب إليه غيره، وقيل: أَشْرِق ادْخُلْ في
الشروق، وثَبِيرٌ جبل بمكة، وقيل في معنى قوله أَشْرِق ثبِير: كَيْما
نُغِير: يريد ادْخل أيها الجبل في الشروق وهوضوء الشمس، كما تقول أَجْنَب
دخل في الجنوب وأَشْمَلَ دخل في الشِّمال، كيما نُغِير أَي كيما ندفع
للنحر، وكانوا لا يُفِيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، ويقال كيما ندفع في السير من قولك أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي
أَسْرع ودفع في عَدْوِه. وفي الحديث: مَنْ ذَبَح قبل التشريق فلْيُعِدْ، أَي
قبل أَن يصلِّيَ صلاة العيد ويقال لموضعها المُشَرَّق. وفي حديث
مَسْروق: انْطَلِقْ بنا إلى مُشَرِّقِكم يعني المُصَلَّى. وسأل أَعرابي رجلاً
فقال: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يعني الذي يُصَلَّى فيه العيد، ويقال لمسجد
الخَيْف المُشَرَّق وكذلك لسوق الطائف. والمُشَرَّق: العيد، سمي بذلك
لأن الصلاة فيه بعد الشَّرْقةِ أَي الشمس، وقيل: المُشَرَّق مُصَلَّى العيد
بمكة، وقيل: مُصَلَّى العيد ولم يقيد بمكة ولا غيرها، وقيل: مصلى
العيدين، وقيل: المُشَرَّق المصلّى مطلقاً؛ قال كراع: هو من تشريق اللحم؛ وروى
شعبة أن سِماك بن حَرْب قال له يوم عيد: اذهب بنا إلى المُشَرَّق يعني
المصلى؛ وفي ذلك يقول الأَخطل:
وبالهَدايا إذا احْمَرَّتْ مَدارِعُها،
في يوم ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْخار
والتَّشْرِيق: صلاة العيد وإنما أُخذ من شروق الشمس لأَن ذلك وقتُها.
وفي الحديث: لا ذَبْحَ إلا بَعْد التَّشْرِيق أَي بعد الصلاة، وقال شعبة:
التَّشْرِيق الصلاة في الفطر والأَضحى بالجَبّانِ. وفي حديث عليّ، رضي
الله عنه: لا جُمْعة ولا تَشْرِيقَ إلا في مِصْرٍ جامع؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
قُلْتُ لِسَعْدٍ وهو بالأَزارِق:
عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق
فسره فقال: معناه عليك بالشمس في الشتاء فانْعَمْ بها ولَذَّ؛ قال ابن
سيده: وعندي أن المَشارِق هنا جمع لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عند
الشمس، يُقَوِّي ذلك قولُه بالمحض لأَنهما مطعومان؛ يقول: كُلِ اللحم
واشْرَب اللبن المحض. والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الوجه؛ قاله ابن
الأَعرابي في بيت المرار:
ويَزِينُهنَّ مع الجمالِ مَلاحةٌ،
والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ
(* قوله «والفخر» كذ بالأصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن
الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام).
والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة. وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت من أَطرافها
ولم يَبِنْ منها شيء. ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولاً ولم
تَبِنْ، وقيل: الشَّرْقاءُ الشاة يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها من جانب الأُذن
شَقّاً بائناً ويترك وسط أُذُنِها صحيحاً، وقال أَبو علي في التذكرة:
الشَّرْقاءُ التي شُقَّت أُذناها شَقَّين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة.
وشَرَقَتْ الشاة أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها. وشَرِقت الشاةُ،
بالكسر، فهي شاة شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو
جَدْعاء. الأَصمعي: الشَّرْقاء في الغنم المشقوقة الأُذن باثنين كأنه
زنَمة، واسم السِّمَةِ الشَّرَقة، بالتحريك، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها
شَرْقاً إذا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يكون في الأُذن ثقب مستدير. وشاة
شَرْقاء: مقطوعة الأُذن.
والشَّرِيقُ من النساء: المُفْضاة.
والشَّرِقُ من اللحم: الأَحمر الذي لا دَسَم له.
والشَّرَقُ: الشجا والغُصّة. والشَّرَقُ بالماء والرِّيق ونحوهما:
كالغَصَص بالطعام؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ؛ قال عدي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماء حَلْقِي شَرِقٌ،
كنتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصاري
الليث: يقال شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بريقه، ويقال: أَخذَتْه
شَرْقة فكاد يموت. ابن الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قال الأَزهري:
والغَرَقُ أَن يدخل الماءُ في الأَنف حتى تمتلئ منافذُه. والشَّرَقُ: دخولُ
الماء الحَلْقَ حتى يَغَصَّ به، وقد غَرِقَ وشَرِقَ. وفي الحديث: فلما
بلغ ذِكْرَ موسى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع أي أَخذته سُعْلة منعته عن القراءة.
قال ابن الأَثير: وفي الحديث أَنه قرأَ سورة المؤمن في الصلاة فلما أتى
على ذكرِ عيسى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فركع؛ الشَّرْقة:
المرة الواحدة من الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بالقراءة، وقيل:
أَراد أَنه شَرِقَ بريقه فترك القراءة وركع؛ ومنه الحديث: الحَرَقُ
والشِّرَقُ شهادةٌ؛ هو الذي يَشْرَقُ بالماء فيموت. وفي حديث أُبَيّ: لقد اصطلح
أَهل هذه البلدة على أَن يَعْصِّبُوه فشَرِقَ بذلك أَي غَصَّ به، وهو مجاز
فيما ناله من أَمْرِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ به حتى كأَنه
شيء لم يقدر علي إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ به.
وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فضاق، وشَرِقَ الجسدُ بالطيب كذلك؛ قال
المخبَّل:
والزَّعْفَرانُ على تَرائِبها
شَرِقاً به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اختلط؛ قال المسَّيب بن عَلَسٍ:
شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه
للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ
والتَّشْريق: الصَّبغ بالزعفران غير المُشْبَع ولا يكون بالعُصْفُر.
والتَّشْويق: المُشْبَع بالزعفران. وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ:
اشتدت حمرته بدم أَو بحسن لون أَحمر؛ قال الأَعشى:
وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْته،
كما شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ من الدَّمِ
ومنه حديث عكرمة: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عليهما ثياب مُشْرَقة أَي
محمّرة. يقال شَرِقَ الشيءُ إذا اشتدت حمرته، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إذا
بالَغْت في حمرته؛ وفي حديث الشعبي: سُئِل عن رجل لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت
بالدم ولمّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فقال:
لها أَمْرُها، حتى إذا ما تَبَوَّأَتْ
بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا
الضمير في لها للإبل يُهْمِلها الراعي حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي
أَعجبها فأقامت فيه مالَ الراعي إلى مَضْجَعِه؛ ضربه مثلاً للعين أَي لا
يُحْكَم فيها بشيء حتى تأتيَ على آخر أمْرِها وما تؤول إليه، فمعنى شَرِقَت
بالدم أَي ظهر فيها ولم يَجْرِ منها. وصَرِيع شَرِقٌ بدمه: مُخْتَضِب.
وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ من الخَجَلِ. والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَحمر.
وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّت، وشَرِقَ الدمُ فيها: ظهر.
الأَصمعي: شَرِقَ الدم بجسده يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ظهر ولم يَسِلْ، وقيل إذا
ما نَشِبَ، وكذلك شَرِقت عينُه إذابَقِي فيها دمٌ؛ قال: وإذا اختلطت
كُدورةٌ بالشمس ثم قلت شَرِقَت جاز ذلك كما يَشْرَق الشيء بالشيء يَنْشَبُ
فيه ويختلط. يقال: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ما دخل الماءُ
حَلْقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، قال في الناقة
المُنْكَسرة: ولا هي بفَقِيٍّ فتشْرَق أَي تمتلئ دماً من مرض يَعْرِضُ لها
في جوفها؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه كان يُخْرِج يديه في السجود وهما
مُتَفَلِّقَتان قد شَرِق بينهما الدم. وشَرِقَ النخل وأَشْرَق وأَزْهَقَ
(*
قوله «وأزهق» هكذا في الأصل ولعله وأزهى.) لوَّنَ بحمرة. قال أَبو حنيفة:
هو ظهور أَلوان البُسْر. ونَبْتٌ شَِرِقٌ أَي رَيَّان؛ قال الأَعشى:
يُضاحِك الشمسَ منها كوكَبٌ شَرِقٌ،
مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وأَما ما جاء في الحديث من قوله: لعلكم تُدْرِكون قوماً يُؤَخِّرون
الصلاة إلى شَرِقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ للوقت الذي تَعْرِفون ثم صَلّوا
معهم؛ فقال بعضهم: هو أن يَشْرَقَ الإنسانُ بريقِه عند الموت، وقال:
أَراد أَنهم يصلون الجمعة ولم يبق من النهار إلا بقدر ما بَقِي من نَفْس هذا
الذي قد شَرِق بريقه عند الموت، أَراد فَوْتَ وقْتِها ولم يقيّد الصلاة
في الصحاح بجمعة ولا بغيرها، وسئل عن هذا الحديث فقال: أَلم ترَ الشمسَ
إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى؛
قال أَبو عبيد: يعني أَن طلوعها وشُروقَها إنما هو تلك الساعة للموتى
دون الأَحياء. أَبو زيد: تُكْرَه الصلاة بشَرَقِ الموتى حين تصفرُّ الشمس،
وفعلت ذلك بشَرَقِ الموتى: في ذلك الوقت. وفي الحديث: أَنه ذكر الدنيا
فقال: إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى؛ له معنيان: أَحدهما أَنه أَراد به
آخِرَ النهار لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَث قليلاً ثم تغيب فشبَّه ما
بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة، والآخَرُ من قولهم شَرِقَ الميت
بريقه إذا غَصَّ به، فشَّبه قِلَّةَ ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة
الشَّرِق بريقه إلى أَن تخرج نفسه. وسئل الحسن بن محمد بن الحنفية عنه
فقال: أَلم تَرَ إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان
فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى. يقال: شَرِقَت الشمس
شَرَقاً إذا ضعف ضوءُها، قال: ووَجّه قولَه حين ذكر الدنيا فقال إنما
بقي منها كشَرَقِ الموتى إلى معنيين: أَحدهما أَن الشمس في ذلك الوقت إنما
تَلْبَثُ ساعة ثم تغيب فشبَّه قِلَّة ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك
الساعة من اليوم، والوجه الآخر في شَرَقِ الموتى شَرَقُ الميت برِيقِه عند
خروج نفسه. وفي بعض الروايات: واجعلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة أَي نافلة.
وقال أبو عبيد: المُشَرَّق جبل بسوق الطائف، وقال غيره: المُشَرَّق
سُوقُ الطائف؛ وقول أبي ذؤيب:
حتى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ،
بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ
يُفَسَّر بكلا ذَيْنِك، ورواه ابن الأعرابي: بصفا المُشَقَّر؛ قال: وهو
صفا المُشَقَّر الذي ذكره امرؤ القيس فقال:
دُوَيْنَ الصَّفا اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
والشارِقُ: الكِلْسُ، عن كراع.
والشَّرْقُ: طائر، وجمعه شُروق، وهو من سِباع الطير؛ قال الراجز:
قد أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذو بَرِيقِ،
بمُلْحَمٍ أَحْمَرَ سَوْذَنِيقِ،
أَجْدَلَ أو شَرْقٍ من الشُّروقِ
قال شمر: أَنشدني أَعرابي في مجلس ابن الأَعرابي وكتبها ابن الأعرابي:
انْتَفِخي، يا أَرْنَبَ القِيعان،
وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ،
أو ضربة من شرق شاهيان،
أو توجي جائع غرثان
(* قوله «أو ضربة من شرق إلى آخر البيت» هكذا في الأصل).
قال: الشَّرْق بين الحِدَأَة والشاهين ولونه أَسود. والشارِق: صنم كان
في الجاهلية، وعبد الشارِق: اسم وهو منه. والشَّرِيقُ: اسم صنم أيضاً.
والشَّرْقِيُّ: اسم رجل راوِية أَخبار. ومِشْرِيق: موضع. وشَرِيق: اسم
رجل.
ريع: الرَّيْع: النَّماء والزيادة. راعَ الطعامُ وغيره يَرِيع رَيْعاً
ورُيُوعاً ورِياعاً؛ هذه عن اللحياني، ورَيَعاناً وأَراعَ ورَيَّعَ، كلُّ
ذلك: زَكا وزاد، وقيل: هي الزيادة في الدقيق والخُبز. وأَراعَه
ورَيَّعَه. وراعَتِ الحِنْطةُ وأَراعَتْ أَي زَكَتْ. قال الأَزهري: أَراعت زكت،
قال: وبعضهم يقول راعتْ، وهو قليل. ويقال: طعام كثير الرَّيْعِ. وأَرض
مَرِيعة، بفتح الميم، أَي مُخْصِبة. وقال أَبو حنيفة: أَراعتِ الشجرة كثر
حَملها، قال: وراعَت لغة قليلة. وأَراعَت الإِبلُ: كثر ولدها. وراعَ الطعامُ
وأَراعَ الطحينُ: زاد وكثر رَيْعاً. وكلُّ زِيادة رَيْعٌ. وراعَ أَي
صارت له زيادة رَيْعٌ. في العَجْن والخَبز. وفي حديث عمر: امْلِكوا العَجِين
فإِنه أَحد الريعين، قال: هو من الزيادة والنّماء على الأَصل؛ يريد
زيادةَ الدقيق عند الطَّحْن وفضلَه على كَيْل الحِنطة وعند الخَبز على
الدقيق، والمَلْكُ والإِمْلاك إِحكام العجين وإِجادَتُه، وقيل: معنى حديث عمر
أَي أَنْعِمُوا عَجْنه فإِنّ إِنعامَكم إِيّاه أَحدُ الرَّيْعَيْن. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، في كفّارة اليَمين: لكل مِسكين مُدُّ
حِنْطة رَيْعُه إِدامُه أَي لا يلزمه مع المدِّ إِدام، وإِنّ الزيادة التي
تحصل من دقيق المدّ إِذا طحنه يشتري بها الإِدام. وفي النوادر: راعَ في يدي
كذا وكذا وراقَ مثله أَي زاد. وتَرَيَّعَت يده بالجُود. فاضَت. ورَيْعُ
البَذْرِ: فَضْلُ ما يخرج من البِزْر على أَصله. ورَيْعُ الدِّرْع: فضل
كُمَّيْها على أَطراف الأَنامل؛ قال قيس بن الخَطِيم:
مُضاعفة يَغْشى الأَنامِلَ رَيْعُها؛
كأَنَّ قَتِيرها عُيونُ الجَنادِبِ
والرَّيْعُ: العَوْدُ والرُّجوع. راعَ يَريع وراهَ يَريهُ أَي رجَع.
تقول: راعَ الشيءُ رَيْعاً رجَع وعادَ، وراعَ كَرُدَّ؛ أَنشَد ثعلب:
حتى إِذا ما فاء من أَحْلامها،
وراعَ بَرْدُ الماء في أَجْرامِها
وقال البَعِيث:
طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما
تُضَرِّبُ أَعْناقَ الرِّجال المَطامِع
وفي حديث جرير: وماؤنا يَرِيعُ أَي يعود ويرجع. والرَّيع: مصدر راع عليه
القَيْءُ يَرِيع أَي رجع وعاد إِلى جَوْفه. وليس له رَيْع أَي مَرْجوع.
ومثل الحسن البصري عن القيْء يَذْرَعُ الصائم هل يُفْطِر، فقال: هل راع
منه شيء؟ فقال السائل: ما أَدري ما تقول، فقال: هل عاد منه شيء؟ وفي
رواية: فقال إِن راعَ منه شيء إِلى جَوْفه فقد أَفطر أَي إِن رجَع وعاد. وكذلك
كلُّ شيء رجَع إِليك، فقد راعَ يرِيع؛ قال طَرَفةُ:
تَرِيعُ إِلى صَوْتِ المُهِيبِ وتَتَّقي،
بذي خُصَلٍ، رَوْعاتِ أَكْلَفَ مُلْبِد
وتَرَيَّع الماءُ: جرى. وتَرَيَّع الوَدَكُ والزيتُ والسمْنُ إِذا جعلته
في الطعام وأَكثرت منه فَتَميَّعَ ههنا وههنا لا يستقيم له وجه؛ قال
مُزَرِّد:
ولَمَّا غَدَتْ أُمِّي تُحَيِّي بَناتِها،
أَغَرْتُ على العِكْمِ الذي كان يُمْنَعُ
خَلَطْتُ بِصاعِ الأَقْطِ صاعَيْن عَجْوةً
إِلى صاعِ سَمْنٍ، وَسْطَه يَتَرَيَّعُ
ودَبَّلْت أَمثال الاكار كأَنَّها
رؤُوس نِقادٍ، قُطِّعَتْ يومَ تُجْمَعُ
(* قوله «الاكار» كذا بالأصل وسيأتي للمؤلف إنشاده في مادة دبل
الأثافي.)وقلتُ لِنَفْسِي: أَبْشِرِي اليومَ إِنَّه
حِمًى آمِنٌ إِمَّا تَحُوزُ وتَجْمَع
فإِن تَكُ مَصْفُوراً فهذا دَواؤُه،
وإِن كنتَ غَرْثاناً فذا يومُ تَشْبَعُ
ويروى: رَبَكْتُ بِصاعِ الأَقْطِ. ابن شميل: تَرَيَّعَ السمْن على
الخُبزة وهو خُلُوف بَعْضه بأَعقاب بعض. وتَرَيَّعَ السَّرابُ وتَرَيَّه إِذا
جاء وذهب.
ورَيْعانُ السراب: ما اضْطَربَ منه. ورَيْعُ كلِّ شيء ورَيْعانُه:
أَوَّلُه وأَفْضَلُه. ورَيْعان المطر: أَوَّله؛ ومنه رَيْعانُ الشَّباب؛ قال:
قد كان يُلْهِيكَ رَيْعانُ الشَّبابِ، فَقدْ
ولَّى الشَّبابُ، وهذا الشيْبُ مُنْتَظَرُ
وتَرَيَّعَتِ الإِهالةُ في الإِناءِ إِذا تَرَقْرَقَتْ. وفرس رائعٌ أَي
جَوادٌ، وتَرَوَّعَتْ: بمعنى تَلَبَّثَتْ أَو تَوَقَّفَتْ. وأَنا
متَرَيِّعٌ عن هذا الأَمر ومُنْتَوٍ ومُنْتَفِضٌ أَي مُنْتَشِر. والرِّيعةُ
والرِّيعُ والرَّيْع: المَكان المُرْتَفِعُ، وقيل: الرِّيعُ مَسِيلُ الوادي
من كل مَكان مُرْتَفِع؛ قال الرَّاعي يصِف إِبلاً:
لها سَلَفٌ يَعُوذُ بِكُلِّ رِيعٍ،
حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَرَ الإِفالا
السَّلَفُ: الفَحْلُ. حَمَى الحَوزاتِ أَي حمَى حَوْزاته أَن لا يدنو
منهن فحل سِواه. واشتهر الإِفالَ: جاءَ بها تُشْبِهه، والجمع أَرْياعٌ
ورُيُوع ورِياعٌ، الأَخيرة نادرة؛ قال ابن هَرْمة:
ولا حَلَّ الحَجِيجُ مِنًى ثَلاثاً
على عَرَضٍ، ولا طَلَعُوا الرِّياعا
والرِّيعُ: الجبل، والجمع كالجمع، وقيل: الواحدة رِيعةٌ، والجمع رِياعٌ.
وحكى ابن بري عن أَبي عبيدة: الرِّيعة جمع رِيع خلافَ قول الجوهري؛ قال
ذو الرمة:
طِراق الخَوافي واقِعاً فوقَ رِيعةٍ،
لدَى لَيْلِه، في رِيشِه يَتَرَقْرَق
والرِّيعُ: السَّبيل، سُلِكَ أَو لم يُسْلَك؛ قال:
كظهْرِ التُّرْسِ ليس بِهِنَّ رِيعُ
والرِّيعُ والرَّيْع: الطريق المُنْفَرِج عن الجبل؛ عن الزَّجاج، وفي
الصحاح: الطريق ولم يقيد؛ ومنه قول المُسيَّب بن عَلَس:
في الآلِ يَخْفِضُها ويَرْفَعُها
رِيعٌ يَلُوح، كأَنه سَحْلُ
شبَّه الطريق بثوب أَبيض. وقوله تعالى: أَتَبْنُون بكل رِيعٍ آية،
وقرئَ: بكل رَيْع؛ قيل في تفسيره: بكل مكان مرتفع. قال الأَزهري: ومن ذلك كم
رَيْعُ أَرضك أَي كم ارتفاع أَرضك؛ وقيل: معناه بكل فج، والفَجُّ
الطَّريق المُنْفَرِج في الجبال خاصَّة، وقيل: بكل طريق. وقال الفراء: الرِّيعُ
والرَّيْعُ لغتان مثل الرِّير والرَّيْر. والرِّيعُ: بُرْجُ الحَمام.
وناقة مِرْياع: سريعة الدِّرَّة، وقيل: سَرِيعة السِّمَن، وناقة لها
رَيْعٌ إِذا جاءَ سَيْر بعد سَيْر كقولهم بئر ذاتُ غَيِّثٍ. وأَهْدَى
أَعرابي إِلى هشام بن عبد الملك ناقة فلم يقبلها فقال له: إِنها مِرْباعٌ
مِرْياعٌ مِقْراعٌ مِسْناع مِسْياع، فقبلها؛ المِرْباعُ: التي تُنْتَج أَولَ
الرَّبِيع، والمِرْياع: ما تقدَّم ذكره، والمِقْراع: التي تَحْمِل أَول ما
يَقْرَعُها الفَحْل، والمِسْناعُ: المُتَقدِّمة في السير، والمِسْياعُ:
التي تصبر على الإِضاعةِ. وناقة مِسْياعٌ مِرياع: تذهب في المَرْعى وترجع
بنفسها. وقال الأَزهري: ناقة مِرْياع وهي التي يُعاد عليها السفَر، وقال
في ترجمة سنع: المِرْياعُ التي يُسافَرُ عليها ويُعاد؛ وقولُ الكُمَيْت:
فأَصْبَحَ باقي عَيْشِنا وكأَنّه،
لواصِفِه، هُذم الهباء المُرَعْبَلُ
(* قوله «هذم الهباء» كذا بالأصل، ولعله هدم العباء، والهدم، بالكسر:
الثوب البالي أو المرقع أو خاص بكساء الصوف، والمرعبل:الممزق.)
إِذا حِيصَ منه جانِبٌ رِيعَ جانِبٌ
بِفَتْقَينِ، يَضْحَى فيهما المُتَظَلِّلُ
أَي انْخَرق. والرِّيعُ: فرس عَمرو بن عُصْمٍ صفة غالبة. وفي الحديث ذكر
رائعةَ، هو موضع بمكة، شرفها الله تعالى، به قبْر آمِنةَ أُم النبيّ،
صلى الله عليه وسلم، في قول.
رأس: رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على
القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال
امرؤ القيس:
فيوماً إِلى أَهلي، ويوماً إِليكمُ،
ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ
وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله:
رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان
أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع
المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد:
كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ،
يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ
يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه. ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ.
التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب
رأْسه. وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو
صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه،
وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل
أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ
والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه. وفي نوادر
الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة
وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني. وفحل أَرْأَسُ: وهو
الضَّخْمُ الرأْس. والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم
الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد:
إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها،
فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه
وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت. وشاة
رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى
ورَماثَى.
ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي. وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ. ورَأَسَ السَّيْلُ
الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة:
خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ
ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ
وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله.
والرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم:
بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ،
نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا
قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل
ندق بهم. ويقال للقوم إِذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ. ورَأَسَ القومَ
يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم
وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ،
ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ
هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا
رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت:
يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم
الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً،
ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر:
تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ
تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُرْأَة،
تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي. والثَّوْلاء:
النعجة التي بها ثَوَلٌ. والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها. وقوله لا
ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة
على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم
ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد. وقوله تهدى
الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت
أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا
زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء
فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم. وفي حديث
القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم
ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة
إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق. ورَئيسُ
الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب
مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم. وكلبة رائِسَة:
تأْخذ الصيد برأْسه. وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد. ورائس
النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب. ورَوائس الوادي: أَعاليه. وسحابة
مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي
تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس. ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي
جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ
مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه
أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ
مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ. ووَلَدَتْ وَلَها على
رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت
ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو
الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ:
وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعدما
زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتٍلُهْ
وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها
مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ
وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين،
فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة
المقتول تهجو الزبرقان:
تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ،
فليس لخُلْفِهامنه اعْتِذارُ
برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ
من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ
وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ
الرِّياحِيِّ:وهم قََتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ،
برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي
ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال
فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك.
فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت
له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه ثم قال:
لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً،
سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُوبُ
وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني
كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ
الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس
العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا
كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال
فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي:
وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى
عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا
قيل: عنى هذا الجبل. ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ
ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي
أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك. ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل
قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل:
وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها
بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا
ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها،
ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا
وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إِذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري
والصواب: ثم اضطغنت سلاحي. والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف
من أَعلى صدرها. والسِّدَفُ ههنا: الضوء. واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت
حِضْني. والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل
الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة. والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق. وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛
قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا
أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء. وقولهم: رُمِيَ فلان منه في
الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في
الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر
إِليَّ. وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها
بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرىة بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان:
كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ،
يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما
جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو
جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن
قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر
الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي،
بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان
ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.
قدس: التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه
اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس
فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس،
بفتح أََوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم،
قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على
فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا
السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح،
بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير
القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من
أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس
ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل:
هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛
قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث
الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح
شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه
قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي
التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي
نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا
قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُتَطَّهر. والقَدَس،
بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت
المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُتطهَّر به من الذنوب. ابن
الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة
اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه
المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض
المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على
حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه
في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال
مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا،
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه
ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ
جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي
جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة:
تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ،
وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ
خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْر ُ؛ وحكى
ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس
المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض
المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة
أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ،
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.
ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس
نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال
اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه
بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول
الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ،
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ
لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في
الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي
حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر
الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر
يُنْصَب في وسَط الحوض إِذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو
عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَدَّاسُ،
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛
قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إِذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ:
الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب
معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ،
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وفي المحكم:
كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي
يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن
الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة:
من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من
أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:
القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في
نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد
مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
نزه: النُّزْهَةُ: معروفة. والتَّنَزُّهُ: التباعد، والإسم النُّزْهةُ.
ومكانٌ نَزِهٌ
ونَزِيهٌ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ
بعيدة عَذْبَةٌ نائية من الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ. الجوهري:
وخرجنا نتَنَزَّهُ في الرِّياضِ، وأَصله من البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر. ويقال: ظِللْنا مُتَنَزِّهِينَ إذا تباعدوا عن المياه. وهو
يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: الجابِيَةُ
أَرضٌ
نَزِهَةٌ أَي بعيدة عن الوَباء. والجابِيَةُ: قرية بدمشْقَ. ابن سيده:
وتنزَّهَ الإنسانُ خرج إلى الأَرض النَّزِهَةِ، قال: والعامة يضعون الشيء
في غير موضعه ويَغْلَطُونَ فيقولون خرجنا نتَنزَّهُ إذا خرجوا إلى
البساتين فيجعلون التَّنزُّهَ الخروجَ إلى البساتين والخُضَر والرِّياض، وإنما
التَّنزُّهُ التباعدُ عن الأَرياف والمياه حيث لا يكون ماءٌ ولا نَدىً
ولا جَمْعُ ناسٍ، وذلك شِقُّ البادية، ومنه قيل: فلانٌ يتَنَزَّهُ عن
الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عنها أَي يُباعد نفسه عنها؛ ومنه قول أُسامة بن
حبيب الهذلي:
كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ،
يُشَرِّدُ عن كَتِفيْهِ الذُّبابا
أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلا
ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إلا ائتِيابا
ويروى: إلا انْتِيابا، يريد ما تباعد من الفلاة عن المياه والأَرياف.
وفي حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها: صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، شيئاً فرَخَّصَ فيه فتَنَزَّهَ عنه قومٌ
أَي تركوه وأَبعدوا عنه ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فيه. وقد نَزُهَ
نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إذا بَعُدَ.
ورجل نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس: عفيف مْتكَرِّمٌ
يَحُلُّ وحْدَهُ ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله، والجمع نُزَهاءُ
ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والإسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ. ونَزَّهَ نفْسَه عن القبيح:
نَحّاها. ونزَّهَ الرجلَ: باعده عن القبيح. والنَّزاهةُ: البعد عن السوء.
وإن فلاناً لنَزِيهٌ كريمٌ إذا كان بعيداً من اللُّؤْمِ، وهو نزِيهُ
الخُلُقِ. وفلان يتَنزَّهُ عن مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عما يُذَمُّ
منها. الأَزهري: التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عن الشيء تكَرُّماً ورغبة
عنه.
والتَّنزِيهُ: تسبيح الله عز وجل وإبعادُهُ عما يقول المشركون.
الأَزهري: تَنْزِيهُ الله تبعيدُه وتقديسُه عن الأَنداد والأَشباه، وإنما قيل
للفلاة التي نأَتْ عن الرِّيفِ والمياه نزِيهةٌ
لبعدها عن غَمَقِ المياه وذِبّانِ القُرى وومَدِ البحار وفساد الهواء.
وفي الحديث: كان يصلي من الليل فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَنْزِيهُ الله إلا
نزَّهَهُ؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ الله تبعيدُه عما لا يجوز
عليه من النقائض؛ ومنه الحديث في تفسير سبحان الله: هو تَنْزِيهُهُ أَي
إبعاده عن السوء وتقديسه؛ ومنه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: الإيمانُ
نَزِهٌ
أَي بعيد عن المعاصي. وفي حديث المُعَذَّبِ في قبره: كان لا يسْتَنْزِهُ
من البول أَي لا يَسْتبرئ ولا يتطهر ولا يستبعد منه. قال شمر: ويقال هم
قومٌ أَنْزاهٌ أَي يتَنزَّهُونَ عن الحرام، الواحد نزِيهٌ
مثل مَلِيءٍ وأَملاءٍ. ورجل نزيهٌ ونَزِهٌ: وَرِعٌ. ابن سيده: سَقى
إبلَهُ ثم نَزَهَها نَزْهاً باعدها عن الماء. وهو بنُزْهةٍ عن الماء أَي
بُعْد. وفلان نزِيهٌ
أَي بعيد. وتنَزَّهُوا بحُرَمِكْم عن القوم: تباعدوا. وهذا مكان نزِيهٌ:
خَلاء بعيد من الناس ليس فيه أَحد فأَنزلوا فيه حُرَمَكُمْ. ونُزْهُ
الفَلا: ما تباعد منها عن المياه والأَرياف.
نهر: النَّهْرُ والنَّهَرُ: واحد الأَنْهارِ، وفي المحكم: النَّهْرُ
والنَّهَر من مجاري المياه، والجمع أَنْهارٌ ونُهُرٌ ونُهُورٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
سُقِيتُنَّ، ما زالَتْ بكِرْمانَ نَخْلَةٌ،
عَوامِرَ تَجْري بينَكُنَّ نُهُورُ
هكذا أَنشده ما زالت، قال: وأُراهُ ما دامت، وقد يتوجه ما زالت على معنى
ما ظهرت وارتفعت؛ قال النابغة:
كأَنَّ رَحْلي، وقد زالَ النَّهارُ بنا
يوم الجَلِيلِ، على مُسْتأْنِسٍ وَحِدِ
وفي لحديث: نَهْرانِ مؤمنان ونَهْرانِ كافران، فالمؤمنان النيل والفرات،
والكافران دجلة ونهر بَلْخٍ. ونَهَرَ الماءُ إِذا جرى في الأَرض وجعل
لنفسه نَهَراً. ونَهَرْتُ النَّهْرَ: حَفَرْتُه. ونَهَرَ النَّهْرَ
يَنْهَرُهُ نَهْراً: أَجراه. واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إِذا أَخذ لِمَجْراهُ
موضعاً مكيناً. والمَنْهَرُ: موضع في النَّهْزِ يَحْتَفِرُه الماءُ، وفي
التهذيب: موضع النَّهْرِ. والمَنْهَرُ: خَرْق في الحِصْنِ نافذٌ يجري منه
الماء، وهو في حديث عبد الله بن أَنس: فأَتَوْا مَنْهَراً فاختَبَؤوا. وحفر
البئر حتى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بلغ الماء، مشتق من النَّهْرِ. التهذيب:
حفرت البئر حتى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغتُ الماء. ونَهَر الماءُ
إِذا جَرى في الأَرض وجعل لنفسه نَهْراً. وكل كثير جرى، فقد نَهَرَ
واسْتَنْهَر. الأَزهري: والعرب تُسَمِّي العَوَّاءَ والسِّماكَ أَنْهَرَيْنِ
لكثرة مائهما. والنَّاهُور: السحاب؛ وأَنشد:
أَو شُقَّة خَرَجَتْ من جَوْفِ ناهُورِ
ونَهْرُ واسع: نَهِرٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامت به، فابْتَنَتْ خَيْمَةً
على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
والقصب: مجاري الماء من العيون، ورواه الأَصمعي: وفُراتٍ نَهَرْ، على
البدل، ومَثَّلَه لأَصحابه فقال: هو كقولك مررت بظَرِيفٍ رجلٍ، وكذلك ما
حكاه ابن الأَعرابي من أَن سايَةَ وادٍ عظِيمٌ فيه أَكثر من سبعين عيناً
نَهْراً تجري، إِنما النهر بدل من العين. وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وسَّعها؛
قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ من دونها ما وراءَها
ملكت أَي شددت وقوّيت. ويقال: طعنه طعنة أَنْهَرَ فَتْقَها أَي وسَّعه؛
وأَنشد أَبو عبيد قول أَبي ذؤيب. وأَنْهَرْتُ الدمَ أَي أَسلته. وفي
الحديث: أَنْهِرُوا الدمَ بما شئتم إِلا الظُّفُرَ والسِّنَّ. وفي حديث آخر:
ما أَنْهَرَ الدمَ فَكُلْ؛ الإِنهار الإِسالة والصب بكثرة، شبه خروج الدم
من موضع الذبح يجري الماء في النهر، وإِنما نهى عن السن والظفر لأَن من
تعرّض للذبح بهما خَنَقَ المذبوحَ ولم يَقْطَعْ حَلْقَه.
والمَنْهَرُ: خرق في الحِصْنِ نافذٌ يدخل فيه الماء، وهو مَفْعَلٌ من
النَّهر، والميم زائدة. وفي حديث عبد الله بن سهل: أَنه قتل وطرح في
مَنْهَرٍ من مناهير خيبر. وأَما قوله عز وجل: إِن المتقين في جنات ونَهَرٍ، فقد
يجوز أَن يعني به السَّعَةَ والضِّياءَ وأَن يعني به النهر الذي هو مجرى
الماء على وضع الواحد موضع الجميع؛ قال:
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وقد سُبِينا،
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شُجِينا
وقيل في قوله: جنات ونهر؛ أَي في ضياء وسعة لأَن الجنة ليس فيها ليل
إِنما هو نور يتلألأُ، وقيل: نهر أَي أَنهار. وقال أَحمد بن يحيى: نَهَرٌ
جمع نُهُرٍ، وهو جمع الجمع للنَّهار. ويقال: هو واحد نَهْرٍ كما يقال
شَعَرٌ وشَعْرٌ، ونصب الهاء أَفصح. وقال الفرّاء: في جنات ونَهَرٍ، معناه
أَنهار .
كقوله عز وجل: ويولُّون الدُّبُرَ، أَي الأَدْبارَ، وقال أَبو إِسحق
نحوه وقال: الاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأُ به عن الجميع ويعبر بالواحد
عن الجمع، كما قال تعالى: ويولُّون الدبر. وماء نَهِرٌ: كثير. وناقة
نَهِرَة: كثيرة النَّهر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكَرْ،
نَهِيرَةُ الأَخْلافِ في غيرِ فَخَرْ
حَنْدَلِسٌ: ضخمة عظيمة. والفخر: أَن يعظم الضرع فيقل اللبن. وأَنْهَرَ
العِرْقُ: لم يَرْقَأْ دَمُه. وأَنْهَرَ الدمَ: أَظهره وأَساله.
وأَنْهَرَ دَمَه أَي أَسال دمه. ويقال: أَنْهَرَ بطنُه إِذا جاء بطنُه مثلَ مجيء
النَّهَرِ. وقال أَبو الجَرَّاحِ: أَنْهَرَ بطنُه واسْتَطْلَقَتْ
عُقَدُه. ويقال: أَنْهَرْتُ دَمَه وأَمَرْتُ دَمَه وهَرَقْتُ دَمَه.
والمَنْهَرَةُ: فضاء يكون بين بيوت القوم وأَفْنيتهم يطرحون فيه كُناساتِهم.
وحَفَرُوا بئراً فأَنْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً؛ عن اللحياني.
والنَّهار: ضِياءُ ما بين طلوع الفجر إِلى غروب الشمس، وقيل: من طلوع
الشمس إِلى غروبها، وقال بعضهم: النهار انتشار ضوء البصر واجتماعه، والجمع
أَنْهُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، ونُهُرٌ عن غيره. الجوهري: النهار ضد الليل،
ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسَّرابُ، فإِن جمعت قلت في قليلة:
أَنْهُر، وفي الكثير: نُهُرٌ، مثل سحاب وسُحُب. وأَنْهَرْنا: من النهار؛
وأَنشد ابن سيده:
لولا الثَّرِيدَانِ لَمُتْنا بالضُّمُرْ:
ثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدُ بالنُّهُرْ
قال ابن بري: ولا يجمع، وقال في أَثناء الترجمة: النُّهُر جمع نَهار
ههنا. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: النهار اسم وهو ضد الليل، والنهار
اسم لكل يوم، والليل اسم لكل ليلة، لا يقال نهار ونهاران ولا ليل وليلان،
إِنما واحد النهار يوم، وتثنيته يومان، وضد اليوم ليلة، ثم جمعوه
نُهُراً؛ وأَنشد:
ثريد ليل وثريد بالنُّهُر
ورجل نَهِرٌ: صاحب نهار على النسب، كما قالوا عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ؛
قال:
لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ
قال سيبويه: قوله بليليٍّ يدل أَن نَهِراً على النسب حتى كأَنه قال
نَهاريٌّ. ورجل نَهِرٌ أَي صاحب نَهارٍ يُغِيرُ فيه؛ قال الأَزهري وسمعت
العرب تنشد:
إِن تَكُ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ،
متى أَتى الصُّبْحُ فلا أَنْتَظِرُ
(* قوله« متى أتى» في نسخ من الصحاح متى أرى.)
قال: ومعنى نَهِر أَي صاحب نهار لست بصاحب ليل؛ وهذا الرجز أَورده
الجوهري:
إِن كنتَ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ
قال ابن بري: البيت مغير، قال: وصوابه على ما أَنشده سيبويه:
لستُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ،
لا أُدْلِجُ الليلَ، ولكن أَبْتَكِرْ
وجعل نَهِر في نقابلة لَيْلِيٍّ كأَنه قال: لست بليليّ ولكني نهاريّ.
وقالوا: نهارٌ أَنْهَرُ كَلَيْلٍ أَلْيَل ونَهارٌ نَهِرٌ كذلك؛ كلاهما على
المبالغة. واسْتَنْهَرَ الشيءُ أَي اتسع. والنَّهار: فَرْخُ القَطا
والغَطاط، والجمع أَنْهِرَةٌ، وقيل: النَّهار ذكر البُوم، وقيل: هو ولد
الكَرَوانِ، وقيل: هو ذكر الحُبَارَى، والأُنثى لَيْلٌ. الجوهري: والنهار فرخ
الحبارى؛ ذكره الأَصمعي في كتاب الفرق. والليل: فرخ الكروان؛ حكاه ابن
بري عن يونس بن حبيب؛ قال: وحكى التَّوْزِيُّ عن أَبي عبيدة أَن جعفر بن
سليمان قدم من عند المهدي فبعث إِلى يونس بن حبيب فقال إِني وأَمير
المؤْمنين اختلفنا في بيت الفرزدق وهو:
والشَّيْبُ يَنْهَضُ في السَّوادِ كأَنه
ليلٌ، يَصِيح بجانِبيهِ نَهارُ
ما الليل والنهار؟ فقال له: الليل هو الليل المعروف، وكذلك النهار، فقال
جعفر: زعم المهدي أَنَّ الليل فرخ الكَرَوان والنهار فرخُ الحُبارَى،
قال أَبو عبيدة: القول عندي ما قال يونس، وأَما الذي ذكره المهدي فهو معروف
في الغريب ولكن ليس هذا موضعه. قال ابن بري: قد ذكر أَهل المعاني أَن
المعنى على ما قاله يونس، وإِن كان لم يفسره تفسيراً شافياً، وإِنه لما
قال: ليل يصيح بجانبيه نهار، فاستعار للنهار الصياح لأَن النهار لما كان
آخذاً في الإِقبال والإِقدام والليل آخذ في الإِدبار، صار النهار كأَنه
هازم، والليل مهزوم، ومن عادة الهازم أَنه يصيح على المهزوم؛ أَلا ترى إِلى
قول الشَّمَّاخ:
ولاقَتْ بأَرْجاءِ البَسِيطَةِ ساطعاً
من الصُّبح، لمَّا صاح بالليل نَفَّرَا
فقال: صاح بالليل حتى نَفَر وانهزم؛ قال: وقد استعمل هذا المعنى ابن
هانئ في قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا فانْصُراها على الدُّجَى
كتائبَ، حتى يَهْزِمَ الليلَ هازِمُ
وحتى تَرَى الجَوْزاءَ نَنثُر عِقْدَها،
وتَسْقُطَ من كَفِّ الثُّريَّا الخَواتمُ
والنَّهْر: من الانتهار. ونَهَرَ الرجلَ يَنْهَرُه نَهْراً وانْتَهَرَه:
زَجَرَه. وفي التهذيب: نَهَرْتَه وانْتَهرْتُه إِذا استقبلته بكلام
تزجره عن خبر. قال: والنَّهْرُ الدَّغْر وهي الخُلْسَةُ.
ونَهار: اسم رجل. ونهار بن تَوْسِعَةَ: اسم شاعر من تميم.
والنَّهْرَوانُ: موضع، وفي الصحاح: نَهْرَوانُ، بفتح النون والراء، بلدة، والله
أَعلم.