لمحمد بن عادل، المعروف: بحافظ عجم، الرومي.
المتوفى: بها، في حدود سنة تسعمائة. (957).
رجع: رَجَع يَرْجِع رَجْعاً ورُجُوعاً ورُجْعَى ورُجْعاناً ومَرْجِعاً
ومَرْجِعةً: انصرف. وفي التنزيل: إِن إِلى ربك الرُّجْعى، أَي الرُّجوعَ
والمَرجِعَ، مصدر على فُعْلى؛ وفيه: إِلى الله مَرْجِعُكم جميعاً، أَي
رُجُوعكم؛ حكاه سيبويه فيما جاء من المصادر التي من فَعَلَ يَفْعِل على
مَفْعِل، بالكسر، ولا يجوز أَن يكون ههنا اسمَ المكان لأَنه قد تعدَّى بإِلى،
وانتصبت عنه الحالُ، واسم المكان لا يتعدَّى بحرف ولا تنتصب عنه الحال
إِلا أَنّ جُملة الباب في فَعَلَ يَفْعِل أَن يكون المصدر على مَفْعَل،
بفتح العين. وراجَع الشيءَ ورَجع إِليه؛ عن ابن جني، ورَجَعْته أَرْجِعه
رَجْعاً ومَرْجِعاً ومَرْجَعاً وأَرْجَعْتُه، في لغة هذيل، قال: وحكى أَبو
زيد عن الضََّّبِّيين أَنهم قرؤُوا: أَفلا يرون أَن لا يُرْجِع إِليهم
قولاً، وقوله عز وجل: قال رب ارْجِعُونِ لعلّي أَعمل صالحاً؛ يعني العبد
إِذا بعث يوم القيامة وأَبصر وعرف ما كان ينكره في الدنيا يقول لربه:
ارْجِعونِ أَي رُدُّوني إِلى الدنيا، وقوله ارجعون واقع ههنا ويكون لازماً
كقوله تعالى: ولما رَجَع موسى إِلى قومه؛ ومصدره لازماً الرُّجُوعُ، ومصدره
واقعاً الرَّجْع. يقال: رَجَعْته رَجْعاً فرجَع رُجُوعاً يستوي فيه لفظ
اللازم والواقع.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: من كان له مال يُبَلِّغه حَجَّ بيتِ
الله أَو تَجِب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأَل الرَّجعةَ عند الموت أَي
سأَل أَن يُرَدّ إِلى الدنيا ليُحْسن العمل ويَسْتَدْرِك ما فات.
والرَّجْعةُ: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فِرَق
المسلمين من أَُولي البِدَع والأَهْواء، يقولون: إِن الميت يَرْجِعُ إِلى
الدنيا ويكون فيها حيّاً كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرَّافضة يقولون:
إِنَّ عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه، مُسْتتِر في السحاب فلا يخرج مع
من خرج من ولده حتى ينادِيَ مُنادٍ من السماء: اخرج مع فلان، قال: ويشهد
لهذا المذهب السوء قوله تعالى: حتى إِذا جاء أَحدَهم الموتُ قال رب
ارجعون لعلي أَعمل صالحاً فيما تركت؛ يريد الكفار. وقوله تعالى: لعلّهم
يَعْرِفونها إِذا انقلبوا إِلى أَهلهم لعلهم يرجعون، قال: لعلهم يرجعون أَي
يَرُدُّون البِضاعةَ لأَنها ثمن ما اكتالوا وأَنهم لا يأْخذون شيئاً إِلا
بثمنه، وقيل: يرجعون إِلينا إِذا عَلِموا أَنّ ما كِيلَ لهم من الطعام
ثمنه يعني رُدّ إِليهم ثمنه، ويدل على هذا القول قوله: ولما رجعوا إِلى
أَبيهم قالوا يا أَبانا ما نَبْغي هذه بِضاعتنا. وفي الحديث: أَنه نَفَّل في
البَدْأَة الرُّبع وفي الرَّجْعة الثلث؛ أَراد بالرَّجعة عَوْدَ طائفةٍ
من الغُزاة إِلى الغَزْو بعد قُفُولهم فَيُنَفِّلهم الثلث من الغنيمة
لأَنّ نهوضهم بعد القفول أَشق والخطر فيه أَعظم. والرَّجْعة: المرة من
الرجوع. وفي حديث السّحُور: فإِنه يُؤذِّن بليل ليَرْجِعَ قائمَكم ويُوقِظَ
نائمكم؛ القائم: هو الذي يصلي صلاة الليل. ورُجُوعُه عَوْدُه إِلى نومه أَو
قُعُوده عن صلاته إِذا سمع الأَذان، ورَجع فعل قاصر ومتَعَد، تقول:
رَجَعَ زيد ورَجَعْته أَنا، وهو ههنا متعد ليُزاوج يُوقِظ، وقوله تعالى: إِنه
على رَجْعه لقادر؛ قيل: إِنه على رَجْع الماء إِلى الإِحْليل، وقيل إِلى
الصُّلْب، وقيل إِلى صلب الرجل وتَرِيبةِ المرأَة، وقيل على إِعادته
حيّاً بعد موته وبلاه لأَنه المبدئ المُعيد سبحانه وتعالى، وقيل على بَعْث
الإِنسان يوم القيامة، وهذا يُقوّيه: يوم تُبْلى السّرائر؛ أَي قادر على
بعثه يوم القيامة، والله سبحانه أَعلم بما أَراد.
ويقال: أَرجع اللهُ همَّه سُروراً أَي أَبدل همه سروراً. وحكى سيبويه:
رَجَّعه وأَرْجَعه ناقته باعها منه ثم أَعطاه إِياها ليرجع عليها؛ هذه عن
اللحياني. وتَراجَع القومُ: رَجعُوا إِلى مَحَلِّهم.
ورجّع الرجلُ وتَرجَّع: رَدَّدَ صوته في قراءة أَو أَذان أَو غِناء أَو
زَمْر أَو غير ذلك مما يترنم به. والترْجيع في الأَذان: أَن يكرر قوله
أَشهد أَن لا إِله إِلاَّ الله، أَشهد أَن محمداً رسول الله. وتَرْجيعُ
الصوت: تَرْدِيده في الحَلق كقراءة أَصحاب الأَلحان. وفي صفة قراءته، صلى
الله عليه وسلم، يوم الفتح: أَنه كان يُرَجِّع؛ الترجِيعُ: ترديد القراءة،
ومنه ترجيع الأَذان، وقيل: هو تَقارُب ضُروب الحركات في الصوت، وقد حكى
عبد الله بن مُغَفَّل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آء آء آء. قال ابن
الأَثير: وهذا إِنما حصل منه، والله أَعلم، يوم الفتح لأَنه كان راكباً
فجعلت الناقة تُحرِّكه وتُنَزِّيه فحدَثَ الترجِيعُ في صوته. وفي حديث
آخر: غير أَنه كان لا يُرَجِّع، ووجهه أَنه لم يكن حينئذ راكباً فلم يَحْدُث
في قراءته الترجيع. ورجَّع البعيرُ في شِقْشِقَته: هَدَر. ورجَّعت
الناقةُ في حَنِينِها: قَطَّعَته، ورجَّع الحمَام في غِنائه واسترجع كذلك.
ورجّعت القَوْسُ: صوَّتت؛ عن أَبي حنيفة. ورجَّع النقْشَ والوَشْم والكتابة:
ردَّد خُطُوطها، وترْجيعها أَن يُعاد عليها السواد مرة بعد أُخرى. يقال:
رجَّع النقْشَ والوَشْم ردَّد خُطوطَهما. ورَجْعُ الواشِمة: خَطُّها؛
ومنه قول لبيد:
أَو رَجْع واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورها
كِفَفاً، تعرَّضَ فَوْقهُنَّ وِشامُها
وقال الشاعر:
كتَرْجيعِ وَشْمٍ في يَدَيْ حارِثِيّةٍ،
يَمانِية الأَسْدافِ، باقٍ نَؤُورُها
وقول زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
هو جمع المَرْجُوع وهو الذي أُعِيد سواده. ورَجَع إِليه: كَرَّ. ورَجَعَ
عليه وارْتَجَع: كرَجَعَ. وارْتَجَع على الغَرِيم والمُتَّهم: طالبه.
وارتجع إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثعلب:
أَمُرْتَجِعٌ لي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ،
وأَيامِ ذي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟
وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نفسه بعد
الطلاق، والاسم الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يقال: طلَّق فلان فلانة طلاقاً
يملك فيه الرَّجْعة والرِّجْعةَ، والفتح أَفصح؛ وأَما قول ذي الرمة يصف
نساء تَجَلَّلْنَ بجَلابيبهن:
كأَنَّ الرِّقاقَ المُلْحَماتِ ارْتَجَعْنَها
على حَنْوَةِ القُرْيانِ ذاتِ الهَمَائِم
أَراد أَنهن ردَدْنها على وجُوه ناضِرة ناعِمة كالرِّياض.
والرُّجْعَى والرَّجِيعُ من الدوابّ، وقيل من الدواب ومن الإِبل: ما
رَجَعْتَه من سفر إِلى سفر وهو الكالُّ، والأُنثى رَجِيعٌ ورَجِيعة؛ قال
جرير:
إِذا بَلَّغَت رَحْلي رَجِيعٌ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالموماةِ، ثم ارْتِحالِيا
وقال ذو الرمة يصف ناقة:
رجِيعة أَسْفارٍ، كأَنَّ زِمامَها
شُجاعٌ لدى يُسْرَى الذِّراعَينِ مُطْرِق
وجمعُهما معاً رَجائع؛ قال معن بن أَوْس المُزَني:
على حينَ ما بي مِنْ رِياضٍ لصَعْبةٍ،
وبَرَّحَ بي أَنْقاضُهُن الرَّجائعُ
كنَى بذلك عن النساء أَي أَنهن لا يُواصِلْنه لِكِبَره، واستشهد
الأَزهري بعجز هذا البيت وقال: قال ابن السكيت: الرَّجِيعةُ بعير ارْتَجعْتَه
أَي اشترَيْتَه من أَجْلاب الناس ليس من البلد الذي هو به، وهي الرَّجائع؛
وأَنشد:
وبَرَّحَ بي أَنقاضُهن الرَّجائع
وراجَعت الناقة رِجاعاً إِذا كانت في ضرب من السير فرَجعت إِلى سَير
سِواه؛ قال البَعِيث يصف ناقته:
وطُول ارْتِماء البِيدِ بالبِيدِ تَعْتَلي
بها ناقتي، تَخْتَبُّ ثُمَّ تُراجِعُ
وسَفَر رَجيعٌ: مَرْجُوع فيه مراراً؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال للإِياب
من السفَر: سفَر رَجِيع؛ قال القُحَيْف:
وأَسْقِي فِتْيةً ومُنَفَّهاتٍ،
أَضَرَّ بِنِقْيِها سَفَرٌ رَجِيعُ
وفلان رِجْعُ سفَر ورَجِيعُ سفَر. ويقال: جعلها الله سَفْرة مُرْجِعةً.
والمُرْجِعةُ: التي لها ثَوابٌ وعاقبة حَسَنة.
والرَّجْع: الغِرْس يكون في بطن المرأَة يخرج على رأْس الصبي.
والرِّجاع: ما وقع على أَنف البعير من خِطامه. ويقال: رَجَعَ فلان على
أَنف بعيره إِذا انفسخ خَطْمُه فرَدَّه عليه، ثم يسمى الخِطامُ رِجاعاً.
وراجَعه الكلامَ مُراجَعةً ورِجاعاً: حاوَرَه إِيَّاه. وما أَرْجَعَ
إِليه كلاماً أَي ما أَجابَه. وقوله تعالى: يَرْجِعُ بعضُهم إِلى بعض القول؛
أَي يَتَلاوَمُونَ. والمُراجَعَة: المُعاوَدَةُ. والرَّجِيعُ من الكلام:
المَرْدُودُ إِلى صاحبه.
والرَّجْعُ والرَّجِيعُ: النَّجْوُ والرَّوْثُ وذو البَطن لأَنه رَجَع
عن حاله التي كان عليها. وقد أَرْجَعَ الرجلُ. وهذا رَجِيعُ السَّبُع
ورَجْعُه أَيضاً يعني نَجْوَه. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُسْتَنْجَى
بِرَجِيعٍ أَو عَظْم؛ الرَّجِيعُ يكون الرَّوْثَ والعَذِرةَ جَميعاً، وإِنما سمي
رَجِيعاً لأَنه رَجَع عن حاله الأُولى بعد أَن كان طعاماً أَو علَفاً
أَو غير ذلك. وأَرْجَع من الرَّجِيع إِذا أَنْجَى. والرَّجِيعُ: الجِرَّةُ
لِرَجْعِه لها إِلى الأَكل؛ قال حميد بن ثَوْر الهِلالي يَصِف إِبلاً
تُرَدِّد جِرَّتها:
رَدَدْنَ رَجِيعَ الفَرْثِ حتى كأَنه
حَصى إِثْمِدٍ، بين الصَّلاءِ، سَحِيقُ
وبه فسر ابن الأَعرابي قول الراجز:
بَمْشِينَ بالأَحْمال مَشْيَ الغِيلانْ،
فاسْتَقْبَلَتْ ليلةَ خِمْسٍ حَنّانْ،
تَعْتَلُّ فيه بِرَجِيعِ العِيدانْ
وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قول أَو فعل، فهو رَجِيع؛ لأَن معناه مَرْجُوع
أَي مردود، ومنها سموا الجِرَّة رَجِيعاً؛ قال الأَعشى:
وفَلاةٍ كأَنَّها ظَهْر تُرْسٍ،
ليس إِلاّ الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
يقول لا تَجِد الإِبل فيها عُلَقاً إِلاَّ ما تُرَدِّدُه من جِرَّتها.
الكسائي: أَرْجَعَتِ الإِبلُ إِذا هُزِلَت ثم سَمِنت. وفي التهذيب: قال
الكسائي إِذا هُزِلَت الناقة قيل أَرْجَعت. وأَرجَعَت الناقة، فهي مُرْجِع:
حَسُنت بعد الهُزال. وتقول: أَرْجَعْتُك ناقة إِرْجاعــاً أَي
أَعطيْتُكَها لتَرْجِع عليها كما تقول أَسْقَيْتُك إِهاباً. والرَّجيعُ: الشِّواء
يُسَخَّن ثانية؛ عن الأَصمعي، وقيل: كلُّ ما رُدِّد فهو رَجِيع، وكلُّ طعام
بَرَد فأُعِيد إِلى النار فهو رَجِيع. وحبْل رَجِيع: نُقض ثم أُعِيد
فَتْلُه، وقيل: كلُّ ما ثَنَيْتَه فهو رَجِيع. ورَجِيعُ القول: المكروه.
وتَرَجَّع الرجل عند المُصِيبة واسْتَرْجَع: قال إِنّا لله وإِنا إِليه
راجعون. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَنه حين نُعي له قُثَم
استرجع أَي قال إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، وكذلك الترجيع؛ قال جرير:
ورَجَّعْت من عِرْفانِ دار، كأَنَّها
بَقِيّةُ وَشْمٍ في مُتُون الأَشاجِعِ
(* في ديوان جرير: من عِرفانِ رَبْع كأنّه، مكانَ: من عِرفانِ دارٍ
كأنّها.)
واسْتَرْجَعْت منه الشيءَ إِذا أَخذْت منه ما دَفَعْته إِليه،
والرَّجْع: رَدّ الدابة يديها في السير ونَحْوُه خطوها. والرَّجْع: الخطو.
وتَرْجِيعُ الدابة يدَيْها في السير: رَجْعُها؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
يَعْدُو به نَهْشُ المُشاشِ، كأَنّه
صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لا يَظْلَعُ
(* قوله «نهش المشاش» تقدم ضبطه في مادتي مشش ونهش: نهش ككتف.)
نَهْشُ المُشاشِ: خَفيفُ القوائم، وصفَه بالمصدر، وأَراد نَهِش القوائم
أَو مَنْهُوش القوائم. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه قال
للجَلاَّد: اضْرِب وارجِعْ يدك؛ قيل: معناه أَن لا يرفع يده إِذا أَراد الضرب
كأَنه كان قد رفَع يده عند الضرب فقال: ارْجِعْها إِلى موضعها. ورَجْعُ
الجَوابِ ورَجْع الرَّشْقِ في الرَّمْي: ما يَرُدُّ عليه.
والرَّواجِعُ: الرِّياح المُخْتلِفَةُ لمَجِيئها وذَهابها.
والرَّجْعُ والرُّجْعَى والرُّجْعان والمَرْجُوعَةُ والمَرْجُوعُ: جواب
الرسالة؛ قال يصف الدار:
سأَلْتُها عن ذاك فاسْتَعْجَمَتْ،
لم تَدْرِ ما مَرْجُوعةُ السَّائلِ
ورُجْعان الكتاب: جَوابه. يقال: رجَع إِليَّ الجوابُ يَرْجِعُ رَجْعاً
ورُجْعاناً. وتقول: أَرسلت إِليك فما جاءني رُجْعَى رِسالتي أَي
مَرْجُوعها، وقولهم: هل جاء رُجْعةُ كتابك ورُجْعانُه أَي جوابه، ويجوز رَجْعة،
بالفتح. ويقال: ما كان من مَرْجُوعِ أَمر فلان عليك أَي من مَردُوده
وجَوابه. ورجَع إِلى فلان من مَرْجوعِه كذا: يعني رَدّه الجواب. وليس لهذا
البيع مَرْجُوع أَي لا يُرْجَع فيه. ومتاع مُرْجِعٌ: له مَرْجُوع. ويقال:
أَرْجَع الله بَيْعة فلان كما يقال أَرْبَح الله بَيْعَته. ويقال: هذا
أَرْجَعُ في يَدِي من هذا أَي أَنْفَع، قال ابن الفرج: سمعت بعض بني سليم
يقول: قد رجَع كلامي في الرجل ونَجَع فيه بمعنى واحد. قال: ورَجَع في الدابّة
العَلَفُ ونَجَع إِذا تَبيّن أَثَرُه. ويقال: الشيخ يَمْرض يومين فلا
يَرْجِع شَهراً أَي لا يَثُوب إِليه جسمه وقوّته شهراً. وفي النوادر: يقال
طَعام يُسْتَرْجَعُ عنه، وتَفْسِير هذا في رِعْي المال وطَعام الناس ما
نَفَع منه واسْتُمْرِئَ فسَمِنُوا عنه.
وقال اللحياني: ارْتَجَع فلان مالاً وهو أَن يبيع إِبله المُسِنة
والصغار ثم يشتري الفَتِيّة والبِكار، وقيل: هو أَن يبيع الذكور ويشتري
الإِناث؛ وعمَّ مرة به فقال: هو أَن يبيع الشيء ثم يشتري مكانه ما يُخَيَّل
إِليه أَنه أَفْتى وأَصلح.
وجاء فلان بِرِجْعةٍ حَسَنةٍ أَي بشيء صالح اشتراه مكان شيء طالح، أَو
مَكان شيء قد كان دونه، وباع إِبله فارْتَجع منها رِجْعة صالحة ورَجْعةً:
رَدّها. والرِّجْعةُ والرَّجْعة: إِبل تشتريها الأَعراب ليست من نتاجهم
وليست عليها سِماتُهم. وارْتَجَعها: اشتراها؛ أَنشد ثعلب:
لا تَرْتَجِعْ شارفاً تَبْغِي فَواضِلَها،
بدَفِّها من عُرى الأَنْساعِ تَنْدِيبُ
وقد يجوز أَن يكون هذا من قولهم: باع إِبله فارتجع منها رِجْعة صالحة،
بالكسر، إِذا صرف أَثْمانها فيما تَعود عليه بالعائدة الصالحة، وكذلك
الرِّجْعة في الصدقة، وفي الحديث: أَنه رأَى في إِبل الصدقة ناقة كَوْماء
فسأَل عنها المُصَدِّق فقال: إِني ارْتَجَعْتها بإِبل، فسكت؛ الارْتِجاعُ:
أَن يَقدُم الرجل المصر بإِبله فيبيعها ثم يشتري بثمنها مثلها أَو غيرها،
فتلك الرِّجعة، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: وكذلك هو في الصدقة إِذا وجب على
رَبّ المال سِنّ من الإِبل فأَخذ المُصَدِّقُ مكانها سنّاً أُخرى فوقها
أَو دونها، فتلك التي أَخَذ رِجْعةٌ لأَنه ارتجعها من التي وجبت له؛ ومنه
حديث معاوية: شكت بنو تَغْلِبَ إِليه السنة فقال: كيف تَشْكُون الحاجةَ
مع اجْتِلاب المِهارة وارْتجاعِ البِكارة؟ أَي تَجْلُبون أَولاد الخيل
فتَبِيعُونها وترجعون بأَثمانها؛ البكارة للقِنْية يعني الإِبل؛ قال الكميت
يصف الأَثافي:
جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفاتٌ على الـ
أَوْرَقِ، لا رِجْعةٌ ولا جَلَبُ
قال: وإِن ردَّ أَثمانها إِلى منزله من غير أَن يشتري بها شيئاً فليست
برِجْعة. وفي حديث الزكاة: فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما بالسَّويّة؛
التَّراجُع بين الخليطين أَن يكون لأَحَدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون،
ومالُهما مُشتَرَك، فيأْخذ العامل عن الأَربعين مُسنة، وعن الثلاثين
تَبيعاً، فيرجع باذِلُ المسنة بثلاثة أَسْباعها على خَليطه، وباذلُ
التَّبِيع بأَربعة أَسْباعِه على خَلِيطه، لأَن كل واحد من السنَّين واجب على
الشُّيوعِ كأَن المال ملك واحد، وفي قوله بالسوية دليل على أَن الساعي إِذا
ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على فرْضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه،
وإِنما يَغْرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة؛ ومن أَنواع
التراجع أَن يكون بين رجلين أَربعون شاة لكل واحد عشرون، ثم كل واحد منهما
يعرف عين ماله فيأْخذ العاملُ من غنم أَحدهما شاة فيرجع على شريكه بقيمة
نصف شاة، وفيه دليل على أَن الخُلْطة تصح مع تمييز أَعيان الأَموال عند من
يقول به. والرِّجَع أَيضاً: أَن يبيع الذكور ويشتري الإِناث كأَنه مصدر
وإِن لم يصح تَغْييرُه، وقيل: هو أَن يبيع الهَرْمى ويشتري البِكارة؛ قال
ابن بري: وجمع رِجْعةٍ رِجَعٌ، وقيل لحَيّ من العرب: بمَ كثرت أَموالكم؟
فقالوا: أَوصانا أَبونا بالنُّجَع والرُّجَع، وقال ثعلب: بالرِّجَع
والنِّجَع، وفسره بأَنه بَيْع الهَرْمى وشراء البِكارة الفَتِيَّة، وقد فسر
بأَنه بيع الذكور وشراء الإِناث، وكلاهما مما يَنْمي عليه المال. وأَرجع
إِبلاً: شَراها وباعَها على هذه الحالة.
والرّاجعةُ: الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها، فالثانية راجعة ورَجِيعة،
قال علي بن حمزة: الرَّجيعة أَن يباع الذكور ويشترى بثمنه الأُنثى،
فالأُنثى هي الرَّجيعة، وقد ارتجعتها وترَجَّعْتها ورَجَعْتها. وحكى
اللحياني:جاءت رِجْعةُ الضِّياع، ولم يفسره، وعندي أَنه ما تَعُود به على صاحبها
من غلَّة.
وأَرْجَع يده إِلى سيفه ليستَلّه أَو إِلى كِنانته ليأْخذَ سهماً:
أَهْوى بها إِليها؛ قال أَبو ذؤيب:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائغاً
عنه، فعَيَّثَ في الكِنانةِ يُرْجِعُ
وقال اللحياني: أَرْجَع الرجلُ يديه إِذا رَدّهما إِلى خلفه ليتناوَل
شيئاً، فعمّ به. ويقال: سيف نَجِيحُ الرَّجْعِ إِذا كان ماضِياً في
الضَّريبة؛ قال لبيد يصف السيف:
بأَخْلَقَ مَحْمودٍ نَجِيحٍ رَجِيعُه
وفي الحديث: رَجْعةُ الطلاق في غير موضع، تفتح راؤه وتكسر، على المرة
والحالة، وهو ارْتِجاع الزوجة المطلَّقة غير البائنة إِلى النكاح من غير
استئناف عقد.
والرَّاجِعُ من النساء: التي مات عنها زوجها ورجعت إِلى أَهلها، وأَمّا
المطلقة فهي المردودة. قال الأَزهري: والمُراجِعُ من النساء التي يموت
زوجها أَو يطلقها فتَرجِع إِلى أَهلها، ويقال لها أَيضاً راجع. ويقال
للمريض إِذا ثابَتْ إِليه نفْسه بعد نُهوك من العِلَّة: راجع. ورجل راجع إِذا
رجعت إِليه نفسه بعد شدَّة ضَنىً.
ومَرْجِعُ الكتف ورَجْعها: أَسْفَلُها، وهو ما يلي الإِبط منها من جهة
مَنْبِضِ القلب؛ قال رؤبة:
ونَطْعَن الأَعْناق والمَراجِعا
يقال: طعَنه في مَرْجِع كتفيه. ورَجَع الكلب في قَيْئه: عاد فيه.
وهو يُؤمِن بالرِّجْعة، وقالها الأَزهري بالفتح، أَي بأَنّ الميت يَرْجع
إِلى الدنيا بعد الموت قبل يوم القيامة. وراجَع الرجلُ: رجَع إِلى خير
أَو شر. وتَراجعَ الشيء إِلى خلف.
والرِّجاعُ: رُجوع الطير بعد قِطاعها. ورَجَعَت الطير رُجوعاً ورِجاعاً:
قَطعت من المواضع الحارَّة إِلى البارِدة. وأَتانٌ راجِعٌ وناقة راجِع
إِذا كانت تَشُول بذنبها وتجمع قُطْرَيْها وتُوَزِّع ببولها فتظن أَنّ بها
حَمْلاً ثم تُخْلِف. ورجَعت الناقةُ تَرْجع رِجاعاً ورُجوعاً، وهي
راجِع: لَقِحت ثم أَخْلَفت لأَنها رجَعت عما رُجِيَ منها، ونوق رَواجِعُ،
وقيل: إِذا ضربها الفَحل ولم تَلْقَح، وقيل: هي إِذا أَلقت ولدها لغير تمام،
وقيل: إِذا نالت ماء الفحل، وقيل: هو أَن تطرحه ماء. الأَصمعي: إِذا
ضُربت الناقة مراراً فلم تَلْقَح فهي مُمارِنٌ، فإِن ظهر لهم أَنها قد لَقِحت
ثم لم يكن بها حَمل فهي راجِع ومُخْلِفة. وقال أَبو زيد: إِذا أَلقت
الناقة حملها قبل أَن يَستبِين خلقه قيل رَجَعَت تَرْجِعُ رِجاعاً؛ وأَنشد
أَبو الهيثم للقُطامي يصف نجِيبة لنَجِيبَتَين
(* قوله: نجيبة لنجيبتين،
هكذا في الأصل.):
ومن عيْرانةٍ عَقَدَتْ عليها
لَقاحاً ثم ما كَسَرَتْ رِجاعا
قال: أَراد أَن الناقة عقدَت عليها لَقاحاً ثم رمت بماء الفحل وكسرت
ذنبها بعدما شالَت به؛ وقول المرّار يَصِف إِبلاً:
مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَتْ في لَيْلها أُمّ حائلِ
بُسْطٌ: مُخَلاَّةٌ على أَولادها بُسِطَت عليها لا تُقْبَض عنها.
مُتْئمات: معها ابن مَخاض. وحُوار رَواجِعُ: رجعت على أَولادها. ويقال: رواجِعُ
نُزَّعٌ. أُم حائل: أُمُّ ولدِها الأُنثى.
والرَّجِيعُ: نباتُ الربيع. والرَّجْعُ والرجيعُ والراجعةُ: الغدير
يتردَّد فيه الماء؛ قال المتنخل الهُذلي يصف السيف:
أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ، إِذا
ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
وقال أَبو حنيفة: هي ما ارْتَدّ فيه السَّيْل ثم نَفَذَ، والجمع رُجْعان
ورِجاع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعارَضَ أَطْرافَ الصَّبا وكأَنه
رِجاعُ غَدِيرٍ، هَزَّه الريحُ، رائِعُ
وقال غيره: الرِّجاع جمع ولكنه نعته بالواحد الذي هو رائع لأَنه على لفظ
الواحد كما قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى،
رَقَدْنَ عليهِن السِّجالُ المُسَدَّفُ
(* قوله «السجال المسدف» كذا بالأصل هنا، والذي في غير موضع وكذا
الصحاح: الحجال المسجف.)
وإِنما قال رِجاعُ غدير ليَفْصِله من الرِّجاع الذي هو غير الغدير، إِذ
الرجاع من الأَسماء المشتركة؛ قال الآخر:
ولو أَنّي أَشاء، لكُنْتُ منها
مَكانَ الفَرْقَدَيْن من النُّجومِ
فقال من النجوم ليُخَلِّص معنى الفَرقدين لأَن الفرقدين من الأَسماء
المشتركة؛ أَلا ترى أَنَّ ابن أَحمر لما قال:
يُهِلُّ بالفَرقدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
ولم يُخَلِّص الفَرْقَد ههنا اختلفوا فيه فقال قوم: إِنه الفَرْقَد
الفَلَكي، وقال آخرون: إِنما هو فرقد البقرة وهو ولدها. وقد يكون الرِّجاعُ
الغَدير الواحد كما قالوا فيه الإِخاذ، وأَضافه إِلى نفسه ليُبَيِّنه
أَيضاً بذلك لأَن الرِّجاع كان واحداً أَو جمعاً، فهو من الأَسماء المشتركة،
وقيل: الرَّجْع مَحْبِس الماء وأَما الغدير فليس بمحبس للماء إِنما هو
القِطعة من الماء يُغادِرها السَّيْلُ أَي يتركها. والرَّجْع: المطر لأَنه
يرجع مرة بعد مرة. وفي التنزيل: والسماء ذاتِ الرَّجْع، ويقال: ذات
النفْع، والأَرض ذات الصَّدْع؛ قال ثعلب: تَرْجع بالمطر سنة بعد سنة، وقال
اللحياني: لأَنها ترجع بالغيث فلم يذكر سنة بعد سنة، وقال الفراء: تبتدئ
بالمطر ثم ترجع به كل عام، وقال غيره: ذاتِ الرجع ذات المطر لأَنه يجيء
ويرجع ويتكرّر.
والراجِعةُ: الناشِغةُ من نَواشِغ الوادي. والرُّجْعان: أَعالي التِّلاع
قبل أَن يجتمع ماء التَّلْعة، وقيل: هي مثل الحُجْرانِ، والرَّجْع عامة
الماء، وقيل: ماء لهذيل غلب عليه. وفي الحديث ذكر غَزوة الرَّجيعِ؛ هو
ماء لهُذَيْل. قال أَبو عبيدة: الرَّجْع في كلام العرب الماء، وأَنشد قول
المُتَنَخِّل: أَبيض كالرَّجْع، وقد تقدم: الأَزهري: قرأْت بخط أَبي
الهيثم حكاه عن الأَسدي قال: يقولون للرعد رَجْع. والرَّجِيعُ: العَرَق، سمي
رَجيعاً لأَنه كان ماء فعاد عرَقاً؛ وقال لبيد:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ
رَجِيعاً، في المَغَابنِ، كالعَصِيمِ
أَراد العَرَقَ الأَصفر شبَّهه بعصيم الحِنَّاء وهو أَثره. ورَجِيعُ:
اسم ناقة جرير؛ قال:
إِذا بلَّغتْ رَحْلي رَجِيعُ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالمَوْماةِ ثم ارْتحاليا
(* ورد هذا البيت سابقاً في هذه المادة، وقد صُرفت فيه رجيع فنُوّنت،
أما هنا فقد منعت من الصرف.)
ورَجْعٌ ومَرْجَعةُ: اسمان.
فخم: فَخُم الشيءُ يَفْخُم فَخامة وهو فَخْم: عَبُلَ، والأُنثى فَخْمة.
وفَخُم الرجل، بالضم، فَخامة أي ضَخُم. ورجل فَخْم أي عظيم القدر.
وفَخَّمه وتَفَخَّمه: أجَلَّه وعظَّمه؛ قال كثير عزة:
فأنْتَ، إذا عُدَّ المَكارم، بَيْنَه
وبَينَ ابنِ حَرْبٍ ذِي النُّهى المُتَفَخِّم
والتَّفْخِيم: التعظيم. وفَخَّم الكلام: عظَّمه. ومنطق فَخْم: جَزَل،
على المثل، وكذلك حسَبٌ فَخْم؛ قال:
دَعْ ذا وبَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجَا
فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا
وروي في حديث أبي هالة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان فَخْماً
مُفَخَّماً أَي عظيماً مُعَظَّماً في الصدور والعيون، ولم تكن خِلْقته في
جسمه الضخامة، وقيل: الفَخامة في وجهه نُبْلُه وامْتِلاؤه مع الجمال
والمهابة. وأتيْنا فلاناً فَفَخَّمْناه أي عَظَّمْناه ورفعنا من شأْنه؛ قال
رؤبة:نَحْمَدُ مَوْلانا الأجَلَّ الأفْخَما
والفَيْخَمانُ: الرئيس المُعظَّم الذي يُصدَر عن رأْيه ولا يُقطع أمرٌ
دونه. أبو عبيد: الفَخامة في الوجه نُبله وامْتِلاؤه. ورجل فَخْم: كثير
لحم الوَجْنَتين. والتفخيم في الحروف ضد الإمالة. وألف التفخيم: هي التي
تجدها بين الألف والواو كقولك سلام عليكم وقامَ زيد، وعلى هذا كتبوا الصلوة
والزكوة والحيوة، كل ذلك بالواو لأن الألف مالت نحو الواو، وهذا كما
كتبوا إحديهما وسويهن بالياء لمكان إمالة الفتحة قبل الألف إلى الكسرة.
خلف: الليث: الخَلْفُ ضدّ قُدّام. قال ابن سيده: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام
مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً، فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب،
وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها. وقوله تعالى: يعلم ما بينَ أَيديهم
وما خَلْفَهم؛ قال الزجاج: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم
من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون. وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اتَّقُوا ما
بين أَيديكم وما خَلْفكم؛ ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم،
وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم ما نزل
بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم عذابُ الآخرة.
وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه.
واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جعله خَلْفَه؛ قال النابغة:
حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً،
ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فلان أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وفي حديث عبد
اللّه بن عتبة قال: جئتُ في الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب، رضي اللّه عنه،
يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني، فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ،
فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه؛ قال أَبو منصور: قوله فأَخلفني أَي رَدَّني إلى
خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه بحِذاء يمينه. يقال:
أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه. ابن السكيت: أَلْحَحْتُ على
فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي؛ قال اللحياني: هو
يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وفي حديث سعد: أَتَخَلَّفُ عن
هِجْرتي؛ يريد خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى، وهاجَرُوا
إلى المدينة فلم يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها، وكان يومئذ مريضاً.
والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وفي حديث سعد: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا، والحديث الآخر: حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ
بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم وراءه؛ ومنه
الحديث: سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا تقدَّم
بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ.
وفي الحديث: لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين
وُجُوهِكم؛ يريد أَنَّ كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم
التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ الـمَوَدَّةٍ
والأُلْفةِ، وقيل: أَراد بها تحويلَها إلى الأَدْبارِ، وقيل: تغيير صُوَرِها إلى
صُوَرٍ أُخرى. وفي حديث الصلاة: ثم أُخالِفَ إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم
بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم، أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من إقامةِ الصلاةِ
وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ، ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن الصلاة
بمُعاقبتهم. وفي حديث السَّقِيفةِ: وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي
تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت؛ يقال: وراء بيتك
خَلْفُ جيّد، وهو المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل؛ قال الشاعر:
وجِيئا مِنَ البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
(* قوله «وجيئا إلخ» تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا من الباب المجاف تواتراً * وان تقعدا بالخلف
فالخلف واسع.)
وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه. وجاء
خِلافَه أَي بعده. وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً،
وخِلافك.
والخِلْفةُ: ما عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وقال:
كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ الـمَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً
أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كذلك. والإخْلافُ: أَن يَضْرِبَ
الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إذا رأَى عدوًّا. الجوهري:
أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه. وفي حديث عبد
الرحمن بن عوف: أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر
(* قوله «اخلف السيف يوم
إلخ» كذا بالأصل، والذي في النهاية مع اصلاح فيها: وفي حديث عبدالرحمن بن
عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر. يقال إلخ.). يقال:
أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ. ويقال: خَلَفَ
له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه . وفي الحديث: فأَخْلَفَ بيده وأَخذ
يدفع الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه.
وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً.
وفي التنزيل العزيز: وقال موسى لأَخِيه هرون اخْلُفْني في قَوْمي.
وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده.
ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا
جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جعله خليفة.
والخَلِيفةُ: الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، جاؤوا به على
الأصل مثل كريمةٍ وكرائِمَ، وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء، وأَما سيبويه
فقال خَلِيفةٌ وخُلَفاء، كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا
للمذكر؛ هذا نقل ابن سيده. وقال غيره: فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء، قال
ابن سيده: وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً، وقد حكاه
أَبو حاتم؛ وأَنشد لأَوْس بن حَجَر:
إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ،
وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافةٌ: الإمارةُ وهي الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ
الخِلافةِ والخِلِّيفى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لولا الخِلِّيفَى
لأَذَّنْتُ، وفي رواية: لو أَطَقْتُ الأَذَان مع الخِلّيفى، بالكسر والتشديد
والقَصْر، الخِلافةِ، وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا
والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتِهاده في ضَبْطِ أُمورِ
الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال
للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داودُ إنَّا جَعَلْناك
خَلِيفةً في الأرض. وقال غيره: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وقد يؤنَّثُ؛
وأَنشد الفراء:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى،
وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قال: ولدته أُخْرَى لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ،
وقال الفراء في قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض، قال: جعل أُمة
محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم، قال: وقيل خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم
بعضاً؛ ابن السكيت: فإنه وقَعَ للرجال خاصّة، والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على
معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، أَلا تَرَى أَنهم قد
جمعوه خُلفاء؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير، وقد جُمعَ خَلائفَ، فمن قال
خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ، فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة
يذهب به إلى اللفظ، قال: وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على
مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن
فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ على فُعلاء.
ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابن سيده: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ
عليها الإنسان، وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ، وهي كُوَرُها،
ولكلِّ مِخْلافٍ منها اسم يعرف به، وهي كالرُسْتاقِ؛ قال ابن بري:
المَخالِيفُ لأَهل اليمن كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ،
والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ.
والخَلَفُ: ما اسْتَخْلَفْتَه من شيء. تقول: أَعطاك اللّه خَلَفاً مما
ذهب لك، ولا يقال خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك. وخَلفَه
يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه. والخَلَفُ: الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان،
والخَلْفُ والخالِفةُ: الطَّالِحُ؛ وقال الزجاج: وقد يسمى خلَفاً، بفتح
اللام، في الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بْسكانها، في الصّلاحِ، والأوّلُ أَعْرَفُ.
يقال: إنه لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى
الكسْر. وفي هؤلاء القَوْمِ خَلَفٌ مـمن مَضى أَي يقومون مَقامهم. وفي
فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو طالحاً فهو خَلَفٌ. ويقال: بئسَ
الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بعد القَرْن، وقد
خلَفوا بعدهم يخلُفون. وفي التنزيل العزيز: فخَلَفَ من بعدهم خلْفٌ
أَضاعوا الصلاةَ، بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء
لا مَحالةَ، ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ، قَرْناً كان أَو
ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ. وقال الفراء: فَخَلَفَ من
بعدهم خَلْفٌ ورثُوا الكتاب، قال: قَرْنٌ. ابن شميل: الخَلَفُ يكون في
الخَير والشرّ، وكذلك الخَلْفُ، وقيل: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء.
يقال: هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس أَكثر منهم، وهذا خَلْف سَوْء؛
قال لبيد:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ،
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ
قال ابن سيده: وهذا يحتمل أَن يكون منهما جميعاً، والجمع فيهما أَخْلافٌ
وخُلُوفٌ. وقال اللحياني: بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي بقيّة سَوْء.
وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أَي بَقِيّة. أَبو
الدُّقَيْشِ: يقال مضى خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ
لا خيرَ فيه، وخلفٌ صالح، خفَّفهما جميعاً. ابن السكيت: قال هذا خَلْف،
بإِسكان اللام، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء من القول؛ يقال: هذا خَلْفٌ
من القولِ أَي رَديء. ويقال في مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً،
للرجل يُطيل الصَّمْتَ، فإذا تكلم تكلم بالخَطإ، أَي سكت عن أَلف كلمة ثم
تكلم بخطإٍ. وحكي عن يعقوب قال: إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار
بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عنى بالنُّطْق
ههنا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إذا كان خَلفاً من شيء. وفي حديث
مرفوع: يَحْمِلُ هذا العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ
الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ؛ قال القعنبي:
سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث فأَعجبه . قال ابن
الأَثير:الخَلَفُ، بالتحريك والسكون، كل من يجيء بعد من مضى، إلا أَنه بالتحريك في
الخير، وبالتسكين في الشر: يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء، ومعناهما
جميعاً القَرْن من الناس، قال: والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ، ومن
السكون الحديث: سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وفي حديث ابن مسعود: ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم
(* قوله «تخلف من بعدهم»
في النهاية: تختلف من بعده.) ؛ خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ. وفي الحديث:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ
فصارت فيه بعده، وخِلافُ الشيء بعدَه. وفي الحديث: فدخَل ابنُ الزبير
خِلافَه. وحديث الدَّجّال: قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم
(* قوله «ذراريهم» في
النهاية: ذريتهم.) . وحديث أَبي اليَسَرِ: أَخْلَفْتَ غازِياً في سبيل
اللّه في أَهلِه بمثل هذا؟ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ بعدَه
فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام. وفي حديث ماعزٍ:
كلَّما نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ
التَّيْسِ؛ وفي حديث الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بعدي؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بالتشديد لكان بمعنى
تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ:الغضب.
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً. وأَعْطِه
هذا خَلَفاً من هذا أَي بدلاً.
والخالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ لأَنها بدل مـمن
قبلها؛ وأَنشد:
كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ أَبيه يَخْلُف
خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه في أَهلِه
وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه
خِلافةً حسَنةً: كان خَلِيفةً عليهم منه، يكون في الخير والشر، ولذلك قيل:
أَوْصى له بالخِلافةِ. وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً،
وخَلَف بعده يَخْلُفُ خُلوفاً، وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه.
وهي الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ. وأخْلَفَتِ الأَرضُ
إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة:
زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير. والخِلْفةُ: نَبْتٌ
يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: ما أَنبت الصَّيْفُ من
العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وقد اسْتخلفت الأرض، وكذلك
ما زُرع من الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وفي
حديث جرير: خيرُ الـمَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان
لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة، وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في
الصيف. وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي: حتى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ
الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وهي
ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد، وهو من الصَّفَرِيَّةِ.
والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دون ورق. والخِلْفةُ: شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ بعدما
يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك
هو من سائر الثَّمر. والخِلفةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ
جديدٍ؛ حكاه أَبو حنيفة. وخِلْفةُ الثَّمر: الشيء بعد الشيء.
والإخْلافُ: أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ.
ويقال: قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا أَخرج ورقاً بعد ورق
قد تناثر. وخِلْفة الشجر: ثمر يخرج بعد الثمر الكثير. وأَخْلَفَ الشجرُ:
خرجت له ثمرة بعد ثمرة. وأَخْلَفَ الطائر: خرج له ريشٌ بعد ريش.
وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى.
ورجلان خِلْفةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر. والخِلْفةُ: اختلاف الليلِ
والنهار. وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة؛ أَي
هذا خَلَفٌ من هذا، يذهَب هذا ويجيء هذا؛ وأَنشد لزهير:
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وقيل: معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في
ألوانها وهيئتها، وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها، تذهب كذا وتجيء كذا. وقال
الفراء: يكون قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في
النهار فجعل هذا خلَفاً من هذا. ويقال: علينا خِلْفةٌ من نهار أَي
بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من ماء؛ وكل شيء يجيء بعد شيء، فهو
خِلْفة. ابن الأعرابي: الخِلْفة وَقْت بعد وقت.
والخَوالِفُ: الذين لا يَغْزُون، واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من
غزا. والخَوالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ الـمُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ
أَصحابه: لم يخرج معهم، وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك. والخِلافُ: الـمُخالَفةُ؛
وقال اللحياني: سُرِرْتُ بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم،
وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وقيل: معناه سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ
ذهابهم.
ابن الأعرابي: الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء في الدار. وقوله تعالى:
وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً، ويقرأُ خَلْفَك ومعناهما بعدَك.
وفي التنزيل العزيز: فَرِحَ الـمُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ الله،
ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله؛ قال ابن بري:
خِلافَ في الآية بمعنى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنـَّما
نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا
قال: ومثله لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي،
خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قال: ومثله للبريق الهذلي:
وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم،
بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذؤيب:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ كأَنـَّها،
خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لآخر:
فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ الذي مضَى:
تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ
(* قوله «يبقى» في شرح القاموس: يبغي.)
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لـمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ،
خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وتقول: خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر،
والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. ويقال: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ،
والخُلوفُ الحُضُورُ الـمُتَخَلِّفُون؛ قال أَبو زبيد لطائي:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ
أَي لم يَبْقَ منهم أَحد؛ قال ابن بري: صواب إنشاده:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان
منزله بالحيرة. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عن المِيعاد؛ قال أَبو ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ،
ولم تَشْعُرْ إذاً أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفةُ: الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ. والإخْلافُ:
الاسْتِقاء. والخالِفُ: الـمُسْتَقِي. والـمُسْتَخْلِفُ: الـمُسْتَسْقِي؛
قال ذو الرمة:
ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ،
لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وقال الحطيئة:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها
على عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع الـمَصْدَرَ موضعه، وقوله حواصِلُه قال
الكسائي: أَراد حواصل ما ذكرنا، وقال الفراء: الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون
العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع، لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ
فيه تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب
والحِجاب، ويقال: الهاء ترجع إلى النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره
للقطا، وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال: الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛
قال أَبو منصور: والصواب عندي ما قال أَبو عمرو إنه الخَلْف، بفتح الخاء،
قال: ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد. واسْتَخْلَفَ
الـمُسْتَسْقي، والخَلْفُ الاسم منه. يقال: أَخْلَفَ واسْتَخْلَف. والخَلْفُ:
الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وفي
التهذيب:الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم.
واستخلف الرجلُ: اسْتَعْذَب الماء. واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ: سقاه؛
قال الحطيئة:
سَقلها فَروّاها من الماء مُخْلِفُ
ويقال: من أَين خِلْفَتُكم؟ أَي من أَين تستقون. وأَخلف واستخلف: استقى.
وقال ابن الأعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب، وهم
في ربيع، ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح، ولا يكون الإخْلافُ
إلا في الربيع، وهو في غيره مستعار منه. قال أَبو عبيد: الخِلْفُ
والخِلْفَةُ من ذلك الاسم، والخَلْفُ المصدر؛ لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد؛ قال
ابن سيده: وأَراه منه غلطاً. وقال اللحياني: ذهب الـمُسْتَخْلِفُونَ
يسْتَقُون أَي المتقدمون. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مـما أُخذ أَو ذهَب.
وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر؛ قال ابن
مقبل:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إنما المالُ عارةٌ،
وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه
يقال: اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ. ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ
منه كالأَب والأَمّ والعمّ: خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً،
وخَلف عليك خيراً وبخير وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً، ولمن
هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو ذهَب من ولد أَو مال: أَخْلَفَ الله لك
وخَلَف لك. الجوهري: يقال لمن ذهب له مال أَو ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ: أَخلف
الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب، فإن كان قد هلك له والد أَو عمّ
أَو أَخ قلت: خلف الله عليك، بغير أَلف، أَي كان الله خليفةَ والدِك أَو
مَنْ فَقَدتَه عليك. ويقال: خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عليك
خيراً أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه؛ وقيل: يقال خلَف الله
عليك إذا مات لك ميّت أَي كان الله خَليفَتَه عليك، وأَخلف الله عليك أَي
أَبْدَلك. ومنه الحديث: تَكَفَّل الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت: اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ
لهم بعده. وحديث أُم سلمة: اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه. اليزِيدِيُّ: خلَف
الله عليك بخير خِلافة. الأَصمعي: خلف الله عليك بخير، إذا أَدخلت الباء
أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب. وخَلَفَ الله
عليك أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك. والإخْلافُ: أَن يُهْلِكَ
الرجلُ شيئاً لنفسه أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه.
والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ. يقال: هو
خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام
مَقامِه؛ وقال الأخفش: هما سواء، منهم مَن يُحرّك، ومنهم من يسكن فيهما جميعاً
إذا أَضاف، ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق
بينهما؛ قال الراجز:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ
عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
قال ابن بري: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة،
قال: والصحيح في هذا وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي
يَخْلُفُه من بعده، يأْتي بمعنى البدل فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً؛ ومنه قولهم:
هذا خَلَفٌ مـما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه، ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون
على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً، وهو العدم والتَّلَفُ؛ ومنه
الحديث: اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي عِوَضاً،
يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ
وخِلافةً. وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ؛ ومنه خَلَف الله عليك
بخير خلَفاً وخِلافةً، والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، والجمع خُلفاء
وخَلائفُ، فالخَلَفُ في قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف، وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ
سَوء، وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ طالحٌ، هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون
خليفةً، والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه. قال: وحكى
أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ؛ قال: وشاهد الضم في مُسْتَقْبل
فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا الـمَنايا،
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ
قال: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فهو الذي يَجيء بعد. يقال:
خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فهم خالِفون.
تقول: أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده. وفي حديث ابن عباس: أَن
أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله،
صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أَنت؟ قال: أَنا الخالِفةُ
بعدَه. قال ابن الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه،
والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ
مثل ظَريفٍ وظُرَفاء، ويجمع على اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما
الخالِفةُ، فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو
الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضُعاً
وهَضماً من نفسه حِين قال له: أَنتَ خليفةُ رسولِ الله. وسمع الأَزهري بعض
العرب، وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال: هو خالِفتي
أَي وارِدٌ بعدي. قال: وقد يكون الخالِفُ الـمُتَخَلِّف عن القوم في
الغَزْوِ وغيره كقوله تعالى: رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ، قال: فعلى
هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن،
والخَلْفُ المتخلف عن الأَول، هالكاً كان أَو حيّاً. والخَلْفُ: الباقي بعد
الهالك والتابع له، هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سمي به
المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل، وجمعه خُلُوفٌ كقَرْنٍ وقرون؛ قال:
ويكون محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت
الأَنصاري:لَنا القَدَمُ الأُولى إليك، وخَلْفُنا،
لأَوَّلِنا في طاعةِ الله، تابِعُ
فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو
البدَلُ، قال: وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون؛
وعليه قوله عز وجل: فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب،
قال: وهو الصحيح. وحكى أَبو الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء
التحريكَ والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل
والخِلافةِ، والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم؛ قال: وشاهد المذموم
قول لبيد:
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ
قال: ويستعار الخَلْفُ لـما لا خير فيه، وكلاهما سمي بالمصدر أَعني
المحمود والمذموم، فقد صار على هذا للفِعْل معنيان: خَلَفْتُه خَلَفاً كنت
بعده خَلَفاً منه وبدلاً، وخَلَفْتُه خَلْفاً جئت بعده، واسم الفاعل من
الأَول خَليفة وخَلِيفٌ، ومن الثاني خالِفةٌ وخالِفٌ؛ ومنه قوله تعالى:
فاقعُدوا مع الخالفين. قال: وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما بَيَّنّاه. وهو من
أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه.
والخِلافُ: الـمُضادّةُ، وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً. وفي المثل: إنما
أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ
الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ منه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسّره
بذلك.وقولهم: هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان أَي يأَْتيها إذا غاب عنها. وخَلَفَ
فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله. ويقال: خلَف فلان بعَقبِي إذا
فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر؛ قال أَبو منصور: وهذا أَصح من قولهم إنه
يخالفه إلى أَهله. ويقال: إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى
غيره إذا غاب عنها؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
فأَنشده هذا الرجز:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ،
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ،
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛
وقول أَبي ذؤيب:
إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ
(* قوله «في بيت نوب إلخ» تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل
الصواب في الضبط ما هنا.)
معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى، فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك،
ومن رواه وحالَفَها فمعناه لزِمَها.
والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه
من ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قال السكري: الأَخْلَفُ الـمُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد
شِقَّيْه، وقيل: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخالفه إلى الشي: عَصاه إليه
أَو قصَده بعدما نهاه عنه، وهو من ذلك. وفي التنزيل العزيز: وما أُريد أَن
أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه. الأَصمعي: خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا
ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً آخر بعد فِراقِه،
وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛
وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد:
أَحَسْتَ فلاناً؟ فيُجِيبُه: خالِفَتي؛ يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ
عنه. الليث: رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. ويقال: بعير
أَخْلَفُ بيًّنُ الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ
في البعير أَن يكون مائلاً في شق.
ابن سيده: وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة
وخِلَفْناةٌ أَي خِلافٌ. ورجل خِلَفْناة: مُخالِفٌ. وقال اللحياني: هذا رجل
خِلَفْناة وامرأَة خِلَفْناة، قال: وكذلك الاثنان والجمع؛ وقال بعضهم:
الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور والإناث. ويقال: في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل
دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، والنون زائدة، وذلك إِذا كان مُخالِفاً.
وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لم يَتَّفِقا. وكلُّ ما لم يَتَساوَ، فقد
تَخالف واخْتَلَفَ. وقوله عز وجل: والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُه؛ أَي
في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل: كيف يكون أَنـْشأَه في حال
اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه؟ فالجواب في ذلك أَنه
قد ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء، فأَعلم جل ثناؤه أَن الـمُنْشئ له في
حال اخْتِلافِ أُكُلِه هو، ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه
مختلفاً أُكُله لأَن المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول: لتَدْخُلَنَّ منزل
زيد آكلاً شارباً أَي مُقَدِّراً ذلك، كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل
معه صَقْر صائداً به غداً أَي مُقَدِّراً به الصيدَ، والاسم الخِلْفةُ.
ويقال: القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وهما خِلْفان أَي مختلفان، وكذلك
الأُنثى؛ قال:
دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما
أَي إحداهما مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو
إِحداهما جديدة والأُخرى خَلَقٌ. قال الحياني: يقال لكل شيئين اختلفا هما
خِلْفان، قال: وقال الكسائي هما خِلْفَتانِ، وحكي: لها ولَدانِ خِلْفانِ
وخِلْفتانِ، وله عَبدان خِلْفان إذا كان أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً، أَو
كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود، وله أَمتان خِلْفان، والجمع من كل ذلك
أَخْلافٌ وخِلْفةٌ. ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً وعاماً أُنثى.
وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى. ويقال: بنو فلان
خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث.
والتَّخاليف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفةُ: الهَيْضةُ. يقال:
أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى الـمُتَوَضَّإِ. ويقال: به خِلفة أَي بَطنٌ
وهو الاختلاف، وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والـمَخْلُوفُ:
الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا يشتهي
الطعام. وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً، ولا يكون إلا عن مرَض.
الليث: يقال اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة. والخَلْفُ والخالِف
والخالِفةُ: الفاسِدُ من الناس، الهاء للمبالغة.
والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت. ابن الأَعرابي:
الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء، والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء
مجتمعين في الحيّ، وهو من الأَضداد. وقوله عز وجل: رضوا بأن يكونوا مع
الخَوالِف؛ قيل: مع النساء، وقيل: مع الفاسد من الناس، وجُمِع على
فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هذا عن الزجاج. وقال: عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان
مُخالفاً. ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في
منزلها. وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه
لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس.
ويقال: خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم. وفي الحديث: أَن اليهود
قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا
راعِيَ لهنَّ ولا حامِيَ. يقال: حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام
النساء ويطلق على المقيمين والظَّاعِنين؛ ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي رجالنا غُيَّبٌ. وفي حديث الخُدْريِّ: فأَتينا
القوم خُلوفاً. والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابن سيده: الخَلْفُ الفَأْس
العظيمة، وقيل: هي الفأْس برأْس واحد، وقيل: هو رأْس الفأْس والمُوسى،
والجمع خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ
(* قوله «ذات خلفين» قال في القاموس:
ويفتح.) أَي لها رأْسان، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الذي
يُنْقَرُ به الخشب. والخَلِيفان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى من
الأَضْلاعِ، بكسر الخاء
(* قوله «بكسر الخاء» أَي وتفتح وعلى الفتح
اقتصر المجد.). وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ،
بالكسر: واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه. الجوهري: الخِلْفُ أَقصر
أَضلاع الجنب، والجمع خلوف؛ ومنه قول طرفةَ بن العبد:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه،
وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وقيل: هو الضَّرْعُ نفْسُه، وخص بعضهم
به ضرع الناقة وقال: الخِلف، بالكسر، حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان
والآخِران. وقال اللحياني: الخِلْفُ في الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ في
الحافِر والظُّفُر، وجمع الخِلْف أَخْلافٌ وخُلوفٌ؛ قال:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري
خُلوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وتقول: خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من
أَخْلافِها؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لطرفة:
وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه
قال الليث: الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه؛ وقال الراجز:
كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما دَرَّا
يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها. وفي الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قال: فتركت
أَخْلافَها قائمة؛ الأَخْلافُ جمع خِلف، بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُفّ
وظِلْفٍ، وقيل: هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع.
أَبو عبيد: الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط، والخَلِيفانِ من الإبل
كالإبْطين من الإنسان، وخَليفا الناقةِ إبْطاها، قال كثير:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
المكا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه، والرَّحى الكِرْكِرةُ،
وبُنَى جمع بُنْيةٍ، والصَّيْدن هنا الثعلب؛ وقيل: دُوَيْبَّةٌ تعمل لها
بيتاً في الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ الناقة خَلِيفَ لِبَئِها، يعني الحلْبة
التي بعد ذَهاب اللِّبا.
وخلَفَ اللبنُ وغيره وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما: تغَيَّر طَعْمُه
وريحه. وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ.
وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد، وبعضهم يقول: أَخْلَفَ إذا حَمُضَ، وإنه
لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. الليث: الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ
منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلوفاً
وخُلوفة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لغة في خَلَفَ؛ ومنه: ونَوْم الضُّحى مَخْلَفةٌ
للفم أَي يُغَيِّرُه. وقال اللحياني: خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما
يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر. وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير
فُوه، وهو الذي يَبْقى بين الأسنان. وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي
تغيرت رائحتُه. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فم الصائم،
وفي رواية: خِلْفةُ فمِ الصائم أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ؛
الخِلْفةُ، بالكسر: تغَيُّرُ ريحِ الفم، قال: وأَصلها في النبات أَن ينبت
الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى. وخلَف فمُه
يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً؛ قال أَبو عبيد: الخُلوف تغير طعم الفم لتأَخُّرِ
الطعام ومنه حديث عليّ، عليه السلام، حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال:
وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها. ويقال: خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي
تَخْلُفُ خُلوفاً إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض. ويقال: خلَفَ الرجل عن خُلُق
أَبيه يَخْلُف خُلوفاً إذا تغَيَّر عنه. ويقال: أَبيعُكَ هذا العَبْدَ
وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذو خُلْفةٍ، وقال ابن
بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللحياني: هذا رجل
خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه. وعبد خالِفٌ: قد اعتزل أَهلَ بيته. وفلان خالِفُ
أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه، وقد خَلَفَ
يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً.
والخالفةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. ورجل أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ
مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ، بغير هاء: وهي
الحَمْقاء. وخلَفَ فلان أَي فسَد. وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم
يُفْلِح، فهو خالِفٌ وهي خالِفة. وقال اللحياني: الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون
قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جعل له خالِفةً، وقيل:
الخالِفةُ عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد التي في
مُؤَخَّر البيت، واحدتها خالِفةٌ وخالِفٌ، وهي الخَلِيفُ. اللحياني: تكون
الخالِفةُ آخِرَ البيت. يقال: بيت ذو خالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا
البيت، وهو من ذلك، واحدتها خالِفةٌ. أَبو زيد: خالِفةُ البيتِ تحتَ
الأَطناب في الكِسْر، وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة، وجمع الخالفة
خَوالِفُ وهي الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في بِناء الكعبة: قال لها لَوْلا
حِدْثان قَوْمِك بالكفر بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن،
فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد
أَن يجعل لها بابين، والجِهةُ التي تُقابِل البابَ من البيت ظهرُه، فإذا
كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ، ويروى بكسر الخاء، أَي زِيادَتَيْن
كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الوجه. أَبو مالك: الخالِفةُ الشُّقّةُ
المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مـما يلي الأَرض من كِلا
الشِّقَّين.
والإخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مـما يَلي خُصْيَيِ البعير
لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه. وقال
اللحياني: إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به
الحَقَبَ لأَنه يقال حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يعني أَن الحَقَب
وقَع على مَبالِه، ولا يقال ذلك في الناقة لأَن بولها من حَيائها، ولا
يبلغ الحقَبُ الحَياء. وبعير مَخْلوفٌ: قد شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا
حَقِبَ. والإخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ لئلا
يَقْطَعَه. يقال: أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل. والأَخْلَفُ من
الإبل: المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً. الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عن البعير
إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ
الحَقَبَ فتجعلُه مما يلي خُصْيَي البعير.
والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وقيل: أَصله التَّثْقِيلُ
ثم يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بالضم: الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل
كالكذب في الماضي. ويقال: أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا
يفْعَله على الاستقبال. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قال شُبْرمةُ بن
الطُّفَيْل:أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ
لَمِيقاتُ يَومٍ، ما لَهُنَّ خُلُوفُ
وقد أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلفَه: وجَده قد أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ
مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قال الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا،
فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مضت الليلة. قال ابن بري: ويروى فمضى، قال: وقوله فمضى الضمير يعود
على العاشق، وقال اللحياني: الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ
الرجلُ الرجلَ العِدةَ فلا يُنجزها. ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ
لوَعْدِه. والإخْلافُ: أَن يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب.
اللحياني: رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ.
ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد: إنه لمِخْلافٌ. وفي الحديث: إذا وعَدَ
أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ، والاسم منه الخُلْفُ، بالضم. ورجل
مُخالِفٌ: لا يكاد يُوفي. والخِلافُ: المُضادَّة. وفي الحديث: لمَّا
أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله: إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم؛ وقال الزمخشري: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله
لزَيْد بن عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه، ويجوز أَن
يُرِيدَ به الذي لا خير عنده؛ ومنه الحديث: أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً
في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه. وأَخْلَفَتِ
النجومُ: أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن لِنَوْئِها مطر، وأَخْلَفَتْ
عن أَنْوائها كذلك؛ قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح في الشّتاء، وإن
أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه، وبَلُوا
والخالِفةُ: اللَّجوجُ من الرجال. والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة.
والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وجمعها خَلِفٌ، بكسر اللام، وقيل: جمعها
مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة؛ قال ابن بري: شاهده
قول الراجز:
ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ
وقيل: هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ؛
وقال ابن الأَعرابي: إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ.
وخَلَفَت العامَ الناقةُ إذا ردَّها إلى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ
خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هذه عن اللحياني. والإخْلافُ: أَن تُعِيد عليها فلا
تَحْمِل، وهي المُخْلِفةُ من النوق، وهي الرَّاجع التي توهَّموا أَنَّ بها
حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ، وفي الصحاح: التي ظهر لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم
تكن كذلك. والإخلافُ: أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ. والإخْلافُ:
أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله؛ يقال: بَعِير مُخْلِفٌ.
والمُخْلِف من الإبل: الذي جاز البازِلَ؛ وفي المحكم: بعد البازِل وليس
بعده سِنّ، ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين، وكذلك ما زاد، والأَنثى
بالهاء، وقيل: الذكر والأُنثى فيه سواء؛ قال الجعدي:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ
أَخْلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَلْ
وكان أَبو زيد يقول: لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها حول بعد
البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً، وقيل: الإخْلافُ
آخِرُ الأَسنان من جميع الدوابّ. وفي حديث الدِّيةِ: كذا وكذا خَلِفةً؛
الخَلِفةُ، بفتح الخاء وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفاتٍ
وخلائِفَ، وقد خلِفَت إذا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ. وفي الحديث:
ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وفي حديث هدم الكعبة: لما هدموها ظهر فيها مِثْلُ خَلائفِ الإبل، أَراد
بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل.
والخَلِيفُ من السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد
لساعِدةَ بن جُؤيَّةَ
(* قوله «جؤية» صوابه العجلان كما هو هكذا في
الديوان، كتبه محمد مرتضى ا هـ. من هامش الأصل بتصرف.):
ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه
حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الماء، وقيل: الوادي بين الجبَلين؛ قال:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول.
والخلِيفُ: تَدافُع
(* قوله «والخليف تدافع إلخ» كذا بالأصل. وعبارة القاموس
وشرحه: أو الخليف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وأنما
ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.) الأَوْدية وإنما يَنتهي
المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بين الجبلين؛
قال صخر الغي:
فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جمع طَريق مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، ومنه قولهم
ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً؛ قال كثِّير:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف
أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قال ابن بري: صواب إنشاده بِذِفْرَى، وقيل: هو الطريق في أَصل الجبل،
وقيل: هو الطريق وراء الجبل، وقيل: وراء الوادي، وقيل: الخَلِيفُ الطريق في
الجبل أَيّاً كان، وقيل: الطريق فقط، والجمع من كل ذلك خُلُفٌ؛ أَنشد
ثعلب:
في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قال أَبو ذؤيب:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
بمَخْلَفَةٍ، إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
ويقال: عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق الوسطى.
وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ، بفتح الخاء وكسر اللام، قال ابن الأَثير:
جبل بمكة يُشْرِفُ على أَجْيادٍ؛ وقول الهُذلي:
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً،
إذا بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حيث يَنْزل الناس. ومَخْلَفة بني فلان: مَنْزِلُهم .
والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حيث يَمُرُّون. وفي حديث معاذ: من
تخلّف
(* قوله «تخلف» كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله «مخلاف
عشيرته» كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ
فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل؛
أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها. وقال أَبو
عمرو: يقال اسْتُعْمِلَ فلان على مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف
والنَّواحُ. وقال خالد بن جَنْبَة: في كل بلد مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة
والكوفة. وقال: كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في مِخْلافِ المدينة وهم في
مِخلاف اليمامة. وقال أَبو معاذ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وهو أَن يكون
لكل قوم صَدقةٌ على حِدة، فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي كان
يُؤدِّي إليها. وقال الليث: يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند
اليمن كالرُّستاق، والجمع مخالِيفُ. اليزيدِيّ: يقال إنما أَنتم في خَوالفَ
من الأرض أَي في أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً. وفي
حديث ذي المِشْعارِ: من مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ؛ هما قبيلتان من اليمن. ابن
الأَعرابي: امرأة خَلِيفٌ إذا كان عَهْدُها بعد الولادة بيوم أَو يومين.
ويقال للناقة العائذ أَيضاً خَلِيفٌ.
ابن الأعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يقال: اجعله في متنِ خِلافِك
أَي في وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ الـمَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ
يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وهو خَلِيفٌ؛ المصدر عن كراع: وذلك أَن يَبْلى وسَطُه
فيُخْرِجَ البالي منه ثم يَلْفِقَه؛ وقوله:
يُرْوي النَّديمَ، إذا انْتَشى أَصحابُه
أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قال: يجوز أَن يكون المَخْلُوفُ هنا المُلَفَّق، وهو الصحيح، ويجوز أَن
يكون المرْهُونَ، وقيل: يريد إذا تَناشى صحبُه أُمْ ولده من العُسْر فإنه
يُرْوي نَديمَه وثوبه مخلُوف من سُوء حاله.
وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لغة في خَلَفْتُه إذا أَصْلَحْتَه؛ قال الكميت يصف
صائداً:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ،
كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً.
وما أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هو أَي أَيّ الناسِ هو. وحكى كراع في هذا
المعنى: ما أَدري أَيُّ خالِفةَ، هو غير مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ الناس هو،
وهو غير مصروف للتأْنيث والتعريف، أَلا ترى أَنك فسرته بالناس؟ وقال
اللحياني: الخالفةُ الناس، فأَدخل عليه الأَلف واللام. غيره ويقال ما أَدري
أَيُّ خالِفةَ وأَيُّ خافِيةَ هو، فلم يُجْرِهما، وقال: تُرِكَ صَرْفُه
لأَنْ أُرِيدَ به المَعْرِفةُ لأَنه وإن كان واحداً فهو في موضع جماع، يريد
أَيُّ الناس هو كما يقال أَيُّ تَمِيم هو وأَيُّ أَسَد هو.
وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إبلك بالعشيِّ بَعدما يذهَبُ الناسُ.
والخِلْفةُ: الدوابُّ التي تختلف. ويقال: هن يمشين خِلْفة أَي تذهب هذه
وتَجيء هذه؛ ومنه قول زهير:
بها العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وخلَفَ فلانٌ على فلانة خِلافةً تزوّجها بعد زوج؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ
مَخالِيفَ حُدْباً، لا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخالِيفُ: إبل رعت البقل ولم تَرْعَ اليَبِيسَ فلم يُغْن عنها رَعْيُها
البقلَ شيئاً. وفرس ذو شِكالٍ من خِلافٍ إذا كان في يده اليمنى ورجله
اليسرى بياض. قال: وبعضهم يقول له خَدَمتانِ من خِلافٍ أَي إذا كان بيده
اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره.
والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وهو بأَرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو
شجر عِظام، وأَصنافُه كثيرة وكلها خَوّارٌ خَفيفٌ؛ ولذلك قال الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ من خِلافٍ يُرى له
رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ من عمد البيت، والواحد خِلافةٌ، وزعموا أَنه سمّي
خِلافاً لأَن الماء جاء بِبَزره سبيّاً فنبت مُخالِفاً لأَصْلِه فسمّي
خِلافاً، وهذا ليس بقويّ. الصحاح: شجر الخِلافِ معروف وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛
وأَما قول الراجِز:
يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفافِ
تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ
فإنما يريد أَنها من شجر مُخْتَلِفٍ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها
الخِلافُ لأَن ذلك لا يكاد يكون بالبادية.
وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
جمر: الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو
فَحْمٌ.والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ وقد
اجْتَمَرَ بها. وفي التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، وهي التي تُدَخَّنْ
بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، ومن ذكَّره عنى به
الموضع؛ وأَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ
مُطَرًّى. وقال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. واسْتَجْمَرَ
بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال:
أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: وينشد هذا
البيت بالوجهين مُجْمِراً ومِجْمَراً وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة
ملازمة للطيب:
لا تَصْطَلي النَّارَ إلاَّ مُجْمِراً أَرِجاً،
قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
واليلنجوج: العود. والوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. وفي الحديث: إِذا
أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. ويقال: ثوب
مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب،
والذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ ومنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي
كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم، والمَجَامِر: جمع
مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور، وبالضم الذي
يتبخر به وأُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه
بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وهو العود.
وثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، والجامِرُ الذي يلي ذلك،
من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكيِّهِ جَامِرُهْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا
(* قوله: «وفي حديث عمر لا
تجمروا» عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في
الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره.
والجَمْرَةُ: القبيلة لا تتضم إِلى أَحد؛ وقيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ
قَبائلَ، وقيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها.
والجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وكل قبيل انضموا فصاروا يداً
واحدة ولم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم
يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً ولا ينضمون إِلى أَحد، تكون
القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. وفي
الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس
فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا
نَسْتَجْمِرُ ولا نحالف أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم.
والجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ ومن
هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ
حَصًى منها جَمْرَةٌ وهي ثلاث جَمَراتٍ. وقال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال
لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛
كِرامٌ، وقد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،
وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
(* قوله: «يتقى نفيانها» النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من
التراب ونحوه، ويشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح).
وجَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب وبنو نُمير ابن عامر وبنو عبس؛ وكان
أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، ويزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، وكان
يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان وبقيت
واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، وطفئت بنو عبس لانتقالهم
إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، وقيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ
وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب
ثلاث: بنو ضبة بن أُد وبنو الحرث بن كعب وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم
جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، وطفئت بن الحرث لأَنها حالفت
مَذْحِجَ، وبقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم تُخالِفْ. ويقال: الجمرات عبس
والحرث وضبة، وهم إِخوة لأُم، وذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام
أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له
الحرث بن كعب ابن عبد المدان وهم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ ابن
رَيْثٍ فولدت له عَبْساً وهم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة،
فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن. وفي حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم
بِجَمْرَتهِم أَي بجماعتهم التي هم منها.
وأَجْمَرُوا على الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا.
وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وفي حديث
أَبي إِدريس: دخلت المسجد والناسُ أَجْمَرُ ما كانوا أَي أَجمع ما
كانوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها وأَجْمَرَتْهُ: جمعته وعقدته في قفاها ولم
ترسله. وفي التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وهي
الضفائر والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه.
والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: وفي الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ
والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه وهو محرم
يجب عليه حلقه، ورواه الزمخشري بالتشديد وقال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ
ويَعْقِدُهُ في قفاه. وفي حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً أَي
جمعته وضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، والذؤابَةُ:
الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ
العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في
أَرض العدوّ ولا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي
تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي وغيره: جَمَّرَ الأَميرُ
الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر ولم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم،
وهو التَّجْمِيرُ؛ وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،
ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم؛
تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ ومنه
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ. وجاء القومُ
جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ وقال: الجَمَارُ
المجتمعون؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلاً قَوْمَنَا،
وأَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.
الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا وصاروا أَلْباً واحداً. وبنو
فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ وشدّة. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا
تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ: صُلْبٌ شديد مجتمع، وقيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة
وصَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ:
المُقَبَّبُ من الحوافر، وهو محمود.
والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها
جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس
الهُذَليُّ:لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ
سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وسئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه
ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك وهي ثلاث
جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الحصاة. والتَّجْمِيرُ:
رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي
بالجِمارِ، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي
اجتماع القبيلة على من ناوأَها، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا
أَسرع؛ ومنه الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
والاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا استجمرت فأَوْتِرْ؛ أَبو
زيد: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إِذا
تمسح بالجمار، وهي الأَحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى
بها.
ويقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها.
والجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ.
وجُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم
تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وهي
رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، والكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ
السَّعَفَتَيْنِ وهي الكُفُِرَّى، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ:
كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ؛ الجُمَّارَةُ: قلب
النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ وفي حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ؛ هُوَ جمعُ
جُمَّارة.
والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وقيل: لظُلمة
ليلة
(* قوله: «لظلمة ليلة إلخ» هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما
يعلم مما يأتي). في الشهر. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ
فيهما القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. وابْنُ
جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
وإِنْ أَطافَ، ولم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ
في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فقَطِيمَةً.
والفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. وحكي عن ثعلب:
ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ
جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وقيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه
إِلى جَمِير، والعرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن
اللحياني. وفي التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وما أَسْمَرَ
ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: وابنا جمير الليل والنهار، سميا بذلك للاجتماع كما
سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: والجَمِيرُ الليل
المظلم، وابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ وأَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ،
وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
ويروىي:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها ولا في
أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة من الشهر؛ وقال:
وكأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ
في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. والأُسامة: الأَسد. وقال
ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر
ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه.
وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وعدا، ولا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال
لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها وجمعناها.
وبنو جَمْرَةَ: حَيُّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ
وبَلْعَدَوِيَّة وهو من بني يربوع بن حنظلة. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ
السفينة: معروف. والجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما
تسميه بذلك العامة.
وفلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. ويقال: كان ذلك عند سقوط
الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: موضع، وقيل: اسم جبل، وقول ابن الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،
قد عَلاَها نَجَدُ فيه اجْمِرار
قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب،
ورواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها وتجمعه. الأَصمعي:
عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،
إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
والنظائر: أَن تعد مثنى مثنى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن
ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،
مَعائِرَ فيهمُ رَجُلاً جَمَارا
فَقِيرَ اللْيلِ تَلْقاه غنِيّاً،
إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا
هذا مقدّم أُريد به
(* هكذا في الأَصل). وفلان غني الليل إِذا كانت له
إِبل سود ترعى بالليل.
مهل: المَهْل والمَهَل والمُهْلة، كله: السَّكِينة والتُّؤَدة
والرِّفْق. وأَمْهله: أَنظره ورَفَق به ولم يعجل عليه. ومَهَّله تمْهِيلاً:
أَجَّله. والاسْتِمْهال: الاستنظار. وتَمَهَّل في عمله: اتَّأَدَ. وكلُّ
ترفُّقٍ تمَهُّل. ورُزِق مَهْلاً: رَكِب الذُّنوب والخَطايا فمُهِّل ولم
يُعْجَل. ومَهَلَت الغنمُ إِذا رعت بالليل أَو بالنهار على مَهَلِها.
والمُهْلُ: اسمٌ يجمع مَعْدِنِيَّات الجواهر. والمُهْل: ما ذاب من
صُفْرٍ أَو حديد، وهكذا فسر في التنزيل، والله أَعلم. والمُهْل والمُهْلة:
ضرْب من القَطِران ماهِيُّ رَقِيق يُشْبه الزيت، وهو يضرِب إِلى الصفرة من
مَهاوَتِه، وهو دَسِم تُدْهَن به الإِبل في الشتاء؛ قال: والقَطِران
الخاثر لا يُهْنَأُ به، وقيل: هو دُرْدِيُّ الزيتِ، وقيل: هو العَكَر
المُغْلى، وقيل: هو رَقِيق الزيت، وقيل: هو عامَّته؛ وأَنشد ابن بري للأَفوه
الأَوْدِي:
وكأَنما أَسَلاتُهم مَهْنوءةٌ
بالمُهْلِ، من نَدَبِ الكُلومِ إِذا جَرى
شبَّه الدمَ حين يَبِس بِدُرْدِيّ الزيت. وقوله عز وجل: يُغاثوا بماء
كالمُهْل؛ يقال: هو النُّحاس المذاب. وقال أَبو عمرو: المُهْل دُرْدِيُّ
الزيت؛ قال: والمُهْل أَيضاً القَيْح والصَّدِيد.
ومَهَلْت البعيرَ إِذا طليته بالخَضْخاض فهو مَمْهول؛ قال أَبو وجزة
(*
قوله «قال ابو وجزة» في التهذيب زيادة لفظ: يصف ثوراً).
صافي الأَديم هِجان غير مَذْبَحِه،
كأَنه بِدَم المَكْنان مَمْهول
وقال الزجاج في قوله عز وجل: يوم تكون السماء كالمُهْلِ، قال: المُهْل
دُرْدِيُّ الزيت، قال الأَزهري: ومثله قوله: فكانت وَرْدةً كالدِّهانِ
(*
قوله «فكانت وردة كالدهان» في الازهري زيادة: جمع الدهن) قال أَبو إِسحق:
كالدِّهان أَي تَتَلوَّن كما يتلوَّن الدِّهان المختلفة، ودليل ذلك قوله
تعالى: كالمُهْل يَشْوي الوُجوه؛ فدَعا بفِضة فأَذابها فجَعلتْ تَميَّع
وتَلوَّن، فقال: هذا من أَشبَهِ ما أَنتم راؤون بالمُهْل؛ قال أَبو عبيد:
أَراد تأْويلَ هذه الآية. وقال الأَصمعي: حدَّثني رجل، قال وكان فصيحاً،
أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني في
ثَوْبَيَّ هذين فإِنهما للمَهْلةِ والتراب، بفتح الميم، وقال بعضهم: المِهْلة،
بكسر الميم، وقالت العامرية: المُهْل عندنا السُّمُّ. والمُهْل: الصديد
والدم يخرج فيما زعم يونس. والمُهْل: النحاس الذائب؛ وأَنشد:
ونُطْعمُ من سَدِيفِ اللحْم شِيزى،
إِذا ما الماءُ كالمُهْلِ الفَرِيغِ
وقال الفراء في قوله تعالى: وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً؛ الكَثِيب
الرمل، والمَهِيل الذي يحرَّك أَسفله فيَنْهال عليه من أَعلاه، والمَهِيل
من باب المُعْتَلِّ. والمُهْل: ما يَتَحاتُّ عن الخُبزة من الرماد ونحوه
إِذا أُخرِجت من المَلَّة. قال أَبو حنيفة: المُهْل بقيّة جَمْر في
الرماد تُبِينُه إِذا حرَّكته. ابن شميل: المُهْل عندهم المَلَّة إِذا حَمِيت
جدًّا رأَيتها تَمُوج. والمُهْلُ والمَهْلُ والمُهْلةُ: صديد الميت. وفي
الحديث عن أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه أَوْصى في مرضه فقال: ادفِنوني
في ثوبيَّ هذين فإِنما هما للمُهْل التراب؛ قال أَبو عبيدة: المُهْل في
هذا الحديث الصديدُ والقيحُ، قال: والمُهْل في غير هذا كلُّ فِلِزٍّ
أُذِيبَ، قال: والفِلِزُّ جواهرُ الأَرض من الذهب والفضة والنُّحاس، وقال أَبو
عمرو: المُهْل في شيئين، هو في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه، القيحُ
والصديدُ، وفي غيره دُرْدِيُّ الزيت، لم يعرف منه إِلاَّ هذا، وقد قدَّمنا
أَنه روي في حديث أَبي بكر المُهْلة والمِهْلة، بضم الميم
(* قوله «بضم
الميم» لم يتقدم له ذلك) وكسرها، وهي ثلاثَتُها القيحُ والصديدُ الذي يذُوب
فيَسيل من الجسد، ومنه قيل للنُّحاس الذائب مُهْل.
والمَهَلُ والتمَهُّل: التقدُّم. وتمهَّل في الأَمر: تقدَّم فيه.
والمُتْمَهِلّ والمُتْمَئلّ، الهمزة بدل من الهاء: الرجلُ الطويلُ المعتدلُ،
وقيل: الطويلُ المنتصبُ. أَبو عبيد: التمَهُّل التقدُّم. ابن الأَعرابي:
الماهِلُ السريع، وهو المتقدِّم. وفلان ذو مَهَل أَي ذو تقدُّم في الخير
ولا يقال في الشرِّ؛ وقال ذو الرمة:
كم فيهمُ من أَشَمِّ الأَنْفِ ذي مَهَلٍ،
يأْبى الظُّلامةَ منه الضَّيْغم الضاري
أَي تقدُّمٍ في الشرَف والفضل. وقال أَبو سعيد: يقال أَخذ فلان على فلان
المُهْلةَ إِذا تقدَّمه في سِنٍّ أَو أَدبٍ، ويقال: خُذِ المُهْلةَ في
أَمْرك أَي خذ العُدَّة؛ وقال في قول الأَعشى:
إِلا الذين لهم فيما أَتَوْا مَهَلُ
قال: أَراد المعرفةَ المتقدِّمة بالموضع. ويقال: مَهَلُ الرجلِ:
أَسْلافُه الذين تقدّموه، يقال: قد تقدّم مَهَلُك قبلك، ورَحِم الله
مَهَلَك.ابن الأَعرابي: روي عن عليٍّ، عليه السلام، أَنه لما لَقِيَ الشُّراةَ
قال لأَصحابه: أَقِلُّوا البِطْنةَ وأَعْذِبوا، وإِذا سِرْتم إِلى العدوِّ
فَمَهْلاً مَهْلاً أَي رِفْقاً رِفْقاً، وإِذا وقعت العين على العين
فَمَهَلاً مَهَلاً أَي تقدُّماً تقدُّماً، الساكن الرفق، والمتحرك التقدُّم،
أَي إِذا سِرْتم فَتَأَنَّوْا وإِذا لَقِيتم فاحمِلوا. وقال الجوهري:
المَهَل، بالتحريك، التُّؤدة والتباطُؤ، والاسم المُهْلة. وفلان ذو مَهَل،
بالتحريك، أَي ذو تقدُّم في الخير، ولا يقال في الشر. يقال: مَهَّلْته
وأَمْهَلْته أَي سكَّنته وأَخَّرته. ومنه حديث رُقَيْقة: ما يبلُغ سَعْيُهم
مَهَلَه أَي ما يبلُغ إِسراعُهم إِبطاءه؛ وقول أُسامة بن الحرث الهذلي:
لَعَمْري لقد أَمْهَلْت في نَهْي خالدٍ
عن الشام، إِمّا يَعْصِيَنَّك خالد
أَمْهَلْت: بالغت؛ يقول: إِن عصاني فقد بالغت في نهيه. الجوهري:
اتْمَهَلَّ اتْمِهْلالاً أَي اعتدلَ وانتصَب؛ قال الراجز:
وعُنُق كالجِذْع مُتْمَهِلّ
أَي منتصِب؛ وقال القحيف:
إِذا ما الضِّباعُ الجِلَّة انْتَجَعَتْهُم،
نَمَا النِّيُّ في أَصْلائها فاتْمَهَلَّتِ
وقال معن بن أَوس:
لُباخِيَّة عَجْزاء جَمّ عِظامُها،
نَمَتْ في نَعيمٍ، واتْمَهَلَّ بها الجسم
وقال كعب بن جعيل:
في مكانٍ ليس فيه بَرَمٌ،
وفَرَاش مُتعالٍ مُتْمَهِلّ
وقال حبيب بن المرّ قال العبدي:
لقد زُوّج المردادُ بَيْضاءَ طَفْلةً
لَعُوباً تُناغِيهِ، إِذا ما اتْمَهَلَّتِ
(* قوله «المرداد» هكذا في الأصل).
وقال عُقبة بن مُكَدّم:
في تَلِيلٍ كأَنه جِذْعُ نخْلٍ،
مُتَمَهِلٍّ مُشَذَّبِ الأَكْرابِ
والاتْمِهْلال أَيضاً: سكون وفتور. وقولهم: مَهْلاً يا رجل، وكذلك
للاثنين والجمع والمؤنث، وهي موحدة بمعنى أَمْهِل، فإِذا قيل لك مَهْلاً، قلت
لا مَهْلَ والله، ولا تقل لا مَهْلاً والله، وتقول: ما مَهْلٌ والله
بمُغْنِيةٍ عنك شيئاً؛ قال الكميت:
أَقُولُ له، إِذا ما جاء: مَهْلاً
وما مَهْلٌ بَواعِظة الجَهُول
وهذا البيت
(* قوله «وهذا البيت إلخ» الذي في نسخ الصحاح الخط والطبع
التي بأَيدينا كما أورده سابقاً وكذا هو في الصاغاني عن الجوهري فلعل ما
وقع لابن بري نسخة فيها سقم) أَورده الجوهري:
أَقول له إِذ جاء: مهلاً
وما مَهْل بواعظة الجهول
قال ابن بري: هذا البيت نسبه الجوهري للكميت وصدره لجامع بن مُرْخِيَةَ
الكِلابيِّ، وهو مُغَيَّر ناقص جزءاً، وعَجُزه للكميت ووزنهما مختلفٌ:
الصَّدْرُ من الطويل والعَجُز من الوافر؛ وبيت جامع:
أَقول له: مَهْلاً، ولا مَهْلَ عنده،
ولا عنْدَ جارِي دَمْعِهِ المُتَهَلِّل
وأَما بيت الكميت فهو:
وكُنَّا، يا قُضاع، لكم فَمَهْلاً،
وما مَهْلٌ بواعِظة الجَهُولِ
فعلى هذا يكون البيت من الوافر موزوناً، وقال الليث: المَهْلُ السكينة
والوَقار. تقول: مَهْلاً يا فلانُ أَي رِفْقاً وسكوناً لا تعجل، ويجوز لك
كذلك ويجوز التثقيل؛ وأَنشد:
فيا ابنَ آدَمَ، ما أَعْدَدْتَ في مَهَلٍ؟
لله دَرُّكَ ما تأْتي وما تَذَرُ
وقال الله عز وجل: فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُم؛ فجاء باللغتين أَي
أَنْظِرْهُمْ.
ردي: الرَّدى: الهلاكُ. رَدِيَ، بالكسر، يَرْدى رَدىً: هَلَكَ، فهو
رَدٍ. والرَّدِي: الهالِكُ، وأَرْداهُ اللهُ. وأَرْدَيْتُه أَي أَهلكتُه.
ورجلٌ رَدٍ: للهالك. وامرأَة رَدِيَةٌ، على فَعلةٍ. وفي التنزيل العزيز: إنْ
كِدْتَ لتُرْدِينِ؛ قال الزجاج: معناه لتُهْلِكُني، وفيه: واتَّبَعَ
هَواهُ فتَرْدى. وفي حديث ابن الأَكوع: فأَرْدَوْا فرَسَين فأَخَذْتُهما؛ هو
من الرَّدى الهلاكِ أَي أَتْعَبُوهُما حتى أَسْقَطوهُما وخَلَّفُوهُما،
والرواية المشهورة فأَرْذَوْا، بالذال المعجمة، أَي تركُوهما لضَعْفِهما
وهُزالهما. ورَدي في الهُوَّةِ رَدًى وتَرَدَّى: تَهِوَّر. وأَرْداهُ
الله ورَدَّاه فَتَرَدّى: قلبَه فانْقَلب. وفي التنزيل العزيز: وما يُغْني
عنه مالُه إذا تَرَدََّى؛ قيل: إذا مات، وقيل: إذا ترَدّى في النار من
قوله تعالى: والمُتَرَدِّيةُ والنَّطِيحَة؛ وهي التي تَقَع من جَبَلٍ أَو
تَطِيحُ في بِئْرٍ أَو تسقُطُ من موضِعٍ مُشْرفٍ فتموتُ. وقال الليث:
التّرَدِّي هو التَّهَوُّر في مَهْواةٍ. وقال أَبو زيد: رَدِيَ فلانٌ في
القَلِيب يَرْدى وتردّى من الجبل تَرَدِّياً. ويقال: رَدى في البئر وتَرَدَّى
إذا سَقَط في بئرٍ أَو نهرٍ من جبَلٍ، لُغتان. وفي الحديث أَنه قال في
بَعيرٍ ترَدَّى في بئر: ذَكِّه من حيث قدَرْت؛ تردَّى أَي سقَطَ كأَنه
تفَعَّل من الرَّدى الهَلاكِ أَي اذْبَحْه في أَيِّ موضع أَمْكَن من بدَنِهِ
إذا لم تتمكن من نحره. وفي حديث ابن مسعود: من نَصَر قوْمَه على غير
الحقِّ فهو كالبعير الذي رَدى فهو يُنْزَعُ بذَنَبه؛ أَرادَ أَنه وقَع في
الإثم وهَلَك كالبعِير إذا تَرَدَّى في البِئر وأُريد أَن يُنْزَعَ بذَنَبه
فلا يُقْدَرَ على خلاصه، وفي حديثه الآخر: إنَّ الرجلَ ليَتَكَلَّم
بالكَلِمَة من سَخَطِ الله تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء والأََرضِ أََي
توقعُهُ في مَهْلَكة.
والرِّداءُ: الذي يُلْبَسُ، وتثنيتُه رِداءَانِ، وإن شِئتَ رِداوانِ
لأَن كل اسمٍ ممدودٍ فلا تَخْلُو همْزَتُه، إمّا أَن تكون أَصلِيَّة
فتَتْرُكها في التثنية على ما هي عليه ولا تَقْلِبها فتقول جَزَاءانِ
وخَطاءَانِ، قال ابن بري: صوابه أَن يقولَ قُرّاءَانِ ووُضَّاءَانِ مما آخِرُه
همزةٌ أَصليَّة وقبلَها أَلِفٌ زائدة، قال الجوهري: وإما أَن تكونَ للتأْنيث
فتَقْلِبها في التَّثنية واواً لا غيرُ، تقول صفراوان وسَوْداوانِ، وإما
أَن تكونَ مُنقَلبة من واوٍ أَو ياءٍ مثل كساءٍ ورداءٍ أَو مُلحِقَةً مثلُ
عِلْباءٍ وحِرْباءٍ مُلْحِْقَةٌ بسِرْداحٍ وشِمْلالٍ، فأَنتَ فيها
بالخيار إن شئت قلبَتْها واواً مثل التأْنيثِ فقلت كِساوانِ وعِلْباوانِ
ورِداوانِ، وإن شئت تركتَها همزةً مثل الأصلية، وهو أَجْوَد، فقلت كِساءَانِ
وعِلْباءَانِ ورِداءَان، والجمع أَكْسِية. والرِّداءُ: من المَلاحِفِ؛
وقول طَرَفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمْسَ حَلّتْ رِداءَها
عليه، نَقِيّ اللّونِ لم يتَخَدَّدِ
(* وفي رواية أخرى: ألقَت رداءها).
فإنه جعل للشمس رداء، وهو جَوْهر لأَنه أَبلغ من النُّور الذي هو
العَرَض، والجمع أَرْدِيَةٌ، وهو الرداء كقولهم الإزارُ والإزارة، وقد تَرَدّى
به وارْتَدَى بمعنًى أي لبِسَ الرِّداءَ. وإنه لحَسَنُ الرِّدْيَةِ أَي
الارْتِداء. والرِّدْيَة: كالرِّكبةِ من الرُّكوبِ والجِلْسَةِ من
الجُلُوسِ، تقول: هو حسن الرِّدْيَة. ورَدَّيْتُه أَنا تَرْدِيةً. والرِّداءُ:
الغِطاءُ الكبير. ورجلٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعُ المعروف وإن كان رِداؤُه
صغيراً؛ قال كثير:
غَمْرُ الرِّداءِ، إذا تبَسَّمَ ضاحِكاً
غَلِقَتْ لضِحْكَتِه رِقابُ المالِ
وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعٌ خَصِيبٌ. والرِّداءُ: السَّيْفُ؛ قال
ابن سيده: أُراهُ على التشبيه بالرِّداءِ من المَلابِسِ؛ قال مُتَمِّم:
لقد كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدائِه،
فتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوعا
وكان المِنْهالُ قتلَ أَخاهُ مالِكاً، وكان الرجلُ إذا قَتَل رجُلاً
مشهوراً وضع سيفَه عليه ليُعرفَ قاتِلُه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
فِدًى لسُيوفٍ من تميم وَفَى بِها
رِدائي، وجَلَّتْ عن وجُوهِ الأَهاتِم
وأَنشد آخر:
يُنازِعُني رِدائي عَبْدُ عَمْرٍو،
رُوَيْداً يا أَخا سَعْدِ بنِ بَكْرِ
وقد ترَدَّى به وارْتَدَى؛ أَنشد ثعلب:
إذا كشَفَ اليومُ العَمَاسُ عن اسْتِه،
فلا يَرْتَدي مِثْلي ولا يتَعَمَّمُ
كَنَى بالارتداء عن تقَلُّد السيفِ، والتَّعَمُّمِ عن حملِ البَيْضة أَو
المِغْفَر؛ وقال ثعلب: معناهما أَلْبَسُ ثيابَ الحرب ولا أَتَجَمَّل.
والرَّداءُ: القَوْسُ؛ عن الفارسي. وفي الحديث: نِعْمَ الرِّداءُ القَوْسُ
لأَنها تُحْمَلُ مَوْضِعَ الرِّداءِ من العاتِقِ. والرِّداءُ: العقلُ.
والرِّداءُ: الجهلُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
رفَعْتُ رِداءَ الجهلِ عَنِّي ولم يكن
يُقَصِّرُ عنِّي، قَبْلَ ذاكَ، رداءُ
وقال مرّة: الرِّداء كلُّ ما زَيَّنَك حتى دارُكَ وابْنُكَ، فعلى هذا
يكونُ الرِّداء ما زانَ وما شانَ. ابن الأَعرابي: يقال أَبوكَ رداؤُكَ
ودارُكَ رداؤُكَ وبُنَيُّكَ رداؤُكَ، وكلُّ ما زَيَّنَكَ فهو رداؤُكَ.
ورِداءُ الشَّبابِ: حُسْنُه وغَضارَتُه ونَعْمَتُه؛ وقال رؤْبة:
حتى إذا الدَّهْرُ اسْتَجَدَّ سِيما
من البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رداءَهُ والبِشْرَِ والنَّعِيما
يَسْتوْهِبُ الدّهرُ الوَسِيمَ أَي الوجهَ الوَسيم رداءَهُ، وهو
نَعْمَتُه، واسْتَجدّ سِيما أَي أَثَراً من البِلى؛ وكذلك قول طرفة:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمسَ حَلَّتْ رِداءَها
عليه، نَقيّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ
أَي أَلقت حسنها ونُورَها على هذا الوجه، من التحلية، فصار نُورُها
زينةً له كالحَلْيِ. والمَرَادي: الأَرْدِيةُ واحِدَتُها مِرْداةٌ؛ قال:
لا يَرْتَدي مَراديَ الحَريرِ،
ولا يُرَى بشِدّةِ الأَمِيرِ،
إلاَّ لِحَلْبِ الشَّاةِ والبَعِيرِ
وقال ثعلب: لا واحد لها. والرِّداءُ: الدَّينُ. قال ثعلب: وقول حكيم
العرَب من سَرّه النَّساءُ ولا نَساءَ، فلْيُباكِرِ الغَداءَ والعَشاءَ،
وليخفِّفِ الرِّداء، وليُحْذِ الحِذاء، وليُقِلَّ غِشيانَ النِّساء؛
الرِّداءُ: هنا الدَينُ؛ قال ثعلب: أَرادَ لو زاد شيء في العافية لزاد هذا ولا
يكون. التهذيب: وروي عن علي، كرّم الله وجهه، أَنه قال: مَنْ أَرادَ
البقاء ولا بَقاء، فلْيُباكِرِ الغَداء، وليُخَفِّف الرَّداء، وليُقِلِّ
غِشْيانَ النِّساءِ؛ قالوا له: وما تَخْفِيفُ الرِّداء في البَقاءِ؟ فقال:
قِلَّة الدَّيْنِ. قال أَبو منصور: وسُمِّي الدَّيْنُ رِداءً لأن الرداء
يقَع على المَنْكِبين والكَتِفَينِ ومُجْتَمَعِ العُنُقِ، والدَّيْنُ
أَمانةٌ، والعرب تقول في ضمان الدين هذا لك في عُنُقي ولازِمٌ رَقَبَتي، فقيل
للدَّينِ رِداءٌ لأَنه لَزِمَ عُنُقَ الذي هو عليه كالرِّداءِ الذي
يَلْزَم المَنْكِبين إذا تُرُدِّيَ به؛ ومنه قيل للسَّيفِ رِداءٌ لأَن
مُتَقلِّدَه بحَمائِله مُتَرَدٍّ به؛ وقالت خنساء:
وداهِيةٍ جَرَّها جارِمٌ،
جعَلْتَ رداءَكَ فيها خِمارا
أَي عَلَوتَ بسَيْفِك فيها رقابَ أَعْدائِكَ كالخِمارِ الذي يتَجَلَّلُ
الرأْسَ، وقَنَّعْتَ الأَبْطالَ فيها بسيفِك. وفي حديث قُسٍّ: ترَدَّوْا
بالصَّماصِمِ أَي صَيَّرُوا السُّوُف بمنزلة الأَرْدِية. ويقال للوِشاحِ
رداءٌ. وقد ترَدَّت الجارية إذا توَشَّحَت؛ وقال الأَعشى:
وتَبْرُد بَرْدَ رِداءِ العَرُو
سِ، بالصَّيفِ، رَقْرَقتَ فيه العَبيرا
يعني به رِشاحَها المُخَلَّقَ بالخَلُوق. وامرأَة هَيْفاءُ المُرَدَّى
أَي ضامِرَةُ موضعِ الوِشاحِ. والرداءُ: الشباب؛ وقال الشاعر:
وهَذَا وِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ
الأَصمعي: إذا عَدَا الفَرَسُ فرَجَم الأَرْضَ رَجْماً قيل رَدَى،
بالفتح، يَرْدِي رَدْياً ورَدياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً
ورَدَياناً. وفي الصحاح: رَدَى يَرْدِي رَدْياً ورَدَياناً إذا رَجَم الأَرضَ
رَجْماً بين العَدْو والمَشْي الشديد؛ وفي حديث عاتكة:
بجَأْوَاءَ تَرْدِي حافَتَيه المَقَانِبُ
أَي تَعْدُو. قال الأَصمعي: قلت لِمُنْتَجِعِ بنِ نَبهان ما الرَّدَيان؟
قال: عَدْوُ الحِمارِ بَيْنَ آرِيِّهِ ومُتَمَعَّكِه. ورَدَت الخَيْلُ
رَدْياً ورَدَياناً: رَجَمَت الأَرضَ بحَوافِرِها في سَيْرِها وعَدْوِها،
وأَرْدَاها هُو، وقيل: الرَّدَيانُ التَّقْريبُ، وقيل: الرَّدَيانُ
عَدْوُ الفَرَس. ورَدَى الغُرابُ يَرْدِي: حَجَلَ. والجَواري يَرْدِينَ
رَدْياً إذا رَفَعْنَ رِجْلاً ومَشَيْن على رِجْلٍ أُخْرَى يَلْعَبْنَ. ورَدَى
الغُلامُ إذا رَفَع إحدَى رِجْلَيْه وقَفَزَ بالأُخرى. ورَدَيتُ فلاناً
بحَجَرٍ أرْدِيهِ رَدْياً إذا رَمَيْته؛ قال ابن حِلِّزَةَ:
وكأنَّ المَنونَ تَرْدِي بِنَا أعْـ
صَم صمٍّ يَنْجَابُ عَنْه العَمَاءُ
وَرَدَيْتُه بالحِجارَةِ أَرْدِيهِ رَدْياً: رَمَيْته. وفي حديث ابن
الأَكوع: فَرَدَيْتُهُم بالحجارة أَي رَمَيْتُهُم بها. يقال: رَدَى يَرْدِي
رَدْياً إذا رَمَى. والمِرْدَى والمِرْدَاةُ: الحَجَرُ وأَكثر ما يقال في
الحَجَرِ الثَّقِيلِ. وفي حديث أُحد: قال أَبو سفيان من رَداهُ أَي منْ
رَماهُ. ورَدَيْتُه: صَدَمْته. ورَدَيْت الحَجَرَ بِصَخْرَة أَو
بِمعْوَلٍ إذا ضَرَبته بها لتَكسِره. ورَدَيْت الشيءَ بالحَجَرِ: كَسَرْته.
والمِرْداةُ: الصَّخْرة تَرْدِي بهَا، والحَجَر تَرْمِي به، وجَمْعُها
المَرادِي؛ ومنه قولهم في المَثَل: عند جُحْرِ كُلِّ ضَبٍّ مِرْداتُهُ؛ يضرب
مثلاً للشيءِ العَتِيدِ ليس دونَه شيءٌ، وذلك أَن الضبَّ ليس يَنْدَلُّ على
جُحْرِه، إذا خَرَج منه فعاد إليه، إلاّ بحَجَرٍ يَجعَلُه علامَةً
لجُحْرِه فيَهْتَدِي بِها إليهِ، وتُشَبَّهُ بِهَا النّاقَةُ في الصَّلابَةِ
فيقالُ مِرْداةٌ. وقال الفراء: الصَّخْرة يقالُ لَها رَدَاةٌ، وجمعها
رَدَياتٌ؛ وقال ابن مقبل:
وقَافِية، مثل حَدِّ الرَّدا
ةِ، لَمْ تَتّرِكْ لِمُجِيبٍ مَقالا
وقال طُفَيل:
رَدَاةٌ تَدَلَّتْ من صُخُورِ يَلَمْلَم
ويَلَمْلَمُ: جَبَلٌ. والمِرْداةُ: الحَجَر الذي لا يَكَادُ الرَّجُلُ
الضابِطُ يَرْفَعه بيدِهِ يُرْدَعى به الحجرُ، والمكانُ الغَليظُ
يَحْفِرونَهُ فيَضْرِبُونَه فيُلَيِّنُونَهُ، ويُرْدَى به جُحْرُ الضَّبِّ إذا
كان في قَلْعَةٍ فَيُلَيِّنُ القَلْعَة ويَهْدِمُها، والرَّدْيُ إنَّما هو
رَفْعٌ بها ورَمْيٌ بها. الجوهري: المِرْدَى حَجَرٌ يرمى به، ومنه قيل
للرجل الشجاع: إنه لَمِرْدَى حُروبٍ، وهُمْ مَرادِي الحُرُوبِ، وكذلك
المِرْداةُ. والمِرْداةُ: صَخْرَةٌ تُكْسَرُ بها الحِجَارَة. الجوهري:
والرَّداةُ الصَّخرَةُ، والجمعُ الرَّدَى؛ وقال:
فَحْلُ مَخَاضٍ كالرِّدَى المُنْقَضِّ
والمَرَادِي: القَوائِمُ من الإبِلِ والفِيَلة على التَّشْبِيه. قال
الليث: تُسَمَّى قوائِمُ الإبِلِ مَرادِيَ لثِقَلِها وشِدَّةِ وَطْئِها نعتٌ
لها خاصَّة، وكذلك مَرادِي الفِيل. والمَرادِي: المَرامِي. وفلان
مِرْدَى خُصومَةٍ وحَرْبٍ: صَبُورٌ عليهما. ورادَيْتُ عن القَوْمِ مُراداةً إذا
رامَيْت بالحِجارةِ. والمُرْدِيُّ: خَشَبة تُدْفَعُ بها السفينة تكونُ
في يدِ المَلاَّحِ، والجمعُ المَرادي. قال ابن بري: والمَرْدَى مَفْعَلٌ
من الرَّدَى وهو الهَِلاكُ.
ورادَى الرجلَ: داراهُ وراوَدَهُ، وراوَدْتُه على الأَمرِ وراديْتُه
مقلوب منه. قال ابن سيده: رادَيْته على الأَمْرراوَدْته كأَنه مَقْلُوبٌ؛
قال طُفَيْل يَنْعَت فَرَسَه:
يُرادَى على فأْسِ اللِّجام، كأَنما
يُرادَى به مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
أَبو عمرو: رادَيْت الرجل وداجَيْته ودالَيْته وفانَيْته بمعنًى واحِدٍ.
والرَّدَى: الزيادة. يقال: ما بَلَغَت رَدَى عَطائِكَ أَي زيادَتُك في
العَطِيَّة. ويُعْجِبُني رَدَى قولِك أَي زيادةُ قَوْلك؛ وقال كثير:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
أَي يَزينُ عَهْدَ وِدِّهِ زيادةُ قولِ معروفٍ منه؛ وقال آخر:
تَضمَّنَها بَناتُ الفَحْلِ عنهم
فأَعْطَوْها، وقد بَلَغوا رَداها
ويقال: رَدَى على المائَةِ يَرْدِي وأَرْدَى يُرْدِي أَي زادَ. ورَدَيْت
على الشيء وأَرْدَيْت: زِدْتُ. وأَرْدَى على الخَمسينَ والثمانينَ:
زادَ؛ وقال أَوس:
وأسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعوبَهُ
نَوَى القَسْبِ، قد أَرْدَى ذراعاً على العَشْرِ
وقال الليث: لغة العرب أَرْدَأَ على الخمسين زاد. ورَدَتْ غَنَمي
وأَرْدَتْ: زادت؛ عن الفرّاء؛ وأَما قول كثير عزة:
له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ، يَزينُه
رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
فقيل في تفسيره: رَدَى زيادة؛ قال ابن سيده: وأُراه بَنَى منه مَصْدَراً
على فَعِلَ كالضحك والحمق، أَو اسماً على فعَل فوضَعه موضِعَ المصدر،
قال ابن سيده: وإنما قضينا على ما لم تَظْهر فيه الياءُ من هذا الباب
بالياء لأَنها لامٌ مع وجود ردي ظاهرة وعدم ردو. ويقال: ما أَدرِي أَين رَدَى
أَي أَين ذَهَبَ. ابن بري: والمِرداء، بالمدِّ، موضع؛ قال الراجز:
هَلاَّ سأَلتُم، يَوْمَ مِرداءِ هَجَرْ،
إذْ قابَلَتْ بَكْرٌ، وإذْ فَرَّتْ مُضَرْ
وقال آخر:
فَلَيْتَكَ حالَ البحرُ دونَكَ كلُّه،
ومَنْ بالمَرادِي من فَصيحٍ وأَعْجَمِ
قال الأَصمعي: المَرادِي جمع مِرْداءٍ، بكسر الميم، وهي رمال منبطحة
ليست بمُشْرِفة.
سجج: سَجَّ بِسَلْحِه سَجّاً: أَلقاه رقيقاً.وأَخَذَه لَيْلَتَه سَجٌّ:
قَعَدَ مَقاعِدَ رِقاقاً. وقال يعقوب: أَخذه في بطنه سَجٌّ إِذا لان
بطنه. وسَجَّ الطائر سَجّاً: حذف بِذَرْقه. وسَجَّ النعام: أَلقى ما في بطنه؛
ويقال: هو يَسُجُّ سَجّاً ويَسُكُّ سَكّاً إِذا رمى ما يجيء منه. ابن
الأَعرابي: سَجَّ بِسَلْحِه وتَرَّ إِذا حذف به، وسَجَّ يَسُجُّ إِذا رقَّ
ما يجيء منه من الغائط. وسَجَّ سَطْحَه يَسُجٍّه سَجّاً إِذا طَيَّنَه.
وسَجَّ الحائطَ يَسُجُّه سَجّاً: مسحه بالطين الرقيق، وقيل: طَيَّنَهُ.
والمِسَجَّةُ: التي يطلى بها، لغة يمانيةٌ؛ وفي الصحاح: الخشبة التي
يطين بها: مِسَجَّةٌ، وهي بالفارسية المالَجَه؛ ويقال لِلْمالَقِ: مِسَجَّة
ومِمْلَقٌ ومِمْدَرٌ ومِمْلَطٌ ومِلْطاطٌ.
والسُّجَّةُ: الخيل. الجوهري: السَّجَّةُ والبَجَّةُ صَنمان. ابن سيده:
السَّجَّة صنم كان يُعبد من دون الله عز وجل، وبه فسر قوله، صلى الله
عليه وسلم: أَخرجوا صدقاتكم فإِن الله قد أَراحكم من السَّجَّة والبَجَّة.
والسَّجَاجُ: اللبن الذي يجعل فيه الماء أَرَقَّ ما يكون؛ وقيل: هو الذي
ثلثه لبن وثلثاه ماء؛ قال:
يَشْرَبُه مَحْضاً، ويَسْقِي عِيالَهُ
سَجاجاً، كأَقْرابِ الثَّعالِب، أَوْرَقا
واحدته سَجاجَة. وأَنكر أَبو سعيد الضرير قول من قال: إِن السَّجَّةَ
اللَّبَنة التي رققت بالماء، وهي السَّجَاجُ؛ قال: والبَجَّةُ الدم الفصيد،
وكان أَهل الجاهلية يَتَبَلَّغُون بها في المجاعات. قال بعض العرب:
أَتانا بِضَيْحَةٍ سَجَاجَةٍ ترى سَوَادَ الماء في حَيْفها؛ فسَجَاجَةٌ هنا
بدل إِلاَّ أَن يكونوا وَصَفُوا بالسَّجَاجَةِ، لأَنها في معنى مخلوطة،
فتكون على هذا نعتاً؛ وقيل في تفسير قوله، صلى الله عليه وسلم: إِن الله قد
أَراحكم من السَّجَّةِ؛ السجَّةُ: المَذِيقُ كالسَّجَاجِ، وقد تقدّم
أَنه صنم وهو أَعرف؛ قاله الهروي في الغريبين. والسَّجْسَجُ: الهواء المعتدل
بين الحر والبرد؛ وفي الحديث: نهار الجنة سجسج أَي معتدل لا حَرَّ فيه
ولا قَرَّ؛ وفي رواية: ظِلُّ الجنة سَجْسَج، وقالوا: لا ظلمة فيه ولا شمس؛
وقيل: إِن قدر نوره كالنور الذي بين الفجر وطلوع الشمس. ابن الأَعرابي:
ما بين طلوع الفجر إِلى طلوع الشمس يقال له السَّجْسَجُ، قال: ومن الزوال
إِلى العصر يقال له الهَجيرُ والهاجِرَةُ، ومن غروب الشمس إِلى وقت
الليل الجُنْحُ والجِنْحُ، ثم السَّدَفُ والمَلَثُ والمَلَسُ. وكلُّ هواء
معتدل طيب: سَجْسَجٌ. ويومٌ سَجْسَجٌ: لا حَرٌّ مؤْذٍ، ولا قَرٌّ. وفي حديث
ابن عباس: وهواؤها السَّجْسَجُ. وريح سَجْسَجٌ: لينة الهواء معتدلة؛ وقول
مليح:
هَلْ هَيَّجَتْكَ طُلُولُ الحَيِّ مُقْفِرَةً،
تَعْفُو، مَعارِفَها، النُّكْبُ السَّجَاسِيجُ؟
احتاج فَكَسَّرَ سَجْسَجاً على سجاسيج؛ ونظيره ما أَنشده سيبويه من
قوله:نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيف
وأَرضٌ سَجْسَجٌ: ليست بسهلة ولا صُلْبَةٍ؛ وقيل: هي الأَرض الواسعة؛
قال الحرث بنُ حِلِّزَةَ اليَشْكُرِيُّ:
طاف الخَيالُ، ولا كَلَيْلَةِ مُدْلِجِ،
سَدِكاً بِأَرْحُلِنا، فَلَمْ يَتَعَرَّجِ
إِني اهْتَدَيْتُ، وكُنتُ غَيرَ رَجِيلَةٍ،
والقَوْمُ قَد قطَعُوا مِتانَ السَّجْسَجِ
يقول: لم أَرَ كَلَيلة أَدْلَجها إِلينا هذا الخيالُ مِن هولهاوبُعدها
منا. ولم يتعرّج: لم يُقِمْ. والتعريجُ على الشيء: الإِقامةُ. والمِتانُ:
جمع مَتْنٍ، وهو ما صَلُبَ من الأَرض وارتفع. والرَّجِيلَة: القويةُ على
المشي. وسَدِكٌ: مُلازِمٌ.
وفي الحديث: أَنه مَرَّ بوادٍ بين المسجدين، فقال: هذه سَجاسِجُ مُرَّ
بها موسى، عليه السلام؛ هي جمع سَجْسَج، وهي الأَرض ليست بصلبة ولا
سهلة.والسُّجُجُ: الطَّاياتُ
(* قوله «الطايات» جمع طاية، وهي السطح،
والممدرة المطلية بالطين.) المُمَدَّرَةُ. والسُّجُجُ أَيضاً: النقوش
الطيبة.أَبو عمرو: جَسَّ إِذا اخْتَبَرَ، وسَجَّ إِذا طَلَعَ.
ل: اللام من الحروف المجهورة وهي من الحروف الذُّلْق، وهي ثلاثة أَحرف:
الراء واللام والنون، وهي في حيز واحد، وقد ذكرنا في أَول حرف الباء كثرة
دخول الحروف الذُّلْق والشَّفَوِيَّة في الكلام.
أرخ: التَّأْريخُ: تعريف الوقت، والتَّوْريخُ مثله.
أَرَّخَ الكتابَ ليوم كذا: وَقَّته والواو فيه لغة، وزعم يعقوب أَن
الواو بدل من الهمزة، وقيل: إِن التأْريخ الذي يُؤَرِّخُه الناس ليس بعربي
محض، وإِن المسلمين أَخذوه عن أَهل الكتاب، وتأْريخ المسلمين أَُرِّخَ من
زمن هجرة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ كُتِبَ في خلافة عمر، رضي
الله عنه، فصار تاريخاً إلى اليوم.
ابن بُزُرْج: آرَخْتُ الكتابَ فهو مُؤَارخ وفَعَلْتُ منه أَرَخْتُ
أَرْخاً وأَنا آرِخٌ.
الليث: والأَرْخُ والإِرْخُ والأُرْخِيُّ البقر، وخص بعضهم به الفَتِيّ
منها، والجمع آراخٌ وإِراخ، والأُنثى أَرْخَة وإِرْخَة، والجمع إِراخٌ لا
غير. والأَرْخُ: الأُنثى من البقر البِكْرُ التي لم يَنْزُ عليها
الثيران؛ قال ابن مقبل:
أَو نعجة من إِراخ الرملِ أَخْذَلها،
عن إِلْفِها، واضِحُ الخَدَّينِ مَكْحولُ
قال ابن بري: هذا البيت يقوي قول من يقول إِن الأَرخ الفتية، بكراً كانت
أَو غير بكر، أَلا تراه قد جعل لها ولداً بقوله واضح الخَدّين مكحول؟
والعرب تُشَبّه النساءَ الخَفِرات في مشيهن بالإِراخ؛ كما قال الشاعر:
يَمْشِينَ هَوْناً مِشْيَةَ الإِراخِ
والأُرْخِيَّةُ: ولد الثَّيْتَل. قال أَبو حنيفة: الأَرْخُ والإِرْخُ
الفتية من بقر الوحش، فأَلقى الهاءَ من الأَرْخَة والإِرْخَةُ وأَثبته في
الفتيَّة، وخص بالأَرْخ الوَحْشَ كما ترى، وقد ذكر أَنه الأَزْخُ بالزاي.
وقال ابن السكيت: الأَرْخُ بقر الوحش فجعله جنساً فيكون الواحد على هذا
القول أَرْخَة، مثل بَطٍّ وبَطَّةٍ، وتكون الأَرْخَة تقع على الذكر
والأُنثى. يقال: أَرْخَة ذكر وأَرْخَة أُنثى، كما يقال بَطَّةٌ ذكر وبَطَّة
أَنثى، وكذلك ما كان من هذا النوع جنساً وفي واحده تاء التأْنيث نحو حمام
وحمامة، تقول: حمامة ذكر وحمامة أُنثى؛ قال ابن بري: وهذا ظاهر كلام
الجوهري لأَنه جعل الإِراخ بقر الوحش، ولم يجعلها إِناث البقر، فيكون الواحد
أَرْخة، وتكون منطلقة على المذكر والمؤَنث. الصَّيْداويّ: الإِرْخُ ولد
البقرة الوحشية إِذا كان أُنثى. مصعب بن عبدالله الزُّبَيْريّ: الأَرخ ولد
البقرة الصغير؛ وأَنشد الباهليّ لرجل مَدَنيّ كان بالبصرة:
ليتَ لي في الخَميسِ خَمْسين عَيْناً،
كلُّها حَوْلَ مسجدِ الأَشْياخِ
(* قوله «عيناً» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس عاماً).
مسجدٍ، لا تزال تَهْوي إِليه
أُمُّ أَرْخٍ، قِناعُها مُتَراخِي
وقيل: إِن التأْريخ مأْخوذ منه كأَنه شيء حَدَث كما يَحْدُثُ الولد؛
وقيل: التاريخ مأْخوذ منه لأَنه حديث. الأَزهري: أَنشد محمد بن سَلام
لأُمَيَّة بن أَبي الصَّلْت:
وما يَبْقى على الحِدْثانِ غُفْرٌ
بشاهقةٍ، لهُ أُمٌّ رَؤومُ
تَبِيتُ الليلَ حانِيةً عليه،
كما يَخْرَمِّسُ الأَرْخُ الأَطُومُ
قال: الغُفْرُ ولد الوَعِلِ، والأَرْخُ: ولد البقرة. ويَخْرَمِّسُ أَي
يَسْكُتُ. والأَطُومُ: الضَّمَّامُ بين شفتيه. ابن الأَعرابي: من أَسماءِ
البقرة اليَفَنَة والأَرخ، بفتح الهمزة، والطَّغْيا واللِّفْتُ. قال أَبو
منصور؛ الصحيح الأَرْخ، بفتح الأَلف، والذي حكاه الصيداوي فيه نظر،
والذي قاله الليث إِنه يقال له الأُرْخيّ لا أَعرفه.
وقالوا من الأَرْخِ ولدِ البقرة: أَرَخْتُ أَرْخاً. وأَرَخَ إِلى مكانه
يأْرَخُ (قوله «وأَرخ الى مكانه يأرخ» كذا بضبط الأصل من باب منع ومقتضى
اطلاق القاموس أنه من باب كتب). أُرُوخاً: حَنَّ إِليه؛ وقد قيل: إِن
الأَرْخَ من البقر مشتق من ذلك لحنينه إِلى مكانه ومأْواه.