وـ أنامِلُهُ: تَوَرَّمَتْ،
وـ أنامِلُهُ: تَوَرَّمَتْ،
اسمعــل: إِسْمَعِيل وإِسْمَعِين: اسمان.
سمع: السَّمْعُ: حِسُّ الأُذن. وفي التنزيل: أَو أَلقى السمْع وهو شهيد؛
وقال ثعلب: معناه خَلا له فلم يشتغل بغيره؛ وقد سَمِعَه سَمْعاً
وسِمْعاً وسَماعاً وسَماعةً وسَماعِيةً. قال اللحياني: وقال بعضهم السَّمْعُ
المصدر، والسِّمع: الاسم. والسَّمْعُ أَيضاً: الأُذن، والجمع أَسْماعٌ. ابن
السكيت: السَّمْعُ سَمْعُ الإِنسان وغيره، يكون واحداً وجمعاً؛ وأَما قول
الهذلي:
فلمَّا رَدَّ سامِعَه إِليه،
وجَلَّى عن عَمايَتِه عَماهُ
فإِنه عنى بالسامِع الأُذن وذكّر لمكان العُضْو، وسَمَّعه الخبر
وأَسْمعه إِيّاه. وقوله تعالى: واسْمَعْ غيرَ مُسْمَع؛ فسره ثعلب فقال: اسْمَعْ
لا سَمِعْتَ. وقوله تعالى: إِنْ تُسْمِعُ إِلا من يؤْمِنُ بآياتنا؛ أَي
ما تُسمع إِلا من يؤمن بها، وأَراد بالإِسماعِ ههنا القبول والعمل بما
يسمع، لأِنه إِذا لم يقبل ولم يعمل فهو بمنزلة من لم يسمع. وسَمَّعَه الصوت
وأَسمَعه: اسْتَمَعَ له. وتسَمَّع إِليه: أَصْغى، فإِذا أَدْغَمْت قلت
اسَّمَّعَ إِليه، وقرئ: لا يَسَّمَّعون إِلى الملإِ الأَعلى. يقال
تَسَمَّعت إِليه وسَمِعْتُ إِليه وسَمِعْتُ له، كله بمعنى لأَنه تعالى قال: لا
تَسْمَعوا لهذا القرآن، وقرئ: لا يَسْمَعُون إِلى الملإِ الأَعلى،
مخففاً. والمِسْمَعةُ والمِسْمَعُ والمَسْمَعُ؛ الأَخيرة عن ابن جبلة: الأُذن،
وقيل: المَسْمَعُ خَرْقُها الذي يُسْمَعُ به ومَدْخَلُ الكلام فيها.
يقال: فلان عظيم المِسْمَعَيْن والسامِعَتَيْنِ. والسامِعتانِ: الأُذنان من
كل شيء ذي سَمْعٍ. والسامِعةُ: الأُذن؛ قال طرفة يصف أُذن ناقته:
مُؤَلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما،
كَسامِعَتَيْ شاةٍ بحَومَلَ مُفْرَدِ
ويروى: وسامِعتانِ. وفي الحديث: ملأَ الله مَسامِعَه؛ هي جمع مِسْمع وهو
آلةُ السَّمع أَو جمع سمع على غير قياس كمَشابِهَ ومَلامِحَ؛ ومنه حديث
أَبي جهل: إِنَّ محمداً نزل يَثْرِبَ وإِنه حَنِقَ عليكم نَفَيْتُموه
نَفْي القُراد عن المَسامِع، يعني عن الآذان، أَي أَخرجتموه من مكة إِخراج
استِئْصالٍ لأَن أَخذ القراد عن الدابة قلعُه باكللية، والأُذن أَخَفُّ
الأَعضاء شعَراً بل أَكثرها لا شعَر عليه
(* أعاد الضمير في عليه الى
العضو، واحد الأعضاء، لا الى الأذن، فلذلك ذكّره.)، فيكون النزع منها أَبلغ.
وقالوا: هو مني مَرأًى ومَسْمَعٌ، يرفع وينصب، وهو مِني بمَرأًى
ومَسْمَعٍ. وقالوا: ذلك سَمْعَ أُذُني وسِمْعَها وسَماعَها وسَماعَتَها أَي
إِسْماعَها؛ قال:
سَماعَ اللهِ والعُلَماءِ أَنِّي
أَعْوذُ بخَيْرِ خالِك، يا ابنَ عَمْرِو
أَوقَعَ الاسم موقع المصدر كأَنه قال إِسماعاً كما قال:
وبَعْدَ عَطائِك المائةَ الرِّتاعا
أَي إِعطائِك. قال سيبويه: وإِن شئت قلت سَمْعاً، قال ذلك إِذا لم
تَخْتَصِصْ نفْسَك. وقال اللحياني: سَمْعُ أُذني فلاناً يقول ذلك، وسِمْعُ
أُذني وسَمْعةُ أُذني فرفع في كل ذلك. قال سيبويه: وقالوا أَخذت ذلك عنه
سَماعاً وسَمْعاً، جاؤوا بالمصدر على غير فعله، وهذا عنده غير مطرد،
وتَسامَعَ به الناس. وقولهم: سَمْعَكَ إِليَّ أَي اسْمَعْ مِني، وكذلك قولهم:
سَماعِ أَي اسْمَعْ مثل دَراكِ ومَناعِ بمعنى أَدْرِكْ وامْنَعْ؛ قال ابن
بري: شاهده قول الشاعر:
فسَماعِ أَسْتاهَ الكِلابِ سَماعِ
قال: وقد تأْتي سَمِعْتُ بمعنى أَجَبْتُ؛ ومنه قولهم: سَمِعَ الله لمن
حَمِدَه أَي أَجاب حَمْده وتقبّله. يقال: اسْمَعْ دُعائي أَي أَجِبْ لأَن
غرض السائل الإِجابةُ والقَبُولُ؛ وعليه ما أَنشده أَبو زيد:
دَعَوْتُ اللهَ، حتى خِفْتُ أَن لا
يكونَ اللهُ يَسْمَعُ ما أَقولُ
وقوله: أَبْصِرْ به وأَسْمِعْ أَي ما أَبْصَرَه وما أَسْمَعَه على
التعجب؛ ومنه الحديث: اللهم إِني أَعوذ بك من دُعاء لا يُسْمعُ أَي لا يُستجاب
ولا يُعْتَدُّ به فكأَنه غير مَسْموع؛ ومنه الحديث: سَمِعَ سامِعٌ بحمدِ
الله وحُسْنِ بلائه علينا أَي لِيَسْمَعِ السامِعُ ولِيَشْهَدِ الشاهِدُ
حَمْدَنا اللهَ تعالى على ما أَحسَن إِلينا وأَوْلانا من نعمه، وحُسْنُ
البلاء النِّعْمةُ والاخْتِبارُ بالخير ليتبين الشكر، وبالشرّ ليظهر
الصبر. وفي حديث عمرو بن عَبْسة قال له: أَيُّ الساعاتِ أَسْمَعُ؟ قال:
جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَي أَوْفَقُ لاستماع الدعاء فيه وأَوْلى بالاستجابة
وهو من باب نهارُه صائم وليله قائم. ومنه حديث الضحّاك: لما عرض عليه
الإِسلام قال: فسمعتُ منه كلاماً لم أَسْمَعْ قط قولاً أَسْمَعَ منه؛ يريد
أَبْلَغَ وأَنْجَعَ في القلب. وقالوا: سَمْعاً وطاعة، فنصبوه على إِضْمار
الفعل غير المستعمل إِظهاره، ومنهم من يرفعه أَي أَمري ذلك والذي يُرْفَعُ
عليه غير مستعمل إِظهاره كما أَنّ الذي ينصب عليه كذلك. ورجل سَمِيعٌ:
سامِعٌ، وعَدَّوْه فقالوا: هو سميع قوْلَكَ وقَوْلَ غيرِك. والسميع: من
صفاته عز وجل، وأَسمائه لا يَعْزُبُ عن إِدْراكِه مسموع، وإِن خفي، فهو يسمع
بغير جارحة. وفَعِيلٌ: من أَبْنِيةِ المُبالغة. وفي التنزيل: وكان الله
سميعاً بصيراً، وهو الذي وَسِعَ سَمْعُه كل شيء كما قال النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال الله تعالى: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها، وقال
في موضع آخر: أَم يحسبون أَنَّا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى؛ قال الأَزهري:
والعجب من قوم فسَّروا السميعَ بمعنى المُسْمِع فِراراً من وصف الله
بأَن له سَمْعاً، وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه، فهو سَمِيعٌ ذو
سَمْعٍ بلا تَكيِيفٍ ولا تشبيه بالسمع من خلقه ولا سَمْعُه كسَمْعِ خلقه،
ونحن نصف الله بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف، قال: ولست أُنكر في
كلام العرب أَن يكون السميع سامِعاً ويكون مُسْمِعاً؛ وقد قال عمرو بن
معديكرب:
أَمِنْ رَيْحانةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
يُؤَرِّقُني، وأَصحابي هُجُوعُ؟
فهو في هذا البيت بمعنى المُسْمِعِ وهو شاذّ، والظاهر الأَكثر من كلام
العرب أَن يكون السميعُ بمعنى السامِعِ مثل علِيمٍ وعالِم وقدِير وقادِرٍ.
ومُنادٍ سَمِيعٌ: مُسْمِعٌ كخبير ومُخْبر؛ وأُذن سَمْعةٌ وسَمَعَةٌ
وسَمِعةٌ وسَمِيعةٌ وسامِعةٌ وسَمّاعةٌ وسَمُوعةٌ. والسَّمِيع: المَسْمُوعُ
أَيضاً. والسَّمْعُ: ما وَقَر في الأُذن من شيء تسمعه. ويقال: ساءَ
سَمْعاً فأَساءَ إِجابةً أَي لم يَسْمَعْ حسَناً. ورجل سَمّاعٌ إِذا كان كثير
الاستماع لما يُقال ويُنْطَقُ به. قال الله عز وجل: سَمّاعون للكذب، فُسّر
قوله سماعون للكذب على وجهين: أَحدهما أَنهم يسمعون لكي يكذبوا فيما
سمعوا، ويجوز أَن يكون معناه أَنهم يسمعون الكذب ليشيعوه في الناس، والله
أَعلم بما أَراد. وقوله عز وجل: ختمَ الله على قلوبِهم وعلى سَمْعِهم وعلى
أَبصارهم غشاوة، فمعنى خَتَمَ طَبَع على قلوبهم بكفرهم وهم كانوا يسمعون
ويبصرون ولكنهم لم يستعملوا هذه الحواسّ استعمالاً يُجْدِي عليهم فصاروا
كمن لم يسمع ولم يُبْصِرْ ولم يَعْقِلْ كما قالوا:
أَصَمّ عَمّا ساءَه سَمِيع
وقوله على سَمْعِهم فالمراد منه على أَسماعهم، وفيه ثلاثة أَوجه: أَحدها
أَن السمع بمعنى المصدر يوحّد ويراد به الجمع لأَن المصادر لا تجمع،
والثاني أَن يكون المعنى على مواضع سمعهم فحذفت المواضع كما تقول هم عَدْل
أَي ذوو عدل، والثالث أَن تكون إِضافته السمع إِليهم دالاًّ على أَسماعِهم
كما قال:
في حَلْقِكُم عَظْمٌ وقد شَجِينا
معناه في حُلوقكم، ومثله كثير في كلام العرب، وجمع الأَسْماعِ
أَسامِيعُ. وحكى الأَزهري عن أَبي زيد: ويقال لجميع خروق الإِنسان عينيه
ومَنْخِرَيْهِ واسْتِه مَسامِعُ لا يُفْرَدُ واحدها. قال الليث: يقال سَمِعَتْ
أُذُني زيداً يفعل كذا وكذا أَي أَبْصَرْتُه بعيني يفعل ذلك؛ قال الأَزهري:
لا أَدري من أَين جاء الليث بهذا الحرف وليس من مذاهب العرب أَن يقول
الرجل سَمِعَتْ أُذُني بمعنى أَبْصَرَتْ عيني، قال: وهو عندي كلام فاسد ولا
آمَنُ أَن يكون ولَّدَه أَهل البِدَع والأَهواء. والسِّمْعُ والسَّمْعُ؛
الأَخيرة عن اللحياني، والسِّماعُ، كله: الذِّكْرُ المَسْمُوعُ الحسَن
الجميلُ؛ قال:
أَلا يا أُمَّ فارِعَ لا تَلُومِي * على شيءٍ رَفَعْتُ به سَماعي
ويقال: ذهب سمْعُه في الناس وصِيتُه أَي ذكره. وقال اللحياني: هذا أَمر
ذو سِمْع وذو سَماع إِمّا حسَنٌ وإِمَّا قَبِيحٌ. ويقال: سَمَّعَ به إِذا
رَفَعَه من الخُمول ونَشَرَ ذِكْرَه.
والسَّماعُ: ما سَمَّعْتَ به فشاع وتُكُلِّمَ به. وكلُّ ما التذته
الأُذن من صَوْتٍ حَسَنٍ سماع. والسَّماعُ: الغِناءُ. والمُسْمِعةُ:
المُغَنِّيةُ.
ومن أَسماء القيدِ المُسْمِعُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ومُسْمِعَتانِ وزَمَّارةٌ،
وظِلٌّ مَدِيدٌ، وحِصْنٌ أَنِيق
فسره فقال: المُسْمِعَتانِ القَيْدانِ كأَنهما يُغَنِّيانه، وأَنث لأَنّ
أَكثر ذلك للمرأَة. والزَّمّارةُ: السّاجُور. وكتب الحجاج إِلى عامل له
أَن ابعث إِليّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أَي مُقَيَّداً
مُسَوْجَراً، وكل ذلك على التشبيه.
وفَعَلْتُ ذلك تَسْمِعَتَك وتَسْمِعةً لك أَي لِتَسْمَعَه؛ وما فعَلْت
ذلك رِياءً ولا سَمْعةً ولا سُمْعةً.
وسَمَّعَ به: أَسمَعَه القبيحَ وشَتَمَه. وتَسامَعَ به الناسُ وأَسمَعَه
الحديثَ وأَسمَعَه أَي شتَمه. وسَمَّعَ بالرجل: أَذاعَ عنه عَيْباً
ونَدَّدَ به وشَهَّرَه وفضَحَه، وأَسمَعَ الناسَ إِياه. قال الأَزهري: ومن
التَّسْمِيعِ بمعنى الشتم وإِسماع القبيح قوله، صلى الله عليه وسلم: مَنْ
سَمَّعَ بِعَبْدٍ سَمَّعَ الله به. أَبو زيد: شَتَّرْتُ به تَشْتِيراً،
ونَدَّدْتُ به، وسَمَّعْتُ به، وهَجَّلْتُ به إِذا أَسْمَعْتَه القبيحَ
وشَتَمْتَه. وفي الحديث: من سَمَّعَ الناسَ بعَمَلِه سَمَّعَ اللهُ به
سامِعُ خَلْقِه وحَقَّرَه وصَغَّرَه، وروي: أَسامِعَ خَلْقِه، فَسامِعُ خَلْقه
بدل من الله تعالى، ولا يكون صفة لأَنَّ فِعْله كلَّه حالٌ؛ وقال
الأَزهري: من رواه سامِعُ خلقه فهو مرفوع، أَراد سَمَّعَ اللهُ سامِعُ خلقه به
أَي فضَحَه، ومن رواه أَسامِعَ خَلْقِه، بالنصب، كَسَّرَ سَمْعاً على
أَسْمُع ثم كسَّر أَسْمُعاً على أَسامِعَ، وذلك أَنه جعل السمع اسماً لا
مصدراً ولو كان مصدراً لم يجمعه، يريد أَن الله يُسْمِع أَسامِعَ خلقه بهذا
الرجل يوم القيامة، وقيل: أَراد من سَمَّع الناسَ بعمله سَمَّعه الله
وأَراه ثوابه من غير أَن يعطيه، وقيل: من أَراد بعمله الناس أَسمعه الله
الناس وكان ذلك ثوابه، وقيل: من أَراد أَن يفعل فعلاً صالحاً في السرّ ثم
يظهره ليسمعه الناس ويحمد عليه فإِن الله يسمع به ويظهر إِلى الناس غَرَضَه
وأَن عمله لم يكن خالصاً، وقيل: يريد من نسب إِلى نفسه عملاً صالحاً لم
يفعله وادّعى خيراً لم يصنعه فإِن الله يَفْضَحُه ويظهر كذبه؛ ومنه
الحديث: إِنما فَعَله سُمْعةً ورياءً أَي لِيَسْمَعَه الناسُ ويَرَوْه؛ ومنه
الحديث: قيل لبعض الصحابة لِمَ لا تُكَلِّمُ عثمان؟ قال: أَتُرَوْنَني
أُكَلِّمُه سَمْعكُم أَي بحيث تسمعون. وفي الحديث عن جندب البَجَلِيّ قال:
سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول من سَمَّعَ يُسَمِّعُ الله به،
ومن يُرائي يُرائي اللهُ به. وسَمِّع بفلان أَي ائت إِليه أَمراً
يُسْمَعُ به ونوِّه بذكره؛ هذه عن اللحياني. وسَمَّعَ بفلان بالناس: نَوَّه
بذكره. والسُّمْعةُ: ما سُمِّعَ به من طعام أَو غير ذلك رِياء ليُسْمَعَ
ويُرى، وتقول: فعله رِياءً وسمعة أَي ليراه الناس ويسمعوا به. والتسْمِيعُ:
التشْنِيعُ.
وامرأَة سُمْعُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ وسِمْعَنَةٌ، بالتخفيف؛ الأَخيرة عن
يعقوب، أَي مُسْتَمِعةٌ سِمّاعةٌ؛ قال:
إِنَّ لكم لَكَنّهْ
مِعَنّةً مِفَنّهْ
سِمْعَنّةً نِظْرَنّهْ
كالرِّيحِ حَوْلَ القُنّهْ
إِلاَّ تَرَهْ تَظَنّهْ
ويروى:
كالذئب وسْطَ العُنّهْ
والمِعَنّةُ: المعترضةُ. والمِفَنَّةُ: التي تأْتي بفُنُونٍ من العجائب،
ويروى: سُمْعُنَّةً نُظْرُنَّةً، بالضم، وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو
تَبَصَّرَت فلم ترَ شيئاً تَظَنَّتْه تَظَنِّياً أَي عَمِلَتْ بالظنّ،
وكان الأَخفش يكسر أَولهما ويفتح ثالثهما، وقال اللحياني: سُمْعُنّةٌ
نُظْرُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّةٌ أَي جيدة السمع والنظر. وقوله: أَبْصِرْ
به وأَسْمِعْ، أَي ما أَسْمَعَه وما أَبصَرَه على التعجب. ورجل سِمْعٌ
يُسْمَعُ. وفي الدعاء: اللهم سِمْعاً لا بِلْغاً، وسَمْعاً لا بَلْغاً،
وسِمْعٌ لا بِلْغٌ، وسَمْعٌ لا بَلْغ، معناه يُسْمَعُ ولا يَبْلُغُ، وقيل:
معناه يُسْمَعُ ولايحتاجُ أَن يُبَلَّغَ، وقيل: يُسْمَعُ به ولا يَتِمُّ.
الكسائي: إِذا سمع الرجل الخبر لا يعجبه قال: سِمْعٌ ولا بِلْغ، وسَمْع
لا بَلْغ أَي أَسمع بالدّواهي ولا تبلغني. وسَمْعُ الأَرضِ وبَصَرُها:
طُولُها وعَرْضها؛ قال أَبو عبيد: ولا وجه له إِنما معناه الخَلاء. وحكى
ابن الأَعرابي: أَلقى نفسه بين سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها إِذا غَرَّرَ بها
وأَلقاها حيث لا يُدْرى أَين هو. وفي حديث قَيْلة: أَن أُختها قالت:
الوَيْلُ لأُختي لا تُخْبِرْها بكذا فتخرجَ بين سمع الأَرض وبصرها، وفي
النهاية: لا تُخبِرْ أُخْتي فتَتَّبِعَ أَخا بكر بن وائل بين سمع الأَرض
وبصرها. يقال: خرج فلان بين سمع الأَرض وبصرها إِذا لم يَدْرِ أَين يتوجه
لأَنه لا يقع على الطريق، وقيل: أَرادت بين سمع أَهل الأَرض وبصرهم فحذفت
الأَهل كقوله تعالى: واسأَل القريةَ، أَي أَهلها. ويقال للرجل إِذا غَرَّرَ
بنفسه وأَلقاها حيث لا يُدْرى أَين هو: أَلقى نفسه بين سمع الأَرض
وبصرها. وقال أَبو عبيد: معنى قوله تخرج أُختي معه بين سمع الأَرض وبصرها، أَن
الرجل يخلو بها ليس معها أَحد يسمع كلامها ويبصرها إِلا الأَرضُ
القَفْرُ، ليس أَن الأَرض لها سَمْع، ولكنها وكَّدت الشَّناعة في خَلْوتِها
بالرجل الذي صَحِبها؛ وقال الزمخشري: هو تمثيل أَي لا يسمع كلامهما ولا
يبصرهما إِلا الأَرض تعني أُختها، والبكْريّ الذي تَصْحَبُه. قال ابن السكيت:
يقال لقيته بين سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها أَي بأَرض ما بها أَحد. وسَمِعَ
له: أَطاعه. وفي الخبر: أَن عبد الملك بن مَرْوان خطب يومَاً فقال:
ولِيَكُم عُمَرُ بن الخطاب، وكان فَظًّا غَلِيظاً مُضَيِّقاً عليكم فسمعتم
له. والمِسمَع: موضع العُروة من المَزادة، وقيل: هو ما جاوز خَرْتَ
العُروة، وقيل: المِسْمَعُ عُروة في وسَط الدلو والمَزادةِ والإِداوةِ، يجعل
فيها حبل لِتَعْتَدِلَ الدلو؛ قال عبد الله بن أَوفى:
نُعَدِّلُ ذا المَيْلِ إِنْ رامَنا،
كما عُدِّلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ
وأَسمَعَ الدلوَ: جعل لها عروة في أَسفلها من باطن ثم شدّ حبلاً إِلى
العَرْقُوةِ لتخف على حاملها، وقيل: المِسْمَعُ عُروة في داخل الدلو
بإِزائها عروة أُخرى، فإِذا استثقل الشيخ أَو الصبي أَن يستقي بها جمعوا بين
العروتين وشدوهما لتخِفّ ويَقِلَّ أَخذها للماء، يقال منه: أَسْمَعْتُ
الدلو؛ قال الراجز:
أَحْمَر غَضْب لا يبالي ما اسْتَقَى،
لا يُسْمِعُ الدَّلْو، إِذا الوِرْدُ التَقَى
وقال:
سأَلْت عَمْراً بعد بَكْرٍ خُفّا،
والدَّلْوُ قد تُسْمَعُ كَيْ تَخِفّا
يقول: سأَله بكراً من الإِبل فلم يعطه فسأَله خُفًّا أَي جَمَلاً
مُسِنًّا.
والمِسْمَعانِ: جانبا الغَرْب. والمِسمَعانِ: الخَشَبتانِ اللتان
تُدْخَلانِ في عُرْوَتي الزَّبِيلِ إِذا أُخرج به التراب من البئر، وقد
أَسْمَعَ الزَّبِيلَ. قال الأَزهريّ: وسمعت بعض العرب يقول للرجلين اللذين
ينزعان المِشْآة من البئر يترابها عند احتفارها: أَسْمِعا المِشآة أَي
أَبيناها عن جُول الركية وفمها. قال الليث: السَّمِيعانِ من أَدَواتِ
الحَرَّاثين عُودانِ طوِيلانِ في المِقْرَنِ الذي يُقْرَنُ به الثور أَي لحراثة
الأَرض. والمِسْمَعانِ: جَوْرَبانِ يَتَجَوْرَبُ بهما الصائدُ إِذا طلب
الظباء في الظهيرة.
والسِّمْعُ: سَبُع مُرَكَّبٌ، وهو ولَد الذِّئب من الضَّبُع. وفي المثل:
أَسمَعُ من السِّمْعِ الأَزَلِّ، وربما قالوا: أَسمَعُ من سِمْع؛ قال
الشاعر:
تَراهُ حَدِيدَ الطَّرْفِ أَبْلَجَ واضِحاً،
أَغَرَّ طَوِيلَ الباعِ، أَسْمَعَ من سِمْعِ
والسَّمَعْمَعُ: الصغير الرأْس والجُثَّةِ الداهيةُ؛ قال ابن بري شاهده
قول الشاعر:
كأَنَّ فيه وَرَلاً سَمَعْمَعا
وقيل: هو الخفيفُ اللحمِ السريعُ العملِ الخبيثُ اللَّبِقُ، طال أَو
قَصُر، وقيل: هو المُنْكَمِشُ الماضي، وهو فَعَلْعَلٌ. وغُول سَمَعْمَعٌ
وشيطان سَمَعْمَعٌ لخُبْثِه؛ قال:
ويْلٌ لأَجْمالِ العَجُوزِ مِنِّي،
إِذا دَنَوْتُ أَو دَنَوْنَ منِّي،
كأَنَّني سَمَعْمَعٌ مِن جِنِّ
لم يقنع بقوله سمعمع حتى قال من جن لأَن سمعمع الجن أَنْكَرُ وأَخبث من
سمعمع الإِنس؛ قال ابن جني: لا يكون رويُّه إِلا النون، أَلا ترى أَن فيه
من جِنّ والنون في الجن لا تكون إِلا رويّاً لأَن الياء بعدها للإِطلاق
لا محالة؟ وفي حديث علي:
سَمَعْمَعٌ كأَنَّني من جِنِّ
أَي سريع خفيف، وهو في وصف الذئب أَشهر. وامرأَة سَمَعْمَعةٌ: كأَنها
غُولٌ أَو ذئبة؛ حدّث عوانة أَن المغيرة سأَل ابن لسان الحمرة عن النساء
فقال: النساء أَرْبَع: فَرَبِيعٌ مَرْبَع، وجَمِيعٌ تَجْمَع، وشيطانٌ
سَمَعْمَع، ويروى: سُمَّع، وغُلٌّ لا يُخْلَع، فقال: فَسِّرْ، قال: الرَّبِيعُ
المَرْبَع الشابّةُ الجميلة التي إِذا نظرت إِليها سَرَّتْك وإِذا
أَقسَمْتَ عليها أَبَرَّتْك، وأَما الجميع التي تجمع فالمرأَة تتزوجها ولك
نَشَب ولها نشَب فتجمع ذلك، وأَما الشيطان السَّمَعْمَعُ فهي الكالحة في
وجهك إِذا دخلت المُوَلْوِلَةُ في إِثْرك إِذا خرجت. وامرأَة سَمَعْمَعةٌ:
كأَنها غُول. والشيطانُ الخَبِيث يقال له السَّمَعْمَعُ، قال: وأَما
الغُلُّ الذي لا يُخْلَعُ فبنت عمك القصيرة الفَوْهاء الدَّمِيمةُ السوداء
التي نثرت لك ذا بطنها، فإِن طلقتها ضاع ولدك، وإِن أَمْسَكْتها أَمسَكْتَها
على مِثْلِ جَدْعِ أَنفك. والرأْس السَّمَعْمَعُ: الصغير الخفيف. وقال
بعضهم: غُولٌ سُمَّعٌ خفيفُ الرأْس؛ وأَنشد شمر:
فَلَيْسَتْ بِإِنسانٍ فَيَنْفَعَ عَقْلُه،
ولكِنَّها غُولٌ مِن الجِنِّ سُمَّعُ
وفي حديث سفيان بن نُبَيح الهذلي: ورأْسُه متَمرِّقُ الشعر سَمَعْمَعٌ
أَي لطيف الرأْس. والسَّمَعْمَعُ والسَّمْسامُ من الرجال: الطويل الدقيقُ،
وامرأَة سَمَعْمَعةٌ وسَمْسامةٌ.
ومِسْمَعٌ: أَبو قبيلة يقال لهم المَسامِعةُ، دخلت فيه الهاء للنسب.
وقال اللحياني: المَسامِعةُ من تَيْمِ اللاَّتِ. وسُمَيْعٌ وسَماعةُ
وسِمْعانُ: أَسماء. وسِمْعانُ: اسم الرجل المؤمن من آل فرعون، وهو الذي كان
يَكْتُمُ إِيمانَه، وقيل: كان اسمه حبيباً. والمِسْمَعانِ: عامر وعبد الملك
ابنا مالك بن مِسْمَعٍ؛ هذا قول الأَصمعي؛ وأَنشد:
ثَأَرْتُ المِسْمَعَيْنِ وقُلْتُ: بُوآ
بِقَتْلِ أَخِي فَزارةَ والخبارِ
وقال أَبو عبيدة: هما مالك وعبد الملك ابْنا مِسْمَع ابن سفيان بن شهاب
الحجازي، وقال غيرهما: هما مالك وعبد الملك ابنا مسمع بن مالك بن مسمع
ابن سِنان بن شهاب. ودَيْرُ سَمْعانَ: موضع.
سمعط: اسْمَعَــطَّ العَجاجُ اسْمِعْــطاطاً إِذا سَطَعَ. الأَزهري:
اسْمَعَــدَّ الرجلُ واشْمَعَدَّ إِذا امْتَلأَ غضباً، وكذلك اسْمَعَــطَّ
واشْمَعَطَّ، ويقال ذلك في ذكَر الرجل إِذا اتْمَهلَّ.
سمغد: السِّمَّغْدُ
(* قوله «السمغد إلخ» هو كقرشب بضبط القلم في الأصل
وصوّبه شارح القاموس معترضاً على جعله كحضجر، وعزاه لخط الصاغاني.)
الطويلُ. والسِّمَّغْدُ: الأَحْمق الضعيف.
والمُسمَغِدُّ: المُنَتَفخ، وقيل: النَّاعم، وقيل: الذاهب.
والمُسْمَغِدُّ: الشديد القَبْض حتى تنتفخ. الأَنامل. والمُسْمَغِدُّ: الوارم، بالغين
معجمة. يقال: اسْمَغَدَّت أَنامله إِذا تَوَرَّمَت. واسمَغَدَّ الرجل
أَي امتلأَ غضباً. وفي الحديث: أَنه صلى حتى اسمَغَدَّت رجلاه أَي
تورَّمَتا وانتفختا. والمُسْمَغِدُّ: المتكبر المنتِفِخُ غضباً. واسْمَغَدَّ
الجرح إِذا وَرِمَ. وقيل: المُسْمَغِدُّ من الرجال الطويلُ الشديدُ الأَركان؛
قاله أَبو عمرو وأَنشد:
حتى رأَيت العَزَبَ السِّمَّغَدا،
وكان قد شعبَّ شَباباً مَغْداً
ابن السكيت: رأَته مُغِدّاً مُسْمَغِدّاً إِذا رأَيته وارماً من الغضَب؛
وقال ابو سواج:
إِنَّ المَنِيَّ، إِذا سَرى
في العبد، أَصْبَحَ مُسْمَغِدّا
شمعط: قال أَبو تراب: سمعت بعض قيس يقول اشْمَعَطَّ القومُ في الطَّلَب
واشْمَعَلُّوا إِذا بادَرُوا فيه وتفرّقوا. واشْمَعَلَّتِ الإِبلُ
واشْمَعَطَّت إِذا انتشرت. الأَزهري: قال مُدْرِكٌ الجَعْفَرِيّ يقال فَرِّقُوا
لضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِبُّون لها أَي يَشْمَعِطُّون، فسئل عن ذلك
فقال: أَضِبُّوا لفلان أَي تفرَّقُوا في طَلبه. وأَضَبَّ القومُ في
بُغْيَتهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفرّقُوا في طلَبها. الأَزهري: اسْمَعَــدَّ
الرجلُ واشْمَعَدّ إِذا امتلأَ غَضَباً، وكذلك اسْمَعَــطَّ واشْمَعَطَّ، ويقال
ذلك في ذكَر الرجل إِذا اتْمَهَلَّ.
جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.
جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً، فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ، والأُنثى
جَرْباءُ، والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ، وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ، قاله الجوهري. وقال ابن بري: ليس بصحيح، إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ.
قال سُوَيد بن الصَّلْت، وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب، قال ابن بري: وهو الأَصح:
وفِينا، وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ، * كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول: ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ، وقلوبنا مُتضاغِنةٌ، كما تنبُتُ
أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر، وتحته داء في أَجْوافِها. والنَّشْرُ: نبت
يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف، وذلك لمطر يُصيِبه، وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه. وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً، ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ.
وأَجْرَبَ القومُ: جَرِبَتْ إِبلُهم. وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان: ما
لَه جَرِبَ وحَرِبَ، يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب، وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه، فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً
لجَرِبَ، وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله. ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه، فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها.
والجَرَبُ كالصَّدإِ، مقصور، يَعْلُو باطن الجَفْن، ورُبَّما أَلبَسَه
كلَّه، وربما رَكِبَ بعضَه.
والجَرْباءُ: السماءُ، سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب، وقيل سميت بذلك لموضع الـمَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم. قال الفارسي: كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ، وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم. قال أُسامة بن حبيب الهذلي:
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ، في كلِّ مَوْقِفٍ، * طِباباً، فَمَثْواهُ، النَّهارَ، الـمَراكِدُ
وقيل: الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ(1)
(1 قوله «لا يدور فيها فلك» كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا.) الشَّمْسِ والقمر. أَبو الهيثم: الجَرْباءُ والـمَلْساءُ: السماءُ الدُّنيا. وجِرْبةُ، مَعْرِفةً: اسمٌ للسماءِ، أَراه من ذلك.
وأَرضٌ جَرْباءُ: مـمْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها.
ابن الأَعرابي: الجَرْباءُ: الجاريةُ الملِيحة، سُميت جَرْباءَ لأَن
النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ. وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ الـمُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ، وكانت من أَحسن النساءِ.
والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ: مِقْدار معلوم. الأَزهري: الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ، وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ، كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ. وقيل: الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ(2)
(2 قوله «نصف الفنجان» كذا في التهذيب مضبوطاً.) . ويقال: أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب، وهو مكيلة معروفة، وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ، وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ. قال: والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ. والجَرِيبُ: قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض. قال ابن دريد: لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً؛ والجمعُ: أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ. وقيل: الجَرِيبُ الـمَزْرَعَةُ، عن كُراعٍ.
والجِرْبةُ، بالكسر: الـمَزْرَعَةُ. قال بشر بن أَبي خازم:
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ، * على جِرْبةٍ، تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ: الكَرْدةُ من الـمَزْرعةِ، والجمع الدِّبارُ. والجِرْبةُ:
القَراحُ من الأَرض. قال أَبو حنيفة: واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال:كَجِرْبةِ نَخْلٍ، أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة: الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ، ولم يذكر الاستعارةَ. قال: والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ. ابن الأَعرابي: الجِرْبُ: القَراحُ، وجمعه جِربَةٌ.
الليث: الجَرِيبُ: الوادي، وجمعه أَجْرِبةٌ، والجِرْبةُ: البُقْعَةُ
الحَسَنةُ النباتِ، وجمعها جِرَبٌ. وقول الشاعر:
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ، * يَقُومُ إِليها شارِجٌ، فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ
المذكورة. والجِرْبةُ: جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر. وقيل: الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ.
والجِرابُ: الوِعاءُ، مَعْرُوف، وقيل هو المِزْوَدُ، والعامة تفتحه،
فتقول الجَرابُ،والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ. غيره: والجِرابُ: وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ. وجِرابُ البئر: اتِّساعُها، وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها، وفي الصحاح: جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها. ويقال: اطْوِ جِرابَها بالحجارة. الليث: جِرابُ البئر: جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها. والجِرابُ: وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ.وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ: جَيْبُه؛ وقد يقال بالضم، وهو بالفارسية كَرِيبان. وجِرِبَّانُ القَمِيص: لَبِنَتُهُ، فارسي معرب. وفي حديث قُرَّةً المزني: أَتَيْتُ النَّبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه. الجُرُبَّانُ، بالضم، هو جَيْبُ القميص، والأَلف والنون زائدتان. الفرَّاءُ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه؛ وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص. شمر عن ابن الأَعرابي: الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه. وفي الحديث: والسَّيْفُ في جُرُبَّانه، أَي في غِمْده. غيره: جُرُبَّانُ السَّيْفِ، بالضم والتشديد، قِرابُه، وقيل حَدُّه، وقيل: جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه. قال الرَّاعي:
وعلى الشَّمائلِ، أَنْ يُهاجَ بِنا، * جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ، عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا.
ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ: صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ، عن ثعلب. قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي:
جِرِبَّانةٌ، وَرْهاءُ، تَخْصِي حِمارَها، * بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي: هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس، يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها، يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ، وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء. قال ابن الأعرابي: يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ، إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ، فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها، ويروى جِلِبَّانةٌ، وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ، إِنما هي لغة، وهي مذكورة في موضعها.
ابن الأَعرابي: الجَرَبُ: العَيْبُ. غيره: الجَرَبُ: الصَّدَأُ يركب
السيف.
وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً: اخْتَبَرَه، والتَّجْرِبةُ مِن الـمَصادِرِ الـمَجْمُوعةِ. قال النابغة:
إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ
وقال الأَعشى:
كَمْ جَرَّبُوه، فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ * أَبا قُدامَةَ، إِلاَّ الـمَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في الـمَفْعول به، وهو غريب. قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ، أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا الـمَجْدَ. قال: والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب، ولأنه لو أَراد
إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً، فيقول: فما زادت تَجارِبُهم إِياه، أَبا قُدامةَ، إِلا كذا. كما تقول ضَرَبْتُ، فأَوْجَعْته زيداً، ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول، وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل، على بُعْدِه، وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه، لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب؛ فإِن قلت: أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني، قيل لك: فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد، وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل، لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ
ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً، فتُعْمِل الأَوّل، فتقول: قامَ وقَعدا أَخَواكَ.
فأَما المفعول فمنه بُدٌّ، فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه، ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه.
ورجل مُجَرَّب: قد بُليَ ما عنده. ومُجَرِّبٌ: قد عَرفَ الأُمورَ
وجَرَّبها؛ فهو بالفتح، مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه،
والـمُجَرَّبُ، مثل الـمُجَرَّس والـمُضَرَّسُ، الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور
وأَحكمته، فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً، إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح.
التهذيب: الـمُجَرَّب: الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده. أَبو زيد: من أَمثالهم: أَنت على الـمُجَرَّب؛ قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها: أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ؟ قالت له: أَنت على الـمُجَرَّبِ؛ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه.
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ: مَوْزُونةٌ، عن كراع. وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ، فبلَغها مَوْتُه:
سَأَجْعَلُ للموتِ، الذي التَفَّ رُوحَه، * وأَصْبَحَ في لَحْدٍ، بجُدَّة، ثَاوِيا:
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً * مُجَرَّبةً، نَقْداً، ثِقالاً، صَوافِيا
والجَرَبَّةُ، بالفتح وتشديد الباءِ: جَماعة الحُمُر، وقيل: هي الغِلاظُ
الشِّداد منها. وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً
مُتساوِينَ: جَرَبَّةٌ، قال:
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ، * لا ضَرَعٌ فينا، ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ. والأَبَكُّ: موضع. والجَرَبَّةُ، من أَهْلِ الحاجةِ، يكونون مُسْتَوِينَ. ابن بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصَّلامةُ من الرجال، الذين لا سَعْيَ لهم(1)
(1 قوله «لا سعي لهم» في نسخة التهذيب لا نساء لهم.) ، وهم مع أُمهم؛ قال الطرماح:
وحَيٍّ كِرامٍ، قد هَنأْنا، جَرَبَّةٍ، * ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال: جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم. يقول عَمَّمْناهم، ولم نَخُصَّ
كِبارَهم دون صِغارِهم. أَبو عمرو: الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ، وأَنشد:
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا، * تَحْسِبُه، وهو مُخَنْذٍ، ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ: يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون.
والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة: الكَثيرُ. يقال: عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ، مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي، وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف.
والجِرْبِياءُ،
على فِعْلِياء بالكسر والـمَدّ: الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين
الجَنُوبِ والصَّبا. وقيل: هي الشَّمالُ، وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها.
والجِرْبِياءُ: شَمالٌ بارِدةٌ. وقيل: هي النَّكْباءُ، التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور، وهي ريح تَقْشَعُ السحاب. قال ابن أَحمر:
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى، * تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب. قال: وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ. وقيل لابنة الخُسِّ: ما أَشدُّ البَرْدِ؟ فقالت شَمالٌ
جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ. والأَجْرَبانِ: بَطْنانِ من العرب.
والأَجْربانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ. قال العباسُ بن مِرْداسٍ:
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ، * والأَجْرَبانِ: بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري: صوابه وذُبيانُ، بالرفع، معطوف على قوله بنو عبس. والقصيدة كلها مرفوعة ومنها:
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم * جَيْشاً، له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ، ليس تارِكَكُم، * والـمُسْلِمُون، عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ: حَيٌّ من بني سَعْدٍ.
والجَريبُ: موضع بنَجْدٍ.
وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم.
وجُرابٌ، بضم الجيم وتخفيف الراءِ: اسم ماء معروف بمكة. وقيل: بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى.
وأَجْرَبُ: موضع.
والجَوْرَبُ: لِفافةُ الرِّجْل، مُعَرَّب، وهو بالفارسية كَوْرَبٌ؛
والجمع جَواربةٌ؛ زادوا الهاءَ لمكان العجمة، ونظيره من العربية القَشاعِمة.
وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج، ونظيره من العربية الكَواكب. واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً، فقال يصف مقتنص الظباء: وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما.
وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه.
والجَريبُ: وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه. وفي حديث الحوض: عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى(1)
(1 قوله «جربى» بالقصر، قال ياقوت في معجمه وقد يمد.) وأَذْرُح: هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال، وكتَب لهما النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَماناً. فأَما جَرْبةُ، بالهاءِ، فقرية بالـمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت، رضي اللّه عنه.
قال عبداللّه بن مكرم: رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من
الأَنصار، كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين(2)
(2 قوله «بخط جدي إلخ» لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى.) ،والدِ الـمُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
(يتبع...)
(تابع... 1): جرب: الجَرَبُ: معروف، بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ.... ...
بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت، هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه. وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر، رحمه اللّه، في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة، رضي اللّه
عنهم، فقال: رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار، سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً. وكان معاوية، رضي اللّه عنه، قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين، فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين، ودخلها وانصرف من عامه، فيقال: مات بالشام، ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها. وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني، رضي اللّه عنهم أَجمعين. قال: ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول: هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار، واسم النجار تَيْمُ اللّه، قال الزبير: كانوا تَيْمَ اللاتِ، فسماهم النبي، صلى اللّه عليه وسلم، تَيْمَ اللّهِ؛ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج، وهو أَخو الأَوْس، وإِليهما نسب الأَنصار، وأُمهما
قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن
أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ؛ ونعود إِلى بقية النسب المبارك: الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب، وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ. وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ، واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، واسمه يَقْطُن، وإِليه تُنسب اليمن. ومن ههنا اختلف النسابون، فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعــيل بن إِبراهيم الخليل(1)
(1 قوله «فالذي ذكره إلخ» كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب.) ، عليه الصلاة والسلام.
قال ابن حزم: وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال لقوم من خُزاعةَ، وقيل من الأَنصار، ورآهم يَنْتَضِلُون: ارْمُوا بَنِي اسمعــيل فإِن أَباكم كان رامياً. وابراهيمُ، صلوات اللّه عليه، هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم، الذي قسم الأَرض بين أَهلها، ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح، عليه الصلاة والسلام، ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس، عليه السلام، ابن الرائد بن مهلاييل بن
قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه، وهو شيث بن آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
كمي: كَمى الشيءَ وتَكَمَّاه: سَتَرَه؛ وقد تَأَوَّل بعضهم قوله:
بَلْ لو شَهِدْتَ الناسَ إِذْ تُكُمُّوا
إِنه من تَكَمَّيت الشيء. وكَمَى الشهادة يَكْمِيها كَمْياً وأَكْماها:
كَتَمَها وقَمَعَها؛ قال كثيِّر:
وإِني لأَكْمِي الناسَ ما أَنا مُضْمِرٌ،
مخَافَةَ أَن يَثْرَى بِذلك كاشِحُ
يَثْرى: يَفْرَح. وانْكَمَى أَي اسْتَخْفى. وتَكَمَّتْهم الفتنُ إِذا
غَشِيَتْهم. وتَكَمَّى قِرْنَه: قَصَده، وقيل: كلُّ مَقْصود مُعْتَمَد
مُتَكَمّىً. وتَكَمَّى: تَغَطَّى. وتَكَمَّى في سِلاحه: تَغَطَّى به.
والكَمِيُّ: الشجاع المُتَكَمِّي في سِلاحه لأَنه كَمَى نفسه أَي ستَرها
بالدِّرع والبَيْضة، والجمع الكُماة، كأَنهم جمعوا كامياً مثل قاضِياً وقُضاة.
وفي الحديث: أَنه مر على أَبواب دُور مُسْتَفِلة فقال اكْموها، وفي رواية:
أَكِيمُوها أَي استُرُوها لئلا تقع عيون الناس عليها. والكَمْوُ: الستر
(* قوله« والكمو الستر» هذه عبارة النهاية ومقتضاها أن يقال كما يكمو.)
، وأَما أَكِيموها فمعناه ارْفَعُوها لئلا يَهْجُم السيل عليها، مأْخوذ
من الكَوْمة وهي الرَّمْلة المُشْرِفة، ومن الناقة الكَوْماء وهي
الطَّويلة السَّنام، والكَوَمُ عِظَم في السنام. وفي حديث حذيفة: للدابة ثلاث
خَرَجاتٍ ثم تَنْكَمِي أَي تستتر، ومنه قيل للشجاع كَمِيّ لأَنه استتر
بالدرع، والدابةُ هي دابةُ الأَرض التي هي من أَشراط الساعة؛ ومنه حديث أَبي
اليَسَر: فجِئْته فانْكَمى مني ثم ظهر.
والكَمِيُّ: اللابسُ السلاحِ، وقيل: هو الشجاع المُقْدِمُ الجَريء، كان
عليه سلاح أَو لم يكن، وقيل: الكَمِيُّ الذي لا يَحِيد عن قِرنه ولا
يَرُوغ عن شيء، والجمع أَكْماء؛ وأَنشد ابن بري لضَمْرة بن ضَمرة:
تَرَكْتَ ابنتَيْكَ للمُغِيرةِ، والقَنا
شَوارعُ، والأَكْماء تَشْرَقُ بالدَّمِ
فأَما كُماةٌ فجمع كامٍ، وقد قيل إِنَّ جمع الكَمِيِّ أَكْماء وكُماة.
قال أَبو العباس: اختلف الناس في الكَمِيِّ من أَي شيء أُخذ، فقالت طائفة:
سمي كَمِيّاً لأَنه يَكْمِي شجاعته لوقت حاجته إِليها ولا يُظهرها
مُتَكَثِّراً بها، ولكن إِذا احتاج إِليها أَظهرها، وقال بعضهم: إِنما سمي
كَمِيّاً لأَنه لا يقتل إِلا كَمِيّاً، وذلك أَن العرب تأْنف من قتل الخسيس،
والعرب تقول: القوم قد تُكُمُّوا والقوم قد تُشُرِّفُوا وتُزُوِّروا
إِذا قُتل كَمِيُّهم وشَريفُهم وزَوِيرُهم. ابن بزُرْج: رجل كَمِيٌّ بيِّن
الكَماية، والكَمِيُّ على وجهين: الكَمِيُّ في سلاحه، والكَمِيُّ الحافظ
لسره. قال: والكامي الشهادة الذي يَكْتُمها. ويقال: ما فلان بِكَمِيٍّ ولا
نَكِيٍّ أَي لا يَكْمِي سرّه ولا يَنْكِي عَدُوَّه. ابن الأَعرابي: كل
من تعمَّدته فقد تَكَمَّيته. وسمي الكَمِيُّ كَمِيّاً لأَنه يَتَكَمَّى
الأَقران أَي يتعمدهم. وأَكْمَى: سَتَر منزله عن العيون، وأَكْمى: قتَل
كَمِيَّ العسكر. وكَمَيْتُ إِليه: تقدمت؛ عن ثعلب.
والكِيمياء، معروفة مثال السِّيمياء: اسم صنعة؛ قال الجوهري: هو عربي،
وقال ابن سيده: أَحسبها أَعجمية ولا أَدري أَهي فِعْلِياء أَم فِيعِلاء.
والكَمْوى، مقصور: الليلة القَمْراء المُضِيئة؛ قال:
فَباتُوا بالصَّعِيدِ لهم أُجاجٌ،
ولو صَحَّتْ لنا الكَمْوى سَرَينا
التهذيب: وأَما كما فإِنها ما أُدخل عليها كاف التشبيه، وهذا أَكثر
الكلام، وقد قيل: إِن العرب تحذف الياء من كَيْما فتجعله كما، يقول أَحدهم
لصاحبه اسْمع كما أُحَدِّثك، معناه كَيْما أُحَدِّثك، ويرفعون بها الفعل
وينصبون؛ قال عدي:
اسْمَعْ حَدِيثاً كما يَوْماً تُحَدِّثه
عن ظَهْرِ غَيْبٍ، إِذا ما سائلٌ سالا
من نصب فبمعنى كَيْ، ومن رفع فلأَنه لم يلفظ بكى، وذكر ابن الأَثير في
هذه الترجمة قال: وفي الحديث من حَلَف بِملَّةٍ غير مِلَّة الإِسلام
كاذباً فهو كما قال؛ قال: هو أَن يقول الإِنسان في يَمينه إِن كان كذا وكذا
فهو كافر أَو يهوديّ أَو نصراني أَو بَريء من الإِسلام، ويكون كاذباً في
قوله، فإِنه يصير إِلى ما قاله من الكفر وغيره، قال: وهذا وإن كان يَنعقد
به يمين، عند أَبي حنيفة، فإِنه لا يوجب فيه إِلا كفَّارة اليمين، أَما
الشافعي فلا يعدّه يميناً ولا كفَّارة فيه عنده. قال: وفي حديث الرؤية
فإِنكم تَرَوْنَ ربكم كما تَرَوْنَ القمَر ليلة البدْر، قال: وقد يُخيل إِلى
بعض السامعين أَن الكاف كاف التشبيه للمَرْئىّ، وإِنما هو للرُّؤية، وهي
فعل الرّائي، ومعناه أَنكم ترون ربكم رُؤية ينزاح معها الشك كرؤيتكم
القمر ليلة البدر لا تَرتابون فيه ولا تَمْتَرُون. وقال: وهذان الحديثان ليس
هذا موضعهما لأَن الكاف زائدة على ما، وذكرهما ابن الأَثير لأَجل لفظهما
وذكرناهما نحن حفظاً لذكرهما حتى لا نخل بشيء من الأُصول.
سمعد: الأَزهري: اسمَعَــدَّ الرجلُ واسمَغَدَّ إِذا امتلأَ غَضَباً،
وكذلك اسْمَعَــطَّ واشمَعَطَّ، ويقال ذلك في ذَكرَ الرجل إِذا اتمَهَلَّ.
شمعد: الأَزهري: اسْمَعَــدَّ الرجلُ واشْمَعَدَّ إِذا امتلأَ غضباً،
وكذلك اسْمَعَــطَّ واشْمَعَطَّ، ويقال ذلك في ذكر الرجل إِذا اتْمَهَلَّ.
عدد: العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً
وعَدَّةً وعَدَّدَه. والعَدَدُ في قوله تعالى: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عَدَداً؛
له معنيان: يكون أَحصى كل شيء معدوداً فيكون نصبه على الحال، يقال: عددت
الدراهم عدّاً وما عُدَّ فهو مَعْدود وعَدَد، كما يقال: نفضت ثمر الشجر
نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، ويكون معنى قوله: أَحصى كل شيء عدداً؛ أَي
إِحصاء فأَقام عدداً مقام الإِحصاء لأَنه بمعناه، والاسم العدد والعديد.
وفي حديث لقمان: ولا نَعُدُّ فَضْلَه علينا أَي لا نُحْصِيه لكثرته، وقيل:
لا نعتده علينا مِنَّةً له. وفي الحديث: أَن رجلاً سئل عن القيامة متى
تكون، فقال: إِذا تكاملت العِدَّتان؛ قيل: هما عِدّةُ أَهل الجنة وعِدَّةُ
أَهلِ النار أَي إِذا تكاملت عند الله برجوعهم إِليه قامت القيامة؛ وحكى
اللحياني: عَدَّه مَعَدّاً؛ وأَنشد:
لا تَعْدِلِيني بِظُرُبٍّ جَعْدِ،
كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَعَدِّ
(* قوله «لا تعدليني» بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي
لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا
المؤلف في المحلين وان كان الظاهر ما هنا).
قوله: مقرف المعد أَي ما عُدَّ من آبائه؛ قال ابن سيده: وعندي أَن
المَعَدَّ هنا الجَنْبُ لأَنه قد قال كز القصيرى، والقصيرى عُضْو، فمقابلة
العضو بالعضو خير من مقابلته بالعِدَّة. وقوله عز وجل: ومَن كان مَريضاً أَو
على سَفَرٍ فَعِدّة من أَيام أُخَر؛ أَي فأَفطر فَعليه كذا فاكتفى
بالمسبب الذي هو قوله فعدة من أَيام أُخر عن السبب الذي هو الإِفطار. وحكى
اللحياني أَيضاً عن العرب: عددت الدراهم أَفراداً وَوِحاداً، وأَعْدَدْت
الدراهم أَفراداً ووِحاداً، ثم قال: لا أَدري أَمن العدد أَم من العدة، فشكه
في ذلك يدل على أَن أَعددت لغة في عددت ولا أَعرفها؛ وقول أَبي ذؤيب:
رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ
يُعَدُّ بها، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل
إِنما أَراد تُعَدُّ فَعَدَّاه بالباء لأَنه في معنى احْتُسِبَ بها.
والعَدَدُ: مقدار ما يُعَدُّ ومَبْلغُه، والجمع أَعداد وكذلك العِدّةُ،
وقيل: العِدّةُ مصدر كالعَدِّ، والعِدّةُ أَيضاً: الجماعة، قَلَّتْ أَو
كَثُرَتْ؛ تقول: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّةَ
كُتُبٍ أَي جماعة كتب.
والعديدُ: الكثرة، وهذه الدراهمُ عَديدُ هذه الدراهم أَي مِثْلُها في
العِدّة، جاؤوا به على هذا المثال لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ العَديل، فهو
من باب الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابن الأَعرابي: يقال هذا عِدادُه وعِدُّه
ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه
وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه (قوله «وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه» كذا
بالأصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح
القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا) أَي مِثْلُه وقِرْنُه،
والجمع الأَعْدادُ والأَبْدادُ؛ والعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ.
ويقال: ما أَكْثَرَ عَديدَ بني فلان وبنو فلان عَديدُ الحَصى والثَّرى
إِذا كانوا لا يُحْصَوْن كثرة كما لا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هم بعدد
هذين الكثيرين.
وهم يَتَعادُّونَ ويَتَعَدَّدُونَ على عَدَدِ كذا أَي يزيدون عليه في
العَدَد، وقيل: يَتَعَدَّدُونَ عليه يَزيدون عليه في العدد، ويَتَعَادُّون
إِذا اشتركوا فيما يُعادُّ به بعضهم بعضاً من المَكارِم. وفي التنزيل:
واذكروا الله في أَيام معدوداتٍ. وفي الحديث: فَيَتعادُّ بنو الأُم كانوا
مائةً فلا يجدون بَقِيَ منهم إِلا الرجل الواحِدَ أَي يَعُدُّ بعضُهم
بعضاً. وفي حديث أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مائة أَو يزيدون عليها؛ قال:
وكذلك يَتَعدّدون. والأَيام المعدودات: أَيامُ التشريق وهي ثلاثة بعد
يوم النحر، وأَما الأَيام المعلوماتُ فعشر ذي الحِجة، عُرِّفَتْ تلك
بالتقليل لأَنها ثلاثة، وعُرِّفَتْ هذه بالشُّهْرة لأَنها عشرة، وإِنما قُلِّلَ
بمعدودة لأَنها نقيض قولك لا تحصى كثرة؛ ومنه وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَراهِمَ معدودة أَي قليلة. قال الزجاج: كل عدد قل أَو كثر فهو معدود،
ولكن معدودات أَدل على القِلَّة لأَن كل قليل يجمع بالأَلف والتاء نحو
دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وقد يجوز أَن تقع الأَلف والتاء للتكثير.
والعِدُّ: الكَثْرَةُ. يقال: إِنهم لذو عِدٍّ وقِبْصٍ. وفي الحديث:
يَخْرُجُ جَيْشٌ من المشرق آدَى شيءٍ وأَعَدُّه أَي أَكْثَرُه عِدَّةً
وأَتَمُّه وأَشَدُّه استعداداً. وعَدَدْتُ: من الأَفعال المتعدية إِلى مفعولين
بعد اعتقاد حذف الوسيط. يقولون: عددتك المالَ، وعددت لك المال؛ قال
الفارسي: عددتك وعددت لك ولم يذكر المال.
وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بينهم فساواهم. وهم يَتَعادُّون إِذا
اشتركوا فيما يُعادُّ فيه بعضهم بعضاً من مكارِمَ أَو غير ذلك من الأَشياء
كلها.
والعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ.
ابن الأَعرابي: العَدِيدَةُ الحِصَّةُ، والعِدادُ الحِصَصُ في قول لبيد:
تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً
وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام
يعني من يَعُدُّه في الميراث، ويقال: هو من عِدَّةِ المال؛ وقد فسره ابن
الأَعرابي فقال: العَدائد المالُ والميراثُ. والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛
يعني ابن الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يقتسمونها بينهم شَفْعاً
وَوِتْراً: سهمين سهمين، وسهماً سهماً، فيقول: تذهب هذه الأَنصباء على
الدهر وتبقى الرياسة للولد. وقول أَبي عبيد: العَدائدُ من يَعُدُّه في
الميراث، خطأٌ؛ وقول أَبي دواد في صفة الفرس:
وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْـ
ـزَابِ، ليسَ لها عَدائدْ
فسره ثعلب فقال: شبهها بعصا المسافر لأَنها ملساء فكأَنّ العدائد هنا
العُقَدُ، وإِن كان هو لم يفسرها. وقال الأَزهري: معناه ليس لها نظائر. وفي
التهذيب: العدائد الذين يُعادُّ بعضهم بعضاً في الميراث. وفلانٌ عَدِيدُ
بني فلان أَي يُعَدُّ فيهم. وعَدَّه فاعْتَدَّ أَي صار معدوداً
واعْتُدَّ به. وعِدادُ فلان في بني فلان أَي أَنه يُعَدُّ معهم في ديوانهم،
ويُعَدُّ منهم في الديوان. وفلان في عِدادِ أَهل الخير أَي يُعَدُّ منهم.
والعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يقال: فلانٌ عِدُّ فلان وبِدُّه أَي
قِرْنُه، والجمع أَعْدادٌ وأَبْدادٌ.
والعَدِيدُ: الذي يُعَدُّ من أَهلك وليس معهم. قال ابن شميل: يقال أَتيت
فلاناً في يوم عِدادٍ أَي يوم جمعة أَو فطر أَو عيد. والعرب تقول: ما
يأْتينا فلان إِلا عِدادَ القَمَرِ الثريا وإِلا قِرانَ القمرِ الثريا أَي
ما يأْتينا في السنة إِلا مرة واحدة؛ أَنشد أَبو الهيثم لأُسَيْدِ بنِ
الحُلاحِل:
إِذا ما قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا
لِثَالِثَةٍ، فقد ذَهَبَ الشِّتاءُ
قال أَبو الهيثم: وإِنما يقارنُ القمرُ الثريا ليلةً ثالثةً من الهلال،
وذلك أَول الربيع وآخر الشتاء. ويقال: ما أَلقاه إِلا عِدَّة الثريا
القمرَ، وإِلا عِدادَ الثريا القمرَ، وإِلا عدادَ الثريا من القمر أَي إِلا
مَرَّةً في السنة؛ وقيل: في عِدَّةِ نزول القمر الثريا، وقيل: هي ليلة في
كل شهر يلتقي فيها الثريا والقمر؛ وفي الصحاح: وذلك أَن القمر ينزل
الثريا في كل شهر مرة. قال ابن بري: صوابه أَن يقول: لأَن القمر يقارن الثريا
في كل سنة مرة وذلك في خمسة أَيام من آذار؛ وعلى ذلك قول أُسيد بن
الحلاحل:
إِذا ما قارن القمر الثريا
البيت؛ وقال كثير:
فَدَعْ عَنْكَ سُعْدَى، إِنما تُسْعِفُ النوى
قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثمّ تَأْفُِلُ
رأَيت بخط القاضي شمس الدين أَحمد بن خلكان: هذا الذي استدركه الشيخ على
الجوهري لا يرد عليه لأَنه قال إِن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة،
وهذا كلام صحيح لأَن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة، ويكون كل ليلة في
منزلة والثريا من جملة المنازل فيكون القمر فيها في الشهر مرة، وما تعرض
الجوهري للمقارنة حتى يقول الشيخ صوابه كذا وكذا.
ويقال: فلان إِنما يأْتي أَهلَه العِدَّةَ وهي من العِدادِ أَي يأْتي
أَهله في الشهر والشهرين. ويقال: به مرضٌ عِدادٌ وهو أَن يَدَعَه زماناً ثم
يعاوده، وقد عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وكذلك السليم والمجنون كأَنّ
اشتقاقه من الحساب من قِبَل عدد الشهور والأَيام أَي أَن الوجع كأَنه
يَعُدُّ ما يمضي من السنة فإِذا تمت عاود الملدوغَ. والعِدادُ: اهتياجُ وجع
اللديغ، وذلك إِذا تمت له سنة مذ يوم لُدِغَ هاج به الأَلم، والعِدَدُ،
مقصور، منه، وقد جاء ذلك في ضرورة الشعر. يقال: عادّتُه اللسعة إِذا أَتته
لِعِدادٍ. وفي الحديث: ما زالت أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فهذا أَوانُ
قَطَعَتْ أَبْهَري أَي تراجعني ويعاودني أَلَمُ سُمِّها في أَوقاتٍ معلومة؛
قال الشاعر:
يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى،
كما يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ العِدادِ
وقيل: عِدادُ السليم أَن تَعُدَّ له سبعة أَيام، فإِن مضت رَجَوْا له
البُرْءَ، وما لم تمض قيل: هو في عِدادِه. ومعنى قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: تُعادُّني تُؤْذيني وتراجعني في أَوقاتٍ معلومة ويعاودني أَلمُ
سمها؛ كما قال النابغة في حية لدغت رجلاً:
تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ
ويقال: به عِدادٌ من أَلَمٍ أَي يعاوده في أَوقات معلومة. وعِدادُ
الحمى: وقتها المعروفُ الذي لا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالعِدادِ
فقال: هو الشيءُ يأْتيك لوقته مثل الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وكذلك السمّ
الذي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله من العَدَدِ كما تقدم. أَبو زيد: يقال
انقضت عِدَّةُ الرجل إِذا انقضى أَجَلُه، وجَمْعُها العِدَدُ؛ ومثله:
انقضت مُدَّتُه، وجمعها المُدَدُ. ابن الأَعرابي قال: قالت امرأَة ورأَت
رجلاً كانت عَهِدَتْه شابّاً جَلْداً: أيَن شَبابُك وجَلَدُك؟ فقال: من طال
أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَدُه، ذهب جَلَدُه. قوله: رق عدده أَي
سِنُوه التي بِعَدِّها ذهب أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ ما بقي فكان عنده
رقيقاً؛ وأَما قول الهُذَلِيِّ في العِدادِ:
هل أَنتِ عارِفَةُ العِدادِ فَتُقْصِرِي؟
فمعناه: هل تعرفين وقت وفاتي؟ وقال ابن السكيت: إِذا كان لأَهل الميت
يوم أَو ليلة يُجْتَمع فيه للنياحة عليه فهو عِدادٌ لهم. وعِدَّةُ المرأَة:
أَيام قُروئها. وعِدَّتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها على بعلها وإِمساكها
عن الزينة شهوراً كان أَو أَقراء أَو وضع حمل حملته من زوجها. وقد
اعتَدَّت المرأَة عِدَّتها من وفاة زوجها أَو طلاقه إِياها، وجمعُ عِدَّتِها
عِدَدٌ وأَصل ذلك كله من العَدِّ؛ وقد انقضت عِدَّتُها. وفي الحديث: لم تكن
للمطلقة عِدَّةٌ فأَنزل الله تعالى العِدَّة للطلاق. وعِدَّةُ المرأَة
المطلقة والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هي ما تَعُدُّه من أَيام أَقرائها أَو
أَيام حملها أَو أَربعة أَشهر وعشر ليال. وفي حديث النخعي: إِذا دخلت
عِدَّةٌ في عِدَّةٍ أَجزأَت إِحداهما؛ يريد إِذا لزمت المرأَة عِدَّتان من رجل
واحد في حال واحدة، كفت إِحداهما عن الأُخرى كمن طلق امرأَته ثلاثاً ثم
مات وهي في عدتها فإِنها تعتد أَقصى العدتين، وخالفه غيره في هذا، وكمن
مات وزوجته حامل فوضعت قبل انقضاء عدة الوفاة فإِن عدتها تنقضي بالوضع عند
الأَكثر. وفي التنزيل: فما لكم عليهن من عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها؛ فأَما
قراءة من قرأَ تَعْتَدُونَها فمن باب تظنيت، وحذف الوسيط أَي تعتدون
بها.وإِعْدادُ الشيء واعتِدادُه واسْتِعْدادُه وتَعْدادُه: إِحْضارُه؛ قال
ثعلب: يقال: اسْتَعْدَدْتُ للمسائل وتَعَدَّدْتُ، واسم ذلك العُدَّة.
يقال: كونوا على عُدَّة، فأَما قراءةُ من قرأَ: ولو أَرادوا الخروج
لأَعَدُّوا له عُدَّهُ، فعلى حذف علامة التأْنيث وإِقامة هاء الضمير مُقامها
لأَنهما مشتركتان في أَنهما جزئيتان. والعُدَّةُ: ما أَعددته لحوادث الدهر من
المال والسلاح. يقال: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه بمعنىً. قال
الأَخفش: ومنه قوله تعالى: جمع مالاً وعَدَّدَه. ويقال: جعله ذا عَدَدٍ.
والعُدَّةُ: ما أُعِدَّ لأَمر يحدث مثل الأُهْبَةِ.
يقال: أَعْدَدْتُ للأَمر عُدَّتَه.
وأَعَدّه لأَمر كذا: هيَّأَه له. والاستعداد للأَمر: التَّهَيُّؤُ له.
وأَما قوله تعالى: وأَعْتَدَتْ لهُنَّ مُتَّكَأً، فإِنه إِن كان كما ذهب
إِليه قوم من أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ المثلين، كما يُفَرُّ منها
إِلى الإِدغام، فهو من هذا الباب، وإِن كان من العَتادِ فظاهر أَنه ليس
منه، ومذهب الفارسي أَنه على الإِبدال. قال ابن دريد: والعُدَّةُ من
السلاح ما اعْتَدَدْتَه، خص به السلاح لفظاً فلا أَدري أَخصه في المعنى أَم
لا. وفي الحديث: أَن أَبيض بن حمال المازني قدم على النبي، صلى الله عليه
وسلم، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فلما ولى
قال رجل: يا رسول الله، أَتدري ما أَقطعته؟ إِنما أَقطعت له الماءَ
العِدَّ؛ قال: فرَجَعه منه؛ قال ابن المظفر: العِدُّ موضع يتخذه الناس يجتمع
فيه ماء كثير، والجمع الأَعْدادُ، ثم قال: العِدُّ ما يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛
قال الأَزهري: غلط الليث في تفسير العِدِّ ولم يعرفه؛ قال الأَصمعي:
الماء العِدُّ الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثل ماء العين وماء البئر،
وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ. وفي الحديث: نزلوا أَعْدادَ مياه الحُدَيْبِيَةِ
أَي ذَوات المادة كالعيون والآبار؛ قال ذو الرمة يذكر امرأَة حضرت ماء
عِدّاً بَعْدَما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ في القَيْظِ فقال:
دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها
خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ
استبدلت بها: يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرة أَعداد المياه فخالفتها
إِليها الوحش وأَقامت في منازلها؛ وهذا استعارة كما قال:
ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً
يَدْعُو الأَنِيسَ بها الغَضِيضُ الأَبْكَمُ
وقيل: العِدُّ ماء الأَرض الغَزِيرُ، وقيل: العِدُّ ما نبع من الأَرض،
والكَرَعُ، ما نزل من السماء، وقيل: العِدُّ الماءُ القديم الذي لا
يَنْتَزِحُ؛ قال الراعي:
في كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها،
دَيْمُومَةٍ، ما بها عِدٌّ ولا ثَمَدُ
قال ابن بري: صوابه خفض ديمومة لأَنه نعت لغبراء، ويروى جَدَّاءَ بدل
غبراء، والجداء: التي لا ماء بها، وكذلك الديمومة. والعِدُّ: القديمة من
الرَّكايا، وهو من قولهم: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قال ابن دريد: هو مشتق من
العِدِّ الذي هو الماء القديم الذي لا ينتزح هذا الذي جرت العادة به في
العبارة عنه؛ وقال بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كثير، تشبيهاً
بالماء الكثير وهذا غير قوي وأَن يكون العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قال
الشاعر:
فَوَرَدَتْ عِدّاً من الأَعْدادِ
أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ
وقال الحطيئة:
أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما
أَتَتْهُمْ بها الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ
قال أَبو عدنان: سأَلت أَبا عبيدة عن الماءِ العِدِّ، فقال لي: الماءُ
العِدُّ، بلغة تميم، الكثير، قال: وهو بلغة بكر بن وائل الماءُ القليل.
قال: بنو تميم يقولون الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ
لم ينزح قط، وقالت لي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يقال:
أَمِنَ العِدِّ هذا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:
وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا
ولا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ
وقالت: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ.
وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قال العجاج:
ولي على عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ
والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قال الفرزدق يخاطب مسكيناً الدارمي
وكان قد رثى زياد بن أَبيه فقال:
أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما
جرى في ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا
أَقولُ له لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ:
به لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا
أَتَبْكِي امْرأً من آلِ مَيْسانَ كافِراً،
كَكِسرى على عِدَّانِه، أَو كَقَيْصَرا؟
قوله: به لا بظبي، يريد: به الهَلَكَةُ، فحذف المبتدأَ. معناه: أَوقع
الله به الهلكة لا بمن يهمني أَمره. قال: وهو من العُدَّة كأَنه أُعِدَّ
وهُيِّئَ. وأَنا على عِدَّانِ ذلك أَي حينه وإِبَّانِه؛ عن ابن الأَعرابي.
وكان ذلك على عَدَّانِ فلان وعِدَّانِه أَي على عهده وزمانه، وأَورده
الأَزهري في عَدَنَ أَيضاً. وجئت على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذلك وعَدَّان
تَفْعَلُ ذلك أَي حينه. ويقال: كان ذلك في عِدَّانِ شبابه وعِدَّانِ مُلْكِه
وهو أَفضله وأَكثره؛ قال: واشتقاقه من أَن ذلك كان مُهَيَّأً مُعَدّاً.
وعِدادُ القوس: صوتها ورَنِينُها وهو صوت الوتر؛ قال صخر الغيّ:
وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْـ
ـراءَ هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
والعُدُّ: بَثرٌ يكون في الوجه؛ عن ابن جني؛ وقيل: العُدُّ والعُدَّةُ
البَثْرُ يخرج على وجوه المِلاح. يقال: قد اسْتَكْمَتَ العُدُّ فاقْبَحْه
أَي ابْيَضَّ رأْسه من القَيْح فافْضَخْه حتى تَمْسَحَ عنه قَيْحَهُ؛
قال: والقَبْحُ، بالباء، الكَسْرُ.
ابن الأَعرابي: العَدْعَدَةُ العَجَلَةُ. وعَدْعَدَ في المشي وغيره
عَدْعَدَةً: أَسرع. ويوم العِدادِ: يوم العطاء؛ قال عتبة بن الوعل:
وقائِلَةٍ يومَ العِدادِ لبعلها:
أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَعْدِي تَغَيَّرا
قال: والعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شمر
لجَهْم بنِ سَبَلٍ:
مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لم يُقَصِّرْ
بها الآباءُ في يَوْمِ العِدادِ
قال شمر: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بعضاً. ويقال: بالرجل
عِدادٌ أَي مَسٌّ من جنون، وقيده الأَزهري فقال: هو شِبهُ الجنونِ يأْخذُ
الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زيد: يقال للبغل إِذا زجرته
عَدْعَدْ، قال: وعَدَسْ مثلُه. والعَدْعَدةُ: صوتُ القطا وكأَنه حكاية؛ قال
طرفة:أَرى الموتَ أَعْدادَ النُّفُوسِ، ولا أَرى
بَعِيداً غَداً، ما أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ
يقول: لكل إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذهبت النفوس ذهبت مِيَتُهُم كلها. وأَما
العِدّانُ جمع العتُودِ، فقد تقدّم في موضعه.
وفي المثل: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ من أَن تراه؛ وهو تصغير
مَعَدِّيٍّ مَنْسوب إِلى مَعَدّ، وإِنما خففت الدال استثقالاً للجمع بين
الشديدتين مع ياء التصغير، يُضْرَب للرجُل الذي له صيتٌ وذِكْرٌ في الناس،
فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه. وقال ابن السكيت: تسمع بالمعيدي لا أَنْ
تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ به ولا تَرَه.
والمَعَدَّانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ.
ومَعَدٌّ: أَبو العرب وهو مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ، وكان سيبويه يقول الميم
من نفس الكلمة لقولهم تَمَعْدَدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ في الكلام، وقد
خولِفَ فيه. وتَمَعْدَدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انتسب إِليهم،
أَو تَصَبَّرَ على عَيْش مَعَدّ. وقال عمر، رضي الله عنه: اخْشَوْشِنُوا
وتَمَعْدَدُوا؛ قال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال هو من الغِلَظِ ومنه قيل
للغلام إِذا شبَّ وغلُظ: قد تَمَعْدَدَ؛ قال الراجز:
رَبَّيْتُه حتى إِذا تَمَعْدَدا
ويقال: تَمَعْدَدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَعَدّ، وكانوا أَهلَ قَشَفٍ
وغِلَظ في المعاش؛ يقول: فكونوا مثلَهم ودعوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛
وهكذا هو في حديث آخر: عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة؛ وفي الصحاح:
وأَما قول معن بن أَوس:
قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بها،
وإِن كان مِن ذي وُدِّنا قد تَمَعْدَدَا
فإِنه يريد تباعد، قال ابن بري: صوابه أَن يذكر تمعدد في فصل مَعَدَ
لأَن الميم أَصلية. قال: وكذا ذكر سيبويه قولَهم مَعَدٌّ فقال الميم أَصلية
لقولهم تَمَعْدَدَ. قال: ولا يحمل على تمَفْعل مثل تَمَسْكنَ لقلَّته
ونَزَارَتِه، وتمعدد في بيت ابن أَوْس هو من قولهم مَعَدَ في الأَرض إِذا
أَبعد في الذهاب، وسنذكره في فصل مَعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وعليه قول الراجز:
أَخْشَى عليه طَيِّئاً وأَسَدَا،
وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا
أَي أَبْعَدَا في الذهاب؛ ومعنى البيت: أَنه يقول لصاحبيه: قفا عليها
لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كانت الآن خاليةً، واسمُ كان مضمراً فيها
يعود على مَن، وقبل البيت:
قِفَا نَبْكِ، في أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ
لَنا بَعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا