من (م د د) جمع مَدّ بمعنى السيل وكثرة الماء والمدى، وارتفاع النهار وارتفاع ماء البحر على الشاطئ.
من (م د د) جمع مَدّ بمعنى السيل وكثرة الماء والمدى، وارتفاع النهار وارتفاع ماء البحر على الشاطئ.
دكل: الدَّكَلة، بالتحريك: الطِّينُ الرقيق. دَكَلَ الطِّينَ يَدْكِلُه
ويَدْكُلُه دَكْلاً: جَمَعه بيده ليُطَيِّن به. والدَّكَلة: القوم الذين
لا يُجِيبون السلطان من عِزِّهم. يقال: هم يَتَدَكَّلون على السلطان أَي
يَتَدلَّلون. وتَدَكَّلوا عليه: اعْتَزُّوا وتَرَفَّعوا في أَنفسهم،
وقيل: كل من تَرَفَّع في نفسه فقد تَدَكَّل. وتَدَكَّل عليه: تَدَلَّل
وانبسط. أَبو زيد: تَدَكَّلت عليه تَدَكُّلاً أَي تَدَلَّلت؛ وأَنشد:
يا ناقتي ما لَكِ تَدَأْلِينا،
عَلَيَّ بالدَّهْنا تَدَكَّلِينا؟
وقال آخر:
قَوْم لهم عَزَازةُ التَّدَكُّل
وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حُيَيَّة الشيباني:
تَدَكَّلتْ بعدي وأَلْهَتها الطُّبَن،
ونحن نعْدُو في الخَبار والجَرَن
يعني الجَرَل فأَبدل من اللام نوناً؛ وقال ابن أَحمر:
أَقول لكَنَّاز: تَدَكَّل فإِنه
أَبىً، لا أَظُنُّ الضأْنَ منه نواجِيا
ويروى: تَرَكَّل، ومعناهما واحد؛ وأَنشد أَبو عمرو:
عَليٌّ له فَضْلانِ: فَضْلُ قرابة،
وفَضْلٌ بنَصْل السيف والسُّمُر الدُّكْل
قال: الدُّكْل والدُّكْن واحد، يريد لون الرماح التي فيها دُكْنة.
فرع: فَرْعُ كلّ شيء: أَعْلاه، والجمع فُرُوعٌ، لا يُكَسَّر على غير
ذلك. وفي حديث افْتِتاحِ الصلاة: كان يَرْفَعُ يديه إِلى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ
أَي أَعالِيها. وفَرْعُ كل شيء: أَعلاه. وفي حديث قيام رمضان: فما كنا
نَنْصَرِفُ إِلا في فُرُوعِ الفجْر؛ ومنه حديث ابن ذي المِشْعارِ: على أَن لهم
فِراعَها؛ الفِراعُ: ما عَلا من الأَرض وارْتَفَعَ؛ ومنه حديث عطاء:
وسئل ومن أَين أَرْمِي الجمرتين؟ فقال: تَفْرَعُهما أَي تَقِفُ على
أَعْلاهما وتَرْمِيهما. وفي الحديث: أيُّ الشجَرِ أَبْعَدُ من الخارِفِ؟ قالوا:
فَرْعُها، قال: وكذلك الصفُّ الأَوَّلُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكب المَعْج بَعْدَما
يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
إِنما يريد أَعالِيَهما. وقَوْسٌ فَرْعٌ: عُمِلَتْ من رأْس القَضِيبِ
وطرَفه. الأَصمعي: من القِسِيّ القَضِيبُ والفَرْعُ، فالقضيب التي عملت من
غُصْنٍ واحد غير مشقوق، والفَرْعُ التي عملت من طرف القضيب. وقال أَبو
حنيفة: الفَرْعُ من خير القِسِيِّ. يقال: قَوْسٌ فَرْعٌ وفَرْعةٌ؛ قال
أَوس:على ضالةٍ فَرْعٍ كأَنَّ نَذِيرها،
ِذا لَمْ تُخَفِّضْه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
يقال: قوس فرْع أَي غيرُ مَشْقوقٍ، وقوسٌ فِلْقٌ أَي مشقوق؛ وقال:
أَرْمي عليها، وهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ،
وهْيَ ثَلاثُ أَذْرُعٍ وإِصْبَعُ
وفَرَعْتُ رأْسَه بالعَصا أَي عَلَوْته، وبالقاف أَيضاً. وفَرَعَ الشيءَ
يَفْرَعُه فَرْعاً وفُرُوعاً وتَفَرَّعَه: عَلاه. وقيل: تَفَرَّعَ فلانٌ
القومَ عَلاهم؛ قال الشاعر:
وتَفَرَّعْنا، مِنَ ابْنَيْ وائِلٍ،
هامةَ العِزِّ وجُرْثُومَ الكَرَمْ
وفَرَعَ فلان فلاناً: عَلاه. وفَرع القومَ وتَفَرَّعهم: فاقَهم؛ قال:
تُعَيِّرُني سَلْمَى، وليسَ بِقَضْأَةٍ،
ولَوْ كنتُ مِنْ سَلْمَى، تَفَرَّعْتُ دارما
والفَرْعةُ: رأْسُ الجبل وأَعْلاه خاصّة، وجمعها فِراعٌ؛ ومنه قيل: جبل
فارِعٌ. ونَقاً فارِعٌ: عالٍ أَطْوَلُ مما يَلِيهِ. ويقال: ائْتِ فَرْعةً
من فِراعِ الجبل فانْزِلْها، وهي أَماكنُ مرتفعة. وفارعةُ الجبل:
أَعلاه. يقال: انزل بفارِعة الوادي واحذر أَسفَله. وتِلاعٌ فَوارِعُ:
مُشْرِفاتُ المَسايِلِ، وبذلك سميت المرأَة فارِعةً. ويقال: فلان فارِعٌ. ونَقاً
فارِعٌ: مُرْتَفِعٌ طويل. والمُفْرِعُ: الطويلُ من كل شيء. وفي حديث شريح:
أَنه كان يجعل المُدَبَّر من الثلث، وكان مسروق يجعله الفارِعَ من
المال.والفارِعُ: المُرْتَفِعُ العالي الهَيِّءُ الحَسَنُ. والفارِعُ: العالي.
والفارِعُ: المُسْتَفِلُ. وفي الحديث: أَعْطى يومَ حُنَيْنٍ
(* قوله« أعطى
يوم حنين إلخ» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: اعطى العطايا إلخ.)
فارِعةً من الغَنائِمِ أَي مُرْتَفِعة صاعِدة من أَصلها قبل أَن تُخَمَّسَ.
وفَرَعةُ الجُلّة: أَعلاها من التمر. وكَتِفٌ مُفْرِعةٌ: عالية مُشْرِفة
عريضة. ورجل مُفْرِعُ الكتِف أَي عَرِيضُها، وقيل مرتفعها، وكل عالٍ طويلٍ
مُفْرِعٌ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: يَكادُ يَفْرَعُ الناسَ طُولاً أَي
يَطُولُهم ويَعْلُوهم، ومنه حديث سودةَ: كانت تَفْرَعُ الناسَ
(* قوله«تفرع
الناس» كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية: النساء.) طُولاً. وفَرْعةُ الطريقِ
وفَرَعَتُه وفَرْعاؤُه وفارِعَتُه، كله: أَعلاه ومُنْقَطَعُه، وقيل: ما
ظهر منه وارتفع، وقيل: فارِعتُه حواشِيه. والفُرُوعُ: الصُّعُود.
وفَرَعْتُ رأْسَ الجبَلِ: عَلَوْتُه. وفَرَعَ رأْسَه بالعَصا والسيف فَرْعاً:
عَلاه. ويقال: هو فَرْعُ قَوْمِه للشريف منهم. وفَرَعْتُ قوْمي أَي
عَلَوْتُهم بالشرَف أَو بالجَمالِ. وأَفْرَعَ فلانٌ: طالَ وعَلا. وأَفْرَعَ في
قومِه وفَرَّعَ: طال؛ قال لبيد:
فأَفْرَعَ بالرِّبابِ، يَقُودُ بُلْقاً
مُجَنَّبَةً تَذُبُّ عن السِّخالِ
شبَّه البَرْقَ بالخيل البُلْقِ في أَوّلِ الناسِ. وتَفَرَّعَ القومَ:
رَكِبَهم بالشتْمِ ونحوه. وتَفَرَّعهم: تزوَّجَ سيِّدةَ نِسائِهم
وعُلْياهُنَّ. يقال: تَفَرَّعْتُ ببني فلان تزوَّجْتُ في الذُّرْوةِ منهم
والسَّنامِ، وكذلك تَذَرَّيْتُهم وتنَصَّيْتُهم. وفَرَّعَ وأَفْرَعَ: صَعَّدَ
وانْحَدَرَ. قال رجل من العرب: لَقِيتُ فلاناً فارِعاً مُفْرِعاً؛ يقول:
أَحدُنا مُصَعِّدُ والآخَرُ مُنْحَدِرٌ؛ قال الشماخ في الإِفْراعِ بمعنى
الانْحِدارِ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطي،
لا يُدْرِكَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدي
إِفْراعي انْحِداري؛ ومثله لبشر:
إِذا أَفْرَعَتْ في تَلْعَةٍ أَصْعَدَتْ بها،
ومَن يَطْلُبِ الحاجاتِ يُفْرِعْ ويُصْعِد
وفَرَّعْتُ في الجبل تَفْرِيعاً أَي انْحَدَرْتُ، وفَرَّعْتُ في الجبل:
صَعَّدْتُ، وهو من الأَضداد. وروى الأَزهري عن أَبي عمرو: فَرَّعَ الرجُلُ
في الجبل إِذا صَعَّدَ فيه، وفَرَّعَ إِذا انْحَدَرَ. وحكى ابن بري عن
أَبي عبيد: أَفْرَعَ في الجبل صَعَّدَ، وأَفْرَعَ منه نزل؛ قال معن بن أَوس في
التفريع بمعنى الانحدار:
فسارُوا، فأَمّا جُلُّ حَيِّي فَفَرَّعُوا
جَمِيعاً، وأَمّا حَيُّ دَعْدٍ فَصَعَّدُوا
قال شمر: وأَفْرَعَ أَيضاً بالمعنيين، ورواه فأَفْرَعوا أَي انحدروا؛
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا البيت: فَصَعَّدا لأَنّ القافيةَ منصوبة؛
وبعده:
فَهَيْهاتَ مِمَّن بالخَوَرْنَقِ دارُه
مُقِيمٌ، وحَيٌّ سائِرٌ قد تَنَجَّدا
وأَنشد ابن بري بيتاً آخر في الإِصْعاد:
إِنِّي امْرُؤٌ من يَمانٍ، حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْوِيبي
قال: والإِفْراعُ هنا الإِصعادُ لأَنه ضَمَّه إِلى التصويبِ وهو
الانْحِدارُ. وفَرَّعْتَ إِذا صَعَّدْتَ، وفَرَّعْتَ إِذا نزلت. قال ابن
الأَعرابي: فَرَّعَ وأَفْرعَ صَعَّدَ وانْحَدَرَ، من الأَضْداد؛ قال عبد الله بن
همّام السّلُولي:
فإِمّا تَرَيْني اليَوْمَ مُزْجِي ظَعينَتي،
أُصَعِّدُ سِرًّا في البِلادِ وأُفْرِعُ
(* قوله «سراً» تقدم انشاده في صعد سيراً، وأنشده الصحاح هناك طوراً.)
وفَرعَ، بالتخفيف: صَعَّدَ وعَلا؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقولُ، وقد جاوَزْنَ مِنْ صَحْنِ رابِغٍ
صَحاصِحَ غُبْراً، يَفْرَعُ الأُكْمَ آلُها
وأَصْعَدَ في لُؤْمِه وأَفْرَعَ أَي انحَدَرَ. وبئس ما أَفْرَعَ به أَي
ابتدأَ. ابن الأَعرابي: أَفْرَعَ هَبَطَ، وفَرَّعَ صَعَّدَ.
والفَرَعُ والفَرَعَةُ، بفتح الراء: أَوَلُ نتاج الإِبل والغنم، وكان
أَهل الجاهلية يذبحونه لآلِهتهم يَتَبَرَّعُون بذلك فنُهِيَ عنه المسلمون،
وجمع الفَرَعِ فُرُعٌ؛ أَنشد ثعلب:
كَغَرِيّ أَجْسَدَتْ رأْسه
فُرُعٌ بَيْنَ رئاسٍ وحَامِ
رئاس وحام: فحلانِ. وفي الحديث: لا فَرَعَ ولا عَتِيرةَ. تقول: أَفْرَعَ
القومُ إِذا ذبحوا أَوَّلَ ولدٍ تُنْتَجُه الناقة لآلِهتهم. وأَفْرَعُوا:
نُتِجُوا. والفرَعُ والفَرَعةُ: ذِبْح كان يُذْبَحُ إِذا بلت الإِبل ما
يتمناه صاحبها، وجمعهما فِراعٌ. والفَرَعُ: بعير كان يذبح في الجاهلية
إِذا كان للإِنسان مائة بعير نحر منها بعيراً كل عام فأَطْعَمَ الناسَ ولا
يَذُوقُه هو ولا أَهلُه، وقيل: إِنه كان إِذا تمت له إِبله مائة قدَّم
بكراً فنحره لصنمه، وهو الفَرَع؛ قال الشاعر:
إِذْ لا يَزالُ قَتِيلٌ تَحْتَ رايَتِنا،
كما تَشَحَّطَ سَقْبُ الناسِكِ الفَرَعُ
وقد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإِسلام ثم نسخ؛ ومنه الحديث:
فَرِّعُوا إِن شئتم ولكن لا تَذْبَحوه غَراةً حتى يَكْبَرَ أَي صغيراً لحمه
كالغَراة وهي القِطْعة من الغِراء؛ ومنه الحديث الآخر: أَنه سئل عن الفَرَعِ
فقال: حق، وأَن تتركه حتى يكون ابن مخاضٍ أَو ابن لَبُونٍ خير من أَن
تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بِوَبَرِه، وقيل: الفَرَعُ طعام يصنع لنَتاجِ الإِبل
كالخُرْسِ لولادِ المرأَة. والفَرَعُ: أَن يسلخ جلد الفَصِيلِ
فيُلْبَسَه آخَرُ وتَعْطِفَ عليه سِوَى أُمه فَتَدِرَّ عليه؛ قال أَوس بن حجر يذكر
أَزْمةً في شدَّة برد:
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبامُ مِنَ الـ
ـأَقوام سَقْباً مُجَلَّلاً فَرَعا
أَراد مُجَلَّلاً جِلْدَ فَرَعٍ، فاختصر الكلام كقوله:واسأَلِ القرية
أَي أَهل القرية. ويقال: قد أَفْرَعَ القومُ إِذا فعلت إِبلهم ذلك
والهَيْدَبُ:الجافي الخِلْقة الكثيرُ الشعر من الرجال. والعَبامُ: الثَّقِيلُ.
والفَرَعُ: المال الطائلُ المُعَدّ؛ قال:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ،
مِنْ فَرْعِه، مالاً ولا المَكْسِرِ
أَراد من فَرَعِه فسكن للضرورة. والمَكْسرُ: ما تَكَسَّرَ من أَصل ماله،
وقيل: إِنما الفَرْعُ ههنا الغُصْنُ فكنى بالفَرْعِ عن حديث ماله
وبالمَكْسِرِ عن قديمه، وهو الصحيح.
وأَفْرَعَ الوادي أَهلَه: كَفاهُم. وفارَعَ الرجلَ: كفاه وحَمَلَ عنه؛
قال حسان بن ثابت:
وأُنشِدُكُمْ، والبَغْيُ مُهْلِكُ أَهْلِه،
إِذا الضَّيْفُ لم يُوجَدْ له مَنْ يُفارِعُهْ
والفَرْعُ: الشعر التام. والفَرَعُ: مصدر الأَفْرَعِ، وهو التامُّ
الشعَر. وفَرِعَ الرجلُ يَفْرَعُ فَرَعاً وهو أَفْرَعُ: كثر شعَره.
والأَفْرَعُ: ضِدُّ الأَصْلَعِ، وجمعهما فُرْعٌ وفُرْعانٌ. وفَرْعُ المرأَة:
شعَرُها، وجعه فُرُوعٌ. وامرأَة فارِعةٌ وفَرْعاءُ: طويلة الشعر، ولا يقال
للرجل إِذا كان عظيم اللحية والجُمَّة أَفْرَعُ، وإِنما يقال رجل أَفْرَعُ
لضدّ الأَصْلَع، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَفْرَعَ ذا جُمَّة. وفي
حديث عمر: قيل الفُرْعانُ أَفضَلُ أَمِ الصُّلْعانُففقال: الفُرعان،
قيل: فأَنت أَصْلَعُ؛ الأَفْرَعُ: الوافي الشعر، وقيل: الذي له جُمَّةٌ.
وتَفَرَّعَتْ أَغصانُ الشجرة أَي كثرت. والفَرَعَةُ: جِلدةٌ تزاد في
القِرْبة إِذا لم تكن وفْراء تامة.
وأَفرَعَ به: نزل. وأَفرَعْنا بفلان فما أَحْمَدناه أَي نَزَلْنا به.
وأَفْرَعَ بنو فلان أَي انتجعوا في أَوّل الناس. وفَرَعَ الأَرض وأَفْرَعَها
وفرَّع فيها جوَّل فيها وعَلِمَ عِلْمَها وعَرَفَ خَبَرَها، وفَرعَ بين
القوم يَفْرَعُ فَرْعاً: حَجَزَ وأَصلَح، وفي الحديث: أَن جاريتين جاءتا
تَشْتَدّانِ إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي فأَخذتا بركبتيه
فَفَرَعَ بينهما أَي حَجَزَ وفرَّق؛ ويقال منه: فرَّع يُفَرِّعُ أَيضاً،
وفَرَّع بين القوم وفرَّقَ بمعنى واحد. وفي الحديث عن أَبي الطفيل قال: كنت
عند ابن عباس فجاءه بنو أَبي لهب يختصمون في شيء بينهم فاقْتَتَلُوا عنده
في البيت، فقام يُفَرِّعُ بينهم أَي يَحْجُزُ بينهم. وفي حديث علقمة: كان
يُفَرِّعُ بيْن الغنم أَي يُفَرِّقُ، قال ابن الأَثير: وذكره الهرويّ في
القاف، وقال: قال أَبو موسى وهو من هَفَواته. والفارِعُ: عَوْنُ السلطانِ،
وجمعه فَرَعةٌ، وهو مثل الوازِعِ. وأَفْرَعَ سفَره وحاجَته: أَخذ فيهما.
وأَفْرَعُوا من سفَره: قدموا وليس ذلك أَوانَ قدومهم. وفرَعَ فرسَه
يَفْرَعُه فَرْعاً: كبَحَه وكَفَّه وقَدَعَه؛ قال أَبو النجم:
بِمُفْرَعِ الكِتْفَيْنِ حُرٍّ عَطَلُهْ
نفْرَعُه فَرْعاً، ولسْنا نَعْتِلُهْ
(* قوله« بمفرع إلخ» سيأتي إِنشاده في مادة عتل) :
من مفرع الكتفين حر عطله
شمر: استفْرَعَ القومُ الحديثَ وافْتَرَعُوه إِذا ابتَدَؤوه؛ قال الشاعر
يرثي عبيد بن أَيوب:
ودلَّهْتَنِي بالحُزْنِ حتى تَرَكْتَنِي،
إِذا اسْتَفْرَعَ القومُ الأَحاديثَ، ساهِيا
وأَفرَعَتِ المرأَةُ: حاضَتْ. وأفْرَعَها الحَيْضُ: أَدْماها.
وأَفْرَعَتْ إِذا رأَت دماً قَبْلَ الولادة. والإِفْراعُ: أَوّلُ ما تَرَى
الماخِضُ من النساء أَو الدوابّ دماً. وأَفْرَعَ لها الدمُ: بدا لها. وأَفْرَعَ
اللِّجامُ الفرسَ: أَدْماه؛ قال الأَعشى:
صَدَدْت عن الأَعْداءِ، يومَ عُباعِبٍ،
صُدُودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
المَساحِلُ: اللُّجُمُ، واحدها مِسْحَلٌ، يعني أَنَّ المَساحِل
أَدْمَتْها كما أَفْرَعَ الحيضُ المرأَةَ بالدم.
وافْتَرَعَ البِكْرَ: اقْتَضَّها، والفُرْعةُ دمها، وقيل له افْتِراعٌ
لأَنه أَوّلُ جِماعِها، وهذا أَول صَيْدٍ فَرَعَه أَي أَراقَ دمه. قال
يزيد بن مرة: من أَمثالهم: أَوّلُ الصيْدِ فَرَعٌ، قال: وهو مُشَبَّه
بأَوَّلِ النِّتاجِ. والفَرَعُ: القِسْمُ وخَصَّ به بعضهم الماء. وأُفْرِعَ
بسيد بني فلان: أُخِذَ فقتل. وأَفْرَعَتِ الضَّبُعُ في الغنم: قتلتها
وأَفْسَدَتْها؛ أَنشد ثعلب:
أَفْرَعْتِ في فُرارِي،
كأَنَّما ضِرارِي
أرَدْتِ، يا جَعارِ
وهي أَفْسَدُ شيء رُؤيَ. والفُرارُ: الضأْن، وأَما ما ورد في الحديث: لا
يَؤُمَّنَّكُمْ أنْصَرُ ولا أَزَنّ ولا أَفْرَعُ؛ الأَفْرَعُ ههنا:
المُوَسْوِسُ.
والفَرَعةُ: القَمْلةُ العظيمة، وقيل: الصغيرةُ، تسكن وتحرك، وبتصغيرها
سميت فُرَيْعةُ، وجمعها فِراعٌ وفَرْعٌ وفَرَعٌ. والفِراعُ:
الأَوْدِيةُ.والفَوارِعُ: موضعٌ، وفارِعٌ وفُرَيْعٌ وفُرَيْعةُ وفارِعةُ، كلها:
أَسماء رجال. وفارِعة: اسم امرأَة. وفُرْعانُ: اسم رجل. ومَنازِلُ بن
فُرْعانَ: من رهط الأَحْنَف بن قَيْسٍ. والأَفْرَعُ: بطن من حِمْيَرٍ.
وفَرْوَعٌ: موضع؛ قال البريق الهذلي:
وقَدْ هاجَنِي مِنْها بِوَعْساءِ فَرْوَعٍ،
وأَجْزاعِ ذي اللَّهْباءِ، مَنْزِلةٌ قَفْرُ
وفارِعٌ: حِصْنٌ بالمدينة يقال إِنه حصن حسّان بن ثابت؛ قال مِقْيَسُ بن
صُبابةَ حين قَتَلَ رجلاً من فِهْرٍ بأَخيه:
قَتَلْتُ به فِهْراً، وحَمَّلْتُ عَقْلَه
سَراةَ بَني النّجّارِ أَرْبابَ فارِعِ
وأَدْرَكْتُ ثَأْرِي، واضْطَجَعْتُ مُوَسشَّداً،
وكُنْتُ إِلى الأَوْثانِ أَوّلَ راجِعِ
والفارِعانِ: اسم أَرض؛ قال الطِّرِمّاحُ:
ونَحْنُ، أَجارَتْ بِالأُقَيْصِرِ هَهُنا
طُهَيَّةُ، يَوْمَ الفارِعَيْنِ، بِلا عَقْدِ
والفُرْعُ: موضع وهو أَيضاً ماء بِعَيْنِه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرَبَّعَ الفُرْع بِمَرْعًى مَحْمُود
وفي الحديث ذكر الفُرْع، بضم الفاء وسكون الراء، وهو موضع بين مكة
والمدينة، وفُرُوعُ الجَوْزاءِ: أَشدّ ما يكون من الحَرّ، قال أَبو
خِراشٍ:وظَلَّ لَنا يَوْمٌ، كأَنَّ أُوارَه
ذَكا النّارِ من نَجْمِ الفُرُوعِ طَوِيلُ
قال: وقرأْته على أَبي سعيد بالعين غير معجمة؛ قال أَبو سعيد في قول
الهذلي:
وذَكَّرَها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو
عِ، مِنْ صَيْهَبِ الحَرِّ، بَرْدَ الشَّمال
قال: هي فُروعُ الجَوْزاءِ بالعين، وهو أَشدّ ما يكون من الحر، فإِذا
جاءت الفروغُ، بالغين، وهي من نُجُوم الدّلْو كان الزمان حينئذ بارداً ولا
فَيْحَ يومئذ.
وثب: الوَثْبُ: الطَّفْرُ. وَثَبَ يَثِبُ وَثْباً، ووثَباناً، ووُثوباً،
ووِثاباً، ووَثيباً: طَفَرَ؛ قال:
وَزَعْتُ بكالـهِراوة أَعْوَجِـيّاً، * إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وِثابا
ويروى وَثابا، على أَنه فَعَلَ، وقد تَقدَّم؛ وقال يصف كبره:
وما أُمِّي وأُمُّ الوحْش، لـمَّا * تَفَرَّعَ في مَفارِقِـيَ الـمَشِـيبُ؟
فَما أَرْمِي، فأَقْتُلَها بسَهْمِي، * ولا أَعْدُو، فأُدْرِكَ بالوَثِـيب
يقول: ما أَنا والوحشُ؟ يعني الجَواريَ، ونصب أَقْتُلَها وأَدْركَ، على جواب الجَحْد بالفاءِ.
وفي حديث علي، عليه السلام، يومَ صِفِّينَ: قَدَّمَ للوَثْبَةِ يَداً،
وأَخَّرَ للنُّكُوصِ رِجْلاً، أَي إِنْ أَصابَ فُرْصَةً نَهَضَ إِليها،
وإِلاَّ رَجَعَ وتَرَك. وفي حديث هُذَيْل: أَيَتَوَثَّبُ أَبو بكر على
وَصِـيِّ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم؟ وَدَّ أَبو بكر أَنه وَجَدَ
عَهْداً من رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وأَنه خُزِم أَنفُه بخِزامةٍ أَي يَسْتَوْلي عليه ويظلِمه !معناه: لو كان عَليٌّ، عليه السلام، مَعْهوداً إِليه بالخلافة، لكان في أَبي بكر، رضي اللّه عنه، من الطاعة والانْقياد إِليه، ما يكون في الجَمَل الذليل، الـمُنْقاد بخِزامَتهِ.
ووَثَبَ وثْبةً واحدة، وأَوْثَبْتُه أَنا، وأَوْثَبَه الموضعَ: جَعله
يَثِـبُه. وواثبَه أَي ساوَرَه. ويقال: تَوَثَّبَ فلانٌ في ضَيْعةٍ لي أَي
اسْتَوْلى عليها ظلماً. والوَثَبَـى: من الوَثْب. ومَرَةٌ وثَبـى: سريعةُ
الوَثْبِ. والوَثْبُ: القُعُود، بلغة حِمْير.
يقال: ثِبْ أَي اقْعُدْ. ودَخَلَ رَجُل من العَرب على مَلِكٍ من ملوك
حِمْيَر، فقال له الملِكُ: ثِبْ أَي اقْعُدْ، فوَثَبَ فتَكَسَّر، فقال الملك: ليس عندنا عَرَبِـيَّتْ؛ مَنْ دَخَلَ ظَفارِ حَمَّرَ أَي تكلَّم بالـحِمْيَرية؛ وقوله: عَرَبِـيَّت، يُريد العربيةَ، فوقف على الهاءِ بالتاءِ.
وكذلك لغتهم، ورواه بعضُهم: ليس عندنا عَرَبيَّة كعَرَبِـيَّتكُم. قال
ابن سيده: وهو الصواب عندي، لأَنَّ الملك لم يكن لِـيُخْرِجَ نَفْسَه من العرب، والفعل كالفعل. والوِثابُ: الفِراشُ، بلغتهم. ويقال وثَّبْتُه وِثاباً أَي فرَشْت له فِراشاً.
وتقول: وَثَّبَهُ تَوْثِـيباً أَي أَقْعَدَه على وِسادة، وربما قالوا وثَّبَه وسادةً إِذا طَرَحها له، ليَقْعُدَ عليها. وفي حديث فارعة، أَخت
أُمَيَّة بن أَبي الصَّلْتِ، قالت: قَدِمَ أَخي من سَفَرٍ، فوَثَبَ على
سريري أَي قَعَدَ عليه واسْتَقَرَّ.
والوُثوبُ، في غير لغةِ حِمْيَرَ: النُّهوضُ والقيامُ. وقَدِمَ عامِرُ
بنُ الطُّفَيْلِ على سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فوَثَّبَ له وِسادةً أَي أَقعَدَه عليها؛ وفي رواية: فوَثَّبَه وِسادةً أَي أَلقاها
له. والـمِـيثَبُ: الأَرضُ السَّهْلة؛ ومنه قول الشاعر يصفُ نَعامة:
قَرِيرَةُ عَينٍ، حينَ فَضَّتْ بخَطْمِها * خَراشِـيَّ قَيْضٍ، بين قَوْزٍ ومِـيثَبِ
ابن الأَعرابي: الـمِـيثَبُ: الجالسُ، والـمِـيثَبُ: القافِزُ. أَبو عمرو: الـمِـيثَبُ الجَدْوَلُ. وفي نوادر الأَعراب: الـمِـيثَبُ ما ارتفع من
الأَرض. والوِثابُ: السَّريرُ؛ وقيل: السرير الذي لا يَبْرَحُ الـمَلِكُ
عليه. واسم الـملِك: مُوثَبَان. والوِثابُ، بكسر الواو: الـمَقاعِدُ؛
قال أُمية:
بإِذنِ اللّه، فاشْتَدَّتْ قُواهُمْ * على مَلْكين، وهْي لـهُمْ وِثابُ
يعني أَن السماءَ مقاعدُ للملائكة. والـمُوثَبانُ بلغتهم: الملِكُ الذي
يَقْعُد، ويَلْزَم السَّريرَ، ولا يَغْزو. والـمِـيثَبُ: اسم موضع؛ قال
النابغة الجَعْدِيُّ:
أَتاهُنَّ أَنَّ مِـياهَ الذُّهاب * فالأَوْرَقِ، فالـمِلْحِ، فالـمِيـثَبِ
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً
ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ
الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله
ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به
وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
فيض: فاض الماء والدَّمعُ ونحوهما يَفِيض فَيْضاً وفُيُوضةً وفُيُوضاً
وفَيَضاناً وفَيْضُوضةً أَي كثر حتى سالَ على ضَفّةِ الوادي. وفاضَتْ
عينُه تَفِيضُ فَيْضاً إِذا سالت. ويقال: أَفاضَتِ العينُ الدمعَ تُفِيضُه
إِفاضة، وأَفاضَ فلان دَمْعَه، وفاضَ الماء والمطرُ والخيرُ إِذا كثر. وفي
الحديث: ويَفيضُ المالُ أَي يَكْثُر من فاضَ الماء والدمعُ وغيرُهما
يَفيض فَيْضاً إِذا كثر، قيل: فاضَ تدَفَّقَ، وأَفاضَه هو وأَفاضَ إِناءه أَي
مَلأَه حتى فاضَ، وأَفاضَ دُموعَه. وأَفاضَ الماءَ على نفسه أَي
أَفْرَغَه. وفاض صَدْرُه بسِرِّه إِذا امْتَلأ وباح به ولم يُطِقْ كَتْمَه،
وكذلك النهرُ بمائه والإِناء بما فيه.
وماءٌ فَيْضٌ: كثير. والحَوْضُ فائض أَي ممتلئ. والفَيْضُ: النهر،
والجمع أَفْياضٌ وفُيوضٌ، وجَمْعُهم له يدل على أَنه لم يسمّ بالمصدر.
وفَيْضُ البصرةِ: نَهرها، غَلب ذلك عليه لِعظَمِه. التهذيب: ونهرُ البصرةِ يسمى
الفَيْضَ، والفَيْضُ نهر مصر. ونهرٌ فَيّاضٌ أَي كثير الماء. ورَجل
فَيّاضٌ أَي وهّاب جَوادٌ. وأَرض ذاتُ فُيوضٍ إِذا كان فيها ماء يَفِيضُ حتى
يعلو. وفاضَ اللّئامُ: كَثُروا. وفرَس فَيْضٌ: جَوادٌ كثير العَدْو. ورجل
فَيْضٌ وفَيّاضٌ: كثير المعروف. وفي الحديث أَنه قال لطَلحةَ: أَنت
الفَيّاضُ؛ سمي به لسَعةِ عَطائه وكثرته وكان قسَمَ في قومه أَربعمائة أَلف،
وكان جَواداً.
وأَفاضَ إِناءه إِفاضةً: أَتْأَقَه؛ عن اللحياني، قال ابن سيده: وعندي
أَنه إِذا ملأه حتى فاض. وأَعطاه غَيْضاً من فَيْضٍ أَي قليلاً من كثير،
وأَفاضَ بالشيء: دَفَع به ورَمَى؛ قال أَبو صخر الهذلي يصف كتيبة:
تَلَقَّوْها بِطائحةٍ زَحُوفٍ،
تُفِيضُ الحِصْن مِنها بالسِّخالِ
وفاضَ يَفِيضُ فَيْضاً وفُيوضاً: مات. وفاضَتْ نَفسُه تَفِيضُ فَيْضاً:
خرجت، لغة تميم؛ وأَنشد:
تَجَمَّع الناسُ وقالوا: عِرْسُ،
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ، وفاضَتْ نَفْسُ
وأَنشده الأَصمعي وقال إِنما هو: وطَنَّ الضِّرْس. وذهبنا في فَيْض فلان
أَي في جَنازَتِه. وفي حديث الدجال: ثم يكونُ على أَثَرِ ذلك الفَيْضُ؛
قال شمر: سأَلت البَكْراوِيّ عنه فقال: الفَيْضُ الموتُ ههنا، قال: ولم
أَسمعه من غيره إِلا أَنه قال: فاضت نفسُه أَي لُعابُه الذي يجتمع على
شفتيه عند خروج رُوحه. وقال ابن الأَعرابي: فاضَ الرجلُ وفاظَ إِذا مات،
وكذلك فاظت نفسُه. وقال أَبو الحسن: فاضَت نفسه الفعل للنفس، وفاضَ الرجلُ
يَفِيض وفاظَ يَفِيظُ فَيْظاً وفُيوظاً. وقال الأَصمعي: لا يقال فاظت نفسه
ولا فاضت، وإِنما هو فاض الرجل وفاظ إِذا مات. قال الأَصمعي: سمعت أَبا
عمرو يقول: لا يقال فاظت نفسه ولكن يقال فاظ إِذا مات، بالظاء، ولا يقال
فاض، بالضاد. وقال شمر: إِذا تَفَيَّضُوا أَنفسهم أَي تَقَيَّأُوا.
الكسائي: هو يَفِيظُ نفسه
(* قوله «يفيظ نفسه» أي يقيؤها كما يعلم من القاموس
في فيظ.). وحكى الجوهري عن الأَصمعي: لا يقال فاض الرجل ولا فاضت نفسه
وإِنما يَفِيضُ الدمعُ والماء. قال ابن بري: الذي حكاه ابن دريد عن
الأَصمعي خلاف هذا، قال ابن دريد: قال الأَصمعي تقول العرب فاظ الرجل إِذا مات،
فإِذا قالوا فاضت نفسُه قالوها بالضاد؛ وأَنشد:
فقئت عين وفاضت نفس
قال: وهذا هو المشهور من مذهب الأَصمعي، وإِنما غَلِطَ الجوهري لأَن
الأَصمعي حكى عن أَبي عمرو أَنه لا يقال فاضت نفسه، ولكن يقال فاظ إِذا مات،
قال: ولا يقال فاضَ، بالضاد، بَتَّةً، قال: ولا يلزم مما حكاه من كلامه
أَن يكون مُعْتَقِداً له، قال: وأَما أَبو عبيدة فقال فاظت نفسه، بالظاء،
لغة قيس، وفاضت، بالضاد، لغة تميم. وقال أَبو حاتم: سمعت أَبا زيد يقول:
بنو ضبة وحدهم يقولون فاضت نفسه، وكذلك حكى المازني عن أَبي زيد، قال:
كل العرب تقول فاظت نفسُه إِلا بني ضبة فإِنهم يقولون فاضت نفسه، بالضاد،
وأَهل الحجاز وطيِّءٍ يقولون فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس يقولون فاضت
نفسُه مثل فاضت دَمْعَتُه، وزعم أَبو عبيد أَنها لغة لبعض بني تميم يعني
فاظت نفسه وفاضت؛ وأَنشد:
فقئت عين وفاضت نفس
وأَنشده الأَصمعي، وقال إِنما هو: وطَنّ الضِّرْسُ. وفي حديث الدجال: ثم
يكون على أَثر ذلك الفَيْضُ؛ قيل: الفَيْضُ ههنا الموت. قال ابن
الأَثير: يقال فاضت نفسُه أَي لُعابه الذي يجتمع على شفتيه عند خروج
رُوحه.وفاضَ الحديثُ والخبَرُ واسْتَفاضَ: ذاعَ وانتشر. وحَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ:
ذائعٌ، ومُسْتَفاض قد اسْتَفاضُوه أَي أَخَذُوا فيه، وأَباها أَكثرهم
حتى يقال: مُسْتَفاضٌ فيه؛ وبعضهم يقول: اسْتَفاضُوه، فهو مُسْتَفاضٌ.
التهذيب: وحديث مُسْتَفاضٌ مأْخوذ فيه قد استفاضُوه أَي أَخذوا فيه، ومن قال
مستفيض فإِنه يقول ذائع في الناس مثل الماء المُسْتَفِيض. قال أَبو
منصور: قال الفراء والأَصمعي وابن السكيت وعامة أَهل اللغة لا يقال حديث
مستفاض، وهو لحن عندهم، وكلامُ الخاصّ حديثٌ مُسْتَفِيضٌ منتشر شائع في
الناس.ودِرْعٌ فَيُوضٌ وفاضةٌ: واسعةٌ؛ الأَخيرة عن ابن جني. ورجل مُفاضٌ:
واسِعُ البَطْنِ، والأُنثى مُفاضةٌ. وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: مُفاض
البطنِ أَي مُسْتَوي البطنِ مع الصَّدْرِ، وقيل: المُفاضُ أَن يكون فيه
امْتِلاءٌ من فَيْضِ الإِناء ويُريد به أَسفلَ بطنِه، وقيل: المُفاضةُ من
النساء العظيمة البطن المُسْتَرْخِيةُ اللحمِ، وقد أُفِيضَت، وقيل: هي
المُفْضاةُ أَي المَجْمُوعةُ المَسْلَكَيْنِ كأَنه مَقْلُوبٌ عنه.
وأَفاضَ المرأَةَ عند الافْتِضاضِ: جعل مَسْلَكَيْها واحداً. وامرأَة
مُفاضةٌ إِذا كانت ضخمة البطن. واسْتَفاضَ المكانُ إِذا اتَّسع، فهو
مُسْتَفِيضٌ؛ قال ذو الرمة:
بحَيْثُ اسْتَفاضَ القِنْعُ غَرْبيَّ واسِط
ويقال: اسْتَفاضَ الوادي شجراً أَي اتَّسع وكثُرَ شجره. والمُسْتَفِيضُ:
الذي يَسأَل إِفاضةَ الماء وغيره.
وأَفاضَ البَعِيرُ بِجِرَّتِه: رَماها مُتَفَرِّقةً كثيرة، وقيل: هو
صوتُ جِرَّتِه ومَضْغِه، وقال اللحياني: هو إِذا دَفَعَها من جَوْفِه؛ قال
الراعي:
وأَفَضْنَ بعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ
مِنْ ذي الأَبارِقِ، إِذْ رَعين حَقِيلا
ويقال: كظَمَ البِعيرُ إِذا أَمسك عن الجِرَّة. وأَفاضَ القومُ في
الحديث: انتشروا، وقال اللحياني: هو إِذا اندفعوا وخاضُوا وأَكْثَروا. وفي
التنزيل: إِذ تُفِيضُونَ فيه؛ أَي تَنْدَفِعُونَ فيه وتَنْبَسِطُون في ذكره.
وفي التنزيل أَيضاً: لَمَسَّكُمْ فيما أَفَضْتُم. وأَفاضَ الناسُ من
عَرَفاتٍ إِلى مِنى: اندفعوا بكثرة إِلى مِنى بالتَّلْبية، وكل دَفْعةٍ
إِفاضةٌ. وفي التنزيل: فإِذا أَفضتم من عرفات؛ قال أَبو إِسحق: دلَّ بهذا
اللفظ أَن الوقوف بها واجبٌ لأَنَّ الإِفاضةَ لا تكون إِلا بعد وُقُوف،
ومعنى أَفَضْتُم دَفَعْتم بكثرةْ. وقال خالد بن جَنْبة: الإِفاضةُ سُرْعةُ
الرَّكْضِ. وأَفاضَ الراكِبُ إِذا دفع بعيره سَيْراً بين الجَهْدِ ودون
ذلك، قال: وذلك نِصْفُ عَدْوِ الإِبل عليها الرُّكْبان، ولا تكون الإِفاضة
إِلا وعليها الرُّكْبانُ. وفي حديث الحج: فأَفاضَ من عَرفةَ؛ الإِفاضةُ:
الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السير بكثرة، ولا يكون إِلا عن تفرقٍ وجَمْعٍ.
وأَصل الإِفاضةِ الصَّبُّ فاستعيرت للدفع في السير، وأَصله أَفاضَ نفْسَه
أَو راحلته فرَفَضُوا ذكر المفعول حتى أَشْبه غير المتعدِّي؛ ومنه طَوافُ
الإِفاضةِ يوم النحر يُفِيضُ من مِنى إِلى مكة فيطوف ثم يرجع. وأَفاضَ
الرجلُ بالقِداحِ إِفاضةً: ضرَب بها لأَنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة، ويجوز
أَفاضَ على القداح؛ قال أَبو ذؤيب الهُذلي يصف حماراً وأُتُنه:
وكأَنَّهُنَّ رِبابَةٌ، وكَأَنَّه
يَسَرٌ، يُفِيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ
يعني بالقِداحِ، وحروفُ الجر يَنُوبُ بعضُها مَنابَ بعض. التهذيب: كل ما
كان في اللغة من باب الإِفاضةِ فليس يكون إِلا عن تفرُّق أَو كثرة. وفي
حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَخرج اللّهُ ذَرِّيَّةَ آدمَ من ظهره
فأَفاضَهم إِفاضَةَ القِدْحِ؛ هي الضرْبُ به وإِجالَتُه عند القِمار،
والقِدْحُ السهمُ، واحدُ القِداح التي كانوا يُقامِرُونَ بها؛ ومنه حديث
اللُّقَطَةِ: ثم أَفِضْها في مالِكَ أَي أَلْقِها فيه واخْلِطْها به، من
قولهم فاضَ الأَمرُ وأَفاضَ فيه.
وفَيّاضٌ: من أَسماء الرجال. وفَيّاضٌ: اسم فرس من سَوابق خيل العرب؛
قال النابغة الجعدي:
وعَناجِيج جِيادٍ نُجُبٍ
نَجْلَ فَيّاضٍ ومن آلِ سَبَلْ
وفرس فَيْضٌ وسَكْبٌ: كثير الجَرْي.
فدفد: الفَدْفَدُ: الفلاة التي لا شيء بها، وقيل: هي الأَرض الغليظة
ذاتُ الحصى، وقيل: المكان الصُّلب؛ قال:
تَرى الحَرّةَ السَّوداءَ يَحْمَرُّ لَوْنُها،
ويَغْبَرُّ منها كلُّ رِيعٍ وفَدْفَدِ
والفدفد: المكان المرتفع فيه صلابة، وقيل: الفدفد الأَرض المستوية؛ وفي
الحديث: فَلَجؤَوا إِلى فدفد فأَحاطوا بهم؛ الفَدْفَدُ: الموضع الذي فيه
غِلظٌ وارتفاع. وفي الحديث: كان إِذا قفل من سفر فمرّ بِفَدفَدٍ أَو
نَشْزٍ كبَّر ثلاثاً؛ ومنه حديث قُسٍّ: وأَرْمُقُ فَدْفَدَها، وجمعه
فَدافِدُ. والفدفدة: صوت كالحَفِيف. ورجل فُدْفُدٌ وفُدَفِدٌ: شديد الوطءِ على
الأَرض. وفَدفَد إِذا عدا هارباً من سبع أَو عدوّ. الأَزهري في الرباعي:
لبن هُدَبِدٌ وفُدَفِدٌ، وهو الحامض الخاثر. ابن الأَعرابي: يقال للبن
الثخين فُدَفِدٌ.
وفَدْفَدُ: اسم امرأَة؛ قال الأَخطل:
وقُلْتُ لِحادِيهِنَّ: وَيْحَكَ غَنِّنا
لِجَلْداءَ أَو بنْتِ الكِنانيِّ فَدْفَدا
فوت: الفَوْتُ: الفَواتُ.
فاتَني كذا أَي سَبَقَني، وفُتُّه أَنا. وقال أَعرابي: الحمد لله الذي
لا يُفات ولا يُلاتُ. وفاتَني الأَمرُ فَوْتاً وفَواتاً: ذهَب عني. وفاتَه
الشيءُ، وأَفاتَه إِياه غيره؛ وقول أَبي ذؤَيب:
إِذا أَرَنَّ عليها طارِداً، نَزِقَتْ،
والفَوْتُ، إِن فاتَ، هادي الصَّدْرِ والكَتَدُ
يقول: إِن فاتَتْه، لم تَفُتْه إِلا بقَدْرِ صَدْرها ومَنكِبها،
فالفَوْتُ في معنى الفائت. وليس عنده فَوْتٌ ولا فَواتٌ؛ عن اللحياني.
وتَفَوَّتَ الشيءُ، وتَفاوَتَ تَفاوُتاً، وتَفاوَتاً، وتَفاوِتاً:
حكاهما ابن السكيت. وفي التنزيل العزيز: ما تَرَى في خَلْقِ الرحمن من
تَفاوُتٍ؛ المعنى: ما تَرى في خَلْقِه تعالى السماءَ اختِلافاً، ولا اضْطراباً.
وقد قال سيبويه: ليس في المصادر تَفاعَلٌ ولا تَفاعِلٌ.
وتَفاوَتَ الشيئان أَي تَباعد ما بينهما تَفاوُتاً، بضم الواو؛ وقال
الكلابيون في مصدره: تَفاوَتاً، ففتحوا الواو؛ وقال العنبري: تَفاوِِتاً،
بكسر الواو، وهو على غير قياس، لأَن المصدر من تَفاعل يَتَفاعَلُ
تَفاعُلٌ، مضموم العين، إِلاَّ ما روي من هذا الحرف. الليث: فاتَ يَفُوتُ
فَوْتاً، فهو فائتٌ، كما يقولون: بَوْنٌ بائنٌ، وبينهم تَفاوُتٌ وتَفَوُّتٌ.
وقرئَ: ما ترى في خلقِ الرحمن من تَفاوُتٍ وتَفَوُّتٍ؛ فالأُولى قراءَة
أَبي عمرو؛ قال قتادة: المعنى من اخْتلافٍ؛ وقال السُّدِّيُّ: مِن
تَفَوُّتٍ: مِن عَيْبٍ، فيقول الناظر: لو كان كذا وكذا، كان أَحسنَ؛ وقال الفراءُ:
هما بمعنى واحد، وبينهما فَوْتٌ فائتٌ، كما يقال بَوْنٌ بائنٌ.
وهذا الأَمْرُ لا يُفْتاتُ أَي لا يَفُوتُ، وافْتاتَ عليه في الأَمْرِ:
حكَمَ. وكلُّ من أَحدَثَ دونك شيئاً: فقد فاتَكَ به، وافْتاتَ عليك فيه؛
قال مَعْنُ بن أَوْسٍ يُعاتِبُ امرأَته:
فإِنَّ الصُّبْحَ مُنْتَظَرٌ قَريبٌ،
وإِنَّكِ، بالمَلامة، لنْ تُفاتي
أَي لا أَفُوتُك، ولا يَفوتُك مَلامي إِذا أَصْبَحْت، فدَعِيني ونَومي
إِلى أَن نُصْبِحَ، وفلان لا يُفْتاتُ عليه أَي لا يُعْمَلُ شيءٌ دون
أَمره. وزَوَّجَتْ عائشةُ ابنةَ أَخيها عبد الرحمن بن أَبي بكر، وهو غائب،
مِن المنذر بن الزُّبير، فلما رجع من غَيبته، قال: أَمِثْلي يُفْتاتُ عليه
في أَمْر بناتِه؟ أَي يُفْعَلُ في شَأْنهن شيءٌ بغير أَمره؛ نَقِمَ عليها
نكاحَها ابْنَته دونه. ويقال لكل من أَحْدَثَ شيئاً في أَمْرِكَ دونك:
قد افْتاتَ عليك فيه؛ وروى الأَصمعي بيت ابن مقبل:
يا حُرُّ أَمْسَيْتُ شيخاً قد وَهَى بَصَري،
وافْتِيتَ، ما دون يومِ البَعْثِ، من عُمُري
قال الأَصمعي: هو من الفَوْتِ. قال: والافْتِيات الفَراغ.
يقال: افْتاتَ بأَمره أَي مَضى عليه، ولم يَسْتَشِرْ أَحداً؛ لم يهمزه
الأَصمعي. وروي عن ابن شميل وابن السكيت: افْتَأَت فلانٌ بأَمره، بالهمز،
إِذا اسْتَبَدَّ به. قال الأَزهري: قد صح الهمز عنهما في هذا الحرف، وما
علمت الهمز فيه أَصليّاً، وقد ذكرته في الهمز أَيضاً. الجوهري:
الافْتِياتُ افْتِعالٌ من الفَوْت، وهو السَّبْقُ إِلى الشيءِ دون ائْتِمار من
يُؤْتَمر. تقول: افْتاتَ عليه بأَمر كذا أَي فاتَه به، وتَفَوَّتَ عليه في
ماله أَي فاته به. وقوله في الحديث: إِنَّ رجلاً تَفَوَّتَ على أَبيه في
ماله، فأَتى أَبوه النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فذَكَر له ذلك، فقال:
ارْدُدْ على ابنك مالَه، فإِنما هو سَهْمُ من كِنانَتِك؛ قوله: تَفَوَّتَ،
مأْخوذٌ من الفَوْت، تَفَعَّلَ منه؛ ومعناه: أَنَّ الابنَ لم يَسْتَشِرْ
أَباه، ولم يستأْذنه في هبة مال نفسه، فأَتى الأَبُ رسولَ الله، صلى الله
عليه وسلم، فأَخبره، فقال: ارْتَجِعْه من المَوْهُوب له، وارْدُدْه على
ابْنِكَ، فإِنه وما في يده تحت يدك، وفي مَلَكَتِك، فليس له أَن
يَسْتَبِدَّ بأَمْرٍ دُونَكَ، فَضَرَب، كونَه سَهماً من كنانته، مَثَلاً لكونه
بعضَ كسبه، وأَعلمه أَنه ليس للابن أَن يَفتات على أَبيه بماله، وهو من
الفَوْت السَّبقِ. تقول: تَفَوَّتَ فلانٌ على فلان في كذا، وافتاتَ عليه إِذا
انْفَرَدَ برأْيه دونه في التصرف فيه. ولمَّا ضُمِّنَ معنى التَّغَلُّبِ
عُدِّيَ بعلى.
ورجل فُوَيْتٌ، مُنْفَرِدٌ برأْيه، وكذلك الأُنثى. وزَعَمُوا أَنَّ
رجلاً خرج من أَهله، فلما رَجَع قالت له امرأَتُه: لو شَهِدْتَنا
لأَخْبَرناك، وحَدَّثْناك بما كان، فقال لها: لن تُفاتي، فهاتي.
والفَوْتُ: الخَلَل والفُرْجَةُ بين الأَصابع، والجمع أَفْواتٌ. وهو
مِنِّي فَوْتَ اليدِ أَي قَدْرَ ما يَفُوتُ يدي؛ حكاها سيبويه في الظروف
المخصوصة. وقال أَعرابي لصاحبه: ادْنُ دُونَك، فلما أَبطَأَ قال له: جَعَلَ
الله رِزْقكَ فَوْتَ فمِكَ أَي تَنْظُر إِليه قَدْرَ ما يَفوتُ فَمَكَ،
ولا تَقْدِرُ عليه؛ وتقول: هو مني فَوْتَ الرُّمْحِ أَي حَيْثُ لا
يَبْلُغه. ومَوْتُ الفَواتِ: مَوْتُ الفَجْأَةِ. وفي حديث أَبي هريرة، قال:
مَرَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، تحتَ جِدارٍ مائِلٍ، فأَسْرَعَ المَشْيَ،
فقيل: يا رسول الله، أَسْرَعْتَ المَشْيَ، فقال: إِني أَكْرَه موتَ
الفَواتِ، يعني مَوْتَ الفُجاءَة؛ وفي رواية: أَخافُ موتَ الفَواتِ؛ هو مِن
قولك: فاتني فلان بكذا أَي سَبَقَني به. ابن الأَعرابي: يقال لِمَوتِ
الفَجْأَةِ: المَوتُ الأَبْيضُ، والجارِفُ، واللاَّفِتُ، والفاتِلُ، وهو
المَوْتُ الفَواتُ والفُوَاتُ، وهو أَخْذَةُ الأَسَفِ، وهو الوَحِيّ؛ ويقال:
مات فلانٌ مَوْتَ الفَواتِ أَي فُوجِئَ.
زمن: الزَّمَنُ والزَّمانُ: اسم لقليل الوقت وكثيره، وفي المحكم:
الزَّمَنُ والزَّمانُ العَصْرُ، والجمع أَزْمُن وأَزْمان وأَزْمِنة. وزَمَنٌ
زامِنٌ: شديد. وأَزْمَنَ الشيءُ: طال عليه الزَّمان، والاسم من ذلك
الزَّمَنُ والزُّمْنَة؛ عن ابن الأَعرابي. وأَزْمَنَ بالمكان: أَقام به زَماناً،
وعامله مُزامنة وزَماناً من الزَّمَن؛ الأَخيرة عن اللحياني. وقال شمر:
الدَّهْر والزَّمان واحد؛ قال أَبو الهيثم: أَخطأَ شمر، الزَّمانُ زمانُ
الرُّطَب والفاكهة وزمانُ الحرّ والبرد، قال: ويكون الزمانُ شهرين إلى
ستة أََشهر، قال: والدَّهْرُ لا ينقطع؛ قال أَبو منصور: الدَّهْرُ عند
العرب يقع على وقت الزمان من الأزْمنة وعلى مُدَّة الدنيا كلها، قال: وسمعت
غير واحد من العرب يقول أَقمنا بموضع كذا وعلى ماء كذا دهراً، وإن هذا
البلد لا يحملنا دهراً طويلاً، والزمان يقع على الفَصْل من فصول السنة وعلى
مُدّة ولاية الرجل وما أشبهه. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه قال لعَجوزٍ تَحَفَّى بها في السؤال وقال: كانت تأْتينا أَزْمانَ
خديجة؛ أَراد حياتها، ثم قال: وإِنّ حُسْنَ العهد من الإيمان. واستأْجرته
مُزامنة وزَماناً؛ عنه أَيضاً، كما يقال مُشاهرة من الشهر. وما لقيته مُذ
زَمَنةٍ أَي زَمان. والزَّمَنة: البُرْهة. وأَقام زَمْنة
(* قوله «وأقام
إلخ» ضبطه المجد والصاغاني بالتحريك).، بفتح الزاي؛ عن اللحياني، أَي
زَمَناً. ولقيته ذاتَ الزُّمَيْن أَي في ساعة لها أَعداد، يريد بذلك تَراخي
الوقت، كما يقال: لقيته ذاتَ العُوَيْم أَي بين الأَعوام. والزَّمِنُ: ذو
الزَّمانة. والزَّمانةُ: آفة في الحيوانات. ورجل زَمِنٌ أَي مُبْتَلىً
بَيِّنُ الزَّمانة. والزَّمانة: العاهة؛ زَمِنَ يَزْمَنُ زَمَناً وزُمْنة
وزَمانة، فهو زَمِنٌ، والجمع زَمِنونَ، وزَمِين، والجمع زَمْنَى لأَنه
جنس للبلايا التي يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون، فطابق باب فعيل
الذي بمعنى مفعول، وتكسيره على هذا البناء نحو جريح وجَرْحَى وكليم
وكَلْمَى. والزَّمانة أَيضاً: الحُبُّ؛ وقد روي بيت ابن عُلْبَةَ.
ولكن عَرَتْني من هَواك زَمانَةٌ،
كما كنتُ أَلْقَى منك إذْ أَنا مُطْلَقُ
وقوله في الحديث: إذا تَقارب الزمانُ لم تَكَدْ رؤيا المؤْمن تكذب؛ قال
ابن الأَثير: أَراد استواء الليل والنهار واعتدالهما، وقيل: أَراد قُرْبَ
انتهاء أَمَدِ الدنيا. والزمان يقع على جميع الدهر وبعضه. وزِمّانُ،
بكسر الزاي: أَبو حيّ من بكر، وهو زِمّان بن تَيْمِ الله بن ثعلبة بن
عُكَابة بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل، ومنهم الفِنْدُ الزِّمّانيُّ
(* قوله
«ومنهم الفند الزماني» هذه عبارة الجوهري، وفي التكملة ومادة ش هـ ل من
القاموس: أن اسمه شهل بالشين المعجمة، ابن شيبان بن ربيعة بن زمان بن
مالك بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. قال الشارح وسياق نسب زمان بن تيم الله
صحيح في ذاته إنما كون الفند منهم سهو لأن الفند من بني مازن.) قال ابن
بري: زِمّان فِعْلان من زَمَمْتُ، قال: وحملها على الزيادة أَولى، فينبغي
أَن تذكر في فصل زَمَمَ، قال: ويدلك على زيادة النون امتناع صرفه في قولك
من بني زِمّان.
ظهر: الظَّهْر من كل شيء: خِلافُ البَطْن. والظَّهْر من الإِنسان: من
لَدُن مُؤخَّرِ الكاهل إِلى أَدنى العجز عند آخره، مذكر لا غير، صرح بذلك
اللحياني، وهو من الأَسماء التي وُضِعَت مَوْضِعَ الظروف، والجمع أَظْهُرٌ
وظُهور وظُهْرانٌ. أَبو الهيثم: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ
والكَتَِدُ ستُّ فقارات، وهما بين الكتفين، وفي الرَّقبَة ست فقارات؛ قال أَبو
الهيثم: الظَّهْر الذي هو ست فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قال
الأَزهري: هذا في البعير؛ وفي حديث الخيل: ولم يَنْسَ حقَّ الله في رِقابِها
ولا ظُهورها؛ قال ابن الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عليها
مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عليها؛ ومنه الحديث الآخر: ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ
ظَهْرِها. وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وكذلك يقول
المُدَبِّرُ للأَمر. وقَلَّبَ فلان أَمْره ظهراً لِبَطْنٍ وظهرَه
لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قال الفرزدق:
كيف تراني قالباً مِجَنّي،
أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ
وإِنما اختار الفرزدق ههنا لِلْبَطْنِ على قوله لِبَطْنٍ لأَن قوله
ظَهْرَه معرفة، فأَراد أَن يعطف عليه معرفة مثله، وإِن اختلف وجه التعريف؛
قال سيبويه: هذا باب من الفعل يُبْدَل فيه الآخر من الأَول يَجْرِي على
الاسم كما يَجْرِي أَجْمعون على الاسم، ويُنْصَبُ بالفعل لأَنه مفعول،
فالبدل أَن يقول: ضُرب عبدُالله ظَهرهُ وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ
والبطنُ، وقُلِبَ عمرو ظَهْرُه وبطنُه، فهذا كله على البدل؛ قال: وإِن شئت كان
على الاسم بمنزلة أَجمعين، يقول: يصير الظهر والبطن توكيداً لعبدالله كما
يصير أَجمعون توكيداً للقوم، كأَنك قلت: ضُرِبَ كُلّه؛ قال: وإِن شئت
نصبت فقلت ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قال: ولكنهم أَجازوا هذا كما
أَجازوا دخلت البيتَ، وإِنما معناه دخلت في البيت والعامل فيه الفعل، قال: وليس
المنتصبُ ههنا بمنزلة الظروف لأَنك لو قلت: هو ظَهْرَه وبطَنْهَ وأَنت
تعني شيئاً على ظهره لم يجز، ولم يجيزوه في غير الظَّهْر والبَطْن
والسَّهْل والجَبَلِ، كما لم يجز دخلتُ عبدَالله، وكما لم يجز حذف حرف الجر
إِلاَّ في أَماكن مثل دخلت البيتَ، واختص قولهم الظهرَ والبطنَ والسهلَ
والجبلَ بهذا، كما أَن لَدُنْ مع غُدْوَةٍ لها حال ليست في غيرها من الأَسماء.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ما نزول من القرآن آية إِلاَّ لها ظَهْرٌ
بَطْنٌ ولكل حَرْفٍ حَدٌّ ولكل حَدّ مُطَّلَعٌ؛ قال أَبو عبيد: قال بعضهم
الظهر لفظ القرآن والبطن تأْويله، وقيل: الظهر الحديث والخبر، والبطن ما
فيه من الوعظ والتحذير والتنبيه، والمُطَّلَعُ مَأْتى الحد ومَصْعَدُه،
أَي قد عمل بها قوم أَو سيعملون؛ وقيل في تفسير قوله لها ظَهْرٌ وبَطْن
قيل: ظهرها لفظها وبطنها معناها وقيل: أَراد بالظهر ما ظهر تأْويله وعرف
معناه، وبالبطن ما بَطَنَ تفسيره، وقيل: قِصَصُه في الظاهر أَخبار وفي
الباطن عَبْرَةٌ وتنبيه وتحذير، وقيل: أَراد بالظهر التلاوة وبالبطن التفهم
والتعلم. والمُظَهَّرُ، بفتح الهاء مشددة: الرجل الشديد الظهر. وظَهَره
يَطْهَرُه ظَهْراً: ضرب ظَهْره. وظَهِرَ ظَهَراً: اشتكى ظَهْره. ورجل
ظَهِيرٌ: يشتكي ظَهْرَه. والظَّهَرُ: مصدر قولك ظَهِرَ الرجل، بالكسر، إِذا
اشتكى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وجع الظَّهْرِ، ورجل مَظْهُورٌ.
وظَهَرْتُ فلاناً: أَصبت ظَهْره. وبعير ظَهِير: لا يُنْتَفَع بظَهْره من
الدَّبَرِ، وقيل: هو الفاسد الظَّهْر من دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رواه
ثعلب. ورجل ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ ورجل مُصَدَّر: شديد
الصَّدْر، ومَصْدُور: يشتكي صَدْرَه؛ وقيل: هو الصُّلْبُ الشديد من غير أَن
يُعَيَّن منه ظَهْرٌ ولا غيره، وقد ظَهَرَ ظَهَارَةً. ورجل خفيف الظَّهْر:
قليل العيال، وثقيل الظهر كثير العيال، وكلاهما على المَثَل. وأَكَل الرجُل
أَكْلَةً ظَهَرَ منها ظَهْرَةً أَي سَمِنَ منها. قال: وأَكل أَكْلَةً
إِن أَصبح منها لناتياً، ولقد نَتَوْتُ من أَكلة أَكلتها؛ يقول: سَمِنْتُ
منها. وفي الحديث: خَيْرُ الصدقة ما كان عن ظَهْرِ غِنى أَي ما كان
عَفْواً قد فَضَلَ عن غنًى، وقيل: أَراد ما فَضَلَ عن العِيَال؛ والظَّهْرُ قد
يزاد في مثل هذا إِشباعاً للكلام وتمكيناً كأَنَّ صدقته إِلى ظَهْرٍ
قَويٍّ من المال. قال مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ ما كان عن ظَهْرِ غِنًى، ما
ظَهْرُ غِنًى؟ قال أَيوب: ما كان عن فَضْلِ عيال. وفي حديث طلحة: ما
رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عن ظَهْرِ يَدٍ من طَلْحَةَ، قيل: عن ظهر يَدٍ
ابْتدَاءً من غير مكافأَة. وفلانٌ يأْكل عن ظَهْرِ يد فُلانٍ إِذا كان هو
يُنْفِقُ عليه. والفُقَراء يأْكلون عن ظَهْرِ أَيدي الناس.
قال الفراء: العرب تقول: هذا ظَهْرُ السماء وهذا بَطْنُ السَّمَاءِ
لظاهرها الذي تراه. قال الأَزهري: وهذا جاء في الشيء ذي الوجهين الذي ظَهْرُه
كَبَطْنه، كالحائط القائم لما وَلِيَك يقال بطنُه، ولما وَلِيَ غَيْرَك
ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثوب وبِطانَتُه، فالبطانَةُ ما وَلِيَ منه
الجسدَ وكان داخلاً، والظِّهارَةُ ما علا وظَهَرَ ولم يَل الجسدَ؛ وكذلك
ظِهارَة البِسَاطِ؛ وبطانته مما يلي الأَرضَ. ويقال: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا
جعلتَ له ظِهَارَة وبَطَنْتُه إذا جعلتَ له بِطانَةً، وجمع الظِّهارَة
ظَهَائِر، وجمع البِطَانَةَ بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بالكسر: نقيض البِطانة.
وَظَهَرْتُ البيت: عَلَوْتُه. وأَظْهَرْتُ بفلان: أَعليت به. وتظاهر
القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ واحد منهم ظَهْرَه إِلى صاحبه.
وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الذين يجيئونك من ورائك أَو من وراء ظَهْرِك في الحرب،
مأْخوذ من الظَّهْرِ؛ قال أَبو خِراشٍ:
لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً،
ولكنّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مَقاتِلُ
الأَصمعي: فلان قِرْنُ الظَّهْر، وهو الذي يأْتيه من ورائه ولا يعلم؛
قال ذلك ابن الأَعرابي، وأَنشد:
فلو كان قِرْني واحداً لكُفِيتُه،
ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مِقاتِلُ
وروي ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده:
فلو أَنَّهُمْ كانوا لقُونا بِمثْلِنَا،
ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ
قال: أَقران الظهور أَن يتظاهروا عليه، إِذا جاء اثنان وأَنت واحد
غلباك. وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وهو من الظَّهْر. ابن
بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه.
والظَّهْرُ: الرِّكابُ التي تحمل الأَثقال في السفر لحملها إِياها على
ظُهُورها. وبنو فلان مُظْهِرون إِذا كان لهم ظَهْر يَنْقُلُون عليه، كما
يقال مُنْجِبُون إِذا كانوا أَصحاب نَجائِبَ. وفي حديث عَرْفَجَة: فتناول
السيف من الظَّهْر فَحذَفَهُ به؛ الظَّهْر: الإِبل التي يحمل عليها
ويركب. يقال: عند فلان ظَهْر أَي إِبل؛ ومنه الحديث: أَتأْذن لنا في نَحْر
ظَهْرنا؟ أَي إبلنا التي نركبها؛ وتُجْمَعُ على ظُهْران، بالضم؛ ومنه
الحديث: فجعل رجالٌ يستأْذنونه في ظُهْرانهم في عُلْوِ المدينة. وفلانٌ على
ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ للسفر غير مطمئن كأَنه قد رَكِبَ ظَهْراً لذلك؛ قال يصف
أَمواتاً:
ولو يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا
معي، أَو غَدَوْا في المُصْبِحِين على ظَهْرِ
والبعير الظَّهْرِيُّ، بالكسر: هو العُدَّة للحاجة إِن احتيج إِليه، نسب
إِلى الظَّهْر نَسَباً على غير قياس. يقال: اتَّخِذْ معك بعيراً أَو
بعيرين ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، والجمع ظَهارِيُّ وظَهَارِيُّ، وفي
الصحاح: ظَهِارِيُّ غير مصروف لأَن ياء النسبة ثابتة في الواحد. وبَعير
ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كان شديداً قويّاً، وناقة ظهيره. وقال الليث:
الظَّهِيرُ من الإِبل القوي الظَّهْر صحيحه، والفعل ظَهَرَ ظَهارَةً. وفي
الحديث: فَعَمَدَ إِلى بعير ظَهِير فأَمَرَ به فَرُحِلَ، يعني شديد
الظهر قويّاً على الرِّحْلَةِ، وهو منسوب إِلى الظَّهْرِ؛ وقد ظَهَّر به
واسْتَظَهْرَهُ.
وظَهَرَ بحاجةِ وظَهَرَّها وأَظْهَرها: جعلها بظَهْرٍ واستخف بها ولم
يَخِفَّ لها، ومعنى هذا الكلام أَنه جعل حاجته وراء ظَهْرِه تهاوناً بها
كأَنه أَزالها ولم يلتفت إِليها. وجعلها ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر،
كقوله تعالى: فَنَبذُوه ورَاء ظُهُورِهم، بخلاف قولهم وَاجَهَ إِرادَتَهُ
إِذا أَقْبَلَ عليها بقضائها، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كذلك؛ قال
الفرزدق:تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي
بظَهْرٍ، فلا يَعْيا عَليَّ جَوابُها
والظِّهْرِيُّ: الذي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تنساه.
والظِّهْرِيُّ: الذي تَنْساه وتَغْفُلُ عنه؛ ومنه قوله: واتَّخَذْتَمُوه
وراءكم ظِهْرِيّاً؛ أَي لم تَلْتَفِتوا إِليه. ابن سيده: واتخذ حاجته
ظِهْرِيّاً اسْتَهان بها كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، على غير قياس، كما
قالوا في النسب إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. وفي حديث علي، عليه السلام:
اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حت شُنَّتْ عليكم الغاراتُ أَي جعلتموه
وراء ظهوركم، قال: وكسر الظاء من تغييرات النَّسَب؛ وقال ثعلب في قوله
تعالى: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً: نَبَذْتُمْ ذكر الله وراء ظهوركم؛ وقال
الفراء: يقول تركتم أَمر الله وراء ظهوركم، يقول شعيب، عليه السلام:
عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وتركتم تعظيم الله وخوفه. وقال في أَثناء
الترجمة: أَي واتخذتم الرهط وراءكم ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون بع عليَّ، وذلك لا
ينجيكم من الله تعالى. يقال: اتخذ بعيراً ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. ويقال
للشيء الذي لا يُعْنَى به: قد جعلت هذا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ.
وقولهم. ولا تجعل حاجتي بظَهْر أَي لا تَنْسَها. وحاجتُه عندك ظاهرةٌ
أَي مُطَّرَحَة وراء الظَّهْرِ. وأَظْهَرَ بحاجته واظَّهَرَ: جعلها وراء
ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عبيدة: جعلت حاجته بظَهْرٍ أَي يظَهْرِي
خَلْفِي؛ ومنه قوله: واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّاً، وهو استهانتك بحاجة الرجل.
وجعلني بظَهْرٍ أَي طرحني. وظَهَرَ به وعليه يَظْهَرُ: قَوِيَ. وفي
التنزيل العزيز: أَو الطِّفْل الذين لم يَظْهَروا على عَوْراتِ النساء؛ أَي
لم يبلغوا أَن يطيقوا إِتيانَ النساء؛ وقوله:
خَلَّفْتَنا بين قَوْمَ يَظْهَرُون بنا،
أَموالُهُمْ عازِبٌ عنا ومَشْغُولُ
هو من ذلك؛ قال ابن سيده: وقد يكون من قولك ظَهَرَ به إِذا جعله وراءه،
قال: وليس بقوي، وأَراد منها عازب ومنها مشغول، وكل ذلك راجع إِلى معنى
الظَّهْر. وأَما قوله عز وجل: ولا يُبْدِينَ زِينتهنَّ إِلاَّ ما ظهر
منها؛ روي الأَزهري عن ابن عباس قال: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ، وقالت
عائشة: الزينة الظاهرة القُلْبُ والفَتَخة، وقال ابن مسعود: الزينة الظاهرة
الثياب. والظَّهْرُ: طريق البَرِّ. ابن سيده: وطريق الظَّهْره طريق
البَرِّ، وذلك حين يكون فيه مَسْلَك في البر ومسلك في البحر. والظَّهْرُ من
الأَرض: ما غلظ وارتفع، والبطن ما لانَ منها وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ.
وسال الوادي ظَهْراً إذا سال بمَطَرِ نفسه، فإن سال بمطر غيره قيل: سال
دُرْأً؛ وقال مرة: سال الوادي ظُهْراً كقولك ظَهْراً؛ قال الأَزهري:
وأَحْسِبُ الظُّهْر، بالضم، أَجْودَ لأَنه أَنشد:
ولو دَرَى أَنَّ ما جاهَرتَني ظُهُراً،
ما عُدْتُ ما لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ
وظَهَرت الطيرُ من بلد كذا إِلى بلد كذا: انحدرت منه إِليه، وخص أَبو
حنيفة به النَّسْرَ فقال يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كان آخر الشتاء ظَهَرَتْ
إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الغنم فتأْكل أَشْلاءَها. وفي كتاب عمر،
رضي الله عنه، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بمن معك من المسلمين إِليها
يعني إِلى أَرض ذكرها، أَي أَخْرُجُ بهم إِلى ظاهرها وأَبْرِزْهم. وفي حديث
عائشة: كان يصلي العَصْر في حُجْرتي قبل أَن تظهر، تعني الشمس، أَي تعلو
السَّطْحَ، وفي رواية: ولم تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ من حُجْرتها أَي لم
ترتفع ولم تخرج إِلى ظَهْرها؛ ومنه قوله:
وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلك مَظْهَرا
يعني مَصْعَداً.
والظاهِرُ: خلاف الباطن؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فهو ظاهر وظهِير؛
قال أَبو ذؤيب:
فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم،
ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ
ويروى طهير، بالطاء المهملة. وقوله تعالى: وذَروا ظاهِرَ الإِثم
وباطِنَه؛ قيل: ظاهره المُخالَّةُ على جهة الرِّيبَةِ، وباطنه الزنا؛ قال
الزجاج: والذي يدل عليه الكلام، والله أَعلم، أَن المعنى اتركوا الإِثم ظَهْراً
وبَطْناً أَي لا تَقْرَبُوا ما حرم الله جَهْراً ولا سرّاً. والظاهرُ:
من أَسماء الله عز وجل؛ وفي التنزيل العزيز: هو الأَوّل والآخر والظاهر
والباطن؛ قال ابن الأَثير: هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه؛ وقيل: عُرِفَ
بطريق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أَفعاله وأَوصافه.
وهو نازل بين ظَهْرٍيْهم وظَهْرانَيْهِم، بفتح النون ولا يكسر: بين
أَظْهُرِهم. وفي الحديث: فأَقاموا بين ظَهْرانيهم وبين أَظْهرهم؛ قال ابن
الأَثير: تكررت هذه اللفظة في الحديث والمراد بها أَنهم أَقاموا بينهم على
سبيل الاستظهار والاستناد لهم، وزيدت فيه أَلف ونون مفتوحة تأْكيداً،
ومعناه أَن ظَهْراً منهم قدامه وظهراً وراءه فهو مَكْنُوف من جانبيه، ومن
جوانبه إِذا قيل بين أَظْهُرِهم، ثم كثر حتى استعمل في الإِقامة بين القوم
مطلقاً.
ولقيته بين الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي في اليومين أَو الثلاثة
أَو في الأَيام، وهو من ذلك. وكل ما كان في وسط شيء ومُعْظَمِه، فهو بين
ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه. وهو على ظَهْرِ الإِناء أَي ممكن لك لا يحال
بينكما؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري عن الفراء: فلانٌ بين ظَهْرَيْنا
وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بنعنى واحد، قال: ولا يجوز بين ظَهْرانِينا، بكسر
النون. ويقال: رأَيته بين ظَهْرانَي الليل أَي بين العشاء إِلى الفجر. قال
الفراء: أَتيته مرة بين الظَّهْرَيْنِ يوماً في الأَيام. قال: وقال أَبو
فَقْعَسٍ إِنما هو يوم بين عامين. ويقال للشيء إِذا كان في وسط شيء: هو
بين ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد:
أَلَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يقال هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض
وذلك ما ارتفع منها، ومعنى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. ويقال: هاجَتْ ظَواهِرُ
الأَرض. ابن شميل: ظاهر الجبل أَعلاه، وظاهِرَةُ كل شيء أَعلاه، استوى
أَو لم يستو ظاهره، وإِذا علوت ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قال
مُهَلْهِلٌ:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين،
كَمْشيِ الوُعُولِ على الظَّاهِره
وقال الكميت:
فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطا
حِ، وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ
قال خالد بن كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ البطاح بَطْنُ مكة والبطحاء الرمل،
وذلك أَن بني هاشم وبني أُمية وسادة قريش نُزول ببطن مكة ومن كان دونهم فهم
نزول بظواهر جبالها؛ ويقال: أَراد بالظواهر أَعلى مكة. وفي الحديث ذِكر
قريشِ الظَّواهِرِ، وقال ابن الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الذين نزلوا
بظُهور جبال مكة، قال: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف من قريش الظواهر،
وقريش البطاح هم الذين نزلوا بطاح مكة.
والظُّهارُ: الرّيشُ. قال ابن سيده: الظُّهْرانُ الريش الذي يلي الشمس
والمَطَرَ من الجَناح، وقيل: الظُّهار، بالضم، والظُّهْران من ريش السهم
ما جعل من ظَهْر عَسِيبِ الريشة، هو الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وهو أَجود
الريش، الواحد ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فعلى القياس، وأَما ظُهار فنادر؛ قال:
ونظيره عَرْقٌ وعُراقٌ ويوصف به فيقال رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ،
والبُطْنانُ ما كان من تحت العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يلتقي بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ
أُخْرَى، وهو أَجود ما يكون، فإِذا التقى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فهو
لُغابٌ ولَغْبٌ. وقال الليث: الظُّهارُ من الريش هو الذي يظهر من ريش الطائر
وهو في الجناح، قال: ويقال: الظُّهارُ جماعة واحدها ظَهْرٌ، ويجمع على
الظُّهْرانِ، وهو أَفضل ما يُراشُ به السهم فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فهو
عَيْبٌ، والظَّهْرُ الجانب القصير من الريش، والجمع الظُّهْرانُ،
والبُطْنان الجانب الطويل، الواحد بَطْنٌ؛ يقال: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ ولا
تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، واحدهما ظَهْر وبَطْنٌ، مثل عَبْد وعُبْدانٍ؛ وقد ظَهَّرت
الريش السهمَ. والظَّهْرانِ: جناحا الجرادة الأَعْلَيانِ الغليظان؛ عن
أَبي حنيفة. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ،
فالبطن ما يلي منها الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الذي ليس فيه وتَرٌ.
وظاهَرَ بين نَعْلين وثوبين: لبس أَحدهما على الآخر وذلك إِذا طارق
بينهما وطابقَ، وكذلك ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وقيل: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ
بعضها على بعض.
وفي الحديث: أَنه ظاهرَ بين دِرْعَيْن يوم أُحُد أَي جمع ولبس إِحداهما
فوق الأُخرى، وكأَنه من التظاهر لتعاون والتساعد؛ وقول وَرْقاء بن
زُهَير:رَأَيَتُ زُهَيْراً تحت كَلْكَلِ خالِدٍ،
فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ
فَشُلَّتْ يميني يَوْمَ أَضْرِبُ خالداً،
ويَمْنَعهُ مِنَّي الحديدُ المُظاهرُ
إِنما عنى بالحديد هنا الدرع، فسمى النوع الذي هو الدرع باسم الجنس الذي
هو الحديد؛ وقال أَبو النجم:
سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عليها،
ثم اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،
وظاهِري بِجَلِفٍ عليها
قال ابن سيده: هو من هذا، وقد قيل: معناه اسْتَظْهِري، قال: وليس بقوي.
واسْتَظَهْرَ به أَي استعان. وظَهَرْتُ عليه: أَعنته. وظَهَرَ عَليَّ:
أَعانني؛ كلاهما عن ثعلب. وتَظاهرُوا عليه: تعاونوا، وأَظهره الله على
عَدُوِّه. وفي التنزيل العزيز: وإن تَظَاهَرَا عليه. وظاهَرَ بعضهم بعضاً:
أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن. وظاهَرَ فلان فلاناً: عاونه.
والمُظاهَرَة: المعاونة، وفي حديث علي، عليه السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ
وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان. والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الواحد والجمع في ذلك
سواء، وإِنما لم يجمع ظَهِير لأَن فَعيلاً وفَعُولاً قد يستوي فيهما المذكر
والمؤُنث والجمغ، كما قال الله عز وجل: إِنَّا رسولُ رب العالمين. وفي
التنزيل العزيز: وكان الكافرُ على ربه ظَهيراً؛ يعني بالكافر الجِنْسَ،
ولذلك أَفرد؛ وفيه أَيضاً: والملائكة بعد ذلك ظهير؛ قال ابن سيده: وهذا كما
حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صَدِيقٌ وهم فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ:
المُعِين. وقال الفراء في قوله عز وجل: والملائكة بعد ذلك ظهير، قال: يريد
أَعواناً فقال ظَهِير ولم يقل ظُهَراء. قال ابن سيده: ولو قال قائل إِن
الظَّهير لجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كان صواباً، ولكن حَسُنَ أَن
يُجعَلَ الظهير للملائكة خاصة لقوله: والملائكة بعد ذلك، أَي مع نصرة هؤلاء،
ظَهيرٌ. وقال الزجاج: والملائكة بعد ذلك ظهير، في معنى ظُهَراء، أَراد:
والملائكة أَيضاً نُصَّارٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَي أَعوان النبي،
صلى الله عليه وسلم، كما قال: وحَسُنَ أُولئك رفيقاً؛ أَي رُفَقاء، فهو
مثل ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد في موضع الجمع كما أَفرده الشاعر في
قوله:
يا عاذِلاتي لا تَزِدْنَ مَلامَتِي،
إِن العَواذِلَ لَسْنَ لي بأَمِيرِ
يعني لَسْنَ لي بأُمَراء. وأَما قوله عز وجل: وكان الكافر على ربه
ظَهيراً؛ قال ابن عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء الله تعالى. وقوله عز وجل:
وظاهَرُوا على إِخراجكم؛ أَي عاوَنُوا. وقوله: تَظَاهَرُونَ عليهم؛ أَي
تَتَعاونُونَ. والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قال تميم:
أَلَهْفِي على عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ،
وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا
والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الكسر عن كراع: كالظَّهْرِ. وهم ظِهْرَةٌ
واحدة أَي يَتَظَاهرون على الأَعداء وجاءنا في ظُهْرَته وظَهَرَتِه
وظاهِرَتِهِ أَي في عشيرته وقومه وناهِضَتَهِ لذين يعينونه. وظَاهرَ عليه:
أَعان. واسْتَظَهَره عليه: استعانه. واسْتَظَهْرَ عليه بالأَمر: استعان. وفي
حديث علي، كرّم الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج الله وبنعمته على كتابه.
وفلان ظِهْرَتي على فلان وأَنا ظِهْرَتُكَ على هذا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي:
هو ابن عمه دِنْياً فإِذا تباعد فهو ابن عمه ظَهْراً، بجزم الهاء، وأَما
الظِّهْرَةُ فهم ظَهْرُ الرجل وأَنْصاره، بكسر الظاء. الليث: رجل
ظِهْرِيٌّ من أَهل الظَّهْرِ، ولو نسبت رجلاً إِلى ظَهْرِ الكوفة لقلت
ظِهْريٌّ، وكذلك لو نسبت جِلْداً إِلى الظَّهْر لقالت جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ.
والظُّهُور: الظَّفَرُ بالسّيء والإِطلاع عليه. ابن سيده: الظُّهور
الظفر؛ ظَهَر عليه يَظْهَر ظُهُوراً وأَظْهَره الله عليه. وله ظَهْرٌ أَي مال
من إِبل وغنم. وظَهَر بالشيء ظَهْراً: فَخَرَ؛ وقوله:
واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ
أَي افْخَرْ به على غيره. وظَهَرْتُ به: افتخرت به وظَهَرْتُ عليه:
يقال: ظَهَر فلانٌ على فلان أَي قَوِيَ عليه. وفلان ظاهِرٌ على فلان أَي غالب
عليه. وظَهَرْتُ على الرجل: غلبته. وفي الحديث: فظَهَر الذين كان بينهم
وبين رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عَهْدٌ فَقَنَتَ شهراً بعد الركوع
يدعو عليهم؛ أَي غَلَبُوهم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، قالوا:
والأَشبه أَن يكون مُغَيَّراً كما جاء في الرواية الأُخرى: فَغَدَرُوا
بهم. وفلان من وَلَدِ الظَّهْر أَي ليس منا، وقيل: معناه أَنه لا يلتفت
إِليهم؛ قال أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:
فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا
وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ من وَلَدِ الظَّهْرِ؟
أَي من الذين يَظْهَرُون بهم ولا يلتفتون إِلى أَرحامهم. وفلان لا
يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّم.
والظَّهَرَةُ، بالتحريك: ما في البيت من المتاع والثياب. وقال ثعلب: بيت
حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ ما ظَهَر منه، والأَهَرَةُ
ما بَطَنَ منه. ابن الأَعرابي: بيت حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ
والعَقارِ بمعنى واحد. وظَهَرَةُ المال: كَثْرَتُه. وأَظْهَرَنَا الله على
الأَمر: أَطْلَعَ. وقوله في التنزيل العزيز: فما استطاعُوا أَن يَظْهَرُوه؛
أَي ما قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عليه لــارتفاعــه. يقال: ظَهَرَ على الحائط
وعلى السَّطْح صار فوقه. وظَهَرَ على الشيء إِذا غلبه وعلاه. ويقال: ظَهَرَ
فلانٌ الجَبَلَ إِذا علاه. وظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: علاه. وقوله
تعالى: ومَعَارِجَ عليها يَظْهَرُونَ أَي يَعْلُون، والمعارج الدَّرَجُ. وقوله
عز وجل: فأَصْبَحُوا ظاهِرين؛ أَي غالبين عالين، من قولك: ظَهَرْتُ على
فلان أَي عَلَوْتُه وغلبته. يقال: أَظْهَر الله المسلمين على الكافرين
أَي أَعلاهم عليهم.
والظَّهْرُ: ما غاب عنك. يقال: تكلمت بذلك عن ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر
فيما غاب عنك؛ وقال لبيد:
عن ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها
ويقال: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ على ظَهْرِ لسانه، كما يقال: حَفِظَه عن
ظَهْر قلبه. وفي الحديث: من قرأَ القرآن فاسْتَظْهره؛ أَي حفظه؛ تقول:
قرأْت القرآن عن ظَهْرِ قلبي أَي قرأْته من حفظي. وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه
عن غير كتاب. وقد قرأَه ظاهِراً واسْتَظْهره أَي حفظه وقرأَه ظاهِراً.
والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النضر: لعين الظَّاهرَةُ التي ملأَت
نُقْرَة العَيْن، وهي خلاف الغائرة؛ وقال غيره: العين الظاهرة هي الجاحظة
الوَحْشَةُ. وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قديمة كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ
لِقِدَمِها؛ قال حُمَيْدُ بن ثور:
فَتَغَيَّرَتْ إِلاَّ دَعائِمَها،
ومُعَرَّساً من جَوفه ظَهْرُ
وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وقد تقدم أَنه التعاوُنُ، فهو ضدّ. وقتله
ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عن ابن الأَعرابي. وظَهَر الشيءُ بالفتح،
ظُهُوراً: تَبَيَّن. وأَظْهَرْتُ الشيء: بَيَّنْته. والظُّهور: بُدُوّ الشيء
الخفيّ. يقال: أَظْهَرني الله على ما سُرِقَ مني أَي أَطلعني عليه. ويقال:
فلان لا يَظْهَرُ عليه أَحد أَي لا يُسَلِّمُ عليه أَحد. وقوله: إِن
يَظْهَرُوا عليكم؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثروُا. يقال: ظَهَرْت على الأَمر. وقوله
تعالى: يَعْلَمون ظاهِراً من الحياة الدنيا؛ أَي ما يتصرفون من معاشهم.
الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابن شميل: الظُّهَارِيَّة أَن
يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يقال: أَخذه الظُّهارِيَّةَ
والشَّغْزَبِيَّةَ بمعنًى.
والظُّهْرُ: ساعة الزوال، ولذلك قيل: صلاة الظهر، وقد يحذفون على
السَّعَة فيقولون: هذه الظُّهْر، يريدون صلاة الظهر. الجوهري: الظهر، بالضم،
بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر.
والظَّهِيرةُ: الهاجرة. يقال: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وحين قامَ قائم
الظَّهِيرة. وفي الحديث ذكر صلاة الظُّهْر؛ قال ابن الأَثير: هو اسم لنصف
النهار، سمي به من ظَهِيرة الشمس، وهو شدّة حرها، وقيل: أُضيفت إِليه
لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصلوات للأَبْصارِ، وقيل: أَظْهَرُها حَرّاً، وقيل:
لأَنها أَوَّل صلاة أُظهرت وصليت. وقد تكرر ذكر الظَّهِيرة في الحديث،
وهو شدّة الحرّ نصف النهار، قال: ولا يقال في الشتاء ظهيرة. ابن سيده:
الظهيرة حدّ انتصاف النهار، وقال الأَزهري: هما واحد، وقيل: إِنما ذلك في
القَيْظِ مشتق. وأَتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً أَي في الظهيرة، قال:
ومُظْهِراً، بالتخفيف، هو الوجه، وبه سمي الرجل مُظْهِراً. قال الأَصمعي: يقال
أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْراً بمعنى. ويقال: أَظْهَرْتَ يا رَجُلُ
إِذا دخلت في حدّ الظُّهْر. وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا في وقت الظُّهْر.
وأَظْهر القومُ: دخلوا في الظَّهِيرة. وأَظْهَرْنا. دخلنا في وقت الظُّهْر
كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا في الصَّباح والمَساء، ونجمع الظَّهيرة على
ظَهائِرَ. وفي حديث عمر: أَتاه رجل يَشْكُو النِّقْرِسَ فقال: كَذَبَتْكَ
الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي في الظَّهائِر في حَرِّ الهواجر. وفي التنزيل
العزيز: وحين تُظْهِرونَ؛ قال ابن مقبل:
وأَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ
يعني أَن السحاب أَتى هذا الموضع ظُهْراً؛ أَلا ترى أَن قبل هذا:
فأَضْحَى له جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ،
أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ من الوَبْلِ أَفْصَحُ
ويقال: هذا أَمرٌ ظاهرٌ عنك عارُه أَي زائل، وقيل: ظاهرٌ عنك أَي ليس
بلازم لك عَيْبُه؛ قال أَبو ذؤيب:
أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ
تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها
وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها،
وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها
ومعنى تحرَّق ناري بالشكاة أَي قد شاعَ خبرِي وخبرُها وانتشر بالشَّكاة
والذكرِ القبيح. ويقال: ظهرَ عني هذا العيبُ إِذا لم يَعْلَق بي ونبا
عَنِّي، وفي النهاية: إِذا ارتفع عنك ولم يَنَلْك منه شيء؛ وقيل لابن
الزبير: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً له بها؛ فقال متمثلاً:
وتلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها
أَراد أَن نِطاقَها لا يَغُصُّ منها ولا منه فيُعَيَّرا به ولكنه يرفعه
فيَزيدُه نُبْلاً. وهذا أَمْرء أَنت به ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عليه. وهذا
أَمر ظاهرٌ بك أَي غالب عليك.
والظِّهارُ من النساء، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، ومنها، مُظاهَرَةً
وظِهاراً إِذا قال: هي عليّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وقد تَظَهَّر منها وتَظاهَر،
وظَهَّرَ من امرأَته تَظْهِيراً كله بمعنى. وقوله عز وجل: والذين
يَظَّهَّرُون من نِسائهم؛ قُرئ: يظاهِرُون، وقرئ: يَظَّهَّرُون، والأَصل
يَتَظَهَّرُون، والمعنى واحد، وهو أَن يقول الرجل لامرأَته: أَنتِ عليّ
كظَهْر أُمِّي. وكانت العرب تُطلِّق نسارها في الجاهلية بهذه الكلمة، وكان
الظِّهارُ في الجاهلية طلاقاً فلما جاء الإِسلام نُهوا عنه وأُوجبَت
الكفَّارةُ على من ظاهَرَ من امرأَته، وهو الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ من
الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دون البطن والفَخذِ والفرج، وهذه أَولى
بالتحريم، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الركوب، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت،
فكأَنه إِذا قال: أَنت عليّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ للنكاح عليّ حرام
كركُوب أُمي للنكاح، فأَقام الظهر مُقامَ الركوب لأَنه مركوب، وأَقام
الركوبَ مُقام النكاح لأَن الناكح راكب، وهذا من لَطِيف الاستعارات
للكناية؛ قال ابن الأَثير: قيل أَرادوا أَنتِ عليّ كبطن أُمي أَي كجماعها،
فكَنَوْا بالظهر عن البطن للمُجاورة، قال: وقيل إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها
إِلى السماء كان حراماً عندهم، وكان أَهلُ المدينة يقولون: إِذا أُتِيت
المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جاء الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرجل
المُطَلِّق منهم إِلى التغليظ في تحريم امرأَته عليه شبَّهها بالظهر، ثم لم
يَقْنَعْ بذلك حتى جعلها كظَهْر أُمه؛ قال: وإِنما عُدِّي الظهارُ بمن
لأَنهم كانوا إِذا ظاهروا المرأَةَ تجَنّبُوها كما يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ
ويحترزون منها، فكان قوله ظاهَرَ من امرأَته أَي بعُد واحترز منها، كما
قيل: آلى من امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ معنى التباعد عدي بمن.
وفي كلام بعض فقهاء أَهل المدينة: إِذا استُحيضت المرأَةُ واستمرّ بها
الدم فإِنها تقعد أَيامها للحيض، فإِذا انقضت أَيَّامُها اسْتَظْهَرت
بثلاثة أَيام تقعد فيها للحيض ولا تُصلي ثم تغتسل وتصلي؛ قال الأَزهري: ومعنى
الاستظهار في قولهم هذا الاحتياطُ والاستيثاق، وهو مأْخوذ من
الظِّهْرِيّ، وهو ما جَعَلْتَه عُدَّةً لحاجتك، قال الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ
من الدواب عُدَّةً للحاجة إِليه احتياطٌ لأَنه زيادة على قدر حاجة صاحبِه
إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يكون معه حاجتُه من الرِّكاب لحمولته،
فيَحْتاطُ لسفره ويُعِدُّ بَعيراً أَو بعيرين أَو أَكثر فُرَّغاً تكون
مُعدَّةً لاحتمال ما انقَطَع من ركابه أَو ظَلَع أَو أَصابته آفة، ثم
يقال: استَظْهَر ببعيرين ظِهْرِيّيْنِ محتاطاً بهما ثم أُقيم الاستظهارُ
مُقامَ الاحتياط في كل شيء، وقيل: سمي ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه
جعلَه وراء ظَهْرِه فلم يركبه ولم يحمل عليه وتركه عُدّةً لحاجته إِن
مَسَّت إِليه؛ ومنه قوله عز وجل حكاية عن شعيب: واتَّخَذْتُمُوه وراءَكم
ظِهْرِيّاً. وفي الحديث: أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النخل أَن يَسْتَظْهِرُوا؛ أَي
يحتاطوا لأَرْبابها ويدَعُوا لهم قدرَ ما ينُوبُهم ويَنْزِل بهم من
الأَضْياف وأَبناءِ السبيل.
والظاهِرةُ من الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كلّ يوم نِصف النهار.
ويقال: إِبِلُ فلان تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يوم نصف النهار. وقال
شمر: الظاهرة التي تَرِدُ كلَّ يوم نصف النهار وتَصْدُرُ عند العصر؛ يقال:
شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كل يوم ظُهْراً. وظاهرةُ الغِبِّ:
هي للغنم لا تكاد تكون للإِبل، وظاهرة الغِبِّ أَقْصَرُ من الغِبِّ
قليلاً.
وظُهَيْرٌ: اسم. والمُظْهِرُ، بكسر الهاء: اسمُ رجل. ابن سيده:
ومُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان العرب وشُعرائهم. والظَّهْرانُ ومَرُّ
الظَّهْرانِ: موضع من منازل مكة؛ قال كثير:
ولقد حَلَفْتُ لها يَمِيناً صادقاً
بالله، عند مَحارِم الرحمنِ
بالراقِصات على الكلال عشيّة،
تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ
العَرْمَضُ ههنا: صغارُ الأَراك؛ حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة: وروى ابن
سيرين: أَن أَبا موسى كَسَا في كفّارة اليمين ثوبَينِ ظَهْرانِيّاً
ومُعَقَّداً؛ قال النضر: الظَّهْرانيّ ثوبٌ يُجاءُ به مِن مَرِّ الظَّهْرانِ،
وقيل: هو منسوب إِلى ظَهْران قرية من قُرَى البحرين. والمُعَقَّدُ:
بُرْدٌ من بُرود هَجَر، وقد تكرر ذكر مَرّ الظَّهْران، وهو واد بين مكة
وعُسْفان، واسم القرية المضافة إِليه مَرٌّ، بفتح الميم وتشديد الراء؛ وفي
حديث النابغة الجعدي أَنه أَنشده، صلى الله عليه وسلم:
بَلَغْنا السماءَ مَجْدُنا وسَناؤنا،
وإِنّا لَنَرْجُو فوق ذلك مَظْهَرا
فغَضِبَ وقال: إِلى أَين المَظْهرُ يا أَبا لَيْلى؟ قال: إِلى الجنة يا
رسول الله، قال: أَجَلْ إِن شاء الله. المَظْهَرُ: المَصْعَدُ. والظواهر:
موضع؛ قال كثير عزة:
عفَا رابِغٌ من أَهلِه فالظَّواهرُ،
فأَكْنافُ تُبْنى قد عَفَت، فالأَصافِرُ